دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > الملخص الفقهي > كتاب الأيمان والنذور

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 رجب 1433هـ/11-06-2012م, 03:58 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي باب كفارة اليمين

من رحمة الله بعباده أن شرع لهم الكفارة التي بها تحلة اليمين.
قال الله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}.
وفي "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: "إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها؛ فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك".
وكفارة اليمين فيها تخيير وفيها ترتيب، فيخير من لزمته بين إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من الطعام، أو كسوة عشرة مساكين لكل واحد منهم ثوب يجزئه في صلاته، أو عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب، فمن لم يجد شيئا من هذه الثلاثة المذكورة؛ صام ثلاثة أيام.
فتبين بهذا التفصيل أن كفارة اليمين تجمع تخييرًا وترتيبا؛ تخييرًا بين الإطعام والكسوة والعتق، وترتيبها بين ذلك وبين الصيام.
والدليل على هذا قول الله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ}.
ومعنى الآية الكريمة إجمالاً أن كفارة ما عقدتم من الأيمان إذا حنثتم فيها: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم؛ أي: من خير وأمثل قوت عيالكم، أو كسوتهم مما يصح أن يصلى فيه، أو عتق رقبة، واشترط الجمهور كونها مؤمنة، وقد بدأ سبحانه وتعالى بالأسهل فالأسهل؛ فأي هذه الخصال فعل؛ أجزأه بالإجماع.
واشترط الجمهور في صيام ثلاثة الأيام أن تكون متتابعة؛ لقراءة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: {فصيام ثلاثة أيام متتابعة}.
وهنا يغلط كثير من العوام، فيظنون أنهم مخيرون بين الصيام وبين بقية خصال الكفارة، فيصومون، مع قدرتهم على الإطعام أو الكسوة، والصيام في هذه الحالة لا يجزئهم ولا يبرئ ذمتهم من كفارة اليمين؛ لأنه لا يجزئ إلا عند العجز عن الإطعام أو الكسوة أو العتق؛ فيجب التنبيه لمثل هذا الأمر.
ويجوز تقديم الكفارة على الحنث، ويجوز تأخيرها عنه، فإن قدمها؛ كانت محللة لليمين، وإن أخرها؛ كانت مكفرة له.
والدليل على ذلك ما ثبت في "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها؛ فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك"، فدل هذا الحديث على جواز تأخير الكفارة عن الحنث.
ولأبي داود: "فكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير"؛ فدل هذا الحديث على جواز تقديم الكفارة على الحنث، فدلت الأحاديث على جواز التقديم والتأخير.
ومن السنة ومن حق الأخ على أخيه المسلم إبرار قسمه إذا أقسمه عليه؛ فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسل بسبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، وإبرار القسم أو المقسِم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام".
وإن كرر الأيمان قبل التكفير على فعل واحد، موجبها واحد، ثم حنث فيها؛ فعليه كفارة واحدة.
وكذا لو حلف يمينا واحدة على عدة أشياء؛ كما لو قال: والله لا آكل ولا أشرب ولا ألبس، ثم حنث في أحد هذه الأشياء؛ فعليه كفارة واحدة، وانحلت البقية؛ لأنها يمين واحدة.
أما إذا حلف عدة أيمان على عدة أفعال، ثم حنث فيها؛ فعليه كفارة لكل يمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من كرر أيمانا قبل التكفير؛ فروايات، ثالثها وهو الصحيح: إن كانت على فعل؛ فكفارة، وإلا؛ فكفارات" انتهى.
إن حلف لا يفعل شيئا، ففعله ناسيا أو مكرها أو جاهلاً أنه المحلوف عليه؛ لم يحنث، ولم تجب عليه كفارة؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، ولأن فعل المكره غير منسوب إليه، وقد رفع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا حلف على إنسان قاصدًا إكرامه؛ لا يحنث مطلقا؛ إلا إذا كان قاصدًا إلزامه؛ فإنه يحنث..." انتهى.
تنبيه:
يقول الله تعالى بعدما ذكر كفارة اليمين: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}؛ فأمر سبحانه بحفظ الأيمان، ومعناه عدم المسارعة إلى اليمين، أو المسارعة إلى الحنث فيها، أو أنها لا تترك بدون كفارة، وعلى كل؛ ففي الآية الكريمة الأمر باحترام اليمين، وعدم الاستهانة بها.
ومما يجب التنبيه عليه: أن بعض الناس إذا حلف؛ يحتال على مخالفة اليمين، ويظن أنه بهذه الحلية يسلم من تبعة اليمين.
وقد نبه الإمام ابن القيم رحمه الله على ذلك بقوله: "ومن الحيل الباطلة: لو حلف لا يأكل هذا الرغيف، أو لا يسكن في الدار هذه السنة، أو لا يأكل هذا الطعام؛ قالوا: يأكل الرغيف ويدع منه لقمة واحدة، ويسكن السنة كلها إلا يوما واحدًا، ويأكل الطعام كله إلا القدر اليسير منه ولو أنه لقمة، وهذه حيلة باطلة باردة، ومتى فعل ذلك؛ فقد أتى بحقيقة الحنث، وفعل نفس ما حلف عليه، ثم يلزم هذا المتحيل أن يجوز للمكلف كل ما نهى الشارع عن جملته، فيفعله إلا القدر اليسير منه؛ فإن البر والحنث في الأيمان نظير الطاعة والمعصية في الأمر والنهي، ولذلك لا يبرأ إلا بفعل المحلوف عليه جميعه لا بفعل بعضه كما لا يكون مطيعا إلا بفعله جميعه، ويحنث بفعل بعضه كما يعصي بفعل بعضه" انتهى.
ومن الناس من يحلف على عدم فعل شيء، ثم يوكل من يفعله بدلاً عنه، وهذا من الحيل التي لا تبرئ ذمته من تبعة اليمين؛ إلا إذا كان قاصدًا عدم مباشرة فعل الشيء بنفسه؛ فله ما نوى.
وعلى كل حال؛ فشأن الأيمان شأن عظيم، لا يجوز التساهل به، ولا الاحتيال للتخلص من حكمه.

[الملخص الفقهي:607 - 2/611]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, كفارة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir