دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العام للمفسر > منتدى المسار الثاني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 صفر 1445هـ/14-09-2023م, 09:43 AM
رولا بدوي رولا بدوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 341
افتراضي

تحرير القول في الآية: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)
هذه الآية تقيم الحجة على كل من حاد عن الطريق، و أختُلف في المخاطب فيها و المراد من ألفاظها، و لبيان المعنى نبين أسباب الاختلاف و نوجهها حتى نخلص للمعنى المراد منها.
بداية؛ سبب الاختلاف في من هو المخاطب ما ورد من قراءات في الآية، و وعليه نشرع ببيان القراءات و توجيهها :
1- على وجه الخطّاب؛ قرأ بها عامّة قرّاء الحجاز من مكّة والمدينة وقرّاء الكوفة: (أفغير دين اللّه تبغون)، (وإليه ترجعون)، ذكره ابن جرير و هو أولى بالصواب عنده، و حجته في ذلك سياق الكلام كما عبر عنه فقال: لأنّ الآية الّتي قبلها خطابٌ لهم، فإتباع الخطّاب نظيره أولى من صرف الكلام إلى غير نظيره، و الخطاب عنده لأهل الكتاب.
• و ذكره النحاس في معاني القرآن: و قال المعنى: قل لهم يا محمد أفغير دين الله تبغون.
• و ذكر نفس المعنى بن عبد الغفار الفارسيّ في كتابه الحجة للقراء السبعة : و الدلالة عنده على هذا القول ؛قوله تعالى: قل آمنا بالله [آل عمران/ 84]
و قال : ويؤكّد التاء في (ترجعون) أنّهم كانوا منكرين للبعث، ويدل على ترجعون إلي مرجعكم [آل عمران/ 55].
و قوله هذا فيه إشارة أن من يوجه لهم الخطاب من الرسول صلى الله عليه و سلم من أنكروا البعث و هم المشركين.
• و ذكر ابن زنجلة في كتابه حجة القراءات حجة أخرى لمن قرأ بالتاء: قول قبلها {أأقررتم وأخذتم} فيكون نسقوا مخاطبة على مخاطبة وقال قوم يجوز أن يكون ابتدأ خطابا مجددا على تأويل قل لهم يا محمّد أفغير دين الله تبغون أيها المخاطبون فكان خطابا عاما لليهود وغيرهم من النّاس.
• وقد قال بهذا التوجيه مكي بن أبي طالب القَيْسِي في الكشف عن وجوه القراءات السبع، لكن جعل المخاطبون على لسان النبي صلى الله عليه و سلم هم الكفار المنكرون للبعث ويؤكد القراءة بالتاء في «ترجعون» قوله: {إليه مرجعكم} «الأنعام 60» فالتاء كالكاف.
• و خالف التوجيه هذا ابن خالويه الهمَذاني في إعراب القراءات السبع وعللها:
و وجه المعنى بأنه: يا محمد أفغير دين الله تبغون: وإليه ترجعون، فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.
2- الخبر عن الغائب؛ وقرأ ذلك بعض أهل الحجاز: {أفغير دين اللّه يبغون}، {وإليه يرجعون} بالياء كلتيهما، ذكره ابن جرير.
• وجه ابن خالويه الهمَذاني هذه القراءة في إعراب القراءات السبع وعللها: قال إن المعنى الإخبار عن الكفار
• و هو ما وجهها به بن عبد الغفار الفارسيّ في كتابه الحجة للقراء السبعة و أضاف أنّه على تقدير: قل: كأنّه قل لهم: أفغير دين الله يبغون، وإليه يرجعون؟!
و الحجة عنده أنّهم غيب فجاء على لفظ الغيبة وكذلك: وإليه يرجعون..
والمعنى على الوعيد، أي: أيبغون غير دين الله، ويزيغون عن دينه مع أنّ مرجعهم إليه فيجازيهم على رفضهم له.وأخذهم ما سواه .
و قوله هذا فيه إشارة إلى كون الآية خبرًا عمن يؤمنون باليوم الآخر، و هم أهل الكتاب.
• و جعل أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة في كتابه حجة القراءات
أنه خبرًا عن اليهود .
• و قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي وجوه القراءات السبع أن حجة من جعل الآية إخبار عن غيب أنهم لم يكونوا بالحضرة، وأيضًا فإن قبله ذكر غيب، في قوله: {فأولئك هم الفاسقون} «82» وقوله: {فمن تولى بعد ذلك} فجرى الكلام الذي بعده على أوله في الغيبة.

3- قراءة {أفغير دين اللّه يبغون} على وجه الخبر عن الغائب، وإليه ترجعون بالتّاء على وجه المخاطبة؛ قرأ بها أبو عمرو، و وجه ابن خالويه الهمَذاني في إعراب القراءات السبع وعللها هذه القراءة إلى أن هذا تفريق بين اللفظين لاختلاف المعنيين، فقرأ: {أفغير دين الله يبغون} يعني الكفار {وإليه ترجعون} أنتم والكفار،وأرجع ذلك لما عبر به أن أبو عمرو أحذق القراء.
بينما وجه ابن زنجلة في كتابه( حجة القراءات)، أن حجة أبو عمرو : أن الخطاب قد انقضى بالفصل بينه وبين ذلك بقوله {فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} 82 ثمّ قال {أفغير دين الله يبغي الفاسقون} فيكون الكلام نسقا واحدًا.
* و يظهر من مجموع ما ذكرنا و الله أعلم : أن المراد هو أمر للرسول صلى الله عليه و سلم يخاطب به من يعاصرونه، و يدخل في الخطاب ابتداءً أهل الكتاب، و يقوي ذلك سياق الآيات، الذي في معرض الحديث عن أهل الكتاب، و أن الآية مقصدها الإنكار عليهم و هم يؤمنون بيوم الحساب، و أيضًا قد يضاف لذلك ما نقله الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس إن صح، قال: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: اخْتَصَمَ أهْلُ الكِتابَيْنِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيما اخْتَلَفُوا بَيْنَهم مِن دِينِ إبْراهِيمَ، كُلُّ فِرْقَةٍ زَعَمَتْ أنَّها أوْلى بِدِينِهِ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: ”كِلا الفَرِيقَيْنِ بَرِيءٌ مِن دِينِ إبْراهِيمَ“ . فَغَضِبُوا وقالُوا: واللَّهِ ما نَرْضى بِقَضائِكَ، ولا نَأْخُذُ بِدِينِكَ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿أفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ﴾
و يشمل الخطاب أيضًا الكفار وغيرهم من الناس، ممن لم يؤمنوا بيوم القيامة و ينكرون البعث، أو آمنوا به و حادوا عن الطريق، يؤيد ذلك ما ذكرنا في توجيه القراءات.
و قد قال ابن عطية في تفسيره: والتوقيف بقوله أفغير إنما هو لمعاصري محمد صلى الله عليه وسلم من الأحبار والكفار.
و مقصد الآية ؛ بداية الإنكار على من يطلب غير دين الله(الإسلام) دينًا مع ظهور الآيات (أفغير دين الله يبغون) ، و ختمت بوعيد أنهم إلي الله يرجعون فيحاسبون على ما طلبوا من دون الله، سواء كانوا مؤمنين بذلك، فهو تذكير فيه وعيد لهم، أم لم يؤمنوا فهو خبر لهم يحمل الوعيد.
و هذا الإنكار عليهم يعظم بما قال تعالى ( وله أسلم من في السّموات والأرض طوعًا وكرهًا )
و اختُلِف في معنى الإسلام المراد في الآية؟ و فيمن أسلم؟، و المراد من الإسلام طوعا و كرها ؟
و الاختلاف في المعنى المراد للإسلام يرجع للمعنى اللغوي و الاصطلاحي للإسلام، و بيان ذلك فيما يلي:
أولًا: الإسلام لغة: هو الانقياد والخضوع والذل؛ يقال: أسلم واستسلم؛ أي: انقاد
مختار الصحاح" (5/ 1952)، و"لسان العرب" (12/ 293).
و في المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم (مؤصَّل ببيان العلاقات بين ألفاظ القرآن الكريم بأصواتها وبين معانيها) قال الدكتور محمد حسن حسن جبل: أسلم الشيء إليه: دفعه إليه (كلَّه أو سالمًا). وكذا سلّمه (إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: )ـ٢٣٣ وكذا ما في النساء: ٩٢]\ وقريب منه معنى الانقياد لأنه تسليم نَفْس، ومنه تسليم النفْس لله (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: ٨٣]: استسلم وانقاذ وهو معنى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) آل عمران: ١٩و قال : وبهذا المعنى كل صيغة (أسلم) ماضيها ومضارعها وأمرها ومصدرها واسم الفاعل منها.
ثانيًا: الإسلام اصطلاحًا.
في حديث جبريل قال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال رسولُ الله ﷺ: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتُقيم الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعتَ إليه سبيلًا، قال: صدقتَ، فعجبنا له: يسأله ويُصدقه
قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تُؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقتَ، إلى آخر الحديث)
و روى ابن أبي حاتم عن ابو العالية قال: حَدَّثَنا أبِي، ثَنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ قَوْلُهُ: ﴿إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ﴾ قالَ الرَّبِيعُ: ثَنا أبُو العالِيَةِ قالَ: الإسْلامُ الإخْلاصُ لِلَّهِ وحْدَهُ، وعِبادَتُهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وسائِرُ الفَرائِضِ لَها تَبَعٌ.
و هنا جمع الربيع بن أنس رضي الله عنه بين الإسلام و الإيمان، و هو ما أجمله قول شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ ومن أصول أهل السنة والجماعة: أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح)
ثالثًا: الفرق بين الإسلام و الإيمان:
ذكر أبو بكر الإسماعيلي الجرجاني في كتابه (اعتقاد أئمة الحديث) أقوال أهل العلم في الفرق بين الإسلام والإيمان، فقال:
1- منهم من قال: إن الإيمان قول وعمل، والإسلام فعل ما فرض على الإنسان أن يفعله، إذا ذكر كل اسم مضمومًا إلى الآخر، فقيل: المؤمنون والمسلمون جميعا، مفردين أريد بأحدهما معنى لم يرد بالآخر، وإن ذكر أحد الاسمين شمل الكل وعمهم.
2- وكثير منهم قالوا: الإسلام والإيمان واحد، قال عز وجل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: ٨٥] فلو أن الإيمان غيره لم يقبل منه، وقال: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: ٣٥ - ٣٦]
3- ومنهم من ذهب إلى أن الإسلام مختص بالاستسلام لله والخضوع له والانقياد لحكمه فيما هو مؤمن به، كما قال: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ١٤] وقال: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: ١٧] وهذا أيضًا دليل لمن قال هما واحد
4- المراد بالإسلام في الآية:
أ‌. الخشوع الذي يلزم منه الخضوع لله بالعبوديّة و الاقرار له بإفراد الرّبوبيّة، والانقياد له بإخلاص التّوحيد والألوهيّة، قاله ابن جرير.
و هذا قد يعود إلى أن الإسلام و الإيمان شئ واحد، أو لإنفراد الإسلام بالذكر عند من قال أنهما ليسا شيئًا واحدًا.
ما يؤيد هذا المعنى:
• ما رواه ابن جرير وابن المنذر و ابن أبي حاتم من طريق معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أفغير دين اللّه يبغون وله أسلم من في السّموات والأرض طوعًا وكرهًا} قال: عبادتهم لي أجمعين طوعًا وكرهًا.
رواية علي بن ابي طلحة عن ابن عباس مرسلة و ذكر العلماء أنه لا يتابع تفسيره عن ابن عباس، قال أحمد بن حنبل على بن أبي طلحة الذي يروي تفسير، ممن قال بذلك؛أحمد بن حنبل ، أبو أحمد الحاكم الكبير، يحيى بن معين.
• و ما رواه ابن ابي حاتم:
حدّثنا أبي ثنا عثمان بن الهيثم، ثنا يحيى بن عبد الرّحمن العصريّ عن الحسن في قوله: وله أسلم من في السماوات والأرض قال: في السّماء الملائكة طوعًا، وفي الأرض الأنصار وعبد القيس طوعًا.

• قاله مجاهد:
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه و ابن جرير من طريق ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {وله أسلم من في السّموات والأرض طوعًا وكرهًا} قال: الطّائع: المؤمن، وكرهًا: ظلّ الكافر.
الشاهد : الطائع المؤمن.
ليث و غن كان من طبقة الضعفاء ، فقد روى عنه هنا المعتمر بن سليمان و قد وثقه العلماء.

• ما روي عن أبي العالية:
أخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن أبي جعفر، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال: كلّ آدميٍّ قد أقرّ على نفسه بأنّ اللّه ربّي وأنا عبده، فمن أشرك في عبادته فهذا الّذي أسلم كرهًا، ومن أخلص لله العبوديّة فهو الّذي أسلم طوعًا، الشاهد فيه ( من أخلص لله العبودية فهو أسلم طوعًا)..
• ما روي عن عامر
روى ابن أبي حاتم عنه قال: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن جابرٍ عن عامرٍ وله أسلم من في السماوات قال: استقادتهم له.
و من لطيف ما ذكر الراغب الأصفهاني في تفسيره قوله: حمل (أَسْلَمَ) على الاستسلام وعلى الاعتقاد والإِقرار باللسان، والتزام الأحكام_ عبر عن الإنقياد و العبادة_، له أسلم من في السموات طوعاً، وهو أن علمهم بوحدانية الله وصفاته ضرورة لا استدلال، وعامّة أهل الأرض كرهاً بمعنى أن الحجة أكرهتهم وألجأتهم كقولك: الدلالة أكرهتني على القول بهذه المسائل، وليس هذا من الكره المذموم.
ب‌. المعنى المراد الثاني الذي ذكره أهل العلم في معنى الإسلام: الاستسلام و الاقرار له بإفراد الرّبوبيّة، دون الانقياد له بإخلاص التّوحيد والألوهيّة، كما ذكر ابن جرير فإسلام الكاره هو إقراره بأنّ اللّه خالقه وربّه، وإن أشرك معه في العبادة غيره.
• و هو قول مجاهد و أبو العالية
• قول مجاهد:رواه سفيان [الثوري] عن ابن جريجٍ وغيره عنه قال:{وله أسلم من في السّموات والأرض} قال: هو كقوله: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه}، و رواه ابن جرير.
• رواه وكيعٌ في تفسيره( كما ذكر ابن كثير ) ، عن سفيان، عن منصورٍ، عنه به، أخرجه ابن جرير في تفسيره .
• أخرجه عبد بن حميد عنه كما ذكر السيوطي في الدر المنثور و لم أتوصل له.

• ما روي عن أبي العالية:
• أخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن أبي جعفر، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال: كلّ آدميٍّ قد أقرّ على نفسه بأنّ اللّه ربّي وأنا عبده، فمن أشرك في عبادته فهذا الّذي أسلم كرهًا، ومن أخلص لله العبوديّة فهو الّذي أسلم طوعًا.
الشاهد فيه( ففمن أشرك في عبادته فهذا الي ألم كرهًا)
• و يقع تحت هذا المعنى قول من قال أنه المعرفة، و هو قول ابن عباس و أبو سنان.
• قول ان عباس: رواه ابن أبي حاتم في تفسيره قال أخْبَرَنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ السَّكُونِيُّ فِيما كَتَبَ إلَيَّ، ثَنا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي مُعاوِيَةُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أبِي سِنانٍ، عَنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولَهُ أسْلَمَ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ طَوْعًا وكَرْهًا﴾ قالَ: المَعْرِفَةُ.
• قول أبوسنان:و رواه ابن جرير عنه فقال : حَدَّثَنا أبِي، ثَنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ إسْماعِيلَ، أخْبَرَنِي أبِي، ثَنا أبُو سِنانٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولَهُ أسْلَمَ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ طَوْعًا وكَرْهًا﴾ قالَ: المَعْرِفَةُ لَيْسَ أحَدٌ سَألَهُ إلّا عَرَفَهُ.

ت‌. المراد بالإسلام طوعًا أوكرهًا:
1- الخضوع للفطرة التي خلق الله عليها الخلق، بين الزجاج في كتابه معاني القرآن هذا القول فقال: خضعوا من جهة ما فطرهم عليه ودبرهم به، لا يمتنع ممتنع من جبلّة جبل عليها، ولا يقدر على تغييرها أحب تلك الجبلّة أو كرهها.
و قال راغب الأصفهاني في تفسيره، أن إسلامهم كرهًا هو مقتضى العقل و التمييز التي هى دلائل الفطرة التي فطروا عليها.
و رأى ابن كثير ـن هذا القول أقوى: المراد الاستسلام : المؤمن مستسلمٌ بقلبه وقالبه للّه، والكافر مستسلمٌ للّه كرها، فإنّه تحت التّسخير والقهر والسّلطان العظيم، الّذي لا يخالف ولا يمانع.
و يعود هذا المعنى للمعنى اللغوي للإسلام، و من صوره :
1- ما كان حين أخذ الميثاق:
قاله ابن عباس:
- قال وكيعٌ في تفسيره( كما ذكر ابن كثير)، عن سفيان، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وله أسلم من في السّموات والأرض طوعًا وكرهًا} قال: حين أخذ الميثاق ( رواه ابن جرير و ابن المنذر في تفسيرهما).
2- السجود ؛ قاله مجاهد، روى ابن جريرو ابن أبي حاتم من طريق أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {طوعًا وكرهًا} قال: سجود المؤمن طائعًا، وسجود الكافر وهو كارهٌ
* بين مجاهد في قول آخر أن السجود يكون للظل؛ روى ابن جرير و ابن المنذر من طريق ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {كرهًا} قال: سجود المؤمن طائعًا، وسجود ظلّ الكافر وهو كارهٌ.
* رواه عنه ابن جرير بإسناد آخر و ألفاظ قريبة، قال: حدّثنا سوّار بن عبد اللّه، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {وله أسلم من في السّموات والأرض طوعًا وكرهًا} قال: الطّائع: المؤمن، وكرهًا: ظلّ الكافر.
* و هناك رواية عن مجاهد فيها سجود وجهه و ظله طائعًا، قال ابن جرير :حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ، قال: سجود وجهه وظلّه طائعًا، _و لعل المراد هو سجود المؤمن.
* و هو يقارب قول ما رواه مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً} قال: سجود المسلم ظلّه وروحه طائعًا، وسجود ظلّ الكافر وهو كارهٌ.
3- الإسلام كرها خوف السيف، قاله الحسن، عكرمة، مطر الوراق.
ابن جرير ؛ عنى بذلك إسلام من أسلم من النّاس كرهًا حذر السّيف على نفسه.
- الدليل :
• ما روي عن الحسن:
روى ابن جريرفي تفسيره قال: - حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، قال: حدّثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن، في قوله: {وله أسلم من في السّموات والأرض طوعًا وكرهًا} الآية كلّها، فقال: أكره أقوامٌ على الإسلام، وجاء أقوامٌ طائعين.
• ما روي عن عكرمة
روى ابن أبي حاتم قال: حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدّميّ، ثنا عمر بن عليٍّ، عن سعيد بن المرزبان، عن عكرمة وله أسلم من في السماوات والأرض قال: أسلم من في السّموات والأرض ثمّ استأنف طوعًا وكرهًا، فمن أسلم منهم كرهًا: مشركوا العرب والسّبايا، ومن دخل الإسلام كرهًا.
• ما روي عن مطر الوراق:
- روى ابن جرير في تفسيره قال: حدّثني الحسن بن قزعة الباهليّ، قال: حدّثنا روح بن عطاءٍ، عن مطرٍ الورّاق، في قول اللّه عزّ وجلّ: {وله أسلم من في السّموات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه يرجعون} قال: الملائكة طوعًا، والأنصار طوعًا، وبنو سليمٍ وعبد القيس طوعًا، والنّاس كلّهم كرهًا.
• و قريبًا من هذا الأثر ما حكى الديلمي(509) عن أنس في الفردوس بمأثور الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها} قال: الملائكة أطاعوه في السماء والأنصار وعبد القيس أطاعوه في الأرض
• و نقل ابن كثير حديثًا في معناه غرابةٌ كما ذكر، رواه الطبراني في كتابه المعجم الكبير ، رواه الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ فقال: حدّثنا أحمد بن النّضر العسكريّ، حدّثنا سعيد بن حفصٍ النّفيلي، حدّثنا محمّد بن محصن العكّاشيّ، حدّثنا الأوزاعيّ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وله أسلم من في السّماوات والأرض طوعًا وكرهًا} أمّا من في السّماوات فالملائكة، وأمّا من في الأرض فمن ولد على الإسلام، وأمّا كرهًا فمن أتي به من سبايا الأمم في السّلاسل والأغلال، يقادون إلى الجنّة وهم كارهون".
و قد ذكر السُّيُوطِيُّ في الدر المنثور أن إسناده ضعيف.
• و نقله عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : في مجمع الزوائد ( عن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه و سلم، و قال رواه الطّبرانيّ، وفيه محمّد بن محصّنٍ العكّاشيّ، وهو متروكٌ.
• و ذكر الفراء و الزجاج و النحاس في كتبهم في معاني القرآن؛ أن السنة في أهل الأرض أن يقاتلوا إن لم يسلموا، و في كلام الزجاج تفصيل، قال : لما كانت السنة فيمن فرض قتاله من المشركين أن يقاتل حتى يسلم سمي ذلك كرها، وإن كان يسلم حين يسلم طائعا، إلا أن الوصلة كانت إلى ذلك بكره، ونصب {طوعا} مصدرا، وضع موضع الحال.
كأنه أسلموا طائعين ومكرهين، كما تقول جئتك ركضا ومشيا، وجئت راكضا وماشيا.

• قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ في كتابه( تأويل مشكل القرآن): في تفسير قوله تعالى (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ) : يستسلم من في السموات من الملائكة، ومن في الأرض من المؤمنين طوعا، ويستسلم من في الأرض من الكافرين كرها من خوف السيف.
{وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ} مستسلمة.
وهو مثل قوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)
3- الكافر أسلم كرهًا في حال المعاينة، حينَ لا ينفعه إسلامٌ، قاله قتادة .
• روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ في تفسيره؛ قال نا معمر عن قتادة في قوله تعالى وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها قال أما المؤمن فأسلم طوعا وأما الكافر فأسلم حين رأى بأس الله قال فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا)، و رواه عنه ابن جرير و ابن ابي حاتم به.
• و أخرجه عبد بن حميد كما ذكر السيوطي في الدر المنثور.
* و روى ابن جرير و ابن ابي حاتم من طريق بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: (أفغير دين اللّه تبغون) الآية، فأمّا المؤمن فأسلم طائعًا، فنفعه ذلك، وقبل منه؛ وأمّا الكافر فأسلم كارهًا، حين لا ينفعه ذلك، ولا يقبل منه.

• و نقل قول قتادة ابن عطية و عقب عليه فقال: ويلزم على هذا أن كل كافر يفعل ذلك، وهذا غير موجود إلا في أفراد.
خلاصة الأقوال
يظهر مما سبق و الله أعلم أن هذه الآية تحتمل كل ما ذكر، فالمعاني التي ذكرت لا تتعارض، و يمكن جمعها، و العبرة بعموم اللفظ و ليس بخصوص السبب؛ هذه الآية فيها أمر للرسول أن يخاطب كل من حاد عن الفطرة التي هي الإسلام، ممن عاصروه من أهل الكتاب من يؤمن بيوم الحساب، و من الكفار الذين أنكروا البعث، منكرًا عليهم فعلهم، و مقيم عليهم الحجة بإسلام من أسلم من أهل السماء من الملائكة و من أهل الأرض، الذين أسلموا طوعًا و أقبلوا على الله مستسلمين، موحدين ،خاضعين، طائعين، و من كان طريقه للإسلام ما أقيم عليه من حجة أكرهته على الإسلام، و الاستسلام و الإنقياد لله، أو من كان السيف سببًا لإسلامه، أو من أسلم كرهًا و روحه تخرج حين عاين العذاب، و قد فات الأوان، كل هؤلاء أسلموا كرهًا بما أخذ عليهم من عهد يوم الذر، و بسجود ظلالهم لله طوعًا، و إن كان الخطاب لمعاصري الرسول صلى الله عليه و سلم، فهو حجة على كل من كان ديدنهم بعده.
و ذيلت الآية بالتذكير بيوم البعث وعدًا و وعيدًا، وعدًا لمن أطاع فينصر يوم القيامة و ينال موعود الله له، و و وعيد لمن حاد و هو يرى البينات و أقيمت عليه الحجج و أخذ عليه يوم الذر العهد.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir