دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 جمادى الأولى 1431هـ/1-05-2010م, 04:08 PM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي شرح زاد المستقنع للشيخ حمد الحمد

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ: (( ويحرم إستقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان )):
يحرم على المسلم أن يستقبل القبلة أو يستدبرها بغائط أو بول ويستثنى من ذلك: البنيان ، فإذا كان في كنيف أو مرحاض أو نحو ذلك من البيوت المبنية فإنه لا يحرم ذلك هذا هو مذهب جمهور الفقهاء.واستدلوا ـ أولاً ـ على تحريم استقبال القبلة واستدبارها عند الغائط والبول ـ بحديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا أو غربوا)).وبما ثبت في مسلم عن سلمان الفارسي قال:(نهانا النبي ـ صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول) ([1]) ونحوه من حديث أبي هريرة في مسلم.فهذه الأحاديث تدل على تحريم إستقبال القبلة أو استدبارها بغائط أو بول.
ـ أما استثناء البنيان: فدليله ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر قال: (رقيت على بيت حفصة فرأيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حاجته يبول مستقبل الشام مستدبر الكعبة) ([2]).
وقد كان في بنيان ، كما في رواية ابن خزيمة (محجوباً بلبن) ([3]) وروى الحكيم الترمذي وقال الحافظ إسناده صحيح: أنه كان في كنيف ، وهذا هو المعهود عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بإنه كان يستتر غاية الإستتار ، فكان ما وقع من رواية ابن عمر كان ذلك في بنيان ـ وقد ثبت عند الخمسة إلا النسائي بإسناد جيد ، وهو من حديث محمد بن إسحاق وهو مدلس لكنه صرح بالتحديث في بعض روايات هذا الحديث ، عن جابر قال: (نهانا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نستقبل القبلة أو نستدبرها بفروجنا إذا نحن أهرقنا الماء ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة)([4]) ، والحديث اسناده جيد ، وقد حسنه الترمذي ، وصححه البخاري وابن خزيمة والحاكم وابن السكن فالحديث حسن وهو حجة.
قالوا: فهذان الحديثان يدلان على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قضى حاجته مستقبل القبلة ومستدبرها وذلك إنما كان في البنيان ـ وقد روى مروان بن الأصفر عن ابن عمر: (أنه أناخ راحلته قِبَل الكعبة فجعل يبول ، فقيل له: أليس قد نُهِيَ عن ذلك ؟ فقال: إنما نهي عن ذلك إذا كنت في فضاء أما إذا كان بينك وبين القبلة شيء فلا بأس) ([5]) رواه أبو داود.
فهذه أدلة الجمهور في أن قضاء الحاجة قِبَل القبلة أو استدبارها محرم في غير البنيان أي في الفضاء ، أما في البنيان أو إذا كان بينه وبين القبلة شيء ساتر كراحلة أو مركبة ، فإنه لا حرج في ذلك ولا بأس ، وهذا هو إختيار الإمام البخاري كما في صحيحه.
ـ وعن الإمام أحمد رواية أخرى ـ وذهب إليها بعض الفقهاء أن ذلك جائز مطلقاً في البنيان وغير البنيان.ودليل ذلك حديث ابن عمر وأنه يدل على النسخ.لكن هذا القول قول ضعيف ؛ لأن القول بالنسخ صعب فلا يقال بالنسخ إلا مع عدم إمكان الجمع.وقد تقدم كيف أن الجمهور قد جمعوا ، وسيأتي كذلك موقف أهل القول الآخر من هذا الحديث فهذا القول هو أضعف الأقوال ، وهو مروي عن الإمام أحمد وذهب إليه داود الظاهري.
ـ والقول الآخر: وهو كذلك رواية عن الإمام أحمد وذهب إليه بعض الفقهاء جواز استدبار الكعبة دون استقبالها.وهؤلاء قد أخذوا بحديث ابن عمر في رؤيته النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو مستدبر الكعبة ، ولم يأخذوا بحديث جابر لكونهم يضعفونه ، ولكن تقدم تصحيح هذا الحديث.
ـ والقول الرابع: ذهب إليه أبو حنيفة وهو رواية عن الإمام أحمد ذهبوا إلى أن ذلك محرم على الإطلاق ـ أي في البنيان وغيره ـ.
واستدلوا: بعمومات الأحاديث التي تقدم ذكرها كحديث أبي أيوب وأبي هريرة وسلمان رضي الله عنهم ، فهي أحاديث عامة في البنيان وغيره.وهذا هو قول أبي أيوب الأنصاري ، فقد قال بعد ما روى الحديث: (فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل الكعبة فننحرف ونستغفر الله) ([6]). فهذا هو مذهب أبي أيوب الأنصاري ، فعلى ذلك مذهب ابن عمر مخالف لقول أبي أيوب ـ وما هو جوابهم على الأحاديث الفعلية المتقدمة ؟؟
قالوا: أما فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رؤية ابن عمر له ورؤية جابر فإن هذا الفعل الذي فعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما يحكي حاله تلك فإن الفعل لا عموم له ولا صفة له وإنما هو حكاية حال فقط. لذا يحتمل فيه الخصوصية والنسيان وغير ذلك. وإن كان على القول الصحيح أن احتمال الخصوصية هنا ضعيف ؛ لأن الأصل عدمها وكذلك النسيان فإن الأصل عدمه ، هذا في معارضة الفعل القول ، فإنه: يجب الجمع بين أفعال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأقواله ـ هذا في الأصل ـ أما هنا ـ في هذه المسألة ـ فإن أفعال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـالتي تقدم ذكرها قد حدثت منه في غير محل التشريع وليست أفعالاً ظاهرة أمام أصحابه وإنما فعلها في محل لا يظن أنه يرى فيه، فهو ليس محل تشريع والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجوز عليه النسيان في غير الشريعة وكذلك يجوز عليه الخطأ في غير الشريعة.فهو إنما يقضي حاجته مختفياً عن الناس حتى لا يراه أحد وكون هديه الصحابيين أطلعا عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن ذلك في غير محل التشريع ، بخلاف الفعل الذي يكون ظاهراً ، وقد قال تعالى: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} ([7]).أما هذا الفعل فليس في محل التشريع لعدم ظهوره ، ولما عرف من حاله من قضائه حاجته في غاية الإستتار والبعد عن الناس ـ ويدل على صحة هذا القول وأن هذه أفعال من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غير محل التشريع وأنها قد حدثت منه نسياناً ، أن الفارق بين البنيان وغيره ـ في هذه المسألة ـ غير معتبر ذلك لأن النهي إنما هو لإكرام القبلة ، ومعلوم أن الرجل عندما يقضي حاجته في فضاء ، فإن بينه وبين القبلة جبالاً وأشجاراً وغيرها مما تكون حائلة بينه وبين القبلة ، وكونه يقضي حاجته مستقبلاً القبلة في البنيان لا فرق ـ في الحقيقة ـ بين ذلك وبين قضائه في الفضاء الواسع ، ولكن بينه وبين القبلة ولابد حوائل تمنع عيانه للكعبة ـ وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما روى ذلك أبو داود وابن خزيمة وصححه والحديث صحيح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تفله بين عينيه) ، فإذا كان هذا في التفل تجاه القبلة فأولى منه في الغائط والبول ، ولم يفرق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين بنيان وغيره بل أطلق ذلك في هذا الحديث.وفي حديث: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا)([9]).فهذا القول هو القول الراجح ، وهو إختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم ، وهو قول ابن العربي من المالكية وأبي ثور من الشافعية وذهب إليه من الحنابلة أبو بكر ابن عبد العزيز وذهب إليه الشيخ محمد بن إبراهيم من المتأخرين وهذا هو القول الراجح فإن فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المتقدم ، فعل ليس في محل التشريع. والتفريق بين البنيان وغيره غير منظور إليه هنا ؛ لأن المقصود إنما هو إكرام القبلة والبول في البنيان يترتب عليه عدم إكرامها كترتبه في غير بنيان. فإنه إذا قضى حاجته في الفضاء فإنه لابد أن يكون بينه وبين القبلة حوائل كثيرة من جبال ونحوها ، فحينئذ لا فرق بين ذلك وبين البنيان ـ وفي قوله النبي ـ صلى الله عليه وسلم: (ولكن شرقوا أو غربوا) دليل لما ذهب إليه بعض الحنابلة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه لا يكفي الإنحراف اليسير خلافاً للمشهور عند الحنابلة من أنه يكفي الإنحراف اليسير.
والراجح عدم الإعتبار به ، وأنه لابد وأن يشرق أو يغرب ، فلا يكفي أن ينحرف يسيراً. ويقاس كذلك على الصلاة فإن الرجل إذا انحرف عن القبلة شيئاً يسيراً فذلك لا يبطل صلاته ، أما إذا كان كثيراً فإنه يبطلها ، فإذا انحرف عن القبلة شيئاً يسيراً فذلك لا بأس به كما سيأتي وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ما بين المشرق والمغرب قبلة) ([10]). والواجب أن يشرق أو يغرب ولا يكفي أن ننحرف شيئاً يسيراً ـ وظاهر المذهب: في مسألة جواز البول والغائط مستقبلاً القبلة أو مستدبرها في البنيان ـ ظاهر المذهب أنه لا فرق بين أن يدنوا من السترة أو يبعد عنها.
وهذا على القول المرجوح ، وإلا فالراجح ما تقدم من عدم الجواز مطلقاً.
ـ وهل يجوز الاستنجاء أو الإستجمار إلى القبلة ؟؟
المشهور في مذهب الحنابلة أن ذلك مكروه ، فيكره له أن يستنجي أو يستجمر قبل القبلة.
وقيل ـ أي في المذهب ـ أنه لا يكره.
وقال في "الإنصاف" ـ وهو من الحنابلة ـ: ( ويتوجه التحريم ).
وهذا أظهر ، فإن في إستنجائه واستجماره فيهما أعظم مما في التفل الذي تقدم تحريمه كما أنه قد يخرج منه شيء في حال إستنجائه أو استجماره ، فالأظهر أن ذلك محرم لا يجوز.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
استقبال, حكم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir