دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الأول 1443هـ/17-10-2021م, 02:19 AM
سعاد مختار سعاد مختار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 307
افتراضي

⚪ التطبيق السابع ⚪


حرّر المراد بالعذاب الأدنى. في قوله تعالى. َ ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [السجدة 21


اختلف العلماء في المراد { بالعذاب الأدنى } على أقوال


🔷 القول الأول :
مصائب الدنيا في الأموال والأولاد وسنون القحط وعذاب الدنيا ( يدخل فيه ما أصاب قريش من جوع وقحط وسنين الجذب والدخان )
وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وعبادة بن الصامت ووسفيان الثوري وإبراهيم النخعي ومجاهد والسُدي والحسن والضحاك وجعفر بن محمد وابن زيد وعلقمة وعطية وقتادة وأبي العالية


▫قال ابن جرير الطبري :
وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إن الله وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدنيا من بلاء أصابهم، إما شدّة من مجاعة، أو قتل، أو مصائب يصابون بها، فكل ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصص الله تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوع من ذلك دون نوع، وقد عذّبهم بكل ذلك في الدنيا بالقتل والجوع والشدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.


▫قال ابن عطية :
وقالَتْ فِرْقَةٌ مِنها عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو العالِيَةِ، وإبْراهِيمُ النَخْعِيُّ: هو الدُخانُ الَّذِي رَأتْهُ قُرَيْشٌ حِينَ دَعا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَلامُ، فَكانَ الرَجُلُ يَرى مِنَ الجَدْبِ والجُوعِ دُخانًا بَيْنَهُ وبَيْنَ السَماءِ.




⚫ التخريج


🔹روى هذا القول عن ( ابن مسعود) - آدم ابن أبي إياس-. في تفسيرمجاهد والنسائي في السنن الكبرى كلاهما من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه .
ورواه البخاري في صحيحه من طريق مسروق عنه ، (وأخرج ابن أبي شيبه والنسائي، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: سنون أصابتهم
كما في الدر المنثور للسيوطي


🔹روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه والنسائي في السنن الكبرى والإمام أحمد في مسنده. كلهم من طريق يحي بن الجزار عن أبن أبي ليلى عنه
وكذا رواه ابن جرير في تفسيره بأسانيد. ثلاثة كلها من طريق يحي بن الجزار بن الجزار عن أبي ليلى عنه


🔹روى هذا القول عن ( ابن عباس ) ابن جرير في تفسيره ،قال :
حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} يقول: مصائب الدّنيا وأسقامها وبلاؤها ممّا يبتلي اللّه بها العباد حتّى يتوبوا.


🔹ورواه ابن جرير بإسناد آخر عن ابن عباس :حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} قال: العذاب الأدنى: بلاء الدّنيا، قيل: هي المصائب. ( على ضعفه كما نص عليه العلماء )




🔹روى هذا القول عن ( مجاهد ). أدم بن أبي إياس. في تفسير مجاهد وابن جرير الطبري في تفسيره من طريق
- ورقاء ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:»
ورواه يحي بن سلام في تفسيره عن المعلى عن أبي يحي عن مجاهد ، قال عذاب الدنيا وذكر عن السدي قوله : هو الجوع في الدنيا


🔹روى هذا القول عن ( الحسن ) عبد الرزاق الصنعاني : قال معمر وقال الحسن الأدنى عقوبات الدنيا
وأخرج ابن جرير في تفسيره :
حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، حدّثه عن الحسن: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} أي: مصيبات الدّنيا.


🔹 روى هذا القول عن ( إبراهيم النخعي ) سفيان الثوري في تفسيره و أبو حُذيفة النهدي وأبو بكر ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير في تفسيره كلهم من طريق منصور عن إبراهيم
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( ابن زيد ) حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: العذاب الأدنى: عذاب الدّنيا.
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( أبي العالية )
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: المصائب في الدّنيا.


🔶 القول الثاني :
يوم بدر - البطشة - القتل - اللزام
هو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس والحسن بن على وَعَبَد الله بن الحارث بن نوفل ومجاهد وقتادة والحسن


▫قال الحافظ ابن كثير :
قَالَ السُّدِّي وَغَيْرُهُ: لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ بِمَكَّةَ إِلَّا دَخَلَهُ الْحُزْنُ عَلَى قَتِيلٍ لَهُمْ أَوْ أَسِيرٍ، فَأُصِيبُوا أَوْ غَرموا(15) ، وَمِنْهُمْ مَنْ جُمِعَ له الأمران.
▫قال شيخ الإسلام ابن تيمية
:( وكذلك قوله:{ ولنذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون } يدخُلُ في العذاب الأدنَى ما يكون بأيدي العباد - كما قد فُسِّر بوقعة بدر بعض ما وعد الله به المشركين من العذاب). ( المجموع 15/45).






⚫ التخريج


🔸رواه عن ( عبد الله بن مسعود ) سفيان الثوري في تفسيره ويحي بن سلام في تفسيره والحاكم في مستدركه ، كلهم من طريق أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله
*وراوه ابن جرير بأسانيد كلها من طريق مسروق عن عبد الله
وأخرج بسنده من طريق عوف ، عن الحسن بن على و عبد الله بن الحارث بن نوفل ،قولهما : هو القتل بالسيف *( و أخرج الفريابي، وابن منيع، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والخطيب والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: يوم بدر)
كما في الدر المنثور


🔸روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) عبد الرازق الصنعاني في تفسيره بسنده من طريق معمر عن قتادة
وراوه النسائي والإمام أحمد ومسلم في صحيحه كلهم من طريق يحي بن الجزار عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب
*🔸وأخرجه ابن جرير في تفسيره بأسانيد عديدة كلها من طريق ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب


🔸وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا واللزوم والبطشة والدخان) (وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) قال: يوم بدر ) - كما في الدر المنثور
قال أبو المظفر السمعاني : عن ابن عباس قال : هو القتل ببدر
🔸روى هذا القول. عن ( مجاهد ) آدم بن أبي إياس في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
🔸ورواه ابن جرير بطريق آخر عن سعيد عن قتادة ، عن مجاهد يحدث عن أبي بن كعب ، قال : يوم بدر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا - كما في الدر المنثور
🔸ذكر يحي بن سلام في تفسيره عن ( الحسن ) ألحسن بن دينار عن الحسن ،قال : العذاب الأدنى بالسيف يوم بدر


🔷 القول الثالث
الحدود ، هو قول ( ابن عباس )
▫ قال القاضي أبو محمد(ابن عطية ) رحمه الله:
ويتجه - على هذا التأويل - أن تكون في فسقة المؤمنين.
▫ قال الحافظ ابن كثير :
قال ابن عباس في رواية عنه : يعني به إقامة الحدود عليهم .




⚫ التخريج


*🔹ورواه ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس بسنده : - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود.
🔹( وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود - كما في الدر المنثور




🔶 القول الرابع
عذاب القبر
هو قول ( مجاهد ) وروي عن البراء بن عازب وأبي عبيدة ( وقيل لم يثبت عنهما )
*▫أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة التوبة :
قال مجاهد في قوله - تعالى -:[سنعذبهم مرتين] : بالجوع وعذاب القبر، ثم يردٌّون إلى عذابٍ, عظيم،




⚫ التخريج


*🔸روى يحي بن سلام في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق أبي يحي عن مجاهد : قال : عذاب الدنيا وعذاب القبر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب الدنيا وعذاب القبر).- كما في الدر المنثور للسيوطي




▪ الدراسة ▪


🔷 القول الأول :
هذه الآية من سورة السجدة. وهي سورة مكيّة ، فلغة الخطاب فيها على غرار القرآن المكي ، الذي خاطب في غالبه قوماً كفاراً ، ردوا الحق وكذبوا الرسالة واستنكروا البعث والنشور ، فهو خطاب فيه شدة وقوة في بسط الأدلة على التوحيد ، آياته قوارع مزلزلات ، قال عز من قائل :
{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ (8) فَذَٰلِكَ يَوۡمَئِذٖ يَوۡمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ غَيۡرُ يَسِيرٖ} وقال سبحانه :
{ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (37) وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا (38) فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (39) }
آياته حوافل بالتوبيخ والتهديد والوعيد ، كما في هذه الآية :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ لأن من شأن العقوبات أن تردع وتزجر ، فتوعدهم سبحانه بالعذاب الأدنى ، أي الأقرب في الدنيا قبل أن يحل بهم عذابه الأكبر في الآخرة ، متى تتابعوا في كفرهم وصدهم عن سبيل الله ، لان من شأن النفوس ان تخشى من القريب الآتي ، وتنسى القادم البعيد وإن تحقق وقوعه ، لهذا جاء التعبير القرآني
بلفظ* الأدنى* ، لعذاب الدنيا ولم يقل الأقل او الأصغر ، وجاء في مقابله بوصف عذاب الآخرة بلفظ الأكبر ليدل على شدته وعظمه فلا أكبر منه ، فلم يقابل الأدنى بالأقصى حتى لا تستبعده النفوس وتنساه ، وهكذا هي ألفاظ القرآن الكريم ، إيجاز في اللفظ ووفاء بحق المعنى
وحقق الله وعيده فيهم فأذاقهم الجذب سنين متوالية ،حتى أكلوا الجيف والكلاب ، وصاروا مضرباً ومثلاً ، قال تعالى :
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
وجاء في روايةعبد الله بن الإمام أحمد بسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه :
فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ﴾ قَالَ: الْمُصِيبَاتُ وَالدُّخَانُ قَدْ مَضَيَا، وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ . فبعد أن ذاقوا العذاب الدنيوي العاجل ، ثاب وآب الكثير منهم بعد يوم بدر و وبخاصة بعد فتح مكة
وهذا هو المراد من تعجيل العذاب
كما نصّ اللفظ القرآني. { لعلهم يرجعون } إلى حياض الإيمان والتوحيد بعد الكفر والشرك والصدّ عن سبيل الله ،
فكان الرجوع لمن عاش منهم ولم يناله السيف ، بل لما عاينوا محاسن الإسلام صاروا أشد الناس حباً له ونصرةً لرايته .
هذه الآية وإن توجه خطابها لمشركي قريش ، إلا إنها تعم بخطابها كل من كان أهلاً لتنزل عذاب الله عليه ووقوع وعيده فيه ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب


🔶 القول الثاني
من المفسرين من اعتبر العذاب الأدنى الذي نال قريش هو أخذهم وقتلهم بالسيف ، لذا قيل أن ( البطشة) هي
وقعة بدر لان البطشة هي الضربة والأخرة الشديدة وقيل هي ( اللزام ) من العذاب اللازم الواقع ، فالمعنى واحد وهو نوع عذاب للتهديد والتأديب وأخذة غضب لمن كتب عليه الشقاء والموت على الكفر لأن في قوله تعالى :
{ لعلهم يرجعون } اي كان العذاب لعلة رجوعهم عن الكفر والشرك إلى الطاعة والإيمان كما قرر علماء التفسير


🔷 القول الثالث
وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه ، وهو بهذا موجه إلى عصاة الموحدين وفساقهم كما عبر ابن عطية ، فإنما تقام الحدود على أهل الإسلام ، وهذا المعنى يقترب من المعاني السابقة في معنى الزجر والتطهّر والتوبة ، التى هي معنى { لعلهم يرجعون } في حق أهل الإيمان ، بوّب الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : * باب الحدود كفارات لأهلها * وجاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : ( ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به ( أي حداً ) فهو كفارة له ) وهو يدل دلالة واضحة على عموم الخطاب في هذه الآية المكية


🔶 القول الرابع
عذاب القبر ،. هذا هو القول الذي حصل فيه خلاف وتضعيف من بعض العلماء ، لا داعي للقول ان الخلاف ليس
في ثبوت عذاب القبر ، فإن هذا في صميم عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان باليوم الآخر ، بل عدّ ابن كثير وغيره من العلماء هذه الآية دليلاً على ثبوت عذاب القبر فقال رحمه الله : وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل
السنة على عذاب البرزخ في القبور
إذا ، كان الخلاف في ان المراد بالعذاب الأدنى هو عذاب القبر كنوع من أنواعه وأفراده ، كما ذكر هذا القرطبي في تفسيره عن الطوفي والقشيري ، والإمام الشوكاني في تفسيره ، لأنه ينافي الحكمة والغاية التى جاء لأجلها
التعليل في الآية : { لعلهم يرجعون } فمن وافى القبر قامت قيامته ،فأنى له الرجعة والتوبة
في المقابل ، قرّر العلامة السعدي في تفسيره هذا المعنى ، لانه اعتبر أن صنوف العذاب من الجوع والقحط والمصائب في الأموال والأولاد وغيرها بعضاً وجزءا من العذاب الأدنى الذي هو ( عذاب البرزخ) بل هو استكمال له
بعد أن ذاقوا طرفاً منه في الدنيا ، وهو وإن كان في القبر فهو أدنى في مقابل العذاب الأكبر في النار


▪الترجيح ▪
تبين لنا واضحاً أن الاقوال كلها قد تقاربت ، في معنى العذاب الأدنى قصداً ومآلاً
من إنزال بعض عذابات الدنيا ، على أهل الكفر والشرك ليعودوا إلى حضيرة الدين الحق ، و قد ينال أهل التوحيد
والإيمان من هذا العذاب بما اجترحوا واكتسبوا ، كفارةً لهم وسبباً لعودتهم لمنازل الطائعين التابئين
وأن القول المختلف فيه ، هو قول من قال ، أن المراد هو عذاب القبر
وختاماً :
إن لهذه الآية نظائر في كتاب الله تعالى ، تُقرَر معناها وتُجليّ مرادها ، قال سبحانه :
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } (41) الروم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 ربيع الأول 1443هـ/20-10-2021م, 01:13 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعاد مختار مشاهدة المشاركة
⚪ التطبيق السابع ⚪


حرّر المراد بالعذاب الأدنى. في قوله تعالى. َ ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [السجدة 21


اختلف العلماء في المراد { بالعذاب الأدنى } على أقوال


🔷 القول الأول :
مصائب الدنيا في الأموال والأولاد وسنون القحط وعذاب الدنيا ( يدخل فيه ما أصاب قريش من جوع وقحط وسنين الجذب والدخان )
وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وعبادة بن الصامت ووسفيان الثوري وإبراهيم النخعي ومجاهد والسُدي والحسن والضحاك وجعفر بن محمد وابن زيد وعلقمة وعطية وقتادة وأبي العالية


▫قال ابن جرير الطبري :
وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إن الله وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدنيا من بلاء أصابهم، إما شدّة من مجاعة، أو قتل، أو مصائب يصابون بها، فكل ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصص الله تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوع من ذلك دون نوع، وقد عذّبهم بكل ذلك في الدنيا بالقتل والجوع والشدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.
[كلام ابن جرير هذا يدل على العموم وليس على قول بعينه، فليس هذا موضعه]

▫قال ابن عطية :
وقالَتْ فِرْقَةٌ مِنها عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو العالِيَةِ، وإبْراهِيمُ النَخْعِيُّ: هو الدُخانُ الَّذِي رَأتْهُ قُرَيْشٌ حِينَ دَعا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَلامُ، فَكانَ الرَجُلُ يَرى مِنَ الجَدْبِ والجُوعِ دُخانًا بَيْنَهُ وبَيْنَ السَماءِ.
[لا حاجة لهذا النقل هنا.

ما ينقل من كلام المفسرين ما يفيد تقوية لقول بعينه، أو دلالة إجماعهم على قول، أو ما يؤكد توجيه لقول قمتِ بصياغته ونحو ذلك]




⚫ التخريج


🔹روى هذا القول عن ( ابن مسعود) - آدم ابن أبي إياس-. في تفسيرمجاهد والنسائي في السنن الكبرى كلاهما من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه .
ورواه البخاري في صحيحه من طريق مسروق عنه ، (وأخرج ابن أبي شيبه والنسائي، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: سنون أصابتهم
كما في الدر المنثور للسيوطي [النسائي سبق وأشرتِ إليه، مستدرك الحاكم مطبوع، هل رجعتِ إلى مصنف ابن أبي شيبة؟]


🔹روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه والنسائي في السنن الكبرى والإمام أحمد في مسنده. كلهم من طريق يحي بن الجزار عن أبن أبي ليلى عنه
وكذا رواه ابن جرير في تفسيره بأسانيد. ثلاثة كلها من طريق يحي بن الجزار بن الجزار عن أبي ليلى عنه
[مخرج الأثر شعبة]

🔹روى هذا القول عن ( ابن عباس ) ابن جرير في تفسيره ،قال :
حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} يقول: مصائب الدّنيا وأسقامها وبلاؤها ممّا يبتلي اللّه بها العباد حتّى يتوبوا.


🔹ورواه ابن جرير بإسناد آخر عن ابن عباس :حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} قال: العذاب الأدنى: بلاء الدّنيا، قيل: هي المصائب. ( على ضعفه كما نص عليه العلماء )




🔹روى هذا القول عن ( مجاهد ). أدم بن أبي إياس. في تفسير مجاهد وابن جرير الطبري في تفسيره من طريق
- ورقاء ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:»
ورواه يحي بن سلام في تفسيره عن المعلى عن أبي يحي عن مجاهد ، قال عذاب الدنيا وذكر عن السدي قوله : هو الجوع في الدنيا


🔹روى هذا القول عن ( الحسن ) عبد الرزاق الصنعاني : قال معمر وقال الحسن الأدنى عقوبات الدنيا
وأخرج ابن جرير في تفسيره :
حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، حدّثه عن الحسن: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} أي: مصيبات الدّنيا.


🔹 روى هذا القول عن ( إبراهيم النخعي ) سفيان الثوري في تفسيره و أبو حُذيفة النهدي وأبو بكر ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير في تفسيره كلهم من طريق منصور عن إبراهيم [أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي هو راوي تفسير سفيان الثوري]
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( ابن زيد ) حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: العذاب الأدنى: عذاب الدّنيا.
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( أبي العالية )
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: المصائب في الدّنيا.


🔶 القول الثاني :
يوم بدر - البطشة - القتل - اللزام
هو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس والحسن بن على وَعَبَد الله بن الحارث بن نوفل ومجاهد وقتادة والحسن


▫قال الحافظ ابن كثير :
قَالَ السُّدِّي وَغَيْرُهُ: لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ بِمَكَّةَ إِلَّا دَخَلَهُ الْحُزْنُ عَلَى قَتِيلٍ لَهُمْ أَوْ أَسِيرٍ، فَأُصِيبُوا أَوْ غَرموا(15) ، وَمِنْهُمْ مَنْ جُمِعَ له الأمران.
▫قال شيخ الإسلام ابن تيمية
:( وكذلك قوله:{ ولنذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون } يدخُلُ في العذاب الأدنَى ما يكون بأيدي العباد - كما قد فُسِّر بوقعة بدر بعض ما وعد الله به المشركين من العذاب). ( المجموع 15/45).






⚫ التخريج


🔸رواه عن ( عبد الله بن مسعود ) سفيان الثوري في تفسيره ويحي بن سلام في تفسيره والحاكم في مستدركه ، كلهم من طريق أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله
*وراوه ابن جرير بأسانيد كلها من طريق مسروق عن عبد الله
وأخرج بسنده من طريق عوف ، عن الحسن بن على و عبد الله بن الحارث بن نوفل ،قولهما : هو القتل بالسيف *( و أخرج الفريابي، وابن منيع، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والخطيب والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: يوم بدر)
كما في الدر المنثور


🔸روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) عبد الرازق الصنعاني في تفسيره بسنده من طريق معمر عن قتادة
وراوه النسائي والإمام أحمد ومسلم في صحيحه كلهم من طريق يحي بن الجزار عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب
*🔸وأخرجه ابن جرير في تفسيره بأسانيد عديدة كلها من طريق ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب


🔸وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا واللزوم والبطشة والدخان) (وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) قال: يوم بدر ) - كما في الدر المنثور
قال أبو المظفر السمعاني : عن ابن عباس قال : هو القتل ببدر
🔸روى هذا القول. عن ( مجاهد ) آدم بن أبي إياس في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
🔸ورواه ابن جرير بطريق آخر عن سعيد عن قتادة ، عن مجاهد يحدث عن أبي بن كعب ، قال : يوم بدر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا - كما في الدر المنثور
🔸ذكر يحي بن سلام في تفسيره عن ( الحسن ) ألحسن بن دينار عن الحسن ،قال : العذاب الأدنى بالسيف يوم بدر


🔷 القول الثالث
الحدود ، هو قول ( ابن عباس )
▫ قال القاضي أبو محمد(ابن عطية ) رحمه الله:
ويتجه - على هذا التأويل - أن تكون في فسقة المؤمنين.
▫ قال الحافظ ابن كثير :
قال ابن عباس في رواية عنه : يعني به إقامة الحدود عليهم .




⚫ التخريج


*🔹ورواه ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس بسنده : - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود.
🔹( وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود - كما في الدر المنثور




🔶 القول الرابع
عذاب القبر
هو قول ( مجاهد ) وروي عن البراء بن عازب وأبي عبيدة ( وقيل لم يثبت عنهما )
*▫أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة التوبة :
قال مجاهد في قوله - تعالى -:[سنعذبهم مرتين] : بالجوع وعذاب القبر، ثم يردٌّون إلى عذابٍ, عظيم،




⚫ التخريج


*🔸روى يحي بن سلام في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق أبي يحي عن مجاهد : قال : عذاب الدنيا وعذاب القبر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب الدنيا وعذاب القبر).- كما في الدر المنثور للسيوطي




▪ الدراسة ▪


🔷 القول الأول :
هذه الآية من سورة السجدة. وهي سورة مكيّة ، فلغة الخطاب فيها على غرار القرآن المكي ، الذي خاطب في غالبه قوماً كفاراً ، ردوا الحق وكذبوا الرسالة واستنكروا البعث والنشور ، فهو خطاب فيه شدة وقوة في بسط الأدلة على التوحيد ، آياته قوارع مزلزلات ، قال عز من قائل :
{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ (8) فَذَٰلِكَ يَوۡمَئِذٖ يَوۡمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ غَيۡرُ يَسِيرٖ} وقال سبحانه :
{ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (37) وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا (38) فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (39) }
آياته حوافل بالتوبيخ والتهديد والوعيد ، كما في هذه الآية :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ لأن من شأن العقوبات أن تردع وتزجر ، فتوعدهم سبحانه بالعذاب الأدنى ، أي الأقرب في الدنيا قبل أن يحل بهم عذابه الأكبر في الآخرة ، متى تتابعوا في كفرهم وصدهم عن سبيل الله ، لان من شأن النفوس ان تخشى من القريب الآتي ، وتنسى القادم البعيد وإن تحقق وقوعه ، لهذا جاء التعبير القرآني
بلفظ* الأدنى* ، لعذاب الدنيا ولم يقل الأقل او الأصغر ، وجاء في مقابله بوصف عذاب الآخرة بلفظ الأكبر ليدل على شدته وعظمه فلا أكبر منه ، فلم يقابل الأدنى بالأقصى حتى لا تستبعده النفوس وتنساه ، وهكذا هي ألفاظ القرآن الكريم ، إيجاز في اللفظ ووفاء بحق المعنى
وحقق الله وعيده فيهم فأذاقهم الجذب سنين متوالية ،حتى أكلوا الجيف والكلاب ، وصاروا مضرباً ومثلاً ، قال تعالى :
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
وجاء في روايةعبد الله بن الإمام أحمد بسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه :
فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ﴾ قَالَ: الْمُصِيبَاتُ وَالدُّخَانُ قَدْ مَضَيَا، وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ . فبعد أن ذاقوا العذاب الدنيوي العاجل ، ثاب وآب الكثير منهم بعد يوم بدر و وبخاصة بعد فتح مكة
وهذا هو المراد من تعجيل العذاب
كما نصّ اللفظ القرآني. { لعلهم يرجعون } إلى حياض الإيمان والتوحيد بعد الكفر والشرك والصدّ عن سبيل الله ،
فكان الرجوع لمن عاش منهم ولم يناله السيف ، بل لما عاينوا محاسن الإسلام صاروا أشد الناس حباً له ونصرةً لرايته .
هذه الآية وإن توجه خطابها لمشركي قريش ، إلا إنها تعم بخطابها كل من كان أهلاً لتنزل عذاب الله عليه ووقوع وعيده فيه ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب


🔶 القول الثاني
من المفسرين من اعتبر العذاب الأدنى الذي نال قريش هو أخذهم وقتلهم بالسيف ، لذا قيل أن ( البطشة) هي
وقعة بدر لان البطشة هي الضربة والأخرة الشديدة وقيل هي ( اللزام ) من العذاب اللازم الواقع ، فالمعنى واحد وهو نوع عذاب للتهديد والتأديب وأخذة غضب لمن كتب عليه الشقاء والموت على الكفر لأن في قوله تعالى :
{ لعلهم يرجعون } اي كان العذاب لعلة رجوعهم عن الكفر والشرك إلى الطاعة والإيمان كما قرر علماء التفسير


🔷 القول الثالث
وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه ، وهو بهذا موجه إلى عصاة الموحدين وفساقهم كما عبر ابن عطية ، فإنما تقام الحدود على أهل الإسلام ، وهذا المعنى يقترب من المعاني السابقة في معنى الزجر والتطهّر والتوبة ، التى هي معنى { لعلهم يرجعون } في حق أهل الإيمان ، بوّب الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : * باب الحدود كفارات لأهلها * وجاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : ( ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به ( أي حداً ) فهو كفارة له ) وهو يدل دلالة واضحة على عموم الخطاب في هذه الآية المكية


🔶 القول الرابع
عذاب القبر ،. هذا هو القول الذي حصل فيه خلاف وتضعيف من بعض العلماء ، لا داعي للقول ان الخلاف ليس
في ثبوت عذاب القبر ، فإن هذا في صميم عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان باليوم الآخر ، بل عدّ ابن كثير وغيره من العلماء هذه الآية دليلاً على ثبوت عذاب القبر فقال رحمه الله : وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل
السنة على عذاب البرزخ في القبور
إذا ، كان الخلاف في ان المراد بالعذاب الأدنى هو عذاب القبر كنوع من أنواعه وأفراده ، كما ذكر هذا القرطبي في تفسيره عن الطوفي والقشيري ، والإمام الشوكاني في تفسيره ، لأنه ينافي الحكمة والغاية التى جاء لأجلها
التعليل في الآية : { لعلهم يرجعون } فمن وافى القبر قامت قيامته ،فأنى له الرجعة والتوبة
في المقابل ، قرّر العلامة السعدي في تفسيره هذا المعنى ، لانه اعتبر أن صنوف العذاب من الجوع والقحط والمصائب في الأموال والأولاد وغيرها بعضاً وجزءا من العذاب الأدنى الذي هو ( عذاب البرزخ) بل هو استكمال له
بعد أن ذاقوا طرفاً منه في الدنيا ، وهو وإن كان في القبر فهو أدنى في مقابل العذاب الأكبر في النار


▪الترجيح ▪
تبين لنا واضحاً أن الاقوال كلها قد تقاربت ، في معنى العذاب الأدنى قصداً ومآلاً
من إنزال بعض عذابات الدنيا ، على أهل الكفر والشرك ليعودوا إلى حضيرة الدين الحق ، و قد ينال أهل التوحيد
والإيمان من هذا العذاب بما اجترحوا واكتسبوا ، كفارةً لهم وسبباً لعودتهم لمنازل الطائعين التابئين
وأن القول المختلف فيه ، هو قول من قال ، أن المراد هو عذاب القبر [ووجهه ابن القيم بأن الله عز وجل قال: {من العذاب الأدنى} فجعل من تبعيضية، فكأنهم نالوا بمصائب الدنيا بعض العذاب الأدنى وبقي لهم بعضه في القبر]
وختاماً :
إن لهذه الآية نظائر في كتاب الله تعالى ، تُقرَر معناها وتُجليّ مرادها ، قال سبحانه :
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } (41) الروم

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، خاصة في دراسة الأقوال وتوجيهها.

بالنسبة للتخريج، اجتهدي في التدرب عليه وتعيين مخرج الأثر، وأؤكد على أننا لا نعتمد على المصادر البديلة مثل (الدر المنثور) إلا في النسبة إلى الكتب المفقودة، أما الكتب المطبوعة فينبغي الرجوع إليها.
الأقوال التي يستخرج منها أكثر من قول اذكري نصها مثل قول أبي بن كعب.





١.تصنيف المسألة وتعيين المراجع: 10/ 10
٢.استيعاب الأقوال في المسألة وتحريرها: 27/ 30
٣.تخريج الأقوال: 13/ 20
٤. توجيه الأقوال: 5/ 5
٥. الدراسة وبيان الراجح أو الجمع بين الأقوال 20/ 20

٦. مراعاة ظهور شخصية الطالب في واجبه، ومراعاة جودة الإنشاء والصياغة والعرض. 15/ 15
التقويم: أ
بارك الله فيك ونفع بك وزادكِ توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir