دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > كتاب التوحيد لابن خزيمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 جمادى الآخرة 1434هـ/24-04-2013م, 11:19 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي باب ذكر البيان أنّ النّار إنّما تأخذ من أجساد الموحّدين وتصيب منهم على قدر ذنوبهم وخطاياهم

قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (ت: 311هـ): (باب ذكر البيان أنّ النّار إنّما تأخذ من أجساد الموحّدين وتصيب منهم على قدر ذنوبهم وخطاياهم وحوباتهم الّتي كانوا ارتكبوها في الدّنيا مع الدّليل على ضدّ قول من زعم ممّن لم يتحرّ العلم ولا فهم أخبار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ النّار لا تصيب أهل التّوحيد ولا تمسّهم وإنّما يصيبهم حرّها وأذاها وغمّها وشدّتها، مع الدّليل على أنّه قد يدخل النّار بارتكاب المعاصي في الدّنيا إذا لم يتفضّل اللّه ولم يتكرّم بغفرانها من كان في الدّنيا يعمل الأعمال الصّالحة من الصّيام والزّكاة والحجّ والغزو، وكيف يأمن يا ذوي الحجا النّار من يوحّد اللّه ولا يعمل من الأعمال الصّالحة شيئًا
[التوحيد: 2/765]
حدّثنا مؤمّل بن هشامٍ اليشكريّ، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم الأسديّ، قال: أخبرنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني عبيد اللّه بن المغيرة بن معيقيبٍ، عن سليمان بن عمرو بن عبيدٍ العتواريّ، أحد بني ليثٍ وكان في حجر أبي سعيدٍ قال: سمعت أبا سعيدٍ الخدريّ، يقول: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " يوضع الصّراط بين ظهراني جهنّم، عليه حسك السّعدان، ثمّ يستجير النّاس، فناجٍ مسلمٌ مخدوجٌ به، ثمّ ناجٍ ومحتبسٌ ومنكوسٌ فيها، فإذا فرغ اللّه من القضاء بين العباد، يفقد المؤمنون رجالًا كانوا معهم في الدّنيا، يصلّون صلاتهم ويزكّون زكاتهم، ويصومون صيامهم ويحجّون حجّهم، ويغزون غزوهم، فيقولون: أي ربّنا، عبادٌ من عبادك كانوا معنا في الدّنيا، يصلّون صلاتنا ويزكّون زكاتنا، ويصومون صيامنا، ويحجّون حجّنا، ويغزون غزونا لا نراهم؟ قال: فيقال: اذهبوا إلى النّار، فمن وجدتم فيها منهم، فأخرجوه، فيجدونهم قد أخذتهم على قدر أعمالهم فمنهم من أخذته إلى قدميه، ومنهم من أخذته إلى ساقيه ومنهم من أخذته إلى ركبتيه، ومنهم من أخذته إلى ثديه، ومنهم من أخذته إلى عنقه، ولم تغش الوجه، فيستخرجونهم منها، فيطرحونهم في ماء الحيا "، قيل: وما ماء الحيا يا نبيّ اللّه؟ قال: «غسل أهل الجنّة، فينبتون فيها كما تنبت الزّرعة في غثاء السّيل ثمّ يشفع
[التوحيد: 2/766]
الأنبياء فيمن كان يشهد أنّ لا إله إلّا اللّه مخلصًا، فيستخرجونهم منها، ثمّ يتجلّى اللّه برحمته على من فيها، فما يترك فيها عبدٌ في قلبه مثقال ذرّةٍ من الإيمان، إلّا أخرجه منها» وحدّثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا عبد الرّزّاق، قال: ثنا معمرٌ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بطوله ،
[التوحيد: 2/767]
أمليته في كتاب الأهوال، وفي الخبر: «فيعرفونهم بصورهم، لا تأكل النّار صورهم فمنهم من أخذته النّار إلى أنصاف ساقيه، ومنهم من أخذته إلى كعبيه، فيخرجونهم» قال أبو بكرٍ: وقال هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم في هذا الخبر، في هذا الإسناد «فيجد الرّجل قد أخذته النّار إلى قدميه، وإلى أنصاف ساقيه، وإلى ركبتيه وإلى حقويه فيخرجون منها بشرًا كثيرًا»، خرّجته أيضًا في كتاب الأهوال، وفي خبر أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «ولكنّ أقوامًا تصيبهم النّار بذنوبهم وبخطاياهم» قد أمليته قبل، حدّثنا بشر بن معاذٍ العقديّ، قال: ثنا يزيد بن زريعٍ، قال: ثنا سعيدٌ
[التوحيد: 2/768]
وحدّثنا أبو موسى، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن سمرة بن جندبٍ، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «منهم من تأخذه النّار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته» هذا حديث يزيد بن زريعٍ، لم يذكر أبو موسى الكعبين، وقال في أحدهما: حقويه وقال الآخر: حجزته قال أبو بكرٍ: قد روّينا أخبارًا عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحسب كثيرٌ من أهل الجهل والعناد أنّها خلاف هذه الأخبار الّتي ذكرناها مع كثرتها وصحّة سندها وعدالة ناقليها في الشّفاعة، وفي إخراج بعض أهل التّوحيد من النّار بعدما أدخلوها بذنوبهم وخطاياهم، وليست بخلاف تلك الأخبار عندنا، بحمد اللّه ونعمته، وأهل الجهل الّذين ذكرتهم في هذا الفصل صنفان: صنفٌ: منهم الخوارج والمعتزلة، أنكرت إخراج أحدٍ من النّار ممّن يدخل النّار، وأنكرت هذه الأخبار الّتي ذكرناها في الشّفاعة ،
[التوحيد: 2/769]
الصّنف الثّاني: الغالية من المرجئة الّتي تزعم أنّ النّار حرّمت على من قال لا إله إلّا اللّه، تتأوّل هذه الأخبار الّتي رويت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هذه اللّفظة على خلاف تأويلها فأوّل ما نبدأ بذكر الأخبار، بأسانيدها وألفاظ متونها ثمّ نبيّن معانيها بعون اللّه ومشيئته، ونشرح ونوضّح أنّها ليست بمخالفةٍ للأخبار الّتي ذكرناها في الشّفاعة، وفي إخراج من قضى اللّه إخراجهم من أهل التّوحيد من النّار فمنها الأخبار المأثورة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يدخل النّار أحدٌ في قلبه مثقال حبّةٍ من خردلٍ من إيمانٍ»
[التوحيد: 2/770]
حدّثناه أبو كريبٍ، محمّد بن العلاء بن كريبٍ، قال: ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " لا يدخل الجنّة أحدٌ في قلبه مثقال حبّة خردلٍ من كبرٍ وقال مرّةً: شركٌ، ولا يدخل النّار أحدٌ في قلبه مثقال حبّة خردلٍ من إيمانٍ "
[التوحيد: 2/770]
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبان بن تغلب، عن فضيلٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّةٍ من كبر»
[التوحيد: 2/771]
حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن عليّ بن سويد بن منجوفٍ، قال: ثنا روحٌ قال: ثنا شعبة بهذا الإسناد مثله سواءً
[التوحيد: 2/772]
وحدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: ثنا يحيى بن حمّادٍ، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرنا أبان بن تغلب، عن فضيل بن عمرٍو، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّةٍ من كبرٍ، ولا يدخل النّار من كان في قلبه مثقال ذرّةٍ من إيمانٍ»
[التوحيد: 2/772]
حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا حرميّ بن حفص بن عمارة العتكيّ، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلمٍ، قال: ثنا سليمان الأعمش، بمثل حديث أبي بكر بن عيّاشٍ في إسناده، وقال: «مثقال حبّة خردلٍ من كبرٍ» ولم يشكّ حدّثناه أبو موسى، قال: ثنا عيسى بن إبراهيم، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلمٍ، عن الأعمش بهذا الخبر مرفوعًا
[التوحيد: 2/773]
ومنها أيضًا ما حدّثنا أيضًا، عليّ بن عيسى البزّار البغداديّ، قال: ثنا عبد الوهّاب يعني ابن عطاءٍ، قال: أخبرنا سعيدٌ، عن قتادة، عن مسلم بن يسارٍ، عن حمران بن أبان، عن عثمان بن عفّان، رضي اللّه عنه، عن عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّي لأعلم كلمةً لا يقولها عبدٌ حقًّا من قلبه، فيموت على ذلك إلّا حرّم على النّار لا إله إلّا اللّه»
[التوحيد: 2/774]
حدّثنا محمّد بن أبان، عن عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، قال: ثنا محمود بن الرّبيع، عن عتبان بن مالكٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «لن يوافي عبدٌ يوم القيامة وهو يقول لا إله إلّا اللّه، يبتغي بذلك وجه اللّه، إلّا حرّم على النّار» قال الزّهريّ: ثمّ نزلت بعد ذلك فرائض وأمورٌ، نرى أنّ الأمر انتهى إليها، فمن استطاع أن لا يفتر فلا يفتر قال أبو بكرٍ: فاسمعوا الدّليل البيّن الواضح أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّما أراد بقوله في هذا الخبر حرّم على النّار أي حرّم على النّار أن تأكله، لا أنّه حرّم على النّار أن تؤذيه أو تمحشه أو تمسّه؛ لأنّ النّار إذا أكلت ما يلقى فيها، يصير المأكول نارًا، ثمّ رمادًا، وأهل التّوحيد وإن دخلوا النّار بذنوبهم وخطاياهم لا تأكلهم النّار أكلًا يصيرون جمرًا ثمّ رمادًا، بل يصيرون فحمًا، كما ذكرنا في الأخبار الّتي قدّمنا ذكرها في أبواب الشّفاعات، والشّيء إذا احترق كلّه فصار جمرًا، بعد احتراق الجميع، يصير بعد الجمر رمادًا لا يصير فحمًا، إذا احترق احتراقًا ناعمًا، فافهموا هذا الفصل، لا تغالطوا فتصدّوا
[التوحيد: 2/775]
عن سواء السّبيل، وكلّ ما يذكر من الأخبار، من هذا الجنس على هذا المعنى، فافهموه
[التوحيد: 2/776]
حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا سليمان بن داود الهاشميّ، قال: ثنا إبراهيم يعني ابن سعدٍ، عن ابن شهابٍ، قال: أخبرني محمود بن ربيعٍ الأنصاريّ، أنّه عقل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وعقل مجّةً مجّها رسول اللّه من دلو
[التوحيد: 2/776]
من بئرٍ، كانت في دارهم، في وجهه فزعم محمودٌ أنّه سمع عتبان بن مالكٍ الأنصاريّ، وكان ممّن شهد بدرًا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فذكر محمّد بن يحيى الحديث بطوله، وفي الخبر فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «فإنّ اللّه قد حرّم على النّار أن تأكل من قال لا إله إلّا اللّه يبتغي بذلك وجه اللّه»
[التوحيد: 2/777]
حدّثنا محمّد بن أبي صفوان الثّقفيّ، قال: ثنا بهز بن أسدٍ، قال: ثنا حمّاد
[التوحيد: 2/777]
بن سلمة، قال: ثنا ثابتٌ، عن أنسٍ، قال: ثنا عتبان بن مالكٍ، أنّه عمي، فأرسل إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فذكر الحديث وفيه فابن لي مسجدًا أو خطّ لي مسجدًا فجاء رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وجاء قومه، وتغيّب رجلٌ منهم، يقال له مالكٌ الدّخشميّ، أو مالك بن الدّخشم، قالوا: يا رسول اللّه إنّه، وإنّه، يقعون فيه، قال: فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «أليس يشهد أنّ لا إله إلّا اللّه، وأنّي رسول اللّه» ؟ قال: إنّما يقولها متعوّذًا، قال: والّذي نفسي بيده، لا يقولها أحدٌ صادقًا إلّا حرّمت عليه النّار " حدّثنا عبد الوارث بن عبد الصّمد، قال: ثنا أبي قال: ثنا حمّادٌ
[التوحيد: 2/778]
وثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا محمّد بن كثيرٍ، قال: ثنا حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، أنّ عتبان بن مالكٍ عمي، فأرسل إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أن تعال فخطّ لي مسجدًا في داري، فجاء رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم واجتمع إليه قومه، وتغيّب مالك بن الدّخشم فذكروا مالكًا، فوقعوا فيه فقالوا: يا رسول اللّه، إنّه منافقٌ، فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «أليس يشهد أنّ لا إله إلّا اللّه، وأنّي رسول اللّه؟» قالوا: بلى، إنّما يقولها تعوّذًا، قال: والّذي نفسي بيده لا يقولها أحدٌ صادقًا، إلّا وجبت له الجنّة وحرّمت عليه النّار "، وهذا حديث محمّد بن يحيى حدّثنا محمّد بن يحيى قال: ثنا محمّد بن عبد اللّه الخزاعيّ، قال: أخبرنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، عن عتبان بن مالكٍ أنّه عمي، فبعث إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن ائتني، فصلّ في داري، لعلّي أتّخذ مصلّاك مسجدًا، فذكر بمثله.
[التوحيد: 2/779]
وثنا محمّدٌ، قال: ثنا حجّاجٌ، قال: ثنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، عن عتبان بن مالكٍ الأنصاريّ، وكان، ضريرًا، فقال: يا رسول اللّه: تعال، فصلّ في داري حتّى أتّخذ مصلّاك مسجدًا بمثله، غير أنّه قال: إلّا حرّمت عليه النّار، ولم يقل: وجبت له الجنّة
[التوحيد: 2/780]
حدّثنا عبد اللّه بن هاشمٍ، قال: ثنا بهزٌ يعني ابن أسدٍ، قال: ثنا سليمان بن المغيرة، قال: ثنا ثابتٌ، عن أنسٍ، أنّ عتبان بن مالكٍ، اشتكى عينيه، فبعث إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فذكر له ما أصابه، وقال: يا رسول اللّه تعال صلّ في بيتي، حتّى أتّخذه مصلًّى، فجاء رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، ومن شاء من أصحابه، فقام رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يصلّى وأصحابه يتحدّثون ويذكرون ما يلقون من المنافقين،
[التوحيد: 2/780]
وأسندوا عظم ذلك إلى مالك بن الدّخشم فانصرف رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وقال: «أليس يشهد أنّ لا إله إلّا اللّه وأنّي رسول اللّه؟» قال قائلٌ: بلى، وما هو من قلبه، فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " من شهد أنّ لا إله إلّا اللّه وأنّي رسول اللّه، فلم تطعمه النّار، أو قال: لن يدخل النّار "
[التوحيد: 2/781]
حدّثنا زيد بن أخزم، قال: ثنا عبد الصّمد، قال: ثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ، عن أنس بن مالكٍ، عن عتبان بن مالكٍ، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من مات وهو يشهد أنّ لا إله إلّا اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه، فحرامٌ على النّار أن تطعمه» قال أبو بكرٍ: هذا الخبر، كأنّ أنس بن مالكٍ سمعه من محمود بن الرّبيع، عن عتبان بن مالكٍ، ثمّ سمعه من عتبان، فأمر ابنه بكتابته، كذلك حدّثنا عتبة
[التوحيد: 2/781]
بن عبد اللّه قال: ثنا عبد اللّه بن المبارك، قال: أخبرنا سليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، قال: ثنا محمود بن الرّبيع، عن عتبان بن مالكٍ، حديثه في ابن الدّخشم، قال أنسٌ: قدمت المدينة، فلقيت عتبانًا، قال أنسٌ: فأعجبني هذا الحديث، فقلت لابني: اكتبه، فكتبه
[التوحيد: 2/782]
فحدّثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا عبد الرّزّاق، قال: ثنا معمرٌ، عن الزّهريّ، قال: حدّثني محمود بن الرّبيع، عن عتبان بن مالكٍ، قال: أتيت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: إنّي قد أنكرت بصري، وإنّ السّيول تحول بيني وبين مسجد قومي ولوددت أنّك جئت، فصلّيت في بيتي مكانًا أتّخذه مسجدًا، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أفعل إن شاء اللّه، قال: فمرّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على أبي بكرٍ، فاستتبعه، فانطلق معه، فاستأذن، فدخل عليّ فقال وهو قائمٌ: «أين تريد أن أصلّي؟» قال: فأشرت له حيث أريد، قال: ثمّ حبسته على خزيرٍ صنعناه له، فسمع به أهل الوادي، يعني به أهل الدّار فثابوا إليه حتّى امتلأ البيت، فقال رجلٌ: أين مالك بن الدّخشم، فقال رجلٌ: إنّ ذلك رجلٌ منافقٌ، لا يحبّ اللّه ولا رسوله، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقول، وهو يقول لا إله إلّا اللّه، يبتغي بذلك وجه اللّه» فقال يا رسول اللّه، أمّا نحن، فنرى وجهه، وحديثه إلى المنافقين، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أيضًا «لا تقول، وهو يقول لا إله إلّا اللّه، يبتغي بذلك وجه اللّه»، قال: بلى ،
[التوحيد: 2/782]
يا رسول اللّه، قال: «فلن يوافي عبدٌ يوم القيامة، يقول لا إله إلّا اللّه يبتغي بذلك وجه اللّه، إلّا حرّم على النّار» قال محمودٌ: فحدّثت بهذا الحديث نفرًا فيهم أبو أيّوب الأنصاريّ، فقال: ما أظنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قال: ما قلت، قال: فآليت إن رجعت إلى عتبان بن مالكٍ أن أسأله، فرجعت إليه، فوجدته شيخًا كبيرًا أمام قومه، وقد ذهب بصره، فجلست إلى جنبه، فسألته عن هذا الحديث فحدّثنيه كما حدّثنيه أوّل مرّةً، قال معمرٌ: فكان الزّهريّ إذا حدّث بهذا الحديث، قال: ثمّ نزلت فرائض وأمورٌ، نرى أنّ الأمر انتهى إليها، فمن استطاع أن لا يفتر، فلا يفتر
[التوحيد: 2/783]
ثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا إسحاق بن عيسى بن الطّبّاع، قال: أخبرني مالكٌ، عن الزّهريّ، عن محمود بن الرّبيع الأنصاريّ، أنّ عتبان بن مالكٍ، كان يؤمّ قومه وهو أعمى وأنّه قال: يا رسول اللّه إنّه يكون المطر والظّلمة والسّيل، وأنا رجلٌ ضرير البصر، فصلّ يا نبيّ اللّه، في بيتي مكانًا، أتّخذه مصلًّى، فجاءه
[التوحيد: 2/783]
رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وقال: «أين تحبّ أن أصلّي؟ فأشار إلى مكانٍ من البيت، فصلّى فيه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم» قال أبو بكرٍ: رواه مالكٌ مختصرًا، ولم يزد على هذا
[التوحيد: 2/784]
حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا سليمان بن داود الهاشميّ، قال: أخبرنا إبراهيم يعني ابن سعدٍ، عن ابن شهابٍ، قال: أخبرني محمود بن ربيعٍ الأنصاريّ، أنّه عقل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وعقل مجّةً مجّها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، من دلو من بئرٍ كانت في دارهم في وجهه فزعم محمودٌ أنّه سمع عتبان بن مالكٍ الأنصاريّ وكان ممّن شهد بدرًا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " كنت أصلّي لقومي بني سالمٍ فكان يحول بيني وبينهم وادٍ وإذا جاءت الأمطار، قال: فيشقّ عليّ أن أجتازه قبل مسجدهم، فجئت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فقلت له: إنّي قد أنكرت من بصري، وإنّ الوادي الّذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار، فيشقّ عليّ اجتيازه، فوددت أنّك تأتيني، فتصلّي في بيتي مصلًّى أتّخذه مصلًّى، فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «سأفعل» فقال: فغدا عليّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بعد ما امتدّ النّهار، فاستأذن عليّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فأذنت له، فلم يجلس، حتّى قال: «أين تحبّ أن أصلّي لك من بيتك؟» فأشرت إليه إلى المكان الّذي أحبّ أن يصلّي، فيه فقام رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فكبّر، وصففنا وراءه، فركع ركعتينٍ، ثمّ سلّم وسلّمنا خير سلامٍ، فحبسته على خزيرٍ يصنع له من شعيرٍ، فسمع أهل الدّار أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في بيتي، فثاب رجالٌ منهم حتّى كثر الرّجال في البيت فقال رجلٌ منهم: أين مالك بن الدّخشن أو الدّخشم لا أراه؟ فقال رجلٌ منهم: ذلك منافقٌ لا يحبّ اللّه ولا رسوله، فقال
[التوحيد: 2/784]
رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقل ذلك، ألا تراه يقول لا إله إلّا اللّه، يبتغي بذلك وجه اللّه»، فقال: اللّه ورسوله أعلم، أمّا نحن، فواللّه لا نرى ودّه وحديثه إلّا إلى المنافقين، فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «فإنّ اللّه قد حرّم على النّار أن تأكل من قال لا إله إلّا اللّه، يبتغي بذلك وجه اللّه» قال محمود بن ربيعٍ: فحدّثتها قومًا، فيهم أبو أيّوب الأنصاريّ، صاحب رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في غزوته الّتي توفّي فيها ويزيد بن معاوية عليهم بأرض الرّوم فأنكرها عليّ أبو أيّوب، فقال: واللّه ما أظنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال ما قلت قطّ، فكبر ذلك عليّ، فجعلت للّه عليّ، لئن سلّمني حتّى أقفل من غزوتي أن أسأل عنها عتبان بن مالكٍ إن وجدته حيًّا في مسجد قومه، فقفلت، فأهللت من إيلياء بعمرةٍ، ثمّ سرت، حتّى قدمت المدينة، فأتيت بني سالمٍ، فإذا عتبان بن مالكٍ شيخٌ أعمى، يصلّي بقومه فلمّا سلّم من الصّلاة، سلّمت عليه، وأخبرته، من أنا ثمّ سألته عن ذلك الحديث، فحدّثنيه كما حدّثنيه أوّل مرّةً، قال محمّدٌ الزّهريّ: «ولكنّا أدركنا الفقهاء وهم يرون أنّ ذلك كان قبل أن تنزل موجبات الفرائض في القرآن فإنّ اللّه قد أوجب على أهل هذه الكلمة الّتي ذكرها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وذكر أنّ النّجاة بها فرائض في كتابه، نحن نخشى أن يكون الأمر صار إليها، فمن استطاع أن لا يفتر، فلا يفتر» حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني اللّيث، قال: حدّثني عقيلٌ، عن ابن شهابٍ، قال: أخبرني محمود بن الرّبيع الأنصاريّ، قال محمّد بن يحيى بهذه القصّة إلّا أنّه قال: أين مالك بن الدّخشن؟ وزاد قال ابن شهابٍ: ثمّ سألت الحصين بن محمّدٍ الأنصاريّ وهو أحد بني
[التوحيد: 2/785]
سالمٍ، وكان من سراتهم عن حديث محمود بن الرّبيع، فصدّقه بذلك
[التوحيد: 2/786]
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: ثنا ابن أبي عديٍّ، قال: أخبرنا شعبة، عن خالدٍ وهو الحذّاء، عن الوليد أبي بشرٍ، عن حمران بن أبان، عن عثمان، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «من مات وهو يشهد أن لا إله إلّا اللّه، دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/786]
حدّثناه محمّد بن عبّادٍ الواسطيّ، قال: ثنا موسى بن داود، قال: ثنا شعبة بهذا الإسناد، بمثله قال: «وهو يقول لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/787]
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: ثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ، عن معاذ بن جبلٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «من مات وهو يشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه، صادقًا من قلبه دخل الجنّة» قال شعبة: لم أسأل قتادة أسمعه من أنسٍ أو لا؟
[التوحيد: 2/787]
حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن أنسٍ، أنّه ذكر له أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لمعاذٍ: " من لقي اللّه لا يشرك به شيئًا، دخل الجنّة، قال: يا نبيّ اللّه: أفلا أبشّر النّاس؟ قال: لا، إنّي أخاف أن يتّكلوا "
[التوحيد: 2/788]
حدّثنا أبو الأشعث، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، قال: ثنا أنس بن مالكٍ، قال: ذكر لي أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال لمعاذ بن جبلٍ: «من لقي اللّه لا يشرك به شيئًا، دخل الجنّة»، فقال: يا رسول اللّه، أفلا أبشّر النّاس؟ قال: «إنّي أخاف أن يتّكلوا»
[التوحيد: 2/788]
حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ، قال: ثنا يزيد بن زريعٍ، قال: ثنا سليمان يعني التّيميّ، عن أنسٍ قال: ذكر لي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لمعاذٍ، لم أسمعه منه بمثله حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ، قال: ثنا بشر بن المفضّل قال: ثنا التّيميّ، عن أنسٍ قال: ذكر لي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لمعاذٍ: «من لقي اللّه» بمثله
[التوحيد: 2/789]
حدّثنا أبو موسى، قال: ثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: ثنا شعبة، قال:
[التوحيد: 2/789]
سمعت أبا حمزة وهو جارهم يحدّث أنّ أنسًا قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ بن جبلٍ: «اعلم أنّه من مات، وهو يشهد أن لا إله إلّا اللّه، دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/790]
قال أبو بكرٍ قرأت على بندارٍ أنّ ابن أبي عديٍّ حدّثهم عن شعبة، عن صدقة، عن أنس بن مالكٍ، عن معاذ بن جبلٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «من مات يشهد أن لا إله إلّا اللّه، دخل الجنّة» قال أبو بكرٍ: صدقة، هذا رجلٌ من آل أبي الأحوص كذا كان في الكتاب علمي وروى سلمة بن وردان، وأنا أبرأ من عهدة هذا الخبر، عن أنسٍ فأخطأ في هذا الإسناد، فزعم أنّ أنسًا سمع هذا الخبر من معاذ بن جبلٍ، ثمّ سمعه من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
[التوحيد: 2/790]
كذلك حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: أخبرني سلمة بن وردان، قال: كنت جالسًا مع أنس بن مالكٍ الأنصاريّ فقال أنسٌ: فجاء معاذ بن جبلٍ الأنصاريّ من عند رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: من أين جئت؟ فقال: من عند رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قلت: ماذا قال لك؟ قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «من شهد أن لا إله إلّا اللّه مخلصًا، دخل الجنّة» فقلت: أنت سمعته، قال: نعم، قال أنسٌ: فقلت أذهب إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فأسأله؟ فقال: نعم، فأتاه، فسأله فقال: «صدق معاذٌ، صدق معاذٌ، صدق معاذٌ، ثلاثًا»
[التوحيد: 2/791]
حدّثنا بشر بن خالدٍ العسكريّ، قال: ثنا سعيد بن مسلمة، عن سلمة بن
[التوحيد: 2/791]
وردان مولى خزاعة، قال: سمعت أنس بن مالكٍ، يقول: أتاني معاذ بن جبلٍ من عند رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فقلت يا معاذ من أين جئت؟ قال: من عند رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قلت: ما قال؟ قال: «من قال لا إله إلّا اللّه، دخل الجنّة»، قال أنسٌ: سمعت هذا منه؟ قال: اذهب فاسأله، فأتيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا رسول اللّه، حدّثني معاذ بن جبلٍ أنّك قلت: «من قال لا إله إلّا اللّه، مخلصًا، دخل الجنّة» قال: «نعم، صدق معاذٌ، صدق معاذٌ، صدق معاذٌ ثلاثًا»
[التوحيد: 2/792]
حدّثنا مؤمّل بن هشامٍ اليشكريّ، قال: ثنا إسماعيل، عن يونس، عن حميد بن هلالٍ، عن هصّان بن الكاهن، قال: دخلت مسجد البصرة على عهد عثمان بن
[التوحيد: 2/792]
عفّان رضي اللّه عنه، فإذا رجلٌ أبيض الرّأس واللّحية يحدّث عن معاذ بن جبلٍ عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «ما من نفسٍ تموت تشهد أن لا إله إلّا اللّه، وتشهد أنّي رسول اللّه، يرجع ذاك إلى قلبٍ موقنٍ، إلّا غفر اللّه لها»، قال: قلت: أنت سمعت ذاك من معاذ بن جبلٍ، قال: كأنّ القوم عنّفوني قال: لا تعنّفوه أو لا تؤنّبوه دعوه، نعم أنا سمعت ذا الخبر من معاذ بن جبلٍ يرويه عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، كرّر هذا مؤمّلٌ ثلاث مرّاتٍ، قلت لرجلٍ إلى جنبي، من هذا؟ قال: هذا عبد الرّحمن بن سمرة
[التوحيد: 2/793]
حدّثناه محمّد بن بشّارٍ، قال: ثنا أبو زيدٍ صاحب الهرويّ
[التوحيد: 2/794]
وثنا أبو موسى قال: ثنا سعيد بن الرّبيع أبو زيدٍ، قال: ثنا شعبة، عن إسماعيل، قال: سمعت الشّعبيّ، يحدّث عن رجلٍ، عن سعدى امرأة طلحة بن عبيد اللّه، أنّ عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه مرّ بطلحة بن عبيد اللّه، حين استخلف أبو بكرٍ، فقال: ما لي أراك كئيبًا، لعلّك كرهت إمارة ابن عمّك، قال: لا، ولكن سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال كلمةً، لم أسأله عنها حتّى مات أو قبض، قال: «إنّي لأعلم كلمةً لا يقولها عبدٌ عند موته، إلّا كانت له نورًا في صحيفته، وإنّ روحه وجسده ليجدان لها راحةً عند الموت» فقال عمر: إنّي لأعلم ما هي ،
[التوحيد: 2/794]
هي لا إله إلّا اللّه، كلمته الّتي أراد عمّه عليها "، قال: ما أراها إلّا ذلك «. هذا لفظ حديث بندارٍ، وقال أبو موسى» راحةٌ عند الموت "، فقال عمر: إنّي لأعلم ما هي لا إله إلّا اللّه، هي الكلمة الّتي أراد عمّه عليها، لا أراها إلّا إيّاها " قال أبو بكرٍ: الّذي أنكرت من رواية سلمة بن وردان أنّ ذكره أنّه سمع أنس بن مالكٍ، أنّه سمع معاذ بن جبلٍ يذكر هذا الخبر عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأنّه سأل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك، فصدق معاذٌ
[التوحيد: 2/795]
قد حدّث بهذا الخبر أيضًا محمّد بن يحيى، قال: ثنا أبو نعيمٍ، قال: ثنا سلمة، قال: سمعت أنسًا وثنا محمّدٌ أيضًا، قال: ثنا جعفر بن عونٍ، قال: أخبرنا سلمة بن وردان الحديث بتمامه قال أبو بكرٍ: لست أنكر أن يكون أنس بن مالكٍ قد سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من قال لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة» في غير الوقت الّذي ذكر سلمة بن وردان، أنّه أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فسأله عمّا ذكر معاذ بن جبلٍ عنه
[التوحيد: 2/796]
لأنّ ابن عزيزٍ حدّثني، قال: حدّثني سلامة، عن عقيلٍ، عن ابن شهابٍ، قال: قال أنس بن مالكٍ الأنصاريّ: بينا نحن مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هبط ثنيّةً، ورسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يسير وحده، فلمّا استهلّت به الطّريق، ضحك وكبّر، وكبّرنا لتكبيره، فسار رتوةً ثمّ ضحك وكبّر، فكبّرنا لتكبيره، ثمّ أدركناه، فقال القوم: كبّرنا لتكبيرك ولا ندري ممّ ضحكت؟ فقال: " أبشر وبشّر أمّتك أنّه من قال لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له دخل الجنّة، فضحكت وكبّرت ربّي، ثمّ سار رتوةً، ثمّ التفت فقال: أبشر وبشّر أمّتك أنّه من قال لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له دخل الجنّة، وقد حرّم اللّه عليه النّار، فضحكت وكبّرت ربّي وفخرت بذلك لأمّتي "
[التوحيد: 2/797]
قال أبو بكرٍ: هذا خبرٌ غريبٌ، وإنّما أنكرت من خبر سلمة بن وردان أنّ ذكره أنّ أنسًا سمع هذا الخبر من معاذ بن جبلٍ، فإنّ سليمان التّيميّ وهو أحفظ من عددٍ مثل سلمة، وأعلم بالحديث من جماعةٍ أمثال سلمة، رواه عن أنسٍ قال: ذكر لي عن معاذ بن جبلٍ، فأمّا من قال: عن أنسٍ، عن معاذٍ فقد أعذر، ولم يذكر سماعًا كذلك رواه أيضًا عبد العزيز بن صهيبٍ، عن أنسٍ، عن معاذٍ لم يقل سمعت ولا ذكر لي
[التوحيد: 2/798]
حدّثناه أحمد بن عبدة، قال: أخبرنا حمّادٌ يعني ابن زيدٍ، عن عبد العزيز بن صهيبٍ، عن أنس بن مالكٍ، عن معاذ بن جبلٍ، قال: قال لي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " يا معاذ: قلت لبّيك يا رسول اللّه وسعديك، قال: بشّر النّاس أو قال أنذر النّاس من قال لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة "
[التوحيد: 2/798]
حدّثنا الرّبيع بن سليمان، قال: ثنا شعيبٌ يعني ابن اللّيث، قال: أخبرنا اللّيث، عن محمّد بن العجلان، عن الصّنابحيّ، أنّه قال: دخلت على عبادة بن الصّامت، وهو في الموت فبكيت، فقال: مهلًا لم تبكي؟ فواللّه لو أنّي استشهدت لأشهدنّ لك، ولئن شفّعت لأشفعنّ لك، ولئن استطعت لأنفعنّك، ثمّ قال: واللّه ما من حديثٍ سمعته من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لكم فيه خيرٌ إلّا حدّثتكموه، إلّا حديثًا واحدًا، وسوف أحدّثكموه اليوم، وقد أحيط بنفسي، سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من شهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه، حرّمه اللّه على النّار»
[التوحيد: 2/799]
حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن عبد الرّحيم البرقيّ، قال: ثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، قال: أخبرنا يحيى بن أيّوب، قال: حدّثني محمّد بن عجلان، عن محمّد بن يحيى بن حبّان، عن عبد اللّه بن محيريزٍ، عن الصّنابحيّ، فذكر بمثله، إلّا أنّه قال: «من لقي اللّه يشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/800]
حدّثنا أبو موسى، قال: ثنا محمّد بن جهضمٍ، قال: ثنا إسماعيل بن
[التوحيد: 2/800]
جعفرٍ، عن محمّد بن عجلان، عن محمّد بن يحيى بن حبّان، عن ابن محيريزٍ، عن الصّنابحيّ، أنّه سمع عبادة بن الصّامت، حين حضره الموت، يقول: واللّه ما كتمتك حديثًا سمعته من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لك فيه خيرٌ إلّا حديثًا واحدًا: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من لقي اللّه يشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه، دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/801]
حدّثنا إبراهيم بن المستمرّ، بصريٌّ، قال: ثنا بدل بن الحبر أبو المنير التّميميّ اليربوعيّ، قال: ثنا المحرز بن كعبٍ الباهليّ، قال: حدّثني رياح بن عبيدة، أنّ
[التوحيد: 2/801]
ذكوان السّمّان حدّثه، أنّ جابر بن عبد اللّه حدّثه: أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بعثه، فقال: «اذهب فناد في النّاس أنّ من شهد أن لا إله إلّا اللّه موقنًا أو مخلصًا فله الجنّة» فذكر الحديث بتمامه، في لقي عمر بن الخطّابٍ رضي اللّه عنه إيّاه، ورده إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وقوله: " إنّ النّاس قد حسوا أو طمعوا، قال: اجلس قال أبو بكرٍ: قال: لنا محمّد بن يحيى في هذا الخبر أنّ النّاس قد طمعوا أو حسوا، قال: اقعد حدّثنا محمّد بن يحيى قال: ثنا حفص بن عمر، قال: ثنا المحرز بن كعبٍ، قد أمليته في كتاب الإيمان
[التوحيد: 2/802]
وروى مستور بن عبّادٍ الهنائيّ، قال: ثنا ثابتٌ البنانيّ، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رجلٌ: يا رسول اللّه: ما تركت من حاجةٍ ولا داجةٍ، إلّا أتيت عليها، قال: " أوّلًا تشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه؟ قال: نعم، قال: «فإنّ هذا يأتي على ذلك كلّه» حدّثناه زيد بن أخزم، وإبراهيم بن المستمرّ، قالا: ثنا أبو عاصمٍ، عن مستور بن عبّادٍ، قال زيدٌ: فإنّ هذا يذهب هذا
[التوحيد: 2/803]
حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الصّوّاف، قال: ثنا بدل بن المحبّر، قال: ثنا زائدة، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيلٍ، قال: سمعت ابن عمر، عن عمر، " أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم
[التوحيد: 2/803]
أمره أن يؤذّن النّاس أنّ من يشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، مخلصًا فله الجنّة، قال عمر: يا رسول اللّه: إذًا يتّكلوا، قال: فدعهم " حدّثناه أيضًا محمّد بن يحيى، قال: ثنا بدل بن المحبّر، أحسبني قد أمليته في كتاب الإيمان
[التوحيد: 2/804]
حدّثنا عليّ بن سهلٍ الرّمليّ، قال: ثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: ثنا أبو عمرٍو الأوزاعيّ، قال: حدّثني المطّلب بن عبد اللّه بن حنطبٍ المخزوميّ، عن عبد الرّحمن بن أبي عمرة الأنصاريّ، عن أبيه، قال: خرجنا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في
[التوحيد: 2/804]
بعض غزواته، فذكر حديثًا طويلًا وقال في آخره ثمّ قال صلّى الله عليه وسلّم: «أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّي رسول اللّه، وأشهد عند اللّه أنّه لا يلقاه عبدٌ مؤمنٌ بهما إلّا حجبتاه عن النّار يوم القيامة» حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن العلاء بن زبرٍ الرّبعيّ، قال: حدّثني عبد الرّحمن بن أبي عمرة، قال: حدّثني أبي، قال: كنّا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فذكر الحديث بطوله نحو حديث الوليد
[التوحيد: 2/805]
ورواه ابن عجلان، عن عاصم بن عبيد اللّه بن عاصمٍ، عن المطّلب بن عبد اللّه بن حنطبٍ، عن أبي عمرة الأنصاريّ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، نحو حديث الأوزاعيّ حدّثناه الرّبيع بن سليمان، قال: ثنا شعيبٌ، قال: ثنا اللّيث، عن محمّد بن العجلان قال أبو بكرٍ: أنا بريءٌ من عهدة عاصم بن عبيد اللّه مع إسقاطه عبد الرّحمن بن أبي عمرة من الإسناد
[التوحيد: 2/806]
حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، قال: حدّثني
[التوحيد: 2/806]
أبي، قال: كنت أنا وعكرمة، ويزداد، فقال: إنّ ابنًا لمحمّدٍ أو عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ، كان يصيب من هذا الشّراب، فلمّا حضره الموت قالت عائشة: رضي اللّه عنها إنّي لأرجو أن لا يطعم ابن أخي النّار، إنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال لعمّه: «قل لا إله إلّا اللّه أشهد لك بها يوم القيامة»، قال أبي: فأجابه عكرمة، قال: قال أبو هريرة: استغفروا له، فإنّما يستغفر للمسيء مثله
[التوحيد: 2/807]
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: ثنا يحيى يعني ابن سعيدٍ، قال: ثنا يزيد بن كيسان، قال: حدّثني أبو حازمٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لعمّه: «قل لا إله إلّا اللّه أشهد لك بها يوم القيامة»، قال: لولا أن
[التوحيد: 2/807]
تعيّرني قريشٌ إنّما حمله عليه الجزع لأقررت بها عينك، فأنزل اللّه تعالى {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [القصص: 56]
[التوحيد: 2/808]
حدّثنا عمر بن حفصٍ الشّيبانيّ، قال: ثنا عبد اللّه بن وهبٍ، قال: ثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن عون بن عبد اللّه، عن
[التوحيد: 2/808]
يوسف بن عبد اللّه، عن أبيه، قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من شهد أن لا إله إلّا اللّه مخلصًا، وأنّ محمّدًا رسول اللّه وجبت له الجنّة»
[التوحيد: 2/809]
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، وأبو موسى، قالا: ثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن زيد بن وهبٍ، عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " قال لي جبريل: من مات من أمّتك لا يشرك باللّه شيئًا دخل الجنّة، ولم يدخل النّار، قلت: وإن زنى وإن سرق، قال: وإن زنى وإن سرق " - وقال بندارٌ: أو - " لم يدخل النّار، قال: وإن سرق وإن زنى، قال: وإن سرق وإن زنى "
[التوحيد: 2/809]
حدّثنا مؤمّل بن هشامٍ، قال: ثنا إسماعيل، عن الجريريّ، قال: حدّثني موسى، عن محمّد بن سعد بن أبي وقّاصٍ، أنّ أبا الدّرداء، قال: عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه " قرأ: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان} [الرحمن: 46]، قلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول اللّه؟ فإنّ قراءتها ليس هكذا، أو أنا ليس كذلك تجدنا فقال: قرأها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم:
[التوحيد: 2/810]
{ولمن خاف مقام ربّه جنّتان} [الرحمن: 46] قلت: فإن زنى وإن سرق يا رسول اللّه؟ قال: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان} [الرحمن: 46] قلت: يا رسول اللّه: وإن زنى وإن سرق؟ قال: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان} [الرحمن: 46] وإن زنى وإن سرق، ورغم أنف أبي الدّرداء " فلا أزال أقرؤها كذلك حتّى ألقاه
[التوحيد: 2/811]
حدّثنا أبو طالبٍ زيد بن أخزم، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني حبيب بن أبي ثابتٍ، وعبد العزيز بن رفيعٍ، والأعمش، عن زيد بن وهبٍ، عن أبي ذرٍّ، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " أتاني جبريل، فبشّرني أنّه من مات من أمّتي لا يشرك باللّه شيئًا دخل الجنّة قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: نعم " ثنا به مرّةً، ولم يذكر الأعمش في الإسناد
[التوحيد: 2/812]
حدّثنا عبد الوارث بن عبد الصّمد، قال: حدّثني أبي قال: ثنا مهديّ، عن واصلٍ، عن المعرور بن سويدٍ، عن أبي ذرٍّ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «أتاني آتٍ من ربّي» فإمّا «بشّرني» وإمّا قال: «أخبرني» أنّه قال: " من مات لا يشرك باللّه شيئًا دخل الجنّة، قلت: وإن زنى وسرق؟ قال: وإن زنى وسرق "
[التوحيد: 2/813]
حدّثنا عبد اللّه بن إسحاق الجوهريّ، قال: ثنا حفص بن عمر الحوضيّ، قال: ثنا مرجّي بن رجاءٍ، قال: ثنا محمّد بن الزّبير، عن رجاء بن حيوة، عن أمّ الدّرداء، عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قال لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة»، قلت وإن زنى، وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق»
[التوحيد: 2/814]
حدّثنا أبو موسى، قال: ثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم كلمةً وأنا أقول أخرى قال: «من مات وهو يجعل للّه ندًّا دخل النّار»، قال: وأنا أقول: وهو لا يجعل للّه ندًّا دخل الجنّة " قال أبو بكرٍ: قد كنت أمليت أكثر هذا الباب في كتاب الإيمان وبيّنت في ذلك الموضع معنى هذه الأخبار، وأنّ معناها ليس كما يتوهّمه المرجئة وبيقينٍ يعلم كلّ عالمٍ من أهل الإسلام أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يرد بهذه الأخبار أنّ من قال لا إله إلّا اللّه أو زاد مع شهادة أن لا إله إلّا اللّه شهادة أنّ محمّدًا رسول اللّه ولم يؤمن بأحدٍ من الأنبياء، غير محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم ولا آمن بشيءٍ من كتاب اللّه، ولا بجنّةٍ ولا نارٍ، ولا
[التوحيد: 2/815]
بعثٍ ولا حسابٍ أنّه من أهل الجنّة، لا يعذّب بالنّار، ولئن جاز للمرجئة الاحتجاج بهذه الأخبار، وإن كانت هذه الأخبار ظاهرها خلاف أصلهم، وخلاف كتاب اللّه وخلاف سنن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، جاز للجهميّة الاحتجاج بأخبارٍ رويت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا تؤوّلت على ظاهرها، استحقّ من يعلم أنّ اللّه ربّه وأنّ محمّدًا نبيّه الجنّة، وإن لم ينطق بذلك لسانه، ولا يزال يسمع أهل الجهل والعناد، ويحتجّون بأخبارٍ مختصرةٍ، غير متقصّاةٍ، وبأخبارٍ مجملةٍ غير مفسّرةٍ، لا يفهمون أصول العلم، يستدلّون بالمتقصّى من الأخبار على مختصرها، وبالمفسّر منها على مجملها، قد ثبتت الأخبار عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بلفظةٍ لو حملت على ظاهرها كما حملت المرجئة الأخبار الّتي ذكرناها في شهادة أن لا إله إلّا اللّه على ظاهرها لكان العالم بقلبه: أن لا إله إلّا اللّه مستحقًّا للجنّة، وإن لم يقرّ بذلك بلسانه، ولا أقرّ بشيءٍ ممّا أمر اللّه تعالى بالإقرار به، ولا آمن بقلبه بشيءٍ أمر اللّه بالإيمان به ولا عمل بجوارحه شيئًا أمر اللّه به، ولا انزجر عن شيءٍ حرّمه اللّه من سفك دماء المسلمين، وسبي ذراريّهم وأخذ أموالهم، واستحلال حرمهم فاسمع الخبر الّذي ذكرت أنّه غير جائزٍ أن يحمل على ظاهره، كما حملت المرجئة الأخبار الّتي ذكرناها على ظاهرها
[التوحيد: 2/816]
61 - حدّثنا أحمد بن المقدام العجليّ، قال: ثنا بشر يعني ابن المفضّل، قال: ثنا خالدٌ يعني الحذّاء، عن الوليد أبي بشرٍ، قال: سمعت حمران بن أبان، يحدّث عن عثمان بن عفّان، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من مات وهو يعلم أن لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/817]
62 - حدّثنا أبو الخطّاب زياد بن يحيى، قال: ثنا بشرٌ يعني ابن المفضّل، قال: ثنا خالدٌ، عن الوليد أبي بشرٍ، قال: سمعت حمران، يقول: سمعت عثمان، يقول: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من مات وهو يعلم أن لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة»

63 - حدّثنا أحمد بن المقدام، قال: ثنا إسماعيل يعني ابن عليّة قال: ثنا خالدٌ، عن الوليد بن مسلمٍ وهو أبو بشرٍ، عن حمران بن أبان، عن عثمان بن عفّان، قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول بمثله
[التوحيد: 2/818]
64 - حدّثنا بشر بن معاذٍ قال: ثنا بشرٌ يعني ابن المفضّل بمثل حديث أبي الخطّاب سواءً

65 - ثنا نصر بن الجهضميّ، قال: أخبرنا بشر بن المفضّل بمثل حديث أبي الخطّاب

66 - وثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عليّة، عن خالدٍ الحذّاء، بهذا الإسناد، معنًى بمثله
[التوحيد: 2/819]
67 - وثنا محمّد بن الوليد، قال: ثنا محمّدٌ يعني ابن جعفرٍ، قال: ثنا شعبة، عن خالدٍ الحذّاء، عن أبي بشرٍ العنبريّ، عن حمران بن أبان، عن عثمان بن عفّان، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بمثله. قال شعبة: وهو خبر عبد الحميد بن لاحقٍ، يريد خبر أبي بشرٍ العنبريّ، كذلك ثنا محمّد بن الوليد، قال: ثنا محمّدٌ، قال: ثنا شعبة
[التوحيد: 2/820]
68 - وثنا عبدة بن عبد اللّه الخزاعيّ، قال: ثنا عبد اللّه بن حمران، قال: سمعت شعبة، عن بيانٍ، قال حمران يحدّث، عن عثمان بن عفّان، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «من علم أن لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/820]
69 - حدّثنا زيد بن أخزم، قال: ثنا عبد الصّمد، قال: ثنا شعبة، عن خالد بن الحذّاء، عن الوليد أبي بشرٍ، عن حمران بن أبان، عن عثمان بن عفّان، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من مات وهو يعلم أن لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/821]
70 - حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا أيّوب بن سليمان بن بلالٍ،
[التوحيد: 2/821]
71 - وحدّثنا العبّاس بن عبد العظيم، قال: ثنا أيّوب بن سليمان بن بلالٍ، صاحب الكرديّ

72 - وثنا محمّد بن سفيان الأبلّيّ، قال: ثنا أيّوب بن سليمان الحارث، قال: ثنا عمر بن محمّد بن عمر معدان الحارسيّ، عن عمران القصير، عن عبد اللّه بن أبي القلوص، عن مطرّفٍ، عن عمران بن حصينٍ، قال: ألا أحدّثكم بحديثٍ ما حدّثت به، أحدًا منذ سمعته من، رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم مخافة أن يتّكل النّاس: «من علم أنّ اللّه ربّه وأنّي نبيّه صادقًا من قلبه وأومأ بيده إلى خلدة صدره حرّم اللّه لحمه على النّار»
[التوحيد: 2/822]
وقال العبّاس بن عبد العظيم العنبريّ، عن عمران بن حصينٍ، قال: قال لنا: لأحدّثنّكم بحديثٍ، زاد محمّد بن سفيان قال: وكان قد جعل في حلٍّ من قال: القصير، وزاد في آخره: إنّما قال عبد اللّه، فحدّثت به أحد ولد عبد الملك فاستحلفني ثلاثة أيمانٍ صبرًا باللّه، لسمعته من مطرّفٍ قال: فحلفت له، ثمّ حدّثت به أحدٌ ولد عبد الملك بعده استحلفني ثلاثة أيمانٍ صبرًا باللّه: لسمعته من مطرّفٍ؟ كأنّه كان شاهدًا للحديث الأوّل، فحلفت له، فقال لكاتبه: أثبت هذا عندك ثنا به العبّاس مرّةً، قال: ثنا أبو يحيى أيّوب بن سليمان بن يسارٍ، صاحب الكرديّ
[التوحيد: 2/823]
73 - حدّثنا محمّد بن يحيى القطعيّ، قال: ثنا زياد بن الرّبيع، قال: ثنا هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين، عن أبي الدّيلم، قال: كنت ثالث ثلاثةٍ ممّن يخدم معاذ بن جبلٍ، فلمّا حضرته الوفاة قلنا له: رحمك اللّه، إنّما صحبناك، وانقطعنا إليك واتّبعناك لمثل هذا اليوم، فحدّثنا بحديثٍ سمعته من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ننتفع به، قال: نعم، وما ساعة الكذب هذه، سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من مات وهو يوقن بقلبه أنّ اللّه حقٌّ، وأنّ السّاعة حقٌّ، وأنّ اللّه يبعث من في القبور» قال ابن سيرين: إمّا قال: «دخل الجنّة» وإمّا قال: «نجا من النّار» لئن جاز للجهميّ الاحتجاج بهذه الأخبار، أنّ المرء يستحقّ الجنّة، بتصديق القلب بأن لا إله إلّا اللّه وبأنّ اللّه حقٌّ، وأنّ السّاعة قائمةٌ، وأنّ اللّه يبعث من في القبور ويترك الاستدلال بما سنبيّنه بعد إن شاء اللّه من معنى هذه الأخبار، لم
[التوحيد: 2/824]
يؤمن أن يحتجّ جاهلٌ لا يعرف دين اللّه، ولا أحكام الإسلام، بخبر عثمان عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، «من علم أنّ الصّلاة عليه حقٌّ واجبٌ، دخل الجنّة» فيدّعي أنّ جميع الإيمان هو العلم بأنّ الصّلاة عليه حقٌّ واجبٌ، وإن لم يقرّ بلسانه ممّا أمر اللّه بالإقرار به، ولا صدّق بقلبه بشيءٍ ممّا أمر اللّه بالتّصديق به، ولا أطاع في شيءٍ أمر اللّه به، ولا انزجر عن شيءٍ حرّمه اللّه، إذ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد أخبر أنّ من علم أنّ الصّلاة عليه حقٌّ واجبٌ دخل الجنّة، كما أخبر أنّ من شهد أن لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة
[التوحيد: 2/825]
74 - حدّثنا بهذا الخبر، محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ، قال: ثنا خالدٌ، قال: ثنا عمران وهو ابن حديرٍ، عن عبد الملك بن عبيدٍ، قال: قال حمران بن أبان، قال أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي اللّه عنه: وكان قليل الحديث عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «من علم أنّ الصّلاة عليه حقٌّ واجبٌ ومكتوبٌ، دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/825]
75 - حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا عمران بن حديرٍ، عن عبد الملك، وهو ابن عبيدٍ، عن حمران بن أبان، عن عثمان، وكان قليل الحديث عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «من علم أنّ الصّلاة حقٌّ مكتوبٌ عليه، أو حقٌّ واجبٌ دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/826]
76 - حدّثنا يعقوب بن إبراهيم الدّورقيّ، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا عمران بن حديرٍ، عن عبد الملك بن عبيدٍ، قال: سمعت حمران بن أبان، قال: سمعت عثمان بن عفّان، وكان قليل الحديث عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «من علم أنّ الصّلاة عليه حقٌّ واجبٌ دخل الجنّة» قال أبو بكرٍ: فإن جاز الاحتجاج بمثل هذا الخبر المختصر في الإيمان واستحقاق المرء به الجنّة، وترك الاستدلال بالأخبار المفسّرة المتقصّاة لم يؤمن أن يحتجّ جاهلٌ معاندٌ فيقول: بل الإيمان إقامة صلاة الفجر وصلاة العصر، وأنّ مصلّيها
[التوحيد: 2/826]
يتسوجب الجنّة، ويعاذ من النّار، وإن لم يأت بالتّصديق، ولا بالإقرار بما أمر أن يصدّق به، ويقرّ به، ولا يعمل بشيءٍ من الطّاعات الّتي فرض اللّه على عباده، ولا انزجر عن شيءٍ من المعاصي الّتي حرّمها اللّه
[التوحيد: 2/827]
ويحتجّ بخبر عمارة بن رويبة
77 - الّذي ثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: ثنا يحيى، ويزيد بن هارون، قالا: ثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي بكر بن عمارة بن رويبة، قال: سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من صلّى قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها حرّمه اللّه على النّار» فقال رجلٌ من أهل البصرة، وأنا سمعته عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم
[التوحيد: 2/827]
قال أبو بكرٍ: قد أمليت طرق هذا الخبر في كتاب المختصر من كتاب الصّلاة، مع أخبار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من صلّى الصّبح فهو في ذمّة اللّه»، وكلّ عالمٍ يعلم دين اللّه وأحكامه يعلم أنّ هاتين الصّلاتين لا يوجبان الجنّة مع ارتكاب جميع المعاصي أيضًا، وأنّ هذه الأعمال لذلك إنّما رويت على ما بيّنّا في كتاب الإيمان، إنّمًا رويت في فضائل هذه الأعمال، كذلك إنّما رويت أخبار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من قال لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة» فضيلةً لهذا القول، لا أنّ هذا القول كلّ الإيمان ولئن جاز لجاهلٍ أن يتأوّل أنّ شهادة أن لا إله إلّا اللّه جميع الإيمان، إذ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خبّر أنّ قائلها يستوجب الجنّة ويعاذ من النّار، لم يؤمن أن يدّعي جاهلٌ معاندٌ أيضًا أنّ جميع الإيمان القتال في سبيل اللّه، فواق ناقةٍ، فيحتجّ بقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من قاتل في سبيل اللّه فواق ناقةٍ دخل الجنّة»
[التوحيد: 2/828]
كاحتجاج المرجئة بقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من قال لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة» ويقول معاندٌ آخر جاهلٌ: إنّ الإيمان بكماله الماشي في سبيل اللّه حتّى تغبرّ قدما الماشي، ويحتجّ بقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من اغبرّت قدماه في سبيل اللّه حرّمهما اللّه على النّار» وبقوله: «لا يجتمع غبارٌ في سبيل اللّه ودخان جهنّم في منخري رجلٍ مسلمٍ أبدًا»
[التوحيد: 2/829]
ويدّعي جاهلٌ آخر أنّ الإيمان عتق رقبةٍ مؤمنةٍ، ويحتجّ بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أعتق رقبةً مؤمنةً أعتقه اللّه بكلّ عضو منه عضوًا من النّار» ويدّعي جاهلٌ آخر أنّ جميع الإيمان البكاء من خشية اللّه تعالى، ويحتجّ بقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يدخل النّار من بكى من خشية اللّه تعالى» ويدّعي جاهلٌ آخر أنّ جميع الإيمان صوم يومٍ في سبيل اللّه، ويحتجّ بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من صام يومًا في سبيل اللّه باعد اللّه وجهه عن النّار سبعين خريفًا» ويدّعي جاهلٌ آخر أنّ جميع الإيمان قتل كافرٍ، ويحتجّ بقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يجتمع كافرٌ وقاتله في النّار أبدًا»
[التوحيد: 2/830]
78 - حدّثناه عليّ بن حجرٍ، قال: ثنا إسماعيل بن جعفرٍ، قال: ثنا العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يجتمع كافرٌ وقاتله في النّار أبدًا»
[التوحيد: 2/831]
قال أبو بكرٍ: وهذا الجنس من فضائل الأعمال، يطول بتقصّيه الكتاب، وفي قدر ما ذكرنا غنيةً وكفايةً لما له قصدنا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّما خبّر بفضائل هذه الأعمال الّتي ذكرنا، وما هو مثلها، لا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أراد أنّ كلّ عملٍ ذكره أعلم أنّ عامله يستوجب بفعله الجنّة، أو يعاذ من النّار أنّه جميع الإيمان وكذلك إنّما أراد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «من قال لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة أو حرّم على النّار» فضيلةً لهذا القول، لا أنّه جميع الإيمان كما ادّعى من لا يفهم العلم ويعاند، فلا يتعلّم هذه الصّناعة من أهلها، ومعنى قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يجتمع كافرٌ وقاتله في النّار أبدًا» هذا لفظٌ مختصره: الخبر المتقصّى لهذه اللّفظة المختصرة
[التوحيد: 2/832]
ما
[التوحيد: 2/832]
79 - حدّثنا الرّبيع بن سليمان، قال: ثنا شعيب بن اللّيث، قال: ثنا اللّيث، عن محمّد بن العجلان، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يجتمعان في النّار اجتماعًا يعني أحدهما مسلمٌ قتل كافرًا، ثمّ سدّد المسلم وقارب» قال أبو بكرٍ: كذاك نقول في فضائل الأعمال الّتي ذكرنا أنّ من عمل من المسلمين بعض تلك الأعمال، ثمّ سدّد وقارب ومات على إيمانه دخل الجنّة، ولم يدخل النّار، موضع الكفّار منها، وإن ارتكب بعض المعاصي لذلك لا يجتمع قاتل الكافر إذا مات على إيمانه مع الكافر المقتول في موضعٍ واحدٍ من النّار، لا أنّه لا يدخل النّار، ولا موضعًا منها، وإن ارتكب جميع الكبائر، خلا الشّرك باللّه عزّ وجلّ، إذا لم يشأ اللّه أن يغفر له ما دون الشّرك فقد خبّر اللّه عزّ وجلّ أنّ للنّار سبعة
[التوحيد: 2/833]
أبوابٍ: فقال لإبليس: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلّا من اتّبعك من الغاوين} [الحجر: 42]، إلى قوله تعالى: {لكلّ بابٍ منهم جزءٌ مقسومٌ} [الحجر: 44] فأعلمنا ربّنا عزّ وجلّ أنّه قسّم تابعي إبليس من الغاوين سبعة أجزاءٍ على عدد أبواب النّار، فجعل لكلّ بابٍ منهم جزءًا معلومًا واستثنى عباده المخلصين من هذا القسم فكلّ مرتكب معصيةٍ زجر اللّه عنها، فقد أغواه إبليس، واللّه عزّ وجلّ قد يشاء غفران كلّ معصيةٍ يرتكبها المسلم دون الشّرك، وإن لم يتب منها، لذاك أعلمنا في محكم تنزيله في قوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48] وأعلمنا خالقنا عزّ وجلّ أنّ آدم خلقه بيده، وأسكنه جنّته، وأمر ملائكته بالسّجود له، عصاه فغوى، وأنّه عزّ وجلّ برأفته ورحمته اجتباه بعد ذلك، فتاب عليه وهدى، ولم يحرّمه اللّه بارتكاب هذه الحوبة، بعد ارتكابه إيّاها، فمن لم يغفر اللّه له حوبته الّتي ارتكبها، وأوقع عليها اسم غاوٍ، فهو داخلٌ في الأجزاء، جزءًا وقسمًا لأبواب النّار السّبعة وفي ذكر آدم صلّى الله عليه وسلّم وقوله عزّ وجلّ: {وعصى آدم ربّه فغوى} [طه: 121] ما يبيّن ويوضّح أنّ اسم الغاوي قد يقع على مرتكب خطيئةٍ، قد زجر اللّه عن إتيانها، وإن لم تكن تلك الخطيئة كفرًا ولا شركًا، ولا ما يقاربها ويشبهها، ومحالٌ أن يكون المؤمن الموحّد للّه عزّ وجلّ قلبه ولسانه المطيع لخالقه في أكثر ما فرض اللّه عليه، وندبه إليه من أعمال البرّ غير المفترض عليه، المنتهي عن أكثر المعاصي وإن ارتكب بعض المعاصي والحوبات في قسم من كفر باللّه ودعا معه آلهةً، أو جعل له
[التوحيد: 2/834]
صاحبةً أو ولدًا، تعالى اللّه عن ذلك علوًّا كبيرًا ولم يؤمن أيضًا بشيءٍ ممّا أمر اللّه بالإيمان به، ولا أطاع اللّه في شيءٍ أمره به من الفرائض والنّوافل، ولا انزجر عن معصيةٍ نهى اللّه عنها محالٌ أن يجتمع هذان في درجةٍ واحدةٍ من النّار، والعقل مركّبٌ على أن يعلم أنّ كلّ من كان أعظم خطيئةً وأكثر ذنوبًا لم يتجاوز اللّه عن ذنوبه، كان أشدّ عذابًا في النّار، كما يعلم كلّ عاقلٍ أنّ كلّ من كان أكثر طاعةً للّه عزّ وجلّ وتقرّبًا إليه بفعل الخيرات واجتناب السّيّئات كان أرفع درجةً في الجنّان، وأعظم ثوابًا وأجزل نعمةً، فكيف يجوز أن يتوهّم مسلمٌ أنّ أهل التّوحيد يجتمعون في النّار، في الدّرجة، مع من كان يفتري على اللّه عزّ وجلّ فيدعو له شريكًا أو شركاء، فيدعو له صاحبةً وولدًا، ويكفر به ويشرك، ويكفر بكلّ ما أمر اللّه عزّ وجلّ بالإيمان به ويكذّب جميع الرّسل ويترك جميع الفرائض، ويرتكب جميع المعاصي، فيعبد النّيران ويسجد للأصنام، والصّلبان، فمن لم يفهم هذا الباب لم يجد بدًّا من تكذيب الأخبار الثّابتة المتواترة الّتي ذكرتها عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في إخراج أهل التّوحيد من النّار إذ محالٌ أن يقال: أخرجوا من النّار من ليس فيها، وأمحل من هذا أن يقال: يخرج من النّار من ليس فيها، وفي إبطال أخبار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دروس الدّين وإبطال الإسلام، واللّه عزّ وجلّ لم يجمع بين جميع الكفّار في موضعٍ واحدٍ من النّار، ولا سوّى
[التوحيد: 2/835]
بين عذاب جميعهم، قال اللّه عزّ وجلّ: {إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار} [النساء: 145] وقال: {أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} [غافر: 46] قال أبو بكرٍ: وسأبيّن بمشيئة خالقنا عزّ وجلّ معنى أخبار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يدخل النّار من فعل كذا، ومعنى قوله: يخرج من النّار، وأؤلّف بين معنى هذه الأخبار تأليفًا بيّنًا مشروحًا بعد ذكري لأخبار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إن حملت على ظاهرها كانت دافعةً للأخبار الّتي ذكرناها في فضائل الأعمال الّتي أخبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ فعل صاحبها بعضها يستوجب الجنّة، ويعاذ من النّار
[التوحيد: 2/836]


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ذكر, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir