دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الجنائز

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 ذو القعدة 1429هـ/7-11-2008م, 12:44 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي [صفة غسل الميت]

عن أمِّ عَطِيَّةَ الأنصاريَّةِ قالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ زَيْنَبُ، فقالَ: ((اغْسِلْنَهَا ِثَلاَثًا، أو خَمْسًا، أَو أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ –إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ- بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ في الآخِرَةِِ كَافُورًا –أَو شَيْئًا مِن كافُورٍ-فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي))، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حَقْوَهُ، فقالَ: ((أَشْعِرْنَهَا بِهِ)). يَعْنِي إِزَارَهُ.
وفي روايَةٍ، (( أَو سَبْعًا )).
وقالَ: (( ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا )).
وَأَنَّ أُمَّ عطِيَّةَ قالَتْ: وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ.
عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا قالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ –أَو قَالَ: فأَوْقَصَتْهُ- فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ((اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا)).
وفي روايَةٍ: ((وَلاَ تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلا رَأْسَهُ)).
الوَقْصُ: كَسْرُ الْعُنُقِ.

  #2  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 02:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الأول: تصحيح الرواية)

ومن كتابِ الجنائزِ إلى الْحَجِّ .
حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما وفي روايةٍ ((وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ )) .
هذه روايةُ مسلِمٍ فكان يَنبغى التنبيهُ عليه .
قالَ البَيهقيُّ : وذِكْرُ الوجهِ وَهْمٌ من بعضِ الرواةِ في الإسنادِ والمتْنُ الصحيحُ (( لَا تُغَطُّوا رَأْسَهُ )) كذا أَخْرَجَه البخاريُّ وذكْرُ الوجهِ غريبٌ .

  #3  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 02:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الثاني: التصحيح اللغوي)

5- عن أمِّ عَطِيَّةَ الأنصاريَّةِ قالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ زَيْنَبُ، فقالَ: ((اغْسِلْنَهَا ِثَلاَثًا، أو خَمْسًا، أَو أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ –إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ- بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ في الآخِرَةِِ كَافُورًا –أَو شَيْئًا مِن كافُورٍ-فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي))، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حَقْوَهُ، فقالَ: ((أَشْعِرْنَهَا بِهِ)). يَعْنِي إِزَارَهُ.
وفي روايَةٍ، (( أَو سَبْعًا )).
وقالَ: (( ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا )).
وَأَنَّ أُمَّ عطِيَّةَ قالَتْ: وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ.
6- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا قالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ –أَو قَالَ: فأَوْقَصَتْهُ- فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ((اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا)).
وفي روايَةٍ: ((وَلاَ تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلا رَأْسَهُ)).
الوَقْصُ: كَسْرُ الْعُنُقِ.

  #4  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 02:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بابٌ في صفةِ تَغْسِيلِ المَيِّتِ
وتَشْيِيعِ الجنازةِ

الْحَدِيثُ السادسُ والخمسونَ بَعْدَ الْمِائَةِ
عنْ أمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ قالَتْ: ((دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ تُوُفِّيَت ابْنَتُهُ زَيْنَبُ. فقالَ: ((اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أوْ خَمْسًا، أَو أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ –إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ- بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كَافُورًا –أَو شَيْئًا مِنْ كافُورٍ- فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فٌآذِنَّنِي))، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حَقْوَهُ، فقالَ: ((أَشْعِرْنَهَا بِهِ)). يَعْنِي:إِزَارَهُ.
وفي روايَةٍ: ((أَو سَبْعًا)).
وقالَ: ((ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا)).
وَأَنَّ أُمَّ عطِيَّةَ قالَتْ: ((وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)).

المُفْرَدَاتُ:
قَوْلُهُ: (سِدْرٍ). هوَ شَجَرُ النَّبْقِ، والذي يُغْسَلُ بهِ؛ وَرَقِهِ بعدَ طَحْنِهِ.
قَوْلُهُ: (كَافُورًا). نوعٌ من الطِّيبِ يَصْلُبُ الجسدَ.
آذَنْتَنِي: أَعْلَمْتَنِي.
قَوْلُهُ: (حَقْوَهُ). موضعُ شدِّ الإزارِ، أُطْلِقَ على الإزارِ نفسِهِ.
قَوْلُهُ: (أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ). الشِّعَارُ ما يلي الجَسَدَ من الثيابِ، أي: اجْعَلْنَ إِزَارِي مِمَّا يَلِي جَسَدَهَا.

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: وُجُوبُ غسلِ المَيِّتِ المسلمِ.
الثَّانِيَةُ: أنَّ المرأةَ لا يُغَسِّلُهَا إلَّا النساءُ، وبالعكسِ إلَّا الرجلَ معَ امرأتِهِ.
الثَّالِثَةُ: أنْ يكونَ بثلاثِ غَسَلاتٍ، فإنْ لم يَكُنْ زِيدَ على ذلكَ، وأنْ يكونَ آخِرُ الغسلاتِ وِتْرًا.
الرَّابِعَةُ: أنْ يكونَ معَ الماءِ سِدْرًا، وَيُطَيَّبُ معَ الغسلةِ الأخيرةِ.
الْخَامِسَةُ: البداءةُ بغسلِ الأعضاءِ الشريفةِ.
السَّادِسَةُ: ضَفْرُ الشعرِ ثلاثًا، وَجَعْلُهُ خلفَ المَيِّتِ.








الْحَدِيثُ السابعُ والخمسونَ بَعْدَ الْمِائَةِ
عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا قالَ: ((بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ –أَو قَالَ: فأَوْقَصَتْهُ- فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا)).
وفي روايَةٍ: ((وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلا رَأْسَهُ)).
الوَقْصُ: كَسْرُ الْعُنُقِ.

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: وُجُوبُ تَغْسِيلِ المَيِّتِ، وأنَّهُ فَرْضُ كفايةٍ.
الثَّانِيَةُ: جَوَازُ اغتسالِ المُحْرِمِ.
الثَّالِثَةُ: العنايةُ بنظافةِ المَيِّتِ.
الرَّابِعَةُ: أَنَّ تَغَيُّرَ الماءِ بالطاهراتِ لا يُخْرِجُ الماءَ عنْ كونِهِ مُطَهِّرًا لغيرِهِ.
الْخَامِسَةُ: وُجُوبُ تَكْفِينِ المَيِّتِ.
السَّادِسَةُ: تَحْرِيمُ تَغْطِيَةِ رأسِ الرجلِ المَيِّتِ إذا كانَ مُحْرِمًا والأُنْثَى وَجْهِهَا.
السابعةُ: تحريمُ الطِّيبِ على المُحْرِمِ حَيًّا أوْ مَيِّتًا ذَكَرًا أوْ أُنْثَى.
الثامنةُ: أنَّ المُحْرِمَ غيرُ ممنوعٍ من استعمالِ الأشياءِ التي ليسَ فيها طِيبٌ كالأُشْنَانِ والصابونِ.
التاسعةُ: فَضْلُ مَنْ ماتَ مُحْرِمًا، وأنَّ مَنْ شَرَعَ في عملٍ صالحٍ فماتَ قبلَ إتمامِهِ بَلَغَتْ نِيَّتُهُ.

  #5  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 02:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بابٌ في صِفةِ تغْسيلِ الميِّتِ
وتشْيِيعِ الجِنازةِ
الحديثُ السادسُ والخمسونَ بعدَ المِائَةِ
عن أُمِّ عَطِيَّةَ الأنصارِيَّةِ قالت: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ زَيْنَبُ. فقال:
((اغْسِلْنَهَا بِثَلاَثٍ، أوْ خَمْسٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ –إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكِ - بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً –أَوْ شَيْئاً مِنْ كافُورٍ-فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فآذِنَّنِي)).
فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فأعْطَانَا حِقْوَهُ، فقال: ((أشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ)). تعني: إزَارَهُ .
وفي روايةٍ، " أَوْ سَبْعاً ". وقال: " ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا ". وَأَنَّ أُمَّ عطِيَّةَ قالت: " وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلاَثَةَ قرُونٍ ".
(156) الغَريبُ:
رَأَيْتُنَّ ذلكِ: بكسرِ الكافِ؛ لأن المُخاطَبَةَ أنثَى.
" سِدْرٍ" : هو شجرُ النَّبْقِ، والذي يُغَسَّلُ به ورقُهُ بعدَ طحنِهِ.
" كَافُورٍ" : نوعٌ من الطّيبِ، من خواصِّه أنه يصلِّبُ الجسدَ.
" فآذِنَّنِي" : أي : أعْلِمَنَّنِي.
" حِقْوَهُ " : بفتحِ الحاءِ وكسرِها. موضعُ شدِّ الإزارِ، توسَّعوا فيه فأطْلقوه على الإزارِ نفْسِهِ.
" أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ " : الشِّعارُ، بالكسرِ، ما يلي الجسدَ من الثّيابِ، ومعناه: اجعَلْنَ إزارِي ممَّا يلي جسدَها.
" بِمَيَامِنِهَا ": الميامِنُ: جمعُ مَيْمَنَةٍ بمعنى اليَمينِ، ومنه قولُهُ تعالى: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ).
المعنَى الإجماليُّ:
لمَّا تُوُفِّيت زينبُ بنتُ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا دَخَلَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على غاسِلاتِها، وفيهنَّ أُمُّ عَطِيَّةَ الأنصاريَّةُ لِيُعَلِّمَهُنَّ صفةَ غَسْلِها؛ لتخرُجَ من هذه الدُّنيا إلى ربِّها، طاهرةً نقيةً فقال:
((اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا)) ليكونَ قطعُ غَسْلِهِنَّ على وِتْرٍ ((أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)) إنْ رأيتُنَّ أنها تحتاجُ إلى الزّيادةِ على الخَمْسِ.
وليكونَ الغُسلُ أنقى، والجسدُ أصلبَ، اجعلْنَ مع الماءِ سِدراً، وفي الأخيرةِ كافوراً، لتكونَ مُطَيَّبَةً بطِيبٍ يُبْعِدُ عنها الهوامَّ، ويَشُدُّ جسدَها)).
ووصَّاهنَّ أن يبدأْنَ بأشْرفِ أعضائِها.
ما يُؤْخَذُ من الحديثِ: الميامِنُ، وأعضاءُ الوضوءِ.
وأمَرَهُنَّ ـ إذا فرغْنَ من غُسْلِها على هذه الكيفيَّةِ ـ أن يُعْلِمْنَهُ.
فلمَّا فرغْنَ وأعلمْنَهُ، أعطاهُنَّ إزارَه الذي باشرَ جسدَهُ الطّاهرَ، لِيُشْعِرْنَهَا إيَّاه، فيكونُ بركةً عليها في قبْرِهَا.

ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1ـ وُجوبُ غَسْلِ الميِّتِ المسلمِ، وأنه فرْضُ كِفايَةٍ.
2ـ أن المرأةَ لا يُغَسِّلُها إلا النّساءُ، وبالعكسِ، إلا ما اسْتُثْنِيَ من المرأةِ مع زوجِها، والأمَةِ مع سيِّدِهَا، فلكلٍّ منهما غَسْلُ صاحبِهِ.
3ـ أن يكونَ بثلاثِ غَسَلاَتٍ، فإن لم يكنْ، فخمسٌ ، فإن لم يكفِ، زِيدَ على ذلك، وقيَّدَ بعضُ العلماءِ الزّيادةَ إلى السّبْعِ، ولكنَّ المفهومَ من قوله : ((إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكِ)) التّفويضُ إلى رأْيِهِنَّ بحسبِ المصلحةِ والحاجةِ، ففي روايةِ الصّحيحينِ: ((أَوْ سَبْعاً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)) .
وبعدَ ذلك إن كان ثَمَّ خارجٌ، سُدَّ المحلُّ الذي يخرجُ منه الأذَى .
4ـ أن يَقْطَعَ الغاسِلُ غَسَلاتِهِ على وِتْرٍ: ثلاثٍ، أو خمسٍ، أو سبْعٍ .
5ـ أن يكونَ مع الماءِ سِدرٌ؛ لأنَّه يُنقِّي، ويُصَلِّبُ جسدَ الميِّتِ ، وأن الماءَ المتغيِّرَ بالطاهرِ باقٍ على طُهورِيَّتِهِ .
6ـ أن يُطَيَّبَ الميِّتُ مع آخرِ غَسَلاتِهِ، لئلاَّ يَذهبَ الماءُ. ويكونُ الطِّيبُ من كافورٍ؛ لأنَّه – مع طِيبِ رائِحتِهِ – يَشُدُّ الجسدَ ، فلا يُسْرِعُ إليه الفسادُ .
7ـ البَدَاءَةُ بغَسْلِ الأعضاءِ الشَّريفةِ، وهي : الميامِنُ ، وأعضاءُ الوُضوءِ .#
8ـ ضَفْرُ الشَّعَرِ ثلاثةَ ضفائرَ ، وجعْلُهُ خلْفَ الميِّتِ .
9ـ التّبرُّكُ بآثارِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهذا شيءٌ خاصٌّ به ، فلا يتعدَّاه إلى غيرِه من العلماءِ والصّالحينَ؛ لأمورٍ كثيرةٍ .
منها : أن هذا الأمرَ لا يلحَقُه أحدٌ فيه ، لِما بينَه وبينَ غيرِه من البَوْنِ الشَّاسعِ .
ثانياً : أن هذه الأشياءَ توْقِيفِيَّةٌ ، لا تُشْرَعُ إلا بشرْعٍ ولا يُوجدُ من الأدِلَّةِ ما يُعدِّيها إلى غيرِه .
ثالثاً : أن الصَّحابةَ يعلمونَ أن أبا بكرٍ أفضلُ الأُمَّةِ ، ولم يَرِدْ أنهم فعلوا معه ما يفعلونه مع النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، من التّسابُقِ على ماءِ وُضُوئِهِ ، ونحوِه .
رابعاً : أن التّبرُّكَ بغيرِه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الغُلوِّ الذي هو وسيلَةُ الشِّركِ .
خامساً : أنه فِتنةٌ لِمَن تُبُرِّكَ به ، وطريقٌ إلى تعظيمِه نفسَهُ ، الذي فيه هلاكُهُ .

الحديثُ السَّابِعُ والخمسونَ بعدَ المِائَةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُما قال: بَيْنَما رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ –أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ- فقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّياً)) .
وفي روايةٍ ((وَلاَ تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلاَ رَأْسَهُ)).
قال المُصنِّفُ رَضِي اللهُ عَنْهُ: الوَقْصُ: كَسْرُ العُنُقِ.
(157) غريبُ الحديثِ:
" وَقَصَتْهُ ": صرَعتْه فكَسَرت عُنُقَهُ.
" وَلاَ تُحَنِّطُوهُ ": لا تجعلوا في شيءٍ من غَسْلِه أو كَفَنِه حَنوطاً وهو أخلاطٌ من الطِّيبِ تُجمعُ للميِّتِ.
" وَلاَ تُخَمِّرُوا ": لا تُغطُّوا .
يُبْعَثُ مُلَبِّياً: أي يُبعثُ ، وهو يقولُ: لبَّيْكَ اللَّهُمَّ لبَّيْكَ، وذلك شِعارُ الإحْرامِ.
المعنَى الإجماليُّ:
بينَما كان رجُلٌ من الصَّحابةِ واقفاً في عرفةَ على رَاحِلَتِه في حَجَّةِ الوداعِ مُحرِماً إذ وقع منها، فانكَسَرت عُنُقُه فمات.
فأمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَغْسِلُوهُ كغيرِه من سائرِ الموتَى، بماءٍ وسِدرٍ، ويُكَفِّنُوه في إزارِه ورِدائِه، اللذين أَحرمَ بهما.
وبما أنه مُحرِمٌ بالحجِّ ، وآثارُ العِبادةِ باقيةٌ عليه، فقد نهاهُم النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُطَيِّبُوه ، وأن يُغَطُّوا رأْسَه.
وذَكَر لهم الحكمةَ في ذلك ، وهي: أنه يَبعثَه اللهُ على ما مات عليه، وهو التّلْبِيَةُ التي هي شِعارُ الحجِّ.
ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1ـ وُجوبُ تغْسيلِ الميِّتِ ، وأنه فرْضُ كِفايَةٍ.
2ـ جَوازُ الاغتسالِ للمُحرمِ، كما ثَبتَ ذلك في حديثِ أبي أيُّوبَ.
3ـ الاعتناءُ بنظافةِ الميِّتِ وتنقيتِه، إذْ أمرهُم أن يَجعلوا مع الماءِ سِدراً.
4ـ أن تَغَيُّرَ الماءِ بالطاهراتِ، لا يُخْرِجُ الماءَ عن كونِه مُطَهِّراً لغيرِه، إلى كونِه طاهِراً بذاتِه غيرَ مُطَهِّرٍ لغيرِه، كما هو المشهورُ في مذْهبِ أحمدَ.
بل الصّحيحُ أنه يَبقى طاهراً بذاتِه مُطَهِّراً لغيرِه ، كما هو مذْهبُ الجمهورِ، وإحدى الرِّوايَتَيْنِ عن الإمامِ أحمدَ.
5ـ وُجوبُ تكْفينِ الميِّتِ، وأن الكفنَ مقدَّمٌ على حقِّ الغريمِ، والوَصِيِّ، والوارثِ.
6ـ تحريمُ تغطيةِ رأسِ الميِّتِ المُحرمِ، والوجهِ للأُنثى.
ويُؤْخذُ من قولِهِ: ((يُبْعَثُ مُلَبِّياً)) بقياسِ الأولوِيَّةِ، أن ذلك يحرمُ في حقِّ المُحْرِمِ الحَيِّ. قال ابنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الحديثُ دليلٌ على أن المُحرمَ إذا مات يَبقى في حقِّه حكمُ الإحرامِ، وهو مذْهبُ الشَّافعيِّ , وخالَفَ في ذلك أبو حنيفةَ ومالكٌ ، وهو مقتضى القياسِ ؛ لانقطاعِ العبادةِ وزوالِ محلِّ التّكليفِ، ولكنِ اتِّباعُ الحديثِ مقدَّمٌ على القياسِ.
7ـ تحريمُ الطِّيبِ على المُحرمِ، حيًّا أو ميِّتاً، ذَكَراً أو أُنثَى؛ لأنَّه تَرَفُّهٌ، وهو مُنافٍ للإحرامِ.
8ـ أن المُحرمَ غيرُ ممنوعٍ من مباشرةِ الأشياءِ التي ليس فيها طِيبٌ كالسِّدرِ، والأُشْنانِ، والصّابونِ غيرِ المُطَيَّبِ، ونحوِها.
9ـ جَوازُ الاقتصارِ في الكفَنِ على الإزارِ والرِّداءِ.
وبهذا يُعلمُ أنه يكفِي للميِّتِ لِفافةٌ واحدةٌ؛ لأن الإزارَ والرِّداءَ بقدرِ اللِّفافةِ.
10ـ فضلُ مَن مات مُحرِماً، وأنَّ عملَهُ لا يَنقطِعُ إلى يومِ القيامَةِ، حينَ يُبعَثُ عليه.
11ـ أنَّ مَن شرَعَ في عملٍ صالحٍ ـ
مِن طلبِ علمٍ أو جهادٍ، أو غيرِهما ، ومِن نيَّتِهِ أن يُكْمِلَهُ، فمات قبلَ ذلك ،
بلغتْ نيَّتُه الطَّيِّبَةُ ، وجرى عليه ثمرتُهُ إلى يومِ القيامَةِ.

  #6  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 02:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

161 - الحديثُ الخامسُ: عن أمِّ عطيةَ الأنصاريَّةِ، قالتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْتَتُهُ، فقالَ: ((اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ - إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ - بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلنَ فِي الأخيرةِ كافُورًا - أَوْ شَيْئًا مِنْ كافُورٍ - فإِذَا فَرَغْتُنَّ فآذِنَّني))، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فأَعْطَانَا حَقْوَهُ، وقال: ((أَشْعِرْنَهَا بهِ))، تَعْنِي إِزَارَهُ.
وَفِي روايةٍ: ((أَوْ سَبْعًا))، وقالَ: ((ابْدَأْنَ بِمِيَامِنهَا، ومواضعِ الوضوءِ منهَا))، وَأَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالتْ: وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ.
وهذهِ الابنةُ هي: زينبُ بنتُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا هوَ المشهورُ. وذكرَ بعضُ أهلِ السَّيرِ أنهَا أمُّ كلثومِ. وقد استدلَّ بقولِه: ((اغسلنهَا)) على وجوبِ غسلِ الميَّتِ، وبقوله: ((ثلاثًا، أَوْ خمسًا))، عَلَى أَنَّ الإِيتارَ مطلوبٌ فِي غسلِ الميِّتِ، والاستدلالُ بصيغةِ هذا الأمرِ على الوجوبِ عندي يَتوقَّفُ على مقدمةٍ أصوليَّةٍ، وهي جوازُ إرادةِ المعنيينِ المختلفينِ بلفظةٍ واحدةٍ، من حيثُ إِنَّ قولَهُ: ((ثلاثًا)) غيرُ مستقلٍّ بنفسِهِ، فلابدَّ أَنْ يكونَ داخلاً تحتَ صيغةِ الأمرِ، فتكونَ محمولةً فيهِ عَلَى الاستحبابِ وَفِي أصلِ الغسلِ على الوجوبِ، فيرادُ بلفظِ الأمرِ: الوجوبُ بالنسبةِ إِلَى الإيتارِ.
وقولهُ عليهِ الصلاةُ و السلامُ: ((إِنْ رأيتنَّ ذلكَ)) تفويضٌ إِلَى رأيهنَّ بحسبِ المصلحةِ والحاجةِ، لا إِلَى رأيهنَّ بحسبِ التَّشَهِّي، فإنَّ ذلكَ زيادةٌ غيرُ محتاجٍ إِليهَا، فهوَ مِنْ قبيلِ الإسرافِ فِي ماءِ الطَّهارةِ، وإذا زيدَ على ذلكَ فالإيتارُ مستحَبٌّ، وإنهاؤُهُ الزيادةَ إِلَى سبعةٍ - فِي بعضِ الرواياتِ - لأنَّ الغالبَ أنَّها لا تحتاجُ إِلَى الزيادةِ عليهَا، واللهُ أعلمُ.
وقولهُ: ((بماءٍ وسدرٍ)) أُخِذَ منه: أنَّ الماءَ المتغيرَ بالسِّدرِ تجوزُ بهِ الطَّهارةُ، وهذا يتوقفُ على أنْ يكونَ اللَّفظُ ظاهرًا فِي أنَّ السِّدرَ ممزوجٌ بالماءِ، وليسَ يبعدُ أنْ يحملَ على أنْ يكونَ الغسلُ بالماءِ مِن غيرِ مزجٍ لهُ بالسِّدرِ، بل يكونُ الماءُ والسِّدرُ مجموعين فِي الغسلةِ الواحدةِ من غيرِ أنْ يُمزَجَا.
وَفِي الحديثِ دليلٌ على استحبابِ الطِّيبِ، وخصوصًا الكافورَ، وقيلَ: إِنَّ فِي الكافورِ خاصيةَ الحفظِ لبدنِ الميِّتِ، ولعلَّ هَذا هو السَّبَبُ فِي كونهِ فِي الأخيرةِ، فإنه لو كانَ فِي غيرِهَا أذهبَهُ بعدَهَا، فلا يحصلُ الغرضُ مِنَ الحفظِ لبدَنِ الميِّتِ، و((الحَقْوُ)) بفتح الحاء هنا: الإزارُ، تسميةٌ للشيءِ بما يَلزَمهُ. وقولُه: ((أَشْعِرْنَها))، أي: اجْعَلْنَهُ شِعَارًا لهَا، والشِّعارُ: ما يلي الجَسَدَ، والدثارُ: ما فوقَهُ.
وقولُهُ: ((ابدأنَ بمَيَامِنِهَا)) دليلٌ على استحبَابِ التَّيَمُّنِ فِي غسلِ الميِّتِ، وهوَ مسنونٌ فِي غيرهِ من الاغتسالِ أيضًا.
وفيهِ دليلٌ أيضًا على البداءةِ بمواضِعِ الوُضوءِ. وذلك تشريفٌ. وقد تقدَّمَتْ إشارةٌ إِلَى أنَّ ذلكَ إذا فُعِلَ فِي الغسلِ هل يكونُ وضوءًا حقيقيًّا، أو جزءًا من الغسلِ، خُصَّتْ به هذهِ الأعضاءُ تَشْريفًا؟.
و((القرونُ)) هاهنا الضفائرُ, وفيهِ دليلٌ على استحْبابِ تَسريحِ شعرِ الميِّتِ وضَفْرِهِ، بناءً على الغالبِ فِي أَنَّ الضفرَ بعدَ التسريحِ، وإنْ كانَ اللفظُ لا يُشعرُ بهِ صريحًا، وهذا الضَّفرُ ثلاثًا مخصوصُ الاستحبَاب بالمرأة، وزادَ بعضُ أصحابِ الشافعيِّ فيهِ: أنْ يَجعلَ الثلاثَ خلفَ ظهرهَا، ورَوَى فِي ذلكَ حديثًا أثبتَ بِه الاستحبابَ لذلكَ، وهو غريبٌ، وهو ثابتٌ من فعلِ مَنْ غسَّلَ بنتَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
162 - الحديثُ السادسُ: عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ ـ رضي اللهُ عنهما ـ قال: بَيْنَما رَجُلٌ وَاقِفٌ بَعَرفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ - فَقَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اغْسِلُوهُ بِماءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبيه، ولاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رأْسَهُ، فإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْم القِيَامَةِ مُلَبِّيًا)).
وَفِي روايةٍ: ((وَلاَ تُخَمِّرُوا وَجهَهُ ولاَ رأْسَهُ)).
قالَ رحمه اللهُ: ((الْوَقْصُ)) كَسْرُ الْعُنُقِ.
الحديثُ دليلٌ علَى أَنَّ المُحْرِمَ إِذَا ماتَ يبقَى فِي حقِّهِ حكمُ الإحرامِ، وهوَ مذهبُ الشافعيِّ. وخالفَ فِي ذلكَ مالكٌ وأبو حنيفةَ، وهو مقتضى القياسِ لانقطاعِ العبادةِ بزوالِ محلِّ التكليفِ، وهو الحياةُ. لكن اتَّبعَ الشافعيُّ الحديثَ، وهو مقدمٌ على القياسِ.
وغايةُ ما اعتُذِرَ به عن الحديثِ ما قيلَ: إنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَّلَ هذا الحُكمَ فِي هذا المُحرِمِ بعلَّةٍ لاَ يُعلَمُ وجودُها فِي غيرهِ، وهو أنهُ يُبْعَثُ يومَ القيامةِ ملبِّيًا، وهذا الأمرُ لا يُعلَمُ وجودُه فِي غيرِ هذا المُحرِمِ لغيرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحُكمُ إِنَّمَا يَعُمُّ فِي غيرِ مَحَلِّ النَّصِّ بعمومِ علَّتِهِ.
وغيرُ هؤلاءِ يرَى أنَّ هذهَِ العلَّةَ إنَّما تَثْبُتُ لأجلِ الإحرامِ، فَيَعُمُّ كلَّ مُحرِمٍ.

  #7  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 02:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

165- وعن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته زينب فقال: اغسلنها ثلاثا وخمسا أو أكثر من ذلك، إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الأخيرة كافورا أو شيئا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغن آذناه، فأعطاهن حقوه فقال: أشعرنها إياه.
وفي رواية: أو سبعا، وقال: ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها. وأن أم عطية قالت: وجعلنا رأسها ثلاثة قرون.
166- وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته – أو قال: فأقعصته – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا.
وفي رواية: ولا تخمروا وجهه ولا رأسه.
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد / فهذه الأحاديث الثلاثة تتعلق بتكفين الميت وتغسيله، وقد دلت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على وجوب تغسيل الميت، وعلى وجوب تكفينه، وأنه يغسل ويكفن ويصلى عليه. يعني الميت المسلم يجب أن يغسل ويكفن، ويجب أن يصلى عليه ثم يدفن.
وهذه من كرامة الله للمسلم ورحمته له ولأهله أنه يغسل وينظف ويطيب ويصلى عيه بعد التكفين، ويدفن، ولا يجعل كالجيف على الطرقات، بل أكرمه الله بتغسيله وتكفينه وتطييبه والصلاة عليه، ثم دفنه ومواراته في الأرض حتى يخرج يوم البعث والنشور. (مكرر)
. . .
وفي حديث أم عطية رضي الله عنها، وهي نسيبة الأنصارية دلالة على أن تكرار الغسل أفضل، ولهذا لما ماتت بنت النبي ( زينب رضي الله عنها ) قال النبي صلى الله عليه وسلم لغاسلاتها: اغسلنها ثلاثا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك. يعني حسب الحاجة، الثلاثة أفضل، وإن غسل واحدة كفى، إذا أجري عليه الماء مرة واحدة، هذا الواجب، لكن إذا كرر الغسل ثلاث مرات أو خمس مرات أو سبع مرات إذا دعت الحاجة إليه فهو أفضل. والأفضل ثلاث، إذا كان ما هناك حاجة الأفضل ثلاث، فإن دعت الحاجة إلى الزيادة لوسخ كثير أو كثيرة يزاد حتى ينظف.
والسنة أن يكون بماء وسدر، أبلغ في التنظيف والتليين، الماء والسدر، وإن لم يوجد السدر يكون فيه غير السدر كالأشنان والصابون والشامبو ونحو ذلك مما ينظف، والسدر أفضل إذا تيسر، والأفضل أن يكون فيه كافور، الغسلة الخيرة يكون فيها كافور، طيب معروف، يصلب الجسد ويطيب الرائحة، يجعل في الغسلة الأخيرة شيء من الكافور لتطييب رائحة الجسم، ولتصليبه وتقويته بعد الغسل، ويطيب في مغابنه، أذنيه وآباطه، أعقاب الرجلين، وترقوته ونحوها، ورأسه، يصيب أيضا الأكفان، كل هذا مشروع، إلا المحرم فلا يطيب، إذا كان مات وهو محرم لا يطيب، بل يكفن في ثوبيه كما يأتي في حديث ابن عباس أنه مات رجل وهو محرم بعرفات، فأمر أن يغسل بماء ، ولم يأمر بالتكرار، ولم يقل ثلاثا، فدل على أنه يكفيه مرة واحدة، إذا غسل مرة واحدة كفى، إذا أجري عليه الماء مرة واحدة كفى، وإن كرر ثلاثا فهو أفضل كما تقدم في حديث أم عطية.
وأمر أن يكفن في ثوبيه، يعني إزارا ورداء، ولا يغطى رأسه ولا وجهه، بل
لأنه محرم، يبعث يوم القيامة ملبيا، ولا يحنط، والحنوط الطيب، لا يحنط ولا يطيب، إذا كان محرما فليغسل ويكفن في ثوبيه إزاره وردائه، ولا يغطي رأسه ولا وجهه ولا يطيب لأنه محرم. أما غير المحرم فإنه يغسل ويطيب كما تقدم، والأفضل أن يكون ثلاث غسلات، وإن دعت الحاجة إلى خمس أو أكثر فلا بأس، يزاد في غسله إذا كان هناك حاجة لأوساخ منه أو رطوبات به ونحو ذلك فلا بأس، ويكون الغسل بماء وسدر إن تيسر السدر، فإن ما تيسر فبغيره من المزيلات كالأشنان والأراك – الشجر المعروف – وكالصابون والشامبو ونحوه مما يغسل به وينظف به، ويجعل في الأخيرة كافورا، الطيب المعروف يجعل في الغسلة الأخيرة.
والسنة أن غاسل الجنازة يرفعها قليلا، فإن خرج منه شيء، نجاه بخرقة، خرج البول أو غائط نظفه بخرقة وصب عليه الماء، ثم يوضأ وضوء الصلاة، نظف فمه بالماء بأصابعه وبماء قليل، ينظف فمه، وينظف أنفه أيضا، ويغسل وجهه ثلاثا أفضل، ثم يديه ثلاثا ثلاثا، ويمسح رأسه وأذنيه ويغسل قدميه، وضوء الصلاة، ثم يصب الماء على رأسه، يعركه مع السدر يغسله رأسه بالسدر، ثم يفيض الماء على جنبه الأيمن ثم الأيسر ثم يتم غسله ثلاث مرات على هذه الحالة، وإن دعت الحاجة. رأى الغاسل أنه يحتاج إلى أكثر – إذا كان رجلا – أو غاسلة إذا كانت امرأة تحتاج إلى أكثر زاد الغسلات إلى خمس إلى سبع حسب الحاجة.
وإذا كانت امرأة أو رجل له رأس يجعل له ثلاثة قرون، هذا الأفضل، يفتل إلى ثلاثة قرون، يعني يجمع قرنان، والذؤابة تجعل ذؤابة واحدة وقرنان وتجعل كلها خلف ظهره كما فعل الغاسلات ببنت النبي عليه الصلاة والسلام.
وفيه أنه صلى الله عليه وسلم أعطاهم إزاره وقال أشعرنها إياه، لما في إزاره من البركة، لأنه مس جسده عليه الصلاة والسلام، فأحب أن يكون إزارا لها.
والمرأة تكفن في خمسة أثواب أفضل، وإن كفنت في لفافة واحدة، أو في قميص ورداء كفى، أو قميص ورداء وخمار كفى، والأفضل: قميص وإزار وخمار على رأسها ولفافتين، هذا أكمل في حقها.
وفق الله الجميع وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

  #8  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 01:39 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

باب في صفة تغسيل الميت وتشييع الجنازة

عن أم عطية الأنصارية قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته زينب فقال: ((اغسلنها بثلاث أو خمس أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر , واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور , فإذا فرغتن فآذنني)) فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه فقال: ((أشعرنها إياه)) تعني إزاره . وفي رواية: ((أو سبعة)) وقال: ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) , وأن أم عطية قالت: وجعلنا رأسها ثلاثة قرون .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رجل واقف بعرفة إذا وقع عن راحلته فوقصته أو قال: فأوقصته, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اغسلوه بماء وسدر , وكفنوه في ثوبيه , ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه ؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا)) وفي رواية: ((ولا تخمروا وجهه ولا رأسه)) , وقال المصنف رحمه الله: الوقص: كسر العنق .
الشيخ: هذه الأحاديث فيها صفة تغسيل الميت وتكفينه . قد ذكر العلماء أن تغسيله وتكفينه من فروض الكفايات, فروض الكفايات هي التي إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين , وإذا تركوها كلهم وهم قادرون أثموا كلهم, فيدل على أنهم مكلفون , فإذا مات ميت بين أهل بلد ففرض عليهم أن يقوموا بتغسيله ثم بتكفينه ثم بحمله والصلاة عليه , ثم بدفنه , فريضة عليهم . فإذا قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين , فإذا تركوه كلهم وهم قادرون أثموا كلهم , يعني لحقهم الإثم .
وذلك كما تقدم أن من كرامة ابن آدم أنه بعد موته لا تبقى جثته على الأرض تأكلها السباع والطيور ونحوها ؛ لحرمة ابن آدم , بل شرعت مواراته , شرع دفنه ومواراة جثته , يقول الله تعالى: {ثم أماته فأقبره} أي: شرع أن يقبر , ويقول: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم} فهذا دليل على أن دفن المسلم بعد موته من فروض الكفايات . وأما الكفار فلا يعترفون بذلك , بل يحرقون أمواتهم مثلا أو يشرحونهم كما يقولون أو ما أشبه ذلك .
أولاً: تغسيله , رجلا كان أو امرأة , ففي حديث ابن عباس الذي سمعنا تغسيل الرجل , وفي حديث أم عطية تغسيل المرأة , فدل على أن الرجل والمرأة بعد الموت كل منهما يغسل . المرأة يغسلها النساء , والرجل يغسله الرجال .
في حديث أم عطية أن زينب إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم وهي أكبر بناته ماتت سنة تسع , أي قبله صلى الله عليه وسلم بسنة , ولما ماتت تولى النساء تجهيزها , ومنهن أم عطية , واسمها نسيبة الأنصارية , من الصحابيات اللاتي حملن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ذكرت أنه لما أمرهن بالتغسيل أمرهن أن يغسلنها عددا يحصل به النظافة . القصد من التغسيل تنظيف جسد الميت إذا كان فيه وسخ أو نحوه أو تطهيره , فإن كان نظيفا فتغسيله تعبد , كأن ذلك تطهير له , ويعتبر بعضهم أن الموت كالحدث يسبب وجوب الغسل لا للنظافة ولكن للطهارة , فإن الإنسان إذا أحدث حدثا أكبر: وطئ مثلا أو احتلم , ولو كان حديث العهد بالاغتسال والنظافة , فإن عليه أن يغتسل مرة ثانية , ليس للنظافة ولكن لرفع الحدث . فيقولون: أن الموت حدث , فيغسل الميت لتطهيره من ذلك الحدث الذي هو الموت حتى إذا صلي عليه وإذا هو قد نظف وقد طهر فتكون الصلاة من طاهر على طاهر . أما إذا كان متسخ البدن [1][بعد العهد بالنظافة فإنه يغسل بما يرفع عنه ذلك الوسخ] .
ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهؤلاء النساء: ((اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعاً أو أكثر من ذلك , إن رأيتن ذلك بماء وسدر , واجعلن في الغسلة الأخيرة كافورا)) أمرهن بأن يكون غسلهن وتر , الثلاث وتر , فإذا لم ينق إلا برابعة غسل خامسة ، فإذا احتاج إلى سادسة ، ما نظف إلا بست غسلات , زيد سابعة حتى يقطع على وتر ؛ لأن الله وتر يحب الوتر , فهذا معنى قوله: ((اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا)) .
ومن العلماء من يقول: إذا زاد على سبع فلا يحتاج إلى الوتر ؛ لأنه قال: ((أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)) الغسلة هي أن يبدأ من رأسه إلى قدميه , يدلك بماء وسدر , يمر يده عليه ويغسله بالماء والسدر إلى أن يصل إلى قدميه , ثم يعود مرة ثانية ويغسل رأسه إلى قدميه , ثم ثالثة من رأسه إلى قدميه يدلكه , يبدأ مثلا بجنبه الأيمن ثم الأيسر , وبفخذيه الأيمن ثم الأيسر , وبساقيه الأيمن ثم الأيسر وهكذا . فإذا نقى بالثلاث لم يحتج إلى زيادة .
ثم السدر ورق السدر المعروف , إذا قطع ورق السدر ويبس وسحق فإنه يكون غسيلا ينظف به , يستعملونه كما نستعمل الصابون في تنظيف الأواني وفي تنظيف الثياب, يكون له رغوة إذا خلط بالماء , رغوة تكون فوقه , يأخذ تلك الرغوة ويغسل بها شعر رأسه , ويغسل بها شعر لحيته ؛ حتى لا يدخل شيء من حبات السدر بين الشعر , يغسل الرأس والشعر بالرغوة , وأما حثالة السدر فيغسل بها بقية جسده ؛ لأنها تزول إذا صب عليها الماء .
وحيث أن القصد من الغسل بالسدر التنظيف ذهب بعضهم أن السدر تعبدي , وأنه يستعمل في الغسيل , لا بد منه . وذهب آخرون إلى أنه للتنظيف , فيقوم مقامه الصابون أو الأشنان . والأشنان: معروف , ثمر شجر يشبه الرمث المعروف , ينبت في كثير من البلاد , يؤخذ الزهر وهو على ..ويسحق بعدما ييبس ويقوم مقام الصابون في الأواني وتنظيف الثياب ونحوها , فيجوز أن يجعل بدل السدر أشنان أو صابون أو غير ذلك من المنظفات ؛ لأن القصد إزالة الوسخ وتنظيف البدن وإزلة ما علق به من درن أو نحوه , وذلك حاصل بالصابون ونحوه .
الحاصل أنه أمر بغسلها ثلاثا أو خمسا أو سبعا بماء وسدر . يقول بعضهم: إن السدر يجعل في إناء , والماء يجعل في إناء , فيؤخذ غرفة من السدر ويدلك بها الجسد , ثم يصب عليها ماء حتى تزول , يزول أثرها الذي هو حبات السدر وتنظف . وكذلك إذا جعل الصابون مثلا السائب في قدح ثم أخذ منه غرفة وغسل بها ثم بعد ذلك أتبعها بالماء حتى يزيل أثرها ولزوجتها بماء وسدر.
ثم في هذا الحديث أنه أمر بأن يبدأ بالميامن وبمواضع الوضوء , والمعنى أنه يبدأ بأعضاء الوضوء ؛ لأن ذلك يعتبر حدثا , والمحدث الذي هو عليه حدث أكبر إذا اغتسل من الجنابة بدأ بأعضاء الوضوء , توضأ كما نقل ذلك مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم , فكذلك الميت يغسل يبدأ بمواضع الوضوء , مواضع الوضوء: الوجه واليدان والرجلان يعني أعضاء الوضوء , فيبدأ مثلا بالمضمضة ولكن لا يدخل الماء في فمه ؛ لئلا يحرك النجاسة في باطنه , بل ينظف فمه بأصبعه أو نحو ذلك دون أن يدخل الماء في فمه , وكذلك ينظف منخريه ولا يدخلهما الماء لهذا السبب ؛ لأنه قد يحرك النجاسة , يقتصر على المسح , وجهه يغسله كما يغسل بقية بدنه , ذراعية يغسلهما كذلك , يغسل بعد ذلك قدميه .
إذا انتهى من أعضاء الوضوء بدأ في التغسيل , فيغسل رأسه , يبدأ بجانبه الأيمن قبل الأيسر , ذكرنا أنه يغسل برغوة السدر أو بالصابون بعدما يذوب , ثم بعد ذلك يغسل عضده ومنكبه الأيمن ثم الأيسر , كذلك جنبه الأيمن إلى نصف الصدر ونصف الظهر , ثم يقلبه ويغسل جنبه الأيمن , جنبه الأيمن قبل الأيسر . كذلك بعدما يغسل جنبيه إلى حقويه يبدأ فيغسل رجليه , الرجل اليمنى من الفخذ إلى العقب , ثم الرجل اليسرى من الفخذ إلى العقب أو إلى الإبهام , يعني الرجل كلها , وهكذا , فهذه تعتبر غسلة .
بعد ذلك يعود مرة ثانية وثالثة إلى أن ينظف , فإن لم ينقى بالسبع زيد حتى ينقى , أما الغسلة الأخيرة فيجعل فيها كافور كما سمعنا , معروف أن الكافور الذي يباع في أماكن العطورات ونحوها , هذه القطع البيضاء ونحوها تسحق ثم تخلط بالماء , ثم تجعل في الغسلة الأخيرة , الحكمة فيه أنه يصلب الأعضاء , قد يكون الماء الذي غسل به حارا تسترخي مفاصله وأعضاؤه , فهذا الكافور يسوي صلابة في مفاصله وفي أعصابه , فهذه هي الحكمة في غسله في الأخيرة بالكافور أو بما يقوم مقامه .
وبعدما يغسل وينظف ينشف بثوب أو نحوه , ثم بعد ذلك يكفن . وقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب , وذكرنا أنه وضع فوقها بعدما بسط بعضها فوق بعض , ثم يرد طرف الأعلى , الطرفان بعضهما إلى بعض , ثم الأوسط طرفاه بعضهما إلى بعض , ثم الأسفل بعضه على بعض , ثم بعد ذلك يعقد بالعقد التي تمسكه .
الحديث الثاني: حديث ابن عباس , وفيه أن رجلا كان محرما مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في عرفة , وفي أثناء وقوفهم في آخر النهار سقط عن دابته وهو محرم , ولما سقط سقط على رأسه فاندقت رقبته فمات وهو محرم. أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجهزوه , فأمرهم بالتغسيل مما يدل على أنه يجب أن يغسل كل ميت حتى ولو كان نظيفا ؛ لأن العادة أن المحرم يكون نظيفا , فأمر بأن يغسل , وأمر بأن يغسل بماء وسدر ((اغسلوه بماء وسدر)) وهذا دليل أن السدركان مستعملا عندهم لكل ميت ؛ لأنه يحصل به التنظيف بماء وسدر .
في هذه الرواية وفي روايات أخرى أنه نهى أن يحنط . التحنيط: هو تطييب الميت بعد أن يغسل . الحنوط: طيب يجعل أو يجمع من أنواع من العطورات , من الريحان مثلا والورد والمسك وما أشبهه , تجمع وتسحق , ثم بعدما ينتهون من تغسيله يجعلون من ذلك الطيب على مواضع منه ...
الوجـه الثانـي

...فيجعلون منه بين إليتيه وفي إبطيه وفي بطون ركبتيه , وكذلك في سرته وتحت حلقه وفي أذنيه وفي المواضع الرقيقة منه . وقد يجوز أن يطيب كله ، هذا يسمى الحنوط .كل ميت يحنط إلا المحرم ؛ وذلك لأن المحرم باق على إحرامه بعد موته , فلا يحنط , يعني لا يطيب, كما أن المحرم في حياته لا يقرب الطيب ؛ لأن الطيب من المرفهات , فكذلك بعد موته , أما غير المحرم فيحنط , يجعل فيه من أنواع هذه الأطياب , والسبب في ذلك أن لا تتغير رائحته بسرعة , وأن يبقى معه رائحة طيبة بعد دفنه .
وبكل حال فقد وردت أدلة تدل على أنه يحنط الميت ويطيب بعدما يغسل , أما المحرم فيكفن في ثوبيه . معلوم أن المحرم يكون عليه ثوبان: إزار ورداء . الإزار: الذي يجعله على عورته , والرداء: على ظهره , فيكفن فيهما , ولكن لا يغطى وجهه ولا رأسه , بل يكشف ؛ لأن المحرم مأمور بكشف رأسه في حاله الإحرام إذا كان رجلا , فيبقى مكشوف الرأس ؛ لأنه يبعث يوم القيامة محرما يلبي , هذا من خصائصه , فيدفن مكشوف الرأس ويجعل الكفن ساترا للرقبة وللمنكبين ولبقية البدن , حتى القدمين يسترهما . الإزار والرداء اللذان هما لباس المحرم يلف فيهما ويعقد ويدفن فيهما فقط , هكذا وردت السنة بدفنه فيهما وعدم تحنيطه وعدم تغطية رأسه , هذا من صفة تكفينه وصفة , تغسيله أنه يغسل بماء وسدر حتى ينقى .
أما تكفين المرأة فذكر في حديث أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم ناولهم حقوه وقال: ((أشعرنها إياه)) . والحقو: هو الإزار , يعني كان عليه إزار , إزار يلبسه , قد يكون الغالب أنه أبيض كإزار المحرم إلا أنه خفيف , فأمرهن أن يشعرنها إياه , والإشعار هو اللباس الذي يلي الجسد . الشعار: هو اللباس الذي يوالي الجلد . والدثار: هو اللباس الظاهر الذي فوق الشعار .
ولهذا في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: ((أنتم شعاري والناس دثاري)) الأنصار شعار والناس دثار , يعني الناس لحاف أعلى وهم لباس داخلي , يعني أنهم مقربون لديه . فقوله: ((أشعرنها إياه)) يعني اجعلنه شعارا لها أي لباسا يلي جسدها .
ذكرت أم حبيبة في رواية أخرى أنه ألقى إليهن خمسة أثواب , مما يدل على أن المرأة تكفن في خمسة: أولا: ذلك الشعار الذي هو إزار , تشد به العورة كالإزار , ثم قطعة أخرى تلف بها الرأس تسمى خمار , يلف بها الوجه والعنق , الرقبة, هذه خمار , ثم بعد ذلك قميص ثوب طويل ليس بمخيط يشق في وسطه خرق للرأس ويجعل نصفه لحافا ونصفه فراشا , فيعتبر كالثوب إلا أنه ليس بمخيط الطرفين , هذا لباس ثالث , بعد ذلك يلف فوقه لفافتين كلفافتي الرجل , تلف إحداهما فوق الأخرى .
هذا تكفين المرأة في خمسة أثواب: أولا: الإزار الذي على العورة ثم الخمار الذي على الرأس , ثم القميص الذي له شبه الجيب ، فتحة في وسطه ثم بعد ذلك اللفافتان , أما الرجل فإنه يجعل في ثلاثة لفائف كما تقدم لما في الحديث الذي فيه أنه عليه السلام كفن في ثلاثة أثواب بيض سحورية من كرسف , يعني من قطن , ليس فيها قميص ولا عمامة . فهذا صفة التكفين وصفة الغسل . وبعده صفة الصلاة تأتينا إن شاء الله .
القارئ: ...وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومما قاله المؤلف رحمنا الله تعالى وإياه في:
باب صفة تغسيل الميت وتشييع الجنازة

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أسرعوا بالجنازة ؛ فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه , وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم)) . رواه البخاري .

[1]ما بين المعقوفين غير مسموع في الشريط .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
صفة, غسل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:51 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir