دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > خطة المهارات العلمية > منتدى المسار الثاني

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 19 محرم 1444هـ/16-08-2022م, 01:23 PM
الصورة الرمزية جٓنّات محمّد الطيِّب
جٓنّات محمّد الطيِّب جٓنّات محمّد الطيِّب غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: May 2013
الدولة: في دار الكبَد
المشاركات: 1,584
افتراضي

تلخيص مقاصد الرسالة التبوكية


للإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر المشهور بابن قيّم الجوزيةّ (ت 751ه)

المقصد الرئيسي:
الهجرة إلى الله ورسوله وأنّها من أعظم التعاون على البرّ والتقوى.

المقاصد الفرعية:
  • توطئة : البرّ والتقوى جماع الدين كلّه.
  • الهجرة إلى الله.
  • الهجرة إلى رسوله ﷺ.
  • معالم سفر الهجرة إلى الله ورسوله.
  • كلمة نصح لمن أراد اللحاق بركب المهاجرين إلى الله ورسوله.


1. توطئة: البرّ والتقوى جماع الدين كله
  • قال تعالى :{وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰنِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} [المائدة 2]
    اشتملت الآية على مصالح العباد كلها في معاشهم ومعادهم؛ فواجب العبد تجاه ربّه طاعته وتجنب معصيته لنيل مرضاته وهي البرّ والتقوى، وواجبه تجاه الخلق التعاون على مرضاة الله ولا يٌنال إلا بالتعاون على البرّ والتقوى، فعاد الأمر كلّه إلى هذين الأصلين العظيمين.


    البر
  • البرّ كلمة لجميع أنواع الخير والكمال المطلوب من العبد، كما أنّ الإثم كلمة جامعة للشرّ والعيوب وفي حديث سمعان رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال [له]: ((جئت تسأل عن البرّ والإثم)) .والبرّ جامع لحقائق الدين وشرائعه، والأعمال المتعلقة بالجوارح وبالقلب، وأصول الإيمان؛ كما في قوله تعالى : {ليس البّر أن تولوا وجهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنّبيّين وآتى المال على حبّه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل والسّائلين وفي الرّقاب وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصّابرين في البأساء والضّرّاء وحين البأس أولئك الّذين صدقوا وأولئك هم المتّقون}177 البقرة.
  • وهذه الخصال هي بعينها خصال التقوى حيث قال :{أولئك الّذين صدقوا وأولئك هم المتّقون}.

    التقوى.
  • وأمّا التقوى فحقيقتها العمل بطاعة الله إيمانا واحتسابًا، أمرًا ونهيًا فيفعل ما أمره الله به إيمانا بالأمر، وتصديقا بموعده، ويترك ما نهى الله عنه إيمانا بالنهي، وخوفا من وعيده.
  • وأحسن ما قيل في حدّ التقوى ما قاله طلق بن حبيب: «إذا وقعت الفتنة فادفعوها بالتقوى» ، قالوا: وما التقوى؟ قال: «أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله».

    البر والتقوى إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا.
  • نفهم ممّا تقدمّ أنه عند افتراق البر والتقوى، يدخل البرّ فى مسمى التقوى والتقوى جزء منه، وأنّ خصاله هي عين خصالها.
  • وعند اقترانها كما في قوله تعالى: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى} يكون الفرق بينهما فرق بين السّبب المقصود لغيره والغاية المقصودة لنفسها؛ فإن البرّ مطلوب لذاته، إذ هو كمال العبد وصلاحه، وأما التقوى فهي الوسيلة الموصلة إلى البرّ، ولفظها يدلّ على هذا.(وقى، يقي، وقاية ) ولتقريب المعنى: التقوى كالحمية، والبرّ كالعافية والصحة.

    الإثم والعدوان.
  • الإثم والعدوان في جانب النهي نظير البرّ والتّقوى في جانب الأمر.
  • الإثم ما كان حراما لجنسه كالخمر والزنا والسرقة، والعدوان: ما حرّم الزيادة في قدره، وتعدي ما أباح الله منه كنكاح الخامسة؛ وهو تعدّي حدود الله التي قال فيها: {تلك حدود اللّه فلا تقربوها} {ومن يتعدّ حدود اللّه فأولئك هم الظالمون } فنهى تعالى عن تعدي حدوده وعن قربانها ، باعتبار أنّ حدود الشيء تدخل فيه تارة ، وتارة لا تدخل.

    أعظم التعاون على البرّ والتّقوى
    التعاون على سفر الهجرة إلى الله ورسوله أعظمه ، فاجتماع الناس وتعاشرهم مقصوده التعاون على البر والتقوى علما وعملا؛ فإنّ العبد وحده لا يستقلّ بعلم ذلك ولا بالقدرة عليه؛ والسفر إلى الله تعالى هو أعظم البر والتقوى، فأصبح بذلك التعاون على سفر الهجرة إلى الله ورسوله ﷺ من أعظم البرّ وأفضل القربات.

2. الهجرة إلى الله تعالى.
  • الهجرة هجرتان :هجرة بالجسد من بلد إلى بلد ، وهجرة بالقلب إلى الله ورسوله وهي مراد الرب من عباده وهي الهجرة الحقيقية والأولى تابعة لها وإنّما شرعت لأجلها، لذا فهي فرض عين على كل عبد في كل زمان ومكان بعدد أنفاسه.
  • حقيقة هجرة القلب إلى الله تحقيق التوحيد وتخليصه بالفرار إليه: من محبة غيره إلى محبته ومن الخوف من غيره إلى الخوف منه وحده ومن رجاء غيره إلى رجائه وحده، وهكذا مع سائر العبادات القلبية ، فهي متضمنة لتوحيد الألوهية، وهو معنى قوله تعالى :{ففروا إلى الله}. وأما الفرار منه إليه؛ فهو متضمن لتوحيد الربوبية وإثبات القدر، فكل ما يقع في ملكه إنّما هو محض مشيئته، والفّارّ من محذور أيّا كان، إنّما يفرّ إلى الله من قدره ، كما في قوله ﷺ: ((لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك)).
  • الهجرة إلى الله مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، لذا كثيرا ما يقترن ذكرها في القرآن بالإيمان لتلازمهما واقتضاء أحدهما للآخر فلا يكون القلب مهاجرا إلى الله على الحقيقة حتى يحقق النفي والإثبات في الشهادة، وهو معنى قوله ﷺ:((المهاجر من هجر ما نهى الله عنه))
  • وأصل الهجرة إلى الله الحب والبغض فهي تقوى وتضعف بحسب داعي المحبة والبغض في قلب المهاجر، وما غلب عليه: داعي الإيمان أو داعي نفسه وهواه وشيطانه.
  • البصير هو من اشتغل عمره كلّه بالهجرة القلبية إلى الله، وانشغاله عنها بما سواها إنّما هو انشغال عمّا خُلق له، والعارف هو من صرف علمه وإرادته لتحصيل هذه الهجرة
3. الهجرة إلى الرسول ﷺ
  • الهجرة إلى رسول الله ﷺ فرض على كل مسلم، وهي مقتضى شهادة أنّ محمدا رسول الله.
  • حدّها: سفر الفكر في كل مسألة من مسائل الإيمان، علما وعملا. وهي الهجرة إليه في حياته وهجرة إلى سنته بعد موته.
مقتضيات هذه الهجرة:
1. التصديق الجازم برسالته وأنّه لا سبيل إلى النجاة إلاّ من طريقه؛ فلا هدى إلا ما جاء به الوحي وصحّ عن الصادق المصدوق {وما ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحيٌ يوحى}، وماعدا ذلك فمحلّ تهمة وطريق ضلال.


2. المحبة التّامّة وأولويّته في قلب المهاجر إليه وهي مقياس إيمانه، كما في قوله تعالى:{النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم} ومقتضاها: [*] أن يكون أحبّ إليه من نفسه؛ لأن الأولوية أصلها الحب، وبذلك يحصل له اسم الإيمان. [*] أن لا يكون للعبد حكمٌ على نفسه أصلًا، بل الحكم على نفسه للرسول ﷺ ؛ حكم السيد على عبده، والوالد على ولده. فلا بدّ له من تحكيم أمره في جميع موارد النزاع والانشراح به والخضوع والانقياد لما حكم به مع التسليم التامّ ليسلم له إيمانه، كما في قوله تعالى: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا(65)} النساء.
فائدة:
تنوع التوكيد في أية النساء :{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك} لتقوية القسم ووتقرير شدّة الحاجة لهذا الأمر في النفوس وأنّه أمر العظيم: فصدّر القسم ب (لا) النافية ،وأكدّه بنفس القسم و بالمقسم به و بانتفاء الحرج، ووجود التسليم ثمّ أكّدّ الفعل بالمصدر.


3. طاعة الرسول ﷺ ، وتحتها عدّة مسائل منها:
  • أنّ طاعة الرسول ﷺ شرط لحصول الهداية وتنتفي بانتفائه، قال تعالى: {قل أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرّسول إلّا البلاغ المبين(54)} النور.
  • طاعة الرسول ﷺ طاعة لله، وهي واجبة مفردة ومقرونة، قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول}، فأمر سبحانه بطاعته وطاعة رسوله، وقال: {وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم} لدفع وهم من قد يتوهم أنّ طاعة الرسول ﷺ لا تلزم إلا فيما ذكر في القرآن. كما في قوله ﷺ :(( يوشك رجلٌ شبعان متكئٌ على أريكته يأتيه الأمر من أمري؛ فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، ما وجدنا فيه من شيء اتبعناه، ألا وإنّي أوتيت الكتاب ومثله معه)).
  • طاعة أولي الأمر تندرج تحت طاعة الرسول ﷺ وليست طاعة مستقلة ؛ وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: (( على المرء السّمع والطاعة فيما أحبّ وكره ما لم يؤمر بمعصية الله، فإن أمر بمعصية الله، فلا سمع ولا طاعة)).وأولي الأمر هم الأمراء أو العلماء في روايتين عن أحمد، والصحيح أنها متناولة للصنفين.
  • طاعة الله ورسوله، وتحكيم الله ورسوله، هو سبب السعادة عاجلًا وآجلًا، فطاعته هي الحصن الحصين الذي من دخله كان من الآمنين ؛ الأمنين الحسي والمعنوي.
مسائل مهمّة حول المتابعة:
  • قال تعالى :{اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلًا ما تذكّرون}؛ فأمر سبحانه باتباع ماأنزل على رسوله، ونهى عن اتباع غيره؛ فكل من لم يتّبع الوحي فإنما اتبع الباطل واتبع أولياء من دون الله، ولو زعم غير ذلك.
  • كمال المتابعة يقتضي القيام بالقسط والشهادة به لله : قال تعالى: {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء للّه ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فاللّه أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرًا(135)}؛ فمن قام بالقسط وشهد به لله خاصة فيما يتعلق بالأقوال والآراء والمذاهب عُصم من اتباع الهوى وحصل له مسمى الإيمان، إذ أنّ الهوى هو الحامل على ترك العدل أو كتمان الحق مع المخالف أو الصديق ، ليّا أو إعراضاً.
  • تخليص المتابعة يكون باتباع ما كان عليه الصحابة في تحقيق الإيمان الكامل ويتحقق بأمور أربعة :
    العلم بما جاء به الرسول ﷺ ، العمل به، بثّه في الناس، ودعوتهم إليه، صبره وجهاده في أدائه وتنفيذه. وهذا عين الهجرة إلى سنة الرسول ﷺ.
أصناف الناس من حيث المتابعة:
أ. المخالفون:
  1. الأتباع والمتبوعين المشتركين في الضلالةـ. كما في قوله تعالى : {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} إلى أن قال:{ قال لكلٍّ ضعفٌ ولكن لا تعلمون} فمنشئ الضلالة الصادّ عن الحق والمعرض عنه كلاهما في العذاب كل بحسب مخالفته للحق.
  2. الأتباع المخالفون لمتبوعيهم. المذكورون في قوله تعالى: {إذ تبرّأ الّذين اتّبعوا من الّذين اتّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب} ولا يبقى إلاّ السبب الواصل بين العبد وبين ربه، وهو حظه من الهجرة إليه وإلى رسوله، وتجريد عبادته وحده، ولوازمها من الحبّ والبغض، والعطاء والمنع، والموالاة والمعاداة، وتجريد متابعة رسوله وترك أقوال غيره لقوله، وترك كل ما خالف ما جاء به، والإعراض عنه فضلًا عن تقديم قول غيره عليه.
ب.الأتباع السعداء:
  1. السّابقون الأوّلون وتابعوهم بإحسان وهم الذين قال الله تعالى فيهم: {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسانٍ رضي اللّه عنهم ورضوا عنه} استحقوا هذا الجزاء لأنّ تبعيتهم مصاحبة للإحسان لا لمجرد النسبة والدعاوى. فالأولون هم الذين أدركوا رسول الله ﷺ وصحبوه، والآخرون هم كل من بعدهم على منهاجهم إلى يوم القيامة ،سواء كان معنى التّأخّر وعدم اللّحاق بهم في الزمان أو المرتية والفضل.
  2. أتباع المؤمنين من ذريّتهم : الذين لم يثبت لهم حكم التكليف في الدنيا، وإنما هم مع آبائهم تبعٌ لهم، قال الله تعالى فيهم: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ كلّ امرئٍ بما كسب رهينٌ}
ج. المعرضون بالكلية.
كل من لم يقبل هدى الله الذي بعث به رسوله، ولم يرفع به رأسًا، فهو داخل في هذا الصنف
وقد قسمّ النبي ﷺ الناس بالنسبة إلى دعوته إلى ثلاثة أقسام في قوله ﷺ : ((مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم: كمثل غيثٍ أصاب أرضًا؛ فكانت منها طائفةٌ طبّبةٌ قبلت الماء؛ فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء؛ فسقى الناس وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعانٌ لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا, ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به)) ؛
  • فعالمٌ معلّمٌ، داعٍ إلى الله على بصيرة.
  • وحافظٌ مؤدٍّ لما سمعه، فينتفع بحمله و تأديته لمن هو أعلم منه.
  • ثمّ الذي لم يقبل هدى الله، ولا رفع به رأسًا.
4 معالم سفر الهجرة إلى الله ورسوله: زاده، طريقه ، مركبه ورأس ماله.
  • زاده العلم الموروث عن خاتم الأنبياء ﷺ ولا يحل محله زاد بحال، لا عقل فلان ورأي علاّن. وهذا الزاد هو الوحي: القرآن والسنّة الصحيحة، كما في قوله ﷺ :(( يوشك رجلٌ شبعان متكئٌ على أريكته يأتيه الأمر من أمري؛ فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، ما وجدنا فيه من شيء اتبعناه، ألا وإنّي أوتيت الكتاب ومثله معه)).
  • طريقه: بذل الجهد, واستفراغ الوسع لأنّ التعاون على سفر الهجرة إلى الله ورسوله يحتاج إلى أن تفنى فيه الأعمار، وتبذل لأجله الأنفاس باليد واللسان والقلب، مساعدةً، ونصيحةً، وتعليمًا، وإرشادًا، ومودةً، ولا سبيل لذلك إلاّ بالصبر، فبه تهون النفس في سبيل الحق ، وتمضي قدما ، لا تخشى فيه لومة لائم.
  • مركبه: صدق اللّجأ إلى الله, والانقطاع إليه بكلّيته, وتحقيق الافتقار إليه من كل وجه... فلا سبيل لنيل ما عند الله من الهداية والرشاد والثبات إلا بإظهار الضعف والعجز ولزوم بابه، وبهذا يتميز الطيّب من الخبيث والصادق من صاحب الدعاوى.
  • رأس مال الأمر وعموده دوام التفكر وتدبر آيات القرآن ، حتى تستولي معانيه على القلب وتحل محل الخواطر منه؛ فيصبح القرآن مرشده ومفزعه وخلقه وصاحبه الذي لا يأنس إلا به.
  • ومن كان هذا حاله فتح الله عليه فتوح العارفين في فهم معانيه وتدبرها وانتفع به أيّما انتفاع. وتفاوت الأفهام في معرفة القرآن عائد إلى مدى الإقبال عليه والاستهداء والاستبشار به وتثوير تربته لجنيِ ثماره، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.

5. كلمة نصح لمن أراد اللحاق بركب المهاجرين إلى الله ورسوله والثبات عليه.
  • مهما قطع المهاجر إلى الله من أشواط في سفره أو تعثر وزلت قدمه وجب عليه أن يحسن الظنّ بربه وأن يتبرأ من حوله وقوته، فالأمر كلّه لله من قبل ومن بعد {وما توفيقي إلاّ بالله} ويلخص هذا كلّه كلمتان كان السلف يتواصون بها في الحضر والسفر : ((من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته كفاه الله مؤونة دنياه))
  • غربة المهاجر مستحكمة في كل زمن، فمن توهم أن طريق الهجرة معبد لا عقبة فيه فقد أبعد. فالمهاجر إلى الله ورسوله محكوم عليه أن يعيش غريبا في أوطانه، مستهجن بين أقرانه. ولعله يجد أنسه مع الأموات ممن سبقوه على الطريق أكثر مما يجده مع الأحياء، والحيّ لا تؤمن عليه الفتنة ، وطوبى للغرباء.

  • استشعار غربة الطريق وندرة المؤنسين فيه تورث الهمة العالية في التعاون على البرّ والتقوى والإعراض عن قطاع الطرق من نفس وهوى وشيطان الإنس والجنّ.
  • مقتضى هذه المعاونة : حسن المعاشرة مع الخلق، وأداء حقّ الله فيهم، والسلامة من شرهم وقد جمعت هذه المعاني كلها في قوله تعالى :{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} ويرقى لهذه المعاني من كانت له عينان : عين بها يمشي فيهم بأمر الله ونهيه، ويؤدي حقوقهم ويستوفيها، وعين بها يرحمهم ويستغفر لهم ويلتمس لهم بها المعاذير والموفق من وفقه الله.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, التطبيق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir