دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 شعبان 1441هـ/6-04-2020م, 01:57 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم السابع من تفسير سورة النساء

تلخيص تفسير قوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)}

🔸{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)}

علوم الآية :
🔹مقصد الآية : الذم والتحذير من مدح النفس وتزكيتها ، وبيان أن الله هو وحده من يزكي من يشاء .

🔹نزول الآية :
1⃣ قيل نزلت في اليهود ؛ ذكر ذلك الزجاج وابن عطية وابن كثير ؛ وذكروا أن سبب ذلك :
- قال الزجاج : وكانوا جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأطفالهم فقالوا: يا محمد أعلى هؤلاء ذنوب؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لا))، فقالوا كذا نحن، ما نعمل بالليل يغفر بالليل، وما نعمل بالنهار يغفر بالنهار.

- قال ابن عباس : وذلك أن اليهود قالوا: إنّ أبناءنا توفّوا وهم لنا قربةٌ، وسيشفعون لنا ويزكّوننا، فأنزل اللّه على محمّدٍ [صلّى اللّه عليه وسلّم] {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلا} رواه ابن جريرٍ. ذكره ابن كثير

- وعن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: كانت اليهود يقدّمون صبيانهم يصلّون بهم، ويقرّبون قربانهم ويزعمون أنّهم لا خطايا لهم ولا ذنوب. وكذبوا. قال اللّه [تعالى] إنّي لا أطهّر ذا ذنبٍ بآخر لا ذنب له" وأنزل اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} رواه ابن ابي حاتم ثمّ قال: وروي عن مجاهدٍ، وأبي مالكٍ، والسّدّيّ، وعكرمة، والضّحّاك -نحو ذلك. ذكر ذلك ابن كثير

- وقال الضّحّاك: قالوا: ليس لنا ذنوبٌ، كما ليس لأبنائنا ذنوبٌ. فأنزل اللّه ذلك فيهم.
ذكره ابن كثير .

2⃣ وقيل نزلت في اليهود والنصارى …
- قال قتادة والحسن نزلت في قولهم : ( نحن أبناء الله وأحباؤه )
- وقال ابن زيد : نزلت في قولهم : ( نحن أبناء الله وأحباؤه ) ؛ وفي قولهم ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) ذكرذلك ابن كثير

▪وسيأتي تخريج الأقوال ونسبتها وتفصيلها في موضعها من تفسير الآية بإذن الله

🔹القراءات :
يُظلمون : قرئت بتاء الخطاب: تُظلمون … ذكره ابن عطية

المسائل التفسيرية :
🔹أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ
ألم تر : أي ألم تعلم يا محمد أو تخبر أو ينته علمك إلى هؤلاء
وهو استفهام في معنى الإخبار والإعلام ؛ أي اعلم يا محمد … ذكر المعنى الزجاج

معنى التزكية :
زكاء الشيء في اللغة نماؤه في الصلاح … ذكره الزجاج
المراد بتزكية النفس : اي ادعاء صلاحها وطهارتها من الذنوب والآثام

المراد ( بالذين يزكون أنفسهم )
1⃣ قيل أن المراد بالذين يزكون أنفسهم هنا هو اليهودذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
وقال ابن عطية أنه لم يختلف على كون المراد هم اليهود
وذكر أن ممن قال بذلك ابن عباس و قتادة والحسن والضحاك والسدي ومجاهد وعكرمة وأبو مالك … وسيأتي تخريج ذلك عند بيان معنى تزكيتهم أنفسهم

2⃣ وقيل المراد هم اليهود والنصارى جميعا ذكره ابن كثير
- روى ابن جرير بسنده عن ابن جريج قال هم اليهود والنصارى

3⃣ وقيل الآية عامة وهي في ذم التمادح والتزكيةذكره ابن كثير ؛
وقال ابن عطية لفظ الآية عام في ظاهره

🔸ولا تعارض في كونها نزلت في اليهود وحدهم أم فيهم مع النصارى إذ كلاهما زكى نفسه كما ورد في القرآن …
و لا يتعارض كونها نزلت في أناس مخصوصين أن تكون عامة المعنى ؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ؛ فيكون فيها ذم لكل من فعل فعل هؤلاء من تزكية أنفسهم ومدحها إذ المزكي هو الله ولا زاكي إلا من زكاه سبحانه …


المعنى الذي كان المذكورون يزكون به نفسهم :
اختلف في المعنى الذي به زكى اليهود او أهل الكتاب أنفسهم على أقوال :
1⃣ قيل أن تزكيتهم أنفسهم هو قولهم نحن ابناء الله وأحباؤه ذكر هذا القول ابن عطية عن قتادة والحسن في اليهود ؛ وذكره ابن كثير عنهما وعن ابن زيد في اليهود والنصارى

🔺تخريج الأقوال :
الحسن :
- رواه عنه عبدالرزاق الصنعاني ، ورواه ابن جرير عن الصنعاني، وابن ابي حاتم كلهم عن معمر عنه قال هم اليهود والنصارى قالوا ( نحن أبناء الله وأحباؤه ) وقالوا ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى )

قول ابن زيد :
قال هم أهل الكتاب حين زعموا أهم يدخلون الجنة وأنهم ابناء الله وأحباؤه وأهل طاعته
- رواه عنه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه

قول قتادة :
- رواه عنه ابن جرير عن سعيد عنه قال هم أعداء الله اليهود زكوا أنفسهم بأمر لم يبلغوه فقالوا : نحن ابناء الله وأحباؤه ، وقالوا :لا ذنوب لنا .

2⃣ وقيل أن تزكيتهم أنفسهم هو تقديمهم أطفالهم لإمامتهم في الصلاة لأنهم لا ذنوب لهم : ذكر هذا القول ابن عطية وابن كثير عن عكرمة وأبي مالك ومجاهد وذكره ابن كثير عن ابن عباس برواية ابن ابي حاتم

🔺تخريج الأقوال :
قول ابن عباس :
- رواه عنه ابن ابي حاتم من طريقه عن عكرمة عنه بتقديمهم ابناءهم للصلاة ؛أي اليهود ،قال ابن عباس : وكذبوا. قال اللّه إنّي لا أطهّر ذا ذنبٍ بآخر لا ذنب له"
- ورواه عنه الهمداني عن ابن ابي نجيح عنه بذلك

قول مجاهد :
- رواه عنه الرملي من رواية مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عنه أنهم ( أي اليهود )يقدمون أطفالهم ليؤمونهم في الصلاة يزعمون انهم لا ذنوب لهم فتلك التزكية
- كما رواه عنه ابن جرير من طريق ابي عاصم عن عيسى ومن طريق أبي حذيفة عن شبل كلاهما عن ابن ابي نجيح عن مجاهد
- كما رواه عنه من طريق ابن جريج عن الأعرج عن مجاهد … قال ابن جريج هم اليهود والنصارى
- ورواه عنه عبد ابن حميد كما ذكر السيوطي

قول عكرمة :
- رواه عنه ابن جرير من طريق ابن ابي مكين عنه في اليهود والنصارى .

قول أبي مالك :
- رواه عنه ابن جرير من طريق سفيان عن حصين عنه في اليهود

🔺وذكر ابن ابي حاتم أن عكرمة وأبا مالك والسدي والضحاك قالوا بقول ابن عباس ولم يخرج قولهم

3⃣ وقيل بل تزكيتهم أنفسهم قولهم أن أبناءهم يشفعون لهمذكره ابن عطية وابن كثير عن ابن عباس
🔺تخريج قول ابن عباس :
- رواه عنه ابن جرير عن محمد بن سعد بطريقه عن ابن عباس أن ابيه أنهم قالوا إن أبناءنا توفوا وهم لنا قربة عند الله ويستشفعون لنا ويزكوننا

4⃣ وقيل أنه قولهم أنهم ليس لهم ذنوب كما ليس لأبنائهم ذنوبذكره ابن عطية عن الضحاك والسدي وابن كثير عن الضحاك كلاهما في اليهود

🔺تخريج الأقوال :
قول الضحاك :
ورد قول الضحاك بذكر ( أبنائنا ) في رواية ابن جرير ، وبقوله ( آبائنا ) في رواية ابن ابي حاتم ؛ والمعنى الأصح هو في كونه في الابناء لا الآباء والله اعلم
- رواه عنه ابن جرير من طريق عبيد بن سليمان عنه بقوله قالت يهود: ليست لنا ذنوبٌ إلاّ كذنوب أولادنا يوم يولدون، فإن كانت لهم ذنوبٌ، فإنّ لنا ذنوبًا، فإنّما نحن مثلهم

- وقول الضحاك رواه عنه ابن ابي حاتم عن ابي الازهر النيسابوري بطريقه عن علي بن الحكم عنه قال :فَإِنَّ اليَهُودَ قَالُوا: لَيْسَ لَنَا ذُنُوبٌ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لآبَائِنَا ذُنُوبٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهِمْ.”

قول السدي :
- رواه عنه ابن جرير من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط عنه قال : قالت اليهود: إنّا نعلّم أبناءنا التّوراة صغارًا فلا تكون لهم ذنوبٌ، وذنوبنا مثل ذنوب أبنائنا، ما عملنا بالنّهار كفّر عنّا باللّيل.…

5⃣ وقيل بل هو مدحهم وتزكيتهم بعضهم بعضاذكره ابن عطية عن ابن مسعود
🔺تخريج قول ابن مسعود :
رواه ابن جرير من طريقه عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود قال :
إنّ الرّجل ليغدو بدينه، ثمّ يرجع وما معه منه شيءٌ. يلقى الرّجل ليس يملك له نفعًا ولا ضرًّا، فيقول: واللّه إنّك لذيت وذيت، فلعلّه أن يرجع، ولم يحلّ عن حاجته بشيءٍ، وقد أسخط اللّه عليه. ثمّ قرأ: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.

وقول ابن مسعود هذا عام في ذم التمادح والتزكية لا يخص قوما … وهو على عموم معنى الآية

🔸ورجح ابن عطية وابن جرير قبله أن قولهم نحن أبناء الله وأحباؤه هو المراد بتزكيتهم أنفسهم
- قال ابن جرير : لأنّ ذلك هو أظهر معانيه لإخبار اللّه عنهم أنّها إنّما كانوا يزكّون أنفسهم دون غيرها ؛ وأمّا الّذين قالوا: معنى ذلك: تقديمهم أطفالهم للصّلاة، فتأويلٌ لا تدرك صحّته إلاّ بخبرٍ حجّةٍ يوجب العلم.


- وقال ابن عطية في تقديمهم أولادهم للصلاة : وهذا يبعد من مقصد الآية ؛
- وقال عند قوله تعالى ( انظر كيف يفترون على الله الكذب ): ويقوي أن التزكية كانت بقولهم نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه ، إذ الافتراء في هذه المقالة أمكن .


والظاهر كما دلت الآيات في اليهود هو ترجيح ما رجح ابن جرير وابن عطية من أن التزكية المقصودة هي تزكيتهم أنفسهم بقولهم : ( نحن أبناء الله وأحباؤه ) وقولهم ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) … وأن الآية تترجح في كونها نزلت في اليهود وان كانت تشمل أهل الكتاب كذلك
وأن المعنى في الآية عام وإن كانت قد نزلت لسبب مخصوص ؛إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما مر … فهي في ذم تزكية النفس ومدحها ؛وذم التمادح بين الناس بعضهم بعضا …


🔹بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء :
أي الله وحده هو يجعل من يشاء زاكيا ، فالمزكى من زكاه الله وحسنت أفعاله ، وهو وحده العالم بأحوال النفوس وبواطنها …حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير
فهو تكذيب من الله لادعائهم ؛أي ليس الأمر كما زعمتم أنكم مطهرون مبرؤون من الخطايا بل أنتم تفترون على الله الكذب في ذلك … إذ لا يعلم الزاكي ولا يطهر النفوس الا هو ؛ فهو وحده من يزكيها … وليس المزكى من ادعى لنفسه ذلك بل من شهدت أفعاله في مرضاة الله بذلك .

🔹وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً
المعنى أي لا يظلمكم الله مقدار فتيل … ذكره الزجاج ؛
وقال ابن كثير :لا يترك من أجوركم مقدار ما يوزن الفتيل …

يظلمون :
الضمير في ( يظلمون ) عائد على المذكورين ممن زكى نفسه وممن زكاه الله ؛ ذكره ابن عطية
وذكر أن غير المذكورين هنا قد ورد في غير هذه الآية أنهم لا يظلمون
وعلى القراءة بتاء الخطاب أي أنتم يا من تزكون أنفسكم ومن يزكيهم الله لا تظلمون

فتيلا :
معنى الفتيل :ما فتل ، وهو على وزن فعيل بمعنى المفعول :أي المفتول الذي فتل …ذكره ابن عطية
ونصب لكونه مفعولا به ثانيا ليظلمون

المراد بالفتيل :
1⃣ قيل ما تفتله بين أصابعك من الوسخ ؛ذكره الزجاج ؛وذكره ابن عطية عن ابن عباس وأبي مالك والسدي ، كما ذكره ابن كثير من قول ابن عباس ؛ وذكره الفراء في معاني القرآن

🔺تخريج الأقوال :
قول ابن عباس :
- رواه عنه ابن جرير بطرق مختلفة أورد في تفسيره خمسا منها بأن الفتيل ما فتلت بين إصبعيك
ورواه ابن ابي حاتم بطريقه عن مجاهد عنه
ورواه عنه عبد بن حميد كما ذكر السيوطي

قول أبي مالك :
- رواه عنه ابن جرير من طريق حصين عنه قال الفتيل هو الوسخ الذي يخرج من بين الكفين

قول السدي :
رواه عنه ابن جرير من طريق أسباط عنه بذلك

🔺و ذكر ابن ابي حاتم أنه روي عن مجاهد وسعيد بن جبير وابي مالك والسدي بمثل ذلك ولم يخرجه

2⃣ وقيل بل هو ما كان في نواة التمر ؛ … ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
فقيل ما كان في باطن النواة ؛وقيل ما كان من شق النواة ؛وقيل من ظهرها ؛ …

أ - ما كان في باطن النواة من لحائها …. ذكره الزجاج ولم ينسب القول ؛
وقد ورد هذا القول لعطاء وابن زيد والعوفي
🔺تخريج الأقوال :
▪قول عطاء :
رواه ابن وهب المصري وابن جرير عنه وابن ابي حاتم كلهم عن طلحة بن عمرو عن عطاء به

قول ابن زيد :
رواه عنه ابن جرير من طريق ابن وهب قال بذلك

وروى ابن جرير بطريقه عن عن قرة عن عطية قال الفتيل الذي في بطن النواة
وذكر اين أبي حاتم أه روي عن الحسن وعكرمة ومجاهد والضحاك وعطية العوفي وخصيف وقتادة بمثل ذلك ولم يخرجه
وذكره الفراء

ب - وقيل هو الخيط الذي في شق نواة التمر ذكره ابن عطية من قول ابن عباس ومجاهد وعطاء ، كما ذكر ابن كثير مثله وزاد أن ممن قال به الحسن وقتادة وعكرمة وذكره معمر بن المثنى ويحيى اليزيدي
🔺تخريج الأقوال :
قول ابن عباس :
رواه عنه ابن جرير وابن ابي حاتم كلاهما من طريق معاوية بن صالح عن علي بن ابي طلحة عنه بذلك

قول قتادة :
- رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال به .
- كما رواه ابن جرير عن عبد الرزاق عنه

قول مجاهد :
- رواه عنه ابن جرير من طريقه عن ابن جريح عن ابن كثير انه سمع مجاهدا يقول بذلك
- كما رواه ابن جرير من طريق سفيان بن سعيد عن منصور عنه

قول الضحاك :
- رواه عنه ابن جرير بطريقه عن عبيد بن سليمان أنه سمع الضحاك قال انه شق النواة
- كما رواه بطريق اخر عن جويبر عن الضحاك بمثله

قول عطاء : وهوما ورد من قوله أن الفتيل ما يكون في بطن النواة .

ج - وقيل بل ما كان في ظهر النواة وهو الذي تنبت منه النخلة ذكره الزجاج ولم ينسبه

وكلها في نواة التمر مع اختلاف التعبير عنها بين ظهرها أو شقها أو بطنها ؛ والمراد التعبير عن الحقارة والصغر …

الغرض من ذكر الفتيل :
ذكر الفتيل كناية عن تحقير الشيء وتصغيره ؛ وفي ذلك تأكيد لعدل الله ؛فإن كان لا يظلم مقدار الفتيل ولا ما دونه في الصغر فكيف بما هو فوقه … ذكره ابن عطية …تعالى سبحانه عن الظلم علوا كبيرا

🔹ذم تزكية النفس :
هذه الآية كما مر تنهى عن تزكية النفس ومدحها ، وترجع الأمر كله لله فهو الذي يعلم ما تخفي الصدور ، وقد ورد في السنة والأثر النهي عن تزكية النفس أو مدح المرء أخاه المسلم في وجهه
وقد ذكر بعض هذه الآثار ابن كثير في تفسيره ، منها :
نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مدح المرء اخاه :
- عن المقداد بن الأسود قال: أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن نحثو في وجوه المدّاحين التّراب. رواه مسلم

- عن عبد الرّحمن بن أبي بكرة، عن أبيه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم سمع رجلًا يثني على رجلٍ، فقال: "ويحك. قطعت عنق صاحبك". ثمّ قال: "إن كان أحدكم مادحًا صاحبه لا محالة، فليقل: أحسبه كذا ولا يزكّي على اللّه أحدًا". البخاري ومسلم

- وما روى معبد الجهني من حديث معاوية عن رسول الله قوله في حديث جاء في آخره ( وإيّاكم والتّمادح فإنّه الذّبح".رواه احمد ، وروى ابن ماجه هذا الجزء منه عن ابي بكر بن شيبة عن غندرٍ، عن شعبة به.

ما روي عن عمر في النهي عن تزكية المرء نفسه
عن نعيم بن أبي هندٍ قال: قال عمر بن الخطّاب: من قال: أنا مؤمنٌ، فهو كافرٌ. ومن قال: هو عالمٌ، فهو جاهلٌ. ومن قال: هو في الجنّة، فهو في النار … رواه احمد
- ورواه ابن مردويه، من طريق موسى بن عبيدة، عن طلحة بن عبيد اللّه بن كريزٍ، عن عمر أنّه قال: إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه، فمن قال: إنّه مؤمنٌ، فهو كافرٌ، ومن قال: إنّه عالمٌ فهو جاهلٌ، ومن قال: إنّه في الجنّة، فهو في النّار.

ما ورد عن ابن مسعود في النهي عن التزكية للنفس :
عن طارق بن شهابٍ قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ: إنّ الرّجل ليغدو بدينه، ثمّ يرجع وما معه منه شيءٌ، يلقى الرّجل ليس يملك له نفعًا ولا ضرًّا فيقول له: واللّه إنّك كيت وكيت فلعلّه أن يرجع ولم يحلّ من حاجته بشيءٍ وقد أسخط اللّه. ثمّ قرأ {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.رواه ابن جرير

🔺وفي هذه الآثار بيان لخطورة مدح المرء نفسه لما فيه من اغترار بها واطمئنان مع التقصير مما قد يقعد المرء عن الاستكثار من العمل اذ يظن انه بلغ الغاية ؛ مع ان عبادته وان اجتهد في جنب نعم الله لا تساوي شيئا ؛ قال تعالى ( ولا تمنن تستكثر )
كما فيها بيان خطر ان يمدح المرء أخاه في وجهه إذ يغرره بنفسه ؛ والأصل ان المسلم مرآة أخيه يبصره بنفسه ليعينه على إصلاحها


🔸 انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا
المعنى الإجمالي للآية :
أي العجب كل العجب من هؤلاء الذين زكوا أنفسهم من عند أنفسهم افتراء وجرأة على الله ؛ وكفى بصنيعهم هذا إثما ظاهرا بينا إذ ليس بعده إثم ولا يطلب لهم سواه لعظمه … حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير

🔹انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكَذِبَ
أي انظر يا محمد إلى صنيعهم هذا

كيف : في موضع نصب ب( يفترون ) ؛ ويصح أن تكون مرفوعة على الابتداء خبرها يفترون …ذكره ابن عطية
يفترون :
أ. معنى الافتراء :
من فرى يفري ؛ يقال فرى الرجل يفري إذا عمل ، وإذا قطع زمن هذا فريت جلده …ذكره الزجاج

ب. المراد بالافتراء هنا :
تزكيتهم أنفسهم بما ورد من أقوال كادعائهم أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وادعائهم أن لهم الجنة ، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة ، وأنهم مغفورة ذنوبهم بصلاح آبائهم وهو افتراء وكذب
حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير

ورجح ابن عطية أن يكون المقصود بالتزكية هو ادعاؤهم أنهم أبناء الله لأن الفرية والكذب على الله في هذا الادعاء أمكن من غيرها
وذكر ابن كثير بطلان ظنهم أن صلاح الآباء يجزئ عن الأبناء بقوله تعالى ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم )

🔹وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا :
كفى :أي اكتف بذلك ، وهي للتعجب من عظيم فعلهم
به :الباء لتدل على معنى الأمر التعجب
إثما : منصوب على التمييز …. ذكره الزجاج وابن عطية
مبينا : ظاهرا واضحا ذكره ابن كثير

أي كفى بصنيعهم هذا إثما ظاهرا بينا إذ ليس بعده إثم ولا يطلب لهم سواه لعظمه …

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 ذو الحجة 1441هـ/26-07-2020م, 12:39 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هناء محمد علي مشاهدة المشاركة
مجلس مذاكرة القسم السابع من تفسير سورة النساء

تلخيص تفسير قوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)}

🔸{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)}

علوم الآية :
🔹مقصد الآية : الذم والتحذير من مدح النفس وتزكيتها ، وبيان أن الله هو وحده من يزكي من يشاء .

🔹نزول الآية :
1⃣ قيل نزلت في اليهود ؛ ذكر ذلك الزجاج وابن عطية وابن كثير ؛ وذكروا أن سبب ذلك :
- قال الزجاج : وكانوا جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأطفالهم فقالوا: يا محمد أعلى هؤلاء ذنوب؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لا))، فقالوا كذا نحن، ما نعمل بالليل يغفر بالليل، وما نعمل بالنهار يغفر بالنهار.

- قال ابن عباس : وذلك أن اليهود قالوا: إنّ أبناءنا توفّوا وهم لنا قربةٌ، وسيشفعون لنا ويزكّوننا، فأنزل اللّه على محمّدٍ [صلّى اللّه عليه وسلّم] {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلا} رواه ابن جريرٍ. ذكره ابن كثير

- وعن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: كانت اليهود يقدّمون صبيانهم يصلّون بهم، ويقرّبون قربانهم ويزعمون أنّهم لا خطايا لهم ولا ذنوب. وكذبوا. قال اللّه [تعالى] إنّي لا أطهّر ذا ذنبٍ بآخر لا ذنب له" وأنزل اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} رواه ابن ابي حاتم ثمّ قال: وروي عن مجاهدٍ، وأبي مالكٍ، والسّدّيّ، وعكرمة، والضّحّاك -نحو ذلك. ذكر ذلك ابن كثير

- وقال الضّحّاك: قالوا: ليس لنا ذنوبٌ، كما ليس لأبنائنا ذنوبٌ. فأنزل اللّه ذلك فيهم.
ذكره ابن كثير .

2⃣ وقيل نزلت في اليهود والنصارى …
- قال قتادة والحسن نزلت في قولهم : ( نحن أبناء الله وأحباؤه )
- وقال ابن زيد : نزلت في قولهم : ( نحن أبناء الله وأحباؤه ) ؛ وفي قولهم ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) ذكرذلك ابن كثير

▪وسيأتي تخريج الأقوال ونسبتها وتفصيلها في موضعها من تفسير الآية بإذن الله

🔹القراءات :
يُظلمون : قرئت بتاء الخطاب: تُظلمون … ذكره ابن عطية

المسائل التفسيرية :
🔹أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ
ألم تر : أي ألم تعلم يا محمد أو تخبر أو ينته علمك إلى هؤلاء
وهو استفهام في معنى الإخبار والإعلام ؛ أي اعلم يا محمد … ذكر المعنى الزجاج

معنى التزكية :
زكاء الشيء في اللغة نماؤه في الصلاح … ذكره الزجاج
المراد بتزكية النفس : اي ادعاء صلاحها وطهارتها من الذنوب والآثام

المراد ( بالذين يزكون أنفسهم )
1⃣ قيل أن المراد بالذين يزكون أنفسهم هنا هو اليهودذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
وقال ابن عطية أنه لم يختلف على كون المراد هم اليهود
وذكر أن ممن قال بذلك ابن عباس و قتادة والحسن والضحاك والسدي ومجاهد وعكرمة وأبو مالك … وسيأتي تخريج ذلك عند بيان معنى تزكيتهم أنفسهم

2⃣ وقيل المراد هم اليهود والنصارى جميعا ذكره ابن كثير
- روى ابن جرير بسنده عن ابن جريج قال هم اليهود والنصارى

3⃣ وقيل الآية عامة وهي في ذم التمادح والتزكيةذكره ابن كثير ؛
وقال ابن عطية لفظ الآية عام في ظاهره

🔸ولا تعارض في كونها نزلت في اليهود وحدهم أم فيهم مع النصارى إذ كلاهما زكى نفسه كما ورد في القرآن …
و لا يتعارض كونها نزلت في أناس مخصوصين أن تكون عامة المعنى ؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ؛ فيكون فيها ذم لكل من فعل فعل هؤلاء من تزكية أنفسهم ومدحها إذ المزكي هو الله ولا زاكي إلا من زكاه سبحانه …


المعنى الذي كان المذكورون يزكون به نفسهم :
اختلف في المعنى الذي به زكى اليهود او أهل الكتاب أنفسهم على أقوال :
1⃣ قيل أن تزكيتهم أنفسهم هو قولهم نحن ابناء الله وأحباؤه ذكر هذا القول ابن عطية عن قتادة والحسن في اليهود ؛ وذكره ابن كثير عنهما وعن ابن زيد في اليهود والنصارى

🔺تخريج الأقوال :
الحسن :
- رواه عنه عبدالرزاق الصنعاني ، ورواه ابن جرير عن الصنعاني، وابن ابي حاتم كلهم عن معمر عنه قال هم اليهود والنصارى قالوا ( نحن أبناء الله وأحباؤه ) وقالوا ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى )
[يكفي أن تذكري أصل الإسناد " معمر عن الحسن"]
قول ابن زيد :
قال هم أهل الكتاب حين زعموا أهم يدخلون الجنة وأنهم ابناء الله وأحباؤه وأهل طاعته
- رواه عنه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه

قول قتادة :
- رواه عنه ابن جرير عن سعيد عنه قال هم أعداء الله اليهود زكوا أنفسهم بأمر لم يبلغوه فقالوا : نحن ابناء الله وأحباؤه ، وقالوا :لا ذنوب لنا .

2⃣ وقيل أن تزكيتهم أنفسهم هو تقديمهم أطفالهم لإمامتهم في الصلاة لأنهم لا ذنوب لهم : ذكر هذا القول ابن عطية وابن كثير عن عكرمة وأبي مالك ومجاهد وذكره ابن كثير عن ابن عباس برواية ابن ابي حاتم

🔺تخريج الأقوال :
قول ابن عباس :
- رواه عنه ابن ابي حاتم من طريقه عن عكرمة عنه بتقديمهم ابناءهم للصلاة ؛أي اليهود ،قال ابن عباس : وكذبوا. قال اللّه إنّي لا أطهّر ذا ذنبٍ بآخر لا ذنب له"
- ورواه عنه الهمداني عن ابن ابي نجيح عنه بذلك
[عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني ليس مصنف الكتاب، وإنما يرويه فقط
ويعتقد أن تفسير مجاهد منسوب خطأ لمجاهد وإنما هو تفسير آدم بن أبي إياس فهو ثابت في كل الأسانيد]

قول مجاهد :
- رواه عنه الرملي من رواية مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عنه أنهم ( أي اليهود )يقدمون أطفالهم ليؤمونهم في الصلاة يزعمون انهم لا ذنوب لهم فتلك التزكية [نفس الملحوظة بالنسبة للرملي، فهو راوي كتب، وننسب للكتاب الذي رواه بأن نقول: رواه مسلم بن خالد الزنجي عن ..]
- كما رواه عنه ابن جرير من طريق ابي عاصم عن عيسى ومن طريق أبي حذيفة عن شبل كلاهما عن ابن ابي نجيح عن مجاهد
- كما رواه عنه من طريق ابن جريج عن الأعرج عن مجاهد … قال ابن جريج هم اليهود والنصارى
- ورواه عنه عبد ابن حميد كما ذكر السيوطي [كما في الدر المنثور للسيوطي]

قول عكرمة :
- رواه عنه ابن جرير من طريق ابن ابي مكين عنه في اليهود والنصارى .

قول أبي مالك :
- رواه عنه ابن جرير من طريق سفيان عن حصين عنه في اليهود

🔺وذكر ابن ابي حاتم أن عكرمة وأبا مالك والسدي والضحاك قالوا بقول ابن عباس ولم يخرج قولهم

3⃣ وقيل بل تزكيتهم أنفسهم قولهم أن أبناءهم يشفعون لهمذكره ابن عطية وابن كثير عن ابن عباس
🔺تخريج قول ابن عباس :
- رواه عنه ابن جرير عن محمد بن سعد بطريقه عن ابن عباس أن ابيه أنهم قالوا إن أبناءنا توفوا وهم لنا قربة عند الله ويستشفعون لنا ويزكوننا

4⃣ وقيل أنه قولهم أنهم ليس لهم ذنوب كما ليس لأبنائهم ذنوبذكره ابن عطية عن الضحاك والسدي وابن كثير عن الضحاك كلاهما في اليهود

🔺تخريج الأقوال :
قول الضحاك :
ورد قول الضحاك بذكر ( أبنائنا ) في رواية ابن جرير ، وبقوله ( آبائنا ) في رواية ابن ابي حاتم ؛ والمعنى الأصح هو في كونه في الابناء لا الآباء والله اعلم
- رواه عنه ابن جرير من طريق عبيد بن سليمان عنه بقوله قالت يهود: ليست لنا ذنوبٌ إلاّ كذنوب أولادنا يوم يولدون، فإن كانت لهم ذنوبٌ، فإنّ لنا ذنوبًا، فإنّما نحن مثلهم

- وقول الضحاك رواه عنه ابن ابي حاتم عن ابي الازهر النيسابوري بطريقه عن علي بن الحكم عنه قال :فَإِنَّ اليَهُودَ قَالُوا: لَيْسَ لَنَا ذُنُوبٌ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لآبَائِنَا ذُنُوبٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهِمْ.”

قول السدي :
- رواه عنه ابن جرير من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط عنه قال : قالت اليهود: إنّا نعلّم أبناءنا التّوراة صغارًا فلا تكون لهم ذنوبٌ، وذنوبنا مثل ذنوب أبنائنا، ما عملنا بالنّهار كفّر عنّا باللّيل.…

5⃣ وقيل بل هو مدحهم وتزكيتهم بعضهم بعضاذكره ابن عطية عن ابن مسعود
🔺تخريج قول ابن مسعود :
رواه ابن جرير من طريقه عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود قال :
إنّ الرّجل ليغدو بدينه، ثمّ يرجع وما معه منه شيءٌ. يلقى الرّجل ليس يملك له نفعًا ولا ضرًّا، فيقول: واللّه إنّك لذيت وذيت، فلعلّه أن يرجع، ولم يحلّ عن حاجته بشيءٍ، وقد أسخط اللّه عليه. ثمّ قرأ: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.

وقول ابن مسعود هذا عام في ذم التمادح والتزكية لا يخص قوما … وهو على عموم معنى الآية

🔸ورجح ابن عطية وابن جرير قبله أن قولهم نحن أبناء الله وأحباؤه هو المراد بتزكيتهم أنفسهم
- قال ابن جرير : لأنّ ذلك هو أظهر معانيه لإخبار اللّه عنهم أنّها إنّما كانوا يزكّون أنفسهم دون غيرها ؛ وأمّا الّذين قالوا: معنى ذلك: تقديمهم أطفالهم للصّلاة، فتأويلٌ لا تدرك صحّته إلاّ بخبرٍ حجّةٍ يوجب العلم.


- وقال ابن عطية في تقديمهم أولادهم للصلاة : وهذا يبعد من مقصد الآية ؛
- وقال عند قوله تعالى ( انظر كيف يفترون على الله الكذب ): ويقوي أن التزكية كانت بقولهم نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه ، إذ الافتراء في هذه المقالة أمكن .


والظاهر كما دلت الآيات في اليهود هو ترجيح ما رجح ابن جرير وابن عطية من أن التزكية المقصودة هي تزكيتهم أنفسهم بقولهم : ( نحن أبناء الله وأحباؤه ) وقولهم ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) … وأن الآية تترجح في كونها نزلت في اليهود وان كانت تشمل أهل الكتاب كذلك [تأملي عبارة ابن كثير في تفسير الآية التالية ليفهم منها عموم العبارات التي زكى بها اليهود أنفسهم]
وأن المعنى في الآية عام وإن كانت قد نزلت لسبب مخصوص ؛إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما مر … فهي في ذم تزكية النفس ومدحها ؛وذم التمادح بين الناس بعضهم بعضا …


🔹بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء :
أي الله وحده هو يجعل من يشاء زاكيا ، فالمزكى من زكاه الله وحسنت أفعاله ، وهو وحده العالم بأحوال النفوس وبواطنها …حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير
فهو تكذيب من الله لادعائهم ؛أي ليس الأمر كما زعمتم أنكم مطهرون مبرؤون من الخطايا بل أنتم تفترون على الله الكذب في ذلك … إذ لا يعلم الزاكي ولا يطهر النفوس الا هو ؛ فهو وحده من يزكيها … وليس المزكى من ادعى لنفسه ذلك بل من شهدت أفعاله في مرضاة الله بذلك .

🔹وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً
المعنى أي لا يظلمكم الله مقدار فتيل … ذكره الزجاج ؛
وقال ابن كثير :لا يترك من أجوركم مقدار ما يوزن الفتيل …

يظلمون :
الضمير في ( يظلمون ) عائد على المذكورين ممن زكى نفسه وممن زكاه الله ؛ ذكره ابن عطية
وذكر أن غير المذكورين هنا قد ورد في غير هذه الآية أنهم لا يظلمون
وعلى القراءة بتاء الخطاب أي أنتم يا من تزكون أنفسكم ومن يزكيهم الله لا تظلمون

فتيلا :
معنى الفتيل :ما فتل ، وهو على وزن فعيل بمعنى المفعول :أي المفتول الذي فتل …ذكره ابن عطية
ونصب لكونه مفعولا به ثانيا ليظلمون

المراد بالفتيل :
1⃣ قيل ما تفتله بين أصابعك من الوسخ ؛ذكره الزجاج ؛وذكره ابن عطية عن ابن عباس وأبي مالك والسدي ، كما ذكره ابن كثير من قول ابن عباس ؛ وذكره الفراء في معاني القرآن

🔺تخريج الأقوال :
قول ابن عباس :
- رواه عنه ابن جرير بطرق مختلفة أورد في تفسيره خمسا منها بأن الفتيل ما فتلت بين إصبعيك
ورواه ابن ابي حاتم بطريقه عن مجاهد عنه
ورواه عنه عبد بن حميد كما ذكر السيوطي

قول أبي مالك :
- رواه عنه ابن جرير من طريق حصين عنه قال الفتيل هو الوسخ الذي يخرج من بين الكفين

قول السدي :
رواه عنه ابن جرير من طريق أسباط عنه بذلك

🔺و ذكر ابن ابي حاتم أنه روي عن مجاهد وسعيد بن جبير وابي مالك والسدي بمثل ذلك ولم يخرجه

2⃣ وقيل بل هو ما كان في نواة التمر ؛ … ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
فقيل ما كان في باطن النواة ؛وقيل ما كان من شق النواة ؛وقيل من ظهرها ؛ …

أ - ما كان في باطن النواة من لحائها …. ذكره الزجاج ولم ينسب القول ؛
وقد ورد هذا القول لعطاء وابن زيد والعوفي
🔺تخريج الأقوال :
▪قول عطاء :
رواه ابن وهب المصري وابن جرير عنه وابن ابي حاتم كلهم عن طلحة بن عمرو عن عطاء به

قول ابن زيد :
رواه عنه ابن جرير من طريق ابن وهب قال بذلك

وروى ابن جرير بطريقه عن عن قرة عن عطية قال الفتيل الذي في بطن النواة
وذكر اين أبي حاتم أه روي عن الحسن وعكرمة ومجاهد والضحاك وعطية العوفي وخصيف وقتادة بمثل ذلك ولم يخرجه
وذكره الفراء

ب - وقيل هو الخيط الذي في شق نواة التمر ذكره ابن عطية من قول ابن عباس ومجاهد وعطاء ، كما ذكر ابن كثير مثله وزاد أن ممن قال به الحسن وقتادة وعكرمة وذكره معمر بن المثنى ويحيى اليزيدي
🔺تخريج الأقوال :
قول ابن عباس :
رواه عنه ابن جرير وابن ابي حاتم كلاهما من طريق معاوية بن صالح عن علي بن ابي طلحة عنه بذلك

قول قتادة :
- رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال به .
- كما رواه ابن جرير عن عبد الرزاق عنه

قول مجاهد :
- رواه عنه ابن جرير من طريقه عن ابن جريح عن ابن كثير انه سمع مجاهدا يقول بذلك
- كما رواه ابن جرير من طريق سفيان بن سعيد عن منصور عنه

قول الضحاك :
- رواه عنه ابن جرير بطريقه عن عبيد بن سليمان أنه سمع الضحاك قال انه شق النواة
- كما رواه بطريق اخر عن جويبر عن الضحاك بمثله

قول عطاء : وهوما ورد من قوله أن الفتيل ما يكون في بطن النواة .

ج - وقيل بل ما كان في ظهر النواة وهو الذي تنبت منه النخلة ذكره الزجاج ولم ينسبه

وكلها في نواة التمر مع اختلاف التعبير عنها بين ظهرها أو شقها أو بطنها ؛ والمراد التعبير عن الحقارة والصغر …

الغرض من ذكر الفتيل :
ذكر الفتيل كناية عن تحقير الشيء وتصغيره ؛ وفي ذلك تأكيد لعدل الله ؛فإن كان لا يظلم مقدار الفتيل ولا ما دونه في الصغر فكيف بما هو فوقه … ذكره ابن عطية …تعالى سبحانه عن الظلم علوا كبيرا

🔹ذم تزكية النفس :
هذه الآية كما مر تنهى عن تزكية النفس ومدحها ، وترجع الأمر كله لله فهو الذي يعلم ما تخفي الصدور ، وقد ورد في السنة والأثر النهي عن تزكية النفس أو مدح المرء أخاه المسلم في وجهه
وقد ذكر بعض هذه الآثار ابن كثير في تفسيره ، منها :
نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مدح المرء اخاه :
- عن المقداد بن الأسود قال: أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن نحثو في وجوه المدّاحين التّراب. رواه مسلم

- عن عبد الرّحمن بن أبي بكرة، عن أبيه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم سمع رجلًا يثني على رجلٍ، فقال: "ويحك. قطعت عنق صاحبك". ثمّ قال: "إن كان أحدكم مادحًا صاحبه لا محالة، فليقل: أحسبه كذا ولا يزكّي على اللّه أحدًا". البخاري ومسلم

- وما روى معبد الجهني من حديث معاوية عن رسول الله قوله في حديث جاء في آخره ( وإيّاكم والتّمادح فإنّه الذّبح".رواه احمد ، وروى ابن ماجه هذا الجزء منه عن ابي بكر بن شيبة عن غندرٍ، عن شعبة به.

ما روي عن عمر في النهي عن تزكية المرء نفسه
عن نعيم بن أبي هندٍ قال: قال عمر بن الخطّاب: من قال: أنا مؤمنٌ، فهو كافرٌ. ومن قال: هو عالمٌ، فهو جاهلٌ. ومن قال: هو في الجنّة، فهو في النار … رواه احمد
- ورواه ابن مردويه، من طريق موسى بن عبيدة، عن طلحة بن عبيد اللّه بن كريزٍ، عن عمر أنّه قال: إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه، فمن قال: إنّه مؤمنٌ، فهو كافرٌ، ومن قال: إنّه عالمٌ فهو جاهلٌ، ومن قال: إنّه في الجنّة، فهو في النّار.

ما ورد عن ابن مسعود في النهي عن التزكية للنفس :
عن طارق بن شهابٍ قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ: إنّ الرّجل ليغدو بدينه، ثمّ يرجع وما معه منه شيءٌ، يلقى الرّجل ليس يملك له نفعًا ولا ضرًّا فيقول له: واللّه إنّك كيت وكيت فلعلّه أن يرجع ولم يحلّ من حاجته بشيءٍ وقد أسخط اللّه. ثمّ قرأ {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.رواه ابن جرير

🔺وفي هذه الآثار بيان لخطورة مدح المرء نفسه لما فيه من اغترار بها واطمئنان مع التقصير مما قد يقعد المرء عن الاستكثار من العمل اذ يظن انه بلغ الغاية ؛ مع ان عبادته وان اجتهد في جنب نعم الله لا تساوي شيئا ؛ قال تعالى ( ولا تمنن تستكثر )
كما فيها بيان خطر ان يمدح المرء أخاه في وجهه إذ يغرره بنفسه ؛ والأصل ان المسلم مرآة أخيه يبصره بنفسه ليعينه على إصلاحها


🔸 انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا
المعنى الإجمالي للآية :
أي العجب كل العجب من هؤلاء الذين زكوا أنفسهم من عند أنفسهم افتراء وجرأة على الله ؛ وكفى بصنيعهم هذا إثما ظاهرا بينا إذ ليس بعده إثم ولا يطلب لهم سواه لعظمه … حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير

🔹انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكَذِبَ
أي انظر يا محمد إلى صنيعهم هذا

كيف : في موضع نصب ب( يفترون ) ؛ ويصح أن تكون مرفوعة على الابتداء خبرها يفترون …ذكره ابن عطية
يفترون :
أ. معنى الافتراء :
من فرى يفري ؛ يقال فرى الرجل يفري إذا عمل ، وإذا قطع زمن هذا فريت جلده …ذكره الزجاج

ب. المراد بالافتراء هنا :
تزكيتهم أنفسهم بما ورد من أقوال كادعائهم أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وادعائهم أن لهم الجنة ، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة ، وأنهم مغفورة ذنوبهم بصلاح آبائهم وهو افتراء وكذب
حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير

ورجح ابن عطية أن يكون المقصود بالتزكية هو ادعاؤهم أنهم أبناء الله لأن الفرية والكذب على الله في هذا الادعاء أمكن من غيرها
وذكر ابن كثير بطلان ظنهم أن صلاح الآباء يجزئ عن الأبناء بقوله تعالى ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم )

🔹وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا :
كفى :أي اكتف بذلك ، وهي للتعجب من عظيم فعلهم
به :الباء لتدل على معنى الأمر التعجب
إثما : منصوب على التمييز …. ذكره الزجاج وابن عطية
مبينا : ظاهرا واضحا ذكره ابن كثير

أي كفى بصنيعهم هذا إثما ظاهرا بينا إذ ليس بعده إثم ولا يطلب لهم سواه لعظمه …


التقويم: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir