دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 11:35 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صفة الصلاة (8/38) [هل يسر بالبسملة أم يجهر بها؟]


280- وعن أنسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأبا بَكْرٍ وعمرَ كَانُوا يَفتتحونَ الصَّلَاةَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زادَ مسلِمٌ: لا يَذكرونَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ} في أَوَّلِ قِراءةٍ ولا في آخِرِها. وفي روايَةٍ لأحمدَ، والنَّسائيِّ، وابنِ خُزَيْمَةَ: لا يَجهرونَ بـ[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيمِ]. وفي أُخرَى لابْنِ خُزَيْمَةَ: ((كَانُوا يُسِرُّونَ)). وعلَى هذا يُحْمَلُ النَّفْيُ في روايَةِ مسلِمٍ خِلَافًا لِمَن أَعَلَّها.
281- وعن نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قالَ: صَلَّيْتُ وراءَ أبي هُرَيْرةَ فَقَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ} ثُمَّ قَرَأَ بأمِّ القُرآنِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ {وَلَا الضَّالِينَ}، قالَ: ((آمِينَ)). ويقولُ كُلَّمَا سَجَدَ، وإِذَا قامَ مِن الْجُلوسِ: اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ يقولُ إِذَا سَلَّمَ: والذي نَفْسِي بِيدِهِ، إني لأَشْبَهُكُم صَلَاةً برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، رواهُ النَّسائيُّ وابنُ خُزَيْمَةَ.
282- وعن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((إِذَا قَرَأْتُمُ الْفَاتِحَةَ فَاقْرَءُوا: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ} فَإِنَّهَا إِحْدَى آيَاتِهَا)). رواهُ الدارَقُطْنِيُّ وصَوَّبَ وَقْفَهُ.
283- وعنه قالَ: كَانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِن قِراءةِ أُمِّ القُرآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ وقالَ: ((آمِينَ)). رواهُ الدارَقُطْنِيُّ وحَسَّنَهُ، والحاكمُ وصَحَّحَهُ.
284- ولأبي دَاوُدَ والتِّرْمِذِيِّ مِن حديثِ وائلِ بنِ حُجْرٍ نحوُه.


  #2  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 01:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


14/265 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ مُسْلِمٌ: لاَ يَذْكُرُونَ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلاَ فِي آخِرِهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ: لاَ يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَفِي أُخْرَى لِابْنِ خُزَيْمَةَ: كَانُوا يُسِرُّونَ.
وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ النَّفْيُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، خِلاَفاً لِمَنْ أَعَلَّهَا.
(وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أي: الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلاَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَلاَ يَتِمُّ هُنَا أَنْ يُقَالَ مَا قُلْنَاهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ : إنَّ الْمُرَادَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ السُّورَةُ. فَلاَ يَدُلُّ عَلَى حَذْفِ الْبَسْمَلَةِ، بَلْ يَكُونُ دَلِيلاً عَلَيْهَا؛ إذْ هِيَ مِنْ مُسَمَّى السُّورَةِ؛ لِقَوْلِهِ: (زَادَ مُسْلِمٌ: لاَ يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلاَ فِي آخِرِهَا) زِيَادَةً فِي الْمُبَالَغَةِ فِي النَّفْيِ، وَإِلاَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي آخِرِهَا بَسْمَلَةٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِآخِرِهَا السُّورَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي تُقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ أَنَّ الثَّلاَثَةَ كَانُوا لاَ يُسْمِعُونَ مَنْ خَلْفَهُمْ لَفْظَ الْبَسْمَلَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ جَهْراً، مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُمْ يَقْرَؤُونَ الْبَسْمَلَةَ سِرًّا، وَلاَ يَقْرَؤُونَهَا أَصْلاً، إلاَّ أَنَّ قَوْلَهُ: (وَفِي رِوَايَةٍ) أي: عَنْ أَنَسٍ (لِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ: لاَ يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُمْ يَقْرَؤُونَهَا سِرًّا.
وَدَلَّ قَوْلُهُ: (وَفِي أُخْرَى) أي: رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ (لِابْنِ خُزَيْمَةَ: كَانُوا يُسِرُّونَ) فَمَنْطُوقُهُ على أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْرَؤُونَ بِهَا سِرًّا؛ وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَعَلَى هَذَا) أي: عَلَى قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ الْبَسْمَلَةَ سِرًّا (يُحْمَلُ النَّفْيُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ)؛ حَيْثُ قَالَ: لاَ يَذْكُرُونَ- أي: لاَ يَذْكُرُونَهَا- جَهْراً (خِلاَفاً لِمَنْ أَعَلَّهَا) أي: أَبْدَى عِلَّةً لِمَا زَادَهُ مُسْلِمٌ.
وَالْعِلَّةُ هِيَ أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ عَنْ قَتَادَةَ مُكَاتَبَةً، وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ بِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا، بَلْ قَدْ رَوَاهَا غَيْرُهُ رِوَايَةً صَحِيحَةً.
وَالْحَدِيثُ قَد اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْبَسْمَلَةَ لاَ يُجْهَرُ بِهَا فِي الْفَاتِحَةِ وَلاَ فِي غَيْرِهَا؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَلاَ فِي آخِرِهَا مُرَادٌ بِهِ أَوَّلُ السُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَمَنْ أَثْبَتَهَا قَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَجْهَرْ بِهَا الثَّلاَثَةُ حَالَ جَهْرِهِمْ بِالْفَاتِحَةِ، بَلْ يَقْرَؤُونَهَا سِرًّا ، كَمَا قَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ.
وَقَدْ أَطَالَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْكَلاَمَ، وَأَلَّفَ فِيهَا بَعْضُ الْأَعْلاَمِ، وَبَيَّنَ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ مُضْطَرِبٌ:
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ بَعْدَ سَرْدِهِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ أَنَسٍ هَذِهِ مَا لَفْظُهُ: هَذَا الِاضْطِرَابُ لاَ تَقُومُ مَعَهُ حُجَّةٌ لِأَحَدٍ مِن الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ والَّذِينَ لاَ يَقْرَؤُونَهَا، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَنَسٌ فَقَالَ: كَبِرَتْ سِنِّي وَنَسِيتُ. انْتَهَى، فَلاَ حُجَّةَ فِيهِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ مِن الْقُرْآنِ.
وَأطَالَ الْجِدَالَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مِن الطَّوَائِفِ لِاخْتِلاَفِ الْمَذَاهِبِ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ بِهَا تَارَةً جَهْراً، وَتَارَةً يُخْفِيهَا، وَقَدْ طَوَّلْنَا الْبَحْثَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ بِمَا لاَ زِيَادَةَ عَلَيْهِ.
وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِن الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهَا مِثْلُ سَائِرِ آيَاتِ الْقُرْآنِ يُجْهَرُ بِهَا فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ، وَيُسَرُّ بِهَا فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ، وَأَمَّا الِاسْتِدْلاَلُ بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا فِي الْفَاتِحَةِ وَلاَ فِي غَيْرِهَا فِي صَلاَتِهِ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآيَةٍ، وَالْقِرَاءَةُ بِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا آيَةٌ فَلاَ يَنْهَضُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ بِهَا فِي الصَّلاَةِ لَوْ ثَبَتَ لاَ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ قُرْآنِيَّتِهَا؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ الدَّلِيلُ عَلَى الْقُرْآنِيَّةِ الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ بِالْآيَةِ فِي الصَّلاَةِ، بَل الدَّلِيلُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا انْتَفَى الدَّلِيلُ الْخَاصُّ لَمْ يَنْتَفِ الدَّلِيلُ الْعَامُّ.



15/266 - وَعَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، حَتَّى إذَا بَلَغَ {وَلاَ الضَّالِّينَ} قَالَ: آمِينَ. وَيَقُولُ كُلَّمَا سَجَدَ، وَإِذَا قَامَ مِن الْجُلُوسِ: اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ يَقُولُ إذَا سَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ.
(وَعَنْ نُعَيْمٍ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، مُصَغَّرٌ (الْمُجْمِرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالرَّاءِ، وَيُقَالُ: وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ، ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ.
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ، وَسُمِّيَ مُجْمِراً لِأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُجْمَرَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ كُلَّ جُمُعَةٍ حِينَ يَنْتَصِفُ النَّهَارُ.
(قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، حَتَّى إذَا بَلَغَ {وَلاَ الضَّالِّينَ} قَالَ: آمِينَ. وَيَقُولُ كُلَّمَا سَجَدَ وَإِذَا قَامَ مِن الْجُلُوسِ) أي: التَّشَهُّدِ الْأَوْسَطِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَامَ مِن السَّجْدَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ: (اللَّهُ أَكْبَرُ)، وَهُوَ تَكْبِيرُ النَّقْلِ.
(ثُمَّ يَقُولُ) أي: أَبُو هُرَيْرَةَ (إذَا سَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) أي: رُوحِي فِي تَصَرُّفِهِ (إنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ). وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقاً، وَأَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ وَابْنُ حِبَّانَ ، وَغَيْرُهُمْ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ النَّسَائِيُّ: الْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ، فَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِلْأَصْلِ، وَهُوَ كَوْنُ الْبَسْمَلَةِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِرَاءَةِ جَهْراً وسِرًّا؛ إذْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِالْبَسْمَلَةِ؛لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ: إنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلاً أَنَّهُ يُرِيدُ: فِي أَكْثَرِ أَفْعَالِ الصَّلاَةِ وَأَقْوَالِهَا، إلاَّ أَنَّهُ خِلاَفُ الظَّاهِرِ، وَيَبْعُدُ مِن الصَّحَابِيِّ أَنْ يَبْتَدِعَ فِي صَلاَتِهِ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، ثُمَّ يَقُولُ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَشْبَهُكُمْ .
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ التَّأْمِينِ لِلْإِمَامِ. وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَالَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} قَالَ: ((آمِينَ)) يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ. وَقَالَ: إنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَدَلِيلٌ عَلَى تَكْبِيرِ النَّقْلِ، وَيَأْتِي مَا فِيهِ مُسْتَوْفًى فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
16/267 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إذَا قَرَأْتُمُ الْفَاتِحَةَ فَاقْرَؤُوا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ فَإِنَّهَا إحْدَى آيَاتِهَا)).
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَوَّبَ وَقْفَهُ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا قَرَأْتُمُ الْفَاتِحَةَ فَاقْرَءُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ فَإِنَّهَا إحْدَى آيَاتِهَا. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَوَّبَ وَقْفَهُ).
لاَ يَدُلُّ الْحَدِيثُ هَذَا عَلَى الْجَهْرِ بِهَا وَلاَ الْإِسْرَارِ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِمُطْلَقِ قِرَاءَتِهَا، وَقَدْ سَاقَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي السُّنَنِ لَهُ أَحَادِيثَ فِي الْجَهْرِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلاَةِ وَاسِعَةً مَرْفُوعَةً عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَعَنْ عَمَّارٍ ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَن ابْنِ عُمَرَ ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، وَعَنْ جَابِرٍ، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ .
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ سَرْدِ أَحَادِيثِ هَؤُلاَءِ وَغَيْرِهِمْ مَا لَفْظُهُ: وَرَوَى الْجَهْرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَمِنْ أَزْوَاجِهِ غَيْرُ مَنْ سَمَّيْنَا، كَتَبْنَا أَحَادِيثَهُمْ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجَهْرِ بِهَا مُفْرَداً، وَاقْتَصَرْنَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا هُنَا ؛ طَلَباً لِلِاخْتِصَارِ وَالتَّخْفِيفِ. انْتَهَى لَفْظُهُ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى قِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ وَأَنَّهَا إحْدَى آيَاتِ الْفَاتِحَةِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلاَمُ فِي ذَلِكَ.



17/ 268 - وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ: ((آمِينَ)).
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
(وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ: آمِينَ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ). قَالَ الْحَاكِمُ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ لِلْإِمَامِ التَّأْمِينُ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ جَهْراً، وَظَاهِرُهُ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَفِي السِّرِّيَّةِ. وَبِشَرْعِيَّتِهِ قَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ، وَذَهَبَتِ الْهَادَوِيَّةُ إلَى عَدَمِ شَرْعِيَّتِهِ؛ لِمَا يَأْتِي، وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ: يُسِرُّ بِهَا فِي الْجَهْرِيَّةِ.
وَلِمَالِكٍ قَوْلاَنِ: الْأَوَّلُ كَالْحَنَفِيَّةِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يَقُولُهَا.
وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ بَيِّنَةٌ لِلشَّافِعِيَّةِ.
وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَعَرُّضٌ لِتَأْمِينِ الْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي شَرْعِيَّةِ التَّأْمِينِ لِلْمَأْمُومِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).
وَأَخْرَجَه (1) أَيْضاً مِنْ حَدِيثِهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إذَا قَالَ الْإِمَامُ: {وَلاَ الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ)) الْحَدِيثَ.
وَأَخْرَجَ أَيْضاً مِنْ حَدِيثِه مَرْفُوعاً: ((إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ: آمِينَ، وَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ، فَوَافَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).
فَدَلَّتِ الْأَحَادِيثُ عَلَى شَرْعِيَّتِهِ لِلْمَأْمُومِ، وَالْأَخِيرُ يَعُمُّ الْمُنْفَرِدَ.
وَقَدْ حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ مِن الْقَائِلِينَ بِهِ عَلَى النَّدْبِ، وَعَنْ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ؛ عَمَلاً بِظَاهِرِ الْأَمْرِ، فَأَوْجَبُوهُ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ.
وَاسْتَدَلَّتِ الْهَادَوِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ بِدْعَةٌ مُفْسِدَةٌ لِلصَّلاَةِ بِحَدِيثِ: ((إنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ)) الْحَدِيثَ. وَلاَ يَتِمُّ بِهِ الِاسْتِدْلاَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَذْكَارِ الصَّلاَةِ كَالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ، وَكَلاَمُ النَّاسِ الْمُرَادُ بِهِ مُكَالَمَتُهُمْ وَمُخَاطَبَتُهُمْ، كَمَا عَرَفْتَ.
18/269 - وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ نَحْوُهُ.
(وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ نَحْوُهُ) أي: نَحْوُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَلَفْظُهُ فِي السُّنَنِ: ((إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ: {وَلاَ الضَّالِّينَ} قَالَ: آمِينَ وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ)).
وَفِي لَفْظٍ لَهُ عَنْهُ: أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَهَرَ بِآمِينَ.
وَآمِينَ ، بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَعَنْ جَمِيعِ الْقُرَّاءِ، وَحُكِيَ فِيهَا لُغَاتٌ، وَمَعْنَاهَا: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ؛ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.


(1) كذا بالأصل، ولعل الصواب: وأَخْرَجَ.



  #3  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 01:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


221 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ مُسْلِمٌ: (لا يَذْكُرُونَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ، وَلا فِي آخرِهَا).
وَفِي رِوَايَةٍ لأحمدَ والنَّسَائِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ: (لا يَجْهَرُونَ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}).
وَفِي أُخْرَى لابْنِ خُزَيْمَةَ: (كَانُوا يَسِرُّونَ).
وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ النَّفْيُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، خِلافاً لِمَنْ أَعَلَّهَا.
· دَرَجَةُ الحديثِ:
الْحَدِيثُ صَحِيحٌ.
وَأَعَلَّهُ بَعْضُهُمْ بِاضْطِرَابِ رِوَايَاتِهِ، لَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ فِي (الفَتْحِ) (2/266): وَقَد اخْتَلَفَ الرواةُ عَنْ شُعْبَةَ فِي لَفْظِ الحديثِ: فَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ منْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ بلفظِ: (كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}). وَرَوَاهُ آخَرُونَ عَنْهُ بلفظِ: (فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}).
كَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وكذا أَخْرَجَهُ الخطيبُ منْ رِوَايَةِ أَبِي عُمَرَ الدُّورِيِّ، شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ منْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بِاللَّفْظَيْنِ، وهؤلاءِ منْ أثبتِ أَصْحَابِ شُعْبَةَ، وَلا يُقَالُ: هَذَا اضْطِرَابٌ منْ شُعْبَةَ؛ لأنَّا نَقُولُ: قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ منْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ عَنْهُ باللَّفْظَيْنِ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي (جُزْءِ الْقِرَاءَةِ)، وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ منْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، وهؤلاءِ والتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ، والبخاريُّ فِي (جُزْءِ الْقِرَاءَةِ)، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، والبخاريُّ فِيهِ وَابْنُ حِبَّانَ منْ طَرِيقِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، والبخاريُّ فِيهِ وَالسَّرَّاجُ منْ طَرِيقِ هَمَّامٍ، كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ باللفظِ الأَوَّلِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ منْ طَرِيقِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بلفظِ: (لَمْ يَكُونُوا يَذْكُرُونَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}).
وَقَدْ قَدَحَ بَعْضُهُمْ فِي صِحَّتِهِ؛ بكونِ الأوزاعيِّ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ مُكَاتَبَةً، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ الأوزاعيَّ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ، فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيِّ، وَالسَّرَّاجُ عَنْ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ، وعبدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيِّ، ثَلاثَتُهُم عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ؛ بلفظِ: (فَلَمْ يَكُونُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}).
قَالَ شعبةُ: قُلْتُ لقتادةَ: سَمِعْتَهُ مِنْ أَنَسٍ؟ قَالَ: نَحْنُ سَأَلْنَاهُ. لَكِنَّ هَذَا النَّفْيَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، أَنَّ المرادَ: أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُم البَسْمَلَةَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا يَقْرَؤُونَهَا سِرًّا، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ بلفظِ: (فَلَمْ يَكُونُوا يَجْهَرُونَ بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}).
كَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَن النَّسَائِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ، وَهَمَّامٌ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَشَيْبَانُ عَن الطَّحَاوِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ، وَشُعْبَةُ أَيْضاً منْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْهُ عِنْدَ أَحْمَدَ، أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، وَلا يُقَالُ: هَذَا اضْطِرَابٌ منْ قَتَادَةَ؛ لأنَّا نَقُولُ: قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ منْ أَصْحَابِ أَنَسٍ عَنْهُ كَذَلِكَ، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي (جزءِ الْقِرَاءَةِ) والسَّرَّاجُ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ منْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَالسَّرَّاجُ منْ طَرِيقِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَالبُخَارِيُّ فِيهِ منْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ باللفظِ الأَوَّلِ.
وَرَوَاهُ الطبرانيُّ فِي (الأَوْسَطِ) مِنْ طَرِيقِ أَبِي نعامةَ، كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ باللفظِ الثَّانِي للجَهْرِ، فطريقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الألفاظِ حَمْلُ نَفْيِ الْقِرَاءَةِ عَلَى نَفْيِ السماعِ، ونَفْيِ السماعِ عَلَى نَفْيِ الجهرِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ: (فَلَمْ يُسْمِعْنَا قِرَاءَةَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}).
وَأَصْرَحُ منْ ذَلِكَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ بلفظِ: (كَانُوا يُسِرُّونَ بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}). فَانْدَفَعَ بِهَذَا تعليلُ مَنْ أَعَلَّهُ بالاضطرابِ كابنِ عَبْدِ الْبَرِّ؛ لأَنَّ الْجَمْعَ إِذَا أَمْكَنَ، تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ. اهـ
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}؛أيْ: بِهَذَا اللَّفْظِ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى إرادةِ اسْمِ السُّورَةِ، الَّتِي كَانَتْ تُسَمَّى عِنْدَهُمْ بهذهِ الجملةِ، والدَّالُ مِنْ (بِالحَمْدُ) مضمومةٌ عَلَى سَبِيلِ الحكايةِ.
- {بِسْمِ اللَّهِ}: الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بمحذوفٍ، تقديرُهُ أَبْدَأُ، وَتَثْبُتُ الْبَاءُ بِغَيْرِ أَلِفٍ؛ لكثرةِ اسْتِعْمَالِهَا هُنَا، وَ (اسْمِ) زَائِدَةٌ لإجلالِ ذِكْرِهِ تَعَالَى.
وَ (الاسْمُ) مُشْتَقٌّ، إِمَّا مِنَ السُّمُوِّ، وَهُوَ الرِّفْعَةُ والعُلُوُّ، وَإِمَّا مِنَ السِّمَةِ، وَهِيَ العلامةُ؛ لأَنَّ الاسْمَ عَلامَةٌ لِمَنْ وُضِعَ لَهُ.
وَ (اللَّهِ) هُوَ أَجَلُّ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، وَلا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى.
قَالَ بَعْضُ العلماءِ: إِنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الأعظمُ، وَهُوَ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ الجَلِيلَةِ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- صِفَةُ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ قِرَاءَةَ الصَّلاةِ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
2- زِيَادَةُ الإمامِ مُسْلِمٍ أَكَّدَتْ أَنَّهُمْ لا يَذْكُرُونَ (البسملةَ)؛ لا فِي أَوَّلِ الْقِرَاءَةِ، وَلا فِي آخِرِهَا.
3- يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ البسملةَ لَيْسَتْ من الفاتحةِ، فَلا تَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهَا مَعَهَا، وَإِنَّمَا تُسْتَحَبُّ كَإِحْدَى فَوَاصِلِ السُّوَرِ، وَفِيهَا خِلافٌ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
4- رِوَايَةُ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ: أَنَّهُمْ لا يَجْهَرُونَ بالبسملةِ، وَإِنَّمَا يُسِرُّونَ بِهَا.
قَالَ الحافظُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ النَّفْيُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ.وَهُوَ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ.
قَالَ فِي (شَرْحِ الإقناعِ): ثُمَّ يَقْرَأُ البَسْمَلَةَ سِرًّا، وَلَيْسَتْ من الفاتحةِ. حَكَاهُ القاضي إِجْمَاعاً سَابِقاً.
5- {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. تَشْتَمِلُ عَلَى اسْمِ الجلالةِ الْعَظِيمِ، وصفاتِ الرحمةِ والخيرِ والبركةِ، فَهِيَ ألفاظٌ جليلةٌ يُسْتَحَبُّ الإتيانُ بِهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ عَمَلٍ ذِي بَالٍ، مِنْ أكلٍ، وشربٍ، وجماعٍ، وغُسْلٍ، ووضوءٍ، ودخولِ مسجدٍ وَمَنْزِلٍ وَحَمَّامٍ، فَهِيَ إِمَّا أَنْ تَحْمِلَ بركةً وَخَيْراً، وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعَ شَرًّا وَأَذًى، والبسملةُ عِنْدَ فُقَهَائِنَا الحَنَابِلَةِ قِسْمَانِ: وَاجِبَةٌ، وَمُسْتَحَبَّةٌ:
(أ) فَتَجِبُ فِي الوُضُوءِ، والغُسْلِ، والتَّيَمُّمِ، والتَّذْكِيَةِ، والصَّيْدِ.
(ب) تُسَنُّ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، والأكلِ، والشربِ، والجِمَاعِ، وَعِنْدَ دخولِ الخَلاءِ.
· خِلافُ العلماءِ:
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ على أَنَّ البسملةَ بَعْضُ آيَةٍ منْ سُورَةِ(النَّمْلِ)، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مَشْرُوعِيَّةِ قِرَاءَتِهَا فِي الصلاةِ:
فَذَهَبَ الأَئِمَّةُ الثلاثةُ إِلَى ذَلِكَ، أَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ لا يَرَى مَشْرُوعِيَّةَ قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ؛ لا سِرًّا، وَلا جَهْراً.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا: هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ فِي الصَّلاةِ، أَوْ لا؟
فَذَهَبَ أَبُو حنيفةَ وأحمدُ إلى أَنَّ قِرَاءَتَهَا سُنَّةٌ لا تَجِبُ؛ وَذَلِكَ أَنَّهَا عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ آيَةً مِنَ الفاتحةِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلى وُجُوبِهَا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَسَبَبُ الخلافِ اخْتِلافُ الآثارِ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشافعيُّ هُوَ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ من الصحابةِ والتَّابِعِينَ، وَدَلِيلُهُمْ مَا رَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ صَلَّى فَجَهَرَ فِي قِرَاءَتِهِ بالبَسْمَلَةِ، وَقَالَ بَعْدَ مَا فَرَغَ: (إِنِّي لأَشْبَهُكُمْ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
وَعَدَمُ الجَهْرِ بِهَا هُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَن الخلفاءِ الرَّاشِدِينَ، وَطَوَائِفَ من السَّلَفِ وَالخَلَفِ، وَهَذَا هُوَ الراجحُ منْ هَذِهِ الأَقْوَالِ.
قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: (الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الجهرِ بِهَا بِدْعَةٌ، مُخَالَفَةٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالأَحَادِيثُ المُصَرِّحَةُ فِي الجَهْرِ كُلُّهَا مَوْضُوعَةٌ).
وَذَكَرَ ابْنُ القَيِّمِ أَنَّ الجهرَ بِهَا تَفَرَّدَ بِهِ نُعَيْمٌ المُجْمِرُ منْ بَيْنِ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُمْ ثَمَانِيَةٌ، مَا بَيْنَ صَاحِبٍ وَتَابِعٍ.
وَمِنْ أَقْوَى الأَدِلَّةِ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الجَهْرِ بها: مَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (395) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.قَالَ: حَمِدَنِي عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي.وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. وَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}... إلخ، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ)).
فَهَذَا دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى أَنَّ البسملةَ لَيْسَتْ من الفاتحةِ، وَلِهَذَا لَمْ تُذْكَرْ، فَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الراجحُ الصَّحِيحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

* * *

222 - وَعَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ قَالَ: صَلَّيْتُ وراءَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَرَأَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ {وَلا الضَّالِّينَ}، قَالَ: آمِينَ. وَيَقُولُ كُلَّمَا سَجَدَ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الْجُلُوسِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَشْبَهُكُمْ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ.

· دَرَجَةُ الحديثِ:
الْحَدِيثُ حَسَنٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَعَّفَهُ.
فَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقاً، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي (الفتحِ): أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، والنَّسَائِيُّ، وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي الْبَابِ، وَأَعَلَّهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَأَجَابَ ابْنُ حَجَرٍ عَمَّنْ قَالَ: إِنَّ غَيْرَ نُعَيْمٍ رَوَاهُ بِدُونِ ذِكْرِ البسملةِ، فالجوابُ: أَنَّ نُعَيْماً ثِقَةٌ، فَتُقْبَلُ زِيَادَتُهُ، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي (المجموعِ) تَصْحِيحَهُ وَثُبُوتَهُ عَن الدَّارَقُطْنِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ والْحَاكِمِ والبَيْهَقِيِّ.
وَسُئِلَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فقالَ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الجهرِ بالفاتحةِ حَدِيثٌ صريحٌ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ صَرِيحاً فِي أحاديثَ مَوْضُوعَةٍ.
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- وَلا الضَّالِّينَ: الضلالُ فِي كَلامِ العربِ هُوَ الذَّهَابُ عَنْ سُنَنِ الْقَصْدِ، وَطَرِيقِ الْحَقِّ، والأصلُ: الضَّالِلِينَ، ثُمَّ أُدْغِمَتِ اللَّامُ فِي اللَّامِ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- اسْتِحْبَابُ الجَهْرِ بالبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاةِ.
2- قَالَ فِي (شَرْحِ المُغْنِي): هُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ وَرَدَ، وَقَدْ بَوَّبَ عَلَيْهِ النَّسَائِيُّ فِي (سُنَنِهِ) فقالَ: (الجَهْرُ بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}).
وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُ الإِسْلامِ عن هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الجهرِ بِهَا حَدِيثٌ صريحٌ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ صَرِيحاً فِي أحاديثَ مَوْضُوعَةٍ.
وبهذا فَلا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ، وَلا يُقَاوِمُ الأَحَادِيثَ الصحيحةَ مِمَّا ذُكِرَ، وَمَا لَمْ يُذْكَرْ.
3- اسْتِحْبَابُ قولِ: (آمِينَ) للإمامِ مَادًّا بِهَا صَوْتَهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ (1/357)، والْبَيْهَقِيُّ (2/46)، وَصَحَّحَاهُ منْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا بَلَغَ {وَلا الضَّالِّينَ} يقولُ: ((آمِينَ))، يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ حَتَّى يَسْمَعَ أَهْلَ الصفِّ الأَوَّلِ، فَيَرْتَجُّ الْمَسْجِدُ).
4- التَّأْمِينُ هُوَ مِنْ طَابِعِ الدُّعَاءِ؛ أيْ: يُخْتَمُ بِهِ الدُّعَاءُ، وَمَعْنَاهُ: (اسْتَجِبْ)، وَيُقَالُ التَّأْمِينُ بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ؛ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ.
5- فِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ تَكْبِيرِ الانتقالِ منْ رُكْنٍ إِلَى رُكْنٍ آخَرَ، وَسَيَأْتِي لَهُ تَحْقِيقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

* * *

223 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا قَرَأْتُمُ الْفَاتِحَةَ، فَاقْرَؤُوا: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؛ فَإِنَّهَا إِحْدَى آيَاتِهَا)). رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَوَّبَ وَقْفَهُ.
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ:
الْحَدِيثُ موقوفٌ.

صَوَّبَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقْفَهُ، قَالَ فِي (التلخيصِ): صَحَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ من الأَئِمَّةِ وَقْفَهُ، وَقَدْ أَعَلَّهُ ابْنُ القَطَّانِ بِهَذَا التَّرَدُّدِ، أَمَّا ابْنُ المُلَقِّنَ فَقَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي صَحِيحِهِ.

مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
إِذَا قَرَأْتُمْ: يَعْنِي: إِذَا أَرَدْتُمْ قِرَاءَةَ الفاتحةِ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قِرَاءَةِ (البَسْمَلَةِ) فِي الصَّلاةِ، عِنْدَ إرادةِ قِرَاءَةِ الفاتحةِ، وَذكَرَ العِلَّةَ فِي ذَلِكَ بأنَّهَا إِحْدَى آياتِ الفاتحةِ، فَهِيَ مِنْهَا.
2- الْحَدِيثُ مُعَارَضٌ بأحاديثَ صَحِيحَةٍ لا يُمْكِنُ قَبُولُهُ مَعَهَا، وَقَدْ صَحَّحَهُ الأَئِمَّةُ
مَوْقُوفاً، وَللاجتهادِ فِيهِ مَجَالٌ، فَإِذَا صَحَّفَهُوَ مِنْ كَلامِ أَبِي هُرَيْرَةَ واجتهادِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،وَتَقَدَّمَ كَلامُ شَيْخِ الإِسْلامِ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الجهرِ بالبسملةِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ صَرِيحاً فِي أحاديثَ موضوعةٍ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إِنَّ تَرْكَ الجهرِ بالبسملةِ فِي الصَّلاةِ تَوَاتَرَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ.
224 - وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ إذا فَرَغَ منْ قِرَاءَةِ أُمِّ القرانِ رَفَعَ صَوْتَهُ، وقالَ: ((آمِينَ)). رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَحَسَّنَهُ، والْحَاكِمُ وصَحَّحَهُ.

· دَرَجَةُ الحديثِ:
الْحَدِيثُ حَسَنٌ.
قَالَ فِي (التلخيصِ): قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ الحاكمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- آمِينَ: قَالَ القُرْطُبِيُّ: مَعْنَى (آمِينَ) عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العلمِ: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لَنَا، وُضِعَ مَوْضِعَ الدُّعَاءِ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (آمِينَ): صَوْتٌ سُمِّيَ بِهِ الْفِعْلُ، الَّذِي هو: اسْتَجِبْ.
وَفِي آمِينَ لُغَتَانِ: المَدُّ عَلَى وَزْنِ (فَاعِيلَ)، وَالقَصْرُ عَلَى وَزْنِ (يَمِينَ).
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَشْدِيدُ الْمِيمِ خَطَأٌ.
قَالَ ابْنُ جَزِيٍّ: (آمِينَ) اسْمُ فِعْلٍ، مَعْنَاهُ: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ، فَهُوَ أَمْرٌ بالـتَّأْمِينِ عِنْدَ خاتمةِ الفاتحةِ؛ لِلدُّعَاءِ الَّذِي فِيهَا).
قَالَ النَّوَوِيُّ: (الْمِيمُ مُخَفَّفَةٌ فِي المَوْضِعَيْنِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الفتحِ، مِثْلُ (أَيْنَ) وَ (كَيْفَ)؛ لاجتماعِ السَّاكِنَيْنِ).
قَالَ العَيْنِيُّ: (التَّأْمِينُ عَلَى وَزْنِ (التفعيلِ) من: أَمَّنَ يُؤَمِّنُ، إِذَا قَالَ: (آمِينَ). وَهُوَ بالمدِّ والتخفيفِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ، وَعِنْدَ جَمِيعِ الْقُرَّاءِ، أَمَّا المدُّ والتشديدُ فَلُغَةٌ شَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ، وَمِنْ لَحْنِ الْعَوَامِّ، وَهُوَ خَطَأٌ فِي المذاهبِ الأربعةِ).
وكلمةُ (آمِينَ) مِنْ أَسْمَاءِ الأفعالِ؛ مثلُ: (صَهْ) للسكوتِ، وَ (مَهْ) يَعْنِي: اكْفُفْ، وَمَعْنَاهَا: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ عِنْدَ الجمهورِ، وَتُفْتَحُ فِي الأَصْلِ؛ لأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ بالاتفاقِ؛ مِثْلَ (كَيْفَ)، وَإِنَّمَا لَمْ تُكْسَرْ؛ لِثِقَلِ الكسرةِ بَعْدَ الْيَاءِ.

* * *

225 - ولأبي دَاوُدَ والتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ نَحْوَهُ.

· دَرَجَةُ الحديثِ:
قَالَ فِي (التلخيصِ): رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، والدَّارَقُطْنِيُّ (1/335)، وَابْنُ حِبَّانَ (5/111)، مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: ( رَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ ).وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وصَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ القَطَّانِ بِحُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ، وَأَنَّهُ لا يُعْرَفُ، وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ، بَلْ هُوَ ثِقَةٌ معروفٌ، قيلَ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ:
1- الْحَدِيثَانِ يَدُلانِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التأمينِ للإمامِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الفاتحةِ، وَأَنْ يَمُدَّ بِهَا صَوْتَهُ،
فَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ (1/357)، والْبَيْهَقِيِّ (2/46)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ كَانَ يقولُ: (آمِينَ) حَتَّى يَسْمَعَهَا أَهْلُ الصفِّ الأَوَّلِ، فَيَرْتِجُّ الْمَسْجِدُ.
2- فَائِدَةٌ: المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَأْتِ إِلاَّ بِمَا وَرَدَ بِتَأْمِينِ الإمامِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ للمأمومِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ (780)، ومسلمٍ (410) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ، فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).
وَفِي روايةٍ: ((إِذَا قَالَ الإِمَامُ: {وَلا الضَّالِّينَ}. فَقُولُوا: آمِينَ؛ فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَقُولُ: آمِينَ، وَإِنَّ الإمامَ يَقُولُ: آمِينَ. فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ على أَنَّ التأمينَ للإمامِ، والمأمومِ، والمُنْفَرِدِ، والجُمْهُورُ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، غَيْرُ وَاجِبٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الجَهْرِ بِهِ والإسرارِ:
فَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى اسْتِحْبَابِ الإسرارِ بِهِ حَتَّى فِي الصَّلاةِ الجَهْرِيَّةِ.
وَذَهَبَ الشافعيَّةُ والحنابلةُ إلى الجَهْرِ بِهِ فِي الجَهْرِيَّةِ، والإسرارِ بِهِ فِي السِّرِّيَّةِ، وَعَلَى اسْتِحْبَابِ مُقَارَنَةِ تَأْمِينِ المأمومِ للإمامِ؛ لحديثِ: ((إِذَا قَالَ: {وَلا الضَّالِّينَ}. فَقُولُوا: آمِينَ)). حَتَّى يَقَعَ تَأْمِينُهُمْ وَتَأْمِينُهُ مَعاً.
وَالصَّلاةُ الجَهْرِيَّةُ هِيَ أُولَيَاتُ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وصلاةُ الفَجْرِ، والجُمُعَةِ، وَالعِيدَيْنِ، وَالاسْتِسْقَاءِ، وَالْكُسُوفِ، وَالتَّرَاوِيحِ، وَالوتْرِ.
قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: ((إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا)). يَعْنِي: إِذَا شَرَعَ فِي التأمينِ فَأَمِّنُوا؛ لِيَتَوَافَقَ تأمينُ الإمامِ والمأمومِ مَعاً، فقولُ جمهورِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ المقارنةِ؛ استدلالاً بِحَدِيثِ: ((فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir