دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ربيع الأول 1439هـ/14-12-2017م, 04:52 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي مراجعة تطبيقية لدورة المهارات المتقدّمة في التفسير- المرحلة الثالثة

مراجعة تطبيقية على دروس مهارات التفسير المتقدّمة.
- المرحلة الثالثة -




موضوع البحث:
تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.



المطلوب:

5: جمع تعليقات أهل العلم على الأقوال الواردة في المسألة.
6: جمع الحجج والاعتراضات.
7: توجيه الأقوال.



إرشادات:
- عند توجيه الأقوال يجب توسيع دائرة الاطّلاع وعدم الاكتفاء بمصدر واحد، وأن يعبّر الطالب بأسلوبه لا أن يعتمد على النقل، وله أن يستشهد ببعض النقول المهمّة في بيان مسألته.
- سيتمّ وضع تعليق عامّ على كل تطبيق في موعده -بإذن الله- حتى يستدرك الطالب ما فاته في المرحلة التالية.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح
وجعلكم للمتّقين إماما

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 ربيع الثاني 1439هـ/20-12-2017م, 11:08 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

موضوع البحث:
تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.
المطلوب:
5: جمع تعليقات أهل العلم على الأقوال الواردة في المسألة.
6: جمع الحجج والاعتراضات.
7: توجيه الأقوال.

القول الأول :نجوم ومنازل القرآن
هذا القول قاله ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وعكرمة وذكره البخاري وحكاه الفراء ورواه ابن جرير وذكره ابن قتيبةو الزجاج والثعلبي والماوردي والواحدي وابن عطية والقرطبي وابن الجوزي وابن كثير
التعليقات :
وقال الزجاج : وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}).
الحجج والاعتراضات :
قال البخاري : {بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] : " بمحكم القرآن.
وقال ابن قتيبة : ({فلا أقسم بمواقع النّجوم}: أراد: نجوم القرآن إذا نزل.
قال ابن جرير : حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرمة: إنّ القرآن نزل جميعًا، فوضع بمواقع النّجوم، فجعل جبريل يأتي بالسّورة، وإنّما نزل جميعًا في ليلة القدر.
وقال ابن جرير: حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا حصينٌ، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرّق في السّنين بعد قال: وتلا ابن عبّاسٍ هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: نزل متفرّقًا. ) ،وقال الهيثمي أن حكيم بن جبير متروك .
قال ابن الجوزي : فعلى هذا سميت نجوما لنزولها متفرقة، ومواقعها: نزولها.
التوجيه :
وهذا القول مبناه التفسير ببعض لازم المعنى لأن القرآن نزل على سماء الدنيا .
قال ابن منظور : عنى نجوم القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ، ثم أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - آية آية ، وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة.
ويكون مبني أيضا على القراءة من جهة اخرى
قال الفراء: حدثنا فضيل ابن عبّاس عن منصور عن المنهال بن عمرو. وقال: قرأ عبد الله (فلا أقسم بمواقع النّجوم) قال: بمحكم القرآن، وكان ينزل على النّبي صلى الله عليه وسلم نجوما
القول الثاني : نجوم السماء ، واختلفوا فيه على أقوال :
1)منازلها
وهذا القول قاله قتادة ورواه ابن جريروذكره الماوردي وابن الجوزي والبغوي
التعليقات :
وقال ابن عاشور : والمواقع هي : أفلاك النجوم المضبوطة السير في أفق السماء ، وكذلك بروجها ومنازلها .
الحجج والإعتراضات :
قال عبد الرزاق : عن معمر عن قتادة في قوله فلا أقسم بمواقع النجوم قال منازل النجوم.
التوجيه :
وهذا القول مبناه على كلام العرب .
وأيضا إن اعتبر أل للعهد الذهني في كلمة ( النجوم ) .
قال ابن منظور : وأصله أن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها ، فتقول إذا طلع النجم : حل عليك مالي أي الثريا ، وكذلك باقي المنازل ، فلما جاء الإسلام جعل الله تعالى الأهلة مواقيت لما يحتاجون إليه من معرفة أوقات الحج والصوم ومحل الديون ، وسموها نجوما اعتبارا بالرسم القديم الذي عرفوه واحتذاء حذو ما ألفوه وكتبوا في ذكور حقوقهم على الناس مؤجلة.

2)انكدارها وتناثرها
قاله الحسن وذكره قتاده ورواه ابن جرير وذكره أبو عبيدة و وذكره الثعالبي و الماوردي وابن عطية والبغوي والقرطبي .
التعليقات :
قال الثعلبي : ثم استأنف القسم فقال: " * (أقسم بمواقع النجوم) *) يعني نجوم القرآن التي كانت تنزل على انكدارها وانتشارها يوم القيامة.
الحجج والإعتراضات :
قال ابن جرير : حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: قال الحسن: انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
التوجيه :
وهذا القول مبني على التفسير بآية أخرى ، في قوله تعالى : ( وإذا النجوم انكدرت ) ، ومبني على التفسير بلازم المعنى .فهي تساقط النجوم لكن يحصل في يوم القيامة .
3) مساقطها ومغيبها ومغاربها :
هذا القول قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك ورواه ابن جرير وذكره أبو عبيدة والزجاج والماوردي وابن الجوزي ووالواحدي والبغوي و وابن عطية والقرطبي وابن كثير والعيني
التعليقات :
قال ابن جرير : وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.
قال الزمخشري : بمواقع النجوم بمساقطها ومغاربها، لعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالا مخصوصة عظيمة، أو للملائكة عبادات موصوفة، أو لأنه وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين، ونزول الرحمة والرضوان عليهم; فلذلك أقسم بمواقعها.
الحجج والإعتراضات :
قال ابن جرير : حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بمواقع النّجوم}. قال في السّماء ويقال مطالعها ومساقطها.
وفي الحاوي : قال ابن زنجلة : قرأ حمزة والكسائي {فلا أقسم بموقع النجوم} على واحد وقرأ الباقون {بمواقع} جماعة أي بمساقطها قالوا فالجمع أولى لأنه مضاف إلى جمع.
التوجيه :
-وهذا القول مبناه التفسير من اشتقاق الكلمة ومعناه في اللغة ، فمواقع جمع لموقع وهو مصدر لوقع بمعنى سقط .
قال ابن منظور: وقع : وقع على الشيء ومنه يقع وقعا ووقوعا : سقط ، ووقع الشيء من يدي كذلك وأوقعه غيره ووقعت من كذا وعن كذا وقعا ووقع المطر بالأرض ، ولا يقال سقط ، هذا قول أهل اللغة ، وقد حكاه سيبويه فقال : سقط المطر مكان كذا فمكان كذا . ومواقع الغيث : مساقطه . ويقال : وقع الشيء موقعه ، والعرب تقول : وقع ربيع بالأرض يقع وقوعا لأول مطر يقع في الخريف .
قال ابن عاشور: والوقوع يطلق على السقوط ، أي الهوى ، فمواقع النجوم مواضع غروبها فيكون في معنى قوله تعالى والنجم إذا هوى والقسم بذلك مما شمله قوله تعالى فلا أقسم برب المشارق والمغارب . وجعل مواقع النجوم بهذا المعنى مقسما به لأن تلك المساقط في حال سقوط النجوم عندها تذكر بالنظام البديع المحمول لسير الكواكب كل ليلة لا يختل ولا يتخلف

-وله توجيه آخر وهو من القراءة .
قال العيني في عمدة القاري : وبقراءته قرأ حمزة والكسائيّ، وخلف، والآخر بقوله: (ومسقط النّجوم إذا سقطن) ومساقط النّجوم مغربها.

4)الأنواء
وهذا القول قاله الضحاك وذكره الماوردي والقرطبي وابن كثير والشوكاني .
التعليقات :
قال الصاحب بن عبادفي كتابه المحيط في اللغة : النَّوْءُ: من أنْوَاءِ النُّجُوْمِ؛ وهو سُقُوْطُ نَجْمٍ بالغَدَاةِ مَعَ طُلُوْعِ الفَجْرِ وطُلُوْعُ آخَرَ في حِيَالِه في تلك السّاعَةِ.
وناءَ الشَّيْءُ يَنُوْءُ: أي مالَ إلى السُّقُوْطِ.
قال الحميدي في شرحه لغريب مافي الصحيحين : الأنواءجمع نوء وهي نجوم كانوا يستسقون بها أي يوجبون أن السقي لا بد أن يكون منها والنوء الطلوع والنهوض وكأن ذلك النجم إذا ناء ونهض جاء بمطر وذلك من أمور الجاهلية
الحجج والإعتراضات :
قال الماوردي : أنَّ مَواقِعَ النُّجُومِ الأنْواءُ الَّتِي كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ إذا مُطِرُوا قالُوا: مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذا، قالَهُ الضَّحّاكُ، ويَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿فَلا أُقْسِمُ﴾ مُسْتَعْمَلًا عَلى حَقِيقَتِهِ في نَفْيِ القَسَمِ بِها.
قال الأزهري : قال الزجاج في بعض أماليه: وذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: من قال: سُقينا بالنَّجم فقد آمن بالنجم وكفر بالله، ومن قال سقانا الله فقد آمن بالله وكفر بالنَّجم.
قال: ومعنى: مُطرنا بنوء كذا، أي: مُطرنا بطلوع نجم وسقوط آخر.
والنوء، على الحقيقة: سقوط نجم في المغرب وطلوع آخر في المشرق.
فالساقطة في المغرب هي الأنواء، والطالعة في المشرق هي البوارح.
التوجيه :
هنا مبني على التفسير ببعض لازم المعنى .
وقال علي القاري في شرح مرقاة المفاتيح : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : لا عدوى ولا هامة ولا نوء ) : بفتح فسكون أي : طلوع نجم وغروب ما يقابله . أحدهما في المشرق والآخر بالمغرب ، وكانوا يعتقدون أنه لا بد عنده من مطر أو ريح ينسبونه إلى الطالع أو الغارب ، فنفى - صلى الله عليه وسلم - صحة ذلك . وقال شارح : النوء سقوط نجم من منازل القمر مع طلوع الصبح وهي ثمانية وعشرون نجما يسقط في كل ثلاث عشرة ليلة نجم منها في المغرب مع طلوع الفجر ، ويطلع آخر مقابله في المشرق من ساعته

لقول الثالث : عند الانقضاض إثر العفاريت.
هذا القول ذكره ابن عطية والثعلبي والرازي والأندلسي.
التعليقات :
قال علي بن سلطان القاري في مرقاة المصابيح : عن قتادة - رضي الله عنه - قال : خلق الله تعالى هذه النجوم لثلاث : جعلها زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وعلامات يهتدى بها ، فمن قال فيها بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه ، وتكلف ما لا يعلم . رواه البخاري تعليقا.

الحجج والاعتراضات :
قال الرازي : مَواقِعُها في اتِّباعِ الشَّياطِينِ عِنْدَ المُزاحَمَةِ.
التوجيه :
وهذا القول مبني على تفسير ببعض المعنى
ففسروا مواقعها عند الانقضاض على الشياطين ، وهذا حال معينة للنجوم ،من قوله تعالى : (( ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين ( 16 ) وحفظناها من كل شيطان رجيم ( 17 ) إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين) و كما في قوله تعالى : (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين).
فهي حال من فوائد هذه النجوم .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 ربيع الثاني 1439هـ/21-12-2017م, 12:43 AM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

التطبيق الثالث

اختلف المفسرون في المراد بالنجوم على قولين
القول الأول : أن المراد بها القرآن ، واختلف من قال بذلك على قولين :
1- هي نجوم القرآن
وهو قول ابن عباس وعكرمة
فعن ابن عبّاسٍ، قال: " نزل القرآن جميعًا في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا، ثمّ فصّل فنزل في السّنين، فذلك قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/287]
وعن عكرمة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: أنزل اللّه القرآن نجومًا ثلاث آياتٍ وأربع آياتٍ وخمس آياتٍ.رواه الطبري .
التوجيه : هذا القول مبني على تأول بعض المفسرين النجوم أنها جمع نجم وهو القِسط من الشيء من مال وغيره ، فجعلوا المعنى : الطوائف من الآيات التي تنزل من القرآن ، فهذا تفسير ببعض المعنى .
وقد ثبت عن ابن عباس وغيره أن الله سبحانه أنزل القرآن من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمه السفرة على جبريل عشرين ليلة، ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة، فهو ينزله على الأحداث في أمته

2- هي محكم القرآن
هو قول مجاهد وذكره البخاري في صحيحه
فعن مجاهدٍ، {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: هو محكم القرآن.
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) ({بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] : " بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ ").
التوجيه : هذا القول مبني على أن الضمير في قوله (إنه لقرآن كريم) بعدها يرجع إلى مواقع النجوم ، وقد رد بعضهم القول بأن الضمير يعود على القرآن ، وإن لم يتقدم ذكره لشهرة الأمر ووضوح المعنى ، كما في قوله تعالى : (كل من عليها فان) .
كما أنه مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة والأنوار اللامعة ، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن فصار مواقع النجوم ، فهو تفسير بلازم المعنى .

القول الثاني : هي الكواكب المعروفة ، ثم اختلف من قال بذلك في موقعها على أقوال :
1- هي منازل النجوم
وهو قول قتادة قال : منازل النجوم .رواه عبد الرزاق والطبري . ونسب البغوي هذا القول لعطاء بن رباح
التوجيه : هذا القول مبني على أن مواقع جمع موقع ويطلق على أفلاك النجوم المضبوطة السير في أفق السماء ، فيكون المعنى منازلها وبروجها .

2- مساقطها ومطالعها
وهو قول مجاهد
روى الطبري عن مجاهد قال : {بمواقع النّجوم}. قال في السّماء ويقال مطالعها ومساقطها
التوجيه : هذا القول مبني على أن الموقع يطلق ويراد به الحلول في المكان ، فيكون المعنى محال وقوعها وطلوعها وخطوط سيرها .

3- مساقطها حيث تغيب
وهو قول الفراء عن ابن مسعود وأبي عبيدة وقتادة وذكر البخاري في صحيحه .
فعن عبد اللّه : فلا أقسم بمواقع النّجوم قال بمحكم القرآن
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] : " بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ ").
التوجيه : هذا القول مبني على أن المواقع جمع موقع وهو مفعِل من وقع يقع موقعا ، ويطلق على مكان الوقوع أي السقوط فيكون مواقع النجوم أي مواضع غروبها .
وقد رجح الطبري هذا القول ، وقال إن الأغلب في معانيها هذا المعنى .

4- انكدارها وانتشارها يوم القيامة
وهو قول الحسن
روى الطبري في تفسيره عن الحسن قال : {فلا أقسم بمواقع النّجوم} : انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
التوجيه : هذا القول مبني على قوله تعالى : (إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت) فهو تفسير ببعض لازم المعنى للتنبيه على أن ذلك يكون يوم القيامة .

5- الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا أمطروا قالوا : مطرنا بنوء كذا
وهذا القول نسبه الماوردي للضحاك .
التوجيه: هذا القول مبني على أن (فلا أقسم) ‏ مستعملاً على حقيقته في نفي القسم بها‏.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للناس : ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ، فأما مَن قال: مُطِرْنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنَوْء كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب)).رواه البخاري
ولمسلم من حديث ابن عباس: فنزلت هذه الآية: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ [الواقعة: 75]، حتى بلغ: ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الواقعة: 82].

6- مواقعها عند الانقضاض على العفاريت
وهو قول ذكره ابن عطية في تفسيره دون نسبة لأحد .
التوجيه : يؤيد هذا القول قوله تعالى في سورة الصافات : (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد )
فهو تفسير ببعض لازم المعنى ، للتنبه على دخول هذا المعنى في تفسير الآية ، فإن الانقضاض على العفاريب وظيفة من وظائف النجوم ، وليس هي كل الوظائف .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 ربيع الثاني 1439هـ/21-12-2017م, 05:46 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تعديل :
القول الثالث: الإنقضاض إثر العفاريت سأحوله إلى تابع إلى أقوال نجوم السماء لأني لم أرتح لوضعه منفصلا عن النجوم وهي أصلا عن نجوم السماء .
رقم 5) الإنقضاض إثر العفاريت

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 4 ربيع الثاني 1439هـ/22-12-2017م, 09:11 AM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

اختلف العلماء في تعيين المراد بمواقع النجوم على قولين :
-الأول :أن النجوم هى نجوم السماء أي الكواكب المعروفة وهو تفسير بظاهر النص وهو المتبادر إلى الذهن بلا تأويل
-الثاني:أن المراد بالنجوم نجوم القرآن إذ قد نزل منجما من السماء الدنيا وهو مأخوذ من معنى النجم القسط من الشىء
وبكل قول منهما قال السلف رحمهم الله وكثير من المفسرين ومنهم من جمع بينهما وجعل الآية تحتمل كلا المعنيين

القول الأول :أن المراد بالنجوم ،نجوم السماء ،اختلف في المراد بالمواقع على أقوال:
-فقيل المراد :المساقط (المغارب) والمطالع فإن للنجوم السيارة مطالع تشرق منها ومغارب تغيب فيها
وقال بهذا القول: مجاهد وقتادة والحسن واليزيدي في غريب القرآن وأبو عبيدة في مجاز القرآن والزجاج في معانى القرآن ومكى بن أبي طالب في العمدة في غريب القرآن والزمخشري
فيكون معنى الآية فلا أقسم بمطالع النجوم ومغايبها كما في قوله تعالى {فلا أقسم برب المشارق والمغارب}،وقد خص القسم بهذا من أجل مافي مغيب النجوم وطلوعها بعد مغيبها من آية على وحدانية الله وعظمته وحكمته الباهرة وكمال قدرته لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر دائم لا يتغير أو لأن ذلك وقت قيام المتهجدين بالليل وهو أوان نزول الرحمات كما في قوله تعالى {ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم}
ومحمل هذا القول تفسير المواقع بالمساقط :محمل لغوى مشتق من الوقوع أي السقوط يقال مواقع القطر أي مساقطه ،والمراد بسقوطها غيابها حيث تغيب

وقيل المواقع هي المنازل التى تكون فيها النجوم الثوابت وتنزل فيها فيكون الوقوع بمعنى النزول والحلول كقوله تعالى {والسماء ذات البروج}أي المنازل العالية فالمنازل هى محال النجوم ،كما يقال (على الخبير وقعت )ويقال (وقعت الإبل )أي إذا بركت في المكان
وقد قال بهذا القول: :قتادة وعطاء والزمخشرى
وهذا القول قريب مما قبله فهو قسم بمنازل النجوم ومساقطها ومطالعها في السماء وكلها من الآيات الدالة على كمال العظمة والقدرة وهو من تفسير الشىء بمعناه
قال ابو السعود :أو بمنازلها ومجاريها فإنَّ له تعالَى في ذلك من الدليل عاى عظمِ قُدرتِه وكمالِ حكمتِه مالا يحيطُ به البيانُ

وقيل :المراد بالمواقع انكدارها وانتثارها يوم القيامة،قاله الحسن
وهذا القول مأخوذ من حمل معنى المواقع على : الوقوع أى السقوط أيضا لا الحلول والنزول وأن هذا من الإشتراك اللفظي،وقد فسر الوقوع هنا بوقوع مخصوص يوم القيامة وهذا القول محتمل لكن يحتاج إلى دليل مخصوص لهذه الآية الكريمة وأما من جهة العموم فقد أشارت النصوص بذلك كقوله تعالى {وإذا النجوم انكدرت}
قال بن عطية: ولعل وقوعها ذلك اليوم ليس دفعة واحدة والتخصيص لما في ذلك من ظهور عظمته عز وجل وتحقق ما ينكره الكفار من البعث.
وهذا مناسب للسياق قبله في إثبات البعث وكمال القدرة الإلهية التى يجادل فيها المشركون ،فيقسم بقدرته على البعث على صدق القرآن الذي فيه ذكر البعث والحث على الإيمان به

وقيل :مواقع النجوم ،انقضاضها إثر العفاريت ،ذكره بن عطية وأبو حيان ولم ينسباه
وهذا القول مبناه على تفسير المواقع بالسقوط نفسه والمواقع مصدر ميمى للوقوع ، فالوقوع يطلق على السقوط كما قال بن عاشور ومواقع النجوم أى سقوطها وانقضاضها إثر محاولة استراق الشياطين السمع من الملأ الأعلى وقد كان الأمر كذلك أي كان منهم من يمكن من الاستراق قبل البعثة فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم منع الاستراق تماما وحرست السماء بالحرس الشديد والشهب حفظا للوحى لئلا يختلط بكلام الشياطين والقسم بهذا فيه الدلالة على عظمة شأن القرآن حيث تغيرت من أجله بعض الأمور في الملأ الأعلى من حراسة السماء وارسال الشهب خلف الشياطين وهذا كان معلوما لديهم ومشاهد إذ كانوا يرون الشهب تتساقط من السماء ،وهذا معلوم من القرآن كما فى قوله تعالى {إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب}{ وحفظا من كل شيطان مارد }{لايسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب }وقوله تعالى{إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب}

وقيل:هى الأنواء التى كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا مطرنا بنوء كذا وكذا وهذا القول نسبه بن عطية وبن كثير إلى الضحاك من غير اسناد

وقال القرطبي :فعلى هذا القول يكون القسم منفيا {فلا أقسم}على حقيقته
ومحمل هذا القول سبب النزول الذي رواه مسلم في صحيحه عن بن عباس-: قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكرٌ، ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فنزلت: هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم}
وقد ذكره البغوي والقرطبي ولم يتعقباه ،وتعقبه بن عاشور فقال :
في حديث زيد بن خالد :{صلى لنا رسول الله صلاة الصبح بالحديبية ....} الحديث وليس فيه زيادة{فنزلت هذه الآية} ولو كان كذلك لذكره الصحابي ،وأما حديث بن عباس فإنه لم يكن في سن أهل الرواية في مدة نزول هذه السورة بمكة فلعل قوله {فنزلت }تأويل منه لأنه أراد أن الناس مُطروا في مكة في صدر الإسلام فقال المؤمنون قولاً وقال المشركون قولاً فنزلت آية: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) تنديدًا على المشركين منهم بعقيدة من العقائد التي أنكرها اللَّه عليهم وأن ما وقع في الحديبية مطر آخر لأن السورة نزلت قبل الهجرة ولم يروا أن هذه الآية أُلحقت بالسورة بعد نزول السورة ولعل الراوي عنه لم يحسن التعبير عن كلامه فأوهم بقوله: (فنزلت) بأن يكون ابن عبَّاسٍ قال: فتلا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) أو نحو تلك العبارة. أما الطبري وابن عطية وابن كثير فلم يذكروا حديث ابن عبَّاسٍ سببًا لنزولها.
وعلى هذا فلو كان محمل هذا القول هو سبب النزول فلايصح والله أعلم

وقيل :مواقع النجوم ،السماء التى هي محل النجوم
وقال بهذا القول بن جريج أخرجه عبد بن حميد عنه كماذكره السيوطي
وقد يحمل هذا القول على قراءة مواقع بالإفراد أي {فلا أقسم بموقع النجوم}أي السماء فيكون القسم بالسماء كقوله تعالى {والسماء ذات البروج} والله أعلم


وأما القول الثانى :وهو أن المراد بالنجوم ،نجوم القرآن فقيل في المراد بمواقعها:
قيل منازل القرآن إذ نزل منجما على السنين على نحو عشرين سنة
قال به:بن عباس وعكرمة وبن أبي زمنين في التفسير
قال الزجاج:ودليل هذا القول قوله بعده {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ،إنه لقرآن كريم}
وقال عطية سالم في أضواء البيان:
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ أَنْسَبُ لِذَلِكَ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ وَنَجْمِ الْأَرْضِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى
وقد احتج من عارض هذا القول وهو أن الضمير في قوله {وإنه لقسم }يرجع إلى نجوم القرآن بأن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكره لشهرته ووضوح المعنى كقوله تعالى {حتى توارت بالحجاب} وقوله {كل من عليها فان} ذكره بن عطية
فائدة: المناسبة بين المقسم به وهو النجوم، وبين المقسم عليه وهو القرآن الكريم في هذه الآية أن النجوم جعلها الله سبحانه ليهتدي بها الناس في ظلمات البر والبحر، وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والضلالة، وتلك ظلمات حسية، وهذه ظلمات معنوية. فالقسم هنا جاء جامعًا بين الهدايتين: الحسية للنجوم، والمعنوية للقرآن. فهذا وجه المناسبة.(حدائق الروح والريحان)


وقيل :هو محكم القرآن ،قال به بن مسعود كما حكى الفراء لكنه شك ،ومجاهد

قال الفراء: حَدَّثَنِي الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فيما أعلم -شك الفراء -قَالَ: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، قَالَ: بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه نُجُومًا.
قال محمد بن الهادي السندي: قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم
والمحكم عند السلف هو ضد المتشابه والمنسوخ فقد يراد به هذا المعنى،لكن يشكل على هذا التخصيص إخراج المتشابه والمنسوخ من نجوم القرآن، وربما يكون من قال به تأول قوله تعالى {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولانبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله مايلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم}فيصير الإحكام بهذا المعنى والله أعلم
وقد يراد به الإحكام العام الذي وصف به كل القرآن كما قال تعالى {الر كتاب أحكمت آياته }فيكون معنى محكم القرآن أي القرآن المحكم (مستفاد من مدارسة د.مساعد الطيار للسورة)

وقيل:مستقر الكتاب أوله وآخره وهو قول بن عباس

وهذا القول مبنى على معرفة المراد بمستقر الكتاب وهو ما انتهى إليه الأمر فقد يرجع إلى القول السابق وهو محكم القرآن وقد يراد بقوله :أوله وآخره أى أول التنجيم وهو نزوله جملة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وآخر التنجيم وهو نزوله مفصلا على نجوم
وهذا القول ربما يفسره قول مقاتل في تفسيره : { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } يعني بمساقط النجوم من القرآن كله أوله وآخره في ليلة القدر نزل من اللوح المحفوظ من السماء السابعة إلى السماء الدنيا إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة ،نظيرها في قوله {بأيدي سفرة كرام بررة} فعلى هذا يكون أوله هو نزوله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة ثم نزوله من السماء الدنيا إلى السفرة يكتبون ما ينزل منه على مدار السنة وذلك في ليلة القدر والله أعلم

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 5 ربيع الثاني 1439هـ/23-12-2017م, 03:14 AM
مها شتا مها شتا غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 655
افتراضي

التطبيق الثالث
موضوع البحث:
تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.
المطلوب:
5: جمع تعليقات أهل العلم على الأقوال الواردة في المسألة.
6: جمع الحجج والاعتراضات.
7: توجيه الأقوال.

اختلف المفسرون على المراد بالنجوم في قوله { مواقع النجوم } على قولين:
القول الأول : المراد بالنجوم: النجوم التي في السماء (على معناها الظاهر )
واختلفوا في المراد بالمواقع على أقوال :
1-مطالعها ومساقطها ومغيبها في المغرب ،أومغاربها ،قاله ابن عباس ،ومجاهد وقتادة وأبي نجيح والحسن وأبوعبيدة،وذكره العيني في عمدة القاري، وأبوبكر القسطلاني في إرشاد الساري،ابن جرير،والحسن الهمداني ،وابن الأثير في جامع الأصول ،والسيوطي،وأبو عبيدةفي تفسير غريب القرآن، ومكي بن أبي طالب،وابن عطية،والثعالبي ،ابن كثير،والشنقيطي في أضواء البيان ،وابن القيم في تفسيره.
التعليقات:
فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك.
﴿بِمَواقِعِ النُّجُومِ﴾ بِمَساقِطِها، وتَخْصِيصُ المَغارِبِ لِما في غُرُوبِها مِن زَوالِ أثَرِها والدَّلالَةُ عَلى وُجُودِ مُؤَثِّرٍ لا يَزُولُ تَأْثِيرُهُ، أوْ بِمَنازِلِها ومَجارِيها.
وفعل القسم يجب أن يكون للحال بِمَواقِعِ النُّجُومِ بمساقطها ومغاربها، لعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالا مخصوصة عظيمة، أو للملائكة عبادات موصوفة، أو لأنه وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين، ونزول الرحمة والرضوان عليهم، فلذلك أقسم بمواقعها، واستعظم ذلك بقوله وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ أو أراد بمواقعها: منازلها ومسايرها، وله تعالى في ذلك من الدليل على عظيم القدرة والحكمة ما لا يحيط به الوصف.
ومن حجة قول من قال هي مساقطها عند الغروب أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله تعالى ﴿فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ الجَوارِ الكُنَّسِ﴾ وقال ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ وقال ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشارِقِ والمَغارِبِ﴾
ويرجح هذا القول أيضًا أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى ﴿وَإدْبارَ النُّجُومِ﴾ وقوله ﴿والشَّمْسُ والقَمَرُ والنُّجُومُ﴾
قال ابن عاشور: ومَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَكانَ الوُقُوعِ، أيْ: مَحالُّ وُقُوعِها مِن ثَوابِتَ وسَيّارَةٍ. والوُقُوعُ يُطْلَقُ عَلى السُّقُوطِ، أيِ الهَوى، فَمَواقِعُ النُّجُومِ مَواضِعُ غُرُوبِها فَيَكُونُ في مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ [النجم: ١] والقَسَمُ بِذَلِكَ مِمّا شَمِلَهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشارِقِ والمَغارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠] . وجَعَلَ مَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذا المَعْنى مُقْسَمًا بِهِ لِأنَّ تِلْكَ المَساقِطَ في حالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَها تُذَكِّرُ بِالنِّظامِ البَدِيعِ المَجْعُولِ لِسَيْرِ الكَواكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لا يَخْتَلُّ ولا يَتَخَلَّفُ، وتُذَكِّرُ بِعَظَمَةِ الكَواكِبِ وبِتَداوُلِها خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرى، وذَلِكَ أمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ القَسَمُ بِهِ الرّاجِعُ إلى القَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.
التوجيه:هذا القول مبني على المعهود من كلام العرب بأن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب التي لها مشارق ومغارب.
2- منازل النجوم في السماء ،قاله قتادة وعطاء وابن جريج، وعطاء ابن أبي رباح ،وذكره عبد الرزاق في تفسيره ، والبخاري في صحيحه ،والسيوطي،وابن عطية،وابن عاشور،وابن كثير،والشنقيطي في أضواء البيان ،وابن القيم.
التعليقات:
ومَن تَأوَّلَ النُّجُومَ عَلى أنَّها الكَواكِبُ، جَعَلَ الضَّمِيرَ في إنَّهُ يُفَسِّرُهُ سِياقُ الكَلامِ، كَقَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَوارَتْ بِالحِجابِ﴾
قال ابن عاشور :ويُطْلَقُ الوُقُوعُ عَلى الحُلُولِ في المَكانِ، يُقالُ: وقَعَتِ الإبِلُ، إذا بَرَكَتْ، ووَقَعَتِ الغَنَمُ في مَرابِضِها، ومِنهُ جاءَ اسْمُ الواقِعَةِ لِلْحادِثَةِ كَما تَقَدَّمَ، فالمَواقِعُ مَحالُّ وُقُوعِها وخُطُوطُ سَيْرِها فَيَكُونُ قَرِيبًا مِن قَوْلِهِ ﴿والسَّماءِ ذاتِ البُرُوجِ﴾ [البروج: ١] .
والمَواقِعُ هي: أفْلاكُ النُّجُومِ المَضْبُوطَةِ السَّيْرِ في أُفُقِ السَّماءِ، وكَذَلِكَ بُرُوجُها ومَنازِلُها.
وذِكْرُ مَواقِعِ النُّجُومِ عَلى كِلا المَعْنَيَيْنِ تَنْوِيهٌ بِها وتَعْظِيمٌ لِأمْرِها لِدَلالَةِ أحْوالِها عَلى دَقائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعالى في نِظامِ سَيْرِها وبَدائِعِ قُدْرَتِهِ عَلى تَسْخِيرِها.
التوجية:هذا القول مبني على مواقع جمع موقع هي: أفْلاكُ النُّجُومِ المَضْبُوطَةِ السَّيْرِ في أُفُقِ السَّماءِ، وكَذَلِكَ بُرُوجُها ومَنازِلُها.
3-انكدارها وانتثارها يوم القيامة قاله قتادة والحسن ،وأبو حمزة اليماني ،وذكره ابن جرير،السيوطي ،ابن عطية ،وابن كثير،الشنقيطي في أضواء البيان،وابن القيم في تفسيره.
التعليقات:
قال عَنِ الحَسَنِ أيْضًا المُرادُ مَواقِعُها عِنْدَ الِانْكِدارِ يَوْمَ القِيامَةِ قِيلَ: ومَوْقِعٌ عَلَيْهِ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ أوِ اسْمُ زَمانٍ ولَعَلَّ وُقُوعَها ذَلِكَ اليَوْمَ لَيْسَ دُفْعَةً واحِدَةً والتَّخْصِيصُ لِما في ذَلِكَ مِن ظُهُورِ عَظَمَتِهِ عَزَّ وجَلَّ وتَحَقُّقِ ما يُنْكِرُهُ الكُفّارُ مِنَ البَعْثِ.
التوجيه:هذا القول مبني على ذكر انكدار النجوم يوم القيامة كما قال تعالى :{إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت} فهو تفسير باللازم.
4- الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا يقولون "مطرنا بنوء كذا"
قاله : ابن عباس ،والضحاك ،وذكره ابن الأثيرفي جامع الأصول،وابن كثير.
التعليقات:
قال الألوسي :وقِيلَ: مَواقِعُ النُّجُومِ هي الأنْواءُ الَّتِي يَزْعُمُ الجاهِلِيَّةُ أنَّهم يُمْطَرُونَ بِها، ولَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِن بَعْضِ الآثارِ الوارِدَةِ في سَبَبِ النُّزُولِ
التوجيه: هذا القول مبني على تفسير القرآن بالسنة وبما ورد في أسباب النزول.
5- مَواقِعُها عِنْدَ الِانْقِضاضِ إثْرَ العَفارِيتِ
ذكره ابن عطية،والثعالبي ،وأبوحيان غير مسند.
التعليقات:
قال الألوسي :المُرادُ مَواقِعُها عِنْدَ الِانْقِضاضِ إثْرَ المُسْتَرِقِينَ السَّمْعَ مِنَ الشَّياطِينِ،
التوجيه:هذا من قبيل التفسير بالمثال ويؤيد هذا القول قوله تعالى :{ ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين * وحفظناها من كل شيطان رجيم *إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين }الحجر.
لقول الثاني :المراد بالنجوم القرآن (على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة والأنوار اللامعة)
واختلفوا في معنى المواقع على أقوال:
1- أنزل القرآن نجوماً متفرقة
قاله ابن عباس وسعيد بن جبير و عكرمة والسدي وأبو حرزة،والضحاك وذكره الكلبي والنسائي في السنن الكبرى ،والحاكم في مستدركه،والعيني ، والحسن الهمداني في تفسير مجاهد، وأبي بكر الهيثمي في مجمع الزوائد،وابن أبي زمنين،وابن عاشور،وابن كثير،والشنقيطي في أضواء البيان.
التعليقات:
وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُرَادُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ نُزُولُ الْقُرْآنِ نُجُومًا، أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّفَرَةِ الْكَاتِبِينَ، فَنَجَّمَهُ السَّفَرَةُ عَلَى جِبْرِيلَ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَنَجَّمَهُ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَهُوَ يُنْزِلُهُ عَلَى الْأَحْدَاثِ مِنْ أُمَّتِه ، ويؤيده عودُ الضمير على القرآن في قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ
قال ابن عاشور: ومِنَ المُفَسِّرِينَ مَن تَأوَّلَ النُّجُومَ أنَّها جَمْعُ نَجْمٍ وهو القِسْطُ الشَّيْءُ مِن مالٍ وغَيْرِهِ كَما يُقالُ: نُجُومُ الدِّياتِ والغَراماتِ وجَعَلُوا النُّجُومَ، أيِ: الطَّوائِفَ مِنَ الآياتِ الَّتِي تَنْزِلُ مِنَ القُرْآنِ وهو عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وعِكْرِمَةَ .
التوجيه:هذا القول مبناه على القسم بالقرآن على حقيقته عَلى نَحْوِ ما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿والكِتابِ المُبِينِ﴾ [الزخرف: ٢] ﴿إنّا جَعَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [الزخرف: ٣] .
2-محكم القرآن (التي هي محل معاني القرآن)
قاله ابن عباس وابن مسعود ومجاهد والأعمش ،وذكره الفراء في معاني القرآن ،وأبي بكر القسطلاني في إرشاد الساري ،عبد الهادي السندي في حاشيته على البخاري،وابن قتيبه في تفسير غريب القرآن ،والزجاج .
التعليقات:
{بمواقع النجوم}) أي (بمحكم القرآن) ويؤيده وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم،
قال الهادي السندي في حاشيته على البخاري:(بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم)
التوجيه: أن المراد ب محكم القرآن محل معاني القرآن التي هي أم الكتاب التي يرجع لها عند التشابهة كما قال تعالى:{ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه ءايت محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات}فيرد المتشابهة من الآيات إلى المحكمات، وفيه تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة والأنوار اللامعة ،ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى :{ ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا } الشورى
3-مستقر الكتاب أوله وآخره
قاله ابن عباس ،وذكره ابن جرير،السيوطي.
لم أجد تعليقا على هذا القول في كتب التفسير

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 5 ربيع الثاني 1439هـ/23-12-2017م, 12:34 PM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي

اختلف العلماء في معنى قَوْلِهِ تعالى : ﴿بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾: ، على أقوال :
القول الأول:نُجُومَ الْقُرْآنِ واختلف على مواقعها في أقوال:
&قيل: نزول الكتاب :قاله ابن عباس،وعكرمة ،ومجاهد .
التعليقات والتوجيه:
قال ابن حيان الأندلسي :(ويُؤَيِّدُ هَذا القَوْلَ قَوْلُهُ: ﴿إنَّهُ لَقُرْآنٌ﴾، فَعادَ الضَّمِيرُ عَلى ما يُفْهَمُ مِن قَوْلِهِ: ﴿بِمَواقِعِ النُّجُومِ﴾، أيْ نُجُومِ القُرْآنِ.) وهذه الحجة تعود لما يفهم من السياق.
قال مكي :(وقال عكرمة فلا أقسم بمواقع النجوم، قال أنزل الله القرآن نجوماً ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات، وقال أيضاً نزل جميعاً فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل ﷺ يأتي بالسورة بعد السورة وإنما نزل جميعاً في ليلة القدر).حجة مبنية على المعنى اللغوي لموقع أنه اسم مكان.
وقال الماوردي :(أنَّها نَجُومُ القُرْآنِ أنْزَلَها اللَّهُ مِنَ اللَّوْحِ المَحْفُوظِ مِنَ السَّماءِ العُلْيا إلى السَّفَرَةِ الكِرامِ الكاتِبِينَ في السَّماءِ الدُّنْيا، فَنَجَّمَهُ السَّفَرَةُ عَلى جِبْرِيلَ عِشْرِينَ لَيْلَةً، ونَجَّمَهُ جِبْرِيلُ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ عِشْرِينَ سَنَةً، فَهو يُنْزِلُهُ عَلى الأحْداثِ في أُمَّتِهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ والسُّدِّيُّ.): حجة أخرى تبعاً للمعنى اللغوي لموقع بأنها أنه اسم زمان .
&وقال ابن عباس مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.
التعليقات والتوجيه:
قال ابن عطية:(ذَلِكَ أنَّهُ رُوِيَ أنَّ القُرْآنَ نَزَلَ مِن عِنْدِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ في لَيْلَةِ القَدْرِ إلى السَماءِ الدُنْيا- وقِيلَ: إلى البَيْتِ المَعْمُورِ - جُمْلَةً واحِدَةً، ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ نُجُومًا مُقَطَّعَةً في مُدَّةٍ مِن عِشْرِينَ سَنَةً، ويُؤَيِّدُ هَذا القَوْلَ عَوْدُ الضَمِيرِ عَلى القُرْآنِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾، وذَلِكَ أنَّ ذِكْرَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلّا عَلى هَذا التَأْوِيلِ، ومَن لا يَتَأوَّلُ هَذا التَأْوِيلَ يَقُولُ: إنَّ الضَمِيرَ يَعُودُ عَلى القُرْآنِ وإنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرٌ لِشُهْرَةِ الأمْرِ ووُضُوحِ المَعْنى، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿حَتّى تَوارَتْ بِالحِجابِ﴾ [ص: 32]، و﴿كُلُّ مَن عَلَيْها فانٍ﴾
أي ابتداء نزوله وانتهاءه
&وقيل: محكم القرآن،روي مرفوعاً عن ابن مسعود ،وقاله مجاهد.
التعليقات والتوجيه:
قال السندي في الحاشية: (قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم).
قال القسطلاني في إرشاد الساري:( {بمواقع النجوم}) أي (بمحكم القرآن) ويؤيده وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم.)
هذا القول مبني على بلاغة الوصف والتشبيه وهو من لزوم القرآن

القول الثاني:نجوم السماء
التعليقات والتوجيه:
قال قتادة :(ومَن تَأوَّلَ النُّجُومَ عَلى أنَّها الكَواكِبُ، جَعَلَ الضَّمِيرَ في إنَّهُ يُفَسِّرُهُ سِياقُ الكَلامِ، كَقَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَوارَتْ بِالحِجابِ﴾ذكر الألوسي حجة هذا القول تبعاً للسياق فعود الضمير في قوله تعالى:(وإنّه لقرآن )يفسّره السياق أنه عائد على مواقع النجوم .وهو صريح واضح ليس كما في سائر الأقوال وتبعاً لقراءة ابن عباس وأهل المدينة وحمزة والكسائي قرأوا ب(موقع)مفرداً يراد به الجمع.

واختلف في مواقعها على أقوال:
1-مواقع النجوم انكدارها وانتثارها يوم القيامة :قاله الحسن وقتادة
التعليقات والتوجيه:أخذ هذا التفسير من وصف النجوم ومآلها يوم القيامة وامتثالها لأمر الله سبحانه لبيان عظمته

2-مساقطها حيث تغيب:قاله قتادة
ومجاهد والبخاري.
التعليقات والتوجيه:
قال ابن عاشور :(وجَعَلَ مَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذا المَعْنى مُقْسَمًا بِهِ لِأنَّ تِلْكَ المَساقِطَ في حالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَها تُذَكِّرُ بِالنِّظامِ البَدِيعِ المَجْعُولِ لِسَيْرِ الكَواكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لا يَخْتَلُّ ولا يَتَخَلَّفُ، وتُذَكِّرُ بِعَظَمَةِ الكَواكِبِ وبِتَداوُلِها خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرى، وذَلِكَ أمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ القَسَمُ بِهِ الرّاجِعُ إلى القَسَمِ بِمُبْدِعِهِ ).
ذكر الطبري وابن عاشور والألوسي تأييد اً لهذا القول ،تبعاً للمعنى اللغوي لمواقع وهو: جمع موقع على وزن مفعل ،وهو مكان الوقوع ،أو اسم زمان. ويطلق على السقوط ،والحلول في المكان يقال وقعت الإبل إذا بركت
3- منازل النّجوم :قاله قتادة
التعليقات والتوجيه
قال ابن عاشور:(فالمواقع: محالُّ وقوعها وخطوط سيرها فيكون قريباً من قوله: {أية :
والسماء ذات البروج}تفسير : [البروج: 1].
والمواقع هي: أفلاك النجوم المضبوطة السير في أفق السماء، وكذلك بروجها ومنازلها. وذكر (مواقع النجوم) على كلا المعنيين تنويه بها وتعظيم لأمرها لدلالة أحوالها على دقائق حكمة الله تعالى في نظام سيرها وبدائع قدرته على تسخيرها.)
فهو تفسير بصفة من صفات النجوم وهو سيرها بدقة وانتظام .

القول الثالث:الأنواء التي كان أهل الجاهلية يقولون إذا مطروا، مطرنا بنوء كذا. قاله الضحاك .
التعليقات والتوجيه:
ذكر الألوسي أن حجة هذا القول أنه مأخوذ من بعض الآثار الواردة في سبب النزول .

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 6 ربيع الثاني 1439هـ/24-12-2017م, 09:29 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

تابع دراسة المراد بمواقع النجوم
اختلف العلماء في ذلك على قولين
القول الأول : مواقع نجوم القرآن
رواه الفراء عن ابن مسعود وروي عن ابن عباس ،وعكرمة ومجاهد ومقاتل والسدي وأبي حزرة والكلبي .
التعليقات:
-قال السيوطي في الدر المنثور :وأخرج الفريابي بسند صحيح عن المنهال بن عمرو رضي الله عنه قال: قرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم } قال : بمحكم القرآن فكان ينزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم نجوما.
-قال السندي في حاشيه: قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم.
الحجج:
-قال القسطلاني : ويؤيّده ما أخرج النّسائيّ والحاكم من طريق حصينٍ عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: نزل القرآن جميعًا ليلة القدر إلى السّماء ثمّ فصّل فنزل في السّنين وذلك قوله {فلا أقسم بمواقع النّجوم}
-قال الحاكم في مستدركه عن حديث ابن عباس السابق : هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد :عن ابن عبّاسٍ قال: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] قال: نزل القرآن جملةً [واحدةً] إلى السّماء الدّنيا، ثمّ نزل نجومًا بعد إلى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم -.
رواه الطّبرانيّ، وفيه حكيم بن جبيرٍ وهو متروكٌ
-قال ابن عطية :ويؤيد هذا القول عود الضمير على القرآن في قوله: إنه لقرآن كريم، وذلك أن ذكره لم يتقدم إلا على هذا التأويل، ومن لا يتأول بهذا التأويل يقول: إن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى: (حتى توارت بالحجاب) ، و(كل من عليها فان) [الرحمن: ٢٦] وغير ذلك.
قال الزجاج في معاني القرآن:وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم)
-قال الألوسي :وأيد هذا القول بأن الضمير في قوله تعالى بعد : إنه لقرآن يعود حينئذ على ما يفهم من مواقع النجوم حتى يكاد يعد كالمذكور صريحا ولا يحتاج إلى أن يقال يفسره السياق كما في سائر الأقوال ، ووجه التخصيص أظهر من أن يخفى ، ولعل الكلام عليه من باب «وثناياك إنها إغريض ».
-وقال القسطلاني في ارشاد الساري (بمواقع النجوم) أي (بمحكم القرآن) ويؤيده وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم
-وقال ابن القيم : اسم النجوم عند الإطلاق إنما ينصرف إليها وأيضا لم تجر عادته سبحانه باستعمال النجوم في آيات القرآن ولا في موضع واحد من كتابه حى تحمل عليه هذه الآية وجرت عادته باستعمال النجوم في الكواكب في جميع القرآن .وذكر ان نظير هذا اقسامه بالنجم اذا هوى .وأنه سبحانه يقسم بالقرآن نفسه لا بوصوله إلى عباده قال تعالى : (ص والقرآن ذي الذكر )( يس والقرآن الحكيم )(ق والقرآن المجيد )(حم والكتاب المبين )ونظائره والمقصود أنه سبحانه إنما يقسم من مخلوقاه بما هو من آياته.

-قال الشنقيطي :أظهر الأقوال عندي وأقربها للصواب في نظري - أن المراد بالنجم إذا هوى هنا في هذه السورة ، وبمواقع النجوم في الواقعة هو نجوم القرآن التي نزل بها الملك نجما فنجما ، وذلك لأمرين : أحدهما : أن هذا الذي أقسم الله عليه بالنجم إذا هوى الذي هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - على حق وأنه ما ضل وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى - موافق في المعنى لما أقسم عليه بمواقع النجوم ، وهو قوله : إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون إلى قوله : تنزيل من رب العالمين .
والإقسام بالقرآن على صحة رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى صدق القرآن العظيم وأنه منزل من الله جاء موضحا في آيات من كتاب الله كقوله تعالى : (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم). وقوله تعالى : (حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) ، وخير ما يفسر به القرآن القرآن .
والثاني : أن كون المقسم به المعبر بالنجوم هو القرآن العظيم - أنسب لقوله بعده : وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ، لأن هذا التعظيم من الله يدل على أن هذا المقسم به في غاية العظمة
ولا شك أن القرآن الذي هو كلام الله أنسب لذلك من نجوم السماء ونجم الأرض . والعلم عند الله تعالى .
التوجيه :
فسروا النجوم هنا بنجوم القرآن لعدة أمور :
1- يدل عليه المعنى اللغوي : لأنه النجوم :جمع نجم والنجم هو قسط الشيء من مال وغير كما يقال نجم الديات والغرامات.فكان القرآن ينزل نجوما مقطعة في مدة عشرين سنة ،وأيضا : الشيء المفرق يسمى نجماً، والقرآن نزل مفرقا.
2-لأن الضمير في قوله إنه لقرآن كريم يعود على القرآن .قاله ابن عطية والألوسي والقسطلاني وزاد وضمير إنه لقسم .
3-ولقول ابن مسعود رضي الله عنه فقد اخرجه الفريابي بسند صحيح ذكره السيوطي في الدر المنثور ،وقول الصحابي حجة
4-والأثر عن ابن عباس في نزول القرآن جملة إلى بيت العزة ثم نزل منجما ، له ألفاظ متقاربه ومخارج متعددة ، صححه ابن حجر في فتح الباري وغيره .وهذا إخبار بأمر غيبي ،فلا يمكن أن يكون هذا الأثر من قبله ،فالله أعلم أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
4-سياق الآية حيث ذكر الله أن هذا القسم عظيم ، وكما قال الشنقيطي : كون المقسم به المعبر بالنجوم هو القرآن العظيم - أنسب لقوله بعده : وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ، أن هذا التعظيم من الله يدل على أن هذا المقسم به في غاية العظمة
ولا شك أن القرآن الذي هو كلام الله أنسب لذلك من نجوم السماء ونجم الأرض . والعلم عند الله تعالى .
القول الثاني: مواقع النجوم في السماء
التعليقات:
قال ابن الجوزي :قاله الأكثرون
وقال ابن عطية : وقال جمهور كثير من المفسرين: النجوم هنا: الكواكب المعروفة
قال ابن كثير :وهو اختيار ابن جرير
-قال القسطلاني: قال في الأنوار: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره ...
-قال الألوسي :وتخصيصها بالقسم لما في غروبها من زوال أثرها ، والدلالة على وجود مؤثر دائم لا يتغير ، ولذا استدل الخليل عليه السلام بالأفول على وجود الصانع جل وعلا ، أو لأن ذلك وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه تعالى وأوان نزول الرحمة والرضوان عليهم
والتخصيص( بانكدارها يوم القيامة ) لما في ذلك من ظهور عظمته عز وجل وتحقق ما ينكره الكفار من البعث.
وعن أبي جعفر وأبي عبد الله على آبائهما وعليهما السلام المراد مواقعها عند الانقضاض إثر المسترقين السمع من الشياطين
-قال الزمخشري:لعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالا مخصوصة عظيمة، أو للملائكة عبادات موصوفة، أو لأنه وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين، ونزول الرحمة والرضوان عليهم; فلذلك أقسم بمواقعها، واستعظم ذلك بقوله: وإنه لقسم لو تعلمون عظيم.
قال ابن القيم : حجة من قال مساقطها عند الغروب أن الرب سبحانه يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله (فلا أقسم بالخنس *الجوار الكنس ) وقال ( والنجم إذا هوى ) وقال (فلا أقسم برب المشارق والمغارب
-قال ابن عاشور:وذكر مواقع النجوم على كلا المعنيين تنويه بها وتعظيم لأمرها لدلالة أحوالها على دقائق حكمة الله تعالى في نظام سيرها وبدائع قدرته على تسخيرها.
الحجج :
-قال ابن جرير :وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.).
-قال الزجاج في معاني القرآن:ومواقع النجوم مساقطها، كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب}
وذكر ابن القيم حجة قول الحسن (انكدارها يوم القيامة ):أن لفظ مواقع تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع وهو السقوط.فلكل نجم موقع وجمعها مواقع . ويرجح هذا القول أيضا النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى :(وإدبار النجوم ) وقوله ( والشمس والقمر والنجوم ) ثم ذكر المناسبة بين ذكر النجوم في القسم والمقسم عليه وهو القرآن.
الألوسي:قول قتادة أنها منازلها ومجاريها على أن الوقوع النزول كما يقال : على الخبير سقطت وهو شائع والتخصيص لأن له تعالى في ذلك من الدليل على عظيم قدرته وكمال حكمته ما لا يحيط به نطاق البيان
التوجيه:
أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، و مواقع وزن مفاعل من الوقوع وهو السقوط.فلكل نجم موقع وجمعها مواقع .
أما قول قتادة أنها منازلها ومجاريها على أن الوقوع النزول كما يقال : على الخبير سقطت وهو شائع.
3-الضمير في (إنه لقرآن) يعود على الكواكب ويفسره السياق كقوله : ( حتى توارت بالحجاب )ففي الآيات السابقة دلائل قدرته في الأنفس ثم اتبعها بدلائل قدرته في الآفاق فذكر دلائل قدرته في الأرض ،ولم يكن ذكر من الدلائل السماوية شيئا ، فذكر الدليل السماوي في معرض القسم ، وهذا كقوله تعالى : ( وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون ) [ الذاريات : 21 ] حيث ذكر الأنواع الثلاثة كذلك هنا. ذكره الرازي
وقال ابن القيم: اسم النجوم عند الإطلاق إنما ينصرف إليها وأيضا لم تجر عادته سبحانه باستعمال النجوم في آيات القرآن ولا في موضع واحد من كتابه حتى تحمل عليه هذه الآية وجرت عادته باستعمال النجوم في الكواكب في جميع القرآن .
القول الثالث : الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا ، قالوا : مطرنا بنوء كذا وكذا .
روي عن الضحاك ، نسبه ابن كثير إلى الضحاك ولم نقف له عليه مسندا .
التوجيه:
ولعله مأخوذ من بعض الآثار الواردة في سبب النزول
قال ابن الأثير في شرح الغريب: ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكرٌ، ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فنزلت: هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النّجوم (75) وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ (76) إنّه لقرآنٌ كريمٌ (77) ...} [الواقعة: 75 -82] أخرجه مسلم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 9 ربيع الثاني 1439هـ/27-12-2017م, 12:08 AM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

اختلف في المراد بمواقع النجوم وقيل فيها :
أولاً: نجوم القرآن ، فالمراد به على أقوال :
١/ قيل محكم القرآن، قاله عبدالله بن مسعود وابن عباس ومجاهد
_روى الفراء : حدثني الفضيل بن عياض, عن منصور, عن المنهال بن عمرو رفعه إلى عبد الله فيما أعلم شك الفراء قال: { فلا أقسم بموقع النجوم}, قال: بمحكم القرآن، وكان ينزل على النبي صلى الله عليه نجوما).، وهذا القول شك به الفراء فيما رواه .
_وروى ابن جرير الطبري : حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: هو محكم القرآن.
_وكما ذكر في صحيح البخاري قوله : بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ ").
التوجيه :
عند السلف رضوان الله عليهم ،أن المحكم ما ظهر معناه وانكشف كشفا يزيل الإشكال ويرفع الاحتمال وهو موجود في كلام الله تعالى ويقابله المتشابه .
لكن محكم القرآن بصفة عامة يراد به ،الإحكام العام لوصف كتاب الله ، فهو محكم القرآن وآياته ومعجزاته ، قال تعالى :( وعلامات وبالنجم هم يهتدون ) ، فكما النجم نهتدي به من ظلمات البحر والبحر ، فكذلك القرآن هداية للبشر من الظلمات إلى النور وهو أبلغ تشبيه. والله أعلم .
٢/ وقيل منازل القرآن،، إذ أنزل منجماً على رسول الله سنيناً . قاله ابن عباس ، وعكرمة
_روى ابن جرير :حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا حصينٌ، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرّق في السّنين بعد قال: وتلا ابن عبّاسٍ هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: نزل متفرّقًا . وروى ابن جرير : حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: أنزل اللّه القرآن نجومًا ثلاث آياتٍ وأربع آياتٍ وخمس آياتٍ.
التوجيه :
قال الزجاج : وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}).
فمعنى ذلك مواقعها هو نزولها ، ونجوماً هو نزولها متفرقة شيئاً بعد شيء في سنين ، فالقرآن أنزل جملة واحدة في السماء ، ثم أنزل متفرقاً على النبي صلى الله عليه وسلم .
٣/وقيل مستقر الكتاب أوله وآخره). قاله ابن عباس
روى بن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: مستقر الكتاب أوله وآخره) .
التوجيه :
فكما أنزل القرآن منجماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا مبتداه ومنتهاه ، فنزوله على مراحل من اللوح المحفوظ للسماء الدنيا ثم نزوله متفرقاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال السدي : وقِيلَ المُرادُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ نُزُولُ القُرْآنِ نُجُومًا مِنَ اللَّوْحِ المَحْفُوظِ .
ثانياً: وقيل الكواكب. ومنها نجوم السماء، مما أجمع عليه جمهور المفسرين لكن الاختلاف في مواقعها على أقوال :
١/مواقعها و مساقطها , ومغايبها ،قاله أبو عبيدة ، ومجاهد ، وقتادة ، وقاله عطاء بن رباح ، وقاله الحسن .
_قال أبو عبيدة : (فأقسم بمواقع النجوم , ومواقعها مساقطها , ومغايبها).
_روى ابن جرير الطبري : حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بمواقع النّجوم}. قال في السّماء ويقال مطالعها ومساقطها.
_وروى ابن جرير الطبري : حدّثني بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. أي مساقطها.
التوجيه :
قال ابن تيمية : أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله تعالى ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ) وقال ( والنجم إذا هوى ) وقال ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب ) .
و قال ابن القيم : لأن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد بها الكواكب .
قال ابن جرير : وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.
قال الزجاج :ومواقع النجوم مساقطها، كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب} .
فمعنى ذلك سقوط النجوم سواء في المشارق أو المغارب ، فهو محل الوقوع لخط سيرها ، ومكان مغيبها بعلم الله سبحانه .
٢/ وقيل منازل النجوم
قاله قتادة ، وعطاء بن رباح
-رواه عبدالرازق : عن معمر عن قتادة في قوله فلا أقسم بمواقع النجوم قال منازل النجوم ،كذلك قاله عطاء .
وقال ابن عاشور : والمواقع هي : أفلاك النجوم المضبوطة السير في أفق السماء ، وكذلك بروجها ومنازلها .التوجيه. : فيقصد بالمنازل هي أماكنها في بروجها ، فهي كسابقتها مواقعها ومحل خط سيرها بمنظومة عالية ،تدل على قدرة الخالق ، وحال غروبها وزوال أثرها.
٣/وقيل انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
قاله الحسن .
رواه ابن جرير : حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: قال الحسن: انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
التوجيه :
هذا القول هو التفسير باللازم ، وهو دليل على أهوال يوم القيامة من انكدار النجوم لقوله (وإذا النجوم انكدرت ) .
وهو اثبات وقوع يوم القيامة ومافيها من أهوال ورد على الكفار لإنكارهم البعث .
قال ابن عطية : ولعل وقوعها ذلك اليوم ليس دفعة واحدة ، والتخصيص لما في ذلك من ظهور عظمته عز وجل ، وتحقق ما ينكره الكفار من البعث .
٤/وقيل هي الأنْواءُ الَّتِي كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذا.
قاله الضحاك .
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ: الْأَنْوَاءَ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا مُطِروا، قَالُوا: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا.
التوجيه :
ولحديث ابن عباس : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للناس : ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ، فأما مَن قال: مُطِرْنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنَوْء كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب) رواه مسلم
قال ابن الأثير : المراد بالنوء في حديث الباب النجم ، وسمي نوءاً ،لأنه إذا سقط الساقط منها في المغرب ناء الطالع بالمشرق ، ينوء نوءاً ، أي :نهض وطلع ،وقيل : سقط وغاب .
فالعرب في الجاهلية يعتقدون بالنجوم إذا سقط منها نجم طلع بدله نجم ، فينزل المطر ، فينسبونه للإنواء ، ويقولون مطرنا بنوء كذا .
٥/ وقِيلَ: مَواقِعُها عِنْدَ الِانْقِضاضِ إثْرَ العَفارِيتِ، ذكره ابن عطية وفخر الدين الرازي قولاً في تفسيرهما .
قال الرازي : مَواقِعُها في اتِّباعِ الشَّياطِينِ عِنْدَ المُزاحَمَةِ.
التوجيه :
فمن وظائف النجوم رجوم للشياطين ، ولكل من يسترق السمع منهم ، فهي من اعجاز الله وحفظه لكتابه من الاستراق ،قال تعالى :(وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُومًا لِّلشَّيَٰطِينِ ۖ) ، وقال سبحانه :( لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ).
قال ابن عاشور : أي لا يتركهم الرمي بالشهب منتهين إلى الملأ الأعلى انتهاء الطالب المكان المطلوب بل تدحرهم قبل وصولهم فلا يتلقفون من عِلم ما يجري في الملأ الأعلى الأشياء مخطوفة غير متبينة ، وذلك أبعد لهم من أن يسمعوا لأنهم لا ينتهون فلا يسمعون .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 9 ربيع الثاني 1439هـ/27-12-2017م, 03:15 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم المرحلة الثالثة من المراجعة على دروة مهارات التفسير المتقدّمة
جمع تعليقات أهل العلم - جمع الحجج والاعتراضات - توجيه أقوال المفسّرين


هذه المرحلة من المراحل المهمّة جدا للباحث، وفيها يتمّ توجيه الأقوال، والتعرّف على مبناها، والنظر في المعنى الجامع بينها، استعدادا لمرحلة الترجيح بين الأقوال.
في مرحلة توجيه الأقوال قد يعيد الباحث النظر في بعض التقسيمات التي قام بها سابقا للأقوال، وإعادة ترتيبها وتصنيفها، حين يظهر له الاتّفاق بين بعضها، وملاءمة بعضها لتصنيفات أخرى.

وصايا وتنبيهات:

- أول خطوة في توجيه الأقوال هو توجيه القولين في المراد بالنجوم في الآية، ثم تأمّل مباني الأقوال التي تفرّعت عن كل قول منهما، هل هذه المعاني مما يحتمله اللفظ؟ وهل هناك ما يشهد لهذا المعنى؟
وحقيقة فإن هذه المسألة قد أعطت مثالا رائعا لسعة وتنوّع معاني القرآن، وكل معنى منها جدير بالوقوف والتأمّل.
- عدم العثور على نسبة للقول عن السلف لا يحكم بردّه، فإن القول قد يكون صحيح المعنى وإن لم يصحّ سندا، وقد يكون القول مما يذكره المفسّرون اجتهادا وقياسا لأنه مما يشمله المعنى وإن لم يؤثر عن السلف ابتداء، ومنه قول "انقضاضها إثر الشياطين".
وهذا المذهب غالبا ما يتعلّق بالأقوال التي تحتملها معاني الألفاظ وأساليب الآيات، أما في الأقوال المتعلّقة بالعقائد والأحكام فإن التثبّت من صحة النسبة أمر حتميّ أثناء الترجيح بين الأقوال.
- في القول الثاني وهو أن يراد بالنجوم نجوم القرآن، فقد وردت فيه أقوال في بعضها إشكال، هل قول المفسّر يحتمل أن يراد به المواقع أم يراد به النجوم، وهذا ما حصل مع قول ابن مسعود رضي الله عنه.
ومن الأمور التي يجب أن ينتبه إليها جيدا أنه يجب حمل ألفاظ القرآن على حقيقتها وظواهرها، وعدم حملها على المجاز والتشبيه، لذلك لا يقبل توجيه السندي -رحمه الله- في توجيه قول ابن مسعود "بمحكم القرآن" أنه تشبيه لمعاني القرآن بالنجوم اللامعة.
أيضا قول ابن عباس: "فوضع بموقع النجوم" يمكن حمله على ظاهره، وهو أن يراد به موقع القرآن في السماء الدنيا بعد نزوله إليها جملة في ليلة القدر.

- وقد ورد قولان، عن ابن عباس وعن ابن مسعود رضي الله عنهما:
فأما قول ابن عباس فهو مستفاد من عدة روايات بألفاظ مختلفة، مؤدّاها واحد وهو القسم بمنازل القرآن، وما قيل في المواقع في القول الأول (أعني نجوم السماء) هو ذاته ما يقال في قول ابن عباس، فتحتمل لفظة المواقع معنى النزول وأماكن النزول وأزمنة النزول سواء في السماء أو في الأرض.
وأما قول ابن مسعود: "بمحكم القرآن" فالظاهر أنه يقصد أن مواقع النجوم هي محكم القرآن لا أن النجوم هي محكم القرآن، وابن مسعود كان يقرأ بالإفراد "بموقع النجوم" ويفسّره بمحكم القرآن، ومراعاة قراءة المفسّر من الأمور المهمّة في توجيه قوله، فما معنى أن يكون محكم القرآن هو موقع النجوم؟
المحكم من القرآن ضد المتشابه منه،
والموقع قد يراد به أصل الشيء الذي يوقع فيه، فالظاهر أن محكم القرآن هو موقع الآيات التي نزلت منجّمة، أي هو أصلها، كقوله تعالى: {فيه آيات محكمات هنّ أم الكتاب} أي أصله ومعظمه، وهذا توجيه شيخنا -حفظه الله-، ويكون القول من باب إضافة البعض إلى الكل.

ومثله القول المنسوب للضحّاك بأن مواقع النجوم هي الأنواء، فإنه قد يراد به مساقط الأنواء ومطالعها، فإن الأنواء نجوم خاصّة، وقد يراد بالمواقع الأنواء نفسها، فتكون الأنواء مواقع القطر الذي ينزل منجّما على الأرض، أي أصله.
فهذا توجيهه من جهة اللغة، أما ثبوت القول ومعرفة مناسبته فينظر فيما ورد في سبب نزول الآيات، وهل هذا القول مبناه ما ورد في سبب النزول، أو أنه مما يشمله لفظ الآية.


- لوحظ على بعض التطبيقات تكرار في بعض المواضع لتوجيهات المفسّرين، والواجب أن يقتصر النقل على ما يتعلّق بالقول الذي يدور حوله التوجيه فقط، مع ضرورة أن يعبّر الطالب بأسلوبه ما أمكن.
- ونذكّر بأن لفظة "المواقع" تدلّ على عدّة معان، فهي تصلح أن تكون مصدرا فيراد بها النزول أو ظرف زمان فيكون المراد بها أزمنة النزول، أو ظرف مكان فيراد بها أماكن النزول.
- وما يجمعه الباحث خلال مراحل البحث قد يحتاج إلى اختصار الكثير منه عند التحرير النهائي، وانتقاء ما يراه الأنسب من النقول، لأن كثرة النقل فيما لا يفيد يعتبر مما يؤخذ على البحث.


يتبع إن شاء الله بالتقويم التفصيلي لكل تطبيق..

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 11 ربيع الثاني 1439هـ/29-12-2017م, 02:24 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

التطبيق الثالث
:

في المسألة قولان :
القول الأول : أن المراد بالنجوم نجوم السماء ، وهذا هو المتبادر إلى الذهن ولا يحتاج معه إلى تأويل ،واختلفوا في مواقعها على عدة أقوال لإن لفظة الموقع تدل على عدة معانٍ فهي تصلح بأن تكون مصدرا فيراد به النزول أو ظرف زمان فيراد به أزمنة النزول أو ظرف مكان فيراد به أماكن النزول، فأما القول الأول : 
فالمراد بها : مَطالِعُها ومَساقِطُها، قالَهُ مُجاهِدٌ، والزجاج وأبو عبيدة ومكي بن أبي طالب والسمعاني والزمخشري وغيرهم .
التعليقات :
قال ابن جرير ت:310هـ)
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النجوم ومغايبها في السماء، وذلك أن المواقع جمع موقع، والموقع المفعل، من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.
قال السمعاني (ت:489هـ)
عن ابْن عَبَّاس: أَن معنى مواقع النُّجُوم أَي: مساقط النُّجُوم. وَيُقَال: مساقطها ومطالعها أقسم بهَا لما علق بهَا من مصَالح الْعباد.
قال الألوسي (ت:1270هـ)
(بِمَواقِعِ النُّجُومِ﴾ أيْ بِمَساقِطِ كَواكِبِ السَّماءِ ومَغارِبِها كَما جاءَ في رِوايَةٍ عَنْ قَتادَةَ والحَسَنِ عَلى أنَّ الوُقُوعَ بِمَعْنى السُّقُوطِ والغُرُوبِ وتَخْصِيصُها بِالقَسَمِ لِما في غُرُوبِها مِن زَوالِ أثَرِها، والدَّلالَةِ عَلى وُجُودِ مُؤَثِّرٍ دائِمٍ لا يَتَغَيَّرُ، ولِذا اسْتَدَلَّ الخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالأُفُولِ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ جَلَّ وعَلا، أوْ لِأنَّ ذَلِكَ وقْتُ قِيامِ المُتَهَجِّدِينَ والمُبْتَهِلِينَ إلَيْهِ تَعالى وأوانُ نُزُولِ الرَّحْمَةِ والرِّضْوانِ عَلَيْهِمْ.
قال ابن عاشور ( ت:1393هـ)
مَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَكانَ الوُقُوعِ، أيْ: مَحالُّ وُقُوعِها مِن ثَوابِتَ وسَيّارَةٍ. والوُقُوعُ يُطْلَقُ عَلى السُّقُوطِ، أيِ الهَوى، فَمَواقِعُ النُّجُومِ مَواضِعُ غُرُوبِها فَيَكُونُ في مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ [النجم: 1] والقَسَمُ بِذَلِكَ مِمّا شَمِلَهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشارِقِ والمَغارِبِ﴾ [المعارج: 40] . وجَعَلَ مَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذا المَعْنى مُقْسَمًا بِهِ لِأنَّ تِلْكَ المَساقِطَ في حالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَها تُذَكِّرُ بِالنِّظامِ البَدِيعِ المَجْعُولِ لِسَيْرِ الكَواكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لا يَخْتَلُّ ولا يَتَخَلَّفُ، وتُذَكِّرُ بِعَظَمَةِ الكَواكِبِ وبِتَداوُلِها خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرى، وذَلِكَ أمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ القَسَمُ بِهِ الرّاجِعُ إلى القَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.
ومَن تَأوَّلَ النُّجُومَ عَلى أنَّها الكَواكِبُ، جَعَلَ الضَّمِيرَ في إنَّهُ يُفَسِّرُهُ سِياقُ الكَلامِ، كَقَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَوارَتْ بِالحِجابِ﴾ [ص: 32] .
قال الزمخشري (ت:538هـ(
وفعل القسم يجب أن يكون للحال بِمَواقِعِ النُّجُومِ بمساقطها ومغاربها، لعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالا مخصوصة عظيمة، أو للملائكة عبادات موصوفة، أو لأنه وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين، ونزول الرحمة والرضوان عليهم، فلذلك أقسم بمواقعها، واستعظم ذلك بقوله وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ.




الحجج:
قال ابن القيم رحمه الله :
ومن حجة قول من قال هي مساقطها عند الغروب أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله تعالى ﴿فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ الجَوارِ الكُنَّسِ﴾ وقال ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ وقال ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشارِقِ والمَغارِبِ)
ويرجح هذا القول أيضًا أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى ﴿وَإدْبارَ النُّجُومِ﴾ وقوله ﴿والشَّمْسُ والقَمَرُ والنُّجُومُ﴾
وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النجوم في القسم وبين المقسم عليه وهو القرآن من وجوه أحدها أن النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والغي فتلك هداية في الظلمات الحسية وآيات القرآن في الظلمات المعنوية فجمع بين الهدايتين مع ما في النجوم من الرجوم للشياطين وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس.
وقال الالوسي:
وتَخْصِيصُها بِالقَسَمِ لِما في غُرُوبِها مِن زَوالِ أثَرِها، والدَّلالَةِ عَلى وُجُودِ مُؤَثِّرٍ دائِمٍ لا يَتَغَيَّرُ، ولِذا اسْتَدَلَّ الخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالأُفُولِ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ جَلَّ وعَلا، أوْ لِأنَّ ذَلِكَ وقْتُ قِيامِ المُتَهَجِّدِينَ والمُبْتَهِلِينَ إلَيْهِ تَعالى وأوانُ نُزُولِ الرَّحْمَةِ والرِّضْوانِ عليهم .
وكذلك لما علق بهَا من مصَالح الْعباد.
التوجيه :
فيكون على هذا القول معنى قوله تعالى :( فلا أقسم بمواقع النجوم ) أي: فلا أقسم بمطالع النجوم ومغايبها كما في قوله تعالى ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب ) ، وفعل القسم يجب أن يكون للحال بِمَواقِعِ النُّجُومِ بمساقطها ومغاربها،لعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالا مخصوصة عظيمة، أو للملائكة عبادات موصوفة، أو لأنه وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين، ونزول الرحمة والرضوان عليهم، فلذلك أقسم بمواقعها، واستعظم ذلك بقوله وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ.كما ذكر الزمخشري .
- وقيل : مساقط النجوم ، وهذا قول قتادة والبخاري ونسب السمعاني هذا القول لابن عباس، ونسب النحاس والالوسي هذا القول إلى الحسن .
التعليقات :
قال السمعاني (ت:489هـ)
عن ابْن عَبَّاس: أَن معنى مواقع النُّجُوم أَي: مساقط النُّجُوم. وَيُقَال: مساقطها ومطالعها أقسم بهَا لما علق بهَا من مصَالح الْعباد.
وقال الألوسي (ت:1270هـ)
بِمَواقِعِ النُّجُومِ﴾ أيْ بِمَساقِطِ كَواكِبِ السَّماءِ ومَغارِبِها كَما جاءَ في رِوايَةٍ عَنْ قَتادَةَ والحَسَنِ عَلى أنَّ الوُقُوعَ بِمَعْنى السُّقُوطِ والغُرُوبِ وتَخْصِيصُها بِالقَسَمِ لِما في غُرُوبِها مِن زَوالِ أثَرِها، والدَّلالَةِ عَلى وُجُودِ مُؤَثِّرٍ دائِمٍ لا يَتَغَيَّرُ، ولِذا اسْتَدَلَّ الخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالأُفُولِ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ جَلَّ وعَلا، أوْ لِأنَّ ذَلِكَ وقْتُ قِيامِ المُتَهَجِّدِينَ والمُبْتَهِلِينَ إلَيْهِ تَعالى وأوانُ نُزُولِ الرَّحْمَةِ والرِّضْوانِ عَلَيْهِمْ.

قال ابن عاشور ( ت:1393هـ)
مَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَكانَ الوُقُوعِ، أيْ: مَحالُّ وُقُوعِها مِن ثَوابِتَ وسَيّارَةٍ. والوُقُوعُ يُطْلَقُ عَلى السُّقُوطِ، أيِ الهَوى، فَمَواقِعُ النُّجُومِ مَواضِعُ غُرُوبِها فَيَكُونُ في مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ [النجم: 1] والقَسَمُ بِذَلِكَ مِمّا شَمِلَهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشارِقِ والمَغارِبِ﴾ [المعارج: 40] . وجَعَلَ مَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذا المَعْنى مُقْسَمًا بِهِ لِأنَّ تِلْكَ المَساقِطَ في حالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَها تُذَكِّرُ بِالنِّظامِ البَدِيعِ المَجْعُولِ لِسَيْرِ الكَواكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لا يَخْتَلُّ ولا يَتَخَلَّفُ، وتُذَكِّرُ بِعَظَمَةِ الكَواكِبِ وبِتَداوُلِها خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرى، وذَلِكَ أمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ القَسَمُ بِهِ الرّاجِعُ إلى القَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.



الحجج:

قال ابن جرير الطبري رحمه الله :
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النجوم ومغايبها في السماء، وذلك أن المواقع جمع موقع، والموقع المفعل، من وقع يقع.
وقال ابن القيم :
ومن حجة هذا القول أن لفظ (مواقع) تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع، وهو السقوط فلكل نجم موقع وجمعها مواقع.
قال النحاس (ت:338هـ)
وقول الحسن أي بمساقط النجوم، وزعم محمد بن جرير أن هذا القول أولى بالصواب لأنه المتعارف من النجوم أنها هي الطالعة إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (78) أي مصون. لا يَمَسُّهُ إِلَّا المطهرون ).
التوجيه :
وذلك لأن مَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ و يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَكانَ الوُقُوعِ، أيْ: مَحالُّ وُقُوعِها مِن ثَوابِتَ وسَيّارَةٍ. ولأن الوقوع يُطْلَقُ عَلى السُّقُوطِ، أيِ الهَوى، فَمَواقِعُ النُّجُومِ مَواضِعُ غُرُوبِها فَيَكُونُ في مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ [النجم: 1] والقَسَمُ بِذَلِكَ مِمّا شَمِلَهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشارِقِ والمَغارِبِ﴾ [المعارج: 40] . وجَعَلَ مَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذا المَعْنى مُقْسَمًا بِهِ لِأنَّ تِلْكَ المَساقِطَ في حالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَها تُذَكِّرُ بِالنِّظامِ البَدِيعِ المَجْعُولِ لِسَيْرِ الكَواكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لا يَخْتَلُّ ولا يَتَخَلَّفُ، وتُذَكِّرُ بِعَظَمَةِ الكَواكِبِ وبِتَداوُلِها خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرى، وذَلِكَ أمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ القَسَمُ بِهِ الرّاجِعُ إلى القَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.
كما ذكر ابن عاشور .

وقيل : منازل النجوم ،قاله : عطاء وقتادة.
التعليقات :
قال الألوسي (ت:1270هـ)
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ أنَّها مَنازِلُها ومَجارِيها عَلى أنَّ الوُقُوعَ النُّزُولُ كَما يُقالُ: عَلى الخَبِيرِ سَقَطْتَ وهو شائِعٌ والتَّخْصِيصُ لِأنَّ لَهُ تَعالى في ذَلِكَ مِنَ الدَّلِيلِ عَلى عَظِيمِ قُدْرَتِهِ وكَمالِ حِكْمَتِهِ ما لا يُحِيطُ بِهِ نِطاقُ البَيانِ.
ويُطْلَقُ الوُقُوعُ عَلى الحُلُولِ في المَكانِ، يُقالُ: وقَعَتِ الإبِلُ، إذا بَرَكَتْ، ووَقَعَتِ الغَنَمُ في مَرابِضِها، ومِنهُ جاءَ اسْمُ الواقِعَةِ لِلْحادِثَةِ كَما تَقَدَّمَ، فالمَواقِعُ مَحالُّ وُقُوعِها وخُطُوطُ سَيْرِها فَيَكُونُ قَرِيبًا مِن قَوْلِهِ ﴿والسَّماءِ ذاتِ البُرُوجِ﴾ [البروج: 1] .
قال ابن عاشور ( ت:1393هـ)
والمَواقِعُ هي: أفْلاكُ النُّجُومِ المَضْبُوطَةِ السَّيْرِ في أُفُقِ السَّماءِ، وكَذَلِكَ بُرُوجُها ومَنازِلُها.
وذِكْرُ مَواقِعِ النُّجُومِ عَلى كِلا المَعْنَيَيْنِ تَنْوِيهٌ بِها وتَعْظِيمٌ لِأمْرِها لِدَلالَةِ أحْوالِها عَلى دَقائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعالى في نِظامِ سَيْرِها وبَدائِعِ قُدْرَتِهِ عَلى تَسْخِيرِها.
قال الزمخشري (ت:538هـ)
وفعل القسم يجب أن يكون للحال بِمَواقِعِ النُّجُومِ بمساقطها ومغاربها، لعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالا مخصوصة عظيمة، أو للملائكة عبادات موصوفة، أو لأنه وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين، ونزول الرحمة والرضوان عليهم، فلذلك أقسم بمواقعها، واستعظم ذلك بقوله وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ أو أراد بمواقعها: منازلها ومسايرها، وله تعالى في ذلك من الدليل على عظيم القدرة والحكمة ما لا يحيط به الوصف.
الحجج:
قال الألوسي:
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ أنَّها مَنازِلُها ومَجارِيها عَلى أنَّ الوُقُوعَ النُّزُولُ كَما يُقالُ: عَلى الخَبِيرِ سَقَطْتَ وهو شائِعٌ والتَّخْصِيصُ لِأنَّ لَهُ تَعالى في ذَلِكَ مِنَ الدَّلِيلِ عَلى عَظِيمِ قُدْرَتِهِ وكَمالِ حِكْمَتِهِ ما لا يُحِيطُ بِهِ نِطاقُ البَيانِ
ويُطْلَقُ الوُقُوعُ عَلى الحُلُولِ في المَكانِ، يُقالُ: وقَعَتِ الإبِلُ، إذا بَرَكَتْ، ووَقَعَتِ الغَنَمُ في مَرابِضِها، ومِنهُ جاءَ اسْمُ الواقِعَةِ لِلْحادِثَةِ كَما تَقَدَّمَ، فالمَواقِعُ مَحالُّ وُقُوعِها وخُطُوطُ سَيْرِها فَيَكُونُ قَرِيبًا مِن قَوْلِهِ ﴿والسَّماءِ ذاتِ البُرُوجِ﴾ [البروج: 1] .
وقال ابن عاشور :
المواقع هي: أفْلاكُ النُّجُومِ المَضْبُوطَةِ السَّيْرِ في أُفُقِ السَّماءِ، وكَذَلِكَ بُرُوجُها ومنازلها
التوجيه :
هذا القول مبناه على التفسير ببعض المعنى وهو : أن لفظ الوقوع يطلق على الحلول في المكان كما قال الألوسي :
ويُقالُ: وقَعَتِ الإبِلُ، إذا بَرَكَتْ، ووَقَعَتِ الغَنَمُ في مَرابِضِها، ومِنهُ جاءَ اسْمُ الواقِعَةِ لِلْحادِثَةِ كَما تَقَدَّمَ، فالمَواقِعُ مَحالُّ وُقُوعِها وخُطُوطُ سَيْرِها فَيَكُونُ قَرِيبًا مِن قَوْلِهِ ﴿والسَّماءِ ذاتِ البُرُوجِ﴾ [البروج: 1] .


وقيل : هو انكدارها وانتثارها يوم القيامة ،وهذا قول الحسن
التوجيه :
هذا القول فسرت به الاية على بعض المعنى وهو السقوط لكن خصص ذلك بيوم القيامة ، وهو محمول على قوله تعالى : ( وإذا النجوم انكدرت ) .
وقيل : أنه انقضاضهاإثر العفاريت ،ذكره ابن عطية والثعالبي ولَم ينسباه.
التوجيه :
وحمل هذا القول على قوله تعالى :( إنَّا زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين ) الملك .
وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ) الحجر.
وذلك لأن من معاني الانقضاض السقوط ،فهو تفسير ببعض المعنى أيضا ، وهو من اجتهاد المفسر لأن المعنى يشمله ،لكن هذا التخصيص يحتاج إلى دليل يقويه ويستند إليه ، ولَم أَجِد أحدا من المفسرين علق عليه ، ولَم يثبت إسناد هذا القول.
وقيل : أن المراد بها ( السماء) التي هي محل النجوم ،نسبه المارودي لابن جريج .
التوجيه:
ويوجه هذا القول إلى قراءة ( مواقع) بالأفراد والله أعلم .
وقيل :أنَّ مَواقِعَ النُّجُومِ الأنْواءُ الَّتِي كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ إذا مُطِرُوا قالُوا: مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذاوكذا ،وهذا القول منسوب إلى الضحاك .
التعليقات :
قال الألوسي:
وقِيلَ: مَواقِعُ النُّجُومِ هي الأنْواءُ الَّتِي يَزْعُمُ الجاهِلِيَّةُ أنَّهم يُمْطَرُونَ بِها، ولَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِن بَعْضِ الآثارِ الوارِدَةِ في سَبَبِ النُّزُولِ وسَنَذْكُرُهُ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى ولَيْسَ نَصًّا في إرادَةِ الأنْواءِ بَلْ يَجُوزُ عَلَيْهِ أنْ يُرادَ المَغارِبُ مُطْلَقًا.
وروى الواحدي في اسباب النزول من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا: هذه رحمة وضعها الله تعالى وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا)) فنزلت هذه الآيات: {فَلا أُقسِمُ بِمَواقِعِ النُجومِ}حتى بلغ: {وَتَجعَلونَ رِزقَكُم أَنَّكُم تُكَذِّبونَ} رواه مسلم .
التوجيه :
قد يراد بهذا القول مساقط الأنواء ومطالعها، فإن الأنواء نجوم خاصّة، وقد يراد بالمواقع الأنواء نفسها، فتكون الأنواء مواقع القطر الذي ينزل منجّما على الأرض، أي أصله.
فهذا توجيهه من جهة اللغة كما ذكرت الاستاذة أمل حفظها الله .
أما مناسبة القول فهي كما روى الواحدي في أسباب النزول من طريق عكرمة عن ابن عباس قال :
مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا: هذه رحمة وضعها الله تعالى وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا)) فنزلت هذه الآيات: {فَلا أُقسِمُ بِمَواقِعِ النُجومِ}حتى بلغ: {وَتَجعَلونَ رِزقَكُم أَنَّكُم تُكَذِّبونَ} رواه مسلم
فيكون مبنى القول على ما ورد في أسباب النزول في هذه الاية والله أعلم


القول الثاني:
أن المراد بها نجوم القران 
وقيل في ذلك عدة أقوال :
الأول : أنها منازل القرآن 

التعليقات :
قال السمعاني (ت:489هـ)
وَعَن ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أُخْرَى وَهُوَ قَول جمَاعَة كَثِيرَة من التَّابِعين (مِنْهُم) : الْحسن، وَقَتَادَة، وَعِكْرِمَة، وَغَيرهم أَن مواقع النُّجُوم هَاهُنَا نُجُوم الْقُرْآن، وَمعنى المواقع نُزُوله نجما نجما. وَفِي الْخَبَر: أَن الله تَعَالَى أنزل الْقُرْآن جملَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، ثمَّ أنزل نجما نجما فِي ثَلَاث وَعشْرين سنة إِلَى النَّبِي.
قال الالوسي:
وأخْرَجَ النَّسائِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنْهُ أنْ قالَ: ««أُنْزِلَ القُرْآنُ في لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ السَّماءِ العُلْيا إلى السَّماءِ الدُّنْيا جُمْلَةً واحِدَةً ثُمَّ فُرِّقَ في السِّنِينَ»» وفي لَفْظٍ ««ثُمَّ نَزَلَ مِنَ السَّماءِ الدُّنْيا إلى الأرْضِ نُجُومًا ثُمَّ قَرَأ فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ»» وأُيِّدَ هَذا القَوْلُ بِأنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ تَعالى بَعْدَ: ﴿إنَّهُ لَقُرْآنٌ﴾ يَعُودُ حِينَئِذٍ عَلى ما يُفْهَمُ مِن مَواقِعِ النُّجُومِ حَتّى يَكادَ يُعَدُّ كالمَذْكُورِ صَرِيحًا ولا يَحْتاجُ إلى أنْ يُقالَ يُفَسِّرُهُ السِّياقُ كَما في سائِرِ الأقْوالِ، ووَجْهُ التَّخْصِيصِ أظْهَرُ مِن أنْ يَخْفى، ولَعَلَّ الكَلامَ عَلَيْهِ مِن بابِ «وثَناياكَ إنَّها إغْرِيضٌ».
ومِنَ المُفَسِّرِينَ مَن تَأوَّلَ النُّجُومَ أنَّها جَمْعُ نَجْمٍ وهو القِسْطُ الشَّيْءُ مِن مالٍ وغَيْرِهِ كَما يُقالُ: نُجُومُ الدِّياتِ والغَراماتِ وجَعَلُوا النُّجُومَ، أيِ: الطَّوائِفَ مِنَ الآياتِ الَّتِي تَنْزِلُ مِنَ القُرْآنِ وهو عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وعِكْرِمَةَ فَيُؤَوَّلُ إلى القَسَمِ بِالقُرْآنِ عَلى حَقِيقَتِهِ عَلى نَحْوِ ما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿والكِتابِ المُبِينِ﴾ [الزخرف: 2] ﴿إنّا جَعَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [الزخرف: 3]
قال الزمخشري:
وقيل: مواقع النجوم: أوقات وقوع نجوم القرآن، أى: أوقات نزولها كريم حسن مرضى في جنسه من الكتب.
قال القاسمي:
والثاني: أنها نجوم القرآن، رواه ابن جبير عن ابن عباس . فعلى هذا سميت نجوما لنزولها متفرقة، ومواقعها: نزولها "وإنه لقسم" الهاء كناية عن القسم .
وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره: وإنه لقسم عظيم لو تعلمون عظمه . ثم ذكر المقسم عليه فقال تعالى: إنه لقرآن كريم .
الحجج:
قال أبو حيّان (ت:745هـ)
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وعِكْرِمَةُ ومُجاهِدٌ وغَيْرُهم: هي نُجُومُ القُرْآنِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ، ﷺ، ويُؤَيِّدُ هَذا القَوْلَ قَوْلُهُ: ﴿إنَّهُ لَقُرْآنٌ﴾، فَعادَ الضَّمِيرُ عَلى ما يُفْهَمُ مِن قَوْلِهِ: ﴿بِمَواقِعِ النُّجُومِ﴾، أيْ نُجُومِ القُرْآنِ
قال الزجاج:
هذا يدل على أن المراد بمواقع النجوم نزول القرآن ، والضمير في " إنه " على القسم الذي يدل عليه " أقسم " ، والمعنى إن القسم بمواقع النجوم لقسم عظيم لو تعلمون .
التوجيه :
يمكن حمل هذا القول على ظاهره، وهو أن يراد به موقع القرآن في السماء الدنيا بعد نزوله إليها ليلة القدر، فيكون القسم هنا بمنازل القرآن

وقيل: أنَّ مَواقِعَ النُّجُومِ هو مُحْكَمُ القُرْآنِ، حَكاهُ الفَرّاءُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ورواه ابن جرير عن مجاهد
التعليقات :
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنِ المِنهالِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: «قَرَأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ﴾ قالَ: بِمُحْكَمِ القُرْآنِ، فَكانَ يَنْزِلُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ نُجُومًا» .
التوجيه :
وأما قول ابن مسعود: "بمحكم القرآن" فالظاهر أنه يقصد أن مواقع النجوم هي محكم القرآن لا أن النجوم هي محكم القرآن، وابن مسعود كان يقرأ بالإفراد "بموقع النجوم" ويفسّره بمحكم القرآن، والموقع قد يراد به أصل الشيء الذي يوقع فيه، فالظاهر أن محكم القرآن هو موقع الآيات التي نزلت منجّمة، أي هو أصلها، كقوله تعالى: {فيه آيات محكمات هنّ أم الكتاب} أي أصله ومعظمه، ويكون القول من باب إضافة البعض إلى الكل. هذا توجيه الشيخ عبد العزيز حفظه الله.
وقيل :أنهامستقر الكتاب أوله وآخره ،قاله ابن عباس .
التوجيه :
فمعناه القسم بمنازل القران ، ولعل المعنى هنا أن المراد بالمواقع مكان نزول القران في السماء الدنيا ليلة القدر ،والله أعلم .
ولَم أَجِد أحدا من المفسرين علق على هذا القول .

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 12 ربيع الثاني 1439هـ/30-12-2017م, 08:20 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

هيا أبو داهوم
بارك الله فيك وسدّدك.
إضافة إلى التعليقات العامّة أودّ التنبيه إلى أمور:
- انتبهي جيدا لما يكتب تحت التعليقات على القول، فليس المقصود انتقاء بعض أقوال المفسّرين وشروحهم، وإنما نقل تعليقات خاصّة، كأن ينقلوا الإجماع عليه، أو أنه قول الأكثرين، أو يشيروا إلى تقويته أو تضعيفه ونحو ذلك مما هي عبارات خاصّة، وكذلك نقل الحجج وهي ما يتقوّى به القول ويستند إليه، والاعتراضات أي نقدهم للقول وتضعيفه.
وليس شرطا أن نعثر على ذلك في كل قول، لذا فإن أغلب ما كتبتيه تحت التعليقات والحجج يحتاج إلى مراجعة واختصار.
- توجيه القول بأن النجوم هي نجوم القرآن هو أن من معاني النجم الطائفة من الشيء، وراجعي أقوال أهل اللغة.
- توجيهك للأقوال المتفرّعة عن القول الثاني بأنها من التفسير ببعض اللازم خطأ، وإنما الأقوال مما يحتملها المعنى اللغوي للفظة "المواقع" فهي تصلح أن تكون مصدرا وظرف زمان وظرف مكان.


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 12 ربيع الثاني 1439هـ/30-12-2017م, 03:16 PM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

تابع تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.
المطلوب:
5: جمع تعليقات أهل العلم على الأقوال الواردة في المسألة.
6: جمع الحجج والاعتراضات.
7: توجيه الأقوال
اختلف العلماء في تعيين المراد بمواقع النجوم على قولين :
القول الأول : أن المراد بالنجوم ، نجوم القرآن، لأنه حيث كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , وهذا القول قال به ابن عباس ، وابن مسعود ومجاهد، وعكرمة، والدينوري ، وذكره البخاري وحكاه الفراء ورواه ابن جرير وذكره ابن قتيبة، وذكره الزجاج مستدلاً له بقوله تعالى: }وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم
التعليقات :
0وردت عدة رويات عن ابن عباس رضي الله عنهما مؤداها واحد وهو القسم بمنازل القرآن، فالفظة المواقع تحتمل معنى النزول وأماكن النزول وأزمنة النزول سواء في السماء أو في الألاض، كما ذكرت الأستاذة الفاضلة ،ومما ورد في هذا ما رواه الهَمَذَانِي في تفسير مجاهد، عن ابن عباس أن المراد بمواقع النجوم نجوم القرآن وذلك أنه نزل القرآن إلى السماء الدنيا جميعه جملة واحدة ثم نجم على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وأكثر). وفي رواية للنَّيْسابوريُّ في المستدرك لابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنه قال: " أنزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرق في السّنين قال: وتلا هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] قال: «نزل متفرّقًا» وكذا روى ابن جرير 0
وفي السنن روى النَّسَائِيُّ عن ابن عبّاسٍ، قوله: " نزل القرآن جميعًا في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا، ثمّ فصّل فنزل في السّنين، فذلك قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} 0
ورجح الشنقيطي هذا القول وقال أنه هو الأقرب للصواب وذلك لأمرين ، أحدهما أن من عادة القرآن أن يقسم على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صدق القرآن العظيم في آيات كثيرة كقوله تعالى : { يس والقرآن الحكيم إِنَّكَ لَمِنَ المرسلين على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ تَنزِيلَ العزيز الرحيم } وقوله تعالى : { حم والكتاب المبين إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ في أُمِّ الكتاب لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ }وأن خير مايفسر به القرآن هو القرآن ، وهذه هي عادة الشيخ رحمه الله تعالى .
الثاني: كون المقسم به عبر عنه بالنجوم ،هو القرآن العظيم مناسب لما بعده { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } فلما كان التعظيم من الله دل على أنه في غاية العظمة، وذكر أنه أنسب للقسم من نجوم السماء ونجم الأرض لأنه كلام الله .
وقال ابن عاشور، ومن تأول النجوم على أنها الطوائف من الآيات فيؤول إلى القسم بالقرآن على حقيقته على نحو قوله تعالى : { والكتاب المبين إنا جعلناه قرآناً عربي لعلكم تعقلون )
القول الثاني :أن النجوم نجوم السماء .قال به: مجاهد وقتادة والحسن واليزيدي في غريب القرآن وأبو عبيدة في مجاز القرآن والزجاج في معانى القرآن ومكى بن أبي طالب في العمدة في غريب القرآن

التعليقات
ويقال في هذه ماقيل من قبل من اشتمال لفظة "المواقع "على معنى النزول وأماكن النزول وأزمنة النزول، وذكر ( مواقع النجوم ) مشتملة على كل المعاني تنويه بها وتعظيم لأمرها لدلالة أحوالها على دقائق حكمة الله تعالى في نظام سيرها وبدائع قدرته على تسخيرها والقسم فيها مما يشمله قوله تعالى : { فلا أقسم برب المشارق والمغارب }
وجعل هذه المواقع مقسما بها لتذكِّر بالنظام البديع المجعول لسير الكواكب كلَّ ليلة لا يختل ولا يتخلف ، وبتداولها خِلفة بعد أخرى ، وذلك من آيات الله العظيمة التي لا يقدر عليها إلا هو عز وجل، فيكون الله تبارك وتعالى أقسم بما يدل على إقبال الليل وإدباره.خلاصة ما ذكر ابن السعود، وبن عاشور، وبن عثيمين رحمهما الله تعالى .
و وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول قال "ابن جرير،من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.
وقال "ابن القيم" ويرجح هذا القول أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى:(وإدبار النجوم) وقوله (والشمس والقمر والنجوم ...) وذكر أن لذلك مناسبة، وهو أن القرآن يهتدى به في ظلمات البر والبحر وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل فجمع بين الهدايتين،ومع ما في النجوم من الرجوم من الشياطين وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الأنس .
وقال الألوسي : وتخصيصها بالقسم لما في غروبها من زوال أثرها، والدلالة على وجود مؤثر دائم لا يتغير ، ولذا استدل الخليل عليه السلام بالأفول على وجود الصانع .
ومن هذين القولين ابثقت عدة أقوال إما مما يحتمله اللفظ، أو يشهد له المعنى، وهذا يدل على سعة وتنوع معاني القرآن وعظيم دلالته مما يجعل المتأمل لمعانيه المتدبر لآياته يزداد إيمانه ويعظم يقينه .
قال ابن جرير رحمه الله تعالى:( واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة الكوفة (بموقع) على التّوحيد، وقرأته عامّة قرأة المدينة والبصرة وبعض الكوفيّين {بمواقع}: على الجماعة.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب (
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:(من قرأبموقع على الإفراد فلدلالة الواحد المضاف إلى الجمع على التعدد،والموقع اسم جنس والمصادر إذا اختلفت جمعت وإذا كان النوع واحدا أفردت قال تعالى: ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) فجمع الصوات لتعدد النوع وأفرد صوت الحمير لوحدته فإفراد موقع النجوم لوحدة المضاف إليه وتعدد المواقع لتعدده إذ لكل نجم موقع .
فاختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث وارد في آيات عديدة في كتاب الله كقراءة (الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قرئت بالجمع والإفراد .
فمن رأى أن المراد بالنجوم ، نجوم القرآن
تعددت اقوالهم فيه، فمنهم من قال : أنه منازل القرآن
وذلك لأنه نزل منجما على السنين والأحداث، وممن قال به ابن عباس وعكرمة، وغيرهما، وذكره الزجاج واستدل لهذا القول بقوله تعالى (وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم{
قال القاضي أبو محمد : ويؤيد هذا القول عود الضمير على القرآن في قوله : { إنه لقرآن كريم } ، وذلك أن ذكره لم يتقدم إلا على هذا التأويل ، وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير ومن تأول النجوم على أنها الطوائف من الآيات فيؤول إلى القسم بالقرآن على حقيقته على نحو قوله تعالى : { والكتاب المبين إنا جعلناه قرآناً عربي لعلكم تعقلون )
وكما ذكرنا من ترجيح الشنقيطي وقوله (أنه أنسب للقسم من نجوم السماء ونجم الأرض لأنه كلام الله )
وقال ابن عثيمين (وقوله: بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ اختلف فيها العلماء رحمهم الله، فمنهم من قال: إن المراد بذلك أوقات نزول القرآن، أي: أن القرآن نزل مفرقاً، والشيء المفرق يسمى منجماً، كما يقال في الدين المقسط على سنوات أو أشهر، يقال: إنه دين منجم.
وذكر ابن عطية حجة من رد هذا القول بقوله
:(ومن لا يتأول بهذا التأويل يقول : إن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى : { حتى توارت بالحجاب } وقوله { كل من عليها فان }
وكذلك لعل من الحجج ما ذكرنا سابقا من قول "ابن القيم" ويرجح هذا القول أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب.........) .
القول الثاني : أنه محكم القرآن ، وهذا قد يقع فيه بعض الإشكال كما ذكرت الإستاذة الفاضلة للاحتمال اللفظ الأثنين معا ، ولعل في معرفة القراءة التي كان يقرأ بها ابن مسعود يزيل اللبس ويبين وجه هذا القول، وهو أن المراد بمحكم القرآن هو موقع النجوم على قراءته بالأفراد وكما ذكرت الإستاذة الفاضلة المحكم ضد المتشابه منه، والموقع أصل الشيء الذي يوقع فيه والذي يظهر والله أعلم أن محكم القرآن هو موقع الآيات التي نزلت منجمة وأصلها، كقوله (فيه آيات محكمات هن أم الكتاب ) من باب إضافة البعض إلى الكل ،كما ذكرت عن الشيخ حفظه الله تعالى
فيكون القسم بالقرآن المحكم الذي لا يعتريه شك ولا ريب .
القول الثالث : : مستقر الكتاب أوله وآخره .
المستقر هو في اللغة :اسم مكان من استقر ،وهو القرار والثبوت وبلوغ الغاية والنهاية، وهذا القول قال ابن عباس ، ورواه ابن جرير عن محمد بن سعيد عن أبيه، وقد علمنا أن لفظة المواقع تحتمل عدة معاني منها مكان النزول وزمنه ومعناه ،فلعل هذا القول يندرج ضمن القول الأول بمنازل القرآن ، فيكون المراد بهذا القول بيان علو هذا الكتاب ومكانته أوله وآخره حيث كان في اللوح المحفوظ ثم أنزل إلى السماء الدنيا ثم فرق على السنين والحوادث كما ورد في حديث ابن عباس الذي رواه ابن جرير عن ابن عبّاسٍ قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرّق في السّنين بعد قال: وتلا ابن عبّاسٍ هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: نزل متفرّقًا. .
(هذا ما توصلت له اجتهادا حيث لم اجد في كتب التفسير ذكر له إلا ما اشار له مقاتل في تفسيره عند تفسير الآية جملة .
ومن رأى أن المراد بمواقع النجوم نجوم السماء اختلفت اقوالهم فيه فمنهم من قال أن المراد بمواقع النجوم مساقط النجوم ومغاربها حيث تغيب .
قال به مجاهد، وقتادة، والحسن، وقال به أبو عبيدة في مجاز القرآن، والزجاج في معاني القرآن، والمكي في العمدة وغيرهم ، وهذا القول رجحه ابن جرير وذكر أنه أولى الأقوال بالصّواب
وذكر ابن القيم حجة من قال بهذ القول أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها إذا فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما في قوله تعالى:(فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ) وقوله (فلا أقسم برب المشارق والمغارب )
,قال أبو السعود أفندي: ﴿بِمَواقِعِ النُّجُومِ﴾ أيْ: بِمَساقِطِها وهي مَغارِبُها وتَخْصِيصُها بِالقَسَمِ لِما في غُرُوبِها مِن زَوالِ أثَرِها، والدَّلالَةِ عَلى وُجُودِ مُؤَثِّرٍ دائِمٍ لا يَتَغَيَّرُ أوْ لِأنَّ ذَلِكَ وقْتُ قِيامِ المُتَهَجِّدِينَ والمُبْتَهِلِينَ إلَيْهِ تَعالى وأوانُ نُزُولِ الرَّحْمَةِ والرِّضْوانِ عَلَيْهِمْ
وقال ابن عاشور (تلك المساقط في حال سقوط النجوم عندها تذكِّر بالنظام البديع المجعول لسير الكواكب كلَّ ليلة لا يختل ولا يتخلف ، وتذكِّر بعظمة الكواكب وبتداولها خِلفة بعد أخرى ، وذلك أمر عظيم يحق القسم به الراجع إلى القسم بمُبدعه .
وقال :(ويطلق الوقوع على الحلول في المكان ، يقال : وقعت الإِبل ، إذا بركت ، ووقعت الغنم في مرابضها ، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة كما تقدم ، فالمواقع : محالُّ وقوعها وخطوط سيرها فيكون قريباً من قوله : { والسماء ذات البروج }
والمواقع هي : أفلاك النجوم المضبوطة السير في أفق السماء ، وكذلك بروجها ومنازلها .
وذكر ( مواقع النجوم ) على كلا المعنيين تنويه بها وتعظيم لأمرها لدلالة أحوالها على دقائق حكمة الله تعالى في نظام سيرها وبدائع قدرته على تسخيرها .
ولعل قول من قال بمنازل النجوم يندرج بهذا القول ويشمله ولا يفرد له قول مستقل
قال ابو السعود :أو بمنازلها ومجاريها فإنَّ له تعالَى في ذلك من الدليل على عظمِ قُدرتِه وكمالِ حكمتِه مالا يحيطُ به البيانُ .
وعقب ابن عثيمين رحمه الله على قول من قال بمواقع النجوم مساقط النجوم ومغاربها حيث تغيب .بقوله : لأن مواقع غروبها إيذان بالنهار، ومواقع طلوعها إيذان بالليل، وتعاقب الليل والنهار من آيات الله العظيمة الكبيرة، من آيات الله العظيمة التي لا يقدر عليها إلا الله عز وجل، فيكون الله تبارك وتعالى أقسم بما يدل على إقبال الليل وإدباره.
ومن رد هذا القول فهو من باب الأخذ بالقول الأول بأن المواقع يراد بها "نجوم القرآن" كما أوردت عن الشنقيطي عند القول الأول حيث ذكر هناك ترجيحاته وحججه .
وقيل : انكدارها وانتثارها يوم القيامة
قال به الحسن ، وهو من باب الإشتراك اللفظي حيث فسر الوقوع بوقوع مخصوص يوم القيامة ، كما قال تعالى :( وإذا النجوم انكدرت)
قال الألوسي : والتخصيص لما في ذلك من ظهور عظمته عز وجل وتحقق ما ينكره الكفار من البعث .
وقد يفهم من دلالة الآيات وسياقها، حيث أظهرت عظيم فضله وقدرته على البعث التي يكذب بها المشركون ،بالقسم على صدق القرآن .
وقيل :مواقع النجوم ،انقضاضها أثر الشياطين .
ذكر هذا القول ابن عطية وأبو حيان ولم يسنداه، والانقضاض هو السقوط بهوى وسرعة، وهذا مما يشمله المعنى وإن لم يؤثر عن السلف، روى البخارى عن ابو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا قَضَى اللَّهُ فِي السَّمَاءِ أَمْرًا ضَرَبَتِ الْمَلائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهَا سِلْسِلَةٍ عَلَى صَفْوَانَ ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا : الَّذِي قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ ، وَهُمْ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ الآخَرِ ، وَأَشَارَ سُفْيَانُ بِأَصَابِعِهِ ، وَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ فَيُحْرِقُهُ ، وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ ، حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي أَسْفَلَ مِنْهُ وَيَرْمِيَهَا الآخَرُ عَلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ ، فَيَلْقِيَهَا عَلَى فَمِ السَّاحِرِ ، أَوِ الْكَاهِنِ فَيَكْذِبُ عَلَيْهَا مَا يُرِيدُ ، فَيُحَدِّثُ بِهَا النَّاسَ ، فَيَقُولُونَ : قَدْ أَخْبَرَنَا بِكَذَا وَكَذَا ، فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا ، فَيُصَدَّقُ بِالْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ "
قال ابن قتيبة :إن الرجم كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يكن مثل ما كان بعد مبعثه في شدة الحراسة ، وكانوا يسترقون في بعض الأحوال، فلما بعث منعوا من ذلك أصلا .
قال الله تعالى:( وَلَقد زَيَّنا السَّمَاءَ الدُّنْيا بمصَابيحَ وَجَعَلْناهَا رُجُوماً للشّياطين )، وقال قتادة رحمه الله تعالى " خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ : جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا ؛ فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ : أَخْطَأَ ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ " .
والمقصود بجعلها رجوما للشياطين أنه يخرج منها شهب من نار ، فتصيب هذه الشياطين ، ولا يعني جعلها رجوما أنها بذواتها يُقذف بها ، كما قال تعالى : ( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) الصافات / 10 . فالذي يصيب هذه الشياطين من تلك النجوم هي تلك الشهب تخرج منها .
وقيل : الأنواء التي كان أهل الجاهلية يعتقدون أنهم يمطرون بها 0
هذا القول نسبه المارودي وبن كثير إلى الضحاك، ولم أعثر على اسنادا له، لكن ورد له سبب نزول يعضده ،وتوجيه من اللغة حيث أن الأنواء قد يراد المساقط الأنواء نفسها حيث أنها موقع القطر الذي ينزل منجما إلى الأرض، أو مساقط الأنواء ومطالعها، ومما ورد من سبب للنزول ما أخرجه مسلم عن ابن عباس قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر))قالوا: هذه رحمة وضعها الله. وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا، فنزلت هذه الآيات }فلا أقسم بمواقع النجوم} حتى بلغ: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون[
قال النووي رحمه الله قال الشيخ أبو عمرو رحمه الله يعني ابن الصلاح ليس مراده أن جميع هذا نزل في قوله في الأنواء فإن الأمر في ذلك وتفسيره يأبى ذلك، وإنما النازل في ذلك قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} والباقي نزل في غير ذلك ولكن اجتمعا في وقت النزول فذكر الجميع من أجل ذلك، قال الشيخ أبو عمرو رحمه الله: ومما يدل على هذا أن في بعض الروايات عن ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك الاقتصار على هذا القدر اليسير فحسب. هذا آخر كلام الشيخ رحمه الله). [الصحيح المسند في أسباب النزول:

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 16 ربيع الثاني 1439هـ/3-01-2018م, 08:30 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

بارك الله فيكم وسدّدكم.
ويرجى من كل طالبة الاستفادة من تقويمات زميلاتها نظرا لتكرّر بعض الملحوظات، والغالب أني أضيف للطالبة ما لم أذكره سابقا في تقويم زميلاتها.
كما نوصي بمراجعة
التعليقات العامّة وتعديل ما يلزم عند العرض النهائي.

هناء هلال
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
-
قلتِ: "اختلف المفسرون في المراد بالنجوم على قولين: القول الأول : أن المراد بها القرآن ، واختلف من قال بذلك على قولين : 1- هي نجوم القرآن ، وهو قول ابن عباس وعكرمة"
والصواب: واختلف في المراد بالمواقع على قولين، الأول: أنها منازل القرآن...
ويراجع التعليق العامّ في توجيه قول ابن مسعود رضي الله عنه.
-
قلتِ: "3- مساقطها حيث تغيب ، وهو قول الفراء عن ابن مسعود وأبي عبيدة وقتادة وذكر البخاري في صحيحه ."
هذا القول لم يؤثر عن ابن مسعود، وإنما هو القول الآخر ذكره الفرّاء والبخاري مع قوله.
-
قول الحسن "انتثارها يوم القيامة" مبني على أن انتثار النجوم يوم القيامة هو أحد معاني وقوعها، فإن للنجوم مواقع في السماء ومواقع في الأرض، فأما مواقعها في السماء فهي محالّها ومطالعها ومساقطها وأفلاكها التي تسير فيها، وأما مواقعها على الأرض فتشمل انقضاضها لرجم مسترقي السمع من الشياطين وهذا يكون في الدنيا، وتشمل انتثارها يوم تنكدر وتتلاشى عند قيام الساعة.

أمل يوسف
أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.
راجعي الرابط الخاصّ بالمراجع التي تناولت سبب نزول الآيات من موقع الجمهرة ففيها تفصيل مفيد، زادك الله سدادا وتوفيقا، وأرجو مراجعة التعليقات العامّة وتعديل ما يلزم في العرض النهائي.

مها شتا
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وأرجو استدراك ما قلناه في تقويم مرحلة استخلاص الأقوال وتخريجها، أما بالنسبة لمرحلة جمع التعليقات والحجج وتوجيه الأقوال -والتي هي موضوع هذا التطبيق- فننبّه إلى الآتي:
-
عند كتابة التعليقات لابد من عزو الكلام.
-
يلاحظ إكثارك من النقل أثناء التوجيه مما يطيل الكلام أكثر من اللازم، والأولى أن تعبّري بأسلوبك مع الاقتصار على القليل من النصوص للاستشهاد على الكلام.
-
راجعي تقويم الأستاذة أمل يوسف في قول "انتثارها يوم القيامة"، وفي قول "الأنواء"، فتفسير "مواقع النجوم" بالأنواء لا يصحّ حمله على أنه من التفسير النبويّ.
وتراجع التعليقات العامّة وتعديل ما يلزم عند العرض النهائي.

ميسر ياسين
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
-
توجيه قول أن النجوم هي نجوم السماء المعروفة مبناه أن هذا هو المعهود من كلام العرب وأنه متى طلقت النجوم أريد بها نجوم السماء.
-
إذا قال أحد المفسّرين إن القول مأخوذ من بعض الآثار الواردة في سبب النزول، فواجب الباحث أن يبحث عن هذه الآثار ليفهم حقيقة هذا القول، ولا يكتفي بهذا النقل الوسيط.
-
وتوجيه لفظة المواقع في جميع الأقوال لا يخرج عن كونها مصدرا بمعنى الوقوع أو ظرف زمان أو ظرف زمان، ولكن قد يختلف الحال بين أن تكون مواقع في السماء أو في الأرض، أو تكون في الدنيا أو يوم القيامة، وعليه تفسّر الأقوال المختلفة في هذه اللفظة.

مضاوي الهطلاني
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ويجب توجيه الأقوال المتفرّعة عن كلا القولين "نجوم القرآن ونجوم السماء" كل قول على حدة، وتراجع التعليقات السابقة فيما يخصّ سبب النزول.

بدرية صالح
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وبعد الاستفادة من تقويم المرحلة الثانية، ومراجعة الإرشادات العامّة أعلاه، ننبّه إلى الآتي:
- "
قول "محكم القرآن" لم يرو عن ابن عباس.
-
راجعي ما ذكر في التقويمات السابقة بخصوص توجيه أقوال "انتثارها يوم القيامة" و"الأنواء" وصلتها بسبب النزول.

فاطمة الزهراء أحمد
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- أكثرتِ جدا من
النقل، والواجب التعبير بأسلوبك، وأرجو مراجعة التعليق على تطبيق الأستاذة "هيا".
-
ويراجع سبب النزول بتوسّع أفضل، وراجعي روابط موقع الجمهرة.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 23 جمادى الآخرة 1439هـ/10-03-2018م, 07:03 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

اختلف العلماء في المراد بمواقع النجوم على قولين ويندرج تحت هذين القولين أقوال عدة :

-الأول :المراد يالنجوم نجوم السماء وهي الكواكب المعروفة , وهذا ظاهر الآية.
واختلفوا في المراد بقوله {مواقع } على أقوال عدة :
-الأول : منازل النجوم , رواه عبدالرزاق عن معمر عن قتادة , ورواه ابن جرير عن قتادة قللب حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: بمنازل النّجوم.وذكره ابن الأثير من غير نسبه .
-الثاني : مساقطها ومغايبها في المغرب. قاله البخاري في صحيحه , وأبي عبيدة في كتابه مجاز القرآن ورواه ابن جرير الطبري عن مجاهد وقتادة , قال ابن جرير : - حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بمواقع النّجوم}. قال في السّماء ويقال مطالعها ومساقطها.
- حدّثني بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. أي مساقطها. ورواه الهمذاني في تفسير مجاهد قال نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يعني بمواقع النجوم في السماء ويقال أيضا مطلعها ومساقطها . وذكره ابن الأثير من غير نسبه .
*التعليق: قال الزجاج : ومواقع النجوم مساقطها، كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب} . فمن قال مساقطها استدل بهذه الآية التي فيها القسم بالجهات , وقال مكي بن أبي طالب (بمواقع) حيث تغيب , وتفسيره يكون بالآية السابقة فالشمس مثلا تغيب من الغرب ..
قال ابن عاشور: والوُقُوعُ يُطْلَقُ عَلى السُّقُوطِ، أيِ الهَوى، فَمَواقِعُ النُّجُومِ مَواضِعُ غُرُوبِها فَيَكُونُ في مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ [النجم: ١] والقَسَمُ بِذَلِكَ مِمّا شَمِلَهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشارِقِ والمَغارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠] . وجَعَلَ مَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذا المَعْنى مُقْسَمًا بِهِ لِأنَّ تِلْكَ المَساقِطَ في حالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَها تُذَكِّرُ بِالنِّظامِ البَدِيعِ المَجْعُولِ لِسَيْرِ الكَواكِبِ.
قال ابن حجر: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره.
قال ابن جرير: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.

-الثالث: انكدارها وانتشارها يوم القيامة، نسبه العيني للحسن من غير إسناد
رواه ابن جرير عن الحسن قال: حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: قال الحسن: انكدارها وانتثارها يوم القيامة.

-الرابع: الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا مطرنا بنوء كذا , ذكره ابن الأثير ونسبه إلى حديث في صحيح مسلم عن ابن عباس قال : قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكرٌ، ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فنزلت: هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النّجوم (75) وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ (76) إنّه لقرآنٌ كريمٌ (77) في كتابٍ مكنونٍ.....) ,ونسبه الماوردي إلى الضحاك من غير إسناد وكذلك ابن كثير .
*التعليق:
من فسر مواقع النجوم بهذا التفسير استند في ذلك على سبب النزول , كما روى الواحدي في كتابه قال: أخبرنا سعيد بن محمد المؤذن قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا حمدان السلمي قال: حدثنا النضر بن محمد قال: حدثنا عكرمة بن عمار قال: حدثنا أبو زميل قال: حدثني ابن عباس قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا: هذه رحمة وضعها الله تعالى وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا)) فنزلت هذه الآيات: {فَلا أُقسِمُ بِمَواقِعِ النُجومِ}حتى بلغ: {وَتَجعَلونَ رِزقَكُم أَنَّكُم تُكَذِّبونَ} رواه مسلم عن عباس بن عبد العظيم عن النضر بن محمد.
وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في سفر فنزلوا منزلا فأصابهم العطش وليس معهم ماء فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أرأيتم إن دعوت لكم فسقيتم فلعلكم تقولون: سقينا هذا المطر بنوء كذا)) فقالوا: يا رسول الله ما هذا بحين الأنواء قال: فصلى ركعتين ودعا الله تبارك وتعالى فهاجت ريح ثم هاجت سحابة فمطروا حتى سالت الأودية وملأوا الأسقية ثم مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يغترف بقدح له وهو يقول: سقينا بنوء كذا ولم يقل:
[أسباب النزول: 429]
هذا من رزق الله سبحانه فأنزل الله سبحانه {وَتَجعَلونَ رِزقَكُم أَنَّكُم تُكَذِّبونَ}.
-الخامس : السماء , ذكره الماوردي عن ابن جرير من غير إسناد , وذكره ابن كثير عن مجاهد بلا إسناد .
-السادس: مواقعها:الانقضاض إثر العفاريت ،ذكره بن عطية والثعالبي بلا نسبة لأحد .


القول الثانى :أن المراد بالنجوم ،نجوم القرآن إذ نزل مفرقا على السنين وهو مأخوذ من معنى نجم الشىء قسطه . واختلف في المواقع على أقوال:
الأول: :منازل القرآن {أنزل القرآن على الرسول منجما نجوما متفرقة} , ذكره عبدالرزاق عن معمر والكلبي قال: قال معمر وقال الكلبي هو القرآن كان ينزل نجوما . ورواه النسائي عن ابن عباس قال: - أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبي عوانة، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " نزل القرآن جميعًا في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا، ثمّ فصّل فنزل في السّنين، فذلك قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. ورواه الطبري عن ابن عباس وعكرمة كذلك قال: حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا حصينٌ، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرّق في السّنين بعد قال: وتلا ابن عبّاسٍ هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: نزل متفرّقًا. وقال : حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: أنزل اللّه القرآن نجومًا ثلاث آياتٍ وأربع آياتٍ وخمس آياتٍ.
قال ابن قتيبة : أراد نجوم القرآن إذا نزل.
قال الزجاج : عنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}فاستدل بالمعنى على ما يلي هذذه الآية من الآيات التي بينت أنها تتعلق بالقرآن .
قال ابن عطية : ويُؤَيِّدُ هَذا القَوْلَ عَوْدُ الضَمِيرِ عَلى القُرْآنِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾، وذَلِكَ أنَّ ذِكْرَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلّا عَلى هَذا التَأْوِيلِ؟
فمن فسر النجوم بمعنى القسط من الشيء , والجزء منه , كما يقال: نجوم تادبات والغرامات . وجعلوا المراد بالنجوم الطوائف من الآيات التي تنزل من القرآن , فصرفوا ظاهر المعنى , كما قال ابن عاشور .
-الثاني: محكم القرآن . رواه الفراء في كتابه معاني القران عن المنهال بن عمرو عن ابن مسعود قال: الفضيل بن عياض عن منصور عن المنهال بن عمرو رفعه إلى عبدالله فيما أعلم شك الفراء قال: فلا أقسم بموقع النجوم، قال: بمحكم القرآن، وكان ينزل على النبى صلى الله عليه نجوما . ورواه ابن جرير عن مجاهد , قال: حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، {فلا أقسم بمواقع النجوم}. قال: هو محكم القرآن.
*التعليق:" قال الفراء : وكان ينزل على النبي صلى الله عليه نجوما.
قال القسطلاني: ويؤيده وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم, أي أن ما بعده من الآيات تؤيد هذا القول فإن القرآن الكريم محكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
قال السندي: مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم. لكن قوله هذا قد لا يتناسب مع سياق الآية والله أعلم.
-الثالث:مستقر الكتاب أوله وآخره, رواه ابن جرير عن ابن عباس , قال: حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ}. قال: مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.

*ومما يتعلق باختلاف العلماء هل المراد القرآن أو النجوم في السماء تفسير مرجع الضمير في قوله ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ فأصحاب القول الثاني قالوا: إِنَّ الْهَاءَ تَعُودُ عَلَى الْقُرْآنِ، أَيْ إِنَّ الْقُرْآنَ لَقَسَمٌ عَظِيمٌ. وَقِيلَ: مَا أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ عَظِيمٌ (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) ذُكِرَ الْمُقْسَمُ عَلَيْهِ، أَيْ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ، لَيْسَ بِسِحْرٍ وَلَا كَهَانَةٍ، وَلَيْسَ بِمُفْتَرًى، بَلْ هُوَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ مَحْمُودٌ، جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُعْجِزَةً لِنَبِيِّهِ ﷺ، كما ذكره القرطبي.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 27 جمادى الآخرة 1439هـ/14-03-2018م, 10:13 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تماضر
بارك الله فيك ونفع بك.
- لم توجّهي سوى القول الثاني المتفرّع عن القول بأن النجوم نجوم السماء، ويبدو أن مفهوم التوجيه لم يتّضح لك بعد.
فأول الطريق في فهم أقوال هؤلاء المفسّرين في المراد بمواقع النجوم أن نفهم معنى "المواقع" أولا بعدما تبيّن لنا أن النجوم هي نجوم السماء المعروفة، ثم نفهم علاقة هذه الأقوال بمعنى المواقع في اللغة، هذا على اعتبار القول الأول في النجوم.
لذا كان الأمر يحتاج منك إلى بحث جيد في معرفة معنى "المواقع" ثم تأمّل الأقوال وتوجيهها، وراجعي التعليقات على التقويمات السابقة، كما يمكنك الاستفادة من التطبيقات الجيدة في فهم طريقة التوجيه، وكذلك في الأقوال المتفرّعة عن القول بنجوم القرآن.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 29 جمادى الآخرة 1439هـ/16-03-2018م, 10:49 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

منيرة محمد
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- نقول: اختلفوا في المراد بالنجوم على قولين، ويجب توجيه القولين، أي بيان حجة من تأول النجوم بالقرآن ومن تأولها بنجوم السماء ابتداء.
- تكفي نسبة القول إلى قائليه من السلف وذكر المصادر المسندة التي روته دون المصادر الناقلة.
والتطبيق جيد لكنه بحاجة إلى تهذيب لكثرة النقول التي تعتبر مكررة، فاختاري منها ما يفي بالغرض فقط وعبري بأسلوبك عن خلاصة ما فهمته من أقوال أهل العلم.
وأنبه أن المقصود بالتعليقات على الأقوال ليس تعليق الطالب إنما يراد بها التعليقات المختصرة التي يعقّب بها أهل العلم على القول من جهة وصفه بالقوة والضعف أو أنه قول الجمهور ونحو ذلك.
وأرجو أن تفيدك التعليقات على تطبيقات الزميلات.
وفقك الله.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 8 رجب 1439هـ/24-03-2018م, 01:34 AM
عابدة المحمدي عابدة المحمدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 483
افتراضي

تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.

المطلوب:
5: جمع تعليقات أهل العلم على الأقوال الواردة في المسألة
6: جمع الحجج والاعتراضات.
7: توجيه الأقوال.

القول الأول : وفيه أقوال
1- أنها نجوم القرآن وأنه نزل منجما مفرقا على حسب الوقائع .
قال به ابن عباس وعكرمة وقتادة والحسن والكلبي.

التخريج :
- أما قول ابن عباس فرواه النسائي عن إسماعيل بن مسعودٍ عن المعتمر بن سليمان، عن أبي عوانة، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ عنه .
- ورواه ابن جرير بلفظ مقارب من طريق يعقوب بن إبراهيم عن هشيمٌ عنه .
- ورواه عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ بنفس اللفظ من طريق حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عنه. وقال علي الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني وفيه حكيم بن جبير وهو متروك .
- وروى الحاكم النيسابوري عن أبو بكرٍ محمّد بن المؤمّل عن الفضل بن محمّدٍ الشّعرانيّ عن عمرو بن عونٍ الواسطيّ عن هشيمٌ عن حصين بن عبد الرّحمن، عن سعيد بن جبيرٍ عنه . وقال عنه صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
- أما ما رواه عكرمة فرواه ابن جرير عن يزيد عن عكرمة عن ابن حميدٍ عن يحيى بن واضحٍ عن الحسين، عن يزيد عنه.
- ورواه ايضا بألفاظ مقاربة أيضا من طريق ابن عبد الأعلى عن المعتمر، عن أبيه، عنه.
- أما ما رواه الكلبي فرواه عبد الرزاق بدون إسناد .
الاعتراضات:
وقال الرازي وَأَمَّا مَوَاقِعُ نُجُومِ الْقُرْآنِ، فَهِيَ قُلُوبُ عِبَادِهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَصَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ مَعَانِيهَا وَأَحْكَامُهَا الَّتِي وَرَدَتْ فِيهَا.
الحجج:
وقال الزجاج إن مواقعِ النجومِ يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نُجُوماً شيئاَ بَعْدَ شَيءٍودليل هذا القول (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ)
وقال ابن عاشور ومن المفسرين من تأول النجوم أنها جمع نجم وهو القسط الشيء من مال وغيره كما يقال: نجوم الديات والغرامات وجعلوا النجوم، أي الطوائف من الآيات التي تنزل من القرآن وهو عن ابن عباس وعكرمة فيؤول إلى القسم بالقرآن على حقيقته على نحو ما تقدم في قوله تعالى:( والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا)
وقال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم).
التوجيه :
رجح هذا القول محمد الأمين الشنقيطي وخالف ابن جرير الطبري في ذلك وذكر سبب ترجيحه لأمرين فقال :
أحدهما: أن هذا الذي أقسم الله عليه بالنجم إذا هوى الذي هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - على حق وأنه ما ضل وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى - موافق في المعنى لما أقسم عليه بمواقع النجوم، وهو قوله: إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون إلى قوله: تنزيل من رب العالمين.
والثاني: أن كون المقسم به المعبر بالنجوم هو القرآن العظيم - أنسب لقوله بعده: وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ، لأن هذا التعظيم من الله يدل على أن هذا المقسم به في غاية العظمة.
ولا شك أن القرآن الذي هو كلام الله أنسب لذلك من نجوم السماء ونجم الأرض. والعلم عند الله تعالى.
وقيل : محكم القرآن .
- قاله: مجاهد رواه ابن جرير عن يحيى بن إبراهيم المسعوديّ عن أبيه، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عنه .
- وذكره البخاري في صحيحه من غير إسناد .
- وذكر السيوطي هذا القول عن ابن نصر، وابن الضريس عنه.
التوجيه :
لا يتعارض مع ما سبقه وإنما ذكرته لتعدد رواياته فأفردته بالذكر .
القول الثاني : أنها نجوم السماء, وفيه أقوال :
1- مساقط النجوم ومطالعها .
قاله مجاهد وقتادة والحسن .
التخريج :
- أما قول مجاهد فرواه ابن جرير وعبد الرحمن بن الحسن الهمذاني في تفسير مجاهد من طريق أبي نجيح عن محمّد بن عمرٍو عن أبو عاصمٍ عن عيسى عنه .
- أما قاله الحسن فرواه ابن جرير عن الحارث عن الحسن عن ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه.
- وأما ما رواه قتادة رواه عنه عبد الرزاق عن معمر عنه.
- ورواه ابن جرير من طريق يزيد عن سعيد عن بشرٌ عن يزيد عن سعيدٌ، عنه .
- ورواه ابن جرير من طريق ابن عبد الأعلى عن ابن ثور عن معمر عنه
الحجج :
قال ابن جزي قول كثير من المفسرين: أن النجوم الكواكب ومواقعها مغاربها ومساقطها.
وقال ابن عاشور(وبمواقع النجوم جمع موقع يجوز أن يكون مكان الوقوع، أي محال وقوعها من ثوابت وسيارة. والوقوع يطلق على السقوط، أي الهوى، فمواقع النجوم مواضع غروبها فيكون في معنى قوله تعالى: والنجم إذا هوى والقسم بذلك مما شمله قوله تعالى: فلا أقسم برب المشارق والمغارب. وجعل بمواقع النجوم بهذا المعنى مقسما به لأن تلك المساقط في حال سقوط النجوم عندها تذكر بالنظام البديع المجعول لسير الكواكب كل ليلة لا يختل ولا يتخلف، وتذكربعظمة الكواكب وبتداولها خلفة بعد أخرى، وذلك أمر عظيم يحق القسم به الراجع إلى القسم بمبدعه.
ويطلق الوقوع على الحلول في المكان، يقال: وقعت الإبل، إذا بركت، ووقعت الغنم في مرابضها، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة كما تقدم، فالمواقع: محال وقوعها وخطوط سيرها فيكون قريبا من قوله: (والسماء ذات البروج).
التوجيه:
ورجح هذا القول ابن جرير الطبري أن المراد بذلك مواقعها ومغايبها ومساقطها لإن مواقع جمع موقع والموقع المفعل من وقع يقع موقعا وهو الأظهر من معانيه.
ويؤيده ما قاله الفراء عندما فسر قوله موقع بمسقط النجوم إذا سقطن, على إحدى القراءتين في الآية .
وأن الله عز وجل قال (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ).

2- مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت.
ذكره ابن عطية من غير إسناد.
التوجيه :
يؤيد هذا القول قوله تعالى ( وجعلناها رجوما للشياطين ).
3- الأنواء التي كانوا في الجاهلية يقولون مطرنا بنوء كذا
روي هذا القول عن الضحاك ذكره القرطبي في تفسيره من غير إسناد.
التوجيه :
ويؤيد هذا القول الرواية التي وردت في سبب النزول .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حزرة قال: نزلت هذه الآيات في رجل من الأنصار في غزوة تبوك، نزلوا الحجر، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يحلوا من مائها شيئا، ثم ارتحل ونزل منزلا آخر وليس معهم ماء، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقام فصلى ركعتين ثم دعا فأرسل الله سحابة فأمطرت عليهم حتى استقوا منها، فقال رجل من الأنصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق: ويحك أما ترى ما دعا النبي صلى الله عليه وسلم، فأمطر الله علينا السماء، فقال: إنما مطرنا بنوء كذا وكذا). [لباب النقول: 252]
الجمع بين الروايتين :
ذكر ابن قيم الجوزية التبيان في أقسام القرآن جمعا لهذه الأقوال فقال (أنّ النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الغي والجهل، فتلك هداية في الظلمات الحسية، وآيات القرآن هداية في الظلمات المعنوية، فجمع بين الهدايتين مع ما في النجوم من الزينة الظاهرة للعالم وفي القرآن من الزينة الباطنة، ومع ما في النجوم من الرجوم للشياطين، وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجن، والنجوم آياته المشهودة العيانية، والقرآن آياته المتلوة السمعية مع ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النّزول).


رد مع اقتباس
  #19  
قديم 13 رجب 1439هـ/29-03-2018م, 01:51 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

عابدة المحمدي
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- القول الأول في النجوم أنها نجوم القرآن، ثم يتفرّع عنه قولان في المواقع: أنها منازله والثاني أنها محكم القرآن، هكذا يكون التصنيف.
والقول بأن النجوم نجوم القرآن لابد له من توجيه خاصّ قبل توجيه الأقوال في المراد بمواقعه.
- بالنسبة للتخريج: إذا دارت الأسانيد على راو واحد فإننا لا نكررها عند التخريج بل نختصرها كما في قول ابن عباس الأول فإنه تكرر في ثلاث مصادر من نفس الطريق وهو طريق حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقد نحتاج إلى ذكر نصّ الرواية إذا كان القول مستخرجا أي فهمه الباحث من الرواية وليس منصوصا عليه.
- ما نقلتيه عن الرازي كاعتراض على القول الأول ليس اعتراضا إنما هو قول آخر، ولم يتعرّض لبقية الأقوال بشيء.
- ما ذكرتيه كحجة على القول الأول (نزول القرآن) يصلح للتوجيه، لأننا نقصد التوجيه اللغوي، أما الحجج فهي أدلّة على القول، وما ذكرتيه في التوجيه فمحلّه فقرة الدراسة والنقد والترجيح.
- أدخلتِ كلام السندي على القول بأن مواقع النجوم محكم القرآن في غير موضعه، وتوجيه هذا القول مختلف عن قول ابن عباس، كما أنه هذا القول مرويّ عن ابن مسعود، رواه الفرّاء في معاني القرآن وذكر السيوطي في الدرّ المنثور أن الفريابي أخرجه بسند صحيح، فراجعي الكتابين.
- القول بأن النجوم نجوم السماء لابد له من توجيه خاصّ قبل توجيه الأقوال في المواقع، وتوجيه هذا القول أن هذا هو المعروف من استعمال اللفظ وأنه متى أطلق أريد به النجوم المعروفة.
- راجعي تخريج قول الحسن في القول بأن مواقع النجوم مساقطها فهي رواية عن مجاهد.
- ما نقلتيه عن ابن عاشور في القول بالمساقط هو التوجيه اللغوي للقول، أما ما ذكرتيه في التوجيه فهذا محلّه مرحلة الدراسة والترجيح.
- الأقوال غير المنسوبة للسلف كالقول بأن مواقع النجوم انقضاضها إثر العفاريت تؤخّر، والتوجيه كما ذكرنا أي اللغوي، وفي هذا القول فإن توجيهه أن رجم الشياطين شكل من أشكال وقوع النجوم.
- فاتك قول من أهم الأقوال وهو أن مواقع النجوم منازلها وأفلاكها في السماء.
وأحيلك على ملاحظات التقويم أعلاه لأن فيها زيادات مهمّة.
وفقك الله.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مراجعة, تطبيقية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir