دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 12:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صفة الصلاة (28/38) [استحباب وضع اليدين على الفخذين والإشارة بالسبابة في التشهد]


313- وعن ابنِ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى علَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، والْيُمْنَى علَى الْيُمْنَى، وعَقَدَ ثلاثةً وخَمسينَ، وأَشارَ بإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ. رواهُ مسلِمٌ. وفي روايَةٍ له: وقَبَضَ أصابِعَهُ كُلَّها، وأشارَ بالتي تلي الإبهامَ.


  #2  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 03:16 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


45/296 - وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَالْيُمْنَى عَلَى الْيُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلاَثاً وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ.
(وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ اليُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى وَالْيُمْنَى عَلَى الْيُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلاَثاً وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ). قَالَ الْعُلَمَاءُ: خُصَّتِ السَّبَّابَةُ بِالْإِشَارَةِ لِاتِّصَالِهَا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ، فَتَحْرِيكُهَا سَبَبٌ لِحُضُورِهِ.
(رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ).
وَوَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مُجْمَعٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَعَقَدَ ثَلاَثاً وَخَمْسِينَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ: صُورَتُهَا أَنْ يَجْعَلَ الْإِبْهَامَ مَفْتُوحَةً تَحْتَ الْمُسَبِّحَةِ.
وَقَوْلُهُ: وقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا. أي: أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُمْنَى ، قَبَضَهَا عَلَى الرَّاحَةِ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ.
وقولُه: التي تَلِي الإبهامَ. وَصْفٌ كاشِفٌ لتحقيقِ السَّبَّابَةِ.
وقولُه فِي رِوَايَةِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: حَلَّقَ بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالْوُسْطَى. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ.
فَهَذِهِ ثَلاَثُ هَيْئَاتٍ: جَعَلَ الْإِبْهَامَ تَحْتَ الْمُسَبِّحَةِ مَفْتُوحَةً، وَسَكَتَ فِي هَذِهِ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَصَابِعِ، هَلْ تُضَمُّ إلَى الرَّاحَةِ أَوْ تَبْقَى مَنْشُورَةً عَلَى الرُّكْبَةِ؟
الثَّانِيَةُ: ضَمُّ الْأَصَابِعِ كُلِّهَا عَلَى الرَّاحَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِالْمُسَبِّحَةِ.
الثَّالِثَةُ: التَّحْلِيقُ بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالْوُسْطَى، ثُمَّ الْإِشَارَةُ بِالسَّبَّابَةِ، ووَرَدَ بِلَفْظِ الْإِشَارَةِ كَمَا هُنَا، وَكَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ وَلاَ يُحَرِّكُهَا. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
وعندَ ابنِ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ وَائِلٍ،أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ أُصْبُعَهُ فَرَأَيْتُه يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالتَّحْرِيكِ الْإِشَارَةَ لاَ تَكْرِيرَ تَحْرِيكِهَا، حَتَّى لاَ يُعَارِضَ حَدِيثَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَمَوْضِعُ الْإِشَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ؛ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيَنْوِي بِالْإِشَارَةِ التَّوْحِيدَ وَالْإِخْلاَصَ فِيهِ؛ فَيَكُونُ جَامِعاً فِي التَّوْحِيدِ بَيْنَ الْقَوْلِ والْفِعْلِ وَالِاعْتِقَادِ.
وَلِذَلِكَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الْإِشَارَةِ بِالْأُصْبُعَيْنِ وَقَالَ: ((أَحَدٌ أَحَدٌ)) لِمَنْ رَآهُ يُشِيرُ بِأُصْبُعَيْهِ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَذِهِ الْهَيْئَاتِ, وَوَجْهُ الْحِكْمَةِ شَغْلُ كُلِّ عُضْوٍ بِعِبَادَةٍ.
وَوَرَدَ فِي الْيَدِ الْيُسْرَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْقَمَ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ، وَفَسَّرَ الْإِلْقَامَ بِعَطْفِ الْأَصَابِعِ عَلَى الرُّكْبَةِ، وَذَهَبَ إلَى هَذَا بَعْضُهُمْ؛ عَمَلاً بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ، قَالَ: وَكَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ مَنْعُ الْيَدِ عَن الْعَبَثِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ : (وَعَقَدَ ثَلاَثاً وَخَمْسِينَ) إشَارَةٌ إلَى طَرِيقَةٍ مَعْرُوفَةٍ تَوَاطَأَتْ عَلَيْهَا الْعَرَبُ فِي عُقُودِ الْحِسَابِ، وَهِيَ أَنْوَاعٌ مِن الْآحَادِ وَالْعَشَرَاتِ وَالْمِئِينَ وَالْأُلُوفِ.
أَمَّا الْآحَادُ: فَلِلْوَاحِدِ عَقْدُ الْخِنْصَرِ إلَى أَقْرَبِ مَا يَلِيهِ مِنْ بَاطِنِ الْكَفِّ، وَلِلِاثْنَيْنِ عَقْدُ الْبِنْصِرِ مَعَهَا كَذَلِكَ، وَلِلثَّلاَثَةِ عَقْدُ الْوُسْطَى مَعَهَا كَذَلِكَ، وَلِلْأَرْبَعَةِ حَلُّ الْخِنْصَرِ، وَلِلْخَمْسَةِ حَلُّ الْبِنْصِرِ مَعَهَا دُونَ الْوُسْطَى، وَلِلسِّتَّةِ عَقْدُ الْبِنْصِرِ وَحَلُّ جَمِيعِ الْأَنَامِلِ، وَلِلسَّبْعَةِ بَسْطُ الْخِنْصَرِ إلَى أَصْلِ الْإِبْهَامِ مِمَّا يَلِي الْكَفَّ، وَلِلثَّمَانِيَةِ بَسْطُ الْبِنْصِرِ فَوْقَهَا كَذَلِكَ، وَلِلتِّسْعَةِ بَسْطُ الْوُسْطَى فَوْقَهَا كَذَلِكَ.
وَأَمَّا الْعَشَرَاتُ فَلَهَا الْإِبْهَامُ وَالسَّبَّابَةُ، فَلِلْعَشَرَةِ الْأُولَى عَقْدُ رَأْسِ الْإِبْهَامِ عَلَى طَرَفِ السَّبَّابَةِ.
وَلِلْعِشْرِينَ إدْخَالُ الْإِبْهَامِ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى.
وَلِلثَّلاَثِينَ عَقْدُ رَأْسِ السَّبَّابَةِ عَلَى رَأْسِ الْإِبْهَامِ عَكْسَ الْعَشَرَةِ.
وَلِلْأَرْبَعِينَ تَرْكِيبُ الْإِبْهَامِ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوْسَطِ مِن السَّبَّابَةِ، وعَطْفُ الْإِبْهَامِ إلَى أَصْلِهَا.
وللخمسينَ عَطْفُ الإبهامِ إلى أصلِها.
وَلِلسِّتِّينَ تَرْكِيبُ السَّبَّابَةِ عَلَى ظَهْرِ الْإِبْهَامِ عَكْسَ الْأَرْبَعِينَ.
وَلِلسَّبْعِينَ إلْقَاءُ رَأْسِ الْإِبْهَامِ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوْسَطِ مِن السَّبَّابَةِ وَرَدُّ طَرَفِ السَّبَّابَةِ إلَى الْإِبْهَامِ.
وَلِلثَّمَانِينَ رَدُّ طَرَفِ السَّبَّابَةِ إلَى أَصْلِهَا، وَبَسْطُ الْإِبْهَامِ عَلَى جَنْبِ السَّبَّابَةِ مِنْ نَاحِيَةِ الْإِبْهَامِ.
وَلِلتِّسْعِينَ عَطْفُ السَّبَّابَةِ إلَى أَصْلِ الْإِبْهَامِ، وَضَمِّهَا بِالْإِبْهَامِ.
وَأَمَّا الْمِئِينَ (1)فَكَالْآحَادِ إلَى تِسْعِمِائَةٍ فِي الْيَدِ الْيُسْرَى، وَالْأُلُوفُ كَالْعَشَرَاتِ فِي الْيُسْرَى.


(1) كذا بالأصل , ولعلها: المِئُونَ.



  #3  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 03:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


249 - وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَعَدَ للتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَيْهِ؛ اليُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُسْرَى، وَالْيُمْنَى عَلَى الْيُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلاثاً وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِأُصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لهُ: وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِالَّتِي تَلِي الإبهامَ.

· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- لِلتَّشَهُّدِ؛ أَيْ: فِي زَمَنِهِ، وَسُمِّيَ الذِّكْرُ المَخْصُوصُ تَشَهُّداً؛ لاشْتِمَالِهِ عَلَى كَلِمَتَي الشهادةِ، كَمَا أَنَّ فِيهِ دُعَاءً يَدْعُوهُ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: (السَّلامُ عَلَيْكَ، السَّلامُ عَلَيْنَا). دُعَاءٌ عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الإِخْبَارِ، لِمَزِيدِ التأكيدِ.
- عَقَدَ ثَلاثاً وَخَمْسِينَ: إِشَارَةٌ إِلَى طريقةٍ حِسَابِيَّةٍ كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ الْعَرَبِ، وَصُورَتُهَا: أَنَّ الثلاثةَ لَهَا حَلْقةٌ بَيْنَ الإِبْهَامِ والوُسْطَى، وَلِلْخَمْسِينَ يَقْبِضُ الخِنْصَرَ وَالْبِنْصَرَ، وَيُشِيرُ بالسَّبَّابَةِ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
- السَّبَّابَةُ: مُؤَنَّثَةٌ، يُقَالُ: سَبَّهُ سَبًّا فَهُوَ سَبَّابٌ، بِمَعْنَى: شَتَمَهُ، وَسُمِّيَت الأصبعُ الَّتِي تَلِي الإبهامَ سَبَّابَةً؛ لأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ السَّبِّ.
- قَبَضَ يَقْبِضُ قَبْضاً، مِنْ بَابِ ضَرَبَ: ضَمَّ أَصَابِعَهُ، فَقَبْضُ اليدِ خِلافُ بَسْطِهَا.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- مَشْرُوعِيَّةُ القعودِ للتَّشَهُّدِ فِي الصَّلاةِ الثُّنَائِيَّةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا إِلاَّ تَشَهُّدٌ وَاحِدٌ، وَأَمَّا الصَّلاةُ الثُّلاثِيَّةُ وَالرُّبَاعِيَّةُ فَفِيهِمَا تَشَهُّدَانِ.
2- اسْتِحْبَابُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ أَثْنَاءَ التَّشَهُّدِ عَلَى الفَخِذَيْنِ.
3- أَمَّا صِفَةُ اليَدَيْنِ أثناءَ التَّشَهُّدِ: فَالْيُسْرَى يَبْسُطُهَا عَلَى فَخِذِه اليُسْرَى، وَأَمَّا اليَدُ اليُمْنَى فَيَقْبِضُ الخِنْصَرَ وَالْبِنْصَرَ، وَيُحَلِّقُ الوُسْطَى مَعَ الإِبْهَامِ، وَيَدَعُ السَّبَّابَةَ عَلَى وَضْعِهَا مُسْتَعِدَّةً للإشارةِ بالتوحيدِ والعُلُوِّ، وَهَذِهِ الصفةُ تُسَمَّى اصْطِلاحاً حِسَابِيًّا قَدِيماً: (ثَلاثاً وَخَمْسِينَ).
4- الروايةُ الأُخْرَى فِي الحديثِ: أَنَّ المُسْتَحَبَّ هُوَ قَبْضُ الأصابعِ الأربعةِ كُلِّهَا لِلْيَدِ اليُمْنَى، والإشارةُ بالسَّبَّابَةِ.
فَهَاتَانِ صِفَتَانِ مَشْرُوعَتَانِ لِوَضْعِ الكَفَّيْنِ أَثْنَاءَ التَّشَهُّدَيْنِ، كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
5- جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي مُسْلِمٍ (580) قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلاةِ وَضَعَ كَفَّهُ اليُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ اليُمْنَى، وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ).
وَلَكِنْ هَذِهِ الروايةُ المطلَقةُ تُحْمَلُ عَلَى الرِّوَايَاتِ المُقَيَّدَةِ حَسَبَ الْقَاعِدَةِ الأُصُولِيَّةِ؛ لِمَا يَلِي:
أَوَّلاً: أَنَّهَا خَالَفَتِ الْعَدِيدَ من الرِّوَايَاتِ منْ قَبْضِ اليدِ اليُمْنَى حَالَ التَّشَهُّدِ، فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: (إِذَا قَعَدَ للتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ اليُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُسْرَى، وَالْيُمْنَى عَلَى اليُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلاثاً وَخَمْسِينَ).
وَحَدِيثُ مِقْسَمٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيِّ: (إِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ، يُوَحِّدُ بِهَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ). رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (2/133)، والتوحيدُ فِي التَّشَهُّدِ.
وحديثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: (إِذَا جَلَسَ فِي التَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى، وَأَشَارَ بالسَّبَّابَةِ).
وَغَيْرُ ذَلِكَ من الرِّوَايَاتِ المُقَيَّدَةِ.
ثانياً: جُلُوسُ الصَّلاةِ يُرَادُ بِهِ الجُلُوسُ للتَّشَهُّدِ، أَمَّا الجلسةُ الَّتِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَهِيَ تُعْرَفُ وَتُقَيَّدُ بِهَذَا اللفظِ: الجلسةُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
ثالثاً: أَنَّ الروايةَ المُطْلَقَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ، فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ (580) وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ المُعَاوِيِّ قَالَ: (رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَعْبَثُ بِالْحَصَى فِي الصَّلاةِ...) الْحَدِيثَ.
وَالْعَبَثُ فِي الحَصَى لا يَكُونُ إِلاَّ فِي الجلسةِ الطويلةِ؛ وَهِيَ التَّشَهُّدُ.
رَابِعاً: إِنَّنِي لا أَعْلَمُ أحداً قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ، والسُّنَّةُ المُحَمَّدِيَّةُ اتِّبَاعُ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَجُمْهُورِهِمْ، وَعَدَمُ الخُرُوجِ عَنْهُمْ فِي الأَقْوَالِ والأعمالِ.
· خِلافُ الْعُلَمَاءِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هُوَ وَضْعُ يَدِهِ اليُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ اليُمْنَى، وَيَدِهِ اليُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ اليُسْرَى، جَاعِلاً أَطْرَافَ أصابعِهِ عِنْدَ حَرْفِ رُكْبَتِهِ الأَعْلَى، بَاسِطاً أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، فَلا يَقْبِضُ شَيْئاً مِنْهَا، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ (519)، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِلَفْظِ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ يَدْعُو، وَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ اليُمْنَى، وَيَدَهُ اليُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ اليُسْرَى، وَأَشَارَ بِأُصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى، وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ).
وَهُنَاكَ صِفَاتٌ أُخْرَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي قَبْضِ الأَصَابِعِ الثَّلاثَةِ، مَذْكُورَةٌ فِي الكُتُبِ المَبْسُوطَةِ عِنْدَهُمْ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى بَسْطِ الْيُسْرَى عَلَى الفَخِذِ اليُسْرَى، وَتَحْلِيقِ الأَصَابِعِ الثَّلاثَةِ مِنَ اليُمْنَى، وَهُوَ الخِنْصَرُ وَالبِنْصَرُ وَالْوُسْطَى، فَيُحَلِّقُ هَذِهِ الثلاثةَ مَعَ حَرْفِ اليدِ إِلَى الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي البِنْصَرَ، وَيَمُدُّ أُصْبُعَهُ السَّبَّابَةَ كالمُشِيرِ بِهَا، وَيَتْرُكُ الإِبْهَامَ عَلَى طَبِيعَتِهِ، وَهَذِهِ الصفةُ تُشْبِهُ اصْطِلاحاً حِسَابِيًّا قَدِيماً: (تِسْعَةً وَعِشْرِينَ).
وَذَهَبَ الشافعيَّةُ والحنابلةُ إِلَى أَنَّ المُسْتَحَبَّ وَضْعُ الْيُسْرَى عَلَى الفَخِذِ اليُسْرَى مَبْسُوطَةَ الأصابعِ مَضْمُومَةً، وَتَكُونُ أَطْرَافُهَا دُونَ الرُّكْبَةِ، مُسْتَقْبِلاً بِجَمِيعِ أَطْرَافِهَا الْقبْلَةَ، أَمَّا اليُمْنَى فَيَضَعُهَا عَلَى فَخِذِه اليُمْنَى، قَابِضاً مِنْهَا الخِنْصَرَ وَالْبِنْصَرَ وَالْوُسْطَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُحَلِّقاً بَيْنَ الوُسْطَى وَالإِبْهَامِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَمَدَّ السَّبَّابَةِ للإشارةِ بِهَا، وَهَذِهِ الصفةُ تُشِيرُ فِي المُصْطَلَحِ الْحِسَابِيِّ الْقَدِيمِ إِلَى عَدَدِ: (ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ).
وَدَلِيلُهُمْ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ (حَدِيثُ الْبَابِ).
واخْتِلافُ الْعُلَمَاءِ فِي قَبْضِ الأصابعِ وَبَسْطِهَا رَاجِعٌ إِلَى اخْتِلافِ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ.
وَأَشَارَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى وَجْهِ الْجَمْعِ بَيْنَهَا، فَقَالَ: الرِّوَايَاتُ المذكورةُ كُلُّهَا وَاحِدَةٌ، فَمَنْ قَالَ: (قَبَضَ أَصَابِعَهُ الثلاثةَ) أَرَادَ: أَنَّ الوُسْطَى مَضْمُومَةٌ، وَلَمْ تَكُنْ مَنْشُورَةً كالسَّبَّابَةِ، وَمَنْ قَالَ: (قَبَضَ اثْنَتَيْنِ) أَرَادَ أَنَّ الوُسْطَى لَمْ تَكُنْ مَضْمُومَةً مَعَ البِنْصَرِ وَالْخِنْصَرِ، وَالْبِنْصَرُ وَالْخِنْصَرُ مُتَسَاوِيَتَانِ فِي القَبْضِ دُونَ الوُسْطَى.
وَاخْتَلَفَ الأَئِمَّةُ وَأَتْبَاعُهُمْ فِي الْحَالِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا الإشارةُ بالإصبعِ السَّبَّابَةِ.
فَذَهَبَ الحنفيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُشِيرُ بِهَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي التَّشَهُّدِ: (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)، وَذَلِكَ عِنْدَ إثباتِ الإِلَهِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَنَفْيِهَا عَمَّنْ سِوَاهُ.
وَدَلِيلُهُمْ: حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي مُسْلِمٍ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَى الإشارةِ بالسَّبَّابَةِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ المُسْتَحَبَّ أَنْ يُدِيمَ تَحْرِيكَ السَّبَّابَةِ تَحْرِيكاً وَسَطاً، وَيَكُونُ منْ أَوَّلِ التَّشَهُّدِ إِلَى آخِرِهِ.
وَدَلِيلُهُمْ: حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَضَ اثْنَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَحَلَّقَ حلقةً، ثُمَّ رَفَعَ إِصْبَعَهُ، فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا). رَوَاهُ أَحْمَدُ (18391)، وَالنَّسَائِيُّ (889)، وَعَقَّبَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْبَيْهَقِيُّ، فَقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بالتَّحْرِيكِ الإشارةَ بِهَا، لا تَكْرِيرَ تَحْرِيكِهَا، حَتَّى لا يَتَعَارَضَ مَعَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ (989) بِلَفْظِ (يُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ، وَلا يُحَرِّكُهَا). قَالَ الْحَافِظُ: وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ.
وَذَهَبَ الشافعيَّةُ إِلَى أَنَّ المُسْتَحَبَّ أَنْ يُشِيرَ بالسَّبَّابَةِ عِنْدَ الْهَمْزَةِ منْ قَوْلِهِ: (إِلاَّ اللَّهُ). لأَنَّ هَذَا هُوَ مَوْطِنُ الإشارةِ إِلَى التَّوْحِيدِ، فَيَجْمَعُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقَوْلِ والفعلِ، وَلا يُحَرِّكُهَا؛ لِعَدَمِ وُرُودِهِ.
وَدَلِيلُهُمْ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ (580): (وَأَشَارَ بِأُصْبَعِهِ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ).
وَذَهَبَ الحنابلةُ إِلَى استحبابِ الإشارةِ بالسَّبَّابَةِ فِي التَّشَهُّدِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ عِنْدَ ذِكْرِ لَفْظِ (اللَّه)؛ مُنَبِّهاً عَلَى التَّوْحِيدِ، وَلا يُحَرِّكُهَا.
قَالَ فِي (شَرْحِ الإقناعِ): وَيُشِيرُ بِسَبَّابَتِهِ اليُمْنَى فِي التَّشَهُّدِ مِرَاراً، كُلُّ مَرَّةٍ عِنْدَ ذِكْرِ لَفْظِ (اللَّهِ)؛ تَنْبِيهاً عَلَى التَّوْحِيدِ، وَلا يُحَرِّكُهَا، وَيُشِيرُ بِهَا أيضاً عِنْدَ دُعَائِهِ فِي صَلاةٍ وَغَيْرِهَا، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى النَّسَائِيُّ (1270) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ بِأُصْبَعِهِ إِذَا دَعَا، وَيُحَرِّكُهَا).
وَاخْتَلَفَ الفقهاءُ فِي هَيْئَةِ الجلوسِ:
فَذَهَبَ مَالِكٌ وأتباعُهُ إِلَى: أَنَّ المُسْتَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ مُتَوَرِّكاً، وَذَلِكَ بِأَنْ يُفْضِيَ بِمَقْعَدَتِهِ إِلَى الأَرْضِ، وَيَنْصِبَ رِجْلَهُ اليُمْنَى، وَيُثْنِيَ اليُسْرَى، وَذَلِكَ فِي كُلِّ جَلَسَاتِ الصَّلاةِ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ المُسْتَحَبَّ هُوَ أَنْ يَنْصِبَ رِجْلَهُ اليُمْنَى وَيَقْعُدَ عَلَى اليُسْرَى، وَهَذَا فِي كُلِّ جَلَسَاتِ الصَّلاةِ، فَهَذَانِ القَوْلانِ مُتَقَابِلانِ.
وَذَهَبَ الإمامُ أَحْمَدُ إِلَى أَنَّ المُسْتَحَبَّ أَنْ يَتَوَرَّكَ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الأخيرِ فِي الصَّلاةِ ذَاتِ التَّشَهُّدَيْنِ، وَمَا عَدَاهُ يَكُونُ نَاصِباً اليُمْنَى، جَالِساً عَلَى اليُسْرَى.
وَذَهَبَ الإمامُ الشافعيُّ إِلَى أَنَّهُ يَتَوَرَّكُ فِي كُلِّ تَشَهُّدٍ أَخِيرٍ مُطْلَقاً، سَوَاءٌ كَانَت الصَّلاةُ ثُنَائِيَّةً أَوْ أَكْثَرَ، وَيَنْصِبُ اليُمْنَى، وَيَجْلِسُ عَلَى اليُسْرَى فِيمَا عَدَاهُ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: (وَسَبَبُ الاخْتِلافِ تَعَارُضُ الآثارِ).
وَلِذَا ذَهَبَ ابْنُ جَرِيرٍ إِلَى أَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِهَذَا كُلِّهِ، فَعَلَى أَيِّ جَلسةٍ جَلَسَ، مُتَوَرِّكاً، أَوْ نَاصِباً اليُمْنَى، وَجَالِساً عَلَى اليُسْرَى، فَقَدْ أَصَابَ السُّنَّةَ، وَالأَمْرُ فِيهِ سَعَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
· فَوَائِدُ:
الأُولَى: الإِصْبَعُ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ تُسَمَّى (السَّبَّاحَةَ)؛ للإشارةِ بِهَا إِلَى تَسْبِيحِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَنْزِيهِهِ عَن الشَّرِيكِ.
وَتُسَمَّى (السَّبَّابَةَ)؛ لأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ السَّبِّ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي يُعَابُ.
الثَّانِيَةُ: للإشارةِ بالسَّبَّاحَةِ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَانٍ كَرِيمَةٌ، فَهِيَ تُشِيرُ إِلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَفَرُّدِهِ فِي الإِلَهِيَّةِ وَعِبَادَتِهِ.
كَمَا تُشيرُ إِلَى عُلُوِّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ ذاتاً وَصِفَةً، وَقَدْراً وَقَهْراً، فَقَدْ رُوِيَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الإشارةِ: (هُوَ الإخلاصُ. فالحكمةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْمَعَ فِي توحيدِهِ بَيْنَ الْقَوْلِ والفعلِ وَالاعتقادِ).
الثَّالِثَةُ: عَرْضُ الرِّوَايَاتِ وَالجَمْعُ بَيْنَهَا:
الإِصْبَعُ السَّبَّاحَةُ وَرَدَ فِي حُكْمِهَا عِدَّةُ رِوَايَاتٍ، فَحَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فِي النَّسَائِيِّ (889): (وَأَشَارَ بالسَّبَّاحَةِ، ثُمَّ رَفَعَ إِصْبَعَهُ، فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا).
وحديثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ (5964): وَأَشَارَ بِأُصْبَعِهِ، وَقَالَ: ((لَهِيَ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنَ الْحَدِيدِ)).
وحديثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ عِنْدَ مُسْلِمٍ (579): (وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ).
وحديثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ (580): (وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ).
وحديثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ (2/132): ((تَحْرِيكُ الإِصْبَعِ مَذْعَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ)). وَلَيْسَ بالقَوِيِّ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بالتَّحْرِيكِ الإشارةَ بِهَا، لا تَكْريرَ تَحْرِيكِهَا، فَيَكُونَ مُوَافِقاً لِرِوَايَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
قُلْتُ: وَالجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِتَحْرِيكِهَا هُوَ الإشارةَ بِهَا، وَأَنْ تَكُونَ الإشارةُ بِلا تَكْرِيرٍ لِلتَّحْرِيكِ.
قَالَ فِي (الرَّوْضِ وحَاشِيَتِهِ): لا يُوَالِي حَرَكَتَيْنِ عِنْدَ الإشارةِ؛ لأَنَّهُ يُشْبِهُ العَبَثَ، وَلحديثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: (وَيُشِيرُ بِسَبَّابَتِهِ، وَلا يُحَرِّكُهَا).
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: كَانَ لا يَنْصِبُهَا نَصْباً، وَلا يُرْخِيهَا، بَلْ يَحْنِيهَا شَيْئاً قَلِيلاً.
الرابعةُ: مَا وَرَدَ مِنَ اخْتِلافِ الأَئِمَّةِ فِي صِفَةِ وَضْعِ اليَدَيْنِ عَلَى الفَخِذَيْنِ، وَالإشارةِ بالسَّبَّاحَةِ هِيَ مسائلُ فَرْعِيَّةٌ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ قَالَ حَسْبَمَا وَصَلَ إِلَيْهِ اجتهادُهُ منْ فَهْمِ النصوصِ، وَالمُجْتَهِدُ لَهُ أَجْرَانِ، أَوْ أَجْرٌ وَاحِدٌ، وَهُمْ كُلُّهُمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهَا منْ فضائلِ الصَّلاةِ، إِنْ تَرَكَهَا المُصَلِّي أَوْ فَعَلَهَا لا تَبْطُلُ الصَّلاةُ، وَلا يُوجِبُ الاخْتِلافَ.
لِذَا فَإِنِّي أَنْصَحُ أَبْنَاءَنَا الشبابَ الرَّاغِبِينَ فِي الْخَيْرِ أَلاَّ تَكُونَ هَذِهِ الخلافاتُ الفَرْعِيَّةُ مَثَارَ جَدَلٍ لَهُمْ، وَعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمْ، وَأَنْ يَبْحَثُوهَا؛ للوصولِ إِلَى الصَّوَابِ مِنْهَا، أَمَّا أَنْ يُخَطِّئَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَيُعَادِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَهَذَا مُبَايِنٌ للإسلامِ، وَاللَّهُ الهَادِي إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir