دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 محرم 1441هـ/10-09-2019م, 12:56 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الثالث: مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج


مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج


اختر مجموعة من المجموعات التالية وخرّج الأقوال فيها وبيّن حالها ووجّهها ورجّح ما تراه راجحاً في معنى الآية.

المجموعة الأولى:
( 1 ) قول مجاهد في تفسير قول الله تعالى: {تماماً على الذي أحسن} ، قال: على المؤمنين والمحسنين.
( 2 ) قول محمد بن كعب القرظي: ({منادياً ينادي للإيمان}: المنادي القرآن)
( 3 ) قول طاووس بن كيسان: (الحفدة الخدم )


المجموعة الثانية:
( 1 ) قول مجاهد: ( وأيّدناه بروح القدس) : القدس هو الله ).
( 2 ) قول الحسن البصري: (أكالون للسحت) : أكالون للرشى)
( 3 ) قول عكرمة في تفسير قول الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها).

المجموعة الثالثة:
( 1 ) قول الشعبي في تفسير قول الله تعالى: {تتخذون منه سكراً} السكر: النبيذ).
( 2 ) قول محمد بن سيرين ( {السابقون الأولون} الذي صلوا القبلتين ).
( 3 ) قول عطاء بن أبي رباح: ( التفث: حلق الشعر وقطع الأظفار )



تعليمات:
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________


وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 محرم 1441هـ/10-09-2019م, 12:56 PM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج
المجموعة الأولى:


( 1 ) قول مجاهد في تفسير قول الله تعالى: {تماماً على الذي أحسن} ، قال: على المؤمنين والمحسنين.
==تخريج هذا القول:
-روى هذا القول الطبري في تفسيره عن ابن أبي نجيح عنه،
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (تمامًا على الذي أحسن) ، المؤمنين والمحسنين.
-ورواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
-وذكره عنه الماوردي في النكت والعيون
-وذكره أيضا عنه ابن عطية في تفسيره.
-وذكره أيضا القرطبي وابن كثير في تفسيرهما عنه.
-وذكره عن ابن المنذر وعبد ابن حميد صاحب الدر المنثور ولم أجده عندهما في النسخة التي عندي.

==توجيه هذا القول
أن يقال إن موسى يخبر أن الله آتاه الكتاب فضيلة على ما آتى المحسنين من عباده
ومما يؤيد هذا القول ما جاء في قراءة ابن مسعود أنه كان يقرأ ذلك:" تمامًا عَلَى الَّذِينَ أَحْسَنُوا"

==وقيل في معنى الآية غير ذلك
-فقيل المراد موسى والمعنى تماما على ما أحسن موسى أي كرامة له على حسن طاعته وقيامه بعباده ربه.
-وقال آخرون في ذلك: معناه: ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا على إحسان الله إلى أنبيائه وأياديه عندهم وهو منقول عن ابن زيد
-وقيل تماما لكرامة موسى في الجنة على إحسانه في الدنيا وهو داخل في القول المتقدم وهو منقول عن قتادة
-وقيل تماما لنعمة الله على إبراهيم لأنه من ولده

==والراجح في معنى الآية:
هو القول الثاني وهو أن المعنى ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا لنعمنا عنده، على الذي أحسن موسى في قيامه بأمرنا ونهينا = لأن ذلك أظهرُ معانيه في الكلام، وأن إيتاء موسى كتابه نعمةٌ من الله عليه ومنة عظيمة. فأخبر جل ثناؤه أنه أنعم بذلك عليه لما سلف له من صالح عمل وحُسن طاعة.
وقد رجحه الطبري وقال عنه أنه أولى الأقوال عنده بالصواب
وقد رد قول ابن زيد وقال عن قول مجاهد أنه لا دليل عليه وأن ظاهر الكلام لا يؤيده بل يؤيد القول الذي ترجح ولما كان خاليا من الدليل صار الترجيح إلى القول المختار عنده.
والله أعلم.


================================================================================

( 2 ) قول محمد بن كعب القرظي: ({منادياً ينادي للإيمان}: المنادي القرآن)
== تخريج هذا القول:
-هذا القول رواه سفيان الثوري عن عبيدة عنه.
-والطبري في تفسيره عن موسى بن عبيدة عنه.
-وابن المنذر في تفسيره عن موسى بن عبيدة عنه.
-وابن أبي حاتم في تفسيره عن موسى بن عبيدة عنه.
-وذكره الماوردي في النكت والعيون.
-والبغوي في تفسيره.
-وذكره القرطبي وابن عطية في تفاسيرهم عن مجاهد.

==توجيه هذا القول:
أن المراد بالمنادي القرآن لأنه ليس كل الناس قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر محمد بن كعب القرظي حيث قال: (هو الكتاب، ليس كلهم لقي النبي صلى الله عليه وسلم.)

==الأقوال الأخرى:
-أن المنادي هو محمد صلى الله عليه وسلم، روي هذا عن ابن زيد وابن جريج

==الترجيح:
الذي يظهر لي أن أرجح الأقوال في ذلك هو قول محمد بن كعب القرظي أن المنادي هو القرآن
وهذا هو اختيار ابن جرير الطبري حيث قال:
وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول محمد بن كعب، وهو أن يكون "المنادي" القرآن. لأن كثيرًا ممن وصفهم الله بهذه الصفة في هذه الآيات، ليسوا ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عاينه فسمعوا دعاءه إلى الله تبارك وتعالى ونداءه، ولكنه القرآن، وهو نظير قوله جل ثناؤه مخبرًا عن الجن إذ سمعوا كلام الله يتلى عليهم أنهم قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) ا.ه
ثم ذكر أن هذا منقول عن قتادة فقال:
(عن قتادة قوله: "ربنا إننا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان" إلى قوله: "وتوفَّنَا مع الأبرار"، سمعوا دعوة من الله فأجابوها فأحسنوا الإجابة فيها، وصبروا عليها. ينبئكم الله عن مؤمن الإنس كيف قال، وعن مؤمن الجنّ كيف قال. فأما مؤمن الجن فقال: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) وأما مؤمن الإنس فقال: "إننا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا"، الآية.)
والله أعلم

=================================================================================

( 3 ) قول طاووس بن كيسان: (الحفدة الخدم )
== تخريج هذا القول:
-روى هذا القول عن طاووس ابن جريج الطبري في تفسيره عن زمعة عنه.
-وذكره عنه ابن كثير في تفسيره.
-وذكره عنه النحاس في تفسيره.
ولم أجده في غير هذه الكتب عن طاووس ووجدته عن غيره كالحسن ومجاهد

==توجيه هذا القول:
هذا القول مبني على أن معنى يحفد أي يخدم ويطيع في خفة وهذا هو المراد في كلام العرب ومنه قولهم: "إليك نسعى ونحفِد": أي نسرع إلى العمل بطاعتك

==الأقوال الأخرى:
-قيل إنهم الولد وولد الولد كما نقل عن ابن عباس
-وقال آخرون: هم بنو امرأة الرجل من غيره
-وقيل أنه زوج بنت الرجل
-وقيل هو الرجل يعمل بين يدي الرجل، يقال: فلان يحفد لنا

==الترجيح:
الذي يظهر لي أن الحفد يأتي بمعنى الخدمة في خفة وسرعة والآية في سياق الامتنان علينا بالأزواج والبنين والحفدة فمن الأزواج من يقوم بالخدمة ومن البنين من يفعل ذلك ومن أزواج البنات من يفعل ذلك ومن غير هؤلاء من يقول بالخدمة
فلما كان الحفد معناه الخفة في الطاعة والخدمة صح أن يراد به هنا كل هذه الأصناف ولا يوجد دليل على تخصيص نوع منها وتكون الأقوال التي ذكرت كلها صحيحة ولكل قول منها وجه في الصحة ومخرج في التأويل،
وهذا القول يوافق قول طاووس بأنهم الخدم دون تعيين لهم، والله أعلم.

والله أعلى وأعلم والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 محرم 1441هـ/12-09-2019م, 02:37 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

المجموعة الثانية:
( 1 ) قول مجاهد: ( وأيّدناه بروح القدس) : القدس هو الله ).
تخريج القول:
رواه ابن وهب في الجامع عن الحارث، عن غالب بن عبيد الله، عنه.
وذكر السيوطي أن ابن أبي حاتم أخرجه, ولم أعثر عليه.
وقال به أيضا أبو جعفر, وابن زيد, وكعب, والربيع بن أنس.
وقيل في معنى القدس: البركة. وقيل: الطهر.
أما في قوله "روح القدس" ككلمة مركبة:
قيل: جبريل.
وقال آخرون: أنه الإنجيل.
وقيل: هو الاسم الذي كان يحيي عيسى الموتى.
وقيل: حفظة الملائكة.
وقال الزمخشري: الروح المقدسة . فجعل المعنى على إطلاقه.
وقيل: المطهر.

توجيه القول:
في اللغة: التّقديس: التّطهير، والقدس: الطّهر من ذلك.
وقد قال ابن جرير: إنّما سمّى اللّه تعالى جبريل روحًا وأضافه إلى القدس لأنّه كان بتكوين اللّه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده، فسمّاه بذلك روحًا، وأضافه إلى القدس، والقدس: هو الطّهر، كما سمّي عيسى ابن مريم روحًا للّه من أجل تكوينه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده.
ومن أسماء الله تعالى (القدوس), مما يبين وجاهة هذا القول وبيانه.
الترجيح:
القول الراجح: أن (روح القدس) هو (جبريل -عليه السلام-), وقد قال بذلك: ابن مسعود, وقتادة, والسدي, والضحاك, والربيع, وإسماعيل بن أبي خالد, وعطية العوفي, ومحمد بن كعب, ورجحه الزجاج, وابن جرير, وابن كثير, والقرطبي.
روى الطبري وابن كثير عن ابن إسحاق، قال: حدّثني عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبي الحسين المكّيّ، عن شهر بن حوشبٍ الأشعريّ: أنّ نفرًا، من اليهود سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: أخبرنا عن الرّوح. قال: «أنشدكم باللّه وبأيّامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنّه جبريل، وهو يأتيني؟»، قالوا: نعم.
وقال الطبري: "أولى التّأويلات في ذلك بالصّواب قول من قال: الرّوح في هذا الموضع جبريل؛ لأنّ اللّه جلّ ثناؤه أخبر أنّه أيّد عيسى به، كما أخبر في قوله: {إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلاً وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل} أنه أيده به فلو كان الرّوح الّذي أيّده اللّه به هو الإنجيل لكان قوله: إذ أيّدتك بروح القدس وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل تكرير قولٍ لا معنى له.
ذلك أنّه على تأويل قول من قال: معنى: {إذ أيّدتك بروح القدس} إذ أيّدتك بالانجيل إنّما هو: إذ أيّدتك بالإنجيل، وإذ علّمتك الإنجيل؛ وهو لا يكون به مؤيّدًا إلاّ وهو معلّمه. فذلك تكرير كلامٍ فى ايه واحدٍ من غير زيادة معنى في أحدهما على الآخر، وذلك خلفٌ من الكلام، واللّه تعالى ذكره يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدةً". ووافقه على ذلك ابن كثير.
وذكر السيوطي أن أخرجوا عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لحسان منبرا في المسجد، فكان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أيد حسان بروح القدس كما نافح عن نبيه».
- وأخرج ابن حبان، عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن روح القدس نفث في روعي: إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب».
- وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كلمه روح القدس لن يؤذن للأرض أن تأكل من لحمه»).[الدر المنثور: 1/ 459-460]
واستدل ابن كثير بقوله: {نزل به الرّوح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين* [بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ]} [الشّعراء: 193-195], وما قاله البخاريّ عن ابن أبي الزّناد، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وضع لحسّان بن ثابتٍ منبرًا في المسجد، فكان ينافح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «اللّهمّ أيّد حسّان بروح القدس كما نافح عن نبيّك». وأخرجه ابن سعيد وأحمد وأبو داود والترمذي. كما ذكر السيوطي, وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وفي شعر حسّان قوله:
وجبريلٌ رسول اللّه ينادي ....... وروح القدس ليس به خفاء]
فإذا تبين لك أن روح القدس هو جبريل, لم يتبق شك في أن معنى (القدس) هو: الله. إذ روح جبريل منسوبة له -سبحانه-, وقد ذكر ابن جرير أنه: إنّما سمّى اللّه تعالى جبريل روحًا وأضافه إلى القدس لأنّه كان بتكوين اللّه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده، فسمّاه بذلك روحًا، وأضافه إلى القدس، والقدس: هو الطّهر، كما سمّي عيسى ابن مريم روحًا للّه من أجل تكوينه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده.

( 2 ) قول الحسن البصري: (أكالون للسحت) : أكالون للرشى)
تخريج القول:
رواه ابن وهب عن شهل عن قرة بن خالد، عنه.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عقيلٍ، قال: سمعت الحسن, وذكرا قوله.
وقال به ابن زيد, والسدي, وقتادة, ومجاهد, وابن مسعود, وابن عباس, وإبراهيم, والضحاك, وأنس بن مالك, وسعيد بن جبير, وعكرمة, وزيد بن ثابت. كما قال بهذا القول غيره, لكن بصيغ أعم تشمل الحرام كله, أو يتمثل ببعضه, وقد يذكرون الرشوة كمثال على ذلك, كمسروق, وزيد, وعلي بن أبي طالب, وأبو هريرة, وابن هبيرة, وعطاء, وعبدالله بن شقيق, وابن عمر, وابن عطية, وابن كثير. ومنهم من يروى عنه تخصيصه برشوة الحكام أو الرشوة في الدين, كابن عباس, وطاوس, وابن مسعود, ومنهم من يذكر أن الهدية للحاكم سحت, ومن أرادها رشوة قاصدا فهو أعظم من ذلك فوصفه بالكفر, كمسروق.
والمقصود التحرز في النقل, وإلا فإن تنوع الأقوال في الروايات لنفس القائل يدل على عمومية المعنى لديه, وأن ما ذكره كان على سبيل التمثيل, ودخول القول الذي ذكره الحسن تحته بالمقام الأول, ولهذا اعتبرت الأقوال كلها متعاضدة, لا متعارضة, وسيتم التفصيل عند الترجيح.
أما أهل اللغة فعرفوه بأنه: كسب ما لا يحل. كمعمر بن المثنى, وعبدالله الزيدي, وغلام ثعلب, ومكي بن أبي طالب.
وذكر ابن قتيبة والزجاج والنحاس أن المقصود الرشا.
توجيه القول:
قال ابن قتيبة: السحت: من أسحته اللّه وسحته: إذا أبطله وأهلكه. وذكر الطبري: أن أصل السّحت: كلب الجوع، يقال منه: فلانٌ مسحوت المعدة: إذا كان أكولاً لا يلفّى أبدًا إلاّ جائعًا -وذكر ابن عطية أن في عبارته بعض اضطراب لأن مسحوت المعدة هو مأخوذ من الاستئصال والذهاب، وليس كلب الغرث أصلا للسحت-.
وإنّما قيل للرّشوة السّحت، تشبيهًا بذلك؛ كأنّ بالمسترشي من الشّره إلى أخذ ما يعطاه من ذلك مثل الّذي بالمسحوت المعدة من الشّره إلى الطّعام، يقال منه: سحته وأسحته، لغتان محكيّتان عن العرب، ومنه قول الفرزدق بن غالبٍ:.
وعضّ زمانٍ يا ابن مروان لم يدع = من المال إلاّ مسحتًا أو مجلّف
يعني بالمسحت: الّذي قد استأصله هلاكًا بأكله إيّاه وإفساده، ومنه قوله تعالى: {فيسحتكم بعذابٍ} وتقول العرب للحالق: اسحت الشّعر: أي استأصله.
وذكر ابن عطية أن المال الحرام سمي سحتا لأنه يذهب وتستأصله النوب، كما قال عليه السلام «من جمع مالا من تهاوش أذهبه الله في نهابير»، وقال مكي سمي المال الحرام سحتا لأنه يذهب من حيث يسحت الطاعات أي يذهب بها قليل قليلا، وقال المهدوي من حيث يسحت أديانهم.
إلا أنه ذكر أنه مردود لأن السيئات لا تحبط الحسنات اللهم إلا أن يقدر أنه يشغل عن الطاعات فهو سحتها من حيث لا تعمل، وأما طاعة حاصلة فلا يقال هذا فيها، وقال المهدوي سمي أجر الحجام سحتا لأنه يسحت مروءة آخذه.
أقول: رحم الله ابن عطية, فكلامه يرد عليه قوله تعالى :"يا أيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون", مما يدل على إحباط العمل الحسن بالسيء.
ومن هنا تتبين وجاهة القول ومدى صلته بمعنى الآية, إذ المعنى اللغوي يؤكد المعنى الشرعي ويبين علاقته.
الترجيح:
الراجح كما تبين من فلتات حديثنا سابقا أن السحت هو الكسب الحرام عامة, وهو ينطبق على الرشا بالمقام الأول لكثرة من قال به ونقله عن رسول الله, ومن تلك الأحاديث:
ما رواه الطبري عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عبد الرّحمن بن أبي الموالي، عن عمر بن حمزة بن عبد اللّه بن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: كلّ لحمٍ أنبته السّحت فالنّار أولى به قيل: يا رسول اللّه، وما السّحت؟ قال: الرّشوة في الحكم.
وما رواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن أحمد الدّشتكيّ، ثنا أبي عن أبيه عن إبراهيم الصّائغ عن يزيد النّحويّ قال: قال عكرمة: إنّ ابن عباس قال: أن الرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: رشوة الحكّام حرامٌ، وهي السّحت الّذي ذكر اللّه في كتابه.
ومن الأحاديث التي تبين عمومية المراد, وأن كل مال حرام هو سحت:
ما رواه ابن أبي حاتم عن يونس بن عبد الأعلى قراءةً، ثنا سفيان بن عيينة عن هارون بن زياب عن كنانة بن نعيمٍ عن قبيصة بن مخارقٍ أنّه تحمّل بحمالةٍ فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: نؤدّيها عنك ونخرجها من نعم الصّدقة أو إبل الصّدقة، فقال: يا قبيصة، إنّ المسألة قد حرّمت إلا في ثلاثٍ: رجلٌ تحمّل بحمالةٍ فحلّت له المسألة حتّى يؤدّيها ثمّ يمسك، ورجلٌ أصابته حاجة فاجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتّى يصب قوامًا من عيشٍ أو سدادًا من عيشٍ ثمّ يمسك، وما سوى ذلك من المسألة فهو سحتٌ.
فمن هنا يتبين أن الأقوال لا تتعارض, فكلها صحيح إلا أنها من قبيل التفسير بمثال, كما قال بذلك ابن عطية.

( 3 ) قول عكرمة في تفسير قول الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها).

تخريج القول:
رواه موسى النهدي وابن جرير عن سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عنه.
وقال به قتادة, والسدي, وابن عباس, والحسن -وله غير ذلك-, والضحاك, والربيع, وابن زيد, ومقاتل, وابن عطية,
وقيل: معناه: هو قول الرجل: أنشدك الله والرحم. قال بذلك: الحسن, ومجاهد, وإبراهيم.

توجيه القول:
ذكر الطبري أن من قرأها نصبًا، بمعنى: واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به، واتّقوا الأرحام أن تقطعوها، عطفًا بالأرحام في إعرابها بالنّصب على اسم اللّه تعالى ذكره.
قال: والقراءة الّتي لا نستجيز للقارئ أن يقرأ غيرها في ذلك النّصب: {واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به والأرحام}
بمعنى: واتّقوا الأرحام أن تقطعوها، لما قد بيّنّا أنّ العرب لا تعطف بظاهرٍ من الأسماء على مكنيٍّ في حال الخفض، إلاّ في ضرورة شعرٍ. وقد وافقه على ذلك علماء العربية, مما يبين وجاهة قول عكرمة.

الترجيح:
الراجح قول عكرمة ومن قال بقوله, كما أكد ذلك أهل العربية: أن القراءة الجيّدة نصب الأرحام. وقد أيده الفراء, والأخفش, وأبو عبيدة, والزجاج.
قال الزجاج: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فأما الجر في الأرحام فخطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار شعر، وخطأ أيضا في أمر الدين عظيم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تحلفوا بآبائكم)).
فكيف يكون تساءلون به وبالرحم على ذا؟.
رأيت أبا إسحاق إسماعيل بن إسحاق يذهب إلى: أن الحلف بغير اللّه أمر عظيم، وأن ذلك خاص للّه - عزّ وجلّ - على ما أتت به الرواية.
فأما العربية فإجماع النحويين أنه: يقبح أن ينسق باسم ظاهر على اسم مضمر في حال الجر إلا بإظهار الجار.
وقال ابن عطية: المضمر المخفوض لا ينفصل فهو كحرف من الكلمة، ولا يعطف على حرف، ويرد عندي هذه القراءة من المعنى وجهان: أحدهما أن ذكر الأرحام فيما يتساءل به لا معنى له في الحض على تقوى الله، ولا فائدة فيه أكثر من الإخبار بأن الأرحام يتساءل بها، وهذا تفرق في معنى الكلام وغض من فصاحته، وإنما الفصاحة في أن يكون لذكر الأرحام فائدة مستقلة، والوجه الثاني أن في ذكرها على ذلك تقريرا للتساؤل بها والقسم بحرمتها، والحديث الصحيح يرد ذلك في قوله عليه السلام: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» وقالت طائفة: إنما خفض- «والأرحام» - على جهة القسم من الله على ما اختص به لا إله إلا هو من القسم بمخلوقاته، ويكون المقسم عليه فيما بعد من قوله: إنّ اللّه كان عليكم رقيباً وهذا كلام يأباه نظم الكلام وسرده. وبذا يتبين لك سبب ترجيح هذا القول, إضافة لكثرة القائلين به من كبار السلف وأئمة العربية.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 محرم 1441هـ/15-09-2019م, 01:50 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج
المجموعة الأولى:

( 1 ) قول مجاهد في تفسير قول الله تعالى: {تماماً على الذي أحسن} ، قال: على المؤمنين والمحسنين


تخريج قول مجاهد


قوله "تاما على المؤمن":
*أخرجه ابن أبي حاتم و عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني من طريق وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ به

-قوله "تماما على المؤمنين المحسنين":
- أخرجه الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد به.
وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر ولم أقف عليه في المطبوع ..وكما عزاه أيضا إلى أبي الشيخ الأصبهاني[1] .

توجيه قول مجاهد :

وجه قول مجاهد أن "أحسن" فعل ماضي صلة الموصول "الذي"...فاعله مضمر راجع إلى الذي .
.ويكون ( الذي ) بمعنى ( من ) وتقديره على الذين أحسنوا ، لفظه واحد ومعناه جمع كما أقول : أُوصي بمالي للذي غزا وحجَّ يريد الغازين والحاجين..
والمعنى أتممنا فضيلة موسى بالكتاب على المحسنين..
ويدل عليه قراءة ابن مسعود وقرأ ابن مسعود : ( تماما على الذين أحسنوا )
وليس لمعترض أن يقول أن لفظ "الذي" مفرد والمعنى جمع؛ لأن "الذي "مراد به الجنس فيستوي فيه المفرد والجمع
قال ابن عاشور فقال :{ والموصول في قوله : { على الذي أحسن } مراد به الجنس ، فلذلك استوى مفرده وجمعه."

وفي المراد "بالمحسنين" أو "الذي أحسن " قولان :
1- جنس من أحسن من قوم موسى . وهو اختيار الشيخ السعدي وابن عاشور ولم يذكرا غيره
وقال الحسن : كان في قوم موسى محسن وغير محسن ، فأنزل الله الكتاب تماما على المحسنين
وقال ابن عطية : وآتينا موسى الكتاب تفضلاً على المحسنين من أهل ملته وإتماماً للنعمة عندهم.
قال ابن عاشور:" .والمراد به هنا الفريق المحسن ، أي تماماً لإحسان المحسنين من بنِي إسرائيل ، فالفعل منزّل منزلة اللاّزم ، أي الذي اتَّصف بالإحسان ." اهـ
وعليه يكون معنى الآية بيانا ً للكرامة والنعمة ، على الذي أحسن ، على من كان محسناً صالحاً من أهل ملته
فبهذا القول يتجلى فضل الله وعظيم منته ونعمته على قوم موسى حيث أنزل عليهم الكتاب ..قال بن سعدي رحمه الله :{{ عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ } من أُمة موسى ، فإن الله أنعم على المحسنين منهم بنِعَم لا تحصى . من جملتها وتمامها إنزال التوراة عليهم . فتمت عليهم نعمة الله ، ووجب عليهم القيام بشكرها ."} اهـ
2- " المراد به "الذي أحسن ".. كل من أحسن ؛ قال البغوي : " المحسنون : الأنبياء والمؤمنون" اهـ...والمعنى أي: أتممنا فَضِيلَة مُوسَى - عليه الصلاة والسلام- بالكتاب على المُحْسِنين، أي : أظهرنا فضله عليهم.
وعليه يحمل الرواية الأخرى لمجاهد: " تماما على المؤمن" رواية بن أبي حاتم .
فالمراد به جنس المحسن المؤمن.

قال طبري : .." وكأن مجاهدا وجه تأويل الكلام ومعناه إلى أن الله جلّ ثناؤه أخبر عن موسى أنه آتاه الكتاب فضيلة على ما آتى المحسنين من عباده"
و.قال ابن كثير : -بعدما ذكر قول البغوي - ..قلت : كما قال تعالى : { قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي }.، ولا يلزم اصطفاؤه على محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والخليل ، عليهما السلام لأدلة أخر . " اهـ
وقال أبو السعود : على مَنْ أحسن القيامَ به كائناً مَنْ كان"
وعلى هذا القول يتجلى فضل الله على موسى عليه الصلاة والسلام بأن الله فضله وأكرمه على عباده المؤمنين المحسنين بإنزال التوراة عليه
ويشكل على هذا القول أن موسى عليه الصلاة والسلام ليس أفضل من خليلي الرحمان إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام.. وقد رد على هذا الإشكال ابن كثير رحمه الله تعالى .

قول آخر للآية
القول الأول : وفي تفسير الآية قول آخر لأهل العلم..أن "الذي " دال على المفرد
إما راجع إلى موسى والمعنى .. آتينا موسى الكتاب تمامًا على ما أحسن موسى، وتقديره: وآتيناه الكتاب؛ لإحسانه في العمل و الطاعة والعبادة، وتبليغ الرسالة، وأداء الأمر وإقامة الشكر...
وإما راجع إلى الله عزوجل والمعنى تماما على إحسان الله إليه زيادة على ما أحسن الله إليه.
وقد جمعا القولين كلا من الطبري و ابن كثير

الترجيح:
- الذي يظهر -والله أعلم- لا تعارض بينا القولين ويمكن حمل الآية عليهما جميعا
وقد جاء من النصوص ما يدل على كلا المعنيين؛تفضيل الله لقوم موسى وتكريمهم بالتوراة كما قال تعالى :{{وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16)}
واصطفاء الله لموسى وتكرمه بالتوراة..قال تعالى :{ {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي}


( 2 ) قول محمد بن كعب القرظي: ({منادياً ينادي للإيمان}: المنادي القرآن)


المراد بالمنادي:
لأهل العلم القولان في المراد ب " المنادي":
1- الأول: هو محمد صلى الله عليه وسلم وهو قول جمهور المفسرين ولم يذكر ابن كثير غيره
2- الثاني: القرانوهو قول محمد بن كعب القرظي واختاره ابن جرير الطبري
تخريج :
قول محمد بن كعب
-أخرجه سفيان الثوري عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ به
-و أخرجه الطبري وابن المنذر وبن أبي حاتم وابن المقرئ في معجمه من طريق موسى بن عبيدة الزيدي ، عن محمد بن كعب به
وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد ولم أقف عليه في المطبوع
وعزاه أيضا إلى الخطيب البغدادي في المتفق والمفترق ولم أقف عليه في المطبوع أيضا

التوجيه:
وجه قول محمد بن كعب القرظي:
-ليس كل أحد لقي النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه ، أما القرآن فكل أحد سمعه وفهمه.
- ومما يؤيد هذا القول أن الله عز وجل أخبرنا عن مؤمني الجن أنهم سمعوا القران فقالوا: { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ } .
فهذه حكاية عن مؤمني الجن كما الأخرى حكاية عن المؤن الإنس.
- أن سماع النداء لا يلزم أن يكون من الشخص المنادي نفسه؛ بل يعم
بل يعم السماع من شخصه وتتبع رسالته من بعده

ترجيح:
لا تعارض و لا تناف بين القولين؛ فكلا المعنيين يصح حمل الآية عليه.. وقد جمع بينهما الواحدي بقوله : (ربنا إننا سمعنا مناديا } أي محمدا عليه السلام والقرآن.)
و الآية علقت الحكم بالوصف "مناد ينادي".. فكل من اتصف به لحقه الحكم أيا كان الداعي..لهذا
وعن قتادة: سمعوا دعوة من الله عز وجل ، فأجابوها ، واحتسبوا فيها ، وصبروا
إشكال:
الذي يشكل من قول محمد القرظي؛ لا ينسب للقران النداء إلا على وجه المجاز؛ لأن أصل النداء الجهر بالصوت والصياح
قال ابن عاشور:..النداء : رفع الصوت بالكلام رفعاً قوياً لأجل الإسماع وهو مشتقّ من النداء بكسر النون وبضمّها وهو الصوت المرتفع . يقال : هو أندى صوتاً أي أرفعُ ، فأصل النداء الجهر بالصوت والصياح به .)اهـ
وقد رد أهل العلم على هذا الإشكال فقال الرازي رحمه الله تعالى : { القرآن لما كان مشتملا على الرشد ، وكان كل من تأمله وصل به إلى الهدى إذا وفقه الله تعالى لذلك ، فصار كأنه يدعو إلى نفسه وينادي بما فيه من أنواع الدلائل" اهـ
وقال القسطلاني: " فكأنه يدعو إلى نفسه".



( 3 ) قول طاووس بن كيسان: (الحفدة الخدم )

في المراد في الحفدة أقوال لأهل العلم
1- الأصهار
2- الأعوان
3- ولد الولد
4-الأختان
1- بنو المرأة
2- الخدم وهو قول ابن عباس و عكرمة و مجاهد والحسن و طاووس

تخريج الأقوال:
قول طاووس
أخرجه الطبري في تفسيره قال حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا زمعة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : الحفدة : الخدم .

توجيه
هذا القول مبني على أن في الآية تقديم وتأخير ؛ والمعنى جعل لكم من أزواجكم بنين و جعل لكم حفدة

قال المهدوي : ومن جعل الحفدة الخدم ، جعله منقطعا مما قبله ينوي به التقديم ، كأنه قال : جعل لكم حفدة ، وجعل لكم من أزواجكم بنين.كما في تفسير القرطبي
وقال أبو مظفر السمعاني:..في الآية تقديم وتأخير ، ومعناه : وجعل لكم حفدة ، ومن أزواجكم بنين
أو هو على اعتبار أن "حفدة" منصوبة بجعل مضمرة والمعنى وجعل لكم حفدة..فيكونوا ليسوا داخلين في كونهم من الأزواج .
3- و أن أصل الحفد في اللغة ؛ مداركة الخطو والإسراع في المشي؛.. والخدم يفعلون هذا فصح إطلاق لفظ الحفدة عليهم
.ومن هذا المعنى قيل في دعاء الوتر..إليك نسعى و نحفد
1- -قال الخليل بن أحمد : الحفدة : عند العرب الخدم

الترجيح:

أصل الحفد في اللغة الإسراع في العملوالحافد هو المسرع في الطاعة والخدمة.فصح دخول الأصهار ؛الأعوان ؛ولد الولد؛ المماليك؛ والأختان؛ بنو المراة؛ الخدم ؛ في حد الحفدة لما للجميع من خدمة بل لهم إسراع في الخدمة والطاعة .وهذا من فضل الله على عبده أن سخر له من يكون في خدمته وقضاء حوائجه. وهذا هو ترجيح ابن جرير و ابن عطية و ابن كثير.وغيرهم
قال الرازي: ... ، والأولى دخول الكل فيه ، لما بينا أن اللفظ محتمل لكل بحسب المعنى المشترك الذي ذكرناه .) أهـ
- والآية جاءت في سياق الامتنان وتعداد نعم الله على عبده ؛ فكلما كثر تعداد النعم الله كان ذلك أحسن في بيان فضله الله على عباده و عظيمه نعمه
-
*وان كان بعض أهل العلم كــــ ابن العربي والقرطبي وابن عاشور والشنقيطي ذهب إلى ترجيح معنى "ولد الولد" للدلالة ظاهر القران و لدلالة السياق والاقتران ؛ فظاهر القران يدل أن المراد بالحفد ولد والولد قال القرطبي : " هو ظاهر القرآن بل نصه".اهـ
أما السياق والاقتران فإن الحفدة جاء في الآية مقترن بالبنين ليدل على اشتراكهم في كونهم من الأزواج
قال الشنقيطي:..
وفي هذه الآية الكريمة قرينة دالة على أن الحفدة أولاد الأولاد ؛ لأن قوله : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، دليل ظاهر على اشتراك البنين والحفدة في كونهم من أزواجهم ، وذلك دليل على أنهم كلهم من أولاد أزواجهم . اهـ


والله أعلم


[1] هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري المعروف بأبِي الشيخ الأصبهانيتاريخ الوفاة 369

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 محرم 1441هـ/15-09-2019م, 02:23 AM
مها شتا مها شتا غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 655
افتراضي

مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج

المجموعة الثالثة:
( 1 ) قول الشعبي في تفسير قول الله تعالى: {تتخذون منه سكراً} السكر: النبيذ).
تخريج القول:
*هذا القول رواه الطبري في تفسيره عن المغيرة عن إبراهيم والشعبي وأبي رزين.
و*وأيضا عن سعيد عن المغيرة عن إبراهيم والشّعبيّ، وأبي رزينٍ بمثله.
- حدّثني داود الواسطيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، قال أبو روقٍ: حدّثني قال: قلت للشّعبيّ: أرأيت قوله تعالى: {تتّخذون منه سكرًا} أهو هذا السّكر الّذي تصنعه النّبط؟ قال: " لا، هذا خمرٌ، إنّما السّكر الّذي قال اللّه تعالى ذكره: النّبيذ والخلّ، والرّزق الحسن: التّمر والزّبيب ".
*وذكره أيضا عن طريق مجالد عن الشعبي.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبو أسامة، وأحمد بن بشيرٍ، عن مجالدٍ، عن الشّعبيّ قال: " السّكر: النّبيذ، والرّزق الحسن: التّمر الّذي كان يؤكل ".
*وراه النحاس في تفسيره فقال وروى شعبة عن مغيره عن إبراهيم والشعبي قالا السكر ما حرم وقد نسخ.
*وذكره ابن حجر في فتح الباري من طريق قتادة السكر خمر الأعاجم ومن طريق الشعبي.
*وذكره السيوطي في الدر المنثور عن طريق ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير والحسن والشعبي وإبراهيم وأبي رزين مثله).

توجيه هذا القول
"السَكَرُ": ما يُسْكَرُ، هَذا هو المَشْهُورُ في اللُغَةِ،وهو قول الجمهور،وقال ابن عباس نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر ،وذكر الله نعمته في السكر قبل تحريم الخمر.
الأقوال الأخرى في هذا المعنى:
القول الأول: أنَّ السَّكَرَ الخَمْرُ،.َأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الخَمْرِ ثُمَّ حُرِّمَتْ مِن بَعْدُ.
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: السَّكَرُ ما حُرِّمَ مِن شَرابِهِ، والرِّزْقُ الحَسَنُ ما حَلَّ مِن ثَمَرَتِهِ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ وقَتادَةُ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ
واخْتَلَفَ مَن قالَ بِهَذا القول على وجهين:
الوجه الأول : أنها علي سبيل الإباحة ثم نسخت بآية المائدة {فاجتنبوه} قاله قتادة
الوجه الثّانِي: أنَّهُ على سبيل الخَبَرِ أنَّهم يَتَّخِذُونَ ذَلِكَ وإنْ لَمْ يَحِلَّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
القول الثّانِي: أنَّ السَّكَرَ: النَّبِيذُ المُسْكِرُ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ والسُّدِّيُّ.
وَجَعَلَها أهْلُ العِراقِ دَلِيلًا عَلى إباحَةِ النَّبِيذِ،وقالوا أنه دَلِيلً عَلَى جَوَازِ شُرْبِ مَا دُونَ الْمُسْكِرِ مِنَ النَّبِيذِ، فَإِذَا انْتَهَى إِلَى السُّكْرِ لَمْ يَجُزْ.
القول الثّالِثُ: أنَّ السَّكَرَ الخَلُّ بِلُغَةِ الحَبَشَةِ.
القول الرّابِعُ: أنَّ السَّكَرَ ما طُعِمَ مِنَ الطَّعامِ وحَلَّ شُرْبُهُ مِن ثِمارِ النَّخِيلِ والأعْنابِ وهو الرِّزْقُ الحَسَنُ، وبِهِ قالَ أبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ.
فعلي القول الأول والثاني الآية منسوخة بتحريم الخمر،وعلى القول الثالث والرابع الآية محكمة،قاله أبوعبيدة.
الترجيح
ورَجَّحَ الطَبَرِيُّ أن السكر من كلام العرب ما يطعم ،وعلى َهذا القَوْلَ.لا يَدْخُلُ الخَمْرُ فِيهِ، ولا نُسِخَ مِنَ الآيَةِ شَيْءٌ،أما من قالَ أن السَكَرَ الخَمْرَ: فتكون هَذِهِ الآيَةَ مَنسُوخَةٌ بِتَحْرِيمِ الخَمْرِ، وفي هَذِهِ المَقالَةِ دَرْكٌ؛ لِأنَّ النَسْخَ إنَّما يَكُونُ في حُكْمٍ مُسْتَقِرٍّ مَشْرُوعٍ ،وأيضا فيه امْتِنانٌ بِما فِيهِ لَذَّتُهُمُ المَرْغُوبَةُ لَدَيْهِمْ، والمُتَفَشِّيَةُ فِيهِمْ وذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الخَمْرِ؛ لِأنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَكِّيَّةٌ وتَحْرِيمُ الخَمْرِ نَزَلَ بِالمَدِينَةِ فالِامْتِنانُ حِينَئِذٍ بِمُباحٍ.

( 2 ) قول محمد بن سيرين ( {السابقون الأولون} الذي صلوا القبلتين ).
تخريج القول:
*رواه الطبري ، عن طريق قتادة، عن سعيد بن المسيّب، وعن أشعث، عن ابن سيرين.
والأشعث بن سوار من المرتبة الرابعة المختلف فيهم ومنهم الذين يرون التفسير عن ابن سيرين والأكثر على تضعيفه ،وعن يحي بن معين رواية بتوثيقة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن بعض، أصحابه، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، وعن أشعث، عن ابن سيرين، في قوله: {والسّابقون الأوّلون} قال: هم الّذين صلّوا القبلتين.
* وراه ابن أبي حاتم الرازي عن طريق الشعبي في إحدى رواياته وعن الحسن وابن سرين وقتادة.
وقتادة من المرتبة الثانية الثقات المقلون في رواية التفسير عنه
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا أبو الجماهر ثنا سعيد بن بشيرٍ ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد ابن المسيّب قوله: والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار قال: هم الّذين صلّوا القبلتين جميعًا وهم أهل بدرٍ، وروي عن الشّعبيّ في إحدى الرّوايات وعن الحسن وابن سيرين وقتادة: أنّهم الّذين صلّوا مع النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- القبلتين.
* وقال السيوطي : وأخرج ابن المنذر وأبو نعيم عن الحسن ومحمد بن سيرين
*وراه النحاس في تفسيره:عن طريق سعيد بن المسيب وابن سيرين وقتادة
*ورواه ابن عطية الأندلسي في تفسيره:عن طريق أبو موسى الأشعري وابن المسيب وابن سيرين وقتادة.
*وروا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍفي تفسيره عن طريقأبو موسى الأشعريّ، وسعيد بن المسيّب، ومحمّد بن سيرين، والحسن، وقتادة.
توجيه هذا القول:
أنهم سبقوا في الاستجابة لأوامر الله في مسألة تغيير القبلة
أقوال أخرى في الآية:
﴿والسّابِقُونَ الأوَّلُونَ﴾ فيها سته أقوال:

القول الثاني: أنهم الذين بايعوا النبي بيعة الرضوان، وهي الحديبية ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ.
القول الثّالِث: أنَّهم أهل بدر، قالَهُ عَطاءُ بْنُ أبِي رَباحٍ.
القول الرّابِع: أنَّهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قالَه مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ
القول الخامِس: هم السابقون بالموت ، سبقوا إلى ثَوابِ اللَّهِ تَعالى، وذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ.
القول السّادِس: أنهم الذين أسلموا قبل الهجرة، ذَكَرَهُ القاضِي أبُو يَعْلى.
الترجيح:
والراجح عندي والله أعلم ، أنه لا مانع من حمل الآية على هذه الأصناف كلها.كما قال محمد بن كعب القرظي: هم جميع الصحابة لأنهم حصل لهم السبق بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( 3 ) قول عطاء بن أبي رباح: ( التفث: حلق الشعر وقطع الأظفار )
تخريج القول:
*رواه الطبري عن طريق عبد المللك عن عطاء عن ابن عباس.
قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال، في قوله: {ثمّ ليقضوا تفثهم} قال: " التّفث: حلق الرّأس، وأخذٌ من الشّاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقصّ الأظفار، والأخذ من العارضين، ورمي الجمار، والموقف بعرفة، والمزدلفة ".
*وراه أيضا الطبري عن عطاء بن السائب وهذا التابعي المذكور غير عطاء بن أبي رباح
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، قال: " التّفث: حلق الشّعر، وقصّ الأظفار، والأخذ من الشّارب، وحلق العانة، وأمر الحجّ كلّه ".
*رواه يحيى بن سلام بن ثعلبةالبصري عن طريق حماد عن قيس بن سعد عن عطاء
حدّثنا حمّادٌ، عن قيس بن سعدٍ، عن عطاءٍ قال: التّفث: حلق الشّعر وقطع الأظفار.
*وذكره أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس في تفسيره عن طريق عبد الملك بن سليمان عن عطاء عن ابن عباس.
*وذكره بن كثير في تفسيره عن طريق علي بن أبي طلحة وعطاء ومجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهم
توجية هذا القول:
التَّفَثَ: لغة هو الوسخ، والقَذارة من طول الشعرِ والأظفارِ والشعث. وقَضاؤه: نَقْضه وإذهابه. والحاج مُغْبر شَعِث لم يَدهن ولَم يستحد، فَإذا قَضى نُسكه وخرج من إحرامِهِ بِالحلْق، والقَلْم، وقَص الأظْفارِ، ولِبس الثِّياب، فَهَذا قَضاء تفَثه، لِيَشْهَدَ اللَّهُ تَعالى مِنه الإعْراض عن العِناية بِنفسه فَيعلم صدقَه في بذلها لطاعَتِه.
الأقوال الأخرى في معنى الآية:
هذه الآية فيها أربعة أقوالآخرى:
القول الأول: رمي الجِمارِ، وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ.
القول الثاني: مناسك الحج، رواه عكرِمة عن ابن عباس، وهو قَول ابن عمر.
القول الثالث: حلق الرأس ،قاله مجاهد.
القول الرابِع: الشعروالظفر، قالَه عكرمه.
الترجيح:
والقَول الأول أصَح؛ وهو التفث حلق الشعر وقطع الظفر لِأنَّ التَّفَثَ: لغة هو الوسخ، والقَذارة مِن طول الشعرِ والأظفارِ والشعث. وقَضاؤه: نَقْضه وإذهابه. والحاج مُغْبر شَعِث لم يَدهن ولَم يستحد، فَإذا قَضى نُسكه وخرج من إحرامِهِ بِالحلْق، والقَلْم، وقَص الأظْفارِ، ولِبس الثِّياب، ونحو ذَلِكَ؛ فَهَذا قَضاء تفَثه ، فإن الغاية من الحج بذل النفس طاعة لله ومن أهل مظاهرها ترك العناية بالنفس،.قالَ المُبَرِّدُ: أصْلُ التَّفَثِ في كَلامِ العَرَبِ كُلُّ قاذُورَةٍ تَلْحَقُ الإنْسانَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ نَقْضُها. والمُرادُ هاهُنا قَصُّ الشّارِبِ والأظْفارِ ونَتْفُ الإبْطِ وحَلْقُ العانَةِ، والمُرادُ مِنَ القَضاءِ إزالَةُ التَّفَثِ.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 محرم 1441هـ/15-09-2019م, 02:49 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

المجموعة الثانية:

( 1 ) قول مجاهد: ( وأيّدناه بروح القدس) : القدس هو الله ).
1- القدس : هو الله
وهو قول مجاهد ، وابن زيد ، و الربيع بن أنس ورواه ابن أبي جعفر عن أبيه .

تخريج قول مجاهد :
فأما قول مجاهد فرواه عبدالله بن وهب من طريق الحارث عن غالب عنه ، وغالب بن عبيد الله من أصحاب مجاهد لكنه ضعيف .

توجيهه :
استنادا لقوله تعالى : ( الملك القدوس ) فقالوا القدس هو القدوس ، وروح القدس أي روح الله ، رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد .

الأقوال الأخرى في المسألة :
2- القدس : هو الاسم الذي كان يحيي به عيسى الموتى ، وهو قول ابن عباس ، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق بشر بن أبي روق عن الضحاك عنه ،
وهذا القول يشبه القول الذي قبله باعتبار أنّه اسم من أسماء الله ، وزيد عليه الخصيصة المذكورة في إحياء الموتى .

3- روح القدس هو الإنجيل ، وهو قول ابن زيد ، رواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه .
ووجهه : أن الإنجيل روح كما أن القرآن روح ، كلاهما روح الله كما قال سبحانه ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) .

4- البركة :
وهو قول السدي ، رواه ابن أبي حاتم من حديث أسباط بن نصر عنه .

5- المطهر :
وهو قول ابن عباس ، رواه ابن أبي حاتم .
وهو باعتبار المعنى اللغوي للكلمة .

6- حفظة على الملائكة ، قاله ابن أبي نجيح .


7- روح القدس هو جبريل عليه السلام ، وهو قول قتادة والسدي والضحاك والربيع بن أنس ، و محمد بن كعب القرظي ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وروي عن شهر بن حوشب عن النبي صلى الله عليه وسلم .

الترجيح :
يمكن أن نقول أنّ هذه الأقوال السبعة تؤول إلى قولين رئيسين ، الأول : أنه جبريل عليه السلام ، ويرجح هذا القول قوله تعالى:
{إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس } الآية (المائدة: 110) .
و قوله تعالى : {نزل به الرّوح الأمين ) الشعراء .
وقوله صلى الله عليه وسلم : «اللّهمّ أيّد حسّان بروح القدس كما نافح عن نبيّك» ، وقوله عليه الصلاة والسلام : «إنّ روح القدس نفخ في روعي: إنّ نفسًا لن تموت حتّى تستكمل رزقها وأجلها فاتّقوا اللّه وأجملوا في الطّلب»
وروي هذا القول عن جمع .
ويدخل تحت هذا القول ، القائلين بأن القدس هو الرب أو أنه اسم من أسمائه سبحانه ، باعتبار أن جبريل عليه السلام هو روح القدس ،
قال ابن عطية : "والإضافة على هذا إضافة الملك إلى المالك، وتوجهت لما كان جبريل عليه السلام من عباد الله تعالى "
كما يدخل تحته وصفه بالبركة والطهر ، وأنه سيد الملائكة ،
قال الزّمخشريّ: {بروح القدس} بالرّوح المقدّسة، كما يقول: حاتم الجود ورجل صدقٍ، ووصفها بالقدس كما قال: {وروحٌ منه} فوصفه بالاختصاص والتّقريب تكرمةٌ، وقيل: لأنّه لم تضمّه الأصلاب والأرحام الطّوامث .
وقال ابن جرير : (إنّما سمّى اللّه تعالى جبريل روحًا وأضافه إلى القدس لأنّه كان بتكوين اللّه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده، فسمّاه بذلك روحًا، وأضافه إلى القدس، والقدس: هو الطّهر، كما سمّي عيسى ابن مريم روحًا للّه من أجل تكوينه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده ) .


والقول الثاني : أنه الإنجيل ، وهذا القول بالقياس على القرآن أنه روح ، فالإنجيل كذلك ، و أجاب ابن جرير رحمه الله عنه بقوله تعالى : (إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلا وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل} الآية [المائدة: 110]. فلو كان الرّوح الذي أيّده به هو الإنجيل، لكان قوله: {إذ أيّدتك بروح القدس}، {وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل} تكرير قولٍ لا معنى له، واللّه أعزّ أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به.

وإذا أخذنا القدس مفردة ففيها قولين :
إمّا أن تكون اسماً من أسماء الله تعالى ، أو تكون صفة لموصوف بمعنى الطهارة ،
وكلاهما وارد ، ووجّه العلماء القولين بما ذكرناه سابقا .



( 2 ) قول الحسن البصري: (أكالون للسحت) : أكالون للرشى) .
1- الرشى : وهو قول ابن مسعود و علي و الحسن وقتادة و مجاهد وابن زيد والسدي .
فأما قول الحسن فرواه ابن وهب عن أشهل عن قرة بن خالد عنه ، وقرة بن خالد من الثقات الذين صحبوا الحسن و رووا عنه .
ورواه ابن جرير من طريق مسلم بن إبراهيم عن أبو عقيل عنه ، ولم أعرف من هو أبو عقيل .

و له توجيهان :
الأول : أن يكون السحت بمعنى الإهلاك ، من " أسحته اللّه وسحته: إذا أبطله وأهلكه " ، ذكره ابن قتيبة في غريب القرآن ،
" فيكون تأويله أن الرشا التي يأكلونها يعاقبهم الله بها أن يسحتهم بعذاب، كما قال جل وعز: (لا تفتروا على اللّه كذبا فيسحتكم بعذاب) ، ويصح أن يكون بمعنى استأصله سواء كان شيئا بعد شيء أو دفعة واحدة " ذكره الزجاج ، قال ابن جرير " وتقول العرب للحالق: اسحت الشّعر: أي استأصله ".
وهذا معلوم من شأن المال الحرام أنه يُمحق ولا يُبارك فيه .
الثاني : " أن يكون من كلب الجوع، فيقال : فلانٌ مسحوت المعدة: إذا كان أكولاً لا يلفّى أبدًا إلاّ جائعًا " ذكره ابن جرير .
ووجه التشبيه بينهما أنّ المرتشي فيه من الشره للمال كالذي بمسحوت المعدة من الشره للطعام ، نسأل الله العافية .

2- كسب ما لا يحلّ والرشوة منه ، رواه ابن وهب عن ابن زيد عن أبيه .

الترجيح :
نلاحظ أنّ القول الأول بعض القول الثاني ، و القول الثاني أعم فدخل فيه كل كسب حرام ، ووجه تخصيص القائلين بالرشا ، لعله أن يكون سياق الآية ، وما جاء في سبب نزولها ، يكشف طبيعة اليهود من شَرَهٍ وحرص أدى إلى ترك الحق وأخذ الرشوة .
والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المعنى ، فالسحت حقيقة كل ما أوجب لهم المحق والهلاك ، أو ما أورثهم النهم وعدم الشبع بحال .

( 3 ) قول عكرمة في تفسير قول الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها).
1- اتقوا الأرحام أن تقطعوها ، وهو قول ابن عباس وعكرمة و الحسن ومجاهد و الربيع وقتادة والضحاك وابن زيد ، والسدي .

تخريج قول عكرمة :
فأما قول عكرمة فرواه سفيان عن خصيف عنه ، وخصيف فيه ضعف واضطراب ، وروايته هنا معتبرة لسلامتها من النكارة والمخالفة .

التوجيه :
هذا باعتبار قراءة النصب ، فيكون المعنى اتّقوا اللّه الّذي تساءلون به، واتّقوا الأرحام أن تقطعوها، عطفًا بالأرحام في إعرابها بالنّصب على اسم اللّه تعالى ذكره ، ذكره ابن جرير .

2- أن يسأل بالله و الرّحِم ، وهو قول إبراهيم ومجاهد والحسن
التوجيه :
هذا باعتبار قراءة الخفض في (والأرحام) عطفا بها على الهاء الّتي في قوله "به"، فيكون المراد واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به وبالأرحام .

الترجيح :
يترجح القول الأول ، على قراءة النصب ، لأن القول الثاني فيه عطف بظاهرٍ على مكنيٍّ مخفوضٍ، و هوغير فصيحٍ من الكلام عند العرب إلاّ في ضرورة شعرٍ، وذلك لضيق الشّعر؛ وأمّا الكلام فلا شيء يضطرّ المتكلّم إلى اختيار المكروه من المنطق والرّدئ في الإعراب منه ، ذكره ابن جرير.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 محرم 1441هـ/16-09-2019م, 04:26 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج


المجموعة الثالثة:
( 1 ) قول الشعبي في تفسير قول الله تعالى: {تتخذون منه سكراً} السكر: النبيذ.
الدراسة والتخريج:
روى هذا القول عن الشعبي ابن جرير في تفسيره من ثلاثة طرق:
طريقين أصل الإسناد فيهما أبو روق عن الشعبي وذكر فيهما أن السكر النبيذ والخل
والطريق الثالثة عن وكيع عن أبو أسامة وأحمد بن بشير عن مجالد عن الشعبي وذكر فيه أن السكر النبيذ
وقد رجح ابن جرير هذا القول بعد استعراضه للأقوال الواردة في الآية.

كما روى ابن جرير في تفسيره والبيهقي في السنن والآثار مرويات عن الشعبي تخالف هذا القول أصل الإسناد فيها: المغيرة عن الشعبي أفادت بأن الآية منسوخة مما يعني أن تفسير السكر هنا هو ما حرم من الخمر ونحوه.
وذكر السيوطي في الدر المنثور أن ابن الأنباري أخرج نفس القول عن الشعبي.
وقد مر علينا في سير أعلام المفسرين أن ممن روى عن الشعبي
مغيرة بن مقسم، ومجالد بن سعيد ولم يذكر أبو روق ولا أستطيع الحكم على صحة الأسانيد عنهم

التوجيه:
المسألة لها علاقة باللغة وابن جرير حين رجح القول بأن معنى السكر النبيذ والخل وغيره مما هو حلال، احتج بأن أحد معاني السكر في اللغة ما طعم من الطعام، ورجح هذا القول كونه مما صح في اللغة
العربية.
وغيره ممن رجح القول بأن المعنى هو الخمر وما أسكر من الشراب قال بأن العرب تطلق اسم السكر على ما يحصل به السكر.
كما أن للمسألة تعلق بالأصول ومتى يجوز اطلاق النسخ على الآية ومتى لا يجوز، وهل يصح نسخ الخبر؟ ولعل هذا هو سبب ميل بعض المفسرين لتفسير السكر بما هو حلال من الشراب تجنبا للقول بنسخ الآية.
ولها علاقة بالمعنى المستفاد من الآية فالبعض أنكر الامتنان بما حرم والبعض ذكر بأن السكر ذكر على سبيل الاعتبار
وقد روي القولين عن الشعبي ولعل تحرير المسألة يفيدنا أكثر في توجيه كل قول.

تحرير المسألة:
الأقوال في معنى السكر
القول الأول: أن المعنى الخمر وما في معناه مما يحرم بسبب الإسكار وهو قول ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد وقتادة، وإبراهيم والشعبي وأبي رزين والحسن وابن أبي ليلى والضحاك وذكره البخاري في صحيحه، قال الشنقيطي وهو قول الجمهور.
واحتج أصحاب هذا القول بأن العرب تطلق اسم السكر على ما يحصل به السكر
وأصحاب هذا القول وجهوا سبب ذكر المحرم في الآية بعدة توجيهات منها.
1. أن الآية منسوخة بآية تحريم الخمر كونها مكية وتحريم الخمر وقع في المدينة.
2. أن اتخاذ السكر هنا جاء على سبيل الاعتبار.
3. أن الله سبحانه ذكر نعمته في السكر قبل تحريم الخمر.
4. إِنَّ قَوْلَهُ" تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً" خَبَرٌ مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَامُ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، أَيْ أَتَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَتَدَعُونَ رِزْقًا حَسَنًا الْخَلَّ وَالزَّبِيبَ.

القول الثاني أن السكر هو كلّ ما كان حلالاً شربه مما يستخلص من هذه الثمار، كالنّبيذ الحلال، والخلّ وغيره.
وقد روى هذا القول الطبري عن الشعبي ومجاهد ورجحه.
واحتج بأن للسكر معان لغوية صحيحة غير السكر مع عدم وجود دليل على النسخ.

ومن خلال الرجوع لبعض التفاسير فقد ذكر الزجاج القولين واعترض على بعض ما استدل به أصحاب القول الثاني، وذكر ابن عطية القولين دون ترجيح، ونقل القرطبي عن ابن العربي ترجيحه للقول الأول، ورجح الشنقيطي القول الأول، ولم يذكر ابن عاشور إلا القول الأول.

أما السعدي فقد أجمل جميع المعاني بعبارة مختصرة توحي بأن جميع المعاني له وجه من الصحة والاعتبار فقال:
وجعل تعالى لعباده من ثمرات النخيل والأعناب منافع للعباد، ومصالح من أنواع الرزق الحسن الذي يأكله العباد طريًّا ونضيجا وحاضرا ومدخرا وطعاما وشرابا يتخذ من عصيرها ونبيذها، ومن السكر الذي كان حلالا قبل ذلك، ثم إن الله نسخ حلَّ المسكرات، وأعاض عنها بالطيبات من الأنبذة، وأنواع الأشربة اللذيذة المباحة.

الترجيح:
لعل الصواب أن قول الجمهور أكثر ورودا للذهن والمعنى المتبادر للسكر هو شرب المحرم من المسكرات ولا بأس بذكره في الآية على سبيل الامتنان قبل التحريم وعلى سبيل الإعجاز والاعتبار بعده، ولا مانع من تفسير الآية بغير ذلك من المعاني اللغوية الصحيحة للسكر فكلها نعم عظيمة من رب كريم


( 2 ) قول محمد بن سيرين ( {السابقون الأولون} الذي صلوا القبلتين.

التخريج:
روى هذا القول عن ابن سيرين الطبري في تفسيره قال:
حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن بعض، أصحابه، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، وعن أشعث، عن ابن سيرين، في قوله: {والسّابقون الأوّلون} قال: هم الّذين صلّوا القبلتين.
وذكر السيوطي أن ابن المنذر وأبو نعيم أخرجا عن محمد بن سيرين في قوله {والسابقون الأولون} قال: هم الذين صلوا القبلتين جميعا وهم أهل بدر. ولم أعثر عليه

التوجيه:
يمكن أن تكون من في الآية للتبعيض وهو القول الذي اختاره ابن سيرين، فيكون المقصود بعض المهاجرين الذين صفتهم أنهم السابقون الأولون ولبيان حد سبقهم جاء عدة أقوال منها ما روي عن ابن سيرين أنهم الذين أسلموا وهاجروا وصلوا قبل تغيير القبلة

تحرير المسألة:

جاء في المسألة قولين:
القول الأول: أن من للتبعيض فيكون المقصود بعض المهاجرين والأنصار الذين لهم السبق وقد اختلفت أقوال المفسرين في بيان حد سبقهم على أقوال:
1. أنهم الذين صلوا القبلتين جميعا وهو قول أبو موسى، وقتادة، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين
2. أنهم الذين شهدوا بيعة الرضوان وهو قول الشعبي وعامر
3. أنهم الذين شهدوا بدرا ذكره ابن عطيه عن عطاء
القول الثاني: أن من لبيان الجنس فيشمل القول جميع المهاجرين إلى أن انقطعت الهجرة، ذكره ابن عطية وحصره بالمهاجرين قال ابن عاشور عن اختيار ابن عطية: لَا يُلَاقِي قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ بِخَفْضِ الْأَنْصارِ، وأكد أن من للتبعيض وليست للبيان.

الترجيح:
لم أجد تحريرا يمكنني من البت في المسألة، لكن لفت نظري أن ابن عطية لما قال أن من هنا لبيان الجنس ولست للتبعيض قصر السبق على جميع المهاجرين دون الأنصار وفي فهمي القاصر أن اللفظ يحتمل شمول الفريقين فيكون السبق لجميع المهاجرين والأنصار فيعطون الفضل جميعا، وبذلك ينتفي اعتراض ابن عاشور على خفض لفظ الأنصار والله أعلم.

( 3 ) قول عطاء بن أبي رباح: ( التفث: حلق الشعر وقطع الأظفار )


التخريج:
وجدت هذا التفسير بهذا النص في تفسير القرآن العظيم ليحيى بن سلام، حيث روى هذا التفسير عن قيس بن سعد عن عطاء، وقيس بن سعد أحد الثقات من المرتبة الأولى ممن روى عن عطاء
وقد رويت عن عطاء روايات أخرى تدل على نفس المعنى بألفاظ مختلفة.
منها ما رواه الطبري عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس قال: التّفث: حلق الرّأس، وأخذٌ من الشّاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقصّ الأظفار، والأخذ من العارضين، ورمي الجمار، والموقف بعرفة، والمزدلفة.

التوجيه
ذكر عطاء في الرواية محل الدراسة بعض ما رواه عن ابن عباس في رواية أخرى واختصر ما فصل من أخذ الشعر، لكنه لم يذكر بقية المناسك التي رويت في الرواية الأخرى، ولعله ربط المعنى بالمعنى اللغوي للتفث على رأي البعض أنه الوسخ وقضاؤه قطعه والله أعلم.

تحرير المسألة:

بعض اللغويين ذكر بأن هذه الكلمة لم تكن معروفه قبل القرآن وأنه لم يجد لها شواهد، والبعض أنكر ذلك وذكر بأنها كانت معروفة وذكر لها شاهدا من اللغة، والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي لكن ابن عاشور رجح القول الأول كون من قال به أقوى وشكك في شواهد أصحاب القول الثاني
أما المفسرين فبعضهم رأى أن التفث هو الوسخ وقطعه إزالته
وبعضهم شمل مناسك الحج وأفعاله كلها، ومنها ما يحدث من التقصير والتنظف بعد التحلل

الترجيح:
رجح ابن عاشور أن المراد المناسك حيث قال:
وَعِنْدِي: أَنَّ فِعْلَ لْيَقْضُوا يُنَادِي عَلَى أَنَّ التَّفَثَ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَلَيْسَ وَسَخًا وَلَا ظُفْرًا وَلَا شَعْرًا. وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ آنِفًا. وَأَنَّ مَوْقِعَ (ثُمَّ) فِي عَطْفِ جُمْلَةِ الْأَمْرِ عَلَى مَا قَبْلَهَا يُنَادِي عَلَى مَعْنَى التَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِ (ثُمَّ) أَهَمُّ مِمَّا ذُكِرَ قَبْلَهَا فَإِنَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ هِيَ الْمُهِمُّ فِي الْإِتْيَانِ إِلَى مَكَّةَ، فَلَا جَرَمَ أَنَّ التفث هُوَ من مَنَاسِكُ الْحَجِّ

وقد وجدت عددا من المفسرين شملوا المناسك مع إزالة الأوساخ، قال ابن عطية::
«التفث» ما يصنعه المحرم عند حله من تقصير شعر وحلقه وإزالة شعث ونحوه من إقامة الخمس من الفطرة حسب الحديث وفي ضمن ذلك قضاء جميع مناسكه إذ لا يقضى التفث إلا بعد ذلك

وقال الشوكاني في فتح القدير:
فَإِذَا قَضَى نُسُكَهُ وَخَرَجَ مِنْ إِحْرَامِهِ حَلَقَ شَعْرَهُ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ، فَهَذَا هُوَ قَضَاءُ التَّفَثِ. قَالَ الزجاج: كأنه خروج من الإحرام إلى الإحلال.

وكذلك جمع السعدي بين الاثنين وهذا هو المروي عن ابن عمر وابن عباس والله أعلم

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 محرم 1441هـ/17-09-2019م, 06:04 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علاء عبد الفتاح محمد مشاهدة المشاركة
مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج
المجموعة الأولى:


( 1 ) قول مجاهد في تفسير قول الله تعالى: {تماماً على الذي أحسن} ، قال: على المؤمنين والمحسنين.
==تخريج هذا القول:
-روى هذا القول الطبري في تفسيره عن ابن أبي نجيح عنه،
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (تمامًا على الذي أحسن) ، المؤمنين والمحسنين.
-ورواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
-وذكره عنه الماوردي في النكت والعيون
-وذكره أيضا عنه ابن عطية في تفسيره.
-وذكره أيضا القرطبي وابن كثير في تفسيرهما عنه.
-وذكره عن ابن المنذر وعبد ابن حميد صاحب الدر المنثور ولم أجده عندهما في النسخة التي عندي.
[ الصياغة تكون كالتالي: رواه ابن جرير في تفسيره من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: (على المؤمنين والمحسنين)، ورواه كذلك عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ كما في الدر المنثور للسيوطي.

ورواه ابن جرير أيضاً من طريق عيسى بن ميمون عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وابن أبي حاتم من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد كلاهما من غير ذكر لفظ "المحسنين".

ولا حاجة لذكر من ذكره من المفسرين ما لم يكن هناك زيادة علم ]




==توجيه هذا القول
أن يقال إن موسى يخبر أن الله آتاه الكتاب فضيلة على ما آتى المحسنين من عباده
ومما يؤيد هذا القول ما جاء في قراءة ابن مسعود أنه كان يقرأ ذلك:" تمامًا عَلَى الَّذِينَ أَحْسَنُوا"

==وقيل في معنى الآية غير ذلك
-فقيل المراد موسى والمعنى تماما على ما أحسن موسى أي كرامة له على حسن طاعته وقيامه بعباده ربه.
-وقال آخرون في ذلك: معناه: ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا على إحسان الله إلى أنبيائه وأياديه عندهم وهو منقول عن ابن زيد
-وقيل تماما لكرامة موسى في الجنة على إحسانه في الدنيا وهو داخل في القول المتقدم وهو منقول عن قتادة
-وقيل تماما لنعمة الله على إبراهيم لأنه من ولده.

[ قيل: تماما على الذي هو أحسن ، وهو قول يحيى بن يعمر ]


==والراجح في معنى الآية:
هو القول الثاني وهو أن المعنى ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا لنعمنا عنده، على الذي أحسن موسى في قيامه بأمرنا ونهينا = لأن ذلك أظهرُ معانيه في الكلام، وأن إيتاء موسى كتابه نعمةٌ من الله عليه ومنة عظيمة. فأخبر جل ثناؤه أنه أنعم بذلك عليه لما سلف له من صالح عمل وحُسن طاعة.
وقد رجحه الطبري وقال عنه أنه أولى الأقوال عنده بالصواب
وقد رد قول ابن زيد وقال عن قول مجاهد أنه لا دليل عليه وأن ظاهر الكلام لا يؤيده بل يؤيد القول الذي ترجح ولما كان خاليا من الدليل صار الترجيح إلى القول المختار عنده.
والله أعلم.
[ لا يصار إلى الترجيح إلا إذا لم يمكن الجمع ]



================================================================================

( 2 ) قول محمد بن كعب القرظي: ({منادياً ينادي للإيمان}: المنادي القرآن)
== تخريج هذا القول:
-هذا القول رواه سفيان الثوري عن عبيدة عنه.
-والطبري في تفسيره عن موسى بن عبيدة عنه.
-وابن المنذر في تفسيره عن موسى بن عبيدة عنه.
-وابن أبي حاتم في تفسيره عن موسى بن عبيدة عنه.
-وذكره الماوردي في النكت والعيون.
-والبغوي في تفسيره.
-وذكره القرطبي وابن عطية في تفاسيرهم عن مجاهد.


[ قل: رواه سفيان الثوري وابن جرير الطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق موسى بن عبيدة عنه ]



==توجيه هذا القول:
أن المراد بالمنادي القرآن لأنه ليس كل الناس قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر محمد بن كعب القرظي حيث قال: (هو الكتاب، ليس كلهم لقي النبي صلى الله عليه وسلم.)

==الأقوال الأخرى:
-أن المنادي هو محمد صلى الله عليه وسلم، روي هذا عن ابن زيد وابن جريج

==الترجيح:
الذي يظهر لي أن أرجح الأقوال في ذلك هو قول محمد بن كعب القرظي أن المنادي هو القرآن
وهذا هو اختيار ابن جرير الطبري حيث قال:
وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول محمد بن كعب، وهو أن يكون "المنادي" القرآن. لأن كثيرًا ممن وصفهم الله بهذه الصفة في هذه الآيات، ليسوا ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عاينه فسمعوا دعاءه إلى الله تبارك وتعالى ونداءه، ولكنه القرآن، وهو نظير قوله جل ثناؤه مخبرًا عن الجن إذ سمعوا كلام الله يتلى عليهم أنهم قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) ا.ه
ثم ذكر أن هذا منقول عن قتادة فقال:
(عن قتادة قوله: "ربنا إننا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان" إلى قوله: "وتوفَّنَا مع الأبرار"، سمعوا دعوة من الله فأجابوها فأحسنوا الإجابة فيها، وصبروا عليها. ينبئكم الله عن مؤمن الإنس كيف قال، وعن مؤمن الجنّ كيف قال. فأما مؤمن الجن فقال: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) وأما مؤمن الإنس فقال: "إننا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا"، الآية.)
والله أعلم




=================================================================================

( 3 ) قول طاووس بن كيسان: (الحفدة الخدم )
== تخريج هذا القول:
-روى هذا القول عن طاووس ابن جريج الطبري في تفسيره عن زمعة عنه.
-وذكره عنه ابن كثير في تفسيره.
-وذكره عنه النحاس في تفسيره.
ولم أجده في غير هذه الكتب عن طاووس ووجدته عن غيره كالحسن ومجاهد
[ راجع الملحوظات السابقة على صياغة العزو ، ثم صحح ما يلزم ]
==توجيه هذا القول:
هذا القول مبني على أن معنى يحفد أي يخدم ويطيع في خفة وهذا هو المراد في كلام العرب ومنه قولهم [ هذه آية قرآنية منسوخة ]: "إليك نسعى ونحفِد": أي نسرع إلى العمل بطاعتك

==الأقوال الأخرى:
-قيل إنهم الولد وولد الولد كما نقل عن ابن عباس
-وقال آخرون: هم بنو امرأة الرجل من غيره
-وقيل أنه زوج بنت الرجل
-وقيل هو الرجل يعمل بين يدي الرجل، يقال: فلان يحفد لنا
[ أين العزو ؟ ]


==الترجيح:
الذي يظهر لي أن الحفد يأتي بمعنى الخدمة في خفة وسرعة والآية في سياق الامتنان علينا بالأزواج والبنين والحفدة فمن الأزواج من يقوم بالخدمة ومن البنين من يفعل ذلك ومن أزواج البنات من يفعل ذلك ومن غير هؤلاء من يقول بالخدمة
فلما كان الحفد معناه الخفة في الطاعة والخدمة صح أن يراد به هنا كل هذه الأصناف ولا يوجد دليل على تخصيص نوع منها وتكون الأقوال التي ذكرت كلها صحيحة ولكل قول منها وجه في الصحة ومخرج في التأويل،
وهذا القول يوافق قول طاووس بأنهم الخدم دون تعيين لهم، والله أعلم.
[ وما سبب إلغاء الأقوال الأخرى وهي صحيحة لغة ومنقولة عن السلف في تفسير الآية؟ ]


والله أعلى وأعلم والحمد لله رب العالمين

ج+

آمل النظر في الملحوظات وإعادة التطبيق بتصحيح ما يلزم.

وفقك الله


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 محرم 1441هـ/17-09-2019م, 07:49 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورة الأمير مشاهدة المشاركة
المجموعة الثانية:
( 1 ) قول مجاهد: ( وأيّدناه بروح القدس) : القدس هو الله ).
تخريج القول:
رواه ابن وهب في الجامع عن الحارث، عن غالب بن عبيد الله، عنه.
وذكر السيوطي أن ابن أبي حاتم أخرجه, ولم أعثر عليه.
[ يقال: ورواه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور للسيوطي]
[ وأين الحكم على الأثر؟ ]



وقال به أيضا أبو جعفر [ من أبو جعفر؟ ], وابن زيد, وكعب [من؟], والربيع بن أنس.
وقيل في معنى القدس: البركة. وقيل: الطهر.
أما في قوله "روح القدس" ككلمة مركبة:
قيل: جبريل.
وقال آخرون: أنه الإنجيل.
وقيل: هو الاسم الذي كان يحيي عيسى الموتى.
وقيل: حفظة الملائكة.
وقال الزمخشري: الروح المقدسة . فجعل المعنى على إطلاقه.
وقيل: المطهر.
[ أين العزو؟ ]
توجيه القول:
في اللغة: التّقديس: التّطهير، والقدس: الطّهر من ذلك.
وقد قال ابن جرير: إنّما سمّى اللّه تعالى جبريل روحًا وأضافه إلى القدس لأنّه كان بتكوين اللّه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده، فسمّاه بذلك روحًا، وأضافه إلى القدس، والقدس: هو الطّهر، كما سمّي عيسى ابن مريم روحًا للّه من أجل تكوينه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده.
ومن أسماء الله تعالى (القدوس), مما يبين وجاهة هذا القول وبيانه.
الترجيح:
القول الراجح: أن (روح القدس) هو (جبريل -عليه السلام-), وقد قال بذلك: ابن مسعود, وقتادة, والسدي, والضحاك, والربيع, وإسماعيل بن أبي خالد, وعطية العوفي, ومحمد بن كعب, ورجحه الزجاج, وابن جرير, وابن كثير, والقرطبي.

[ يُفرّق بين المراد بالقدس، وبين المراد بروح القدس ]

روى الطبري وابن كثير عن ابن إسحاق، قال: حدّثني عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبي الحسين المكّيّ، عن شهر بن حوشبٍ الأشعريّ: أنّ نفرًا، من اليهود سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: أخبرنا عن الرّوح. قال: «أنشدكم باللّه وبأيّامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنّه جبريل، وهو يأتيني؟»، قالوا: نعم.
وقال الطبري: "أولى التّأويلات في ذلك بالصّواب قول من قال: الرّوح في هذا الموضع جبريل؛ لأنّ اللّه جلّ ثناؤه أخبر أنّه أيّد عيسى به، كما أخبر في قوله: {إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلاً وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل} أنه أيده به فلو كان الرّوح الّذي أيّده اللّه به هو الإنجيل لكان قوله: إذ أيّدتك بروح القدس وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل تكرير قولٍ لا معنى له.
ذلك أنّه على تأويل قول من قال: معنى: {إذ أيّدتك بروح القدس} إذ أيّدتك بالانجيل إنّما هو: إذ أيّدتك بالإنجيل، وإذ علّمتك الإنجيل؛ وهو لا يكون به مؤيّدًا إلاّ وهو معلّمه. فذلك تكرير كلامٍ فى ايه واحدٍ من غير زيادة معنى في أحدهما على الآخر، وذلك خلفٌ من الكلام، واللّه تعالى ذكره يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدةً". ووافقه على ذلك ابن كثير.
وذكر السيوطي أن أخرجوا عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لحسان منبرا في المسجد، فكان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أيد حسان بروح القدس كما نافح عن نبيه».
- وأخرج ابن حبان، عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن روح القدس نفث في روعي: إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب».
- وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كلمه روح القدس لن يؤذن للأرض أن تأكل من لحمه»).[الدر المنثور: 1/ 459-460]
واستدل ابن كثير بقوله: {نزل به الرّوح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين* [بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ]} [الشّعراء: 193-195], وما قاله البخاريّ عن ابن أبي الزّناد، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وضع لحسّان بن ثابتٍ منبرًا في المسجد، فكان ينافح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «اللّهمّ أيّد حسّان بروح القدس كما نافح عن نبيّك». وأخرجه ابن سعيد وأحمد وأبو داود والترمذي. كما ذكر السيوطي, وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وفي شعر حسّان قوله:
وجبريلٌ رسول اللّه ينادي ....... وروح القدس ليس به خفاء]
فإذا تبين لك أن روح القدس هو جبريل, لم يتبق شك في أن معنى (القدس) هو: الله. إذ روح جبريل منسوبة له -سبحانه-, [ بل من الوارد أن تكون الإضافة من باب إضافة الموصوف إلى صفته؛ كما في "عين اليقين" و"دين الحق" و "دار الآخرة" ، والإسناد إلى مجاهد في هذا الأثر لا يصحّ؛ لأن غالب بن عبيد الله متروك الحديث، فلا يحتجّ به في مسألة كهذه فيها إثبات اسم لله تعالى، ولعلك تطالعين تعليق أبي منصور الأزهري في تهذيب اللغة على قول الليث عن الخليل بن أحمد ]

وقد ذكر ابن جرير أنه: إنّما سمّى اللّه تعالى جبريل روحًا وأضافه إلى القدس لأنّه كان بتكوين اللّه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده، فسمّاه بذلك روحًا، وأضافه إلى القدس، والقدس: هو الطّهر، كما سمّي عيسى ابن مريم روحًا للّه من أجل تكوينه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده.

( 2 ) قول الحسن البصري: (أكالون للسحت) : أكالون للرشى)
تخريج القول:
رواه ابن وهب عن شهل عن قرة بن خالد، عنه.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عقيلٍ، قال: سمعت الحسن, وذكرا قوله.
وقال به ابن زيد, والسدي, وقتادة, ومجاهد, وابن مسعود, وابن عباس, وإبراهيم, والضحاك, وأنس بن مالك, وسعيد بن جبير, وعكرمة, وزيد بن ثابت. كما قال بهذا القول غيره, لكن بصيغ أعم تشمل الحرام كله, أو يتمثل ببعضه, وقد يذكرون الرشوة كمثال على ذلك, كمسروق, وزيد, وعلي بن أبي طالب, وأبو هريرة, وابن هبيرة, وعطاء, وعبدالله بن شقيق, وابن عمر, وابن عطية, وابن كثير. ومنهم من يروى عنه تخصيصه برشوة الحكام أو الرشوة في الدين, كابن عباس, وطاوس, وابن مسعود, ومنهم من يذكر أن الهدية للحاكم سحت, ومن أرادها رشوة قاصدا فهو أعظم من ذلك فوصفه بالكفر, كمسروق.
والمقصود التحرز في النقل, وإلا فإن تنوع الأقوال في الروايات لنفس القائل يدل على عمومية المعنى لديه, وأن ما ذكره كان على سبيل التمثيل, ودخول القول الذي ذكره الحسن تحته بالمقام الأول, ولهذا اعتبرت الأقوال كلها متعاضدة, لا متعارضة, وسيتم التفصيل عند الترجيح.
أما أهل اللغة فعرفوه بأنه: كسب ما لا يحل. كمعمر بن المثنى, وعبدالله الزيدي, وغلام ثعلب, ومكي بن أبي طالب.
وذكر ابن قتيبة والزجاج والنحاس أن المقصود الرشا.
توجيه القول:
قال ابن قتيبة: السحت: من أسحته اللّه وسحته: إذا أبطله وأهلكه. وذكر الطبري: أن أصل السّحت: كلب الجوع، يقال منه: فلانٌ مسحوت المعدة: إذا كان أكولاً لا يلفّى أبدًا إلاّ جائعًا -وذكر ابن عطية أن في عبارته بعض اضطراب لأن مسحوت المعدة هو مأخوذ من الاستئصال والذهاب، وليس كلب الغرث أصلا للسحت-.
وإنّما قيل للرّشوة السّحت، تشبيهًا بذلك؛ كأنّ بالمسترشي من الشّره إلى أخذ ما يعطاه من ذلك مثل الّذي بالمسحوت المعدة من الشّره إلى الطّعام، يقال منه: سحته وأسحته، لغتان محكيّتان عن العرب، ومنه قول الفرزدق بن غالبٍ:.
وعضّ زمانٍ يا ابن مروان لم يدع = من المال إلاّ مسحتًا أو مجلّف
يعني بالمسحت: الّذي قد استأصله هلاكًا بأكله إيّاه وإفساده، ومنه قوله تعالى: {فيسحتكم بعذابٍ} وتقول العرب للحالق: اسحت الشّعر: أي استأصله.
وذكر ابن عطية أن المال الحرام سمي سحتا لأنه يذهب وتستأصله النوب، كما قال عليه السلام «من جمع مالا من تهاوش أذهبه الله في نهابير»، وقال مكي سمي المال الحرام سحتا لأنه يذهب من حيث يسحت الطاعات أي يذهب بها قليل قليلا، وقال المهدوي من حيث يسحت أديانهم.
إلا أنه ذكر أنه مردود لأن السيئات لا تحبط الحسنات اللهم إلا أن يقدر أنه يشغل عن الطاعات فهو سحتها من حيث لا تعمل، وأما طاعة حاصلة فلا يقال هذا فيها، وقال المهدوي سمي أجر الحجام سحتا لأنه يسحت مروءة آخذه.
أقول: رحم الله ابن عطية, فكلامه يرد عليه قوله تعالى :"يا أيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون", مما يدل على إحباط العمل الحسن بالسيء.
ومن هنا تتبين وجاهة القول ومدى صلته بمعنى الآية, إذ المعنى اللغوي يؤكد المعنى الشرعي ويبين علاقته.
[ هذا حديث عن معنى السحت في اللغة ، وأما توجيه قول الحسن فهو تفسير بالمثال كما أشرت إلى ذلك في خاتمة الترجيح ]

الترجيح:
الراجح كما تبين من فلتات حديثنا سابقا أن السحت هو الكسب الحرام عامة, وهو ينطبق على الرشا بالمقام الأول لكثرة من قال به ونقله عن رسول الله, ومن تلك الأحاديث:
ما رواه الطبري عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عبد الرّحمن بن أبي الموالي، عن عمر بن حمزة بن عبد اللّه بن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: كلّ لحمٍ أنبته السّحت فالنّار أولى به قيل: يا رسول اللّه، وما السّحت؟ قال: الرّشوة في الحكم.
وما رواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن أحمد الدّشتكيّ، ثنا أبي عن أبيه عن إبراهيم الصّائغ عن يزيد النّحويّ قال: قال عكرمة: إنّ ابن عباس قال: أن الرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: رشوة الحكّام حرامٌ، وهي السّحت الّذي ذكر اللّه في كتابه.
ومن الأحاديث التي تبين عمومية المراد, وأن كل مال حرام هو سحت:
ما رواه ابن أبي حاتم عن يونس بن عبد الأعلى قراءةً، ثنا سفيان بن عيينة عن هارون بن زياب عن كنانة بن نعيمٍ عن قبيصة بن مخارقٍ أنّه تحمّل بحمالةٍ فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: نؤدّيها عنك ونخرجها من نعم الصّدقة أو إبل الصّدقة، فقال: يا قبيصة، إنّ المسألة قد حرّمت إلا في ثلاثٍ: رجلٌ تحمّل بحمالةٍ فحلّت له المسألة حتّى يؤدّيها ثمّ يمسك، ورجلٌ أصابته حاجة فاجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتّى يصب قوامًا من عيشٍ أو سدادًا من عيشٍ ثمّ يمسك، وما سوى ذلك من المسألة فهو سحتٌ.
فمن هنا يتبين أن الأقوال لا تتعارض, فكلها صحيح إلا أنها من قبيل التفسير بمثال, كما قال بذلك ابن عطية.
[ ينبغي أن يفرّق بين الجمع والترجيح؛ فالجمع هو جمع الأقوال الصحيحة في معنى الآية والتعبير عنها بعبارة جامعة، والترجيح إنما يصار إليه إذا تعذّر الجمع بين الأقوال التي تعدّ صحيحة في نفسها وإن كانت على مراتب في الصحة، وأما القول الضعيف فيبيّن ضعفه؛ فهذه مراتب في دراسة الأقوال والحكم عليها ]


( 3 ) قول عكرمة في تفسير قول الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها).

تخريج القول:
رواه موسى النهدي وابن جرير عن سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عنه. [ موسى النهدي راوي كتاب؛ فلا يعزى له ]

[ يقال: رواه سفيان الثوري وابن جرير الطبري من طريق خصيف عنه. ]

وقال به قتادة, والسدي, وابن عباس, والحسن -وله غير ذلك-, والضحاك, والربيع, وابن زيد, ومقاتل, وابن عطية,
وقيل: معناه: هو قول الرجل: أنشدك الله والرحم. قال بذلك: الحسن, ومجاهد, وإبراهيم.

توجيه القول:
ذكر الطبري أن من قرأها نصبًا، بمعنى: واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به، واتّقوا الأرحام أن تقطعوها، عطفًا بالأرحام في إعرابها بالنّصب على اسم اللّه تعالى ذكره.
قال: والقراءة الّتي لا نستجيز للقارئ أن يقرأ غيرها في ذلك النّصب: {واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به والأرحام}
بمعنى: واتّقوا الأرحام أن تقطعوها، لما قد بيّنّا أنّ العرب لا تعطف بظاهرٍ من الأسماء على مكنيٍّ في حال الخفض، إلاّ في ضرورة شعرٍ. وقد وافقه على ذلك علماء العربية, مما يبين وجاهة قول عكرمة.

الترجيح:
الراجح قول عكرمة ومن قال بقوله, كما أكد ذلك أهل العربية: أن القراءة الجيّدة نصب الأرحام. وقد أيده الفراء, والأخفش, وأبو عبيدة, والزجاج.
[ كل قراءة تصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي جيّدة ]

قال الزجاج: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فأما الجر في الأرحام فخطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار شعر، وخطأ أيضا في أمر الدين عظيم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تحلفوا بآبائكم)).
فكيف يكون تساءلون به وبالرحم على ذا؟.
رأيت أبا إسحاق إسماعيل بن إسحاق يذهب إلى: أن الحلف بغير اللّه أمر عظيم، وأن ذلك خاص للّه - عزّ وجلّ - على ما أتت به الرواية.
فأما العربية فإجماع النحويين أنه: يقبح أن ينسق باسم ظاهر على اسم مضمر في حال الجر إلا بإظهار الجار. [ الذي نقل هذا الإجماع هو أبو إسحاق الزجاج فالأولى العزو إليه، وهو بصري المذهب في النحو، وقد خالفه بعض الكوفيين، وجرى في هذه المسألة بحث طويل، ولعلك تطالعين هذا المبحث من دراسات عضيمة : العطف على الضمير المجرور ]
وقال ابن عطية: المضمر المخفوض لا ينفصل فهو كحرف من الكلمة، ولا يعطف على حرف، ويرد عندي هذه القراءة من المعنى وجهان: أحدهما أن ذكر الأرحام فيما يتساءل به لا معنى له في الحض على تقوى الله، ولا فائدة فيه أكثر من الإخبار بأن الأرحام يتساءل بها، وهذا تفرق في معنى الكلام وغض من فصاحته، وإنما الفصاحة في أن يكون لذكر الأرحام فائدة مستقلة، والوجه الثاني أن في ذكرها على ذلك تقريرا للتساؤل بها والقسم بحرمتها، والحديث الصحيح يرد ذلك في قوله عليه السلام: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» وقالت طائفة: إنما خفض- «والأرحام» - على جهة القسم من الله على ما اختص به لا إله إلا هو من القسم بمخلوقاته، ويكون المقسم عليه فيما بعد من قوله: إنّ اللّه كان عليكم رقيباً وهذا كلام يأباه نظم الكلام وسرده. وبذا يتبين لك سبب ترجيح هذا القول, إضافة لكثرة القائلين به من كبار السلف وأئمة العربية.


ب



أحسنت بارك الله فيك.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18 محرم 1441هـ/17-09-2019م, 09:55 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عقيلة زيان مشاهدة المشاركة
مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج
المجموعة الأولى:

( 1 ) قول مجاهد في تفسير قول الله تعالى: {تماماً على الذي أحسن} ، قال: على المؤمنين والمحسنين


تخريج قول مجاهد

قوله "تاما على المؤمن":
*أخرجه ابن أبي حاتم و عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني من طريق وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ به
[ عبد الرحمن بن الحسن راوي كتاب ]

-قوله "تماما على المؤمنين المحسنين":
- أخرجه الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد به.
وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر ولم أقف عليه في المطبوع ..وكما عزاه أيضا إلى أبي الشيخ الأصبهاني[1] .


[ يقال: رواه ابن جرير في تفسيره من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: (على المؤمنين والمحسنين)، ورواه كذلك عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ كما في الدر المنثور للسيوطي.
ورواه ابن جرير أيضاً من طريق عيسى بن ميمون عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وابن أبي حاتم من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد كلاهما من غير ذكر لفظ "المحسنين"]




توجيه قول مجاهد :

وجه قول مجاهد أن "أحسن" فعل ماضي صلة الموصول "الذي"...فاعله مضمر راجع إلى الذي .
.ويكون ( الذي ) بمعنى ( من ) وتقديره على الذين أحسنوا ، لفظه واحد ومعناه جمع كما أقول : أُوصي بمالي للذي غزا وحجَّ يريد الغازين والحاجين..
والمعنى أتممنا فضيلة موسى بالكتاب على المحسنين..
ويدل عليه قراءة ابن مسعود وقرأ ابن مسعود : ( تماما على الذين أحسنوا )
وليس لمعترض أن يقول أن لفظ "الذي" مفرد والمعنى جمع؛ لأن "الذي "مراد به الجنس فيستوي فيه المفرد والجمع
قال ابن عاشور فقال :{ والموصول في قوله : { على الذي أحسن } مراد به الجنس ، فلذلك استوى مفرده وجمعه."

وفي المراد "بالمحسنين" أو "الذي أحسن " قولان :
1- جنس من أحسن من قوم موسى . وهو اختيار الشيخ السعدي وابن عاشور ولم يذكرا غيره
وقال الحسن : كان في قوم موسى محسن وغير محسن ، فأنزل الله الكتاب تماما على المحسنين
وقال ابن عطية : وآتينا موسى الكتاب تفضلاً على المحسنين من أهل ملته وإتماماً للنعمة عندهم.
قال ابن عاشور:" .والمراد به هنا الفريق المحسن ، أي تماماً لإحسان المحسنين من بنِي إسرائيل ، فالفعل منزّل منزلة اللاّزم ، أي الذي اتَّصف بالإحسان ." اهـ
وعليه يكون معنى الآية بيانا ً للكرامة والنعمة ، على الذي أحسن ، على من كان محسناً صالحاً من أهل ملته
فبهذا القول يتجلى فضل الله وعظيم منته ونعمته على قوم موسى حيث أنزل عليهم الكتاب ..قال بن سعدي رحمه الله :{{ عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ } من أُمة موسى ، فإن الله أنعم على المحسنين منهم بنِعَم لا تحصى . من جملتها وتمامها إنزال التوراة عليهم . فتمت عليهم نعمة الله ، ووجب عليهم القيام بشكرها ."} اهـ
2- " المراد به "الذي أحسن ".. كل من أحسن ؛ قال البغوي : " المحسنون : الأنبياء والمؤمنون" اهـ...والمعنى أي: أتممنا فَضِيلَة مُوسَى - عليه الصلاة والسلام- بالكتاب على المُحْسِنين، أي : أظهرنا فضله عليهم.
وعليه يحمل الرواية الأخرى لمجاهد: " تماما على المؤمن" رواية بن أبي حاتم .
فالمراد به جنس المحسن المؤمن.

قال طبري : .." وكأن مجاهدا وجه تأويل الكلام ومعناه إلى أن الله جلّ ثناؤه أخبر عن موسى أنه آتاه الكتاب فضيلة على ما آتى المحسنين من عباده"
و.قال ابن كثير : -بعدما ذكر قول البغوي - ..قلت : كما قال تعالى : { قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي }.، ولا يلزم اصطفاؤه على محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والخليل ، عليهما السلام لأدلة أخر . " اهـ
وقال أبو السعود : على مَنْ أحسن القيامَ به كائناً مَنْ كان"
وعلى هذا القول يتجلى فضل الله على موسى عليه الصلاة والسلام بأن الله فضله وأكرمه على عباده المؤمنين المحسنين بإنزال التوراة عليه
ويشكل على هذا القول أن موسى عليه الصلاة والسلام ليس أفضل من خليلي الرحمان إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام.. وقد رد على هذا الإشكال ابن كثير رحمه الله تعالى .

قول آخر للآية [ يقال: أقوال أخرى في معنى الآية ، أو قول آخر في معنى الآية ، ويقال: قول آخر للآية ]
القول الأول : وفي تفسير الآية قول آخر لأهل العلم..أن "الذي " دال على المفرد [ أين عزو القول؟ ]
إما راجع إلى موسى والمعنى .. آتينا موسى الكتاب تمامًا على ما أحسن موسى، وتقديره: وآتيناه الكتاب؛ لإحسانه في العمل و الطاعة والعبادة، وتبليغ الرسالة، وأداء الأمر وإقامة الشكر...
وإما راجع إلى الله عزوجل والمعنى تماما على إحسان الله إليه زيادة على ما أحسن الله إليه.
وقد جمعا القولين كلا من الطبري و ابن كثير.


[ وفاتك ذكر أقوال أخرى مهمة منها قول يحيى بن يعمر ]
الترجيح:

[ ما فاتك من الأقوال له أثر في الجمع والترجيح]
- الذي يظهر -والله أعلم- لا تعارض بينا القولين ويمكن حمل الآية عليهما جميعا
وقد جاء من النصوص ما يدل على كلا المعنيين؛تفضيل الله لقوم موسى وتكريمهم بالتوراة كما قال تعالى :{{وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16)}
واصطفاء الله لموسى وتكرمه بالتوراة..قال تعالى :{ {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي}


( 2 ) قول محمد بن كعب القرظي: ({منادياً ينادي للإيمان}: المنادي القرآن)


المراد بالمنادي:
لأهل العلم القولان في المراد ب " المنادي":
1- الأول: هو محمد صلى الله عليه وسلم وهو قول جمهور المفسرين ولم يذكر ابن كثير غيره
2- الثاني: القرانوهو قول محمد بن كعب القرظي واختاره ابن جرير الطبري
تخريج :
قول محمد بن كعب
-أخرجه سفيان الثوري عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ به
-و أخرجه الطبري وابن المنذر وبن أبي حاتم وابن المقرئ في معجمه من طريق موسى بن عبيدة الزيدي ، عن محمد بن كعب به
وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد ولم أقف عليه في المطبوع.
[ يقال: رواه أو أخرجه سفيان الثوري وابن جرير الطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن المقرئ في معجمه والخطيب البغدادي في المتفق والمفترق من طريق موسى بن عبيدة الربذي عن محمد بن كعب به، ورواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور للسيوطي ]



وعزاه أيضا إلى الخطيب البغدادي في المتفق والمفترق ولم أقف عليه في المطبوع أيضا. [ هو في الجزء الأول صفحة 579 ]

[

التوجيه:
وجه قول محمد بن كعب القرظي:
-ليس كل أحد لقي النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه ، أما القرآن فكل أحد سمعه وفهمه.
- ومما يؤيد هذا القول أن الله عز وجل أخبرنا عن مؤمني الجن أنهم سمعوا القران فقالوا: { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ } .
فهذه حكاية عن مؤمني الجن كما الأخرى حكاية عن المؤن الإنس.
- أن سماع النداء لا يلزم أن يكون من الشخص المنادي نفسه؛ بل يعم
بل يعم السماع من شخصه وتتبع رسالته من بعده

ترجيح:
لا تعارض و لا تناف بين القولين؛ فكلا المعنيين يصح حمل الآية عليه.. وقد جمع بينهما الواحدي بقوله : (ربنا إننا سمعنا مناديا } أي محمدا عليه السلام والقرآن.)
و الآية علقت الحكم بالوصف "مناد ينادي".. فكل من اتصف به لحقه الحكم أيا كان الداعي..لهذا
وعن قتادة: سمعوا دعوة من الله عز وجل ، فأجابوها ، واحتسبوا فيها ، وصبروا
إشكال:
الذي يشكل من قول محمد القرظي؛ لا ينسب للقران النداء إلا على وجه المجاز؛ لأن أصل النداء الجهر بالصوت والصياح
قال ابن عاشور:..النداء : رفع الصوت بالكلام رفعاً قوياً لأجل الإسماع وهو مشتقّ من النداء بكسر النون وبضمّها وهو الصوت المرتفع . يقال : هو أندى صوتاً أي أرفعُ ، فأصل النداء الجهر بالصوت والصياح به .)اهـ
وقد رد أهل العلم على هذا الإشكال فقال الرازي رحمه الله تعالى : { القرآن لما كان مشتملا على الرشد ، وكان كل من تأمله وصل به إلى الهدى إذا وفقه الله تعالى لذلك ، فصار كأنه يدعو إلى نفسه وينادي بما فيه من أنواع الدلائل" اهـ
وقال القسطلاني: " فكأنه يدعو إلى نفسه".



( 3 ) قول طاووس بن كيسان: (الحفدة الخدم )

في المراد في الحفدة أقوال لأهل العلم
1- الأصهار
2- الأعوان
3- ولد الولد
4-الأختان
1- بنو المرأة
2- الخدم وهو قول ابن عباس و عكرمة و مجاهد والحسن و طاووس

تخريج الأقوال:
قول طاووس
أخرجه الطبري في تفسيره قال حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا زمعة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : الحفدة : الخدم .

توجيه
هذا القول مبني على أن في الآية تقديم وتأخير ؛ والمعنى جعل لكم من أزواجكم بنين و جعل لكم حفدة [ لا يلزم ]

قال المهدوي : ومن جعل الحفدة الخدم ، جعله منقطعا مما قبله ينوي به التقديم ، كأنه قال : جعل لكم حفدة ، وجعل لكم من أزواجكم بنين.كما في تفسير القرطبي
وقال أبو مظفر السمعاني:..في الآية تقديم وتأخير ، ومعناه : وجعل لكم حفدة ، ومن أزواجكم بنين
أو هو على اعتبار أن "حفدة" منصوبة بجعل مضمرة والمعنى وجعل لكم حفدة..فيكونوا ليسوا داخلين في كونهم من الأزواج .
3- و أن أصل الحفد في اللغة ؛ مداركة الخطو والإسراع في المشي؛.. والخدم يفعلون هذا فصح إطلاق لفظ الحفدة عليهم
.ومن هذا المعنى قيل في دعاء الوتر..إليك نسعى و نحفد
1- -قال الخليل بن أحمد : الحفدة : عند العرب الخدم

الترجيح:

أصل الحفد في اللغة الإسراع في العملوالحافد هو المسرع في الطاعة والخدمة.فصح دخول الأصهار ؛الأعوان ؛ولد الولد؛ المماليك؛ والأختان؛ بنو المراة؛ الخدم ؛ في حد الحفدة لما للجميع من خدمة بل لهم إسراع في الخدمة والطاعة .وهذا من فضل الله على عبده أن سخر له من يكون في خدمته وقضاء حوائجه. وهذا هو ترجيح ابن جرير و ابن عطية و ابن كثير.وغيرهم
قال الرازي: ... ، والأولى دخول الكل فيه ، لما بينا أن اللفظ محتمل لكل بحسب المعنى المشترك الذي ذكرناه .) أهـ
- والآية جاءت في سياق الامتنان وتعداد نعم الله على عبده ؛ فكلما كثر تعداد النعم الله كان ذلك أحسن في بيان فضله الله على عباده و عظيمه نعمه
-
*وان كان بعض أهل العلم كــــ ابن العربي والقرطبي وابن عاشور والشنقيطي ذهب إلى ترجيح معنى "ولد الولد" للدلالة ظاهر القران و لدلالة السياق والاقتران ؛ فظاهر القران يدل أن المراد بالحفد ولد والولد قال القرطبي : " هو ظاهر القرآن بل نصه".اهـ
أما السياق والاقتران فإن الحفدة جاء في الآية مقترن بالبنين ليدل على اشتراكهم في كونهم من الأزواج
قال الشنقيطي:..
وفي هذه الآية الكريمة قرينة دالة على أن الحفدة أولاد الأولاد ؛ لأن قوله : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، دليل ظاهر على اشتراك البنين والحفدة في كونهم من أزواجهم ، وذلك دليل على أنهم كلهم من أولاد أزواجهم . اهـ


والله أعلم


[1] هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري المعروف بأبِي الشيخ الأصبهانيتاريخ الوفاة 369


ب+

أحسنت بارك الله فيك.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 18 محرم 1441هـ/17-09-2019م, 10:13 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مها شتا مشاهدة المشاركة
مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج

المجموعة الثالثة:
( 1 ) قول الشعبي في تفسير قول الله تعالى: {تتخذون منه سكراً} السكر: النبيذ).
تخريج القول:
*هذا القول رواه الطبري في تفسيره عن المغيرة عن إبراهيم والشعبي وأبي رزين. [ المطلوب تخريج قول الشعبي المتقدّم ]
و*وأيضا عن سعيد عن المغيرة عن إبراهيم والشّعبيّ، وأبي رزينٍ بمثله.
- حدّثني داود الواسطيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، قال أبو روقٍ: حدّثني قال: قلت للشّعبيّ: أرأيت قوله تعالى: {تتّخذون منه سكرًا} أهو هذا السّكر الّذي تصنعه النّبط؟ قال: " لا، هذا خمرٌ، إنّما السّكر الّذي قال اللّه تعالى ذكره: النّبيذ والخلّ، والرّزق الحسن: التّمر والزّبيب ".
*وذكره أيضا عن طريق مجالد عن الشعبي.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبو أسامة، وأحمد بن بشيرٍ، عن مجالدٍ، عن الشّعبيّ قال: " السّكر: النّبيذ، والرّزق الحسن: التّمر الّذي كان يؤكل ".
*وراه النحاس في تفسيره فقال وروى شعبة عن مغيره عن إبراهيم والشعبي قالا السكر ما حرم وقد نسخ. [ هذا يعدّ نقلاً للقول وليس رواية له، إنما الرواية أن يرويه بإسناده إلى من قال به ]
*وذكره ابن حجر في فتح الباري من طريق قتادة السكر خمر الأعاجم ومن طريق الشعبي.
*وذكره السيوطي في الدر المنثور عن طريق ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير والحسن والشعبي وإبراهيم وأبي رزين مثله).
[ يقال في تخريج هذا القول: رواه ابن جرير من طريق مجالد عن الشعبي قال: (السكر: النبيذ) ، ثم لا بأس أن يذكر ما روي عنه من أقوال أخرى في الآية ]


توجيه هذا القول
"السَكَرُ": ما يُسْكَرُ [ بكسر الكاف ] ، هَذا هو المَشْهُورُ في اللُغَةِ،وهو قول الجمهور،وقال ابن عباس نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر ،وذكر الله نعمته في السكر قبل تحريم الخمر. [ أين العزو؟ ]
الأقوال الأخرى في هذا المعنى:
القول الأول: أنَّ السَّكَرَ الخَمْرُ،.َأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الخَمْرِ ثُمَّ حُرِّمَتْ مِن بَعْدُ.
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: السَّكَرُ ما حُرِّمَ مِن شَرابِهِ، والرِّزْقُ الحَسَنُ ما حَلَّ مِن ثَمَرَتِهِ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ وقَتادَةُ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ
واخْتَلَفَ مَن قالَ بِهَذا القول على وجهين: [ هذا نقل من كلام الماوردي واعتماد على عزوه من غير ذكر له، أين تحريرك وعزوك وأمامك المصادر المسندة في التفسير؟!! ]
الوجه الأول : أنها علي سبيل الإباحة ثم نسخت بآية المائدة {فاجتنبوه} قاله قتادة
الوجه الثّانِي: أنَّهُ على سبيل الخَبَرِ أنَّهم يَتَّخِذُونَ ذَلِكَ وإنْ لَمْ يَحِلَّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
القول الثّانِي: أنَّ السَّكَرَ: النَّبِيذُ المُسْكِرُ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ والسُّدِّيُّ.
وَجَعَلَها أهْلُ العِراقِ دَلِيلًا عَلى إباحَةِ النَّبِيذِ،وقالوا أنه دَلِيلً عَلَى جَوَازِ شُرْبِ مَا دُونَ الْمُسْكِرِ مِنَ النَّبِيذِ، فَإِذَا انْتَهَى إِلَى السُّكْرِ لَمْ يَجُزْ.
القول الثّالِثُ: أنَّ السَّكَرَ الخَلُّ بِلُغَةِ الحَبَشَةِ. [ أين العزو ؟ ]
القول الرّابِعُ: أنَّ السَّكَرَ ما طُعِمَ مِنَ الطَّعامِ وحَلَّ شُرْبُهُ مِن ثِمارِ النَّخِيلِ والأعْنابِ وهو الرِّزْقُ الحَسَنُ، وبِهِ قالَ أبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ.
فعلي القول الأول والثاني الآية منسوخة بتحريم الخمر،وعلى القول الثالث والرابع الآية محكمة،قاله أبوعبيدة.
الترجيح
ورَجَّحَ الطَبَرِيُّ أن السكر من كلام العرب ما يطعم ،وعلى َهذا القَوْلَ.لا يَدْخُلُ الخَمْرُ فِيهِ، ولا نُسِخَ مِنَ الآيَةِ شَيْءٌ،أما من قالَ أن السَكَرَ الخَمْرَ: فتكون هَذِهِ الآيَةَ مَنسُوخَةٌ بِتَحْرِيمِ الخَمْرِ، وفي هَذِهِ المَقالَةِ دَرْكٌ؛ لِأنَّ النَسْخَ إنَّما يَكُونُ في حُكْمٍ مُسْتَقِرٍّ مَشْرُوعٍ ،وأيضا فيه امْتِنانٌ بِما فِيهِ لَذَّتُهُمُ المَرْغُوبَةُ لَدَيْهِمْ، والمُتَفَشِّيَةُ فِيهِمْ وذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الخَمْرِ؛ لِأنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَكِّيَّةٌ وتَحْرِيمُ الخَمْرِ نَزَلَ بِالمَدِينَةِ فالِامْتِنانُ حِينَئِذٍ بِمُباحٍ.

( 2 ) قول محمد بن سيرين ( {السابقون الأولون} الذي صلوا القبلتين ).
تخريج القول:
*رواه الطبري ، عن طريق قتادة، عن سعيد بن المسيّب، وعن أشعث، عن ابن سيرين.
والأشعث بن سوار من المرتبة الرابعة المختلف فيهم ومنهم الذين يرون التفسير عن ابن سيرين والأكثر على تضعيفه ،وعن يحي بن معين رواية بتوثيقة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن بعض، أصحابه، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، وعن أشعث، عن ابن سيرين، في قوله: {والسّابقون الأوّلون} قال: هم الّذين صلّوا القبلتين.
* وراه ابن أبي حاتم الرازي عن طريق الشعبي في إحدى رواياته وعن الحسن وابن سرين وقتادة.
وقتادة من المرتبة الثانية الثقات المقلون في رواية التفسير عنه
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا أبو الجماهر ثنا سعيد بن بشيرٍ ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد ابن المسيّب قوله: والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار قال: هم الّذين صلّوا القبلتين جميعًا وهم أهل بدرٍ، وروي عن الشّعبيّ في إحدى الرّوايات وعن الحسن وابن سيرين وقتادة: أنّهم الّذين صلّوا مع النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- القبلتين.
* وقال السيوطي : وأخرج ابن المنذر وأبو نعيم عن الحسن ومحمد بن سيرين
*وراه النحاس في تفسيره:عن طريق سعيد بن المسيب وابن سيرين وقتادة
*ورواه ابن عطية الأندلسي في تفسيره:عن طريق أبو موسى الأشعري وابن المسيب وابن سيرين وقتادة.
*وروا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍفي تفسيره عن طريقأبو موسى الأشعريّ، وسعيد بن المسيّب، ومحمّد بن سيرين، والحسن، وقتادة.
توجيه هذا القول:
أنهم سبقوا في الاستجابة لأوامر الله في مسألة تغيير القبلة
أقوال أخرى في الآية:
﴿والسّابِقُونَ الأوَّلُونَ﴾ فيها سته أقوال:

القول الثاني: أنهم الذين بايعوا النبي بيعة الرضوان، وهي الحديبية ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ.
القول الثّالِث: أنَّهم أهل بدر، قالَهُ عَطاءُ بْنُ أبِي رَباحٍ.
القول الرّابِع: أنَّهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قالَه مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ
القول الخامِس: هم السابقون بالموت ، سبقوا إلى ثَوابِ اللَّهِ تَعالى، وذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ.
القول السّادِس: أنهم الذين أسلموا قبل الهجرة، ذَكَرَهُ القاضِي أبُو يَعْلى.
الترجيح:
والراجح عندي والله أعلم ، أنه لا مانع من حمل الآية على هذه الأصناف كلها.كما قال محمد بن كعب القرظي: هم جميع الصحابة لأنهم حصل لهم السبق بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( 3 ) قول عطاء بن أبي رباح: ( التفث: حلق الشعر وقطع الأظفار )
تخريج القول:
*رواه الطبري عن طريق عبد المللك عن عطاء عن ابن عباس.
قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال، في قوله: {ثمّ ليقضوا تفثهم} قال: " التّفث: حلق الرّأس، وأخذٌ من الشّاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقصّ الأظفار، والأخذ من العارضين، ورمي الجمار، والموقف بعرفة، والمزدلفة ".
*وراه أيضا الطبري عن عطاء بن السائب وهذا التابعي المذكور غير عطاء بن أبي رباح
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، قال: " التّفث: حلق الشّعر، وقصّ الأظفار، والأخذ من الشّارب، وحلق العانة، وأمر الحجّ كلّه ".
*رواه يحيى بن سلام بن ثعلبةالبصري عن طريق حماد عن قيس بن سعد عن عطاء
حدّثنا حمّادٌ، عن قيس بن سعدٍ، عن عطاءٍ قال: التّفث: حلق الشّعر وقطع الأظفار.
*وذكره أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس في تفسيره عن طريق عبد الملك بن سليمان عن عطاء عن ابن عباس.
*وذكره بن كثير في تفسيره عن طريق علي بن أبي طلحة وعطاء ومجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهم
توجية هذا القول:
التَّفَثَ: لغة هو الوسخ، والقَذارة من طول الشعرِ والأظفارِ والشعث. وقَضاؤه: نَقْضه وإذهابه. والحاج مُغْبر شَعِث لم يَدهن ولَم يستحد، فَإذا قَضى نُسكه وخرج من إحرامِهِ بِالحلْق، والقَلْم، وقَص الأظْفارِ، ولِبس الثِّياب، فَهَذا قَضاء تفَثه، لِيَشْهَدَ اللَّهُ تَعالى مِنه الإعْراض عن العِناية بِنفسه فَيعلم صدقَه في بذلها لطاعَتِه.
الأقوال الأخرى في معنى الآية:
هذه الآية فيها أربعة أقوالآخرى:
القول الأول: رمي الجِمارِ، وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ.
القول الثاني: مناسك الحج، رواه عكرِمة عن ابن عباس، وهو قَول ابن عمر.
القول الثالث: حلق الرأس ،قاله مجاهد.
القول الرابِع: الشعروالظفر، قالَه عكرمه.
الترجيح:
والقَول الأول أصَح؛ وهو التفث حلق الشعر وقطع الظفر لِأنَّ التَّفَثَ: لغة هو الوسخ، والقَذارة مِن طول الشعرِ والأظفارِ والشعث. وقَضاؤه: نَقْضه وإذهابه. والحاج مُغْبر شَعِث لم يَدهن ولَم يستحد، فَإذا قَضى نُسكه وخرج من إحرامِهِ بِالحلْق، والقَلْم، وقَص الأظْفارِ، ولِبس الثِّياب، ونحو ذَلِكَ؛ فَهَذا قَضاء تفَثه ، فإن الغاية من الحج بذل النفس طاعة لله ومن أهل مظاهرها ترك العناية بالنفس،.قالَ المُبَرِّدُ: أصْلُ التَّفَثِ في كَلامِ العَرَبِ كُلُّ قاذُورَةٍ تَلْحَقُ الإنْسانَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ نَقْضُها. والمُرادُ هاهُنا قَصُّ الشّارِبِ والأظْفارِ ونَتْفُ الإبْطِ وحَلْقُ العانَةِ، والمُرادُ مِنَ القَضاءِ إزالَةُ التَّفَثِ.



هـ

آمل الإعادة ، والاعتماد على نفسك في التحرير والتخريج والعزو.


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 18 محرم 1441هـ/17-09-2019م, 10:33 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سارة المشري مشاهدة المشاركة
المجموعة الثانية:

( 1 ) قول مجاهد: ( وأيّدناه بروح القدس) : القدس هو الله ).
1- القدس : هو الله
وهو قول مجاهد ، وابن زيد ، و الربيع بن أنس ورواه ابن أبي جعفر عن أبيه .

تخريج قول مجاهد :
فأما قول مجاهد فرواه عبدالله بن وهب من طريق الحارث عن غالب عنه ، وغالب بن عبيد الله من أصحاب مجاهد لكنه ضعيف .

توجيهه :
استنادا لقوله تعالى : ( الملك القدوس ) فقالوا القدس هو القدوس ، وروح القدس أي روح الله ، رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد .

[ هل القدس من أسماء الله ؟ ]


الأقوال الأخرى في المسألة :
2- القدس : هو الاسم الذي كان يحيي به عيسى الموتى ، وهو قول ابن عباس ، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق بشر بن أبي روق عن الضحاك عنه ،
وهذا القول يشبه القول الذي قبله باعتبار أنّه اسم من أسماء الله ، وزيد عليه الخصيصة المذكورة في إحياء الموتى .

3- روح القدس هو الإنجيل ، وهو قول ابن زيد ، رواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه .
ووجهه : أن الإنجيل روح كما أن القرآن روح ، كلاهما روح الله كما قال سبحانه ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) .

4- البركة :
وهو قول السدي ، رواه ابن أبي حاتم من حديث أسباط بن نصر عنه .

5- المطهر :
وهو قول ابن عباس ، رواه ابن أبي حاتم .
وهو باعتبار المعنى اللغوي للكلمة .

6- حفظة على الملائكة ، قاله ابن أبي نجيح .


7- روح القدس هو جبريل عليه السلام ، وهو قول قتادة والسدي والضحاك والربيع بن أنس ، و محمد بن كعب القرظي ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وروي عن شهر بن حوشب عن النبي صلى الله عليه وسلم .


[ ههنا ثلاثة مسائل:

المسألة الأولى: معنى القدس.

المسألة الثانية: المراد بالقدس.

المسألة الثالثة: المراد بروح القدس
فلا يصحّ خلط الأقوال فيها ]



الترجيح :
يمكن أن نقول أنّ هذه الأقوال السبعة تؤول إلى قولين رئيسين ، الأول : أنه جبريل عليه السلام ، ويرجح هذا القول قوله تعالى:
{إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس } الآية (المائدة: 110) .
و قوله تعالى : {نزل به الرّوح الأمين ) الشعراء .
وقوله صلى الله عليه وسلم : «اللّهمّ أيّد حسّان بروح القدس كما نافح عن نبيّك» ، وقوله عليه الصلاة والسلام : «إنّ روح القدس نفخ في روعي: إنّ نفسًا لن تموت حتّى تستكمل رزقها وأجلها فاتّقوا اللّه وأجملوا في الطّلب»
وروي هذا القول عن جمع .
ويدخل تحت هذا القول ، القائلين بأن القدس هو الرب أو أنه اسم من أسمائه سبحانه ، باعتبار أن جبريل عليه السلام هو روح القدس ،
قال ابن عطية : "والإضافة على هذا إضافة الملك إلى المالك، وتوجهت لما كان جبريل عليه السلام من عباد الله تعالى "
كما يدخل تحته وصفه بالبركة والطهر ، وأنه سيد الملائكة ،
قال الزّمخشريّ: {بروح القدس} بالرّوح المقدّسة، كما يقول: حاتم الجود ورجل صدقٍ، ووصفها بالقدس كما قال: {وروحٌ منه} فوصفه بالاختصاص والتّقريب تكرمةٌ، وقيل: لأنّه لم تضمّه الأصلاب والأرحام الطّوامث .
وقال ابن جرير : (إنّما سمّى اللّه تعالى جبريل روحًا وأضافه إلى القدس لأنّه كان بتكوين اللّه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده، فسمّاه بذلك روحًا، وأضافه إلى القدس، والقدس: هو الطّهر، كما سمّي عيسى ابن مريم روحًا للّه من أجل تكوينه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده ) .


والقول الثاني : أنه الإنجيل ، وهذا القول بالقياس على القرآن أنه روح ، فالإنجيل كذلك ، و أجاب ابن جرير رحمه الله عنه بقوله تعالى : (إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلا وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل} الآية [المائدة: 110]. فلو كان الرّوح الذي أيّده به هو الإنجيل، لكان قوله: {إذ أيّدتك بروح القدس}، {وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل} تكرير قولٍ لا معنى له، واللّه أعزّ أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به.

وإذا أخذنا القدس مفردة ففيها قولين : [ هذه هي المسألة المعنية ؛ والأولى التفصيل فيها، وعزو الأقوال فيها إلى قائليها وودراستها والترجيح بينها ]
إمّا أن تكون اسماً من أسماء الله تعالى ، أو تكون صفة لموصوف بمعنى الطهارة ،
وكلاهما وارد ، ووجّه العلماء القولين بما ذكرناه سابقا .



( 2 ) قول الحسن البصري: (أكالون للسحت) : أكالون للرشى) .


1- الرشى : وهو قول ابن مسعود و علي و الحسن وقتادة و مجاهد وابن زيد والسدي .
فأما قول الحسن فرواه ابن وهب عن أشهل عن قرة بن خالد عنه ، وقرة بن خالد من الثقات الذين صحبوا الحسن و رووا عنه .
ورواه ابن جرير من طريق مسلم بن إبراهيم عن أبو [أبي] عقيل عنه ، ولم أعرف من هو أبو عقيل . [ هو زهرة بن معبد التيمي ، تابعي ثقة ]

و له توجيهان :
الأول : أن يكون السحت بمعنى الإهلاك ، من " أسحته اللّه وسحته: إذا أبطله وأهلكه " ، ذكره ابن قتيبة في غريب القرآن ،
" فيكون تأويله أن الرشا التي يأكلونها يعاقبهم الله بها أن يسحتهم بعذاب، كما قال جل وعز: (لا تفتروا على اللّه كذبا فيسحتكم بعذاب) ، ويصح أن يكون بمعنى استأصله سواء كان شيئا بعد شيء أو دفعة واحدة " ذكره الزجاج ، قال ابن جرير " وتقول العرب للحالق: اسحت الشّعر: أي استأصله ".
وهذا معلوم من شأن المال الحرام أنه يُمحق ولا يُبارك فيه .
الثاني : " أن يكون من كلب الجوع، فيقال : فلانٌ مسحوت المعدة: إذا كان أكولاً لا يلفّى أبدًا إلاّ جائعًا " ذكره ابن جرير .
ووجه التشبيه بينهما أنّ المرتشي فيه من الشره للمال كالذي بمسحوت المعدة من الشره للطعام ، نسأل الله العافية .

2- كسب ما لا يحلّ والرشوة منه ، رواه ابن وهب عن ابن زيد عن أبيه .
[ في توجيه قول الحسن نقول: هو من باب التفسير بالمثال؛ لأن الرشوة من السحت]
الترجيح :
نلاحظ أنّ القول الأول بعض القول الثاني ، و القول الثاني أعم فدخل فيه كل كسب حرام ، ووجه تخصيص القائلين بالرشا ، لعله أن يكون سياق الآية ، وما جاء في سبب نزولها ، يكشف طبيعة اليهود من شَرَهٍ وحرص أدى إلى ترك الحق وأخذ الرشوة .
والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المعنى ، فالسحت حقيقة كل ما أوجب لهم المحق والهلاك ، أو ما أورثهم النهم وعدم الشبع بحال .

( 3 ) قول عكرمة في تفسير قول الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها).
1- اتقوا الأرحام أن تقطعوها ، وهو قول ابن عباس وعكرمة و الحسن ومجاهد و الربيع وقتادة والضحاك وابن زيد ، والسدي .

تخريج قول عكرمة :
فأما قول عكرمة فرواه سفيان [ الثوري] [وابن جرير ] عن خصيف عنه ، وخصيف فيه ضعف واضطراب ، وروايته هنا معتبرة لسلامتها من النكارة والمخالفة .

التوجيه :
هذا باعتبار قراءة النصب ، فيكون المعنى اتّقوا اللّه الّذي تساءلون به، واتّقوا الأرحام أن تقطعوها، عطفًا بالأرحام في إعرابها بالنّصب على اسم اللّه تعالى ذكره ، ذكره ابن جرير .

2- أن يسأل بالله و الرّحِم ، وهو قول إبراهيم ومجاهد والحسن
التوجيه :
هذا باعتبار قراءة الخفض في (والأرحام) عطفا بها على الهاء الّتي في قوله "به"، فيكون المراد واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به وبالأرحام .

الترجيح :
يترجح القول الأول ، على قراءة النصب ، لأن القول الثاني فيه عطف بظاهرٍ على مكنيٍّ مخفوضٍ، و هوغير فصيحٍ من الكلام عند العرب إلاّ في ضرورة شعرٍ، وذلك لضيق الشّعر؛ وأمّا الكلام فلا شيء يضطرّ المتكلّم إلى اختيار المكروه من المنطق والرّدئ في الإعراب منه ، ذكره ابن جرير.
[ القراءات إذا صحّت لا يُرجّح بينها في التفسير؛ بل يقال بها كلّها، وبما دلّت عليه من معانٍ وإن تعدّدت ]


ب+
أحسنت في صياغة التخريج، وآمل بذل المزيد من الجهد في اكتساب مهارات التوجيه والتحرير.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 18 محرم 1441هـ/17-09-2019م, 11:16 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضحى الحقيل مشاهدة المشاركة
مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج


المجموعة الثالثة:
( 1 ) قول الشعبي في تفسير قول الله تعالى: {تتخذون منه سكراً} السكر: النبيذ.
الدراسة والتخريج:
روى هذا القول عن الشعبي ابن جرير في تفسيره من ثلاثة طرق:
طريقين أصل الإسناد فيهما أبو روق عن الشعبي وذكر فيهما أن السكر النبيذ والخل
والطريق الثالثة عن وكيع عن أبو أسامة وأحمد بن بشير عن مجالد عن الشعبي وذكر فيه أن السكر النبيذ
وقد رجح ابن جرير هذا القول بعد استعراضه للأقوال الواردة في الآية.
[يقال في تخريج القول المطلوب تخريجه: رواه ابن جرير الطبري من طريق مجالد عن الشعبي قال: ( السكر النبيذ ) ، ثم تذكر الأقوال الأخرى المروية عنه ]
كما روى ابن جرير في تفسيره والبيهقي في السنن والآثار مرويات عن الشعبي تخالف هذا القول أصل الإسناد فيها: المغيرة عن الشعبي أفادت بأن الآية منسوخة مما يعني أن تفسير السكر هنا هو ما حرم من الخمر ونحوه.
وذكر السيوطي في الدر المنثور أن ابن الأنباري أخرج نفس القول عن الشعبي.
وقد مر علينا في سير أعلام المفسرين أن ممن روى عن الشعبي
مغيرة بن مقسم، ومجالد بن سعيد ولم يذكر أبو روق ولا أستطيع الحكم على صحة الأسانيد عنهم .

[ لفظ النبيذ عام ؛ فقد يكون منه ما يسكر، وقد يكون منه ما لا يسكر ، ولذلك اختُلف في فهم قول الشعبي، ولهذا الاختلاف أثره في القول بنسخ الآية أو بقاء حكمها ]


التوجيه:
المسألة لها علاقة باللغة وابن جرير حين رجح القول بأن معنى السكر النبيذ والخل وغيره مما هو حلال، احتج بأن أحد معاني السكر في اللغة ما طعم من الطعام، ورجح هذا القول كونه مما صح في اللغة
العربية.
وغيره ممن رجح القول بأن المعنى هو الخمر وما أسكر من الشراب قال بأن العرب تطلق اسم السكر على ما يحصل به السكر.
كما أن للمسألة تعلق بالأصول ومتى يجوز اطلاق النسخ على الآية ومتى لا يجوز، وهل يصح نسخ الخبر؟ ولعل هذا هو سبب ميل بعض المفسرين لتفسير السكر بما هو حلال من الشراب تجنبا للقول بنسخ الآية.
ولها علاقة بالمعنى المستفاد من الآية فالبعض أنكر الامتنان بما حرم والبعض ذكر بأن السكر ذكر على سبيل الاعتبار
وقد روي القولين عن الشعبي ولعل تحرير المسألة يفيدنا أكثر في توجيه كل قول.

تحرير المسألة:
الأقوال في معنى السكر
القول الأول: أن المعنى الخمر وما في معناه مما يحرم بسبب الإسكار وهو قول ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد وقتادة، وإبراهيم والشعبي وأبي رزين والحسن وابن أبي ليلى والضحاك وذكره البخاري في صحيحه، قال الشنقيطي وهو قول الجمهور.
واحتج أصحاب هذا القول بأن العرب تطلق اسم السكر على ما يحصل به السكر
وأصحاب هذا القول وجهوا سبب ذكر المحرم في الآية بعدة توجيهات منها.
1. أن الآية منسوخة بآية تحريم الخمر كونها مكية وتحريم الخمر وقع في المدينة.
2. أن اتخاذ السكر هنا جاء على سبيل الاعتبار.
3. أن الله سبحانه ذكر نعمته في السكر قبل تحريم الخمر.
4. إِنَّ قَوْلَهُ" تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً" خَبَرٌ مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَامُ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، أَيْ أَتَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَتَدَعُونَ رِزْقًا حَسَنًا الْخَلَّ وَالزَّبِيبَ.

القول الثاني أن السكر هو كلّ ما كان حلالاً شربه مما يستخلص من هذه الثمار، كالنّبيذ الحلال، والخلّ وغيره.
وقد روى هذا القول الطبري عن الشعبي ومجاهد ورجحه.
واحتج بأن للسكر معان لغوية صحيحة غير السكر مع عدم وجود دليل على النسخ.

ومن خلال الرجوع لبعض التفاسير فقد ذكر الزجاج القولين واعترض على بعض ما استدل به أصحاب القول الثاني، وذكر ابن عطية القولين دون ترجيح، ونقل القرطبي عن ابن العربي ترجيحه للقول الأول، ورجح الشنقيطي القول الأول، ولم يذكر ابن عاشور إلا القول الأول.

أما السعدي فقد أجمل جميع المعاني بعبارة مختصرة توحي بأن جميع المعاني له وجه من الصحة والاعتبار فقال:
وجعل تعالى لعباده من ثمرات النخيل والأعناب منافع للعباد، ومصالح من أنواع الرزق الحسن الذي يأكله العباد طريًّا ونضيجا وحاضرا ومدخرا وطعاما وشرابا يتخذ من عصيرها ونبيذها، ومن السكر الذي كان حلالا قبل ذلك، ثم إن الله نسخ حلَّ المسكرات، وأعاض عنها بالطيبات من الأنبذة، وأنواع الأشربة اللذيذة المباحة.

الترجيح:
لعل الصواب أن قول الجمهور أكثر ورودا للذهن والمعنى المتبادر للسكر هو شرب المحرم من المسكرات ولا بأس بذكره في الآية على سبيل الامتنان قبل التحريم وعلى سبيل الإعجاز والاعتبار بعده، ولا مانع من تفسير الآية بغير ذلك من المعاني اللغوية الصحيحة للسكر فكلها نعم عظيمة من رب كريم
[ حرف المسألة أن لفظ السكَر بفتح الكاف أعمّ من المسكِر؛ فهو يُطلق على ما يُستحلى من الشراب وعلى ما يُسكر منه، وكذلك النبيذ يطلق على المُسكر من الشراب الذي يُنتبذ فيه بعض الثمرات وعلى ما لم يبلغ حدّ الإسكار منه؛ وعلى ذلك فقول الشعبي: (السكر النبيذ) جامع للقولين، ولذلك اختلف الرواية عنه فروى عنه أبو روق أنها غير منسوخة، وروى عنه مغيرة أنها منسوخة ]

( 2 ) قول محمد بن سيرين ( {السابقون الأولون} الذي صلوا القبلتين.

التخريج:
روى هذا القول عن ابن سيرين الطبري في تفسيره قال:
حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن بعض، أصحابه، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، وعن أشعث، عن ابن سيرين، في قوله: {والسّابقون الأوّلون} قال: هم الّذين صلّوا القبلتين.
وذكر السيوطي أن ابن المنذر وأبو نعيم أخرجا عن محمد بن سيرين في قوله {والسابقون الأولون} قال: هم الذين صلوا القبلتين جميعا وهم أهل بدر. ولم أعثر عليه.
[ تفسير ابن المنذر لم يطبع كاملاً فلك العذر إذا لم تجدي هذا الأثر فيما طبع منه، لكن كتب أبي نعيم المطبوعة موجودة فيبحث عن هذا الأثر فيها قبل ذلك ، وقد أخرجه في كتاب "معرفة الصحابة"]

[ يقال في التخريج: رواه ابن جرير في تفسيره وأبو نعيم في معرفة الصحابة من طريق أشعث بن سوار عن ابن سيرين، ورواه ابن المنذر كما في الدر المنثور للسيوطي]
التوجيه:
يمكن أن تكون من في الآية للتبعيض وهو القول الذي اختاره ابن سيرين، فيكون المقصود بعض المهاجرين الذين صفتهم أنهم السابقون الأولون ولبيان حد سبقهم جاء عدة أقوال منها ما روي عن ابن سيرين أنهم الذين أسلموا وهاجروا وصلوا قبل تغيير القبلة [ من هنا بيانية، لكن ما أشرت إليه يُسمّى التخصيص بالصفة ]

تحرير المسألة:

جاء في المسألة قولين: [ قولان ]
القول الأول: أن من للتبعيض فيكون المقصود بعض المهاجرين والأنصار الذين لهم السبق وقد اختلفت أقوال المفسرين في بيان حد سبقهم على أقوال:
1. أنهم الذين صلوا القبلتين جميعا وهو قول أبو موسى، وقتادة، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين
2. أنهم الذين شهدوا بيعة الرضوان وهو قول الشعبي وعامر
3. أنهم الذين شهدوا بدرا ذكره ابن عطيه عن عطاء
القول الثاني: أن من لبيان الجنس فيشمل القول جميع المهاجرين إلى أن انقطعت الهجرة، ذكره ابن عطية وحصره بالمهاجرين قال ابن عاشور عن اختيار ابن عطية: لَا يُلَاقِي قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ بِخَفْضِ الْأَنْصارِ، وأكد أن من للتبعيض وليست للبيان.





الترجيح:
لم أجد تحريرا يمكنني من البت في المسألة، لكن لفت نظري أن ابن عطية لما قال أن من هنا لبيان الجنس ولست للتبعيض قصر السبق على جميع المهاجرين دون الأنصار وفي فهمي القاصر أن اللفظ يحتمل شمول الفريقين فيكون السبق لجميع المهاجرين والأنصار فيعطون الفضل جميعا، وبذلك ينتفي اعتراض ابن عاشور على خفض لفظ الأنصار والله أعلم.
[ الصحيح أنّ من بيانية على القولين ، لكن هل السابقون الأولون هم جميع المهاجرين والأنصار أو بعضهم ؟ هذه مسألة تعرف ببيان المراد بالصفة هل هي كاشفة أو مقيّدة؟

فإذا قيل بأنها كاشفة فجميع المهاجرين والأنصار سابقون أولون، وهذا صحيح باعتبار سائر الأمة، ويكون معنى {والذين اتبعوهم} أي اتبعوا الصحابة من المهاجرين والأنصار.

وعلى القول بأنها صفحة مقيّدة فالسابقون الأولون هم أئمة المهاجرين والأنصار الذين سبقوا إلى الإسلام ثم تذكر الأقوال في تعيينهم بالوصف

والقولان صحيحان لا تعارض بينهما؛ فالصحابة بالنسبة لسائر الأمة سابقون أولون، وبالنسبة لبعضهم البعض فمنهم سابق ومنهم لاحق]

( 3 ) قول عطاء بن أبي رباح: ( التفث: حلق الشعر وقطع الأظفار )


التخريج:
وجدت هذا التفسير بهذا النص في تفسير القرآن العظيم ليحيى بن سلام، حيث روى هذا التفسير عن قيس بن سعد عن عطاء، وقيس بن سعد أحد الثقات من المرتبة الأولى ممن روى عن عطاء
وقد رويت عن عطاء روايات أخرى تدل على نفس المعنى بألفاظ مختلفة.
منها ما رواه الطبري عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس قال: التّفث: حلق الرّأس، وأخذٌ من الشّاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقصّ الأظفار، والأخذ من العارضين، ورمي الجمار، والموقف بعرفة، والمزدلفة.


[ يقال: رواه يحيى بن سلام البصري من طريق قيس بن سعد عن عطاء به. ثم تذكر الأقوال الأخرى ]



التوجيه
ذكر عطاء في الرواية محل الدراسة بعض ما رواه عن ابن عباس في رواية أخرى واختصر ما فصل من أخذ الشعر، لكنه لم يذكر بقية المناسك التي رويت في الرواية الأخرى، ولعله ربط المعنى بالمعنى اللغوي للتفث على رأي البعض أنه الوسخ وقضاؤه قطعه والله أعلم.

تحرير المسألة:

بعض اللغويين ذكر بأن هذه الكلمة لم تكن معروفه قبل القرآن وأنه لم يجد لها شواهد، والبعض أنكر ذلك وذكر بأنها كانت معروفة وذكر لها شاهدا من اللغة، والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي لكن ابن عاشور رجح القول الأول كون من قال به أقوى وشكك في شواهد أصحاب القول الثاني
أما المفسرين [ المفسرون] فبعضهم رأى أن التفث هو الوسخ وقطعه إزالته
وبعضهم شمل مناسك الحج وأفعاله كلها، ومنها ما يحدث من التقصير والتنظف بعد التحلل

الترجيح:
رجح ابن عاشور أن المراد المناسك حيث قال:
وَعِنْدِي: أَنَّ فِعْلَ لْيَقْضُوا يُنَادِي عَلَى أَنَّ التَّفَثَ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَلَيْسَ وَسَخًا وَلَا ظُفْرًا وَلَا شَعْرًا. وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ آنِفًا. وَأَنَّ مَوْقِعَ (ثُمَّ) فِي عَطْفِ جُمْلَةِ الْأَمْرِ عَلَى مَا قَبْلَهَا يُنَادِي عَلَى مَعْنَى التَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِ (ثُمَّ) أَهَمُّ مِمَّا ذُكِرَ قَبْلَهَا فَإِنَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ هِيَ الْمُهِمُّ فِي الْإِتْيَانِ إِلَى مَكَّةَ، فَلَا جَرَمَ أَنَّ التفث هُوَ من مَنَاسِكُ الْحَجِّ

وقد وجدت عددا من المفسرين شملوا المناسك مع إزالة الأوساخ، قال ابن عطية::
«التفث» ما يصنعه المحرم عند حله من تقصير شعر وحلقه وإزالة شعث ونحوه من إقامة الخمس من الفطرة حسب الحديث وفي ضمن ذلك قضاء جميع مناسكه إذ لا يقضى التفث إلا بعد ذلك

وقال الشوكاني في فتح القدير:
فَإِذَا قَضَى نُسُكَهُ وَخَرَجَ مِنْ إِحْرَامِهِ حَلَقَ شَعْرَهُ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ، فَهَذَا هُوَ قَضَاءُ التَّفَثِ. قَالَ الزجاج: كأنه خروج من الإحرام إلى الإحلال.

وكذلك جمع السعدي بين الاثنين وهذا هو المروي عن ابن عمر وابن عباس والله أعلم



ب

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

ولعلك تجتهدين في تحسين صياغة التخريج.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir