دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 11:05 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صفة الصلاة (1/38) [أركان الصلاة]


بابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ
267- عن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قالَ: ((إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا)). أَخَرَجَهُ السبْعَةُ، واللفظُ للبخاريِّ. ولابْنِ ماجهْ بإسنادِ مسلِمٍ: ((حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا)).
268- ومثلُهُ في حديثِ رِفاعةَ عندَ أحمدَ وابنِ حِبَّانَ. وفي لفظٍ لأحمدَ: ((فَأَقِمِ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ)). وللنَّسائيِّ وأبي دَاوُدَ، مِن حديثِ رفاعةَ بنِ رافعٍ: ((إِنَّهَا لَنْ تَتِمَّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ وَيَحْمَدَهُ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ)). وفِيهَا: ((فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ وَإِلَّا فَاحْمَدِ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ)). ولأبي دَاوُدَ: ((ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ)). ولابْنِ حِبَّانَ: ((ثُمَّ بِمَا شِئْتَ)).


  #2  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 01:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


بابُ صفةِ الصلاةِ

1/252 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِن الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِك كُلِّهَا)).
أَخْرَجَهُ السَّبْعَةُ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، وَلِابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادِ مُسْلِمٍ: ((حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِماً)).
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ) مُخَاطِباً لِلْمُسِيءِ فِي صَلاَتِهِ، وَهُوَ خَلاَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
(إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ) تَقَدَّمَ أَنَّ إسْبَاغَ الْوُضُوءِ إتْمَامُهُ.
(ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ) تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ.
(ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِن الْقُرْآنِ) فِيهِ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ؛ إذْ لَوْ وَجَبَ لَأَمَرَهُ بِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ مِن الْقُرْآنِ غيرُ الْفَاتِحَةِ، وَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ.
(ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً) فِيهِ إيجَابُ الرُّكُوعِ وَالِاطْمِئْنَانِ فِيهِ.
(ثُمَّ ارْفَعْ) مِن الرُّكُوعِ.
(حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً) مِن الرُّكُوعِ.
(ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً) فِيهِ أَيْضاً وُجُوبُ السُّجُودِ، وَوُجُوبُ الِاطْمِئْنَانِ فِيهِ.
(ثُمَّ ارْفَعْ) مِن السُّجُودِ.
(حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً) بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى.
(ثُمَّ اسْجُدْ) الثَّانِيَةَ.
(حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً) كَالْأُولَى.
فَهَذِهِ صِفَةُ رَكْعَةٍ مِنْ رَكَعَاتِ الصَّلاَةِ؛ قِيَاماً وَتِلاَوَةً وَرُكُوعاً وَاعْتِدَالاً مِنْهُ، وَسُجُوداً وَطُمَأْنِينَةً، وَجُلُوساً بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَجْدَةً بِاطْمِئْنَانٍ كَالْأُولَى، فَهَذِهِ صِفَةُ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ.
(ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ) أي: جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِن الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، إلاَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ؛ فَإِنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى؛ لِمَا عُلِمَ شَرْعاً مِنْ عَدَمِ تَكْرَارِهَا.
(فِي صَلاَتِكَ) فِي رَكَعَاتِ صَلاَتِك.
(كُلِّهَا. أَخْرَجَهُ السَّبْعَةُ) بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ.
(وَ) هَذَا (اللَّفْظُ) الَّذِي سَاقَهُ هُنَا (لِلْبُخَارِيِّ) وَحْدَهُ.
(وَلِابْنِ مَاجَهْ) أي: مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(بِإِسْنَادِ مُسْلِمٍ) أي: بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ رِجَالُ مُسْلِمٍ.
(حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِماً) عِوَضاً عَنْ قَوْلِهِ فِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ: ((حَتَّى تَعْتَدِلَ)). فَدَلَّ عَلَى إيجَابِ الِاطْمِئْنَانِ عِنْدَ الِاعْتِدَالِ مِن الرُّكُوعِ.
[(وَمِثْلُهُ) أي: مِثْلُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مَا فِي قَوْلِهِ]( 1 ).
2/253 - وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ: ((حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِماً)).
- وَلِأَحْمَدَ: ((فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ)).
- وَلِلنَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ: ((إنَّهَا لاَ تَتِمُّ صَلاَةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَحْمَدَهُ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ)) وفِيهَا: ((فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ، وَإِلاَّ فَاحْمَدِ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ)).
- وَلِأَبِي دَاوُدَ: ((ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ)).
- وَلابنِ حِبَّانَ: ((ثُمَّ بِمَا شِئْتَ)).
(فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ، هُوَ ابْنُ رَافِعٍ، صَحَابِيٌّ أَنْصَارِيٌّ شَهِدَ بَدْراً وَأُحُداً وَسَائِرَ الْمَشَاهَدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ الْجَمَلَ وَصِفِّينَ، وَتُوُفِّيَ أَوَّلَ إمَارَةِ مُعَاوِيَةَ.
(عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ) فَإِنَّهُ عِنْدَهُمَا بِلَفْظِ: ((حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِماً)). وَفِي لَفْظٍ (لِأَحْمَدَ: فَأَقِمْ صُلْبَك حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ) أي: الَّتِي انْخَفَضَتْ حَالَ الرُّكُوعِ تَرْجِعُ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ حَالَ الْقِيَامِ لِلْقِرَاءَةِ، وَذَلِكَ بِكَمَالِ الِاعْتِدَالِ.
(وَلِلنَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ) أي: مَرْفُوعاً.
(إنَّهَا لاَ تَتِمُّ صَلاَةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ) فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ.
ِ (ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ) تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ.
(وَيَحْمَدَهُ) بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، إلاَّ أَنَّ قَوْلَهُ: ((فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ)) يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: ((يَحْمَدَهُ)) غَيْرُ الْقِرَاءَةِ، وَهُوَ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ مُطْلَقِ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَيَأْتِي الْكَلاَمُ فِي ذَلِكَ.
(وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ) بِهَا.
(وَفِيهَا) أي: فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ رِفَاعَةَ.
(فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ فَاقْرَأْ وَإِلاَّ) أي: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَك قُرْآنٌ.
(فَاحْمَدِ اللَّهَ) أي: أَلْفَاظُ الْحَمْدِ لِلَّهِ ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ.
(وَكَبِّرْهُ) بِلَفْظِ: اللَّهُ أَكْبَرُ.
(وَهَلِّلْهُ) بِقَوْلِ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ عِوَضُ الْقِرَاءَةِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ قُرْآنٌ يَحْفَظُهُ.
(وَلِأَبِي دَاوُدَ) أَيْ: مِنْ رِوَايَةِ رِفَاعَةَ.
(ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ. وَلِابْنِ حِبَّانَ: ثُمَّ بِمَا شِئْت).
هَذَا حَدِيثٌ جَلِيلٌ يُعْرَفُ بِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلاَتَهُ، وَقَد اشْتَمَلَ عَلَى تَعْلِيمِ مَا يَجِبُ فِي الصَّلاَةِ وَمَا لاَ تَتِمُّ إلاَّ بِهِ، فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ قَائِمٍ إلَى الصَّلاَةِ، وَهُوَ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاَةِ}، وَالْمُرَادُ لِمَنْ كَانَ مُحْدِثاً كَمَا عُرِفَ مِنْ غَيْرِهِ.
وَقَدْ فَصَّلَ مَا أَجْمَلَتْهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ: ((حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ؛ فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَمْسَحُ بِرَأْسِهِ ، وَرِجْلَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ)).
وَهَذَا التَّفْصِيلُ دَلَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، وَيَكُونُ هَذَا قَرِينَةً عَلَى حَمْلِ الْأَمْرِ بِهِمَا حَيْثُ وَرَدَ عَلَى النَّدْبِ، وَدَلَّ عَلَى وجوبِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ وُجُوبُهُ وَبَيَانُ عَفْوِ الِاسْتِقْبَالِ لِلْمُتَنَفِّلِ الرَّاكِبِ، وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَعَلَى تَعْيِينِ أَلْفَاظِهَا رِوَايَةُ الطَّبَرَانِيِّ؛ لِحَدِيثِ رِفَاعَةَ بِلَفْظِ: ((ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ)). وَرِوَايَةُ ابْنِ مَاجَه الَّتِي صَحَّحَهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ اعْتَدَلَ قَائِماً وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ.
وَمِثْلُهُ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ.
فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ هَذَا اللَّفْظُ.
وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلاَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْفَاتِحَةَ أَوْ غَيْرَهَا؛ لِقَوْلِهِ: ((مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِن الْقُرْآنِ)). وَقَوْلِه: ((فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ)). وَلَكِنَّ رِوَايَةَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ: ((فَاقْرَأْ بِأُمِّ الْكِتَابِ)). وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ: ((ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْتَ)) .
وَتَرْجَمَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ: بَابُ فَرْضِ الْمُصَلِّي فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. فَمَعَ تَصْرِيحِ الرِّوَايَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ: ((مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ)) عَلَى الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتِ الْمُتَيَسِّرَةَ ؛ لِحِفْظِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا. أَوْ يُحْمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ مِنْ حَالِ الْمُخَاطَبِ أَنَّهُ لاَ يَحْفَظُ الْفَاتِحَةَ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ وَهُوَ يَحْفَظُ غَيْرَهَا فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَهُ. أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ تَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ مَا تَيَسَّرَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ.
وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ؛ فَإِنَّهَا عَيَّنَتِ الْفَاتِحَةَ وَجَعَلَتْ مَا تَيَسَّرَ لمَا عَدَاهَا، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الرَّاوِيَ حَيْثُ قَالَ: مَا تَيَسَّرَ لَهُ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْفَاتِحَةَ ذَهَلَ عَنْهَا.
وَدَلَّ عَلَى إيجَابِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ مَعَهَا؛ لِقَوْلِهِ: ((بِأُمِّ الْكِتَابِ وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ شِئْتَ)).
وَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْفَظِ الْقُرْآنَ يُجْزِئُهُ الْحَمْدُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ، وَأَنَّهُ لاَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْهُ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ، وَلاَ لَفْظٌ مَخْصُوصٌ.
وَقَدْ وَرَدَ تَعْيِينُ الْأَلْفَاظِ بِأَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الرُّكُوعِ وَوُجُوبِ الِاطْمِئْنَانِ فِيهِ.
وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ بَيَانُ كَيْفِيَّتِهِ فَقَالَ: ((فَإِذَا رَكَعْتَ فَاجْعَلْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وَامْدُدْ ظَهْرَكَ، وَمَكِّنْ رُكُوعَكَ)).
وَفِي رِوَايَةٍ: ((ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُكَ وَتَسْتَرْخِيَ)).
وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الرَّفْعِ مِن الرُّكُوعِ، وَعَلَى وُجُوبِ الِانْتِصَابِ قَائِماً، وَعَلَى وُجُوبِ الِاطْمِئْنَانِ قائماً؛ لِقَوْلِهِ: ((حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِماً)).
وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهَا بِإِسْنَادِ مُسْلِمٍ. وَقَدْ أَخْرَجَهَا السَّرَّاجُ أَيْضاً بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، فَهِيَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ، وَقَدْ فَصَّلَتْهَا رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، بِلَفْظِ: ((ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَسْجُدُ حَتَّى يُمَكِّنَ وَجْهَهُ وَجَبْهَتَهُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَتَسْتَرْخِيَ)).
وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: ((ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِداً عَلَى مَقْعَدَتِهِ وَيُقِيمَ صُلْبَهُ)).
وَفِي رِوَايَةٍ: ((فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى)). فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَيْئَةَ الْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِافْتِرَاشِ الْيُسْرَى.
وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا ذُكِرَ فِي بَقِيَّةِ رَكَعَاتِ صَلاَتِهِ، إلاَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ وُجُوبَهَا خَاصٌّ بِالدُّخُولِ فِي الصَّلاَةِ أَوَّلَ رَكْعَةٍ، وَدَلَّ عَلَى إيجَابِ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَعَلَى مَا عَرَفْتَ مِنْ تَفْسِيرِ مَا تَيَسَّرَ بِالْفَاتِحَةِ، فَتَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَتَجِبُ قِرَاءَةُ مَا شَاءَ مَعَهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَيَأْتِي الْكَلاَمُ عَلَى إيجَابِ مَا عَدَا الْفَاتِحَةَ فِي الْآخِرَتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ مِن الْمَغْرِبِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ جَلِيلٌ، تَكَرَّرَ مِن الْعُلَمَاءِ الِاسْتِدْلاَلُ بِهِ عَلَى وُجُوبِ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَعَدَمِ وُجُوبِ كُلِّ مَا لاَ يُذْكَرُ فِيهِ.
أَمَّا الِاسْتِدْلاَلُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَاجِبٌ؛ فَلِأَنَّهُ سَاقَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ بَعْدَ قَوْلِهِ: ((لَنْ تَتِمَّ الصَّلاَةُ...)) إلاَّ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ.
وَأَمَّا الِاسْتِدْلاَلُ بِأَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ لاَ يَجِبُ ؛ فَلِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَعْلِيمِ الْوَاجِبَاتِ فِي الصَّلاَةِ، فَلَوْ تُرِكَ ذِكْرُ بَعْضِ مَا يَجِبُ لَكَانَ فِيهِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَهُوَ لاَ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِذَا حُصِرَتْ أَلْفَاظُ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أُخِذَ مِنْهَا بِالزَّائِدِ، ثُمَّ إنْ عَارَضَ الْوُجُوبَ الدَّالَّ(2) عَلَيْهِ أَلْفَاظُ هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ عَدَمَ الْوُجُوبِ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ جَاءَتْ صِيغَةُ أَمْرٍ بِشَيْءٍ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ قَرِينَةً عَلَى حَمْلِ الصِّيغَةِ عَلَى النَّدْبِ، وَاحْتَمَلَ الْبَقَاءَ عَلَى الظَّاهِرِ، فَيَحْتَاجُ إلَى مُرَجِّحٍ لِلْعَمَلِ بِهِ.
وَمِن الْوَاجِبَاتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْها، وَلَمْ تُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ النِّيَّةُ. قُلْتُ: كَذَا فِي الشَّرْحِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَوْلُهُ: ((إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاَةِ)) دَالٌّ عَلَى إيجَابِهَا؛ إذْ لَيْسَ النِّيَّةُ إلاَّ الْقَصْدَ إلَى فِعْلِ الشَّيْءِ، وَقَوْلُهُ: ((فَتَوَضَّأْ)). أي: قَاصِداً لَهُ. ثُمَّ قَالَ: وَالْقُعُودُ الْأَخِيرُ. أي: مِن الْوَاجِبِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْحَدِيثِ. ثُمَّ قَالَ: وَمِن الْمُخْتَلَفِ فِيهِ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَالصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَالسَّلاَمُ فِي آخِرِ الصَّلاَةِ.


( 1 ) كذا وردت هذه العبارة في الأصل في هذا الموضع، ولعل موضعها الصحيح في أول شرح حديث رفاعة بن رافع الآتي مباشرة.

(2) كذا بالأصل، ولعل الصواب: الدالَّةُ.



  #3  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 01:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


بَابُ صِفَةِ الصَّلاةِ

مُقَدِّمَةٌ

صِفَةُ الصَّلاةِ هي: الهَيْئَةُ الحاصلةُ فِي الصَّلاةِ، بِمَا لَهَا من الأَرْكَانِ والواجباتِ والسُّنَنِ، وَهِيَ تُبْرِئُ الذِّمَّةَ وَتُسْقِطُ الوَاجِبَ، إِذَا أَدَّاهَا الْعَبْدُ بِشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا فَقَطْ.
وَهِيَ أَعْظَمُ العباداتِ وَسِيلَةً إِلَى مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُصُولِ ثَوَابِهِ، إِذَا صَاحَبَ أَدَاءَ الْوَاجِبَاتِ الْخُشُوعُ، وَالْخُضُوعُ، وَالطُّمَأْنِينَةُ، وجَمْعُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، بِحَيْثُ يُؤَدِّيهَا بِحَالِ الْمُرَاقَبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، والتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ لِمَا يَقُولُ مِنَ الْقِرَاءَةِ، وَالذِّكْرِ، وَالدُّعَاءِ، وَلِمَا يَفْعَلُ منْ هَيْئَاتِ القيامِ، والركوعِ، والسجودِ، والقعودِ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: لَنْ تَصِلَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ إِلَى القيامِ بأوامرِ اللَّهِ تَعَالَى، إِلاَّ بِمُرَاقَبَةِ قَلْبِكَ وَجَوَارِحِكَ، فِي لَحَظَاتِكَ وَأَنْفَاسِكَ، مِنْ حينِ تُصْبِحُ إِلَى حِينِ تمُسْي، فَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَى ضَمِيرِكَ، وَمُشْرِفٌ عَلَى ظَاهِرِكَ وَبَاطِنِكَ، وَمُحِيطٌ بِجَمِيعِ خُطُوَاتِكَ وَخَطَرَاتِكَ، وَسَائِرِ سَكَنَاتِكَ وَحَرَكَاتِكَ، فَتَأَدَّبْ فِي حَضْرَةِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ، وَاجْتَهِدْ أَلاَّ يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاكَ، وَلا يَفْقِدَكَ حَيْثُ أَمَرَكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَى سَرِيرَتِكَ، وَنَاظِرٌ إِلَى قَلْبِكَ، فَإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ منْ صَلاتِكَ بِقَدْرِ خُشُوعِكَ وَخُضُوعِكَ، فَاعْبُدْهُ فِي صَلاتِكَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَسْكُنْ جَوَارِحُكَ، فَهَذَا لقصورِ مَعْرِفَتِكَ بِجلالِ اللَّهِ تَعَالَى، فَعَالِجْ قَلْبَكَ، عَسَاهُ أَنْ يَحْضُرَ مَعَكَ صَلاتَكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ منْ صلاتِكَ إِلاَّ مَا عَقَلْتَ مِنْهَا. اهـ كلامُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
212 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقبْلَةَ، فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا)). أَخْرَجَهُ السَّبْعَةُ، وَاللَّفْظُ للبُخَارِيِّ.
ولابنِ مَاجَهْ بإسنادِ مُسْلِمٍ: ((حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِماً)).
وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ: ((حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِماً)).
ولأحمدَ: ((فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ)).
وَللنَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ منْ حَدِيثِ رِفاعةَ بْنِ رافعٍ: ((إِنَّهَا لَنْ تَتِمَّ صَلاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الوُضُوءَ، كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ تَعَالَى، وَيَحْمَدَهُ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ)).
وَفِيهَا: ((فَإِنْكَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ، وَإِلاَّ فَاحْمَدِ اللَّهَ، وَكَبِّرْهُ، وَهَلِّلْهُ)).
ولأبي دَاوُدَ: ((ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْكِتَابِ، وَبِمَا شَاءَ اللهُ)).
ولابنِ حِبَّانَ: ((ثُمَّ بِمَا شِئْتَ)).

· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- أَسْبِغْ: يُقَالُ: سَبَغَ يَسْبُغْ سُبُوغاً، مِنْ بَابِ قَعَدَ: تَمَّ وَكَمُلَ، وَيَتَعَدَّى بالهمزةِ، فَيُقَالُ: أَسْبَغْتُ الْوُضُوءَ:أَتْمَمْتُهُ؛ أي: أَبْلَغْتُهُ مَوَاضِعَهُ، وَوَفَّيْتُ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ.
- أُمّ الْكِتَابِ: هِيَ الفاتحةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِجَمْعِهَا الْمَعَانِيَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ، ولأنَّهَا فَاتِحَتُهُ فِي التلاوةِ وَالْكِتَابِ.
- مَا تَيَسَّرَ من القرآنِ: مَا سَهُلَ عَلَيْكَ مَعْرِفَتُهُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ سُورَةُ الفاتحةِ؛ لأَنَّهَا أَيْسَرُ سُورَةٍ تُحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَلِمَا جَاءَ فِي أَبِي داودَ: ((فَاقْرَأْ بِأُمِّ الْكِتَابِ)).
- رَاكِعاً: الركوعُ: حَنْيُ الظهرِ حَتَّى تَمَسَّ الْيَدَيْنِ الرُّكْبَتَيْنِ، وَكَمَالُهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرَّأْسُ بالظَّهْرِ.
- حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً: جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الطُّمأنينةِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ، بقولِهِ: ((حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُكَ، وَتَسْتَرْخِيَ))، و ((حَتَّى تَسْتَوِيَ جَالِساً))، ((فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ))، و ((يَسْجُدُ حَتَّى يُمَكِّنَ وَجْهَهُ وَجَبْهَتَهُ)). فَهَذِهِ تَفَاسِيرُ الطمأنينةِ فِي هَذِهِ الأَرْكَانِ وَنَحْوِهَا، وَ (حَتَّى) فِي هَذِهِ المواضعِ لِغَايَةِ مَا يَقَعُ بِهِ الرُّكْنُ، فَدَلَّتْ (حَتَّى) عَلَى أَنَّ الطمأنينةَ دَاخِلَةٌ فِيهِ.
- رَاكِعاً: مَنْصُوبَةٌ عَلَى أَنَّهَا حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ.
- أَقِمْ صُلْبَكَ - بِضَمِّ الصادِ وَسُكُونِ اللَّامِ، وَقَدْ تُضَمُّ اللَّامُ للاتباعِ: وَهُوَ فَقَارُ الظَّهْرِ، قَالَ تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 7].
وَيُجْمَعُ على: أَصْلابٍ وَأَصْلُبٍ.
- كَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ: كَلِمَتَانِ مَنْحُوتَتَانِ مِنْ (اللَّهُ أَكْبَرُ) وَ (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)، وَالنَّحْتُ: هُوَ جَمْعُ حُرُوفِ الْكَلِمَةِ وَتَرْكِيبُهَا مِنْ كَلِمَتَيْنِ أَوْ كَلِمَاتٍ.
- فَكَبِّرْ: يَعْنِي: قُلِ: (اللَّهُ أَكْبَرُ) لا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا، وَتَكُونُ هَمْزَةُ (اللَّهُ) مقصورةً، فَإِنْ مَدَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاتُهُ؛ لأَنَّهَا صَارَتْ هَمْزَةُ اسْتِفْهَامٍ.
- وَمِثْلُهَا فِي القصرِ هَمْزَةُ (أَكْبَرُ)، فَهِيَ بالمَدِّ تَكُونُ اسْتِفْهَاماً، وَإِنْ قَالَ: (أَكْبَارٌ) لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاتُهُ؛ لأَنَّهُ جَمْعُ (كَبَرٍ)، وَالكَبَرُ: الطَّبْلُ، فَيَكُونُ (أَكْبَارٌ) بِمَعْنَى: طُبُولٍ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- هَذَا حَدِيثٌ عَظِيمٌ جليلٌ، يُسَمِّيهِ الْعُلَمَاءُ (حَدِيثَ المُسِيءِ فِي صَلاتِهِ).
2- قِصَّةُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلاً منَ الصحابةِ، اسْمُهُ: خَّلادُ بْنُ رَافِعٍ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى صَلاةً غَيْرَ مُجْزِئَةٍ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ منْ صَلاتِهِ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ، ثُمَّ قَالَ: ((ارْجِعْفَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)). فَرَجَعَ وَعَمِلَ فِي صَلاتِهِ الثَّانِيَةِ كَمَا عَمِلَ فِي صَلاتِهِ الأُولَى، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالَ: ((ارْجِعْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)). ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَأَقْسَمَ الرَّجُلُ أَنَّهُ لا يُحْسِنُ من الصَّلاةِ إِلاَّ مَا فَعَلَ، فَعِنْدَمَا اشْتَاقَ إِلَى الْعِلْمِ، وَتَهَيَّأَ لِقَبُولِهِ، عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
وَذَلِكَ بِأَنْ يُكَبِّرَ تكبيرةَ الإحرامِ، ثُمَّ يَقْرَأَ الفاتحةَ، ثُمَّ يَرْكَعَ حَتَّى يَطْمَئِنَّ رَاكِعاً، ثُمَّ يَعْتَدِلَ من الركوعِ وَيَطْمَئِنَّ، ثُمَّ يَسْجُدَ فَيَطْمَئِنَّ، ثُمَّ يَجْلِسَ بَعْدَ السُّجُودِ وَيَطْمَئِنَّ، ثُمَّ يَسْجُدَ أُخْرَى وَيَطْمَئِنَّ، ثُمَّ يَفْعَلَ هكذا فِي صلاتِهِ كُلِّهَا مَا عَدَا تَكْبِيرَةَ الإحرامِ الخَاصَّةَ بالركعةِ الأُولَى.
3- مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ - منَ الأَقْوَالِ والأفعالِ - هُوَ مِمَّا يَجِبُ فِي الصَّلاةِ، وَمَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، مَا لَمْ يَثْبُتْ بدليلٍ آخَرَ ذَلِكَ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهِ قَدْ سُبِقَ بِلَفْظِ الأَمْرِ بَعْدَ قَوْلِهِ: ((ارْجِعْفَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)). كَمَا أَنَّهُ سِيقَ مَسَاقَ الاسْتِقْصَاءِ فِي تَعَلُّمِ مَا يَجِبُ فِي الصَّلاةِ.
وَأَمَّا الاستدلالُ بِهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ لا يَجِبُ؛ فلأَنَّهُ مَقَامُ تَعْلِيمِ جَاهِلٍ لِوَاجِبَاتِ الصَّلاةِ، فلو تَرَكَ بَعْضَ مَا يَجِبُ لكانَ مِنْهُ تَأْخِيرٌ للبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحاجةِ، وَهُوَ لا يَجُوزُ بالإجماعِ.
4- طَرِيقُ الاستدلالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا يَجِبُ، وَمَا لا يَجِبُ منْ أَقْوَالِ الصَّلاةِ وأفعالِهَا، هُوَ أَنْ تُحْصَى ألفاظُ الْحَدِيثِ الصحيحةُ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ اخْتَلَفَ الفقهاءُ فِي وُجُوبِهِ، وَكَانَ مَذْكُوراً فِي الاستدلالِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّنَا نَتَمَسَّكُ بِوُجُوبِهِ، مَا لَمْ يَأْتِ دَلِيلٌ مُعَارِضٌ أَقْوَى مِنْهُ.
وَكُلُّ مَوْضِعٍ اخْتَلَفَ الفقهاءُ فِي وُجُوبِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَذْكُوراً فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي سِيقَ مَسَاقَ التعليمِ، وَإِنْ جَاءَتْ صيغةُ أَمْرٍ بِشَيْءٍ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ قَرِينَةً عَلَى حَمْلِ الصيغةِ عَلَى الندبِ، وَاحْتُمِلَ البقاءُ عَلَى الظاهرِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى مَرْجِعٍ للعملِ بِهِ.
5- يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى وُجُوبِ الأَعْمَالِ المذكورةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، بِحَيْثُ لا تَسْقُطُ سَهْواً وَلا جَهْلاً، وهيَ:
(أ) تَكْبِيرَةُ الإحرامِ، وَهِيَ رُكْنٌ منْ أركانِ الصَّلاةِ فِي الركعةِ الأُولَى فقطْ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: التَّكْبِيرُ مَعْنَاهُ: تَعْظِيمُ البَارِي جَلَّ وَعَلا، بِأَنَّهُ أَكْبَرُ منْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَعْظَمُ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ تَنْزِيهَهُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَنَقْصٍ، وَحِكْمَةُ الاستفتاحِ بِهِ اسْتِحْضَارُ عظمةِ مَنْ يَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ أَكْبَرُ شَيْءٍ يَخْطُرُ ببالِهِ؛ لِيُصِيبَ الخشوعُ والحياءُ مَنْ يَشْتَغِلُ فِكْرُهُ بِغَيْرِهِ، وَلِهَذَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ للعبدِ منْ صلاتِهِ إِلاَّ مَا عَقَلَ مِنْهَا.
(ب) قِرَاءَةُ الفاتحةِ فِي كُلِّ ركعةٍ، ثُمَّ الركوعُ، والاعتدالُ مِنْهُ، ثُمَّ السُّجُودُ، والاعتدالُ مِنْهُ، والطمأنينةُ فِي كُلِّ هَذِهِ الأفعالِ، حَتَّى فِي الرفعِ من الركوعِ والسجودِ، خِلافاً لِمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا فِي هذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ.
(ج) أَمَّا بَقِيَّةُ الأَرْكَانِ كالتَّشَهُّدِ، وَالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والتسليمِ، فَقَالَ البَغَوِيُّ: إِنَّهَا مَعْلُومَةٌ لَدَى السائلِ.
6- يَفْعَلُ هَذِهِ الأَرْكَانَ فِي كُلِّ ركعةٍ منْ أركانِ الصَّلاةِ، عَدَا تكبيرةَ الإحرامِ، فَهِيَ فِي الركعةِ الأُولَى دُونَ غَيْرِهَا.
7- جَاءَ فِي صِفَةِ الاعتدالِ بَعْدَ الركوعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، لفظُ: ((حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِماً)).وَجَاءَ فيهِ: ((فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ)). والعلماءُ أَمَامَ هَذَا التَّغَايُرِ بَيْنَ ألفاظِ الْحَدِيثِ، يَذْهَبُونَ مَذْهَبَ التعارضِ، وَلَكِنْ هَذَا المخرجُ قَدْ لا يُمْكِنُ فِي بَعْضِ الأَحَادِيثِ، والأفضلُ حِينَئِذٍ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ النَّصَّيْنِ، مَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَإِنَّنَا نَدَعُ الشَّاذَّ، وَنَأْخُذُ بالمحفوظِ والراجحِ.
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَأْخُذُ بقولِهِ: ((حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِماً)).فَإِنَّهُ أَبْلَغُ منْ ((حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ)).لأَنَّ الطمأنينةَ رُجُوعُ العظامِ وَزِيَادَةٌ.
8- الطمأنينةُ: قَالَ فُقَهَاؤُنَا: هِيَ الركنُ التاسعُ منْ أركانِ الصَّلاةِ، فِي الركوعِ، والاعتدالِ مِنْهُ، والسجدةِ، والجلوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي قَدْرِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا السُّكُونُ، وَإِنْ قَلَّ، وَهِيَ المَذْهَبُ.
الثاني: أَنَّهَا بِقَدْرِ الذِّكْرِ الواجبِ، قَالَ المَجْدُ وغيرُهُ: وَهَذَا هُوَ الأَقْوَى.
قَالَ فِي (الإنصافِ): وفائدةُ الوَجْهَيْنِ إِذَا نَسِيَ التَّسْبِيحَ فِي ركوعِهِ أَوْ سجودِهِ، أَو التحميدَ فِي اعتدالِهِ، أَوْ سؤالَ المغفرةِ فِي جلوسِهِ، فصلاتُهُ صَحِيحَةٌ عَلَى الْوَجْهِ الأَوَّلِ، وَلا تَصِحُّ عَلَى الثَّانِي.
والوجهُ الثَّانِي هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ فِي قَدْرِ الطمأنينةِ.
9- وُجُوبُ الطمأنينةِ فِي الرفعِ من الركوعِ، والرفعِ من السُّجُودِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
10- وُجُوبُ الوُضُوءِ وَإِسْبَاغِهِ للصلاةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ.
11- وُجُوبُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ للصلاةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ.
12- وُجُوبُ الترتيبِ بَيْنَ الأَرْكَانِ؛ لأَنَّهُ وَرَدَ بِلَفْظِ (ثُمَّ)، كَمَا أَنَّهُ مَقَامُ تَعْلِيمِ جَاهِلٍ بالأَحْكَامِ.
13- أَنَّ هَذِهِ الأَرْكَانَ لا تَسْقُطُ جَهْلاً وَلا سَهْواً، بدليلِ أَمْرِ المُصَلِّي بالإعادةِ، وَلَمْ يَكْتَفِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَعْلِيمِهِ، وَلأَنَّهَا منْ بَابِ المأموراتِ الَّتِي لا يُعْذَرُ تَارِكُهَا بِجَهْلٍ، وَلا نِسْيَانٍ.
14- أَنَّ صَلاةَ المُسِيءِ بالكَيْفِيَّةِ الَّتِي صَلَّاهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَلا مُجْزِئَةٍ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَمْ يُؤْمَرْ بِإِعَادَتِهَا، وَلْيَكُنْ فِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ وَعِظَةٌ لِمَنْ يَنْقُرُونَ صَلاتَهُم، وَلا يُتِمُّونَهَا، وَلْيَعْلَمُوا أَنَّهَا صَلاةٌ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ.
قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: قولُهُ: ((فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)). نَفَى أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ صَلاةً، والعملُ لا يَكُونُ مَنْفِيًّا إِلاَّ إِذَا انْتَفَى شيءٌ منْ واجباتِهِ، فَلا يَصِحُّ نَفْيُهُ لانتفاءِ شيءٍ من المُسْتَحَبَّاتِ.
وَقَالَ الصَّنْعَانِيُّ: لا يَتِمُّ حَمْلُ النفيِ عَلَى نَفْيِ الكمالِ؛ فَإِنَّ كَلِمَاتِ النَّفْيِ مَوْضُوعَةٌ لِنَفْيِ الْحَقِيقَةِ.
15- أَنَّ مَنْ أَتَى بِعِبَادَةٍ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ صَحِيحٍ جَهْلاً، وَمَضَى زَمَنُهَا، فَإِنَّهُ لا يُطْلَبُ مِنْهُ إِعَادَتُهَا؛ بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، بقولِهِ: (أَوَامِرُ الشَّرْعِ لا تَلْزَمُ المُكَلَّفَ إِلاَّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ تَرَكَ وَاجِباً قَبْلَ بُلُوغِ الشَّرْعِ، كَمَنْ لَمْ يَتَيَمَّمْ لِعَدَمِ الْمَاءِ؛ لِظَنِّهِ عَدَمَ الصِّحَّةِ، أَوْ لَمْ يَتْرُكِ الأكلَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ).
16- مَشْرُوعِيَّةُ حُسْنِ التعليمِ، وطريقةُ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ؛ بِأَنْ يَكُونَ بِطريقةٍ سَهْلَةٍ مُيَسَّرَةٍ، حَتَّى لا يُنَفِّرَهُ، فَيَرْفُضَ المُتَعَلِّمُ إِذَا عُلِّمَ بِطَرِيقِ العُنْفِ والشدَّةِ وَالْغِلْظَةِ.
17- يُسْتَحَبُّ للمسؤولِ أَنْ يَزِيدَ فِي الْجَوَابِ إِذَا اقْتَضَتِ المصلحةُ، ذَلِكَ كَأَنْ تَكُونَ قَرِينَةُ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى جَهْلِ السائلِ بِبَعْضِ الأَحْكَامِ الَّتِي يَحْتَاجُهَا.
18- أَنَّ الاستفتاحَ، والتَّعَوُّذَ، والبسملةَ، وَرَفْعَ اليدَيْنِ، وَجَعْلَهُمَا عَلَى الصَّدْرِ، وَهَيْئَاتِ الركوعِ، والسجودِ، والجلوسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، كُلَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ.
19- قولُهُ: ((ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ)). القرآنُ: هُوَ كَلامُ اللَّهِ تَعَالَى حَقًّا؛ قَالَ تَعَالَى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]. فَلَيْسَ هُوَ عِبَارَةً عَنْ كَلامِ اللَّهِ، كَمَا تَقُولُهُ الأشاعرةُ، وَلا حِكَايَةً عَنْ كَلامِ اللَّهِ، كَمَا تقولُهُ الكرامِيَّةُ، وَلا مَخْلُوقاً، كَمَا تَقُولُهُ المعتزلةُ، وَلَكِنَّهُ كلامُهُ هُوَ، كَمَا قَالَهُ هُوَ جَلَّ وَعَلا، وَبَلَّغَهُ رسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاعْتَقَدَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، وَأَتْبَاعُهُم منْ أَئِمَّةِ السلفِ الصالحِ، وبهذا يُعْرَفُ فَضْلُ هَذَا الْقُرْآنِ، وَأَنَّهُ أَشْرَفُ الْكَلامِ، وَأَصْدَقُهُ، وَأَعْدَلُهُ، وَأَفْصَحُهُ، وَأَبْلَغُهُ.
20- أَنَّ المُعَلِّمَ يَبْدَأُ فِي تَعْلِيمِهِ بِالأَهَمِّ فالأَهَمِّ، وَتَقْدِيمِ الفروضِ عَلَى المُسْتَحَبَّاتِ.
· خِلافُ العلماءِ:
ذَهَبَ الْحنفيَّةُ إلى صِحَّةِ الصَّلاةِ بِقِرَاءَةِ أَيِّ شيءٍ من الْقُرْآنِ، حَتَّى مِنْ قَادِرٍ عَلَى الفاتحةِ عَالِمٍ بِهَا، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20]. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضاً بِإِحْدَى رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ: ((ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ)).
وَذَهَبَ الجمهورُ إلى عدمِ صِحَّةِ الصَّلاةِ بدونِ الفاتحةِ لِمَنْ يُحْسِنُهَا، مُسْتَدِلِّينَ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ منْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)). وَهَذَا نَفْيٌ لحقيقةِ الصَّلاةِ، لا لِكَمَالِهَا.
وَأَجَابُوا عَن الآيةِ بِأَنَّهَا جَاءَتْ لبيانِ مَا يُقْرَأُ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ، بَعْدَ الأَمْرِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ بقولِهِ: {قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [المزمل: 2 - 4]. فَخُفِّفَتِ الْقِرَاءَةُ وَالصَّلاةُ إِلَى المُتَيَسَّرِ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الحديثِ: فَمُجْمَلَةٌ، فَسَّرَتْهَا الرِّوَايَاتُ الأُخَرُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ (856): ((اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَبِما شَاءَ اللَّهُ)). وَقَدْ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ صَالِحٌ. ولابنِ حِبَّانَ (5/88) فِي حديثِهِ: ((وَاقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَبِمَا شِئْتَ)).
قَالَ ابْنُ الهُمَامِ: الأَوْلَى الْحُكْمُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ للمُسِيءِ فِي صلاتِهِ ذَلِكَ كُلَّهُ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قِرَاءَةِ الفاتحةِ؛ هَلْ تَكُونُ فِي الركعتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، أُمْ فِي جَمِيعِ الصَّلاةِ؟
فَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلى وُجُوبِ الفاتحةِ فِي الركعتَيْنِ الأُولَيَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا.
وَجمهورُ العلماءِ يَرَوْنَ وُجُوبَهَا فِي كُلِّ ركعةٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قولُهُ: ((ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا)).
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وحديثُ أَبِي قَتَادَةَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ الفاتحةَ فِي كُلِّ ركعةٍ، مَعَ قَوْلِهِ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)) دَلِيلُ الوجوبِ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الطمأنينةِ فِي الرفعِ من الركوعِ، وَمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
فَذَهَبَ الحنفيَّةُ إلى عدمِ وُجُوبِهَا فِي الرفعِ من الركوعِ، وَمَا بَيْنَ السجدتَيْنِ.
وَذَهَبَ جمهورُ الْعُلَمَاءِ منْ فقهاءِ المذاهبِ الأربعةِ إلى وُجُوبِ الطمأنينةِ فِي الاعتدالِ بَعْدَ الركوعِ، والجَلْسَةِ بَعْدَ السُّجُودِ، كَمَا هُوَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ فِي بَقِيَّةِ الأَرْكَانِ، وَحُجَّةُ الجمهورِ بَعْضُ رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّتِي أَمَرَتْ بالطمأنينةِ فِيهِمَا، وَمَا جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ (759)، ومسلمٍ (471)، مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: (أَنَّهُ رَمَقَ صَلاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منْ حِينِ قِيَامِهِ، فَرَكْعَتِهِ، فاعتدالِهِ بَعْدَ ركوعِهِ، فَسَجْدَتِهِ، فَجَلْسَتِهِ مَا بَيْنَ التسليمِ والانصرافِ، قَرِيباً من السَّواءِ).
· فَائِدَةٌ:
قَالَ ابْنُ المُلَقِّنِ فِي (شرحِ العمدةِ): اعْلَمْ أَنَّ الواجباتِ فِي الصَّلاةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعاً لِحَصْرِهَا، بَلْ لِحَصْرِ مَا أَهْمَلَهُ هَذَا الرَّجُلُ المُصَلِّي وَجَهِلَهُ فِي صلاتِهِ، فَقَد اسْتَدَلَّ بهِ الْكَثِيرُ من الفقهاءِ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَمَا لَمْ يُذْكَرْ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ فَلَيْسَ الْحَدِيثُ مَوْضُوعاً لِبَيَانِ سُنَنِ الصَّلاةِ اتِّفَاقاً.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:52 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir