دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ربيع الأول 1439هـ/15-12-2017م, 02:51 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي مراجعة تطبيقية لدورة المهارات المتقدّمة في التفسير- المرحلة الرابعة

مراجعة تطبيقية على دروس مهارات التفسير المتقدّمة.
- المرحلة الرابعة -




موضوع البحث:
تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.



المطلوب:

8: دراسة الأقوال الواردة في المسألة ومناقشتها وبيان القول الراجح.



إرشادات:
- مرحلة الدراسة والنقد هي لبّ مراحل التحرير، لذا لا يقبل من الطالب أن يختصر فيها أو يكتفي فيها بالنقل المجرّد لترجيحات المفسّرين، بل يجب ظهور شخصية الباحث واجتهاده في الموازنة بين الأقوال والتعرّف على عللها ومآخذها، ويوصى بالعناية بالتفاسير التي يشتهر أصحابها بنقد الأقوال وإعمال قواعد الجمع والترجيح كالطبري وابن عطية وابن عاشور والشنقيطي، ويرجع لكتابات ابن تيمية وابن القيّم إن وجد للمسألة ذكر في كتبهم.
- سيتمّ وضع تعليق عامّ على كل تطبيق في موعده -بإذن الله- حتى يستدرك الطالب ما فاته في المرحلة التالية.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح
وجعلكم للمتّقين إماما


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 ربيع الثاني 1439هـ/21-12-2017م, 03:02 PM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

دراسة الأقوال وبيان الراجح منها

في جمع الحجج والاعتراضات وتوجيه الأقوال وضعت ما تيسر لي من حجج لكل قول من الأقوال وما اعترض عليه به والرد عليه ، لذا وبدراسة تلك الحجج والاعتراضات ونقاط الضعف والقوة لكل قول فقد خرجت منها بالآتي :

📚 دراسة الأقوال :
- أن القولان الرئيسان في المسألة في المراد بالنجوم محتملان ولهما وجوههما المعتبرة لغة وشرعا .

- أن الله يقسم بذاته الموصوفة بصفات الكمال ، وبكلامه ، ويقسم بما شاء من خلقه ، وعظمة ما يقسم به من خلقه من عظمته سبحانه ، وسواء كان القسم بنزول القرآن أو بمواقع نجوم السماء على اختلاف المقصود فيها ففي القسم بأي منهما من العظمة ما لا يخفى فيناسب بعده القول ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) .

- أن أكثر مفسري السلف على أن المراد بالنجوم هو نجوم السماء لا نجوم القرآن كما قال ابن الجوزي وغيره هو قول الأكثرين .

- أن المعنى الذي يتبادر إلى الذهن عند سماع ( مواقع النجوم ) أو قراءته هو المعنى الذي وضع له اللفظ ، أن مواقع مواضع ومحال أو مساقط ، والنجوم هي النجوم المعروفة في السماء وهذا يقوي القول أن مواقع النجوم مساقطها ومغايبها أو منازلها في السماء .

- أن القول بأن المراد بمواقع النجوم منازلها أو القول أنه مساقطها ومطالعها متلازمان ، ذلك أن للنجوم والكواكب مسارات وأفلاكا تسير فيها من مطلعها حتى مغربها ، فإنها لن تصل من مشرقها إلى مغربها دون المرور بأفلاكها ومساراتها وفق ما قدر لها من ميزان دقيق قدره لها الله جل وعلا .

- أن القول أن المراد بمواقع النجوم مطالعها ومساقطها له قوة ، ذلك أنه مناسب لحال العرب الذين نزل عليهم القرآن ، لأنهم اعتمدوا في تسيير أمور حياتهم على النجوم في تحديد المواقيت والاهتداء في السير وتحديد الاتجاهات وجعلوها دليلا لهم حتى فيما يقدمون عليه فـكانوا يتشاءمون من بعضها إن طلع فيمتنعون عن السفر ويتفاءلون بغيرها فيمضون ، فكانوا إذا رأوا الثريا تفاءلوا ، فإذا غربت وطلع الدبران تشاءموا ؛ ولذلك جاء الإسلام فأبطل ذلك فقال صلى الله عليه وسلم ( لا عدوى و لا طيرة ، ويعجبني الفأل ) رواه البخاري ومسلم من حديث أنس مرفوعا .
وبلغ بهم أنهم نسبوا لتلك النجوم ما يحصل لهم من مطر وخير وريح أو جدب وقحط وجفاف فجعلوها الفاعل وضلوا في ذلك ضلالا بعيدا ، فناسب ذلك أن يقسم الله بمواقع النجوم ويعظم القسم به على صدق كتابه وكرمه وشرفه وأنه تنزيل من رب العالمين ؛ ذلك أنهم لو فقهوا القسم وتنبهوا له لعلموا أن الفاعل الحقيقي هو الله تعالى فآمنوا به ووحدوه وأخلصوا له ، ولكفوا عن التطير بالنجوم ونسبة الخير والشر لها .
🔹 قال سيد قطب في الظلال :
إن هذا القرآن يجعل من مألوفات البشر وحوادثهم المكرورة، قضايا كونية كبرى؛ يكشف فيها عن النواميس الإلهية في الوجود؛ وينشئ بها عقيدة ضخمة شاملة وتصوراً كاملاً لهذا الوجود. كما يجعل منها منهجاً للنظر والتفكير، وحياة للأرواح والقلوب، ويقظة في المشاعر والحواس. يقظة لظواهر هذا الوجود التي تطالع الناس صباح مساء وهم غافلون عنها؛ ويقظة لأنفسهم وما يجري من العجائب والخوارق فيها!

- أن قول الحسن بأن وقوع النجوم هو سقوطها يوم القيامة له وجهه باعتبار ما ينتهي إليه النجم يوم القيامة ، فهو في شروق وسير وغروب حتى يأذن الله له بالتساقط عن صفحة السماء إيذانا بانتهاء الدنيا وبدء أيام الآخرة .

- أن القول بأن المراد بمواقع النجوم انقضاضها إثر العفاريت وإن كان له وجه محتمل لكنه أضعف من سائر الأقوال لأنه لم يرد له في هذه السورة قول مسند .

- أن مما ورد من الآثار عن ابن عباس وعكرمة في نزول القرآن مفرقا ما روي عن ابن عباس ( أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُنْزِلُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَهُ فِي إِثَرِ بَعْضٍ )
وكذلك عن عكرمة ( إن القرآن نزل جميعاً، فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل يأتي بالسورة، وإنما نزل جميعاً في ليلة القدر. )
فهذان الأثران لم يبينا أن المقصود بمواقع النجوم هو نجوم القرآن ، وإنما بينا فيه الربط بين نزول القرآن ومواقع نجوم السماء ؛ ذلك أنهما قالا أن جبريل لما نزل بالقرآن إلى السماء الدنيا جعله بمواقع النجوم أي بتلك المنازل ، ثم كان ينزله على رسول الله مفرقا .

📚 الترجيح :
- رجح ابن القيم أن المراد بالنجوم هو نجوم السماء وجمع بين ما تحمله من معان بشروقها وسيرها في أفلاكها وغروبها وتساقطها يوم القيامة ورجمها للشياطين .
- ورجح الطبري أن المراد بمواقع النجوم هو مغارب النجوم كما رجحه الألوسي والزمخشري وأبو السعود والسعدي
- أما الفراء و البخاري و الزجاج وابن عطية وأبو حيان ومكي بن أبي طالب وابن منظور والفراهيدي والشنقيطي فرأوا أن مواقع النجوم هو نزول آيات القرآن مفرقا نجوما .

▪ وكما مر فللقولين حججهما التي تقويهما ، ولكل وجهه المعتبر لغة وشرعا .
- لكن الذي يظهر لي بعد دراسة الأقوال وحجج كل منها وما رد عليها أن الأقوى في ذلك والله أعلم قول من قال أن النجوم هي نجوم السماء لا نجوم القرآن وذلك لكل ما تم سرده من أسباب وحجج ، وأن مواقع النجوم تحتمل مغاربها ومشارقها وما يكون بينهما من السير في أفلاكها ...
فتكون حركة النجم من مطلعه إلى مغربه كلها داخلة في مواقع النجوم ؛ مع احتمال القول الثالث لكن ليس بقوة الأولين .
فالنجم عند مطلعه هداية للطريق ومعرفة للوقت من الشهر والسنة ؛ وهو في فلكه زينة للسماء وعبرة للناظرين وسير إلى مستقره حيث يغرب ليدل بغروبه على انتهاء موسم وبدء آخر ، وبموقع غروبه على الجهات كذلك ...

🔹قال ابن القيم : أن الله في كتابه أقسم بالنجوم وطلوعها وجريها وغروبها ذلك أن في أحوالها الثلاثة أعظم العبر ، فقال تعالى ( فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16)} التكوير ، قال ابن القيم : ( وَهِي الْكَوَاكِب الَّتِي تكون خنسا عِنْد طُلُوعهَا جوَار فِي مجْراهَا ومسيرها كنسا عِنْد غُرُوبهَا فاقسم بهَا فِي أحوالها الثَّلَاثَة )
وهو مستمر على حركته تلك حتى يأذن الله له بالهوي والسقوط عن منازله في السماء وانتثاره تمهيدا لبدء يوم القيامة .

🔹 وبين المقسم به والمقسم عليه علاقة لطيفة أوردها ابن القيم في كتابه التبيان في أقسام القرآن أختم به بإذن الله :
قال ابن القيم :

وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النُّجُوم في القَسَم، وبين المُقْسَم عليه -وهو القرآن- من وجوه:
1- أنَّ النُّجُوم جعلها الله يُهتَدَى بها في ظلمات البَرِّ والبحر، وآياتُ القرآن يُهتَدَى بها في ظلمات الجهل والغَيِّ. فتلك هدايةٌ في الظلمات الحِسِّيَّة، وآياتُ القرآن هدايةٌ في الظلمات المعنويَّة، فجَمَعَ بين الهدايتين.
2- مَعَ ما في النُّجُوم من الزينة الظاهرة للعالم، وفي إنزال القرآن من الزينة الباطنة.
3- ومَعَ ما في النُّجُوم من الرجوم للشياطين، وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجنِّ.
4- والنُّجُومُ آياته المشهودة العِيَانِيَّة، والقرآنُ آياتُهُ المَتْلُوَّةُ السمعيَّةُ. مَعَ ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول.

والله أعلم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 4 ربيع الثاني 1439هـ/22-12-2017م, 01:20 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي

التطبيق الرابع:
اختلف العلماء في المراد بمواقع النجوم على ثلاثة أقوال :
القول الأول :أن المراد نجوم السماء ، وهذا قول كثير من المفسرين كما ذكر ابن عطية وابن الجوزي، وهذا القول مبني على أن المعنى الغالب والمتبادر للذهن لكلمة النجوم هو نجوم السماء ،واختلفوا في المراد بمواقعها على أربعة أقوال، فمنهم من قال المراد مساقط النجوم ،وقيل مساقطها ومطالعها أي مغاربها ومشارقها، كما في قوله تعالى :(فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب ) ،وهذا ما رجحه ابن جرير مستندا على المعنى الغالب لكلمة مواقع ، وذلك أن المواقع جمع موقع، والموقع المفعل من وقع يقع موقعا، أي أن المعنى من السقوط ،كما في قوله تعالى :(والنجم إذا هوى) .
ومنهم من قال أن المراد بمواقع النجوم انتثارها يوم القيامة ، ومبنى هذا القول أيضا راجع لمعنى السقوط لكن تخصيصه بيوم القيامة لم يرد دليل عليه والله أعلم.
ومنهم من قال أن المراد بمواقعها منازلها ومساراتها، ومبنى هذا القول على المعنى الآخر لكلمة مواقع في اللغة ، فمن معانيها الحلول في المكان ، فيقال : وقعت الإبل ، إذا بركت ، ووقعت الغنم في مرابضها ، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة ، فمواقع النجوم على هذا المعنى أماكن وقوعها وخطوط سيرها ، كما في قوله تعالى : (والسماء ذات البروج) .
ومنهم من قال أن المراد الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا:مطرنا بنوء كذا وكذا ، ومبنى هذا القول على الحديث المروي في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: مطر الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: " أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا " قال: فنزلت هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم} [الواقعة: 75]، حتى بلغ: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} [الواقعة: 82] ،ولكن دلالة الحديث على أن المراد بالنجوم هنا الأنواء غير واضحة.

القول الثاني: أن المراد نجوم القرآن، وقد استدل أصحاب هذا القول بعود الضمير في قوله تعالى:( إنه لقرآن كريم) على القرآن ،ولكن يمكن الرد على هذا الاستدلال بأنه ليس بالضرورة أن يتقدم ذكر القرآن على الضمير العائد عليه وذلك لوضوح المعنى، كما في قوله تعالى :( حتى توارت بالحجاب)، وكما في قوله تعالى:( كل من عليها فان) ،وقد رجح هذا القول محمد الأمين الشنقيطي،واستدل على ذلك بأن الإقسام في القرآن على صدق القرآن وأنه منزل من عند الله وعلى صدق النبي صلى الله عليه وسلم موضح في الكثير من آيات القرآن ومثال ذلك قوله تعالى: (حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) فأقسم الله تعالى بالكتاب المبين على صدق القرآن وعظمته وخير ما يفسر به القرآن القرآن، كما أنه ذكر أن الإقسام بالقرآن أنسب هنا لقوله تعالى: (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) مما يدل على أن المقسم به في غاية العظمة ،فكان الإقسام بالقرآن أنسب من نجوم السماء ،واختلف في المراد بمواقعه على ثلاثة أقوال الأول أن المراد نزوله فقد نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما متفرقة، أي طوائف من الآيات تنزل عليه صلى الله عليه وسلم متفرقة على الأحداث، ويكون المراد بمواقعها نزولها ، كما روي أن القرآن نزل من عند الله في ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك على محمد صلى الله عليه وسلم نجوما مقطعة في عشرين سنة ، و من معاني كلمة نجم قسط ، وكانت العرب تقول جَعَلتُ مَالِي على فلَان نجوماً مُنَجَّمَة، يُؤدَّى كلُّ نجم مِنْهَا فِي شهر كَذَا، فكانوا يجعلون مطالع النجوم ومساقطها مواقيت لحلول الديون ، ومبنى هذا القول على أن من معاني كلمة وقع نزل (تاج العروس)، فتكون مواقع بمعنى منازل، والقول الثاني أن المراد محكم القرآن ، وهذا القول مبني على أن من معاني الوقوع الحلول في المكان و في الآية الكريمة تشبيه للقرآن في هداياته بالنجوم الساطعة ، ومحل ذلك هو محكم القرآن ،القول الثالث أن المراد مستقر القرآن أوله وآخره ،وهذا القول مبني على أن معنى الوقوع الحلول في المكان ،فعلى ذلك تكون مواقع النجوم مستقر الكتاب.
ومما سبق يتبين أن أقرب الأقوال للصواب القول الأول وهو أن المراد بمواقع النجوم نجوم السماء فهو عليه كثير من المفسرين وهو أقرب لظاهر الآية ،وأيضا القول بأن المراد نجوم القرآن له شواهد وحجج تقويه فالله أعلم بمراده.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 ربيع الثاني 1439هـ/24-12-2017م, 12:30 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

الدراسة والنقد والترجيح.

اختلف أهل العلم في المراد بالنجوم على قولين
وكلا القولين يوجد في اللغة والشرع ما يعضده

والذي يظهر أن منشأ الخلاف راجع الاختلاف في معنى كلمتي "النجوم " و " مواقع"

وهذا الاختلاف راجع لاختلاف معانيها في اللغة . فالنجوم في اللغة تطلق على الكواكب المعروف و يطلق على القسط من الشيء أو على الوقت المضروب
وكذا كلمة مواقع فهي إما بمعنى الحلول في الشيء أو بمعنى السقوط والهوى وقد تكون بمعنى ظرف المكان أو ظرف الزمان. وعلى هذا الخلاف في اللغة ترتب عليه الخلاف في المراد بمواقع النجوم في الآية

ومن جهة أخرى فكل ما ذكر من المعاني المختلفة إلا وله ما يؤيده من جهة الشرع

فمن قال أن المراد "بمواقع النجوم "هي منازل النجوم ومجاريها فهو كقوله تعالى :{:{ والسماء ذات البروج}
ومن قال بالمراد "بمواقع النجوم " سقوطها ومغاربها
فهو كقوله تعالى " والنجم إذا هوى" وكقوله تعالى "{ {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}
ومن زاد وقال هو مطالعها ومغاربها فهو كقوله تعالى "{ فلا أقسم برب المشارق والمغارب"
ومن المراد بها سقوطها يوم القيامة فهو كقوله تعالى:{ وإذا النجوم انكدرت} {وإذا النجوم طمست}
ومن قال أن "المراد بالنجوم "نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , أيد وقوى جحته بقوله تعالى : : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم})."
فعاد الضمير على ما يفهم من قوله : { بمواقع النجوم } ، أي نجوم القرآن ؛حتى يكاد يعدّ كالمذكور صريحاً ولا يحتاج إلى أن يقال يفسره السياق كما في سائر الأقوال .

الترجيح

وقد رجح ابن جرير الطبري القول الأول الذي مفاده أن المراد بمواقع النجوم مساقطها ومغاربها
قال رحمه الله تعالى:{ وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به..."؛}

و رجح ابن القيم أن المراد بالنجوم هو الكواكب المعروفة بدلالة المعهود المعروف من استعمال النجم في القران
قال رحمه الله تعالى :{ ويرجح هذا القول أيضاً أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} وقوله {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ}.

وقد رجح الشنقطيى: أن المراد بمواقع النجوم نجوم القران لأمرين

الأمر الأول :أن الإقسام بالقران على القران معهود في كتاب الله و أن خير ما يفسر به القران هو القران
الأمر الثاني : لمناسة الآيات لما بعدها .فكون المراد بالإقسام بالنجوم هو القران أنسب لقوله ما بعده "وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. " و وقوله عظيم أي تعظيم من الله سبحانه وتعالى ليدل أن المقسم عليه في غاية العظمة.


فالذي يظهر والعلم عند الله
أن كلا القولين لهما وجه من الصحة والآية تحتملها...إلا أن القول الأول - أن المراد بالنجوم الكواكب المعروفة - أقوى من ناحية

- أنه هو المعهود المعروف من إطلاق النجوم في القران الكواكب ...فحمل الآية على المعهود من القرآن أولى من حمله على غيره.

- والأمر الآخر أن اللفظ المتابدر إلى الذهن من لفظ النجوم هو النجم المعروف الكواكب المعروفة.وحمل اللفظ على المعنى الظاهر أولى من حمله على غيره
وأيضا مما يقوى هذا القول المناسبة القوية بين القسم "النجم" والمقسم عليه " القران"
قال ابن القيم...وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النجوم في القسم وبين المقسم عليه وهو القرآن من وجوه أحدها أن النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والغي فتلك هداية في الظلمات الحسية وآيات القرآن في الظلمات المعنوية فجمع بين الهدايتين مع ما في النجوم من الرجوم للشياطين وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجن والنجوم آياته المشهودة المعاينة والقرآن آياته المتلوة السمعية مع ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول..التبيان في أقسام القران
ولعل أولى الأقوال من القول الأول هو مغاربها ومساقطها.فهذا الذي كانت تعرفه العرب؛ فهي آية عظيمة مشاهدة ؛وقد كان للعرب وقد كانوا يعظمون النجوم والكواكب حتى وصل الحال ببعضهم لإعطائها شيء من تدبير الكون.؛ فأقسم الله بهذا الشىء العظيم للدلالة على عظم شأن القران..والله أعلم

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 ربيع الثاني 1439هـ/15-01-2018م, 08:24 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

هناء محمد علي
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

رضوى محمود
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- الطبري رجّح تحديدا القول بأن مواقع النجوم هي مساقط نجوم السماء.

عقيلة زيان
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.



وأرجو منكم جميعا استحضار إرشادات تقويم المرحلة الثالثة في العرض النهائي لتحرير المسألة.
وفقكم الله.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 9 رجب 1439هـ/25-03-2018م, 03:21 AM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تسليم المجلس الرابع
المراد بمواقع النجوم
**********************************************************
حتى يتسنى عرض المسألة وفهمها بشكل دقيق أعرض الأقوال الواردة فيها ملخصة ثم أفصل فيها بإذن الله
تلخيص الأقوال الواردة في المراد بمواقع النجوم :
اختلف أهل التفسير في المراد بالنجوم التي أقسم الله بمواقعها في هذه الآية على قولين :
القول الأول: نجوم السماء
القول الثاني: نجوم القرآن
ثم اختلفوا في مواقعها على أقوال :
فعلى القول الأول وهو أن المراد بالنجوم نجوم السماء ،ذكروا في مواقعها أربعة أقوال :
الأول: منازلها
الثاني:مساقطها
الثالث:مطالعها ومساقطها
الرابع :انتثار النّجوم عند قيام السّاعة
وعلى القول الثاني وهو أن المراد بالنجوم نجوم القرآن ،ذكروا في مواقعها قولين :
الأول:منازل القرآن أي :نزول القرآن شيئاً بعد شيء
الثاني: محكم القرآن
هذه خلاصة الأقوال الواردة في المسألة
عرض ومناقشة الأقوال الواردة في المراد بمواقع النجوم :
· وسبب الخلاف في المسألة راجع إلى معنى كلمة النجم في لغة العرب فالنجم يطلق في لغة العرب على النجم المعروف في السماء ويطلق على القسط والوقت المضروب وأصله أن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها .

· فالخلاف في المراد بمواقع النجوم نشأ بسبب الخلاف اللغوي في كلمة النجم فكلمة النجم تحتمل نجم السماء وتحتمل القسط والجزء من الشيء .

· والقول بأن المراد نجوم السماء مبني على المعنى المشتهر المعروف في لغة العرب من أن المراد بالنجوم نجوم السماء وعلى هذا القول أكثر المفسرين وهو المتبادر للذهن

· ثم تفرع الخلاف في القولين بسبب احتمال كلمة (مواقع)لأكثر من معنى في لغة العرب أيضاً

· فعلى القول الأول: وهو أن المراد بالنجم نجم السماءاختلف العلماء في المراد بمواقع على أقوال ناشئة عن احتمال هذه الكلمة لأكثر من معنى في لغة العرب :

· فقيل في المراد بمواقعها على القول الأول أقوال :
القول الأول:
منازل النجوم ،وهذا القول مروي عن قتادة ومجاهد
ويتوجه هذا القول على أن المراد بمواقع النجوم منازل النجوم لأن مواقع جمع موقع والموقع مكان الوقوع فيكون المراد بالمواقع الوقوع بمعنى الحلول في المكان
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير :
وبِمَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ الْوُقُوعِ، أَيْ مَحَالُّ وُقُوعِهَا مِنْ ثَوَابِتَ وَسَيَّارَةٍ.
وَيُطْلَقُ الْوُقُوعُ عَلَى الْحُلُولِ فِي الْمَكَانِ، يُقَالُ: وَقَعَتِ الْإِبِلُ، إِذَا بَرَكَتْ، وَوَقَعَتِ الْغَنَمُ فِي مَرَابِضِهَا، وَمِنْهُ جَاءَ اسْمُ الْوَاقِعَةِ لِلْحَادِثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْمَوَاقِعُ: مَحَالُّ وُقُوعِهَا وَخُطُوطُ سَيْرِهَا فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [الْبُرُوجِ: 1] .
وَالْمَوَاقِعُ هِيَ: أَفْلَاكُ النُّجُومِ الْمَضْبُوطَةِ السَّيْرِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَكَذَلِكَ بُرُوجُهَا وَمَنَازِلُهَا.
وَذِكْرُ (مَوَاقِعِ النُّجُومِ) عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهَا لِدَلَالَةِ أَحْوَالِهَا عَلَى دَقَائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِظَامِ سَيْرِهَا وَبَدَائِعِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِيرِهَا.
القول الثاني:
مساقطها وهذا القول مروي عن قتادة
فيكون المراد بمواقع النجوم مساقطها وحجة هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإن مفاعل من الوقوع وهو السقوط
· وذكر هذا القول البخاري في صحيحه :ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ
· ورجح هذا القول الطبري وذكر أن المراد مساقط النجوم ومغايبها في السماء لأن مواقع جمع موقع والموقع من وقع موقعاً وذكر أن هذا هو الأغلب من معانيه والأظهر والأولى
· وأستدل عليه الزجاج بقوله (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ)
· قال البغوي في معالم التنزيل : وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَرَادَ مَغَارِبَ النُّجُومِ وَمَسَاقِطَهَا.
· واحتج ابن القيم لهذا القول بأن الله أقسم بالنجوم في القرآن في أحوالها المختلفة من طلوع وجريان وغروب لما فيها من الآيات والعبر العظيمة
كما في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} وقال {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}
* ورجح ابن القيم هذا القول بذكر أن عادة القرآن في المراد بالنجوم نجوم السماء كما في قوله تعالى {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} وقوله {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ}
* وذكر أحمد القسطلاني في إرشاد الساري أن المراد مغاربها وذكر أن سبب تخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره
* وذكر الطاهر بن عاشورفي التحرير والتنوير : أن الْوُقُوعُ يُطْلَقُ عَلَى السُّقُوطِ،
فيكون المراد بمواقع النجوم مواضع غروبها كما في قوله (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ )[المعارج: 40] وذكر أن القسم بها على هذه الحال فيه تنبيه على النظام البديع المحكم لسيرها في كل ليلة وفيه إشارة لظمة هذه الكواكب وعظمة خالقها
القول الثالث:
مطالعها ومساقطها وهذا القول مروي عن مجاهد
وماذكر في مغربها يقال هنا وهذا القول قريب مما سبق لكن فيه إضافة المطالع
والله أقسم بالنجوم في القرآن في أحوالها المختلفة من طلوع وجريان وغروب كما في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقوله تعالى :{فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}
فكما أن القسم بمغاربها دال على عظمتها وإتقان صنعها وسيرها فكذلك القسم بمطالعها لأن لها أوقات محددة تطلع فيها .
القول الرابع :
انتثار النّجوم عند قيام السّاعة وهذا القول مروي عن الحسن وقتادة
وهذا القول مبني على أن المراد بمواقع النجوم مساقطها يوم القيامة ومما يؤيد هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإن مفاعل من الوقوع والسقوط
قال ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن :وقيل مواقعها انتشارها وانكدارها يوم القيامة وهذا قول الحسن ومن حجة هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع وهو السقوط فلكل نجم موقع وجمعها مواقع
فهذا القول فيه تخصيص مساقطها بيوم القيامة
ومن اللطائف التي ذكرها ابن القيم المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه حيث قال :
وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النجوم في القسم وبين المقسم عليه وهو القرآن من وجوه:
· أحدها :أن النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والغي فتلك هداية في الظلمات الحسية وآيات القرآن في الظلمات المعنوية فجمع بين الهدايتين
· مع ما في النجوم من الرجوم للشياطين وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجن
· والنجوم آياته المشهودة المعاينة والقرآن آياته المتلوة السمعية
· مع ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول
وخلاصة ماسبق :
أن المراد بالنجوم نجوم السماء وهي الكواكب المضيئة التي زين الله بها السماء الدنيا وجعلها عبرة وآية وهي في نفس الوقت رجوم للشياطين وعلامات يهتدى بها في الظلمات
وعند التأمل في اختلاف العلماء في المراد بمواقعها حيث قيل في مواقعها(منازلها
و مطالعها ومساقطها وانتثار النّجوم عند قيام السّاعة) نجد أن كل هذه الأحوال تمر بها النجوم فللنجوم منازل ومواقع وأفلاك تسير فيها وفق نظام دقيق ولها مطالع تطلع فيها وتظهر ولها مغارب تغرب فيها وتختفي وهي مرتبطة بمصالح الناس المختلفة كالزراعة والصيد ونحوه وهذه النجوم تتساقط وتهوي يوم القيامة لينتهي هذا النظام البديع لأنه إنما وجد وقام لاختبار عظيم فإذا انتهى الاختبار ومضى فلا فائدة من بقاء مكانه لأن سكانه يرحلون من هذه الدار إلى دار أخرى .

والنتيجة التي ظهرت لي والعلم عند الله أن الأختلاف الواقع في تحديد المواقع على القول الأول لاتعارض فيه فيمكن الجمع بين الأقوال الواردة فيه لأن كلمة مواقع في لغة العرب تحتمل كل هذه المعاني
فيكون القسم بنجوم السماء وبمواقعها أي منازلها وأفلاكها ومطالعها ومغاربها ومساقطها يوم القيامة .

*ومما يستفاد من هذه المسألة والخلاف فيها :
أن يتأمل الإنسان في النجوم ويمتلئ قلبه بعظمة هذا القسم ثم يربط هذا الأمر بالمقسم عليه وهو القرآن
وقد تكلم الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير عن الحكمة من القسم فذكر كلاماً جميلاً حيث قال :
وَجعل بِمَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُقْسَمًا بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَاقِطَ فِي حَالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَهَا تُذَكِّرُ بِالنِّظَامِ الْبَدِيعِ الْمَجْعُولِ لِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَا يَخْتَلُّ وَلَا يَتَخَلَّفُ، وَتُذَكِّرُ بِعَظَمَةِ الْكَوَاكِبِ وَبِتَدَاوُلِهَا خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ الْقَسَمُ بِهِ الرَّاجِعُ إِلَى الْقَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.
وَذِكْرُ (مَوَاقِعِ النُّجُومِ) عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهَا لِدَلَالَةِ أَحْوَالِهَا عَلَى دَقَائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِظَامِ سَيْرِهَا وَبَدَائِعِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِيرِهَا.
القول الثاني :
المراد بالنجوم نجوم القرآن
· هذا القول مروي عن السلف من الصحابة والتابعين ومستنده إلى معنى النجم في لغة العرب لأن من معاني النجم الجزء والقسط وارتبط هذا المعنى بالنجم لأن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها فتقول إذا طلع النجم حل عليك مالي ،والمراد هنا نجوم القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة فنزل مقسطاً منجما.
· مما يؤيد هذا المعنى مناسبة السياق من بعده وقد ذكر الزجاج أن المراد نجوم القرآن وذكر أن دليل هذا القول السياق من بعده (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) ومما لاشك فيه أن القرآن أعظم من النجوم
· مما يحتج به القائلين أن المراد نجوم القرآن عود الضمير فقد ذكر مكي بن أبي طالب وابن عطية أن الضمير في قوله (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم*إنه لقرآن كريم ) عائد على القرآن
· من عادة القرآنأن يقسم بالقرآن على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى:( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [36 \ 1 - 5] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [43 \ 1 - 4] وأفضل مايفسر به القرآن القرأن ذكر هذا المعنى الشنقيطي ورجحه
· مما يؤيد هذا القول ما أخرجه النّسائيّ والحاكم من طريق حصينٍ عن سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ قال نزل القرآن جميعًا ليلة القدر إلى السّماء ثمّ فصّل فنزل في السّنين وذلك قوله فلا أقسم بمواقع النّجوم ونقله ابن حجر في فتح الباري

ثم أختلف العلماء في المراد بمواقع القرآن على قولين :
القول الأول :
منازل القرآن أي :نزول القرآن شيئاً بعد شيء وهذا القول مروي عن ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير ورواه عبد الرزاق عن معمر والكلبي
وهذا القول مبني على أن من معاني النجم القسط فيكون المراد أجزاء القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم آية آية وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة ونجم عليه الدية قطعها عليه نجما نجما
القول الثاني:
محكم القرآن وهذا القول مروي عن عبد الله بن مسعود ومجاهد وذكره الفراء في معاني القرآن
والمقصد من هذا القول تشبيه معاني القرآن المحكمة بالنجوم الساطعة فالمعاني المحكمة لما فيها من الإحكام والكمال والجمال صارت بمثابة النجوم المضيئة ذكر هذا المقصد محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ في حاشية السندي على البخاري
ويدخل في هذا القول مارواه ابن جرير عن ابن عباس من أن المراد بمواقع النجوم مستقر الكتاب أوله وآخره
ومن الأقوال في المراد بمواقع النجوم :
· مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت ذكره ابن عطية بدون سند وهذا القول يدخل في المعاني المرادة من الآية لأنه لايعارضها
وخلاصة هذا القول :
أن المراد بمواقع النجوم نجوم القرآن وأجزائه لأنه نزل منجماً متفرقاً مقسطاً على النبي صلى الله عليه وسلم حسب الوقائع والأحداث وعند التأمل في هذا القول نجد أن نزول القرآن بهذه الطريقة له أثر كبير في تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة وتربيتهم وتوجيههم وإتمام النعمة والمنة عليهم وهو من آثار معيته الخاصة فكانت الآيات تنزل عليهم ليلاً ونهاراً سفراً وحضراً في مكة والمدينة وقبل الغزوات وبعدها وفي المواقف الصعبة وفيما يحتاجونه من أمور التشريع وفي الإجابة عن أسئلتهم ففي كل يوم يربيهم الله ويرقيهم ويزيدهم بها إيماناً فكلما احتاجوا نزلت الآيات عليهم وكلما نزلت استشعروا منة الله ونعمته ومعيته فزاد إيمانهم بنزول الآيات وتلقوها بقلوبهم تلقي الأرض المجدبة للمطر على شدة حاجتها له وهذا القسم قسم عظيم لمن تأمله فأقسم بنزوله على هذه الصورة على كرامة هذا الكتاب ،وقيل المراد بمواقع النجوم محكم القرآن تشبيهاً للمحكم بالأنوار الساطعة ،وقيل :المراد بمواقع النجوم مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت وهو قول يدخل في معنى الآية ولايعارضها .

القول الراجح :
عرض أقوال العلماء والمفسرين باختصار:
حتى يتسنى ذكر الخلاصة وتكوين تصور واضح عن المسألة أعرض أقوال المفسرين باختصار وبعضها سبق ذكره حتى تضح الصورة وفي المرحلة الأخيرة والخامسة لعرض المسألة أعرض الخلاصة إن شاء الله :

ذكر القول الأول والأدلة عليه :
· رجح الطبري القول الأول وذكر أن المراد مساقط النجوم ومغايبها في السماء لأن مواقع جمع موقع والموقع من وقع موقعاً وذكر أن هذا هو الأغلب من معانيه والأظهر والأولى
· وأستدل عليه الزجاج بقوله (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ)
· ذكر البغوي الأقوال ولم يرجح لكنه بين أن جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ قالوا : أَرَادَ مَغَارِبَ النُّجُومِ وَمَسَاقِطَهَا.
· ذكر ابن الجوزي القولين وذكر أن القول الأول قاله الأكثرون
· واحتج ابن القيم لهذا القول بأن الله أقسم بالنجوم في القرآن في أحوالها المختلفة من طلوع وجريان وغروب لما فيها من الآيات والعبر العظيمة
كما في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} وقال {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}
* وذكر أحمد القسطلاني في إرشاد الساري أن المراد مغاربها وذكر أن سبب تخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره
ذكر القول الثاني والأدلة عليه :
· ذكر النسائي أن المراد بمواقع النجوم نجوم القرآن وأستدل له بقول ابن عباس" نزل القرآن جميعًا في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا، ثمّ فصّل فنزل في السّنين، فذلك قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75]).
· وذكر ابنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ في فتح الباري الأقوال وذكر أن مما يؤيد القول بنجوم القرآن ماأخرجه النسائي وذكرنفس لآثر
· وذكر محمدُ النَّيْسابوريُّ في المستدرك القول الثاني عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " أنزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرق في السّنين قال: وتلا هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] قال: «نزل متفرّقًا» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه
· ذكرمكي بن أبي طالب في الهداية الأقوال ومال إلى أن المراد بمواقع النجوم نجوم القرآن لأن القرآن أنزل نجوماً متفرقة ولأن الهاء " في " " إنه " من ذكر القرآن
· ذكر عليُّ بنُ أبي بكرٍ الهَيْثَميُّ في مجمع الزوائد أن المراد نجوم القرآن
· رجح محمد الشنقيطي في أضواء البيان أن المراد بمواقع النجوم نجوم القرآن وسبب ترجيح:
- أن عادة القرآن الْإِقْسَامُ بِالْقُرْآنِ عَلَى صِحَّةِ رِسَالَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كقوله تعالى :( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [36 \ 1 - 5] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ )[43 \ 1 - 4]
- مناسبة القسم بالقرآن لما بعده من قوله (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ )[56 \ 76]

ذكر القولين :
· ممن ذكر القولين جميعاً منازل النجوم ونجوم القرآن عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ ، عَبْدُ الرَّحْمنِ الهَمَذَانِيُّ
· ذكر الزجاج القولين وأستدل للقول الأول بقوله تعالى : (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ).
وأستدل للقول بنجوم القرآن بقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77).
· ذكر البخاري : قولين بمحكم القرآن وبمساقط النجوم
· ذكر الفراء قراءة عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «فَلا أُقْسِمُ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ» وقوله بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ، وذكر نزوله عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه نُجُومًا.
· ذكر محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ القولين ولم يرجح
· ذكر ابن الجزري في جامع الأصول أن المراد الأنواء وذكر نجوم السماء
· ذكر أحمدُ القَسْطَلاَّنيُّ في إرشاد الساري : أن المراد (بمحكم القرآن) ويؤيده وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم، وذكر القول الثاني وهو مغرب النجوم لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره
*ذكر محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ في حاشية السندي على البخاري أن المراد بمحكم القرآن وهذا القول مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن
* ذكر الأقوال :
وممن ذكر الأقوال ولم يرجح الماوردي والقرطبي والسيوطي وابن كثير ولكنه ذكر ترجيح الطبري
ذكر ابن عطية في تفسيرهالأقوال : وذكر أن القول الأول قول جمهور كثير من المفسرين والقول الثاني يؤيده عود الضمير على القرآن
ذكرابن عاشور في التحرير والتنوير الأقوال وذكر توجيه كل قول :
القول الأول وتوجيهه على الإختلاف الواقع في المراد بالمواقع :
· الوقوع يطلق على الحلول في المكان ومنه وَقَعَتِ الْإِبِلُ، إِذَا بَرَكَتْ، وَوَقَعَتِ الْغَنَمُ فِي مَرَابِضِهَا فيكون المراد محال وقوعها كما في قوله تعالى :(وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [الْبُرُوجِ: 1] .
· والوقوع يطلق على السقوط فيكون المراد مواضع غروبها كما في قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى )[النَّجْم: 1] و قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ)
· القول الثاني وتوجيهه:
وعلى تأويل النجم بالقسط من الشيء سواء كان مال أو غيره يكون المراد بالنجوم نجوم القرآن ونزوله متفرقاً
النتيجة :
والذي يظهر والعلم عند الله أن القول الأول وهو أن المراد بمواقع النجوم نجوم السماء هو القول الراجح لأنه القول الذي عليه جمهور المفسرين كما ذكر ابن عطية في المحرر الوجيز ،وهو القول الذي عليه الأكثرون كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير ،وهو مبني على المعنى المشتهر المعروف في لغة العرب من أن المراد بالنجوم نجوم السماء وهو المتبادر للذهن ،وعلى ترجيح هذا القول يدخل فيه ماقيل في مواقعها لأنه وإن اختلفت لاتعارض بينها

والقول الثاني قول تحتمله الآية وهو قول وجيه مروي عن السلف من الصحابة والتابعين ومستنده إلى معنى النجم في لغة العرب لأن من معاني النجم الجزء والقسط و القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة فنزل مقسطاً منجما.
ويؤيد هذا القول السياق من بعده ،وعود الضمير في قوله (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم*إنه لقرآن كريم ) ،و عادة القرآن من القسم بالقرآن على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى:( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [36 \ 1 - 5] .
ومما يؤيد هذا القول ما أخرجه النّسائيّ والحاكم من طريق حصينٍ عن سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ قال نزل القرآن جميعًا ليلة القدر إلى السّماء ثمّ فصّل فنزل في السّنين وذلك قوله فلا أقسم بمواقع النّجوم ونقله ابن حجر في فتح الباري
فكل ماسبق يدل دلالة واضحة وجاهة هذا القول
فالقول الأول هو المقدم في بيان معنى الآية ،وهذا القول قول وجيه يذكر في بيان معنى الآية ولايمكن اهماله لما سبق مما يدل على قوته ووجاهته
وقول ابن مسعود بأن المراد بمواقع النجوم محكم القرآن يقصد به أن مواقع النجوم هي محكم القرآن وكان يقرأ بالإفراد "بموقع النجوم" والموقع أصل الشيء الذي يوقع فيه ومحكم القرآن هو أصل الآيات التي نزلت منجمة
ومما يدخل في معنى الآية ماذكره ابن عطية مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت وهو لا يعارض ماسبق

ملاحظة

اعتذر عن تسليم التاخير في تسليم الواجب لظروف خارجة عن ارادتي

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مراجعة, تطبيقية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir