دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ربيع الأول 1439هـ/14-12-2017م, 04:45 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي مراجعة تطبيقية لدورة المهارات المتقدّمة في التفسير- المرحلة الثالثة

مراجعة تطبيقية على دروس مهارات التفسير المتقدّمة.
- المرحلة الثالثة -




موضوع البحث:
تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.



المطلوب:

5: جمع تعليقات أهل العلم على الأقوال الواردة في المسألة.
6: جمع الحجج والاعتراضات.
7: توجيه الأقوال.



إرشادات:
- عند توجيه الأقوال يجب توسيع دائرة الاطّلاع وعدم الاكتفاء بمصدر واحد، وأن يعبّر الطالب بأسلوبه لا أن يعتمد على النقل، وله أن يستشهد ببعض النقول المهمّة في بيان مسألته.
- سيتمّ وضع تعليق عامّ على كل تطبيق في موعده -بإذن الله- حتى يستدرك الطالب ما فاته في المرحلة التالية.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح
وجعلكم للمتّقين إماما

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 ربيع الأول 1439هـ/15-12-2017م, 03:24 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

المراد ب " مواقع النجوم" في قوله تعالى :" فلا أقسم بمواقع النجوم"
اختلف أهل العلم على قولين
القول الأول
النجوم الكواكب المعروف
.ثم اختلفوا في معنى" مواقعها" على أقوال
أولا: منازل النجوم
وهو قول قتادة
التخريج
-أما قول قتادة فقد أخرجه الصنعاني في تفسيره وابن جرير عن معمر عن قتادة.
المراد بمواقع النجوم منازلها التي تنزل فيها ؛ وهذا القول مبني على أن الوقوع يطلق على النزول كما يقال: على الخبير سقطت أي نزلت .


ثانيا: مساقط النجوم
وهو قول مجاهد وقتادة وابن جرير و الزجاج
التخريج
-أما قول مجاهد فقد أخرجه ابن جرير والهَمَذَانِيُّ في تفسير مجاهد من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
-أما قول قتادة فقد أخرجه ابن جرير :حدّثني بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة.

قال القَسْطَلاَّنيُّ قال في الأنوار: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره .
وهذا القول مبناه على أن وقع يأتي بمعنى سقط؛ يقال وقع الشيء وقوعا:سقط
قال الزجاج :ومواقع النجوم مساقطها،كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب}

ثالثا: إنكدار النجوم و انتثارها عند قيام السّاعة
وهو قول قتادة
التخريج
- أما قول قتادة فقد أخرجه ابن جرير:حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة.

وهذا القول مبني على أن مواقع مصدر ميمي أو اسم زمان؛ فيكون المراد بمواقع النجوم سقوطها و ذهابها وقت قيام الساعة كما قال تعالى :{ وإذا النجوم انكدرت}؛ وكما قال {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ}


القول الثاني
المراد بالنجوم: نجوم القران..ثم اختلفوا في المراد بمواقعه
أولا: منازله ؛ أي أن الله أنزل القران على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم نجوما أي مفرقا
وهو قول ابن عباس ؛ وعكرمة وابن عطية
التخريج
أما قول ابن عباس رواه يحي بن سلام في تفسريه و أبو بكر الأنباري كما في تفسير القرطبي من طريق هَمَّامٌ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
- و ورواه النسائي و بن منده في كتاب الإيمان والحاكم في المستدرك من طريق عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ.
- ورواه ابن جرير في تفسيره و الهمذاني فى تفسير ابن مجاهد والطبراني في المعجم الكبير من طريق حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد.رواه الطّبرانيّ، وفيه حكيم بن جبيرٍ وهو متروكٌ
-ورواه ابن أبى حاتم :حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ الْحَارِثِ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
وراه بسند أخر أيضا :ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ رُسْتَهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ.
-ورواه ضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة :قالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالا ثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ حَسَّانِ بْنِ أَبِي الأَشْرَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
ورواه بسند آخر أيضا : أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ أَحْمَدَ الْخَبَّازُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ رَجَاءٍ أَخْبَرَهُمْ أبنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أبنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنُ مَرْدَوَيْهِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُخَوِّلٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِسْعَرٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
-أما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير :حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة.
ورواه بسند آخر :حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرمة.



المراد بالنجوم نجوم القران و بالمواقع أوقات نزوله
الله عزوجل أنزل القران في ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزله مفرقا منجما على النبي صلى الله عليه وسلم حسب الأحداث و الوقائع على ثلاث و عشرين سنة.
قال الزجاج وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم} اهـ
والضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى : { حتى توارت بالحجاب } [ ص : 32 ] ، و { كل من عليها فان } [ الرحمن : 26 ] .
وأصل هذا القول أن الْعَرَب كَانَت تجْعَل مطالع منَازِل الْقَمَر ومساقطها، مواقيتَ لحلول ديونها، فَتَقول: إِذا طلع النَّجْم، وَهُوَ الثُّريا، حلَّ لي عَلَيْك مَالِي، وَكَذَلِكَ سائرُها فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام جعل الله جلَّ وعزَّ الأهِلَّةَ مَوَاقِيت لما يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من معرفَة أوقاتِ الْحَج والصَّوم، ومَحِلِّ الدُّيُون، وسموها نجوماً فِي الدُّيُون المنَجَّمة وَالْكِتَابَة اعْتِبَارا بالرسم الْقَدِيم الَّذِي عرفوه، واحتذاءً حَذْوَ مَا أَلِفوه..فأصبح النجم يطلق على الْوَقْت الَّذِي يحل فِيهِ الدّين وَنَحْوه. يُقَال: نجمت الدّين تنجيما إِذا جعلته على المداين نجوما.. ، ثُمَّ نُقِلَ للوَظِيفَةِ الَّتِي تُؤدَّى فِي الوَقْتِ المَضْرُوبِ.

ثانيا: المراد به محكم القران
وهو عبد الله ابن مسعود. ومجاهد والبخاري .
التخريج
أما قول عبد الله ابن مسعود رواه الفراء في معان القران "قال الفرّاء حدّثنا فضيل بن عياضٍ عن منصورٍ عن المنهال بن عمرٍو قال قرأ عبد اللّه .
أما قول مجاهد فقد ر رواه ابن جرير : حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مجاهدٍ.

قال القَسْطَلاَّنيُّ : (بمواقع النجوم) أي (بمحكم القرآن) ويؤيده وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم.
-وقال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم

الثالث .مستقر الكتاب أوله وآخره
وهو قول ابن عباس
التخريج
-أما قول ابن عباس ف قد أخرجه ابن جرير : حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ.
هذا القول لم أجده له توجيها.

والله تعالى أعلم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 ربيع الأول 1439هـ/15-12-2017م, 01:55 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي

القول الأول: المراد نجوم السماء.
التعليقات:
قال ابن عطية:(وقال جمهور كثير من المفسرين: النُّجُومِ هنا: الكواكب المعروفة).
قال ابن الجوزي: (نجوم السماء، قاله الأكثرون).
توجيه القول:
هذا القول مبني على المعنى الظاهر للكلمة فالظاهر والمتبادر للذهن أن المراد بالنجوم نجوم السماء.
واختلف على ذلك في المراد بمواقعها على ثلاثة أقوال:
الأول: منازل النجوم ،قول قتادة.
الحجج والاعتراضات:
قال ابن عاشور:(ويطلق الوقوع على الحلول في المكان ، يقال : وقعت الإبل ، إذا بركت ، ووقعت الغنم في مرابضها ، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة كما تقدم ، فالمواقع محال وقوعها وخطوط سيرها فيكون قريبا من قوله والسماء ذات البروج).
توجيه القول:
هذا القول مبني على أحد معنيي كلمة مواقع ،فالموقع يأتي في اللغة على معنيين الأول من الوقوع أي السقوط ،والثاني الوقوع بمعنى الحلول في المكان يقال : وقعت الإبل ، إذا بركت ، ووقعت الغنم في مرابضها ، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة ،وهذا القول مبني على أن معنى الوقوع الحلول في المكان
،فعلى ذلك تكون مواقع النجوم محال وقوعها وخطوط سيرها ،فيكون قريبا من قوله والسماء ذات البروج .
الثاني: مساقط النجوم وقيل مساقطها ومطالعها ،قول مجاهد،وقتادة.
التعليقات:
قال الزجاج :(مواقع النجوم مساقطها، كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب}).
الحجج والاعتراضات:
قال ابن جرير في تفسيره: (وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به).
قال ابن عاشور: ( مواقع النجوم جمع موقع يجوز أن يكون مكان الوقوع ، أي : محال وقوعها من ثوابت وسيارة . والوقوع يطلق على السقوط ، أي الهوى ، فمواقع النجوم مواضع غروبها فيكون في معنى قوله تعالى والنجم إذا هوى).
توجيه القول:
هذا القول مبني على المعنى الظاهر والغالب لكلمة مواقع فالمواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا،أي سقط وهوى،كما في قوله تعالى:( والنجم إذا هوى)، فالظاهر والمتبادر للذهن أن المراد بمواقع النجوم مساقطها ،كما قال عزّ وجلّ : (فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب).
الثالث: انتثار النجوم يوم القيامة ،قول قتادة.
توجيه القول:
مبني على أن معنى كلمة موقع من وقع يقع أي سقط .
القول الثاني: المراد نجوم القرآن ،وذلك أنه روي أن القرآن نزل من عند الله في ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك على محمد صلى الله عليه وسلم نجوما مقطعة في مدة من عشرين سنة ، قول ابن عباس، وعكرمة ،روي عن الكلبي.
التعليقات:
قال ابن منصور في تهذيب اللغة : (يُقال جَعَلتُ مَالِي على فلَان نجوماً مُنَجَّمَة، يُؤدَّى كلُّ نجم مِنْهَا فِي شهر كَذَا، وأصل ذَلِك أَن الْعَرَب كَانَت تجْعَل مطالع منَازِل الْقَمَر ومساقطها، مواقيتَ لحلول ديونها، فَتَقول: إِذا طلع النَّجْم، وَهُوَ الثُّريا، حلَّ لي عَلَيْك مَالِي، وَكَذَلِكَ سائرُها).
الحجج والاعتراضات:
قال الزجاج:( وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}).
قال ابن عطية: (ويؤيد هذا القول عود الضمير على القرآن في قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، وذلك أن ذكره لم يتقدم إلا على هذا التأويل، ومن لا يتأول بهذا التأويل يقول: إن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: 32] ، وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ [الرحمن: 26] وغير ذلك).
توجيه القول:
هذا القول مبنى على أمرين:
الأول: أن كلمة نجم قد تأتي في اللغة بمعنى قسط ،فيقال جَعَلتُ مَالِي على فلَان نجوماً مُنَجَّمَة،أي جعلته أقساطا يؤدي كل قسط منها في شهر،ومن هنا جاءت التسمية حيث أن العرب جعلت مطالع القمر ومساقطه مواقيت لسداد الديون ،وكذلك القرآن كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء.
الثاني: يستدل أصحاب هذا القول بعود الضمير على القرآن في قوله تعالى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ).

القول الثالث: المراد محكم القرآن ، قول عبد الله بن مسعود،ومجاهد.
التعليقات:
قال عبد الهادي السندي في حاشيته على البخاري: (قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم).
توجيه القول:
هذا القول مبني على أن تشبيه معاني القرآن بالنجوم في هدايتها للناس ،ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن،فشبه محكم القرآن بمواقع النجوم.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 ربيع الأول 1439هـ/17-12-2017م, 03:48 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي

إعادة التطبيق بعد التعديل على ضوء تصحيح التطبيق الثاني:

المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: ( فلا أقسم بمواقع النجوم):
اختلف المفسرون في المراد بالنجوم على قولين:
القول الأول: أن المراد نجوم السماء.
التعليقات:
قال ابن عطية:(وقال جمهور كثير من المفسرين: النُّجُومِ هنا: الكواكب المعروفة).
قال ابن الجوزي: (نجوم السماء، قاله الأكثرون).
توجيه القول:
هذا القول مبني على المعنى الظاهر للكلمة فالظاهر والمتبادر للذهن أن المراد بالنجوم نجوم السماء.

واختلف على ذلك في المراد بمواقعها على أقوال:
القول الأول: منازل النجوم .
الحجج والاعتراضات:
قال ابن عاشور:(ويطلق الوقوع على الحلول في المكان ، يقال : وقعت الإبل ، إذا بركت ، ووقعت الغنم في مرابضها ، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة كما تقدم ، فالمواقع محال وقوعها وخطوط سيرها فيكون قريبا من قوله والسماء ذات البروج).
توجيه القول:
هذا القول مبني على أحد معنيي كلمة مواقع ،فالموقع يأتي في اللغة على معنيين الأول من الوقوع أي السقوط ،والثاني الوقوع بمعنى الحلول في المكان يقال : وقعت الإبل ، إذا بركت ، ووقعت الغنم في مرابضها ، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة ،وهذا القول مبني على أن معنى الوقوع الحلول في المكان
،فعلى ذلك تكون مواقع النجوم محال وقوعها وخطوط سيرها ،فيكون قريبا من قوله والسماء ذات البروج .
القول الثاني: مساقط النجوم .
التعليقات:
قال الزجاج :(مواقع النجوم مساقطها، كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب}).
الحجج والاعتراضات:
قال ابن جرير في تفسيره: (وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به).
قال ابن عاشور: ( مواقع النجوم جمع موقع يجوز أن يكون مكان الوقوع ، أي : محال وقوعها من ثوابت وسيارة . والوقوع يطلق على السقوط ، أي الهوى ، فمواقع النجوم مواضع غروبها فيكون في معنى قوله تعالى والنجم إذا هوى).
توجيه القول:
هذا القول مبني على المعنى الظاهر والغالب لكلمة مواقع فالمواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا،أي سقط وهوى،كما في قوله تعالى:( والنجم إذا هوى)، فالظاهر والمتبادر للذهن أن المراد بمواقع النجوم مساقطها ،كما قال عزّ وجلّ : (فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب).
القول الثالث: انتثار النجوم يوم القيامة .
توجيه القول:
مبني على أن معنى كلمة موقع من وقع يقع أي سقط ،ومن ذلك انتثار النجوم وذلك يكون يوم القيامة.
القول الرابع: الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا:مطرنا بنوء كذا وكذا.
توجيه القول:
مبنى هذا القول على الحديث المروي في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: مطر الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: " أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا " قال: فنزلت هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم} [الواقعة: 75]، حتى بلغ: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} [الواقعة: 82].

القول الثاني: المراد نجوم القرآن.
التعليقات:
قال ابن منصور في تهذيب اللغة : (يُقال جَعَلتُ مَالِي على فلَان نجوماً مُنَجَّمَة، يُؤدَّى كلُّ نجم مِنْهَا فِي شهر كَذَا، وأصل ذَلِك أَن الْعَرَب كَانَت تجْعَل مطالع منَازِل الْقَمَر ومساقطها، مواقيتَ لحلول ديونها، فَتَقول: إِذا طلع النَّجْم، وَهُوَ الثُّريا، حلَّ لي عَلَيْك مَالِي، وَكَذَلِكَ سائرُها).
الحجج والاعتراضات:
قال الزجاج:( وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}).
قال ابن عطية: (ويؤيد هذا القول عود الضمير على القرآن في قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، وذلك أن ذكره لم يتقدم إلا على هذا التأويل، ومن لا يتأول بهذا التأويل يقول: إن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: 32] ، وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ [الرحمن: 26] وغير ذلك).
قال الشنقيطي: (أظهر الأقوال عندي وأقربها للصواب في نظري - أن المراد بالنجم إذا هوى هنا في هذه السورة، وبمواقع النجوم في الواقعة هو نجوم القرآن التي نزل بها الملك نجما فنجما، وذلك لأمرين:
أحدهما: أن هذا الذي أقسم الله عليه بالنجم إذا هوى الذي هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - على حق وأنه ما ضل وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى - موافق في المعنى لما أقسم عليه بمواقع النجوم، وهو قوله: إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون إلى قوله: تنزيل من رب العالمين [56 \ 77 - 80] .
والإقسام بالقرآن على صحة رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى صدق القرآن العظيم وأنه منزل من الله جاء موضحا في آيات من كتاب الله كقوله تعالى: يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم [36 \ 1 - 5] . وقوله تعالى: حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم [43 \ 1 - 4] ، وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
والثاني: أن كون المقسم به المعبر بالنجوم هو القرآن العظيم - أنسب لقوله بعده: وإنه لقسم لو تعلمون عظيم [56 \ 76] ، لأن هذا التعظيم من الله يدل على أن هذا المقسم به في غاية العظمة.
ولا شك أن القرآن الذي هو كلام الله أنسب لذلك من نجوم السماء ونجم الأرض. والعلم عند الله تعالى).
توجيه القول:
هذا القول مبنى على عدة أمور:
الأول: أن كلمة نجم قد تأتي في اللغة بمعنى قسط ،فيقال جَعَلتُ مَالِي على فلَان نجوماً مُنَجَّمَة،أي جعلته أقساطا يؤدي كل قسط منها في شهر،ومن هنا جاءت التسمية حيث أن العرب جعلت مطالع القمر ومساقطه مواقيت لسداد الديون ،وكذلك القرآن كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء.
الثاني: يستدل أصحاب هذا القول بعود الضمير على القرآن في قوله تعالى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ)،ولكن يمكن الرد على هذا الاستدلال بأنه ليس بالضرورة أن يتقدم ذكر القرآن على الضمير العائد عليه وذلك لوضوح المعنى، كما في قوله تعالى :( حتى توارت بالحجاب)، وكما في قوله تعالى:( كل من عليها فان) .
الثالث: أن الإقسام بالقرآن على صدق القرآن وأنه منزل من عند الله وعلى صدق النبي صلى الله عليه وسلم موضح في الكثير من آيات القرآن ،ومثال ذلك قوله تعالى: (حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) فأقسم الله تعالى بالكتاب المبين على صدق القرآن وعظمته.
الرابع: أن الإقسام بالقرآن أنسب هنا لقوله تعالى: (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) مما يدل على أن المقسم به في غاية العظمة ،فكان الإقسام بالقرآن أنسب من نجوم السماء.

واختلف العلماء على هذا القول في المراد بمواقع النجوم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المراد منازل القرآن ،فقد نزل القرآن، جملة واحدة من السماء العليا إلى السماء الدنيا، ثم نزل منجما على النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى ابن جرير في تفسيره عن ابن عبّاسٍ قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرّق في السّنين بعد قال: وتلا ابن عبّاسٍ هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: نزل متفرّقًا.
توجيه القول:
مبنى هذا القول على أن من معاني كلمة وقع نزل (تاج العروس)، فتكون مواقع بمعنى منازل، وعلى ما روي عن ابن عبّاسٍ قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرّق في السّنين بعد قال: وتلا ابن عبّاسٍ هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: نزل متفرّقًا.
فيكون معنى مواقع النجوم نزول القرآن منجما.
القول الثاني: أن المراد محكم القرآن ، وهو ما ثبت منه واستقر.
التعليقات:
قال عبد الهادي السندي في حاشيته على البخاري: (قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم).
توجيه القول:
هذا القول مبني على أن من معاني الوقوع الحلول في المكان ، وعلى أن المراد تشبيه معاني القرآن بالنجوم في هدايتها للناس ،ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فهو ما ثبت واستقر منه ولم ينسخ ، فشبه محكم القرآن بمواقع النجوم.
القول الثالث:مستقر الكتاب أوله وآخره .
توجيه القول: وهذا القول مبني على أن معنى الوقوع الحلول في المكان
،فعلى ذلك تكون مواقع النجوم مستقر الكتاب والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 ربيع الثاني 1439هـ/19-12-2017م, 05:24 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

إعادة التطبيق حسب ما تم تعديله في التطبيق السابق



المراد ب " مواقع النجوم" في قوله تعالى :" فلا أقسم بمواقع النجوم"
اختلف أهل العلم على قولين
القول الأول
النجوم الكواكب المعروف
وهو المعنى المتبادر إلي الذهن من إطلاق لفظ النجم

قال الأزهري قَالَ أَهلُ اللُّغَةِ: اسمُ النَّجْمِ يَجْمَعُ الكَوَاكِبَ كُلَّهَا.

قال ابن عطية وقال جمهور كثير من المفسرين : { النجوم } هنا : الكواكب المعروفة
قال ابن عاشور: والنَّجْمِ: الْكَوْكَبُ أَيِ الْجُرْمُ الَّذِي يَبْدُو للناظرين لَا مَعًا فِي جَوِّ السَّمَاءِ لَيْلًا
.ثم اختلفوا في معنى" مواقعها" على أقوال

أولا: منازل النجوم
وهو قول قتادة
فمواقع النجوم مَنَازِلُهَا فِي السَّمَاءِ؛ أي مواضعها من بروجها في السماء ومجاريها .فهو كقوله تعالى :{ والسماء ذات البروج}
قال ابن عاشور :... وبِمَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ الْوُقُوعِ، أَيْ مَحَالُّ وُقُوعِهَا مِنْ ثَوَابِتَ وَسَيَّارَةٍ." اهـ.

- وهذا القول مبني على أن مواقع جمع موقع وهو المحل؛ فموقع الشيء ما يوجد فيه.
قال الخليل بن أحمد: والمَوْقِعُ: موضِعٌ لكلّ واقع، وجمعُه: مَواقِعُ. اهـ
فالنازل في محل واقع فيه .

ثانيا: مساقط النجوم. ( .مغاربها)
وهو قول قتادة وابن جرير و الزجاج

عن قتادة {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. أي مساقطها.

قال البخاريُّ ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن.
قال أبو عبيدة" مواقع النّجوم مساقطها حيث تغيب.

قال الزجاج :ومواقع النجوم مساقطها،كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب}

وقال العينى: ومساقط النّجوم مغربها

قال القسطلانى (ويقال بمسقط النجوم إذا سقطن) بكسر قاف بمسقط أي بمغارب النجوم السمائية إذا غربن.

وهذا القول مبناه على أن وقع يأتي بمعنى سقط؛ يقال وقع الشيء وقوعا:سقط. فمعنى "مواقع" اسم مكان وقع..
(الْموقع) مَكَان الْوُقُوع يُقَال وَقع الشَّيْء موقعه
كما يقال (مَوَاقِعُ) الْغَيْثِ مَسَاقِطُهُ..

فالمراد بمواقع النجوم مساقطها عند الغروب..وهو كقوله تعالى :{ والنجم إذا هوى } الآية

وقد ذكر أهل العلم وجه تخصيص القسم بمغارب النجوم :

قال القسطلاني قال في الأنوار: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره.

و قال الزمخشري."لعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالاً مخصوصة عظيمة ، أو للملائكة عبادات موصوفة ، أو لأنه وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين ، ونزول الرحمة والرضوان عليهم ؛ فلذلك أقسم بمواقعها.

قال ابن عاشور.."..وَجعل بِمَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُقْسَمًا بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَاقِطَ فِي حَالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَهَا تُذَكِّرُ بِالنِّظَامِ الْبَدِيعِ الْمَجْعُولِ لِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَا يَخْتَلُّ وَلَا يَتَخَلَّفُ، وَتُذَكِّرُبِعَظَمَةِ الْكَوَاكِبِ وَبِتَدَاوُلِهَا خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ الْقَسَمُ بِهِ الرَّاجِعُ إِلَى الْقَسَمِ بِمُبْدِعِهِ..

وقال السعدي: أقسم تعالى بالنجوم ومواقعها أي : مساقطها في مغاربها ، وما يحدث الله في تلك الأوقات ، من الحوادث الدالة على عظمته وكبريائه وتوحيده.

وقيل {مطالعها و مساقطها؛} أي مغاربها و مشارقها
- وهو قول مجاهد
عن مجاهد قال يعني بمواقع النجوم في السماء ويقال أيضا مطلعها ومساقطه..
وفى كلام مجاهد إضافة " مطالع النجوم " أي مشارقها ..ولا يختلف قوله مع قول قتادة لأنه لا خلاف أن للنجوم مشارق مطالع و مغارب . وهو كقوله تعالى: { فلا أقسم برب المشارق و المغارب}...فكل من المشارق و المغارب يصح إطلاق المساقط عليها
قال الرازي : فيه وجوه ( الأول ) المشارق والمغارب أو المغارب وحدها ، فإن عندها سقوط النجوم.
وقد يقال أن مجاهد أدخل مطالع في الآية من كلمة النجوم لأن لفظة النجم تدل على طلوعه
جاء في مقاييس اللغة :
(نَجَمَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى طُلُوعٍ وَظُهُورٍ. وَنَجَمَ النَّجْمُ: طَلَعَ. اهـ

ثالثا:إنكدار النجوم و انتثارها عند قيام السّاعة
وهو قول قتادة
.
وهذا القول مبني على أن مواقع مصدر ميمي من وقع فهو نفس الوقوع.؛ أو اسم زمان.
فيكون المراد بمواقع النجوم سقوطها و ذهابها وقت قيام الساعة كما قال تعالى :{ وإذا النجوم انكدرت}؛ وكما قال {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ}

القول الثاني
المراد بالنجوم: نجوم القران.....لأن نجم يطلق على القسط من الشيء ويقال نجّمت الشيء إذا جعله أقساطا .
وهو قول ابن عباس ؛ وعكرمة وابن عطية
فالمراد بالنجوم نجوم القران و بالمواقع أوقات نزوله..لأن الله أنزل القران على نجوما أي مفرقا أنزله آية بعد أية
قال ابن عباس بمواقع النجوم نجوم القرآن وذلك أنه نزل القرآن إلى السماء الدنيا جميعه جملة واحدة ثم نجم على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وأكثر. اهـ

قال الزجاج وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}اهـ.

وهذا القول مبنى على النجم يطلق على الوقت المضروب
جاء في لسان العرب
والنَّجْمُ: الوقتُ الْمَضْرُوبُ، وَبِهِ سُمِّيَ المُنَجِّم. ونَجَّمْتُ المالَ إِذا أَدَّيته نُجوماً؛ قَالَ زُهَيْرٌ فِي دياتٍ جُعِلت نُجوماً عَلَى الْعَاقِلَةِ:
يُنَجِّمُها قومٌ لقَوْمٍ غَرامةً، ... وَلَمْ يُهَرِيقُوا بينَهم مِلءَ مِحْجَمِ
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: واللهِ لَا أَزيدُك عَلَى أَربعة آلافٍ مُنَجَّمةٍ
؛ تَنْجِيمُ الدَّينِ: هُوَ أَن يُقَدَّرَ عَطَاؤُهُ فِي أَوقات مَعْلُومَةٍ متتابعةٍ مُشاهرةً أَو مُساناةً، وَمِنْهُ تَنْجِيمُ المُكاتَب ونُجُومُ الكتابةِ. اهـ

وأصل هذا القول أن الْعَرَب كَانَت تجْعَل مطالع منَازِل الْقَمَر ومساقطها، مواقيتَ لحلول ديونها، فَتَقول: إِذا طلع النَّجْم، وَهُوَ الثُّريا، حلَّ لي عَلَيْك مَالِي، وَكَذَلِكَ سائرُها فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام جعل الله جلَّ وعزَّ الأهِلَّةَ مَوَاقِيت لما يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من معرفَة أوقاتِ الْحَج والصَّوم، ومَحِلِّ الدُّيُون، وسموها نجوماً فِي الدُّيُون المنَجَّمة وَالْكِتَابَة اعْتِبَارا بالرسم الْقَدِيم الَّذِي عرفوه، واحتذاءً حَذْوَ مَا أَلِفوه..فأصبح النجم يطلق على الْوَقْت الَّذِي يحل فِيهِ الدّين وَنَحْوه. يُقَال: نجمت الدّين تنجيما إِذا جعلته على المداين نجوما.. ، ثُمَّ نُقِلَ للوَظِيفَةِ الَّتِي تُؤدَّى فِي الوَقْتِ المَضْرُوبِ.

جاء في المصباح المنير....
وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْوَقْتَ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ الْأَدَاءُ نَجْمًا تَجَوُّزًا لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالنَّجْمِ ثُمَّ تَوَسَّعُوا حَتَّى سَمَّوْا الْوَظِيفَةَ نَجْمًا لِوُقُوعِهَا فِي الْأَصْلِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَطْلُعُ فِيهِ النَّجْمُ اهـ

وجاء عن ابن عباس مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.
وهذا القول لا يخرج عما سبق ذكره ذلك..فالقران كله أوله آياته وأخرها نزل منجما
إدا
فعن ابن عباس : نزل القرآن جملة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السَّفَرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجَّمَته السَّفرة على جبريل عشرين ليلة ، ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة
وق وجدت أثرا رواه ابن عبد البر .وقد بحث على تخريجه فلم أعثره عليه حسب ما تيسر لدي من راجع
- قال أبو عمر : روي عن عكرمة في قول الله- عز وجل- : { فلا أقسم بمواقع النجوم } ، قال : القرآن نزل جملة واحدة ، فوضع مواضع النجوم ، فجعل جبريل- عليه السلام- ينزل بالآية والآيتين . وقال غيره : { بمواقع النجوم } : بمساقط نجوم القرآن كلها أوله وآخره . ، ومن الحجة لهذا القول قوله- عز وجل- : { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرءان كريم }-الآيات .
فقول عكرمة هذا يفهمه منه أن كل القران اوله ,آخره كان مفرقا.

و عن ابن مسعود ومجاهد "مواقع النجوم" محكم القران وهو القول الذي اختاره الإمام البخاري.
قال القَسْطَلاَّنيُّ : ( بمواقع النجوم) أي (بمحكم القرآن) ويؤيده {وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم.}

ومبنى هذا القول ما قاله محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم

والله تعالى أعلم.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 ربيع الثاني 1439هـ/21-12-2017م, 02:01 PM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

المراد بمواقع النجوم :


تبين مما سبق أن الأقوال في المسألة تتلخص في :
1- أن النجوم هي نجوم السماء وهو قول الأكثرين
- قال النووي في شرحه على مسلم : وَأَمَّا مَوَاقِعُ النُّجُومِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ الْمُرَادُ نُجُومُ السَّمَاءِ

- قال ابن الجوزي : وفي «النجوم» قولان ؛ أحدهما: نجوم السماء، قاله الأكثرون.


ومنه فمواقع النجوم هي :
1 ، 1- منازلها وأفلاكها في السماء ؛ وهو قول مجاهد وقتادة
- قال القاسمي في محاسن التأويل :مواقع النجوم أي: منازل الكواكب ومراكزها البهيجة في السماء.

1، 2- مغايبها ومغاربها وقت الغروب ... وبه قال قتادة وأبو عبيدة واليزيدي ... وقيل مساقطها ومطالعها وبه قال مجاهد ..
- ومنه القول بأن المراد بمواقع النجوم هو مطالع ومساقط الأنواء


وهي كما مر ثمانية وعشرون نجما كلما غرب أحدها ناء آخر ؛ فقالوا إذا سقط الغارب ناء الطالع أي نهض وأشرق . وهي التي كانت يستسقي بها أهل الجاهلية فيقولون مطرنا بنوء كذا وكذا

- قال النووي في شرحه على مسلم : وَأَمَّا مَوَاقِعُ النُّجُومِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ الْمُرَادُ نُجُومُ السَّمَاءِ وَمَوَاقِعُهَا مَغَارِبُهَا
- قال القسطلاني : بمغارب النجوم السمائية إذا غربن.
-قال القاسمي : بمساقطها ومغاربها، وهي أوقات غيبتها عن الحواس
- قال ابن كثير : وهو اختيار ابن جرير

1، 3- انكدارها وانتثارها وسقوطها عن مواقعها يوم القيامة وهو قول الحسن .

1، 4- انقضاضها إثر العفاريت رجوما ... وقد أوردوه بصيغة الاحتمال ولم ينسبوه .
- وقال ابن القيم : ويحتمل أَن مواقعها انقضاضها أثر العفريت وَقت الرجوم
- قال الخازن : وقيل مواقعها في اتباع الشياطين عند الرجم ...
- قال الألوسي : وعن أبي جعفر وأبي عبدالله : المراد مواقعها عند الانقضاض إثر المسترقين السمع من الشياطين

2- أن النجوم هي نجوم القرآن أي الطائفة من آياته ، ومواقع النجوم أي نزوله مفرقا نجوما من أوله إلى آخره بمحكمه ومتشابهه على عشرين أو ثلاث وعشرين سنة .
وهو قول ابن عباس وعكرمة ، وخصصه ابن مسعود بنزول محكم القرآن وتبعه في التخصيص مجاهد والبخاري قالوا : محكم القرآن .

- قال النووي في شرحه على صحيح مسلم : وَقِيلَ النُّجُومُ نُجُومُ الْقُرْآنِ وَهِيَ أَوْقَاتُ نُزُولِهِ
- قال السمين الحلبي : وقيل: النجومُ للقرآن، ويؤيِّدُه "وإنَّه لَقَسَمٌ"، و ((إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ))


حجج الأقوال :
1- حجة من قال أن النجوم هي نجوم السماء المعروفة :
أ - أن الأصل في الكلام حمله على معناه الذي ينصرف إليه الذهن عند النطق به أولا ما دام مطلقا لم يقيد، فإن تعذر حمله على ذلك صير إلى غيره من المعاني ؛
- فلو قال شخص في أيامنا : جاءت سيارة فإن الذهن سينصرف فورا إلى وسيلة النقل المعروفة لا إلى عابري الطريق مع أنه يطلق عليهم ( سيارة ) كما قال تعالى ( وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم ) ؛ لكن لأن اللفظ صار علما على وسيلة النقل صارت هي المقصودة باللفظ إلا إن قيدت بما يدل على إرادة معنى غيرها .
- وعندما يقول شخص أنه سيصوم مثلا فسينصرف الذهن فورا إلى إرادته صوم النهار ؛ لا صومه عن الكلام أو عن شيء محدد ما دام لم يقيده ؛ لأن كلمة الصوم على إطلاقها صارت حقيقة شرعية على هذه العبادة المعروفة .
وكذلك هنا فالله في كتابه استخدم النجوم للدلالة على النجوم والكواكب في سائر القرآن كقوله تعالى: {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ } الطور ، وقوله تعالى {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ} ، وكلمة النجوم أول ما ينصرف الذهن عند سماعها إلى نجوم السماء وأجرامها ؛ فلم سيختلف الأمر هنا واللفظة مطلقة ليست مقيدة ؟

ب - إن أكثر ما أقسم الله به من مخلوقاته كان قسمه بالسماء وما فيها من دلائل الوحدانية والعظمة ؛ فأقسم بالسماء ونجومها وأبراجها والشمس والقمر وغيرها مما في السماء من أجرام ؛ فقال تعالى : ( والسماء ذات البروج ) ( والسماء والطارق ) ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ) ( والنجم إذا هوى ) ( والشمس وضحاها ، والقمر إذا تلاها ) وغيرها كثير ... وأقسم في مثل هذه الاقسام على صدق رسوله مثلا ك( والنجم إذا هوى ما صل صاحبكم وما غوى ) و ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ...)إلى ( إنه لقول رسول كريم ) فيحمل هذا القسم هنا كما حمل غيره على أنه قسم بهذه المخلوقات في السماء على أن كتابه قرآن كريم .

🔸وقد رد على هذا بأن القسم بكتاب الله أنسب أن يعظم وأن يقال عنه قسم عظيم ؛ فكلام الله أعظم وأشرف .

- ويرد عليه أن قسم الله بكلامه لا شك أعظم ، وقد ورد مرات عدة في كتابه بأن يقسم به على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله أقسم كذلك بمخلوقاته ، فهو سبحانه يقسم بما يشاء منها ؛ وقسمه بها تعظيم لها من جهتين : أنه جل وعلا هو المقسم بها ، وأن عظمة الصنعة من عظمة الصانع ، فعظمتها لأنه هو تعالى خالقها وموجدها .

ج - لم يعبر عن القرآن ولا عن آياته بالنجوم في أي موضع من مواضع القرآن ؛ وإنما سماه الله باسم من أسمائه أو شيء مما اتصف به ؛ وإنه تعالى في كل مواضع القرآن إذا أقسم بالقرآن أقسم به نفسه لا بكيفية نزوله ووصوله إلينا فقال تعالى( يس والقرآن الحكيم )( ص والقرآن ذي الذكر ) ( حم والكتاب المبين ) ( ق والقرآن المجيد )
وذلك مطرد في كتاب الله كله ، فكان هذا أقوى في أن يكون القسم هنا على حاله فيقسم بمواقع نجوم السماء على أن القرآن قرآن كريم . وبين المقسم به والمقسم عليه مناسبة لطيفة ذكرها ابن القيم سأذكرها بعد دراسة الأقوال بإذن الله

ثم إن من قال أنها نجوم السماء قال أن ( مواقع النجوم ) :
أ - هي منازل هذه النجوم والكواكب ومساراتها وأفلاكها
وحجته في ذلك أن منازل النجوم في السماء من أعظم ما استدل به على عظمة الخالق ، فالله وجه خلقه في كتابه إلى النظر في السماء وما فيها من أجرام فقال ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ) الحجر( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ) الصافات ( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ )ق (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) الملك
فإنها بزينتها للسماء من أعظم الأدلة على إحكام الصنعة وعلى عظمة الخالق وبديع صنعه .
ثم إنها في سيرها في أفلاك محددة مقدرة لها تظهر أعظم الأدلة على الوحدانية والعلم والحكمة ؛ ونبه الله خلقه إلى هذه الأفلاك وجري الكواكب وسيرها فيها مرات في كتابه فقال تعالى ( فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) الأنعام ، ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره )النحل ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ، والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) يس ( الشمس والقمر بحسبان ) الرحمن ؛ فكل هذه تدل على تقدير العزيز العليم الذي بعظمته أحكم هذا النظام الدقيق فلا يتخلف جرم عن منزله وفلكه وسيره ولا يسبق نجم آخر ، كله بميزان بالغ الدقة ، كله بحسبان ويكفي من هذا عظمة حتى يقول بعدها ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )

- قال الالوسي عن هذا القول : والتخصيص لأن له تعالى في ذلك من الدليل على عظيم قدرته وكمال حكمته ما لا يحيط به نطاق البيان .

ب- ومن قال أنها مساقط النجوم ومغايبها أو مساقطها ومطالعها
فحجته في ذلك :
1- أن الله أقسم في غير موضع بالنجوم وأفلاك السماء كقوله ( والنجم إذا هوى ) قال الطبري فيها ( والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله مجاهد من أنه عنى بالنجم في هذا الموضع: الثريا، وذلك أن العرب تدعوها النجم .) و ( فلا أقسم بالخنس ) ، وخص الله بالذكر المشارق والمغارب في مواضع فقال تعالى : {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}وذكر أنه تعالى ( رب المشرقين ورب المغربين ) و( رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو ) وفي ذلك تنبيه على ما في شروق النجوم وغروبها من الدلالات على وحدانية الخالق وألوهيته وعظمة خلقه وبديع صنعه وما فيها من الفوائد ما ليس في غيرها .
ولذلك استدل إبراهيم بمواضع الشروق والغروب على وحدانية الله وقدرته المطلقة في محاجته للنمرود فقال ( قال إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر ) فكان هذا دليلا بهت عدو الله فأسقط في يده .
وكذلك نبه عليه موسى عليه السلام في مجادلته لفرعون وملئه لما سألوه ( قال فرعون وما رب العالمين ) فكان مما قال : ( قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ) فعند هذا الدليل أسقط في يد فرعون واتجه إلى التهديد بالسجن.. وفي هذه الآيات وغيرها من الدلالات ما لا يخفى .

2- أن في غروب النجوم وزوال أثرها دلالة على الوحدانية المطلقة ، ذلك أن زوال الموجودات وفنائها يذكر بالحي الذي لا يموت ، والمؤثر الذي لا يتأثر ولا تأخذه سنة ولا نوم ؛ ولذلك استدل إبراهيم عليه السلام بأفول النجوم والكواكب على وجود الواحد الأحد الذي لا يحول ولا يزول ...فقال (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي ، فلما أفل قال لا أحب الآفلين ) فالغروب أفول وزوال وذهاب ، والخالق الواحد الأحد منزه عن ذلك ؛
كما أن في طلوع النجوم دلالة على قدرة موجد هذه المخلوقات على الإيجاد بعد العدم والإحياء بعد الإماتة ؛ ولذلك ناسب بعدها أن يعظم القسم فيقول ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )

3- أن الله جعل النجوم علامات يهتدى بها في ظلمات البر والبحر ؛ والنجوم لا يهتدى بها وهي في وسط السماء إذ لا يعرف بها عند ذلك اتجاه وإنما يستدل بها عند طلوعها أو غروبها حيث يعرف أين تغرب ومن أين تشرق فتحدد الاتجاهات بذلك . كما أن مواعيد شروقها وغروبها هي المواقيت التي كان يعرف بها العرب دخول الفصول وتحديد المواقيت ؛ وهذا أقوى في أن تكون مواقع النجوم مساقطها ومطالعها لا منازلها وأفلاكها فقط .

4- أن وقت غروب النجوم وطلوعها قبيل الفجر هو وقت قيام المتهجدين لله تعالى ووقت تنزل الرحمات والبركات ... قال تعالى ( ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) وهي الساعة التي ينزل فيها سبحانه إلى السماء الدنيا فيجيب السائل ويعطي الطالب ، وهي من أعظم الأوقات لذلك استحق تعظيم القسم بها ..

▪ ويدخل في ذلك القول بأن مواقع النجوم هي مطالع ومساقط الأنواء خاصة لأنها تلك النجوم التي يهتدى بطلوعها وغروبها على المواقيت .
ومن خصصها بالأنواء استدل لذلك بحديث مسلم الذي يرويه عن ابن عباس والذي ذكر آنفا وفيه أن قولهم مطرنا بنوء كذا وكذا هو سبب نزول ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) إلى ( تكذبون )
وقد علق النووي على حديث مسلم قائلا : قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو بن الصلاح رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا نَزَلَ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْأَنْوَاءِ فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ وَتَفْسِيرُهُ يَأْبَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا النَّازِلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) وَالْبَاقِي نَزَلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَكِنِ اجْتَمَعَا فِي وَقْتِ النُّزُولِ فَذَكَرَ الْجَمِيعَ مِنْ أَجْلِ ذلك

- فما أورده النووي عن ابن الصلاح يدل على أن هذا الحديث ( وليس نصا في إرادة الأنواء بل يجوز عليه أن يراد المغارب مطلقا.) كما قال الألوسي .
وكما مر فالأنواء خصوص من عموم نجوم السماء ومغاربها ومشارقها داخلة في ذلك العموم ...

ج- ومن قال أن مواقع النجوم انتثارها يوم القيامة
قال ابن القيم : ومن حُجَّةِ هذا القول أنَّ لفظ "مواقع" يقتضيه، فإنَّه (مَفَاعِل) من الوقوع وهو السقوط، فَلِكُلِّ نجمٍ مَوْقعٌ، وجَمْعُها: مَوَاقع.

- وقد ورد ذكر انكدار النجوم والكواكب وسقوطها يوم القيامة وزوالها عن مواقعها في السماء في غير آية فقال تعالى ( فإذا النجوم طمست ) ( وإذا النجوم انكدرت ) ( وإذا الكواكب انتثرت ) وكلها من أهوال يوم القيامة وأهوالها عظيمة يشيب لها الولدان ؛ فقال تعالى عن أهوال ذلك اليوم ( إن زلزلة الساعة لشيء عظيم )
وقد وردت هذه الأهوال في السور المكية لتقرع قلوب المشركين وتهزهم لعلهم يتذكرون ، فكان مناسبا هنا بعد أن ذكر تفرده تعالى بالإنعام عليهم بالنسل والزرع والحرث والماء والنار وبعد أن ذكر الأصناف الثلاثة يوم القيامة أن يقسم بوقوع النجوم يوم القيامة قرعا للآذان الصم وتنبيها للقلوب الغافلة وتنبيها للمقسم عليه بعده لأنه وسيلتهم للهداية والنجاة ليكونوا من أصحاب اليمين .

د- ومن قال أنها انقضاض النجوم إثر العفاريت واتباعها رجوما للشياطين فاستدل له بالجمع بين آية الواقعة وما ورد في تفسير ( والنجم إذا هوى ) بهوي النجم راجما للشياطين ليمنعه من استراق السمع ؛ وبما ورد من آيات تبين سقوط النجوم رجما للشياطين ( وجعلناها رجوما للشياطين ) ( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )
وقد أسند ابن الجوزي والخازن القول أن : النجم إذا هوى : هو هويه لرجم الشياطين إلى ابن عباس ؛ وقال ابن كثير عنه وهو قول له وجهه .

- كما ان القسم برجم النجوم للشياطين مناسب لما بعده من الحديث عن القرآن وأنه لا يمسه إلا المطهرون فلا يصل إليه شيطان .
🔸 ويقال في هذا القول أن من أورده من المفسرين في قسم سورة الواقعة أورده احتمالا دون أن يسنده ، فكأن في ذلك إضعافا له .
ثم إن الآيات تتحدث عن مواقع النجوم على الحقيقة ، والمفسرون على أن رجم الشياطين لا يكون بعين النجم وإنما بشهاب منه تصديقا لقوله تعالى ( فأتبعه شهاب ثاقب ) وقوله تعالى ( فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) فبين أن الرجم بالشهب ؛
وقالوا قد يكون إسناد الرجم للنجوم هو من باب الإسناد إلى الكل والمراد الجزء ؛ فكأن الشهاب صادر من النجم ، أو أن الإحراق حاصل بسببه لا بعينه
- قال القرطبي رحمه الله : ( وجعلناها رجوما للشياطين ) أي جعلنا شهبها ؛ فحذف المضاف ، دليله : ( إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها .

- وقال ابن كثير رحمه الله : عاد الضمير في قوله : ( وَجَعَلْنَاهَا ) على جنس المصابيح لا على عينها ؛ لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء ، بل بشهب من دونها ، وقد تكون مستمدة منها ، والله أعلم

- وقال ابن عثيمين رحمه الله : قال العلماء في تفسير قوله تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين ) : أي : جعلنا شهابها الذي ينطلق منها ، فهذا من باب عود الضمير إلى الجزء لا إلى الكل . والله أعلم .

2- حجة من قال أن النجوم هي نجوم القرآن
من قال بأن النجوم هنا هي نجوم القرآن احتج بأمور منها :
أ - أنه تعالى قال بعد القسم ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )
أي أن القسم الذي أقسم به عظيم وعظمة القسم من عظمة ما أقسم به فكان أنسب أن يكون المقسم به هو القرآن لأنه لا أعظم من كلام الله ...

🔸 ويرد على هذا من كلام ابن القيم حيث قال في ( مفتاح دار السعادة ) :
وَلم يقسم في كتابه بِشَيْء من مخلوقاته أَكثر من السَّمَاء والنجوم وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَهُوَ سُبْحَانَهُ يقسم بِمَا يقسم بِهِ من مخلوقاته لتَضَمّنه الايات والعجائب الدَّالَّة عَلَيْهِ وَكلما كَانَ اعظم آيَة وأبلغ فِي الدّلَالَة كَانَ إقسامه بِهِ اكثر من غَيره وَلِهَذَا يعظم هَذَا الْقسم كَقَوْلِه {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم}

ب - أنه تعالى أقسم على أن كتابه قرآن كريم فقال ( إنه لقرآن كريم ) والضمير في إنه الأصل أن يعود على أقرب مذكور ، ومعلوم أن الضمير هنا المعني به هو القرآن ، ولم يسبق له ذكر فكان الأنسب أن تكون مواقع النجوم هي نزول القرآن ليعود الضمير على القرآن الذي نزل نجوما

🔸ويرد عليه بأن مرجع الضمير مفهوم معروف لوضوحه وشهرته وإن لم يذكر قبل ، وهو كقوله تعالى ( حتى توارت بالحجاب ) وكقوله ( كل من عليها فان ) فيفهم مرجع الضمير في كل منهما مع عدم ذكر الشمس في الأولى قبلها أو الأرض في الثانية لوضوح الأمر .

ج - أن المقسم عليه هنا هو أن كلام الله قرآن كريم ، وقد أقسم سبحانه بكتابه على صدق نبيه وصدق ما جاء به كقوله تعالى ( يس والقرآن الحكيم ، إنك لمن المرسلين ) ( حم والكتاب المبين ، إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ) وغيرها ... فالمقسم عليه في آيات الواقعة مشابه لما أقسم عليه في غيرها من المواضع فناسب ذلك أن يكون المقسم به كتاب الله ؛ فيقسم الله بكتابه على صدق ما جاء به نبيه وصدق كتابه وشرفه .
🔸 ويرد عليه بأنه تعالى كما أقسم بكتابه على صدق نبيه وصدق ما جاء به ، فقد أقسم بالسماء وأجرامها ونجومها على صدق نبيه كذلك ك ( والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى ) و ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ...)إلى ( إنه لقول رسول كريم )
والله أعلم .

توجيه الأقوال :
فيما يلي محاولة لتوجيه أقوال المفسرين الواردة في المسألة :
أولا : النجوم هي نجوم السماء :
1- مواقع النجوم هي منازلها وأفلاكها التي تسير فيها ...
مبنى هذا القول على المعنى اللغوي للكلمة وعلى وزنها الصرفي وما يحمله من معان ، فمواقع جمع موقع ، على وزن مفعِل ، اسم مكان ...
قال ابن منظور في لسان العرب : وقال الليث: الموقع موضع لكل واقع. تقول: إن هذا الشيء ليقع من قلبي موقعا، يكون ذلك في المسرة والمساءة.
قال ابن عاشور : ويطلق الوقوع على الحلول في المكان ، يقال: وقعت الإِبل، إذا بركت، ووقعت الغنم في مرابضها، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة ...
فيكون الموقع المحل والمنزل وتكون مواقع النجوم محال وجودها في السماء وخطوط سيرها وأفلاكها ومنازلها ... فهي مواقع محددة لها مضبوطة بنظام بديع ...
ويكون القسم هنا قسم بأفلاك النجوم والكواكب ومنازلها في السماء ... وهو كقسمه سبحانه في ( والسماء ذات البروج ) ...

2- مواقع النجوم مساقطها ومغايبها التي تغيب فيها ، وقيل مساقطها ومطالعها
وهذا القول له عدة وجوه :
أ- أن الوقوع أول ما يطلق يطلق على السقوط والهوي من علو ...
- قال ابن فارس في مقاييس اللغة :
وقع :الواو والقاف والعين أصل واحد يرجع إليه فروعه، يدل على سقوط شيء. يقال: وقع الشيء وقوعا فهو واقع. ومواقع الغيث: مساقطه.
فأصل اللفظ وضع لذلك ... ولذلك قالوا المواقع المساقط .

ب - أن موقع كما مر في القول السابق يكون اسم مكان و يجوز أن يكون اسم زمان كذلك ، ليدل بذلك على مكان وقوع النجوم وزمانه ... والوقوع كما يطلق على الحلول في المكان كما ورد في القول السابق ، فإنه يطلق كذلك على الهوي والسقوط ... فتكون مواقع النجوم مساقطها ...
وذلك يجمع بين مكان سقوطها فتكون مواقعها دالة على المغارب أي مواضع غروب النجوم والتي يستدل بها على الاتجاهات ، ؛ كما يدل على زمان هويها وسقوطها و الذي يستدل به على المواقيت ... وهو على هذا القول كالقسم في قوله تعالى ( والنجم إذا هوى ) الذي فسر بسقوط الثريا على الراجح .

-ووجه القول بأن المواقع تطلق على المساقط والمطالع أيضا أي على المغارب والمشارق فهو كما قال تعالى ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب ) ذلك أن مغرب نجم مرتبط بشروق غيره فكانت مواقع النجوم مغارب لبعض النجوم مشارق لأخرى ؛ ولذلك كانت العرب تقول في الأنواء إذا سقط الغارب ناء الطالع أي نهض وأشرق
والله أعلم

3- مواقع النجوم سقوطها وانكدارها وزوالها يوم القيامة
وتوجيه هذا القول اعتبار ( موقع ) مصدرا ميميا دالا على الوقوع وهو السقوط ؛ فيكون وقوع النجوم سقوطها وزوالها عن السماء حقيقة وذلك كائن يوم القيامة مصداقا لقوله تعالى ( وإذا النجوم انكدرت ) وانكدارها سقوطها وزوالها عن السماء.

4- أن مواقع النجوم هو رجمها للشياطين
ووجه هذا القول ما ورد من أن الوقوع هو السقوط ، فيكون وقوع النجوم أي سقوط شيء منها أو شهابها إتباعا للشياطين المسترقة السمع .
ومن قال بهذا القول بناه على اعتباره مشابها للمعنى المراد ب( والنجم إذا هوى ) والذي من معانيه انقضاض النجوم إثر الشياطين .

ثانيا : أنها نجوم القرآن
توجيه القول :
هذا القول مبني على أحد معاني كلمة ( نجم ) ؛ حيث يطلق النجم على القسط من الشيء من مال وغيره ؛ فيقال نجوم الديون والديات والغرامات ؛ فقالوا النجم الطائفة من آيات القرآن تنزل معا ...
وأصل هذا القول ما بينه ابن منظور في لسان العرب فقال : وأَصله أَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَجْعَلُ مطالعَ منازِل الْقَمَرِ ومساقِطَها مَواقيتَ حُلولِ دُيونِها وَغَيْرِهَا، فَتَقُولُ إِذا طَلَعَ النَّجْمُ: حلَّ عليك ما لي أَي الثُّرَيَّا، وَكَذَلِكَ بَاقِي الْمَنَازِلِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الأَهِلّةَ مَواقيتَ لِمَا يَحْتَاجُونَ إِليه مِنْ مَعْرِفَةِ أَوقات الْحَجِّ وَالصَّوْمِ ومَحِلِّ الدُّيون، وسَمَّوْها نُجوماً اعْتِبَارًا بالرَّسْمِ الْقَدِيمِ الَّذِي عَرَّفُوهُ واحْتِذاءً حَذْوَ مَا أَلفُوه وَكَتَبُوا فِي ذُكورِ حقوقِهم عَلَى النَّاسِ مُؤَجَّلة.

فصار النجم على ذلك مستعملا عندهم على ما قسط وتفرق ؛
ومنه قالوا جعلت ديني عليه نجوما ، أي يؤدى أقساطا مفرقة على مواقيت معلومة ، وكذلك نجم الدية أي أداها مفرقة نجما نجما أو قسطا قسطا .
ومنه أخذوا ( نجوم القرآن ) لنزوله على رسول الله نجوما متفرقة فكانت تنزل عليه في كل مرة الطائفة من الآيات .
- قال ابن الجوزي : فعلى هذا سميت نجوماً لنزولها متفرقة، ومواقعها: نزولها

▪وأما ما ورد من تخصيصه بمحكم القرآن فقد ذكر السندي وجها له فقال : (قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم). فاعتبر القول مبنيا على التشبيه .

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 5 ربيع الثاني 1439هـ/23-12-2017م, 01:39 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

إعادة التطبيق

المراد ب
" مواقع النجوم" في قوله تعالى :" فلا أقسم بمواقع النجوم"
اختلف أهل العلم على قولين
القول الأول
النجوم الكواكب المعروف
قال الأزهري قَالَ أَهلُ اللُّغَةِ: اسمُ النَّجْمِ يَجْمَعُ الكَوَاكِبَ كُلَّهَا.
قال ابن عطية وقال جمهور كثير من المفسرين : { النجوم } هنا : الكواكب المعروفة.
قال ابن الجوزي: نجوم السماء ، قاله الأكثرون .
قال ابن عاشور: والنَّجْمِ: الْكَوْكَبُ أَيِ الْجُرْمُ الَّذِي يَبْدُو للناظرين لَا مَعًا فِي جَوِّ السَّمَاءِ لَيْلًا.

ودليل هذا القول
- أنه هو المعنى المتبادر إلي الذهن من إطلاق لفظ النجم
.- ومما يقوي هذا القول أن النجوم أينما وردت في القران فالمراد بها النجوم والكواكب المعروفة .كقوله تعالى {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} وقوله {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ}

ثم اختلفوا في معنى" مواقعها" على أقوال

أولا: منازل النجوم
وهو قول قتادة

فمواقع النجوم مَنَازِلُهَا فِي السَّمَاءِ؛أي مواضعها من بروجها في السماء ومجاريها .فهو كقوله تعالى :{ والسماء ذات البروج}
قال ابن عاشور :... وبِمَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ الْوُقُوعِ، أَيْ مَحَالُّ وُقُوعِهَا مِنْ ثَوَابِتَ وَسَيَّارَةٍ." اهـ.
قال الشنقيطي:..وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنَازِلُهَا فِي السَّمَاءِ، لِأَنَّ النَّازِلَ فِي مَحِلٍّ وَاقِعٍ فِيهِ.

ومن حجة هذا القول
- أن القسم بها دليل عظم قدرته وحكمته ما لا يحيط به العقول
- قاله ابن عاشور ..." تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهَا لِدَلَالَةِ أَحْوَالِهَا عَلَى دَقَائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِظَامِ سَيْرِهَا وَبَدَائِعِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِيرِهَا.
- وقال الألوسي: والتخصيص لأن له تعالى في ذلك من الدليل على عظيم قدرته وكمال حكمته ما لا يحيط به نطاق البيان

توجيه القول
- وهذا القول مبني على أن مواقع جمع موقع وهو المحل؛ فموقع الشيء ما يوجد فيه.
قال الخليل بن أحمد: والمَوْقِعُ: موضِعٌ لكلّ واقع، وجمعُه: مَواقِعُ. اهـ
.
ثانيا: مساقط النجوم. ( .مغاربها)
وهو قول قتادة وابن جرير و الزجاج
عن قتادة {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. أي مساقطها.

قال البخاريُّ ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن.
قال أبو عبيدة" مواقع النّجوم مساقطها حيث تغيب.
قال الزجاج :ومواقع النجوم مساقطها،كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب}
وقال العينى: ومساقط النّجوم مغربها
قال القسطلانى (ويقال بمسقط النجوم إذا سقطن) بكسر قاف بمسقط أي بمغارب النجوم السمائية إذا غربن.

وحجة هذا القول: ما قاله ابن القيم : ..ومن حجة قول من قال هي مساقطها عند الغروب أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} وقال {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}

- ومن حجج هذا القول ما ذكره أهل العلم في وجه تخصيص القسم بمساقط النجوم..
قال القسطلاني قال في الأنوار: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره.

و قال الزمخشري."لعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالاً مخصوصة عظيمة ، أو للملائكة عبادات موصوفة ، أو لأنه وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين ، ونزول الرحمة والرضوان عليهم ؛ فلذلك أقسم بمواقعها.

قال ابن عاشور.."..وَجعل بِمَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُقْسَمًا بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَاقِطَ فِي حَالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَهَا تُذَكِّرُ بِالنِّظَامِ الْبَدِيعِ الْمَجْعُولِ لِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَا يَخْتَلُّ وَلَا يَتَخَلَّفُ، وَتُذَكِّرُبِعَظَمَةِ الْكَوَاكِبِ وَبِتَدَاوُلِهَا خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ الْقَسَمُ بِهِ الرَّاجِعُ إِلَى الْقَسَمِ بِمُبْدِعِهِ..

- وقال السعدي: أقسم تعالى بالنجوم ومواقعها أي : مساقطها في مغاربها ، وما يحدث الله في تلك الأوقات ، من الحوادث الدالة على عظمته وكبريائه وتوحيده.

توجيه القول:
وهذا القول مبناه على أن وقع يأتي بمعنى سقط؛ يقال وقع الشيء وقوعا:سقط. فمعنى "مواقع" اسم مكان وقع..
(الْموقع) مَكَان الْوُقُوع يُقَال وَقع الشَّيْء موقعه
كما يقال (مَوَاقِعُ) الْغَيْثِ مَسَاقِطُهُ..
قال ابن القيم :..أن لفظ مواقع تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع وهو السقوط فلكل نجم موقع وجمعها مواقع


وقيل {مطالعها و مساقطها؛} أي مغاربها و مشارقها
- وهو قول مجاهد
عن مجاهد قال يعني بمواقع النجوم في السماء ويقال أيضا مطلعها ومساقطه..
وفى كلام مجاهد إضافة " مطالع النجوم " أي مشارقها ..ولا يختلف قوله مع قول قتادة لأنه لا خلاف أن للنجوم مشارق مطالع و مغارب . وهو كقوله تعالى: { فلا أقسم برب المشارق و المغارب}...فكل من المشارق و المغارب يصح إطلاق المساقط عليها

قال الرازي : فيه وجوه ( الأول ) المشارق والمغارب أو المغارب وحدها ، فإن عندها سقوط النجوم.

وحجة هذا القول أن غروب النجوم وطلوعها آية عظيمة تدل على عظم خلق الله.

قال البقاعي: ....الدال بغروب الكواكب على القدرة على الطي بعد النشر والإعدام بعد الإيجاد ، وبطلوعها الذي يشاهد أنها ملجأة إليه إلجاء الساقط من علو إلى سفل لا يملك لنفسه شيئاً
قال ابن عثيمبين: وقيل : المراد بمواقع النجوم مواقع الطلوع والغروب ؛ لأن مواقع غروبها إيذان بالنهار ، ومواقع طلوعها إيذان بالليل ، وتعاقب الليل والنهار من آيات الله العظيمة الكبيرة التي لا يقدر عليها إلا الله - عز وجل - فيكون الله تبارك وتعالى أقسم بما يدل على إقبال الليل وإدباره.

وقد يقال أن مجاهد أضاف مطالع من الآية. من كلمة النجوم لأن لفظة النجم تدل على طلوعه
جاء في مقاييس اللغة :
(نَجَمَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى طُلُوعٍ وَظُهُورٍ. وَنَجَمَ النَّجْمُ: طَلَعَ. اهـ

ثالثا:إنكدار النجوم و انتثارها عند قيام السّاعة
وهو قول قتادة
وجه تخصيص ذلك اليوم..قال الألوسي :..والتخصيص لما في ذلك من ظهور عظمته عز وجل وتحقق ما ينكره الكفار من البعث.
توجيه
وهذا القول مبني على أن مواقع مصدر ميمي من وقع فهو نفس الوقوع.؛ أو اسم زمان.
فيكون المراد بمواقع النجوم سقوطها و ذهابها وقت قيام الساعة كما قال تعالى :{ وإذا النجوم انكدرت}؛ وكما قال {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ}

رابعا: أن مواقع النجوم الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا : مطرنا بنوء كذا .
نسبه الماوردي – وهذه عبارته - والقرطبي وابن كثير إلى الضحاك
قال الألوسي:..وليس نصاً في إرادة الأنواء بل يجوز عليه أن يراد المغارب مطلقاً .
لم أجد له توجيها
خامسا
- وقيل : مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت ذكره ابن عطية. وأبو حيان ولم ينسباه إلى أحد
وعبر عنه الرازي بقوله.. مواقعها في إتباع الشياطين عند المزاحمة وهو أيضا لم ينسبه إلى أحد
وعبر عنه الخازن بقوله:."وقيل مواقعها في إتباع الشياطين عند الرجم."

ولعل هذا القول يحمل على ما جاء من قوله تعالى :" قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ }
وَقَالَ: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ .}

القول الثاني

المراد بالنجوم: نجوم القران.....لأن نجم يطلق على القسط من الشيء ويقال نجّمت الشيء إذا جعله أقساطا .
وهو قول ابن عباس ؛ وعكرمة وابن عطية
فالمراد بالنجوم نجوم القران و بالمواقع أوقات نزوله..لأن الله أنزل القران على نجوما أي مفرقا أنزله آية بعد أية.
قال ابن عباس بمواقع النجوم نجوم القرآن وذلك أنه نزل القرآن إلى السماء الدنيا جميعه جملة واحدة ثم نجم على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وأكثر. اهـ
قال البيضاوي و أبو السعود: وقيل النجوم نجوم القرآن ومواقعها أوقات نزولها.
قال ابن القيم :فقيل هي آيات القرآن ومواقعها نزولها شيئاً بعد شيء.

وعلى كلام ابن القيم يكون المراد المواقع هو نفس النزول
ودليل هذا القول
-السياق وهو ما ذكر على إثره : { إنه لقرآن كريم } { في كتاب مكنون } [ الآيتان : 77 و78 ] .
قال الزجاجوقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذاالقول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}اهـ.
فعاد الضمير على ما يفهم من قوله: { بمواقع النجوم } ، أي نجوم القرآن ؛حتى يكاد يعدّ كالمذكور صريحاً ولا يحتاج إلى أن يقال يفسره السياق كما في سائر الأقوال .
قال ابن عطية: (ويؤيد هذا القول عود الضمير على القرآن في قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، وذلك أن ذكره لم يتقدم إلا على هذا التأويل، ومن لا يتأول بهذا التأويل يقول: إن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى: {حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ} ، {وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} .

وهذا القول مبنى على النجم يطلق على الوقت المضروب
جاء في لسان العرب
والنَّجْمُ: الوقتُ الْمَضْرُوبُ، وَبِهِ سُمِّيَ المُنَجِّم. ونَجَّمْتُ المالَ إِذا أَدَّيته نُجوماً؛ قَالَ زُهَيْرٌ فِي دياتٍ جُعِلت نُجوماً عَلَى الْعَاقِلَةِ:
يُنَجِّمُها قومٌ لقَوْمٍ غَرامةً، ... وَلَمْ يُهَرِيقُوا بينَهم مِلءَ مِحْجَمِ
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: واللهِ لَا أَزيدُك عَلَى أَربعة آلافٍ مُنَجَّمةٍ
؛ تَنْجِيمُ الدَّينِ: هُوَ أَن يُقَدَّرَ عَطَاؤُهُ فِي أَوقات مَعْلُومَةٍ متتابعةٍ مُشاهرةً أَو مُساناةً، وَمِنْهُ تَنْجِيمُ المُكاتَب ونُجُومُ الكتابةِ. اهـ
وأصل هذا القول أن الْعَرَب كَانَت تجْعَل مطالع منَازِل الْقَمَر ومساقطها، مواقيتَ لحلول ديونها، فَتَقول: إِذا طلع النَّجْم، وَهُوَ الثُّريا، حلَّ لي عَلَيْك مَالِي، وَكَذَلِكَ سائرُها فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام جعل الله جلَّ وعزَّ الأهِلَّةَ مَوَاقِيت لما يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من معرفَة أوقاتِ الْحَج والصَّوم، ومَحِلِّ الدُّيُون، وسموها نجوماً فِي الدُّيُون المنَجَّمة وَالْكِتَابَة اعْتِبَارا بالرسم الْقَدِيم الَّذِي عرفوه، واحتذاءً حَذْوَ مَا أَلِفوه..فأصبح النجم يطلق على الْوَقْت الَّذِي يحل فِيهِ الدّين وَنَحْوه. يُقَال: نجمت الدّين تنجيما إِذا جعلته على المداين نجوما.. ، ثُمَّ نُقِلَ للوَظِيفَةِ الَّتِي تُؤدَّى فِي الوَقْتِ المَضْرُوبِ.

جاء في المصباح المنير....وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْوَقْتَ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ الْأَدَاءُ نَجْمًا تَجَوُّزًا لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالنَّجْمِ ثُمَّ تَوَسَّعُوا حَتَّى سَمَّوْا الْوَظِيفَةَ نَجْمًا لِوُقُوعِهَا فِي الْأَصْلِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَطْلُعُ فِيهِ النَّجْمُ اهـ.

وجاء عن ابن عباس مستقرّ الكتاب أوّله وآخره
وهذا القول لا يخرج عما سبق ذكره ذلك...
ولعل مراد ابن عباس بقوله مستقر الكتاب أوله و آخره هو منازل القران .
فمنازل القرآن هي في السماء الدنيا التي نزل إليها من أعلى واستقر فيها ،ثم أخذ ينزل منها منجما حسب الأحداثوالوقائع
قال مقاتل بن سليمان ..{فلا أقسم بمواقع النجوم } آية يعني بمساقط النجوم من القرآن كله أوله وآخره في ليلة القدر نزل من اللوح المحفوظ من السماء السابعة إلى السماء الدنيا إلى السفرة ، وهم الكتبة من الملائكة نظيرها في عبس وتولى :{ بأيدي سفرة كرام بررة } الآية.

وقد وجدت أثرا رواه ابن عبد البر . ما قد يوضح معنى منازل القران -وقد بحث على تخريجه فلم أعثره عليه حسب مما تيسر لدي من مراجع-
- قال أبو عمر : روي عن عكرمة في قول الله- عز وجل- : { فلا أقسم بمواقع النجوم } ، قال : القرآن نزل جملة واحدة ، فوضع مواضع النجوم ، فجعل جبريل- عليه السلام- ينزل بالآية والآيتين . وقال غيره : { بمواقع النجوم } : بمساقط نجوم القرآن كلها أوله وآخره.، ومن الحجة لهذا القول قوله- عز وجل- : { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرءان كريم }-الآيات .اهـ
فقول عكرمة هذا يفهمه منه أن كل القران أوله ,آخره نزل جملة واحدة ، فوضع مواضع النجوم. في السماء الدنيا .
فيكون معنى منازل القران مواضع في السماء الدنيا وضع موضع النجوم .والله أعلم
وعلى هذه الأقوال كلها يكون المراد بنجوم القران..الآيات القرآنية أو الأقساط القرانية النازلة المتفرقة ؛ والمراد بمواقعه إما هو وقت نزوله أو هو نفس النزول أو هو منازل في السماء الدنيا والله أعلم

و عن ابن مسعود ومجاهد "مواقع النجوم" محكم القران وهو القول الذي اختاره الإمام البخاري.
قال البخاري :
و قال القَسْطَلاَّنيُّ : ( بمواقع النجوم) أي (بمحكم القرآن) ويؤيده {وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم.}
ومبنى هذا القول ما قاله محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم

والله تعالى أعلم.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 5 ربيع الثاني 1439هـ/23-12-2017م, 05:47 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم المرحلة الثالثة من المراجعة على دروة مهارات التفسير المتقدّمة
جمع تعليقات أهل العلم - جمع الحجج والاعتراضات - توجيه أقوال المفسّرين


هذه المرحلة من المراحل المهمّة جدا للباحث، وفيها يتمّ توجيه الأقوال، والتعرّف على مبناها، والنظر في المعنى الجامع بينها، استعدادا لمرحلة الترجيح بين الأقوال.
في مرحلة توجيه الأقوال قد يعيد الباحث النظر في بعض التقسيمات التي قام بها سابقا للأقوال، وإعادة ترتيبها وتصنيفها، حين يظهر له الاتّفاق بين بعضها، وملاءمة بعضها لتصنيفات أخرى.

وصايا وتنبيهات:

- أول خطوة في توجيه الأقوال هو توجيه القولين في المراد بالنجوم في الآية، ثم تأمّل مباني الأقوال التي تفرّعت عن كل قول منهما، هل هذه المعاني مما يحتمله اللفظ؟ وهل هناك ما يشهد لهذا المعنى؟
وحقيقة فإن هذه المسألة قد أعطت مثالا رائعا لسعة وتنوّع معاني القرآن، وكل معنى منها جدير بالوقوف والتأمّل.
- عدم العثور على نسبة للقول عن السلف لا يحكم بردّه، فإن القول قد يكون صحيح المعنى وإن لم يصحّ سندا، وقد يكون القول مما يذكره المفسّرون اجتهادا وقياسا لأنه مما يشمله المعنى وإن لم يؤثر عن السلف ابتداء، ومنه قول "انقضاضها إثر الشياطين".
وهذا المذهب غالبا ما يتعلّق بالأقوال التي تحتملها معاني الألفاظ وأساليب الآيات، أما في الأقوال المتعلّقة بالعقائد والأحكام فإن التثبّت من صحة النسبة أمر حتميّ أثناء الترجيح بين الأقوال.
- في القول الثاني وهو أن يراد بالنجوم نجوم القرآن، فقد وردت فيه أقوال في بعضها إشكال، هل قول المفسّر يحتمل أن يراد به المواقع أم يراد به النجوم، وهذا ما حصل مع قول ابن مسعود رضي الله عنه.
ومن الأمور التي يجب أن ينتبه إليها جيدا أنه يجب حمل ألفاظ القرآن على حقيقتها وظواهرها، وعدم حملها على المجاز والتشبيه، لذلك لا يقبل توجيه السندي -رحمه الله- في توجيه قول ابن مسعود "بمحكم القرآن" أنه تشبيه لمعاني القرآن بالنجوم اللامعة.
أيضا قول ابن عباس: "فوضع بموقع النجوم" يمكن حمله على ظاهره، وهو أن يراد به موقع القرآن في السماء الدنيا بعد نزوله إليها جملة في ليلة القدر.

- وقد ورد قولان عن ابن عباس وعن ابن مسعود رضي الله عنهما:
فأما قول ابن عباس فهو مستفاد من عدة روايات بألفاظ مختلفة، مؤدّاها واحد وهو القسم بمنازل القرآن، وما قيل في المواقع في القول الأول (أعني نجوم السماء) هو ذاته ما يقال في قول ابن عباس، فتحتمل لفظة المواقع معنى النزول وأماكن النزول وأزمنة النزول سواء في السماء أو في الأرض.
أما قول ابن مسعود: "بمحكم القرآن" فالظاهر أنه يقصد أن مواقع النجوم هي محكم القرآن لا أن النجوم هي محكم القرآن، وابن مسعود كان يقرأ بالإفراد "بموقع النجوم" ويفسّره بمحكم القرآن، ومراعاة قراءة المفسّر من الأمور المهمّة في توجيه قوله، فما معنى أن يكون محكم القرآن هو موقع النجوم؟
المحكم من القرآن ضد المتشابه منه،
والموقع قد يراد به أصل الشيء الذي يوقع فيه، فالظاهر أن محكم القرآن هو موقع الآيات التي نزلت منجّمة، أي هو أصلها، كقوله تعالى: {فيه آيات محكمات هنّ أم الكتاب} أي أصله ومعظمه، وهذا توجيه شيخنا -حفظه الله-، ويكون القول من باب إضافة البعض إلى الكل.

ومثله القول المنسوب للضحّاك بأن مواقع النجوم هي الأنواء، فإنه قد يراد به مساقط الأنواء ومطالعها، فإن الأنواء نجوم خاصّة، وقد يراد بالمواقع الأنواء نفسها، فتكون الأنواء مواقع القطر الذي ينزل منجّما على الأرض، أي أصله.
فهذا توجيهه من جهة اللغة، أما ثبوت القول ومعرفة مناسبته فينظر فيما ورد في سبب نزول الآيات، وهل هذا القول مبناه ما ورد في سبب النزول، أو أنه مما يشمله لفظ الآية.


التقويم:
رضوى محمود

أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.

هناء محمد علي
أحسنت وأجدت وأفدت، بارك الله فيك وزادك هدى ونورا.

عقيلة زيان
أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.


وأرجو أن تفيدكم التعليقات أعلاه، وتعديل ما يلزم، سدّد الله خطاكم وبارك مسعاكم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 9 رجب 1439هـ/25-03-2018م, 03:19 AM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تسليم المجلس الثالث
المراد بمواقع النجوم
اختلف أهل التفسير في المراد بالنجوم التي أقسم الله بمواقعها في هذه الآية على قولين هما نجوم السماء ونجوم القرآن ثم اختلفوا في مواقعها على أقوال :
وفيما يلي بيان للمراد بالنجوم والمراد بمواقعها :
المراد بالنجوم ومواقعها :
القول الأول:
المراد بالنجوم نجوم السماء
ويدخل في هذا القول من قال المراد الأنواء لأن الأنواء هي النجوم
التعليقات :
قال ابن عطية الأندلسي في المحرر الوجيز : وقال جمهور كثير من المفسرين: النُّجُومِ هنا: الكواكب المعروفة.
قال ابن الجوزي في زاد المسير :وفي «النجوم» قولان: أحدهما: نجوم السماء، قاله الأكثرون.
توجيه القول :-
هذا القول مبني على المعنى المشتهر المعروف في لغة العرب من أن المراد بالنجوم نجوم السماء وعلى هذا القول أكثر المفسرين كما ذكر ابن الجوزي وهو المتبادر للذهن
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ): وَإِطْلَاقُ النَّجْمِ مُرَادًا بِهِ النُّجُومَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ:
ثُمَّ قَالُوا تُحِبُّهَا قُلْتُ بَهْرًا ... عَدَدَ النَّجْمِ وَالْحَصَى وَالتُّرَابِ
وَقَوْلُ الرَّاعِي:
فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ فِي مُسْتَحِيرَةٍ ... سَرِيعٍ بِأَيْدِي الْآكِلِينَ جُمُودُهَا
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَمَعْنَى هُوِيِّ النُّجُومِ سُقُوطُهَا إِذَا غَرَبَتْ أَوِ انْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
•ويدخل في هذا القول من قال المراد الأنواء لأن الأنواء هي النجوم فمواقع النجوم هي الأنواء وقد يراد بها مساقط الأنواء ومطالعها وقد يراد بالمواقع الأنواء نفسها، فتكون الأنواء مواقع القطر الذي ينزل منجّما على الأرض وقد ذكر ابن الأثير الجزري في جامع الأصول أن سبب نزول هذه الآية عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكرٌ، ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فنزلت: هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النّجوم (75) وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ (76) إنّه لقرآنٌ كريمٌ (77) في كتابٍ مكنونٍ (78) لا يمسّه إلّا المطهّرون (79) تنزيلٌ من ربّ العالمين (80) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}
وعلى هذا القول يكون المراد بمواقعها :
القول الأول:
منازل النجوم ،وهذا القول مروي عن قتادة ومجاهد
توجيه القول :
التوجيه :
المراد بمواقع النجوم منازل النجوم لأن مواقع جمع موقع والموقع مكان الوقوع و
يراد بالمواقع الوقوع بمعنى الحلول في المكان
الحجج والاعتراضات :
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير :وبِمَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ الْوُقُوعِ، أَيْ مَحَالُّ وُقُوعِهَا مِنْ ثَوَابِتَ وَسَيَّارَةٍ.
وَيُطْلَقُ الْوُقُوعُ عَلَى الْحُلُولِ فِي الْمَكَانِ، يُقَالُ: وَقَعَتِ الْإِبِلُ، إِذَا بَرَكَتْ، وَوَقَعَتِ الْغَنَمُ فِي مَرَابِضِهَا، وَمِنْهُ جَاءَ اسْمُ الْوَاقِعَةِ لِلْحَادِثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْمَوَاقِعُ: مَحَالُّ وُقُوعِهَا وَخُطُوطُ سَيْرِهَا فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [الْبُرُوجِ: 1] .
وَالْمَوَاقِعُ هِيَ: أَفْلَاكُ النُّجُومِ الْمَضْبُوطَةِ السَّيْرِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَكَذَلِكَ بُرُوجُهَا وَمَنَازِلُهَا.
وَذِكْرُ (مَوَاقِعِ النُّجُومِ) عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهَا لِدَلَالَةِ أَحْوَالِهَا عَلَى دَقَائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِظَامِ سَيْرِهَا وَبَدَائِعِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِيرِهَا.
القول الثاني:
مساقطها وهذا القول مروي عن قتادة
التعليقات :
قال البغوي في معالم التنزيل : وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَرَادَ مَغَارِبَ النُّجُومِ وَمَسَاقِطَهَا.
توجيه القول :
المراد بمواقع النجوم مساقطها وحجة هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإن مفاعل من الوقوع وهو السقوط ورجح هذا القول الطبري وذكر أنه الأظهر من معانيه وأستدل عليه الزجاج بقوله (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ)
الحجج والإعتراضات :
قال البخاري في صحيحه :ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ
قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.
قال الزجاج: ومواقع النجوم مَسَاقِطُها.كما قال - عزَّ وجلَّ - (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ).
ومن حجة قول من قال هي مساقطها عند الغروب أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} وقال {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} ويرجح هذا القول أيضاً أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} وقوله {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ}
ومن قرأ بموقع النجوم على الأفراد فلدلالة الواحد المضاف إلى الجمع على التعدد والمواقع اسم جنس والمصادر إذا اختلفت جمعت وإذا كان النوع واحداً أفردت قال تعالى (19:31 إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} فجمع الأصوات لتعدد النوع وأفرد صوت الحمير لوحدته فإفراد موقع النجوم لوحدة المضاف إليه وتعدد المواقع لتعدده إذ لكل نجم موقع
- قال أحمدُ القَسْطَلاَّنيُّ في إرشاد الساري : ويقال بمسقط النجوم إذا سقطن) بكسر قاف بمسقط أي بمغارب النجوم السمائية إذا غربن. قال في الأنوار: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره
قال الطاهر بن عاشورفي التحرير والتنوير : وَالْوُقُوعُ يُطْلَقُ عَلَى السُّقُوطِ، أَيِ الْهَوَى، فَمَوَاقِعُ النُّجُومِ مَوَاضِعُ غُرُوبِهَا فَيَكُونُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى [النَّجْم: 1] وَالْقَسَمُ بِذَلِكَ مِمَّا شَمِلَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ [المعارج: 40] . وَجعل بِمَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُقْسَمًا بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَاقِطَ فِي حَالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَهَا تُذَكِّرُ بِالنِّظَامِ الْبَدِيعِ الْمَجْعُولِ لِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَا يَخْتَلُّ وَلَا يَتَخَلَّفُ، وَتُذَكِّرُبِعَظَمَةِ الْكَوَاكِبِ وَبِتَدَاوُلِهَا خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ الْقَسَمُ بِهِ الرَّاجِعُ إِلَى الْقَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.
وَذِكْرُ (مَوَاقِعِ النُّجُومِ) عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهَا لِدَلَالَةِ أَحْوَالِهَا عَلَى دَقَائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِظَامِ سَيْرِهَا وَبَدَائِعِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِيرِهَا.
القول الثالث:
مطالعها ومساقطها وهذا القول مروي عن مجاهد
التعليقات :
ماذكر في مغربها يقال هنا وهذا القول قريب مما سبق لكن فيه إضافة المطالع
القول الرابع :
انتثار النّجوم عند قيام السّاعة وهذا القول مروي عن الحسن وقتادة
توجيه القول وذكر الحجج عليه :
المراد بمواقع النجوم مساقطها يوم القيامة ومما يؤيد هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإن مفاعل من الوقوع والسقوط
قال ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن :وقيل مواقعها انتشارها وانكدارها يوم القيامة وهذا قول الحسن ومن حجة هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع وهو السقوط فلكل نجم موقع وجمعها مواقع
ومن اللطائف التي ذكرها ابن القيم المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه حيث قال :
وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النجوم في القسم وبين المقسم عليه وهو القرآن من وجوه:
· أحدها :أن النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والغي فتلك هداية في الظلمات الحسية وآيات القرآن في الظلمات المعنوية فجمع بين الهدايتين
· مع ما في النجوم من الرجوم للشياطين وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجن
· والنجوم آياته المشهودة المعاينة والقرآن آياته المتلوة السمعية مع ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول


القول الثاني :
المراد بالنجوم نجوم القرآن
ذكر التعليقات والحجج و الإعتراضات :
قال إبراهيم الزجاج في (معاني القرآن وإعرابه):
وقيل إن مواقعِ النجومِ يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نُجُوماً شيئاَ بَعْدَ شَيءٍ
ودليل هذا القول (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77).
قال مكي بن أبي طالب في الهداية:
أي: وأن هذا القسم عظيم لو تعلمون ذلك.
أي: أقسم بمواقع النجوم وهو القرآن أن هذا القرآن لقسم عظيم لو تعلمون ذلك أنه لقرآن كريم، والهاء " في " " إنه " من ذكر القرآن
قال ابن عطية في المحرر الوجيز :ويؤيد هذا القول عود الضمير على القرآن في قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، وذلك أن ذكره لم يتقدم إلا على هذا التأويل، ومن لا يتأول بهذا التأويل يقول: إن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: 32] ، وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ [الرحمن: 26] وغير ذلك.
قال ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير:
والثاني: أنها نجوم القرآن، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس فعلى هذا سميت نجوماً لنزولها متفرقة، ومواقعها: نزولها

- قال ابن حجرٍ العَسْقَلانيُّ في فتح الباري :وعند عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله بمواقع النّجوم قال بمنازل النّجوم قال
وقال الكلبيّ هو القرآن أنزل نجومًا انتهى ويؤيّده ما أخرج النّسائيّ والحاكم من طريق حصينٍ عن سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ قال نزل القرآن جميعًا ليلة القدر إلى السّماء ثمّ فصّل فنزل في السّنين وذلك قوله فلا أقسم بمواقع النّجوم
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ في الدر المنثور:
{فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم}).
قال ابن منظور في لسان العرب:
والنجم الوقت المضروب وبه سمي المنجم ونجمت المال إذا أديته نجوما قال زهير في ديات جعلت نجوما على العاقلة ينجمها قوم لقوم غرامة ولم يهريقوا بينهم ملء محجم وفي حديث سعد والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة تنجيم الدين هو أن يقدر عطاؤه في أوقات معلومة متتابعة مشاهرة أو مساناة ومنه تنجيم المكاتب ونجوم الكتابة وأصله أن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها فتقول إذا طلع النجم حل عليك مالي أي الثريا وكذلك باقي المنازل فلما جاء الإسلام جعل الله تعالى الأهلة مواقيت لما يحتاجون إليه من معرفة أوقات الحج والصوم ومحل الديون وسموها نجوما اعتبارا بالرسم القديم الذي عرفوه واحتذاء حذو ما ألفوه وكتبوا في ذكور حقوقهم على الناس مؤجلة وقوله عز وجل فلا أقسم بمواقع النجوم عنى نجوم القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم آية آية وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة ونجم عليه الدية قطعها عليه نجما نجما عن ابن الأعرابي وأنشد ولا حمالات امرئ منجم ويقال جعلت مالي على فلان نجوما منجمة يؤدي كل نجم في شهر كذا وقد جعل فلان ماله على فلان نجوما معدودة يؤدي عند انقضاء كل شهر منها نجما.
قال محمد الطاهر الطاهر بن عاشور التونسي في التحرير والتنوير :
وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ تَأَوَّلَ النُّجُومَ أَنَّهَا جَمْعُ نَجْمٍ وَهُوَ الْقِسْطُ الشَّيْءُ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ كَمَا يُقَالُ: نُجُومُ الدِّيَاتِ وَالْغَرَامَاتِ وَجَعَلُوا النُّجُومَ، أَيِ الطَّوَائِفَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ فَيُؤَوَّلُ إِلَى الْقَسَمِ بِالْقُرْآنِ عَلَى حَقِيقَتِهِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا [الزخرف: 2، 3]
قال محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن:
أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي وَأَقْرَبُهَا لِلصَّوَابِ فِي نَظَرِي - أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى هُنَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَبِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فِي الْوَاقِعَةِ هُوَ نُجُومُ الْقُرْآنِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْمَلَكُ نَجْمًا فَنَجْمًا، وَذَلِكَ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى الَّذِي هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَقٍّ وَأَنَّهُ مَا ضَلَّ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى - مُوَافِقٌ فِي الْمَعْنَى لِمَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ إِلَى قَوْلِهِ: تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [56 \ 77 - 80] .
وَالْإِقْسَامُ بِالْقُرْآنِ عَلَى صِحَّةِ رِسَالَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى صِدْقِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنَ اللَّهِ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [36 \ 1 - 5] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى: حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [43 \ 1 - 4] ، وَخَيْرُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْقُرْآنُ الْقُرْآنُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ كَوْنَ الْمُقْسَمِ بِهِ الْمُعَبَّرِ بِالنُّجُومِ هُوَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ - أَنْسَبُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [56 \ 76] ، لَأَنَّ هَذَا التَّعْظِيمَ مِنَ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَقْسَمَ بِهِ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ أَنْسَبُ لِذَلِكَ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ وَنَجْمِ الْأَرْضِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى

التوجيه :
· هذا القول مروي عن السلف من الصحابة والتابعين ومستنده إلى معنى النجم في لغة العرب لأن من معاني النجم الجزء والقسط وارتبط هذا المعنى بالنجم لأن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها فتقول إذا طلع النجم حل عليك مالي ،والمراد هنا نجوم القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة فنزل مقسطاً منجما.
· مما يؤيد هذا المعنى مناسبة السياق من بعده وقد ذكر الزجاج أن المراد نجوم القرآن وذكر أن دليل هذا القول السياق من بعده (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) ومما لاشك فيه أن القرآن أعظم من النجوم
· مما يحتج به القائلين أن المراد نجوم القرآن عود الضمير فقد ذكر مكي بن أبي طالب وابن عطية أن الضمير في قوله (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم*إنه لقرآن كريم ) عائد على القرآن
· من عادة القرآنأن يقسم بالقرآن على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى:( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [36 \ 1 - 5] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [43 \ 1 - 4] وأفضل مايفسر به القرآن القرأن ذكر هذا المعنى الشنقيطي ورجحه
· مما يؤيد هذا القول ما أخرجه النّسائيّ والحاكم من طريق حصينٍ عن سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ قال نزل القرآن جميعًا ليلة القدر إلى السّماء ثمّ فصّل فنزل في السّنين وذلك قوله فلا أقسم بمواقع النّجوم ونقله ابن حجر في فتح الباري

ثم أختلف العلماء في المراد بمواقع القرآن على قولين :
القول الأول :
منازل القرآن أي :نزول القرآن شيئاً بعد شيء وهذا القول مروي عن ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير ورواه عبد الرزاق عن معمر والكلبي
التعليقات :
أورد جَلاَلُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ في الدر المنثور عن ابن عباس أنه قال : إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم}).

توجيه القول :
هذا القول مبني على أن من معاني النجم القسط فيكون المراد أجزاء القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم آية آية وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة ونجم عليه الدية قطعها عليه نجما نجما
القول الثاني:
محكم القرآن وهذا القول مروي عن عبد الله بن مسعود ومجاهد
التعليقات :
قال الفراء في معاني القرآن : فَلَا أُقْسِمُ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، قَالَ: بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه نُجُومًا وقوله: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) يدل عَلَى أَنَّهُ القرآن.
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ في حاشية السندي على البخاري: (قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم)
توجيه القول :
المقصد من هذا القول تشبيه معاني القرآن المحكمة بالنجوم الساطعة فالمعاني المحكمة لما فيها من الإحكام والكمال والجمال صارت بمثابة النجوم المضيئة
ويدخل في هذا القول مارواه ابن جرير عن ابن عباس من أن المراد بمواقع النجوم مستقر الكتاب أوله وآخره
ومن الأقوال في المراد بمواقع النجوم :
· مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت ذكره ابن عطية بدون سند وهذا القول يدخل في المعاني المرادة من الآية لأنه لايعارضها

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مراجعة, تطبيقية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir