دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 12:20 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صفة الصلاة (18/38) [ما يقال عند الرفع من الركوع]


295- وعن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا قامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حينَ يَركَعُ، ثُمَّ يقولُ: ((سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)) حينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِن الرُّكوعِ، ثُمَّ يَقولُ وهو قائمٌ: ((رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ))، ثُمَّ يُكَبِّرُ حينَ يَهْوِي سَاجِدًا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حينَ يَرفَعُ رأسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّها، ويُكَبِّرُ حينَ يَقومُ مِن اثنتينِ بَعْدَ الْجُلوسِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
296- وعن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رأسَهُ مِن الرُّكوعِ قالَ: ((اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ والْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ – وكُلُّنا لك عَبْدٌ – اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، ولا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)). رواهُ مسلِمٌ.


  #2  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 02:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


29/280 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: ((سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)) حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِن الرُّكُوعِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: ((رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ))، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِداً، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ كُلِّهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِن اثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ) أي: إذَا قَامَ فِيهَا.
(يُكَبِّرُ) أي: تَكْبِيرةَ الْإِحْرَامِ.
(حِينَ يَقُومُ) فِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لاَ يَتَوَجَّهُ وَلاَ يَصْنَعُ قَبْلَ التَّكْبِيرةِ شَيْئاً.
(ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ) تَكْبِيرَةَ النَّقْلِ.
(ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) أي: أَجَابَ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ؛ فَإِنَّ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى مُتَعَرِّضاً لِثَوَابِهِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ، وَأَعْطَاهُ مَا تَعَرَّضَ لَهُ، فَنَاسَبَ بَعْدَهُ أَنْ يَقُولَ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ.
(حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِن الرُّكُوعِ) فَهَذَا فِي حَالِ أَخْذِهِ فِي رَفْعِ صُلْبِهِ مِنْ هُوِيِّهِ لِلْقِيَامِ.
(ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ: أي: رَبَّنَا أَطَعْنَاكَ وَحَمِدْنَاكَ، أَوْ لِلْحَالِ، أَوْ زَائِدَةٌ، وَوَرَدَ فِي رِوَايَةٍ بِحَذْفِهَا، وَهِيَ نُسْخَةٌ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ.
(ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِداً) تَكْبِيرَ النَّقْلِ.
(ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ) أي: مِن السُّجُودِ الْأَوَّلِ.
(ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ) أي: السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ.
(ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ) أي: مِن السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ. هَذَا كُلُّهُ تَكْبِيرُ النَّقْلِ.
(ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أي: مَا ذُكِرَ مَا عَدَا التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى الَّتِي لِلْإِحْرَامِ.
(فِي الصَّلاَةِ كُلِّهَا) أي: رَكَعَاتِهَا كُلِّهَا.
(وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِن اثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ) لِلتَّشَهُّدِ الْأَوْسَطِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِن الْأَذْكَارِ، فَأَمَّا أَوَّلُ التَّكْبِيرِ: فَهِيَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا مَا عَدَاهَا مِن التَّكْبِيرِ الَّذِي وَصَفَهُ فَقَدْ كَانَ وَقَعَ مِنْ بَعْضِ أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ تَرْكُهُ تَسَاهُلاً، وَلَكِنَّهُ اسْتَقَرَّ الْعَمَلُ مِن الْأُمَّةِ عَلَى فِعْلِهِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ، كَمَا عَرَفْتَه مِنْ لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَيَزِيدُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلاَثِيَّةِ تَكْبِيرَ النُّهُوضِ مِن التَّشَهُّدِ الْأَوْسَطِ، فَيَتَحَصَّلُ فِي الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَرْبَعٌ وَتِسْعُونَ تَكْبِيرَةً، وَمِنْ دُونِهَا تِسْعٌ وَثَمَانُونَ تَكْبِيرَةً.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ تَكْبِيرِ النَّقْلِ؛ فَقِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ، وَرُوِيَ قَوْلاً لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاوَمَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)).
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى نَدْبِهِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ صَلاَتَهُ، وَإِنَّمَا عَلَّمَهُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ؛ وَهُوَ مَوْضِعُ الْبَيَانِ لِلْوَاجِبِ، وَلاَ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ تَكْبِيرَةَ النَّقْلِ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، فَإِنَّهُ سَاقَهُ وَفِيهِ: ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَرْكَعُ. وَذَكَرَ فِيهِ قَوْلَه: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَبَقِيَّةَ تَكْبِيرَاتِ النَّقْلِ. وَأَخْرَجَهَا التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ؛ وَلِذَا ذَهَبَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ إلَى وُجُوبِ تَكْبِيرةِ النَّقْلِ.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: يُكَبِّرُ حينَ كَذَا وَحِينَ كَذَا. أَنَّ التَّكْبِيرَ يُقَارِنُ هَذِهِ الْحَرَكَاتِ، فَيَشْرَعُ فِي التَّكْبِيرِ عِنْدَ ابْتِدَائِهِ لِلرُّكْنِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَمُدُّ التَّكْبِيرَ حَتَّى يُتِمَّ الْحَرَكَةَ، كَمَا فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ فَلاَ وَجْهَ لَهُ، بَلْ يَأْتِي بِاللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى أَدَائِهِ، وَلاَ نُقْصَانٍ مِنْهُ.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: ((ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ)) أَنَّهُ يُشْرَعُ ذَلِكَ لِكُلِّ مُصَلٍّ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ؛ إذْ هُوَ حِكَايَةٌ لِمُطْلَقِ صَلاَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ حِكَايَةٌ لِصَلاَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَاماً؛ إذِ الْمُتَبَادِرُ مِن الصَّلاَةِ عِنْدَ إطْلاَقِهَا الْوَاجِبَةُ، وَكَانَتْ صَلاَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاجِبَةُ جَمَاعَةً، وَهُوَ الْإِمَامُ فِيهَا، إلاَّ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ هَذَا، فَإِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)) أَمْرٌ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ كَصَلاَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إمَامٍ ومُنْفَرِدٍ.
وإليه ذَهَبَتِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْهَادَوِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ إلَى أَنَّ التَّسْمِيعَ مُطْلَقاً لِمُتَنَفِّلٍ أَوْ مُفْتَرِضٍ، لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، وَالْحَمْدَ لِلْمُؤْتَمِّ ؛ لِحَدِيثِ: ((إذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ)). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: ((إذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ)) لاَ يَنْفِي قَوْلَ الْمُؤْتَمِّ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ الْمُؤْتَمُّ: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، عَقِبَ قَوْلِ الإمامِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ.
وَالْوَاقِعُ هُوَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فِي حَالِ انْتِقَالِهِ، وَالْمَأْمُومَ يَقُولُ التَّحْمِيدَ فِي حَالِ اعْتِدَالِهِ، وَاسْتُفِيدَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِن الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ.
قُلْتُ: لَكِنْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَن الشَّعْبِيِّ: لاَ يَقُولُ الْمُؤْتَمُّ خَلْفَ الْإِمَامِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَلَكِنْ يَقُولُ: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ. وَلَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الشَّعْبِيِّ، فَلاَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ.
وَقَد ادَّعَى الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى كَوْنِ الْمُنْفَرِدِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ، وَيَحْمَدُ الْمُؤْتَمُّ، قَالُوا: وَالْحُجَّةُ جَمْعُ الْإِمَامِ بَيْنَهُمَا؛ لِاتِّحَادِ حُكْمِ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ.
30/281 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ قَالَ: ((اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ , وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ , اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ قَالَ: اللَّهُمَّ).
لَمْ أَجِدْ لَفْظَ ((اللَّهُمَّ)) فِي مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ، وَوَجَدْتُهَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
(رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ) بِنَصْبِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ: ((وَمِلْءَ الْأَرْضِ))، وَهِيَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ كُلُّهَا لَيْسَتْ لَفْظَ أَبِي سَعِيدٍ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ لفظِ ((اللَّهُمَّ)) فِي أَوَّلِهِ، وَلاَ لَفْظَ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِوُجُودِ ((مِلْءَ الْأَرْضِ)) فِيهَا.
(وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) بِضَمِّ الدَّالِ عَلَى الْبِنَاءِ ؛ لِلْقَطْعِ عَن الْإِضَافَةِ وَنِيَّةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ.
(أَهْلَ) بِنَصْبِهِ عَلَى النِّدَاءِ أَوْ رَفْعِهِ؛ أي: أَنْتَ أَهْلُ.
(الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ أَحَقُّ) بِالرَّفْعِ ، خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ، تَقْدِيرُهُ هَذَا: أي: قَوْلُ اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ أَحَقُّ قَوْلِ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ (لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ) خَبَراً وَ (أَحَقُّ) مُبْتَدَأً؛ لِأَنَّهُ مَحْذُوفٌ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، فَجَعَلْنَاهُ جُمْلَةً اسْتِئْنَافِيَّةً، إذَا حُذِفَ تَمَّ الْكَلاَمُ مِنْ دُونِ ذِكْرِهِ.
وَفِي الشَّرْحِ جَعَلَ (أَحَقُّ) مُبْتَدَأً، وَخَبَرُهُ ((لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ)). وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَقْلاً عَن ابْنِ الصَّلاَحِ: مَعْنَاهُ: أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ قَوْلُهُ: لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ إلَى آخِرِهِ؛ وَقَوْلُهُ: ((وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ)) اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ. قَالَ: أَوْ يَكُونُ قَوْلُهُ: ((أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ)) خَبَراً لِمَا قَبْلَهُ أي: قَوْلِهِ: ((رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ)) إلَى آخِرِهِ ((أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ)). قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ: لِمَا فِيهِ مِنْ كَمَالِ التَّفْوِيضِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالِاعْتِرَافِ بِكَمَالِ قُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَقَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَانْفِرَادِهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَتَدْبِيرِ مَخْلُوقَاتِهِ. انْتَهَى.
(مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ). ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا الذِّكْرِ فِي هَذَا الرُّكْنِ لِكُلِّ مُصَلٍّ، وَقَدْ جَعَلَ الْحَمْدَ كَالْأَجْسَامِ، وَجَعَلَهُ سَادًّا لِمَا ذَكَرَهُ مِن الظُّرُوفِ؛ مُبَالَغَةً فِي كَثْرَةِ الْحَمْدِ، وَزَادَ مُبَالَغَةً بِذِكْرِ مَا يَشَاؤُهُ تَعَالَى مِمَّا لاَ يَعْلَمُهُ الْعَبْدُ، وَالثَّنَاءُ: الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ، وَالْمَدْحُ وَالْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَنِهَايَةُ الشَّرَفِ.
وَالْجَدُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ مَعْنَاهُ الْحَظُّ؛ أي: لاَ يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ مِنْ عُقُوبَتِك حَظُّهُ، بَلْ يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَرُوِيَ بالكَسْرِ للجِيمِ؛ أَيْ: لاَ يَنْفَعُهُ جِدُّهُ وَاجْتِهَادُهُ، وَقَدْ ضُعِّفَتْ رِوَايَةُ الْكَسْرِ.


  #3  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 02:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


235 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: ((سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)). حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: ((رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ)). ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِداً، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ اثْنَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- سَمِعَ اللهُ؛ أيْ: أَجَابَ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ، مُتَعَرِّضاً لِثَوَابِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا المعنَى: الإتيانُ بِاللَّامِ فِي قولِهِ: ((لِمَنْ حَمِدَهُ)).وَلَوْ كَانَ السماعُ عَلَى بَابِهِ، لَقَالَ: ( سَمِعَ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ ).
- صُلْبَهُ: الصُّلْبُ فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ: إِحْدَاهَا: ضَمُّ الصَّادِ، وَسُكُونُ اللَّامِ، وَالْمُرَادُ بهِ: الظَّهْرُ.
قَالَ فِي (المِصْبَاحِ): الصُّلْبُ: كُلُّ ظَهْرٍ، لَهُ فَقَارٌ.
- رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ: بِهَذِهِ الصيغةِ اجْتَمَعَ مَعْنَيَانِ: الدُّعَاءُ والاعترافُ، رَبَّنَا اسْتَجِبْ لَنَا، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى هِدَايَتِكَ.
- يَهْوِي: قَالَ فِي (المِصْبَاحِ): هَوَى – بِالْفَتْحِ - يَهْوِي – منْ بَابِ ضَرَبَ - هُوِيًّا - بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا -: إِذَا هَبَطَ وَانْحَطَّ منْ أَعَلَى إِلَى أَسْفَلَ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مشروعيَّةِ تكبيراتِ الانتقالاتِ بَيْنَ الأَرْكَانِ، فِي هَذِهِ المواضعِ كُلِّهَا، عَدَا التسميعَ عِنْدَ الرفعِ من الركوعِ.
2- قولُهُ: ((سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)). مَعْنَاهُ: اسْتَجَابَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَهَذِهِ الجملةُ خاصَّةٌ بالإمامِ والمُنْفَرِدِ دُونَ المأمومِ، فَلَيْسَتْ مُنَاسِبَةً لِحَقِّهِ؛ لِمَا جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ (796)، ومسلمٍ (409)، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا قَالَ الإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ)). وَالاقتصارُ عَلَى التَّحْمِيدِ للمأمومِ هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
3- قولُهُ: ((كَانَ)) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ سُنَّتُهُ المُسْتَمِرَّةُ فِي الصَّلاةِ؛ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ (4212)، والتِّرْمِذِيُّ (251)، والنَّسَائِيُّ (1142) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ رَفْعٍ، وَخَفْضٍ، وَقِيَامٍ، وَقُعُودٍ).
وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الصحابةِ والتَّابِعِينَ.
قَالَ البَغَوِيُّ: اتَّفَقَتِ الأُمَّةُ عَلَى هَذِهِ التكبيراتِ، وَهَذَا عَدَا الرَّفْعَ من الركوعِ.
4- قولُهُ: (حِينَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ التكبيرِ مَعَ الانتقالِ منْ رُكْنٍ إِلَى رُكْنٍ، فَلا يَتَقَدَّمُ عَن الْبَدْءِ بالحركةِ، وَلا يَتَأَخَّرُ بِحَيْثُ يَصِلُ الركنَ الثَّانِي، وَهُوَ لَمْ يَنْتَهِ مِن التكبيرِ، بَلْ يَكُونُ مَوْضِعُ التكبيرِ الحركةَ الَّتِي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ.
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ: تَكْبِيرَاتُ الانتقالِ مَحَلُّهَا بَيْنَ ابتداءِ الانتقالِ والانتهاءِ؛ لأَنَّهَا الذِّكْرُ المشروعُ بَيْنَ الأَرْكَانِ، وَنَفْسُ الأَرْكَانِ مُخْتَصَّةٌ بِأَذْكَارِهَا المَشْرُوعَةِ فِيهَا، فَهَذَا مَأْخَذُ الفقهاءِ لهذا التحديدِ.
وَهَذَا كَمَا ذَكَرَ المَجْدُ وغيرُهُ، أَنَّهُ هُوَ الأُولَى، وَلَكِنَّهُ لا يَجِبُ؛ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ منْ ذَلِكَ، فَمَأْخَذُ هَذَا الْقَوْلِ الصَّحِيحِ هُوَ دَفْعُ المَشَقَّةِ والعُسْرَةِ.
ولذا يُنَبَّهُ هُنَا إِلَى خَطَأٍ يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ الأَئِمَّةِ فِي الصَّلاةِ حَيْثُ لا يَأْتُونَ بِتَكْبِيرَاتِ الانتقالِ إِلاَّ بَعْدَ الانتهاءِ من الانتقالِ، فَيَأْتُونَ مَثَلاً بتكبيرةِ الانتقالِ من السُّجُودِ إِلَى القيامِ، وَهُمْ قِيَامٌ، فَلْيُنْتَبِهْ إِلَى تَرْكِ هَذَا، وَفِعْلِ مَا هُوَ الأُولَى.
5- مَشْرُوعِيَّةُ التَّكْبِيرِ فِي هَذِهِ الانتقالاتِ، إِلاَّ فِي الرفعِ من الركوعِ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) للإمامِ والمنفردِ، وَأَمَّا المأمومُ فَيَقُولُ: (رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ).
6- التكبيرُ هُوَ شعارُ الصَّلاةِ، فَمَعْنَى (اللَّهُ أَكْبَرُ)؛ أيْ: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
· خِلافُ العُلَمَاءِ:
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مشروعيَّةِ تكبيراتِ الانتقالِ بَيْنَ الأَرْكَانِ فِي الصَّلاةِ؛ فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا؛ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ، وَيُدَاوِمُ عَلَيْهَا، وَيَقُولُ: ((إِذَا كَبَّرَ، فَكَبِّرُوا)).
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهَا، فَذَهَبَ الإمامُ أَحْمَدُ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَى وُجُوبِ التكبيرِ؛ للأمرِ بها، وَلِمُدَاوَمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (605).
وَذَهَبَ الأَئِمَّةُ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، إلى أَنَّها سُنَّةٌ، وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ؛ لحديثِ المُسِيءِ فِي صَلاتِهِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ وغيرُهُ: التكبيرُ غَيْرَ تكبيرةِ الإحرامِ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، فلو تَرَكَهُ صَحَّتْ صَلاتُهُ، لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ عَمْداً.
قُلْتُ: وَالأَحَادِيثُ الواردةُ محمولةٌ عَلَى الاستحبابِ؛ جَمْعاً بَيْنَ الأخبارِ، فَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ أَحْوَطُ.

* * *

236 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: ((اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءَ الأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ: قَالَ الكِرْمَانِيُّ: بِدُونِ الْوَاوِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بالوَاوِ، والأَمْرَانِ جَائِزَانِ، بِلا تَرْجِيحٍ لأَحَدِهِمَا عَلَى الآخرِ فِي المختارِ.
- مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَالأرضِ: (مِلْءَ) مَنْصُوبٌ عَلَى المَصْدَرِيَّةِ، أَوْ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ تَمْثِيلٌ وَتَقْرِيبٌ، فَالكلامُ لا يُقَدَّرُ بالمَكَايِيلِ، وَلا تَسَعُهُ الأَوْعِيَةُ، والمُرَادُ: تَكْثِيرُ العددِ، لَوْ قُدِّرَ ذَلِكَ أَجْسَاماً، مَلأَ ذَلِكَ كُلَّهُ.
- بعدُ: ظَرْفٌ قُطِعَ عَن الإضافةِ، مَعَ إرادةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى الضَّمِّ.
- مِنْ شَيْءٍ: بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: ((مَا شِئْتَ)).
- أَهْلَ الثَّنَاءِ: بِالنَّصْبِ عَلَى الاختصاصِ، أَوْ مُنَادًى حُذِفَ مِنْهُ حَرْفُ النداءِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: أَنْتَ أَهْلُ الثناءِ.
وَالثَّنَاءُ: هُوَ المدحُ بالأوصافِ الكاملةِ.
- الْمَجْدِ: المَجْدُ هُوَ غَايَةُ الشرفِ وكَثْرَتُهُ، وَالرِّفْعَةُ.
- أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ: (أَحَقُّ) مبتدأٌ، وَهُوَ مُضَافٌ إِلَى (مَا) المَصْدَرِيَّةِ، وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: ((لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ)). وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، والألفُ وَاللامُ فِي (الْعَبْدِ) لِلتَّعْرِيفِ، لا لِلْعَهْدِ.
- وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ: جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ.
- لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ: (لا) نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ، وَ (مَانِعَ) اسْمُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الفتحِ؛ أَيْ: أَرَدْتَ إِعْطَاءَهُ.
- مِنْكَ؛ أي: مِنْ مُؤَاخَذَتِكَ.
- اللَّهُمَّ رَبَّنَا: هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَبَعْضُهَا بِحَذْفِ (اللَّهُمَّ)، والأُولَى أَوْلَى؛ لأَنَّ فِيهَا تَكْرِيرَ النداءِ، فَكَأَنَّهُ يقولُ: يَا اللَّهُ، يَا رَبَّنَا.
- وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ: (الْجَدُّ) الثَّانِيَةُ فَاعِلُ (يَنْفَعُ)، بِفَتْحِ الجيمِ، وَهُوَ الغِنَى؛ أَيْ: لا يَنْفَعُ ذَا الغِنَى عِنْدَكَ غِنَاهُ، وَلا حَظُّهُ وَبَخْتُهُ، وقيلَ: بِكَسْرِ الجيمِ، وَمَعْنَاهُ: لا يَنْفَعُ صَاحِبَ الاجتهادِ مِنْكَ اجْتِهَادُهُ، إِنَّمَا يَنْفَعُهُ رَحْمَتُكَ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- مَشْرُوعِيَّةُ هَذَا الذِّكْرِ فِي هَذَا الركنِ بَعْدَ الرفعِ من الركوعِ والتسميعِ، والواجبُ مِنْهُ: (رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ). وَكُلَّمَا زَادَ مِنْهُ فَهُوَ أَفْضَلُ حَتَّى نِهَايَتِهِ، وَهُوَ مَشْرُوعٌ للإمامِ والمأمومِ والمنفردِ، فِي الفرضِ والنَّفْلِ، وَهُوَ إجابةٌ للإمامِ حِينَمَا قَالَ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ).فَنَاسَبَ حَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِهَذَا الذِّكْرِ.
2- أَمَّا مَعَانِي الذِّكْرِ فَهِيَ فِي الفِقْرَاتِ الآتِيَاتِ:
(أ) رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ: قَالَ فِي (شَرْحِ المُهَذَّبِ): رَبَّنَا أَطَعْنَا وَحَمِدْنَا، فَلَكَ الْحَمْدُ. وَقَدْ ثَبَتَ بالأحاديثِ الصحيحةِ منْ رِوَايَاتٍ كثيرةٍ: ( رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ ) بالوَاوِ.
(ب) مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ: يُرَادُ بِذَلِكَ تَعْظِيمُ قَدْرِهَا، وَكَثْرَةُ عَدَدِهَا، والمَعْنَى: أَنَّكَ يَا رَبَّنَا مُسْتَحِقٌّ لهذا الحَمْدِ، الَّذِي لَوْ كَانَ أَجْسَاماً، لَمَلأَ ذَلِكَ كُلَّهُ.
(ج) ((وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ)). مِمَّا لا نَعْلَمُهُ منْ مَلَكُوتِكَ الوَاسِعِ.
(د) أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ؛ أيْ: أَنْتَ أَهْلُ الثناءِ، الَّذِي تُثْنِي عَلَيْكَ جَمِيعُ المَخْلُوقَاتِ، وَالمَجْدُ: هُوَ غَايَةُ الشرفِ وَكَثْرَتُهُ.
(هـ) أَحَقُّ مَا قَالَ العبدُ؛ أي: أَنْتَ أَحَقُّ بِمَا قَالَ لَكَ الْعَبْدُ، مِنَ المدحِ والثناءِ.
(وَ) وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ: مَعْنَاهُ مَا فِي الآيَةِ الكريمةِ: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} [مريم: 93]. يَعْنِي: أَنَّ كُلَّ المَخْلُوقَاتِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مُقِرَّةٌ بِالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، آتِيةٌ إِلَيْهِ خَاضِعَةً مُنْقَادَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
(ز) لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ؛ أي: لا مَانِعَ لِمَا أَرَدْتَ إِعْطَاءَهُ.
(ح) ولا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ؛ أي: لا مُعْطِيَ مَنْ أَرَدْتَ حِرْمَانَهُ من الْعَطَاءِ بِحِكْمَتِكَ وَعَدْلِكَ.
(ط) ولا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ: الْجَدُّ هُوَ الحَظُّ وَالبَخْتُ؛ أي: لا يَنْفَعُ ذَا الغِنَى عِنْدَكَ غِنَاهُ وَحَظُّهُ، فَلا يُعِيذُهُ مِنَ الْعَذَابِ، وَلا يُفِيدُهُ شَيْئاً مِنَ الثَّوَابِ، وَإِنَّمَا النَّافِعُ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ إِرَادَتُكَ فَحَسْبُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ كمالُ التفويضِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، والاعترافِ بكمالِ قُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَقَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَانْفِرَادِهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَتَدْبِيرِ مَخْلُوقَاتِهِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir