دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 12:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صفة الصلاة (19/38) [هيئة السجود في الصلاة]


297- وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ – وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ – وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
298- وعن ابنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَياضُ إِبِطَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


  #2  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 02:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


31/282 - وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ- وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ- وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَفِي رِوَايَةٍ: "أُمِرْنَا" أي: أَيُّهَا الأُمَّةُ، وَفِي رِوَايَةٍ: "أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَالثَّلاَثُ الرِّوَايَاتِ لِلْبُخَارِيِّ، وَقَوْلُهُ: "وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ" فَسَّرَتْهَا رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ.
قَالَ ابْنُ طَاوُسٍ: وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَمَرَّهَا عَلَى أَنْفِهِ وَقَالَ: ((هَذَا وَاحِدٌ)). قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَبْهَةَ الْأَصْلُ فِي السُّجُودِ وَالْأَنْفَ تَبَعٌ لَهَا.
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ جَعَلَهُمَا كَأَنَّهُمَا عُضْوٌ وَاحِدٌ، وَإِلاَّ لَكَانَتِ الْأَعْضَاءُ ثَمَانِيَةً، وَالْمُرَادُ، مِن الْيَدَيْنِ الْكَفَّانِ، وَقَدْ وَقَعَ بِلَفْظِهِمَا فِي رِوَايَةٍ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: "وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ" أَنْ يَجْعَلَ قَدَمَيْهِ قَائِمَتَيْنِ عَلَى بُطُونِ أَصَابِعِهِمَا، وَعَقِبَاهُ مُرْتَفِعَتَانِ، فَيَسْتَقْبِلُ بِظُهُورِ قَدَمَيْهِ الْقِبْلَةَ، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا في حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ السُّجُودِ.
وَقِيلَ: يُنْدَبُ ضَمُّ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَو انْفَرَجَتِ انْحَرَفَتْ رُؤُوسُ بَعْضِهَا عَن الْقِبْلَةِ، وَأَمَّا أَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلاَةِ بِلَفْظِ: وَاسْتَقْبَلَ بِأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ .
هَذَا والْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى مَا ذُكِرَ؛ لأنَّه ذَكَرَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ ، أو له ولِأُمَّتِهِ، وَالْأَمْرُ لاَ يَرِدُ إلاَّ بِنَحْوِ صِيغَةِ افْعَلْ، وَهِيَ تُفِيدُ الْوُجُوبَ.
وَقَد اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَالْهَادَوِيَّةُ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ ؛ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَى الْأَنْفِ فَقَطْ، مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ: "وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ" قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْبَارِي: وَقَد احْتُجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِهَذَا فِي السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ.
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَالْحَقُّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لاَ يُعَارِضُ التَّصْرِيحَ بِالْجَبْهَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّهُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، فَذَلِكَ فِي التَّسْمِيَةِ وَالْعِبَارَةِ ، لاَ فِي الْحُكْمِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحَدُ قَوْلَي الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْجَبْهَةُ فَقَطْ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلاَتَهُ: ((وَمَكِّنْ جَبْهَتَكَ)). فَكَانَ قَرِينَةً عَلَى حَمْلِ الْأَمْرِ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْوُجُوبِ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا لاَ يَتِمُّ إلاَّ بَعْدَ مَعْرِفَةِ تَقَدُّمِ هَذَا عَلَى حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلاَتَهُ؛ لِيَكُونَ قَرِينَةً عَلَى حَمْلِ الْأَمْرِ عَلَى النَّدْبِ، وَأَمَّا لَوْ فُرِضَ تَأَخُّرُهُ لَكَانَ فِي هَذَا زِيَادَةُ شَرْعٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَتَأَخَّرَ شَرْعِيَّتُه، وَمَعَ جَهْلِ التَّارِيخِ يُرَجِّعُ الْعَمَلُ بِالْمُوجِبِ؛ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
وَجَعَلَ السُّجُودَ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ مَذْهَباً لِلْعِتْرَةِ، فَحَوَّلْنَا عِبَارَتَهُ إلَى الْهَادَوِيَّةِ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مَذْهَبُهُمْ إلاَّ السُّجُودَ عَلَى الْجَبْهَةِ فَقَطْ، كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَلَفْظُ الشَّرْحِ هُنَا: وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلاَلَةٌ عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِيهِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْعِتْرَةُ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ. انْتَهَى.
وَعَرَفْتَ أَنَّهُ وَهِمَ فِي قَوْلِهِ: إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُوجِبُهُ عَلَى الْجَبْهَةِ؛ فَإِنَّهُ يُجِيزُه عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى الْأَنْفِ، وَأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ، هذا الذي في الشَّرْحِ، والذي في البَحْرِ أنه يقولُ أبو حَنِيفَةَ: أَيُّهُمَا سَجَدَ أَجْزَأَه؛ لأنهما عُضْوٌ واحدٌ. انْتَهَى.
فجَعَلَ الخلافَ بأبي حنيفةَ وحدَه دونَ أصحابِه، وفي عيونِ المذاهبِ للطَّحَاوِيِّ، أن أبا حنيفةَ يقولُ: لو اقْتَصَرَ على الأنفِ جازَ، وعندَهما والثلاثةِ بِلا عُذْرٍ. انْتَهَى.
فدَلَّ على أنه لا يَقولُ بإجزاءِ السجودِ على الأنفِ فقطْ إلاَّ أبو حَنِيفةَ، وأنَّ صَاحِبَيْهِ محمدَ بنَ الحسنِ وأبا يُوسُفَ يُخالِفَانِه، فلا يَنْبَغِي نِسْبَةُ ذلك إلى الحَنَفِيَّةِ.
ثُمَّ ظَاهِرُهُ وُجُوبُ السُّجُودِ عَلَى الْعُضْوِ جَمِيعِهِ، وَلاَ يَكْفِي بَعْضُ ذَلِكَ، وَالْجَبْهَةُ يَضَعُ مِنْهَا عَلَى الْأَرْضِ مَا أَمْكَنَهُ ؛ بِدَلِيلِ: ((وَتُمَكِّنُ جَبْهَتَكَ)).
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ كَشْفُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّ مُسَمَّى السُّجُودِ عَلَيْهَا يَصْدُقُ بِوَضْعِهَا مِنْ دُونِ كَشْفِهَا، وَلاَ خِلاَفَ أَنَّ كَشْفَ الرُّكْبَتَيْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ؛ لِمَا يُخَافُ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْجَبْهَةِ؛ فَقِيلَ: يَجِبُ كَشْفُهَا؛ لِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يَسْجُدُ عَلَى جَبِينَهِ وَقَد اعْتَمَّ عَلَى جَبْهَتِهِ، فَحَسَرَ عَنْ جَبْهَتِهِ، إلاَّ أَنَّهُ قَدْ عَلَّقَ الْبُخَارِيُّ عَن الْحَسَنِ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُونَ وَأَيْدِيهِمْ فِي ثِيَابِهِمْ، وَيَسْجُدُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَلَى عِمَامَتِهِ. وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ مَا فِي السُّجُودِ مَوْقُوفاً عَلَى الصَّحَابَةِ.
وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ. مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ، وَفِيهِ مَتْرُوكَانِ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ وَفِيهِ ضَعْفٌ.
وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَغَيْرَهَا الْبَيْهَقِيُّ ثُمَّ قَالَ: أَحَادِيثُ: "كَانَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ" لاَ يَثْبُتُ فِيه شَيْءٌ. يَعْنِي مَرْفُوعاً، وَالْأَحَادِيثُ مِن الْجَانِبَيْنِ غَيْرُ نَاهِضَةٍ عَلَى الْإِيجَابِ، وَقَوْلُهُ: "سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ" يَصْدُقُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ عَدَمِ الْحَائِلِ أَظْهَرَ؛ فَالْأَصْلُ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ خَبَّابٍ: شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا" الْحَدِيثَ، فَلاَ دَلاَلَةَ فِيهِ عَلَى كَشْفِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَلاَ عَدَمِهِ، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: أَنَّهُ كَانَ أَحَدُهُمْ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَيْهِ. وَلَعَلَّ هَذَا مِمَّا لاَ خِلاَفَ فِيهِ، وَالْخِلاَفُ فِي السُّجُودِ عَلَى مَحْمُولِهِ، فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ مُحْتَمَلٌ.
32/283 - وَعَن ابْنِ بُحَيْنَةَ،أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا صَلَّى وَسَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَن ابْنِ بُحَيْنَةَ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ ، ابْنُ بُحَيْنَةَ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَبَعْدَهَا نُونٌ، وَهُوَ اسْمٌ لِأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ، وَاسْمُ أَبِيهِ مَالِكُ بْنُ الْقِشْبِ ، بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ فَمُوَحَّدَةٍ ، الْأَزْدِيُّ، مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ فِي وِلاَيَةِ مُعَاوِيَةَ، بَيْنَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَثَمَانٍ وَخَمْسِينَ.
(أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا صَلَّى فَرَّجَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ ، آخِرُهُ جِيمٌ.
(بَيْنَ يَدَيْهِ) أي: بَاعَدَ بَيْنَهُمَا: أي: نَحَّى كُلَّ يَدٍ عَن الْجَنْبِ الَّذِي يَلِيهَا (حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إبِطَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى فِعْلِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ فِي الصَّلاَةِ، قِيلَ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَظْهَرَ كُلُّ عُضْوٍ بِنَفْسِهِ وَيَتَمَيَّزَ حَتَّى يَكُونَ الْإِنْسَانُ الْوَاحِدُ فِي سُجُودِهِ كَأَنَّهُ عَدَدٌ.
وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَسْتَقِلَّ كُلُّ عُضْوٍ بِنَفْسِهِ، وَلاَ يَعْتَمِدَ بَعْضُ الأَعْضَاءِ عَلَى بَعْضٍ. وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْمَعْنَى مُصَرَّحاً بِهِ فِيمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ أَنَّهُ قَالَ: ((لاَ تَفْتَرِشِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ، وَاعْتَمِدْ عَلَى رَاحَتَيْكَ، وَأَبْدِ ضَبْعَيْكَ؛ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ سَجَدَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْكَ)).
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَافِي بِيَدَيْهِ، فَلَوْ أَنَّ بَهِيمَةً أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ مَرَّتْ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وهَذَا، مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)) يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ بِلَفْظِ: شَكَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له مَشَقَّةَ السُّجُودِ عَلَيْهِمْ إذَا تَفَرَّجُوا فَقَالَ: ((اسْتَعِينُوا بِالرُّكَبِ)). وَتَرْجَمَ لَهُ: الرُّخْصَةُ فِي تَرْكِ التَّفْرِيجِ .
قَالَ ابْنُ عَجْلاَنَ أَحَدُ رُوَاتِهِ: وَذَلِكَ أَنْ يَضَعَ مِرْفَقَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ إذَا أَطَالَ السُّجُودَ.
وَقَوْلُهُ: "حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبِطَيْهِ" لَيْسَ فِيهِ - كَمَا قِيلَ- دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَبِساً الْقَمِيصَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لاَبِساً له فَإِنَّهُ قَدْ يَبْدُو مِنْهُ أَطْرَافُ إبْطَيْهِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَكْمَامُ قُمْصَانِ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ غَيْرَ طَوِيلَةٍ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُرَى الْإِبِطُ مِنْ كُمِّهَا، وَلاَ دَلاَلَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى إبِطَيْهِ شَعْرٌ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ يُرَى أَطْرَافُ إبِطَيْهِ، لاَ بَاطِنُهُمَا حَيْثُ الشَّعْرُ؛ فَإِنَّهُ لاَ يُرَى إلاَّ بِتَكَلُّفٍ، وَإِنْ صَحَّ مَا قِيلَ: إنَّ مِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إبِطَيْهِ شَعْرٌ. فَلاَ إشْكَالَ.


  #3  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 02:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

237 - وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ – وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


• مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- أُمِرْتُ: عَلَى صِيغَةِ المَجْهُولِ، والآمِرُ هُوَ اللَّهُ، وَجَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الصحيحِ: (أُمِرْنَا)؛ لِتَدُلَّ عَلَى صِيغَةِ العمومِ.
- الْيَدَيْنِ؛ أي: الْكَفَّيْنِ، كَمَا هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الإطلاقِ، وَلِئَلاَّ يُعَارِضَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنِ الافتراشِ كَافْتِرَاشِ السَّبُعِ.
- وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ: جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ المعطوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ (الجبهةُ)، والمعطوفِ، وَهُوَ (الْيَدَانِ)، والغَرَضُ مِنْهَا بَيَانُ أَنَّهُمَا عُضْوٌ وَاحِدٌ.
• مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- (أُمِرْتُ)، وَفِي رِوَايَةٍ (أُمِرْنَا)، وَفِي روايةٍ: (أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَالثلاثُ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا لِلْبُخَارِيِّ، والْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَنَّ مَا أُمِرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ أَمْرٌ عَامٌّ لَهُ وَلأُمَّتِهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].
وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]. وَلا يَخْرُجُ منْ هَذَا العمومِ إِلاَّ مَا جَاءَ النصُّ بِتَخْصِيصِهِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50].
2- فِيهِ وُجُوبُ السُّجُودِ فِي الصَّلاةِ عَلَى هَذِهِ الأَعْضَاءِ السبعةِ، وَهِيَ الجبهةُ وَمَعَهَا الأَنْفُ، وَالكَفَّانِ، وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ.
3- قَوْلُهُ: (وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ). مَعْنَاهُ: أَنَّ الجَبْهَةَ والأنفَ عُضْوٌ وَاحِدٌ، وَإِلاَّ لَكَانَتِ الأَعْضَاءُ ثَمَانِيَةً.
4- السُّجُودُ: هُوَ الخضوعُ والتَّذَلُّلُ لِلَّهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى، وَهُوَ فَرْضٌ فِي الْكِتَابِ والسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ، قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]. وَالأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ.
وَقَالَ الوزيرُ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ.
5- الْحَدِيثُ ظَاهِرُ الدَّلالةِ عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى هَذِهِ الأَعْضَاءِ السبعةِ؛ إِذْ هُوَ غَايَةُ خُشُوعِ الظاهرِ، وَأَجْمَعُ العُبُودِيَّةِ لِسَائِرِ الأَعْضَاءِ.
6- ذَهَبَ جمهورُ الْعُلَمَاءِ إلى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الأَنْفِ والجبهةِ، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الإجماعَ عَلَى أَنَّهُ لا يُجْزِئُ عَلَى الأَنْفِ وَحْدَهُ.
7- الْيَدُ إِذَا أُطْلِقَتْ فالمرادُ بِهَا الكفُّ فَقَطْ، وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقاً، وَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (1/238)، والْبَيْهَقِيُّ (2/106) عَن الْحَسَنِ قَالَ: (كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُونَ، وَأَيْدِيهِمْ فِي ثِيَابِهِمْ).
8- يُجْزِئُ منْ كُلِّ عُضْوٍ بَعْضُهُ، جَبْهَةً كَانَتْ أو غَيْرَهَا قَالَ فِي (شرحِ الإقناعِ): وَيُجْزِئُ فِي السُّجُودِ بَعْضُ كُلِّ عُضْوٍ مِنَ الأَعْضَاءِ المذكورةِ، إِذَا سَجَدَ عَلَيْهِ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ فِي الْحَدِيثِ.
9- وَلَوْ سَجَدَ عَلَى حائلٍ مُتَّصِلٍ بِهِ منْ غَيْرِ أَعْضَاءِ سُجُودِهِ أَجْزَأَ.
قَالَ فِي (شَرْحِ الإقناعِ): ولا يَجِبُ عَلَى الساجدِ مُبَاشَرَةُ المُصَلَّى بِشَيْءٍ منْ أعضاءِ السُّجُودِ حَتَّى الْجَبْهَةِ، فَلَوْ سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ غَيْرَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ، كَكَوْرِ عِمَامَتِهِ، وَكُمِّهِ وَذَيْلِهِ وَنَحْوِهِ صَحَّتْ صَلاتُهُ، لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُ المباشرةِ باليَدَيْنِ والجبهةِ، بِلا عُذْرٍ منْ حَرٍّ وَبَرْدٍ، فلو سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ، كَكَوْرِ عِمَامَتِهِ، لَمْ يُكْرَهْ لِعُذْرٍ.
قَالَ فِي (الحاشيةِ): وَحِكْمَتُهُ: أَنَّ الْقَصْدَ من السُّجُودِ مباشرةُ أَشْرَفِ الأَعْضَاءِ؛ لِيَتِمَّ الْخُضُوعُ وَالتَّوَاضُعُ.
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِيٍّ: وَمِن الفُرُوقِ الصحيحةِ الفَرْقُ بَيْنَ الحائلِ فِي السُّجُودِ، وَهِيَ ثلاثةٌ:
(أ) إِنْ كَانَ منْ أعضاءِ السُّجُودِ فَلا يُجْزِئُ.
(ب) إِنْ كَانَ حَائلاً مُنْفَصِلاً فَلا بَأْسَ بِهِ.
(ج) إِنْ كَانَ عَلَى حائلٍ مِمَّا يَتَّصِلُ بالمُصَلِّي، فَيُكْرَهُ إِلاَّ لِعُذْرٍ منْ حَرٍّ وَشَوْكٍ وَنَحْوِهِمَا.
10 – يُشْرَعُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَيَضَعَهُمَا عَلَى الأَرْضِ قَبْلَ يَدَيْهِ.
11 – السُّجُودُ عَلَى هَذِهِ الأَعْضَاءِ جَاءَ بأمرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ محبوبٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا كَانَ مَحْبُوباً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ منْ أَجَلِّ العباداتِ؛ ذَلِكَ أَنَّ الإِنْسَانَ يَضَعُ أَشْرَفَ أَعْضَائِهِ عَلَى الأَرْضِ، وَمِنْ كَمَالِ هَذَا السُّجُودِ مُبَاشَرَةُ المُصَلِّي لأَدِيمِ الأَرْضِ بِجَبْهَتِهِ؛ اسْتِكَانَةً وَتَوَاضُعاً، والاعتمادُ عَلَى الأَرْضِ بِحَيْثُ يَنَالُهَا ثِقَلُ رَأْسِهِ.
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ، دُونَ كَوْرِ عِمَامَتِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ السُّجُودُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ، فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ، وَلا حَسَنٍ.
12- ثَبَتَ منْ طُرُقٍ عِدَّةٍ: ((مَا مِنْ عَبْدٍ سَجَدَ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً))، وَشُرِعَ تَكْرِيرُ السُّجُودِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لأَنَّهُ أَبْلَغُ مَا يَكُونُ فِي التَّوَاضُعِ.
13- الحَثُّ عَلَى السُّجُودِ وَذِكْرُ فَضْلِهِ، وَأَمَّا عَظِيمُ أَجْرِهِ فَمَعْلُومٌ من الدِّينِ بالضرورةِ، وَهُوَ سِرُّ الصَّلاةِ، وَرُكْنُهَا الأعظمُ، وَالمُصَلِّي أَقْرَبُ مَا يَكُونُ إِلَى اللَّهِ فِي حَالِ سُجُودِهِ.
14- قَالَ فِي (حَاشِيَةِ الرَّوْضِ): وَلا يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى الصُّوفِ، واللُّبُودِ، وَالبُسُطِ، وَجَمِيعِ الأَمْتِعَةِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ.
15 - وَقَالَ شَيْخُ الإسلامِ: دَلَّتِ الأَحَادِيثُ والآثارُ عَلَى أَنَّهُمْ فِي حَالِ الاختيارِ يُبَاشِرُونَ الأَرْضَ بِالْجِبَاهِ، وَعِنْدَ الحاجةِ - كالحَرِّ وَنَحْوِهِ - يَتَّقُونَ بِمَا يَتَّصِلُ بِهِمْ منْ طَرَفِ ثَوْبٍ وَعِمَامَةٍ؛ وَلِهَذَا أَعْدَلُ الأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ، إِلاَّ عِنْدَ الحاجةِ.
* * *
238 - وَعَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى وَسَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

• مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- فَرَّجَ - بِفَتْحِ الفاءِ وَتَشْدِيدِ الراءِ، آخِرُهُ جِيمٌ -؛ أي: بَاعَدَ بَيْنَهُمَا، فَنَحَّى كُلَّ يَدٍ عَن الْجَانِبِ الَّذِي يَلِيهَا.
- الإِبِطُ: فِيهِ لُغَاتٌ، أَفْضَلُهَا كَسْرُ الْبَاءِ، جَمْعُهُ: آبَاطٌ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَهُوَ بَاطِنُ الْمَنْكِبِ وَالْجَنَاحِ.
• مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّجُودِ أَنْ يُفَرِّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَفْرِيجاً بَلِيغاً، بِحَيْثُ يَظْهَرُ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ.
2- اسْتِحْبَابُ السُّجُودِ عَلَى هَذِهِ الكَيْفِيَّةِ؛ لأَنَّهَا دَلِيلُ النَّشَاطِ والقُوَّةِ، قَالَ تَعَالَى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63].
3- قَالَ في (الرَّوْضِ المُرْبِعِ وَحَاشِيَتِهِ): وَيُجَافِي الساجدُ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ، وَهُمَا عَنْ سَاقَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ جَارَهُ؛ لِيَسْتَقِلَّ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ بِالْعُبُودِيَّةِ، مَعَ مُغَايَرَتِهِ لِهَيْئَةِ الكَسْلانِ.
4- قَالَ الأُسْتَاذُ طبارةُ: الصَّلاةُ رِيَاضَةٌ دِينِيَّةٌ إِجْبَارِيَّةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، يُؤَدِّيهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ بِدُونِ إجهادٍ، وَلا إِرْهَاقٍ، وَإِذَا تَأَمَّلْنَا حَرَكَاتِ الصَّلاةِ وَجَدْنَا شَبَهاً بَيْنَهَا وَبَيْنَ النِّظَامِ السويديِّ فِي الرياضةِ، بَلْ إِنَّكَ تَرَى أَنَّ حركةَ الجسمِ فِي أثناءِ الصَّلاةِ، أَحْكَمُ وأَصْلَحُ لِكُلِّ سِنٍّ وَجِنْسٍ.
5- فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الإِبِطَ لَيْسَ مِنَ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلاةِ، وَأَنَّ ظُهُورَهُ لا يُخَالِفُ الآدابَ الْعَامَّةَ بَيْنَ النَّاسِ.
6- وَفِيهِ أَنَّ كُلَّ عُضْوٍ فِي الصَّلاةِ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ منَ العبادةِ؛ إِذْ لَو اعْتَمَدَ كُلُّ عُضْوٍ عَلَى الآخَرِ، لَمْ يَحْصُلْ هَذَا التوزيعُ بَيْنَ الأَعْضَاءِ، وَلَمْ تَأْخُذْ نَصِيبَهَا مِنَ العبادةِ.
7- وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْمَعْنَى صَرِيحاً فِيمَا أَخْرَجَهُ الطبرانيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَفْتَرِشِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ، وَاعْتَمِدْ عَلَى رَاحَتَيْكَ، وَأَبْدِ ضَبْعَيْكَ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ، سَجَدَ لَكَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْكَ)).
8- هَذِهِ الكَيْفِيَّةُ تَكُونُ مَا لَمْ يُؤْذِ المُصَلِّي مَنْ بِجَانِبِهِ فِي الصَّلاةِ، فَإِنْ آذَاهُ وَاسْتَوْلَى عَلَى مَكَانِهِ وَزَحَمَهُ، فَلا يَنْبَغِي؛ فَدَرْءُ المَفَاسِدِ بِإِشْغَالِ الْمُصَلِّينَ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ المَصَالِحِ بهذهِ الصفةِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir