دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > مقدمات شراح الأحاديث > مقدمة إرشاد الساري للقسطلاني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 02:05 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي الفصل الرابع فيما يتعلق بالبخاري في صحيحه

(الفصل الرابع فيما يتعلق بالبخاري في صحيحه تقرير شرطه وتحريره وضبطه وترجيحه على غيره كصحيح مسلم ومن سار كسيره والجواب عما انتقده عليه النقاد من الأحاديث ورجال الإسناد وبيان موضوعه وتفرده بمجموعه وتراجمه البديعة المثال المنيعة المنال وسبب تقطيعه للحديث واختصاره وإعادته له في الأبواب وتكراره وعدة أحاديثه الأصول والمكررة حسبما ضبطه الحافظ بن حجر وحرره)
وهذا الفصل أعزك الله تعالى لخصته من مقدمة فتح الباري مستمدًا من سيح فضله الجاري أنبأتني المسندة أم حبيبة ينب بنت الشوبكي المكية أخبرنا البرهان بن صديق الرسام أخبرنا أبو النون يونس بن إبراهيم عن أبي الحسن بن المقيم عن أبي المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري وقال أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي قال في جزء شروط الأئمة له اعلم أن البخاري ومسلما ومن ذكرنا بعدهما لم ينقل عن واحد منهم أنه قال شرطت أن أخرج في كتابي مما يكون على الشرط الفلاني وإنما يعرف ذلك من سير كتبهم فيعلم بذلك شرط كل رجل منهم واعلم أن شرط البخاري
[إرشاد الساري: 1/19]
ومسلم أن يخرجا الحديث المتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور من غير اختلاف بين الثقات الأثبات ويكون إسناده متصلاً غير مقطوع وإن كان للصحابي راويان فصاعدا فحسن وإن لم يكن له إلا راو واحد إذا صح الطريق إلى ذلك الراوي أخرجاه ثم قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الأديب الشيرازي بنيسابور قال: قال أبو عبد الله محمد بن عبد الله يعني الحاكم في كتابه المدخل إلى الإكليل القسم الأول من المتفق عليه اختيار البخاري ومسلم وهو الدرجة الأولى من الصحيح ومثاله الحديث الذي يرويه الصحابي المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وله راويان ثقتان ثم يرويه عنه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور وله رواة من الطبقة الرابعة ثم يكون شيخ البخاري ومسلم حافظًا متقنًا مشهورًا بالعدالة فهذه الدرجة من الصحيح اهـ. وتعقب ذلك الحافظ بن طاهر فقال أن الشيخين لم يشترطا هذا الشرط ولا نقل عن واحد منهما أنه قال ذلك والحاكم قدره هذا التقدير وشرط لهما هذا الشرط على ما ظن ولعمري أنه لشرط حسن لو كان موجودًا في كتابيهما إلا أنا وجدنا هذه القاعدة التي أسسها الحاكم منتقضة في الكتابين جميعا فمن ذلك في الصحابي أن البخاري أخرج حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي يذهب الصالحون أولاً فأولاً وليس لمرداس راو غير قيس وأخرج مسلم حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب ولم يرو عنه غير ابنه سعيد وأخرج البخاري حديث الحسن البصري عن عمرو بن تغلب إني لأعظى الرجل والذي أدع أحب إلى الحديث ولم يرو عن عمرو غير الحسن في أشياء عند البخاري على هذا النحو وأما مسلم فإنه أخرج حديث الأغر المزني إنه ليغان على قلبي ولم يرو عنه غير أبي بردة في أشياء كثيرة اقتصرنا منها على هذا القدر ليعلم أن القاعدة التي أسسها الحاكم لا أصل لها ولو اشتغلنا بنقض هذا الفصل الواحد في التابعين وأتباعهم وبمن روى عنهم إلى عصر الشيخين لأربى على كتابه المدخل إلا أن الاشتغال بنقض كلام الحاكم لا يفيد فائدة اهـ. وقال الحافظ أبو بكر الحازمي هذا الذي قاله الحاكم قول من لم يمعن الغوص في خبايا الصحيح ولو استقرأ الكتاب حق استقرائه لوجد جملة من الكتاب ناقضة لدعواه وقد اتفق الأمة على تلقي الصحيحين بالقبول واختلف في أيهما أرجح وصرح الجمهور بتقديم صحيح البخاري ولم يوجد عن أحد التصريح بنقضه وأما ما نقل عن أبي علي النيسابوري أنه قال ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم فلم يصرح بكونه أصح من صحيح البخاري لأنه إنما نفى وجود كتاب أحص من كتاب مسلم إذ المنفي إنما هو ما تقتضيه صيغة أفعل من زيادة صحة في كتاب شارك كتاب مسلم في الصحة يمتاز بتلك الزيادة عليه ولم ينف المساواة وكذلك ما نقل عن بعض المغاربة أنه فضل صحيح مسلم على صحيح البخاري فذلك فيما يرجع على حسين السياق وجودة الوضع والترتيب ولم يفصح أحد بأن ذلك راجع إلى الأصحبة ولو صرحوا به لرد عليهم شاهد الوجود فالصفات التي تدور عليها الصحة في كتاب مسلم أتم منها في كتاب البخاري وأشد وشرطه فيها أقوى وأسد أما رجحانه من حيث الاتصال فلاشتراطه أن يكون الراوي قد ثبت له لقاء من روى عنه ولو مرة واكتفى مسلم بمطلق المعاصرة وألزم البخاري بأنه يحتاج أن لا يقبل المعنعن أصلاً وما ألزمه به ليس بلازم لأن الراوي إذا ثبت له اللقاء مرة لا يجري في روايته احتمال أن لا يكون سمع لأنه يلزم من جريانه أن يكون مدلسه والمسألة مفروضة في غير المدلس وأما رجحانه من حيث العدالة والضبط فلأن الرجال الذين تكلم فيهم من رجال مسلم أكثر عددًا من الرجال الذين تكلم فيهم من رجال البخاري مع أن البخاري لم يكثر من إخراج حديثهم بل غالبهم من شيوخه الذين أخذ عنهم ومارس حديثهم وميز جيدها من موهومها بخلاف مسلم فإن أكثر من تفرد بتخريج حديثه ممن تكلم فيه ممن تقدم عن عصر من التابعين ومن بعدهم ولا ريب أن المحدث أعرف بحديث شيوخه ممن تقدم عنهم وأما رجحانه من حيث عدم الشذوذ والإعلال
[إرشاد الساري: 1/20]
فلأن ما انتقد على البخاري من الأحاديث أقل عددًا مما انتقد على مسلم وأما الجواب عما انتقد عليه فاعلم أنه لا يقدح في الشيخين كونهما أخرجا لمن طعن فيه لأن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غسلته لاسيما وقد انضاف إلى ذلك أطباق الأمة على تسميتهما بالصحيحين وهذا إذا خرج له في الأصول فإن خرج له في المتابعات والشواهد والتعليق فتتفاوت درجات من أخرج له في الضبط وغيره مع حصول اسم الصدق لهم فإذا وجدنا مطعونًا فيه فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الإمام فلا يقبل التجريح إلا مفسرًا بقادح يقدح فيه أو في ضبطه مطلقًا أو في ضبطه بخبر بعينه لأن الأسباب الحاملة للأئمة على الجرح متفاوتة منها ما يقدح ومنها ما لا يقدح. وقد كان أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح هذا جاز القنطرة يعني لا يتلفت إلى ما قيل فيه وأما الأحاديث التي انتقدت عليهما فأكثرها لا يقدح في أصل موضوع الصحيح فإن جميعها واردة من جهة أخرى وقد علم أن الإجماع واقع على تلقي كتابيهما بالقبول والتسليم إلا ما انتقد عليهما فيه والجواب عن ذلك على سبيل الإجمال أنه لا ريب في تقديم الشيخين على أئمة عصرهما ومن بعده في معرفة الصحيح والمعلل وقد روى الفربري عن البخاري أنه قال ما أدخلت في الصحيح حديثًا إلا بعد أن استخرت الله تعالى وثبتت صحته. وقال مكي بن عبدان كان مسلم يقول عرضت كتابي على أبي زرعة فكل ما أشار إلي أن علة تركته فإذا علم هذا وتقرر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له أوله علة إلا أنها غير مؤثرة وعلى تقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون كلامه معارضًا لتصحيحهما ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما فيندفع الاعتراض من حيث الجملة. وأما من حيث التفصيل فالأحاديث التي انتقدت عليهما تنقسم إلى ستة أقسام أولها ما تختلف الرواية فيه بالزيادة والنقص من رجال الإسناد فإن أخرج صاحب الحديث الصحيح الطريق المزيدة وعلله الناقد بالطريق الناقصة فهو تعليل مردود لأن الراوي إن كان سمعه في الطريق الناقصة وعلله الناقد بالطريق المزيدة تضمن اعتراضه دعوى انقطاع فيما صححه المصنف فينظران كان مدلسًا من طريق أخرى فإن وجد ذلك اندفع الاعتراض به وإن لم يوجد وكان الانقطاع فيه ظاهرًا فحصل الجواب عن صاحب الصحيح أنه إنما أخرج مثل ذلك في باب ماله متابع وعاضد وما حفته قرينة في الجملة تقوية ويكون التصحيح وقع من حيث المجموع وفي البخاري ومسلم من ذلك حديث الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس في قصة القبرين وأن أحدهما كان لا يستبرئ من بوله قال الدارقطني خالف منصور فقال عن مجاهد عن ابن عباس وأخرج البخاري حديث منصور على إسقاطه طاوسًا انتهى وهذا الحديث أخرجه البخاري في الطهارة عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير وفي الأدب عن محمد بن سلام عن عبيدة بن حميد كلاهما عن منصور به ورواه من طرق أخرى من حديث الأعمش وأخرجه باقي الأئمة الستة من حديث الأعمش أيضًا وأخرجه أبو داود أيضًا والنسائي وابن خزيمة في صحيحه من حديث منصور أيضًا. وقال الترمذي بعد أن أخرجه رواه منصور عن مجاهد عن ابن عباس وحديث الأعمش أصح يعني المتضمن للزيادة قال الحافظ ابن حجر وهذا في التحقيق ليس بعلة لأن مجاهد لم يوصف بالتدليس وسماعه من ابن عباس صحيح في جملة الأحاديث ومنصور عندهم أتقن من الأعمش مع أن الأعمش أيضًا من الحفاظ فالحديث كيفما دار دار على ثقة والإسناد كيفما دار كان متصلاً فمثل هذا لا يقدح في صحة الحديث إذا لم يكن راويه مدلسًا وقد أكثر الشيخان من تخريج مثل هذا ولم يستوعب الدارقطني انتقاده ثانيها ما تختلف الرواة فيه بتغيير بعض الإسناد
[إرشاد الساري: 1/21]
فإن أمكن الجمع بأن يكون الحديث عند ذلك الراوي على الوجهين جميعًا فأخرجهما المصنف ولم يقتصر على أحدهما حيث يكون المختلفون متعادلين في الحفظ والعدد كما في البخاري في بدء الخلق من حديث إسرائيل عن الأعمش ومنصور جميعًا عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار فنزلت والمرسلات قال الدارقطني لم يتابع إسرائيل عن الأعمش عن علقمة أما عن منصور فتابعه شيبان عنه وكذا رواه مغيرة عن إبراهيم عنه انتهى. وقد حكى البخاري الخلاف فيه وهو تعليل لا يضر وإن امتنع الجمع بأن يكون المختلفون غير متعادلين بل متفاوتين في الحفظ والعدد فيخرج المصنف الطريق الراجحة ويعرض عن الطريق المرجوحة أو يشير إليها والتعليل بجميع ذلك من أجل مجرد الاختلاف غير قادح إذ لا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراب يوجب الضعف وحينئذ فينتفي الاعتراض عما هذا سبيله وفي البخاري في الجنائز من هذا الثاني حديث الليث عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين قتلى أحد ويقدم أقراهم قال الدارقطني رواه ابن المبارك عن الأوزاعي عن الزهري مرسلاً ورواه معمر عن الزهري عن ابن أبي صعير عن جابر ورواه سليمان بن كثير عن الزهري حدثني من سمع جابرًا وهو حديث مضطرب. اهـ. قال الحافظ بن حجر أطلق الدارقطني القول بأنه مضطرب مع إمكان نفي الاضطراب عنه بأن يفسر المبهم بالذي في رواية الليث وتحمل رواية معمر على أن الزهري سمعه من شيخين وأما رواية الأوزاعي المرسلة فقصر فيها بحذف الواسطة فهذه طريقة من ينفي الاضطراب عنه وقد ساق البخاري ذكر الخلاف فيه وإنما أخرج رواية الأوزاعي مع انقطاعها لأن الحديث عنده عن عبد الله بن المبارك عن الليث والأوزاعي جميعًا عن الزهري فأسقط الأوزاعي عبد الرحمن بن كعب وأثبته الليث وهما في الزهري سواء وقد صرحا بسماعهما له منه فقيل زيادة الليث لثقته ثم قال بعد ذلك ورواه سليمان بن كثير عن الزهري عمن سمع جابرًا وأراد بذلك إثبات الواسطة بين الزهري وبين جابر فيه في الجملة وتأكيد رواية الليث بذلك ولم نرها علة توجب اضطرابًا وأما رواية معمر فقد وافقه عليها سفيان بن عيينة فرواه عن الزهري عن ابن أبي صغير وقال ثبتني فيه معمر فرجعت روايته إلى رواية معمر. ثالثها ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددًا أو أضبط ممن لم يذكرها فهذا لا يؤثر التعليل به إلا أن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع أما إذا كانت الزيادة لا منافاة فيها بحيث تكون كالحديث المستقل فلا نعم إن صح بالدلائل أن تلك الزيادة مدرجة من كلام بعض رواته فيؤثر ذلك. رابعها ما تفرد به بعض الرواة ممن ضعف منهم وليس في البخاري من ذلك غير حديثين وقد توبعا أحدهما حديث أبي بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده قال كان النبي صلى الله عليه وسلم فرس يقال له اللخيف قال الدارقطني هذا ضعيف. اهـ وهو ابن سعد الساعيد الأنصاري الذي ضعفه أحمد وابن معين وقال النسائي ليس بالقوي لكن تابعه عليه أخوه عبد المهيمن بن عباس وروى له الترمذي وابن ماجه وثانيهما في الجهاد من البخاري في باب إذا أسلم قوم في دار الحرب حديث إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمرا استعمل مولى له يسمى هنيا على الحي الحديث بطوله قال الدارقطني إسماعيل ضعيف قال الحافظ بن حجر أظن أن الدارقطني إنما ذكر هذا الموضع من حديث إسماعيل خاصة وأعرض عن الكثير من حديثه عند البخاري لكون غيره شاركه في تلك الأحاديث وتفرد بهذا فإن كان كذلك فلم يتفرد بل تابعه عليه معن بن عيسى فرواه عن مالك كرواية إسماعيل سواء. خامسها ما حكم فيه بالوهم على بعض رواته فإنه ما يؤثر منه لا يؤثر. سادسها ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن فهذا لا يترتب عليه قدح لا مكان الجمع في المختلف من ذلك أو الترجيح كحديث جابر في قصة الجمل وحديثه في وفاء دين أبيه وحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين وربما يقع التنبيه على شيء من هذه الأقسام
[إرشاد الساري: 1/22]
في موضعه من هذا الشرح بتوفيق الله تعالى ومعونته والذي في البخاري من هذه الأقسام مائة حديث وعشرة أحاديث شاركه في كثير منها مسلم لا نطيل بسردها وأما الجواب عمن طعن فيه من رجال البخاري فليعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته مع ما انضاف لذلك من أطباق جمهور الأمة على تسمية الكتابين بالصحيحين وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيحين فهو بمثابة أطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما ولا يقبل الطعن في أحد من رواتهما لا بقادح واضح لأن أسباب القدح كما مر مختلفة ومداره هنا على خمسة البدعة أو المخالفة أو الغلط أو جهالة الحال أو دعوى الانقطاع بالسند بأن يدعى في رواية أنه كان يدلس ويرسل. فأما البدعة فالموصوف بها إن كان غير داعية قبل وإلا فلا وقال ابن دقيق العيدان وافق غير الداعية غيره فلا يلتفت إليه إخماد البدعة وإطفاء لناره وإن لم يوافقه أحد ولم يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع كونه صادقًا متحرزًا عن الكذب مشهورًا بالدين وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته. وأما المخالفة وينشأ عنها الشذوذ والنكارة فإذا روى الضابط والصدوق شيئًا فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عدد بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين فهذا شاذ وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ فيحكم على ما يخالف فيه بكونه منكرًا وهذا ليس في الصحيح منه سوى نزر يسير. وأما الغلط فتارة يكثر من الراوي وتارة يقبل فحيث يوصف بكونه كثير الغلط ينظر فيما أخرج له إن وجد مرويًا عنده أو عند غيره من رواية غير هذا الموصوف علم أن المعتمد أصل الحديث لا خصوص هذا الطريق وإن لم يوجد إلا من طريقة فهو قادح يوجب التوقف عن الحكم بصحة ما هذا سبيله وليس في الصحيح بحمد الله من ذلك شيء. وأما الجهالة فمندفعة عن جميع من أخرج لهم في الصحيح لأن شرط الصحيح أن يكون راويه معروفًا بالعدالة فمن زعم أن أحدًا منهم مجهول فكأنه نازع المصنف في دعواه أنه معروف ولا ريب أن المدعي لمعرفته مقدم على من يدعى عدم معرفته لما مع المثبت من زيادة العلم ومع ذلك فلا نجد في رجال الصحيح ممن يسوغ إطلاق اسم الجهالة عليه أصلاً. وأما دعوى الانقطاع فمدفوعة عمن أخرج لهم البخاري لما علم من شرطه ولا نطيل بسرد أسمائهم ورد ما قيل فيهم. وأما بيان موضوعه وتفرد بمجموعه وتراجمه البدعية المثال المنيعة المنال فأعلم أنه رحمه الله تعالى قد التزم مع صحة الأحاديث استنباط الفوائد الفقهية والنكت الحكمية فاستخرج بفهمه الثاقب من المتون معاني كثيرة فرقها في أبوابه بحسب المناسبة واعتنى فيها بآيات الأحكام وانتزع منها الدلالات البديعة وسلك في الإشارات إلى تفسيرها السبل الوسيعة ومن ثم أخلى كثيرًا من الأبواب عن ذكره إسناد الحديث واقتصر فيه على قوله فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك وقد يذكر المتن بغير إسناد الحديث واقتصر فيه على قوله فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك وقد يذكر المتن بغير إسناد وقد يورده معلقًا القصد الاحتجاج لما ترجم له وأشار للحديث لكونه معلومًا أوسق قريبًا ويقع في كثير من أبوابه أحاديث كثيرة وفي بعضها حديث واحد وفي بعضها آية من القرآن فقط وبعضها لا شيء فيه البتة. وقد وقع في بعض نسخ الكتاب ضم باب لم يذكر فيه حديث إلى حديث لم يذكر فيه باب فاستشكله بعضهم لكن أزال الإشكال الحافظ أبو ذر الهروي بما رواه عن الحافظ أبي اسحق المستملي مما ذكره أبو الوليد الباجي بالموحدة والجيم في كتابه أسماء رجال البخاري قال استنسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند الفريري فرأيت أشياء لم تتم وأشياء مبيضة منها تراجم لم يثبت بعدها شيئًا وأحاديث لم يترجم لها فأضفنا بعض ذلك إلى بعض قال الباجي ومما يدل على صحة ذلك أن رواية المستملي والسرخسي والكشمهني وأبي زيد المروزي مختلفة بالتقديم والتأخير مع أنهم استنسخوها من أصل واحد وإنما ذلك بحسب ما قد رأى كل واحد منهم فيما كان
[إرشاد الساري: 1/23]
في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضع ما فأضافه إليه وبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينها أحاديث قال الحافظ بن حجر وهذه قاعدة حسنة يفزع إليها حيث يتعسر الجمع بين الترجمة والحديث وهي مواضع قليلة اهـ. وهذا الذي قاله الباجي فيه نظر من حيث أن الكتاب قرىء على مؤلفه ولا ريب أنه لم يقرأ عليه الأمر فالعبرة بالرواية لا بالمسودة التي ذكر صفتها ثم أن التراجم الواقعة فيه تكون ظاهرة وخفية فالظاهرة أن تكون الترجمة دالة بالمطالبة لما يورده في مضمنها وإنما قائدتها الإعلام بما ورد في ذلك الباب من غير اعتبار لمقدار تلك الفائدة كأنه يقول هذا الباب الذي فيه كيت وكيت وقد تكون الترجمة بلفظ المترجم له أو ببعضه أو بمعناه وقد يأتي من ذلك ما يكون في لفظ الترجمة احتمال لا كثر من معنى واحد فيعين أحد الاحتمالين بما يذكره تحتها من الحديث وقد يوجد فيه عكس ذلك بأن يكون الاحتمال في الحديث والتعيين في الترجمة والترجمة هنا بيان لتأويل ذلك الحديث نائبة مناب قول الفقيه مثلا المراد بهذا الحديث العام الخصوص أو بهذا الحديث الخاص العموم إشعارًا بالقياس لوجود العلة الجامعة أو أن ذلك الخاص المراد به ما هو أعم مما يدل عليه ظاهره بطريق الأعلى أو الأدنى ويأتي في المطلق والمقيد نظير ما ذكر في العام والخاص وكذا في شرح المشكل وتفسير الغامض وتأويل الظاهر وتفصيل المجمل وهذا الموضع هو معظم ما يشكل من تراجم البخاري ولذا اشتهر من قول جمع من الفضلاء فقه البخاري في تراجمه وأكثر ما يفعل ذلك إذا لم يجد حديثًا على شرطه في الباب ظاهر المعنى في المقصد الذي يترجم به ويستنبط الفقه منه وقد يفعل ذلك لغرض شحذ الأذهان في إظهار مضمره واستخراج خبيئه وكثيرا ما يفعل ذلك أي هذا الأخير حيث يذكر الحديث المفسر لذلك في موضع آخر متقدمًا أو متأخرًا فكأنه يحيل عليه ويومئ بالرمز والإشارة إليه وكثيرًا ما يترجم بلفظ الاستفهام كقوله باب هل يكون كذا أو من قال كذا ونحو ذلك وذلك حيث لا يتجه له الجزم بأحد الاحتمالين وغرضه بيان هل ثبت ذلك الحكم أو لم يثبت فيترجم على الحكم ومراده ما يفسر بعد من إثباته أو نفيه أو أنه محتمل لهما وربما كان أحد المحتملين أظهر وغرضه أن يبقى للناظر مجالاً وينبه على أن هناك احتمالاً أو تعارضًا يوجب التوقف حيث يعتقد أن فيه إجمالاً أو يكون المدرك مختلفًا في الاستدلال به وكثيرًا ما يترجم بأمر ظاهر قليل الجدوى لكنه إذا حققه المتأمل أجدى كقوله باب قول الرجل ما صلينا فانه أشاربه إلى الرد على من كره ذلك وكثيرًا ما يترجم بأمر يختص ببعض الوقائع لا يظهر في بادئ الرأي كقوله باب استياك الإمام بحضرة رعيته فإنه لما كان الاستياك قد يظن أنه من أفعال المهنة فلعل أن يظن أن إخفاءه أولى مراعاة للمروءة فلما وقع في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم استاك بحضرة الناس دل على أنه من باب التطيب لا من الباب الآخر نبه على ذلك ابن دقيق العيد قال الحافظ بن حجر ولم أر هذا في البخاري فكأنه ذكره على سبيل المثال وكثيرًا ما يترجم بلفظ يومئ إلى معنى حديث لم يصح على شرطه أو يأتي بلفظ الحديث الذي لم يصح على شرطه صريحًا في الترجمة ويورد في الباب ما يؤدي معناه تارة بأمر ظاهر وتارة بأمر خفي من ذلك قوله باب الأمراء من قريش وهذا اللفظ حديث يروى عن علي وليس على شرط البخاري وأورد فيه حديث لا يزال وال من قريش وربما اكتفى أحيانًا بلفظ الترجمة التي هي لفظ حديث لم يصح على شرطه وأورد معها أثرًا وآية فكأنه يقول لم يصح في الباب شيء على شرطي وللغفلة عن هذه المقاصد الدقيقة اعتقد من لم يمعن النظر أنه ترك الكتاب بلا تبييض وبالجملة فتراجمه حيرت الأفكار وأدهشت العقول والأبصار ولقد أجاد القائل:
أعيا فحول العلم حل رموزها = أبداه في الأبواب من أسرار
وإنما بلغت هذه المرتبة وفازت بهذه المنقبة لما روى أنه بيضها بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم
[إرشاد الساري: 1/24]
ومنبره وإنه كان يصلي لكل ترجمة ركعتين وأما تقطيعه للحديث واختصاره وإعادته له في الأبواب وتكراره فقال الحافظ أبو الفضل بن طاهر في جواب المتعنت اعلم أن البخاري رحمه الله تعالى كان يذكر الحديث في كتابه في مواضع ويستدل به في كل باب بإسناد آخر ويستخرج منه معنى يقتضيه الباب الذي أخرجه فيه وقلما يورد حديثًا في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد وإنما يورده من طريق أخرى لمعان يذكرها فمنها أنه يخرج الحديث عن صحابي ثم يورده عن صحابي آخر والمقصود منه أن يخرج الحديث من حد الغرابة وكذا يفعل في أهل الطبقة الثانية والثالثة وهلم جرا إلى مشايخه فيعتقد من يرى ذلك من غير أهل الصنعة أنه تكرار وليس بذلك لاشتماله على فائدة زائدة ومنها أنه صح أحاديث على هذه القاعدة يشتمل كل حديث منها على معان متغايرة فيورده في كل باب من طريق غير الطريق الأول ومنها أحاديث يرويها بعض الرواة تامة وبعضهم مختصر فيرويها كما جاءت ليزيل الشبهة عن ناقلها ومنها أن الرواة ربما اختلفت عباراتهم فحدث راو بحديث فيه كلمة تحتمل معنى آخر فيورده بطرقه إذا صحت على شرطه ويفرد لكل لفظة بابا مفردا ومنها أحاديث تعارض فيها الوصل والإرسال ورجح عنده الوصل فاعتمده وأورد الإرسال منبهًا على أنه لا تأثير له عنده في الموصول ومنها أحاديث تعارض فيها الوقف والرفع والحكم فيها كذلك ومنها أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلاً في الإسناد ونقصه بعضهم فيوردها على الوجهين حيث يصح عنده أن الراوي سمعه من شيخ حدثه به عن آخر ثم لقي آخر فحدثه به فكان يرويه على الوجهين. ومنها أنه ربما أورد حديثا عنعنه راويه فيورده من طريق أخرى مصر حافيها بالسماع على ما عرف من طريقه في اشتراط ثبوت اللقاء من المعنعن. وأما تقطيعه للحديث في الأبواب تارة واقتصاره على بعضه أخرى فلأنه إن كان المتن قصيرًا ومرتبطًا بعضه ببعض وقد اشتمل على حكمين فصاعدا فإنه يعيده بحسب ذلك مراعيًا عدم إخلائه من فائدة حديثية وهي إيراده له عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك فيستفاد بذلك كثرة لطرق لذلك الحديث وربما ضاق عليه مخرج الحديث حيث لا يكون له إلا طريق واحدة فيتصرف حينئذ فيه فيورده في موضع موصولاً وفي آخر معلقا وتارة تامًا وأخرى مقتصر على طرفه الذي يحتاج إليه في ذلك الباب فإن كان المتن مشتملاً على جمل متعددة لا تعلق لإحداها بالأخرى فإنه يخرج كل جملة منها في باب مستقل فرارًا من التطويل وربما نشط فساقه بتمامه وقد ذكر أنه وقع في بعض نسخ البخاري في أثناء الحج بعد باب قصر الخطبة بعرفة باب التعجيل إلى الموقف قال أبو عبد الله يزاد في هذا الباب حديث مالك عن ابن شهاب ولكني لا أريد أن أدخل فيه معادًا وهذا كما قال في مقدمة الفتح يقتضي أنه لا يتعمد أن يخرج في كتابه حديثًا معادًا بجميع إسناده ومتنه وإن كان قد وقع له من ذلك شيء فعن غير قصد وهو قليل جدًا اهـ. قلت وقد رأيت ورقة بخط الحافظ بن حجر تعليقًا أحضرها إلي صاحبنا الشيخ العلامة المحدث البدر المشهدي نصها نبذة من الأحاديث التي ذكرها البخاري في موضعين سندًا ومتنا حديث عبد الله بن مغفل رمى إنسان بجراب فيه شحم في آخر الخمس وفي الصيد والذبائح. حديث في نحر البدن في الحج عن سهل بن بكار عن وهب ذكره في موضعين متقاربين حديث أنس أصيب حارثة فقالت أمه في غزوة بدر وفي الرقاق حديث أن رجلين خرجا ومعهما مثل المصباحين في باب المساجد وفي باب انشقاق القمر. حديث أنس أن عمرا استسقى بالعباس في الاستسقاء ومناقب العباس حديث أبي بكرة إذا التقى المسلمان في باب وإن طائفتان في كتاب الإيمان وفي كتاب الديات حديث أبي جحيفة سألت عليها هل عندكم شيء في باب المقاتلة وفي باب لا يقتل مسلم بكافر. حديث حذيفة حدثنا حديثين أحدهما في باب رفع الأمانة من الرقاق وفي باب إذا بقى حثالة من الفتن. حديث أبي هريرة في قول رجل من أهل البادية
[إرشاد الساري: 1/25]
لسنا أصحاب زرع في كتاب الحرث وفي التوحيد في كلام الرب مع الملائكة. حديث عمر كانت أموال بني النضير في باب المجن من الجهاد وفي التفسير حديث أبي هريرة بينا أيوب يغتسل عريانا في أحاديث الأنبياء وفي التوحيد حديث لا تقسم ورثتي في الخمس وقبله في الجهاد حديث عبد الله بن عمرو من قتل معاهدًا في الجزية وباب من قتل معاهدًا وفي الديات باب من قتل ذميا. حديث أبي سعيد إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره في الصلاة وفي صفة إبليس. حديث أبي هريرة وكلني بحفظ زكاة رمضان في الوكالة وفي فضائل القرآن. حديث عدي بن حاتم جاء رجلان أحدهما يشكو العيلة في الصدقة قبل الرد وفي علامات النبوة. حديث أنس انهزم الناس يوم أحد في غزوة أحد وفي الجهاد ومناقب طلحة. حديث أبي موسى رأيت في المنام أني أ÷اجر من مكة إلى أرض ذات نخل الحديث في علامات النبوة وفي المغازي وفي التفسير. حديث ابن عباس هذا جبريل في غزوة بدر وفي غزوة أحد. حديث جابر أمر عليا أن يقيم على إحرامه في الحج وفي بعث علي من المغازي. حديث عائشة كان يوضع إلى المركن في الطهارة في الاعتصام وهذا آخر ما وجدته بخط الحافظ بن حجر من ذلك ورأيت في البخاري أيضًا حديث أبي هريرة كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام في باب لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء من كتاب الاعتصام وفي تفسير سورة البقرة وفي باب ما يجوز من تفسير التوراة في كتاب التوحيد. وأما اقتصاره أي البخاري على بعض المتن من غير أن يذكر الباقي في موضع آخر فإنه لا يقع له ذلك في الغالب إلا حيث يكون المحذوف موقوفًا على الصحابي وفيه شيء قد يحكم برفعه فيقتصر على الجملة التي يحكم لها بالرفع ويحذف الباقي لأنه لا تعلق به بموضوع كتابه كما وقع له في حديث هزيل بن شرحبيل عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون هكذا أورده وهو مختصر من حديث موقوف أوله جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال إني أعتقت عبدًا لي سائبة فمات وترك مالا ولم يدع وارثًا فقال عبد الله إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون فأنت ولي نعمته فلك ميراثه فإن تأثمت وتحرجت في شيء فنحن نقبله منك ونجعله في بيت المال فاقتصر البخاري على ما يعطى حكم الرفع من هذا الموقوف وهو قوله أن أهل الإسلام لا يسيبون لأنه يستدعى بعمومه النقل عن صاحب الشرع لذلك الحكم واختصر الباقي لأنه ليس من موضوع كتابه وهذا من أخفى المواضع التي وقعت له من هذا الجنس فقد اتضح أنه لا يعيد إلا لفائدة حتى لو لم يظهر لإعادته فائدة من جهة الإسناد ولا من جهة المتن لكان ذلك لإعادته لأجل مغايرة الحكم الذي تشتمل عليه الترجمة الثانية موجبًا لئلا يعد تكرارًا بلا فائدة كيف وهو لا يخليه مع ذلك فائدة إسنادية وهي إخراجه للإسناد عن شيخ غير الشيخ الماضي أو غير ذلك. وأما إيراده للأحاديث المعلقة مرفوعة وموقوفة فيوردها تارة مجزومًا بها كقال وفعل فلها حكم الصحيح وغير مجزوم بها كيروى ويذكر فالمرفوع تارة يوجد في موضع آخر منه موصولاً وتارة معلقًا فالأول وهو الموصول إنما يورده معلقًا حيث يضيق مخرج الحديث إذ أنه لا يكرر إلا لفائدة فتى ضاق المخرج واشتمل المتن على أحكام واحتاج إلى تكريره بتصرف في الإسناد بالاختصار خوف التطويل والثاني وهو ما لا يوجد فيه إلا معلقًا فأما أن يذكره بصيغة الجزم فيستفاد منه الصحة عن المضاف إلى من علق عنه وجو بالكن يبقى النظر فيمن أبرز من رجال ذلك الحديث فمنه ما يلحق بشرطه ومنه ما لا يلحق فأما الأول فالسبب في كونه لم يوصل إسناده لكونه أخرج ما يقوم مقامه فاستغنى عن إيراده مستوفيًا ولم يهمله بل أورده معلقًا اختصارًا أو لكونه لم يحصل عنده مسموعًا أو سمعه وشك في سماعه له من شيخه أو سمعه مذاكرة فلم يسقه مساق الأصل وغالب هذا فيما أورده عن مشايخه فمن ذلك أنه قال في كتاب
[إرشاد الساري: 1/26]
الوكالة قال عثمان بن الهيثم حدثنا عوف حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة رمضان الحديث بطوله وأورده في مواضع أخر منها في فضائل القرآن وفي ذكر إبليس ولم يقل في موضع منها حدثنا عثمان فالظاهر أنه لم يسمعه منه وقد استعمل البخاري هذه الصيغة فيما لم يسمعه من مشايخه في عدة أحاديث فيوردها عنهم بصيغة قال فلان ثم يوردها في موضع آخر بواسطة بينه وبينهم ويأتي لذلك أمثلة كثيرة في مواضعها فقال في التاريخ قال إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف فذكر حديثنا ثم قال حدثوني بهذا عن إبراهيم ولكن ليس ذلك مطردًا في كل ما أورده بهذه الصيغة لكن مع هذا الاحتمال لا يجمل حمل جميع ما أورده بهذه الصيغة على أنه سمع ذلك من شيوخه ولا يلزم من ذلك أن يكون مدلسا عنهم فقد صرح الخطيب وغيره بأن لفظ قال لا يحمل على السماع إلا ممن عرف من عادته أنه لا يطلق ذلك إلا فيما سمع فاقتضى ذلك أن من لم يعرف ذلك من عادته كان الأمر فيه على الاحتمال. وأما ما لا يلتحق بشرطه فقد يكون صحيحًا على شرط غيره كقوله في الطهارة وقالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه فإنه حديث صحيح على شرط مسلم أخرجه في صحيحه وقد يكون حسنا صالحا للحجة كقوله فيها وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده الله أحق أن يستحيا منه من الناس فإنه حديث حسن مشهور عن بهز أخرجه أصحاب السنن وقد يكون ضعيفًا لا من جهة قدح في رجاله بل من جهة انقطاع يسير في إسناده كقوله في كتاب الزكاة وقال طاوس قال معاذ بن جبل لأهل اليمن ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإن إسناده إلى طاوس صحيح إلا أن طاوسا لم يسمع من معاذ وأما ما يذكر بصيغة التمريض فلا يستفاد منه الصحة عن المضاف إليه لكن فيه ما هو صحيح وفيه ما ليس بصحيح فالأول لم يوجد فيه ما هو على شرطه إلا في مواضع يسيرة جدًا ولا يذكرها إلا حيث يذكر ذلك الحديث المعلق بالمعنى ولم يجزم بذلك كقوله في الطب ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقى بفاتحة الكتاب فإنه أسنده في موضع آخر من طريق عبيد الله بن الأخنس عن أبي مليكة عن ابن عباس أن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بحي فيه لديغ فذكر الحديث في رقيتهم للرجل بفاتحة الكتاب وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لما أخبروه بذلك أن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله فهذا لما أورده بالمعنى لم يجزم به إذ ليس في الموصول أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الرقية بفاتحة الكتاب إنما فيه أنه لم ينههم عن فعلهم فاستفيد ذلك من تقريره. وأما ما لم يورده في موضع آخر مما أورده بهذه الصيغة فنه ما هو صحيح إلا أنه ليس على شرط كقوله في الصلاة ويذكر عن عبد الله بن السائب قال قرأ النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنون في صلاة الصبح حتى إذا جاء ذكر موسى وهرون أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع وهو حديث صحيح على شرط مسلم أخرجه في صحيحه. ومنه ما هو حسن كقوله في البيوع ويذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا بعت فاكتل وهذا الحديث قد رواه الدارقطني من طريق عبيد الله بن المغيرة وهو صدوق عن منقذ مولى عثمان وقد وثق عن عثمان وتابعه عليه سعيد بن المسيب ومن طريقه أخرجه أحمد في المسند إلا أن في إسناده ابن لهيعة ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه من حديث عطاء عن عثمان وفيه انقطاع فالحديث حسن لما عضده من ذلك ومنه ما هو ضعيف فرد إلا أن العمل على موافقته كقوله في الوصايا ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بالدين قبل الوصية وقد رواه الترمذي موصولاً من حديث أبي اسحق السبيعي عن الحرث الأعور عن علي والحرث ضعيف وقد استغربه الترمذي ثم حكى إجماع أهل المدينة على القول به ومنه ما هو ضعيف فرد لا جابر له وهو في البخاري قليل جدًا
[إرشاد الساري: 1/27]
وحيث يقع ذلك فيه بتعقبه المصنف بالتضعيف بخلاف ما قبله ومن أمثلته قوله في كتاب الصلاة ويذكر عن أبي هريرة رفعه لا يتطوع الإمام في مكانه ولم يصح وهو حديث أخرجه أبو داود من طريق ليث بن أبي سليم عن الحجاج عن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة ولبث بن أبي سليم ضعيف وشيخ شيخه لا يعرف وقد اختلف عليه فيه فهذا حكم جميع ما في البخاري من التعاليق المرفوعة بصيغتي الجزم والتمريض وأما الموقوفات فإنه يجزم فيها بما صح عنده ولو لم يكن على شرطه ولا يجزم بما كان في إسناده ضعف أو انقطاع إلا حيث يكون إما بمجيئه من وجه آخر وإما بشهرته عمن قاله وإنما يورد ما يورد من الموقوفات من فتاوى الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ومن تفاسيرهم لكثير من الآيات على طريق الاستئناس والتقوية لما يختاره من المذاهب في المسائل التي فيها الخلاف بين الأئمة فحينئذ ينبغي أن يقال جميع ما يورده فيه إما أن يكون مما ترجم به أو مما ترجم له فالمقصود في هذا التأليف بالذات هو الأحاديث الصحيحة وهي التي ترجم لها والمذكور بالعرض والتبع الآثار الموقوفة والأحاديث المعلقة نعم والآيات المكرمة فجميع ذلك مترجم به إلا أنه إذا اعتبر بعضها مع بعض واعتبرت أيضًا بالنسبة إلى الحديث يكون بعضها مع بعض منها مفسر ومفسر ويكون بعضها كالمترجم له باعتبار ولكن المقصود بالذات هو الأصل فقد ظهر أن موضوعه إنما هو للمسندات والمعلق ليس بمسند ولذا لم يتعرض الدارقطني فيما تتبعه على الصحيحين إلى الأحاديث المعلقات لعلمه بأنها ليست من موضوع الكتاب وإنما نكرت استئناسًا واستشهادًا اهـ. من مقدمة فتح الباري بحروفه وبالله تعالى التوفيق والمستعان. وأ/ا عدد أحاديث الجامع فقال ابن الصلاح سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون بتأخير الموحدة عن السين فيهما بالأحاديث المكررة وتبعه النووي وذكرها مفصلة وساقها ناقلاً لها من كتاب جواب المتعنت لأبي الفضل بن طاهر وتعقب ذلك الحافظ أو الفضل بن حجر رحمه الله تعالى بابًا بابًا محررًا ذلك وحاصله أنه قال جميع أحاديثه بالمكرر سوى المعلقات والمتابعات على ما حرزته وأنقنته سبعة آلاف بالموحدة بعد السين وثلثمائة وسبعة وتسعون حديثًا فقد زاد على ما ذكروه مائة حديث واثنين وعشرين حديثًا والخالص من ذلك بلا تكرار ألفا حديث وستمائة وحديثان وإذا ضم له المتون المعلقة المرفوعة التي لم يوصلها في موضع آخر منه وهي مائة وتسعة وخمسون صار مجموع الخالص ألفي حديث وسبعمائة وإحدى وستين حديثًا وجملة ما فيه من التعاليق ألف وثالثمائة وأحد وأربعون حديثًا وأكثرها مكرر مخرج في الكتاب أصول متونه وليس فيه من المتون التي لم تخرج في الكتاب ولو من طريق أخرى إلا مائة وستون حديثًا وجملة ما فيه من المتابعات والتنبيه على اختلاف الروايات ثلاثمائة وأربعة وأربعون حديثًا فجملة ما في الكتاب على هذا بالمكرر تسعة آلاف واثنان وثمانون حديثًا خارجًا عن الموقوفات على الصحابة والمقطوعات على التابعين فمن بعدهم. وأما عدد كتبه فقال في الكواكب إنها مائة وشيء وأبوابه ثلاثة آلاف وأربعمائة وخمسون بابًا مع اختلاف قليل في نسخ الأصول. وعدد مشايخه الذين صرح عنهم فيه مائتان وتسعة وثمانون وعدد من تفرد بالرواية عنهم دون مسلم مائة وأربعة وثلاثون. وتفرد أيضًا بمشايخ لم تقع الرواية عنهم لبقية أصحاب الكتب الخمسة إلا بالواسطة. ووقع له اثنان وعشرون حديثًا ثلاثيات الإسناد والله سبحانه الموفق والمعين. وأما فضيلة الجامع الصحيح فهو كما سبق أصح الكتب المؤلفة في هذا الشأن والمتلقى بالقبول من العلماء في كل أوان قد فاق أمثاله في جميع الفنون والأقسام وخص بمزايا من بين دواوين الإسلام شهد له بالبراعة والتقدم الصناديد العظام والأفاضل الكرام ففوائده أكثر من أن تحصى وأعز من أن تستقصى وقد أنبأني غير واحد عن المسندة الكبيرة عائشة بنت محمد بن عبد الهادي أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم عن
[إرشاد الساري: 1/28]
عبد الله بن عمر بن علي أن بالوقت أخبرهم عنه سماعا قال أخبرنا أحمد بن محمد ابن إسماعيل الهروي شيخ الإسلام سمعت خالد بن عبد الله المروزي يقول سمعت أبا سهل محمد بن أحمد المروزي يقول سمعت أبا زيد المروزي يقول كنت نائمًا بين الركن والمقام فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي يا زيد إلى متى تدرس كتاب الشافعي وما تدرس كتابي فقلت يا رسول الله وما كتابك قال جامع محمد بن إسماعيل. وقال الذهبي في تاريخ الإسلام وأما جامع البخاري الصحيح فأجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله تعالى قال وهو أعلى في وقتنا هذا إسناد للناس ومن ثلاثين سنة يفرحون بعلو سماعه فكيف اليوم فلو رحل الشخص لسماعه من ألف فرسخ لما ضاعت رحلته اهـ. وهذا قاله الذهبي رحمه الله في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة وروى بالإسناد الثابت عن البخاري أنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكأنني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب بها عنه فسألت بعض المعبرين فقال لي أنت تذب عنه الكذب فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح وقال ما كتبت في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين وقال خرجته من نحو ستمائة ألف حديث وصنفته في ست عشرة سنة وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى وقال ما أدخلت فيه إلا صحيحًا وما تركت من الصحيح أكثر حتى لا يطول وقال صنفت كتابي الجامع في المسجد الحرام وما أدخلت فيه حديثًا حتى استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقنت صحته. قال الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى والجمع بين هذا وبين ما روى أنه كان يصنفه في البلاد أنه ابتدأ تصنيفه وترتيب أبوابه في المسجد الحرام ثم كان يخرج الأحاديث بعد ذلك في بلده وغيرها ويدل عليه قوله أنه أقام فيه ست عشرة سنة فإنه لم يجاور بمكة هذه المدة كلها.


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 02:05 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

وقد روى ابن عدي عن جماعة من المشايخ أن البخاري حول تراجم جامعه بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين ولا ينافي هذا أيضًا ما تقدم لأنه يحمل على أنه في الأول كتبه في المسودة وهنا حوله من المسودة إلى المبيضة. وقال الفربري قال لي محمد بن إسماعيل ما وضعت في الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين وأرجو أن يبارك الله تعالى في هذه المصنفات. وقال الشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة قال لي من لقيت من العارفين عمن لقيه من السادة المقر لهم بالفضل أن صحيح البخاري ما قرىء في شدة إلا فرجت ولا ركب به في مركب فغرقت قال وكان مجاب الدعوة وقد دعا لقارئه رحمه الله تعالى، وقال الحافظ عماد الدين بن كثير وكتاب البخاري الصحيح يستسقى بقراءته الغمام وأجمع على قبوله وصحة ما فيه أهل الإسلام وما أحسن قول البرهان القيراطي رحمه الله:
حدث وشنف بالحديث مسامعي = فحديث من أهوى حلى مسامعي
لله ما أحلى مكرره الذي = يحلو ويعذب في مذاق السامع
بسماعه نلت الذي أملته = وبلغت كل مطالبي ومطامعي
وطلعت في أفق السعادة صاعدًا = في خير أوقات وأسعد طالع
ولقد هديت لغاية القصد التي = صحت أدلته بغير ممانع
وسمعت نصا للحديث معرفا = مما تضمنه كتاب الجامع
وهو الذي يتلى إذا خطب عرا = فستراه للمعذور أعظم دافع
كم من يد بيضا حواها طرسه = تومي إلى طرق العلا بأصابع
وإذا بدا بالليل أسود نقشه = يجلو علينا كل بدر ساطع
ملك القلوب به حديث نافع = مما رواه مالك عن نافع
في سادة ما إن سمعت بمثلهم = من مسمع عالي السماع وسامع
[إرشاد الساري: 1/29]
وقراءة القارئ له ألفاظه = تغريدها بزري بسجع الساجع
(وقول الآخر)
وفتى بخارا عند كل محدث = هو في الحديث جهينة الأخبار
لكتابه الفضل المبين لأنه = أسفاره في الصبح كالأسفار
كم أزهرت بحديث أوراقه = مثل الرياض لصاحب الأذكار
ألفاته مثل الغصون إذا بدت = من فوقها الهمزات كالأطيار
بجوامع الكلم التي اجتمعت به = متفرقات الزهر والأزهار
وقول الشيخ أبي الحسن علي بن عبيد الله بن عمر الشقيع بالشين المعجمة والقاف المكسورة المشددة وبعد التحتية الساكنة عين مهملة النابلسي المتوفى بالقاهرة سنة ست عشرة وتسعمائة
ختم الصحيح بحمد ربي وانتهى = وأرى بي الجاني تقهقر وانتهى
فسقى البخاري جود جود سحائب = ما غابت الشعرى وما طلع السها
الحافظ الثقة الإمام المرتضى = من سارفي طلب الحديث وما وهى
طلب الحديث بكل قطر شاسع = وروى عن الجم الغفير أولى النهى
ورواه خلق عنه وانتفعوا به = وبفضله اعترف البرية كلها
بحر بجامعه الصحيح جواهر = قد غاصها فاجهد وغص إن رمتها
وروى أحاديثا معنعنة زهت = تحلو لسامعها إذا كررتها
وللإمام أبي الفتوح العجلي:
صحيح البخاري يا ذا الأدب = قوي المتون على الرتب
قويم النظام بهيج الرواء = خطير بروج كنقد الذهب
فتبيانه موضح المعضلات = وألفاظه نخبة للنخب
مفيد المعاني شريف المعالي = رشيق أنيق كثير الشعب
سما عزه فوق نجم السماء = فكل جميل به يجتلب
سناء منير كضوء الضحا = ومتن مزيح لشوب الريب
كأن البخاري في جمعه = تلقى من المصطفى ما اكتتب
فلله خاطره إذ وعى = وساق فرائده وانتخب
جزاه الإله بما يرتضى = وبلغه عاليات القرب
ولأبي عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني الأديب رحمه الله تعالى:
صحيح البخاري لو أنصفوه = لما خط إلا بماء الذهب
هو الفرق بين الهدى والعمى = هو السد دون العنا والعطب
أسانيد مثل نجوم السماء = أمام متون كمثل الشهب
به قام ميزان دين النبي = ودان له العجم بعد العرب
حجاب من النار لا شك فيه = يميز بين الرضا والغضب
وخير رفيق إلى المصطفى = ونور مبين لكشف الريب
فيا عالمًا أجمع العالمون = على فضل رتبته في الرتب
سبقت الأئمة فيما جمعت = وفزت على رغمهم بالقصب
نفيت السقيم من الغافلين = ومن كان متهمًا بالكذب
وأثبت من عدالته الرواه = وصحت روايته في الكتب
وأبرزت حسن ترتيبه = وتبويبه عجبا للعجب
[إرشاد الساري: 1/30]
فأعطاك ربك ما تشتهيه = وأجزل حظك فيما يهب
وخصك في عرصات الجنان = بخير يدوم ولا يقتضب
فلله دره من تأليف رفع علم علمه بمعارف معرفته وتسلسل حديثه بهذا الجامع فأكرم بسنده العالي ورفعته انتصب لرفع بيوت أذن الله أن ترفع فيا له من تصنيف تسجد له جباه التصانيف إذا تليت آياته وتركع هتك بأنوار مصابيحه المشرقة من المشكلات كل مظلم واستمدت جداول العلماء من ينابيع أحاديثه التي ما شك في صحتها مسلم فهو قطب سماء الجوامع ومطالع الأنوار اللوامع فالله تعالى يبوئ مؤلفه في الجنان منازل مرفوعه ويكرمه بصلات عائدة غير مقطوعة ولا ممنوعة.


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرابع, الفصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir