دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 14 رجب 1441هـ/8-03-2020م, 09:50 PM
الصورة الرمزية وسام عاشور
وسام عاشور وسام عاشور غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 347
افتراضي

رسالة تفسيرية في اسلوب الحجاج في قوله تعالى:
"مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)" نوح


مقدمة:
طالت مدة دعوة سيدنا نوح عليه السلام في قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، لاقى فيها من قومه عنادا وكبرا شديدين وتنقل السورة لنا بعض المشاهد والحوارات التي دارت بين نوح عليه السلام وبين قومه
حيث ساق فيها جملة من الحجج والأساليب المختلفة والمتنوعة لدحض شبهاتهم وافتراءاتهم فبدأ معهم في بداية السورة بالدعوة بالترغيب والنصح بأن أطمعهم في الغفران وبثمرة الاستغفار وأنه سبب في سعة الرزق ونزول الغيث وكثرة الأموال والأولاد.....
، ثم انتقل في الآيات التي معنا للدعوة بالترهيب والتوبيخ فقال كما يحكي القرآن عنه:

مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)
-المراد بالرجاء الخوف، وبالوقار العظمة، أي مالكم لا ترجون لله عظمة على قول ابن عباس ومجاهد والضحاك
-استخدم معهم اسلوب التبكيت فالاستفهام هنا استنكاري للتوبيخ وفيه أيضا تخويف ووعيد، أي كيف لا تعظمون هذا العظيم فتفردوه بالعبادة، وكيف لا تخافون عقابه وترجون ثوابه، وكيف لا تشكرون له نعمة ولا تعرفون له حقا
-وفيه أيضا مفهوم المخالفة فكما أنكر عليهم عدم تعظيمهم وتوقيرهم لله ، فهو ينكر عليهم تعظيمهم وتوقيرهم وعبادتهم غير الله

وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)
- انتقل بهم نوح عليه السلام من التوبيخ والتقريع إلى الاستدلال، فنبههم أولاً للنظر في أنفسهم لأنها أول محسوس يشعرون به
-وأطواراً أي من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم خلقا طورا بعد طور (قاله قتادة ومجاهد)، ويشهد لهذا المعنى آية سورة المؤمنون (14)
"ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ"
قال السعدى فالذي انفرد بالخلق والتدبير البديع حري أن يفرد بالعبادة
-وفيه تعريض بكفرهم النعمة فالرب الرحمن الذي دبر شؤنكم في بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا يستحق أن يشكر، " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (78) النحل
-كما فيه تعريض وتخويف بالبعث والنشور فالذي خلق من عدم قادر على الإحياء بعد البلى فهو عليه أهون، " وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ..."الروم (27)

أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15)

-ثم انتقل بهم من الدلائل البينة في أنفسهم إلى الدلائل البينات في الآفاق فاستدل بالظاهر المحسوس على المغيب وهي لا تدل إلا على عظمة الخالق وأحقيته بالعبادة

-كما تدرج معهم من الاستدلال بخلق أنفسهم أطواراً إلى الاستدلال بخلق أعظم وأكبر من خلق الإنسان " لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)"غافر

- فسألهم هذ المرة استفهام تقريري للإخبار عن حقائق مسلمة لا مجال للاعتراض عليها ، وإلا فهم لم يشاهدوا خلق السماوات والأرض، " مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) الكهف

وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)
-فمايز المولى عز وجل بين ضوء القمر الذي هو نور لا حرارة فيه (وعبر بالمصدر للدلالة على المبالغة في الإنارة) وبين ضوء الشمس فقال سراجا أي كالمصباح ضوء فيه حرارة وهذا من على دلائل قدرة الخالق فكل منهما آية على حدى فقدر القمر منازل ويعرف منه تعاقب الشهور والأعوام والشمس يعرف منها تعاقب الليل والنهار

-وفي الاستدلال هنا امتنان بخلق الشمس والقمر وما فيهما منافع للبشر تستوجب الشكر لا الكفر والجحود

وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18)
-ثم عاد مرة أخرى ليستدل بقدرة الله وعظمته بالنشأة الأولى ثم بالموت والإقبار، وهذه المرة لم يعرض بالبعث والنشور بل ذكره صراحة فكان للالتفات من التعريض للتصريح وقع الجرس في النفوس وأكده كذلك بالمفعول المطلق
، فكأنما يقول لهم بهذا التصريح لا مجال للتغافل والتجاهل
-وكان لترتيب الأفعال في الآية والعطف بثم التي تفيد التراخي "ثم يعيدكم" ، ثم العطف بالواو "ويخرجكم" وقع تنخلع له القلوب أي إن البعث الذي تنكرونه أت أت بأسرع مما تتخيلوا
-واستخدم لفظ إنباتا فيه مشابهه بين الإنسان والنبات في إنشائهما من عناصر الأرض وفيه إشارة لخلق آدم عليه السلام من تراب

واللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)
-عاد نوح عليه السلام للاستدلال والامتنان بالآيات الكونية ومنها خلق الأرض وما فيها من منافع للبشر كخلقها مسطحة ممدودة وما يترتب على ذلك مصالح كالزرع والحرث والسيروالبناء

خاتمة:
أوردت الآيات جملة من الأساليب والوسائل التي استخدمها نوح عليه السلام في حجاج قومه فكأنه كلما ازادوا له عنادا كلما ازاد تنقلا بين الأساليب لعله يلفت بها انتباههم أو تلين له قلوبهم

فتنقل عليه السلام من الترغيب للترهيب ومن التوبيخ والتخويف للاستدلال والامتنان ومن التعريض للتصريح ومن الاستنكار للتقرير ومن الدعوة للتفكر في خلق الإنسان للدعوة للتفكر في الآفاق
فسبحان الذي خلق الأطوار وأبدع في الآفاق حري به أن يعبد حري به أن يعظم ويحب ويخاف ويرجي.............سبحانك ربي ما عبدناك حق عبادتك

وفي الآيات دروس كثيرة مستفادة في الدعوة لا يتسع المقام لذكرها هنا

المراجع:
كتب
-التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور التونسي(ت:1393 هـ)
-الجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت: 671هـ)
-ضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ،محمد الأمين الشنقيطي (المتوفى: 1393هـ)
مواقع وبرامج
موقع جمهرة العلوم
المكتبة الشاملة

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir