دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب المناسك

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 12 ربيع الثاني 1432هـ/17-03-2011م, 11:48 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَالقادِرُ: مَنْ أمْكَنهُ الرُّكُوبُ، وَوَجَدَ زاداً وَرَاحِلَةً صَالحَين لِمِثْلِهِ بَعْدَ قَضَاءِ الواجِبَات
قوله: «والقادر: من أمكنه الركوب» ، فمن لا يمكنه الركوب فليس بقادر، وكيف لا يمكنه الركوب؟
الجواب: أما في زمن الإبل فتعذر الركوب كثير، إما لضعف بنيته الخلقية، أو لكونه هزيلاً لا يستطيع الثبات على الراحلة.
فإن قال قائل: يمكن أن نربطه على الراحلة.
قلنا: في ذلك مشقة لا تأتي بها الشريعة.
وأما في وقتنا الحاضر وقت الطائرات، والسيارات، فالذي لا يمكنه الركوب نادر جداً، ولكن مع ذلك فبعض الناس تصيبه مشقة ظاهرة في ركوب السيارة، والطائرة، والباخرة، فربما يغمى عليه، أو يتعب تعباً عظيماً، أو يصاب بغثيان وقيء، فهذا لا يجب عليه الحج، وإن كان صحيح البدن قوياً.
قوله: «ووجد زاداً وراحلة» ، الزاد ما يتزود به في السفر من طعام وشراب، وغير ذلك من حوائج السفر.
والراحلة معروفة، وهي ما يرتحله الإنسان من المركوبات من إبل، وحمر، وسيارات، وطائرات وغيرها.
لكن المؤلف اشترط شرطاً، وهو:
قوله: «صالحين لمثله» ، أي: لا بد أن يكون الزاد صالحاً لمثله، وكذلك الراحلة ، فلو كان رجلاً ذا سيادة وجاه، ولم يجد إلا راحلة لا تصلح لمثله ـ كحمار مثلاً ـ فلا يلزمه؛ لأنه مركوب غير صالح لمثله، فيلحقه في ذلك غضاضة وحرج، وكذلك الزاد إذا كان لا يصلح لمثله.
وقد يرد على كلام المؤلف عموم قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97] ، فإنه يشمل من أمكنه السفر على راحلة لا تصلح لمثله، وبزاد لا يصلح لمثله.
والناس إذا سافروا إلى الحج على مثل هذه الراحلة أو بمثل هذا الزاد، فإنهم لا يشمت بعضهم ببعض ولا يعير بعضهم بعضاً، فلا يقال حينئذٍ: إنه عاجز، والله ـ عزّ وجل ـ يقول: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97] ، لأن زاد المسافر ليس كزاد المقيم.
ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أنه من وجد زاداً وراحلة يصل بهما إلى المشاعر ويرجع لزمه الحج، ولم يقيدوا ذلك بكونهما صالحين لمثله، وهذا أقرب إلى الصواب، ولا عبرة بكونه يفقد المألوف من مركوب، أو مطعوم، أو مشروب، فإن هذا لا يعد عجزاً.
قوله: «بعد قضاء الواجبات» ، هناك ثلاثة أمور لا يكون مستطيعاً قادراً إلا بعد توافرها وهي:
الأول: قضاء الواجبات:
والواجبات: كل ما يجب على الإنسان بذله، كالديون لله ـ عزّ وجل ـ، أو للآدمي، والنفقات الواجبة للزوجة والأقارب، والكفارات، والنذور، فلا بد أن يقضي هذه الأشياء.
فمن كان عنده مال إن قضى به الدين لم يتمكن من الحج، وإن حج لم يقض به، فهذا ليس بقادر إلا بعد قضاء الديون.
وإذا كان على الإنسان دين فلا حج عليه سواء كان حالاً أو مؤجلاً، إلا أنه إذا كان مؤجلاً وهو يغلب على ظنه أنه يوفيه إذا حل الأجل وعنده الآن ما يحج به فحينئذٍ نقول: يجب عليه الحج.
فإذا قال قائل: لو أن صاحب الدين أذن له أن يحج، فهل يكون قادراً؟
فالجواب: لا؛ لأن المسألة ليست إذناً أو عدم إذن، المسألة شغل الذمة أو عدم شغلها، ومن المعلوم أن صاحب الدين إذا أذن للمدين أن يحج فإن ذمته لا تبرأ من الدين، بل يبقى الدين في ذمته، فنقول له: اقض الدين أولاً ثم حج، ولو لاقيت ربك قبل أن تحج، ولم يمنعك من ذلك إلا قضاء الدين، فإنك تلاقي ربك كامل الإسلام؛ لأن الحج في هذه الحال لم يجب عليك، فكما أن الفقير لا تجب عليه الزكاة، ولو لقي ربه للقيه على إسلام تام، فكذلك هذا المدين الذي لم يتوفر لديه مال يقضي به الدين ويحج به، يلقى ربه، وهو تام الإسلام.
وما يظنه بعض المدينين من أن العلة هي عدم إذن الدائن، فإنه لا أصل له.
فإذا قال قائل: لو أنه أمكنه أن يحج بمصلحة له مالية، بحيث يعطى أجرة، أي: يكون الرجل هذا عاملاً جيداً، فيستأجره أحد من الناس ليحج معه، إما بقافلة، وإما بالأهل، ويعطيه ألف ريال في الشهر أو في عشرة أيام مثلاً، ولو بقي في البلد لم يستفد هذه ألف الريال، فهل له أن يحج؟
فالجواب: له أن يحج، ولا يمنع الدين وجوب الحج إذا كان الدين أقل مما سيعطى، أمّا إذا كان أكثر فإنه لا يزال باقياً في ذمته، فيمنع الوجوب.
ولو فرضنا أنه وجد من يحج به مجاناً، ولا يعطيه شيئاً، فهل هذا يضره لو حج بالنسبة للدين؟
الجواب: فيه تفصيل: إذا كان لو بقي لَعَمل، وحصّل أجرة فبقاؤه خير من الحج، وإذا كان لا يحصل شيئاً لو بقي فهنا يتساوى في حقه الحج وعدمه، وعلى كل تقدير فإن الحج لا يجب عليه ما دام يبقى في ذمته درهم واحد، وكذلك نقول في الكفارات، فإذا كان عليه عتق رقبة، وعنده عشرة آلاف ريال، فإما أن يعتق الرقبة بعشرة الآلاف أو يحج، قلنا: لا تحج وأعتق الرقبة، الكفارة التي عليك؛ لأن وجوبها سبق وجوب الحج، والحج لا يجب إلا بالاستطاعة، ولا استطاعة لمن عليه دين في ذمته.
الثاني: أشار إليه بقوله:
والنَّفَقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ والحَوَائِجِ الأَصْلِيةِ ..............................
«والنفقات الشرعية» ، أي: التي يقرها الشرع ويبيحها، كالنفقة له، ولعياله على وجه لا إسراف فيه، فإذا كان عنده عشرة آلاف ريال، إن حج بها نقصت النفقة، وإن أنفق تعذر الحج، فهل يحج ولو نقصت النفقة أو لا يحج؟
الجواب: لا يحج، ولكن المؤلف اشترط: أن تكون النفقات شرعية، فإن كانت غير شرعية وهي نفقة الإسراف، أو النفقة على ما لا حاجة له فيه، فإنه لا عبرة بها، والحج مقدم عليها.
مثاله: رجل نفقته الشرعية التي تليق بحاله عشرة آلاف ريال، وعنده الآن خمسة عشر ألف ريال يمكن أن يحج منها بخمسة آلاف، لكنه يقول: أنا أريد أن أنفق نفقة الملوك، أو نفقة الأغنياء الذين هم أكثر مني غنى؛ لأني في وسط حي كل من فيه أغنياء، فأحب أن تكون سيارتي عند بابي مثل سياراتهم، مع أنه يمكن أن يستعمل سيارة أقل بكثير، فهل نقول إن النفقة التي ينفقها نفقة شرعية؟
الجواب: لا، بل هي نفقة إسراف في حقه، ولا عبرة بها. فنقول: ما زاد عن النفقة التي تليق بك، يجب عليك أن تحج بها.
وقوله: «النفقات الشرعية» كم نقدر هذه النفقات الشرعية، أي هل هي النفقات الشرعية التي تكفيه في حجه ورجوعه، أو في سنته، أو على الدوام؟
الجواب: الفقهاء ـ رحمهم الله ـ قالوا: لا بد أن تكون النفقات تكفيه وتكفي عائلته على الدوام.
والمراد بالدوام ما كان ناتجاً عن صنعة، أو عن أجرة عقار، أو ما أشبه ذلك، بحيث يقول: صنعتي أكتسب منها ما يكون على قدر النفقة تماماً ولا يزيد، أو عقاراتي أستثمر منها على قدر النفقة ولا يزيد، فالنفقة الآن على الدوام بناءً على أن هذا الاستثمار سوف يبقى على ما هو عليه، وكذلك الصنعة، هذا هو المراد، وليس المراد أن يكون عنده نقد أو متاع يكفيه على الدوام أبداً، ولو قيل به لما وجب الحج على أحد، ولو كان أغنى الناس؛ لأنه ربما تزيد الأجور، وترتفع أسعار المعيشة، ويطول العمر، ولأن هذا لا يمكن ضبطه.
وقال بعض العلماء: ما يكفيه وعائلته إلى أن يرجع من الحج، فإذا كان عنده من النفقة ما يكفي عائلته حتى يرجع من الحج، وزاد على ذلك شيء يكفيه للحج، وجب عليه الحج؛ لأنه قادر، وإذا رجع إلى أهله، فالرزق عند الله ـ عزّ وجل ـ.
ولو أن قائلاً قال: نقدر النفقة بالسنة كما قدروها في باب الزكاة: أن الفقير من لا يجد كفايته سنة لم يكن بعيداً، فإذا كان عنده من النقود ما يكفيه وعائلته سنة، فزاد على ذلك شيء فإنه يلزمه أن يحج، وإن كان دون ذلك فإنه لا يلزمه؛ وذلك لأنه لا يخرج عن كونه فقيراً إذا لم يكن عنده فوق ما يكفيه السنة.
الثالث: قوله: «والحوائج الأصلية» ، أي: لا بد أن يكون ما عنده زائداً على الحوائج الأصلية، وهي التي يحتاجها الإنسان كثيراً؛ لأن هناك حوائج أصلية، وحوائج فرعية.
مثال الحوائج الأصلية: الكتب، والأقلام، والسيارة، وما أشبه ذلك، هي غير ضرورية، لكن لا بد لحياة الإنسان منها، فطالب العلم عنده كتب يحتاجها للمراجعة والقراءة، فلا نقول له: بع كتبك، وحج، أمّا لو كان عنده نسختان فنقول له: بع إحدى النسختين، فإن كانتا مختلفتين قلنا: اختر ما تراه أنسب لك، وبع الأخرى؛ لأن ما زاد على النسخة الواحدة لا يعتبر من الحوائج الأصلية، وإذا كانت له سيارتان لا يحتاج إلا واحدة منهما نقول له: بع واحدة، وحج بها وأبق الأخرى، فإن كانتا مختلفتين، فالذي يختار لنفسه يبقيه والذي لا يختار لنفسه يبيعه، فإن قيل: الصانع هل يبيع آلات الصنعة، ليحج بها؟
فالجواب: لا يلزمه.
لكن لو كان عنده آلات كبيرة يمكن أن يقتات بآلات أصغر منها، فهل يلزمه أن يبيع ما يزيد على حاجته؟
الذي يتوجه عندي أن له أن يبقي الآلات الكبيرة؛ لأن استثمارها أكثر، ولأنه ربما يظن أن الآلات الصغيرة كافية في هذا الوقت، ثم يأتي وقت آخر لا تكفي، فيكون في ذلك ضرر عليه، وآلات الصانع تعتبر من أصول المال التي يحتاج إليها، وإذا لم يحج هذا العام، يحج العام القادم.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معنى, الاستطاعة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir