دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 11:10 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صفة الصلاة (3/38) [صيغ أدعية الاستفتاح]


270- وعن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنه كَانَ إِذَا قامَ إِلَى الصَّلَاةِ قالَ: ((وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ)). إِلَى قولِه: ((مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ...)). إِلَى آخِرِه. رواهُ مسلِمٌ. وفي روايَةٍ له: أنَّ ذَلِكَ في صَلَاةِ الليلِ.
271- وعن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا كَبَّرَ للصَلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أنْ يَقرأَ، فسَأَلْتُهُ فقالَ: ((أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
272- وعن عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنه كَانَ يَقولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُك، وتَعالَى جَدُّكَ، ولا إلهَ غيرُك. رواهُ مسلِمٌ بسنَدٍ مُنقَطِعٍ، والدارَقُطْنِيُّ مَوصولًا، وهو مَوقوفٌ.
273- ونحوُهُ عن أبي سعيدٍ مرفوعًا عندَ الخمسةِ. وفِيهِ: وكَانَ يقولُ بَعْدَ التكبيرِ: ((أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ)).


  #2  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 01:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


4/255 - وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ قَالَ: ((وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)) إلَى قَوْلِهِ: ((مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ، لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك...)) إلَى آخِرِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: أَنَّ ذَلِكَ فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ.
(وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) أي: قَصَدْتُ بِعِبَادَتِي (إلَى قَوْلِهِ: مِن الْمُسْلِمِينَ). وَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ أَنْ يَقُولَ: ((وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)) بِلَفْظِ الْآيَةِ؛ وَرِوَايَةُ: ((وَأَنَا مِن الْمُسْلِمِينَ)) وَإِلَيْهَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ.
(اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك. إلَى آخِرِهِ ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
تَمَامُهُ: ((ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، إنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلاَقِ، لاَ يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلاَّ أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ)).
وَقَوْلُهُ: (فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) أي: ابْتَدَأَ خَلْقَهُمَا مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ.
وَقَوْلُهُ: (حَنِيفاً) أي: مَائِلاً إلَى الدِّينِ الْحَقِّ، وَهُوَ الْإِسْلاَمُ، وَزِيَادَةُ: (وَمَا أَنَا مِن الْمُشْرِكِينَ) بَيَانٌ لِلْحَنِيفِ، وَأَيْضاً لِمَعْنَاهُ.
وَالنُّسُكُ: الْعِبَادَةُ، وَكُلُّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ، وَعَطْفُهُ عَلَى الصَّلاَةِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.
وَقَوْلُهُ: (وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي) أي: حَيَاتِي وَمَوْتِي لِلَّهِ، أي: هُوَ الْمَالِكُ لَهُمَا وَالْمُخْتَصُّ بِهِمَا.
وَقَوْلُهُ: (رَبِّ الْعَالَمِينَ) الرَّبُّ: الْمَلِكُ، وَالْعَالَمِينَ: جَمْعُ عَالَمٍ مُشْتَقٌّ مِن الْعِلْمِ، وَهُوَ اسْمٌ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، كَذَا قِيلَ.
وَفِي الْقَامُوسِ: الْعَالَمُ: الْخَلْقُ كُلُّهُ، أَوْ مَا حَوَاهُ بَطْنُ الْفَلَكِ، وَلاَ يُجْمَعُ فَاعَلٌ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ غَيْرُهُ وَغَيْرُ يَاسَمٍ.
وَقَوْلُهُ: (لاَ شَرِيكَ لَهُ) تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ: (رَبِّ الْعَالَمِينَ). الْمَفْهُومِ مِنْهُ الِاخْتِصَاصُ.
وَقَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ) أي: الْمَالِكُ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ.
وَقَوْلُهُ: ((ظَلَمْتُ نَفْسِي)) اعْتِرَافٌ بِظُلْمِ نَفْسِهِ، قَدَّمَهُ عَلَى سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ.
وَمَعْنَى ((لَبَّيْكَ)): أُقِيمُ عَلَى طَاعَتِكَ وَأَمْتَثِلُ أَمْرَكَ، إقَامَةً مُتَكَرِّرَةً.
((وَسَعْدَيْكَ)) أي: أُسْعِدُ أَمْرَكَ وَأُتْبِعُهُ إسْعَاداً مُتَكَرِّراً.
وَمَعْنَى: ((الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ)) الْإِقْرَارُ بِأَنَّ كُلَّ خَيْرٍ وَاصِلٌ إلَى الْعِبَادِ، وَمَرْجُوٌّ وُصُولُهُ فَهُوَ فِي يَدَيْهِ تَعَالَى.
وَمَعْنَى: ((وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ)) أي: لَيْسَ مِمَّا يُتَقَرَّبُ إلَيْك بِهِ، أي: يُضَافُ إلَيْكَ، فَلاَ يُقَالُ: يَا رَبَّ الشَّرِّ. أَوْ لاَ يَصْعَدُ إلَيْكَ؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَصْعَدُ إلَيْهِ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ.
وَمَعْنَى: ((أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ))؛ أَي: الْتِجَائِي وَانْتِهَائِي إلَيْكَ، وَتَوْفِيقِي بِكَ.
وَمَعْنَى: ((تَبَارَكْتَ)) اسْتَحْقَقْتِ الثَّنَاءَ، أَوْ ثَبَتَ الْخَيْرُ عِنْدَك، فَهَذَا مَا يُقَالُ فِي الِاسْتِفْتَاحِ مُطْلَقاً.
(وَفِي رِوَايَةٍ له) أي: لِمُسْلِمٍ: (أَنَّ ذَلِكَ) كَانَ يَقُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ).
لم نَجِدْه في مسلمٍ هذا الذي ذَكَرَه المُصَنِّفُ مِن أنه كانَ يقولُ في صلاةِ الليلِ، وإنما ساقَ حديثَ عليٍّ عليه السلامُ هذا في قِيامِ الليلِ.
وقد نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ عَن الشَّافِعِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ، أَنَّهُ يُقَالُ فِي الْمَكْتُوبَةِ، وَأَنَّ حَدِيثَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَدَ فِيهَا، فَعَلَى كَلاَمِهِ هُنَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهَا هَذَا الذِّكْرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَامٌّ، وَأَنَّهُ يُخَيَّرُ الْعَبْدُ بَيْنَ قَوْلِهِ عَقِيبَ التَّكْبِيرِ، أَوْ قَوْلِ مَا أَفَادَهُ.


5/256 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَبَّرَ لِلصَّلاَةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً، قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَسَأَلْتُه، فَقَالَ: ((أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِن الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاَةِ) أي: تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ.
(سَكَتَ هُنَيْهَةً) بِضَمِّ الْهَاءِ فَنُونٍ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ فَهَاءٍ مَفْتُوحَةٍ فَهاءٍ: أي: سَاعَةً لَطِيفَةً.
(قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ فَسَأَلْتُهُ) أي: عَنْ سُكُوتِهِ: مَا يَقُولُ فِيهِ؟
(قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ) الْمُبَاعَدَةُ: الْمُرَادُ بِهَا مَحْوُ مَا حَصَلَ مِنْهَا، أَو الْعِصْمَةُ عَمَّا يَأْتِي مِنْهَا.
(كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) فَكَمَا لاَ يَجْتَمِعُ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ لاَ يَجْتَمِعُ هُوَ وَخَطَايَاهُ.
(اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِن الدَّنَسِ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ ، فَسِينٍ مُهْمَلَةٍ؛ فِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ الْوَسَخُ، وَالْمُرَادُ: أَزِلْ عَنِّي الْخَطَايَا كهذه الْإِزَالَةِ.
(اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ) بِالتَّحْرِيكِ، جَمْعُ بَرَدَةٍ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ذَكَرَ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ تَأْكِيداً؛ أَوْ لِأَنَّهُمَا مَاءَانِ لَمْ تَسْتَعْمِلْهُمَا الْأَيْدِي.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: عَبَّرَ بِذَلِكَ عَنْ غَايَةِ الْمَحْوِ، فَإِنَّ الثَّوْبَ الَّذِي تَكَرَّرَ عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ مُنَقِّيَةٌ يَكُونُ فِي غَايَةِ النَّقَاءِ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ هَذَا الذِّكْرَ بَيْنَ التَّكْبِيرَةِ وَالْقِرَاءَةِ سِرًّا، وَأَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ هَذَا الدُّعَاءِ وَالدُّعَاءِ الَّذِي سَلَفَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، أَوْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا.
6/257 - وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إلَهَ غَيْرُكَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَوْصُولاً وَمَوْقُوفاً.
(وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه كَانَ يَقُولُ) أَيْ: بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ: (سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك) أي: أُسَبِّحُكَ حَالَ كَوْنِي مُتَلَبِّساً بِحَمْدِكَ، (وتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلاَ إلَهَ غَيْرُك. رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ).
قَالَ الْحَاكِمُ: قَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ. وَقَالَ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ: إنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِهِ فِي مَقَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجْهَرُ بِهِ، وَيُعَلِّمُهُ النَّاسَ، وَهُوَ بِهَذَا الْوَجْهِ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ؛ وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: أَمَّا أَنَا فَأَذْهَبُ إلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً اسْتَفْتَحَ بِبَعْضِ مَا رُوِيَ لَكَانَ حَسَناً.
وَقَدْ رُوِيَ فِي التَّوَجُّهِ أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُخَيَّرُ الْعَبْدُ بَيْنَهَا قَوْلٌ حَسَنٌ. وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ: وَجَّهْتُ وَجْهِي، الَّذِي تَقَدَّمَ، فَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ؛ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِي رُوَاتِهِ ضَعْفٌ.
(وَالدَّارَقُطْنِيُّ) عَطْفٌ عَلَى مُسْلِمٍ؛ أي: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (مَوْصُولاً وَمَوْقُوفاً) عَلَى عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعاً، قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلاَةَ قَالَ: ((سُبْحَانَكَ)) الْحَدِيثَ. وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، وَأَعَلَّهُ أَبُو دَاوُدَ ، وقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
7/ 258 - وَنَحْوُهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعاً عِنْدَ الْخَمْسَةِ، وَفِيهِ: وَكَانَ يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ: ((أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِن الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ)).
(وَنَحْوُهُ) أي: نَحْوُ حَدِيثِ عُمَرَ.
(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعاً عِنْدَ الْخَمْسَةِ، وَفِيهِ: وَكَانَ يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ) لِأَقْوَالِهِمْ، (الْعَلِيمِ) بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ، (مِن الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) الْمَرْجُومِ، (مِنْ هَمْزِهِ) الْمُرَادُ بِهِ الْجُنُونُ، (وَنَفْخِهِ) بِالنُّونِ فَالْفَاءِ فَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْكِبْرُ، (وَنَفْثِهِ) بِالنُّونِ وَالْفَاءِ وَالْمُثَلَّثَةِ ، الْمُرَادُ بِهِ الشِّعْرُ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْهِجَاءَ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ، وَأَنَّهَا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا أَيْضاً بَعْدَ التَّوَجُّهِ بِالْأَدْعِيَةِ؛ لِأَنَّهَا تَعَوُّذُ الْقِرَاءَةِ ، وَهُوَ قَبْلَهَا.


  #3  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 01:41 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


214 - وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ، قَالَ: ((وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ... إِلَى قولِهِ: مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ... ـ إِلَى آخرِهِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لهُ: ((إِنَّذَلِكَ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ)).

· دَرَجَةُ الحديثِ:
قَوْلُ المُؤَلِّفِ: وَفِي رِوَايَةٍ لمسلمٍ: (إنَّ ذَلِكَ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ). قَالَ عَنْهُ فِي (تُحْفَةِ الأَحْوَذِيِّ): هَذَا الْحَدِيثُ رُوِيَ فِي مُسْلِمٍ منْ وَجْهَيْنِ، لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ ذَلِكَ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ منْ ثَلاثَةِ أَوْجُهٍ، لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ منْ وَجْهَيْنِ لَمْ يَقَعْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ ذَلِكَ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ؛ فَهَذَا وَهْمٌ مِنَ المُؤَلِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَمَامُ دُعَاءِ الحديثِ: ((... حَنِيفاً مُسْلِماً، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)).
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- وَجَّهْتُ وَجْهِيَ؛ أي: تَوَجَّهْتُ بالعبادةِ وَأَخْلَصْتُهَا للذي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ... إلخ.
- فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ والأرضِ: الفَطْرُ: الابْتِدَاءُ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا؛ أي: مُبْتَدِئِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمُخْتَرِعِهَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ.
- حَنِيفاً: حَالٌ، وَمَعْنَاهُ: مَائِلٌ منَ الباطلِ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ، وَهُوَ الإِسْلامُ.
- نُسُكِي: النُّسُكُ: العِبَادَةُ، وَكُلُّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ، وَعَطْفُهُ عَلَى ( الصَّلاةِ ) مِنْ بَابِ عَطْفِ العامِّ عَلَى الخاصِّ.
- مَحْيَاي وَمَمَاتِيَ؛ أيْ: أَعْمَالِي فِي حِينِ حَيَاتِي، وَعِنْدَ مَوْتِي، فَهُوَ الْمَالِكُ لَهُمَا، المُخْتَصُّ بهما، وَيَجُوزُ فِيهِمَا فَتْحُ الْيَاءِ وَإِسْكَانُهَا، وَلَكِنْ فَتْحُ الأَوَّلِ وإسكانُ الثَّانِي أَكْثَرُ.
- لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ؛ أَيْ: أَسْعَدُ بِأَمْرِكَ، وَأُتْبِعُهُ إِسْعَاداً مُتَكَرِّراً، وَأُجِيبُكَ إِجَابَةً بَعْدَ إجابةٍ، يَا رَبِّ.
- أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ؛ أي: الْتِجَائِي وَانْتِهَائِي إِلَيْكَ، وَتَوْفِيقِي بِكَ.
- تَبَارَكْتَ؛ أي: ثَبَتَ الْخَيْرُ عِنْدَكَ، وَكَثُرَ.
- وَجَّهْتُوَجْهِي: بِإِسْكَانِ الْيَاءِ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ وَفَتْحِهَا؛ أي: قَصَدْتُ بِعِبَادَتِي.
- لِلَّهِ: مُتَعَلِّقٌ بالجميعِ؛ أي: كُلُّ مَا ذُكِرَ كَائِنٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ فِي الصَّلاةِ والنُّسُكِ بالإخلاصِ لِوَجْهِهِ تَعَالَى، وَفِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ خَالِقُهُمَا وَمُدَبِّرُهُمَا، لا تَصَرُّفَ لِغَيْرِهِ فِيهِمَا.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- اسْتِفْتَاحُ الصَّلاةِ فَرْضاً كَانَتْ أَوْ نَفْلاً؛ سَوَاءٌ أَكَانَ ذِكْراً أَمْ دُعَاءً، يُقَالُ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الإحرامِ، وَقَبِلَ التَّعَوُّذِ وَالقراءةِ، وَهُوَ فِي الركعةِ الأُولَى دُونَ غَيْرِهَا.
2- هُوَ مَنْدُوبٌ وَلَيْسَ بواجبٍ؛ لحديثِ المُسِيءِ فِي صلاتِهِ المُتَقَدِّمِ.
3- وَقَدْ وَرَدَ لَهُ عِدَّةُ ألفاظٍ، والأفضلُ أَنْ يَأْتِيَ كُلَّ مَرَّةٍ بِلَفْظٍ مِنْهَا؛ لِيَعْمَلَ بجميعِ النصوصِ الواردةِ فِيهِ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهَا جَازَ.
قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ بالعباداتِ الواردةِ عَلَى وُجُوهٍ مُتَنَوِّعَةٍ، بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا، فَلا يَجْمَعُ بَيْنَهَا، وَلا يُدَاوِمُ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا.
4- قولُهُ: (قَامَ إِلَى الصَّلاةِ) يَعْنِي: إِذَا دَخَلَ فِيهَا قَالَ هَذَا الذِّكْرَ.
5- وَجَّهْتُ وَجْهِي؛ أي: قَصَدْتُ بِعِبَادَتِي، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ المُصَلِّي – حَالَ قَوْلِهِ هَذَا الذِّكْرَ - مُقْبِلاً عَلَى مَوْلاهُ، غَيْرَ مُلْتَفِتٍ بِقَلْبِهِ إِلَى سِوَاهُ، فَيَكُونُ عَلَى غايةِ الحضورِ والإخلاصِ، وَإِلاَّ كَانَ كَاذِباً، وَأَقْبَحُ الكذبِ أَمَامَ مَنْ لا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ.
6- الذي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ والأرضَ؛ يَعْنِي: أَوْجَدَهُمَا وَأَبْدَعَهُمَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سابقٍ، وَمَنْ أَوْجَدَ مِثْلَ هَذِهِ المُبْدَعَاتِ، الَّتِي هِيَ غايةٌ فِي الإبداعِ والإتقانِ، حُقَّ لَهُ أَنْ تَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ الوجوهُ، وَأَنْ تُعَوِّلَ عَلَيْهِ الْقُلُوبُ، فَلا يُلْتَفَتُ إِلَى غَيْرِهِ، وَلا يُرْجَى أَحَدٌ سِوَاهُ.
7- حَنِيفاً: مَائِلاً إِلَى الْحَقِّ، مُسْتَقِيماً عَلَيْهِ.
8- مُسْلِماً: مُسْتَسْلِماً مُنْقَاداً لِلَّهِ تَعَالَى، مُتَوَجِّهاً إِلَيْهِ.
9- وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ: حَالٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ الجملةِ الَّتِي قَبْلَهَا.
10- إنَّ صَلاتِي: الْعِبَادَةُ المعروفةُ؛ فَرَائِضُهَا وَنَوَافِلُهَا.
11- وَنُسُكِي: ذَبْحِي، الَّذِي أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَخَصَّ هَاتَيْنِ الْعِبَادَتَيْنِ الشَّرِيفَتَيْنِ؛ لِمَزِيدِ فَضْلِهِمَا، وَدَلالَتِهِمَا عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وإخلاصِ الدِّينِ لَهُ، والتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِالْقَلْبِ واللسانِ والجوارحِ، هَذَا فِي الصَّلاةِ، وَبِبَذْلِ مَا تُحِبُّهُ النَّفْسُ من الْمَالِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ الذبحُ والتَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بإراقةِ الدماءِ.
12- مَحْيَاي وَمَمَاتِيَ: مَا آتِيهِ فِي حَيَاتِي مِن الأَعْمَالِ، وَمَا يُقَدِّرُهُ وَيُجْرِيهِ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيَّ فِي مَمَاتِي.
13- للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ فِي العبادةِ، وَلا فِي الْمُلْكِ، وَلا فِي الصِّفَاتِ.
14- وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ: هكذا رَوَاهُ مُسْلِمٌ (771)، وَأَبُو دَاوُدَ (760)، والتِّرْمِذِيُّ (3435)، وَالنَّسَائِيُّ (897)، وابنُ مَاجَهْ (760)، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (771)، وَأَبُو دَاوُدَ (760)، مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: ((وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)). فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الإطلاقِ، وبالنسبةِ لِغَيْرِهِ فَلْيَقْتَصِرْ على: ((وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) لا غَيْرُ، إِلاَّ أَنْ يَقْصِدَ لَفْظَ الآيَةِ، وَحِينَئِذٍ يَفُوتُهُ – إِنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا – سُنَّةُ دُعَاءِ الاستفتاحِ.
15- قولُهُ: أَنْتَ الْمَلِكُ لا إِلَهَ إِلاَّ أنتَ: إِثْبَاتُ الإِلَهِيَّةِ المُطْلَقَةِ لِلَّهِ تَعَالَى - عَلَى سَبِيلِ الحَصْرِ - بَعْدَ إِثْبَاتِ الْمُلْكِ.
16- أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ؛ أَيْ: أَنْتَ مَالِكِي، وَمُوجِدِي، وَمُرَبِّينِي بِأَنْوَاعِ النِّعَمِ وَالمِنَنِ، وَأَنَا عَبْدُكَ الذَّلِيلُ الْخَاضِعُ لأَمْرِكَ، المُلْتَجِئُ لِفَضْلِكَ.
17- ظَلَمْتُ نَفْسِي: بالمُخَالَفَةِ، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، وَأَنْتَ الْكَرِيمُ الَّذِي نَطْلُبُ مِنْهُ المَغْفِرَةَ.
18- فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعاً؛ أيْ: حَتَّى الْكَبَائِرَ وَالتَّبِعَاتِ.
19- لا يَغْفِرُ الذنوبَ إِلاَّ أنتَ؛ أي: صَغَائِرَهَا وَكَبَائِرَهَا، حَقِيرَهَا وَجَلِيلَهَا.
20- اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخلاقِ: أَرْشِدْنِي للأخلاقِ الحسنةِ الظاهرةِ والباطنةِ، والخُلُقُ الْحَسَنُ هَيْئَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ، يَنْشَأُ عَنْهَا جَمِيلُ الأفعالِ، وَكَمَالُ الأحوالِ.
21- اصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا؛ أي: ارْفَعْ عَنِّي الأخلاقَ السَّيِّئَةَ.
22- لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالخيرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ: أُجِيبُكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَأَحْظَى وَأَسْعَدُ بِإِقَامَتِي عَلَى طَاعَتِكَ، وَكُلُّ فَرْدٍ منْ أفرادِ الْخَيْرِ هُوَ مِنْ طَوْلِكَ وإفضالِكَ.
23- وَالشرُّ لَيْسَ إليكَ: الأُمُورُ كُلُّهَا بيدِ اللَّهِ تَعَالَى؛ خَيْرُهَا وَشَرُّهَا، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الشَّرَّ لا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ، وَلا يَصْعَدُ إِلَيْكَ، وَلا يُنْسَبُ إِلَيْكَ.
24- تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ: تَعَاظَمْتَ وَتَمَجَّدْتَ، وَأَدْرَرْتَ البركةَ عَلَى خَلْقِكَ، وَالبَرَكَةُ: هِيَ الْكَثْرَةُ والاتساعُ.
25- وَتَعَالَيْتَ: ارْتَفَعْتَ شَأْناً وَقَدْراً، أَوْ تَنَزَّهْتَ عَمَّا لا يَلِيقُ بِكَ.
26- أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ: أَطْلُبُ مِنْكَ المغفرةَ، وَأَطْلُبُ مِنْكَ التَّوْبَةَ.
27- قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَفِي روايةٍ: (إنَّ ذَلِكَ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ).قَالَ المُحَدِّثُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُبَاركفوريُّ فِي كِتَابِهِ (تُحْفَةُ الأَحْوَذِيِّ): قَوْلُ المُؤَلِّفِ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ الْحَدِيثَ مَرْوِيٌّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي بَابِ صَلاةِ اللَّيْلِ، بَلْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا (إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ).وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي رِوَايَتَي أَبِي دَاوُدَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ: إذا ابْتَدَأَ الصَّلاةَ المكتوبةَ، قَالَ: ((وَجَّهْتُوَجْهِيَ))... إلخ.
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي (النَّيْلِ): وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَزَادَ: (إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ). وَلِذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَيَّدَهُ أَيْضاً بالمكتوبةِ، فالقولُ بِأَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ مَخْصُوصٌ بصلاةِ التطوُّعِ، وَلا يَكُونُ مَشْرُوعاً فِي المكتوبةِ بَاطِلٌ جِدًّا. اهـ كلامُهُ.

* * *

215 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَبَّرَ للصلاةِ، سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: أَقُولُ: ((اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
· هُنَيْهَةً: قَالَ في (القاموسِ): الهِنْوُ – بِالْكَسْرِ -: الوَقْتُ، وَهُنَيْهَةٌ تَصْغِيرُ هَنَةٍ، وَيُرَادُ بها: السَّكْتَةُ اللَّطِيفَةُ.
- خَطَايَا: جَمْعُ: خَطِيئَةٍ، وَأَصْلُهُ: خَطَائِي، بِهَمْزَةٍ مكسورةٍ بَعْدَ المدِّ، يَلِيهَا يَاءٌ مُتَحَرِّكَةٌ هِيَ لامُ الْكَلِمَةِ، ثُمَّ فُتِحَتِ الْهَمْزَةُ فِي الْجَمْعِ، وَقُلِبَتْ أَلِفاً لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، فَصَارَ (خَطَاآ) فَكَرِهُوا اجْتِمَاعَ أَلِفَيْنِ بَيْنَهُمَا هُمَزَةٌ، فَقُلِبَتْ يَاءً فَصَارَتْ (خَطَايَا).
- نَقِّنِي: بِتَشْدِيدِ القافِ، وَهُوَ أَمْرٌ منْ نَقَّى: يُنَقِّي تَنْقِيَةً، وَهُوَ مَجَازٌ عَنْ إزالةِ الذنوبِ وَمَحْوِ أَثَرِهَا.
- كَمَا بَاعَدْتَ: (مَا) مصدريَّةٌ، تَقْدِيرُهُ: كَإِبْعَادِكَ بَيْنَ المشرقِ والمغربِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْتِقَاءَ المَشْرِقِ والمغربِ لَمَّا كَانَ مُسْتَحِيلاً، شَبَّهَ أَنْ يَكُونَ اقْتِرَابُهُ من الذنوبِ كَاقْتِرَابِ المشرقِ والمغربِ.
- الأَبْيَضُ: خُصَّ الثَّوْبُ الأبيضُ بالذِّكْرِ؛ لأَنَّ الدَّنَسَ يَظْهَرُ فِيهِ، زِيَادَةً عَلَى مَا يَظْهَرُ فِي سَائِرِ الألوانِ.
- الدَّنَسِ - بِفَتْحِ الدَّالِ وَالنُّونِ -: هُوَ الدَّرَنُ والوَسَخُ.
- الْبَرَدِ - بِفَتْحِ الْبَاءِ والراءِ -: حَبُّ الْغَمَامِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ذِكْرُ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ تأكيدٌ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بالغَسْلِ هُنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ استعارةٌ بَدِيعَةٌ للطهارةِ العظيمةِ من الذنوبِ.
قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: إِنَّ الغسلَ بالماءِ الحارِّ أَبْلَغُ فِي الإزالةِ، وَلَكِنْ جِيءَ هُنَا بالثلجِ والبردِ؛ لِيُنَاسِبَ حرارةَ الذنوبِ الَّتِي يُرَادُ إِزَالَتُهَا.
* مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- استحبابُ الاستفتاحِ، وَمَكَانُهُ بَعْدَ تكبيرةِ الإحرامِ، وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ والقراءةِ، وَهِيَ السكتةُ اللطيفةُ الَّتِي أَسَرَّ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2- أَنَّ صِفَةَ الاستفتاحِ الإسرارُ بِهِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ هُنَاكَ حَاجَةٌ إِلَى الجَهْرِ بِهِ؛ لِيُعَلِّمَهُ مَنْ خَلْفَهُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
3- أَدَبُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي حُسْنِ تَلْقِينِهِ، فَالمُتَعَلِّمُ يَسْأَلُ، والمُعَلِّمُ يُجِيبُ فِي المسائلِ الَّتِي هُمْ فِي حَاجَةٍ إِلَيْهَا، وَهُمْ مُشْتَغِلُونَ بالعملِ بِهَا، لا بِأُغْلُوطَاتِ الْمَسَائِلِ الصُّورِيَّةِ.
4- سَكَتَاتُ الإمامِ - عِنْدَ فُقَهَائِنَا الحنابلةِ - ثَلاثٌ:
الأُولَى: قَبْلَ الفاتحةِ فِي الركعةِ الأُولَى.
الثانيةُ: بَعْدَ الفاتحةِ بِقَدْرِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ عَنِ السكتةِ الثانيةِ: إِنَّهَا لأَجْلِ قِرَاءَةِ المأمومِ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي تَطْوِيلُهَا، بِقَدْرِ قِرَاءَةِ المأمومِ الفاتحةَ.
والروايةُ الثَّانِيَةُ عَن الإمامِ أحمدَ: لا يَسْكُتُ، وِفَاقاً لأَبِي حنيفةَ وَمَالِكٍ، وَهُوَ المُفْتَى بِهِ، والمُعْتَمَدُ فِي كُتُبِ المذهبِ.
الثالثةُ: سَكْتَةٌ يَسِيرَةٌ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ كُلِّهَا وَقَبْلَ الركوعِ؛ لِيَرُدَّ إِلَيْهِ نَفَسَهُ.
قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: إِنَّ الأَئِمَّةَ الثلاثةَ: أَبَا حنيفةَ وَمَالِكاً وأَحْمَدَ، وَجَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَسْتَحِبُّوا أَنْ يَسْكُتَ الإمامُ لِيَقْرَأَ المَأْمُومُ، فَهِيَ عِنْدَهُمْ غَيْرُ واجبةٍ وَلا مُسْتَحَبَّةٍ، بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، والسَّكْتَتَانِ اللَّتَانِ جَاءَتْ بهما السُّنَّةُ:
الأُولى: بَعْدَ تكبيرةِ الاستفتاحِ.
الثانيةُ: سَكْتَةٌ لطيفةٌ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ؛ للفَصْلِ، لا تَسَعُ لِقِرَاءَةِ الفاتحةِ.
وَأَمَّا السكتةُ الَّتِي عِنْدَ قولِهِ: {وَلا الضَّالِّينَ}. فَهِيَ منْ جنسِ السكتاتِ الَّتِي عِنْدَ رُؤُوسِ الآيِ، وَمِثْلُ هَذَا يُسَمَّى سُكُوتاً.
5- ((اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)).
معناهُ: أنَّهُ كَمَا لا يَجْتَمِعُ المشرقُ والمغربُ، لا يَجْتَمِعُ الدَّاعِي وَخَطَايَاهُ، فالمرادُ بِهَذِهِ المُبَاعَدَةِ: إِمَّا مَحْوُ الخَطَايَا السابقةِ، وَتَرْكُ المؤاخذةِ بِهَا، وَإِمَّا المَنْعُ من الوقوعِ فِيهَا، والعصمةُ مِنْهُ، بالنسبةِ للآتِيَةِ.
6- ((اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ)).
مَعْنَاهُ: أَزِلْ عَنِّيَ الْخَطَايَا، وَامْحُهَا عَنِّي كَهِذِه التَّنْقِيَةِ؛ فَإِنَّ النَّقاءَ أَظْهَرُ مَا يَكُونُ فِي الثَّوْبِ الأبيضِ، مِنْ غَيْرِهِ من الألوانِ.
7- ((اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ)).
الْمَاءُ الساخنُ أَبْلَغُ فِي إزالةِ الأَدْرَانِ والأَوْسَاخِ من الثَّلْجِ والبَرَدِ، ولذا كَثُرَ تَلَمُّسُ الْعُلَمَاءِ سَبَباً لِهَذَا التعبيرِ؛ وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ مَا قَالَهُ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الذُّنُوبُ لَهَا حَرَارَةٌ وَوَهَجٌ، وَهِيَ سَبَبٌ لحرارةِ الْعَذَابِ، نَاسَبَ أَنْ تُغْسَلَ بِمَا يَبْرُدُهَا وَيُطْفِئُ حَرَارَتَهَا، وَهُوَ الثَّلْجُ وَالْمَاءُ والبَرَدُ.
· فَائِدَةٌ:
قَالَ ابْنُ المُلَقِّنِ فِي (شَرْحِ العمدةِ): تَرَقَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الدُّعَاءِ، فَطَلَبَ:
(أ) مَا يَلِيقُ بالبعودةِ، وَهُوَ المباعدةُ.
(ب) ثُمَّ تَرَقَّى فَطَلَبَ التَّنْقِيَةَ.
(ج) ثُمَّ تَرَقَّى فَطَلَبَ الغَسْلَ؛ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْهُمَا.

* * *

216 - وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يقولُ: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ).
رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مَوْصُولاً، وَهُوَ مَوْقُوفٌ.
وَنَحْوُهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعاً عِنْدَ الْخَمْسَةِ، وفيهِ: وَكَانَ يَقُولُ بَعْدَ التكبيرِ: (أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ).
· دَرَجَةُ الحديثِ:
الْحَدِيثُ صَحِيحٌ؛ حَيْثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ، والدَّارَقُطْنِيُّ مَوْصُولاً، وَهُوَ مَوْقُوفٌ.
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي (الهَدْيِ): قَدْ صَحَّ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِهِ، وَيَجْهَرُ بِهِ، وَيُعَلِّمُهُ النَّاسَ، وَهُوَ بِهَذَا فِي حُكْمِ المرفوعِ، كَمَا أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ رَوَاهُ مَوْصُولاً، وَقَدْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ والذَّهَبِيُّ، وَصَحَّ رَفْعُ الْحَدِيثِ منْ عِدَّةِ طُرُقٍ، فالْحَدِيثُ صَحِيحٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سعيدٍ: فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: (إِنَّهُ أَشْهُرُ حَدِيثٍ فِي الْبَابِ).
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: (لا نَعْلَمُ فِي اسْتِفْتَاحِ (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ) خَبَراً ثَابِتاً عِنْدَ أَهْلِ المعرفةِ بالْحَدِيثِ، وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ).
ولِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ منْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَشَاهِدٌ منْ حديثِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- سُبْحَانَكَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَحُذِفَ فِعْلُهُ، وَهُوَ (أُسَبِّحُ)، وَهُوَ عَلَمٌ للتَّسْبِيحِ، والعَلَمُ لا يُضَافُ إِلاَّ إِذَا نُكِّرَ، وَمَعْنَاهُ: التَّنْزِيهُ عَن النقائصِ.
- وَبِحَمْدِكَ: الْوَاوُ للحالِ أَوْ لِعَطْفِ الجملةِ؛ سَوَاءٌ قُلْنَا: إِضَافَةُ الحمدِ إِلَى الْفَاعِلِ، وَالْمُرَادُ مِنْ (الحمدِ) – حِينَئِذٍ - لازِمُهُ، أَوْ إِلَى الْمَفْعُولِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ: سَبَّحْتُ مُتَلَبِّساً بِحَمْدِي لَكَ.
وَمَعْنَى (وَبِحَمْدِكَ)؛ أي: أَنَّ مَا قُمْتُ بِهِ من التَّسْبِيحِ، هُوَ بِتَوْفِيقِكَ وَهِدَايَتِكَ، لا بِحَوْلِي وَقُوَّتِي.
- تَعَالَى: تَعَاظَمَ، وَارْتَفَعَ، وَتَنَزَّهَ عَمَّا لا يَلِيقُ بِجَلالِهِ.
- جَدُّكَ - بِفَتْحِ الجيمِ وتشديدِ الدَّالِ -؛ أَيْ: عَظَمَتُكَ وَجَلالُكَ وَسُلْطَانُكَ.
- الرَّجِيمِ: أي: المَرْجُومِ بالطَّرْدِ واللَّعْنِ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
- هَمْزِهِ: هُوَ الْجُنُونُ والصرعُ، الَّذِي يَعْتَرِي الإِنْسَانَ.
- نَفْخِهِ: بِوَسْوَسَتِهِ بِتَعْظِيمِ نَفْسِهِ، وتحقيرِ غَيْرِهِ عِنْدَهُ، فَيَزْدَرِيهِ، وَيَتَعَاظَمُ عَلَيْهِ.
- نَفْثِهِ: قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: النَّفْثُ: فِعْلُ السِّحْرِ، والنَّفَّاثَاتُ هيَ: الأرواحُ والأنفسُ؛ لأَنَّ تَأْثِيرَ السحرِ إِنَّمَا هُوَ منْ جِهَةِ الأَنْفُسِ الخَبِيثَةِ، وَالأرواحِ الشِّرِّيرَةِ، فَإِذَا تَكَيَّفَ نَفَسُ الساحرِ بالخُبْثِ وَالشَّرِّ الَّذِي يُرِيدُهُ بالمَسْحُورِ، نَفَخَ فِي تِلْكَ العُقَدِ نَفْخاً مَعَهُ رِيقٌ، فَيَخْرُجُ مِنْ نَفْسِهِ الخبيثةِ نَفَسٌ مُمَازِجٌ للشَّرِّ والأَذَى، مُقْتَرِنٌ بالرِّيقِ المُمَازِجِ لِذَلِكَ، فَيَقَعُ بإذنِ اللَّهِ الكَوْنِيِّ القَدَرِيِّ، لا الأَمْرِيِّ الشَّرْعِيِّ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- هَذَا أَحَدُ أنواعِ استفتاحاتِ الصَّلاةِ، قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: صَحَّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِهِ، وَيَجْهَرُ بِهِ؛ لِيُعَلِّمَهُ النَّاسَ، فَهُوَ فِي حُكْمِ المرفوعِ، قَالَ الأَلْبَانِيُّ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
2- (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ): أُنَزِّهُكَ عَمَّا لا يَلِيقُ بِكَ، وَبِجَلالِكَ يَا رَبِّ، وَمَا تَسْتَحِقُّهُ من التَّنْزِيهِ عَن النقصِ والعيبِ، وَنَصْبُ (سُبْحَانَكَ) عَلَى الْمَصْدَرِ؛ أي: سَبَّحْتُكَ تَسْبِيحاً، فَوُضِعَ (سُبْحَانَكَ) مَوْضِعَ التَّسْبِيحِ.
3- (وَبِحَمْدِكَ): هَذَا الْجَارُّ المجرورُ إِمَّا مُتَّصِلٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، وَتَكُونُ الْبَاءُ للسَّبَبِيَّةِ، أَوْ صِفَةٌ لمصدرٍ مَحْذُوفٍ، وَالمَعْنَى: أَحْمَدُكَ - يَا رَبِّ - وَأُثْنِي عَلَيْكَ بِمَا تَسْتَحِقُّهُ، مِنَ الْمَحَامِدِ وَالثَّنَاءِ.
4- (تَبَارَكَ اسْمُكَ): كَثُرَ وَكَمُلَ وَاتَّسَعَ، وَكَثُرَتْ بَرَكَاتُهُ.
5- (تَعَالَى جَدُّكَ): تَعَاظَمَ شَأْنُكَ، وَارْتَفَعَ قَدْرُكَ.
6- ((لا إِلَهَ غَيْرُكَ)): لا معبودَ بِحَقٍّ سِوَاكَ، فَأَنْتَ الْمُسْتَحِقُّ للعبادةِ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَك، بِمَا وَصَفْتَ بِهِ نَفْسَكَ مِنَ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ، وَبِمَا أَسْدَيْتَهُ مِنَ النِّعَمِ الجَسِيمَةِ.
7- قَالَ الإمامُ أحمدُ: أَنَا أَذْهَبُ إِلَى هَذَا الاستفتاحِ، فَلَوْلا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُ فِي الفريضةِ مَا فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ، وَأَقَرَّهُ الْمُسْلِمُونَ.
قَالَ المجدُ وغيرُهُ: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَاخْتِيَارُ هَؤُلاءِ، وَجَهْرُ عُمَرَ بِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الأفضلُ، وَأَنَّهُ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدَاوِمُ عَلَيْهِ غَالِباً.
8- يَجُوزُ الاستفتاحُ بِكُلِّ مَا وَرَدَ وَثَبَتَ، قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: الاستفتاحاتُ الثابتةُ كُلُّهَا سَائِغَةٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدَاوِمُ عَلَى استفتاحٍ وَاحِدٍ قَطْعاً، والأفضلُ أَنْ يَأْتِيَ بالعباداتِ المتنوعةِ عَلَى وُجُوهٍ مُتَنَوِّعَةٍ، كُلُّ نَوْعٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ، وَلا يُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَهَا.
9- الاستعاذةُ بِاللَّهِ تَعَالَى فِي الصَّلاةِ سُنَّةٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا عِنْدَ الجمهورِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ التَّعَوُّذَ بَعْدَ دعاءِ الاستفتاحِ سُنَّةٌ، وَهُوَ مُقَدِّمَةٌ للقراءةِ، قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]. وَمَعْنَاهَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ العلماءِ: إِذَا أَرَدْتَ الْقِرَاءَةَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدينِ: التَّعَوُّذُ عِنْدَ أَوَّلِ كُلِّ قِرَاءَةٍ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
10 – (أَعُوذُ باللهِ): مَعْنَاهُ: أَلْجَأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَعْتَصِمُ بِهِ.
11 - اللَّفْظُ الْمُخْتَارُ للتَّعَوُّذِ: (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، وَجَاءَ (أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، وَلا بَأْسَ بِهِ، لَكِن المَشْهُورُ المُخْتَارُ الأَوَّلُ.
12 – (مِنَ الشَّيْطَانِ): المُتَمَرِّدِ العَاتِي، مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ.
13 - (الرَّجِيمِ): المَرْجُومِ المَطْرُودِ، والمُبْعَدِ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَلا تُسَلِّطْهُ عَلَيَّ بِمَا يَضُرُّنِي، فِي دِينِي وَدُنْيَايَ، وَلا يَصُدُّنِي عَنْ فِعْلِ مَا يَنْفَعُنِي، فِي أَمْرِ دِينِي وَدُنْيَايَ، فَمَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ أَوَى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَاعْتَصَمَ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ، مِنْ عَدُوِّهِ الَّذِي يُرِيدُ قَطْعَهُ عَنْ رَبِّهِ، وَإِسْقَاطَهُ فِي مَهَاوِي الشَّرِّ والهَلاكِ.
14 – (مِنْ هَمْزِهِ): نَوْعٌ مِنَ الْجُنُونِ وَالصَّرَعِ يَعْتَرِي الإِنْسَانَ، فَإِذَا أَفَاقَ عَادَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ.
15 – (نَفْثِهِ): هُوَ السِّحْرُ المَذْمُومُ، وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4]. هُوَ شَرُّ السحرِ؛ فَإِنَّ النفاثاتِ فِي العُقَدِ هُنَّ السَّوَاحِرُ، اللاتي يَعْقِدْنَ الْخُيُوطَ، وَيَنْفِثْنَ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ، حَتَّى يَنْعَقِدَ مَا يُرِدْنَ من السِّحْرِ.
والنَّفْثُ: هُوَ النَّفْخُ مَعَ رِيقٍ، وَهُوَ دُونَ التَّفْلِ، فَهُوَ مَرْتَبَةٌ بَيْنَ النَّفْخِ والتَّفْلِ.
16 – (نَفْخِهِ): الكِبْرُ؛ لأَنَّهُ يَنْفُخُ فِي الإِنْسَانِ بِوَسْوَسَتِهِ، فَيَعْظُمُ فِي عَيْنِ نَفْسِهِ، وَيَحْقُرُ غَيْرُهُ عِنْدَهُ، فَتَزْدَادُ عَظَمَتُهُ وَكِبْرِيَاؤُهُ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir