دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > المتابعة الذاتية في برنامج الإعداد العلمي > منتدى المستوى الثامن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #7  
قديم 6 شوال 1439هـ/19-06-2018م, 09:40 AM
أحمد محمد السيد أحمد محمد السيد غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Feb 2016
الدولة: مصر
المشاركات: 489
افتراضي

تلخيص مقاصد "رسالة كلمة الإخلاص" لابن رجب الحنبلي

المقصد العام للرسالة: تحقيق كمال التوحيد هو سبيل السعادة في الدارين.

المقاصد الفرعية:
أ: بيان بعض ما جاء في فضائل كلمة التوحيد.
ب: بيان أن من أعظم فضائل كلمة التوحيد أن من أتى بها دخل الجنة.
ج: بيان أن من أعظم فضائل كلمة التوحيد أن من أتى بها حرم على النار.
د: بيان حقيقة أن كلمة التوحيد مجردة لا تكفي للنجاة من النار.
ه: تحقيق كمال التوحيد هو السبيل إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار.
و: بيان بعض ما يقدح في التوحيد
ز: بيان السبيل لتخليص التوحيد من شوائب المعاصي والذنوب.
ل: تلازم شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله.

بيان بعض ما جاء في فضائل كلمة التوحيد
-هي كلمة التقوى كما قال عمر، وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق ودعوة الحق وبراءة من الشرك ونجاة هذا الأمر.
-ولأجلها خلق الخلق، كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
-ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب، كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}.
-قال تعالى: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون}، وهذه الآية أول ما عدّد الله على عباده من النعم في سورة آية النعم التي تسمى النحل، ولهذا قال ابن عيينة: ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرفهم "لا إله إلا الله" وإن "لا إله إلا الله" لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا.
-ولأجلها أعدت دار الثواب ودار العقاب.
-ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد، فمن قالها عصم ماله ودمه ومن أباها فماله ودمه هدر.
-وهي مفتاح دعوة الرسل وبها كلم الله موسى كفاحا.
-وهي توجب المغفرة.
-وهي أحسن الحسنات، كما قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله كلمني بعمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال: ((إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها)) قلت: يا رسول الله "لا إله إلا الله" من الحسنات؟ قال: ((هي أحسن الحسنات)).
-وهي تمحو الذنوب والخطايا، كما في حديث البطاقة، وكما في سنن ابن ماجه عن أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل))، وقد رؤي بعض السلف بعد موته في المنام فسئل عن حاله فقال: ((ما أبقت "لا إله إلا الله" شيئا)).
-وهي تجدد ما درس من الإيمان في القلب، وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((جددوا إيمانكم)) قالوا: كيف نجدد إيماننا؟ قال: ((قولوا: "لا إله إلا الله").
-وهي لا يعدلها شيء في الوزن فلو وزنت بالسموات والأرض رجحت بهن، كما في المسند عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أن نوحا قال لابنه عند موته: آمرك بـ "لا إله إلا الله"، فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت "لا إله إلا الله" في كفة رجحت بهن "لا إله إلا الله"، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن في حلقة مبهمة فصمتهن "لا إله إلا الله".
-وهي التي تخرق الحجب حتى تصل إلى الله عز وجل، وفي الترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تصل إليه)).
-وهي التي ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه.، وقد خرج النسائي في كتاب اليوم والليلة من حديث رجلين من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مخلصا بها روحه مصدقا بها لسانه إلا فتق له السماء فتقا حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض وحق لعبد نظر إليه أن يعطيه سؤله)).
-وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها، كما أخرج النسائي والترمذي وابن حبان من حديث أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قال العبد: "لا إله إلا الله والله أكبر" صدقه ربه وقال: "لا إله إلا أنا وأنا أكبر"، وإذا قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" يقول الله: "لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي"، وإذا قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد" قال الله: "لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد"، وإذا قال: "لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله" قال الله: "لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي")) وكان يقول: ((من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار)).
-وهي أفضل ما قاله النبيون، كما ورد ذلك في دعاء يوم عرفة.
-وهي أفضل الذكر، كما في حديث جابر المرفوع: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله))، وعن ابن عباس: أحب كلمة إلى الله لا إله إلا الله لا يقبل الله عملا إلا بها.
-وهي أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفا وتعدل عتق الرقاب وتكون حرزا من الشيطان، وكما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحي عنه مائة سيئة ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك)). وفيهما أيضا عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قالها عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل)).
-وفي الترمذي عن ابن عمر مرفوعا: ((من قالها إذا دخل السوق وزاد فيها: "يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير" كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا الله عنه ألف ألف سيئة ورفع الله له ألف ألف درجة))، وفي رواية: ((ويبني له بيت في الجنة)).
-وهي أمان من وحشة القبر وهول الحشر، كما في المسند وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم وكأني بأهل لا إله إلا الله قد قاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن))، وفي حديث مرسل: ((من قال لا إله إلا الله الملك الحق المبين كل يوم مائة مرة كانت له أمانا من الفقر وأنسا من وحشة القبر واستجلبت له الغنى واستفرغت له باب الجنة)).
-وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم، كما قال النضر بن عربي:بلغني أن الناس إذا قاموا من قبورهم كان شعارهم لا إله إلا الله، وقد خرج الطبراني حديثا مرفوعا:(إن شعار هذه الأمة على الصراط لا إله إلا أنت)

بيان أن من أعظم فضائل كلمة التوحيد أن من أتى بها دخل الجنة
-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة)).
-وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) ثلاثا ثم قال في الرابعة: ((على رغم أنف أبي ذر)) قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر.
-ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، كما في حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن أتى بالشهادتين بعد الوضوء وقد خرجه مسلم. وفي حديث عبد الرحمن بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة منامه الطويل وفيه قال: ((ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فأغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله فتحت له الأبواب وأدخلته الجنة)).
-وفي مسند البزار وغيره عن عياض الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لا إله إلا الله كلمة حق على الله كريمة، ولها من الله مكان، وهي كلمة من قالها صادقا أدخله الله بها الجنة، ومن قالها كاذبا حقنت دمه واحرزت ماله ولقي الله غدا فحاسبه)).
-ومن كانت آخر كلامه دخل الجنة.
-وهذه الأحاديث أفادت بأن من أتى بالشهادتين دخل الجنة ولم يحجب عنها، وهذا قد يدخل النار بداية ليطهر من ذنوبه، ثم يدخل الجنة كما في حديث أبي ذر ومعناه أن الزنى والسرقة لا يمنعان دخول الجنة مع التوحيد وهذا حق لا مرية فيه. وفي مسند البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ((من قال: لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره يصيبه قبل ذلك ما أصابه)).

بيان أن من أعظم فضائل كلمة التوحيد أن من أتى بها حرم على النار
*ما ورد في ذلك
-خرج البخاري ومسلم في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) قال: يا رسول الله ألا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: ((إذا يتّكلوا)) فأخبر بها معاذ عند موته تأثما).
-وفي الصحيحين عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)).
-ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد أن يخرجوا منها، وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)).
-وهي نجاة من النار، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: ((خرج من النار)) خرجه مسلم.
*وقد حمل ذلك على نفي الخلود في النار
-ومن الأحاديث ما فيه أن من أتى بالشهادتين حرم على النار، وهذا قد حمله بعضهم على نفي خلود الموحدين فيها، فإن الدرك الأعلى يدخله خلق كثير من عصاة الموحدين بذنوبهم ثم يخرجون بشفاعة الشافعين وبرحمة أرحم الراحمين، وفي الصحيحين: (إن الله تعالى يقول وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال: لا إله إلا الله)
*وحمل على النجاة من النار مطلقا
-بينما قالت طائفة من العلماء: المراد من هذه الأحاديث أن "لا إله إلا الله" سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتض لذلك، ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع، وهذا قول الحسن ووهب ابن منبه وهو الأظهر، ويشهد له ما يلي:
-قال الحسن للفرزدق وهو يدفن امرأته: ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة، قال الحسن: نِعم العدة، لكن لـ "لا إله إلا الله" شروطا، فإياك وقذف المحصنة.
-وقيل للحسن: إن أناسا يقولون: من قال: "لا إله إلا الله" دخل الجنة، فقال: من قال: "لا إله إلا الله" فأدّى حقها وفرضها دخل الجنة.
-وفهم الصديق أنه لا يمتنع قتال مانعي الزكاة إلا بأداء حقوق لا إله إلا الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم إلا بحقها وحسابهم على الله)) وقال: ((الزكاة حق المال)).
-ويدل على صحة فهم الصديق الحديث: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة))، وقد دلّ على ذلك قوله تعالى: {فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}، كما دلّ قوله تعالى: {فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} على أن الأخوّة في الدين لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد فإن التوبة من الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد، فلما قرر أبو بكر هذا للصحابة رجعوا إلى قوله ورأوه صوابا، فإذا علم أن عقوبة الدنيا لا تُرفع عمن أدّى الشهادتين مطلقا بل يعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام فكذلك عقوبة الآخرة.
-وقد صرح الثوري وغيره بأنها منسوخة وأنه نسخها الفرائض والحدود، وقد يكون مرادهم بالنسخ البيان والإيضاح، فإن السلف كانوا يطلقون النسخ على مثل ذلك كثيرا ويكون مقصودهم أن آيات الفرائض والحدود تبين بها توقف دخول الجنة والنجاة من النار على فعل الفرائض واجتناب المحارم، فصارت تلك النصوص منسوخة أي مبيَّنة مفسَّرة ونصوص الحدود والفرائض ناسخة أي مفسِّرة لمعنى تلك موضحة لها.
-وقالت طائفة: تلك النصوص المطلقة قد جاءت مقيدة في أحاديث أخر ففي بعضها: ((من قال: "لا إله إلا الله" مخلصا)) وفي بعضها: ((مستيقنا)) وفي بعضها ((يصدق لسانه)) وفي بعضها ((يقولها حقا من قلبه)) وفي بعضها ((قد ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه)).

بيان حقيقة أن كلمة التوحيد مجردة لا تكفي للنجاة من النار
-عمل القلب والجوارح وتحقيقهم معنى الشهادتين يعد شرطا ضروري جنبا إلى جنب مع الاتيان بالشهادتين، فتحقيق القلب بقول "لا إله إلا الله" أن لا يأله القلب غير الله حبا ورجاء وخوفا وتوكلا واستعانة وخضوعا وإنابة وطلبا، وتحقيقه بأن محمدا رسول الله ألا يعبد الله بغير ما شرعه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
-فقول العبد: "لا إله إلا الله" يقتضي أن لا إله له غير الله، والإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالا ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له، فإن أشرك مع قوله هذا مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية، كان ذلك قدحا في إخلاصه في قول "لا إله إلا الله" ونقصا في توحيده وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك وهذا كله من فروع الشرك.
بيان شيء مما يقدح في التوحيد، ويعرض صاحبه للعذاب مع كونه قد أتى بالشهادتين
-ورد إطلاق الكفر والشرك على كثير من المعاصي التي منشؤها من طاعة غير الله أو خوفه أو رجائه أو التوكل عليه والعمل لأجله، كما ورد إطلاق الشرك على الرياء وعلى الحلف بغير الله وعلى التوكل على غير الله والاعتماد عليه، وعلى من سوّى بين الله وبين المخلوق في المشيئة، وعلى الطيرة والرقى المكروهة، وإتيان الكهان وتصديقهم بما يقولون، وكذلك اتّباع هوى النفس فيما نهى الله عنه، فكل ذلك قادح في تمام التوحيد وكماله.

تحقيق كمال التوحيد هو السبيل إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار
*وبيان ذلك
-فإنه لا ينجو غدا إلا من لقي الله بقلب سليم ليس فيه سواه، كما قال الله تعالى: {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}.
-والقلب السليم هو الطاهر من أدناس المخالفات، فأما المتلطخ بشيء من المكروهات فلا يصلح لمجاورة حضرة القدوس إلا بعد أن يطهر في كير العذاب، فإذا زال عنه الخبث صلح حينئذ للمجاورة، ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا))، فأما القلوب الطيبة فتصلح للمجاورة من أول الأمر {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} {الذين يتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة}.
-ما يحتاج إلى التطهر بنار جهنم إلا من لم يكمل تحقيق التوحيد والقيام بحقوقه.
-أول من تسعر به النار من الموحدين العباد المراؤون بأعمالهم وأولهم العالم والمجاهد والمتصدق للرياء لأن يسير الرياء شرك
-وبعد أهل الرياء، يدخل النار أصحاب الشهوة وعبيد الهوى الذين أطاعوا هواهم وعصوا مولاهم، فأما عبيد الله حقا فيقال لهم: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}.
-جهنم تنطفئ بنور إيمان الموحدين، وفي الحديث تقول النار للمؤمن: ((جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي)).
-وفي المسند عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجا من بردهم))، وهذا ميراث ورثه المؤمنون من حال الخليل عليه السلام، فنار المحبة في قلوب المحبين تخاف منها نار جهنم.
-وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرمه الله على النار))، فأما من دخل النار من أهل هذه الكلمة فلقلة صدقه في قولها، فإن هذه الكلمة إذا صدقت طهرت القلب من كل ما سوى الله، ومتى بقي في القلب أثر سوى الله فمن قلة الصدق في قولها.
*وهل يعني ذلك أن من اكتمل توحيده معصوم من المعاصي؟
-من صدق في قول "لا إله إلا الله" لم يحب سواه ولم يرج سواه ولم يخش أحدا إلا الله ولم يتوكل إلا على الله ولم يبق له بقية من آثار نفسه وهواه، ومع هذا فلا يظن أن المحب مطالب بالعصمة، وإنما هو مطالب كلما زلّ أن يتلافى تلك الوصمة.
-قال زيد بن أسلم: إن الله ليحب العبد حتى يبلغ من حبه له أن يقول: اذهب فاعمل ما شئت فقد غفرت لك.
-وقال الشعبي: إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب.
-وتفسير هذا الكلام أن الله عز وجل له عناية بمن يحبه فكلما زلق ذلك العبد في هوة الهوى أخذ بيده إلى نجوة النجاة، ييسر له التوبة وينبّهه على قبح الزلّة، فيفزع إلى الاعتذار ويبتليه بمصائب مكفرة لما جنى.
-وفي بعض الآثار يقول الله تعالى: ((أهل ذكرى أهل مجالستي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب)).
-وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الحمى تذهب الخطايا كما يذهب الكير الخبث)).

بيان بعض ما يقدح في التوحيد
*الهوى المتبع
-وقد ورد إطلاق الإله على الهوى المتَّبع، قال الله تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} قال: هو الذي لا يهوى شيئا إلا ركبه، وقال قتادة: هو الذي كلما هوي شيئا ركبه وكلما اشتهى شيئا أتاه لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى.
-وفي حديث أخر: ((لا تزال "لا إله إلا الله" تدفع عن أصحابها حتى يؤثروا دنياهم على دينهم فإذا فعلوا ذلك ردت عليهم ويقال لهم: كذبتم)).
-ويشهد لذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش))، فدلّ هذا على أن كل من أحب شيئا وأطاعه وكان غاية قصده ومطلوبه ووالى لأجله وعادى لأجله فهو عبده وكان ذلك الشيء معبوده وإلهه.
*طاعة الشيطان
-ويدلّ عليه أيضا أن الله تعالى سمى طاعة الشيطان في معصيته عبادة للشيطان، كما قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان}.
-وقال تعالى حاكيا عن خليله إبراهيم عليه السلام لأبيه: {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا}، فمن لم يتحقق بعبودية الرحمن وطاعته فإنه يعبد الشيطان بطاعته له.
-ولم يخلص من عبادة الشيطان إلا من أخلص عبودية الرحمن وهم الذين قال فيهم: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان}، فهم الذين حققوا قول "لا إله إلا الله" وأخلصوا في قولها وصدّقوا قولهم بفعلهم فلم يلتفتوا إلى غير الله محبة ورجاء وخشية وطاعة وتوكلا، وهم الذين صدقوا في قول "لا إله إلا الله" وهم عباد الله حقا.
-وأما من قال: "لا إله إلا الله" بلسانه ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذب فعله قوله ونقص من كمال توحيده بقدر معصية الله في طاعة الشيطان والهوى، {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله}، {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله}، تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار، ولهذا لا ينجو غدا من عذاب الله إلا من حقّق عبودية الله وحده ولم يلتفت إلى شيء من الأغيار، من علم أن معبوده الله فرْد فليفرده بالعبودية ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.
*صرف المحبة لغير الله تعالى
-فمتى كان القلب فيه غير الله فالله أغنى الأغنياء عن الشرك وهو لا يرضى بمزاحمة أصنام الهوى، الحق غيور يغار على عبده المؤمن أن يسكن في قلبه سواه أو يكن فيه شيء ما يرضاه.
-قول "لا إله إلا الله" تقتضي أن لا يحب سواه، فإن الإله هو الذي يطاع فلا يعصى محبة وخوفا ورجاء ومن تمام محبته محبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه، فمن أحب شيئا مما يكرهه الله أو كره شيئا مما يحبه الله لم يكمل توحيده وصدقه في قول "لا إله إلا الله" وكان فيه من الشرك الخفي بحسب ما كرهه مما يحبه الله وما أحبه مما يكرهه الله، قال الله تعالى: {ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}.
-قال الليث عن مجاهد في قوله: {لا يشركون بي شيئا} قال: لا يحبون غيري.
-وفي صحيح الحاكم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء وأدناه أن تحب على شيء من الجور أو تبغض على شيء من العدل وهل الدين إلا الحب والبغض)).
-وقال الحسن: اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته.
-وقال بشر بن السرّي: ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك.
-وقال أبو يعقوب النهر جوري: كل من ادّعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة.
-وفي قوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، قال الحسن: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا نحب ربنا حبا شديدا"، فأحب الله أن يجعل لحبه علما فأنزل الله تعالى هذه الآية.
-هذه حال السحرة لما سكنت المحبة قلوبهم سمحوا ببذل النفوس وقالوا لفرعون: {اقض ما أنت قاض}.
-ومتى تمكنت المحبة في القلب لم تنبعث الجوارح إلا إلى طاعة الرب، وهذا هو معنى الحديث الإلهي الذي خرجه البخاري في صحيحه وفيه: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها))، وقد قيل إن في بعض الروايات: ((فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي))، والمعنى أن محبة الله إذا استغرق بها القلب واستولت عليه لم تنبعث الجوارح إلا إلى مراضي الرب وصارت النفس حينئذ مطمئنة بإرادة مولاها عن مرادها وهواها.

بيان السبيل لتخليص التوحيد من شوائب المعاصي والذنوب
-القلوب على أصل الطهارة وإنما أصابها رشاش من نجاسة الذنوب، فرشوا عليها قليلا من دموع العيون وقد طهرت.
-العزم على فطام النفوس عن رضاع الهوى، فالحمية رأس الدواء، متى طالبتكم بمألوفاتها فقولوا مقالة تلك المرأة لذلك الرجل الذي دمي وجهه: "أذهب الله الشرك وجاء بالإسلام"، والإسلام يقتضي الاستسلام والانقياد للطاعة.
-ذكّروها مدحة {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} تحنّ إلى الاستقامة.
-عرّفوها اطّلاع من هو أقرب إليها من حبل الوريد لعلها تستحي من قربه ونظره، {ألم يعلم بأن الله يرى}، {إن ربك لبالمرصاد}!!
-راود رجل امرأة في فلاة ليلا فأبت فقال لها: ما يرانا إلا الكواكب قالت: فأين مكوكبها؟!
-أكره رجل امرأة على نفسها وأمرها بغلق الأبواب فقال لها: هل بقي باب لم يغلق؟ قالت: نعم الباب الذي بيننا وبين الله تعالى فلم يتعرض لها!
-سئل الجنيد بم يستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إليه.
-قال المحاسبي: المراقبة علم القلب بقرب الرب كلما قويت المعرفة بالله قوي الحياء من قربه ونظره.
-وصّى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يستحي من الله كما يستحي من رجل صالح من عشيرته لا يفارقه.
-قال بعضهم: استح من الله على قدر قربه منك وخف الله على قدر قدرته عليك.
-كان بعضهم يقول لي: منذ أربعين سنة ما خطوت لغير الله، ولا نظرت إلى شيء أستحسنه حياء من الله عز وجل.

تلازم شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله
-لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله إلا بشهادة أن محمدا رسول الله، فإنه إذا علم أنه لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله إلا بمحبة الله، وأن المحبة لا تتم إلا بمحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه، فلا طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إلا من جهة سيدنا محمد المبلّغ عن الله ما يحبه وما يكرهه باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، فصارت محبة الله مستلزمة لمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته، ولهذا قرن الله بين محبته ومحبة رسوله في قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم} إلى قوله: {أحب إليكم من الله ورسوله}، كما قرن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة.
-وذلك كما قال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقده الله منه كما يكره أن يلقى في النار)).

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثاني, التطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:04 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir