دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع (المجموعة الثانية)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 ذو الحجة 1441هـ/23-07-2020م, 12:53 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس التاسع: مجلس مذاكرة كتاب المرشد الوجيز إلى علوم تتعلّق بالكتاب العزيز لأبي شامة المقدسي

مجلس مذاكرة كتاب المرشد الوجيز إلى علوم تتعلّق بالكتاب العزيز
لأبي شامة المقدسي


أجب على الأسئلة التالية:
1:
استخلص عناصر الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
2: حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.

3: هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
4: بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
5: ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟

6: تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرة المتحصّلة من ذلك.



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 ذو الحجة 1441هـ/26-07-2020م, 02:16 AM
آسية أحمد آسية أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 420
افتراضي

1: استخلص عناصر الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
بدء نزول القرآن:
1- نزول القرآن في شهر رمضان:
-قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}
-وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}
-وقال جلت قدرته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}
فليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في شهر رمضان جمعا بين هؤلاء الآيات؛ إذ لا منافاة بينها.

-الأدلة على أن الليلة التي أنزل فيها القرآن (القدر) في شهر رمضان، والرد على من قال أنها في ليلة النصف من شعبان:
دلت الأحاديث الصحيحة على أن ليلة القدر في شهر رمضان، من ذلك:
-أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتماسها في العشر الأخير منه،
-ولا ليلة أبرك من ليلة، هي خير من ألف شهر. فتعين حمل قوله سبحانه: {في ليلة مباركة}؛ على ليلة القدر.
-وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، فهو موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر؛ لأن معناه التقدير،

وقيل:
أن الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان
وأن قوله تعالى: {أنزل فيه القرآن} معناه: أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه،
وأن ليلة القدر توجد في جميع السنة لا تختص بشهر رمضان، بل هي منتقلة في الشهور على ممر السنين، واتفق أن وافقت زمن إنزال القرآن ليلة النصف من شعبان.
ولكن هذا القول باطل لأن:
1-الأحاديث الصحيحة الواردة في بيان ليلة القدر. وصفاتها وأحكامها تبين أنها في رمضان.
2-ويدل على ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما، سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)

المقصود بالإنزال الخاص في ليلة القدر:
وفي المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر أقوال:
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها، وهو قول الشعبي.
والثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة، وهو قول ابن عباس وابن جبير، وقال به البيهقي.
قال عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
وقال ابن جبير: نزل القرآن كله من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها.
-وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}،
- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم}، قال: نزل متفرقا.
والثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة، وهو قول مقاتل
قال مقاتل: أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام في عشرين سنة.

القول الرابع: نزل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة.
عن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن القرآن كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم كل عام مرة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عرض عليه مرتين، قال ابن سيرين: فيرون أو يرجون أن تكون قراءتنا هذه أحدث القراءات عهدا بالعرضة الأخيرة.
عن عبيدة السلماني قال: القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرأها الناس اليوم.

والقول الثاني هو الأرجح لورود الآثار عن ابن عباس أنه نزل جملة إلى سماء الدنيا،
- و عن ابن عباس قال: فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل عليه السلام ينزله على النبي صلى الله عليه وسلم ويرتله ترتيلا
و عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال: رفع إلى جبريل في ليلة القدر جملة فرفع في بيت العزة ثم جعل ينزل تنزيلا.
وعن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم نجوما عشرين سنة، فذلك قوله عز وجل: {فلا أقسم بمواقع النجوم}.
ويمكن الجمع بين الأقوال فيقال : الجمع بين الأقوال:
، ويجوز أن يكون قوله: {أنزل فيه القرآن} إشارة إلى كل ذلك، فأول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وذلك بحراء عند ابتداء نبوته وكونه أنزل جملة إلى السماء الدنيا وأول نزوله إلى الأرض وعرضه وإحكامه في شهر رمضان، فقويت ملابسة شهر رمضان للقرآن، إنزالا جملة وتفصيلا وعرضا وإحكاما، فلم يكن شيء من الأزمان تحقق له من الظرفية للقرآن ما تحقق لشهر رمضان، فلمجموع هذه المعاني قيل: {أنزل فيه القرآن}.

نزول القرآن جملة الى بيت يقال له بيت العزة في السماء الدنيا:
- نزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت، يقال له بيت العزة، فحفظه جبريل عليه السلام، وغشي على أهل السماوات من هيبة كلام الله، فمر بهم جبريل وقد أفاقوا فقالوا: {ماذا قال ربكم قالوا الحق}، يعني القرآن، وهو معنى قوله: {حتى إذا فزع عن قلوبهم}، فأتى به جبريل إلى بيت العزة، فأملاه جبريل على السفرة الكتبة، يعني الملائكة، وهو قوله تعالى: {بأيدي سفرة * كرام بررة}.

الحكمة من إنزاله أولاً جملة الى السماء الدنيا:
لأن فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك
-بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم، قد قربناه إليهم لننزله عليهم، ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع لم نهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزلة قبله، ولكن الله تعالى باين بينه وبينها فجمع له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرقا.
وهذا من جملة ما شرف به نبينا صلى الله عليه وسلم، كما شرف بحيازة درجتي الغني الشاكر والفقير الصابر، فأوتي مفاتيح خزائن الأرض، فردها واختار الفقر والإيثار بما فتح الله عليه من البلاد، فكان غنيا شاكرا وفقيرا صابرا صلى الله عليه وسلم.
هل نزل جملة الى السماء الدنيا قبل النبوة أم بعدها؟:
الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل،
فإن كان بعدها، فالأمر على ما ذكرناه من التفخيم له ولمن أنزل عليه،
وإن كان قبلها، ففائدته أظهر وأكثر؛ لأن :
فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء
كما أعلم الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة، وكما أعلمهم أيضا قبل إكمال خلق آدم عليه السلام بأنه يخرج من ذريته محمد وهو سيد ولده،
وعلى ذلك حملنا قوله صلى الله عليه وسلم: ((كنت نبيا وآدم بين الماء والطين))،
وكان العلم بذلك حاصلا عند الملائكة،
ألا ترى أن في حديث الإسرى، لما كان جبريل يستفتح له السماوات سماء سماء؟ كان يقال له: من هذا؟ فيقول: جبريل، يقال: من معك؟ فيقول: محمد، فيقال: وقد بعث إليه؟ فيقول: نعم.
وقيل:
- أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا تسليما منه للأمة ما كان أبرز لهم من الحظ بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم كانت رحمة، فلما خرجت الرحمة بفتح الباب جاءت بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، فوضع القرآن ببيت العزة في السماء الدنيا ليدخل في حد الدنيا، ووضعت النبوة في قلب محمد صلى الله عليه وسلم وجاء جبريل عليه السلام بالرسالة ثم الوحي، كأنه أراد تبارك وتعالى أن يسلم هذه الرحمة التي كانت حظ هذه الأمة من الله تعالى إلى الأمة، ثم أجرى من السماء الدنيا الآية بعد الآية عند نزول النوائب، قال الله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، وقال عز وجل: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}، وهو قول :
- وقيل: في ذلك تكريم بني آدم، وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهم ورحمته لهم، ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة لما أنزل سورة الأنعام أن تزفها، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل عليه السلام بإملائه على السفرة الكرام البررة عليهم السلام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له.

هل قوله تعالى "{إنا أنزلناه في ليلة القدر}" من جملة القرآن الذي نزل جملة؟
هل من جملة القرآن الذي نزل جملة، أم لا؟ فإن لم يكن منه فما نزل جملة، وإن كان منه فما وجه صحة هذه العبارة؟
له وجهان:
أحدهما أن يكون معنى الكلام: إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر، وقضينا به، وقدرناه في الأزل، وأردناه، وشئناه، وما أشبه ذلك.
والثاني أن لفظه لفظ الماضي، ومعناه الاستقبال، وله نظائر في القرآن وغيره، أي ننزله جملة في ليلة مباركة، هي ليلة القدر،
واختير لفظ الماضي لأمرين:
أحدهما تحققه وكونه أمرا لا بد منه.
والثاني أنه حال اتصاله بالمنزل عليه، يكون الماضي في معناه محققا؛ لأن نزوله منجما كان بعد نزوله جملة واحدة،

نزول القرآن منجماً:
نزل القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم حسب الوقائع والأحداث مفرقاً وذلك خلال عشرين سنة، قال تعالى: ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث قال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: {لتقرأه على الناس على مكث}.
فرقناه أي أنزلناه مفرقا، {على مكث} على تؤدة وترسل {ونزلناه تنزيلا}: أي نجما بعد نجم، وقيل: جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.
وقال ابن عباس: (إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.)
و رسلاً أي رفقًا، وقوله على مواقع النجوم، أي على مثل مواقع النجوم، ومواقعها مساقطها، يريد أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق، فقوله على مواقع النجوم في موضع نصب على الحال، ورسلا أي ذا رسل يريد مفرقا رافقا.
الحكمة من إنزاله منجماً
تولى الله سبحانه الجواب عن هذا فقال في كتابه العزيز: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة}، يعنون كما أنزل على من كان قبله من الرسل، فأجابهم الله تعالى بقوله: {كذلك} أي أنزلناه كذلك مفرقا {لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه على ما سنذكره.
وقيل: معنى {لنثبت به فؤادك}، أي لتحفظه فيكون فؤادك ثابتا به غير مضطرب، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أميا لا يكتب ولا يقرأ، ففرق عليه القرآن ليتيسر عليه حفظه، ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد على ما أجرى الله تعالى به عوائد خلقه، والتوراة نزلت على موسى عليه السلام مكتوبة وكان كاتبا قارئا، وكذا كان غيره، والله أعلم.
فإن قلت: كان في القدرة إذا أنزله جملة أن يسهل عليه حفظه دفعة واحدة.
قلت: ما كل ممكن في القدرة بلازم وقوعه، فقد كان في قدرته تعالى أن يعلمه الكتابة والقراءة في لحظة واحدة، وأن يلهمهم الإيمان به، ولكنه لم يفعل، ولا معترض عليه في حكم. {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى}، {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}.
-وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول،
- ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.

مدة نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم:
وكان بين نزول أول القرآن وآخره عشرون أو ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة، وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، ولم يختلف في مدة إقامته بالمدينة أنها عشر، والله أعلم.

أكثر ما كان الوحي قبل وفاته صلى الله عليه وسلم:
وعن ابن شهاب قال: أخبرني أنس بن مالك أن: (الله تعالى تابع الوحي على رسوله قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي)،ولمسلم: (إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته حتى توفي)، وأكثر ما كان الوحي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: يعني عام وفاته أو حين وفاته، يريد أيام مرضه كلها، كما يقال: يوم الجمل ويوم صفين، وكانت أياما، والله أعلم.

حفظ القرآن:
الله تكفل لنبيه حفظ القرآن وبيانه:
وكان الله تعالى قد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن وبيانه، وضمن له عدم نسيانه
بقوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، أي علينا أن نجمعه في صدرك فتقرؤه فلا ينفلت عنك منه شيء،
-وقال تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}، أي غير ناس له.
-وفي الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى).
وفي رواية: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، كان يحرك شفتيه، فأنزل الله عز وجل: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، قال: جمعه في صدرك ثم تقرؤه {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: فاستمع وأنصت، ثم إن علينا أن تقرأه، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل عليه السلام استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما أقرأه.
أول ما نزل وآخر ما نزل:
أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا، وآخر ما نزل من الآيات: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية، وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها،
وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين، وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن، ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
قال: قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.
وعن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين.
قلت: يعني من آيات الأحكام، والله أعلم.

كتابة القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حين التنزيل:
عن البراء بن عازب قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله}، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة- ثم قال: ((اكتب: {لا يستوي القاعدون ...} )
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ((ضعوا هذه في سورة كذا)
عن عثمان -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)
فصل السورة :
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت.
عرض القرآن على جبريل:
كان يعرض جبريل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل عام مرة، وعرض عليه عام وفاته مرتين.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل عليه السلام كان يلقاه كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة
وعرض عليه في العام الذي توفي فيه مرتين:
عن فاطمة -رضي الله عنها-: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي).
وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان يعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض)).

كتبة الوحي والحفاظ من الصحابة:
وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر، ورخص لهم قراءته على سبعة أحرف توسعة عليهم.
سأل أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه)، وفي رواية: أحد عمومتي.
ما نسخ من القرآن:
ما نسخ من القرآن فعلى ثلاثة أضرب:
- منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
- ومنه ما نسخت تلاوته وحكمه، وزانك كآيتي الرجم والرضاع.
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها)).
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ((كان مما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
قال: وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا.
الضرب الثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة
جمع القرآن:
جمع القرآن لم يكن مرة واحدة، فقد جمع بعضه بحضرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق، والجمع الثالث -وهو ترتيب السور- كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنهم أجمعين.

ترتيب الآيات والسور:
ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله سبحانه ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم، والأمة ضبطت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القرآن وذات التلاوة، وأنه قد يمكن أن يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات سوره، ويمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم

[COLOR="Red"]حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.
[/COLOR]الأول:
-أي سبع لغات من لغات العرب، و هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه نزل بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة أهل اليمن، وكذلك سائر اللغات، ومعانيها في هذا كله واحدة، وهو قول أبو عبيد القاسم بن سلام، و سهل بن محمد السجستاني، وغيرهم.
الدليل:
قالوا: ومما يبين ذلك:
- قول ابن مسعود رضي الله عنه: "إني سمعت القراءة فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم هلم وتعال"،
-وكذلك قال ابن سيرين: "إنما هو كقولك هلم وتعال وأقبل"، ثم فسره ابن سيرين فقال: في قراءة ابن مسعود (إن كانت إلا زقية واحدة)، وفي قراءتنا: {صيحة واحدة}، فالمعنى فيهما واحد، وعلى هذا سائر اللغات.
- أن عثمان رحمة الله عليه قال للرهط القرشيين الثلاثة حين أمرهم أن يكتبوا المصاحف:(ما اختلفتم فيه أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم).
- و عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.
واعترض على هذا القول بأن اللغات في القبائل كثير عددها،
وبأنه غير جائز أن يكون في القرآن لغة تخالف لغة قريش لقوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}، إلا أن يكون القائل لهذا أراد ما وافق من هذه اللغات لغة قريش.
ورد عليه بأن معنى قوله تعالى: {إلا بلسان قومه} أراد العرب كلهم، فالكل لغات العربي ولم يخرج عن كونه لسان عربي.
الثاني:
أي سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم، وعلى هذا أكثر أهل العلم.
ويدل على ذلك:
-حديث أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شاف كاف، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك) زاد بعضهم (ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب).
-وحديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا، ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر عذاب برحمة).
- وحديث أبي جهيم الأنصاري:"أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء كفر).
قالوا "وهذه الآثار كلها تدل على أنه لم يعن به سبع لغات
-وقد جاء عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ: {للذين آمنوا انظرونا}، مهلونا، أخرونا، أرجئونا، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه}، مروا فيه، سعوا فيه، كل هذه الحروف كان يقرأ بها أبي بن كعب،
الثالث :
و ذهب قوم إلى أنها سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه،
واحتجوا بحديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
واعترض على هذا القول
-بأن الحديث لم يثبت، قال أبو عمر بن عبد البر:
"هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر"
-وعلى فرض ثبوته فإنه لا يدل على الأحرف السبعة التي نزل القرآن بها لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه؛ لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله.
-ثم أن أصنافه أكثر من سبعة، منها الإخبار، والاستخبار على وجه التقرير والتقريع، ومنها الوعد، والوعيد، والخبر بما كان وبما يكون، والقصص، والمواعظ، والاحتجاج، والتوحيد، والثناء، وغير ذلك.
الرابع:
وقيل السبعة الأحرف منها ستة مختلفة الرسم، كانت الصحابة تقرأ بها إلى خلافة عثمان -رضي الله عنهم-، نحو الزيادة، والألفاظ المرادفة، والتقديم، والتأخير، نحو (إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي)، (وجاءت سكرة الحق بالموت)، (صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين)، (يأخذ كل سفينة صالحة غصبا)، (والعصر ونوائب الدهر)، (وله أخ أو أخت من أمه)، (وما أصابك من سيئة فمن نفسك إنا كتبناها عليك)، و(إن كانت إلا زقية واحدة)،ونظائر ذلك، فجمعهم عثمان على الحرف السابع الذي كتبت عليه المصاحف.
الخامس:
وجوه الاختلاف في القراءة وهي سبعة: منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {هن أطهر لكم} , (أطهر لكم)، {ويضيق صدري} (ويضيق صدري) بالرفع والنصب فيهما، ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته، مثل (ربنا باعد بين أسفارنا) و {ربنا باعد بين أسفارنا}، ومنا ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط، مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي، ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه، مثل {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش)، ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود". ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} "وجاء سكرة الحق بالموت"، ومنها الزيادة والنقصان، نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد.
السادس:
وقيل هو الاختلاف الواقع في القرآن ويجمع ذلك سبعة أوجه:
الجمع والتوحيد، كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه"،
والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل} و"لا تقبل"،
والإعراب، كقوله تعالى: "المجيد" و {المجيد}،
والتصريف، كقوله تعالى: "يعرشون" و {يعرشون}،
والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكن الشياطين" {ولكن الشياطين}، واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين، والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار،
وتغيير اللفظ والنقط بالتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك".
السابع:
معنى ذلك سبعة معان في القراءة:
"أحدها: أن يكون الحرف له معنى واحد، تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل {تعملون} و"يعملون".
"الثاني: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظتين مختلفتين، مثل قوله تعالى: {فاسعوا} و"فامضوا".
"والثالث: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ، إلا أن المعنيين متفرقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: "ملك" و {مالك}.
"والرابع: أن تكون في الحرف لغتان، والمعنى واحد وهجاؤها واحد، مثل قوله تعالى: "الرشد" والرشد".
"والخامس: أن يكون الحرف مهموزا وغير مهموز، مثل "النبيء" و {النبي}.
"والسادس: التثقيل والتخفيف، مثل {الأكل} و"الأكل".
"والسابع: الإثبات والحذف، مثل "المنادي" و {المناد} ".
الثامن:
أن المعنى أن القرآن محيط بجميع اللغات الفصيحة، وتفصيل ذلك أن تكون هذه اللغات السبع على النحو التالي:
-فأول ذلك تحقيق الهمز وتخفيفه في القرآن كله، في مثل {يؤمنون}، و"مؤمنين"، {والنبيين}، و {النسيء}، وما أشبه ذلك، فتحقيقه وتخفيفه بمعنى واحد، وقد يفرقون بين الهمز وتركه بين معنيين، في مثل {أو ننسها} من "النسيان" "أو ننسأها" من "التأخير"،
-ومنه إثبات الواو وحذفها في آخر الاسم المضمر، نحو: "ومنهمو أميون" .
-ومنه أن يكون باختلاف حركة وتسكينها، في مثل {غشاوة}، و"غشوة"، و {جبريل}، و {ميسرة}، و {البخل}، و {سخريا} ".
-ومنه أن يكون بتغيير حرف، نحو "ننشرها"، و"يقض الحق"، و {بضنين} ".
-ومنه أن يكون بالتشديد والتخفيف، نحو {يبشرهم}، و"يبشرهم".
-ومنه أن يكون بالمد والقصر، نحو "زكرياء" و {زكريا} ".
"ومنه أن يكون بزيادة حرف من "فعل" و"أفعل"، مثل (فاسر بأهلك)، و {نسقيكم} ".
وهذا القول يشابه القول الذي قبله
التاسع:
قيل أنه مشكل لا يدرى معناه؛ لأن العرب تسمي الكلمة المنظومة حرفا، وتسمي القصيدة بأسرها كلمة، والحرف يقع على الحرف المقطوع من الحروف المعجمة، والحرف أيضا المعنى والجهة كقوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف}. وهو قول أبو جعفر النحوي,
والقول الأول هو الأقرب للصواب وبيان ذلك:
أن القرآن أنزل بلغة قريش ومن جاورهم من فصحاء العرب، ثم أباح للعرب المخاطبين به المنزل عليهم أن يقرءوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب، ولم يكلف بعضهم الانتقال من لغة إلى غيرها لمشقة ذلك عليهم، ولأن العربي إذا فارق لغته التي طبع عليها يدخل عليه الحمية من ذلك، فتأخذه العزة، فجعلهم يقرءونه على عاداتهم وطباعهم ولغاتهم منا منه عز وجل لئلا يكلفهم ما يشق عليهم، فيتباعدوا عن الإذعان،

وجاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: ((نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب)). وفي رواية عن ابن عباس: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل فقال: يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم)).

3: هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
لا هي ليست كذلك، لأن الاختلاف بينها شيء يسير لا يكاد يصل الى نوع الاختلاف بين قراءات مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب مثلا وابن عباس كما في مصحف ابن مسعود:
(إن كانت إلا زقية واحدة) و(كالصوف المنفوش) وقراءة أبي رضي الله عنه: (أن بوركت النار ومن حولها)، (من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الكفار)، وكقراءة ابن عباس رضي الله عنهما: (وعلى كل ضامر يأتون).
وأما ما اختلف فيه أئمة القراءة بالأمصار من النصب والرفع والتحريك والإسكان والهمز وتركه والتشديد والتخفيف والمد والقصر وإبدال حرف بحرف يوافق صورته فليس ذلك بداخل في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنزل القرآن على سبعة أحرف).
قال مكي: "وكيف يكون ذلك والكسائي إنما ألحق بالسبعة بالأمس في أيام المأمون، وغيره كان السابع وهو يعقوب الحضرمي فأثبت ابن مجاهد في سنة ثلاثمائة أو نحوها الكسائي في موضع يعقوب"؟.
"وكيف يكون ذلك والكسائي إنما قرأ على حمزة وغيره، وإذا كانت قراءة حمزة أحد الحروف السبعة فكيف يخرج حرف آخر من الحروف السبعة؟".
أما مقدرا ما في هذه القراءأت من الأحرف السبعة فقيل /
أن القراءت السبعة، هي جزء من الأحرف السبعة
وقال ابن جرير انها حرف واحد من الأحرف السبعة، وهو قول الطحاوي أيضا

"فإن قيل: فأين السبعة الأحرف التي أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن القرآن أنزل عليها في قراءتكم هذه المشهورة؟
"قلت: هي متفرقة في القرآن، وجملة ذلك سبعة أوجه:
"الأول: كلمتان تقرأ بكل واحدة في موضع الأخرى، نحو {يسيركم} و"ينشركم"، و {لنبوئنهم} و"لنثوينهم"، و {فتبينوا} و"فتثبتوا".
"الثاني: زيادة كلمة، نحو "من تحتها"، و {هو الغني} ".
"الثالث: زيادة حرف، نحو {بما كسبت} و"فبما كسبت"، -يعني في سورة الشورى".
"الرابع: مجيء حرف مكان آخر، نحو {يقول} و"نقول"، و {تبلو} و"تتلو".
"الخامس: تغيير حركات، إما بحركات أخر، أو بسكون، نحو {فتلقى آدم من ربه كلمات}، و"ليحكم أهل الإنجيل".
"السادس: التشديد والتخفيف، نحو {تساقط} و"بلد ميت وميت".
"السابع: التقديم والتأخير، نحو {وقاتلوا وقتلوا}، (وقتلوا وقاتلوا).

4: بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
لخلو تلك المصاحف من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه فكان أهل كل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف معهم من الصحابة معلمون، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم، وثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه
فانتشر القراء وتفرقوا وخلفهم بعدهم أمم، فمنهم المحكم للتلاوة عارف بالرواية والدراية، ومنهم المقصر في ذلك، فكثر الاختلاف وقل الضبط والتبس الحق بالباطل.
5: ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟
شروطها ثلاثة:
صحة النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
موافقة رسم المصحف العثماني.
مجيئها على الفصيح من لغة العرب.

حكم ما خالف هذه الشروط :
لا تجوز القراءة بشيء منه، ولا في الصلاة، قال مالك:
"من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف، لم يصل وراءه".
وإذا قرأ بها قارئ فإن كان جاهلا بالتحريم عرف به وأمر بتركها.
وإنما نقلها من نقلها من العلماء لفوائد فيها تتعلق بعلم العربية، لا للقراءة بها.

6: تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرة المتحصّلة من ذلك.
يجب على من يقرأ القرآن أن يعتني بتدبر القرآن وفهمه ولا يصرف همه الى التلاوة وتحسين الصوت فحسب، فالأهم هو التدبر والفهم ومن ثم العمل بما في القرآن والوقوف عند حدوده وتشريعاته وأوامره ونواهيه والاتعاظ بما فيه من المواعظ والوعد والوعيد وفهم الامثال والتفكر فيها

ومما يعين على التدبر الترسل والتأني في القراءة :
- وعن أبي حمزة قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة، فأدبرها وأرتلها، أحب إلي من أن أقرأ كما تقول.
وسئل مجاهد عن رجل قرأ البقرة وآل عمران، ورجل قرأ البقرة، قيامهما واحد وركوعهما واحد وسجودهما واحد وجلوسهما واحد، أيهما أفضل؟ فقال: الذي قرأ البقرة، ثم قرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
- وعن مجاهد في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}، قال: ترسل فيه ترسلا.

ومما يعين على التدبر الترديد وتكرار الآيات،
ولنا في رسول الله قدوة حسنة فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي يقرأ آية واحدة الليل كله، حتى أصبح، بها يقوم وبها يركع وبها يسجد: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}.
وكذلك كان الصحابة يفعلون:
فعن تميم الداري: أنه أتى المقام ذات ليلة، فقام يصلي، فافتتح السورة التي تذكر فيها الجاثية، فلما أتى على هذه الآية: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}، لم يزل يرددها حتى أصبح.
- وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه يردد: {وقل رب زدني علما}، حتى أصبح.
- وعن عامر بن عبد قيس: أنه قرأ ليلة من سورة المؤمن فلما انتهى إلى قوله تعالى: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}، لم يزل يرددها حتى أصبح.
- وعن هشام بن عروة عن عبد الوهاب بن يحيى بن حمزة عن أبيه عن جده قال: افتتحت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما "سورة الطور" فلما انتهت إلى قوله تعالى: {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم}. ذهبت إلى السوق في حاجة ثم رجعت، وهي تكررها: {ووقانا عذاب السموم}، قال: وهي في الصلاة.
- وعن سعيد بن جبير: أنه ردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}.
وعنه أنه استفتح بعد العشاء الآخرة بسورة: {إذا السماء انفطرت} فلم يزل فيها، حتى نادى منادي السحر.
وافتتحت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما "سورة الطور" فلما انتهت إلى قوله تعالى: {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم}. ذهبت إلى السوق في حاجة ثم رجعت، وهي تكررها: {ووقانا عذاب السموم}، قال: وهي في الصلاة.
وعن محمد بن كعب قال: لأن أقرأ {إذا زلزلت} و {القارعة}، أرددهما وأتفكر فيهما، أحب إلي من أن أهذ القرآن.

ومن مظاهر التدبر الخشوع والبكاء عند تلاوته وهو من ثمرة العلم به فالله تعالى نعت العلماء فقال: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا * ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}.

وثمرة التدبر هو العمل والاتباع، وقد أثنى الله تعالى على من يلتوا القرآن ويتبعه قال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}، أي يتبعونه حق إتباعه،

وترك العمل به هو من النبذ قال تعالى : قوله تعالى: {فنبذوه وراء ظهورهم}، قال الشعبي: أما إنه ما كان بين أيديهم، ولكن نبذوا العمل به.
وعن ابي الدرداء قال : (إنما جمع القرآن من سمع له وأطاعه)
وعن الحسن: أن أولى الناس بالقرآن من اتبعه وإن لم يكن يقرؤه.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 ذو الحجة 1441هـ/2-08-2020م, 03:55 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آسية أحمد مشاهدة المشاركة
1: استخلص عناصر الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
بدء نزول القرآن:
1- نزول القرآن في شهر رمضان:
-قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}
-وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}
-وقال جلت قدرته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}
فليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في شهر رمضان جمعا بين هؤلاء الآيات؛ إذ لا منافاة بينها.

-الأدلة على أن الليلة التي أنزل فيها القرآن (القدر) في شهر رمضان، والرد على من قال أنها في ليلة النصف من شعبان:
دلت الأحاديث الصحيحة على أن ليلة القدر في شهر رمضان، من ذلك:
-أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتماسها في العشر الأخير منه،
-ولا ليلة أبرك من ليلة، هي خير من ألف شهر. فتعين حمل قوله سبحانه: {في ليلة مباركة}؛ على ليلة القدر.
-وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، فهو موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر؛ لأن معناه التقدير،

وقيل:
أن الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان
وأن قوله تعالى: {أنزل فيه القرآن} معناه: أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه،
وأن ليلة القدر توجد في جميع السنة لا تختص بشهر رمضان، بل هي منتقلة في الشهور على ممر السنين، واتفق أن وافقت زمن إنزال القرآن ليلة النصف من شعبان.
ولكن هذا القول باطل لأن:
1-الأحاديث الصحيحة الواردة في بيان ليلة القدر. وصفاتها وأحكامها تبين أنها في رمضان.
2-ويدل على ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما، سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)

المقصود بالإنزال الخاص في ليلة القدر:
وفي المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر أقوال:
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها، وهو قول الشعبي.
والثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة، وهو قول ابن عباس وابن جبير، وقال به البيهقي.
قال عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
وقال ابن جبير: نزل القرآن كله من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها.
-وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}،
- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم}، قال: نزل متفرقا.
والثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة، وهو قول مقاتل
قال مقاتل: أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام في عشرين سنة.

القول الرابع: نزل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة.
عن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن القرآن كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم كل عام مرة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عرض عليه مرتين، قال ابن سيرين: فيرون أو يرجون أن تكون قراءتنا هذه أحدث القراءات عهدا بالعرضة الأخيرة.
عن عبيدة السلماني قال: القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرأها الناس اليوم.

والقول الثاني هو الأرجح لورود الآثار عن ابن عباس أنه نزل جملة إلى سماء الدنيا،
- و عن ابن عباس قال: فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل عليه السلام ينزله على النبي صلى الله عليه وسلم ويرتله ترتيلا
و عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال: رفع إلى جبريل في ليلة القدر جملة فرفع في بيت العزة ثم جعل ينزل تنزيلا.
وعن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم نجوما عشرين سنة، فذلك قوله عز وجل: {فلا أقسم بمواقع النجوم}.
ويمكن الجمع بين الأقوال فيقال : الجمع بين الأقوال:
، ويجوز أن يكون قوله: {أنزل فيه القرآن} إشارة إلى كل ذلك، فأول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وذلك بحراء عند ابتداء نبوته وكونه أنزل جملة إلى السماء الدنيا وأول نزوله إلى الأرض وعرضه وإحكامه في شهر رمضان، فقويت ملابسة شهر رمضان للقرآن، إنزالا جملة وتفصيلا وعرضا وإحكاما، فلم يكن شيء من الأزمان تحقق له من الظرفية للقرآن ما تحقق لشهر رمضان، فلمجموع هذه المعاني قيل: {أنزل فيه القرآن}.

نزول القرآن جملة الى بيت يقال له بيت العزة في السماء الدنيا:
- نزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت، يقال له بيت العزة، فحفظه جبريل عليه السلام، وغشي على أهل السماوات من هيبة كلام الله، فمر بهم جبريل وقد أفاقوا فقالوا: {ماذا قال ربكم قالوا الحق}، يعني القرآن، وهو معنى قوله: {حتى إذا فزع عن قلوبهم}، فأتى به جبريل إلى بيت العزة، فأملاه جبريل على السفرة الكتبة، يعني الملائكة، وهو قوله تعالى: {بأيدي سفرة * كرام بررة}.

الحكمة من إنزاله أولاً جملة الى السماء الدنيا:
لأن فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك
-بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم، قد قربناه إليهم لننزله عليهم، ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع لم نهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزلة قبله، ولكن الله تعالى باين بينه وبينها فجمع له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرقا.
وهذا من جملة ما شرف به نبينا صلى الله عليه وسلم، كما شرف بحيازة درجتي الغني الشاكر والفقير الصابر، فأوتي مفاتيح خزائن الأرض، فردها واختار الفقر والإيثار بما فتح الله عليه من البلاد، فكان غنيا شاكرا وفقيرا صابرا صلى الله عليه وسلم.
هل نزل جملة الى السماء الدنيا قبل النبوة أم بعدها؟:
الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل،
فإن كان بعدها، فالأمر على ما ذكرناه من التفخيم له ولمن أنزل عليه،
وإن كان قبلها، ففائدته أظهر وأكثر؛ لأن :
فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء
كما أعلم الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة، وكما أعلمهم أيضا قبل إكمال خلق آدم عليه السلام بأنه يخرج من ذريته محمد وهو سيد ولده،
وعلى ذلك حملنا قوله صلى الله عليه وسلم: ((كنت نبيا وآدم بين الماء والطين))،
وكان العلم بذلك حاصلا عند الملائكة،
ألا ترى أن في حديث الإسرى، لما كان جبريل يستفتح له السماوات سماء سماء؟ كان يقال له: من هذا؟ فيقول: جبريل، يقال: من معك؟ فيقول: محمد، فيقال: وقد بعث إليه؟ فيقول: نعم.
وقيل:
- أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا تسليما منه للأمة ما كان أبرز لهم من الحظ بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم كانت رحمة، فلما خرجت الرحمة بفتح الباب جاءت بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، فوضع القرآن ببيت العزة في السماء الدنيا ليدخل في حد الدنيا، ووضعت النبوة في قلب محمد صلى الله عليه وسلم وجاء جبريل عليه السلام بالرسالة ثم الوحي، كأنه أراد تبارك وتعالى أن يسلم هذه الرحمة التي كانت حظ هذه الأمة من الله تعالى إلى الأمة، ثم أجرى من السماء الدنيا الآية بعد الآية عند نزول النوائب، قال الله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، وقال عز وجل: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}، وهو قول :
- وقيل: في ذلك تكريم بني آدم، وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهم ورحمته لهم، ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة لما أنزل سورة الأنعام أن تزفها، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل عليه السلام بإملائه على السفرة الكرام البررة عليهم السلام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له.

هل قوله تعالى "{إنا أنزلناه في ليلة القدر}" من جملة القرآن الذي نزل جملة؟
هل من جملة القرآن الذي نزل جملة، أم لا؟ فإن لم يكن منه فما نزل جملة، وإن كان منه فما وجه صحة هذه العبارة؟
له وجهان:
أحدهما أن يكون معنى الكلام: إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر، وقضينا به، وقدرناه في الأزل، وأردناه، وشئناه، وما أشبه ذلك.
والثاني أن لفظه لفظ الماضي، ومعناه الاستقبال، وله نظائر في القرآن وغيره، أي ننزله جملة في ليلة مباركة، هي ليلة القدر،
واختير لفظ الماضي لأمرين:
أحدهما تحققه وكونه أمرا لا بد منه.
والثاني أنه حال اتصاله بالمنزل عليه، يكون الماضي في معناه محققا؛ لأن نزوله منجما كان بعد نزوله جملة واحدة،

نزول القرآن منجماً:
نزل القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم حسب الوقائع والأحداث مفرقاً وذلك خلال عشرين سنة، قال تعالى: ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث قال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: {لتقرأه على الناس على مكث}.
فرقناه أي أنزلناه مفرقا، {على مكث} على تؤدة وترسل {ونزلناه تنزيلا}: أي نجما بعد نجم، وقيل: جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.
وقال ابن عباس: (إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.)
و رسلاً أي رفقًا، وقوله على مواقع النجوم، أي على مثل مواقع النجوم، ومواقعها مساقطها، يريد أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق، فقوله على مواقع النجوم في موضع نصب على الحال، ورسلا أي ذا رسل يريد مفرقا رافقا.
الحكمة من إنزاله منجماً
تولى الله سبحانه الجواب عن هذا فقال في كتابه العزيز: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة}، يعنون كما أنزل على من كان قبله من الرسل، فأجابهم الله تعالى بقوله: {كذلك} أي أنزلناه كذلك مفرقا {لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه على ما سنذكره.
وقيل: معنى {لنثبت به فؤادك}، أي لتحفظه فيكون فؤادك ثابتا به غير مضطرب، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أميا لا يكتب ولا يقرأ، ففرق عليه القرآن ليتيسر عليه حفظه، ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد على ما أجرى الله تعالى به عوائد خلقه، والتوراة نزلت على موسى عليه السلام مكتوبة وكان كاتبا قارئا، وكذا كان غيره، والله أعلم.
فإن قلت: كان في القدرة إذا أنزله جملة أن يسهل عليه حفظه دفعة واحدة.
قلت: ما كل ممكن في القدرة بلازم وقوعه، فقد كان في قدرته تعالى أن يعلمه الكتابة والقراءة في لحظة واحدة، وأن يلهمهم الإيمان به، ولكنه لم يفعل، ولا معترض عليه في حكم. {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى}، {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}.
-وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول،
- ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.

مدة نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم:
وكان بين نزول أول القرآن وآخره عشرون أو ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة، وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، ولم يختلف في مدة إقامته بالمدينة أنها عشر، والله أعلم.

أكثر ما كان الوحي قبل وفاته صلى الله عليه وسلم:
وعن ابن شهاب قال: أخبرني أنس بن مالك أن: (الله تعالى تابع الوحي على رسوله قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي)،ولمسلم: (إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته حتى توفي)، وأكثر ما كان الوحي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: يعني عام وفاته أو حين وفاته، يريد أيام مرضه كلها، كما يقال: يوم الجمل ويوم صفين، وكانت أياما، والله أعلم.

حفظ القرآن:
الله تكفل لنبيه حفظ القرآن وبيانه:
وكان الله تعالى قد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن وبيانه، وضمن له عدم نسيانه
بقوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، أي علينا أن نجمعه في صدرك فتقرؤه فلا ينفلت عنك منه شيء،
-وقال تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}، أي غير ناس له.
-وفي الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى).
وفي رواية: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، كان يحرك شفتيه، فأنزل الله عز وجل: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، قال: جمعه في صدرك ثم تقرؤه {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: فاستمع وأنصت، ثم إن علينا أن تقرأه، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل عليه السلام استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما أقرأه.
أول ما نزل وآخر ما نزل:
أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا، وآخر ما نزل من الآيات: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية، وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها،
وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين، وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن، ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
قال: قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.
وعن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين.
قلت: يعني من آيات الأحكام، والله أعلم.

كتابة القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حين التنزيل:
عن البراء بن عازب قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله}، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة- ثم قال: ((اكتب: {لا يستوي القاعدون ...} )
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ((ضعوا هذه في سورة كذا)
عن عثمان -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)
فصل السورة :
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت.
عرض القرآن على جبريل:
كان يعرض جبريل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل عام مرة، وعرض عليه عام وفاته مرتين.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل عليه السلام كان يلقاه كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة
وعرض عليه في العام الذي توفي فيه مرتين:
عن فاطمة -رضي الله عنها-: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي).
وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان يعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض)).

كتبة الوحي والحفاظ من الصحابة:
وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر، ورخص لهم قراءته على سبعة أحرف توسعة عليهم.
سأل أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه)، وفي رواية: أحد عمومتي.
ما نسخ من القرآن:
ما نسخ من القرآن فعلى ثلاثة أضرب:
- منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
- ومنه ما نسخت تلاوته وحكمه، وزانك كآيتي الرجم والرضاع.
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها)).
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ((كان مما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
قال: وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا.
الضرب الثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة
جمع القرآن:
جمع القرآن لم يكن مرة واحدة، فقد جمع بعضه بحضرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق، والجمع الثالث -وهو ترتيب السور- كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنهم أجمعين.

ترتيب الآيات والسور:
ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله سبحانه ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم، والأمة ضبطت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القرآن وذات التلاوة، وأنه قد يمكن أن يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات سوره، ويمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم

[color="red"]حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.
[/color]الأول:
-أي سبع لغات من لغات العرب، و هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه نزل بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة أهل اليمن، وكذلك سائر اللغات، ومعانيها في هذا كله واحدة، وهو قول أبو عبيد القاسم بن سلام، و سهل بن محمد السجستاني، وغيرهم.
الدليل:
قالوا: ومما يبين ذلك:
- قول ابن مسعود رضي الله عنه: "إني سمعت القراءة فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم هلم وتعال"،
-وكذلك قال ابن سيرين: "إنما هو كقولك هلم وتعال وأقبل"، ثم فسره ابن سيرين فقال: في قراءة ابن مسعود (إن كانت إلا زقية واحدة)، وفي قراءتنا: {صيحة واحدة}، فالمعنى فيهما واحد، وعلى هذا سائر اللغات.
- أن عثمان رحمة الله عليه قال للرهط القرشيين الثلاثة حين أمرهم أن يكتبوا المصاحف:(ما اختلفتم فيه أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم).
- و عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.
واعترض على هذا القول بأن اللغات في القبائل كثير عددها،
وبأنه غير جائز أن يكون في القرآن لغة تخالف لغة قريش لقوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}، إلا أن يكون القائل لهذا أراد ما وافق من هذه اللغات لغة قريش.
ورد عليه بأن معنى قوله تعالى: {إلا بلسان قومه} أراد العرب كلهم، فالكل لغات العربي ولم يخرج عن كونه لسان عربي.
الثاني:
أي سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم، وعلى هذا أكثر أهل العلم.
ويدل على ذلك:
-حديث أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شاف كاف، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك) زاد بعضهم (ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب).
-وحديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا، ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر عذاب برحمة).
- وحديث أبي جهيم الأنصاري:"أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء كفر).
قالوا "وهذه الآثار كلها تدل على أنه لم يعن به سبع لغات
-وقد جاء عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ: {للذين آمنوا انظرونا}، مهلونا، أخرونا، أرجئونا، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه}، مروا فيه، سعوا فيه، كل هذه الحروف كان يقرأ بها أبي بن كعب،
الثالث :
و ذهب قوم إلى أنها سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه،
واحتجوا بحديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
واعترض على هذا القول
-بأن الحديث لم يثبت، قال أبو عمر بن عبد البر:
"هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر"
-وعلى فرض ثبوته فإنه لا يدل على الأحرف السبعة التي نزل القرآن بها لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه؛ لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله.
-ثم أن أصنافه أكثر من سبعة، منها الإخبار، والاستخبار على وجه التقرير والتقريع، ومنها الوعد، والوعيد، والخبر بما كان وبما يكون، والقصص، والمواعظ، والاحتجاج، والتوحيد، والثناء، وغير ذلك.
الرابع:
وقيل السبعة الأحرف منها ستة مختلفة الرسم، كانت الصحابة تقرأ بها إلى خلافة عثمان -رضي الله عنهم-، نحو الزيادة، والألفاظ المرادفة، والتقديم، والتأخير، نحو (إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي)، (وجاءت سكرة الحق بالموت)، (صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين)، (يأخذ كل سفينة صالحة غصبا)، (والعصر ونوائب الدهر)، (وله أخ أو أخت من أمه)، (وما أصابك من سيئة فمن نفسك إنا كتبناها عليك)، و(إن كانت إلا زقية واحدة)،ونظائر ذلك، فجمعهم عثمان على الحرف السابع الذي كتبت عليه المصاحف.
الخامس:
وجوه الاختلاف في القراءة وهي سبعة: منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {هن أطهر لكم} , (أطهر لكم)، {ويضيق صدري} (ويضيق صدري) بالرفع والنصب فيهما، ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته، مثل (ربنا باعد بين أسفارنا) و {ربنا باعد بين أسفارنا}، ومنا ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط، مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي، ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه، مثل {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش)، ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود". ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} "وجاء سكرة الحق بالموت"، ومنها الزيادة والنقصان، نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد.
السادس:
وقيل هو الاختلاف الواقع في القرآن ويجمع ذلك سبعة أوجه:
الجمع والتوحيد، كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه"،
والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل} و"لا تقبل"،
والإعراب، كقوله تعالى: "المجيد" و {المجيد}،
والتصريف، كقوله تعالى: "يعرشون" و {يعرشون}،
والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكن الشياطين" {ولكن الشياطين}، واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين، والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار،
وتغيير اللفظ والنقط بالتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك".
السابع:
معنى ذلك سبعة معان في القراءة:
"أحدها: أن يكون الحرف له معنى واحد، تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل {تعملون} و"يعملون".
"الثاني: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظتين مختلفتين، مثل قوله تعالى: {فاسعوا} و"فامضوا".
"والثالث: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ، إلا أن المعنيين متفرقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: "ملك" و {مالك}.
"والرابع: أن تكون في الحرف لغتان، والمعنى واحد وهجاؤها واحد، مثل قوله تعالى: "الرشد" والرشد".
"والخامس: أن يكون الحرف مهموزا وغير مهموز، مثل "النبيء" و {النبي}.
"والسادس: التثقيل والتخفيف، مثل {الأكل} و"الأكل".
"والسابع: الإثبات والحذف، مثل "المنادي" و {المناد} ".
الثامن:
أن المعنى أن القرآن محيط بجميع اللغات الفصيحة، وتفصيل ذلك أن تكون هذه اللغات السبع على النحو التالي:
-فأول ذلك تحقيق الهمز وتخفيفه في القرآن كله، في مثل {يؤمنون}، و"مؤمنين"، {والنبيين}، و {النسيء}، وما أشبه ذلك، فتحقيقه وتخفيفه بمعنى واحد، وقد يفرقون بين الهمز وتركه بين معنيين، في مثل {أو ننسها} من "النسيان" "أو ننسأها" من "التأخير"،
-ومنه إثبات الواو وحذفها في آخر الاسم المضمر، نحو: "ومنهمو أميون" .
-ومنه أن يكون باختلاف حركة وتسكينها، في مثل {غشاوة}، و"غشوة"، و {جبريل}، و {ميسرة}، و {البخل}، و {سخريا} ".
-ومنه أن يكون بتغيير حرف، نحو "ننشرها"، و"يقض الحق"، و {بضنين} ".
-ومنه أن يكون بالتشديد والتخفيف، نحو {يبشرهم}، و"يبشرهم".
-ومنه أن يكون بالمد والقصر، نحو "زكرياء" و {زكريا} ".
"ومنه أن يكون بزيادة حرف من "فعل" و"أفعل"، مثل (فاسر بأهلك)، و {نسقيكم} ".
وهذا القول يشابه القول الذي قبله
التاسع:
قيل أنه مشكل لا يدرى معناه؛ لأن العرب تسمي الكلمة المنظومة حرفا، وتسمي القصيدة بأسرها كلمة، والحرف يقع على الحرف المقطوع من الحروف المعجمة، والحرف أيضا المعنى والجهة كقوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف}. وهو قول أبو جعفر النحوي,
والقول الأول هو الأقرب للصواب وبيان ذلك:
أن القرآن أنزل بلغة قريش ومن جاورهم من فصحاء العرب، ثم أباح للعرب المخاطبين به المنزل عليهم أن يقرءوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب، ولم يكلف بعضهم الانتقال من لغة إلى غيرها لمشقة ذلك عليهم، ولأن العربي إذا فارق لغته التي طبع عليها يدخل عليه الحمية من ذلك، فتأخذه العزة، فجعلهم يقرءونه على عاداتهم وطباعهم ولغاتهم منا منه عز وجل لئلا يكلفهم ما يشق عليهم، فيتباعدوا عن الإذعان،

وجاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: ((نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب)). وفي رواية عن ابن عباس: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل فقال: يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم)).

3: هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
لا هي ليست كذلك، لأن الاختلاف بينها شيء يسير لا يكاد يصل الى نوع الاختلاف بين قراءات مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب مثلا وابن عباس كما في مصحف ابن مسعود:
(إن كانت إلا زقية واحدة) و(كالصوف المنفوش) وقراءة أبي رضي الله عنه: (أن بوركت النار ومن حولها)، (من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الكفار)، وكقراءة ابن عباس رضي الله عنهما: (وعلى كل ضامر يأتون).
وأما ما اختلف فيه أئمة القراءة بالأمصار من النصب والرفع والتحريك والإسكان والهمز وتركه والتشديد والتخفيف والمد والقصر وإبدال حرف بحرف يوافق صورته فليس ذلك بداخل في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنزل القرآن على سبعة أحرف).
قال مكي: "وكيف يكون ذلك والكسائي إنما ألحق بالسبعة بالأمس في أيام المأمون، وغيره كان السابع وهو يعقوب الحضرمي فأثبت ابن مجاهد في سنة ثلاثمائة أو نحوها الكسائي في موضع يعقوب"؟.
"وكيف يكون ذلك والكسائي إنما قرأ على حمزة وغيره، وإذا كانت قراءة حمزة أحد الحروف السبعة فكيف يخرج حرف آخر من الحروف السبعة؟".
أما مقدرا ما في هذه القراءأت من الأحرف السبعة فقيل /
أن القراءت السبعة، هي جزء من الأحرف السبعة
وقال ابن جرير انها حرف واحد من الأحرف السبعة، وهو قول الطحاوي أيضا

"فإن قيل: فأين السبعة الأحرف التي أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن القرآن أنزل عليها في قراءتكم هذه المشهورة؟
"قلت: هي متفرقة في القرآن، وجملة ذلك سبعة أوجه:
"الأول: كلمتان تقرأ بكل واحدة في موضع الأخرى، نحو {يسيركم} و"ينشركم"، و {لنبوئنهم} و"لنثوينهم"، و {فتبينوا} و"فتثبتوا".
"الثاني: زيادة كلمة، نحو "من تحتها"، و {هو الغني} ".
"الثالث: زيادة حرف، نحو {بما كسبت} و"فبما كسبت"، -يعني في سورة الشورى".
"الرابع: مجيء حرف مكان آخر، نحو {يقول} و"نقول"، و {تبلو} و"تتلو".
"الخامس: تغيير حركات، إما بحركات أخر، أو بسكون، نحو {فتلقى آدم من ربه كلمات}، و"ليحكم أهل الإنجيل".
"السادس: التشديد والتخفيف، نحو {تساقط} و"بلد ميت وميت".
"السابع: التقديم والتأخير، نحو {وقاتلوا وقتلوا}، (وقتلوا وقاتلوا).

4: بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
لخلو تلك المصاحف من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه فكان أهل كل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف معهم من الصحابة معلمون، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم، وثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه
فانتشر القراء وتفرقوا وخلفهم بعدهم أمم، فمنهم المحكم للتلاوة عارف بالرواية والدراية، ومنهم المقصر في ذلك، فكثر الاختلاف وقل الضبط والتبس الحق بالباطل.
5: ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟
شروطها ثلاثة:
صحة النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
موافقة رسم المصحف العثماني.
مجيئها على الفصيح من لغة العرب.

حكم ما خالف هذه الشروط :
لا تجوز القراءة بشيء منه، ولا في الصلاة، قال مالك:
"من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف، لم يصل وراءه".
وإذا قرأ بها قارئ فإن كان جاهلا بالتحريم عرف به وأمر بتركها.
وإنما نقلها من نقلها من العلماء لفوائد فيها تتعلق بعلم العربية، لا للقراءة بها.

6: تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرة المتحصّلة من ذلك.
يجب على من يقرأ القرآن أن يعتني بتدبر القرآن وفهمه ولا يصرف همه الى التلاوة وتحسين الصوت فحسب، فالأهم هو التدبر والفهم ومن ثم العمل بما في القرآن والوقوف عند حدوده وتشريعاته وأوامره ونواهيه والاتعاظ بما فيه من المواعظ والوعد والوعيد وفهم الامثال والتفكر فيها

ومما يعين على التدبر الترسل والتأني في القراءة :
- وعن أبي حمزة قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة، فأدبرها وأرتلها، أحب إلي من أن أقرأ كما تقول.
وسئل مجاهد عن رجل قرأ البقرة وآل عمران، ورجل قرأ البقرة، قيامهما واحد وركوعهما واحد وسجودهما واحد وجلوسهما واحد، أيهما أفضل؟ فقال: الذي قرأ البقرة، ثم قرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
- وعن مجاهد في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}، قال: ترسل فيه ترسلا.

ومما يعين على التدبر الترديد وتكرار الآيات،
ولنا في رسول الله قدوة حسنة فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي يقرأ آية واحدة الليل كله، حتى أصبح، بها يقوم وبها يركع وبها يسجد: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}.
وكذلك كان الصحابة يفعلون:
فعن تميم الداري: أنه أتى المقام ذات ليلة، فقام يصلي، فافتتح السورة التي تذكر فيها الجاثية، فلما أتى على هذه الآية: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}، لم يزل يرددها حتى أصبح.
- وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه يردد: {وقل رب زدني علما}، حتى أصبح.
- وعن عامر بن عبد قيس: أنه قرأ ليلة من سورة المؤمن فلما انتهى إلى قوله تعالى: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}، لم يزل يرددها حتى أصبح.
- وعن هشام بن عروة عن عبد الوهاب بن يحيى بن حمزة عن أبيه عن جده قال: افتتحت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما "سورة الطور" فلما انتهت إلى قوله تعالى: {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم}. ذهبت إلى السوق في حاجة ثم رجعت، وهي تكررها: {ووقانا عذاب السموم}، قال: وهي في الصلاة.
- وعن سعيد بن جبير: أنه ردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}.
وعنه أنه استفتح بعد العشاء الآخرة بسورة: {إذا السماء انفطرت} فلم يزل فيها، حتى نادى منادي السحر.
وافتتحت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما "سورة الطور" فلما انتهت إلى قوله تعالى: {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم}. ذهبت إلى السوق في حاجة ثم رجعت، وهي تكررها: {ووقانا عذاب السموم}، قال: وهي في الصلاة.
وعن محمد بن كعب قال: لأن أقرأ {إذا زلزلت} و {القارعة}، أرددهما وأتفكر فيهما، أحب إلي من أن أهذ القرآن.

ومن مظاهر التدبر الخشوع والبكاء عند تلاوته وهو من ثمرة العلم به فالله تعالى نعت العلماء فقال: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا * ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}.

وثمرة التدبر هو العمل والاتباع، وقد أثنى الله تعالى على من يلتوا القرآن ويتبعه قال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}، أي يتبعونه حق إتباعه،

وترك العمل به هو من النبذ قال تعالى : قوله تعالى: {فنبذوه وراء ظهورهم}، قال الشعبي: أما إنه ما كان بين أيديهم، ولكن نبذوا العمل به.
وعن ابي الدرداء قال : (إنما جمع القرآن من سمع له وأطاعه)
وعن الحسن: أن أولى الناس بالقرآن من اتبعه وإن لم يكن يقرؤه.

بارك الله فيكِ أختي الفاضلة.
بالنسبة للسؤال الأول:
المطلوب فيه فقط، استخلاص عناوين العناصر وربما تكتبين تحت كل عنصر ما ناسب من عناوين للمسائل الفرعية، دون تحرير هذه المسائل.

مثلا:
1. بدء نزول القرآن؟
- متى نزل القرآن؟
-المقصود بليلة القدر:
- المقصود بالإنزال الخاص في ليلة القدر

وهكذا ...
س2: الأقوال من الخامس إلى الثامن، هي صور مختلفة تابعة للقول الرابع
يعني أن من قال بهذا القول الرابع اختلفوا، وحاولوا الاجتهاد في تصور وجوه الأحرف الستة.
س3: إجابة هذا السؤال تعتمد على فقه مسألة علاقة الأحرف السبع بالجمع العثماني، ولعلكِ تراجعينها في دورة جمع القرآن للشيخ عبد العزيز الداخل حفظه الله.
س4: في إجابتكِ خلط، ولم يتضح لي مدى فهمكِ للصواب.
خلو الكتابة من النقط والتشكيل، جعل الصحابة يقرئون الناس بما تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم، والموافق لرسم المصحف العثماني
يعني أن الرسم الخالي من النقط والتشكيل يحتمل أكثر من قراءة بأكثر من حرف
مثلا: (يعلمون و تعلمون) ...
لكنهم مع هذا لم يستوعبوا القراءة بكل الأحرف السبعة بل نُسخ أكثرها
فلا نقول بأن الجمع العثماني نسخ ستة أحرف فاندرست جميعًا، وبقي واحد فقط، وهو قول الطبري ورد عليه العلماء.
ولا نقول بأن المصحف العثماني جامع لكل الأحرف السبعة، وهو خطأ أيضًا وإلا فما فائدة الجمع العثماني
بل نقول إن الرسم كان يحتمل أكثر من قراءة لخلوه من النقط والتشكيل، ولهذا نشأت القراءات.
ولعلكِ إن راجعتِ دورة جمع القرآن تثبت عندكِ هذه المسائل بإذن الله.
س5: وتسمى القراءة المخالفة لهذه الشروط بالقراءة الشاذة، وأحسنتِ إجابة السؤال.

التقويم: ب+
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 ذو الحجة 1441هـ/5-08-2020م, 08:19 PM
ميمونة التيجاني ميمونة التيجاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
الدولة: Makkah almokrmah
المشاركات: 385
افتراضي

أجب على الأسئلة التالية:
1: استخلص عناصر الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
وقت نزول القران
انزل القران في ليلة مباركة ليلة القدر من شهر رمضان المبارك قال تعالى وقوله تعالى}إنا أنزلناه في ليلة القدر{وقوله سبحانه}:إنا أنزلناه في ليلة مباركة{
وجاء في رواية قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)). هكذا أخرجه البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات" و"شعب الإيمان" له، وذكره أيضا الثعلبي في تفسيره وغيره.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام
س) ما المقصود بانزال القران الكريم ليلة القدر
ج) ورد في معنى انزال القران ليلة القدر عدد أقوال
القول الأول: ابتداء انزاله
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في "كتاب فضائل القرآن": حدثنا يزيد -يعني ابن هارون- عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}. قيل معنى فرقناه أي نزلناه مفرقا آية آية أو سورة سورة وقيل حكما حكما وذلك تيسراً للأمة وتسهيلاً عليهم لأنه لو نزل بجميع الأحكام و الفرائض لنفر الناس
قال ابن جبير: نزل القرآن كله من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها.
القول الثاني: انزاله جملة واحدة ليلة القدر
- وأسند البيهقي في "كتاب الشعب" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم}، قال: نزل متفرقا.
وقال جماعة من العلماء: نزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت، يقال له بيت العزة، فحفظه جبريل عليه السلام، وغشي على أهل السماوات من هيبة كلام الله، فمر بهم جبريل وقد أفاقوا فقالوا: {ماذا قال ربكم قالوا الحق}، يعني القرآن، وهو معنى قوله: {حتى إذا فزع عن قلوبهم}، فأتى به جبريل إلى بيت العزة، فأملاه جبريل على السفرة الكتبة، يعني الملائكة، وهو قوله تعالى: {بأيدي سفرة * كرام بررة}.
القول الثالث: انزل في عشرين ليلة قدر خلال عشرين سنة
وقال أبو الحسن الواحدي المفسر: وقال مقاتل: أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل به جبريل على محمد -عليهما الصلاة والسلام- في عشرين سنة.
ما الحكمة من انزال القران جملة واحدة الى السماء الدنيا
تعجيما لشأن القران الكريم و تفخيما له وتبيه لأهل السموات السبع بقرب ارسال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا مما اختص به القرآن الكريم دون سائر الكتب وهي انزاله الى السماء الدنيا قبل انزاله الى الأرض
هل انزل القران الكريم جملة واحدة الى السماء الدنيا قبل أم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
انزل القران الكريم جملة واحدة الى السماء الدنيا قبل أم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم قد يكون قبل البعثة وقد يكون بعدها فاذا كان بعد البعثة فهو أظهر للتفخيم و التعظيم و اذا كان قبلها ففائدته أظهر لما فيه من اعلام للملائكة بقرب بظهور النبي صلى الله عليه وسلم
قال الشيخ أبو الحسن في كتابه "جمال القراء...": في ذلك تكريم بني آدم، وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهم ورحمته لهم، ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة لما أنزل سورة الأنعام أن تزفها،
ما الحكمة من نزول القران منجما أي مفرقا ولم ينزل جملة واحدة } وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة{
قال تعالى} و كذلك } لنثبت به فؤادك{
أي وكذلك أنزلناه مفرقا لتثبيت فواد الرسول صلى الله عليه وسلم و تسليته فترة بعد فترة نزول الوحي ويكون نزول الوحي عليه تسلية و تقوية لقلب الرسول صلى الله عليه وسلم و نزوله مفرقا يسهل حفظه و تطبيق شرائعه و أحكامه فلو نزل جملة واحدة لصعب على المسلمين تطبيق أحكامه و شرائعه و لأن في القران لأحداث و وقائع حدثت فنزوله مفرقا إجابة لأسئلة كانت تطرح على النبي صلى الله عليه وسلم و يكون جوابها في القران و في القران ماهو ناسخ و منسوخ فنزوله مفرقا يوضح ذلك
هل ترتيب ايات القران و السور كان توقيفياً أم بجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم
ترتيب ايات القران و سوره كان توقيفيا من الوحي الى الرسول صلى الله عليه وسلم في جامع الترمذي وغيره، عن ابن عباس، عن عثمان -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))... هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت.

حفظ القران الكريم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
عن عائشة -رضي الله عنها-، عن فاطمة -رضي الله عنها-: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي).
وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان يعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض)).
وكذلك حفظ القران الكريم عدد من الصحابة عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
وفيه عن قتادة قال: (سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه)، وفي رواية: أحد عمومتي.
وقد ورد عدد من الأحاديث تبين حفظ عدد كبير من الصحابة للقران الكريم ومنها ما ورد في أن سبعين من قراء القران قد قتلوا في يوم اليمامة
وقد قيل أن حفظ الصحابة للقران في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ليست محصورة و ان حصرها البعض فتأويل ذلك
1- لم يجمعه بجميع أحرفه و قراءته الا ذلك النفر
2- لم يجمع ما نسخ منه وثبت الا ذلك النفر
3- لم يجمع القران من فيه الرسول صلى الله عليه وسلم تلقيا الا ذلك النفر
4- لم يجمع القران في عهد النبي صلى الله عليه وسلم غير ذلك النفر
5- أنه لم يجمعه شيئا فشيئا كما أنزل منجما حتى تكامل نزوله الا ذلك النفر
6- لم يذكر أحد عن نفسه انه جمع القران في حياة الرسول الا ذلك النفر
ما نسخ من القران الكريم
ما نسخ من القران الكريم على ثلاثة أضرب
- منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
- وففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها)).
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ((كان مما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.منه ما نسخت تلاوته وحكمه، كآيتي الرجم والرضاع.
الضرب الثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها: {أربعة أشهر وعشرا}.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه






2: حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.
اختلف المصنفين اختلافاً كثيراً في المراد بالأحرف السبعة
1- أنها تعني سبع لغات من لغات العرب- لغة قريش،هوازن،هذيل،لغة أهل اليمن،وسائر لغات العرب) وليس المعنى الحرف الواحد فيه سبعة أوجه (ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام) وقال ابن مسعود رضي الله عنه ((سمعت القراء فوجدتهم متقاربين ،فأقرءوا كما علمتم إنما هو كقول أحدكم هلم و تعال)) وكذلك قال ابن سيرين
2- وقيل أن معنى قول صلى الله عليه وسلم ((أنزل القران على سبعة أحرف على سبعة أحرف)) أن المعنى مشكل لا يدرى معناه ذلك لأن العرب تطلق على كلمة حرف القصيدة وكذلك يطلق على المقطوع من الحروف المعجمة و كذلك يطلق الحرف يطلق على الجهة كقوله تعالى ((ومن الناس من يعبد الله على حرف))
3- وقيل أن القران أنزل بلغة قريش ثم أباح الله قراءته بلغة من جاورهم من العرب تخفيفا عليهم وقيل أنه في أول نزوله
4- وقيل أن القران انزل على أفصح سبعة لغات من لغات العرب و لأعلاها وهذه اللغات متفرقة في القران غير مجتمعة في كلمة واحدة، كما قيل أن هناك بعض من القران انزل على سبعة احرف و منها "وعبد الطاغوت"وقوله "وأرسله معنا يرتع و يلعب و انا له لحافظون"و كذلك كلمة "أف" "أتت" بالضم و الفتح و الكسر و التنوين و بغير التنوين مع الحركات الثلاثة و بالسكون "وقد جاء عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ: {للذين آمنوا انظرونا}، مهلونا، أخرونا، أرجئونا، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه}، مروا فيه، سعوا فيه، كل هذه الحروف كان يقرأ بها أبي بن كعب، إلا أن مصحف عثمان الذي بأيدي الناس اليوم هو منها حرف واحد". وقال: "وعلى هذا أهل العلم، فاعلم".وقال أحد السلف -أبو عمر- أنه يجوز القراءة هكذا في غير الصلاة على وجه التعليم و الوقوف على ماورد في ذلك علم الخاصة وقد قال مالك أن من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف -الذي كتبه عثمان رضي الله عنه -لم يصلي وراءه
5- وقيل هي خواتيم أيات القران غفور رحيم ، عليما حكيما ، عزيزا حكيما لحديث أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
6- ((أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شاف كاف، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك)) -زاد بعضهم- ((ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).
7- وقيل أن الأحرف السبعة كانت موجودة لعجز الناس عن أخذ القران على غيرها لأنهم كانوا أميين لا يكتبون إل قليلا منهم فوسع لهم في اختلاف اللفظ و اتفق المعنى ثم ارتفعت تلك الضرورة وارتفع حكم القراءة بها و عاد القران يقرأ على حرف واحد كما جمعه عثمان رضي الله عنه
8- وقال أخرون انها سبعة أنحاء و أصناف فمنها زاجر و منها آمر ومنها الحلال و منها الحرام و منها متشابهة و حجتهم في ذلك ما رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).وهذا قول ضعيف من جهة اسناده و تاويله فاسد ورده بعض العلماء لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه او حلالا لا ما سواه أي لا يقرأ القران كله حلالا او حراما وقد أول الشيخ عبد العزيز الداخل المعنى السابق الى تأويلين
أ‌) أن قوله "زاجر وآمر" إلى آخره استئناف كلام آخر، أي هو كذلك، ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة، وإنما توهم ذلك من توهمه، لاتفاقهما في العدد وهو السبعة، وروي "زاجرا وآمرا..." بالنصب، أي نزل على هذه الصفة من سبعة أبواب على سبعة أحرف، ويكون المراد بالأحرف غير ذلك
ب‌) أن يكون ذلك تفسيرًا للأبواب، لا للأحرف، أي هذه سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه وأنواعه، أي أنزله الله تعالى كائنا من هذه الأصناف، لم يقتصر به على صنف واحد، بخلاف ما يحكى أن الإنجيل كله مواعظ وأمثال، والله أعلم.
9- وقال جماعة من أهل علم القراءات أنه ليس بأيدي الناس من الحروف السبعة إلا حرف واحد وهو صورة مصحف عثمان وما دخل فيها يوافق من الحركات واختلاف النقط من سائر الحروف مثل ((هن أطهر لكم )) هن أطهر لكم و بالرفع و النصب و كذلك (( ربنا باعد بين أسفارنا )) (( وجاءت سكرة الموت بالحق (( وجاءت سكرة الحق بالموت)) ومنها الزيادة و النقصان ((نعجة أنثى))
10- وهناك اختلاف في القراءت من حيث الاطالة و الفتح و الادغام و الاظهار و القصر و المد و التشديد و التخفيف وشبه ذلك فهي تجوز ومنه في العربية لأنه كلمة موافق للخط
3: هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
لا القراءات السبعة ليست الأحرف السبعة
لما كتب عثمان بن عفان المصحف ارسل الى كل مصر من الامصار نسخة وقد كانت النسخ خالية من الشكل و الاعجام وحصر الحروف المحتملة على احد الوجوه اي لم تكن الحروف ذات نقط او تشكيل وكان في كل مصر من الامصار احد الصحابة من يعلموهم القران كأبي موسى بالبصرة وعلي وعبد الله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام، فكانوا جميعا يقرأون القران بنفس النسخة التي ارسلها عثمان بن عفان الى الامصار وقد اخذ الائمة في القراءات كمجاهد و الكسائي و نافع و ابن كثير و قالون و ورش غيرهم من القراءات ما وافق خط مصحف عثمان رضي الله عنه الذي اجمع المسلمون عليه و قد نسبت اليهم السبعة احرف من قبيل المجاز
4: بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
لما كتب عثمان بن عفان المصحف ارسل الى كل مصر من الامصار نسخة وقد كانت النسخ خالية من الشكل و الاعجام وحصر الحروف المحتملة على احد الوجوه اي لم تكن الحروف ذات نقط او تشكيل وكان في كل مصر من الامصار احد الصحابة من يعلموهم القران كأبي موسى بالبصرة وعلي وعبد الله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام، فكانوا جميعا يقرأون القران بنفس النسخة التي ارسلها عثمان بن عفان الى الامصار وقد اخذ الائمة في القراءات كمجاهد و الكسائي و نافع و ابن كثير و قالون و ورش غيرهم من القراءات ما وافق خط مصحف عثمان رضي الله عنه الذي اجمع المسلمون عليه
5: ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟
شروط قبول القراءة واعتبارها 1- قوة موافقتها للغة العربية
موافقته للمصحف العثماني
و اجتماع الأمة عليه أي تواتر روايتها
وعند العامة ما اتفق عليه اهل المدينة و أهل الكوفة و ربما جعلوا ما اتفق عليه أهل الحرمين
ما خالف شروط قبول القراءة واعتبارها تكون شاذة وضعيفة
6: تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرة المتحصّلة من ذلك.
القران الكريم منهج هداية و رشاد أنزله الله تعالى على عباده للعمل بما فيه و تلاوته حق تلاوته تعني تدبره و العمل به فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم الليل به بل أحيانا باية واحدة يكررها فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليلة من الليالي يقرأ آية واحدة الليل كله، حتى أصبح، بها يقوم وبها يركع وبها يسجد: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}.
وهذا الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه: أنه يردد: {وقل رب زدني علما}، حتى أصبح
وعن أبي الزاهرية: أن رجلا أتى أبا الدرداء بابنه فقال: با أبا الدرداء، إن ابني هذا جمع القرآن، فقال: ((اللهم اغفر، إنما جمع القرآن من سمع له وأطاعه)).
ن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله عز وجل إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط)).
ومن العناية بفهم القران وتدبره قراءته بحزن و التباكي أثناء قراءته فهو أدعى لحضور القلب - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أحسن الناس صوتا بالقرآن من إذا سمعته يقرأ، حسبته يخشى الله عز وجل)).
وما اعظمها من كلمة لابن مسعود في صفات حامل القران حيث قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبتواضعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون.
وثمرة ذلك الفوز برضوان الله و يكون القران يوم القيامة حجة له و في الحديث اقرؤوا الزهرويتين البقرة و آل عمران فانهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غياييتان او غمامتان تحاجان عن صحبهما


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 ذو الحجة 1441هـ/9-08-2020م, 04:57 PM
محمد العبد اللطيف محمد العبد اللطيف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 564
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

إجابات مجلس المذاكرة التاسع : كتاب المرشد الوجيز إلى علوم تتعلّق بالكتاب العزيز لأبي شامة المقدسي

1: استخلص عناصر الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.


عناصر الباب الاول : كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان:
١- بيان الجمع بين قوله تعالى {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} وقوله {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} وقوله إنا أنزلناه في ليلة القدر}.
٢- بيان المراد بقوله تعالى {فيها يفرق كل أمر حكيم}.
٣- ذكر الأدلة على نزول القرآن في شهر رمضان.
٤- ذكر الأدلة على نزول الزبور والإنجيل وصحف إبراهيم والتوراة في رمضان.
٥- بيان المراد بالإنزال الخاص في ليلة القدر والآثار الواردة فيه.
٦- بيان الحكمة من إنزال القرآن جملة الى السماء الدنيا,
٧- بيان الزمان الذي انزل فيه القرآن جملة الى السماء الدنيا.
٨- بيان قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} من جملة القرآن الذي نزل جملة، أم لا؟.
٩- بيان الحكمة من نزول القرآن إلى الأرض منجما.
١٠- بيان أول وآخر ما نزل من القرآن.
١١- بيان ما ورد في كتابة القرآن وحفظه ونسخ بعض آياته زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
١٢- بيان ما ورد في أسماء من جمع القرآن من الصحابة.
١٣- ذكر الأدلة على كثرة من جمع القرآن من الصحابة زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
١٤- بيان أنواع النسخ في آيات القرآن.
١٥- بيان ما ورد في جمع القرآن وتأليف سوره وآياته.

2: حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.

ورد في المراد بالأحرف السبعة أقوال:
الأول : سبع لغات من لغات العرب وليس معناه ان يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه وهذه اللغات متفرقة في القرآن فبعضه نزل بلغة قريش وبعضه نزل بلغة هوازن وبعضه بلغة أهل اليمن وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحدة وهو قول ابن عباس وأبو عبيد القاسم بن سلام وأبو حاتم سهل بن محمد السجستاني وذكره أبو سليمان الخطابي واعترض ابن قتيبة على هذا القول وقال ان القرآن نزل بلغة قريش واستدل عليه بقوله تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} وقال أيوب السختياني ان المراد (بلسان قومه) العرب كلهم وعلى هذا لا يقوم اعتراض ابي قتيبة وذكره أبو شامة المقدسي وقال اباح الله تعالى أن يقرأ على سبعة أحرف ما يحتمل ذلك من ألفاظ القرآن وعلى دونها ما يحتمل ذلك من جهة اختلاف اللغات وترادف الألفاظ توسيعا على العباد، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لما أوحي إليه أن يقرأه على حرفين وثلاثة: ((هون على أمتي...))، فلما انتهى إلى سبعة وقف، وكأنه صلى الله عليه وسلم علم أنه لا يحتاج من ألفاظه لفظة إلى أكثر من ذلك غالبا ومثل هذا القول ان المراد سبع لغات من قريش فقط وذكره الأهوازي وكذلك القول بأنها خمس لغات بلغة هوازن وحرفان لسائر لغات العرب وجاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: ((نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب)). وفي رواية عن ابن عباس: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل فقال: يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم)). وذكره أبو شامة المقدسي وقال: قلت: هذا هو الحق؛ لأنه إنما أبيح أن يقرأ بغير لسان قريش توسعة على العرب، فلا ينبغي أن يوسع على قوم دون قوم، فلا يكلف أحد إلا قدر استطاعته، فمن كانت لغته الإمالة، أو تخفيف الهمز، أو الإدغام، أو ضم ميم الجمع، أو صلة هاء الكناية، أو نحو ذلك فكيف يكلف غيره؟ وكذا كل من كان من لغته أن ينطق بالشين التي كالجيم، في نحو أشدق، والصاد التي كالزاي كنحو مصدر، والكاف التي كالجيم، والجيم التي كالكاف، ونحو ذلك، فهم في ذلك بمنزلة الألثغ والأرت، لا يكلف ما ليس في وسعه، وعليه أن يتعلم ويجتهد. او ان هذه اللغات كلها السبع، إنما تكون في مضر، واحتجوا بقول عثمان -رضي الله عنه-: نزل القرآن بلسان مضر، وقالوا: جائز أن يكون منها لقريش، ومنها لكنانة، ومنها لأسد، ومنها لهذيل، ومنها لتميم، ومنها لضبة، ومنها لقيس، فهذه قبائل مضر تستوعب سبع لغات على هذه المراتب وانكر بعضهم ان تكون كلها في مضر وقالوا: في مضر شواذ، لا يجوز أن يقرأ القرآن عليها، مثل كشكشة قيس وعنعنة تميم وذكره ابو شامة المقدسي.

الثاني: المراد به التوسعة وليس حصرا للعدد وذكره أبو شامة المقدسي وقال: قلت: هذا موافق لما سبق تقريره على ما روي عن علي وابن عباس رضي الله عنهم، وهو كما قيل في معنى قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} إنه جرى كالمثل في التعبير عن التكثير، لا حصرا في هذا العدد.

الثالث: سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم ، وعلى هذا أكثر أهل العلم وهو قول ابن عبد البر وأورد أحاديث منها حديث أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شاف كاف، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك)) -زاد بعضهم- ((ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)) وحديث ابي هريرة ان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا، ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر عذاب برحمة)) وذكره أبو شامة المقدسي.
الرابع: أنها سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه، واحتجوا بحديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
- قال أبو عمر بن عبد البر:
"هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر وذكره ابو شامة المقدسي.

الرابع: سبعة أحرف من هذه القراءات المشهورة فقال بعضهم: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة: منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {هن أطهر لكم} , (أطهر لكم)، {ويضيق صدري} (ويضيق صدري) بالرفع والنصب فيهما، ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته، مثل (ربنا باعد بين أسفارنا) و {ربنا باعد بين أسفارنا}، ومنا ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط، مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي، ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه، مثل {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش)، ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود". ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} "وجاء سكرة الحق بالموت"، ومنها الزيادة والنقصان، نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد وقال ابن عبدالبر "وهذا وجه حسن من وجوه معنى الحديث وفي كل وجه منها حروف كثيرة لا تحصى) وذكره أبو شامة المقدسي ومثل هذا القول انها سبعة أوجه من القراءة مثل : الجمع والتوحيد، كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه"، والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل} و"لا تقبل"، والإعراب، كقوله تعالى: "المجيد" و {المجيد}، والتصريف، كقوله تعالى: "يعرشون" و {يعرشون}، والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكن الشياطين" {ولكن الشياطين}، واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين، والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار، وتغيير اللفظ والنقط بالتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك" وذكره الحافظ ابو العلاء الحسن بن أحمد ونسبه الى أبي طاهر بن أبي هاشم وقال: "وقد روي عن مالك بن أنس أنه كان يذهب إلى هذا المعنى". وذكره أبي علي الاهوازي ونسبه إلى بعض أهل العلم و قال: "وهذا القول أعدل الأقوال وأقربها لما قصدناه، وأشبهه بالصواب" وذكره أبو شامة المقدسي. ومثل هذا القول ان المراد سبعة معان في القراءة."أحدها: أن يكون الحرف له معنى واحد، تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل {تعملون} و"يعملون".
"الثاني: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظتين مختلفتين، مثل قوله تعالى: {فاسعوا} و"فامضوا"."والثالث: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ، إلا أن المعنيين متفرقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: "ملك" و {مالك}.
"والرابع: أن تكون في الحرف لغتان، والمعنى واحد وهجاؤها واحد، مثل قوله تعالى: "الرشد" والرشد"."والخامس: أن يكون الحرف مهموزا وغير مهموز، مثل "النبيء" و {النبي}."والسادس: التثقيل والتخفيف، مثل {الأكل} و"الأكل".
"والسابع: الإثبات والحذف، مثل "المنادي" و {المناد} " وذكره الحافظ ابو العلاء الحسن بن أحمد ونسبه ابي العباس أحمد بن محمد بن واصل وذكره أبي علي الأهوازي ونسبه إلى بعض أهل العلم ذكره أبو شامة المقدسي وذكر اقوال اخرى تشايه هذا القول في معناها ثم قال "هذه الطرق المذكورة في بيان وجود السبعة الأحرف في هذه القراءات المشهورة كلها ضعيفة؛ إذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم، ومن الممكن تعيين ما لم يعينوا. ثم لم يحصل حصر جميع القراءات فيما ذكروه من الضوابط، فما الدليل على جعل ما ذكروه مما دخل في ضابطهم من جملة الأحرف السبعة دون ما لم يدخل في ضابطهم، وكان أولى من جميع ذلك لو حملت على سبعة أوجه من الأصول المطردة كصلة الميم، وهاء الضمير، وعدم ذلك، والإدغام، والإظهار، والمد، والقصر، وتحقيق الهمز، وتخفيفه، والإمالة، وتركها، والوقف بالسكون، وبالإشارة إلى الحركة، وفتح الياءات، وإسكانها، وإثباتها، وحذفها"

وبالنظر في هذه الأقوال نجدها مختلفة والأرجح أن المراد بهذه الحروف اللغات كما قال صاحب شرح السنة: "أظهر الأقاويل وأصحها وأشبهها بظاهر الحديث أن المراد من هذه الحروف اللغات، وهو أن يقرأ كل قوم من العرب بلغتهم، وما جرت عليه عادتهم من الإدغام والإظهار والإمالة والتفخيم والإشمام والإتمام والهمز والتليين وغير ذلك من وجوه اللغات إلى سبعة أوجه منها في الكلة الواحدة".

3: هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟

القراءات السبع ليست هي الاحرف السبعة التي وردت في قوله صلى الله عليه وسلم : ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) وقد قال أهل العلم إنهن سبع لغات، بدلالة قول ابن مسعود رضي الله عنه وغيره: إن ذلك كقولك هلم وتعال وأقبل" واما القراءات إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه وعلى اطراح ما سواه، ولم ينقط ولم يضبط فاحتمل التأويل لذلك".

4: بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.

السبب في اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف هو ما ذكر ابن جرير "لما خلت تلك المصاحف من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه وكان أهل كل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف قد كان لهم في مصرهم ذلك من الصحابة معلمون كأبي موسى بالبصرة وعلي وعبد الله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم، وثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه"

5: ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟

شروط قبول القراءة:
١- ان تكون على رسم المصحف العثماني
٢- ان تكون موافقة لوجه من وجوه اللغة العربية
٣- التواتر وهو إجماع المسلمين والوجه الذي ثبت به القرآن
حكم من خالف هذه الشروط أنه لا تصح الصلاة وراءه وقد منع الصلاة وراءه الإمام مالك فقال ""من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف، لم يصل وراءه".

6: تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرة المتحصّلة من ذلك.

إن فهم وتدبر القرآن والعمل به من أهم أسباب الهداية والتوفيق وان كثير من طلبة علم القرآن قد استفرغ همه في حفظ حروفه و تجويد ألفاظه وحسن الصوت به وهذا وإن كان حسنا ولكن الاولى ان يجمع معه فهم معانيه والتفكر في آياته والوقوف عند حدوده كما ورد عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة في تفسير قوله تعالى (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته)، قال: يتبعونه حق إتباعه وقد وردت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم والسلف في فضل تدبر القرآن منها ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قرأ القرآن فقام به آناء الليل والنهار يحل حلاله ويحرم حرامه خلطه الله بلحمه ودمه، وجعله رفيق السفرة الكرام البررة، وإذا كان يوم القيامة كان القرآن له حجيجا) وما ورد عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)).وقال الحسن: قراء القرآن على ثلاثة أصناف:صنف اتخذوه بضاعة يأكلون به، وصنف أقاموا حروفه وضيعوا حدوده واستطالوا به على أهل بلادهم واستدروا به الولاة، كثير هذا الضرب من حملة القرآن، لا كثرهم الله، وصنف عمدوا إلى دواء القرآن فوضعوه على داء قلوبهم واستشعروا الخوف وارتدوا الحزن، فأولئك يسقي الله بهم الغيث وينصرهم على الأعداء، والله لهذا الضرب من حملة القرآن أعز من الكبريت الأحمر".

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 ذو الحجة 1441هـ/15-08-2020م, 05:19 PM
منى حامد منى حامد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 704
افتراضي

الإجابة:
أجب على الأسئلة التالية:
1:
استخلص عناصر الباب الأول:كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
أولا : نزول القرآن:
- فضل شهر رمضان وليلة القدروالأدلة .
- هل ليلة القدر في رمضان.
- الأقوال في المراد بالليلة المباركة في قوله تعالى :"إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ".
- الأقوال في كيفية نزول القرآن:
§ نزل مفرقا.
§ نزل جملة واحدة.
§ نزل جملة في السماء الدنيا ثم نزل مفرقا ، كما في حديث بن عباس رضي الله عنه.
- الأقوال في توقيت نزول القرآن وأدلته.
- الأقوال في تفسير قوله تعالى:"وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا".
- تحرير القول في قوله تعالى:"إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ".
- عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم.
- السر في إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا.
- السر في نزوله منجما.
- الأقوال في تفسير قوله تعالى:" لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ".
- أول وآخر ما نزل من القرآن.
ثانيا: حفظة القرآن
- ما ذكر منهم عبد الله بن مسعود ، أبي بن كعب ، زيد بن ثابت ، معاذ بن جبل ، أبو زيد ، أبو الدرداء وعثمان بن عفان.
- الأدلة على أن القراء للقرآن أكثر من ذلك.
ثالثا: النسخ في القرآن
- أنواع النسخ في القرآن.
- جمع القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
- جمع القرآن في عهد أبو بكر وعثمان رضي الله عنهم.
- ترتيب السور والآيات.

2:
حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.
ورد في المراد بالأحرف السبعة أقوال كثيرة:
- الأمر الذي يكون واحد لا يختلف في حلال ولا حرام قول بن شهاب.
- سبع لغات من لغات العرب ، مثل زقية وصيحة ومثل حططنا ووضعنا وحطب وحصب ، والعرب تسمى الكلمة المنظومة حرف وأختلف في حروف القبائل:
§ قول قريش وهوزان وهذيل وأهل اليمن قول عثمان بن عفان رضي الله عنه.
§ وقول خمس بلغة هوزان وحرفان لسائر العرب.
§ وقيل سبع لغات من قريش .
§ وقيل كلها مضر قول عثمان رضي الله عنه.
- سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة مثل أقبل وتعال وهلم...
- سبعة أصناف من أحوال اللغة واختلف في تقسيمها
§ فمنها زاجر ومنها أمر ومنها حلال ومنها حرام ومنها محكم ومنها متشابه والأمثال.
§ ومنها التقديم والتأخير والزيادة وغيره .
§ قيل الجمع والتوحيد و التذكير والتأويل والإعراب والتصريف والأدوات تتغير للإعراب وغيره.
- وقيل أنها اختلاف القراءات من إمالة والفتح والإدغام والإظهاروالقصر والمد والتشديد والتخفيف قول بن شريح وغيره أو سبع معان في القراءة مثل اختلاف النقط مع بقاء الشكل ومهموز وغير مهموز وهذه أقوال مثل الأهوازي والسرقسطي .
لم استطع جمع الأقوال وترتيبها ولم استطع ترجيح قول غير أني فهمت مما قرأت أن القول الثاني هو أرجعهم أي على لغات العرب .
والله أعلم

3:
هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
- القراءات السبع هي ليست الأحرف السبع وإنما هي بعض من الأحرف السبع هذا أصح ما قاله العلماء ذكر ذلك بن قدامة في كتابه حيث قال :" إذ ليس بواجب علينا القراءة بجميع الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن؛ وإذ قد أباح النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا القراءة ببعضها دون بعض، لقوله تعالى: {فاقرأوا ما تيسر منه}، فصارت هذه القراءة المستعملة في وقتنا هذا هي التي تيسرت لنا بسبب ما رواه سلف الأمة رضوان الله عليهم، من جمع الناس على هذا المصحف، لقطع ما وقع بين الناس من الاختلاف وتكفير بعضهم لبعض".
قال: "فهذا أصح ما قال العلماء في معنى هذا الحديث"".
و قال رحمه الله : "وقد ذهب الطبري وغيره من العلماء إلى أن جميع هذه القراءات المستعملة ترجع إلى حرف واحد، وهو حرف زيد بن ثابت".
قلت: لأن خط المصحف نفى ما كان يقرأ به من ألفاظ الزيادة والنقصان والمرادفة والتقديم والتأخير، وكانوا علموا أن تلك الرخصة قد انتهت بكثرة المسلمين واجتهاد القراء وتمكنهم من الحفظ.
- وهناك قول أن عثمان رضي الله عنه جمعهم على حرف واحد وقراءة واحدة، بل إنما جمعهم على القراءة بسبعة أحرف وسبع قراءات، كلها عنده وعند الأمة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم".
والله أعلم

4:
بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
جاء في الكتاب أن الرواة عن الأئمة من القراء كانوا في العصر الثاني والثالث كثيرا في العدد، كثيرا في الاختلاف. وفي العصر الرابع اقتصر على القراءات التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به، فاشتهرت قراءة من شهد له بالثقة والأمانة في النقل وحسن الدين وكمال العلم، وعدالته فيما نقل، وثقته فيما قرأ وروى، وعلمه بما يقرئ به، ولم تخرج قراءته عن خط مصحفهم المنسوب إليهم، فأفردوا من كل مصر وجه إليه عثمان رضي الله عنه مصحفا إماما، هذه صفته وقراءته على مصحف ذلك المصر".
"فكان أبو عمرو من أهل البصرة، وحمزة وعاصم من أهل الكوفة وسوادها، والكسائي من أهل العراق، وابن كثير من أهل مكة، وابن عامر من أهل الشام، ونافع من أهل المدينة، كلهم ممن اشتهرت أمانته وطال عمره في الإقراء، وارتحل الناس إليه من البلدان، ولم يترك الناس مع هذا نقل ما كان عليه أئمة هؤلاء من الاختلاف ولا القراءة بذلك".
وهذا النوع من الاختلاف معدوم اليوم، غير مأخوذ به ولا معمول بشيء منه بل هو اليوم متلو على حرف واحد متفق الصورة في الرسم غير متناف في المعاني إلا حروفا يسيرة اختلفت صور رسمها في مصاحف الأمصار واتفقت معانيها فجرى مجرى ما اتفقت صورته".
"وذلك كالحرف المرسوم في مصحف أهل المدينة والشام (وأوصى بها إبراهيم)، وفي مصحف الكوفيين "ووصى"، وفي مصحف أهل الحرمين {لئن أنجيتنا}، وفي مصحف الكوفيين "أنجينا".
والله أعلم

5:
ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟
القراءات الصحيحة المعتبرة المجمع عليها، قد انتهت إلى السبعة القراء المقدم ذكرهم، واشتهر نقلها عنهم لتصديهم لذلك وإجماع الناس عليهم.
وقد اختار الطبري وغيره، وأكثر اختياراتهم إنما هو في الحرف إذا اجتمع فيه ثلاثة أشياء:
- "قوة وجهه في العربية، وموافقته للمصحف، واجتماع الأمة عليه".
- "والعامة عندهم ما اتفق عليه أهل المدينة وأهل الكوفة، فذلك عندهم حجة قوية توجب الاختيار".
- "وربما جعلوا العامة ما اجتمع عليه أهل الحرمين، وربما جعلوا الاختيار ما اتفق عليه نافع وعاصم، فقراءة هذين الإمامين أوثق القراءات وأصحها سندا وأفصحها في العربية، ويتلوها في الفصاحة خاصة قراءة أبي عمرو والكسائي رحمهم الله".
وقال بن قدامة:"وإنما الأصل الذي يعتمد عليه في هذا: أن ما صح سنده، واستقام وجهه في العربية، ووافق لفظه خط المصحف فهو من السبعة المنصوص عليها، ولو رواه سبعون ألفا، مفترقين أو مجتمعين، فهذا هو الأصل".
من خالف هذه الشروط فهو شاذ وحكمه وقال شيخ المالكية رحمه الله:
"لا يجوز أن يقرأ بالقراءة الشاذة في صلاة ولا غيرها، عالما كان بالعربية أو جاهلا. وإذا قرأ بها قارئ فإن كان جاهلا بالتحريم عرف به وأمر بتركها، وإن كان عالما أدب بشرطه، وإن أصر على ذلك أدب على إصراره وحبس إلى أن يرتدع عن ذلك".
والله أعلم

6:
تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرة المتحصّلة من ذلك.
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، نحمد الله تعالى ونستعين به ونستهديه ونسأله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا به، قال تعالى في كتابه:" كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ " سورة ص آية 29 ، وعظمة الكتاب تأتي في أنه كلام الله أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك جبريل عليه السلام ، فكتاب هذا أمره أحق أن يتلى ويفهم ويتدبر ويعمل بما فيه.
قال الحسن البصري : والله ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده ، حتى إن أحدهم ليقول : قرأت القرآن كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل . رواه ابن أبي حاتم .
فالحكمة من إنزال القرآن الكريم:
ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود. (تفسير السعدي)
الثمرة المتحصلة من ذلك:
- الفلاح في الدنيا والآخرة ، فمن كان يتلقى من القرآن مافيه من شرع وآداب وطريقة حياة متدبرا معانيه عاملا بما فيه فهو من المؤمنين الصالحين في الدنيا وهو من الفائزين في الآخرة .
- البركة في الدنيا فمن أخذ بالقرآن وعمل به بارك الله في كل أموره.
- الثواب الكبير فالحرف بعشر حسنات هذا لمن قرأه فما بال من تدبره.
وثمرات قراءة القرآن وتدبره أكثر مما ذكرت بمراحل كثيرة ويحكمني ضيق الوقت .
والله أعلم

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 ذو الحجة 1441هـ/17-08-2020م, 03:27 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تابع تقويم مجلس مذاكرة كتاب المرشد الوجيز

ميمونة التيجاني: ب+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
س1. المطلوب استخلاص العناصر فقط وليس التحرير.
س2. هناك خلط في استخلاص الأقوال في المراد بالأحرف السبعة، فنزوله على لغة قريش ليس قولا مستقلا، والدليل على نزوله رحمة بالأمة ليس قولا مستقلا
وأرجو أن تراجعي إجابات الإخوة والأخوات والتعليقات عليها.
س3. فكان الصحابة يقرئون الناس بما يوافق رسم المصحف العثماني، وما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم، فكان في قراءتهم بعض الأحرف السبعة مما وافق رسم المصحف، ثم في زمان لاحق اختاروا أشهر سبعة في الإقراء
وقالون وورش كلاهما تلاميذ نافع الذي هو أحد السبعة
ولا يصح نسبة الأحرف السبعة للقراء السبعة.
س5. راجعي الكتاب جيدًا، فالتواتر ليس شرطًا في صحة القراءة - على الصحيح من الأقوال - وإنما الشرط هو صحة الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع موافقتها للغة والرسم العثماني.

محمد العبد اللطيف: أ+
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.
س5. التواتر -اصطلاحًا- ليس شرطًا في صحة القراءة - على الراجح من الأقوال -، وإنما صحة الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

منى حامد: ج+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

س1. الأقوال في كيفية نزول القرآن
يفضل إعادة صياغة المسألة، فهو ليس خلافًا
فلا خلاف أن القرآن نزل مفرقًا على السنوات، ولا أحد يقول بنزوله جملة على الإطلاق
ولكن المسألة للجمع بين النصوص وتوضيح مراحل نزوله.
- السر في نزوله ... = لو قلتِ الحكمة من ... أفضل، والله أعلم.
س2. قول ابن شهاب ليس قولا مستقلا ولكنه توضيح أن الخلاف في الأحرف السبعة يكون في الأمر الواحد
بمعنى أنه لن يكون معنى الآية على حرف ما = يعطي حكما حرامًا، وعلى حرف آخر يعطي حكما حلالا.
وراجعي تحرير الأخ محمد العبد اللطيف
وهذه المسألة ستفصل لكم بإذن الله في مقررات متقدمة.
س3. وقول الطبري والذي يليه لا يصحا.
س4. الإجابة غير واضحة، راجعي إجابة الأخ محمد أعلاه.

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 صفر 1442هـ/3-10-2020م, 10:28 PM
مها عبد العزيز مها عبد العزيز غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 462
افتراضي

: استخلص عناصر الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.

عناصر الباب الأول ك كيفية نزول القران وذكر حفاظه في ذلك الأوان :-
- ذكر الأدلة على أن ليلة القدر هي ليلة مباركه في شهر رمضان
- بيان موافقة قوله تعالى [فيها يفرق كل أمر حكيم ] لمعنى تسميتها بليلة القدر
- ابطال القول بأن ليلة القدر متنقلة بين الشهور بالاحاديث الصحيحة الواردة في ليلة القدر
- بيان حال نزول الفران
- معنى رسلا
- المراد بقول ابن عباس [ على مواقع النجوم ]
- بيان الادلة على نزول القران والكتب الأخرى في شهر رمضان
- معنى قوله [ أنزل القران لأربع وعشرين ]
- بيان معنى قوله [ إنا أنزلناه في ليلة القدر ]
- بيان المقصود بالأنزال الخاص في ليلة القدر وما ورد فيه من أقوال وآثار
- معنى فرقناه وما ورد فيها من اقوال
- معنى [ مكث ]
- المراد من قوله [ ونزلناه تنزيلا ]
- الحكمة من نزول القران منجما
- بيان الأدلة على نزوله منجما
- ذكر الملك الموكل بالوحي ومدة نزوله بالقران
- بيان ماورد من اقوال في كيفية إنزال القران في ليلة القدر
- بيان منزلة بنى ادم
- بيان عظم وفضل القران
- المراد بقولة تعالى [ إنا أنزلناه في ليلة القدر ]
- بيان جملة ما شرف به النبي عليه الصلاة والسلام
- بيان الفائدة من نزول القران جملة الى السماء الدنيا بعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقبلها
- بيان أعلام الله عزوجل للملائكة قبل خلق ادم بأنه يخرج من ذريته سيد ولد ادم والأدلة
- عليه
- ورود قوله تعالى [ أنزلناه ] بصيغة الماضي
- بيان أثر نزول القران مفرقا على قلب النبي عليه الصلاة والسلام
- مناسبة نزول الكتب جملة او مفرقا بحسب حال الأنبياء
- بيان مدة إقامة النبي عليه الصلاة والسلام بمكة
- بيان الأدلة على وعد الله تعالى لنبيه بحفظ القران وبيانه
- بيان اول ما نزل من القران واخره
- بيان حفظ جماعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام للقران في حياته بالغون حد التواتر
- بيان الحكمة من الرخصة بقراءة القران على سبعة احرف
- بيان الأدلة على ان ترتيب الايات توقيفي عن النبي عليه الصلاة والسلام
- ذكر أسماء من جمع القران على عهد النبي عليه الصلاة والسلام
- بيان أنواع النسخ في القران
- بيان ان جمع القران لم يكن مرة
واحدة فقد جمع بعضة في حضرة الرسول عليه الصلاة والسلام ثم جمع في عهد ابي بكر ثم ترتيب السور في عهد عثمان رضي الله عنه
- بيان ان جميع القران وما امر بإثبات رسمه ولم ينسخ بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين وبه تقوم الحجة
-
2: حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.
القول الأول: - سبعة أحرف يعني سبع لغات من لغات العرب وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه وهذه اللغات السبع متفرقة في القرآن فبعضه نزل بلغة قريش وبعضه نزل بلغة هوازن وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة أهل اليمن وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحدة ومما يدل على ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه: "إني سمعت القرأة فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم هلم وتعال"، وكذلك قال ابن سيرين: "إنما هو كقولك هلم وتعال وأقبل" قاله ابن عباس وعلي بن ابي طالب وأبو عبيد القاسم وذكره ابوشامه المقدسي
و أيضا استدل على ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: [ نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب)). وفي رواية عن ابن عباس: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل فقال: يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم.

ولقد أباح الله عزوجل أن يقرأ على سبعة أحرف ما يحتمل ذلك من ألفاظ القرآن وعلى دونها ما يحتمل ذلك من جهة اختلاف اللغات وترادف الألفاظ توسيعا على العباد ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لما أوحي إليه أن يقرأه على حرفين وثلاثة [ هون على أمتي.] فلما انتهى إلى سبعة وقف وكأنه صلى الله عليه وسلم علم أنه لا يحتاج من ألفاظه لفظة إلى أكثر من ذلك غالبا .
ثم قال أبو شامه : هذا هو الحق لأنه إنما أبيح أن يقرأ بغير لسان قريش توسعة على العرب فلا ينبغي أن يوسع على قوم دون قوم فلا يكلف أحد إلا قدر استطاعته فمن كانت لغته الإمالة أو تخفيف الهمز أو الإدغام أو ضم ميم الجمع أو صلة هاء الكناية أو نحو ذلك فكيف يكلف غيره؟ وكذا كل من كان من لغته أن ينطق بالشين التي كالجيم، في نحو أشدق، والصاد التي كالزاي كنحو مصدر والكاف التي كالجيم والجيم التي كالكاف فهم في ذلك بمنزلة الألثغ والأرت.
القول الثانى:
ذهب قوم في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) إلى أنها سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه، واحتجوا بحديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
قال أبو عمر بن عبد البر:
"هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر، منهم أحمد بن أبي عمران فيما سمعه الطحاوي منه قال: من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه أو يكون حلالا لا ما سواه ذكره المقدسي
القول الثالث :
حاول جماعة من أهل العلم بالقراءات استخراج سبعة أحرف من هذه القراءات المشهورة فقال بعضهم: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة: منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {هن أطهر لكم} , (أطهر لكم)، {ويضيق صدري} (ويضيق صدري) بالرفع والنصب فيهما، ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته، مثل (ربنا باعد بين أسفارنا) و {ربنا باعد بين أسفارنا}، ومنا ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط، مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي، ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه، مثل {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش)، ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود". ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} "وجاء سكرة الحق بالموت"، ومنها الزيادة والنقصان، نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد.
- قال ابن عبد البر: "وهذا وجه حسن من وجوه معنى الحديثوفي كل وجه منها حروف كثيرة لا تحصى عدد وهذا يدلك على قول العلماء أن ليس بأيدي الناس من الحروف السبعة التي نزل القرآن عليها إلا حرف واحد وهو صورة مصحف عثمان وما دخل فيها يوافق صورته من الحركات واختلاف النقط من سائر الحروف ذكره ابوشامه المقدسي
- ثم ذكر أنه لا يقرأ من ذلك بما خالف خط المصحف، ثم قال:
"فأما ما اختلف فيه القراء من الإمالة والفتح والإدغام والإظهار والقصر والمد والتشديد والتخفيف وشبه ذلك، فهو من القسم الأول لأن القراءة بما يجوز منه في العربية، وروي عن أئمة وثقات: جائزة في القرآن؛ لأن كله موافق للخط". قال: "وهو الذي نعتقده ونقول به وهو الصواب إن شاء الله تعالى".
- واختار أبو علي الأهوازي طريقة أخرى فقال:
"قال بعضهم: معنى ذلك هو الاختلاف الواقع في القرآن يجمع ذلك سبعة أوجه: الجمع والتوحيد كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه"، والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل} و"لا تقبل"، والإعراب، كقوله تعالى: "المجيد" و {المجيد}، والتصريف، كقوله تعالى: "يعرشون" و {يعرشون}، والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكن الشياطين" {ولكن الشياطين}، واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين، والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار، وتغيير اللفظ والنقط بالتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك". قال: "وهذا القول أعدل الأقوال وأقربها لما قصدناه، وأشبهه بالصواب ذكره ابوشامه المقدسي واختاره الاهوازي
ثم ذكر وجها آخر فقال: "قال بعضهم: معنى ذلك سبعة معان في القراءة".
أحدها: أن يكون الحرف له معنى واحد، تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل {تعملون} و"يعملون".
"الثاني: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظتين مختلفتين، مثل قوله تعالى: {فاسعوا} و"فامضوا".
"والثالث: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ، إلا أن المعنيين متفرقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: "ملك" و {مالك}.
"والرابع: أن تكون في الحرف لغتان، والمعنى واحد وهجاؤها واحد، مثل قوله تعالى: "الرشد" والرشد".
"والخامس: أن يكون الحرف مهموزا وغير مهموز، مثل "النبيء" و {النبي}.
"والسادس: التثقيل والتخفيف، مثل {الأكل} و"الأكل".
"والسابع: الإثبات والحذف، مثل "المنادي" و {المناد} ".
قال أبو علي: "وهذا معنى يضاهي معنى القول الأول الذي قبله، وعليه اختلاف قراءة السبعة الأحرف".
قلت: وذكر هذين الوجهين اللذين ذكرهما أبو علي الأهوازي، الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد، ونسب الأول إلى أبي طاهر بن أبي هاشم، ثم قال عقيبه: "وهذا أقرب إلى الصواب إن شاء الله تعالى". قال: "وقد روي عن مالك بن أنس أنه كان يذهب إلى هذا المعنى". ونسب الوجه الثاني إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن واصل ذكره ابوشامه المقدسي

وأصح هذه الاقوال أن المراد من هذه الحروف اللغات وهو أن يقرأ كل قوم من العرب بلغتهم وما جرت عليه عادتهم من الادغام والاظهار والامالة والتفخيم و الإشمام والإتمام والهمز والتليين وغير ذلك من وجوه اللغات إلى سبعة أوجه منها في الكلمة الواحدة قال به صاحب شرح السنة وذكره أبو شامه المقدسي
3- هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
لا القراءات ليست الاحرف السبعة فالاحرف السبعة المراد بها سبع لغات من لغات العرب ومتفرقة في القران فبعضه نزل بلغة قريش وبعضه بلغة هوازن وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة اهل اليمن وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحدة ويبين هذا قول ابن مسعود رضي الله عنه [إنى سمعت القراة فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم إنما هو كقول احدكم هلم وتعال .
أما القراءات التي يقرأ بها الناس وصحت رؤيتها عن الأئمة إنما هي جزء من الاحرف السبعة التي نزل بها القران ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي جمع الصحابة ومن بعدهم عليه وترك ما سواه ولم ينقط ولم يضبط فاحتمل التأويل ذلك كما ذكر أبو محمد مكى ، ومن ظن أن قراءة احد القراء كنافع وعاصم احد الاحرف السبعة التي نص النبي عليه الصلاة والسلام فقد وقع في غلط عظيم كما ذكره أبو محمد مكى ولقد زاد الطبري في كتاب القراءات على القراء السبعة نحو خمسة عشر رجلا .

4: بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
السبب هو لما خلت تلك المصاحف من الشكل والاعجام وحصر الحروف المحتملة على احد الوجوه وكان اهل كل ناحية من النواحي التي بعثت إليه المصاحف قد كان لهم في مصرهم ذلك من الصحابة معلمون كابي موسى الاشعرى بالبصرة وعلي وعبدالله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام فانتقلواعما بان لهم انهم امروا بالانتقال عنه مما كان بايديهم وثبتوا على مالم يكن في المصاحف الموجهة غليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه ذكره ابن جرير وذكر نحو ذلك مكى في كتابه المفرد الذي ألحقه بكتاب الكشف وكذلك الامام ابوبكر بن العربي في كتاب القبس

5: ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟
1- موافقة خط المصحف العثماني
2- ثبوت تلك القراءة بالنقل الصحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا يلزم بذلك التواتر بل تكفي الاحاد الصحيحه
3- ان تجيء على الفصيح من لغة العرب
أما حكم من خالف هذه الشروط : فلا يصلى وراءه كما نقل ابن عبد البر عن مالك رحمه الله من المنع من قراءة ما خالف المصحف في الصلاة
وقال شيخ المالكية : لا يجوز ان يقرا بالقراءة الشاذة في صلاة ولا غيرها عالما كان بالعربية او جاهلا وإذا قرأ بها جاهلا بالتحريم عرف به ,أمر بتركها وإن كان عالما أدب بشرطه وأن أصر حبس إلي أن يرتدع عن ذلك

6: تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرة المتصّلة من ذلك.

عند تلاوة العبد للقران فان المطلب الأول هو فهم معانيه والتفكر فيه وتدبره لأن هذا ما يورث العلم بالله وخشيته والعمل بمقتضاه والوقوف عند حدوده ، وهذا هو نهج الصحابة الأخيار والتابعين من بعدهم فقد ورد عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة في قوله تعالى [ الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته ] قال : يتبعونه حق اتباعه ، وكما قال الحسن البصرى في قوله تعالى [ كتاب أنزلناه غليك مبارك ليدبروا اياته ] قال : تدبر آياته اتباعه والعمل بعلمه أما والله ما هو بحفظ حروفه وإظاعة حدوده .
وكان من حال الصحابة رضي الله عنهم ترديد الايات بل الاية الواحدة حتى يصبح من تدبره لها وتمكنها من قلبه فقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يردد قوله تعالى [ وقل ربي زدني علما ] حتى يصبح .
وعن ابن المبارك التيمي قال : من أوتى من العلم ما لايبكيه ك فليس بخليق أن يكون أوتى علما ينفعه لأن الله تعالى وصف العلماء بقوله تعالى [ ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ] ، كما أن من ثمرة التدبر للقران أن هذا يظهر آثاره على خلق حامل القران فتظهر عليه بقيامه الليل إذا ما نام الناس وبصيامه النهار إذا ما أفطروا وبورعه وتواضعه ومسابقته للخيرات ، فاستحق بذلك الاكرام والتقدير عن ابي موسى الاشعرى رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : [ إن من إجلال الله عزوجل إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القران غير الغالي فيه ولا الجافي عنه ]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 صفر 1442هـ/5-10-2020م, 09:51 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مها عبد العزيز مشاهدة المشاركة
: استخلص عناصر الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.

عناصر الباب الأول ك كيفية نزول القران وذكر حفاظه في ذلك الأوان :-
- ذكر الأدلة على أن ليلة القدر هي ليلة مباركه في شهر رمضان
- بيان موافقة قوله تعالى [فيها يفرق كل أمر حكيم ] لمعنى تسميتها بليلة القدر
- ابطال القول بأن ليلة القدر متنقلة بين الشهور بالاحاديث الصحيحة الواردة في ليلة القدر [يمكن أن نقول مثلا: الخلاف في تحديد توقيت ليلة القدر، ونطرح تحته الأقوال بما فيها كونها في شهر رمضان والخلاف في تحديد أي ليلة منه، والقول بأنها في شعبان، والقول بأنها متنقلة]
- بيان حال نزول القران
- معنى رسلا [صياغة هذه المسألة غير واضحة ومنقطعة عما قبلها وبعدها، وتفسير أبي شامة لبعض الآيات إنما هو لاختيارها دليلا على مسألة ما فينبغي التفطن لمقصده]
- المراد بقول ابن عباس [ على مواقع النجوم ] (نفس الملحوظة)
- بيان الادلة على نزول القران والكتب الأخرى في شهر رمضان
- معنى قوله [ أنزل القران لأربع وعشرين ]
- بيان معنى قوله [ إنا أنزلناه في ليلة القدر ]
- بيان المقصود بالأنزال الخاص في ليلة القدر وما ورد فيه من أقوال وآثار
- معنى فرقناه وما ورد فيها من اقوال
- معنى [ مكث ]
- المراد من قوله [ ونزلناه تنزيلا ]
- الحكمة من نزول القران منجما
- بيان الأدلة على نزوله منجما
- ذكر الملك الموكل بالوحي ومدة نزوله بالقران
- بيان ماورد من اقوال في كيفية إنزال القران في ليلة القدر
- بيان منزلة بنى ادم
- بيان عظم وفضل القران
- المراد بقولة تعالى [ إنا أنزلناه في ليلة القدر ] (مكرر)
- بيان جملة ما شرف به النبي عليه الصلاة والسلام
- بيان الفائدة من نزول القران جملة الى السماء الدنيا بعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقبلها
- بيان أعلام الله عزوجل للملائكة قبل خلق ادم بأنه يخرج من ذريته سيد ولد ادم والأدلة
- عليه
- ورود قوله تعالى [ أنزلناه ] بصيغة الماضي
- بيان أثر نزول القران مفرقا على قلب النبي عليه الصلاة والسلام
- مناسبة نزول الكتب جملة او مفرقا بحسب حال الأنبياء
- بيان مدة إقامة النبي عليه الصلاة والسلام بمكة
- بيان الأدلة على وعد الله تعالى لنبيه بحفظ القران وبيانه
- بيان اول ما نزل من القران واخره
- بيان حفظ جماعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام للقران في حياته بالغون حد التواتر
- بيان الحكمة من الرخصة بقراءة القران على سبعة احرف
- بيان الأدلة على ان ترتيب الايات توقيفي عن النبي عليه الصلاة والسلام
- ذكر أسماء من جمع القران على عهد النبي عليه الصلاة والسلام
- بيان أنواع النسخ في القران
- بيان ان جمع القران لم يكن مرة
واحدة فقد جمع بعضة في حضرة الرسول عليه الصلاة والسلام ثم جمع في عهد ابي بكر ثم ترتيب السور في عهد عثمان رضي الله عنه
- بيان ان جميع القران وما امر بإثبات رسمه ولم ينسخ بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين وبه تقوم الحجة
- [الملحوظات:
- انتبهي لمقصد المؤلف عند صياغة عناوين المسألة.
- اعيدي ترتيب المسائل بما يحقق تسلسلها فلا تظهر كأنها متفرقة لا رابط بينها
فنذكر أولا المسألة الخاصة بزمن نزول القرآن، ثم كيفيته وأحواله، وبعده نزوله منجمًا وهكذا ..]

2: حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.
القول الأول: - سبعة أحرف يعني سبع لغات من لغات العرب وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه وهذه اللغات السبع متفرقة في القرآن فبعضه نزل بلغة قريش وبعضه نزل بلغة هوازن وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة أهل اليمن وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحدة ومما يدل على ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه: "إني سمعت القرأة فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم هلم وتعال"، وكذلك قال ابن سيرين: "إنما هو كقولك هلم وتعال وأقبل" قاله ابن عباس وعلي بن ابي طالب وأبو عبيد القاسم وذكره ابوشامه المقدسي
و أيضا استدل على ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: [ نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب)). وفي رواية عن ابن عباس: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل فقال: يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم.

ولقد أباح الله عزوجل أن يقرأ على سبعة أحرف ما يحتمل ذلك من ألفاظ القرآن وعلى دونها ما يحتمل ذلك من جهة اختلاف اللغات وترادف الألفاظ توسيعا على العباد ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لما أوحي إليه أن يقرأه على حرفين وثلاثة [ هون على أمتي.] فلما انتهى إلى سبعة وقف وكأنه صلى الله عليه وسلم علم أنه لا يحتاج من ألفاظه لفظة إلى أكثر من ذلك غالبا .
ثم قال أبو شامه : هذا هو الحق لأنه إنما أبيح أن يقرأ بغير لسان قريش توسعة على العرب فلا ينبغي أن يوسع على قوم دون قوم فلا يكلف أحد إلا قدر استطاعته فمن كانت لغته الإمالة أو تخفيف الهمز أو الإدغام أو ضم ميم الجمع أو صلة هاء الكناية أو نحو ذلك فكيف يكلف غيره؟ وكذا كل من كان من لغته أن ينطق بالشين التي كالجيم، في نحو أشدق، والصاد التي كالزاي كنحو مصدر والكاف التي كالجيم والجيم التي كالكاف فهم في ذلك بمنزلة الألثغ والأرت.
القول الثانى:
ذهب قوم في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) إلى أنها سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه، واحتجوا بحديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
قال أبو عمر بن عبد البر:
"هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر، منهم أحمد بن أبي عمران فيما سمعه الطحاوي منه قال: من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه أو يكون حلالا لا ما سواه ذكره المقدسي
القول الثالث :
حاول جماعة من أهل العلم بالقراءات استخراج سبعة أحرف من هذه القراءات المشهورة فقال بعضهم: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة: منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {هن أطهر لكم} , (أطهر لكم)، {ويضيق صدري} (ويضيق صدري) بالرفع والنصب فيهما، ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته، مثل (ربنا باعد بين أسفارنا) و {ربنا باعد بين أسفارنا}، ومنا ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط، مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي، ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه، مثل {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش)، ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود". ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} "وجاء سكرة الحق بالموت"، ومنها الزيادة والنقصان، نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد.
- قال ابن عبد البر: "وهذا وجه حسن من وجوه معنى الحديثوفي كل وجه منها حروف كثيرة لا تحصى عدد وهذا يدلك على قول العلماء أن ليس بأيدي الناس من الحروف السبعة التي نزل القرآن عليها إلا حرف واحد وهو صورة مصحف عثمان وما دخل فيها يوافق صورته من الحركات واختلاف النقط من سائر الحروف ذكره ابوشامه المقدسي
- ثم ذكر أنه لا يقرأ من ذلك بما خالف خط المصحف، ثم قال:
"فأما ما اختلف فيه القراء من الإمالة والفتح والإدغام والإظهار والقصر والمد والتشديد والتخفيف وشبه ذلك، فهو من القسم الأول لأن القراءة بما يجوز منه في العربية، وروي عن أئمة وثقات: جائزة في القرآن؛ لأن كله موافق للخط". قال: "وهو الذي نعتقده ونقول به وهو الصواب إن شاء الله تعالى".
- واختار أبو علي الأهوازي طريقة أخرى فقال:
"قال بعضهم: معنى ذلك هو الاختلاف الواقع في القرآن يجمع ذلك سبعة أوجه: الجمع والتوحيد كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه"، والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل} و"لا تقبل"، والإعراب، كقوله تعالى: "المجيد" و {المجيد}، والتصريف، كقوله تعالى: "يعرشون" و {يعرشون}، والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكن الشياطين" {ولكن الشياطين}، واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين، والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار، وتغيير اللفظ والنقط بالتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك". قال: "وهذا القول أعدل الأقوال وأقربها لما قصدناه، وأشبهه بالصواب ذكره ابوشامه المقدسي واختاره الاهوازي
ثم ذكر وجها آخر فقال: "قال بعضهم: معنى ذلك سبعة معان في القراءة".
أحدها: أن يكون الحرف له معنى واحد، تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل {تعملون} و"يعملون".
"الثاني: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظتين مختلفتين، مثل قوله تعالى: {فاسعوا} و"فامضوا".
"والثالث: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ، إلا أن المعنيين متفرقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: "ملك" و {مالك}.
"والرابع: أن تكون في الحرف لغتان، والمعنى واحد وهجاؤها واحد، مثل قوله تعالى: "الرشد" والرشد".
"والخامس: أن يكون الحرف مهموزا وغير مهموز، مثل "النبيء" و {النبي}.
"والسادس: التثقيل والتخفيف، مثل {الأكل} و"الأكل".
"والسابع: الإثبات والحذف، مثل "المنادي" و {المناد} ".
قال أبو علي: "وهذا معنى يضاهي معنى القول الأول الذي قبله، وعليه اختلاف قراءة السبعة الأحرف".
قلت: وذكر هذين الوجهين اللذين ذكرهما أبو علي الأهوازي، الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد، ونسب الأول إلى أبي طاهر بن أبي هاشم، ثم قال عقيبه: "وهذا أقرب إلى الصواب إن شاء الله تعالى". قال: "وقد روي عن مالك بن أنس أنه كان يذهب إلى هذا المعنى". ونسب الوجه الثاني إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن واصل ذكره ابوشامه المقدسي

وأصح هذه الاقوال أن المراد من هذه الحروف اللغات وهو أن يقرأ كل قوم من العرب بلغتهم وما جرت عليه عادتهم من الادغام والاظهار والامالة والتفخيم و الإشمام والإتمام والهمز والتليين وغير ذلك من وجوه اللغات إلى سبعة أوجه منها في الكلمة الواحدة قال به صاحب شرح السنة وذكره أبو شامه المقدسي
[أحسنت، وفاتكِ ذكر بعض الأقوال
وأحسب أنه اختلط عليكِ القول بأنها سبع لغات مع القول بأنها المعاني المتفقة والمتقاربة]

3- هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
لا القراءات ليست الاحرف السبعة فالاحرف السبعة المراد بها سبع لغات من لغات العرب ومتفرقة في القران فبعضه نزل بلغة قريش وبعضه بلغة هوازن وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة اهل اليمن وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحدة ويبين هذا قول ابن مسعود رضي الله عنه [إنى سمعت القراة فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم إنما هو كقول احدكم هلم وتعال .
أما القراءات التي يقرأ بها الناس وصحت رؤيتها عن الأئمة إنما هي جزء من الاحرف السبعة التي نزل بها القران ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي جمع الصحابة ومن بعدهم عليه وترك ما سواه ولم ينقط ولم يضبط فاحتمل التأويل ذلك كما ذكر أبو محمد مكى ، ومن ظن أن قراءة احد القراء كنافع وعاصم احد الاحرف السبعة التي نص النبي عليه الصلاة والسلام فقد وقع في غلط عظيم كما ذكره أبو محمد مكى ولقد زاد الطبري في كتاب القراءات على القراء السبعة نحو خمسة عشر رجلا .

4: بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
السبب هو لما خلت تلك المصاحف من الشكل والاعجام وحصر الحروف المحتملة على احد الوجوه وكان اهل كل ناحية من النواحي التي بعثت إليه المصاحف قد كان لهم في مصرهم ذلك من الصحابة معلمون كابي موسى الاشعرى بالبصرة وعلي وعبدالله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام فانتقلواعما بان لهم انهم امروا بالانتقال عنه مما كان بايديهم وثبتوا على مالم يكن في المصاحف الموجهة غليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه ذكره ابن جرير وذكر نحو ذلك مكى في كتابه المفرد الذي ألحقه بكتاب الكشف وكذلك الامام ابوبكر بن العربي في كتاب القبس

5: ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟
1- موافقة خط المصحف العثماني
2- ثبوت تلك القراءة بالنقل الصحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا يلزم بذلك التواتر بل تكفي الاحاد الصحيحه
3- ان تجيء على الفصيح من لغة العرب
أما حكم من خالف هذه الشروط : فلا يصلى وراءه كما نقل ابن عبد البر عن مالك رحمه الله من المنع من قراءة ما خالف المصحف في الصلاة
وقال شيخ المالكية : لا يجوز ان يقرا بالقراءة الشاذة في صلاة ولا غيرها عالما كان بالعربية او جاهلا وإذا قرأ بها جاهلا بالتحريم عرف به ,أمر بتركها وإن كان عالما أدب بشرطه وأن أصر حبس إلي أن يرتدع عن ذلك

6: تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرة المتصّلة من ذلك.

عند تلاوة العبد للقران فان المطلب الأول هو فهم معانيه والتفكر فيه وتدبره لأن هذا ما يورث العلم بالله وخشيته والعمل بمقتضاه والوقوف عند حدوده ، وهذا هو نهج الصحابة الأخيار والتابعين من بعدهم فقد ورد عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة في قوله تعالى [ الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته ] قال : يتبعونه حق اتباعه ، وكما قال الحسن البصرى في قوله تعالى [ كتاب أنزلناه غليك مبارك ليدبروا اياته ] قال : تدبر آياته اتباعه والعمل بعلمه أما والله ما هو بحفظ حروفه وإظاعة حدوده .
وكان من حال الصحابة رضي الله عنهم ترديد الايات بل الاية الواحدة حتى يصبح من تدبره لها وتمكنها من قلبه فقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يردد قوله تعالى [ وقل ربي زدني علما ] حتى يصبح .
وعن ابن المبارك التيمي قال : من أوتى من العلم ما لايبكيه ك فليس بخليق أن يكون أوتى علما ينفعه لأن الله تعالى وصف العلماء بقوله تعالى [ ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ] ، كما أن من ثمرة التدبر للقران أن هذا يظهر آثاره على خلق حامل القران فتظهر عليه بقيامه الليل إذا ما نام الناس وبصيامه النهار إذا ما أفطروا وبورعه وتواضعه ومسابقته للخيرات ، فاستحق بذلك الاكرام والتقدير عن ابي موسى الاشعرى رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : [ إن من إجلال الله عزوجل إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القران غير الغالي فيه ولا الجافي عنه ]

التقويم: ب+
خُصمت نصف درجة للتأخير
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, التاسع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir