دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > لمعة الاعتقاد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 ذو القعدة 1429هـ/1-11-2008م, 12:01 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي صفة اليدين

وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {بَل يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة: 64]


  #2  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 05:11 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

(2) الصفةُ الثانيَةُ: اليدانِ.

اليدانِ مِنْ صفاتِ اللهِ الثابِتَةِ لهُ بالكتابِ والسنَّةِ وإجماعِ السَّلَفِ .
قالَ اللهُ تعالَى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائِدَة:64]

وقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((يَمِينُ اللهِ مَلأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ والنَّهَارَ )) إلى قولِهِ : ((بِيَدِهِ الأُخْرَى القَبْضُ ، يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ )) رواهُ مُسْلِمٌ والبخاريُّ بمعناهُ(1).

وأجْمَعَ السلَفُ على إثباتِ اليدَيْنِ للهِ ، فيجِبُ إثباتُهُما لهُ بدونِ تَحْرِيفٍ ولا تَعْطِيلٍ ، ولا تَكْييفٍ ولا تَمثيلٍ ، وَهُمَا يدانِ حقيقيَّتَانِ للهِ تعالَى يَلِيقَانِ بِهِ .

وقدْ فَسَّرَهُما أهلُ التعطيلِ بالنِّعْمَةِ أو القُدْرَةِ ونحوِها ، ونَرُدُّ عليهم بما سبَقَ في القاعِدَةِ الرابِعَةِ ، وبوجهٍ رابِعٍ : أنَّ في السياقِ ما يَمْنَعُ تفسيرَهما بذلكَ قطعًا ، كقولِهِ تعالَى : {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] ، وقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْقَبْضُ)) .

الأوجهُ التي وَرَدَتْ عليها صِفَةُ اليديْنِ، وكيفَ نُوَفِّقُ بينَها:

الأولُ: الإفرادُ كقولِهِ تعالَى : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [المُلْك:1]

الثاني: التثنِيَةُ كقولِهِ تعالَى :{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائِدَة:64] .
الثالثُ: الجمْعُ كقولِهِ تعالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس:71] .
والتوفيقُ بينَ هذه الوجوهِ أنْ نقولَ:
الوجهُ الأولُ مُفْرَدٌ مُضافٌ ، فيَشْمَلُ كلَّ ما ثَبَتَ للهِ منْ يَدٍ ولا يُنَافِي الثِّنْتَيْنِ ، وأمَّا الجمعُ فهو للتعظيمِ لا لحقيقةِ العددِ الذي هوَ ثلاثةٌ فأكْثَرُ ، وحينَئِذٍ لا يُنَافِي التثنيَةَ ، على أنَّهُ قدْ قِيلَ : إنَّ أقَلَّ الجمعِ اثنان ، فإذا حُمِلَ الجمْعُ على أقَلِّهِ فلا مُعَارَضَةَ بينَهُ وبينَ التثنيَةِ أصلاً(2) .

حاشية الشيخ صالح العصيمي حفظه الله :
(2) والأولى اعتماد ما قبله وترك التعويل على ما قيل : إن أقل الجمع اثنان ؛ لئلا يتوهم ضعف الحجة بالركون إلى مختلَفٍ فيه.


  #3  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 05:43 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ ابن جبرين

ثمَّ الآيَةُ الثَّانيَةُ قولُهُ تَعَالَى : {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:64] ، فيها إثباتُ صفةِ اليَدَيْنِ ، وهيَ أيضًا صِفَةٌ ذاتيَّةٌ ، ذَكَرَهَا اللهُ تَعَالَى بِالتَّثْنِيَةِ في هذا الموضعِ، وَذَكَرَهَا بالتثنيَةِ في موضعٍ آخرَ ؛ في قولِهِ تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] ، وَذَكَرَهَا بصفةِ الجمعِ ، ولكنْ معَ ضَمِيرِ الجمعِ في قولِهِ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدينَا أَنْعَامًا} [يس:71] ، وبصفةِ الإفرادِ في قولِهِ تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [تبارك:1] ، {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آلُ عمران:26] ، وَذَكَرَهَا بلفظِ يَمِينٍ في قولِهِ تَعَالَى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزُّمَر:67] ، هذا في القرآنِ.

والسُّنَّةُ المُتَوَاتِرَةُ الَّتي فيها ذِكْرُ اليَدِ أو اليَدَيْنِ أوْ نحوَ ذلكَ كثيرةٌ .
وكثيرًا ما يَحْلِفُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقولِهِ : ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ )) في عَشَرَاتِ الأحاديثِ.
وفي الحديثِ قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( نَاصِيَتِي بِيَدَيْكَ )) ، كذلكَ قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ )) .
وهكذا في قولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( يَمِينُ الرَّحْمنِ مَلأَى سَحَّاءُ)) ، إلى أنْ قَالَ: (( وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ )) ، وذَكَرَ قَبْضَهُ للمخلوقاتِ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((يَقْبِضُ اللهُ الأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟)) .
وفي روايَةٍ: (( ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ ثُمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ )) .
والأحاديثُ كثيرةٌ في ذلكَ ، وَأَوْرَدَ كثيرًا منها ابنُ كَثِيرٍ عندَ تَفْسِيرِ قولِهِ تَعَالَى : {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزُّمَر:67] مِمَّا يَدُلُّ على ثُبُوتِ هذهِ الصِّفةِ .
والطَّريقُ فيها أَيْضًا الطَّريقُ في سائرِ الصِّفاتِ ، وهوَ أنْ نُثْبِتَ للهِ تَعَالَى يَدًا كما أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ ، ولكنْ لا نُبَالِغُ فنقولُ : إنَّها كَأَيْدِي المَخْلُوقِينَ .
وَوَرَدَ في بعضِ الأحاديثِ ذِكْرُ الأصابعِ : (( إِنَّ اللهَ يَجْعَلُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ ، وَسَائِرَ الْخَلاَئِقِ عَلَى إِصْبَعٍ ، فَيَقُولُ …)) الحديثَ.
فَنَقْتَصِرُ أيضًا على ذلكَ ولا نَقُولُ : إنَّ هذا مُشَابِهٌ لصفاتِ المَخْلُوقِينَ ، ولا نَقُولُ : إنَّ هذا ضَرْبُ مَثَلٍ ، كما يَقُولُهُ النُّفاةُ الَّذينَ يُنْكِرُونَ هذهِ الصِّفاتِ وَيَجْعَلُونَهَا أَمْثِلَةً لِهَيْبَةِ المقامِ ، ويقولونَ : ذِكْرُ اليَمِينِ ، وذِكْرُ القَبْضَةِ ، وذِكْرُ هَزِّ السَّماواتِ وَهَزِّ الأرضِ ، إنَّما هوَ لتهويلِ المكانِ ، ولتهويلِ الأمرِ ، وَلِجَلْبِ الفَزَعِ والخوفِ في القلوبِ ، ولاهتمامِ النَّاسِ بِهَوْلِ ذلكَ اليومِ ، وإلاَّ فَلَيْسَ هناكَ قَبْضٌ ، وليسَ هناكَ هَزٌّ ، وليسَ هُنَاكَ يَمِينٌ ولا غَيْرُهَا.
هكذا رَأَيْتُ في تفسيرِ كَثِيرٍ من الأشاعرةِ وَنَحْوِهِم الَّذينَ يُنْكِرُونَ هذهِ الصِّفاتِ.
ولا شَكَّ أنَّ هذا رَدٌّ للأدلَّةِ الواضحةِ ، وَتَكَلُّفٌ في رَدِّهَا ، ومعلومٌ أنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصِيحٌ ، يَقْدِرُ على أنْ يُوَضِّحَ للنَّاسِ ما يَهُمُّهُم وما يَعْتَقِدُونَهُ ، فلوْ كانَ المرادُ أنْ يُهَوِّلَ الأمرَ لأََفْصَحَ لَهُم بذلكَ ، فَكَوْنُهُ يقولُ: (( إِنَّ اللهَ يَقْبِضُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِينَ ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ )) .
لا شَكَّ أنَّ هذا إخبارٌ بشيءٍ واقعٍ ولا بُدَّ ؛ وما ذاكَ إلاَّ لِيُبَيِّنَ أنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى ذُو العَظَمَةِ وذُو الجلالِ والكبرياءِ ؛ الَّذي تَصْغُرُ عندَهُ المخلوقاتُ والأجرامُ العُلْوِيَّةُ والأجرامُ السُّفْلِيَّةُ ، والمخلوقاتُ كلُّها معَ تَبَاعُدِهَا وَتَنَائِيهَا حَقِيرَةٌ وفَقِيرةٌ وذَلِيلةٌ ومَهِينةٌ أمامَ عظمةِ البارِي وَجَلاَلِهِ وكِبْرِيَائِهِ .
إذا تَصَوَّرَ الإنسانُ عَظَمَةَ هذهِ المخلوقاتِ ، ثمَّ حَقَارَتَهَا أَمَامَ عَظَمَةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى ، عَظُمَ رَبُّهُ في قَلْبِهِ وَهَابَ أنْ يَعْصِيَهُ ، وَهَابَ أنْ يُخَالِفَ أَمْرَهُ ، وَاسْتَحْضَرَ أنَّهُ على كلِّ شيءٍ قديرٌ ، وأنَّهُ لا يَتَعَاظَمُهُ شيءٌ ، وأنَّ جميعَ المخلوقاتِ هيَ مِلْكُهُ وَخَلْقُهُ وَتَدْبِيرُهُ ، فيكونُ هذا سَبَبًا في ذِكْرِ الأدلَّةِ على عَظَمَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى ، حتَّى قالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ : ( مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ إِلاَّ كَخَرْدَلَةٍ فِي يَدِ أَحَدِكُمْ ).
الخَرْدَلَةُ الَّتي هِيَ أَصْغَرُ منْ حَبَّةِ الدُّخْنِ كما هوَ معروفٌ ، فاللهُ تَعَالَى ذَكَرَ أنَّهُ يَقْبِضُ السَّماواتِ والأرضَ.
وَرَوى ابنُ عَبَّاسٍ ذِكْرَ مِقْدَارِهَا في قَبْضَةِ الرَّبِّ سبحانَهُ وتَعَالَى.
والحاصِلُ أنَّ الكلامَ على إثباتِ اليَدَيْنِ.
ونقولُ : لِمَاذَا ذَكَرَ اللهُ اليدَ بِلَفْظٍ مفردٍ، كقولِهِ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [تبارك:1] ؟
الجوابُ: أنَّ المُرَادَ جِنْسُ اليَدِ ؛ فإنَّ المُلْكَ الحقيقيَّ بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى.

ولماذا ذَكَرَهَا بِلَفْظِ جمعٍ : {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} ؟ [يس:71]
فالجوابُ: أنَّ المرادَ هنا التَّعظيمُ ، فإنَّهُ ذَكَرَ نَفْسَهُ بلفظِ الجمعِ الَّذي يَدُلُّ على العَظَمَةِ ، فإنَّهُ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ ، ولمْ يَقُلْ (أَيْدِيهِ) بلْ قالَ : (أَيْدِينَا) بِضَمِيرِ الجَمْعِ ، مثلَ قولِهِ: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ} [الإنسان:2].

(إنَّا) ضَمِيرٌ للجمعِ ، والجمعُ هنا للتعظيمِ .
فكذلكَ يُقَالُ : (أَيْدِينَا) للجمعِ ، فالجمعُ للتعظيمِ ، جمعُ الأَيْدِي وجمعُ الضميرِ ، فهذا وَجْهُ الإفرادِ وَوَجْهُ الجمعِ .
يَبْقَى التَّثنيَةُ في هذهِ الآيَةِ ونحوِهَا ، فَذِكْرُهَا بالتَّثنيَةِ دليلٌ على أنَّها مقصودةٌ ، وأنَّ للهِ تَعَالَى يَدَيْنِ كما وَصَفَ نفسَهُ ، ودليلُهُ في الحديثِ قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ)) .
فَدَلَّ على أنَّ العددَ مَقْصُودٌ ، وأنَّ للهِ يَدَيْنِ كما وَصَفَ نَفْسَهُ ، هذا هوَ قولُ أهلِ السُّنَّةِ .

أمَّا النُّفاةُ فماذا يَقُولُونَ؟
تَجِدُونَ في تفاسيرِ الأشاعرةِ والمعتزلةِ ونحوِهِم لهذهِ الآياتِ عَجَائِبَ منْ أَمْرِهِم .
وقدْ حَكَى ابنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ عندَ تفسيرِ هذهِ الآيَةِ في سورةِ المائدةِ أَقْوَالاً عنهم ، وسمَّاهُم (أهلَ الجَدَلِ) ، في قولِهِ: (اخْتَلَفَ أهلُ الجَدَلِ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] ، فَذَكَرُوا أنَّ المرادَ باليَدِ النعمةُ ، أوْ أنَّ المرادَ باليدِ القدرةُ ، أوْ أنَّ المرادَ بِذِكْرِ اليَدَيْنِ هنا تَمْثِيلٌ للكرمِ ، {يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ، أيْ: هوَ كريمٌ وَجَوَادٌ يُعْطِي وَيُكْثِرُ العطاءَ ، وأنَّ العربَ تَذْكُرُ اليدَيْنِ وَبَسْطَهُمَا ، وليسَ المرادُ حقيقةَ البسطِ ، وإنَّما المُرَادُ كثرةُ العطاءِ ، وَاسْتَدَلُّوا بقولِهِ تَعَالَى : {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسراء:29] ، أيْ: مَغْلُولَةً عن النَّفَقَةِ ، {وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء:29] ، أيْ : تُنْفِقْهَا نَفَقَةً طَائِلَةً .
ثمَّ في النِّهايَةِ قالَ رَحِمَهُ اللهُ : ( والقولُ الأخيرُ أنَّ اليدَ صِفَةٌ منْ صفاتِ اللهِ ) .
ثمَّ أَخَذَ يَنْصُرُ هذا القولَ وَيُؤَيِّدُهُ ، وأنَّها صِفَةٌ منْ صفاتِ اللهِ تَعَالَى أَثْبَتَهَا لنفسِهِ ، وَأَثْبَتَهَا لهُ رسولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَذَكَرَ أنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ في قولِهِ تَعَالَى : {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] ، وأنَّ تَخْصِيصَ آدمَ بِيَدِهِ دليلٌ على أنَّها اليدُ الَّتي هيَ صفةٌ منْ صفاتِ اللهِ تَعَالَى ، وأنَّهُ لوْ كانَ المرادُ : خَلَقْتُ بِقُدْرَتِي ، لم يَكُنْ لآدمَ خُصُوصِيَّةٌ ؛ فإنَّ إِبْلِيسَ خُلِقَ بقدرةِ اللهِ ، وكذلكَ الشياطينُ والجِنُّ والمخلوقاتُ كُلُّهَا ، والملائكةُ والسَّماواتُ والأرضُ كُلُّها خُلِقَتْ بقُدْرَةِ اللهِ ، فلا يَكُونُ لآدمَ مِيزَةٌ على هذهِ المخلوقاتِ ، على قَوْلِهِم هذا .

والصَّوابُ أنَّ قولَهُ تَعَالَى: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} دَلَّ على فضيلةٍ اخْتُصَّ بها ، ومِنْ ثَمَّ فَإِنَّ اليدَ هنا على الحقيقةِ ، وهذا القولُ هوَ الأرجحُ ، وأنَّها صفةٌ منْ صفاتِ اللهِ أَثْبَتَهَا لنفسِهِ ، فلا نَخُوضُ في أكثرَ منْ ذلكَ ، وَنُنَزِّهُ اللهَ عنْ أنْ يَكُونَ مُشَابِهًا للمخلوقاتِ .


  #4  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 06:13 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ :صالح آل الشيخ حفظه الله

قولُهُ:{بل يداهُ مبسوطتَانِ} {يداه} : تُجري عليها القاعدةَ ، هذه منْ آياتِ الصِّفاتِ أمْ لا ؟
الجواب: نعم ، منْ آياتِ الصِّفات ؛ لأنَّهُ أضافَ ذاتاً لا تقومُ بنفسِهَا إلى اللهِ - جلَّ وعلا - أضافَهَا إلى نفسِهِ ، فدلَّ على أنَّها إضافةَ صفةٍ إلى موصوفٍ إلى متَّصفٍ بها .
واليدُ في القرآنِ أتت تارةً مفردة ، وتارةً مثنَّاةً وتارةً مجموعةً .

فأمَّا المجموعةُ - يعني: أيدي - : قالَ - جلَّ وعلا -: { أولم يرَوْا أنَّا خلقْنَا لهم ممَّا عملَتْ أيدينا أنعاماً } فجعلها أيدياً ، قال : {ممَّا عمِلَتْ أيدِينَا أنْعاماً} هذا واحد.

الثَّاني : قالَ: {ما منعَكَ أن تسجُدَ لما خلقْتُ بيديَّ} وكما قال هنا: {بل يَدَاه مَبسُوطتَان} فجعلهما اثنتين.
الثَّالثُ: أنَّهُ ذكرَ يداً واحدةً فقال: {تباركَ الَّذي بيدِهِ الملكُ} فهل هناك تعارضٌ بين الإفرادِ والتَّثنيةِ والجمعِ ؟ وهل يُوصَفُ اللهُ -جلّ وعلا- بأنَّ له يداً واحدةً ؟ أو يوصَفُ بأنَّ له يدين ؟ أو يوصَفُ بأنَّ له أيدياً ؟
الجوابُ: أنَّهُ يُوصَفُ - جلَّ وعلا - بأنَّ له يدين ، وأمَّا إضافةُ اليدِ الواحدةِ إليه - جلَّ وعلا - فهذا من إضافةِ الجنسِ ، وهذا معروفٌ تضيفُ المفردَ وتريدُ به الجنسَ .
وأمَّا الجمعُ في قولِهِ : {أولم يَرَوا أنَّا خلقْنَا لهم ممَّا عملَتْ أيدينا} فهنا جمعَ لأجلِ أَنَّ العربَ من لغتِهَا أنَّ المثنَّى إذا أُضِيفَ إلى ضميرِ جمعٍ أو تثنيةٍ ، فإنَّهُ يجمعُ ؛ لأجلِ خفَّةِ اللفظِ، من مثلِ قولِهِ تَعالى: {إنْ تتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قلوبُكُمَا} أليسَ كذلكَ ؟ {إن تتوبا إلى اللهِ} هما امرأتان ، أليسَ كذلكَ ؟ فخاطبهما بقوله: {إن تتُوبَا إلى اللهِ} ثُمَّ قالَ: {فقَدْ صَغَتْ قلوبُكُمَا} والمرأتانِ لهما كم قلب ؟

لهما قلبانِ ، كُلِّ واحدةٍ لهَا قلبٌ واحدٌ ، فإذا كان كذلك فلِمَ جمَعَ ؟
الجوابُ: لأن هذا من سَنَنِ لسانِ العربِ، أنَّهُ إذا أُضيفَ المثنَّى إلى ضميرِ تثنيةٍ أو جمعٍ ؛ فإنَّهُ يجوزُ جمعُهُ طلباً لخفَّةِ اللفظِ ، فهنا في قوله: {أولم يَرَوْا أنَّا خلقْنَا لهم مِمَّا عمِلَتْ أيدينَا أنعاماً} {أيدينا} هنا جَمَعَ ، وليس ثمَّ معارضةٌ بين الجمعِ هنا وبينَ قولِهِ : {بل يداهُ مبسوطَتَانِ} بل جمَعَ هنا لأنَّهُ أضاف المثنَّى أصلاً إلى ضميرِ الجمعِ ، فجمعَ لأجلِ الخفة - خفَّةِ اللفظِ - أصلُ الكلامِ: { أولَمْ يَرَوا أنَّا خلقْنَا لهم مِمَّا عملَتْ يدينا} ثمَّ صارت {أيدينا} -يعني: فيما يقتضيه اللسانُ العربيُّ- قالَ -جلَّ وعلا-: {أولمْ يَروا أنَّا خلقْنَا لهمْ ممَّا عمِلتْ أيْدينا}.
فإذاً: نصفُ اللهَ -جلَّ وعلا- بأنَّ لديه يدين جلَّ وعلا.
والآياتُ الَّتي فيها ذكرُ اليدينِ تدلُّ على التَّثنيةِ ، وأمَّا المفردُ فلا يعارضُ التَّثنيةَ ، والجمعُ كذلك لا يعارضُ التَّثنيةَ .

على أنَّ بعضَ أهلِ العلمِ حملَ قولَهُ: {أولَمْ يرَوْا أنَّا خلقْنَا لهم ممَّا عملَتْ أيدينَا} قالَ: هذا جمعٌ ، وأقلُّ الجمعِ اثنانِ ، وهذا إحالةٌ إلى أمرٍ مختلَفٍ فيه ، لأنَّ بعضَ أهلِ العلمِ يقولُ : إنَّ أقلَّ الجمعِ ثلاثةٌ ، ولا يسوغُ في مثلِ هذه المسائلِ المشكلةِ أن يُحالَ إلى أمرٍ مختلَفٍ فيه ، بل إلى أمرٍ متيقن منه ، وهو ما نعلمه من لغة العرب، والأشعار على هذه المسألةِ كثيرة ، والشواهدُ كثيرة معروفة في النَّحو ، لكن أنت تحفظ آية سورةِ التَّحريمِ : {إنْ تتُوبَا إلى اللهِ فقدْ صغَتْ قلوبُكُما}.


  #5  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 06:28 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ:صالح الفوزان .حفظه الله (مفرغ)


المتن:
(وقوله سبحانه وتعالى: { بل يداه مبسوطتان })

الشرح:
هذه الآية فيها إثبات صفة اليدين لله جل وعلا: { وقالت اليهود يد الله مغلولة } , يصفون الله بالبخل، سبحانه وتعالى , قال تعالى: { غلت أيديهم } , فاليهود هم أبخل الناس , البخل وصف اليهود , فهم أبخل الناس بالمال , وأحرص الناس على جمع المال؛ ولذا يجمعونه من كل صوب، من حلال ومن حرام , ومن خبث , عندهم جمع المال لا يتوقف على حلال وحرام , استباحوا الربا , واستباحوا الميسر , واستباحوا البغاء , وأجرة البغي , وفتح دور البغاء للاستثمار , هذه صفة اليهود، يجمعون من كل ما هب ودب , ولكن لا ينفقون , فهم أبخل الناس، فهذا وصف ينطبق عليهم، { غلت أيديهم } بمعنى أنهم ضربوا بالبخل , وليس معناه أن أيديهم معلقة في أعناقهم، لا , المقصود به البخل كما قال تعالى: { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } يعني: بالبخل، { ولا تبسطها كل البسط } يعني: بالإسراف، فالإمساك عن النفقة هذا بخل وغل لليد , والبسط في النفقة هذا إسراف.
{ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا }، { الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } فغلت أيديهم يعني ضربوا بالبخل.
{ ولعنوا بما قالوا } لعنهم الله بما تنقصوا الله سبحانه وتعالى , واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله سبحانه وتعالى , فدل على شناعة هذه المقالة والعياذ بالله.
ثم قال جل وعلا: { بل يداه مبسوطتان } , يداه تثنية يد { مبسوطتان ينفق كيف يشاء } , فكل الخلائق تعيش على فضله سبحانه , وعلى رزقه , كل الخلائق من الآدميين والبهائم والحشرات , وكل المخلوقات , كلها تعيش على رزق الله سبحانه وتعالى , هل هذا بخيل؟! تعالى الله عن ذلك، يده سحاء الليل والنهار سبحانه وتعالى { ولله خزائن السماوات والأرض } فكل ما يقتات به المخلوقات فإنه من رزقه، ومن فضله { أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه } فكل الخلائق تعيش على رزقه سبحانه , حتى الكفار أعداء الله يعيشون على رزق الله سبحانه وتعالى: { بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء } , فوصف نفسه بأن له يدين , وأنه ينفق سبحانه كيف يشاء , لا أحد يعترض عليه ولا يمنعه , ولا يمنع فضله سبحانه وتعالى.
الشاهد من الآية:
{ بل يداه } وصف نفسه بأن له يدين , كما في الآية الأخرى: { ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي } خلق آدم بيديه سبحانه وتعالى , وأما بقية الخلائق فإنه يخلقها بأمره، يقول للشيء: كن فيكون , تتكون الأشياء بأمره سبحانه وتعالى , أما آدم فإن الله خلقه بيده سبحانه , هذا تشريف لآدم عليه الصلاة والسلام من بين سائر الخلق , أن الله خلقه بيده جل وعلا { لما خلقت بيدي } , قال: { خلقت } , ثم قال: { بيدي } هذا صريح في إثبات اليدين لله سبحانه.
أهل الضلال يقولون المراد بيد الله: قدرته , خلقته بقدرتي، فيرد عليهم بأنه لو كان كذلك لم يكن لآدم مزية على غيره من المخلوقات، كل المخلوقات خلقت بقدرة الله سبحانه وتعالى.
ثانياً: أنه قال: { بيدي }، هل يقال: بقدرتي , هل لله قدرتان , أو قدرة واحدة؟
له قدرة واحدة، فدل على أن قوله: { بيدي } اليد الحقيقية , تثنية يد حقيقية , كما يفهم هذا من المعنى اللغوي والمعروف بالحس، لكن له يدان سبحانه وتعالى تختصان به , لا تشبه يدي المخلوق، فيداه تليق به جل وعلا , ولا يعلم كيفيتهما إلا الله , وليستا كيدي المخلوقين، فهم ينفون عن الله اليدين؛ خشية من التشبيه بزعمهم.

فنقول: لا تشبيه أبدا , لا تشابه بين يدي الله وبين يدي المخلوق , حاشا وكلا، وإنما يقع التشابه عند من لا يعقل ولا يفهم كلام الله، وأما أهل العلم فلا يشكل هذا عليهم.


  #6  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 06:39 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post تيسير لمعة الاعتقاد للشيخ: عبد الرحمن بن صالح المحمود .حفظه الله (مفرغ)


ثم قال الشيخ رحمه الله تعالى : وقوله تعالى : (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) (المائدة: من الآية64) . صفة اليدين لله سبحانه وتعالى أيضاً مما وردت ادلته نصاً في كتاب الله تبارك وتعالى مثل هذه الآية التي استشهد بها الشيخ, ومثل قول الله تبارك وتعالى : (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (الذريات:47) ومثل قوله تبارك وتعالى : (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) (صّ: من الآية75 )
ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم في أحد ألفاظ البخاري : (( يد الله ملأى لا يغيضها نفقة )) أي لا ينقصها نفقة (( سَحَّاء الليل والنهار )) (1) .
السحاء : كصيرة الصب .
فقوله : (( يد الله ملأى )) يدل على إثبات صفة اليد لله سبحانه وتعالى .
وأيضاً حديث : (( يقبض الله السموات بمينه, والأرضين بشماله )) (2) على رواية مسلم.
وأيضاً حديث الشفاعة حينما يأتي الناس إلى آدم ويقولون لـه : (( خلقك الله بيده )) (3) فهذه دالة على إثبات اليدين لله سبحانه وتعالى .
والنصوص الواردة في مثل قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) (الملك: من الآية1) وحديث الشفاعة السابق (( خلفك الله بيده )) تدل على صفة اليد, وقوله : (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا) (يّـس: من الآية71) لا تعارض النصوص السابقة ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يتكلم عن نفسه وهو المعظم لنفسه, والمعظم لصفاته, أو يقال : أقل الجمع اثنان فتتفق آية (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا) مع آية (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) ,وآية (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) .

والمخالفون لأهل السنة والجماعة في هذا من المعتزلة وكثير من الأشعرية والماتريدية يقولون : إن اليد بمعنى القدرة , وأحياناً يفسرونها بمعنى النعمة .
وقولهم هذا مخالف لمنهج السلف الصالح رحمهم الله تعالى , لأنه تأويل لم يدل عليه دليل , والسلف رحمهم الله تعالى أثبتوا هذه الصفات , ومنعوا من تأويلها , وفي صفة اليدين لله ,جاءت النصوص دالة دلالة قاطعة,تمنع من التأويل, وإني - والله حتى هذه اللحظة- أعجب كيف تجرأ أولئك العلماء الفضلاء على أن يتأولوا قوله تعالى : (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) , وقوله تعالى : (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) على غير ظاهرها اللائقة به تعالى, لأنه نص صريح واضح, وكل تأويل تأوله أولئك مثل قولهم : يداه : نعمتاه, ما خلقت بيدي : بنعمتيّ, بقدرتيّ, بيدي وقدرتي. فهو تأويل يأباه سياق الآية ودلالتها؛ لأنها نص صريح في إثبات صفة اليدين لله سبحانه وتعالى, ولهذا فإنني أقول كما قال من سبقني من أهل العلم : إن تاويلهم لهذه الآية لا وجه لـه حتى من دلالة اللغة العربية, وقد يكون لبعض تأولاتهم الأخرى وإن كان باطلاً وجه في اللغة العربية لكن تأويلهم لليدين لا وجه لـه إطلاقاً من اللغة العربية .
تأمل قول الله تبارك وتعالى : (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) ، حيث جاء التعبير قاطعاً في هذه المسالة . فقال أولاً خلقت , فأضاف الفعل إلى نفسه , وعبر بلفظ الخلق, والخلق له دلالته الخاصة, ثم قال : بيديّ وأضافها إلى نفسه (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ), ثم جاء معبراً بلفظ التثنية, كل ذلك دال دلالة قاطعة على أن تأويل هذه الآية بالقدرة أو النعمة أو بهما باطل, وإذا تبين بطلان تأويلهم في هذه الآية ,
وقوله تعالى إِخبارا ً عن عيسى عليه والسلام أنه قال : (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ) (المائدة: من الآية116) .
فهو دال أيضاً على بطلان تأويلاتهم الأخرى لأنه لا دليل عليها , حتى وإن كان لها وجه بعيد من اللغة , كما يدل على أن منهجهم في التأويل منهج غير صحيح.


________________________________
(1) أخرجه البخاري رقم (7411) كتاب التوحيد . وهو متفق عليه بلفظ : (( يمين الله ملأى )) أخرجه البخاري رقم (7419) كتاب التوحيد . ومسلم رقم (993) كتاب الزكاة

(2) أخرجه مسلم رقم (2788) كتاب صفة القيامة وأخرجه البخاري رقم (7412,7413) كتاب التوحيد

(3) أخرجه البخاري رقم (7410) كتاب التوحيد ومسلم رقم (194) كتاب الإيمان



  #7  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 08:26 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
افتراضي

----------------------

  #8  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 08:28 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post العناصر


العناصر
- إثبات صفة (اليدين) لله تعالى .
- دلائل إثبات (اليدين) لله تعالى .
- منهج أهل السنة في إثبات (اليدين) لله تعالى .
- تأويل المبتدعة لصفة (اليد) .
- الرد على من أنكر صفة (اليدين) لله تعالى .
- الجواب عن ورود صفة (اليد) في القرآن الكريم مفردة ومثناة ومجموعة .
- إثبات (الأصابع) لله تعالى .

  #9  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 08:29 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Question الأسئلة


الأسئلة
س1: اذكر الأدلة على إثبات صفة اليد لله تعالى .
س2: اذكر تأويل الأشاعرة لصفة اليد ، وكيف ترد عليهم ؟
س3: كيف تجمع بين ورود صفة اليد في القرآن الكريم بلفظ الجمع و الإفراد والتثنية ؟

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اليدين, صفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir