دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب النكاح

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 01:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الوليمة (5/5) [ذكر جملة من آداب الأكل والشرب]


وعنْ أبي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا آكُلُ مُتَّكِئًا)). روَاهُ البخاريُّ.
وعنْ عُمرَ بنِ أبي سَلَمةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
وعن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَريدٍ، فقالَ: ((كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا؛ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا)). روَاهُ الأربعةُ، وهذا لفظُ النَّسائيِّ، وسَنَدُهُ صَحيحٌ.
وعنْ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: ما عَابَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعامًا قَطُّ، كَانَ إذا اشْتَهَى شَيئًا أَكَلَهُ، وإنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. مُتَّفَقٌ عليهِ.
وعنْ جابرٍ، عنْ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ)). رواهُ مسلمٌ.
وعنْ أبي قَتادةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
ولأبي داودَ عن ابنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ، وزادَ: ((أَوْ يَنْفُخْ فِيهِ)). وصَحَّحَهُ التِّرمذيُّ.

  #2  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 08:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


9/987 - وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا آكُلُ مُتَّكِئاً)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا آكُلُ مُتَّكِئاً. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
الاتِّكَاءُ: مَأْخُوذٌ مِن الْوِكَاءِ، وَالتَّاءُ بَدَلٌ عَن الْوَاوِ، وَالْوِكَاءُ: هُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْكِيسُ أَوْ غَيْرُهُ، فَكَأَنَّهُ أَوْكَأَ مَقْعَدَتَهُ وَشَدَّهَا بِالْقُعُودِ عَلَى الْوِطَاءِ الَّذِي تَحْتَهُ، وَمَعْنَاهُ: الاسْتِوَاءُ عَلَى وِطَاءٍ مُتَمَكِّناً.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُتَّكِئُ هُنَا هُوَ الْمُتَمَكِّنُ فِي جُلُوسِهِ مِن التَّرَبُّعِ وَشَبَهِهِ، الْمُعْتَمِدُ عَلَى الْوِطَاءِ تَحْتَهُ، قَالَ: وَمَن اسْتَوَى قَاعِداً عَلَى وِطَاءٍ فَهُوَ مُتَّكِئٌ، وَالْعَامَّةُ لا تَعْرِفُ الْمُتَّكِئَ إلاَّ مَنْ مَالَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ.
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: إِذَا أَكَلْتُ لا أَقْعُدُ مُتَّكِئاً؛ كَفِعْلِ مَنْ يُرِيدُ الاسْتِكْثَارَ مِن الأَكْلِ، وَلَكِنْ آكُلُ بُلْغَةً، فَيَكُونُ قُعُودِي مُسْتَوْفِزاً. وَمَنْ حَمَلَ الاتِّكَاءَ عَلَى الْمَيْلِ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ تَأَوَّلَ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الطِّبِّ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ ضَرَرٌ؛ فَإِنَّهُ لا يَنْحَدِرُ فِي مَجَارِي الطَّعَامِ سَهْلاً، وَلا يُسِيغُهُ هَنِيئاً، وَرُبَّمَا تَأَذَّى بِهِ.
10/988 - وَعَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا غُلامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا غُلامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ لِلأَمْرِ بِهَا، وَقِيلَ: إنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ فِي الأَكْلِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الشُّرْبُ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْهَرَ بِالتَّسْمِيَةِ لِيُسْمِعَ غَيْرَهُ وَيُنَبِّهَهُ عَلَيْهَا، فَإِنْ تَرَكَهَا لأَيِّ سَبَبٍ؛ مِنْ نِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، فِي أَوَّلِ الطَّعَامِ فَلْيَقُلْ فِي أَثْنَائِهِ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ؛ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ)).
وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَمِّيَ كُلُّ واحِدٍ مِن الآكِلِينَ، فَإِنْ سَمَّى وَاحِدٌ فَقَطْ فَقَدْ حَصَلَ بِتَسْمِيَتِهِ السُّنَّةُ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَيُسْتَدَلُّ لَهُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ الَّذِي لَمْ يُذْكَر اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ ذَكَرَهُ وَاحِدٌ مِن الآكِلِينَ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الأَكْلِ بِالْيَمِينِ؛ لِلأَمْرِ بِهِ أَيْضاً، وَيَزِيدُهُ تَأْكِيداً أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ، وَفِعْلُ الشَّيْطَانِ يَحْرُمُ عَلَى الإِنْسَانِ.
وَيَزِيدُهُ تَأْكِيداً أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: ((كُلْ بِيَمِينِكَ))، فَقَالَ: لا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: ((لا اسْتَطَعْتَ، مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ))، فَمَا رَفَعَهَا إلَى فِيهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَلا يَدْعُو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلاَّ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْوَاجِبَ. وَأَمَّا كَوْنُ الدُّعَاءِ لِتَكَبُّرِهِ، فَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضاً، وَلا يُنَافِي أَنَّ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ لِلأَمْرَيْنِ مَعاً.
وَفِي قَوْلِهِ: (( وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)) دَلِيلٌ أَنَّهُ يَجِبُ الأَكْلُ مِمَّا يَلِيهِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي حُسْنُ الْعِشْرَةِ لِلْجَلِيسِ، وَأَنْ لا يَحْصُلَ مِن الإِنْسَانِ مَا يَسُوءُ جَلِيسَهُ مِمَّا فِيهِ سُوءُ عِشْرَةٍ وَتَرْكِ مُرُوءَةٍ؛ فَقَدْ يَتَقَذَّرُ جَلِيسُهُ ذَلِكَ، لا سِيَّمَا فِي الثَّرِيدِ وَالأَمْرَاقِ وَنَحْوِهَا، إلاَّ فِي مِثْلِ الْفَاكِهَةِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عِكْرَاشَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ: أُتِينَا بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ الثَّرِيدِ وَالْوَذَرِ -وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَرَاءٍ، جَمْعُ وَذِرَةٍ: قِطْعَةٌ مِن اللَّحْمِ لا عَظْمَ فِيهَا- فَخَبَطْتُ بِيَدِي في نَوَاحِيهَا، وَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَقَبَضَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى يَدِي الْيُمْنَى، ثُمَّ قَالَ: ((يَا عِكْرَاشُ، كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ؛ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ)). ثُمَّ أُتِينَا بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانُ التَّمْرِ، فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّبَقِ، فَقَالَ: ((يَا عِكْرَاشُ، كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ؛ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ)).
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الأَطْعِمَةِ وَالْفَوَاكِهِ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ لَوْنُ الْمَأْكُولِ مِنْ طَعَامٍ أَمْ غَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَبْقَ تَحْتَ يَدِ الآكِلِ شَيْءٌ فَلَهُ أَنْ يَتَتَبَّعَ ذَلِكَ، وَلَوْ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، أَنَّ خَيَّاطاً دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ: فَذَهَبْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَّبَ خُبْزَ شَعِيرٍ وَمَرَقاً فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ؛ أيْ: جَوَانِبِهَا، فَلَمْ أَزَلْ أَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمَئِذٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ: قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ جَعَلْتُ أُلْقِيهِ إلَيْهِ، وَلا أَطْعَمُهُ. وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى تَطَلُّبِهِ لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْقَصْعَةِ؛ لِمَحَبَّتِهِ لَهُ.


وهَذَا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ الأَكْلُ مِنْ وَسَطِ الْقَصْعَةِ، كَمَا يَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الآتِي، وَهُوَ قَوْلُهُ:
11/989 - وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ، فَقَالَ: ((كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا، وَلا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا؛ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا)).
رَوَاهُ الأَرْبَعَةُ، وَهَذَا لَفْظُ النَّسَائِيِّ، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ.
(وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا، وَلا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا؛ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا. رَوَاهُ الأَرْبَعَةُ، وَهَذَا لَفْظُ النَّسَائِيِّ، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ)، دَلَّ عَلَى النَّهْيِ عَن الأَكْلِ مِنْ وَسَطِ الْقَصْعَةِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهَا تَنْزِلُ الْبَرَكَةُ فِي وَسَطِهَا، وَكَأَنَّهُ إذَا أَكَلَ مِنْهُ لَمْ تَنْزِل الْبَرَكَةُ عَلَى الطَّعَامِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الآكِلُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ جَمَاعَةٍ.
12/990 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا عَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَاماً قَطُّ، كَانَ إِذَا اشْتَهَى شَيْئاً أَكَلَهُ، وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَا عَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَاماً قَطُّ، كَانَ إذَا اشْتَهَى شَيْئاً أَكَلَهُ، وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. مُتَّفِق عَلَيْهِ). فِيهِ إخْبَارٌ بِعَدَمِ عَيْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلطَّعَامِ وَذَمِّهِ لَهُ، فَلا يَقُولُ: هُوَ مَالِحٌ، أَوْ حَامِضٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى عَدَمِ عِنَايَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالأَكْلِ، بَلْ مَا اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَمَا لَمْ يَشْتَهِهِ تَرَكَهُ، وَلَيْسَ فِي تَرْكِهِ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَيْبُ الطَّعَامِ.


13/991 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ). تَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنْ أَدِلَّةِ تَحْرِيمِ الأَكْلِ بِالشِّمَالِ، وَإِنْ ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ إلَى كَرَاهَتِهِ لا غَيْرُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الشُّرْبِ كَذَلِكَ أَيْضاً، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ أَكْلاً حَقِيقِيًّا.
14/992 - وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلاثاً؛ أيْ: فِي أَثْنَاءِ الشَّرَابِ، لا أَنَّهُ فِي إنَاءِ الشَّرَابِ.
وَوَرَدَ تَعْلِيلُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ أَرْوَى؛ أَيْ: أَقْمَعُ لِلْعَطَشِ، وَأَبْرَأُ؛ أيْ: أَكْثَرُ بُرْءاً؛ لِمَا فِيهِ مِن الْهَضْمِ، وَمِنْ سَلامَتِهِ مِن التَّأْثِيرِ فِي بَرْدِ الْمَعِدَةِ، وَأَمْرَأُ؛ أيْ: أَكْثَرُ مَرَاءَةً؛ لِمَا فِيهِ مِن السُّهُولَةِ. وَقِيلَ: الْعِلَّةُ خَشْيَةُ تَقْذِيرِهِ عَلَى غَيْرِهِ؛ لأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ شَيْءٌ مِن الْفَمِ فَيَتَّصِلُ بِالْمَاءِ، فَيُقَذِّرُهُ عَلَى غَيْرِهِ.


15/993 - وَلأَبِي دَاوُدَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا نَحْوُهُ، وَزَادَ: ((وَيَنْفُخُ فِيهِ))، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
(وَلأَبِي دَاوُدَ نَحْوُهُ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ)؛ أي: مَرْفُوعاً، (وَزَادَ) عَلَى مَا ذُكِرَ (وَيَنْفُخُ فِيهِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ) فِيهِ دَلالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ النَّفْخِ فِي الإِنَاءِ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ، فَقَالَ رَجُلٌ: الْقَذَاةُ في الشرابِ، فَقَالَ: ((أَهْرِقْهَا))، قَالَ: فَإِنِّي لا أُرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ، قَالَ: ((فَأَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ، ثُمَّ تَنَفَّسْ)).
وَفِي الشُّرْبِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَشْرَبُوا وَاحِداً - أَيْ: شُرْباً وَاحِداً - كَشُرْبِ الْبَعِيرِ، وَلَكِنِ اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُلاثَ، وَسَمُّوا إِذَا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ، وَاحْمَدُوا إِذَا أَنْتُمْ رَفَعْتُمْ)). وَأَفَادَ أَنَّ الْمَرَّتَيْنِ سُنَّةٌ أَيْضاً.
نَعَمْ، وقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَن الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ، فَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ.
وَأَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ. زَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَاخْتِنَاثُهَا: أَنْ يَقْلِبَ رَأْسَهَا ثُمَّ يَشْرَبَ مِنْهُ.
وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ كَبْشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَرِبَ مِنْ فِي قِرْبَةٍ مُعَلَّقَةٍ قَائِماً، فَقُمْتُ إِلَى فِيهَا فَقَطَعْتُهُ - أَيْ: أَخَذَتْهُ شِفَاءً - نَتَبَرَّكُ بِهِ، وَنَسْتَشْفِي بِهِ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ فِي السِّقَاءِ الْكَبِيرِ، وَالْقِرْبَةُ هِيَ الصَّغِيرَةُ، أَوْ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ؛ لِئَلاَّ يَتَّخِذَهُ النَّاسُ عَادَةً دُونَ النُّدْرَةِ، وَعِلَّةُ النَّهْيِ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِيهِ دَابَّةٌ فَتَخْرُجُ إلَى فِي الشَارِبِ فَيَبْتَلِعُهَا مَعَ الْمَاءِ، كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ شَرِبَ رَجُلٌ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَخَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةٌ.
وَكَذَلِكَ ثَبَتَ النَّهْيُ عَن الشُّرْبِ قَائِماً، فَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَشْرَبَنَّ أَحَدُكُمْ قَائِماً، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ))؛ أَيْ: يَتَقَيَّأْ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَنَسٍ: زَجَرَ عَن الشُّرْبِ قَائِماً. قَالَ قَتَادَةُ: قُلْنَا: فَالأَكْلُ؟ قَالَ: أَشَدُّ وَأَخْبَثُ.
وَلَكِنَّهُ عَارَضَهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ.
وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ مِنْ زَمْزَمَ وَهُوَ قَائِمٌ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَرِبَ قَائِماً، وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي.
وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ، فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَاناً لِجَوَازِ ذَلِكَ، فَهُوَ وَاجِبٌ فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَيَانِ التَّشْرِيعِ، وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ. وَأَمَّا التَّقَيُّؤُ لِمَنْ شَرِبَ قَائِماً؛ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْوَارِدِ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُ حَدِيثِ التَّقَيُّؤِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مُطْلَقاً لِعَامِدٍ وَنَاسٍ وَنَحْوِهِمَا.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إنَّهُ مَنْ شَرِبَ نَاسِياً فَلا خِلافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَ.
نَعَمْ، وَمِنْ آدَابِ الشُّرْبِ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَ الشَّارِبِ جُلَسَاءُ، وَأَرَادَ أَنْ يُعَمِّمَ الْجُلَسَاءَ بهِ، أَنْ يَبْدَأَ بِمَنْ عَنْ يَمِينِهِ، كَمَا أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ منْ حَدِيثَ أَنَسٍ، أَنَّهُ أُعْطِيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَدَحَ فَشَرِبَ، وَعلى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ عُمَرُ: أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِيَّ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: ((الأَيْمَنُ فَالأَيْمَنُ)).
وَأَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: ((يَا غُلامُ، أَتَأْذَنُ أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ؟)) فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلٍ مِنْكَ أَحَداً يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ.
وَمِنْ مَكْرُوهَاتِ الشُّرْبِ أَنْ لا تَشْرَبَ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ؛ لِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَن الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ.

  #3  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 08:16 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


911- وعن أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لاَ آكُلُ مُتَّكِئاً)). رَواهُ البخاريُّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* مُفْرداتُ الحديثِ:
- مُتَّكِئاً: قالَ في (المُحيطِ) وغَيْرِه: اتَّكَأَ اتِّكَاءً: جَلَسَ مُتَمَكِّناً مُتَرَبِّعاً، قالَ ابْنُ الأثيرِ: والعامَّةُ لا تَعْرِفُ الاتِّكاءَ إلاَّ المَيْلَ في القُعودِ مُعْتَمِداً على أحَدِ الشِّقَّيْنِ، وهو يُسْتَعْمَلُ في المَعْنَييْنِ جميعاً.
912- وعن عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((يَا غُلامُ, سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* مُفْرداتُ الحديثِ:
- غُلامُ: الغلامُ من الوِلادَةِ إلى سنِّ البُلوغِ، وجَمْعُ القِلَّةِ: غِلْمَةٌ، وجَمْعُ الكَثْرَةِ: غِلْمَانٌ، ويُسْتعارُ الغلامُ للعَبْدِ والأجيرِ.
- سَمِّ اللهَ: فِعْلُ الأَمْرِ من سَمَّى، يُقالُ: سَمَّى في العَمَلِ، أي: ذَكَرَ اسمَ اللهِ عليه، بقولِه: بِسْمِ اللهِ.
- مِمَّا يَلِيكَ: وَلِيَهُ يَلِيهِ وَلْياً: دَنَا منه وقَرُبَ، والمُرادُ: أَنْ يَأْكُلَ مِن أَقْرَبِ جَوانِبِ القَصْعَةِ إليه.
913- وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أُتِيَ بقَصْعَةٍ مِن ثَرِيدٍ، فقالَ: ((كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا، وَلاَ تَأكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا؛ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا)). رواهُ الأربعةُ، وهذا لفظُ النَّسائِيِّ، وسندُه صحيحٌ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* دَرجَةُ الحَديثِ:
الحَديثُ صَحِيحٌ.
أخْرَجَهُ أبو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، وابنُ مَاجَهْ، وابنُ حِبَّانَ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ من طريقِ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عن سَعيدِ بن جُبَيْرٍ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ.
قالَ التِّرْمِذِيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
قالَ الحَاكِمُ: صَحِيحُ الإسنادِ. ووَافَقَهُ الذهبيُّ.
وله شاهِدٌ عن عَمرِو بنِ عُثمانَ بنِ سَعيدٍ الحِمْصِيِّ، قالَ: حَدَّثَنا أبي، قال: حَدَّثَنا مُحمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ الحِمْصِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا عبدُ اللهِ بنُ بُسْرٍ، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.. فذَكَرَ الحديثَ.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُه كُلُّهم ثِقاتٌ.
* مُفْرداتُ الحديثِ:
- قَصْعَةٍ: بفتحِ القافِ، وسُكونِ الصادِ المُهملَةِ، هو إناءٌ مُعَدٌّ ليُؤْكَلَ بهِ ويُشرَبَ، والغَالِبُ أنَّه مِن خَشَبٍ.
- ثَرِيدٍ: بفتحِ الثاءِ المُثلَّثَةِ، ثم راءٍ مكسورةٍ، الثَّرِيدُ: هو ما يُفَتُّ من الخُبْزِ، ثم يُبَلُّ بمَرَقِ اللَّحْمِ، وقَدْ يَكُونُ مَعَه اللحمُ.


914- وعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: ما عَابَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ طعاماً قَطُّ، كانَ إذا اشْتَهَى شَيْئاً أَكَلَهُ، وإنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. مُتَّفَقٌ عليهِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مُفْرداتُ الحديثِ:
- عَابَ: يَعِيبُ عَيْباً، والعَيْبُ: النَّقْصُ في الشيءِ، جَمْعُه: عُيوبٌ، والمرادُ أنَّه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لَمْ يَنْسُبْ طَعَاماً إلى عَيْبٍ.
- قَطُّ: بفتحِ القافِ، وضمِّ الطاءِ المُشدَّدةِ.
قالَ في (المُعْجَمِ الوسيطِ): قَطُّ ظَرْفُ زمانٍ لاستغراقِ الماضي، وتَخْتَصُّ بالنفْيِ، يُقالُ: ما فَعَلْتُ هذا قَطُّ فيما مَضَى. وقالَ في (المُحيطِ): والعامَّةُ تقولُ: لا أَفْعَلُه قَطُّ، وهو غَلَطٌ.
قُلْتُ: لأنَّها مُخْتَصَّةٌ بالزَّمَنِ الماضي. ‌‌
915- وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((لاَ تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ)). رواهُ مُسلمٌ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مُفْرداتُ الحديثِ:
- الشَّيْطَانَ: في أَصْلِ اشتقاقِه، قولانِ:
أحدُهما: أنَّه مِن شَطَنَ؛ لأنه بَعُدَ عن الحَقِّ، أو عن رَحْمَةِ اللهِ، فتَكُونُ حِينَئذٍ النونُ أصْلِيَّةً والياءُ زائدةً، ووَزْنُه فَيْعَالٌ.
الثاني: أنَّ الياءَ أَصْلِيَّةٌ والنونَ زَائِدَةٌ، عَكْسُ الأَوَّلِ، واشتقاقُه مِن شَاطَ يَشِيطُ، إذا بَطَلَ واحْتَرَقَ، فوَزْنُه حِينَئِذٍ فَعْلانُ.
الشِّمالُ: ضِدُّ اليَمِينِ، مُؤَنَّثَةٌ، جَمْعُها: شُمُلٌ.
916- وعن أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
ولأبي دَاوُدَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما نحوُه، وزادَ ((أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ)). وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* مُفْرداتُ الحديثِ:
- فَلاَ يَتَنَفَّسْ: بالبِنَاءِ للمَعْلُومِ، مَجْزومٌ بلا الناهيةِ، والتَّنَفُّسُ إدخالُ النفَسِ إلى الرِّئتيْنِ، وإخراجُه منهما.
- أو يُنْفَخَ: بالنَّصْبِ معَ البناءِ للمفعولِ؛ لأنه مَعْطوفٌ على قولِه: نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الإِنَاءِ. والنفْخُ: إخراجُ الرِّيحِ مِن الفَمِ.
* مَا يُؤْخَذُ من الأحاديثِ:
هذهِ الأحاديثُ الشريفةُ كُلُّها في بيانِ آدابِ الأكْلِ والشُّرْبِ؛ ليَكُونَ المُسلمُ في امتثالِها مُتَّبِعاً لسُنَّةِ نبيِّه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حتى في العاداتِ الكريمةِ، وهذه فوائِدُ وأحكامُ هذه الأحاديثِ.
1- أنَّ مِن صِفاتِ جِلْسَةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ للأكْلِ أَنْ لا يَأْكُلَ مُتَّكِئاً، وذلك بأنْ يَتَرَبَّعَ على الطَّعامِ في جِلْسَتِه؛ لأنَّ هذه الجِلْسَةَ تَتَطَلَّبُ من الإنسانِ أَنْ يَأْكُلَ كثيراً، والمَطْلوبُ هو التَّخَفُّفُ من الطعامِ، والاقتصارُ على قَدْرِ الحاجَةِ منه، فهذهِ الجِلْسَةُ مَكْروهَةٌ شَرْعاً.
ومثلُ ذلك: أنْ يَأْكُلَ وهو مَائِلٌ في جِلْسَتِه، مِمَّا يُشْعِرُ بالكِبْرِ عندَ تَناوُلِ هذه النِّعْمَةِ.
2- استحبابُ التسميةِ في أَوَّلِ الطَّعَامِ، فَقَدْ رَوَى الإمامُ أَحْمَدُ، وأبو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، وابنُ مَاجَهْ، عَن عَائِشَةَ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللهِ؛ فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ)).
قالَ الأصحابُ: وتُسَنُّ التسميةُ، بأنْ يَقولَ: بِسْمِ اللهِ.
قالَ الشيخُ: لو زَادَ: الرحمنِ الرحيمِ. عندَ الأكْلِ؛ لَكَانَ حَسَناً؛ فإنَّه أَكْمَلُ، بخلافِ الذَّبْحِ.
3- وُجوبُ الأَكْلِ باليَمِينِ، وتَحْرِيمُ الأكْلِ بالشِّمالِ، إلاَّ مِن عُذْرٍ، فقَدْ جاءَ في مُسْندِ الإمامِ أحمدَ، وصحيحِ مسلمٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((لاَ يَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ، وَلاَ يَشْرَبْ بِشِمَالِهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ)). فمُتابَعَةُ الشيطانِ مُحَرَّمَةٌ، فمَن تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم.
4- استحبابُ تعليمِ الجاهِلِ من كِبارٍ وصِبْيانٍ، لا سِيَّما مَن تَحْتَ كَفالَتِه، فقَدْ قالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)). فعُمَرُ بنُ أبي سَلَمَةَ رَبِيبُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ابنُ زَوْجَتِه، وعاشَ في بيتِه.
5- الأَدَبُ هو الأكْلُ ممَّا يلي الآكِلَ، فلا يَتعَدَّاهُ إلى الجوانِبِ الأُخَرِ، فَقَدْ جاءَ في بعضِ طُرقِ الحديثِ رَقْمِ (912). قالَ عُمَرُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ: (كُنْتُ غُلاماً في حِجْرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ)؛ فقالَ لي: ((يَا غُلامُ, سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)).
6- استحبابُ الأكلِ مِن جَوانِبِ الإناءِ، وأنْ لا يُؤْكَلَ مِن وَسَطِها، فإنَّ البَرَكَةَ تَنْزِلُ في وَسَطِها.
ولعَلَّ مِن بَرَكَةِ الأكْلِ من الجوانِبِ، أنَّه إذا بَقِيَ بَقِيَّةٌ مِن الطعامِ، فإنَّها تَبْقَى نَظِيفَةً لَمْ تَمَسَّهَا يَدٌ، فيَسْتَفِيدُ منها مَن يَأْتِي بعدَ الآكِلِينَ، أمَّا البَدْءُ من الوَسَطِ: فإنه يُفْسِدُ الطعامَ ويُقْذِرُهُ على مَن بعدَه، فيُلْقَى، ولو كانَ كثيراً.
7- أنَّ مِن خُلُقِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ السَّمَاحَ؛ فإنَّه لَمْ يَعِبْ طَعاماً قُدِّمَ إليه؛ لأنه مِن نِعَمِ اللهِ تعالى على عِبادِه، فإنِ اشْتَهاهُ أَكَلَه، وإنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ.
فقَدْ جَاءَ في الصحيحيْنِ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قالَ: (دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على مَيْمُونَةَ فَقُدِّمَ له ضَبٌّ، فأهْوَى بيَدِه إلى الضَّبِّ، فقَالَتِ امْرَأَةٌ مِن النِّسْوَةِ الحُضُورِ: أَخْبِرْنَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بِمَا قَدَّمْتُنَّ. قُلْنَ: هُوَ ضَبٌّ يا رَسُولَ اللهِ. فرَفَعَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَدَهُ، فقالَ خالِدُ بنُ الوَلِيدِ: أَحَرَامٌ هو يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: ((لاَ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ)). فاجْتَرَّهُ خالِدٌ فَأَكَلَهُ).
وجاءَ في صحيحِ مُسلمٍ، عن جابِرٍ، قالَ: دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعضَ حُجَرِ نِسائِه، فقالَ: ((هَلْ مِنْ أُدْمٍ؟)). قالوا: لا, إلاَّ شَيْءٌ مِن خَلٍّ. قالَ: ((هَاتُوا فَنِعْمَ الأُدْمُ هُوَ)).
8- النهْيُ عن التنَفُّسِ في الإناءِ ففيهِ مِن المَضارِّ, تقذيرُ الإناءِ، والشَّرابِ على الشارِبِ بعدَ المُتَنَفِّسِ، وفيه: أنَّه يَتَنَفَّسُ ويَشْرَبُ في آنٍ وَاحِدٍ، فرُبَّما سَبَّبَ له الاخْتِناقَ، وفيه: أنَّ الشُّرْبَ من ثَلاثَةِ أَنْفاسٍ خَارِجَ الإناءِ أَمْرَأُ، وأَلَذُّ، وأَهْنَأُ، فالشريعةُ الإسلاميةُ المُطَهَّرَةُ لا تَأْمُرُ إلاَّ بِمَا فيهِ الخَيْرُ، ولا تَنْهَى إلاَّ عَمَّا فيهِ الشَّرُّ والضُّرُّ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الوليمة, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir