دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > تيسير اللطيف المنان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 رجب 1436هـ/16-05-2015م, 10:02 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي فصل في جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع

فصل في جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع


قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السَّعْدِيُّ (ت: 1376هـ): (فصل في جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع
قال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]
{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]
{وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42]
{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]
{يا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26]
{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]
{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115]
الحكم بين الناس بالحق والقسط، هو الحكم بما أنزل الله، وهو الرد إلى الله ورسوله؛ فإن هذه الآيات يصدق بعضها بعضا؛ وتدل على أن الحق والعدل لا يخرج عما جاء به الرسول، وأن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام على الإطلاق، أي: أعدلها وأقومها وأصلحها وأحسمها للشرور، وأعظم أحكام توسل بها إلى تحصيل درء المفاسد، وأن رد مسائل النزاع والاختلافات الدينية والدنيوية إلى الله والرسول خير في الحال وأحسن عاقبة، وأن كلمات الله تمت وكملت من كل وجه صدقا في إخبارها، عدلا في أحكامها وأوامرها ونواهيها، فكل مسألة خارجة عن العدل إلى الظلم، وعن الصلاح إلى الفساد، فليست من الشرع، وقد جاء شرع الله محكم الأصول والفروع، موافقا للمعقول الصحيح والاعتبار والميزان العادل.
وقد حكم الله ورسوله بأحكام متنوعة متفرعة عن هذا الأصل العظيم، وتفصيل لمجمله، فحكم الله بأن إقرار من عليه الحق معتبر في القليل والكثير كما تقدم التنبيه عليه في آية الدَّيْن.
وحكم بأن البينة على المدعي لإثبات حق، أو المدعي براءة الذمة من الحقوق الثابتة، وأن اليمين على من أنكر، وهاتان القاعدتان عليهما مدار جمهور القضايا، اعتبار إقرار من عليه الحق إذا كان جايز التصرف، وتكليف المدعين كلهم بالبينات.
والبيعة شرعا اسم جامع لكل ما بين الحق، والبيان مراتب، بعضها يصل إلى درجة اليقين، وبعضها كالقرائن، وشواهد الأحوال توصل إلى غلبة الظن، والترجيحات كثيرة جدا.
وعند تساوي الترجيحات ومقادير الأشياء وكمياتها بالتوسط بينها، إما بقسمتها متساوية وجعل الزيادة والنقص بحسب ذلك، وإلا بالقرعة إذا تعذرت القسمة، ومن أحكام الشارع العادلة إلغاؤه المعاملات الظالمة الجائرة: كأنواع الغرر والظلم والميل على أحد المتعاملين بغير حق.
ومن أحكامه الكلية اعتباره التراضي بين المتعاملين في عقود المعاوضات، وفي عقود التبرعات، وأنه لا يحل مال امرئ مسلم أو معاهد إلا بطيب نفسه.
ومن أحكامه الكلية منع الضرر والإضرار بغير حق في كل معاملة وخلطة وجوار واتصال.
ومن أحكامه الكلية أن على العمال تكميل أعمالهم بغير نقص، وعلى من عمل لهم تكميل أجورهم.
ومن أحكامه الكلية إيجابه الوفاء بالعقود والشروط التي يشترطها أحد المتعاقدين على الآخر في أبواب العقود كلها، مما لكل منهما أو لأحدهما فيه مصلحة، إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا، فهذا قد أهدره الشارع وألغاه وقال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
ومن أحكامه الكلية اعتبار المقاصد والنيات في أبواب المعاملات والأعمال، كما تعتبر في باب العبادات، وبهذا الأصل أبطل جميع الحيل التي يتوسل بها إلى فعل محرم، أو إسقاط حق مسلم ونحوها.
ومن أحكامه الكلية أن جميع العقود اللازمة والجائزة: عقود المعاوضة وعقود التبرع، وكذلك الفسوخ تنعقد بما دل عليها من الألفاظ التي يتعارفها المتعاقدان، ومن الأفعال الدالة على ذلك.
ومن أحكامه الكلية أن تلف الشيء بيد الظالم كالغاصب ونحوه فيه الضمان، فرط أو لم يفرط، فإن ثبوت يده على وجه الظلم والعدوان، وأن تلف الشيء تحت يد الأمين لا ضمان فيه إن لم يفرط أو يتعد.
ومن أحكامه الكلية أن الشيء المشكوك فيه يرجع فيه إلى اليقين في العبادات والمعاملات، فمن ادعى الأصل فقوله مقبول، ومن ادعى خلاف الأصل لم يقبل إلا ببينة، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، والأصل براءة الذمة حتى يتيقن اشتغالها، كما أن الأصل بقاء ما كان ثابتا في الذمة حتى يتيقن البراءة بوفاء أو إسقاط أو سقوط، وأن الأصل في عقود المسلمين الصحة والسلامة حتى نعرف أنه جرى ما يفسدها.
ومن أحكامه الكلية أن جميع الأحكام من أصول وفروع لا تتم وتكمل ويحصل مقتضاها إلا باجتماع شروطها وأركانها ومقوماتها، وانتفاء موانعها ومفسداتها.
ومن أحكامه الكلية وجوب المماثلة في المتلفات والمضمونات بمثلها إن أمكن المثل، وبالقيمة إن تعذر المثل.
وكذلك الأعمال، فمن عمل لغيره عملا بعوض لم يسم، أو سمي تسمية فاسدة، أو جهلت التسمية، أو عاوضه معاوضة تعذر معرفة العوض فيها، فإنه يرجع في ذلك إلى أجرة المثل وعوض المثل.
ومن أحكامه الكلية وجوب العدل بين الأولاد والزوجات، ووجوب العدل بين ذوي الحقوق الذي لا مزية لواحد منهم على الآخر، كالعول الداخل على أهل الفروض بالسوية، وكقسمة المال بين الغرماء إذا لم يف بحقوقهم يعطون على قدر حقوقهم إذا لم يكن لأحدهم مزية رهن ونحوه، وكاشتراك الملاك في الزيادة المترتبة عليها على قدر أملاكهم، والنقص على قدر أملاكهم إذا اعتراها نقص، وسواء كان النقص بحق تعلق بها أو بتلف أو خسارة أو وقع ظلما فإنهم يشتركون في الزيادة والنقص على قدر أملاكهم.
ومن أحكامه الكلية إثبات الخيار في كل عقد ظهر في العوض المعين أو المعوض عيب ينقصه؛ وأنه إذا لم يمكن الرد تعين الأرش وإسقاط النقص، وعلى الصحيح لا فرق بين البيوع وغيرها، فإن هذا من قاعدة العدل.
ومن أحكامه الكلية جعل المجهول كالمعدوم، ويندرج تحت هذا الأصل الأموال التي جُهِلَ مُلَّاكُهَا أنه يتصدق بها عنهم، أو تبذل في المصالح نيابة عنهم، وتملك اللقطة، ومن مات لا وارث له بفرض ولا تعصيب ولا رحم، تركته في بيت المال للمصالح العامة جعلًا للمجهول في ذلك كالمعدوم.
ومن أحكامه الكلية الرجوع إلى العرف إذا تعذر التعيين شرعا ولفظا، كالرجوع للعرف في نفقة الزوجات والأقارب والأجراء، وكالشروط العرفية في المعاملات إذا اطردت بين الناس، وكالقبض والحرز ونحوها مما لا يعد ولا يحصى.
ومن أحكامه الكلية أن الأصل في العبادات الحظر؛ فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله، والأصل في المعاملات والاستعمالات كلها الإباحة؛ فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله، وعلى هذا جميع أحكام العبادات والمعاملات وغيرها مما لا يمكن إحصاؤه، ولهذا من شرع في عبادة لم تنقل عن الشارع فهو مبتدع، ومن حرم من العادات شيئا لم يرد عن الشارع فهو مبتدع.
ومن أحكامه الكلية حثه على الصلح والإصلاح بين من بينهم حقوق، وخصوصا عند اشتباهها أو عند تناكرهما، وإذا تعذر استيفاء الحق كله أو تعسر، فقد شرع في ذلك كله الصلح بالعدل، وسلوك الحالة المناسبة لتلك القضية بما تقتضيه الحال، وفيه من الفوائد والثمرات الطيبة ما لا يعد ولا يحصى.
ومن أحكامه الكلية اعتبار العدالة في الشهود، وأن يكونوا ممن يرضى من الشهداء، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فالشارع اعتبر شهادة العدل المرضي من الشهداء، وأسقط شهادة الكاذب والقاذف قبل التوبة، وأمر بالتثبت في خبر الفاسق، وكذلك المجهول؛ لأنه اعتبر المرضي العدل عند الناس، فلا بد من تحقيق هذا الوصف، وأما عدد الشهود ونصابها فذلك يختلف باختلاف المشهود به كما فصله أهل العلم.
ومن أحكامه الكلية أن من سبق إلى مباح فهو أحق به، فيدخل في هذا السبق إلى الجلوس في المساجد والأسواق والأفنية، ويدخل فيه السبق إلى النزول في المساكن والأوقاف التي لا تتوقف على نظر ناظر، ويدخل في ذلك السبق إلى المباحات من الصيود البرية والبحرية، وإلى ما يستخرج من البحار والمعادن، وإلى الاحتشاش والاحتطاب وغير ذلك، وإلى إحياء الموات وغيرها من المسائل المتنوعة الداخلة في هذا الأصل.
ومن أحكامه الكلية قبول قول الأمناء على ما في أيديهم مما هم عليه أولياء من قبل الشارع، أو قبل المالك بالوكالة أو الوصاية أو النظارة للأوقاف، فكل هؤلاء مقبول قولهم فيما يدعونه من داخل وخارج ومصرف ونحوه إذا كان ذلك ممكنا، وهذا معنى تأمينهم وتوليهم وولايتهم، واعلم أن قبول قول هؤلاء في هذه الأمور لا يمنع محاسبتهم، وطلب الوقوف على كيفية تلك المصارف الداخلية والخارجية، وتبيين وجه النقص والتلف ونحو ذلك، ليستظهر بذلك على صدقهم وكذبهم، وأما تمكينهم من إطلاق سراحهم بحجة أنهم أمناء مقبول قولهم، فهذا غلط على الشريعة وعلى الحقيقة، فالشارع حاسب عماله واستدرك عليهم، والحقيقة والوقوف عليها مطلوب باتفاق أهل الاعتبار؛ فكم من أمين ظهرت خيانته يقينا حين استدرك عليه.
ومن أحكامه الكلية أن الواجب يسقط بالعجز عنه بالكلية، وأنه إذا قدر على بعض الواجب وجب عليه ما يقدر عليه منه، وسقط عنه ما يعجز عنه، وهذا مطرد في العبادات والحقوق الواجبة وغيرها، كما أن الضرورة تبيح المحظور وتقدر بقدرها.
ومن أحكامه الكلية أنه أقام البدل مقام مبدله في أحكام العبادات والمعاملات والحقوق وغيرها، فمتى كان للشيء بدل وتعذر الأصل قام هذا مقامه، وحكم له بأحكامه، وأن النماء تابع للأصل.
ومن أحكامه الكلية أن من وجب عليه أمر من الأمور فإنه يجبر عليه بحق، وأن من أتلف شيئا لدفع أذاه له دفعا عن نفسه، فلا ضمان عليه، فإن أتلفه للانتفاع به ضمنه.
وأن ما ترتب على المأذون فيه من تلف فغير مضمون، وما ترتب على غير المأذون فإنه مضمون.
ومن أحكامه الكلية أن الاستثناءات والقيود والأوصاف الملحقة بالألفاظ تعتبر وتقيد الكلام، ويرتبط بها بشرط الاتصال لفظا أو حكما، ويدخل في هذا ألفاظ العقود والفسوخ والوقف والوصايا والعتق والطلاق والأيمان والإقرارات وغيرها.
ومن أحكامه الكلية أن الشركاء في الأملاك والمنافع يلزمون بكل ما يعود إلى حصول المنافع الضرورية ودفع المضار، ويجبر الممتنع منهما من ذلك من المصارف والنفقات والضرائب التي تلحق الأملاك هم فيها شركاء على كل منهم بقدر ملكه.
ومن أحكامه الكلية أن المباشر لإتلاف الأموال أو المتسبب لذلك ضامن لها متعمدا كان أو ناسيا أو جاهلا، وأنه إذا اجتمع المباشر والمتسبب كان الضمان على المباشر إلا إن تعذر تضمينه لفقد أو امتناع أو عسر أو نحوه، فيحال الضمان على المتسبب بغير حق.
ومنها: أن من أدى عن غيره دينا واجبا بنية الرجوع، فإنه يرجع ولو لم يأذن له في ذلك.
ومنها: أن الوصف في الشيء الذي بيد الغير، وذلك الغير لا يدعيه لنفسه بينة.
ومنها: أن من تعجل شيئا قبل أوانه على وجه محرم عوقب بحرمانه.
ومن أحكامه الكلية أنه إذا تزاحمت المصالح قدم الأعلى منها، وإن تزاحمت المفاسد وكان لا بد من فعل إحداها ارتكب الأخف منها لدفع الأشد مفسدة، وعلى هذا من مسائل الفقه ما لا يعد ولا يحصى، لأن الشارع شرع الشريعة لتحصيل المصالح أو تكميلها، ولتقليل المفاسد وتعطيلها بحسب الإمكان.
ومنها: أن إطلاق التشريك في الوصايا والهبات والإقرارات، وإيقاع العقود والفسوخ على الأعيان وغير ذلك: كل ذلك يقتضي المساواة بين من شرك بينهم في شيء من ذلك، إلا إن دل دليل على المفاضلة بينهم، وكذلك في الأشياء المشتبهة التي يعلم أنها لهؤلاء الأشخاص، ولا يعلم مقدار ما لِكُلٍّ، فإنهم يتساوون فيها، وأدلة هذه الأصول من الكتاب والسنة ظاهرة، وهي أصول جامعة عظيمة النفع، ينتفع بها الحاكم والمفتي وطالب العلم، وهي من محاسن الشريعة، ومن أكبر البراهين على أن ما جاء به الرسول حق من عند الله محكم الأصول، متناسب الفروع، عدل في معانيه، تابع للحكم والصلاح في مبانيه، فلنقتصر على هذه القواعد إذ غيرها تبع لها، وهي تغني عن غيرها، ولا يغني عنها سواها. . والله أعلم). [تيسير اللطيف المنان: 1/162-170]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحكام, القرآن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:56 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir