دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #4  
قديم 10 ربيع الأول 1443هـ/16-10-2021م, 09:42 PM
رولا بدوي رولا بدوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 341
افتراضي

هذه المسألة من المسائل التي اشتهرت بين العلماء و المفسرين و ذلك لأن هذه الآية من أولى الآيات و أقواها التي بنى عليها العلماء حكم الغناء من تحريم و جواز ،و سبب الاختلاف هو ما بُني عليه تفسير المراد من لهو الحديث ، وو هو ما سيتبن لنا بإذن الله من خلال هذه الدراسة للمراد من ( لهو الحديث في الآية) .
الأقوال التي اشتهرت في المراد من لهو الحديث :

1- شراء أخبار الأعاجم : قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ تَاجِرًا إِلَى فَارِسَ فَيَشْتَرِي أَخْبَارَ الْأَعَاجِمِ فَيَرْوِيهَا وَيُحَدِّثُ بِهَا قُرَيْشًا وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ مُحَمَّدًا يُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثِ عَادٍ وَثَمُودَ، وَأَنَا أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثِ رُسْتُمَ وَإِسْفِنْدِيَارَ وَأَخْبَارِ الْأَكَاسِرَةِ، فَيَسْتَمْلِحُونَ حَدِيثَهُ وَيَتْرُكُونَ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ. فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ ( أسباب النزول للواحدي) ، و قال به الزجاج و الفراء و ابن قتيبة و ابن عاشور.
والكلبي ومقاتل متروكان -أيضاً- ومتهمان بالكذب.
2- شراء المغنيات :
رُويَ عن عائشة رضي الله عنها و عن أبي إمامة مرفوعًا للنبي صلى الله عليه و سلم ، و روي عن ابن عباس ،و مجاهد و مكحول.
- أما قول عائشة مرفوعًا لرسول الله صلى الله عليه و سلم فرواه مسدد كما في كتاب إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري و ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي و ابن مردويه كما في الدر المنثور و رواه ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية.
- و رواه ابن أبي الدنيا من طريق مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبَى سُلَيْمٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ §حَرَّمَ الْقَيْنَةَ , وَبَيْعَهَا , وَثَمَنَهَا وَتَعْلِيمَهَا , وَالِاسْتِمَاعَ إِلَيْهَا» ثُمَّ قَرَأَ: {" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] .
- و رواه مسدد من طريق عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ َعَائِشَةَ "فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحديث}قَالَ: لَا يَحِلُّ بَيْعُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلَا شِرَاؤُهُنَّ، وَلَا أَكْلُ أَثْمَانِهِنَّ، وَلَا تعَلْيِمُهُنَّ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَلَا الِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِنَّ.
قال ابن الجوزي : قال ابن حبان وأما الحديث الثاني فَإِن علي بْن زَيْد قال فِيهِ أَحْمَد ويحيى ليس بشيء وقد أضيف إليه فرج بْن فضالة".
قَالَ ابْنُ حَبَّانَ: "لا يَحِلُّ الاحتجاج به وأما القاسم فقد قدمنا فِيهِ آنفًا وأما الحديث الثالث فقد سبق فِي كتابنا أن ليث بين أَبِي سليم متروك".
قال ابن حبان: "اختلط فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَكَانَ يَقْلِبُ الأَسَانِيدَ وَيَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ وَيَأْتِي عَنِ الثِّقَاتِ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِمْ"
و قال البيهقي فيه: وروي عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عائشة، وليس بمحفوظ، وروي عن ليث راجعا إلى الإسناد الأول، خلط فيه ليث ( السنن الكبرى، /6/23/ 11055).
و قال الزيلعي: وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من حَدِيث لَيْث ابْن أبي سليم عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن عَائِشَة مَرْفُوعا إِن الله حرم الْقَيْنَة وَبَيْعهَا وَثمنهَا وَتَعْلِيمهَا وَالِاسْتِمَاع إِلَيْهَا ثمَّ قَرَأَ وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث انْتَهَى وَأعله بليث بن أبي سليم قَالَ ابْن حبَان قد اخْتَلَط فِي آخر عمره فَكَانَ يقلب الْأَسَانِيد وَيرْفَع الْمَرَاسِيل وَيَأْتِي عَن الثِّقَات بِمَا لَيْسَ من حَدِيثهمْ انْتَهَى وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عقيب حَدِيث أبي أُمَامَة فَقَالَ وَرُوِيَ عَن لَيْث ابْن أبي سليم عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن عَائِشَة وَلَيْسَ بِمَحْفُوظ .

أما قول أبي أمامة مرفوعا عن رسول الله فقد رواه كلًا من مسدد و الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ كما في كتاب إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري و رواه الترمذي، و ابن جرير و ابن أبي حاتم و الطبراني ، البيهقي، الواحدي و البغوي، ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، و رواه كلًا من ابن المنذر و ابن مردويه كما في الدر المنثور.
- رواه مسدد و الحارث بن محمد بن أبي أسامة و الترمذي، و ابن جرير و ابن أبي حاتم ،الطبراني،البيهقي،البغوي، ابن الجوزي ،من طريق القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم.
و قد عقب عليه التِّرْمِذِيُّ في سننه فقال: هذا حديثٌ غريبٌ إنّما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة والقاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف في الحديث، سمعت محمّدًا يقول: القاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف). [سنن الترمذي: 5/198]
قال ابن الجوزي في كتابه العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ("هَذِهِ الأَحَادِيثِ لَيْسَ فيها شيء يصح أما الأول فَإِن القاسم ليس بشيء".
و نقل عن ابْنُ حَبَّانَ: قوله "كَانَ يَرْوِي عَنِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المعضلات وقال أَحْمَد: "هو منكر الحديث حدث عَنْهُ علي بْن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم وأما الأفريقي فهو عُبَيْد اللَّه بْن زحر قال يَحْيَى لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ ابْنُ حَبَّانَ: "يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ قَالَ وَإِذَا اجتمع فِي حديث عُبَيْد اللَّه بْن زحر وعلي بْن يزيد والقاسم لم يكن متن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم )( 2/298-290)
قال الزيلعي (762):وَذكره عبد الْحق فِي أَحْكَامه فِي الْبيُوع من جِهَة التِّرْمِذِيّ ثمَّ قَالَ وَعلي ابْن يزِيد ضعفه أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَقَالَ النَّسَائِيّ مَتْرُوك وَأحسن مَا وجدنَا فِيهِ قَول ابْن عدي وَقَالَ هُوَ صَالح فِي نَفسه إِلَّا أَن يروي عَنهُ ضَعِيف وَهَذَا قد رَوَى عَنهُ ابْن زحر وَقد ضعفه أَبُو حَاتِم وَابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ وَوَثَّقَهُ البُخَارِيّ وَله طَرِيق آخر رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي التِّجَارَات ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد الْقطَّان ثَنَا هَاشم بن الْقَاسِم ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن عَاصِم عَن أبي الْمُهلب عَن عبيد الله الإفْرِيقِي عَن أبي أُمَامَة قَالَ نهَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن بيع الْمُغَنِّيَات وَعَن شِرَائِهِنَّ وَعَن كَسْبهنَّ وَعَن أكل أَثْمَانهنَّ انْتَهَى_ بدون زيادة الآية_ وَله طَرِيق آخر عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن الْوَلِيد بن الْوَلِيد ثَنَا أَبُو ثَوْبَان عَن يَحْيَى بن الْحَارِث عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة فَذكره بِلَفْظ الطَّبَرِيّ بِزِيَادَة الحَدِيث الَّذِي بعده وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث فرج بن فضَالة عَن عَلّي بن زيد بِدُونِ الزِّيَادَة.
و قال الزيلعي: قلت رَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث رَشِيدين بن سعد عَن يَحْيَى بن أَيُّوب عَن عبيد الله بن زحر عَن عَلّي بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا رفع رجل صَوته بِالْغنَاءِ إِلَى آخِره << وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه والْحَارث بن أبي أُسَامَة والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من حَدِيث مطرح بن يزِيد عَن عبيد الله بن زحر عَن عَلّي بن يزِيد الْأَلْهَانِي عَن الْقَاسِم عَن أبي أَمَامه مَرْفُوعا لَا يحل بيع الْمُغَنِّيَات وَلَا شِرَاؤُهُنَّ وَأَثْمَانُهُنَّ حرَام وَمَا من رجل رفع صَوته بِالْغنَاءِ إِلَى آخِره بِهَذَا السَّنَد الْمَتْن رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه والثعلبي ثمَّ الواحدي فِي تفاسيرهم وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه أَيْضا مُلْحقًا بِالْحَدِيثِ الَّذِي قبله حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن سُفْيَان الرقي ثَنَا أَيُّوب بن مُحَمَّد الْوزان ثَنَا الْوَلِيد بن الْوَلِيد ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان عَن يَحْيَى بن الْحَارِث الزيَادي عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا نَحوه وَرَوَاهُ فِي كِتَابه الْمُسَمَّى بِمُسْنَد الشاميين ثَنَا مُحَمَّد بن عمار الدِّمَشْقِي ثَنَا الْعَبَّاس بن الْوَلِيد الْخلال ثَنَا الْوَلِيد بن الْوَلِيد بِهِ لَا يحل بيع الْمُغَنِّيَات إِلَى آخِره سَوَاء وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن مسلمة بن عَلّي أبي سعيد الْخُشَنِي ثني يَحْيَى بن الْحَارِث بِهِ وَضعف مسلمة عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن معِين وَوَافَقَهُمْ وَقَالَ عَامَّة أَحَادِيثه غير مَحْفُوظَة انْتَهَى (تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف، ج3/67)
و قال بن كثير: عَلِيٌّ وَشَيْخُهُ وَالرَّاوِي عَنْهُ كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قال المزيني في كتابه المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة دراسة الأسباب رواية ودراية : هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث عند نزولها كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور. قال ابن العربي بعد ذكر هذا الحديث وغيره: (هذه الأحاديث التي أوردناها لا يصح منها شيء بحال لعدم ثقة ناقليها إلى من ذكر من الأعيان فيها) اهـ
و قال والظاهر - والله أعلم - أن الحديث ليس سببا لنزول الآية ليس بسبب إسناده فحسب، بل هو أيضا ليس صريحا في النزول لقوله: (في مثل هذا أنزلت). * النتيجة: أن الحديث المذكور ليس سببا لنزول الآية لضعف سنده، ولأنه ليس صريحا في النزول والله أعلم.

أما قول ابن عباس فقد رواه ابن أبي شيبة في مصنقه،و ابن جرير و رواه ابن المنذر و ابن مردويه كما في الدر المنثور و ذكره الواحدي .
- أما رواية ابن أبي شيبة عن الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، و فيها زيادة الغناء .
- و رواية ابن جرير من طريق عن الحكم أو مقسم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: شراء المغنية.
قال الواحدي: وَقَالَ ثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً تُغَنِّيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا.
قال القاضي ابن العربي: أما قول ابن عباس أنها نزلت في حل من اشترى مغنية اغنيه ليلا نهارا لم يصح سندا و لا يصح المعنى.
أما قول مجاهد فقد رواه عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ و البيهقي عن طريق إبراهيم بن الحسين , ثنا آدم , ثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد
و أما قول مكحول فقد أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن الخطاب أنا أبو الحسن عبد الملك بن عبد الله بن محمود بن مسكين الفقيه الشافعي أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج المهندس أنا أبو محمد بكر بن أحمد نا أبو حميد أحمد بن محمد بن المغيرة نا معاوية بن حفص ثنا رستم قال سمعت مكحولا يقول في قوله عز وجل " ومن الناس من يشتري لهو الحديث "قال الجواري الضاربات
و قال( رستم أبو يزيد حدث عن مكحول روى عنه مروان أظنه ابن محمد ومعاوية بن حفص الشعبي)
عقب البغوي على هذا الرأي بقوله : وَوَجْهُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَنْ يَشْتَرِي ذَاتَ لَهْوِ أَوْ ذَا لَهْوِ الْحَدِيثِ.
3- المراد بلهو الحديث الباطل و حديثه:
قاله: قتادة،و ابن زيد.
التخريج :
أما قول قتادة فقد رواه كلًا من عبد الرزاق الصنعاني و بن جرير .
- أما عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ فقد رواه فقال: نا معمر عن قتادة في قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال أما والله لعله ألا يكون أنفق فيه مالا وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق.
- و أما ابن جرير فقد قال: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علمٍ} واللّه لعلّه أن لا ينفق فيه مالاً، ولكن اشتراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضّلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ، وما يضرّ على ما ينفع.
و أما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير فقال :حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علمٍ ويتّخذها هزوًا} قال: هؤلاء أهل الكفر، ألا ترى إلى قوله: {وإذا تتلى عليه آياتنا ولّى مستكبرًا كأن لم يسمعها كأنّ في أذنيه وقرًا} فليس هكذا أهل الإسلام، قال: وناسٌ يقولون: هي فيكم، وليس كذلك، قال: وهو الحديث الباطل الّذي كانوا يلغون فيه.
قال الواحدي في التفسير البسيط: وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء ولفظ الشراء يذكر في الاستبدال والاختيار، وهو كثير في القرآن، ويدل على هذا ما قال قتادة في هذه الآية: أما والله لعله ألا يكون أنفق مالاً، وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق (التفسير البسيط للواحدي ،18/92-96).
قال فخر الدين الرازي لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْقُرْآنَ كِتَابٌ حَكِيمٌ يَشْتَمِلُ عَلَى آيَاتٍ حُكْمِيَّةٍ بَيَّنَ مِنْ حَالِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ ذَلِكَ وَيَشْتَغِلُونَ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ إِنَّ فِيهِ مَا يُبَيِّنُ سُوءَ صَنِيعِهِمْ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ تَرْكَ الْحِكْمَةِ وَالِاشْتِغَالَ بِحَدِيثٍ آخَرَ قَبِيحٌ الثَّانِي: هُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا كَانَ لَهْوًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ كَانَ أَقْبَحَ/ الثَّالِثُ: هُوَ أَنَّ اللَّهْوَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ الْإِحْمَاضُ كَمَا يُنْقَلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَحَمِضُوا. و قال : قوله تعالى * (وإذا تتلى عليه ءاياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم) *. أي يشتري الحديث الباطل، والحق الصراح يأتيه مجانا يعرض عنه،(مفاتيح الغيب ، 25/140).

و قال البيضاوي ما يُلْهِي عَمّا يَعْنِي كالأحادِيثِ الَّتِي لا أصْلَ لَها والأساطِيرِ الَّتِي لا اعْتِبارَ بِها والمَضاحِكِ وفُضُولِ الكَلامِ، والإضافَةُ بِمَعْنى مِن وهي تَبْيِينِيَّةٌ إنْ أرادَ بِالحَدِيثِ المُنْكَرَ وتَبْعِيضِيَّةٌ إنْ أرادَ بِهِ الأعَمَّ.
4- المراد بلهو الحديث أدوات الغناء كالطبل و المزامير
قاله مجاهد ، روى ذلك عنه ابن جريرفقال: وقال آخرون: عنى باللّهو: الطّبل. ذكر من قال ذلك: - حدّثني عبّاس بن محمّدٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ الأعور، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: اللّهو: الطّبل
و قال الألباني في كتابه تحريم آلات الطرب : ورجاله كلهم ثقات فهو صحيح إن كان ابن جريج سمعه من مجاهد.
و قال في الباب عن الحسن البصري قال: نزلت هذه الآية {ومن الناس..} إلخ في الغناء والمزامير. عزاه السيوطي في الدر المنثور 5 / 159 [لابن أبي حاتم] وسكت عنه كغالب عادته ولم أقف على إسناده لأنظر فيه.
و هذا القول لمجاهد يشابه القول في تفسير اللهو في الآية ﴿وَإِذَا رَأَوۡا۟ تِجَـٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوۤا۟ إِلَیۡهَا وَتَرَكُوكَ قَاۤىِٕمࣰاۚ قُلۡ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَیۡرࣱ مِّنَ ٱللَّهۡوِ وَمِنَ ٱلتِّجَـٰرَةِۚ وَٱللَّهُ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰ⁠زِقِینَ﴾ [الجمعة ١١] فقد اختار الفراء في اللهو هنا الطبل ،و قال الزجاج: واللهو ههنا قيل الطبل، وهو - والله أعلم - كل ما يلهى به.
و قال :يقال: "قدِم دِحْيَةُ الكلبيُّ -رضي الله عنه- بتجارة له من الشام، فضَرب بالطبل: لِيُؤْذِنَ الناسَ بقدومه(".الجزء ٣ ،٣٧٦)
، و قال النحاس : وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها اختلف العلماء في اللهو هاهنا، فروى سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: كانت المرأة إذا أنكحت حرّكت لها المزامير فابتدر الناس إليها فأنزل الله جلّ وعزّ هذا. وقال مجاهد: اللهو الطبل. قال أبو جعفر: والقول الأول أولى بالصواب لأن جابرا مشاهد للتنزيل، ومال الفرّاء إلى القول الثاني لأنهم فيما ذكر كانوا إذا وافت تجارة ضربوا لها بطبل، فبدر الناس إليها. وكان الفرّاء يعتمد في كتابه في المعاني على الكلبيّ والكلبي متروك الحديث
5- المراد بلهو الحديث الشرك
قاله الضحاك ، رواه بن جرير قال حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} يعني الشّرك.
قال القاضي ابن العربي : أما من قال هو الشرك و ادخل حديث النصر فيه فهو محتمل و به يتصل ، ألا ترى ما عقب هذه الآية : و إذا تتلى عليه آياتنا ولىنستكبرا)
6- المراد بلهو الحديث الغناء:
قاله ابن عباس ، و ابن مسعود، مجاهد، جابر،عكرمة، عطاء الخرساني، و رُويَ عن الحسن البصري.
التخريج :
أما قول ابن عباس فقد رواه سفيان الثوري في تفسيره ، الفراء في معاني القرآن و إعرابه، أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي والبخاري و أبو جعفر الترمذي ، الرازي ابن أبي حاتم، محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ في مستدركه، البيهقي في سننه، و ابن كثير،و عبدالله بن وهب المصري في الجامع في علوم القرآن.
- و رواه البخاري في الأدب المفرد، ابن جرير ،البيهقي في سننه،ابن ابي الدنيا في كتابه ذم المعازف؛ من طريق عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ ؛ و روى ابن جرير ثلاث روايات اثنين منهما بزيادة أشباهه و نحوه، و روى البخاري و البيهقي بزيادة و أشباهه فقط.
- قال الحاكم في مستدركه: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه و قال الألباني في كتاب صحيح الأدب المفرد ( صحيح الإسناد موقوفًا).
-و روى ابن جرير من طرق أخرى بزيادة ( و الاستماع إليه).

أما قول ابن مسعود : رواه كلًا من عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ في (الجامع في علوم القرآن و ابن أبي شيبة في مصنفه،و ابن أبي الدنيا في كتابه ذم المعازف ،و ابن جرير، الحاكم في مستدركه، ابن كثير في تفسيره ، و رواه ابن المنذر كما في الدر المنثور للسيوطي من طريق سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء البكريّ عن عبد اللّه بن مسعودٍ
أما قول مجاهد فقد رواه سفيان الثوري ،وعبد الله بن وهب المصري، و الفراء وعبد الرزاق الصنعاني ، و أبو حذيفة موسى النهدي ، ابن أبي شيبة ، الترمذي، و ابن أبي الدنيا في كتابه ذم المعازف، و ابن جرير، و ابن عساكر.
- و قد رواه سفيان الثوري،وابن أبي شيبة ابن أبي الدنيا في ذم المعازف و ابن جرير من طريق حبيب بن أبي ثابتٍ عن مجاهدٍ.
- و رواه عبد الله بن وهب ،و الترمذي، و ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد .
- و رواه عبدالرزاق الصنعاني و أبو حذيفة بن موسى السعدي، و ابن جرير من طريق: سفيان الثوري عن عبد الكريم البصري عن مجاهد.
- و رواه الفراء و ابن جرير من طريق ليث عن مجاهد
- و لابن أبي شيبة و ابن جرير و رواية أخرى من طريق شعبة، عن الحكم، عن مجاهد
- و رواية ابن أبي الدنيا في كتابه ذم المعازف قال فيها:حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ , قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ , يَقُولُ: " كَانَ مُجَاهِدٌ , يَقُولُ: {§وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] قَالَ: هُوَ الْغِنَاءُ "
- و روى ابن عساكر في ذم الملاهي فقال أخبرنا الشيخان: أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، -[40]- وأبو الفتح مفلح بن أحمد بن محمد الدومي الوراق ببغداد، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد البزاز، قال: أنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق البزاز، قال: أنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، قال: ثنا هدبة بن خالد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد، في قوله عز وجل: ((ومن الناس من يشتري لهو الحديث))، قال: ((الغناء)).
أما قول جابر فقد رواه ابن جرير فقال؛ حدّثنا الحسن بن عبد الرّحيم، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: حدّثنا سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جابرٍ، في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء والاستماع له
أما قول عكرمة فقد رواه كلًا من ؛ ابن ابي شيبة ،و ابن أبي الدنيا و ابن جرير
و قد روى ابن جرير و ابن أبي الدنيا و ابن أبي شيبة من طريق إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن شعيب بن يسارٍ، عن عكرمة، و لابن أبي شيبة و ابن جرير رواية أخرى من طريق أسامة بن زيدٍ، عن عكرمة.
أما قول عطاء الخرساني : فقد رواه الرملي و ذكره ابن أبي حاتم دون إسناد.
قال مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عزّ وجلّ: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء والباطل ونحو ذلك). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 89].
أما قول الحسن البصري فقد ذكره كلًا من ابن أبي حاتم الرازي، ابن كثير.
قال الواحدي في التفسير البسيط: وأكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث: الغناء
قال القرطبي لَهْوَ الْحَدِيثِ": الْغِنَاءُ، فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا قُلْتُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، لِلْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فِيهِ، وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِيهِ (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي،14/51-54)
قال ابن القيم : ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث: بأنه الغناء، فقد صح ذلك عن ابن عباس، وابن مسعود. قال أبو الصهباء: "سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: ﴿ومن الناس من يشترى لهو الحديث﴾ [لقمان: ٦] فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات. وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضًا أنه: الغناء. قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير، من كتاب المستدرك: "ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابى الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين: حديث مسند. وقال في موضع آخر من كتابه: "هو عندنا في حكم المرفوع". وهذا، وإن كان فيه نظر، فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل من كتابه، فعليهم نزل، وهم أول من خوطب به من الأمة. وقد شاهدوا تفسيره من الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم علمًا وعملًا، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل.
و قد جمع بعض العلماء و المفسرين بين قولين أو أكثر منهم، و منهم من قال بالعموم، و ممن جمع بين قولين ؛ابن كثير و البغوي،ابن القيم .
قال البغوي في تفسيره (510): وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} أَيْ: يَسْتَبْدِلُ وَيَخْتَارُ الْغِنَاءَ وَالْمَزَامِيرَ وَالْمَعَازِفَ عَلَى الْقُرْآنِ
قال ابن القيم (751): ولا تعارض بين تفسير "لهو الحديث" بالغناء، وتفسيره: بأخبار الأعاجم وملوكها، وملوك الروم، ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة، يشغلهم به عن القرآن، فكلاهما لهو الحديث، ولهذا قال ابن عباس: "لهو الحديث: الباطل والغناء". فمن الصحابة من ذكر هذا، ومنهم من ذكر الآخر، ومنهم من جمعهما. والغناء أشد لهوًا، وأعظم ضررًا من أحاديث الملوك وأخبارهم، فإنه رقية الزنا، ومنبت النفاق، وشرك الشيطان، وخمرة العقل، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل، لشدة ميل النفوس إليه، ورغبتها فيه
قال ابن كثير في تفسيره (توفي 774): لَمَّا ذَكَّرَ تَعَالَى حَالَ السُّعَدَاءِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَهْتَدُونَ بكتاب الله وينتفعون بسماعه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر: 23] الآية، عَطَفَ بِذِكْرِ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنِ الِانْتِفَاعِ بِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ وَأَقْبَلُوا عَلَى اسْتِمَاعِ الْمَزَامِيرِ وَالْغَنَاءِ بِالْأَلْحَانِ وَآلَاتِ الطَّرَبِ
قال الواحدي(468): قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن (
و ممن قال بالعموم : البخاري في صحيحه،ابن جرير في تفسيره، النحاس في إعراب القرآن ابن عطية في تفسيره، الزمخشري في الكشاف،
قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت: 256 هـ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] (لهو الحديث) كل كلام لا فائدة فيه ولا جدوى والكلام الخيالي الذي لا يستند إلى أساس واقع وكل ما يشغل عن عبادة الله تعالى وذكره من السمر والأضاحيك ونحو ذلك [كتاب التفسير من صحيح البخاري.
قال ابن جرير: والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك.
قال أبو جعفر النحاس (338) : وأبين ما قيل في الآية ما رواه عبد الكريم , عن مجاهد قال: الغناء , وكل لعب لهو . قال أبو جعفر : فالمعنى ما يلهيه من الغناء , وغيره مما يلهي.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله( 541) ( والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث مضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا} والتوعد بالعذاب المهين و"لهو الحديث" كل ما يلهي من غناء وخنا ونحوه، والآية باقية المعنى في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر، ولا ليتخذوا الآيات هزوا، ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة، ويقطعهم زمنا بمكروه، ولكونهم من جملة العصاة، والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث، وقد جعلوا الحديث من القرى، وقيل لبعضهم: أتمل الحديث؟ فقال: إنما يمل العتيق القديم المعاد; لأن الحديث من الأحاديث فيه الطرافة التي تمنع من الملل.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك.
قال الزمخشري في الكشاف(538) اللهو كل باطل ألهى عن الخير وعما يعنى ولَهْوَ الْحَدِيثِ نحو السمر بالأساطير والأحاديث التي لا أصل لها، والتحدث بالخرافات والمضاحيك وفضول الكلام، وما لا ينبغي من كان وكان، ونحو الغناء وتعلم الموسيقار، وما أشبه ذلك
قال القاضي أبو بكر بن العربي(543): قول ابن عمر - لم أجد سنده- أن اللهو هو الغناء لم يثبت ذلك في الآية لأنه لم يطلق لهو الحديث بل قيده ( ليصل عن سبيل الله ) و ليست هذه صفة الغناء و إنما هو لهو مطلق و قد يكون غيره .
قال عبد الرحمن المبافوركي (1353):وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لهو الحديث أَيْ يَشْتَرِي الْغِنَاءَ وَالْأَصْوَاتَ الْمُحَرَّمَةَ الَّتِي تُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الإضافة فيه بمعنى من البيان نَحْوَ جُبَّةِ خَزٍّ وَبَابِ سَاجٍ أَيْ يَشْتَرِي اللَّهْوَ مِنَ الْحَدِيثِ
لِأَنَّ اللَّهْوَ يَكُونُ مِنَ الْحَدِيثِ وَمِنْ غَيْرِهِ
والْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُنْكَرُ فَيَدْخُلُ فِيهِ نَحْوُ السَّمَرِ بِالْأَسَاطِيرِ وَبِالْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَالتَّحَدُّثُ بِالْخُرَافَاتِ وَالْمَضَاحِيكِ وَالْغِنَاءُ وَتَعَلُّمُ الْمُوسِيقَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
و مما سبق يتبين لنا أن القول الراجح هو القائل بالعموم و يدخل فيه دخولًا أوليًا الغناء و ذلك لأسباب:
1- ما ثبت عن الصحابة و التابعيين في تفسير المراد من لهو الحديث بالغناء فقط في روايات و روايات فيها زيادة و ما شابهه،و قولهم يُقدم على غيره للأسباب التي ذكرها ابن القيم و أوردها الزهري في كتابه التفسير و المفسرين ، حيث قال : قال الزركشى فى "البرهان": "اعلم أن القرآن قسمان: قسم ورد تفسيره بالنقل، وقسم لم يرد. والأول: إما أن يرد عن النبى صلى الله عليه وسلم، أو الصحابة أو رؤوس التابعين، فالأول يُبحث فيه عن صحة السند، والثانى يُنظر فى تفسرب الصحابى، فإن فسَّره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك فى اعتماده، أو بما شاهدوه من الأسباب والقرائن فلا شك فيه".
وقال الحافظ ابن كثير فى مقدمة تفسيره: "... وحينئذ إذا لم نجد التفسير فى القرآن ولا فى السُّنَّة، رجعنا فى ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لِمَا شاهدوه من القرائن والأحوال التى اختُصوا بها، ولِمَا لهم من الفهم التامَ، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة، والخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين المهديين، وعبد الله بن مسعود رضى الله عنهم".وهذا الرأى الأخير هو الذى تميل إليه النفس، ويطمئن إليه القلب لِمَا ذُكر.
2- إرادة العموم و ذلك من معنى الإضافة المعنوية و تقديرها بمن، و فصل ذلك الألوسي في روح المعاني فقال: الألوسي١٢٧٠ ( ولَهْوَ الحَدِيثِ ) عَلى ما رُوِيَ عَنِ الحَسَنِ كُلُّ ما شَغَلَكَ عَنْ عِبادَةِ اللَّهِ تَعالى وذِكْرِهِ مِنَ السَّمَرِ والأضاحِيكِ والخُرافاتِ والغِناءِ ونَحْوِها، والإضافَةُ بِمَعْنى مِن، إنْ أُرِيدَ بِالحَدِيثِ المُنْكَرُ، كَما في حَدِيثِ: ««الحَدِيثُ في المَسْجِدِ يَأْكُلُ الحَسَناتِ كَما تَأْكُلُ البَهِيمَةُ الحَشِيشَ»» بِناءً عَلى أنَّها بَيانِيَّةٌ وتَبْعِيضِيَّةٌ إنْ أُرِيدَ بِهِ ما هو أعَمُّ مِنهُ، بِناءً عَلى مَذْهَبِ بَعْضِ النُّحاةِ كابْنِ كَيْسانَ، والسِّيرافِيِّ قالُوا: إضافَةُ ما هو جُزْءٌ مِنَ المُضافِ إلَيْهِ بِمَعْنى مِنَ التَّبْعِيضِيَّةِ كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ وُقُوعُ الفَصْلِ بِها في كَلامِهِمْ، والَّذِي عَلَيْهِ أكْثَرُ المُتَأخِّرِينَ، وذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ السِّراجِ، والفارِسِيُّ وهو الأصَحُّ أنَّها عَلى مَعْنى اللّامِ كَما فَصَّلَهُ أبُو حَيّانَ في شَرْحِ التَّسْهِيلِ وذَكَرَهُ شارِحُ اللُّمَعِ.
و قال :والأحْسَنُ تَفْسِيرُهُ بِما يَعُمُّ كُلَّ ذَلِكَ، كَما ذَكَرْناهُ عَنِ الحَسَنِ، وهو الَّذِي يَقْتَضِيهِ ما أخْرَجَهُ البُخارِيُّ في الأدَبِ المُفْرَدِ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: ( لَهْوُ الحَدِيثِ ) هو الغِناءُ، وأشْباهُهُ.
و قال الزمخشري: قال الزمخشري: فإن قلت: ما معنى إضافة اللهو إلى الحديث؟ قلت: معناها التبيين، وهي الإضافة بمعنى من، وأن يضاف الشيء إلى ما هو منه، كقولك: صفة خز، وباب ساج . والمعنى: من يشترى اللهو من الحديث، لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره، فبين بالحديث. والمراد بالحديث. الحديث المنكر، كما جاء في الحديث: «الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش » ويجوز أن تكون الإضافة بمعنى «من» التبعيضية، كأنه قيل: ومن الناس من يشترى بعض الحديث الذي هو اللهو منه.
و قال ابن عاشور(1393) : واللَّهْوُ: ما يُقْصَدُ مِنهُ تَشْغِيلُ البالِ وتَقْصِيرُ طُولِ وقْتِ البِطالَةِ دُونَ نَفْعٍ، لِأنَّهُ إذا كانَتْ في ذَلِكَ مَنفَعَةٌ لَمْ يَكُنِ المَقْصُودُ مِنهُ اللَّهْوَ بَلْ تِلْكَ المَنفَعَةُ، ولَهْوُ الحَدِيثِ ما كانَ مِنَ الحَدِيثِ مُرادًا لِلَّهْوِ فَإضافَةُ لَهْوَ إلى الحَدِيثِ عَلى مَعْنى (مِنَ) التَّبْعِيضِيَّةِ عَلى رَأْيِ بَعْضِ النُّحاةِ، وبَعْضُهم لا يُثْبِتُ الإضافَةَ عَلى مَعْنى (مِنَ) التَّبْعِيضِيَّةِ فَيَرُدُّها إلى مَعْنى اللّامِ.
3-معنى الشراء في الآية ؛ يحتمل أنه على ظاهره أنه الشراء( شراء المغنية، شراء الكتب؛ سبب النزول ) ،أو مجازًا أي استحباب و اختيار، و القولان يسعهم المقال ، قال الزمخشري: وقوله يَشْتَرِي إما من الشراء، على ما روى عن النضر: من شراء كتب الأعاجم أو من شراء القيان. وإما من قوله اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ أى استبدلوه منه واختاروه عليه. وعن قتادة: اشتراؤه: استحبابه، يختار حديث الباطل على حديث الحق..
قال ابن عاشور : فالِاشْتِراءُ هُنا مُسْتَعْمَلٌ في صَرِيحِهِ وكِنايَتِهِ: فالصَّرِيحُ تَشْوِيهٌ لِاقْتِناءِ النَّضْرِ بْنِ الحارِثِ قِصَصَ رُسْتَمَ وإسْفِنْدِيارَ وبَهْرامَ، والكِنايَةُ تَقْبِيحٌ لِلَّذِينَ التَفُّوا حَوْلَهُ وتَلَقَّوْا أخْبارَهُ، أيْ مِنَ النّاسِ مَن يَشْغَلُهُ لَهْوُ الحَدِيثِ والوَلَعُ بِهِ عَنِ الِاهْتِداءِ بِآياتِ الكِتابِ الحَكِيمِ.
.4- معنى اللهو لغة و في أقوال المفسرين مما يقتضي عموم المراد، قال بن الجوزي(597): وإِنما قيل لهذه الأشياء: لهو الحديث، لأنها تُلهي عن ذِكْر الله تعالى.( زاد المسير ، ج3/430)
ففي معجم لسان العرب "اللَّهْو: ما لَهَوْت به ولَعِبْتَ به وشغَلَك من هوى وطَربٍ ونحوهما. وفي الحديث: ليس شيء من اللَّهْوِ إَلاَّ في ثلاث أَي ليس منه مباح إِلاَّ هذه، لأَنَّ كلَّ واحدة منها إِذا تأَملتها وجدتها مُعِينة على حَق أَو ذَرِيعة إِليه. واللَّهْوُ: اللَّعِب. يقال: لهَوْتُ بالشيء أَلهُو به لَهْواً وتَلَهَّيْتُ به إِذا لَعِبتَ به وتَشاغَلْت وغَفَلْتَ به عن غيره. ولَهِيتُ عن الشيء، بالكسر، أَلْهَى، بالفتح، لُهِيّاً ولِهْياناً إِذا ‏سَلَوْتَ عنه وتَرَكْتَ ذكره وإِذا غفلت عنه واشتغلت.
و قال القاضي بن العربي (543): اللهو هو كل شغل لا فائدة فيه أخروية و يستعمل في الدموية مجازا و يكون في الفعل و يكون في القول فإن كان فيه إثم كان لهوا أيضا و هو أشده.
و قال ابن عاشور: واللَّهْوُ: ما يَشْتَغِلُ بِهِ الإنْسانُ مِمّا تَرْتاحُ إلَيْهِ نَفْسُهُ ولا يَتْعَبُ في الِاشْتِغالِ بِهِ عَقْلُهُ، فَلا يُطْلَقُ إلّا عَلى ما فِيهِ اسْتِمْتاعٌ ولَذَّةٌ ومُلائِمَةٌ لِلشَّهْوَةِ.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir