622- وعن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نَحَرْتُ هَهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ، وَوَقَفْتُ هَهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَهُنَا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
مُفْرَداتُ الحديثِ:
-نَحَرْتُ: يُقالُ: نَحَرَ البَعِيرَ نَحْراً، من بابِ نَفَعَ, طَعَنَهُ بالسِّكِّينِ في لَبَّتِه، وهو مَكانُ النَّحْرِ، والنَّحْرُ خَاصٌّ بالإِبِلِ.
-مِنًى: أحَدُ المَشَاعِرِ المُقَدَّسَةِ، والآنَ هي بَلْدَةٌ كَبِيرَةُ المَرَافِقِ والدَّوَائِرِ الحُكُومِيَّةِ، التي تَخْدِمُ حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ تعالى، وتُتِيحُ لهم الراحَةَ في أداءِ مَناسِكِهم، وستأتي أحكامُها إنْ شَاءَ اللهُ تعالى.
أمَّا حُدودُها فهي:
الحَدُّ الغَرْبِيُّ: هو جَمْرَةُ العَقَبَةِ.
والحَدُّ الشَّرْقِيُّ: وَادِي مُحَسِّرٍ الفَاصِلُ بينَها وبَيْنَ مُزْدَلِفَةَ.
قالَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: مِنًى مِن العقَبَةِ إلى مُحَسِّرٍ.
أمَّا حَدُّها الجَنُوبِيُّ والشمالِيُّ: فهو الجَبَلانِ المُسْتَطِيلانِ مِن جَانِبَيْها، فالشمالِيُّ منهما ثَبِيرُ الأثبرةِ، والجنوبِيُّ منهما الصابِحُ، وفي سَفْحِه مَسْجِدُ الخِيفِ، فيما أُدْخِلَتْ هذه الحدودُ الأربعةُ فهو مِنًى.
قالَ بعضُ العلماءِ: ما أقْبَلَ على مِنًى من وُجوهِ هذه الجبالِ فهو مِنها، وما أدْبَرَ فلَيْسَ منها.
-مَنْحَرٌ: بفتحِ الميمِ، اسمُ الموضِعِ الذي تُنْحَرُ فيهِ الإِبِلُ، قالَ بعضُهم: مَنْحَرُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندَ الجَمْرَةِ الأُولَى التي تَلِي مَسْجِدَ الخِيفِ.
-ههنا: (ها) حَرْفُ تَنْبِيهٍ، و(هنا) ظَرْفٌ للمكانِ القريبِ.
-جَمْعٌ: هي المُزْدَلِفَةُ المُتَقَدِّمُ تَحْدِيدُها، سُمِّيَتْ جَمْعاً؛ لاجتماعِ الحُجَّاجِ فيها.
-رِحالٌ: رَحَلَ يَرْحَلُ رَحِيلاً، انْتَقَلَ وسَارَ، ورِحَالُ الرَّجُلِ أثَاثُه وزَادُه، والمرادُ هنا مكانُ إِقَامَتِه.
-مَوْقِفٌ: وَقَفَ يَقِفُ وُقوفاً، ثَبَتَ وسَكَنَ، والمَوْقِفُ مَوْضِعُ الوُقوفِ.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1-اسْتِحْبَابُ نَحْرِ الهَدْيِ، أو ذَبْحِه في مِنًى، والمرادُ بهِ دَمُ التَّمَتُّعِ، والقِرانِ، والتَّطَوُّعِ بهَدْيِ الحَجِّ، وأما دَمُ العُمْرَةِ ففضيلتُه في مَكَّةَ، وأمَّا الدَّمُ الواجِبُ لتَرْكِ نُسُكٍ، أو فِعْلِ مَحْظورٍ فإنْ كانَ دَاخِلَ الحَرَمِ، ففي مَكانِ وُجودِ سَبَبِه مِن الحَرَمِ، وإذا كانَ فِعْلُ المَحْظورِ خَارِجَ الحَرَمِ فحيثُ وُجِدَ أيضاًً، ويَجُوزُ أيضاًً في الحَرَمِ.
2-جَوازُ ذلك في أيِّ مكانٍ مِن مِنًى حَيْثُ إنَّ مِنًى كُلَّها مَنْحَرٌ.
3-أنَّ جَمْعاً كلَّها مَوْقِفٌ، ففي أيِّ مَكانٍ من مُزْدَلِفَةَ وَقَفَ الحاجُّ أَجْزَأَهُ ذلك، وتقَدَّمَ تحديدُها في شَرْحِ المُفْرداتِ.
4-أنَّ جَمِيعَ مَيْدَانِ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، ففي أيِّ مَكانٍ فيها وقَفَ ودَعَا أجْزَأَهُ ذلك، وصَحَّ حَجُّه، وقدْ تَقَدَّمَ تحديدُ المَوْقِفِ.
5- إنْ تَيَسَّرَ الوُقوفُ في مَوْقِفِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عَرَفَةَ، ومُزْدَلِفَةَ فهو أفْضَلُ، وإذا كانَ ذلك يَشُقُّ فلا يُسْتَحَبُّ.
6-يُسْرُ الشَّريعةِ الإسلاميةِ المُطهَّرَةِ وسماحتُها، فلا تَكْلِيفَ، ولا عَنَتَ، ولا مَشَقَّةَ، وإِنَّما مَبْناها السُّهولةُ واليُسْرُ.
7-أقَامَتِ الحُكُومَةُ السُّعودِيَّةُ مَسالِخَ فَنِّيَّةً في أَرْضِ الحَرَمِ القريبةِ من مِنًى، وبَرَّادَاتٍ فَخْمَةً، لحِفْظِ لُحومِ الهَدْيِ والأضاحِيِّ، للاستفادةِ منه للمُحْتَاجِينَ على طُولِ العَامِ، وإرسالِ ما يَجُوزُ تَوْزِيعُه خارِجَ الحَرَمِ إلى الدُّولِ الإسلاميةِ المُتَضَرِّرَةِ.