دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ربيع الأول 1439هـ/12-12-2017م, 06:08 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي مراجعة تطبيقية لدورة المهارات المتقدّمة في التفسير- المرحلة الأولى

مراجعة تطبيقية على دروس مهارات التفسير المتقدّمة.
- المرحلة الأولى -




موضوع البحث:
تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.



المطلوب:

1: تصنيف المسألة وترشيح المراجع الأولية للبحث.
2: جمع كلام أهل العلم وترتيبه.



إرشادات:
- هذا التطبيق مراجعة على دروس دورة مهارات التفسير المتقدّمة.
- سيتمّ أداء هذا التطبيق على خمس مراحل قصيرة؛ ليوقف الطالب على الملاحظات أولا بأول وصولا إلى التحرير النهائي للمسألة.
- يرجى تقديم كل مرحلة في موعدها حتى لا يبدأ الطالب في المرحلة اللاحقة إلا بعد تقويم الأولى.
- في المطلوب الثاني يقتصر الطالب على وضع تقرير حول ما اجتمع لديه من النقول في المسألة، ولا يطلب منه وضع النقول بنصّها.
- لا يشترط في هذا التطبيق تقصّي جميع المصادر، لكن لا يقبل فوات المراجع المهمّة.
- سيتمّ وضع تعليق عامّ على كل تطبيق في موعده -بإذن الله- حتى يستدرك الطالب ما فاته في المرحلة التالية.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح
وجعلكم للمتّقين إماما

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 ربيع الأول 1439هـ/13-12-2017م, 05:23 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي

تصنيف المسألة وترشيح المراجع الأولية للبحث:
تصنيف المسألة: تفسيرية لغوية.
المراجع الأولية للبحث:
من كتب التفسير: ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية وابن الجوزي، وابن كثير ، وكتب معاني القرآن للفراء والزجاج والنحاس والأخفش ومجاز القرآن لأبي عبيدة.
من كتب اللغة:العين للخليل بن أحمد، وتهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، ومعجم المقاييس لابن فارس.

- هذه المسألة تفسيرية لغوية لأن تفسير المراد بمواقع النجوم مرتبط بالمعنى اللغوي لكلمة نجم .
الذي تحصّل لي من النقول في هذه المسألة:
من دواوين السنّة:
كتاب التفسير من صحيح البخاري،سنن النسائي الكبرى ،مستدرك أبي عبد الله الحاكم النيسابوري.
،ولم أجد المسألة في كتاب التفسير من صحيح مسلم،ولا في كتاب التفسير من سنن سعيد بن منصور الخراساني ولا في أبواب تفسير القرآن من جامع الترمذي، ولا في كتاب تفسير القرآن من جامع عبد الله بن وهب المصري.
من جوامع الأحاديث والزوائد:
جامع الأصول في أحاديث الرسول لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير،ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد لأبي بكر الهيثمي ، والدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي .
،ولم أجد المسألة في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ،ولا في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة.
من التفاسير المسندة المطبوعة:
تفسير القرآن العزيز، لمحدّث اليمن عبد الرزاق بن همام الصنعاني،جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لإمام المفسّرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، وتفسير الثعلبي، والبغوي.
،ولم أجد المسألة في تفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي.
من الأجزاء والصحف التفسيرية المطبوعة:
تفسير مجاهد بن جبر.
،لم أجد المسألة في تفسير نافع بن أبي نعيم ،ولا في تفسير مسلم بن خالد الزنجي، ولا في تفسير عطاء بن أبي مسلم الخراساني ولا في تفسير يحيى بن اليمان.
من التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير:
الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي،النكت والعيون للماوردي،المحرر الوجيز لابن عطية،زاد المسير لابن الجوزي،الجامع لأحكام القرآن للقرطبي،تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي.
من كتب شروح الأحاديث:
شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ،وعمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني ،وإرشاد الساري شرح صحيح البخاري للقسطلاني ،حاشية الإمام السندي على صحيح البخاري.
،ولم أجد المسألة في صحيح مسلم ولا في جامع الترمذي لذا لم أبحث في شروحهما.
ومن كتب معاني القرآن:
معاني القرآن للفراء والزجاجومجاز القرآن لأبي عبيدة .
ومن كتب غريب القرآن:
غريب القرآن وتفسيره لابن قتيبة ،ولابن المبارك اليزيدي.
ومن المعاجم:
العين للخليل بن أحمد، وتهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، ومعجم المقاييس لابن فارس.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 ربيع الأول 1439هـ/14-12-2017م, 02:32 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى:{فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.
تصنيف المسألة: تفسيرية .
نحتاج لمعرفة المراد من "مواقع النجوم" أن نجمع كلام المفسرين
المراجع الأولية:..تفاسير ابن جرير، وابن أبي حاتم، والزجاج، وابن عطية، ومكي القيسي؛ والماوردي ؛وابن الجوزي، والقرطبي وابن كثير، وغيرهم.
وأيضا نجمع كلام المفسرين من السلف من الأحاديث والآثار
**
جمع كلام أهل ا لعلم
قال يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة، البصري ثم الإفريقي القيرواني (ت: 200هـ)
هَمَّامٌ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جُمْلَةً وَاحِدَةً لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ جَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْزِلُ نُجُومًا: ثَلاثَ آيَاتٍ، وَأَرْبَعَ وَخَمْسَ آيَاتٍ وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ.
ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] .[ تفسير يحيى بن سلام (1/ 167)]
قال أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (ت: 207هـ)
وقوله : { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } .
حدثنا الفراء قال : وحدثني أبو ليلى السجستاني عن أبى جرير قاضى سجستان قال : قرأ عبد الله بن مسعود : «فلا أُقْسِمَ بموقعِ النُّجومِ » والقراء جميعاً على : مواقع .
حدثنا الفراء قال : حدثني الفضيل بن عياض عن منصور عن المنهال بن عمرو رفعه إلى عبد الله فيما أعلم شك الفراء [ 192/ب ] قال : فلا أقسم بموقع النجوم ، قال : بمحكم القرآن ، وكان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما .
معاني القرآن للفراء (3/ 129)

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله فلا أقسم بمواقع النجوم قال منازل النجوم
قال معمر وقال الكلبي هو القرآن كان ينزل نجوما). [تفسير عبد الرزاق: 2/273]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] : " بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ "). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله بمواقع النّجوم بمحكم القرآن قال الفرّاء حدّثنا فضيل بن عياضٍ عن منصورٍ عن المنهال بن عمرٍو قال قرأ عبد اللّه فلا أقسم بمواقع النّجوم قال بمحكم القرآن وكان ينزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نجومًا وعند عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله بمواقع النّجوم قال بمنازل النّجوم قال وقال الكلبيّ هو القرآن أنزل نجومًا انتهى ويؤيّده ما أخرج النّسائيّ والحاكم من طريق حصينٍ عن سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ قال نزل القرآن جميعًا ليلة القدر إلى السّماء ثمّ فصّل فنزل في السّنين وذلك قوله فلا أقسم بمواقع النّجوم قوله ويقال بمسقط النّجوم إذا سقطن ومواقع وموقعٌ واحدٌ هو كلام الفرّاء أيضًا بلفظه ومراده أنّ مفادهما واحدٌ وإن كان أحدهما جمعًا والآخر مفردًا لكن المفرد المضاف كالجمع في إفادة التّعدّد وقرأها بلفظ الواحد حمزة والكسائيّ وخلفٌ وقال أبو عبيدة مواقع النّجوم مساقطها حيث تغيب). [فتح الباري: 8/626-627]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بمواقع النّجوم: بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ.
أشار به إلى قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} (الواقعة: 75) وفسره بشيئين أحدهما قوله: (بمحكم القرآن) وقال الفراء: حدثنا فضيل ابن عبّاس عن منصور عن المنهال بن عمرو. وقال: قرأ عبد الله (فلا أقسم بمواقع النّجوم) قال: بمحكم القرآن، وكان ينزل على النّبي صلى الله عليه وسلم نجوما وبقراءته قرأ حمزة والكسائيّ، وخلف، والآخر بقوله: (ومسقط النّجوم إذا سقطن) ومساقط النّجوم مغربها، وعن الحسن: انكدارها وانتشارها يوم القيامة، وعن عطاء بن أبي رباح: منازلها. قوله: (فلا أقسم) ، قال أكثر المفسّرين معناه: أقسم، ولا نسلة وقال بعض أهل العربيّة، معناه فليس الأمر كما تقولون: ثمّ استأنف القسم. فقال: أقسم قوله: (ومواقع وموقع واحد) ليس قوله: (واحد) بالنّظر إلى اللّفظ ولا بالنّظر إلى المعنى، ولكن باعتبار أن ما يستفاد منهما واحد، لأن الجمع المضاف والمفرد المضاف كلاهما عامان بلا تفاوت على الصّحيح، قال الكرماني: إضافته إلى الجمع تستلزم تعدده. كما يقال: قلب القوم والمراد قلوبهم). [عمدة القاري: 19/220]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({بمواقع النجوم}) أي (بمحكم القرآن) ويؤيده وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم. (ويقال بمسقط النجوم إذا سقطن) بكسر قاف بمسقط أي بمغارب النجوم السمائية إذا غربن. قال في الأنوار: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره (ومواقع وموقع) الجمع والمفرد (واحد) فيما يستفاد منها لأن الجمع المضاف والمفرد المضاف كلاهما عامّان بلا تفاوت على الصحيح وبالإفراد قرأ حمزة والكسائي). [إرشاد الساري: 7/373]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم). [حاشية السندي على البخاري: 3/72]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}
-
أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبي عوانة، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " نزل القرآن جميعًا في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا، ثمّ فصّل فنزل في السّنين، فذلك قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/287]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} فقال بعضهم: عني بقوله: {فلا أقسم}. أقسم.
ذكر من قال ذلك:
-
حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جريجٍ، عن الحسن بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، {فلا أقسم}. قال: أقسم.
وقال بعض أهل العربيّة: معنى قوله: {فلا} فليس الأمر كما تقولون ثمّ استأنف القسم بعد فقيل أقسم.
وقوله: {بمواقع النّجوم}. اختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: فلا أقسم بمنازل القرآن، وقالوا: أنزل القرآن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نجومًا متفرّقةً.
ذكر من قال ذلك:
-
حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا حصينٌ، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرّق في السّنين بعد قال: وتلا ابن عبّاسٍ هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: نزل متفرّقًا.
-
حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: أنزل اللّه القرآن نجومًا ثلاث آياتٍ وأربع آياتٍ وخمس آياتٍ.
-
حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرمة: إنّ القرآن نزل جميعًا، فوضع بمواقع النّجوم، فجعل جبريل يأتي بالسّورة، وإنّما نزل جميعًا في ليلة القدر.
-
حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: هو محكم القرآن.
-
حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ}. قال: مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم.
ذكر من قال ذلك:
-
حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بمواقع النّجوم}. قال في السّماء ويقال مطالعها ومساقطها.
-
حدّثني بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. أي مساقطها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بمنازل النّجوم
ذكر من قال ذلك:
-
حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: بمنازل النّجوم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بانتثار النّجوم عند قيام السّاعة.
ذكر من قال ذلك:
-
حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: قال الحسن: انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة الكوفة (بموقع) على التّوحيد، وقرأته عامّة قرأة المدينة والبصرة وبعض الكوفيّين {بمواقع}: على الجماع.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ). [جامع البيان: 22/358-362]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({فلا أقسم بمواقع النّجوم}: معناه أقسم، ودخلت (لا) توكيدا كما قال عزّ وجل:
{
لئلّا يعلم أهل الكتاب}: معناه لأن يعلم أهل الكتاب.
ومواقع النجوم مساقطها،كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب}
وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم* إنّه لقرآن كريم}). [معاني القرآن: 5/115]
قال ابن أبي حاتم { 327هـ }
قوله تعالى : { فلا أقسم بمواقع النجوم } آية 75..
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { فلا أقسم بمواقع النجوم } قال : القرآن .
[ تفسير ابن أبي حاتم]
قال ابن أبي حاتم { 327هـ }
ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ رُسْتَهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] : وَ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] ، وَعَنْ {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] أَكُلُّهُ أَمْ بَعْضُهُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَجُعِلَ عِنْدَ مَوَاقِعِ النُّجُومِ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] إِلَى قَوْلِهِ: {الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] الْمَلَائِكَةُ، وَيَنْزِلُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كُلَّمَا أُتِيَ بِمَثَلٍ يَلْتَمِسُ عَيْبَهُ، نَزَلَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ نَاطِقًا، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ لَوْلَا أُنْزِلَ هَذَا الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا، وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 33] وَقَرَأَ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106] " [تفسير ابن أبي حاتم (8/ 2689)]
قال ابن أبي حاتم { 327هـ }
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ الْحَارِثِ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَأَلَهُ عَطِيَّةُ بْنُ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي قَلْبِي الشَّكُّ قَوْلُهُ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] وَقَوْلُهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] وَقَالَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] وَقَدْ أُنْزِلَ لِشَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَشَهْرِ رَبِيعٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِنَّمَا [ص:311] نَزَلَ فِي رَمَضَانَ وَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَفِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ مِنَ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ» وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوُهُ، وَذُكِرَ فِيهِ إِلَى بَيْتٍ فِي السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ بَيْتُ الْعِزَّةِ...
تفسير ابن أبي حاتم (1/ 310)

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا شريك عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بمواقع النجوم نجوم القرآن وذلك أنه نزل القرآن إلى السماء الدنيا جميعه جملة واحدة ثم نجم على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وأكثر). [تفسير مجاهد: 2/651]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يعني بمواقع النجوم في السماء ويقال أيضا مطلعها ومساقطها). [تفسير مجاهد: 2/652]
قال سليمان بن أحمد أبو القاسم الطبراني (ت: 360هـ)
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ، ثنا عَلِيُّ بْنَ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] قَالَ: «نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ نُجُومًا بَعْدُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» [المعجم الكبير للطبراني (12/ 44)]
قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مَنْدَه العبدي (ت: 395هـ)
أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَزَلَ الْقُرْآنُ جَمِيعًا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ فُصِّلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] "[ الإيمان لابن منده (2/ 705)]

قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو بكرٍ محمّد بن المؤمّل، ثنا الفضل بن محمّدٍ الشّعرانيّ، ثنا عمرو بن عونٍ الواسطيّ، ثنا هشيمٌ، أنبأ حصين بن عبد الرّحمن، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " أنزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرق في السّنين قال: وتلا هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] قال: «نزل متفرّقًا» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه ").[المستدرك: 2/519]
قال مكي القيسي –{ 437هـ} :
ثم قال : { فلا أقسم بمواقع النجوم } [ 78 ] لا زائدة والتقدير أقسم .
وقيل لا رد الكلام ، والتقدير ليس الأمر كما يقول الكافر .
ثم استأنف فقال : أقسم بمواقع النجوم ، وقيل " لا بمعنى' " إلا للتنبيه ومعنى مواقع النجوم ، منازل القرآن ، لأن القرآن نزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما متفرقة.
قال ابن عباس نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم فرق في السنين بعد وتلا ابن عباس { فلا أقسم بمواقع النجوم } ، قال نزل متفرقا .
وقال عكرمة فلا أقسم بمواقع النجوم ، قال أنزل الله القرآن نجوما ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات ، وقال أيضا نزل جميعا فوضع بمواقع النجوم ، فجعل جبريل صلى الله عليه وسلم / يأتي بالسورة بعد السورة وإنما نزل جميعا في ليلة القدر.
وقال مجاهد : بمواقع النجوم هو محكم القرآن .
وقال الحسن بمواقع النجوم بمغاربها ، وقاله قتادة .
وعن الحسن أيضا بمواقع النجوم هو أنكدارها وانتشارها يوم القيامة
وعن مجاهد أيضا بمواقع النجوم مطالعها ومساقطها
.. { الهداية إلى بلوغ النهاية}
قال أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (ت: 450هـ)
{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } فيه وجهان :
أحدهما : أنه إنكار أن يقسم الله بشيء من مخلوقاته ، قال الضحاك : إن الله لا يقسم بشىء من خلقه ولكنه استفتاح يفتتح به كلامه .
الثاني : أنه يجوز أن يقسم الخالق بالمخلوقات تعظيماً من الخالق لما أقسم به من مخلوقاته .
فعلى هذا في قوله : { فَلاَ أُقْسِمُ } وجهان :
أحدهما : أن " لا " صلة زائدة ، ومعناه أقسم .
الثاني : أن قوله : { فَلاَ } راجع إلى ما تقدم ذكره ، ومعناه فلا تكذبوا ولا تجحدوا ما ذكرته من نعمة وأظهرته من حجة ، ثم استأنف كلامه فقال : { أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } .
وفيها ستة أقاويل :
أحدها : أنها مطالعها ومساقطها ، قاله مجاهد .
الثاني : انتشارها يوم القيامة وانكدارها ، قاله الحسن .
الثالث : أن مواقع النجوم السماء ، قاله ابن جريج .
الرابع : أن مواقع النجوم الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا : مطرنا بنوء كذا ، قاله الضحاك ، ويكون قوله : { فلا أقسم } مستعملاً على حقيقته في نفي القسم بها .
الخامس : أنها نجوم القرآن أنزلها الله من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجمه السفرة على جبريل عشرين ليلة ، ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة ، فهو ينزله على الأحداث في أمته ، قاله ابن عباس والسدي .
السادس: أن مواقع النجوم هو محكم القرآن ، حكاه الفراء عن ابن مسعود
. [ النكت و العيون 5/462) ]
:
قال أبو محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي المحاربي (542هـ)
اختلف الناس في : «لا » ، من قوله : { فلا أقسم بمواقع النجوم } فقال بعض النحويين : هي زائدة والمعنى فأقسم ، وزيادتها في بعض المواضع معروف كقوله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب } [ الحديد : 29 ] وغير ذلك ، وقال سعيد بن جبير وبعض النحويين : هي نافية ، كأنه قال : { فلا } صحة لما يقوله الكفار ، ثم ابتدأ { أقسم بمواقع النجوم }. وقال بعض المتأولين هي مؤكدة تعطي في القسم مبالغة ما ، وهي كاستفتاح كلام مشبه في القسم ألا في شائع الكلام القسم وغيره ، ومن هذا قول الشاعر : [ الطويل ]
* فلا وأبي أعدائها لا أخونها * . . .
والمعنى : فوأبي أعدائها ، ولهذا نظائر .
وقرأ الحسن والثقفي : «فلأقسم » بغير ألف ، قال أبو الفتح ، التقدير : فلأنا أقسم
وقرأ الجمهور من القراء «بمواقع » على الجمع ، وقرأ عمر بن الخطاب وابن عباس وابن مسعود وأهل الكوفة وحمزة والكسائي : «بموقع » على الإفراد ، وهو مراد به الجمع ، ونظير هذا كثير ، ومنه قوله تعالى : { إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } [ لقمان : 19 ] جمع من حيث لكل حمار صوت مختص وأفرد من حيث الأصوات كلها نوع .
واختلف الناس في : { النجوم } هنا ، فقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد وغيرهم : هي نجوم القرآن التي نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنه روي أن القرآن نزل من عند الله في ليلة القدر إلى السماء الدنيا ، وقيل إلى البيت المعمور جملة واحدة ، ثم نزل بعد ذلك على محمد نجوماً مقطعة في مدة من عشرين سنة .
قال القاضي أبو محمد : ويؤيد هذا القول عود الضمير على القرآن في قوله : { إنه لقرآن كريم } ، وذلك أن ذكره لم يتقدم إلا على هذا التأويل ، ومن لا يتأول بهذا التأويل يقول : إن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى : { حتى توارت بالحجاب } [ ص : 32 ] ، و { كل من عليها فان } [ الرحمن : 26 ] وغير ذلك . وقال جمهور كثير من المفسرين : { النجوم } هنا : الكواكب المعروفة . واختلف في موقعها ، فقال مجاهد وأبو عبيدة هي : مواقعها عند غروبها وطلوعها ، وقال قتادة : مواقعها مواضعها من السماء ، وقيل : مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت ، وقال الحسن : مواقعها عند الانكدار يوم القيامة .
[المحرر الوجيز(5/ 250)]
:
{ قال ابن الجوزي - 597هـ }
قوله تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ } في { لا } قولان :
أحدهما : أنها دخلت توكيدا . والمعنى : فأقسم ، ومثله { لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ } [ الحشر : 29 ] قال الزجاج : وهو مذهب سعيد بن جبير .
والثاني : أنها على أصلها . ثم في معناها قولان :
أحدهما : أنها ترجع إلى ما تقدم ، ومعناها : النهي ، تقدير الكلام : فلا تكذبوا ، ولا تجحدوا ما ذكرته من النعم والحجج ، قاله الماوردي .
والثاني : أن { لا } رد لما يقوله الكفار في القرآن : إنه سحر ، وشعر ، وكهانة . ثم استأنف القسم على أنه قرآن كريم ، قاله علي بن أحمد النيسابوري : وقرأ الحسن : فلأقسم بغير ألف بين اللام والهمزة .
قوله تعالى : { بِمَواقِعِ } وقرأ حمزة ، والكسائي : { بموقع } على التوحيد . قال أبو علي : مواقعها : مساقطها . ومن أفرد ، فلأنه اسم جنس . ومن جمع ، فلاختلاف ذلك . وفي { النجوم } قولان :
أحدهما : نجوم السماء ، قاله الأكثرون . فعلى هذا في مواقعها ثلاثة أقوال :
أحدها : انكدارها وانتثارها يوم القيامة ، قاله الحسن .
والثاني : منازلها ، قاله عطاء ، وقتادة .
والثالث : مغيبها في المغرب ، قاله أبو عبيدة .
والثاني : أنها نجوم القرآن ، رواه ابن جبير عن ابن عباس . فعلى هذا سميت نجوما لنزولها متفرقة ، ومواقعها : نزولها
. زاد المسير.

قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكرٌ، ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فنزلت: هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النّجوم (75) وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ (76) إنّه لقرآنٌ كريمٌ (77) في كتابٍ مكنونٍ (78) لا يمسّه إلّا المطهّرون (79) تنزيلٌ من ربّ العالمين (80) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون} [الواقعة: 75 -82] أخرجه مسلم.
[
شرح الغريب]
(
بمواقع): مواقع النجوم: مساقطها ومغاربها، وقيل: منازلها ومسايرها). [جامع الأصول: 2/374-375]
قال ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي (ت: 643هـ)
قالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالا ثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ حَسَّانِ بْنِ أَبِي الأَشْرَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ نُجُومُ الْقُرْآنِ فُصِلَ الْقُرْآنُ مِنَ الذِّكْرِ فَوُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَجَعَلَ جِبْرِيلُ يُنْزِلُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَتِّلُهُ تَرْتِيلا..قَالَ سُفْيَانُ خَمْسَ آيَات وَنَحْوهَا..[الأحاديث المختارة (10/ 154)]
قال ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي (ت: 643هـ)
391 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ أَحْمَدَ الْخَبَّازُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ رَجَاءٍ أَخْبَرَهُمْ أبنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أبنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنُ مَرْدَوَيْهِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُخَوِّلٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِسْعَرٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} قَالَ نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ نَزَلَ نُجُومًا بَعْدُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام....[الأحاديث المختارة (10/ 365)] .

قال أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (ت 671هـ)
الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِمَواقِعِ النُّجُومِ) مَوَاقِعُ النُّجُومِ مَسَاقِطُهَا وَمَغَارِبُهَا فِي قَوْلِ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ. عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: مَنَازِلُهَا. الْحَسَنُ: انْكِدَارُهَا وَانْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. الضَّحَّاكُ: هِيَ الْأَنْوَاءُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ إِذَا مُطِرُوا قَالُوا مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا. الْمَاوَرْدِيُّ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا أُقْسِمُ) مُسْتَعْمَلًا عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ نَفْيِ الْقَسَمِ. الْقُشَيْرِيُّ: هُوَ قَسَمٌ، وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُقْسِمَ بِمَا يُرِيدُ، وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُقْسِمَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ القديمة.
قُلْتُ: يَدُلُّ عَلَى هَذَا قِرَاءَةُ الْحَسَنِ (فَلْأُقْسِمُ) وَمَا أَقْسَمَ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُرَادُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ نُزُولُ الْقُرْآنِ نُجُومًا، أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّفَرَةِ الْكَاتِبِينَ، فَنَجَّمَهُ السَّفَرَةُ عَلَى جِبْرِيلَ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَنَجَّمَهُ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَهُوَ يُنْزِلُهُ عَلَى الْأَحْدَاثِ مِنْ أُمَّتِهِ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: حدثنا إسماعيل ابن إِسْحَاقَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ إِلَى سَمَاءِ الدنيا جملة واحدة، ثم نزل إلى الأرضي نُجُومًا، وَفُرِّقَ بَعْدَ ذَلِكَ خَمْسَ آيَاتٍ خَمْسَ آيَاتٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ). وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ مَوَاقِعَ النُّجُومِ هُوَ مُحْكَمُ الْقُرْآنِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (بِمَوْقِعِ) عَلَى التوحيد، وهي قراءة عبد الله ابن مَسْعُودٍ وَالنَّخَعِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَرُوَيْسٍ عَنْ يَعْقُوبَ. الْبَاقُونَ عَلَى الْجَمْعِ، فَمَنْ أَفْرَدَ فَلِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ يُؤَدِّي الْوَاحِدُ فِيهِ عَنِ الْجَمْعِ، وَمَنْ جَمَعَ فَلِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ. [تفسير القرطبي (17/ 223-224) ].



{قال ابن كثير - 774هـ }
قال جُوَيبر ، عن الضحاك : إن الله لا يقسم بشيء من خلقه ، ولكنه استفتاح يستفتح به كلامه .
وهذا القول ضعيف . والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله عز وجل ، يقسم بما شاء من خلقه ، وهو دليل على عظمته . ثم قال بعض المفسرين : " لا " هاهنا زائدة ، وتقديره : أقسم بمواقع النجوم . ورواه ابن جرير ، عن سعيد بن جُبَيْر . ويكون جوابه : { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } .
وقال آخرون : ليست " لا " زائدة لا معنى لها ، بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسمًا به على منفي ، كقول عائشة رضي الله عنها : " لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط " وهكذا هاهنا تقدير الكلام : " لا أقسم بمواقع النجوم ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة ، بل هو قرآن كريم " .
وقال ابن جرير : وقال بعض أهل العربية : معنى قوله : { فَلا أُقْسِمُ } فليس الأمر كما تقولون ، ثم استأنف القسم بعد فقيل : أقسم .
واختلفوا في معنى قوله : { بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } ، فقال حكيم بن جُبَيْر ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس يعني : نجوم القرآن ؛ فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا ، ثم نزل مُفَرَّقًا في السنين بعد . ثم قرأ ابن عباس هذه الآية .
وقال الضحاك عن ابن عباس : نزل القرآن جملة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السَّفَرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجَّمَته السَّفرة على جبريل عشرين ليلة ، ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة ، فهو قوله : { فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } نجوم القرآن .
وكذا قال عِكْرِمَة ، ومجاهد ، والسُّدِّيّ ، وأبو حَزْرَة .
وقال مجاهد أيضًا : { بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } في السماء ، ويقال : مطالعها ومشارقها . وكذا قال الحسن ، وقتادة ، وهو اختيار ابن جرير . وعن قتادة : مواقعها : منازلها . وعن الحسن أيضًا : أن المراد بذلك انتثارها يوم القيامة . وقال الضحاك : { فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } يعني بذلك : الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مُطِروا ، قالوا : مطرنا بنوء كذا وكذا .
تفسير القران العظيم
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75].
-
عن ابن عبّاسٍ قال: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] قال: نزل القرآن جملةً [واحدةً] إلى السّماء الدّنيا، ثمّ نزل نجومًا بعد إلى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم -.
رواه الطّبرانيّ، وفيه حكيم بن جبيرٍ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 75 - 85
أخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {فلا أقسم} ممدودة مرفوعة الألف {بمواقع النجوم} على الجماع).[الدر المنثور: 14/217]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} على الجماع). [الدر المنثور: 14/217]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: نجوم السماء). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمساقطها قال: وقال الحسن رضي الله عنه: مواقع النجوم انكدارها وانتثارها يوم القيامة). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمغايبها). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمنازل النجوم). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير ومحمد بن نصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: القرآن {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} قال: القرآن). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي، وابن جرير ومحمد بن نصر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم فرق في السنين وفي لفظ: ثم نزل من السماء الدنيا إلى الأرض نجوما ثم قرأ {فلا أقسم بمواقع النجوم}). [الدر المنثور: 14/218-219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {فلا أقسم بمواقع النجوم} بألف قال: نجوم القرآن حين ينزل). [الدر المنثور: 14/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر الأنباري في كتاب المصاحف، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل إلى الأرض نجوما ثلاثا آيات وخمس آيات وأقل وأكثر فقال: {فلا أقسم بمواقع النجوم}). [الدر المنثور: 14/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي بسند صحيح عن المنهال بن عمرو رضي الله عنه قال: قرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمحكم القرآن فكان ينزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم نجوما). [الدر المنثور: 14/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن نصر، وابن الضريس عن مجاهد رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمحكم القرآن). [الدر المنثور: 14/219-220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: مستقر الكتاب أوله وآخره). [الدر المنثور: 14/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{
ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم}). [الدر المنثور: 14/247-252] (م)
خلاصة ما حصلت عليه
من دواوين السنّة:
كتاب التفسير من صحيح البخاري،سنن النسائي الكبرى المستدرك للحاكم . .
من جوامع الأحاديث والزوائد:
جامع الأصول في أحاديث الرسول لأبي السعادات .
ومجمع الزوائد لأبي بكر الهيثمي .
الإيمان لابن منده
.المعجم الكبير للطبراني .
الأحاديث المختارة لضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي
والدر المنثور للسيوطي .
.
من التفاسير المسندة المطبوعة:
تفسير يحي بن سلام / تفسير القرآن للصنعاني./تفسير الطبري/تفسير ابن أبي حاتم الرازي./

من الأجزاء والصحف التفسيرية المطبوعة:
تفسير مجاهد بن جبر.
من التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير:
الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي.
النكت والعيون للماوردي، زاد المسير لابن الجوزي
المحرر الوجيز لابن عطية.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
تفسير ابن كثير الدمشقي.
من كتب شروح الأحاديث:
شرح صحيح البخاري
لابن حجر العسقلاني ./ وشرح العيني / وشرح القسطلاني .
حاشية الإمام السندي على البخاري.
ومن كتب معاني القرآن:
معاني القرآن للفراء/ معاني القرآن الزجاج

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 ربيع الأول 1439هـ/14-12-2017م, 04:45 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

رضوى محمود
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وتعيين المراد بأي لفظ في القرآن يعتبر مسألة تفسيرية، بخلاف بيان معناه فإنه مسألة تفسيرية لغوية، ثم قد يتّفق المراد به مع معناه وقد لا يتّفق.
والرجوع إلى أقوال أهل اللغة قد يفيد في فهم مبنى القول وتوجيهه، لكن لا يمكن الاستناد إلى اللغة وحدها في تعيين المراد باللفظ والترجيح بين الأقوال.
وما جمعتيه من النقول كاف -بإذن الله- في تحرير المسألة، لأنك جمعت النقول من كلا النوعين من المصادر، لكن وجب التنبيه.

عقيلة زيان
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27 ربيع الأول 1439هـ/15-12-2017م, 09:18 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

مراجعة دورة مهارات متقدمة في التفسير
التطبيق الأول

تعيين المراد بمواقع النجوم
( تصنيف المسألة وجمع أقوال العلماء فيها )


قال تعالى : ( فلا أقسم بمواقع النجوم ، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )

🔹 هذه المسألة : مسألة تفسيرية
لذلك فإن البحث سيكون من كتب التفاسير التي تعنى بأقوال العلماء والسلف وآثارهم ، إضافة إلى دواوين السنة وشروحها وجوامع الأحاديث والزوائد وما ورد فيها من آثار في أبواب التفسير وغيرها ..

🔺المراجع الأولية :
- التفاسير التي تعنى بأقوال السلف كتفسير ابن جرير الطبري ، ، تفسير القرآن العظيم للرازي ، تفسير الكشف والبيان للثعلبي ، تفسير الهداية لمكي بن أبي طالب ، وتفسير الزجاج وتفسير النكت والعيون للماوردي ، المحرر الوجيز لابن عطية ، زاد المسير لابن الجوزي ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ، الدر المنثور للسيوطي

- ودواوين السنة كالصحيحين وشروحهما والحواشي عليهما ... إضافة إلى كتب السنن وشروحها ...

- كتب جوامع الحديث والزوائد عليها ...

🔺 ما تحصل لي من النقول في هذه المسألة:
المرتبة الأولى: كتب التفسير في دواوين السنّة
حصلت على نقول من :
- صحيح البخاري ( 256 هـ)
- وسنن النسائي ( 303 هـ)
- ومستدرك الحاكم على الصحيحين ( 405 هـ)

وبحثت في كتاب تفسير القرآن من جامع عبد الله بن وهب المصري(ت:197هـ) وكتاب التفسير من سنن سعيد بن منصور الخراساني(ت:226هـ) وصحيح مسلم ، وسنن الترمذي وسنن ابن ماجة القزويني فلم أجد فيها ذكرا للمسألة ...

المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث
حصلت على نقول من :
- جامع الأصول في أحاديث الرسول، لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير (ت:606هـ)
- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لأبي الحسن نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي(ت:807هـ)
- الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ)

وبحثت في كل من :
- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ، للحافظ ابن حجر العسقلاني(ت:852هـ)
- إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن أبي بكر البوصيري (840هـ)
- مصنف ابن أبي شيبة لابن أبي شيبة
- المعجم الأوسط للطبراني

فلم أجد فيها شيئا في المسألة .

المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة
حصلت على نقول من :
- تفسير القرآن العزيز، لمحدّث اليمن عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211هـ).
- وجامع البيان عن تأويل آي القرآن، لإمام المفسّرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ).
- وتفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت: 327هـ) وجدته فيما أتمه المحقق أسعد الطيب وليس في التفسير الأصيل
- الكشف والبيان عن تفسير القرآن، لأبي إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي (ت: 427هـ)،
- معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ).

المرتبة الرابعة: التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها
بحثت في كل من :
- وما طبع من تفسير ابن المنذر النيسابوري(ت:318هـ)
وقد بدأ من الآية ( 272 ) من سورة البقرة من قوله تعالى ( ليس عليك هداهم ) ... فلم أجد شيئا ...
- وما طبع من تفسير عبد بن حميد(ت:249هـ). ولم أجد ما طبع منه إلا سورتي آل عمران والنساء

المرتبة الخامسة: أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة :
مما حصلت على نقول منه :
- تفسير آدم بن أبي إياس العسقلاني(ت:220هـ)، وقد طبع باسم تفسير مجاهد بن جبر، وهو من رواية عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني (ت:356هـ)
- وتفسير محكم بن هود الهواري فيما جمعه من تفسير يحيى بن سلام البصري ( 200 هـ) أما التفسير الأصلي المطبوع فلم يرد فيه تفسير سورة الواقعة ... ( وهو من تفاسير معاني القرآن )

- وبحثت في كتاب ( الجزء فيه تفسير القرآن ليحيى بن يمان ونافع بن أبي نعيم القارئ ومسلم بن خالد الزنجي وعطاء الخراساني برواية أبي جعفر الترمذي ( مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الشافعي التِّرْمِذِيّ الرملي الفقيه (المتوفى: 295هـ) بتحقيق : حكمت بشير ياسين فلم أجد فيها شيئا ...

المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير
وحصلت على نقول من :
- معاني القرآن وإعرابه للزجاج ( 311هـ) وهو من كتب معاني القرآن لكنه يعنى بنقل أقوال أهل العلم والسلف
- الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي(ت:437هـ)
- النكت والعيون للماوري(ت:450هـ).
- المحرر الوجيز لابن عطية(ت:542هـ).
- زاد المسير لابن الجوزي (ت:597هـ).
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(ت:671هـ).
- تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي(ت:774هـ)
- فتح القدير للإمام الشوكاني ( 1250 هـ)
- الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور حكمت بشير ياسين

المرتبة السابعة: كتب تخريج أحاديث التفسير :
بحثت في :
- تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف، للحافظ عبد الله بن يوسف الزيلعي ( 772هـ).
- الفتح السماوي بتخريج أحاديث البيضاوي، زين الدين عبد الرؤوف بن علي المناوي ( 1031هـ).

فلم أجد فيها شيئا في المسألة ... فالزمخشري لم يورد نقولا للسلف في المسألة ... وكذلك البيضاوي

المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث
من شروح البخاري التي وجدت فيها شرحا لما أورده البخاري :
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ( 852 هـ)
- عمدة القاري لبدر الدين العيني ( 855 هـ)
- إرشاد الساري للقسطلاني ( 923 هـ)
- حاشية السندي على البخاري ( 1139 هـ)
- شرح مشكل الآثار للطحاوي

وبحثت في حاشية السيوطي على سنن النسائي فلم أجد المسألة فيه ...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 ربيع الأول 1439هـ/16-12-2017م, 09:32 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

هناء محمد علي
أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.
وإضافة إلى ما ذكرتيه لا يفوتك في أي مسألة الرجوع إلى ابن عاشور والشنقيطي، وابن تيمية وابن القيّم، وأمثالهم من أهل التحقيق.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 ربيع الأول 1439هـ/16-12-2017م, 11:50 PM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي



تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة

.

أولاً: تصنيف المسألة : المسألة تفسيرية .

المراجع الأولية:
الكتب التي لها عناية بجمع أقوال السلف سواء المسندة أو غير المسندة ، وكتب التفسير من دوواوين السنة ، وشروحات الأحاديث
.

ثانيا : ما تحصل لي من نقول لأهل العلم فيها:



· من كتب المرتبة الأولى: كتب التفسير في دواوين السنّة :


صحيح البخاري ، وسنن النسائي ، ومستدرك الحاكم على الصحيحين
ولم أجد لها ذكرا في :
كتاب تفسير جامع القرآن لعبد الله بن وهب المصري ولا في كتاب التفسير من سنن سعيد بن منصور ، ولافي صحيح مسلم ، ولاسنن الترمذي ، ولاسنن ابن ماجة .

· المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث والزوائد .
تحصلت على نقولا في :
جامع الأصول في أحاديث الرسول ، الدر المنثور للسيوطي ، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي .
ولم أجد لها ذكرا في :
المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر ، ولا في مصنف ابن أبي شيبة ، ولا في ، إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري .

المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة :
تحصلت على نقولا في :
- تفسير القرآن العزيز للصنعاني ، وجامع البيان للطبري ، الكشف والبيان للثعلبي، معالم التنزيل للبغوي .
ولم أجد لها ذكرا في :
تفسير القرآن لابن أبي حاتم فيما قام هو بتفسيره .

· المرتبة الرابعة: التفاسير المسندة التي طبع شيء منها .
لم أجد لها ذكرا عند تفسير ابن المنذر أو تفسير عبد بن حميد .

· المرتبة الخامسة: أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة :
تحصلت على نقولا في :
تفسير مجاهد بن جبر للهمذاني ، وتفسير محكم بين هود .
ولم أجد لها ذكرا عند :
جزء مسلم بن خالد الزنجي ولا جزء عطاء الخراساني .


· المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير.
ذُكرت نقولا في هذه المسألة في :
الهداية لمكي بن أبي طالب القيسي ، النكت والعيون للماوري ، المحرر الوجيز لابن عطية ، زاد المسير لابن الجوزي ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ، فتح القدير للإمام الشوكاني ، أضواء البيان للشنقيطي .


· المرتبة السابعة: كتب تخريج أحاديث التفسير :
لم أجد لها ذكرا في :
- تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف للزيلعي .ولا في الفتح السماوي بتخريج أحاديث البيضاوي للمناوي .

· المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث.
ذُكرت نقولا في هذه المسألة في :
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر ، عمدة القاري لبدر الدين العيني ، إرشاد الساري للقسطلاني ، حاشية السندي على البخاري .

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 ربيع الأول 1439هـ/17-12-2017م, 05:24 PM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة
تصنيف المسألة: تفسيرية .
المراجع الأولية : تفسير عبد الرزاق ، تفسير ابن جرير، تفسير ابن أبي حاتم ، تفسير الثعلبي ، تفسير الواحدي ، تفسير الماوردي، تفسير البغوي، تفسير ابن عطية ، تفسير ابن الجوزي ، تفسير ابن كثير وتفسير ابن عاشور.

ما تحصل لي من النقول:
من المرتبة الأولى : كتب التفسير في دواوين السنّة:
نقولا من صحيح البخاري ، وصحيح مسلم .
ولم أجد ذكرا للمسألة في كل من الجامع لابن وهب سنن سعيد بن منصور و سنن الترمذي والنسائي ولا مستدرك الحاكم .
ومن المرتبة الثانية : كتب التفسير في جوامع الأحاديث:
نقولا من جامع الأصول لابن الأثير والدر المنثور ولم أجد في كل من مجمع الزوائد للهيثمي ، المطالب العالية ، إتحاف الخيرة المهرة والفتح الرباني .
ومن المرتبة الثالث : كتب التفسير المسندة :
نقولا من كل من تفسير القرآن العزيز لعبد الرزاق ،جامعالبيان للطبري، تفسير القرآن العظيم لأبي حاتم ،الكشف والبيان للثعلبي ،الوسيط للواحدي ومعالم التنزيل للبغوي .
ومن المرتبة الرابعة : كتب التفسير التي طبع منها شيء:
بحثت في تفسير الثوري وعبد بن حميد وابن المنذر فلم أجد شيئا .
ومن المرتبة الخامسة : أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة :
نقولا من تفسير مجاهد ولم أستطع الوصول لبقية الكتب.
ومن المرتبة السادسة :التفاسير التي تنقل أقوال السلف:
نقولا من الهداية وتفسير الماوردي وتفسير ابن عطية وزاد المسير لابن الجوزي وتفسير ابن كثير وتفسير ابن عاشور .
ومن المرتبة السابعة: كتب تخريج أحاديث التفسير:
بحثت في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي والفتح السماوي فلم أجد شيئا .
ومن المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث :
نقولا من فتح الباري لابن حجر و شرح النووي على صحيح مسلم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 ربيع الأول 1439هـ/17-12-2017م, 08:13 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

حنان علي محمود
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

ندى علي
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
توجد تفاسير مهمّة ذكرتيها عند ترشيح المراجع، لكنها لم تكن من ضمن مصادر النقول، فاعتني بها.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 7 ربيع الثاني 1439هـ/25-12-2017م, 10:28 PM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

المجلس الأول
جمع أقوال السلف والمفسرين
في المراد بمواقع النجوم
تصنيف المسألة وترشيح المراجع الأولية للبحث:
المسالة تفسيرية
المراجع الأولية :
من المرتبة الأولى كتب التفسير في دواوين السنّة:
كتاب صحيح البخاري/ محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ)
كتاب السنن الكبرى /أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ )
كتاب المستدرك /محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ )
من المرتبة الثانية كتب التفسير في جوامع الأحاديث
كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول، لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير (ت:606هـ)
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد /لأبي الحسن نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي(ت:807هـ)
كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور /جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ)
من المرتبة الثالثة كتب التفاسير المسندة المطبوعة
تفسير القرآن العزيز/ لمحدّث اليمن عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211هـ).
جامع البيان عن تأويل آي القرآن/لإمام المفسّرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ).
معالم التنزيل في تفسير القرآن /محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ)
من المرتبة الخامسة كتب أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة، ومنها:
تفسير مجاهد /عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ)
من المرتبة السادسة كتب التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير:
الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه/ أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ)
النكت والعيون/أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ)
زاد المسير في علم التفسير/جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
الجامع لأحكام القرآن /أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)

تفسير القرآن العظيم/أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
من المرتبة الثامنة شروح الأحاديث :
فتح الباري /أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ)
عمدة القاري /محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ)
إرشاد الساري /أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ)
حاشية السندي على البخاري /محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ)
ومن الكتب التي تتكلم عن معاني كلمات القرآن :
معاني القرآن وإعرابه/إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفى: 311هـ)
معاني القرآن/ أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ)
ومن الكتب التي تعتني بالتحرير العلمي والتوجيه :
التبيان في أقسام القرآن/ محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»/ محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ)
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن/ محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ)
ومن الكتب اللغوية :
لسان العرب/ محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ)


جمع كلام أهل العلم وترتيبه
في تفسير قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)

قال أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ):وقوله: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ «4» النُّجُومِ (75) .
حدثنا الفراء «5» قال: وَحَدَّثَنِي «6» أَبُو لَيْلَى السِّجِسْتَانِيُّ عَنْ أَبِي جَرِيرٍ قَاضِي سجستانى قَالَ: قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «فَلا أُقْسِمُ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ» وَالْقُرَّاءُ جَمِيعًا عَلَى: مَوَاقِعِ.
حدثنا الفراء «7» قال: حَدَّثَنِي الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ «8» إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فيما أعلم شك الفراء [192/ ب] قَالَ: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، قَالَ: بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه نُجُومًا.
وقوله: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) يدل عَلَى أَنَّهُ القرآن.
وَيُقَال: فلا أقسم بموقع النجوم، بمسقط النجوم إِذَا سقطن.(معاني القرآن)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله فلا أقسم بمواقع النجوم قال منازل النجوم
قال معمر وقال الكلبي هو القرآن كان ينزل نجوما). [تفسير عبد الرزاق: 2/273]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] : " بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ "). [صحيح البخاري: 6/146]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}
- أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبي عوانة، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " نزل القرآن جميعًا في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا، ثمّ فصّل فنزل في السّنين، فذلك قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/287]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} فقال بعضهم: عني بقوله: {فلا أقسم}. أقسم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جريجٍ، عن الحسن بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، {فلا أقسم}. قال: أقسم.
وقال بعض أهل العربيّة: معنى قوله: {فلا} فليس الأمر كما تقولون ثمّ استأنف القسم بعد فقيل أقسم.
وقوله: {بمواقع النّجوم}. اختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: فلا أقسم بمنازل القرآن، وقالوا: أنزل القرآن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نجومًا متفرّقةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا حصينٌ، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرّق في السّنين بعد قال: وتلا ابن عبّاسٍ هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: نزل متفرّقًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: أنزل اللّه القرآن نجومًا ثلاث آياتٍ وأربع آياتٍ وخمس آياتٍ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرمة: إنّ القرآن نزل جميعًا، فوضع بمواقع النّجوم، فجعل جبريل يأتي بالسّورة، وإنّما نزل جميعًا في ليلة القدر.
- حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: هو محكم القرآن.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ}. قال: مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بمواقع النّجوم}. قال في السّماء ويقال مطالعها ومساقطها.
- حدّثني بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. أي مساقطها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بمنازل النّجوم
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: بمنازل النّجوم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بانتثار النّجوم عند قيام السّاعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: قال الحسن: انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة الكوفة (بموقع) على التّوحيد، وقرأته عامّة قرأة المدينة والبصرة وبعض الكوفيّين {بمواقع}: على الجماعة.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ). [جامع البيان: 22/358-362]
قال إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفى: 311هـ) :(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)
معناه أقسم، ودخلت (لَا) توكيداً كما قال عزَّ وجل:
(لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ)، معناه لأن يعلم أهل الكتاب.
ومواقع النجوم مَسَاقِطُها.
كما قال - عزَّ وجلَّ - (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ).
وقيل إن مواقعِ النجومِ يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نُجُوماً شيئاَ بَعْدَ شَيءٍ (2)
ودليل هذا القول (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77).
(معاني القرآن وإعرابه)
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا شريك عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بمواقع النجوم نجوم القرآن وذلك أنه نزل القرآن إلى السماء الدنيا جميعه جملة واحدة ثم نجم على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وأكثر). [تفسير مجاهد: 2/651]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يعني بمواقع النجوم في السماء ويقال أيضا مطلعها ومساقطها). [تفسير مجاهد: 2/652]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو بكرٍ محمّد بن المؤمّل، ثنا الفضل بن محمّدٍ الشّعرانيّ، ثنا عمرو بن عونٍ الواسطيّ، ثنا هشيمٌ، أنبأ حصين بن عبد الرّحمن، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " أنزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرق في السّنين قال: وتلا هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] قال: «نزل متفرّقًا» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/519]
قال أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ):زائدة والتقدير أقسم.
وقيل لا رد الكلام، والتقدير ليس الأمر كما يقول الكافر.
ثم استأنف فقال: أقسم بمواقع النجوم، وقيل " لا بمعنى " إلا للتنبيه ومعنى مواقع النجوم، منازل القرآن، لأن القرآن نزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوماً متفرقة.
قال ابن عباس نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم فرق في السنين بعد وتلا ابن عباس {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم}، قال نزل متفرقاً.
وقال عكرمة فلا أقسم بمواقع النجوم، قال أنزل الله القرآن نجوماً ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات، وقال أيضاً نزل جميعاً فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل صلى الله عليه وسلم / يأتي بالسورة بعد السورة وإنما نزل جميعاً في ليلة القدر.
وقال مجاهد: بمواقع النجوم هو محكم القرآن.
وقال الحسن بمواقع النجوم بمغاربها، وقاله قتادة.
وعن الحسن أيضاً بمواقع النجوم هو أنكدارها وانتشارها يوم القيامة.
وعن مجاهد أيضاً بمواقع النجوم مطالعها ومساقطها.
أي: وأن هذا القسم عظيم لو تعلمون ذلك.
أي: أقسم بمواقع النجوم وهو القرآن أن هذا القرآن لقسم عظيم لو تعلمون ذلك أنه لقرآن كريم، والهاء " في " " إنه " من ذكر القرآن.(الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه)
قال أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ):{فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ الْنُّجُومِ} فيه وجهان: أحدهما: أنه إنكار أن يقسم الله بشيء من مخلوقاته، قال الضحاك: إن الله لا يقسم بشىء من خلقه ولكنه استفتاح يفتتح به كلامه. الثاني: أنه يجوز أن يقسم الخالق بالمخلوقات تعظيماً من الخالق لما أقسم به من مخلوقاته. فعلى هذا في قوله: {فَلاَ أُقْسِمُ} وجهان: أحدهما: أن (لا) صلة زائدة، ومعناه أقسم. الثاني: أن قوله: {فَلاَ} راجع إلى ما تقدم ذكره، ومعناه فلا تكذبوا ولا تجحدوا ما ذكرته من نعمة وأظهرته من حجة، ثم استأنف كلامه فقال: {أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}. وفيها ستة أقاويل: أحدها: أنها مطالعها ومساقطها، قاله مجاهد.
الثاني: إنتشارها يوم القيامة وإنكدارها , قاله الحسن. الثالث: أن مواقع النجوم السماء , قاله ابن جريج. الرابع: أن مواقع النجوم الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا , قاله الضحاك , ويكون قوله: {فلا أقسم} مستعملاً على حقيقته في نفي القسم بها. الخامس: أنها نجوم القرآن أنزلها الله من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا , فنجمه السفرة على جبريل عشرين ليلة , ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة , فهو ينزله على الأحداث في أمته , قاله ابن عباس والسدي. السادس: أن مواقع النجوم هو محكم القرآن , حكاه الفراء عن ابن مسعود. {وَإِنَّهُ قَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} فيه قولان: أحدهما: أن القرآن قسم عظيم , قاله ابن عباس. الثاني: أن الشرك بآياته جرم عظيم , قاله ابن عباس , والضحاك. ويحتمل ثالثاً: أن ما أقسم الله به عظيم. {إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ} يعني أن هذا القرآن كريم , وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: كريم عند الله. الثاني: عظيم النفع للناس. الثالث: كريم بما فيه من كرائم الأخلاق ومعالي الأمور. ويحتمل أيضاً رابعاً: لأنه يكرم حافظه ويعظم قارئه.( النكت والعيون)
قال محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ):قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) ، قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: مَعْنَاهُ أقسم ولا صِلَةٌ، وَكَانَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ يَقْرَأُ: «فَلَأُقْسِمُ» ، عَلَى التَّحْقِيقِ. وَقِيلَ: قَوْلُهُ فَلا رَدٌّ لِمَا قَالَهُ الْكُفَّارُ فِي الْقُرْآنِ إِنَّهُ سِحْرٌ وَشِعْرٌ وَكَهَانَةٌ، مَعْنَاهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُونَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقَسَمَ، فَقَالَ أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ.
قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «بِمَوْقِعِ» عَلَى التَّوْحِيدِ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ «بِمَوَاقِعِ» عَلَى الْجَمْعِ [1] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ نُجُومَ القرآن فإنه كان نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَفَرِّقًا نُجُومًا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَرَادَ مَغَارِبَ النُّجُومِ وَمَسَاقِطَهَا. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَرَادَ مَنَازِلَهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَرَادَ انْكِدَارَهَا وَانْتِثَارَهَا [2] يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ، يَعْنِي هَذَا الْكِتَابَ وَهُوَ مَوْضِعُ الْقَسَمِ. لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، عَزِيزٌ مَكْرَمٌ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعَانِي: الْكَرِيمُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْطِيَ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ.(معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي)
قال أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ):ثم ابتدأ أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وقال بعض المتأولين هي مؤكدة تعطي في القسم مبالغة ما، وهي كاستفتاح كلام مشبه في القسم ألا في شائع الكلام القسم وغيره، ومن هذا قول الشاعر:
[الطويل] «فلا وأبي أعدائها لا أخونها» والمعنى: فو أبي اعدائها، ولهذا نظائر.
وقرأ الحسن والثقفي: «فلأقسم» بغير ألف، قال أبو الفتح، التقدير: فلأنا أقسم.
وقرأ الجمهور من القراء «بمواقع» على الجمع، وقرأ عمر بن الخطاب وابن عباس وابن مسعود وأهل الكوفة وحمزة والكسائي: «بموقع» على الإفراد، وهو مراد به الجمع، ونظير هذا كثير، ومنه قوله تعالى:
إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان: 19] جمع من حيث لكل حمار صوت مختص وأفرد من حيث الأصوات كلها نوع.
واختلف الناس في: النُّجُومِ هنا، فقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد وغيرهم: هي نجوم القرآن التي نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه روي أن القرآن نزل من عند الله في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، وقيل إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك على محمد نجوما مقطعة في مدة من عشرين سنة.
قال القاضي أبو محمد: ويؤيد هذا القول عود الضمير على القرآن في قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، وذلك أن ذكره لم يتقدم إلا على هذا التأويل، ومن لا يتأول بهذا التأويل يقول: إن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: 32] ، وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ [الرحمن: 26] وغير ذلك. وقال جمهور كثير من المفسرين: النُّجُومِ هنا: الكواكب المعروفة. واختلف في موقعها، فقال مجاهد وأبو عبيدة هي: مواقعها عند غروبها وطلوعها، وقال قتادة:
مواقعها مواضعها من السماء، وقيل: مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت، وقال الحسن: مواقعها عند الانكدار يوم القيامة.
وقوله تعالى: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ تأكيد للأمر وتنبيه من المقسم به، وليس هذا باعتراض بين الكلامين، بل هذا معنى قصد التهمم به، وإنما الاعتراض قوله: لَوْ تَعْلَمُونَ وقد قال قوم: إن قوله: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ اعتراض، وإن لَوْ تَعْلَمُونَ اعتراض في اعتراض، والتحرير هو الذي ذكرناه.
وقوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ هو الذي وقع القسم عليه، ووصفه بالكرم على معنى إثبات صفات المدح له ودفع صفات الحطيطة عنه.(المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)
قال جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ):قوله عزّ وجلّ: فَلا أُقْسِمُ في «لا» قولان: أحدهما: أنها دخلت توكيداً. والمعنى:
فأقسم، ومثله لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ «1» ، قاله الزجاج، وهو مذهب سعيد بن جبير. والثاني: أنها على أصلها. ثم في معناها قولان: أحدهما: أنها ترجع إلى ما تقدّم، ومعناه: النهي، تقدير الكلام: فلا تكذبوا، ولا تجحدوا ما ذكرته من النعم والحجج، قاله الماوردي. والثاني: أنّ «لا» ردّا لما تقوله الكفار في القرآن: إنه سحر، وشعر، وكهانة، ثم استأنف القسم على أنه قرآن كريم، قاله علي بن أحمد النيسابوري. وقرأ الحسن: فلأقسم بغير ألف بين اللام والهمزة.
قوله عزّ وجلّ: بِمَواقِعِ وقرأ حمزة، والكسائي: «بموقع» على التوحيد. قال أبو علي:
مواقعها: مساقطها. ومَنْ أَفْرَدَ، فلأنه اسم جنس. ومَنْ جَمَعَ فلاختلاف ذلك. وفي «النجوم» قولان:
أحدهما: نجوم السماء، قاله الأكثرون. فعلى هذا في مواقعها ثلاثة أقوال: أحدها: انكدارها وانتثارها يوم القيامة، قاله الحسن. والثاني: منازلها، قاله عطاء، وقتادة. والثالث: مغيبها في المغرب، قاله أبو عبيدة. والثاني: أنها نجوم القرآن، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. فعلى هذا سميت نجوماً لنزولها متفرقة، ومواقعها: نزولها. قوله: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ الهاء كناية عن القسم. وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره: وإنه لقسم عظيم لو تعلمون عِظَمَهُ. ثم ذكر المقسم عليه فقال تعالى:
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ والكريم: اسم جامع لما يحمد، وذلك أن فيه البيان والهدى والحكمة، وهو معظّم عند الله عزّ وجلّ.( زاد المسير في علم التفسير)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكرٌ، ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فنزلت: هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النّجوم (75) وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ (76) إنّه لقرآنٌ كريمٌ (77) في كتابٍ مكنونٍ (78) لا يمسّه إلّا المطهّرون (79) تنزيلٌ من ربّ العالمين (80) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون} [الواقعة: 75 -82] أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
(بمواقع): مواقع النجوم: مساقطها ومغاربها، وقيل: منازلها ومسايرها). [جامع الأصول: 2/374-375]
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ):
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (80)
فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تعالى: (فَلا أُقْسِمُ) (فَلا) صِلَةٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَالْمَعْنَى فَأُقْسِمُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ). وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ نَفْيٌ، وَالْمَعْنَى لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ (أُقْسِمُ). وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ: لَا وَاللَّهِ مَا كَانَ كَذَا فَلَا يُرِيدُ بِهِ نَفْيَ الْيَمِينِ، بَلْ يُرِيدُ بِهِ نَفْيَ كَلَامٍ تَقَدَّمَ. أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتُ، بَلْ هُوَ كذا. وقيل: (فَلا) بِمَعْنَى أَلَا لِلتَّنْبِيهِ كَمَا قَالَ «1»:
أَلَا عِمْ صَبَاحًا أَيُّهَا الطَّلَلُ الْبَالِي
وَنَبَّهَ بِهَذَا عَلَى فَضِيلَةِ الْقُرْآنِ لِيَتَدَبَّرُوهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِشِعْرٍ وَلَا سِحْرٍ وَلَا كِهَانَةٍ كَمَا زَعَمُوا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَحُمَيْدٌ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ (فَلَأُقْسِمُ) بِغَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ اللَّامِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَهُوَ فِعْلُ حَالٍ وَيُقَدَّرُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفٌ، التَّقْدِيرُ: فَلَأَنَا أُقْسِمُ بِذَلِكَ. وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الِاسْتِقْبَالَ لَلَزِمَتِ النُّونُ، وَقَدْ جَاءَ حَذْفُ النُّونِ مَعَ الْفِعْلِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الِاسْتِقْبَالَ وَهُوَ شَاذٌّ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِمَواقِعِ النُّجُومِ) مَوَاقِعُ النُّجُومِ مَسَاقِطُهَا وَمَغَارِبُهَا فِي قَوْلِ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ. عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: مَنَازِلُهَا. الْحَسَنُ: انْكِدَارُهَا وَانْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. الضَّحَّاكُ: هِيَ الْأَنْوَاءُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ إِذَا مُطِرُوا قَالُوا مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا. الْمَاوَرْدِيُّ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا أُقْسِمُ) مُسْتَعْمَلًا عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ نَفْيِ الْقَسَمِ. الْقُشَيْرِيُّ: هُوَ قَسَمٌ، وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُقْسِمَ بِمَا يُرِيدُ، وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُقْسِمَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ القديمة.
قُلْتُ: يَدُلُّ عَلَى هَذَا قِرَاءَةُ الْحَسَنِ (فَلْأُقْسِمُ) وَمَا أَقْسَمَ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُرَادُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ نُزُولُ الْقُرْآنِ نُجُومًا، أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّفَرَةِ الْكَاتِبِينَ، فَنَجَّمَهُ السَّفَرَةُ عَلَى جِبْرِيلَ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَنَجَّمَهُ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَهُوَ يُنْزِلُهُ عَلَى الْأَحْدَاثِ مِنْ أُمَّتِهِ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: حدثنا إسماعيل ابن إِسْحَاقَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ إِلَى سَمَاءِ الدنيا جملة واحدة، ثم نزل إلى الأرضي نُجُومًا، وَفُرِّقَ بَعْدَ ذَلِكَ خَمْسَ آيَاتٍ خَمْسَ آيَاتٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ). وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ مَوَاقِعَ النُّجُومِ هُوَ مُحْكَمُ الْقُرْآنِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (بِمَوْقِعِ) عَلَى التوحيد، وهي قراءة عبد الله ابن مَسْعُودٍ وَالنَّخَعِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَرُوَيْسٍ عَنْ يَعْقُوبَ. الْبَاقُونَ عَلَى الْجَمْعِ، فَمَنْ أَفْرَدَ فَلِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ يُؤَدِّي الْوَاحِدُ فِيهِ عَنِ الْجَمْعِ، وَمَنْ جَمَعَ فَلِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) قِيلَ: إِنَّ الْهَاءَ تَعُودُ عَلَى الْقُرْآنِ، أَيْ إِنَّ الْقُرْآنَ لَقَسَمٌ عَظِيمٌ، قال ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: مَا أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ عَظِيمٌ (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) ذُكِرَ الْمُقْسَمُ عَلَيْهِ، أَيْ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ، لَيْسَ بِسِحْرٍ وَلَا كَهَانَةٍ، وَلَيْسَ بِمُفْتَرًى، بَلْ هُوَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ مَحْمُودٌ، جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُعْجِزَةً لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ كَرِيمٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّهُ كَلَامُ رَبِّهِمْ، وَشِفَاءُ صُدُورِهِمْ، كَرِيمٌ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ، لِأَنَّهُ تَنْزِيلُ رَبِّهِمْ وَوَحْيِهِ. وَقِيلَ: (كَرِيمٌ) أَيْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَقِيلَ: (كَرِيمٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ كَرِيمِ الْأَخْلَاقِ وَمَعَانِي الْأُمُورِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُكَرَّمُ حَافِظُهُ، وَيُعَظَّمُ قَارِئُهُ (الجامع لأحكام القرآن )
قال محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ):
فصل
ومن ذلك قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ذكر سبحانه هذا القسم عقيب ذكر القيامة الكبرى وأقسام الخلق فيها ثم ذكر الأدلة القاطعة على قدرته وعلى المعاد بالنشأة الأولى وإخراج النبات من الأرض وإنزال الماء من السماء وخلق النار ثم ذكر بعد ذلك أحوال الناس في القيامة الصغرى عند مفارقة الروح للبدن وأقسم بمواقع النجوم على ثبوت القرآن وأنه تنزيله
وقد اختلف في النجوم التي أقسم بمواقعها فقيل هي آيات القرآن ومواقعها نزولها شيئاً بعد شيء وهذا قول ابن عباس رضي
الله عنهما في رواية عطاء وقول سعيد بن جبير والكلبي ومقاتل وقتادة وقيل النجوم هي الكواكب ومواقعها مساقطها عند غروبها هذا قول أبي عبيدة وغيره وقيل مواقعها انتشارها وانكدارها يوم القيامة وهذا قول الحسن ومن حجة هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع وهو السقوط فلكل نجم موقع وجمعها مواقع ومن حجة قول من قال هي مساقطها عند الغروب أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} وقال {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} ويرجح هذا القول أيضاً أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} وقوله {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ}
وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النجوم في القسم وبين المقسم عليه وهو القرآن من وجوه أحدها أن النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والغي فتلك هداية في الظلمات الحسية وآيات القرآن في الظلمات المعنوية فجمع بين الهدايتين مع ما في النجوم من الرجوم للشياطين وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجن والنجوم آياته المشهودة المعاينة والقرآن آياته المتلوة السمعية مع ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول
ومن قرأ بموقع النجوم على الأفراد فلدلالة الواحد المضاف إلى الجمع على التعدد والمواقع اسم جنس والمصادر إذا اختلفت جمعت وإذا كان النوع واحداً أفردت قال تعالى (19:31 إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} فجمع الأصوات لتعدد النوع وأفرد صوت الحمير لوحدته فإفراد موقع النجوم لوحدة المضاف إليه وتعدد المواقع لتعدده إذ لكل نجم موقع
فصل
والمقسم عليه ههنا قوله {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} ووقع الاعتراض بين القسم وجوابه بقوله {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} ووقع الاعتراض بين الصفة والموصوف في جملة هذا الاعتراض بقوله تعالى {لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} فجاء هذا الاعتراض في ضمن هذا الاعتراض ألطف شيء وأحسنه موقعاً وأحسن ما يقع هذا الاعتراض إذا تضمن تأكيداً أو تنبيهاً أو احترازاً .(التبيان في أقسام القرآن)


قال أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ):قَالَ جُوَيبر، عَنِ الضَّحَّاكِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُقْسِمُ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَكِنَّهُ اسْتِفْتَاحٌ يَسْتَفْتِحُ بِهِ كَلَامَهُ.
وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ. وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ قَسَمٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يُقْسِمُ بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى عَظَمَتِهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: "لَا" هَاهُنَا زَائِدَةٌ، وَتَقْدِيرُهُ: أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر. وَيَكُونُ جَوَابُهُ: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} .
وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَتْ "لَا" زَائِدَةً لَا مَعْنًى لَهَا، بَلْ يُؤْتَى بِهَا فِي أَوَّلِ الْقَسَمِ إِذَا كَانَ مُقْسَمًا بِهِ عَلَى مَنْفِيٍّ، كَقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "لَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ" وَهَكَذَا هَاهُنَا تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: "لَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمْتُمْ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ سِحْرٌ أَوْ كِهَانَةٌ، بَلْ هُوَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ".
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَلا أُقْسِمُ} فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقَسَمَ بَعْدُ فَقِيلَ: أُقْسِمُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} ، فَقَالَ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي: نُجُومَ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ نَزَلَ جُمْلَةً لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ مُفَرَّقًا (1) فِي السِّنِينَ بَعْدُ. ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّفَرة الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فنجَّمَته السَّفرة عَلَى جِبْرِيلَ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَنَجَّمَهُ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ سَنَةً، فَهُوَ قَوْلُهُ: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} نُجُومِ الْقُرْآنِ.
وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَة، وَمُجَاهِدٌ، والسُّدِّيّ، وَأَبُو حَزْرَة.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} فِي السَّمَاءِ، وَيُقَالُ: مَطَالِعُهَا وَمَشَارِقُهَا. وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ. وَعَنْ قَتَادَةَ: مَوَاقِعُهَا: مَنَازِلُهَا. وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا: أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ انْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} يَعْنِي بِذَلِكَ: الْأَنْوَاءَ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا مُطِروا، قَالُوا: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا.
وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} أَيْ: وَإِنَّ هَذَا الْقَسَمَ الَّذِي أَقْسَمْتُ بِهِ لَقَسَمٌ عَظِيمٌ، لَوْ تَعْلَمُونَ (2) عَظَمَتَهُ لَعَظَّمْتُمُ الْمُقْسِمَ بِهِ عَلَيْهِ، {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} أَيْ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ لَكِتَابٌ عَظِيمٌ.(تفسير القرآن العظيم)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75].
- عن ابن عبّاسٍ قال: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] قال: نزل القرآن جملةً [واحدةً] إلى السّماء الدّنيا، ثمّ نزل نجومًا بعد إلى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم -.
رواه الطّبرانيّ، وفيه حكيم بن جبيرٍ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/120]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله بمواقع النّجوم بمحكم القرآن قال الفرّاء حدّثنا فضيل بن عياضٍ عن منصورٍ عن المنهال بن عمرٍو قال قرأ عبد اللّه فلا أقسم بمواقع النّجوم قال بمحكم القرآن وكان ينزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نجومًا وعند عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله بمواقع النّجوم قال بمنازل النّجوم قال وقال الكلبيّ هو القرآن أنزل نجومًا انتهى ويؤيّده ما أخرج النّسائيّ والحاكم من طريق حصينٍ عن سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ قال نزل القرآن جميعًا ليلة القدر إلى السّماء ثمّ فصّل فنزل في السّنين وذلك قوله فلا أقسم بمواقع النّجوم قوله ويقال بمسقط النّجوم إذا سقطن ومواقع وموقعٌ واحدٌ هو كلام الفرّاء أيضًا بلفظه ومراده أنّ مفادهما واحدٌ وإن كان أحدهما جمعًا والآخر مفردًا لكن المفرد المضاف كالجمع في إفادة التّعدّد وقرأها بلفظ الواحد حمزة والكسائيّ وخلفٌ وقال أبو عبيدة مواقع النّجوم مساقطها حيث تغيب). [فتح الباري: 8/626-627]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بمواقع النّجوم: بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ.
أشار به إلى قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} (الواقعة: 75) وفسره بشيئين أحدهما قوله: (بمحكم القرآن) وقال الفراء: حدثنا فضيل ابن عبّاس عن منصور عن المنهال بن عمرو. وقال: قرأ عبد الله (فلا أقسم بمواقع النّجوم) قال: بمحكم القرآن، وكان ينزل على النّبي صلى الله عليه وسلم نجوما وبقراءته قرأ حمزة والكسائيّ، وخلف، والآخر بقوله: (ومسقط النّجوم إذا سقطن) ومساقط النّجوم مغربها، وعن الحسن: انكدارها وانتشارها يوم القيامة، وعن عطاء بن أبي رباح: منازلها. قوله: (فلا أقسم) ، قال أكثر المفسّرين معناه: أقسم، ولا نسلة وقال بعض أهل العربيّة، معناه فليس الأمر كما تقولون: ثمّ استأنف القسم. فقال: أقسم قوله: (ومواقع وموقع واحد) ليس قوله: (واحد) بالنّظر إلى اللّفظ ولا بالنّظر إلى المعنى، ولكن باعتبار أن ما يستفاد منهما واحد، لأن الجمع المضاف والمفرد المضاف كلاهما عامان بلا تفاوت على الصّحيح، قال الكرماني: إضافته إلى الجمع تستلزم تعدده. كما يقال: قلب القوم والمراد قلوبهم). [عمدة القاري: 19/220]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 75 - 85
أخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {فلا أقسم} ممدودة مرفوعة الألف {بمواقع النجوم} على الجماعة). [الدر المنثور: 14/217]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} على الجماعة). [الدر المنثور: 14/217]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: نجوم السماء). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمساقطها قال: وقال الحسن رضي الله عنه: مواقع النجوم انكدارها وانتثارها يوم القيامة). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمغايبها). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمنازل النجوم). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير ومحمد بن نصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: القرآن {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} قال: القرآن). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي، وابن جرير ومحمد بن نصر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم فرق في السنين وفي لفظ: ثم نزل من السماء الدنيا إلى الأرض نجوما ثم قرأ {فلا أقسم بمواقع النجوم}). [الدر المنثور: 14/218-219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {فلا أقسم بمواقع النجوم} بألف قال: نجوم القرآن حين ينزل). [الدر المنثور: 14/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر الأنباري في كتاب المصاحف، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل إلى الأرض نجوما ثلاثا آيات وخمس آيات وأقل وأكثر فقال: {فلا أقسم بمواقع النجوم}). [الدر المنثور: 14/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي بسند صحيح عن المنهال بن عمرو رضي الله عنه قال: قرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمحكم القرآن فكان ينزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم نجوما). [الدر المنثور: 14/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن نصر، وابن الضريس عن مجاهد رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمحكم القرآن). [الدر المنثور: 14/219-220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: مستقر الكتاب أوله وآخره). [الدر المنثور: 14/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم}). [الدر المنثور: 14/247-252] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({بمواقع النجوم}) أي (بمحكم القرآن) ويؤيده وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم. (ويقال بمسقط النجوم إذا سقطن) بكسر قاف بمسقط أي بمغارب النجوم السمائية إذا غربن. قال في الأنوار: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره (ومواقع وموقع) الجمع والمفرد (واحد) فيما يستفاد منها لأن الجمع المضاف والمفرد المضاف كلاهما عامّان بلا تفاوت على الصحيح وبالإفراد قرأ حمزة والكسائي). [إرشاد الساري: 7/373]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم). [حاشية السندي على البخاري: 3/72]
قال محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ):فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (80)
تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ [الْوَاقِعَة: 49، 50] يُعْرِبُ عَنْ خِطَابٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مُوَجَّهٍ إِلَى الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ الْقَائِلين: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً
وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
[الْوَاقِعَة: 47] ، انْتَقَلَ بِهِ إِلَى التَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَذَّبُوا بِالْبَعْثِ وَكَانَ إِثْبَاتُ الْبَعْثِ مِنْ أَهَمِّ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَكَانَ مِمَّا أَغْرَاهُمْ بِتَكْذِيبِ الْقُرْآنِ اشْتِمَالُهُ عَلَى إِثْبَاتِ الْبَعْثِ الَّذِي عَدُّوهُ مُحَالًا، زِيَادَةً عَلَى تَكْذِيبِهِمْ بِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ مِنْ إِبْطَالِ شِرْكِهِمْ وَأَكَاذِيبِهِمْ، فَلَمَّا قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَى خَطَئِهِمْ فِي تَكْذِيبِهِمْ، فَقَدْ تَبَيَّنَ صِدْقُ مَا أَنْبَأَهُمْ بِهِ الْقُرْآنُ فَثَبت صدقه وَلذَلِك تَهَيَّأَ الْمَقَامُ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِهِ.
وَالْفَاءُ لِتَفْرِيعِ الْقَسَمِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أَدِلَّةِ وُقُوعِ الْبَعْثِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ [الْوَاقِعَة: 49، 50] ، إِخْبَارٌ بِيَوْمِ الْبَعْثِ وَإِنْذَارٌ لَهُمْ بِهِ وَهُمْ قَدْ أَنْكَرُوهُ، وَلِأَجْلِ اسْتِحَالَتِهِ فِي نَظَرِهِمُ الْقَاصِرِ كَذَّبُوا الْقُرْآنَ وَكَذَّبُوا مَنْ جَاءَ بِهِ، فَفَرَّعَ عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِ الْبَعْثِ وَالْإِنْذَارِ بِهِ تَحْقِيقَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقَائِصِ وَأَنَّهُ تَنْزِيلٌ مِنَ اللَّهِ وَأَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُبَلِّغٌ عَنِ اللَّهِ.
فَتَفْرِيعُ الْقَسَمِ تَفْرِيعٌ مَعْنَوِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيْضًا تَفْرِيعٌ ذِكْرِيٌّ بِاعْتِبَارِ إِنْشَاءِ الْقَسَمِ إِنْ قَالُوا لَكُمْ: أَقْسَمَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ.
وَقَدْ جَاءَ تَفْرِيعُ الْقَسَمِ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِالْفَاءِ تَفْرِيعًا فِي مُجَرَّدِ الذِّكْرِ فِي قَوْلِ زُهَيْرٍ:
فَأَقْسَمْتُ بِالَبَيْتِ الَّذِي طَافَ حَوْلَهُ ... رِجَالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُمِ
عَقِبَ أَبْيَاتِ النَّسِيبِ مِنْ مُعَلَّقَتِهِ، وَلَيْسَ بَين النسيب وَبَين مَا تَفَرَّعَ عَنْهُ مِنَ الْقَسَمِ مُنَاسَبَةٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْقَصِيدِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ لَهُ النَّسِيبَ تَنْشِيطًا لِلسَّامِعِ وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ الْبَوْنُ فِي النَّظْمِ بَيْنَ الْآيَةِ وَبَيْنَ بَيت زُهَيْر.
وفَلا أُقْسِمُ بِمَعْنَى: أُقْسِمُ، وَ (لَا) مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، وَأَصْلُهَا نَافِيَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَائِلَ لَا يُقْدِمُ عَلَى الْقَسَمِ بِمَا أَقْسَمَ بِهِ خَشْيَةَ سُوءِ عَاقِبَةِ الْكَذِبِ فِي الْقَسَمِ.
وَبِمَعْنَى أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى الْقَسَمِ لِأَنَّ الْأَمْرَ وَاضح الثُّبُوت، ثمَّ كَثُرَ هَذَا الِاسْتِعْمَالُ فَصَارَ مُرَادًا تَأْكِيدُ الْخَبَرِ فَسَاوَى الْقَسَمَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ الْأَنْسَبُ بِمَا وَقَعَ مِنْ مِثْلِهِ فِي الْقُرْآنِ.
وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَهُوَ إِدْمَاجٌ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ مَا لَوْ كَانَ مُقْسِمًا لَأَقْسَمَ بِهِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَكُونُ قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ بِمَعْنَى: وَإِنَّ الْمَذْكُورَ لَشَيْءٌ عَظِيمٌ يُقْسِمُ بِهِ الْمُقْسِمُونَ، فَإِطْلَاقُ قَسَمٌ عَلَيْهِ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ وَإِرَادَةِ الْمَفْعُولِ كَالْخَلْقِ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَبَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّهُمْ جَعَلُوا (لَا) حَرْفًا مُسْتَقِلًّا عَنْ فِعْلِ
أُقْسِمُ وَاقِعًا جَوَابًا لِكَلَامٍ مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ رَدًّا عَلَى أَقْوَالِهِمْ فِي الْقُرْآنِ إِنَّهُ شِعْرٌ، أَوْ سِحْرٌ، أَوْ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، أَوْ قَوْلُ كَاهِنٍ، وَجَعَلُوا قَوْلَهُ:
أُقْسِمُ اسْتِئْنَافًا. وَعَلَيْهِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ مَعَ فَاء التَّفْرِيع أَنه تفرع على مَا سطح مِنْ أَدِلَّةِ إِمْكَانِ الْبَعْثِ مَا يُبْطِلُ قَوْلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ لَيْسَ كَمَا تَزْعُمُونَ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ كريم إِلَخ.
وبِمَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ الْوُقُوعِ، أَيْ مَحَالُّ وُقُوعِهَا مِنْ ثَوَابِتَ وَسَيَّارَةٍ.
وَالْوُقُوعُ يُطْلَقُ عَلَى السُّقُوطِ، أَيِ الْهَوَى، فَمَوَاقِعُ النُّجُومِ مَوَاضِعُ غُرُوبِهَا فَيَكُونُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى [النَّجْم: 1] وَالْقَسَمُ بِذَلِكَ مِمَّا شَمِلَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ [المعارج: 40] . وَجعل بِمَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُقْسَمًا بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَاقِطَ فِي حَالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَهَا تُذَكِّرُ بِالنِّظَامِ الْبَدِيعِ الْمَجْعُولِ لِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَا يَخْتَلُّ وَلَا يَتَخَلَّفُ، وَتُذَكِّرُبِعَظَمَةِ الْكَوَاكِبِ وَبِتَدَاوُلِهَا خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ الْقَسَمُ بِهِ الرَّاجِعُ إِلَى الْقَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.
وَيُطْلَقُ الْوُقُوعُ عَلَى الْحُلُولِ فِي الْمَكَانِ، يُقَالُ: وَقَعَتِ الْإِبِلُ، إِذَا بَرَكَتْ، وَوَقَعَتِ الْغَنَمُ فِي مَرَابِضِهَا، وَمِنْهُ جَاءَ اسْمُ الْوَاقِعَةِ لِلْحَادِثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْمَوَاقِعُ: مَحَالُّ وُقُوعِهَا وَخُطُوطُ سَيْرِهَا فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [الْبُرُوجِ: 1] .
وَالْمَوَاقِعُ هِيَ: أَفْلَاكُ النُّجُومِ الْمَضْبُوطَةِ السَّيْرِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَكَذَلِكَ بُرُوجُهَا وَمَنَازِلُهَا.
وَذِكْرُ (مَوَاقِعِ النُّجُومِ) عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهَا لِدَلَالَةِ أَحْوَالِهَا عَلَى دَقَائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِظَامِ سَيْرِهَا وَبَدَائِعِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِيرِهَا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (مَوَاقِعِ) جَمْعُ مَوْقِعٍ الْمَصْدَرُ الْمِيمِيُّ لِلْوُقُوعِ.
وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ تَأَوَّلَ النُّجُومَ أَنَّهَا جَمْعُ نَجْمٍ وَهُوَ الْقِسْطُ الشَّيْءُ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ كَمَا يُقَالُ: نُجُومُ الدِّيَاتِ وَالْغَرَامَاتِ وَجَعَلُوا النُّجُومَ، أَيِ الطَّوَائِفَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ فَيُؤَوَّلُ إِلَى الْقَسَمِ بِالْقُرْآنِ عَلَى حَقِيقَتِهِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا [الزخرف: 2، 3] .
وَجُمْلَةُ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْقَسَمِ وَجَوَابِهِ.
وَضَمِيرُ إِنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْقَسَمِ الْمَذْكُور فِي فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ، أَو عَائِدًا إِلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ بِتَأْوِيلِهِ بالمذكور فَيكون قسم بِمَعْنَى مُقْسَمٌ بِهِ كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا تَضَمَّنَهُ جَوَابُ الْقَسَمِ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ.
وَجُمْلَةُ لَوْ تَعْلَمُونَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ وَهِيَ اعْتِرَاضٌ فِي اعْتِرَاضٍ.
وَالْعِلْمُ الَّذِي اقْتَضَى شَرْطُ لَوْ الِامْتِنَاعِيَّةِ عَدَمَ حُصُولِهِ لَهُمْ إِنْ جَعَلْتَ ضَمِيرَ إِنَّهُ عَائِدًا عَلَى الْقَسَمِ هُوَ الْعِلْمُ التَّفْصِيلِيُّ بِأَحْوَالِ مَوَاقِعِ النُّجُومِ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَخْلُونَ مِنْ عِلْمٍ إِجْمَالِيٍّ مُتَفَاوِتٍ بِأَنَّ فِي تِلْكَ الْمَوَاقِعِ عِبْرَةً لِلنَّاظِرِينَ، أَوْ نُزِّلَ ذَلِكَ الْعِلْمُ الْإِجْمَالِيُّ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ لِأَنَّهُمْ بِكُفْرِهِمْ لَمْ يَجْرُوا عَلَى مُوجَبِ ذَلِكَ الْعِلْمِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ فَلَوْ عَلِمُوا مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالُ مَوَاقِعِ النُّجُومِ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَعَلِمُوا أَنَّهَا مَوَاقِعُ قُدْسِيَّةٌ لَا يَحْلِفُ بِهَا إِلَّا بَارٌّ فِي يَمِينِهِ وَلَكِنَّهُمْ بِمَعْزِلٍ عَنْ هَذَا الْعِلْمِ، فَإِنَّ جَلَالَةَ الْمُقْسَمِ بِهِ مِمَّا يَزَعُ الْحَالِفَ عَنِ الْكَذِبِ فِي يَمِينِهِ. وَدَلِيلُ انْتِفَاءِ عِلْمِهِمْ بِعَظَمَتِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا دَلَالَةَ ذَلِكَ عَلَى تَوْحِيدِ الله بالإلهية فأثبوا لَهُ شُرَكَاءَ لَمْ يَخْلُقُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا مَا يُدَانِيهِ فَتِلْكَ آيَةٌ أَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا مَا فِي طَيِّ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلَ حَتَّى اسْتَوَى عِنْدَهُمْ خَالِقُ مَا فِي تِلْكَ الْمَوَاقِعِ وَغَيْرُ خَالِقِهَا.
فَأَمَّا إِنْ جَعَلْتَ ضَمِيرَ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ عَائِدًا إِلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فَالْمَعْنَى: لَوْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ لَمَا احْتَجْتُمْ إِلَى الْقَسَمِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِمَواقِعِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَبَعْدَهَا أَلِفٌ، وَقَرَأَهُ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَخلق بِمَواقِعِ سُكُونُ الْوَاوِ دُونَ أَلِفٍ بَعْدَهَا بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، أَيْ بِوُقُوعِهَا، أَيْ غُرُوبِهَا، أَوْ هُوَ اسْمٌ لِجِهَةِ غُرُوبِهَا كَقَوْلِهِ: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [المزمل: 9] .
وَمَفْعُولُ تَعْلَمُونَ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، أَيْ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظَمَتَهُ، أَيْ دَلَائِلَ عَظَمَتِهِ، وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ فِعْلَ تَعْلَمُونَ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، أَيْ لَوْ كَانَ لَكُمْ عِلْمٌ لَكِنَّكُمْ لَا تَتَّصِفُونَ بِالْعِلْمِ.
وَضَمِيرُ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ رَاجِعٌ إِلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ فِي الْكَلَامِ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا مُسْتَحْضَرًا لَهُمْ.
وَالْقُرْآنُ: الْكَلَامُ الْمَقْرُوءُ، أَيِ الْمَتْلُوُّ الْمُكَرَّرُ، أَيْ هُوَ كَلَامٌ مُتَّعَظٌ بِهِ مَحَلُّ تَدَبُّرٍ وَتِلَاوَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ فِي
سُورَةِ يُونُسَ وَالْكَرِيمُ: النَّفِيسُ الرَّفِيعُ فِي نَوْعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ فِي سُورَةِ النَّمْلِ [29] .
وَهَذَا تَفْضِيلٌ لِلْقُرْآنِ عَلَى أَفْرَادِ نَوْعِهِ مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ مِثْلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَمَجَلَّةِ لُقْمَانَ، وَفَضْلُهُ عَلَيْهَا بِأَنَّهُ فَاقَهَا فِي اسْتِيفَاءِ أَغْرَاضِ الدِّينِ وَأَحْوَالِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَإِثْبَاتِ الْمُعْتَقَدَاتِ بِدَلَائِلِ التَّكْوِينِ. وَالْإِبْلَاغِ فِي دَحْضِ الْبَاطِلِ دَحْضًا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مِثْلِهِ كِتَابٌ سَابِقٌ، وَخَاصَّةً الِاعْتِقَادَ، وَفِي وُضُوحِ مَعَانِيهِ، وَفِي كَثْرَةِ دَلَالَتِهِ مَعَ قِلَّةِ أَلْفَاظِهِ، وَفِي فَصَاحَتِهِ، وَفِي حُسْنِ آيَاتِهِ، وَحُسْنِ مَوَاقِعِهَا فِي السَّمْعِ وَذَلِكَ مِنْ آثَارِ مَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ مِنْ عُمُومِ الْهِدَايَةِ بِهِ، وَالصَّلَاحِيَةِ لِكُلِّ أُمَّةٍ، وَلِكُلِّ زَمَانٍ، فَهَذَا وَصْفٌ لِلْقُرْآنِ بِالرِّفْعَةِ عَلَى جَمِيعِ الْكُتُبِ حَقًّا لَا يَسْتَطِيعُ الْمُخَالِفُ طَعْنًا فِيهِ. «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»

قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ):قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى.
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا النَّجْمِ الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهِ النَّجْمُ إِذَا رُجِمَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الثُّرَيَّا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، وَلَفْظَةُ النَّجْمِ عَلَمٌ لِلثُّرَيَّا بِالْغَلَبَةِ، فَلَا تَكَادُ الْعَرَبُ تُطْلِقُ لَفْظَ النَّجْمِ مُجَرَّدًا إِلَّا عَلَيْهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ ذُبْيَانَ:
أَقُولُ وَالنَّجْمُ قَدْ مَالَتْ أَوَاخِرُهُ ... إِلَى الْمَغِيبِ تَثَبَّتْ نَظْرَةً حَارِ
فَقَوْلُهُ: وَالنَّجْمِ: يَعْنِي الثُّرَيَّا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذَا هَوَى: أَيْ سَقَطَ مَعَ الصُّبْحِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ. وَقِيلَ: النَّجْمُ الزَّهْرَةُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالنَّجْمِ نُجُومُ السَّمَاءِ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْمُفْرَدِ وَإِرَادَةِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ: وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [54 \ 45] ، يَعْنِي الْأَدْبَارَ. وَقَوْلُهُ: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [89 \ 22] ، أَيِ: الْمَلَائِكَةُ، وَقَوْلُهُ: أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا [25 \ 75] ، أَيِ الْغُرَفَ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَمْثِلَةً كَثِيرَةً لِهَذَا فِي الْقُرْآنِ، وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [22 \ 5] ، وَإِطْلَاقُ النَّجْمِ مُرَادًا بِهِ النُّجُومَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ:
ثُمَّ قَالُوا تُحِبُّهَا قُلْتُ بَهْرًا ... عَدَدَ النَّجْمِ وَالْحَصَى وَالتُّرَابِ
وَقَوْلُ الرَّاعِي:
فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ فِي مُسْتَحِيرَةٍ ... سَرِيعٍ بِأَيْدِي الْآكِلِينَ جُمُودُهَا
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَمَعْنَى هُوِيِّ النُّجُومِ سُقُوطُهَا إِذَا غَرَبَتْ أَوِ انْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: النَّجْمُ النَّبَاتُ الَّذِي لَا سَاقَ لَهُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْمُرَادُ بِالنَّجْمِ الْجُمْلَةُ النَّازِلَةُ مِنَ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْجُمًا مُنَجَّمًا فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكُلُّ جُمْلَةٍ مِنْهُ وَقْتَ نُزُولِهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ النَّجْمِ صِدْقًا عَرَبِيًّا صَحِيحًا كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مَا حَانَ وَقْتُهُ مِنَ الدِّيَةِ الْمُنَجَّمَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْكِتَابَةِ الْمُنَجَّمَةِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ.
وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: إِذَا هَوَى أَيْ نَزَلَ بِهِ الْمَلَكُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَوْلُهُ: هَوَى يَهْوِي هُوِيًّا إِذَا اخْتَرَقَ الْهَوَا نَازِلًا مِنْ أعَلَى إِلَى أَسْفَلَ.
اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ الثُّرَيَّا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجْمِ خُصُوصُهَا، وَإِنِ اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ - لَيْسَ بِوَجِيهٍ عِنْدِي.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ النَّجْمَ يُرَادُ بِهِ النُّجُومُ. وَإِنْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعُهُ تَعَالَى لِلنُّجُومِ فِي الْقَسَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ [56 \ 75] ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى هُنَا كَالْمُرَادِ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فِي الْوَاقِعَةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي الْمُرَادِ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مَسَاقِطُهَا إِذَا غَابَتْ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: انْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنَازِلُهَا فِي السَّمَاءِ، لِأَنَّ النَّازِلَ فِي مَحِلٍّ وَاقِعٍ فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مَوَاقِعُ نُجُومِ الْقُرْآنِ النَّازِلِ بِهَا الْمَلَكُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ: أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي وَأَقْرَبُهَا لِلصَّوَابِ فِي نَظَرِي - أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى هُنَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَبِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فِي الْوَاقِعَةِ هُوَ نُجُومُ الْقُرْآنِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْمَلَكُ نَجْمًا فَنَجْمًا، وَذَلِكَ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى الَّذِي هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَقٍّ وَأَنَّهُ مَا ضَلَّ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى - مُوَافِقٌ فِي الْمَعْنَى لِمَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ إِلَى قَوْلِهِ: تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [56 \ 77 - 80] .
وَالْإِقْسَامُ بِالْقُرْآنِ عَلَى صِحَّةِ رِسَالَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى صِدْقِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنَ اللَّهِ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [36 \ 1 - 5] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى: حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [43 \ 1 - 4] ، وَخَيْرُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْقُرْآنُ الْقُرْآنُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ كَوْنَ الْمُقْسَمِ بِهِ الْمُعَبَّرِ بِالنُّجُومِ هُوَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ - أَنْسَبُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [56 \ 76] ، لَأَنَّ هَذَا التَّعْظِيمَ مِنَ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَقْسَمَ بِهِ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ أَنْسَبُ لِذَلِكَ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ وَنَجْمِ الْأَرْضِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.(أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن)
قال محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ) :نجم الشيء ينجم بالضم نجوما طلع وظهر ونجم النبات والناب والقرن والكوكب وغير ذلك طلع قال الله تعالى والنجم والشجر يسجدان وفي الحديث هذا إبان نجومه أي وقت ظهوره يعني النبي صلى الله عليه وسلم يقال نجم النبت ينجم إذا طلع وكل ما طلع وظهر فقد نجم وقد خص بالنجم منه ما لا يقوم على ساق كما خص القائم على الساق منه بالشجر وفي حديث حذيفة سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم في صدورهم والنجم من النبات كل ما نبت على وجه الأرض ونجم على غير ساق وتسطح فلم ينهض والشجر كل ما له ساق ومعنى سجودهما دوران الظل معهما قال أبو إسحق قد قيل إن النجم يراد به النجوم قال وجائز أن يكون النجم ههنا ما نبت على وجه الأرض وما طلع من نجوم السماء ويقال لكل ما طلع قد نجم والنجيم منه الطري حين نجم فنبت قال ذو الرمة يصعدن رقشا بين عوج كأنها زجاج القنا منها نجيم وعارد والنجوم ما نجم من العروق أيام الربيع ترى رؤوسها أمثال المسال تشق الأرض شقا ابن الأعرابي النجمة شجرة والنجمة الكلمة والنجمة نبتة صغيرة وجمعها نجم فما كان له ساق فهو شجر وما لم يكن له ساق فهو نجم أبو عبيد السراديح أماكن لينة تنبت النجمة والنصي قال والنجمة شجرة تنبت ممتدة على وجه الأرض وقال شمر النجمة ههنا بالفتح
قوله بالفتح هكذا في التهذيب مع ضبطه بالتحريك وعبارة الصاغاني بفتح الجيم قال وقد رأيتها في البادية وفسرها غير واحد منهم وهي الثيلة وهي شجرة خضراء كأنها أول بذر الحب حين يخرج صغارا قال وأما ا لنجمة فهو شيء ينبت في أصول النخلة وفي الصحاح ضرب من النبت وأنشد للحرث بن ظالم المري يهجو النعمان أخصيي حمار ظل يكدم نجمة أتؤكل جاراتي وجارك سالم والنجم هنا نبت بعينه واحده نجمة
قوله واحده نجمة وهو الثيل تقدم ضبطه عن شمر بالتحريك وضبط ما ينبت في أصول النخل بالفتح ونقل الصاغاني عن الدينوري أنه لا فرق بينهما وهو الثيل قال أبو عمرو الشيباني الثيل يقال له النجم الواحدة نجمة وقال أبو حنيفة الثيل والنجمة والعكرش كله شيء واحد قال وإنما قال ذلك لأن الحمار إذا أراد أن يقلع النجمة من الأرض وكدمها ارتدت خصيتاه إلى مؤخره قال الأزهري النجمة لها قضبة تفترش الأرض افتراشا وقال أبو نصر الثيل الذي ينبت على شطوط الأنهار وجمعه نجم ومثل البيت في كون النجم فيه هو الثيل قول زهير مكلل بأصول النجم تنسجه ريح خريق لضاحي مائة حبك وفي حديث جرير بين نخلة وضالة ونجمة وأثلة النجمة أخص من النجم وكأنها واحدته كنبتة ونبت وفي التنزيل العزيز والنجم إذا هوى قال أبو إسحق أقسم الله تعالى بالنجم وجاء في التفسير أنه الثريا وكذلك سمتها العرب ومنه قول ساجعهم طلع النجم غديه وابتغى الراعي شكيه وقال فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها أراد الثريا قال وجاء في التفسير أيضا أن النجم نزول القرآن نجما بعد نجم وكان تنزل منه الآية والآيتان وقال أهل اللغة النجم بمعنى النجوم والنجوم تجمع الكواكب كلها ابن سيده والنجم الكوكب وقد خص الثريا فصار لها علما وهو من باب الصعق وكذلك قال سيبويه في ترجمة هذا الباب هذا باب يكون فيه الشيء غالبا عليه اسم يكون لكل من كان من أمته أو كان في صفته من الأسماء التي تدخلها الألف واللام وتكون نكرته الجامعة لما ذكرت من المعاني ثم مثل بالصعق والنجم والجمع أنجم وأنجام قال الطرماح وتجتلي غرة مجهولها بالرأي منه قبل أنجامها ونجوم ونجم ومن الشاذ قراءة من قرأ وعلامات وبالنجم وقال الراجز إن الفقير بيننا قاض حكم أن ترد الماء إذا غاب النجم وقال الأخطل كلمع أيدي مثاكيل مسلبة يندبن ضرس بنات الدهر والخطب وذهب ابن جني إلى أنه جمع فعلا على فعل ثم ثقل وقد يجوز أن يكون حذف الواو تخفيفا فقد قرئ وبالنجم هم يهتدون قال وهي قراءة الحسن وهي تحتمل التوجيهين والنجم الثريا وهو اسم لها علم مثل زيد وعمرو فإذا قالوا طلع النجم يريدون الثريا وإن أخرجت منه الألف واللام تنكر قال ابن بري ومنه قول المرار ويوم من النجم مستوقد يسوق إلى الموت نور الظبا أراد بالنجم الثريا وقال ابن يعفر ولدت بحادي النجم يتلو قرينه وبالقلب قلب العقرب المتوقد وقال أبو ذؤيب فوردن والعيوق مقعد رابئ ال ضرباء خلف النجم لا يتتلع وقال الأخطل فهلا زجرت الطير ليلة جئته بضيقة بين النجم والدبران وقال الراعي فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها قوله تعد النجم يريد الثريا لأن فيها ستة أنجم ظاهرة يتخللها نجوم صغار خفية وفي الحديث إذا طلع النجم ارتفعت العاهة وفي رواية ما طلع النجم وفي الأرض من العاهة شيء وفي رواية ما طلع النجم قط وفي الأرض عاهة إلا رفعت النجم في الأصل اسم لكل واحد من كواكب السماء وهو بالثريا أخص فإذا أطلق فإنما يراد به هي وهي المرادة في هذا الحديث وأراد بطلوعها طلوعها عند الصبح وذلك في العشر الأوسط من أيار وسقوطها مع الصبح في العشر الأوسط من تشرين الآخر والعرب تزعم أن بين طلوعها وغروبها أمراضا ووباء وعاهات في الناس والإبل والثمار ومدة مغيبها بحيث لا تبصر في الليل نيف وخمسون ليلة لأنها تخفى بقربها من الشمس قبلها وبعدها فإذا بعدت عنها ظهرت في الشرق وقت الصبح قال الحربي إنما أراد بهذا الحديث أرض الحجاز لأن في أيار يقع الحصاد بها وتدرك الثمار وحينئذ تباع لأنها قد أمن عليها من العاهة قال القتيبي أحسب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد عاهة الثمار خاصة والمنجم والمتنجم الذي ينظر في النجوم يحسب مواقيتها وسيرها قال ابن سيده فأما قول بعض أهل اللغة يقوله النجامون فأراه مولدا قال ابن بري وابن خالويه يقول في كثير من كلامه وقال النجامون ولا يقول المنجمون قال وهذا يدل على أن فعله ثلاثي وتنجم رعى النجوم من سهر ونجوم الأشياء وظائفها التهذيب والنجوم وظائف الأشياء وكل وظيفة نجم والنجم الوقت المضروب وبه سمي المنجم ونجمت المال إذا أديته نجوما قال زهير في ديات جعلت نجوما على العاقلة ينجمها قوم لقوم غرامة ولم يهريقوا بينهم ملء محجم وفي حديث سعد والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة تنجيم الدين هو أن يقدر عطاؤه في أوقات معلومة متتابعة مشاهرة أو مساناة ومنه تنجيم المكاتب ونجوم الكتابة وأصله أن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها فتقول إذا طلع النجم حل عليك مالي أي الثريا وكذلك باقي المنازل فلما جاء الإسلام جعل الله تعالى الأهلة مواقيت لما يحتاجون إليه من معرفة أوقات الحج والصوم ومحل الديون وسموها نجوما اعتبارا بالرسم القديم الذي عرفوه واحتذاء حذو ما ألفوه وكتبوا في ذكور حقوقهم على الناس مؤجلة وقوله عز وجل فلا أقسم بمواقع النجوم عنى نجوم القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم آية آية وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة ونجم عليه الدية قطعها عليه نجما نجما عن ابن الأعرابي وأنشد ولا حمالات امرئ منجم ويقال جعلت مالي على فلان نجوما منجمة يؤدي كل نجم في شهر كذا وقد جعل فلان ماله على فلان نجوما معدودة يؤدي عند انقضاء كل شهر منها نجما وقد نجمها عليه تنجيما نظر في النجوم فكر في أمر ينظر كيف يدبره وقوله عز وجل مخبرا عن إبراهيم عليه السلام فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم قيل معناه فيما نجم له من الرأي وقال أبو العباس أحمد بن يحيى النجوم جمع نجم وهو ما نجم من كلامهم لما سألوه أن يخرج معهم إلى عيدهم ونظر ههنا تفكر ليدبر حجة فقال إني سقيم أي من كفركم وقال أبو إسحق إنه قال لقومه وقد رأى نجما إني سقيم أوهمهم أن به طاعونا فتولوا عنه مدبرين فرارا من عدوى الطاعون قال الليث يقال للإنسان إذا تفكر في أمر لينظر كيف يدبره نظر في النجوم قال وهكذا جاء عن الحسن في تفسير هذه الآية أي تفكر ما الذي يصرفهم عنه إذا كلفوه الخروج معهم والمنجم الكعب والعرقوب وكل ما نتأ والمنجم أيضا الذي يدق به الوتد ويقال ما نجم لهم منجم مما يطلبون أي مخرج وليس لهذا الأمر نجم أي أصل وليس لهذا الحديث نجم أي ليس له أصل والمنجم الطريق الواضح قال البعيث لها في أقاصي الأرض شأو ومنجم وقول ابن لجإ فصبحت والشمس لما تنعم أن تبلغ الجدة فوق المنجم قال معناه لم ترد أن تبلغ الجدة وهي جدة الصبح طريقته الحمراء والمنجم منجم النهار حين ينجم ونجم الخارجي ونجمت ناجمة بموضع كذا أي نبعت وفلان منجم الباطل والضلالة أي معدنه والمنجمان والمنجمان عظمان شاخصان في بواطن الكعبين يقبل أحدهما على الآخر إذا صفت القدمان ومنجما الرجل كعباها والمنجم بكسر الميم من الميزان الحديدة المعترضة التي فيها اللسان وأنجم المطر أقلع وأنجمت عنه الحمى كذلك وكذلك أفصم وأفصى وأنجمت السماء أقشعت وأنجم البرد وقال أنجمت قرة السماء وكانت قد أقامت بكلبة وقطار وضربه فما أنجم عنه حتى قتله أي ما أقلع وقيل كل ما أقلع فقد أنجم والنجام موضع قال معقل بن خويلد نزيعا محلبا من أهل لفت لحي بين أثلة والنجام(لسان العرب )

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 7 ربيع الثاني 1439هـ/25-12-2017م, 10:37 PM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

المجلس الأول
جمع أقوال السلف والمفسرين
في المراد بمواقع النجوم
تصنيف المسألة وترشيح المراجع الأولية للبحث:
المسالة تفسيرية
المراجع الأولية :
من المرتبة الأولى كتب التفسير في دواوين السنّة:
كتاب صحيح البخاري/ محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ)
كتاب السنن الكبرى /أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ )
كتاب المستدرك /محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ )
من المرتبة الثانية كتب التفسير في جوامع الأحاديث
كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول، لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير (ت:606هـ)
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد /لأبي الحسن نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي(ت:807هـ)
كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور /جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ)
من المرتبة الثالثة كتب التفاسير المسندة المطبوعة
تفسير القرآن العزيز/ لمحدّث اليمن عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211هـ).
جامع البيان عن تأويل آي القرآن/لإمام المفسّرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ).
معالم التنزيل في تفسير القرآن /محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ)
من المرتبة الخامسة كتب أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة، ومنها:
تفسير مجاهد /عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ)
من المرتبة السادسة كتب التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير:
الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه/ أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ)
النكت والعيون/أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ)
زاد المسير في علم التفسير/جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
الجامع لأحكام القرآن /أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)

تفسير القرآن العظيم/أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
من المرتبة الثامنة شروح الأحاديث :
فتح الباري /أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ)
عمدة القاري /محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ)
إرشاد الساري /أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ)
حاشية السندي على البخاري /محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ)
ومن الكتب التي تتكلم عن معاني كلمات القرآن :
معاني القرآن وإعرابه/إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفى: 311هـ)
معاني القرآن/ أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ)
ومن الكتب التي تعتني بالتحرير العلمي والتوجيه :
التبيان في أقسام القرآن/ محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»/ محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ)
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن/ محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ)
ومن الكتب اللغوية :
لسان العرب/ محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ)


جمع كلام أهل العلم وترتيبه
في تفسير قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)

قال أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ):وقوله: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ «4» النُّجُومِ (75) .
حدثنا الفراء «5» قال: وَحَدَّثَنِي «6» أَبُو لَيْلَى السِّجِسْتَانِيُّ عَنْ أَبِي جَرِيرٍ قَاضِي سجستانى قَالَ: قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «فَلا أُقْسِمُ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ» وَالْقُرَّاءُ جَمِيعًا عَلَى: مَوَاقِعِ.
حدثنا الفراء «7» قال: حَدَّثَنِي الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ «8» إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فيما أعلم شك الفراء [192/ ب] قَالَ: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، قَالَ: بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه نُجُومًا.
وقوله: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) يدل عَلَى أَنَّهُ القرآن.
وَيُقَال: فلا أقسم بموقع النجوم، بمسقط النجوم إِذَا سقطن.(معاني القرآن)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله فلا أقسم بمواقع النجوم قال منازل النجوم
قال معمر وقال الكلبي هو القرآن كان ينزل نجوما). [تفسير عبد الرزاق: 2/273]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] : " بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ "). [صحيح البخاري: 6/146]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}
- أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبي عوانة، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " نزل القرآن جميعًا في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا، ثمّ فصّل فنزل في السّنين، فذلك قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/287]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} فقال بعضهم: عني بقوله: {فلا أقسم}. أقسم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جريجٍ، عن الحسن بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، {فلا أقسم}. قال: أقسم.
وقال بعض أهل العربيّة: معنى قوله: {فلا} فليس الأمر كما تقولون ثمّ استأنف القسم بعد فقيل أقسم.
وقوله: {بمواقع النّجوم}. اختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: فلا أقسم بمنازل القرآن، وقالوا: أنزل القرآن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نجومًا متفرّقةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا حصينٌ، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرّق في السّنين بعد قال: وتلا ابن عبّاسٍ هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: نزل متفرّقًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: أنزل اللّه القرآن نجومًا ثلاث آياتٍ وأربع آياتٍ وخمس آياتٍ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرمة: إنّ القرآن نزل جميعًا، فوضع بمواقع النّجوم، فجعل جبريل يأتي بالسّورة، وإنّما نزل جميعًا في ليلة القدر.
- حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: هو محكم القرآن.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ}. قال: مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بمواقع النّجوم}. قال في السّماء ويقال مطالعها ومساقطها.
- حدّثني بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. أي مساقطها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بمنازل النّجوم
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: بمنازل النّجوم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بانتثار النّجوم عند قيام السّاعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: قال الحسن: انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة الكوفة (بموقع) على التّوحيد، وقرأته عامّة قرأة المدينة والبصرة وبعض الكوفيّين {بمواقع}: على الجماعة.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ). [جامع البيان: 22/358-362]
قال إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفى: 311هـ) :(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)
معناه أقسم، ودخلت (لَا) توكيداً كما قال عزَّ وجل:
(لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ)، معناه لأن يعلم أهل الكتاب.
ومواقع النجوم مَسَاقِطُها.
كما قال - عزَّ وجلَّ - (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ).
وقيل إن مواقعِ النجومِ يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نُجُوماً شيئاَ بَعْدَ شَيءٍ (2)
ودليل هذا القول (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77).
(معاني القرآن وإعرابه)
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا شريك عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بمواقع النجوم نجوم القرآن وذلك أنه نزل القرآن إلى السماء الدنيا جميعه جملة واحدة ثم نجم على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وأكثر). [تفسير مجاهد: 2/651]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يعني بمواقع النجوم في السماء ويقال أيضا مطلعها ومساقطها). [تفسير مجاهد: 2/652]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو بكرٍ محمّد بن المؤمّل، ثنا الفضل بن محمّدٍ الشّعرانيّ، ثنا عمرو بن عونٍ الواسطيّ، ثنا هشيمٌ، أنبأ حصين بن عبد الرّحمن، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " أنزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرق في السّنين قال: وتلا هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] قال: «نزل متفرّقًا» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/519]
قال أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ):زائدة والتقدير أقسم.
وقيل لا رد الكلام، والتقدير ليس الأمر كما يقول الكافر.
ثم استأنف فقال: أقسم بمواقع النجوم، وقيل " لا بمعنى " إلا للتنبيه ومعنى مواقع النجوم، منازل القرآن، لأن القرآن نزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوماً متفرقة.
قال ابن عباس نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم فرق في السنين بعد وتلا ابن عباس {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم}، قال نزل متفرقاً.
وقال عكرمة فلا أقسم بمواقع النجوم، قال أنزل الله القرآن نجوماً ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات، وقال أيضاً نزل جميعاً فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل صلى الله عليه وسلم / يأتي بالسورة بعد السورة وإنما نزل جميعاً في ليلة القدر.
وقال مجاهد: بمواقع النجوم هو محكم القرآن.
وقال الحسن بمواقع النجوم بمغاربها، وقاله قتادة.
وعن الحسن أيضاً بمواقع النجوم هو أنكدارها وانتشارها يوم القيامة.
وعن مجاهد أيضاً بمواقع النجوم مطالعها ومساقطها.
أي: وأن هذا القسم عظيم لو تعلمون ذلك.
أي: أقسم بمواقع النجوم وهو القرآن أن هذا القرآن لقسم عظيم لو تعلمون ذلك أنه لقرآن كريم، والهاء " في " " إنه " من ذكر القرآن.(الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه)
قال أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ):{فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ الْنُّجُومِ} فيه وجهان: أحدهما: أنه إنكار أن يقسم الله بشيء من مخلوقاته، قال الضحاك: إن الله لا يقسم بشىء من خلقه ولكنه استفتاح يفتتح به كلامه. الثاني: أنه يجوز أن يقسم الخالق بالمخلوقات تعظيماً من الخالق لما أقسم به من مخلوقاته. فعلى هذا في قوله: {فَلاَ أُقْسِمُ} وجهان: أحدهما: أن (لا) صلة زائدة، ومعناه أقسم. الثاني: أن قوله: {فَلاَ} راجع إلى ما تقدم ذكره، ومعناه فلا تكذبوا ولا تجحدوا ما ذكرته من نعمة وأظهرته من حجة، ثم استأنف كلامه فقال: {أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}. وفيها ستة أقاويل: أحدها: أنها مطالعها ومساقطها، قاله مجاهد.
الثاني: إنتشارها يوم القيامة وإنكدارها , قاله الحسن. الثالث: أن مواقع النجوم السماء , قاله ابن جريج. الرابع: أن مواقع النجوم الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا , قاله الضحاك , ويكون قوله: {فلا أقسم} مستعملاً على حقيقته في نفي القسم بها. الخامس: أنها نجوم القرآن أنزلها الله من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا , فنجمه السفرة على جبريل عشرين ليلة , ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة , فهو ينزله على الأحداث في أمته , قاله ابن عباس والسدي. السادس: أن مواقع النجوم هو محكم القرآن , حكاه الفراء عن ابن مسعود. {وَإِنَّهُ قَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} فيه قولان: أحدهما: أن القرآن قسم عظيم , قاله ابن عباس. الثاني: أن الشرك بآياته جرم عظيم , قاله ابن عباس , والضحاك. ويحتمل ثالثاً: أن ما أقسم الله به عظيم. {إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ} يعني أن هذا القرآن كريم , وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: كريم عند الله. الثاني: عظيم النفع للناس. الثالث: كريم بما فيه من كرائم الأخلاق ومعالي الأمور. ويحتمل أيضاً رابعاً: لأنه يكرم حافظه ويعظم قارئه.( النكت والعيون)
قال محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ):قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) ، قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: مَعْنَاهُ أقسم ولا صِلَةٌ، وَكَانَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ يَقْرَأُ: «فَلَأُقْسِمُ» ، عَلَى التَّحْقِيقِ. وَقِيلَ: قَوْلُهُ فَلا رَدٌّ لِمَا قَالَهُ الْكُفَّارُ فِي الْقُرْآنِ إِنَّهُ سِحْرٌ وَشِعْرٌ وَكَهَانَةٌ، مَعْنَاهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُونَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقَسَمَ، فَقَالَ أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ.
قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «بِمَوْقِعِ» عَلَى التَّوْحِيدِ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ «بِمَوَاقِعِ» عَلَى الْجَمْعِ [1] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ نُجُومَ القرآن فإنه كان نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَفَرِّقًا نُجُومًا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَرَادَ مَغَارِبَ النُّجُومِ وَمَسَاقِطَهَا. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَرَادَ مَنَازِلَهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَرَادَ انْكِدَارَهَا وَانْتِثَارَهَا [2] يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ، يَعْنِي هَذَا الْكِتَابَ وَهُوَ مَوْضِعُ الْقَسَمِ. لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، عَزِيزٌ مَكْرَمٌ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعَانِي: الْكَرِيمُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْطِيَ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ.(معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي)
قال أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ):ثم ابتدأ أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وقال بعض المتأولين هي مؤكدة تعطي في القسم مبالغة ما، وهي كاستفتاح كلام مشبه في القسم ألا في شائع الكلام القسم وغيره، ومن هذا قول الشاعر:
[الطويل] «فلا وأبي أعدائها لا أخونها» والمعنى: فو أبي اعدائها، ولهذا نظائر.
وقرأ الحسن والثقفي: «فلأقسم» بغير ألف، قال أبو الفتح، التقدير: فلأنا أقسم.
وقرأ الجمهور من القراء «بمواقع» على الجمع، وقرأ عمر بن الخطاب وابن عباس وابن مسعود وأهل الكوفة وحمزة والكسائي: «بموقع» على الإفراد، وهو مراد به الجمع، ونظير هذا كثير، ومنه قوله تعالى:
إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان: 19] جمع من حيث لكل حمار صوت مختص وأفرد من حيث الأصوات كلها نوع.
واختلف الناس في: النُّجُومِ هنا، فقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد وغيرهم: هي نجوم القرآن التي نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه روي أن القرآن نزل من عند الله في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، وقيل إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك على محمد نجوما مقطعة في مدة من عشرين سنة.
قال القاضي أبو محمد: ويؤيد هذا القول عود الضمير على القرآن في قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، وذلك أن ذكره لم يتقدم إلا على هذا التأويل، ومن لا يتأول بهذا التأويل يقول: إن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: 32] ، وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ [الرحمن: 26] وغير ذلك. وقال جمهور كثير من المفسرين: النُّجُومِ هنا: الكواكب المعروفة. واختلف في موقعها، فقال مجاهد وأبو عبيدة هي: مواقعها عند غروبها وطلوعها، وقال قتادة:
مواقعها مواضعها من السماء، وقيل: مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت، وقال الحسن: مواقعها عند الانكدار يوم القيامة.
وقوله تعالى: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ تأكيد للأمر وتنبيه من المقسم به، وليس هذا باعتراض بين الكلامين، بل هذا معنى قصد التهمم به، وإنما الاعتراض قوله: لَوْ تَعْلَمُونَ وقد قال قوم: إن قوله: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ اعتراض، وإن لَوْ تَعْلَمُونَ اعتراض في اعتراض، والتحرير هو الذي ذكرناه.
وقوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ هو الذي وقع القسم عليه، ووصفه بالكرم على معنى إثبات صفات المدح له ودفع صفات الحطيطة عنه.(المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)
قال جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ):قوله عزّ وجلّ: فَلا أُقْسِمُ في «لا» قولان: أحدهما: أنها دخلت توكيداً. والمعنى:
فأقسم، ومثله لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ «1» ، قاله الزجاج، وهو مذهب سعيد بن جبير. والثاني: أنها على أصلها. ثم في معناها قولان: أحدهما: أنها ترجع إلى ما تقدّم، ومعناه: النهي، تقدير الكلام: فلا تكذبوا، ولا تجحدوا ما ذكرته من النعم والحجج، قاله الماوردي. والثاني: أنّ «لا» ردّا لما تقوله الكفار في القرآن: إنه سحر، وشعر، وكهانة، ثم استأنف القسم على أنه قرآن كريم، قاله علي بن أحمد النيسابوري. وقرأ الحسن: فلأقسم بغير ألف بين اللام والهمزة.
قوله عزّ وجلّ: بِمَواقِعِ وقرأ حمزة، والكسائي: «بموقع» على التوحيد. قال أبو علي:
مواقعها: مساقطها. ومَنْ أَفْرَدَ، فلأنه اسم جنس. ومَنْ جَمَعَ فلاختلاف ذلك. وفي «النجوم» قولان:
أحدهما: نجوم السماء، قاله الأكثرون. فعلى هذا في مواقعها ثلاثة أقوال: أحدها: انكدارها وانتثارها يوم القيامة، قاله الحسن. والثاني: منازلها، قاله عطاء، وقتادة. والثالث: مغيبها في المغرب، قاله أبو عبيدة. والثاني: أنها نجوم القرآن، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. فعلى هذا سميت نجوماً لنزولها متفرقة، ومواقعها: نزولها. قوله: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ الهاء كناية عن القسم. وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره: وإنه لقسم عظيم لو تعلمون عِظَمَهُ. ثم ذكر المقسم عليه فقال تعالى:
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ والكريم: اسم جامع لما يحمد، وذلك أن فيه البيان والهدى والحكمة، وهو معظّم عند الله عزّ وجلّ.( زاد المسير في علم التفسير)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكرٌ، ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فنزلت: هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النّجوم (75) وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ (76) إنّه لقرآنٌ كريمٌ (77) في كتابٍ مكنونٍ (78) لا يمسّه إلّا المطهّرون (79) تنزيلٌ من ربّ العالمين (80) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون} [الواقعة: 75 -82] أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
(بمواقع): مواقع النجوم: مساقطها ومغاربها، وقيل: منازلها ومسايرها). [جامع الأصول: 2/374-375]
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ):
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (80)
فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تعالى: (فَلا أُقْسِمُ) (فَلا) صِلَةٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَالْمَعْنَى فَأُقْسِمُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ). وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ نَفْيٌ، وَالْمَعْنَى لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ (أُقْسِمُ). وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ: لَا وَاللَّهِ مَا كَانَ كَذَا فَلَا يُرِيدُ بِهِ نَفْيَ الْيَمِينِ، بَلْ يُرِيدُ بِهِ نَفْيَ كَلَامٍ تَقَدَّمَ. أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتُ، بَلْ هُوَ كذا. وقيل: (فَلا) بِمَعْنَى أَلَا لِلتَّنْبِيهِ كَمَا قَالَ «1»:
أَلَا عِمْ صَبَاحًا أَيُّهَا الطَّلَلُ الْبَالِي
وَنَبَّهَ بِهَذَا عَلَى فَضِيلَةِ الْقُرْآنِ لِيَتَدَبَّرُوهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِشِعْرٍ وَلَا سِحْرٍ وَلَا كِهَانَةٍ كَمَا زَعَمُوا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَحُمَيْدٌ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ (فَلَأُقْسِمُ) بِغَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ اللَّامِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَهُوَ فِعْلُ حَالٍ وَيُقَدَّرُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفٌ، التَّقْدِيرُ: فَلَأَنَا أُقْسِمُ بِذَلِكَ. وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الِاسْتِقْبَالَ لَلَزِمَتِ النُّونُ، وَقَدْ جَاءَ حَذْفُ النُّونِ مَعَ الْفِعْلِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الِاسْتِقْبَالَ وَهُوَ شَاذٌّ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِمَواقِعِ النُّجُومِ) مَوَاقِعُ النُّجُومِ مَسَاقِطُهَا وَمَغَارِبُهَا فِي قَوْلِ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ. عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: مَنَازِلُهَا. الْحَسَنُ: انْكِدَارُهَا وَانْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. الضَّحَّاكُ: هِيَ الْأَنْوَاءُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ إِذَا مُطِرُوا قَالُوا مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا. الْمَاوَرْدِيُّ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا أُقْسِمُ) مُسْتَعْمَلًا عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ نَفْيِ الْقَسَمِ. الْقُشَيْرِيُّ: هُوَ قَسَمٌ، وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُقْسِمَ بِمَا يُرِيدُ، وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُقْسِمَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ القديمة.
قُلْتُ: يَدُلُّ عَلَى هَذَا قِرَاءَةُ الْحَسَنِ (فَلْأُقْسِمُ) وَمَا أَقْسَمَ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُرَادُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ نُزُولُ الْقُرْآنِ نُجُومًا، أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّفَرَةِ الْكَاتِبِينَ، فَنَجَّمَهُ السَّفَرَةُ عَلَى جِبْرِيلَ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَنَجَّمَهُ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَهُوَ يُنْزِلُهُ عَلَى الْأَحْدَاثِ مِنْ أُمَّتِهِ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: حدثنا إسماعيل ابن إِسْحَاقَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ إِلَى سَمَاءِ الدنيا جملة واحدة، ثم نزل إلى الأرضي نُجُومًا، وَفُرِّقَ بَعْدَ ذَلِكَ خَمْسَ آيَاتٍ خَمْسَ آيَاتٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ). وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ مَوَاقِعَ النُّجُومِ هُوَ مُحْكَمُ الْقُرْآنِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (بِمَوْقِعِ) عَلَى التوحيد، وهي قراءة عبد الله ابن مَسْعُودٍ وَالنَّخَعِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَرُوَيْسٍ عَنْ يَعْقُوبَ. الْبَاقُونَ عَلَى الْجَمْعِ، فَمَنْ أَفْرَدَ فَلِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ يُؤَدِّي الْوَاحِدُ فِيهِ عَنِ الْجَمْعِ، وَمَنْ جَمَعَ فَلِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) قِيلَ: إِنَّ الْهَاءَ تَعُودُ عَلَى الْقُرْآنِ، أَيْ إِنَّ الْقُرْآنَ لَقَسَمٌ عَظِيمٌ، قال ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: مَا أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ عَظِيمٌ (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) ذُكِرَ الْمُقْسَمُ عَلَيْهِ، أَيْ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ، لَيْسَ بِسِحْرٍ وَلَا كَهَانَةٍ، وَلَيْسَ بِمُفْتَرًى، بَلْ هُوَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ مَحْمُودٌ، جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُعْجِزَةً لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ كَرِيمٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّهُ كَلَامُ رَبِّهِمْ، وَشِفَاءُ صُدُورِهِمْ، كَرِيمٌ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ، لِأَنَّهُ تَنْزِيلُ رَبِّهِمْ وَوَحْيِهِ. وَقِيلَ: (كَرِيمٌ) أَيْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَقِيلَ: (كَرِيمٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ كَرِيمِ الْأَخْلَاقِ وَمَعَانِي الْأُمُورِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُكَرَّمُ حَافِظُهُ، وَيُعَظَّمُ قَارِئُهُ (الجامع لأحكام القرآن )
قال محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ):
فصل
ومن ذلك قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ذكر سبحانه هذا القسم عقيب ذكر القيامة الكبرى وأقسام الخلق فيها ثم ذكر الأدلة القاطعة على قدرته وعلى المعاد بالنشأة الأولى وإخراج النبات من الأرض وإنزال الماء من السماء وخلق النار ثم ذكر بعد ذلك أحوال الناس في القيامة الصغرى عند مفارقة الروح للبدن وأقسم بمواقع النجوم على ثبوت القرآن وأنه تنزيله
وقد اختلف في النجوم التي أقسم بمواقعها فقيل هي آيات القرآن ومواقعها نزولها شيئاً بعد شيء وهذا قول ابن عباس رضي
الله عنهما في رواية عطاء وقول سعيد بن جبير والكلبي ومقاتل وقتادة وقيل النجوم هي الكواكب ومواقعها مساقطها عند غروبها هذا قول أبي عبيدة وغيره وقيل مواقعها انتشارها وانكدارها يوم القيامة وهذا قول الحسن ومن حجة هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع وهو السقوط فلكل نجم موقع وجمعها مواقع ومن حجة قول من قال هي مساقطها عند الغروب أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} وقال {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} ويرجح هذا القول أيضاً أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} وقوله {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ}
وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النجوم في القسم وبين المقسم عليه وهو القرآن من وجوه أحدها أن النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والغي فتلك هداية في الظلمات الحسية وآيات القرآن في الظلمات المعنوية فجمع بين الهدايتين مع ما في النجوم من الرجوم للشياطين وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجن والنجوم آياته المشهودة المعاينة والقرآن آياته المتلوة السمعية مع ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول
ومن قرأ بموقع النجوم على الأفراد فلدلالة الواحد المضاف إلى الجمع على التعدد والمواقع اسم جنس والمصادر إذا اختلفت جمعت وإذا كان النوع واحداً أفردت قال تعالى (19:31 إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} فجمع الأصوات لتعدد النوع وأفرد صوت الحمير لوحدته فإفراد موقع النجوم لوحدة المضاف إليه وتعدد المواقع لتعدده إذ لكل نجم موقع
فصل
والمقسم عليه ههنا قوله {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} ووقع الاعتراض بين القسم وجوابه بقوله {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} ووقع الاعتراض بين الصفة والموصوف في جملة هذا الاعتراض بقوله تعالى {لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} فجاء هذا الاعتراض في ضمن هذا الاعتراض ألطف شيء وأحسنه موقعاً وأحسن ما يقع هذا الاعتراض إذا تضمن تأكيداً أو تنبيهاً أو احترازاً .(التبيان في أقسام القرآن)


قال أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ):قَالَ جُوَيبر، عَنِ الضَّحَّاكِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُقْسِمُ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَكِنَّهُ اسْتِفْتَاحٌ يَسْتَفْتِحُ بِهِ كَلَامَهُ.
وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ. وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ قَسَمٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يُقْسِمُ بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى عَظَمَتِهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: "لَا" هَاهُنَا زَائِدَةٌ، وَتَقْدِيرُهُ: أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر. وَيَكُونُ جَوَابُهُ: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} .
وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَتْ "لَا" زَائِدَةً لَا مَعْنًى لَهَا، بَلْ يُؤْتَى بِهَا فِي أَوَّلِ الْقَسَمِ إِذَا كَانَ مُقْسَمًا بِهِ عَلَى مَنْفِيٍّ، كَقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "لَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ" وَهَكَذَا هَاهُنَا تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: "لَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمْتُمْ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ سِحْرٌ أَوْ كِهَانَةٌ، بَلْ هُوَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ".
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَلا أُقْسِمُ} فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقَسَمَ بَعْدُ فَقِيلَ: أُقْسِمُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} ، فَقَالَ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي: نُجُومَ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ نَزَلَ جُمْلَةً لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ مُفَرَّقًا (1) فِي السِّنِينَ بَعْدُ. ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّفَرة الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فنجَّمَته السَّفرة عَلَى جِبْرِيلَ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَنَجَّمَهُ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ سَنَةً، فَهُوَ قَوْلُهُ: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} نُجُومِ الْقُرْآنِ.
وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَة، وَمُجَاهِدٌ، والسُّدِّيّ، وَأَبُو حَزْرَة.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} فِي السَّمَاءِ، وَيُقَالُ: مَطَالِعُهَا وَمَشَارِقُهَا. وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ. وَعَنْ قَتَادَةَ: مَوَاقِعُهَا: مَنَازِلُهَا. وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا: أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ انْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} يَعْنِي بِذَلِكَ: الْأَنْوَاءَ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا مُطِروا، قَالُوا: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا.
وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} أَيْ: وَإِنَّ هَذَا الْقَسَمَ الَّذِي أَقْسَمْتُ بِهِ لَقَسَمٌ عَظِيمٌ، لَوْ تَعْلَمُونَ (2) عَظَمَتَهُ لَعَظَّمْتُمُ الْمُقْسِمَ بِهِ عَلَيْهِ، {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} أَيْ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ لَكِتَابٌ عَظِيمٌ.(تفسير القرآن العظيم)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75].
- عن ابن عبّاسٍ قال: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] قال: نزل القرآن جملةً [واحدةً] إلى السّماء الدّنيا، ثمّ نزل نجومًا بعد إلى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم -.
رواه الطّبرانيّ، وفيه حكيم بن جبيرٍ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/120]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله بمواقع النّجوم بمحكم القرآن قال الفرّاء حدّثنا فضيل بن عياضٍ عن منصورٍ عن المنهال بن عمرٍو قال قرأ عبد اللّه فلا أقسم بمواقع النّجوم قال بمحكم القرآن وكان ينزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نجومًا وعند عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله بمواقع النّجوم قال بمنازل النّجوم قال وقال الكلبيّ هو القرآن أنزل نجومًا انتهى ويؤيّده ما أخرج النّسائيّ والحاكم من طريق حصينٍ عن سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ قال نزل القرآن جميعًا ليلة القدر إلى السّماء ثمّ فصّل فنزل في السّنين وذلك قوله فلا أقسم بمواقع النّجوم قوله ويقال بمسقط النّجوم إذا سقطن ومواقع وموقعٌ واحدٌ هو كلام الفرّاء أيضًا بلفظه ومراده أنّ مفادهما واحدٌ وإن كان أحدهما جمعًا والآخر مفردًا لكن المفرد المضاف كالجمع في إفادة التّعدّد وقرأها بلفظ الواحد حمزة والكسائيّ وخلفٌ وقال أبو عبيدة مواقع النّجوم مساقطها حيث تغيب). [فتح الباري: 8/626-627]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بمواقع النّجوم: بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ.
أشار به إلى قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} (الواقعة: 75) وفسره بشيئين أحدهما قوله: (بمحكم القرآن) وقال الفراء: حدثنا فضيل ابن عبّاس عن منصور عن المنهال بن عمرو. وقال: قرأ عبد الله (فلا أقسم بمواقع النّجوم) قال: بمحكم القرآن، وكان ينزل على النّبي صلى الله عليه وسلم نجوما وبقراءته قرأ حمزة والكسائيّ، وخلف، والآخر بقوله: (ومسقط النّجوم إذا سقطن) ومساقط النّجوم مغربها، وعن الحسن: انكدارها وانتشارها يوم القيامة، وعن عطاء بن أبي رباح: منازلها. قوله: (فلا أقسم) ، قال أكثر المفسّرين معناه: أقسم، ولا نسلة وقال بعض أهل العربيّة، معناه فليس الأمر كما تقولون: ثمّ استأنف القسم. فقال: أقسم قوله: (ومواقع وموقع واحد) ليس قوله: (واحد) بالنّظر إلى اللّفظ ولا بالنّظر إلى المعنى، ولكن باعتبار أن ما يستفاد منهما واحد، لأن الجمع المضاف والمفرد المضاف كلاهما عامان بلا تفاوت على الصّحيح، قال الكرماني: إضافته إلى الجمع تستلزم تعدده. كما يقال: قلب القوم والمراد قلوبهم). [عمدة القاري: 19/220]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 75 - 85
أخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {فلا أقسم} ممدودة مرفوعة الألف {بمواقع النجوم} على الجماعة). [الدر المنثور: 14/217]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} على الجماعة). [الدر المنثور: 14/217]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: نجوم السماء). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمساقطها قال: وقال الحسن رضي الله عنه: مواقع النجوم انكدارها وانتثارها يوم القيامة). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمغايبها). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمنازل النجوم). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير ومحمد بن نصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: القرآن {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} قال: القرآن). [الدر المنثور: 14/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي، وابن جرير ومحمد بن نصر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم فرق في السنين وفي لفظ: ثم نزل من السماء الدنيا إلى الأرض نجوما ثم قرأ {فلا أقسم بمواقع النجوم}). [الدر المنثور: 14/218-219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {فلا أقسم بمواقع النجوم} بألف قال: نجوم القرآن حين ينزل). [الدر المنثور: 14/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر الأنباري في كتاب المصاحف، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل إلى الأرض نجوما ثلاثا آيات وخمس آيات وأقل وأكثر فقال: {فلا أقسم بمواقع النجوم}). [الدر المنثور: 14/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي بسند صحيح عن المنهال بن عمرو رضي الله عنه قال: قرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمحكم القرآن فكان ينزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم نجوما). [الدر المنثور: 14/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن نصر، وابن الضريس عن مجاهد رضي الله عنه {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: بمحكم القرآن). [الدر المنثور: 14/219-220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: مستقر الكتاب أوله وآخره). [الدر المنثور: 14/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم}). [الدر المنثور: 14/247-252] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({بمواقع النجوم}) أي (بمحكم القرآن) ويؤيده وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم. (ويقال بمسقط النجوم إذا سقطن) بكسر قاف بمسقط أي بمغارب النجوم السمائية إذا غربن. قال في الأنوار: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره (ومواقع وموقع) الجمع والمفرد (واحد) فيما يستفاد منها لأن الجمع المضاف والمفرد المضاف كلاهما عامّان بلا تفاوت على الصحيح وبالإفراد قرأ حمزة والكسائي). [إرشاد الساري: 7/373]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم). [حاشية السندي على البخاري: 3/72]
قال محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ):فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (80)
تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ [الْوَاقِعَة: 49، 50] يُعْرِبُ عَنْ خِطَابٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مُوَجَّهٍ إِلَى الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ الْقَائِلين: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً
وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
[الْوَاقِعَة: 47] ، انْتَقَلَ بِهِ إِلَى التَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَذَّبُوا بِالْبَعْثِ وَكَانَ إِثْبَاتُ الْبَعْثِ مِنْ أَهَمِّ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَكَانَ مِمَّا أَغْرَاهُمْ بِتَكْذِيبِ الْقُرْآنِ اشْتِمَالُهُ عَلَى إِثْبَاتِ الْبَعْثِ الَّذِي عَدُّوهُ مُحَالًا، زِيَادَةً عَلَى تَكْذِيبِهِمْ بِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ مِنْ إِبْطَالِ شِرْكِهِمْ وَأَكَاذِيبِهِمْ، فَلَمَّا قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَى خَطَئِهِمْ فِي تَكْذِيبِهِمْ، فَقَدْ تَبَيَّنَ صِدْقُ مَا أَنْبَأَهُمْ بِهِ الْقُرْآنُ فَثَبت صدقه وَلذَلِك تَهَيَّأَ الْمَقَامُ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِهِ.
وَالْفَاءُ لِتَفْرِيعِ الْقَسَمِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أَدِلَّةِ وُقُوعِ الْبَعْثِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ [الْوَاقِعَة: 49، 50] ، إِخْبَارٌ بِيَوْمِ الْبَعْثِ وَإِنْذَارٌ لَهُمْ بِهِ وَهُمْ قَدْ أَنْكَرُوهُ، وَلِأَجْلِ اسْتِحَالَتِهِ فِي نَظَرِهِمُ الْقَاصِرِ كَذَّبُوا الْقُرْآنَ وَكَذَّبُوا مَنْ جَاءَ بِهِ، فَفَرَّعَ عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِ الْبَعْثِ وَالْإِنْذَارِ بِهِ تَحْقِيقَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقَائِصِ وَأَنَّهُ تَنْزِيلٌ مِنَ اللَّهِ وَأَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُبَلِّغٌ عَنِ اللَّهِ.
فَتَفْرِيعُ الْقَسَمِ تَفْرِيعٌ مَعْنَوِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيْضًا تَفْرِيعٌ ذِكْرِيٌّ بِاعْتِبَارِ إِنْشَاءِ الْقَسَمِ إِنْ قَالُوا لَكُمْ: أَقْسَمَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ.
وَقَدْ جَاءَ تَفْرِيعُ الْقَسَمِ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِالْفَاءِ تَفْرِيعًا فِي مُجَرَّدِ الذِّكْرِ فِي قَوْلِ زُهَيْرٍ:
فَأَقْسَمْتُ بِالَبَيْتِ الَّذِي طَافَ حَوْلَهُ ... رِجَالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُمِ
عَقِبَ أَبْيَاتِ النَّسِيبِ مِنْ مُعَلَّقَتِهِ، وَلَيْسَ بَين النسيب وَبَين مَا تَفَرَّعَ عَنْهُ مِنَ الْقَسَمِ مُنَاسَبَةٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْقَصِيدِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ لَهُ النَّسِيبَ تَنْشِيطًا لِلسَّامِعِ وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ الْبَوْنُ فِي النَّظْمِ بَيْنَ الْآيَةِ وَبَيْنَ بَيت زُهَيْر.
وفَلا أُقْسِمُ بِمَعْنَى: أُقْسِمُ، وَ (لَا) مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، وَأَصْلُهَا نَافِيَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَائِلَ لَا يُقْدِمُ عَلَى الْقَسَمِ بِمَا أَقْسَمَ بِهِ خَشْيَةَ سُوءِ عَاقِبَةِ الْكَذِبِ فِي الْقَسَمِ.
وَبِمَعْنَى أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى الْقَسَمِ لِأَنَّ الْأَمْرَ وَاضح الثُّبُوت، ثمَّ كَثُرَ هَذَا الِاسْتِعْمَالُ فَصَارَ مُرَادًا تَأْكِيدُ الْخَبَرِ فَسَاوَى الْقَسَمَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ الْأَنْسَبُ بِمَا وَقَعَ مِنْ مِثْلِهِ فِي الْقُرْآنِ.
وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَهُوَ إِدْمَاجٌ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ مَا لَوْ كَانَ مُقْسِمًا لَأَقْسَمَ بِهِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَكُونُ قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ بِمَعْنَى: وَإِنَّ الْمَذْكُورَ لَشَيْءٌ عَظِيمٌ يُقْسِمُ بِهِ الْمُقْسِمُونَ، فَإِطْلَاقُ قَسَمٌ عَلَيْهِ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ وَإِرَادَةِ الْمَفْعُولِ كَالْخَلْقِ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَبَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّهُمْ جَعَلُوا (لَا) حَرْفًا مُسْتَقِلًّا عَنْ فِعْلِ
أُقْسِمُ وَاقِعًا جَوَابًا لِكَلَامٍ مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ رَدًّا عَلَى أَقْوَالِهِمْ فِي الْقُرْآنِ إِنَّهُ شِعْرٌ، أَوْ سِحْرٌ، أَوْ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، أَوْ قَوْلُ كَاهِنٍ، وَجَعَلُوا قَوْلَهُ:
أُقْسِمُ اسْتِئْنَافًا. وَعَلَيْهِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ مَعَ فَاء التَّفْرِيع أَنه تفرع على مَا سطح مِنْ أَدِلَّةِ إِمْكَانِ الْبَعْثِ مَا يُبْطِلُ قَوْلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ لَيْسَ كَمَا تَزْعُمُونَ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ كريم إِلَخ.
وبِمَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ الْوُقُوعِ، أَيْ مَحَالُّ وُقُوعِهَا مِنْ ثَوَابِتَ وَسَيَّارَةٍ.
وَالْوُقُوعُ يُطْلَقُ عَلَى السُّقُوطِ، أَيِ الْهَوَى، فَمَوَاقِعُ النُّجُومِ مَوَاضِعُ غُرُوبِهَا فَيَكُونُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى [النَّجْم: 1] وَالْقَسَمُ بِذَلِكَ مِمَّا شَمِلَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ [المعارج: 40] . وَجعل بِمَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُقْسَمًا بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَاقِطَ فِي حَالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَهَا تُذَكِّرُ بِالنِّظَامِ الْبَدِيعِ الْمَجْعُولِ لِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَا يَخْتَلُّ وَلَا يَتَخَلَّفُ، وَتُذَكِّرُبِعَظَمَةِ الْكَوَاكِبِ وَبِتَدَاوُلِهَا خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ الْقَسَمُ بِهِ الرَّاجِعُ إِلَى الْقَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.
وَيُطْلَقُ الْوُقُوعُ عَلَى الْحُلُولِ فِي الْمَكَانِ، يُقَالُ: وَقَعَتِ الْإِبِلُ، إِذَا بَرَكَتْ، وَوَقَعَتِ الْغَنَمُ فِي مَرَابِضِهَا، وَمِنْهُ جَاءَ اسْمُ الْوَاقِعَةِ لِلْحَادِثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْمَوَاقِعُ: مَحَالُّ وُقُوعِهَا وَخُطُوطُ سَيْرِهَا فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [الْبُرُوجِ: 1] .
وَالْمَوَاقِعُ هِيَ: أَفْلَاكُ النُّجُومِ الْمَضْبُوطَةِ السَّيْرِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَكَذَلِكَ بُرُوجُهَا وَمَنَازِلُهَا.
وَذِكْرُ (مَوَاقِعِ النُّجُومِ) عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهَا لِدَلَالَةِ أَحْوَالِهَا عَلَى دَقَائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِظَامِ سَيْرِهَا وَبَدَائِعِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِيرِهَا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (مَوَاقِعِ) جَمْعُ مَوْقِعٍ الْمَصْدَرُ الْمِيمِيُّ لِلْوُقُوعِ.
وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ تَأَوَّلَ النُّجُومَ أَنَّهَا جَمْعُ نَجْمٍ وَهُوَ الْقِسْطُ الشَّيْءُ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ كَمَا يُقَالُ: نُجُومُ الدِّيَاتِ وَالْغَرَامَاتِ وَجَعَلُوا النُّجُومَ، أَيِ الطَّوَائِفَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ فَيُؤَوَّلُ إِلَى الْقَسَمِ بِالْقُرْآنِ عَلَى حَقِيقَتِهِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا [الزخرف: 2، 3] .
وَجُمْلَةُ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْقَسَمِ وَجَوَابِهِ.
وَضَمِيرُ إِنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْقَسَمِ الْمَذْكُور فِي فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ، أَو عَائِدًا إِلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ بِتَأْوِيلِهِ بالمذكور فَيكون قسم بِمَعْنَى مُقْسَمٌ بِهِ كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا تَضَمَّنَهُ جَوَابُ الْقَسَمِ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ.
وَجُمْلَةُ لَوْ تَعْلَمُونَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ وَهِيَ اعْتِرَاضٌ فِي اعْتِرَاضٍ.
وَالْعِلْمُ الَّذِي اقْتَضَى شَرْطُ لَوْ الِامْتِنَاعِيَّةِ عَدَمَ حُصُولِهِ لَهُمْ إِنْ جَعَلْتَ ضَمِيرَ إِنَّهُ عَائِدًا عَلَى الْقَسَمِ هُوَ الْعِلْمُ التَّفْصِيلِيُّ بِأَحْوَالِ مَوَاقِعِ النُّجُومِ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَخْلُونَ مِنْ عِلْمٍ إِجْمَالِيٍّ مُتَفَاوِتٍ بِأَنَّ فِي تِلْكَ الْمَوَاقِعِ عِبْرَةً لِلنَّاظِرِينَ، أَوْ نُزِّلَ ذَلِكَ الْعِلْمُ الْإِجْمَالِيُّ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ لِأَنَّهُمْ بِكُفْرِهِمْ لَمْ يَجْرُوا عَلَى مُوجَبِ ذَلِكَ الْعِلْمِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ فَلَوْ عَلِمُوا مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالُ مَوَاقِعِ النُّجُومِ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَعَلِمُوا أَنَّهَا مَوَاقِعُ قُدْسِيَّةٌ لَا يَحْلِفُ بِهَا إِلَّا بَارٌّ فِي يَمِينِهِ وَلَكِنَّهُمْ بِمَعْزِلٍ عَنْ هَذَا الْعِلْمِ، فَإِنَّ جَلَالَةَ الْمُقْسَمِ بِهِ مِمَّا يَزَعُ الْحَالِفَ عَنِ الْكَذِبِ فِي يَمِينِهِ. وَدَلِيلُ انْتِفَاءِ عِلْمِهِمْ بِعَظَمَتِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا دَلَالَةَ ذَلِكَ عَلَى تَوْحِيدِ الله بالإلهية فأثبوا لَهُ شُرَكَاءَ لَمْ يَخْلُقُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا مَا يُدَانِيهِ فَتِلْكَ آيَةٌ أَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا مَا فِي طَيِّ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلَ حَتَّى اسْتَوَى عِنْدَهُمْ خَالِقُ مَا فِي تِلْكَ الْمَوَاقِعِ وَغَيْرُ خَالِقِهَا.
فَأَمَّا إِنْ جَعَلْتَ ضَمِيرَ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ عَائِدًا إِلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فَالْمَعْنَى: لَوْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ لَمَا احْتَجْتُمْ إِلَى الْقَسَمِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِمَواقِعِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَبَعْدَهَا أَلِفٌ، وَقَرَأَهُ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَخلق بِمَواقِعِ سُكُونُ الْوَاوِ دُونَ أَلِفٍ بَعْدَهَا بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، أَيْ بِوُقُوعِهَا، أَيْ غُرُوبِهَا، أَوْ هُوَ اسْمٌ لِجِهَةِ غُرُوبِهَا كَقَوْلِهِ: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [المزمل: 9] .
وَمَفْعُولُ تَعْلَمُونَ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، أَيْ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظَمَتَهُ، أَيْ دَلَائِلَ عَظَمَتِهِ، وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ فِعْلَ تَعْلَمُونَ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، أَيْ لَوْ كَانَ لَكُمْ عِلْمٌ لَكِنَّكُمْ لَا تَتَّصِفُونَ بِالْعِلْمِ.
وَضَمِيرُ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ رَاجِعٌ إِلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ فِي الْكَلَامِ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا مُسْتَحْضَرًا لَهُمْ.
وَالْقُرْآنُ: الْكَلَامُ الْمَقْرُوءُ، أَيِ الْمَتْلُوُّ الْمُكَرَّرُ، أَيْ هُوَ كَلَامٌ مُتَّعَظٌ بِهِ مَحَلُّ تَدَبُّرٍ وَتِلَاوَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ فِي
سُورَةِ يُونُسَ وَالْكَرِيمُ: النَّفِيسُ الرَّفِيعُ فِي نَوْعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ فِي سُورَةِ النَّمْلِ [29] .
وَهَذَا تَفْضِيلٌ لِلْقُرْآنِ عَلَى أَفْرَادِ نَوْعِهِ مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ مِثْلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَمَجَلَّةِ لُقْمَانَ، وَفَضْلُهُ عَلَيْهَا بِأَنَّهُ فَاقَهَا فِي اسْتِيفَاءِ أَغْرَاضِ الدِّينِ وَأَحْوَالِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَإِثْبَاتِ الْمُعْتَقَدَاتِ بِدَلَائِلِ التَّكْوِينِ. وَالْإِبْلَاغِ فِي دَحْضِ الْبَاطِلِ دَحْضًا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مِثْلِهِ كِتَابٌ سَابِقٌ، وَخَاصَّةً الِاعْتِقَادَ، وَفِي وُضُوحِ مَعَانِيهِ، وَفِي كَثْرَةِ دَلَالَتِهِ مَعَ قِلَّةِ أَلْفَاظِهِ، وَفِي فَصَاحَتِهِ، وَفِي حُسْنِ آيَاتِهِ، وَحُسْنِ مَوَاقِعِهَا فِي السَّمْعِ وَذَلِكَ مِنْ آثَارِ مَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ مِنْ عُمُومِ الْهِدَايَةِ بِهِ، وَالصَّلَاحِيَةِ لِكُلِّ أُمَّةٍ، وَلِكُلِّ زَمَانٍ، فَهَذَا وَصْفٌ لِلْقُرْآنِ بِالرِّفْعَةِ عَلَى جَمِيعِ الْكُتُبِ حَقًّا لَا يَسْتَطِيعُ الْمُخَالِفُ طَعْنًا فِيهِ. «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»

قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ):قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى.
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا النَّجْمِ الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهِ النَّجْمُ إِذَا رُجِمَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الثُّرَيَّا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، وَلَفْظَةُ النَّجْمِ عَلَمٌ لِلثُّرَيَّا بِالْغَلَبَةِ، فَلَا تَكَادُ الْعَرَبُ تُطْلِقُ لَفْظَ النَّجْمِ مُجَرَّدًا إِلَّا عَلَيْهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ ذُبْيَانَ:
أَقُولُ وَالنَّجْمُ قَدْ مَالَتْ أَوَاخِرُهُ ... إِلَى الْمَغِيبِ تَثَبَّتْ نَظْرَةً حَارِ
فَقَوْلُهُ: وَالنَّجْمِ: يَعْنِي الثُّرَيَّا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذَا هَوَى: أَيْ سَقَطَ مَعَ الصُّبْحِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ. وَقِيلَ: النَّجْمُ الزَّهْرَةُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالنَّجْمِ نُجُومُ السَّمَاءِ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْمُفْرَدِ وَإِرَادَةِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ: وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [54 \ 45] ، يَعْنِي الْأَدْبَارَ. وَقَوْلُهُ: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [89 \ 22] ، أَيِ: الْمَلَائِكَةُ، وَقَوْلُهُ: أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا [25 \ 75] ، أَيِ الْغُرَفَ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَمْثِلَةً كَثِيرَةً لِهَذَا فِي الْقُرْآنِ، وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [22 \ 5] ، وَإِطْلَاقُ النَّجْمِ مُرَادًا بِهِ النُّجُومَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ:
ثُمَّ قَالُوا تُحِبُّهَا قُلْتُ بَهْرًا ... عَدَدَ النَّجْمِ وَالْحَصَى وَالتُّرَابِ
وَقَوْلُ الرَّاعِي:
فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ فِي مُسْتَحِيرَةٍ ... سَرِيعٍ بِأَيْدِي الْآكِلِينَ جُمُودُهَا
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَمَعْنَى هُوِيِّ النُّجُومِ سُقُوطُهَا إِذَا غَرَبَتْ أَوِ انْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: النَّجْمُ النَّبَاتُ الَّذِي لَا سَاقَ لَهُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْمُرَادُ بِالنَّجْمِ الْجُمْلَةُ النَّازِلَةُ مِنَ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْجُمًا مُنَجَّمًا فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكُلُّ جُمْلَةٍ مِنْهُ وَقْتَ نُزُولِهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ النَّجْمِ صِدْقًا عَرَبِيًّا صَحِيحًا كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مَا حَانَ وَقْتُهُ مِنَ الدِّيَةِ الْمُنَجَّمَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْكِتَابَةِ الْمُنَجَّمَةِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ.
وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: إِذَا هَوَى أَيْ نَزَلَ بِهِ الْمَلَكُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَوْلُهُ: هَوَى يَهْوِي هُوِيًّا إِذَا اخْتَرَقَ الْهَوَا نَازِلًا مِنْ أعَلَى إِلَى أَسْفَلَ.
اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ الثُّرَيَّا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجْمِ خُصُوصُهَا، وَإِنِ اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ - لَيْسَ بِوَجِيهٍ عِنْدِي.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ النَّجْمَ يُرَادُ بِهِ النُّجُومُ. وَإِنْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعُهُ تَعَالَى لِلنُّجُومِ فِي الْقَسَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ [56 \ 75] ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى هُنَا كَالْمُرَادِ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فِي الْوَاقِعَةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي الْمُرَادِ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مَسَاقِطُهَا إِذَا غَابَتْ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: انْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنَازِلُهَا فِي السَّمَاءِ، لِأَنَّ النَّازِلَ فِي مَحِلٍّ وَاقِعٍ فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مَوَاقِعُ نُجُومِ الْقُرْآنِ النَّازِلِ بِهَا الْمَلَكُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ: أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي وَأَقْرَبُهَا لِلصَّوَابِ فِي نَظَرِي - أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى هُنَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَبِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فِي الْوَاقِعَةِ هُوَ نُجُومُ الْقُرْآنِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْمَلَكُ نَجْمًا فَنَجْمًا، وَذَلِكَ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى الَّذِي هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَقٍّ وَأَنَّهُ مَا ضَلَّ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى - مُوَافِقٌ فِي الْمَعْنَى لِمَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ إِلَى قَوْلِهِ: تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [56 \ 77 - 80] .
وَالْإِقْسَامُ بِالْقُرْآنِ عَلَى صِحَّةِ رِسَالَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى صِدْقِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنَ اللَّهِ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [36 \ 1 - 5] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى: حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [43 \ 1 - 4] ، وَخَيْرُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْقُرْآنُ الْقُرْآنُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ كَوْنَ الْمُقْسَمِ بِهِ الْمُعَبَّرِ بِالنُّجُومِ هُوَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ - أَنْسَبُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [56 \ 76] ، لَأَنَّ هَذَا التَّعْظِيمَ مِنَ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَقْسَمَ بِهِ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ أَنْسَبُ لِذَلِكَ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ وَنَجْمِ الْأَرْضِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.(أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن)
قال محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ) :نجم الشيء ينجم بالضم نجوما طلع وظهر ونجم النبات والناب والقرن والكوكب وغير ذلك طلع قال الله تعالى والنجم والشجر يسجدان وفي الحديث هذا إبان نجومه أي وقت ظهوره يعني النبي صلى الله عليه وسلم يقال نجم النبت ينجم إذا طلع وكل ما طلع وظهر فقد نجم وقد خص بالنجم منه ما لا يقوم على ساق كما خص القائم على الساق منه بالشجر وفي حديث حذيفة سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم في صدورهم والنجم من النبات كل ما نبت على وجه الأرض ونجم على غير ساق وتسطح فلم ينهض والشجر كل ما له ساق ومعنى سجودهما دوران الظل معهما قال أبو إسحق قد قيل إن النجم يراد به النجوم قال وجائز أن يكون النجم ههنا ما نبت على وجه الأرض وما طلع من نجوم السماء ويقال لكل ما طلع قد نجم والنجيم منه الطري حين نجم فنبت قال ذو الرمة يصعدن رقشا بين عوج كأنها زجاج القنا منها نجيم وعارد والنجوم ما نجم من العروق أيام الربيع ترى رؤوسها أمثال المسال تشق الأرض شقا ابن الأعرابي النجمة شجرة والنجمة الكلمة والنجمة نبتة صغيرة وجمعها نجم فما كان له ساق فهو شجر وما لم يكن له ساق فهو نجم أبو عبيد السراديح أماكن لينة تنبت النجمة والنصي قال والنجمة شجرة تنبت ممتدة على وجه الأرض وقال شمر النجمة ههنا بالفتح
قوله بالفتح هكذا في التهذيب مع ضبطه بالتحريك وعبارة الصاغاني بفتح الجيم قال وقد رأيتها في البادية وفسرها غير واحد منهم وهي الثيلة وهي شجرة خضراء كأنها أول بذر الحب حين يخرج صغارا قال وأما ا لنجمة فهو شيء ينبت في أصول النخلة وفي الصحاح ضرب من النبت وأنشد للحرث بن ظالم المري يهجو النعمان أخصيي حمار ظل يكدم نجمة أتؤكل جاراتي وجارك سالم والنجم هنا نبت بعينه واحده نجمة
قوله واحده نجمة وهو الثيل تقدم ضبطه عن شمر بالتحريك وضبط ما ينبت في أصول النخل بالفتح ونقل الصاغاني عن الدينوري أنه لا فرق بينهما وهو الثيل قال أبو عمرو الشيباني الثيل يقال له النجم الواحدة نجمة وقال أبو حنيفة الثيل والنجمة والعكرش كله شيء واحد قال وإنما قال ذلك لأن الحمار إذا أراد أن يقلع النجمة من الأرض وكدمها ارتدت خصيتاه إلى مؤخره قال الأزهري النجمة لها قضبة تفترش الأرض افتراشا وقال أبو نصر الثيل الذي ينبت على شطوط الأنهار وجمعه نجم ومثل البيت في كون النجم فيه هو الثيل قول زهير مكلل بأصول النجم تنسجه ريح خريق لضاحي مائة حبك وفي حديث جرير بين نخلة وضالة ونجمة وأثلة النجمة أخص من النجم وكأنها واحدته كنبتة ونبت وفي التنزيل العزيز والنجم إذا هوى قال أبو إسحق أقسم الله تعالى بالنجم وجاء في التفسير أنه الثريا وكذلك سمتها العرب ومنه قول ساجعهم طلع النجم غديه وابتغى الراعي شكيه وقال فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها أراد الثريا قال وجاء في التفسير أيضا أن النجم نزول القرآن نجما بعد نجم وكان تنزل منه الآية والآيتان وقال أهل اللغة النجم بمعنى النجوم والنجوم تجمع الكواكب كلها ابن سيده والنجم الكوكب وقد خص الثريا فصار لها علما وهو من باب الصعق وكذلك قال سيبويه في ترجمة هذا الباب هذا باب يكون فيه الشيء غالبا عليه اسم يكون لكل من كان من أمته أو كان في صفته من الأسماء التي تدخلها الألف واللام وتكون نكرته الجامعة لما ذكرت من المعاني ثم مثل بالصعق والنجم والجمع أنجم وأنجام قال الطرماح وتجتلي غرة مجهولها بالرأي منه قبل أنجامها ونجوم ونجم ومن الشاذ قراءة من قرأ وعلامات وبالنجم وقال الراجز إن الفقير بيننا قاض حكم أن ترد الماء إذا غاب النجم وقال الأخطل كلمع أيدي مثاكيل مسلبة يندبن ضرس بنات الدهر والخطب وذهب ابن جني إلى أنه جمع فعلا على فعل ثم ثقل وقد يجوز أن يكون حذف الواو تخفيفا فقد قرئ وبالنجم هم يهتدون قال وهي قراءة الحسن وهي تحتمل التوجيهين والنجم الثريا وهو اسم لها علم مثل زيد وعمرو فإذا قالوا طلع النجم يريدون الثريا وإن أخرجت منه الألف واللام تنكر قال ابن بري ومنه قول المرار ويوم من النجم مستوقد يسوق إلى الموت نور الظبا أراد بالنجم الثريا وقال ابن يعفر ولدت بحادي النجم يتلو قرينه وبالقلب قلب العقرب المتوقد وقال أبو ذؤيب فوردن والعيوق مقعد رابئ ال ضرباء خلف النجم لا يتتلع وقال الأخطل فهلا زجرت الطير ليلة جئته بضيقة بين النجم والدبران وقال الراعي فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها قوله تعد النجم يريد الثريا لأن فيها ستة أنجم ظاهرة يتخللها نجوم صغار خفية وفي الحديث إذا طلع النجم ارتفعت العاهة وفي رواية ما طلع النجم وفي الأرض من العاهة شيء وفي رواية ما طلع النجم قط وفي الأرض عاهة إلا رفعت النجم في الأصل اسم لكل واحد من كواكب السماء وهو بالثريا أخص فإذا أطلق فإنما يراد به هي وهي المرادة في هذا الحديث وأراد بطلوعها طلوعها عند الصبح وذلك في العشر الأوسط من أيار وسقوطها مع الصبح في العشر الأوسط من تشرين الآخر والعرب تزعم أن بين طلوعها وغروبها أمراضا ووباء وعاهات في الناس والإبل والثمار ومدة مغيبها بحيث لا تبصر في الليل نيف وخمسون ليلة لأنها تخفى بقربها من الشمس قبلها وبعدها فإذا بعدت عنها ظهرت في الشرق وقت الصبح قال الحربي إنما أراد بهذا الحديث أرض الحجاز لأن في أيار يقع الحصاد بها وتدرك الثمار وحينئذ تباع لأنها قد أمن عليها من العاهة قال القتيبي أحسب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد عاهة الثمار خاصة والمنجم والمتنجم الذي ينظر في النجوم يحسب مواقيتها وسيرها قال ابن سيده فأما قول بعض أهل اللغة يقوله النجامون فأراه مولدا قال ابن بري وابن خالويه يقول في كثير من كلامه وقال النجامون ولا يقول المنجمون قال وهذا يدل على أن فعله ثلاثي وتنجم رعى النجوم من سهر ونجوم الأشياء وظائفها التهذيب والنجوم وظائف الأشياء وكل وظيفة نجم والنجم الوقت المضروب وبه سمي المنجم ونجمت المال إذا أديته نجوما قال زهير في ديات جعلت نجوما على العاقلة ينجمها قوم لقوم غرامة ولم يهريقوا بينهم ملء محجم وفي حديث سعد والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة تنجيم الدين هو أن يقدر عطاؤه في أوقات معلومة متتابعة مشاهرة أو مساناة ومنه تنجيم المكاتب ونجوم الكتابة وأصله أن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها فتقول إذا طلع النجم حل عليك مالي أي الثريا وكذلك باقي المنازل فلما جاء الإسلام جعل الله تعالى الأهلة مواقيت لما يحتاجون إليه من معرفة أوقات الحج والصوم ومحل الديون وسموها نجوما اعتبارا بالرسم القديم الذي عرفوه واحتذاء حذو ما ألفوه وكتبوا في ذكور حقوقهم على الناس مؤجلة وقوله عز وجل فلا أقسم بمواقع النجوم عنى نجوم القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم آية آية وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة ونجم عليه الدية قطعها عليه نجما نجما عن ابن الأعرابي وأنشد ولا حمالات امرئ منجم ويقال جعلت مالي على فلان نجوما منجمة يؤدي كل نجم في شهر كذا وقد جعل فلان ماله على فلان نجوما معدودة يؤدي عند انقضاء كل شهر منها نجما وقد نجمها عليه تنجيما نظر في النجوم فكر في أمر ينظر كيف يدبره وقوله عز وجل مخبرا عن إبراهيم عليه السلام فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم قيل معناه فيما نجم له من الرأي وقال أبو العباس أحمد بن يحيى النجوم جمع نجم وهو ما نجم من كلامهم لما سألوه أن يخرج معهم إلى عيدهم ونظر ههنا تفكر ليدبر حجة فقال إني سقيم أي من كفركم وقال أبو إسحق إنه قال لقومه وقد رأى نجما إني سقيم أوهمهم أن به طاعونا فتولوا عنه مدبرين فرارا من عدوى الطاعون قال الليث يقال للإنسان إذا تفكر في أمر لينظر كيف يدبره نظر في النجوم قال وهكذا جاء عن الحسن في تفسير هذه الآية أي تفكر ما الذي يصرفهم عنه إذا كلفوه الخروج معهم والمنجم الكعب والعرقوب وكل ما نتأ والمنجم أيضا الذي يدق به الوتد ويقال ما نجم لهم منجم مما يطلبون أي مخرج وليس لهذا الأمر نجم أي أصل وليس لهذا الحديث نجم أي ليس له أصل والمنجم الطريق الواضح قال البعيث لها في أقاصي الأرض شأو ومنجم وقول ابن لجإ فصبحت والشمس لما تنعم أن تبلغ الجدة فوق المنجم قال معناه لم ترد أن تبلغ الجدة وهي جدة الصبح طريقته الحمراء والمنجم منجم النهار حين ينجم ونجم الخارجي ونجمت ناجمة بموضع كذا أي نبعت وفلان منجم الباطل والضلالة أي معدنه والمنجمان والمنجمان عظمان شاخصان في بواطن الكعبين يقبل أحدهما على الآخر إذا صفت القدمان ومنجما الرجل كعباها والمنجم بكسر الميم من الميزان الحديدة المعترضة التي فيها اللسان وأنجم المطر أقلع وأنجمت عنه الحمى كذلك وكذلك أفصم وأفصى وأنجمت السماء أقشعت وأنجم البرد وقال أنجمت قرة السماء وكانت قد أقامت بكلبة وقطار وضربه فما أنجم عنه حتى قتله أي ما أقلع وقيل كل ما أقلع فقد أنجم والنجام موضع قال معقل بن خويلد نزيعا محلبا من أهل لفت لحي بين أثلة والنجام(لسان العرب )

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 28 ربيع الثاني 1439هـ/15-01-2018م, 08:29 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

منى مدني
أحسنت بارك الله فيك وزادك تسديدا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مراجعة, تطبيقية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir