دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > كتاب التوحيد لابن خزيمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الآخرة 1434هـ/23-04-2013م, 05:38 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي باب ذكر البيان من كتاب الله وسنة نبيه على الفرق بين كلام الله الذي به يكون خلقه وبين خلقه الذي يكون بكلامه وقوله

قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (ت: 311هـ): (باب ذكر البيان من كتاب ربّنا المنزّل على نبيّه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ومن سنّة نبيّنا محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم على الفرق بين كلام اللّه عزّ وجلّ الّذي به يكون خلقه وبين خلقه الّذي يكوّنه بكلامه وقوله، والدّليل على نبذ قول الجهميّة الّذين يزعمون أنّ كلام اللّه مخلوقٌ جلّ ربّنا وعزّ عن ذلك
[التوحيد: 1/390]
الأدلّة من الكتاب: قال اللّه سبحانه وتعالى: {ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه ربّ العالمين} [الأعراف: 54] ففرّق اللّه بين الخلق والأمر الّذي به يخلق الخلق بواو الاستئناف وعلّمنا اللّه جلّ وعلا في محكم تنزيله أنّه يخلق الخلق بكلامه وقوله: {إنّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النحل: 40] الفرق بين الخلق والأمر: فأعلمنا جلّ وعلا أنّه يكوّن كلّ مكوّنٍ من خلقه بقوله: {كن فيكون} [البقرة: 117] وقوله: {كن} [البقرة: 117] : هو كلامه الّذي به يكون الخلق وكلامه عزّ وجلّ الّذي به يكون الخلق غير الخلق الّذي يكون مكوّنًا بكلامه، فافهم، ولا تغلط، ولا تغالط، ومن عقل عن اللّه خطابه علم أنّ اللّه سبحانه لمّا أعلم عباده المؤمنين أنّه يكوّن الشّيء بقوله: {كن} [البقرة: 117]، إنّ القول الّذي هو كن غير المكوّن، بكن المقول له كن
[التوحيد: 1/391]
وعقل عن اللّه أنّ قوله: {كن} [البقرة: 117] لو كان خلقًا - على ما زعمت الجهميّة المفترية على اللّه - كان اللّه إنّما يخلق الخلق، ويكوّنه بخلقٍ، لو كان قوله: {كن} [البقرة: 117] خلقًا، فيقال لهم: يا جهلة؛ فالقول الّذي يكون به الخلق على زعمكم لو كان خلقًا ثمّ يكوّنه على أصلكم، أليس قوّد مقالتكم الّذي تزعمون أنّ قوله: {كن} [البقرة: 117] إنّما يخلقه بقولٍ قبله؟ وهو عندكم خلقٌ وذلك القول يخلقه بقولٍ قبله، وهو خلقٌ، حتّى يصير إلى ما لا نهاية له ولا عدد، ولا أوّل، وفي هذا إبطال تكوين الخلق، وإنشاء البريّة، وإحداث ما لم يكن قبل أن يحدث اللّه الشّيء، وينشئه ويخلقه وهذا قولٌ لا يتوهّمه ذو لبٍّ، لو تفكّر فيه، ووفّق لإدراك الصّواب والرّشاد
[التوحيد: 1/392]
قال اللّه سبحانه وتعالى: {والشّمس والقمر والنّجوم مسخّراتٍ بأمره} [الأعراف: 54] فهل يتوهّم مسلمٌ - يا ذوي الحجا - أنّ اللّه سخّر الشّمس والقمر والنّجوم مسخّراتٍ بخلقه؟ أليس مفهومًا عند من يعقل عن اللّه خطابه أنّ الأمر الّذي سخّر به المسخّر غير المسخّر بالأمر، وأنّ القول غير المقول له؟ فتفهّموا يا ذوي الحجا عن اللّه خطابه، وعن النّبيّ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم بيانه، لا تصدّوا عن سواء السّبيل، فتضلّوا كما ضلّت الجهميّة عليهم لعائن اللّه الأدلّة من السّنّة: فاسمعوا الآن الدّليل الواضح البيّن غير المشكل من سنّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنقل العدل موصولًا إليه على الفرق بين خلق اللّه وبين كلام اللّه
[التوحيد: 1/393]
حدّثنا عبد الجبّار بن العلاء، قال: ثنا سفيان، عن محمّد بن عبد الرّحمن، وهو مولى طلحة، عن كريبٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين خرج إلى صلاة الصّبح وجويرية جالسةٌ في المسجد فرجع حين تعالى النّهار، فقال: «لم تزالي جالسةً بعدي؟» قالت: نعم قال: " قد قلت بعدك أربع كلماتٍ، لو وزنت بهنّ لوزنتهنّ: سبحان اللّه وبحمده، عدد خلقه، ومداد كلماته، ورضا نفسه، وزنة عرشه "
[التوحيد: 1/394]
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: ثنا محمّدٌ وهو ابن جعفرٍ، وثنا أبو موسى، قال: حدّثني محمّد بن جعفرٍ، قال: ثنا شعبة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، قال: سمعت كريبًا، يحدّث، عن ابن عبّاسٍ، عن جويرية، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم مرّ عليها فذكر الحديث، وهو أتمّ من حديث ابن عيينة، وقالا في الخبر: «سبحان اللّه عدد خلقه، سبحان اللّه عدد خلقه، سبحان اللّه عدد خلقه»
[التوحيد: 1/395]
وقال في كلّ صفةٍ ثلاث مرّاتٍ خرّجته في كتاب الدّعاء، قال أبو بكرٍ: فالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولي بيان ما أنزل اللّه عليه من وحيه قد أوضح لأمّته، وأبان لهم أنّ كلام اللّه غير خلقه، فقال: «سبحان اللّه عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته» ففرّق بين خلق اللّه، وبين كلماته، ولو كانت كلمات اللّه من خلقه لما فرّق بينهما ألا تسمعه حين ذكر العرش الّذي هو مخلوقٌ نطق صلّى الله عليه وسلّم بلفظه لا تقع على العدد، فقال: «زنة عرشه» والوزن غير العدد، واللّه جلّ وعلا قد أعلم في محكم تنزيله أنّ كلماته لا يعادلها، ولا يحصيها محصٍ من خلقه ودلّ ذوي الألباب من عباده المؤمنين على كثرة كلماته: وأنّ الإحصاء من الخلق لا يأتي عليها، فقال عزّ وجلّ: {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مددًا} [الكهف: 109]، وهذه الآية من الجنس الّذي نقول: مجملةٌ غير مفسّرةٍ، معناها: قل يا محمّد، لو كان البحر مدادًا لكلمات ربّي فكتبت به كلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي، ولو جئنا بمثله مددًا والآية المفسّرة لهذه الآية: {ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ}
[التوحيد: 1/396]
فلمّا ذكر اللّه الأقلام في هذه الآية، دلّ - ذوي العقول - بذكر الأقلام أنّه أراد: لو كان ما في الأرض من شجرةٍ أقلامًا يكتب بها كلمات اللّه، وكان البحر مدادًا فنفد ماء البحر لو كان مدادًا لم تنفد كلمات ربّنا وفي قوله: {ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} أيضًا ذكرٌ مجملٌ، فسّره بالآية الأخرى، لم يرد في هذه الآية أن لو كتبت بكثرة هذه الأقلام بماء البحر كلمات اللّه، وإنّما أراد لو كان البحر مدادًا كما فسّره في الآية الأخرى وفي قوله جلّ وعلا: {لو كان البحر مدادًا} [الكهف: 109] الآية، قد أوقع اسم البحر على البحار في هذه الآية، أي على البحار كلّها، واسم البحر قد يقع على البحار كلّها؛ لقوله: {هو الّذي يسيّركم في البرّ والبحر حتّى إذا كنتم في الفلك} [يونس: 22] الآية وكقوله: {والفلك تجري في البحر بأمره} [الحج: 65]، والعلم محيطٌ أنّه لم يرد في هاتين بحرٌ واحدٌ من البحار لأنّ اللّه يسيّر من أراد من عباده في البحار،
[التوحيد: 1/397]
وكذلك الفلك تجري في البحار بأمر اللّه، لا أنّها كذا في بحرٍ واحدٍ، وقوله: {ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} يشبه أن يكون من الجنس الّذي يقال: إنّ السّكت ليس خلاف النّطق، لم يدلّ اللّه بهذه الآية أن لو زيد من المداد على ماء سبعة أبحرٍ لنفدت كلمات اللّه جلّ اللّه عن أن تنفد كلماته والدّليل على صحّة ما تأوّلت هذه الآية: أنّ اللّه جلّ وعلا: قد أعلم في هذه الآية الأخرى، أن لو جيء بمثل البحر مدادًا لم تنفد لكلمات اللّه، معناه: لو جيء بمثل البحر مدادًا، فكتب به أيضًا كلمات اللّه لم تنفد، واسم البحر كما علمت يقع على البحار كلّها، ولو كان معنى قوله في هذا الموضع {قل لو كان البحر مدادًا} [الكهف: 109] بحرًا واحدًا، لكان معناه في هذا الموضع أنّه لو كان به بحرًا واحدًا، لو كان مدادًا لكلمات اللّه وجيء بمثله أي ببحرٍ ثانٍ لم تنفد كلمات اللّه فلم يكن في هذه الآية دلالةٌ أنّ المداد لو كان أكثر من بحرين، فيكتب
[التوحيد: 1/398]
بذلك أجمع كلمات اللّه نفدت كلمات اللّه؛ لأنّ اللّه قد أعلم في الآية الأخرى: أنّ السّبعة الأبحر لو كتب بهنّ جميعًا كلمات اللّه لم تنفد كلمات اللّه تابع الأدلّة من السّنّة: فاسمع الآن الأخبار الثّابتة الصّحيحة، بنقل العدل عن العدل، موصولًا إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الدّالّة على أنّ كلمات ربّنا ليست بمخلوقةٍ على ما زعمت المعطّلة الجهميّة عليهم لعائن اللّه
[التوحيد: 1/399]
حدّثنا بحر بن نصر بن سابقٍ الخولانيّ، قال: ثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني
[التوحيد: 1/399]
عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، وأبيه الحارث بن يعقوب، حدّثناه عن يعقوب بن عبد اللّه بن الأشجّ، عن بسر بن سعيدٍ، عن سعد بن أبي وقّاصٍ، عن خولة بنت حكيمٍ، أنّها سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " لو نزل أحدكم منزلًا فليقل: أعوذ بكلمات اللّه التّامّات من شرّ ما خلق، فإنّه لا يضرّه شيءٌ حتّى يرحل منه "
[التوحيد: 1/400]
قال يعقوب بن عبد اللّه، عن القعقاع بن حكيمٍ، عن ذكوان أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول اللّه، ما لقيت من عقربٍ لدغتني البارحة، فقال له رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " أما أنّك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات اللّه التّامّات من شرّ ما خلق لم تضرّك " قال أبو بكرٍ: قد أمليت هذا الباب بتمامه في كتاب الطّبّ والرّقى قال أبو بكرٍ: أفليس العلم محيطًا يا ذوي الحجا؟ أنّه غير جائزٍ أن يأمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالتّعوّذ بخلق اللّه من شرّ خلقه؟ هل سمعتم عالمًا يجيز، أن يقول الدّاعي: أعوذ بالكعبة من شرّ خلق اللّه؟
[التوحيد: 1/401]
أو يجيز أن يقول: أعوذ بالصّفا والمروة، أو أعوذ بعرفاتٍ ومنًى من شرّ ما خلق اللّه، هذا لا يقوله ولا يجيز القول به مسلمٌ يعرف دين اللّه، محالٌ أن يستعيذ مسلمٌ بخلق اللّه من شرّ خلقه
[التوحيد: 1/402]
حدّثنا أبو هاشمٍ زياد بن أيّوب قال: ثنا إبراهيم يعني ابن المنذر
[التوحيد: 1/402]
الخزاميّ، قال: ثنا إبراهيم بن المهاجر بن مسمارٍ، قال: ثنا عمر بن حفص بن ذكوان، عن مولى الحرقة، وهو عبد الرّحمن بن يعقوب بن العلاء بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " إنّ اللّه تبارك وتعالى قرأ طه، ويس قبل أن يخلق آدم بألفي عامٍ، فلمّا سمعت الملائكة القرآن قالت: طوبى لأمّةٍ ينزل هذا عليهم، طوبى لألسنٍ تتكلّم بهذا، وطوبى لأجوافٍ تحمل هذا " قال أبو بكرٍ: ولذكر القرآن أنّه غير مخلوقٍ مسألةٌ طويلةٌ تأتي في موضعها من هذا الكتاب إن وفّق اللّه ذلك لإملائها
[التوحيد: 1/403]


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ذكر, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir