دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 شوال 1441هـ/7-06-2020م, 04:26 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الأول: مجلس مذاكرة القسم العاشر من تفسير سورة النساء

مجلس مذاكرة القسم العاشر من تفسير سورة النساء من الآية 71 إلى الآية 79

- لخص أحد الدروس التالية مطبقا ما درسته سابقا في دورة المهارات الأساسية والمهارات المتقدمة في التفسير .


- تفسير سورة النساء [ من الآية (71) إلى الآية (73) ]
- تفسير سورة النساء [ من الآية (74) إلى الآية (76) ]
- تفسير سورة النساء [ من الآية (77) إلى الآية (79) ]



- ثم صحح أحد تلخيصات زملائك.


قواعد مجالس مذاكرة سورة النساء:

١. يفتح المجلس في بداية كل أسبوع بإذن الله.
٢. ‏يختار كل طالب أحد الموضوعات المقررة في مقرر الأسبوع، ويمنع التكرار حتى تستوعب كل الدروس.
٣. يعمل الطالب على تلخيص الدرس من خلال تطبيق المهارات التي تعلمها في المهارات الأساسية والمتقدمة في التفسير، وطلاب مستوى الامتياز يجدر بهم تقديم عمل جيد يناسب مستواهم وما مارسوه من تطبيقات سابقة.
٤. يحبذ تسليم التلخيص يوم الخميس من كل أسبوع كحد أقصى.
٥. يومي الجمعة والسبت:
يختار الطالب أحد تلخيصات زملائه ويعمل على تصحيحه، مبينا ما فاته من مسائل وما قصر فيه من أدوات التحرير العلمي و الصياغة والعرض ونحو هذا؛ وحتى يحقق هذا المطلوب سيحتاج الطالب قراءة جيدة للدرس ربما تفوق قراءته الشخصية لعمل واجبه، وهذا المطلوب سينمي لديكم عدة مهارات منها التصحيح، والتفطن لمواضع الخطأ ومن ثم تجنبها فيما يستقبل من أعمالكم، والتوسع في فهم بعض المسائل حتى تتمكنوا من شرحها للآخرين.
٦. تقوم هيئة التصحيح بتصحيح جميع أعمالكم في الأسبوع التالي بإذن الله، بما فيها إرشادات على تصحيحكم على نماذج زملائكم.
٧. في النهاية يفتح كل منكم ملفا في حاسوبه، يحتفظ فيه بتلخيص كامل دروس القسم ويفضل تعديل التلخيص وفق ملحوظات التصحيح، ليكتمل له في نهاية هذا المقرر بإذن الله أصلا علميا في تفسير سورة النساء.


وبهذا فإن المطلوب الأسبوعي منكم باختصار:
١. دراسة مقرر كل أسبوع.
٢. تلخيص أحد الدروس.
٣. تصحيح عمل واحد من أعمال زملائكم.
- يمنع التكرار في كل الأحوال حتى تستوعب جميع الأعمال.
زادكم الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 شوال 1441هـ/7-06-2020م, 02:54 PM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

اختار بإذن الله تعالى
الآية (71) إلى الآية (73) ]
والتصحيح للأخت فاطمة الزهراء .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 شوال 1441هـ/7-06-2020م, 03:23 PM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

أختار بإذن الله الآيات 74-76

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 شوال 1441هـ/8-06-2020م, 08:33 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77) أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا (79)}.

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)}

القراءات في الآية:
-قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم «تظلمون» بالتاء على الخطاب، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي «يظلمون» بالياء على ترك المخاطبة وذكر الغائب. ذكره ابن عطية.

المراد بقوله "الذين قيل لهم":
اختلف المتأولون فيمن المراد بقوله الّذين قيل لهم؟ فقيل:
- كان عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والمقداد بن عمرو الكندي وجماعة سواهم قد أنفوا من الذل بمكة قبل الهجرة وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيح لهم مقاتلة المشركين، فأمرهم الله تعالى بكف الأيدي، فلما كان بالمدينة وفرض القتال، شق ذلك على بعضهم وصعب موقعه، ولحقهم ما يلحق البشر من الخور والكع عن مقارعة العدو فنزلت الآية فيهم. قال به ابن عباس, ورواه ابن أبي حاتمٍ والنّسائيّ، والحاكم، وابن مردويه, وابن جرير من طريق عليّ بن الحسن، عن الحسين بن واقدٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، عنه.
وقال به السدي, ورواه ابن جرير عن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباط عنه.
وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
-وقيل: كان كثير من العرب قد استحسنوا الدخول في دين محمد عليه السلام على فرائضه التي كانت قبل القتال من الصلاة والزكاة ونحوها والموادعة وكف الأيدي، فلما نزل القتال شق ذلك عليهم وجزعوا له، فنزلت الآية فيهم. ذكره ابن عطية نقلا عن المهدوي.
-وقيل: الآية حكاية عن اليهود أنهم فعلوا ذلك مع نبيهم في وقته، فمعنى الحكاية عنهم تقبيح فعلهم، ونهي المؤمنين عن فعل مثله. قال به ابن عباس, ورواه ابن جرير عن محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ أنه قال: : {فلمّا كتب عليهم القتال إذا فريقٌ منهم} إلى قوله: {لم كتبت علينا القتال} نهى اللّه تبارك وتعالى هذه الأمّة أن يصنعوا صنيعهم.
وقال به مجاهد, ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ألم تر إلى الّذين قيل لهم كفّوا أيديكم وأقيموا الصّلاة} إلى قوله: {لاتّبعتم الشّيطان إلاّ قليلاً} ما بين ذلك في اليهود.
وذكره ابن عطية وابن كثير.
-المراد بالآية المنافقون من أهل المدينة عبد الله بن أبيّ وأمثاله، وذلك أنهم كانوا قد سكنوا على الكره إلى فرائض الإسلام مع الدعة وعدم القتال، فلما نزل القتال شق عليهم وصعب عليهم صعوبة شديدة، إذ كانوا مكذبين بالثواب. ذكره المهدوي ونقله ابن عطية واستحسنه لاطراد الحديث عن المنافقين في الآيات التي تليها, وقد ضعف الأقوال غيره في الآية التي تليها وذلك عند قوله: "...وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك", فقال: والهاء والميم في قوله: وإن تصبهم رد على الذين قيل لهم، كفوا أيديكم وهذا يدل على أنهم المنافقون، لأن المؤمنين لا تليق بهم هذه المقالة، ولأن اليهود لم يكونوا للنبي عليه السلام تحت أمر، فتصيبهم بسببه أسواء.
العرض والتوجيه:
وبعد سرد الأقوال سنسعى إلى تبيين الرأي الراجح فيها عبر مناقشة أقوالها, فنقول:
قبل أن نرجح قولا على آخر ينبغي أن نوجه الأقوال ونبين صحيحها من سقيمها, ما يتعارض فيها وما لا يتعارض.
فيما يخص القول الأول فإنه اجتمع فيه عدة أمور: كثرة القائلين به من السلف والخلف, والاتفاق على سند الرواية من عدة محدثين, والنص عليه في كثير من كتب التفسير, مما يقويه ويستبعد نفيه أو تضعيفه, ناهيك عن أن نص ابن عباس وغيره على أنها نزلت في جماعة من الصحابة يصعب معه أن يرد القول, ففي ذلك نوع من التكذيب والتضعيف له.
أما القول الثاني فهو في رأيي أضعف الأقوال وأوهنها, والسبب يعود إلى أنه لا يتناسب مع سياق الآية, فالآية تقول: "قيل لهم كفوا أيديكم... " أي أن السياق يدعم صورة لرجال أمروا بالكف عن القتال, ولم يؤمروا إلا لكونهم طلبوه. فكيف تقع هذه الصورة على أناس دخلوا في الإسلام لعدم أمره بالقتال مع بيان الله لكونهم أمروا بالكف؟
أما القول الثالث, فهو من أقوى الأقوال كذلك ومما لا يستبعد حصوله من اليهود, وسبب تقويتنا له يعود لكون ابن عباس القائل بالقول الأول هو كذلك ممن يقول بهذا القول, فكيف يقول به لو كان متعارضا مع الأول؟ وسنبينه بشكل أكثر في نهاية المسألة.
أما بالنسبة للقول الرابع والأخير, فيستبعد أن يكون سببا في النزول, وإنما يستفاد منه فائدة لطيفة سنذكرها كذلك عند الترجيح.
القول الراجح:
القول الراجح في المسألة -والله أعلى وأعلم- هو القول الأول متبوعا بالثالث, فبالإضافة لكون هذين القولين قال بهما صحابة وتابعين, فإن ابن عباس القائل بأول قول فيهما هو القائل بالثالث كذلك, ونستطيع الجمع بين القولين بتلك الصورة:
أن الآية نزلت في صحب من رسول الله كان حالهم كما ذكرنا, فكانوا هم المخاطبين في الآية بذلك, مع الإشارة إلى أن عملهم كان من عمل اليهود قبلهم, أي: احذروا بعملكم هذا أن تكونوا كيهود.
ومما يقوي هذا الرأي أيضا: ما قاله الحسن وذكره ابن عطية: أن قوله: كخشية اللّه يدل على أنها في المؤمنين.
أما القول الثاني فبينا ضعفه, والرابع يستفاد منه فائدة لطيفة, وهي أن في هذا الفعل تشبها بالمنافقين, وذلك أن الآية تبعتها آيات في الحديث عن المنافقين, فكان في مناسبة التتابع بين هذه الآيات, تذكير بتقارب تلك الصفات التي قد وجدت في اليهود مع المنافقين وأضرابهم.
لا سيما وأن ابن كثير ذكر أن هذه الآية مشابهة للآية التي نزلت في المنافقين: {ويقول الّذين آمنوا لولا نزلت سورةٌ فإذا أنزلت سورة محكمةٌ وذكر فيها القتال [رأيت الّذين في قلوبهم مرضٌ ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت فأولى لهم طاعةٌ وقولٌ معروفٌ فإذا عزم الأمر فلو صدقوا اللّه لكان خيرًا لهم]} [محمّدٍ: 20، 21]..

معنى "كفوا أيديكم":
-أمسكوا عن القتال. ذكره ابن عطية.

معنى الفريق:
-الفريق: الطائفة من الناس. ذكره ابن عطية.

المراد بقوله: "يخشون النّاس كخشية اللّه":
- يعني أنهم كانوا يخافون الله في جهة الموت، لأنهم لا يخشون الموت إلا منه، فلما كتب عليهم قتال الناس رأوا أنهم يموتون بأيديهم، فخشوهم في جهة الموت كما كانوا يخشون الله، وقال الحسن: قوله: كخشية اللّه يدل على أنها في المؤمنين، وهي خشية خوف لا خشية مخالفة. ذكره ابن عطية.
- ويحتمل أن يكون المعنى يخشون الناس على حد خشية المؤمنين الله عز وجل. ذكره ابن عطية ورجحه ولم يقطع به.
وهو الراجح والله أعلم لظهور معناه, وقد رجعت للطبري فوجدته ممن فسر بهذا التفسير, بل ولم يعرض لغيره.

معنى حرف "أو" في الآية:
استعرض ابن عطية الأقوال في الآية, وأنها قد تكون:
- بمعنى الواو.
-بمعنى «بل».
-للتخيير.
-على بابها في الشك في حق المخاطب.
-على جهة الإبهام على المخاطب.
ثم بين أن المعنى: أن الموضعين سواء.

دلالة قولهم: "لم كتبت علينا القتال":
-رد في صدر أوامر الله تعالى وقلة استسلام. ذكره ابن عطية.

معنى "لولا أخرتنا":
-المعنى: هلّا أخرتنا. ذكره الزجاج.

المراد بالأجل القريب:
-الموت. ذكره ابن عطية وابن كثير, ورواه عن السدي في القول الذي خرجناه مسبقا.
وزاد ابن عطية أنه: موتهم على فرشهم، هكذا قال المفسرون.
وعقب أنه: يحسن إذا كانت الآية في اليهود أو المنافقين، وأما إذا كانت في طائفة من الصحابة، فإنما طلبوا التأخر إلى وقت ظهور الإسلام وكثرة عددهم.

المخاطب في قوله: "قل":
-محمد عليه الصلاة والسلام. ذكره ابن عطية.

معنى قوله: "قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى":
أي الاستمتاع بالحياة قليلٌ، لأنه فان زائل, والآخرة التي هي نعيم مؤبد خيرٌ لمن أطاع الله واتقاه. مجموع ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

متعلق الظلم في قوله: "ولا تظلمون فتيلا":
-أعمالكم. ذكره ابن كثير.

معنى الفتيل:
الخيط في شق نواة التمرة. ذكره ابن عطية.

دلالة ختام الآيات:
-فيه تسليةٌ لهم عن الدّنيا, وترغيبٌ لهم في الآخرة، وتحريضٌ لهم على الجهاد. ذكره ابن كثير.

هدايات على ضوء الآية:
-نقل ابن كثير عن ابن أبي حاتمٍ قال: حدّثنا أبي، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم الدّورقي، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، حدّثنا حمّاد بن زيد، عن هشام قال: قرأ الحسن: {قل متاع الدّنيا قليلٌ} قال: رحم اللّه عبدًا صحبها على حسب ذلك، ما الدّنيا كلّها أوّلها وآخرها إلّا كرجلٍ نام نومةً، فرأى في منامه بعض ما يحبّ، ثمّ انتبه.
وقال ابن معين: كان أبو مسهر ينشد:
ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له = من اللّه في دار المقام نصيب
فإن تعجب الدّنيا رجالا فإنها = متاع قليلٌ والزّوال قريب

تفسير قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78)}

القراءات الواردة في الآية:
- قرئت: "أينما تكونوا يدرككم الموت" جزاء وجوابه. وهكذا قراءة الجمهور، وقرأ طلحة بن سليمان «يدرككم» بضم الكافين ورفع الفعل، قال أبو الفتح: ذلك على تقدير دخول الفاء كأنه قال: فيدرككم الموت، وهي قراءة ضعيفة. ذكره ابن عطية.
- وقف أبو عمرو والكسائي على قوله فما ووقف الباقون على اللام في قوله: فما ل، اتباعا للخط، ومنعه قوم جملة، لأنه حرف جر فهي بعض المجرور، وهذا كله بحسب ضرورة وانقطاع نفس، وأما أن يختار أحد الوقف فيما ذكرناه ابتداء فلا. ذكره ابن عطية.

مناسبة الآية لما قبلها:
-فيها بيان وإعلام أن آجالهم تخطئهم ولو تحصنوا بأمنع الحصون, وتركوا الجهاد, فمن هنا جاء المعنى مكملا ومحققا للمعنى المذكور في الآية السابقة. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

فيما ورد حول قوله: "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة":
-نقل ابن كثير عن ابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ هاهنا حكايةً مطوّلةً عن مجاهدٍ: أنّه ذكر أنّ امرأةً فيمن كان قبلنا أخذها الطّلق، فأمرت أجيرها أن يأتيها بنارٍ، فخرج، فإذا هو برجلٍ واقفٍ على الباب، فقال: ما ولدت المرأة؟ فقال: جاريةً، فقال: أما إنّها ستزني بمائة رجلٍ، ثمّ يتزوّجها أجيرها، ويكون موتها بالعنكبوت. قال: فكرّ راجعًا، فبعج الجارية بسكّينٍ في بطنها، فشقّه، ثمّ ذهب هاربًا، وظنّ أنّها قد ماتت، فخاطت أمّها بطنها، فبرئت وشبّت وترعرعت، ونشأت أحسن امرأةٍ ببلدتها فذهب ذاك [الأجير] ما ذهب، ودخل البحور فاقتنى أموالًا جزيلةً، ثمّ رجع إلى بلده وأراد التّزويج، فقال لعجوزٍ: أريد أن أتزوّج بأحسن امرأةٍ بهذه البلدة. فقالت له: ليس هنا أحسن من فلانةٍ. فقال: اخطبيها عليّ. فذهبت إليها فأجابت، فدخل بها فأعجبته إعجابًا شديدًا، فسألته عن أمره ومن أين مقدمه ؟ فأخبرها خبره، وما كان من أمره في هربه. فقالت: أنا هي. وأرته مكان السّكّين، فتحقّق ذلك فقال: لئن كنت إيّاها فلقد أخبرتني باثنتين لا بدّ منهما، إحداهما: أنّك قد زنيت بمائة رجلٍ. فقالت: لقد كان شيءٌ من ذلك، ولكن لا أدري ما عددهم؟ فقال: هم مائةٌ. والثّانية: أنّك تموتين بالعنكبوت. فاتّخذ لها قصرًا منيعًا شاهقًا، ليحرزها من ذلك، فبينا هم يومًا إذا بالعنكبوت في السّقف، فأراها إيّاها، فقالت: أهذه الّتي تحذرها عليّ، واللّه لا يقتلها إلّا أنا، فأنزلوها من السقف فعمدت إليها فوطئتا بإبهام رجلها فقتلتها، فطار من سمّها شيءٌ فوقع بين ظفرها ولحمها، فاسودّت رجلها وكان في ذلك أجلها.
والظاهر أن مجاهدا رواها على سبيل الاستشهاد بها في هذا الموضع لا غير.

معنى " أينما تكونوا يدرككم الموت":
-المقصود: أنّ كلّ أحدٍ صائرٌ إلى الموت لا محالة، ولا ينجيه من ذلك شيءٌ، وسواءٌ عليه جاهد أو لم يجاهد، فإنّ له أجلًا محتومًا، وأمدًا مقسومًا. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
واستشهد ابن كثيرا مقويا المعنى بآيات أخر: قال تعالى: {كلّ من عليها فانٍ [ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام]} [الرّحمن: 26، 27] وقال تعالى {كلّ نفسٍ ذائقة الموت} [آل عمران: 185] وقال تعالى: {وما جعلنا لبشرٍ من قبلك الخلد} [الأنبياء: 34].

معنى "بروج":
في المعنى اللغوي للكلمة نبين أن: برج معناه ظهر، ومنه البروج أي المطولة الظاهرة، ومنه تبرج المرأة, كما ذكر ذلك ابن عطية, ويقع هذا المعنى على عدة أمور, اختلف المتأولون في إيقاع مراد الآية عليها, فقيل:
-الأكثر والأصح: أنه أراد البروج والحصون التي في الأرض المبنية، لأنها غاية البشر في التحصن والمنعة، فمثل الله لهم بها، وحكى النقاش عن ابن عباس أنه قال: في بروجٍ مشيّدةٍ، معناه في قصور من حديد. وقال قتادة: المعنى في قصور محصنة، فيما رواه ابن جرير عن بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عنه.
وقاله ابن جريج فيما رواه ابن جرير عن القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عنه.
والجمهور, وذكره ابن عطية ورجحه, وكذا اختاره الزجاج وابن كثير.
-وقال السدي: هي بروج في السماء الدنيا مبنية، فيما رواه ابن جرير عن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عنه. وحكى مكي هذا القول عن مالك، وأنه قال: ألا ترى إلى قوله والسّماء ذات البروج [البروج: 1]. وضعفه ابن كثير وابن عطية وقال: وهذا لا يعطيه اللفظ، وإنما البروج في القرآن إذا وردت مقترنة بذكر السماء بروج المنازل للقمر وغيره على ما سمتها العرب وعرفتها.

معنى "مشيدة":
يدور معنى الشيد حول:
-الطول والرفعة، لأن شاد الرجل البناء إذا صنعه بالشيد وهو الجص إذا رفعه، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
-التحسين بالشيد، وذلك عندهم أن «شاد الرجل» معناه: جصص بالشيد، وإذا طلاه بالشيد، وهو ما يطلى به البناء من الكلس والجصّ وغيره وشيد معناه: كرر ذلك الفعل فهي للمبالغة. ذكره الزجاج وابن عطية.
وكلا المعنيين مما يصح أن يجتمع في معنى الآية فلا تعارض.

ما يفيده صيغة "مشيدة":
-جاءت مشيدة على وزن "مفعلة" وهذا الوزن يفيد التكثير والمبالغة. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.

مرجع ضمير (هم) في قوله تعالى: {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند اللّه وإن تصبهم سيّئة يقولوا هذه من عندك} (فيمن نزلت):
-المنافقين. ذكره ابن عطية وابن كثير. وهو الراجح لسياق الآية.
-اليهود, تشاؤما بدخول رسول الله المدينة. ذكره الزجاج.

معنى قوله تعالى: {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند اللّه وإن تصبهم سيّئة يقولوا هذه من عندك}:
-معنى الآية: وإن تصب هؤلاء حسنة رأوا أن ذلك بالاتفاق من صنع الله، لا أنه ببركة اتباعك والإيمان بك، وإن تصبهم سيّئةٌ، أي هزيمة أو شدة جوع وغير ذلك، قالوا: هذه بسببك، لسوء تدبيرك. كذا قال ابن زيد، وذكره ابن عطية, وابن كثير.
-وقيل لشؤمك علينا, وتركنا ديننا واتباعك. قاله الزجّاج وغيره, وذكره ابن عطية, وابن كثير.
واستشهد ابن كثير في تقوية المعنى: بموقف قوم فرعون: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيّئةٌ يطّيّروا بموسى ومن معه} [الأعراف: 131] وبقوله تعالى: {ومن النّاس من يعبد اللّه على حرفٍ [فإن أصابه خيرٌ اطمأنّ به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه خسر الدّنيا والآخرة]} الآية [الحجّ: 11].

المراد بـالـ"حسنة":
- خصبٌ ورزقٌ من ثمارٍ وزروعٍ وأولادٍ ونحو ذلك. هذا معنى قول ابن عبّاسٍ وأبي العالية والسّدّيّ وقتادة وابن زيد. وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

المراد بالـ"سيئة":
- قحطٌ وجدبٌ ونقصٌ في الثّمار والزّروع أو موت أولادٍ أو نتاجٍ أو غير ذلك. كما يقوله أبو العالية والسّدّيّ وابن عباس وقتادة وابن زيد. وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

معنى " قل كلٌّ من عند اللّه":
- أي الجميع (الحسنة والسيئة) بقضاء اللّه وقدره، وهو نافذٌ في البرّ والفاجر، والمؤمن والكافر. قال به ابن عباس وقتادة وابن زيد والحسن البصري. وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
تخريج أقوال أبو العالية السابقة: رواها ابن جرير عن المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن سعدٍ، وابن أبي جعفرٍ قالا: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عنه.
تخريج أقوال ابن زيد: رواها ابن جرير عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، عنه.
تخريج أقوال قتادة: رواها ابن جرير عن المثنّى،قال حدثنا اسحاق قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عنه.
تخريج أقوال ابن عباس: رواها ابن جرير عن المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عنه.
تخريج أقوال السدي: رواها ابن أبي حاتم عن عليّ بن الحسين، ثنا الهيثم- يعني ابن اليمان- ثنا الحكم عنه.
ونقل ابن كثير حديثا غريبا يتعلّق بقوله تعالى: {قل كلٌّ من عند اللّه} عن الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا السّكن بن سعيدٍ، حدّثنا عمر بن يونس، حدّثنا إسماعيل بن حمّادٍ، عن مقاتل بن حيّان، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: كنّا جلوسًا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؛ فأقبل أبو بكرٍ وعمر في قبيلتين من النّاس، وقد ارتفعت أصواتهما، فجلس أبو بكرٍ قريبًا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؛ وجلس عمر قريبًا من أبي بكرٍ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لم ارتفعت أصواتكما؟ " فقال رجلٌ: يا رسول اللّه، قال أبو بكرٍ: الحسنات من اللّه والسّيّئات من أنفسنا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "فما قلت يا عمر؟ " قال: قلت: الحسنات والسّيّئات من اللّه. تعالى. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ أوّل من تكلّم فيه جبريل وميكائيل، فقال ميكائيل مقالتك يا أبا بكرٍ، وقال جبريل مقالتك يا عمر فقال: نختلف فيختلف أهل السّماء وإن يختلف أهل السّماء يختلف أهل الأرض. فتحاكما إلى إسرافيل، فقضى بينهم أنّ الحسنات والسّيّئات من اللّه". ثمّ أقبل على أبي بكرٍ وعمر فقال "احفظا قضائي بينكما، لو أراد اللّه ألّا يعصى لم يخلق إبليس".
قال شيخ الإسلام تقيّ الدّين أبو العبّاس ابن تيميّة: هذا حديث موضوع مختلق باتفاق أهل المعرفة.

-بيان أن أصل الخير والمصائب من الله, كما تثبته الآية الكريمة, وهي أصل في باب القدر.

نوع الاستفهام في قوله: "فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا":
-استفهام استنكاري توبيخي, لقلة علمهم وسوء جهلهم. ذكره ابن عطية وابن كثير.
وفي هذا الأسلوب بلاغة كما ذكر ابن عطية؛ لأنك إذا استفهمت عن علة أمر ما، فقد تضمن كلامك إيجاب ذلك الأمر تضمنا لطيفا بليغا.

تفسير قوله تعالى: {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا (79)}

القراءات في الآية:
- "وما أصابك من سيئة": في مصحف ابن مسعود «فمن نفسك» «وأنا قضيتها عليك» وقرأ بها ابن عباس، وحكى أبو عمرو أنها في مصحف ابن مسعود «وأنا كتبتها» وروي أن أبيا وابن مسعود قرأ «وأنا قدرتها عليك».
روى ذلك ابن وهب عن إسماعيل بن عيّاشٍ عن عبد الوهّاب بن مجاهدٍ قال: سمعت أبي يقول: كان في قراءة ابن مسعودٍ وأبيّ بن كعبٍ, وذكر ذلك.

الخطاب في الآية:
-لمحمد عليه الصلاة والسلام يراد به الخلق. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
فمخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تكون للناس جميعا لأنه عليه السلام لسانهم، والدليل على ذلك: قوله {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ}فنادى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده وصار الخطاب شاملا له ولسائر أمّته.
-وقيل: الخطاب للمرء على الجملة. ذكره ابن عطية.

معنى حرفي "ما" و"من" في الآية:
قيل:
-ما شرطية، ودخلت من بعدها لأن الشرط ليس بواجب فأشبه النفي الذي تدخله من. ذكره ابن عطية.
-ما بمعنى الذي، ومن لبيان الجنس، لأن المصيب للإنسان أشياء كثيرة: حسنة وسيئة، ورخاء وشدة، وغير ذلك. ذكره ابن عطية.

معنى {ما أصابك من حسنة فمن اللّه وما أصابك من سيّئة فمن نفسك}:
- معنى هذه الآية عند ابن عباس وقتادة والحسن والربيع وابن زيد وأبي صالح وابن جريج وغيرهم، القطع واستئناف الإخبار من الله تعالى، بأن الحسنة منه وبفضله، والسيئة من الإنسان بإذنابه، وهي من الله بالخلق والاختراع. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير وعليه أكثر أهل التأويل.
قول الحسن: رواه عبدالرزاق عن معمر عنه.
قول أبي صالح: رواه ابن منصور في سننه عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عنه.
قول السدي: رواه ابن جرير عن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عنه.
قول قتادة وحديثه الذي سنذكره: رواه ابن جرير عن بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عنه.
قول ابن عباس: رواه ابن جرير عن المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عنه.
قول الربيع: رواه ابن جرير عن القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عنه.
قول ابن جريج: رواه ابن جرير عن القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عنه.
وفي مصحف ابن مسعود ما يؤيد ذلك, ففيه: «فمن نفسك» «وأنا قضيتها عليك» وقرأ بها ابن عباس، وحكى أبو عمرو أنها في مصحف ابن مسعود «وأنا كتبتها» وروي أن أبيا وابن مسعود قرأ «وأنا قدرتها عليك» ويعضد هذا التأويل أحاديث عن النبي عليه السلام معناها، أن ما يصيب ابن آدم من المصائب، فإنما هي عقوبة ذنوبه. ومن ذلك أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما نزلت من يعمل سوءاً يجز به [النساء: 123] جزع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألست تمرض؟ ألست تسقم؟ ألست تغتم؟
وقال فيما روي مرسلا عن قتادة: «ما يصيب الرجل خدشة عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر». ففي هذا بيان أو تلك كلها مجازاة على ما يقع من الإنسان، كما ذكر ابن عطية.
وهذا الّذي أرسله قتادة قد روي متّصلًا في الصّحيح: "والّذي نفسي بيده، لا يصيب المؤمن همٌّ ولا حزنٌ، ولا نصبٌ، حتّى الشّوكة يشاكها إلّا كفّر اللّه عنه بها من خطاياه". ذكره ابن كثير.
-وقالت طائفة: معنى الآية كمعنى التي قبلها في قوله: وإن تصبهم حسنةٌ يقولوا هذه من عند اللّه [النساء: 78] على تقدير حذف يقولون، فتقديره فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا، يقولون: ما أصابك من حسنة، ويجيء القطع على هذا القول من قوله: وأرسلناك. ذكره ابن عطية.
-وقالت طائفة: بل القطع في الآية من أولها، والآية مضمنة الإخبار أن الحسنة من الله وبفضله، وتقدير ما بعده وما أصابك من سيّئةٍ فمن نفسك، على جهة الإنكار والتقرير، فعلى هذه المقالة ألف الاستفهام محذوقة من الكلام، وحكى هذا القول المهدوي, وذكره ابن عطية.

بيان أن في هذه الآية أصلا في الرد على القدرية والجبرية:
- قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عمّارٍ، حدّثنا سهلٌ -يعني ابن بكّار -حدّثنا الأسود بن شيبان، حدّثني عقبة بن واصل بن أخي مطرّف، عن مطرّف بن عبد اللّه قال: ما تريدون من القدر، أما تكفيكم الآية الّتي في سورة النّساء: {وإن تصبهم حسنةٌ يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيّئةٌ يقولوا هذه من عندك} أي: من نفسك، واللّه ما وكلوا إلى القدر وقد أمروا وإليه يصيرون.
وهذا كلامٌ متينٌ قويٌّ في الرّدّ على القدريّة والجبريّة أيضًا. ذكره ابن كثير.

ما يفيده قوله: {وأرسلناك للنّاس رسولا}:
-تأكيد رسالته عليه الصلاة والسلام. ذكره الزجاج وابن عطية.
والمعنى: تبلغهم شرائع اللّه، وما يحبّه ويرضاه، وما يكرهه ويأباه. ذكره ابن عطية وابن كثير.

سبب نزول "وكفى بالله شهيدا":
- قالت فرقة: سبب هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحبني فقد أحب الله»، فاعترضت اليهود عليه في هذه المقالة، وقالوا: هذا محمد يأمر بعبادة الله وحده، وهو في هذا القول مدّع للربوبية، فنزلت هذه الآية تصديقا للرسول عليه السلام، وتبيينا لصورة التعلق بينه وبين فضل الله تعالى. ذكره ابن عطية.

معنى {وكفى باللّه شهيدا}:
-أي: اللّه قد شهد أنه صادق، وأنه رسوله. ذكره الزجاج.

متعلق الشهادة في قوله: "وكفى بالله شهيدا":
-رسالة النبي. ذكره الزجاج.
-كذب من كذب برسالة النبي. ذكره ابن عطية.
وجمع ابن كثير بين القولين, وزاد: وهو شهيدٌ أيضًا بينك وبينهم، وعالمٌ بما تبلغهم إيّاه، وبما يردون عليك من الحق كفرا وعنادًا.

ما يقتضيه المعنى في قوله "وكفى بالله شهيدا":
-أنه توعد للكفرة، وتهديد تقتضيه قوة الكلام، لأن المعنى شهيدا على من كذبه.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 شوال 1441هـ/14-06-2020م, 01:19 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

أختار بإذن الله من 71 -73
والتصحيح للأخت نورة الأمير .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 شوال 1441هـ/19-06-2020م, 08:14 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

تفسير قوله تعالى :" {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74) وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)} [النساء: 74 ؛75، 76]}

******

قال الله تعالى:( فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء : 74]


§ علوم الآية
· مناسبة الآية لما قبلها
· والآية تفريع على ما تقدم من الحث على الجهاد ، وذم من يبطىء في الخروج إليه ففيها تجديد للحث على القتال في سبيل الله بتذكير أن هؤلاء جميعا مؤمنون ، قد شروا بإسلامهم لله تعالى الحياة الدنيا بالآخرة.
· مقصد الآية
- حضّ من الله المؤمنين على جهاد عدوّه من أهل الكفر به على أحايينهم غالبين كانوا أو مغلوبين


§ المسائل التفسيرية
· متعلق الفعل يقاتل
يقاتل المشركين وهو قول سعيد ابن جبير
  • تخريج الأقوال

قول سعيد رواه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عن سعيد قال: { فليقاتل في سبيل الله } يعني يقاتل المشركين .
· معنى في سبيل الله
في طاعة الله وهو قول سعيد بن جبير
  • تخريج الأقوال

أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عنه قال: { في سبيل الله } قال : في طاعة الله
قال ابن جرير في سبيل الله :أي القتال في دين الله والدعاء إليه والدخول فيما أمر به أهل الكفر به .اهـ
· معنى يشرون
في معنى يشرون قولين:


القول الأول: يشرون أي : يبيعُون .
وفي المعنى الآية احتمالين:
الاحتمال الأول : هؤلاء باعوا الدنيا بالآخرة ؛ أي فليقاتل في سبيل الله الذين يبيعون حياتهم الدنيا بثواب الاَخرة وما وعد الله أهل طاعته فيها .
فالموصول ( الذين) فاعل الفعل " يقاتل"
وهو قول السدي (127) وهو اختيار الطبري وجمهور المفسرين
وعليه يكون المخاطب في الآية المؤمنون المخلصون الذين يستحبون الآجلة على العاجلة ويستبدلونها بها. والمعنى: إن صدّ الذين في قلوبهم مرض، فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم في طلب الآخرة.
وقيل المراد ضعفاء المؤمنين الذين يتثاقلون عن الجهاد في سبيل الله.


  • · تخريج الأقوال

-تخريج قول السدي أخرجه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أسباط عنه قال :يبيعون الحياة الدنيا بالاَخرة .


  • توجيه القول

أن العرب تقول يقال : شريت الشيء بعته
و شرى مقابل اشترى ، مثل باع وابتاع وأكرى واكترى
قال ابن مفرغ
وشريت بردا ليتني *** من بعد برد كنت هامه
قال : وبرد هو غلامه ، وشريته بمعنى بعته ، وتمنى الموت بعد بيعه

واحتج له الطبري بأنه المعنى الأغلب لكلمة "شريت" قال رحمه الله : "وقد دللنا على أن الأغلب على معنى «شريت » في كلام العرب «بعت » بما أغنى.اهـ
وفي هذا المعنى قال الفراء في تفسير البقرة الآية 90: وللعرب في شَرَوْا واشْتَروا مذهبان ، فالأكثرُ منهما أن يكون شَرَوْا : باعوا ، واشتروا : ابتاعوا ، وربما جعلوهما جميعا في معنى باعوا.." اهـ
ويقول الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة في كتابه دراسات لأسلوب القرآن الكريم .:
«الشراء والبيع يتلازمان فالمشترى دافع الثمن وآخذ الثمن والبائع دافع الثمن وآخذ الثمن ... ومن هذا الوجه صار لفظ البيع والشراء يستعمل كل واحد منهما في موضع الآخر وشربت بمعنى بعت أكثر وابتعت بمعنى اشتريت أكثر».اهـ

· كيفية بيع الدنيا بالآخرة
ويتحقق بيع الدنيا بالآخر بإنفاق الأموال في طلب رضا الله ، كجهاد من أمر بجهاده من أعدائه وأعداء دينه ؛ وبذل وبذلهم الأنفاس والأرواح في ذلك.


الاحتمال الثاني: هؤلاء باعوا الآخرة بالدنيا وهو قول ابن زيد (182)
  • · تخريج الأقوال

-تخريج قول ابن زيد أخرجه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه قال: فيشري : يبيع ، ويشري : يأخذ ، وإن الحمقى باعوا الآخرة بالدنيا ..


وفي معنى الآية احتمالين
الأول :فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هؤلاء الَّذِينَ يبيعون الآخرة بالدنيا وهو ظاهر قول ابن زيد ؛ وعليه يكون الموصول "الذين" فاعل للفعل "يقاتل" والمخاطب الآية المنافقون الذين يتباطئون عن القتال ويبطئون غيرهم
الثاني:فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّه المؤمن النافر ِ هؤلاء الَّذِينَ يبيعون الآخرة بالدنيا ؛ وهو قول ابن كثير
وعليه يكون الموصول "الذين" مفعولا للفعل "يقاتل" والمخاطب بالآية المؤمنون المجاهدون في سبيل الله
  • توجيه القول

-أن "شريت" تأتي في الأغلب بمعنى بعت كما سبق بيانه
- أن الأساس والقاعدة في الاستبدال، أن الباء تدخل على المتروك: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} .
فقوله :" الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ" الباء دخلت على الآخرة فكانت هي المتروكة والمأخوذ هو الحياة الدنيا فهؤلاء أخذوا الحياة الدنيا عوضا عن الآخرة.

وقد يتعقب على ذلك أن هذا ليس بمطرد قالت بنت الشاطئ في كتابها الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق :" ...ولم يطرد دخولها- أي الباء- على المبيع المتروك، في: شرى، واشترى، كما يتضح بعدُ، بالاستقراء..."اهـ


  • القول الثاني : يشرون أي يشترون

والمعنى " فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يختارون الحياة الدنيا على الآخرة ؛فالموصول "الذين" فاعل للفعل "يقاتل" وهو اختيار الثعلبي و البغوي
وعليه يكون المخاطب الآية المبطئون المنافقون الذين يتخلفون عن الجهاد ويثبطون إخوانهم
ولا بد على هذا المعنى من تقدير محذوف في الآية أي :آمنوا ثم قاتلوا ؛لأنه لا يجوز أن يكون الكافر مأموراً بشيء مقدم على الإيمان .
قال الزمخشري : فالذين يشترون الحياة الدنيا بالآخرة هم المبطئون ، وعظوا بأن يغيروا ما بهم من النفاق ويخلصوا الإيمان بالله ورسوله ، ويجاهدوا من سبيل الله حق الجهاد. اهـ

وفي الآية معنى آخر ذكره ابن عرفةوهو: فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ المنافقُ الكفارَ الَّذِينَ يختارون الحياة الدنيا على الآخرة..وعليه يكون الموصول "الذين" مفعولا للفعل "يقاتل " ؛ فالخطاب للمنافق المتباطيء عن القتال ؛ وقد حاول بذلك تحقيق الارتباط بين هذه الآية وما سبقها من الآية
قال رحمه الله :.... والصواب عندي أنا غير هذا، وهو أنهم أعربوا الذين يشترون فاعلا، وأنا أعربه مفعولا ويجعل هذا الكلام مرتبطا بما قبله ومن تمام قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) أي هذا المنافق الذي يفعل هذا الفعل فليقاتل في سبيل الكفار الذين يشترون الحياة الدنيا بالآخرة."اهـ
  • توجيه القول:

من جهة اللغة
شريت يأتي في اللغة العرب بمعنى اشتريت
يقال شريت الشيء أي اشتريته
من جهة السياق:
أن سياق الآيات السابقة يتكلم عن المثبطين للجهاد ؛ الذي يَتَبَاطَأُ هُوَ فِي نَفْسِهِ، وَيُبَّطِئُ غَيْرَهُ عَنِ الْجِهَادِ قال الله تعالى :"{ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73).}. وقد ذهب جمهور المفسرين أن المراد بهم المنافقين وعلى رأسهم أبي ابن سلول
فبعدما بين حال المثبطين؛ حثهم عن الجهاد والقتال في سبيل الله و وعظهم بأن يبدلوا التثبيط بالجهاد فقال تعالى :{فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ."}
  • نقاش وترجيح:

-يرجع سبب الخلاف في الآية إلى أن لفظ "شرى" من الأضداد يطلق على البيع كما يطلق على الشراء قال الألوسي : " واشترى من الأضداد " اهـ
قال ابن الأنباري في كتابه الأضداد :" ويقال: شريت الشَّيء إِذا بعتَه، وشريتُه إِذا ابْتَعْتَه،."اهـ
وإن كان الأغلب في استعمال العرب له في البيع ويقابله في الشراء لفظ "اشترى".كما قرر ذلك غير واحد من أهل العلم
وذهب بعض المفسرين إلى حمل الآية على المعنيين كما هو صنيع الزمخشري و الرازي
وكذا السمين الحلبي و حمل الآية على نظائرها التي جاء بها لفظ "شرى" و هو يحتمل معنى البيع ومعنى الشراء قال رحمه الله :ونظيرُ هذه الآية في كون " شرى " تحتمل الاشتراء والبيع باعتبارين قوله تعالى : { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } [ يوسف : 20 ]اهـ
.
لكن هذا يشكل عليه أن لفظ "شريت" من الأضداد العكسي الذي يجب فيه تحديد أحد المعنيين اللائق بالآية والله أعلم
قال ابن عرفة بعدما ذكر صنيع الزمخشري في حمل الآية على المعنيين :" يلزمه استعمال اللفظ المشترك في مفهوميه معا "اهـ
وهذا ليس مشكلا في حمل المشترك على معنييه جميعا بل المشكل أن هذا مشتركا خاصا هو من الأضداد العكسي فالقول بأحد القولين يقتضي إبطال القول الآخر فيجب تحديد أحد المعنىين حسب ما تقتضيه قواعد التفسير وقواعد الترجيح



-والذي يظهر -والعلم عند الله- أن أولى المعنيين بالآية المعنى الأول ؛ أن معنى" يشرون" يبيعون أي؛ الذين يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة ؛ وهو قول جمهور المفسرين .
ولأن هذا المعنى الغالب والأغلب في استعمال لفظ "شريت" ؛ واستقراء كتاب الله للفظ "شرى" يدل على ذلك


استقراء لفظ "شرى" في القران
-- لفظ "شرى" الثلاثي لم تأت في القرآن - ولا في شواهدهم - إلا بمعنى باع إما حقيقة أو على جهة المجاز ودخلت الباء على المشتَرَى المطلوب، لا على المبيع المتروك.
وجاءت على هذه الصورة مطردة في أربعة مواضع.
قال تعالى :{وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (البقرة 102)
قال تعالى :{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} (البقرة 207)
قال تعالى:{فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ} (النساء 74)
وهذه هي المواضع الثلاثة التي استُعْمِلت فيها المادة استعمالاً مجازياً كما هو
ظاهر من السياق
قال تعالى : {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} (يوسف 20 )
فالاستعمال هنا حقيقي وليس مجازياً. .لأن البيع وقع بمعناه المعروف.
وبهذا يتبن أرجحية القول الأول أن معنى "شري" ؛ باع ؛ و هؤلاء أخذوا الآخرة وتركوا الدنيا فالخطاب للمؤمنين . والموصول في الآية فاعل للفعل "يقاتل"
والله أعلم




· غاية ما يرجى من القتال
قوله :" فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ" .ذكر لغايتي حالة المقاتل في سبيل الله ؛إما أن يقتل ويكون من الشهداء وإما أن يكون النصر حليفه وتكون له الغالبة على العدو غايتي حالتيه .
قال ابن عطية :" واكتفى بالغايتين عما بينهما ، وذلك أن غاية المغلوب في القتال أن يقتل ، وغاية الذي يقتل ويغنم أن يتصف بأنه غالب على الإطلاق اهـ

-قال
البيضاوى: وإنما قال { فيقتل أو يغلب }تنبيها على أن المجاهد ينبغي أن يثبت في المعركة حتى يعز نفسه بالشهادة أو الدين ، بالظفر والغلبة وأن لا يكون قصده بالذات إلى القتل ، بل إلى إعلاء كلمة الحق وإعزاز الدين .اهـ
· حكم الأسير
المقاتل لا يخلو من أحوال: إما أن يغلب ويكون النصر حليفه وإما أن يقتل فيموت شهيدا وإما أن يأسر وإما أن ينهزم و يفر من ساحة القتال وقد ذم الله من يفر من ميدان المعركة بل جعل من السبع الموبقات التولي يوم الزحف
وقيل :لم يذكر الانهزام تلويحا إلى أن المقاتل في سبيل الله لا ينهزم..
أما الأسير فهذا مغلوب في الحرب هزمه العدو وأسروه .
فهل الأسير له الأجر العظيم مثل أجر المغلوب و أجر المنتصر
ذهب الطاهر ابن عاشور أنه له نفس أجرهم وفي ذلك يقول: وإنّما اقتصر على القتل والغلبة في قوله : { فيُقتل أو يَغْلِب } ولم يزد أو يؤسر إباية من أن يذكر لهم حالة ذميمة لا يرضاها الله للمؤمنين ، وهي حالة الأسر ؛ فسكت عنها لئلاّ يذكرها في معرض الترغيب وإن كان للمسلم عليها أجر عظيم أيضاً إذا بذل جهده في الحرب فغلب إذ الحرب لا تخلو من ذلك ،اهـ
· التسوية بين من قتل شهيدا أو انقلب غانما
ظاهر الآية يقتضي التسوية بين القاتل والمقتول من المسلمين في جهاد المشركين في الأجر .وفي ذلك حض حثيث على قتال أهل الكفر والشرك؛ لأن كل من قاتل في سبيل الله - سواء قتل أو غَلَب وسَلَب - فله عند الله مثوبة عظيمة وأجر جزيل .
وهذا الظاهر يعارض ما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.مرفوعا :
«تَضَمَّنَ اللهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي، وَإِيمَانًا بِي، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي، فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، "و اللفظ لمسلم
هذا الحديث يقتضي أن لمن يستشهد من المجاهدين أحد الأمرين ، إما الأجر إن لم يغنم ، وإما الغنيمة ولا أجر
و وكذا ما جاء صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم )
وقد حاول القرطبي و قبله ابن العربي الجمع بينهما فذكروا في ذلك أوجها منها :
- أن " أو " في حديث أبي هريرة بمعنى الواو ، وقد دلت عليه رواية أبي داود فإنه قال فيه : ( من أجر وغنيمة ) بالواو الجامعة
- أن حديث أبي هريرة محمول على مجرد النية والإخلاص في الجهاد ، فذلك الذي ضمن الله له إما الشهادة ، وإما رده إلى أهله مأجورا غانما ، ويحمل الحديث الثاني حديث عبد الله بن عمرو على ما إذا نوى الجهاد ولكن مع نيل المغنم ، فلما انقسمت نيته انحط أجره ؛ .فقد دلت السنة على أن للغانم أجرا كما دل عليه الكتاب فلا تعارض .
- أو يقال أن نقص أجر الغانم على من يغنم إنما هو بما فتح الله عليه من الدنيا فتمتع به وأزال عن نفسه شظف عيشه ، ومن أخفق فلم يصب شيئا بقي على شظف عيشه والصبر على حالته ، فبقي أجره موفرا بخلاف الأول . ومثله قوله في الحديث الآخر : ( فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا - منهم مصعب بن عمير - ومنا من أينعت له تمرته فهو يهدبها ) .


· فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
الأجر العظيم الجنة وهو قول سعيد ابن جبير (95) و يحي ابن أبي كثير (129)
  • تخريج الأقوال

قول سعيد ابن جبير رواه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عنه
قول يحي ابن أبي كثير أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق الأوزاعي عنه قال الآجر العظيم : الجنة
§ الأجر العظيم لا يقدره قدر أحد من الخلق
قال الطبري :"وليس لما سمي جلّ ثناؤه عظيما مقدار يعرف مبلغه عباد الله."
قال أبو زهرة :" وقد وصف الجزاء بالعظم للدلالة على مقداره ، ونَكَّر للدلالة على أنه لا يحده تعيين ، ولا يبينه تعريف ، مهما يكن دقيقا .
قال الله تعالى :( وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) [النساء : 75]


§ المخاطب بالآية
الخطاب في الآية للمؤمنين أي : وما لكم أيها المؤمنون لا تقاتلون في سبيل الله
§ معنى ما لكم
ما : استفهامية ؛ والمعنى وما شأنكم لا تقاتلون في سبيل الله
قال ابن عطية:" وقوله تعالى : { وما لكم } اللام متعلقة بما يتعلق بالمستفهم عنه من معنى الفعل ، تقديره وأي شيء موجود أو كائن أن نحو ذلك لكم ؟اهـ
§ والغرض من الاستفهام
والغرض من الاستفهام الإنكار قال الطاهر ابن عاشور قال رحمه الله ":ومعنى { ما لكم لا تقاتلون } ما يمنعكم من القتال ، وأصل التركيب : أي شيء حقّ لكم في حال كونكم لا تقاتلون ، فجملة { لا تقاتلون } حال من الضمير المجرور للدلالة على ما منه الاستفهام . والاستفهام إنكاري."اهـ
وفي بيان وجه الاستنكار يقول أبو زهرة رحمه الله :" ، وموضع الاستنكار أنهم لا يقاتلون في سبيل الله مع توافر دواعي القتال من الإيمان وحماية من تجب حمايتهم بحكم الشرف ، والكرامة الإنسانية .اهـ
§ معنى المستضعفين
أي المقهورين
§ المراد بالمستضعفين
من كان بمكة من المؤمنين تحت إذلال كفرة قريش وأذاهم لا يستطيعون خروجاً ، ولا يطيب لهم على الأذى إقامة . وهو قول ابن عباس(68) و مجاهد (104) والحسن البصري(110)
قال ابن عباس ، رضي الله عنه : كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان.

وروى البخاري عن عَبدِ الله بن أبي مُلَيكةَ: "أنَّ ابنَ عبَّاسٍ تَلا: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ. قال: كنتُ أنا وأمِّي ممَّن عذَر اللهُ"
وفي هؤلاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كما روى ذلك البخاري في صحيحه وغيره من حديث أبي هريرة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاَةِ العِشَاءِ قَنَتَ: «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ»
  • تخريج الأقوال

قول ابن عباس أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عنه
قول مجاهد أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح
وأخرجه عبد بن حميد كما عند السيوطي

قول الحسن البصري ذكره يحي بن سلام كما في تفسير ابن زمنين
§ إعراب المستضعفين
( المستضعفين ) في موضع خفض .
وفي عطفه وجهان:
-أحدهما: أنه عطف على اسم الله جل ذكره، أي: وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وفي سبيل المستضعفين؛ لأنَّ سبيل المستضعفين سبيل الله؟ . فخلاص المستضعفين من سبيل الله .
وهو قول محمد ابن شهاب الزهري( 124) وعبد الملك بن جريج ( 150) . وهو اختيار الزجاج ( 311)
  • تخريج الأقوال

قول ابن شهاب الزهري أخرجه ابن جرير من طريق عبد الله بن كثير قال :سمعت محمد ابن شهاب الزهري يقول : في سبيل الله وفي سبيل المستضعفين.
قول عبد الملك بن جريج أخرجه ابن المنذر من طريق ابن ثور عنه قال: ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله وفي سبيل المستضعفين
-والثاني: أنه عطف على السبيل، أي: في سبيل الله وفي خلاص المستضعفين، أي أن السبيلين مختلفين
وهو قول ابن عباس (68) والسدي (128) وسفيان بن عيينة (198)
  • تخريج الأقوال

قول ابن عباس أخرجه ابن جرير من طريق عطاء الخرساني عنه قال ابن عباس :وفي المستضعفين
قول السدي أخرجه ابن جرير من طريق أسباط عنه قال: وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وفي المستضعفين.
قول سفيان أخرجه ابن أبي حاتم من طريق غسان مالك بن إسماعيل عنه قال : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وفي المستضعفين.
وقيل "المستضعفين : في موضع نصب على الاختصاص بفعل مقدر والمعنى : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وأخص المستضعفين
وفي هذه الحالة تكون. الواو حالية. وجملة «أخص المستضعفين» في محل نصب حالا.
وأيا كان التخريج النحوي فالمعنى واحد أي وما لكم لا تقاتلون في سبيل تخليص أولئك الذين استضعفوا لعدم وجود من ينصرهم ، فضعفوا ، وهانوا على أولئك الظالمين ، وإن لم يهونوا عند الله سبحانه وتعالى ، وعندكم أنتم أهل الحق والإيمان .
§ معنى الولدان
والولدان جمع وليد وهو الصبي الصغير
وقد يكون جمع ولد ونظيره مما جاء على فعل وفعلان ، نحو حزب وحزبان ، وورك ووركان ، كذلك ولد وولدان
وعلى كلا الحالين المراد به الصبيان
§ المراد بالقرية
اتفقت عبارات السلف أن المراد بالقرية مكة
قال ابن عطية: والآية تتناول المؤمنين والأسرى وحواضر الشرك إلى يوم القيامة.اهـ
§ إعراب "الظالم"
الظالم في موضع خفض نعت للقرية وهو ما يسمى في علم النحو بالنعت السببي؛ وأهلها فاعل الظالم لأنه اسم فاعل ..كقولنا:مررت بالرجل الكريم أبوه.
وحقيقة النعت السببي يدل على صفة من صفات اسم يأتي بعده، وله تعلق بالمتبوع (المنعوت)
وعليه يكون "الظالم" نعت للأهل وليست نعتا للقرية ؛ فهو صفة لما بعده ؛و ليس صفة للمَتْبُوع
غير أنه لما كان لأهل القرية ارتباطٌ بها جاز أن نقول عن صفة أهل القرية: إنها صفة للقرية، ومِن أجل ذلك يسمى لفظ (الظالم) في هذه الآية نعتًا غير حقيقي، أو نعتًا سببيًّا.

قال
ابن عطية: ووحد الظالم لأنه موضع اتخاذ الفعل ، ألا ترى أن الفعل إنما تقديره الذي ظلم أهلها "اهـ
§ نسب الظلم للأهل ولم ينسب للقرية
وصف الأهل بالظلم ولم توصف القرية وهى مكة بذلك؛ وفي ذلك تشريف وتكريم له وتنزيه أن يوصف البلد الأمن بالظلم ولو على سبيل المجاز والتقدير

وفي هذا المعنى نقل أو زهرة عن ناصر الدين السكندري في كتابه"الانتصاف" في هذه الآية ما نصه : "ووقفت على نكتة في هذه الآية حسنة ، وهي أن كل قرية ذكرت في الكتاب العزيز ، فالظلم إليها ينسب بطريق المجاز ، كقوله تعالى : { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة( 112 ) } ( النحل ) ، إلى قوله تعالى : { فكفرت بأنعم الله } ، وقوله تعالى :{ وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها( 58 ) }( القصص ) ، وأما هذه القرية في سورة النساء ، فينسب الظلم إلى أهلها على الحقيقة ، لأن المراد بها مكة ، فوُقِّرت عن نسبة الظلم إليها ، تشريفا لها ، شرفها الله تعالى .اهـ


u الغرض من عطف المستضعفين على سبيل الله
ما الغرض من ذكر القتال في سبيل استنقاذ وخلاص المستضعفين بعد القتال في سبيل الله وهو يشمله ؟ . قيل هو من قبيل عطف الخاص على العام ؛ لمزيد العناية بالخاص والاهتمام به
وفي بيان وجه العناية بالخاص يقول أبو زهرة : "....النص على هؤلاء للتحريض على القتال ، بحكم الشرف والمروءة ، بعد التحريض عليه بحكم الدين والقربى إلى الله سبحانه وتعالى ، ذلك أن العربي الكريم المعدن ، وإن لم يكن مؤمنا ، يرى من المروءة والشرف والنجدة ألا يتعدى على ضعيف ، لا قوة له ، وأن من الواجب عليه أن ينصره وأن يغيثه ...اهـ
وقال رشيد رضا:" والنكتة فيه إثارة النخوة ، وهز الأريحية الطبيعية ، وإيقاظ شعور الأنفة والرحمة" اهـ
u الغرض من تخصيص النساء والولدان بالذكر
في ذلك حض حثيث و تحريك للهمم على القتال من جهتين ذكرهما أبو زهرة:
-أن النص على النساء والولدان الصغار فيه تحريض أقوى تحريض ؛ لأن هؤلاء يعيرون إذا تركوهم في أيدي الأعداء.
-أن ذكر الأولاد بالذات ، وهم لم يجنوا أي جناية ، فيه حث بذاته على القتال ، فإذا كان المشركون قد أفحشوا في الاعتداء ، فليس للمسلمين أن يخذلوا هؤلاء الضعفاء .
§ معنى وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا
يا ربنا واجعل لنا من عندك وليّا ، يلي أمرنا بالكفاية مما نحن فيه من فتنة أهل الكفر بك
§ معنى وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا.
- واجعل لنا من عندك من ينصرنا على من ظلمنا من أهل هذه القرية الظالم أهلها ، بصدّهم إيانا عن سبيلك ، حتى تظفرنا بهم ونُعلي دينك .
قال ابن عثمين :.... أنَّ للإنسانِ أنْ يطلُبَ من الله تعالى وليًّا من عنده؛ لقوله: وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، ولا يقال: إنَّه لا بدَّ أن تقول: اللَّهمَّ تولَّني، فأنت إمَّا أن تدعوَ اللهَ بأن يتولَّاك، أو أن ييسِّرَ لك وليًّا، وكذلك يقال في قوله تعالى: وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا اهـ
§ حيلة المستضعف الدعاء
لم يجد أولئك المستضعفين حلية في دفع ظلم الظلم إلا دعاء الرب القادر القدير والضراعة إليه في طلب معونته ونصره وإمداده
قال أبو زهرة :" وفي ذلك دليل أن أولئك المستضعفين من الرجال والنساء والذرية ليسوا مستسلمين للظلم ، ولكنهم يريدون دفعه ، ويتجهون إلى الله تعالى أن يخرجهم منه.اهـ
وكذلك يجب على كل مؤمن مستضعف مظلوم مقهور أن يتجه إلى ربه في دفع الظلم الظالم وطلب النصر منه والعون والتأييد؛ بل عليه أن يعلق جميع حوائجه بالله القدير وحده ولا يلجأ إلى غيره في تحقيق مطالبه وحوائجه
وفي ذلك تربية للرعية المستضعفة من قبل الحكام الولاة الطغاة الظالمين .فما عليهم إلا الاستغاثة بالله وسؤاله أن يمدهم بمن يتولى الدفاع عنهم وينصرهم على الظالمين فهذا هو الطريق الأسلم لهم ؛ والأحسن والأسرع في رفع الظلم عنهم.
· جماع ما يطلبه المستضعف من الله
أولئك المستضعفين توجهوا إلى ربهم بطلب ثلاثة أمور:
أولها : الإخراج من نير الظلم وحكم الظالمين .
وثانيها : أن يكونوا تابعين لولاية دولة الله ، وهي الدولة الإسلامية ، فلا يخرجون مشردين لا دولة تحميهم ولا ديار تؤويهم .
وثالثها:أن يكون لهم من الله نصير دائم ينصرهم، فلا يتمكن الأعداء منهم.


§ استنقاذ أسرى المسلمين من أيدي العدو
استُدل بالآية على وجوب استنقاذ أسرى المسلمين من أيدي العدو.
قال ابن العربي :قَالَ عُلَمَاؤُنَا : أَوْجَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْقِتَالَ ؛ لِاسْتِنْقَاذِ الْأَسْرَى مِنْ يَدِ الْعَدُوِّ مَعَ مَا فِي الْقِتَالِ مِنْ تَلَفِ النَّفْسِ ، فَكَانَ بَذْلُ الْمَالِ فِي فِدَائِهِمْ أَوْجَبَ ، لِكَوْنِهِ دُونَ النَّفْسِ وَأَهْوَنَ مِنْهَا . اهـ


ومما يقوي هذا القول ما رواه الأئمة الأربعة عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ» قَالَ سُفْيَانُ: " وَالعَانِي: الأَسِيرُ " واللفظ للبخاري
قال ابن العربي : قال مالك : الواجب استنقاذ أسرى المسلمين من أيدي العدو . إما ببذل النفوس أو الأموال ، حتى لا تبقى عين منا تطرف ، ولا يبقى لأحدهم درهم واحد .اهـ
قال ابن عثمين:"... وجوبُ الدِّفاع عن المستضعَفين عند الكفَّار؛ لأنَّ اللهَ تعالى وبَّخ على أمرين: على ترك القتالِ في سبيل الله، وعلى ترك القتالِ في سبيل هؤلاء المستضعَفين لتخليصِهم، وهذا أمرٌ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ- مع القدرة- أن يفُكَّ أسيرَ المسلمينَ، وأن يرفَعَ الظُّلمَ عنهم، بقدر المستطاع؛ لقول الله تعالى : "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" اهـ
قال الله تعالى :" الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)
§علوم الآية
·
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبْلَها:
قال الرازي:"وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ وُجُوبَ الْجِهَادِ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِصُورَةِ الْجِهَادِ. بَلِ الْعِبْرَةُ بِالْقَصْدِ وَالدَّاعِي، فَالْمُؤْمِنُونَ يُقَاتِلُونَ لِغَرَضِ نُصْرَةِ دِينِ اللَّه وَإِعْلَاءِ كَلِمَتِهِ، وَالْكَافِرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطاغوت"

§ المسائل التفسيرية
· سبيل الله
في طاعة الله ورضوانه ومنهاج دينه وشريعته التي شرعها لعباده
· سبيل الطاغوت
الطاغوت : كل ما عبد واتبع من دون الله
والمراد بالطاغوت في الآية الشيطان بقرينة ذكر الشيطان بعده " فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ " وهو قول قتادة (117)و مقاتل(150)
قال مقاتل : { والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت } ، يعني في طاعة الشيطان. اهـ
تخريج قول قتادة رواه ابن المنذر من طريق سعيه عنه قال في سبيل الطاغوت في سبيل الشيطان
والقتال في سبيل الطاغوت يكون في طاعة الشيطان وطريقه ومنهاجه الذي شرعه لأوليائه من أهل الكفر بالله
· فاقتلوا
الفاء للتفريع على ما سبق ؛ للتحريض على قتال أعداء الله وأعداء الدين من أهل الشرك وغيرهم.
· معنى أولياء الشيطان
{ أوْلِيَاءَ الشّيْطَانِ } يعني بذلك : الذين يتولونه ويطيعون أمره في خلاف طاعة الله والتكذيب به ، وينصرونه .
· أولياء الرحمان وأولياء الشيطان
الآية فرقت بين أولياء الله وأولياء الشيطان؛لَمَّا ذَكَرَ سبحانه وتعالى هَذِهِ الْقِسْمَةَ وَهِيَ أَنَّ الْقِتَالَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه: أَوْ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا سِوَى اللَّه طَاغُوتًا.
و أن كل
مَنْ كَانَ غَرَضُهُ فِي فِعْلِهِ رِضَا غَيْرِ اللَّه فَهُوَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ.

وذكر ولاية الشيطان بعد ذكر الذين يقاتلون في سبيل الطاغوت فيه إشارة أن كل من قاتل في سبيل الطاغوت والكفر كان وليا للشياطن أيا من كان؛ فالكافر ولي للشيطان مهما كان نوع كفره
كما قال تعالى :" ( إنّا جعلنا الشّياطين أولياء للذين لا يؤمنون )
وفيه تنبيه أيضا أن الذين أمنوا أولياء لله عزوجل....ففيه التفريق بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان
فأولياء الرحمان يقاتلون في سبيل الله ؛ وأولياء الشيطان يقاتلون في سبيل الطاغوت
· كيد الشيطان
المراد بكيد الشيطان مكره و ما يكيد به المؤمنين من تحزيبه أولياءه من الكفار بالله على رسوله وأوليائه أهل الإيمان به .
قال مقاتل :"{ إن كيد } ، يعني إن مكر { الشيطان كان ضعيفا } ، يعني واهنا ، كقوله سبحانه : { موهن كيد الكافرين } ( الأنفال : 18 ) ، يعني مضعف كيد الكافرين اهـ
وفي الإعلام بضعف كيد الشيطان ،تقوية لقلوب المؤمنين ، وتجرئة لهم على مقارعة الكيد الضعيف ، فإن العزم والحزم الذي يكون على حقائق الإيمان يكسره ويهده .
· الغرض من توكيد الجملة إن كيد الشيطان كان ضعيفا
الجملة "إن كيد الشيطان كان ضعيفا" مؤكدة بمؤكدين "إن" و "كان"
· وَفَائِدَةُ إِدْخَالِ كانَ فِي قَوْلِهِ: كانَ ضَعِيفاً لِلتَّأْكِيدِ لِضَعْفِ كَيْدِهِ، للدلالة على لزوم الصفة يَعْنِي أَنَّهُ مُنْذُ كَانَ كَانَ موصوفا بالضعف والذلة.
قال الطاهر ابن عاشور :"وأكَّد الجملةَ بمؤكِّدينِ (إنَّ) و(كَانَ) الدَّالَّة على تقرُّرِ وصْفِ الضَّعفِ لكيد الشَّيطانِ..اهـ
وفيه تنبيه أنّ الطاغوت والقوى المتجبرة مهما امتلكت من قوة ظاهرية ضعيفة في نفسها وجبانة في باطنها . .
· وجه كون كيد الشيطان ضعيفا
قال الطبري :وإنما وصفهم جلّ ثناؤه بالضعف ، لأنهم لا يقاتلون رجاء ثواب ، ولا يتركون القتال خوف عقاب ، وإنما يقاتلون حمية أو حسدا للمؤمنين على ما آتاهم الله من فضله ، والمؤمنون يقاتل من قاتل منهم رجاء العظيم من ثواب الله ، ويترك القتال إن تركه على خوف من وعيد الله في تركه ، فهو يقاتل على بصيرة بما له عند الله إن قتل ، وبما له من الغنيمة والظفر إن سلم . والكافر يقاتل على حذر من القتل ، وإياس من معاد ، فهو ذو ضعف وخوف .



تبصرة
روى ابن المنذر من طريق خصيف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : إذا رأيتم الشيطان فلا تخافوه ، واحملوا عليه ، إن كيد الشيطان كان ضعيفا .
قال مجاهد : كان الشيطان يتراءى لي في الصلاة ، فكنت أذكر قول ابن عباس ، فأحمل عليه ، فيذهب عني
.


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 شوال 1441هـ/20-06-2020م, 10:26 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تصحيحي لتطبيق عقيلة:
ممتازة، بارك الله فيك ونفع بك..
حسن تناول للمسائل وشمولية، كما تميزت بتوجيه الأقوال، واستفرغت الوسع في معرفة الراجح عبر طرق متعددة من استقراء وتتبع لغوي ونحوه، فبوركت..
ينقصك: عدم نسب بعض الأقوال لقائليها + الانتباه لعلامات الترقيم..

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 شوال 1441هـ/20-06-2020م, 05:59 PM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا (71)}
=المعنى الإجمالي للآية
أمر اللّه أن لا يلقي المؤمنون بأيديهم إلى التهلكة وأن يحذروا عدوهم وأن يجاهدوا في الله حق الجهاد، ليبلو الله الأخيار وضمن لهم مع ذلك النصر، لأنه لو تولى اللّه تعالى قتل أعدائه بغير سبب للآدميين لم يكونوا مثابين، ولكنه أمر أن يؤخذ الحذر، بإعداد الأسلحة والعدد وتكثير العدد بالنّفير في سبيله. ذكر هذا المعنى الزجاج في تفسيره، وابن كثير.

==المخاطب في الآية
هم المخلصين من أمة محمد عليه الصلاة والسلام ناداهم الله باسم الإيمان. ذكره ابن عطية في تفسيره.

==معنى قوله تعالى "خذوا حذركم"
أي استعدوا بأنواع الاستعداد فيدخل فيه أخذ السلاح وغيره. ذكره ابن عطية.

==معنى قوله "انفروا"
معناه: اخرجوا مجدين مصممين، يقال: نفر الرجل ينفر بكسر الفاء نفيرا، ونفرت الدابة تنفر بضم الفاء نفورا. ذكره ابن عطية.

==معنى قوله تعالى "فانفروا ثبات"

أي جماعات متفرقة فثبات مفردها ثبة.
قال زهير ابن أبي سلمى:
وقد أغدو على ثبة كرام... نشاوى واجدين لما نشاء
وهذا كناية عن السرايا، ذكر هذه المعنى الزجاج، وابن عطية وذكر أنه قد حكي أنها فوق العشرة من الرجال.
وقال ابن كثير: {ثباتٍ} أي: جماعةً بعد جماعةٍ، وفرقةً بعد فرقةٍ، وسريّةً بعد سريّةٍ، والثّبات: جمع ثبة، وقد تجمع الثّبة على ثبين.
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فانفروا ثباتٍ} أي: عصبا يعني: سرايا متفرّقين
وقول ابن عباس رواه الطبري عن المثني عن عبد الله بن صالح عن معاوية عن على بن أبي طلحة عنه، ورواه ابن أبي حاتم عن ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء عنه، ورواه أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

== معنى قوله تعالى: {جميعاً}
معناه: الجيش الكثيف مع النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا قال ابن عباس وغيره، ذكره ابن عطية، وابن كثر.
قال ابن كثير: وكذا روي عن مجاهدٍ، وعكرمة، والسّدّيّ، وقتادة، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ، ومقاتل بن حيّان، وخصيف الجزري.

فأما قول ابن عباس فتقدم تخريجه في المسألة السابقة.
وأما قول مجاهد فرواه الطبري عن ابن أبي نجيح عنه.
وكذا رواه عن يزيد عن سعيد عن قتادة.
وأما قول السدي فرواه الطبري عن أحمد بن مفضل عن أسباط عنه.
وأما قول الضحاك فرواه الطبري عن أبي معاذ عن عبيد بن سليمان عنه.

======================================================================================================================================

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72)}
==القراءات الواردة في الآية
قرأ مجاهد «ليبطئن» بالتخفيف في الطاء، ذكره ابن عطية.

==لمن الخطاب في الآية؟
المؤمنون. ذكره ابن عطية.

==المراد ب «من»
المنافقون وعبر عنهم بمنكم لأنه بين المؤمنين مختلطين بهم. ذكر هذا المعنى الزجاج وابن عطية.
وهذا روي عن مجاهد، في قوله: {وإنّ منكم لمن ليبطّئنّ فإن أصابتكم مصيبةٌ} إلى قوله: {فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا} ما بين ذلك في المنافقين.
وقول مجاهد قد رواه الطبري عن محمد بن عمرو عن أبي عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عنه.

==فائدة اللام في قوله "ليبطئن"
اللام تفيد القسم قاله الزجاج وقال "كان هذا لو كان كلاما لقلت إن منكم لمن أحلف واللّه ليبطئن".
وقال أيضا: (والنحويون يجمعون على أن: من وما والذي لا يوصلن بالأمر والنهي إلا بما يضمر معها من ذكر الخبر، وأن لام القسم إذا جاءت مع هذه الحروف فلفظ القسم وما أشبه لفظه مضمر معها) انتهى كلامه.
وذكر ابن عطية أنها كذلك عن الجمهور وأن هناك من قال هي للتأكيد.

==معنى "يبطئن"
أي يبطئ غيره ويثقله عن الجهاد. ذكر هذا المعنى ابن عطية.
وقيل يتباطأ بنفسه ويبطئ غيره. قاله ابن جريج. ذكره ابن كثير.
وقد أخرج هذا القول عن ابن جريج الطبري في تفسيره عن القاسم عن الحسين عن حجاج عنه.

==المراد بالمصيبة
القتل والاستشهاد وهذا في نظر المنافقين، أو على أن الموت كله مصيبة كما شاءه الله تعالى، وإنما الشهادة في الحقيقة نعمة لحسن مآلها. ذكره ابن عطية.

==معنى قوله تعالى: : {قد أنعم اللّه عليّ إذ لم أكن معهم شهيدا}
أي: لم أشركهم في مصيبتهم. قاله الزجاج.
قال ابن كثير :" يعدّ ذلك من نعم اللّه عليه، ولم يدر ما فاته من الأجر في الصّبر أو الشّهادة إن قتل".

========================================================================================================================================

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}

==القراءات الواردة في الآية.
-قرأ الحسن ليقولنّ بضم اللام على معنى «من» وضم اللام لتدل على الواو المحذوفة. ذكره ابن عطية.
-وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص «تكن» بتاء، وقرأ غيرهما «يكن» بياء، ذكره ابن عطية. وقال: (ذلك حسن للفصل الواقع بين الفعل والفاعل).
-وقرأ الحسن ويزيد النحوي فأفوز بالرفع على القطع والاستئناف، التقدير: فأنا أفوز. قال روح: لم يجعل ل «ليت» جوابا. ذكره ابن عطية.

==المعنى الإجمالي للآية.
قال ابن عطية: (المعنى ولئن ظفرتم وغنمتم وكل ذلك من فضل الله، ندم المنافق إن لم يحضر ويصب الغنيمة، وقال: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً، متمنيا شيئا قد كان عاهد أن يفعله ثم غدر في عهده، لأن المؤمن إنما يتمنى مثل هذا إذا كان المانع له من الحضور عذرا واضحا، وأمرا لا قدرة له معه، فهو يتأسف بعد ذلك على فوات الخير، والمنافق يعاطي المؤمنين المودة، ويعاهد على التزام كلف الإسلام، ثم يتخلف نفاقا وشكا وكفرا بالله ورسوله، ثم يتمنى عند ما يكشف الغيب الظفر للمؤمنين)

==المراد بالفضل في الآية
هو الفوز والغنيمة ذكره الزجاج، وابن كثير.

==معنى قوله تعالى: {ليقولنّ كأن لم تكن بينكم وبينه مودّة}
-قيل أنها اعتراضية
ويكون معنى الآية: ليقولن يا ليتني كنت معهم فأفوز، وتكون هذه الجملة بمثابة الاعتراض والتكذيب لما ظهر منه الآن من تمني أن لو كان مع المؤمنين، وهي التفاتة تظهر مدى قبح ما صدر منهم.
-وجائز أن يكون - واللّه أعلم -: ليقولنّ يا ليتني كنت معهم كأن لم تكن بينكم وبينه مودة،
أي: كأنّه لم يعاقدكم على أن يجاهد معكم، فلا يكون في العربيّة فيه عيب ولا ينقص معنى.. واللّه أعلم. ذكر هذين الوجهين الزجاج في تفسيره.
-وقيل إنه يقولها حسدا وحقدا على ما فاز به المؤمنين. وهذا حكاه الطبري عن قتادة وابن جريج.
وقول قتادة رواه الطبري عن بشر بن معاذ عن يزيد عن سعيد عنه.
وقول ابن جريج رواه الطبري عن القاسم عن الحسين عن حجاج عنه.

==معنى المودة في الآية:
معناها كأنه لم يظهر لكم المودة من قبل ولم يكن عاقدكم على الإيمان والجهاد. هذا المعنى مستنبط من كلام الزجاج وابن عطية وابن كثير.

==المراد بالفوز في قوله تعالى {فأفوز فوزًا عظيمًا}
أي: بأن يضرب لي بسهمٍ معهم فأحصل عليه. وهو أكبر قصده وغاية مراده. ذكره ابن كثير.

==الذي دلت عليه هذه الآية وسابقتها.
-يدل مجموع هاتين الآيتين على أن خارج المنافقين فإنما كان يقصد الغنيمة، ومتخلفهم إنما كان يقصد الشك وتربص الدوائر بالمؤمنين. ذكره ابن عطية.
-وقال الطبري: "هذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن هؤلاء المنافقين أنّ شهودهم الحرب مع المسلمين إن شهدوها لطلب الغنيمة، وإن تخلّفوا عنها فللشّكّ الّذي في قلوبهم، وأنّهم لا يرجون لحضورها ثوابًا ولا يخافون بالتّخلّف عنها من اللّه عقابًا."


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 شوال 1441هـ/20-06-2020م, 06:52 PM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم

تصحيحي لتطبيق الأستاذة أميرة :
أحسنتِ بارك الله فيك ونفع بكِ.
وهذه بعض الملاحظات:
في الآية 77
=1=في أول مسألة يحسن أن نذكر بعدها مسألة وهي أثر القراءة بالياء أو التاء في قوله "تظلمون" ففيها معنى زائد.
=2=في المسألة الثانية يحسن تقسيمها إلى سبب نزول الآية، ثم مسألة بيان المراد.
في الآية 78
=1=في المسألة الثالثة: هذه المسألة من الاستطراد فكان ينبغي ذكرها في نهاية التفسير فهي ليست من العماد، كما أنها لا يتوقف عليها فهم المعنى المراد.
=2=في المسألة الأخيرة يحسن الإشارة في نهايتها إلى أن لها تتمة في الآية التي تليها تبين أن الإنسان بذنبه يتسبب في السيئة حتى إذا رجعنا لها في المستقبل في الملخص كان هذا بمثابة التنبيه على أن هذه المسألة لا تفهم بمفردها بل لابد من تتمتها بالآية التي تليها التي تكلمت عن قوله تعالى "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" فبهذا تتبين عقيدة أهل السنة الجماعة في هذه المسألة والتي هي وسط بين طرفين.
في الآية 79
=في مسألة : سبب نزول "وكفى بالله شهيدا":
لا أدري هل الأفضل أن تجعل في بداية مسائل الآية أم تكون في موضعها من الآية. [فلعل هيئة التصحيح يفيدونا].

بارك الله فيك ووفقك لما فيه الخير.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 ذو القعدة 1441هـ/21-06-2020م, 12:42 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علاء عبد الفتاح محمد مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}

فاتك هنا علوم الاية :
الوقف
القراءات
النسخ :


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا (71)}
=المعنى الإجمالي للآية
أمر اللّه أن لا يلقي المؤمنون بأيديهم إلى التهلكة وأن يحذروا عدوهم وأن يجاهدوا في الله حق الجهاد، ليبلو الله الأخيار وضمن لهم مع ذلك النصر، لأنه لو تولى اللّه تعالى قتل أعدائه بغير سبب للآدميين لم يكونوا مثابين، ولكنه أمر أن يؤخذ الحذر، بإعداد الأسلحة والعدد وتكثير العدد بالنّفير في سبيله. ذكر هذا المعنى الزجاج في تفسيره، وابن كثير.

==المخاطب في الآية
هم المخلصين من أمة محمد عليه الصلاة والسلام ناداهم الله باسم الإيمان. ذكره ابن عطية في تفسيره.

==معنى قوله تعالى "خذوا حذركم"
أي استعدوا بأنواع الاستعداد فيدخل فيه أخذ السلاح وغيره. ذكره ابن عطية.

==معنى قوله "انفروا"
معناه: اخرجوا مجدين مصممين، يقال: نفر الرجل ينفر بكسر الفاء نفيرا، ونفرت الدابة تنفر بضم الفاء نفورا. ذكره ابن عطية.
هنا يجدر بنا أن نرجع إلى المصادر الأصلية بحسب ما درسنا لاستخراج معناه اللغوي .


==معنى قوله تعالى "فانفروا ثبات"
( هنا يحتاج تغيير صيغة المسألة لأن نريد معنى ثبات وليس معنى (انفروا ثبات)) .
أي جماعات متفرقة فثبات مفردها ثبة.
قال زهير ابن أبي سلمى:
وقد أغدو على ثبة كرام... نشاوى واجدين لما نشاء
وهذا كناية عن السرايا، ذكر هذه المعنى الزجاج، وابن عطية وذكر أنه قد حكي أنها فوق العشرة من الرجال.
وقال ابن كثير: {ثباتٍ} أي: جماعةً بعد جماعةٍ، وفرقةً بعد فرقةٍ، وسريّةً بعد سريّةٍ، والثّبات: جمع ثبة، وقد تجمع الثّبة على ثبين.
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فانفروا ثباتٍ} أي: عصبا يعني: سرايا متفرّقين
وقول ابن عباس رواه الطبري عن المثني عن عبد الله بن صالح عن معاوية عن على بن أبي طلحة عنه، ورواه ابن أبي حاتم عن ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء عنه، ورواه أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
ويحتاج هذه المسألة مزيدا من تحرير الأقوال بالرجوع إلى مصادر أخرى .

التخريج فيه نظر يحتاج الانتباه لطريقة التخريج كما درسنا .
== معنى قوله تعالى: {جميعاً}
معناه: الجيش الكثيف مع النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا قال ابن عباس وغيره، ذكره ابن عطية، وابن كثر.
قال ابن كثير: وكذا روي عن مجاهدٍ، وعكرمة، والسّدّيّ، وقتادة، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ، ومقاتل بن حيّان، وخصيف الجزري.( لا يحتاج إلى ذكر هذا بل أنت تبحثيها بنفسك وتتحققي على نسبتها تلك الأقوال كما درسنا )

فأما قول ابن عباس فتقدم تخريجه في المسألة السابقة.
وأما قول مجاهد فرواه الطبري عن ابن أبي نجيح عنه.( راجعي هذا لأنه لم يثبت عن مجاهد عن هذه المسألة ولم يخرجه الطبري )
وكذا رواه عن يزيد عن سعيد عن قتادة.
وأما قول السدي فرواه الطبري عن أحمد بن مفضل عن أسباط عنه.( التخريج ناقص )
وأما قول الضحاك فرواه الطبري عن أبي معاذ عن عبيد بن سليمان عنه.( وهنا أيضا لم يثبت عن الضحاك هذه المسألة ولم يخرجه ابن جرير ، فتأكدي من ذلك )

======================================================================================================================================

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72)}
==القراءات الواردة في الآية
قرأ مجاهد «ليبطئن» بالتخفيف في الطاء، ذكره ابن عطية.( هنا ترجعي إلى كتب القراءات وليس لابن عطية لأنه ليس من الكتب الأصلية)
وهناك مسائل أخرى في القراءات أيضا ناقصة وبالاضافة إلى توجيه القراءت وأثر القراءة )؟؟؟؟؟!!!!

==لمن الخطاب في الآية؟
المؤمنون. ذكره ابن عطية.

==المراد ب «من»
المنافقون وعبر عنهم بمنكم لأنه بين المؤمنين مختلطين بهم. ذكر هذا المعنى الزجاج وابن عطية.( هنا تستخلصي مسائل : معنى من ، مرجع الضمير الكاف ، السبب في التعبير ( منكم ) )
وهذا روي عن مجاهد، في قوله: {وإنّ منكم لمن ليبطّئنّ فإن أصابتكم مصيبةٌ} إلى قوله: {فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا} ما بين ذلك في المنافقين.
وقول مجاهد قد رواه الطبري عن محمد بن عمرو عن أبي عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عنه.( تخريج ناقص ، قول مجاهد أخرجه ابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره وابن المنذر في تفسيره ...)

==فائدة اللام في قوله "ليبطئن"
اللام تفيد القسم قاله الزجاج وقال "كان هذا لو كان كلاما لقلت إن منكم لمن أحلف واللّه ليبطئن".
وقال أيضا: (والنحويون يجمعون على أن: من وما والذي لا يوصلن بالأمر والنهي إلا بما يضمر معها من ذكر الخبر، وأن لام القسم إذا جاءت مع هذه الحروف فلفظ القسم وما أشبه لفظه مضمر معها) انتهى كلامه.
وذكر ابن عطية أنها كذلك عن الجمهور وأن هناك من قال هي للتأكيد.
( يحسن بك تحرير الأقوال في هذا ثم الترجيح )

==معنى "يبطئن"
أي يبطئ غيره ويثقله عن الجهاد. ذكر هذا المعنى ابن عطية.
وقيل يتباطأ بنفسه ويبطئ غيره. قاله ابن جريج. ذكره ابن كثير.
وقد أخرج هذا القول عن ابن جريج الطبري في تفسيره عن القاسم عن الحسين عن حجاج عنه.
( مزيدا من التحرير للأقوال وتخريجه وتوجيه الاقوال هنا )

هناك مسائل ناقصة :
معنى الفاء في قوله ( فإن) :
معنى المصيبة :
مرجع الضمير في قوله ( أصابتكم ) :


==المراد بالمصيبة
القتل والاستشهاد وهذا في نظر المنافقين، أو على أن الموت كله مصيبة كما شاءه الله تعالى، وإنما الشهادة في الحقيقة نعمة لحسن مآلها. ذكره ابن عطية.
وتوجيه هذا القول ؟!
مسألة ناقصة :

متعلق قوله ( قال ) :

==معنى قوله تعالى: : {قد أنعم اللّه عليّ إذ لم أكن معهم شهيدا}
أي: لم أشركهم في مصيبتهم. قاله الزجاج.
قال ابن كثير :" يعدّ ذلك من نعم اللّه عليه، ولم يدر ما فاته من الأجر في الصّبر أو الشّهادة إن قتل".

========================================================================================================================================

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}

ناقص مسألة الوقف :

==القراءات الواردة في الآية.
يحسن بك كتابة كل قراءة كل كلمة كمسألة منفصلة ومعنى القراءة ، وليكن بتعبيرك أفضل واحرصي على توجيه القراءات .
-قرأ الحسن ليقولنّ بضم اللام على معنى «من» وضم اللام لتدل على الواو المحذوفة. ذكره ابن عطية.
-وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص «تكن» بتاء، وقرأ غيرهما «يكن» بياء، ذكره ابن عطية. وقال: (ذلك حسن للفصل الواقع بين الفعل والفاعل).
-وقرأ الحسن ويزيد النحوي فأفوز بالرفع على القطع والاستئناف، التقدير: فأنا أفوز. قال روح: لم يجعل ل «ليت» جوابا. ذكره ابن عطية.

==المعنى الإجمالي للآية.
قال ابن عطية: (المعنى ولئن ظفرتم وغنمتم وكل ذلك من فضل الله، ندم المنافق إن لم يحضر ويصب الغنيمة، وقال: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً، متمنيا شيئا قد كان عاهد أن يفعله ثم غدر في عهده، لأن المؤمن إنما يتمنى مثل هذا إذا كان المانع له من الحضور عذرا واضحا، وأمرا لا قدرة له معه، فهو يتأسف بعد ذلك على فوات الخير، والمنافق يعاطي المؤمنين المودة، ويعاهد على التزام كلف الإسلام، ثم يتخلف نفاقا وشكا وكفرا بالله ورسوله، ثم يتمنى عند ما يكشف الغيب الظفر للمؤمنين)

==المراد بالفضل في الآية
هو الفوز والغنيمة ذكره الزجاج، وابن كثير.
توجيه القول ؟

==معنى قوله تعالى: {ليقولنّ كأن لم تكن بينكم وبينه مودّة}
-قيل أنها اعتراضية
ويكون معنى الآية: ليقولن يا ليتني كنت معهم فأفوز، وتكون هذه الجملة بمثابة الاعتراض والتكذيب لما ظهر منه الآن من تمني أن لو كان مع المؤمنين، وهي التفاتة تظهر مدى قبح ما صدر منهم.
-وجائز أن يكون - واللّه أعلم -: ليقولنّ يا ليتني كنت معهم كأن لم تكن بينكم وبينه مودة،
أي: كأنّه لم يعاقدكم على أن يجاهد معكم، فلا يكون في العربيّة فيه عيب ولا ينقص معنى.. واللّه أعلم. ذكر هذين الوجهين الزجاج في تفسيره.
-وقيل إنه يقولها حسدا وحقدا على ما فاز به المؤمنين. وهذا حكاه الطبري عن قتادة وابن جريج.
وقول قتادة رواه الطبري عن بشر بن معاذ عن يزيد عن سعيد عنه.
وقول ابن جريج رواه الطبري عن القاسم عن الحسين عن حجاج عنه.

وأيضا هناك مسائل أخرى ناقصة :

==معنى المودة في الآية:
معناها كأنه لم يظهر لكم المودة من قبل ولم يكن عاقدكم على الإيمان والجهاد. هذا المعنى مستنبط من كلام الزجاج وابن عطية وابن كثير.
مسألة ناقصة عن ( ياليتني ) ، وفائدتها ، ودلالتها :

==المراد بالفوز في قوله تعالى {فأفوز فوزًا عظيمًا}
أي: بأن يضرب لي بسهمٍ معهم فأحصل عليه. وهو أكبر قصده وغاية مراده. ذكره ابن كثير.

==الذي دلت عليه هذه الآية وسابقتها. أفضل أن تضعي مسألة كل آية في جهتها ، فهنا ضعي دلالتها وهناك ضعي دلالتها
-يدل مجموع هاتين الآيتين على أن خارج المنافقين فإنما كان يقصد الغنيمة، ومتخلفهم إنما كان يقصد الشك وتربص الدوائر بالمؤمنين. ذكره ابن عطية.
-وقال الطبري: "هذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن هؤلاء المنافقين أنّ شهودهم الحرب مع المسلمين إن شهدوها لطلب الغنيمة، وإن تخلّفوا عنها فللشّكّ الّذي في قلوبهم، وأنّهم لا يرجون لحضورها ثوابًا ولا يخافون بالتّخلّف عنها من اللّه عقابًا."


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أحسنت أختي ، وهذا ما تيسير لي التعقيب عليه بحسب الوقت ، وملحوظاتي هو في التخريج واستخراج بعض المسائل وصياغة بعضها وتحرير الأقوال وتوجيه الاقوال .
وكتبت ملحوظاتي باللون الوردي لأنك استعملت اللون الأحمر .

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 1 ذو القعدة 1441هـ/21-06-2020م, 04:05 PM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالنسبة لتصحيح الأستاذة "هيا" فعندي تعليق عليه وهو أنني لاحظت أنها تصحح على ما كان مقرر لهم في مستوى الامتياز في بداية الأمر

المعتمد عندنا في بداية دروس سورة النساء لما كنا في المستوى الثامن هو فقط التفاسير الثلاثة مع تخريج الأقوال الواردة فيها فقط، فهذا ما بدأنا به بخلاف من سبقونا في مستوى الامتياز في بداية الأمر حيث كان الأمر عندهم مفتوح في البحث بتوسع كبير في كتب علوم القرآن وغيرها في كل ما يكون له تعلق بالآية كالوقف والابتداء والناسخ والمنسوخ وغير ذلك

وعليه فالذي أعرفه أنا أننا نستخرج المسائل من التفاسير الثلاثة فقط مع عزوها وتخريج الأقوال الواردة فيها وإن كانت الأقوال كثيرة وتم الإلمام بتخريج القول جاز نسبة باقي الأقوال إلى المفسر فقط. وفي المستقبل إذا توسع كل الطالب في بحثه فإنه يرجع للأصل ويزيد عليه ما يظهر له من مسائل تتعلق بالآية ويعزوها لقائلها وهكذا.... فالآن هي مجرد البداية بثلاثة تفاسير وكلما مر الطالب على تفسير استخرج منها الفوائد الزائدة وأضافها في أصله ....

وهذا اقتباس من تعليق هيئة التصحيح على أول مجلس من سورة النساء

- بالنسبة للتخريج:
* التخريج على درجتين:
الأولى: بذكر من روى الأثر من أصحاب المصادر الأصيلة، رواه فلان وفلان ....
الثانية: بتحديد مخرج الأثر وأصل الإسناد.
والأصل في التطبيقات أن نقوم بالثاني لأنه تدريب على تحديد مخرج الأثر وأصل الإسناد، وهذا يفيد بعد ذلك بإذن الله في الدورات القادمة.
خاصة بعدما جاء التخفيف الأخير بالاكتفاء في استخلاص المسائل وتحريرها بالتفاسير الثلاثة+ تخريج الأقوال.
فإذا حصل تمام الإتقان للتخريج، مع كثرة الأقوال وحصول المشقة، فلا بأس حينئذ بالاكتفاء بقول " رواه فلان وفلان ... " دون تحديد مخرج الأثر وأصل الإسناد، مع ضرورة الرجوع للمصادر الأصيلة على كل حال، وعدم النقل من مصادر ناقلة لاحتمالية ورود الخطأ في نقلهم.
- لا يشترط ذكر رقم الجزء والصفحة في التطبيقات، وإن كان هو المعتمد في الأبحاث، ومن قام به فهو أفضل، ومن لم يقم به لا يؤاخذ عليه.
- تذكر المصادر التي استفدتم منها تحرير المسألة حتى وإن اتفق عليها المفسرون الثلاثة، لأن تلخيصكم مظنة أن تضيفوا عليه - بعد ذلك - بإذن الله من تفاسير أخرى، فربما تجدون خلافًا في المسألة عند توسيع دائرة البحث.

تنبيه: التصحيح سيكون على أقل ما طُلب - وهو الالتزام بالتفاسير الثلاثة مع تخريج الآثار وأقوال السلف من المصادر الأصيلة - ومن زاد عن ذلك يُراجع له أيضًا ويقدر عمله، وجهده.

فالمسائل التي توجد في الكتب الخارجة عن المصارد الثلاثة ستكون فيما يستقبل من الزمان عند توسيع دائرة البحث فيرجع كل واحد إلى ما كتبه فيزيد عليه ما يظهر له

ولعل هيئة التصحيح يفيدونا في هذا الأمر .

أسأل الله لنا جميعا التوفيق والقبول.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 3 ذو القعدة 1441هـ/23-06-2020م, 02:29 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم العاشر من تفسير سورة النساء من الآية 71 إلى الآية 79



حياكم الله طلابنا وطالباتنا الأفاضل، وبارك الله فيكم ونفع بكم.
نبدأ مستعينين بالله تقويم تلخيصات سورة النساء، ونسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق والسداد.
وقبل البدء ننبّه على بعض الأمور المهمّة التي نجد الفرصة مناسبة لمراجعتها وإحسانها، ونرجو منكم مراعاتها في التلخيصات القادمة بإذن الله ..
أولا: بدء التلخيص بعرض قائمة مستقلة بالمسائل المستخلصة، فإن في ذلك إعانة على تقييم صياغة المسائل واستيفائها وإحسان ترتيبها بمجرّد النظر إلى هذه القائمة.
ثانيا: مراعاة إحسان عرض التلخيص بإبراز العناوين بخط ولون مختلف، وكذلك فقرات التلخيص، فهذا يفيد الطالب والمصحح وييسر عليه الوصول للمسائل.
ثالثا: ذكر مراجع التلخيص إذا كان فيها ما هو خارج عن التفاسير الثلاثة المعتمدة، وهذا يفيد الطالب نفسه لا شك.
رابعا: أن يكون الطالب وسطا في النقل النصّي من التفاسير، فلا يغالي بحيث يجعل عمله كله في النسخ واللصق دون النظر إلى مناسبة الكلام، ولا يرهق نفسه فيما يمكن التسامح فيه، كنسخ الآيات والأحاديث والآثار، ولتكن لغته حاضرة ما استطاع.
خامسا: إذا كان من ضمن مسائل التلخيص مسألة خلافية ولم تحسم في التفاسير الثلاثة فلا يصلح للطالب ألا يوسّع دائرة بحثه ليحسم الخلاف، حتى وإن كان الأصل هو التفاسير الثلاثة المعتمدة.
سادسا: العناية بتخريج الأقوال يكون في المسائل الخلافية التي تحتاج إلى دراسة ونقد وترجيح بين الأقوال، أما ما لم يكن فيه خلاف فالأمر فيه ميسور، ويكتفى فيه بالعزو.
ونذكّر بأن هذه الأمور تفيد الطالب أكثر من غيره، وسيجد فائدتها أكثر -بإذن الله- حين يطول الزمان على تلخيصه فإذا عاد إليه سهل عليه الوصول إلى ما يحتاجه.
سابعا: بالنسبة لبعض الاستطرادات كالتفصيل في المسائل اللغوية، نوصي بألا يتركها الطالب بالكليّة، فإن لها فوائد كبيرة، والتخفّف منها يكون في الاختبارات ومجالس المذاكرة ونحو ذلك، أما تلخيص الدروس فالأفضل ألا تفوت الطالب مثل هذه المسائل، ولكن له أن يؤخّرها عن المسائل التفسيرية.


يسّر الله لنا ولكم وهدانا وهداكم وتقبّل منا ومنكم.


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 3 ذو القعدة 1441هـ/23-06-2020م, 04:34 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

الآيات (71 - 73) :
1: علاء عبد الفتاح أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- اقتصر في ذكر القراءات على العشر المتواترة، وما عدا ذلك فقد نحتاجه في توجيه بعض الأقوال أو لا نحتاجه بحسب الأقوال المأثورة في الآية، يعني إذا ورد في الآية قول مخالف للقراءة المعروفة فإننا قد لا نجد له توجيها إلا على قراءة أخرى غير معروفة الآن، ولعلك تراجع درس توجيه أقوال المفسّرين في دورة مهارات التفسير المتقدّمة.
كما أننا نرجع إلى كتب القراءات لتخريج القراءة وليس كتب التفسير، تماما كما نرجع إلى التفاسيرة المسندة في تخريج أقوال السلف.
- في الآية الثانية لدينا "من" بكسر الميم حرف، و"من" بفتح الميم اسم موصول، فيفرّق بينهما في صياغة المسألة، والأيسر أن نقول: المراد بالاسم الموصول في الآية.
- لا تداخل بين مسألتين ما استطعت الفصل، كمسألة عدّ المنافقين من المؤمنين وهم ليسوا منهم.
- نقول: نوع اللام في قوله: {ليبطّئن}، وليس فائدتها، وقد فاتتك مسألة نوع اللام في {لمنكم}.
- ردّ ابن عطية قولا للزجّاج في ترتيب الكلام في قوله تعالى {كأن لم تكن بينكم وبينه مودّة} حيث ذكر قوله بجواز أن تكون مؤخّرة وأن موضعها هو قوله تعالى: {فإن أصابتكم مصيبة}.


التعليق على تقويم الأستاذة هيا للأستاذ علاء :
- ملاحظاتك على التخريج جيدة بارك الله فيك، خاصّة فيما التبس من الأقوال في معنى {ثبات} ومعنى {جميعا}.
- مسائل القراءات، والوقف والابتداء، إذا لم يكن لها تأثير على المعنى فالتعرّض لها غير لازم.
- نبّهتِ إلى بعض المسائل التي اختصرها الأستاذ علاء، وتنبيهاتك وإن كانت صحيحة إلا أن الاختصار في مثل هذه المسائل فيه سعة لسهولة هذه المسائل ووضوحها للقارئ، فالأمر بحسب اجتهاد الطالب.
وتعليقك أستاذ علاء على ملاحظات الأستاذة هيا لا مؤاخذة عليه، إلا أنه يفضّل الاستعانة بمصادر أخرى في حال المسائل الخلافية خاصّة، حتى يكون التلخيص على صورته الأوليّة نافعا للطالب، وكذلك التخريج على الأقل يكون من المصادر المتوفّرة في جمهرة العلوم.
نفع الله بك وبارك الله فيك .

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 3 ذو القعدة 1441هـ/23-06-2020م, 05:59 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

الآيات (74 - 76) :

2: عقيلة زيان أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- إذا نقلتِ عبارة مفسّر بنصّها وجب التصريح باسم القائل، ولا تكفي قائمة المصادر، أما إذا تصرّفتِ في النصّ وعبّرتِ بأسلوبك جاز لك الاكتفاء بالعزو إلى المصادر.
- قلتِ في بيان مناسبة الآية الأولى لما قبلها : "والآية تفريع على ما تقدم من الحث على الجهاد" ولا يصلح البدء بهذه الواو، بل احذفيها وتصرّفي في النصّ بما يناسب البدء.
- قلتِ تعقيبا على حديث الخروج للجهاد: "هذا الحديث يقتضي أن لمن يستشهد من المجاهدين أحد الأمرين"، ولعلك قصدتِ : لمن لم يستشهد.
- توجد ملاحظة عامة على صياغة عناوين بعض المسائل خاصّة الأخيرة، فقد اكتفيتِ بذكر اللفظ فقط دون بيان نوع المسألة، كمسائل: سبيل الله ، فاقتلوا، كيد الشيطان، فهذا الصياغة لا توضّح نوع المسألة المتعلّقة باللفظ، فانتبهي لها مستقبلا إن شاء الله.

التعليق على تقويم الأستاذة نورة :
بخصوص نسبة الأقوال لقائليها، فالأقوال التي هي محلّ اتفاق يمكن تلخيصها والاكتفاء بالعزو للمصادر، أما الخلاف فيجب نسبة القول فيه وتخريجه لحاجتنا للترجيح، بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 3 ذو القعدة 1441هـ/23-06-2020م, 11:23 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

الآيات (77 - 79) :

3: نورة الأمير أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- رنّبي الكلام في تحرير المسألة كما تعوّدنا، فمثلا في عرض القراءات اذكري القراءة الأولى ثم انسبيها، ثم الثانية في سطر آخر وانسبيها، ولا تبدئي الكلام بأسماء القراء.
ويجب الرجوع إلى كتب القراءات لتخريج القراءة، ولا يعتمد على كتب التفسير وحدها.
- في مسألة المراد بالاسم الموصول في قوله: {الذين قيل لهم} ذكرتِ آثارا ولم تذكري أشخاصا، والواجب أن تستخلصي القول من الأثر ثم تذكري الأثر دليلا عليه، فنقول: المنافقون .. اليهود .. العرب ..
وهذه المسألة تحتاج إلى وقفات مهمّة أرجو الانتباه لها:
- يجب الرجوع إلى كتب أسباب النزول وتحرير القول في سبب النزول لبيان الراجح منها، هذا هو الأصل في الحكم على أسباب النزول، ولا نجعل الحكم إلى العقل.
- السبب الأول صحيح لصحة سنده، وليس لكثرة من رواه من المحدثين، فكثرة الروايات ليست دليلا على الصحة.
- المسلمون أمروا بالكفّ عن التعرض للكفار في أول البعثة، مع أنهم كانوا يعذّبون ويضطهدون،ـ ومع ذلك فليس شرطا أن يكون ذلك جوابا لطلب منهم، إذ ما المانع أن ينهوا ابتداء؟!
وكيف اعتبرتِ هذا القول -أي العرب- أوهن الأقوال؟ ماذا لو وجدناه بسند صحيح؟! هذا لو حصل فما أسهل الجمع بينه وبين الأول، بأن نقول إن الذي نكص وجبن عن القتال هم طالبو الراحة والدّعة من العرب وليس كبار الصحابة.
- لا يمكن الجمع بين المسلمين واليهود في سبب النزول، فحال اليهود كان مع نبيهم في زمان متقدم جدا، وإنما أقصى ما يقال أنهم يدخلون في معنى الآية، وهذا هو المفهوم من الرواية، فالأولى صرّحت بسبب النزول، أما هذه الرواية فقالت إن الآية حكاية عن اليهود، أي هي رواية تفسيرية وليست في سبب النزول.
- رواية ابن عباس من طريق العوفي ضعيفة، فكيف أثبتِّ القول لابن عباس؟
-من أين استدللتِ على ضعف القول الرابع؟ إن العقل لا يردّه لو احتكمنا إلى العقل، فحتما كان المنافقون من الفريق الذي جبن عن القتال، كما كان بعض العرب، فلأي دليل نستبعده؟!




- اقتصري في مسائل القراءات والوقف والابتداء على ما له أثر على التفسير.
- في مسألة مناسبة الآية الثانية لما قبلها قلتِ: "أن آجالهم تخطئهم"، ولعلك أردتِ: لا تخطئهم.
- انتبهي أنك رجّحتِ أن مرجع الضمير في قوله تعالى: {تصبهم} في المنافقين لسياق الآيات، رغم أنك اسبعدتِ أن الآية فيهم، ومرجع الضمير يجب أن يكون له ذكر قبل ذلك، وهو كما قال المفسّرون الفريق الذي جبن عن القتال.


- اقتصري على القراءات العشر فقط في مسائل القراءات، واقتصري منها على ما له أثر في المعنى، أما القراءات الشاذّة فقد نحتاجها في توجيه الأقوال والترجيح بينها، فتساق ضمن فقرات الترجيح ومناقشة الأقوال فقط.
- يجب تخريج القول في سبب نزول قوله تعالى: {وكفى بالله شهيا}.




رد مع اقتباس
  #16  
قديم 8 ذو القعدة 1441هـ/28-06-2020م, 10:36 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}

علوم الآية :

الوقف :
الوقف في قوله ( جميعا ) :
وقف كاف ، ذكره الأشموني .

القراءات :

القراءة في قوله : ( فانفروا ) :
القراءة الأول : قراءة الكسر ،بكسر الفاء ، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة بمعنى نفر ، ينفر ، نفرت الدابة نفورا ، وهو النهوض للقتال .
وهذه القراءة لغة ذكرها الأخفش وابن عطية .
وهي بمعنى النفير من قولهم : نفر الرجل ينفر بكسر الفاء نفيرا، ذكر ذلك ابن عطية .

القراءة الثانية : قراءة الضم ، بضم الفاء ،وهي قراءة الأعمش ومجاهد .
وهذه القراءة بمعنى الفزع ، ومنه قوله تعالى : (وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ).

القراءة الثالثة :قراءة بترقيق الراء ، وهي قراءة الأزرق وورش .
توجيه القراءة : أنه نقل عن الداني هذا الوجه من القراءة لأنه له ثلاث أوجه في التفخيم والترقيق .

القراءة في قوله : ( ثبات ) :
القرءاة الأولى : بكسر التاء، وهو جمع ثبة، وهي قراءة الجماعة .
القراءة الثانية : بفتح التاء ، ذكره الرضي أنه شاذ ولم أجد من قرأه .
وهذه القراءة مبني على توهم أن تاء الجمع عوضا عن اللام .
و هي من الشواذ كما ذكر ذلك الرضي ، و ضعفه الرضي من خلال كلامه .
ومن جهة اللغة فلا يصلح ، فقال الفراء : وربما عربوا التاء منها بالنصب والخفض، وهي تاء جماع، ينبغي أن تكون خفضًا في النصب والخفض، فيتوهمون أنها هاء.

النسخ :
النسخ في الآية :
القول الأول :أنها منسوخة بقوله تعالى : ( وماكان المؤمنون لينفروا كافة ..) ، وهو قول ابن عباس .
وقول ابن عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره و الطبراني في مسند الشاميين والبيهقي في سننه و ابن الجوزي في نواسخ القرآن عن عطاء عن ابن عباس.
وضعف ابن الجوزي هذا القول فقال :
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِيهَا مَغْمَزٌ ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ لا يُعْمَلُ عَلَيْهِ. وَأَحْوَالُ الْمُجَاهِدِينَ تَخْتَلِفُ، وَالأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا يراه الإمام

القول الثاني : أنها محكمة ، وهو قول منسوب إلى عطاء ذكره عطية الأجهوري ، ولم أجده ،وذكره مكي والقرطبي .

الراجح :

أنها محكمة ، كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب وغيرهم ، لـأن رواية النسخ ضعيفة فالأصل أنها محكمة ويعمل بها ، ولأن الجهاد له أحوال يكون فرض عين وأحوال فرض كفاية


المسائل التفسيرية :

مناسبة الآية :
الانتقال من طاعة الله ورسوله إلى ذكر التكاليف الأشد ، ذكره ابن عاشور .

مقصد الاية :
-التحريض على الجهاد ، ذكره ابن عاشور .
-التأهب والاستعداد للعدو ، ذكر ذلك ابن كثير .
-الأخذ بالأسباب المعينة في مواجهة العدو ، وهذا خلاصة ماذكره السعدي .

المخاطب في الآية :
المؤمنين ، وهو قول ابن كثير وابن عطية والزجاج .

معنى الحذر :
الحَذَر مصدرُ قولِكَ: حَذِرْتُ أحْذَرُ حَذَراً فأنا حاذِرٌ وحَذِر، وهو التحرز والاستعداد ، وهذا حاصل ما ذكره الخليل أحمد و الزجاج وغيرهم .


المراد بالحذر :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : أخذ السلاح ،ذكره ابن عطية .
وتوجيه هذا القول لغة أيضا ، فالسلاح يسمى الحذر ، وقد ذكر ذلك الراغب الأصفهاني و الرزاي وغيرهم ..
وقد ذكر الماوردي سبب آخر لتسمية السلاح بالحذر وهو لأنه به يكون الاتقاء .

القول الثاني : أخذ الحذر من العدو ، ذكره ابن كثير .
وهذا القول مبني على لازم الحذر .

الراجح : أن القولان صحيحان ، وأن أخذ الحذر من العدو يستلزم الاستعداد للعدو وأخذ السلاح ونحوه ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .
ولكن ضعف ابن عاشور القول بأن الحذر هو مجاز عن السلاح لأن الله تعالى يقول في موضع آخر ، ( وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) .

المراد بقوله ( خذوا حذركم ) :
الحزم والاستعداد وأخذ السلاح واعداد العدة ، وهذا حاصل ما قاله مقاتل بن حيان وذكره ابن كثير وابن عطية والزجاج .
وتوجيه هذا القول :هذا القول مبني على لازم الحذر وهو أخذ السلاح وإعداد العدة .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم عن عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان .
وبكير بن معروف قال عنه البخاري لا بأس به .

دلالة الفاء في قوله ( فانفروا ) :
لها معنيان :
الأول : للتفريع ، بمعنى : أَيْ فُرِّعَ فَلْيُقاتِلْ عَلَى خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا، ذكره ابن عاشور
الثاني : فصيحة ،بمعنى : أَفْصَحَتْ عَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ:
خُذُوا حِذْرَكُمْ وَقَوْلِهِ: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ ،ذكره ابن عاشور .

معنى : ( فانفروا ) :
بمعنى اخرجوا ، ذكر ذلك ابن عطية .
وهذا القول توجيهه من معناه اللغوي ، فقال الجوهري في الصحاح : نَفَرَتِ الدابَّةُ تَنْفِرُ وتَنْفُرُ نِفاراً ونُفوراً، يقال: في الدابَّة نفار.

معنى ( ثبات ) :
معناه باللغة : جمع ثبة ، وهي العصبة ، والجماعات المتفرقة ، كنا ذكر ذلك الخليل أحمد والزجاج وغيرهم .
قال الجوهري : والثُبَةُ: الجماعةُ: وأصلها ثُبَيٌ، والجمع ثُباتٍ وثُبونَ وثِبونَ وأثابيُّ .
واختلفوا في أصل ثبة إلى أقوال :
القول الأول : أن أصلها ثبوة ، وزنها فعلة بفتح العين، وذكروا أنه فوق العشرة من الرجال ،وهو قول نافع الأزرق ، وذكره ابن فارس أيضا .
وقول نافع الأزرق عزاه السيوطي إلى الطستي عن ابن عباس عنه .

القول الثاني :أن أصلها ثبية، حذفت لامها بعد أن تحركت وانقلبت ألفا حذفا غير مقبس، ولذلك جمعت ثبون.
وهذا القول على أن الساقط لام الفعل ،فَهُوَ مِنْ ثَبَّيْتُ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا أَثْنَيْتَ عَلَيْهِ فِي حياتِه، وتأَوِيلُه جَمْعُ مَحاسِنِهِ.

القول الثالث: أصلها ثوبة وتصغيرها ثوبية، وهي من ثاب يثوب،ويقال ثبة الحوض وهي وسطه الذي يثوب الماء إليه، فالمحذوف منها العين ، ذكر ذلك الخليل أحمد و الزجاج وغيرهم .

القول الرابع :أنه اسم فرد وليس جمع ،وأصل ثبة ثبوة ،تحركت بالواو وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا ، وهذا قول ذكره ابن عطية .
الراجح : أنه لا يقال إلا للجمع ولا يقال للمفرد ، كما ذكر ذلك ابن منظور.

معنى (أو) في قوله ( أو انفروا ) :
حرف عطف للتخيير ،ذلك ذلك أبو حيان و الواحدي وغيرهم .

المراد بقوله : ( جميعا) :
أي كلهم ، وهو الجيش الكثيف مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو حاصل ما قاله ابن عباس و السدي والضحاك .
وقول ابن عباس أخرجه الطبري في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ.
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره من طرق عن أحمد بن المفضل عن أسباط عن السدي .
وأحمد بن المفضل قال عنه ابن حجر أنه صدوق شيعي لكنه في حفظه شيء .
وقول الضحاك أخرجه ابن المنذر في تفسيره عَنْ علي بْن الحكم، عَنْ الضحاك .
والضحاك قال عنه القطان أنه ضعيف ، وقال عنه أبو زرعةأنه ليس بالقوي .

دلالة التخيير في قوله ( انفروا ثبات أو انفروا جميعا ) :
يدل على أن الجهاد ليس فرض على الأعيان، ذكر ذلك الواحدي .

مسألة عقدية :

معنى الإيمان :
معناه لغة : الإيمان لغة: مصدر آمن يؤمن إيماناً فهو مؤمن ، ذكره الأزهري .
والإيمان في اللغة التصديق وهو ضد التكذيب ، ذكره ابن منظور .
معناه اصطلاحا :
الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان. يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية ،ذكره ابن تيمية وغيره .

مسألة فقهية :

حكم الجهاد :
قولان :
الأول : فرض كفاية ، وهوقول الشافعية والحنفية وغيرهم .
الثاني : فرض عين ، وهو قول ابن المسيب ، ذكره الشوكاني في نيل الأوطار .

الراجح : أنه فرض كفاية ولكن يكون فرض عين في ثلاثة مواضع : عند هجوم العدو ، والتقاء الصفين ، وعند استنفار العدو ، ذكره الشيخ ابن باز رحمه الله
ودليله قوله تعالى (إذا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.)
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير الأنفال/16


==========

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72)}

علوم الآية:

الوقف :
الوقف في قوله ( ليبطئن ) :
وقف تام ، ذكره الأشموني .

الوقف في قوله ( شهيدا ) :
وقف كاف ، ذكره الأشموني .

القراءات :

القرءاة في قوله ( ليبطئن ) :
القرءاة الأولى :بتشديد الطاء ،وفتح الباء ، وهي قراءة الجمهور .
ومعنى (لَيُبَطِّئَنَّ) ليتثاقلن وليتخلفن عن الجهاد وبطأ. بمعنى: أبطأ

القراءة الثانية :بتخفيف الطاء ، وهي قراءة مجاهد والنخعي والكلبي ويزيد والشموني.
يقال: بطأ على فلان وأبطأ علىّ وبطؤ
نحو: ثقل، ويقال: ما بطأ بك، فيعدى بالباء، ويجوز أن يكون منقولا من بطؤ، نحو؟ ثقل من ثقل، فيراد ليبطئن غيره وليثبطنه عن الغزو، وذكر ذلك الزمخشري .

القراءة الثالثة :بضم الهمزة ، ذكره أبو حيان .
قال عبد اللطيف خطيب أنها قراءة شاذة .

القرءاة الرابعة : بإبدال الهمزة ياء مفتوحة في الوقف والوصل، وهي قراءة أبو جعفر .

القرءاة الخامسة : بإبدال الهمزة ياء مفتوحة في الوقف، وهي قراءة حمزة .

القرءاة السادسة : باسكان الباء ، وهي قراءة مجاهد .

المسائل التفسيرية :

المخاطب في الآية :
جماعة المؤمنين ، ذكره ابن عطية .

معنى الواو في قوله ( وإن منكم ) :
الواو حرف عطف والاستئناف ، ذكره إبراهيم خليل.

معنى من في قوله ( منكم ) :
من للتبعيض أو للبيان ، ذكر ذلك إبراهيم خليل .

مرجع الضمير الكاف في قوله ( منكم ) :
المؤمنين ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية .

المراد بقوله (وإن منكم لمن ليبطئن ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : المنافقين ،وهو قول مجاهد وابن جريج .
وهذا القول يكون إِضافتهم إِلى المؤمنين بقوله «منكم» لموضع نطقهم بالإِسلام.
وذكر ابن عادل أنه جعل المُنافقين من المُؤمنين من حَيْثُ الجِنْسِ والنَّسَبِ والاخْتِلاَطِ، أو من حيث الظَّاهِر؛ لتشبههم بالمُؤمنين، أو من حَيث زعمهم ودَعْواهُم.
وقول مجاهد أخرجه الطبري في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره وابن المنذر في تفسيره من طرق عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ.
وقول ابن جريج أخرجه الطبري في تفسيره عن الحجاج عن ابن جريج .
وابن جريج قال عنه الذهبي ثقة لكنه يدلس .
القول الثاني : ضعفة المؤمنين ، وهذا قول ذكره ابن الجوزي ،ونسب القول إلى الماوردي ولم أجده .
وهذا القول باعتبار الإضافة حقيقية .

الراجح :
القولان محتملان ، وتشملها الآية ، فالقول الأول لأن المنافقين عرفوا بالتثبيط والتأخر وخوفهم الشديد ، فهنا إن كان الفعل متعديا ولازما ، كما قال تعالى عنهم ( يحسبهم كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم ) ( لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) ، وهم يعتبرون في الظاهر من عداد المسلمين ، وأما القول الثاني فلأن ضعيف الإيمان أيضا قد يتخلف عن الجهاد ضعفا منه ، فقد قال تعالى في موضع آخر : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ ۖ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ ۙ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ )
وبهذا يكون الفعل لازما هنا .

السبب في التعبير ب ( منكم ) :
لأن المنافقين في عداد المؤمنين ، ذكره ابن عطية .

معنى اللام في قوله ( لمن ) :
لام الابتداء ، وتفيد التأكيد ، وهذا حاصل ماذكره ابن عطية والنيسابوري .

معنى من في قوله ( لمن ) :
بمعنى الذي أو بمعنى نكرة موصوفة ذكر ذلك العبكري والسمين الحلبي .

معنى يبطئن :
لغة : البُطْءُ: نقيض السرعة. تقول منه: بطُؤَ مجيئك، وأبطأت فأنت بطئ ، ذكر ذلك الجوهري وقال ابن منظور : وأَبْطأَ عَلَيْهِ الأَمْرُ: تَأَخَّرَ. وبَطَّأَ عَلَيْهِ بالأَمْرِ وأَبْطَأَ بِهِ، كِلاهما: أَخَّرَهُ


معنى اللام في قوله ( ليبطئن) :
اختلفوا في نوع اللام على قولين :
الأول : لام توكيد ، وذكر ذلك الأخفش
وهذا القول ضعفه السمين الحلبي .

الثاني : لام قسم ، وذكر ذلك الأخفش والزجاج
والمعنى : وإنّ منكم أيّها القوم لمن واللّه ليبطّئنّ .

المراد بالإبطاء في قوله ( ليبطئن ) :
التخلف عن الجهاد والغزو ، وهذا حاصل ما ذكره قتادة ومقاتل بن حيان .
وقول قتادة أخرجه الطبري في تفسيره عن سعيدٌ، عن قتادة.
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان .
توجيه هذا القول :
على معناه اللغوي من التباطؤ وهو التأخر ، وذكر ذلك الجوهري وابن منظور وغيرهم .

ويختلف معناه الذي يراد به إن كان لازما أومتعديا :
الأول : إن كان لازما ، فيكون أبطأ بطأ بمعنى بطؤ .
فعلى هذا المعنى يكون يتثاقل ويثبط عن الخروج للجهاد .
الثاني :إن كان متعديا ،فيكون متعديا بالهمزة أو التضعيف بمعنى بطؤ .
ويكون بمعنى أنه يثبط غيره .

معنى الفاء في قوله ( فإن) :
الفاء استئنافية ، ذكره النحاس .

معنى ( إن ) في قوله ( فإن أصابتكم ) :
إن شرطية ، ذكره النحاس .

معنى أصابتكم :
أصاب أي أخذ ، ذكر ذلك الجوهري .

مرجع الضمير الكاف في قوله ( أصابتكم ) :
المؤمنين في الحرب ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

معنى المصيبة :
اسم لما أصاب الإنسان من شر ، ذكره ابن عاشور .

المراد بالمصيبة :
القتل والشهادة وغلبة العدو ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .
توجيه هذا القول : هو اعتقاد المنافقين أن القتل في الجهاد مصيبة .

متعلق قوله ( أنعم الله عليه ) :
السلامة ، ذكره ابن عاشور .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( معهم ) :
مع المؤمنين في القتال ، وهو حاصل ما ذكره ابن كثير .

معنى شهيدا :
اختلفوا في معناه على قولين :
القول الأول : المشاهدة والحضور ، ذكره ابن عطية وابن كثير .
وهذا القول من معناه اللغوي الشهيد من المشاهدة

القول الثاني : الشهيد الذي قتل في سبيل الله ، ذكره ابن عطية وابن كثير
وهذا القول من المعنى الشرعي للشهيد .

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : عنْ أبي هُرَيْرةَ، ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه متفقٌ عليهِ.
الراجح :أن القولان صحيحان وتحتمله اللغة والسياق ، فالمنافق يتمنى أن لا يكون حاضرا في المعارك ويتمنى أن لا يكون شهيدا في سبيل الله .

فقد قال الله تعالى عن المنافقين : {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وان قوتلتم لننصرنكم والله يشهد انهم لكاذبون* لئن اخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون }.

غاية المنافق في تخلفه عن القتال مع المسلمين :
التشكيك ، وتربص الدوائر بالمؤمنين ،ذكره ابن عطية .


مسألة لغوية :
نوع إذ في قوله ( إذ لم أكن معهم ) :
ظرف لأنعم ، ذكره العبكري .


تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}

علوم الآية :

الوقف :
الوقف في قوله ( معهم) :
معهم (كاف) لمن رفع ما بعد الفاء على الاستئناف أي فأنا أفوز، ذكره الأشموني .


الوقف في قوله : عظيما :
(تام) للأمر بعده ، ذكره الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله : ( ليقولن )

القراءة الأولى : بفتح اللام ، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة على جعل الفعل للمفرد، وهو المبطئ.
القرءاة الثانية : بضم اللام ، وهي قراءة الحسن ، وهي شاذة
بضم اللام إعادة للضمير إلى معنى (من)، لأن قوله (لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) في معنى الجماعة.
وهذه القراءة لا تؤثر في المعنى .

القراءة في قوله : ( تكن)
القراءة الأولى : بالتاء ،على التأنيث ،وهذه قراءة ابْن كثير وَحَفْص والمفضل عَن عَاصِم وغيرهم ، وهي قراءة ذكره البغدادي وابن مهران والجرجاني ومكي وأبو عمرو الداني .
وهذه القراءة مبني على أن التأنيث لأن مودة مؤنثة .

القراءة الثانية : بالياء ،على التذكير ، وهي قراءة نافِع وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر وَعَاصِم فِي رِوَايَة أبي بكر وَحَمْزَة والكسائي وغيرهم وذكره البغدادي ومكي .
وهذه القراءة مبنية على أن الياء للتذكير ( المجازي )؛ لأنه فصل بين الفعل والفاعل ،وقيل لأن المودة بمعنى الود ، وقد حسنه ابن عطية .

القراءة في قوله ( فأفوز) :
القرءاة الأولى : بفتح الزاي ، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة كان فيه النصب على الجواب ؛ والمعنى إن أكن معهم أفز . والنصب فيه بإضمار " أن " لأنه محمول على تأويل المصدر ؛ التقدير يا ليتني كان لي حضور ففوز ، ذكره الفراء والقرطبي .

القراءة الثانية : بضم الزاي ،وهي قراءة الحسن ويزيد النحوي .
برفع الزاي عطفًا على (كنت)، أو على الاستئناف، أي: فأنا أفوز .
وهذه القراءة " فأفوز " بالرفع على أنه تمنى الفوز ، فكأنه قال : يا ليتني أفوز فوزا عظيما، ذكر ذلك القرطبي .

المسائل التفسيرية :

فيمن نزلت الآية :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : نزلت في عبد الله بن أبي رأس ، وهذا قول مقاتل بن حيان
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان.

القول الثاني :نزلت في المنافقين ، وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه الطبري في تفسيره وابن المنذر في تفسيره وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد .

الراجح :
أنها تشملهما لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فلا يخص عبد الله بن أبي رأس فقط ولكن أيضا المنافقين .

المراد بالفضل :
النصر والظفر والغنيمة ، ذكره ابن عطية وابن كثير .

متعلق الجار والمجرور في قوله ( فضل من الله ) :
متعلق بقوله بأصابكم أو بمحذوف وقع صفة لفضل أي كائنٍ من الله تعالى، ذكر أبو السعود .

دلالة نسبة الفضل إلى الله دون المصيبة :
نسبة إصابةِ الفضلِ إلى جناب الله تعالى دون إصابةِ المصيبةِ من العادات الشريفةِ التنزيليةِ ، ذكر ذلك أبو السعود .

معنى اللام في قوله ( ليقولن ) :
لام موطئة للقسم لغرض التنبيه والانكار ، ذكر ذلك ابن عاشور .

نوع جملة كأن ( كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ) :
اختلفوا فيه على قولين :

القول الأول :اعتراضية ،ذكره الراغب الأصفهاني وغيره
وهذا القول ضعفه الراغب لأنه مستقبح في العربية .

القول الثاني : حالية ،ذكره الراغب الأصفهاني ، وهو اختيار أبو البقاء .

دلالة زيادة هذه الجملة في قوله ( كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ) :

دليل على زيادة في قبح فعلهم ،ذكره أبو حيان والسمين الحبي وغيرهم .


معنى ( كأن ) :
متضمنة معنى التشبيه ، ذكره ابن عطية .
وذكر السمين الحلبي أنه لغرض التعجب .

معنى لم في قوله ( لم تكن ) :
حرف نفي وجزم، ذكره عبد الرحيم صافي .

مرجع الضمير الكاف في قوله ( بينكم ) :
المؤمنين ، وذلك حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

مرجع الضمير الهاء في قوله : ( بينه ) :
النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وذكر ذلك الراغب و السمين الحلبي وغيرهم.

معنى المودة :
المودة في اللغة : وهي المحبة كما ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب وغيره .

المراد بالمودة :
اختلفوا في المراد منه على أقوال :
الأول : المعاقدة على الدين والإيمان ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

فيكون المعنى : ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن يا ليتني كنت معهم فان أصابتكم مصيبة.
توجيه هذا القول : على التكاليف التي صارت عليهم بالدخول في الإسلام ، وعاقدوا المسلمين عليها .
وأيضا باعتبار أن الجملة اعتراضية .

الثاني : المعاقدة على الجهاد ، ذكره ابن عطية وغيره.
ويكون المعنى : يكون المعنى: ليقولن يا ليتني كنت معهم، كأن لم يكن بينكم وبينه مودّة.
وهذا القول توجيهه على اعتبار الهاء في قوله ( معهم ) يعود على الغزو مع المؤمنين .

الثالث : المعرفة ، ذكره الخازن .
وهذا القول توجيهه على المعرفة الحقيقة والصحبة ، ومن لازم المعنى اللغوي أيضا فلازم المودة المعرفة والصحبة .

الراجح : أنه يشمل تلك الأقوال ، لأنه يمكننا الجمع بين تلك الأقوال ولا تعارض بينهم ، و فالمنافق عندما دخل الإسلام بأداء أركانها وواجباتها كمسلم ، ولكنهم يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر .


الغرض من وصف المنافقين في قوله ( مودة ) :
لغرض التهكم، ذكر ذلك الزمخشري .


الغرض من الياء في قوله ( ياليتني ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :الياء للتنبيه ،ذكره ابن عاشور .
القول الثاني : للنداء . ذكره أبو حيان .
وعلى هذا القول يكون المنادى محذوف ، و تَقْدِيرُهُ: يَا قَوْمُ لَيْتَنِي
وهذا القول لم يذكر أبو حيان قائله ولم أجد قائله .

الراجح :
والراجح هو القول الأول لأنه ليس في الكلام منادى محذوف ، وذكر ذلك أبو حيان .

معنى ( ليت ) :
للتمني لغرض اظهار الحسد والندم ، وهو حاصل ما ذكره الراغب الأصفهاني وابن عطية وغيرهم .

القائل في قوله ( ياليتني ) :
المنافق الحاسد ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير وغيرهم .


مرجع الضمير الهاء في قوله (معهم ) :
مع المؤمنين ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

دلالة أسلوب الغيبة في قوله ( ياليتني كنت معهم ) :
دلالة على إخفاء ضعف عقيدتهم ، والندم على مافت ، ذكره رجاء المبلغ .

معنى الفاء في قوله ( فأفوز ) :
الفاء هنا عاطفة ولكنها سببية ، وهذا حاصل ما ذكره الدعاس وأبو الفتح .

معنى الفوز في قوله ( فأفوز) :
الفوز في اللغة : النَّجاءُ والظَّفَرُ بالأُمْنِيَّة والخيرِ، فازَ به فَوْزاً ومَفازاً ومَفازَةَ ، ذكر ذلك ابن منظور .

المراد بالفوز في قوله ( فأفوز ) :
الحصول على السهم ، ذكره ابن كثير .

معنى عظيما :
وافرا ، قاله ابن حيان .
وقول ابن حيان أخرجه ابن المنذر في تفسيره عن إسحاق عن ابن حيان .

غاية المنافق في قتاله مع المؤمنين :
أن يضربوا له بسهم ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية و ابن كثير .

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 13 ذو القعدة 1441هـ/3-07-2020م, 01:50 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

أستاذة هيا .. نفع الله بك وتقبل منك.
أرجو وضع قائمة بالمسائل كما هو مطلوب في أول التقويم أعلاه.
جزاك الله خيرا وأحسن إليك.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 15 ذو القعدة 1441هـ/5-07-2020م, 07:03 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تعديل وإضافة :

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}

قائمة المسائل :
علوم الآية :
الوقف:
الوقف في قوله ( جميعا )
القراءات :
القراءة في قوله ( فانفروا )
القراءة في قوله ( ثبات )
النسخ :
النسخ في الآية
المسائل التفسيرية :
مناسبة الآية
مقصود الآية
المخاطب في الآية
معنى الحذر
المراد بالحذر
المراد بقوله ( خذوا حذركم )
دلالة الفاء في قوله ( فانفروا )
معنى ( فانفروا )
معنى ( ثبات )
معنى أو في قوله ( أو انفروا )
المراد بقوله ( جميعا)
دلالة التخيير في قوله تعالى ( انفروا ثبات أو انفروا جميعا)
المسألة العقدية :
معنى الإيمان
المسألة الفقهية :
حكم الجهاد

...............................
علوم الآية :

الوقف :
الوقف في قوله ( جميعا ) :
وقف كاف ، ذكره الأشموني .

القراءات :

القراءة في قوله : ( فانفروا ) :
القراءة الأول : قراءة الكسر ،بكسر الفاء ، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة بمعنى نفر ، ينفر ، نفرت الدابة نفورا ، وهو النهوض للقتال .
وهذه القراءة لغة ذكرها الأخفش وابن عطية .
وهي بمعنى النفير من قولهم : نفر الرجل ينفر بكسر الفاء نفيرا، ذكر ذلك ابن عطية .

القراءة الثانية : قراءة الضم ، بضم الفاء ،وهي قراءة الأعمش ومجاهد .
وهذه القراءة بمعنى الفزع ، ومنه قوله تعالى : (وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ).

القراءة الثالثة :قراءة بترقيق الراء ، وهي قراءة الأزرق وورش .
توجيه القراءة : أنه نقل عن الداني هذا الوجه من القراءة ؛لأنه له ثلاث أوجه في التفخيم والترقيق .

القراءة في قوله : ( ثبات ) :
القراءة الأولى : بكسر التاء، وهو جمع ثبة، وهي قراءة الجماعة .
القراءة الثانية : بفتح التاء ، ذكره الرضي أنه شاذ ولم أجد من قرأه .
وهذه القراءة مبني على توهم أن تاء الجمع عوضا عن اللام .
و هي من الشواذ كما ذكر ذلك الرضي ، و ضعفه الرضي من خلال كلامه .
ومن جهة اللغة فلا يصلح ، فقال الفراء : وربما عربوا التاء منها بالنصب والخفض، وهي تاء جماع، ينبغي أن تكون خفضًا في النصب والخفض، فيتوهمون أنها هاء.

النسخ :
النسخ في الآية :
القول الأول :أنها منسوخة بقوله تعالى : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ..) ، وهو قول ابن عباس .
وقول ابن عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره و الطبراني في مسند الشاميين والبيهقي في سننه و ابن الجوزي في نواسخ القرآن عن عطاء عن ابن عباس.
وضعف ابن الجوزي هذا القول فقال :
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِيهَا مَغْمَزٌ ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ لا يُعْمَلُ عَلَيْهِ. وَأَحْوَالُ الْمُجَاهِدِينَ تَخْتَلِفُ، وَالأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا يراه الإمام

القول الثاني : أنها محكمة ، وهو قول منسوب إلى عطاء ذكره عطية الأجهوري ، ولم أجده ،وذكره مكي والقرطبي .

الراجح :

أنها محكمة ، كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب وغيرهم ، لـأن رواية النسخ ضعيفة فالأصل أنها محكمة ويعمل بها ، ولأن الجهاد له أحوال يكون فرض عين وأحوال فرض كفاية.


المسائل التفسيرية :

مناسبة الآية :
الانتقال من طاعة الله ورسوله إلى ذكر التكاليف الأشد ، ذكره ابن عاشور .

مقصد الاية :
-التحريض على الجهاد ، ذكره ابن عاشور .
-التأهب والاستعداد للعدو ، ذكر ذلك ابن كثير .
-الأخذ بالأسباب المعينة في مواجهة العدو ، وهذا خلاصة ما ذكره السعدي .

المخاطب في الآية :
المؤمنين ، وهو قول ابن كثير وابن عطية والزجاج .

معنى الحذر :
الحَذَر مصدرُ قولِكَ: حَذِرْتُ أحْذَرُ حَذَراً فأنا حاذِرٌ وحَذِر، وهو التحرز والاستعداد ، وهذا حاصل ما ذكره الخليل أحمد و الزجاج وغيرهم .


المراد بالحذر :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : أخذ السلاح ،ذكره ابن عطية .
وتوجيه هذا القول لغة أيضا ، فالسلاح يسمى الحذر ، وقد ذكر ذلك الراغب الأصفهاني و الرزاي وغيرهم ..
وقد ذكر الماوردي سبب آخر لتسمية السلاح بالحذر وهو لأنه به يكون الاتقاء .

القول الثاني : أخذ الحذر من العدو ، ذكره ابن كثير .
وهذا القول مبني على لازم الحذر .

الراجح : أن القولان صحيحان ، وأن أخذ الحذر من العدو يستلزم الاستعداد للعدو وأخذ السلاح ونحوه ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .
ولكن ضعف ابن عاشور القول بأن الحذر هو مجاز عن السلاح لأن الله تعالى يقول في موضع آخر ، ( وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) .

المراد بقوله ( خذوا حذركم ) :
الحزم والاستعداد وأخذ السلاح واعداد العدة ، وهذا حاصل ما قاله مقاتل بن حيان وذكره ابن كثير وابن عطية والزجاج .
وتوجيه هذا القول :هذا القول مبني على لازم الحذر وهو أخذ السلاح وإعداد العدة .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم عن عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان .
وبكير بن معروف قال عنه البخاري لا بأس به .

دلالة الفاء في قوله ( فانفروا ) :
لها معنيان :
الأول : للتفريع ، بمعنى : أَيْ فُرِّعَ فَلْيُقاتِلْ عَلَى خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا، ذكره ابن عاشور .
الثاني : فصيحة ،بمعنى : أَفْصَحَتْ عَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ:
خُذُوا حِذْرَكُمْ وَقَوْلِهِ: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ ،ذكره ابن عاشور .

معنى : ( فانفروا ) :
بمعنى اخرجوا ، ذكر ذلك ابن عطية .
وهذا القول توجيهه من معناه اللغوي ، فقال الجوهري في الصحاح : نَفَرَتِ الدابَّةُ تَنْفِرُ وتَنْفُرُ نِفاراً ونُفوراً، يقال: في الدابَّة نفار.

معنى ( ثبات ) :
معناه باللغة : جمع ثبة ، وهي العصبة ، والجماعات المتفرقة ، كنا ذكر ذلك الخليل أحمد والزجاج وغيرهم .
قال الجوهري : والثُبَةُ: الجماعةُ: وأصلها ثُبَيٌ، والجمع ثُباتٍ وثُبونَ وثِبونَ وأثابيُّ .
واختلفوا في أصل ثبة إلى أقوال :
القول الأول : أن أصلها ثبوة ، وزنها فعلة بفتح العين، وذكروا أنه فوق العشرة من الرجال ،وهو قول نافع الأزرق ، وذكره ابن فارس أيضا .
وقول نافع الأزرق عزاه السيوطي إلى الطستي عن ابن عباس عنه .

القول الثاني :أن أصلها ثبية، حذفت لامها بعد أن تحركت وانقلبت ألفا حذفا غير مقبس، ولذلك جمعت ثبون.
وهذا القول على أن الساقط لام الفعل ،فَهُوَ مِنْ ثَبَّيْتُ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا أَثْنَيْتَ عَلَيْهِ فِي حياتِه، وتأَوِيلُه جَمْعُ مَحاسِنِهِ.

القول الثالث: أصلها ثوبة وتصغيرها ثوبية، وهي من ثاب يثوب،ويقال ثبة الحوض وهي وسطه الذي يثوب الماء إليه، فالمحذوف منها العين ، ذكر ذلك الخليل أحمد و الزجاج وغيرهم .

القول الرابع :أنه اسم فرد وليس جمع ،وأصل ثبة ثبوة ،تحركت بالواو وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا ، وهذا قول ذكره ابن عطية .
الراجح : أنه لا يقال إلا للجمع ولا يقال للمفرد ، كما ذكر ذلك ابن منظور.

معنى (أو) في قوله ( أو انفروا ) :
حرف عطف للتخيير ،ذلك ذلك أبو حيان و الواحدي وغيرهم .

المراد بقوله : ( جميعا) :
أي كلهم ، وهو الجيش الكثيف مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو حاصل ما قاله ابن عباس و السدي والضحاك .
وقول ابن عباس أخرجه الطبري في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ.
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره من طرق عن أحمد بن المفضل عن أسباط عن السدي .
وأحمد بن المفضل قال عنه ابن حجر أنه صدوق شيعي لكنه في حفظه شيء .
وقول الضحاك أخرجه ابن المنذر في تفسيره عَنْ علي بْن الحكم، عَنْ الضحاك .
والضحاك قال عنه القطان أنه ضعيف ، وقال عنه أبو زرعة أنه ليس بالقوي .

دلالة التخيير في قوله ( انفروا ثبات أو انفروا جميعا ) :
يدل على أن الجهاد ليس فرض على الأعيان، ذكر ذلك الواحدي .

مسألة عقدية :

معنى الإيمان :
معناه لغة : الإيمان لغة: مصدر آمن يؤمن إيماناً فهو مؤمن ، ذكره الأزهري .
والإيمان في اللغة التصديق وهو ضد التكذيب ، ذكره ابن منظور .
معناه اصطلاحا :
الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان. يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية ،ذكره ابن تيمية وغيره .

مسألة فقهية :

حكم الجهاد :
قولان :
الأول : فرض كفاية ، وهوقول الشافعية والحنفية وغيرهم .
الثاني : فرض عين ، وهو قول ابن المسيب ، ذكره الشوكاني في نيل الأوطار .

الراجح : أنه فرض كفاية ولكن يكون فرض عين في ثلاثة مواضع : عند هجوم العدو ، والتقاء الصفين ، وعند استنفار العدو ، ذكره الشيخ ابن باز رحمه الله
ودليله قوله تعالى (إذا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.)
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير الأنفال/16


==========

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72)}

قائمة المسائل :
علوم الآية :
الوقف :
الوقف في قوله تعالى : ( ليبطئن )
الوقف في قوله ( شهيدا )
القراءات :
القراءة في قوله (ليبطئن )
المسائل التفسيرية :
مقصد الآية
مناسبة الآية
المخاطب في الآية
معنى الواو في قوله ( وإن منكم )
معنى من في قوله ( منكم )
مرجه الضمير الكاف في قوله ( منكم )
المراد بقوله ( وإن منكم ليبطئن )
السبب في التعبير ب( منكم )
معنى اللام في قوله ( لمن)
معنى من في قوله ( لمن )
معنى يبطئن
معنى اللام في قوله ( ليبطئن )
المراد بالإبطاء في قوله ليبطئن .
معنى الفاء في قوله ( فإن أصابتكم )
معنى أصابتكم
مرجع الضمير الكاف في قوله ( أصابكم )
معى المصيبة
المراد بالمصيبة
معنى الضمير الهاء في قوله ( معهم )
معنى شهيدا
غاية المنافق في تخلفه عن القتال مع المسلمين
المسألة اللغوية :
نوع إذ في قوله ( إذ لم أكن )

..............................
علوم الآية:

الوقف :
الوقف في قوله ( ليبطئن ) :
وقف تام ، ذكره الأشموني .

الوقف في قوله ( شهيدا ) :
وقف كاف ، ذكره الأشموني .

القراءات :

القرءاة في قوله ( ليبطئن ) :
القرءاة الأولى :بتشديد الطاء ،وفتح الباء ، وهي قراءة الجمهور .
ومعنى (لَيُبَطِّئَنَّ) ليتثاقلن وليتخلفن عن الجهاد وبطأ. بمعنى: أبطأ

القراءة الثانية :بتخفيف الطاء ، وهي قراءة مجاهد والنخعي والكلبي ويزيد والشموني.
يقال: بطأ على فلان وأبطأ علىّ وبطؤ
نحو: ثقل، ويقال: ما بطأ بك، فيعدى بالباء، ويجوز أن يكون منقولا من بطؤ، نحو؟ ثقل من ثقل، فيراد ليبطئن غيره وليثبطنه عن الغزو، وذكر ذلك الزمخشري .

القراءة الثالثة :بضم الهمزة ، ذكره أبو حيان .
قال عبد اللطيف خطيب أنها قراءة شاذة .

القرءاة الرابعة : بإبدال الهمزة ياء مفتوحة في الوقف والوصل، وهي قراءة أبو جعفر .

القرءاة الخامسة : بإبدال الهمزة ياء مفتوحة في الوقف، وهي قراءة حمزة .

القرءاة السادسة : باسكان الباء ، وهي قراءة مجاهد .

المسائل التفسيرية :
مقصد الآية:
التبكيت والتحذير منهم ، ذكره البقاعي .

المخاطب في الآية :
جماعة المؤمنين ، ذكره ابن عطية .

مناسبة الآية :
عطف التحذير من الخروج للجهاد بدون أخذ الحذر بأخذ الحذر من المنافقين بذكر بعض صفاتهم ، وهذا حاصل ماذكره البقاعي .

معنى الواو في قوله ( وإن منكم ) :
الواو حرف عطف والاستئناف ، ذكره إبراهيم خليل.

معنى من في قوله ( منكم ) :
من للتبعيض أو للبيان ، ذكر ذلك إبراهيم خليل .

مرجع الضمير الكاف في قوله ( منكم ) :
المؤمنين ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية .

المراد بقوله (وإن منكم لمن ليبطئن ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : المنافقين ،وهو قول مجاهد وابن جريج .
وهذا القول يكون إِضافتهم إِلى المؤمنين بقوله «منكم» لموضع نطقهم بالإِسلام.
وذكر ابن عادل أنه جعل المُنافقين من المُؤمنين من حَيْثُ الجِنْسِ والنَّسَبِ والاخْتِلاَطِ، أو من حيث الظَّاهِر؛ لتشبههم بالمُؤمنين، أو من حَيث زعمهم ودَعْواهُم.
وقول مجاهد أخرجه الطبري في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره وابن المنذر في تفسيره من طرق عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ.
وقول ابن جريج أخرجه الطبري في تفسيره عن الحجاج عن ابن جريج .
وابن جريج قال عنه الذهبي ثقة لكنه يدلس .
القول الثاني : ضعفة المؤمنين ، وهذا قول ذكره ابن الجوزي ،ونسب القول إلى الماوردي ولم أجده .
وهذا القول باعتبار الإضافة حقيقية .

الراجح :
القولان محتملان ، وتشملهما الآية ، فالقول الأول لأن المنافقين عرفوا بالتثبيط والتأخر وخوفهم الشديد ، فهنا إن كان الفعل متعديا ولازما ، كما قال تعالى عنهم ( يحسبهم كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم ) ( لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) ، وهم يعتبرون في الظاهر من عداد المسلمين ، وأما القول الثاني فلأن ضعيف الإيمان أيضا قد يتخلف عن الجهاد ضعفا منه ، فقد قال تعالى في موضع آخر : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ ۖ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ ۙ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ )
وبهذا يكون الفعل لازما هنا .

السبب في التعبير ب ( منكم ) :
لأن المنافقين في عداد المؤمنين ، ذكره ابن عطية .

معنى اللام في قوله ( لمن ) :
لام الابتداء ، وتفيد التأكيد ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية والنيسابوري .

معنى من في قوله ( لمن ) :
بمعنى الذي أو بمعنى نكرة موصوفة ذكر ذلك العبكري والسمين الحلبي .

معنى يبطئن :
لغة : البُطْءُ: نقيض السرعة. تقول منه: بطُؤَ مجيئك، وأبطأت فأنت بطئ ، ذكر ذلك الجوهري وقال ابن منظور : وأَبْطأَ عَلَيْهِ الأَمْرُ: تَأَخَّرَ. وبَطَّأَ عَلَيْهِ بالأَمْرِ وأَبْطَأَ بِهِ، كِلاهما: أَخَّرَهُ


معنى اللام في قوله ( ليبطئن) :
اختلفوا في نوع اللام على قولين :
الأول : لام توكيد ، وذكر ذلك الأخفش
وهذا القول ضعفه السمين الحلبي .

الثاني : لام قسم ، وذكر ذلك الأخفش والزجاج
والمعنى : وإنّ منكم أيّها القوم لمن واللّه ليبطّئنّ .

المراد بالإبطاء في قوله ( ليبطئن ) :
التخلف عن الجهاد والغزو ، وهذا حاصل ما ذكره قتادة ومقاتل بن حيان .
وقول قتادة أخرجه الطبري في تفسيره عن سعيدٌ، عن قتادة.
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان .
توجيه هذا القول :
على معناه اللغوي من التباطؤ وهو التأخر ، وذكر ذلك الجوهري وابن منظور وغيرهم .

ويختلف معناه الذي يراد به إن كان لازما أومتعديا :
الأول : إن كان لازما ، فيكون أبطأ بطأ بمعنى بطؤ .
فعلى هذا المعنى يكون يتثاقل ويثبط عن الخروج للجهاد .
الثاني :إن كان متعديا ،فيكون متعديا بالهمزة أو التضعيف بمعنى بطؤ .
ويكون بمعنى أنه يثبط غيره .

معنى الفاء في قوله ( فإن) :
الفاء استئنافية ، ذكره محي الدين الدرويش .

معنى ( إن ) في قوله ( فإن أصابتكم ) :
إن شرطية ، ذكره محي الدين درويش .

معنى أصابتكم :
أصاب أي أخذ ، ذكر ذلك الجوهري .

مرجع الضمير الكاف في قوله ( أصابتكم ) :
المؤمنين في الحرب ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

معنى المصيبة :
اسم لما أصاب الإنسان من شر ، ذكره ابن عاشور .

المراد بالمصيبة :
القتل والشهادة وغلبة العدو ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .
توجيه هذا القول : هو اعتقاد المنافقين أن القتل في الجهاد مصيبة .

متعلق قوله ( أنعم الله عليه ) :
السلامة ، ذكره ابن عاشور .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( معهم ) :
مع المؤمنين في القتال ، وهو حاصل ما ذكره ابن كثير .

معنى شهيدا :
اختلفوا في معناه على قولين :
القول الأول : المشاهدة والحضور ، ذكره ابن عطية وابن كثير .
وهذا القول من معناه اللغوي الشهيد من المشاهدة

القول الثاني : الشهيد الذي قتل في سبيل الله ، ذكره ابن عطية وابن كثير
وهذا القول من المعنى الشرعي للشهيد .

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : عنْ أبي هُرَيْرةَ، ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه متفقٌ عليهِ.
الراجح :أن القولان صحيحان وتحتمله اللغة والسياق ، فالمنافق يتمنى أن لا يكون حاضرا في المعارك ويتمنى أن لا يكون شهيدا في سبيل الله .

فقد قال الله تعالى عن المنافقين : {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وان قوتلتم لننصرنكم والله يشهد انهم لكاذبون* لئن اخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون }.

غاية المنافق في تخلفه عن القتال مع المسلمين :
التشكيك ، وتربص الدوائر بالمؤمنين ،ذكره ابن عطية .


مسألة لغوية :
نوع إذ في قوله ( إذ لم أكن معهم ) :
ظرف لأنعم ، ذكره العبكري .


تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}

قائمة المسائل :
علوم الآية :
الوقف :
الوقف في قوله ( معهم )
الوقف في قوله ( عظيما )
القراءات :
القرءاة في قوله ( تكن )
القراءة في قوله ( فأفوز)
المسائل التفسيرية :
مقصد الآية
فيمن نزلت الآية
المراد بالفضل
دلالة نسبة الفضل إلى الله دون المصيبة .
معنى اللام في قوله ( ليقولن )
نوع جملة كأن في قوله ( كأن لم تكن بينكم وبينه مودة)
دلالة زيادة هذه الجملة في قوله ( كأن لم تكن بينكم وبينه مودة )
معنى ( كأن )
معنى لم في قوله ( لم تكن )
مرجع الضمير الكاف في قوله ( بينكم )
مرجع الضمير الهاء في قوله ( بينه )
معنى المودة
معنى ليت في قوله ( ياليتني )
القائل في قوله ( ياليتني )
مرجع الضمير الهاء في قوله ( معهم )
معنى الفاء في قوله ( فأفوز)
المراد بالفوز
معنى عظيما
غاية المنافق في قتاله مع المؤمنين .

المسألة البلاغية :
الغرض من وصف المنافقين بالمودة
دلالة أسلوب الغيبة في قوله ( ياليتني كنت معهم )

..............................
علوم الآية :

الوقف :
الوقف في قوله ( معهم) :
معهم (كاف) لمن رفع ما بعد الفاء على الاستئناف أي فأنا أفوز، ذكره الأشموني .


الوقف في قوله : عظيما :
(تام) للأمر بعده ، ذكره الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله : ( ليقولن )

القراءة الأولى : بفتح اللام ، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة على جعل الفعل للمفرد، وهو المبطئ.
القرءاة الثانية : بضم اللام ، وهي قراءة الحسن ، وهي شاذة
بضم اللام إعادة للضمير إلى معنى (من)، لأن قوله (لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) في معنى الجماعة.
وهذه القراءة لا تؤثر في المعنى .

القراءة في قوله : ( تكن)
القراءة الأولى : بالتاء ،على التأنيث ،وهذه قراءة ابْن كثير وَحَفْص والمفضل عَن عَاصِم وغيرهم ، وهي قراءة ذكره البغدادي وابن مهران والجرجاني ومكي وأبو عمرو الداني .
وهذه القراءة مبني على أن التأنيث لأن مودة مؤنثة .

القراءة الثانية : بالياء ،على التذكير ، وهي قراءة نافِع وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر وَعَاصِم فِي رِوَايَة أبي بكر وَحَمْزَة والكسائي وغيرهم وذكره البغدادي ومكي .
وهذه القراءة مبنية على أن الياء للتذكير ( المجازي )؛ لأنه فصل بين الفعل والفاعل ،وقيل لأن المودة بمعنى الود ، وقد حسنه ابن عطية .

القراءة في قوله ( فأفوز) :
القرءاة الأولى : بفتح الزاي ، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة كان فيه النصب على الجواب ؛ والمعنى إن أكن معهم أفز . والنصب فيه بإضمار " أن " لأنه محمول على تأويل المصدر ؛ التقدير يا ليتني كان لي حضور ففوز ، ذكره الفراء والقرطبي .

القراءة الثانية : بضم الزاي ،وهي قراءة الحسن ويزيد النحوي .
برفع الزاي عطفًا على (كنت)، أو على الاستئناف، أي: فأنا أفوز .
وهذه القراءة " فأفوز " بالرفع على أنه تمنى الفوز ، فكأنه قال : يا ليتني أفوز فوزا عظيما، ذكر ذلك القرطبي .

المسائل التفسيرية :
مقصد الآية :
بيان سبب تحسر المنافق ، وأنه لأغراض دنيوية ، وهذا حاصل ما ذكره البقاعي .

فيمن نزلت الآية :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : نزلت في عبد الله بن أبي رأس ، وهذا قول مقاتل بن حيان
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان.

القول الثاني :نزلت في المنافقين ، وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه الطبري في تفسيره وابن المنذر في تفسيره وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد .

الراجح :
أنها تشملهما لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فلا يخص عبد الله بن أبي رأس فقط ولكن أيضا المنافقين جميعهم ومن اتصف بصفاتهم ، لأن أيضا قد يكون أيضا من ضعاف الإيمان من يتصف بصفاتهم ،فيكون ذلك تحذيرا لكل من اتصف بهذه الصفات ؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (أربع مَن كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خَصْلة منهنَّ، كانت فيه خَصْلة من النفاق حتى يَدَعَها - إذا اؤتُمِن خان، وإذا حدَّث كذَب، وإذا عاهَد غَدَر، وإذا خاصَم فَجَر))؛ أخرجه البخاري ومسلم .


المراد بالفضل :
النصر والظفر والغنيمة ، ذكره ابن عطية وابن كثير .

متعلق الجار والمجرور في قوله ( فضل من الله ) :
متعلق بقوله ب (أصابكم) أو بمحذوف وقع صفة لفضل أي كائنٍ من الله تعالى، ذكر أبو السعود .

دلالة نسبة الفضل إلى الله دون المصيبة :
نسبة إصابةِ الفضلِ إلى جناب الله تعالى دون إصابةِ المصيبةِ من العادات الشريفةِ التنزيليةِ ، ذكر ذلك أبو السعود .

معنى اللام في قوله ( ليقولن ) :
لام موطئة للقسم لغرض التنبيه والانكار ، ذكر ذلك ابن عاشور .

نوع جملة كأن ( كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ) :
اختلفوا فيه على قولين :

القول الأول :اعتراضية ،ذكره الراغب الأصفهاني وغيره
وهذا القول ضعفه الراغب لأنه مستقبح في العربية .

القول الثاني : حالية ،ذكره الراغب الأصفهاني ، وهو اختيار أبو البقاء .

دلالة زيادة هذه الجملة في قوله ( كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ) :

دليل على زيادة في قبح فعلهم ،ذكره أبو حيان والسمين الحبي وغيرهم .


معنى ( كأن ) :
متضمنة معنى التشبيه ، ذكره ابن عطية .
وذكر السمين الحلبي أنه لغرض التعجب .

معنى لم في قوله ( لم تكن ) :
حرف نفي وجزم، ذكره عبد الرحيم صافي .

مرجع الضمير الكاف في قوله ( بينكم ) :
المؤمنين ، وذلك حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

مرجع الضمير الهاء في قوله : ( بينه ) :
النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وذكر ذلك الراغب و السمين الحلبي وغيرهم.

معنى المودة :
المودة في اللغة : وهي المحبة كما ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب وغيره .

المراد بالمودة :
اختلفوا في المراد منه على أقوال :
الأول : المعاقدة على الدين والإيمان ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

فيكون المعنى : ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن يا ليتني كنت معهم فان أصابتكم مصيبة.
توجيه هذا القول : على التكاليف التي صارت عليهم بالدخول في الإسلام ، وعاقدوا المسلمين عليها .
وأيضا باعتبار أن الجملة اعتراضية .

الثاني : المعاقدة على الجهاد ، ذكره ابن عطية وغيره.
ويكون المعنى : يكون المعنى: ليقولن يا ليتني كنت معهم، كأن لم يكن بينكم وبينه مودّة.
وهذا القول توجيهه على اعتبار الهاء في قوله ( معهم ) يعود على الغزو مع المؤمنين .

الثالث : المعرفة ، ذكره الخازن .
وهذا القول توجيهه على المعرفة الحقيقة والصحبة ، ومن لازم المعنى اللغوي أيضا فلازم المودة المعرفة والصحبة .

الراجح : أنه يشمل تلك الأقوال ، لأنه يمكننا الجمع بين تلك الأقوال ولا تعارض بينهم ، و فالمنافق عندما دخل الإسلام بأداء أركانها وواجباتها كمسلم ، ولكنهم يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر .


الغرض من الياء في قوله ( ياليتني ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :الياء للتنبيه ،ذكره ابن عاشور .
القول الثاني : للنداء . ذكره أبو حيان .
وعلى هذا القول يكون المنادى محذوف ، و تَقْدِيرُهُ: يَا قَوْمُ لَيْتَنِي
وهذا القول لم يذكر أبو حيان قائله ولم أجد قائله .

الراجح :
والراجح هو القول الأول لأنه ليس في الكلام منادى محذوف ، وذكر ذلك أبو حيان .

معنى ليت في قوله ( ياليتني ) :
للتمني لغرض اظهار الحسد والندم ، وهو حاصل ما ذكره الراغب الأصفهاني وابن عطية وغيرهم .

القائل في قوله ( ياليتني ) :
المنافق الحاسد ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير وغيرهم .


مرجع الضمير الهاء في قوله (معهم ) :
مع المؤمنين ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

معنى الفاء في قوله ( فأفوز ) :
الفاء هنا عاطفة ولكنها سببية ، وهذا حاصل ما ذكره الدعاس وأبو الفتح .

معنى الفوز في قوله ( فأفوز) :
الفوز في اللغة : النَّجاءُ والظَّفَرُ بالأُمْنِيَّة والخيرِ، فازَ به فَوْزاً ومَفازاً ومَفازَةَ ، ذكر ذلك ابن منظور .

المراد بالفوز في قوله ( فأفوز ) :
الحصول على السهم ، ذكره ابن كثير .

معنى عظيما :
وافرا ، قاله ابن حيان .
وقول ابن حيان أخرجه ابن المنذر في تفسيره عن إسحاق عن ابن حيان .

غاية المنافق في قتاله مع المؤمنين :
أن يضربوا له بسهم ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية و ابن كثير .

المسألة البلاغية :
الغرض من وصف المنافقين بالمودة :
لغرض التهكم، ذكر ذلك الزمخشري .

دلالة أسلوب الغيبة في قوله ( ياليتني كنت معهم ) :
دلالة على إخفاء ضعف عقيدتهم ، والندم على مافات ، ذكره رجاء المبلغ .

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 4 ربيع الأول 1442هـ/20-10-2020م, 07:44 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا أبوداهوم مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}

علوم الآية :

الوقف :
الوقف في قوله ( جميعا ) :
وقف كاف ، ذكره الأشموني .

القراءات :

القراءة في قوله : ( فانفروا ) :
القراءة الأول : قراءة الكسر ،بكسر الفاء ، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة بمعنى نفر ، ينفر ، نفرت الدابة نفورا ، وهو النهوض للقتال .
وهذه القراءة لغة ذكرها الأخفش وابن عطية .
وهي بمعنى النفير من قولهم : نفر الرجل ينفر بكسر الفاء نفيرا، ذكر ذلك ابن عطية .

القراءة الثانية : قراءة الضم ، بضم الفاء ،وهي قراءة الأعمش ومجاهد .
وهذه القراءة بمعنى الفزع ، ومنه قوله تعالى : (وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ).

القراءة الثالثة :قراءة بترقيق الراء ، وهي قراءة الأزرق وورش .
توجيه القراءة : أنه نقل عن الداني هذا الوجه من القراءة لأنه له ثلاث أوجه في التفخيم والترقيق .
[يحبذ فصل هذه عما قبلها لأنها لا تدخل كقسيم معها، وإنما هي في الترقيق
ويمكن الاستغناء عنها في بحثنا هذا لأنها لا تؤثر على المعنى]

القراءة في قوله : ( ثبات ) :
القرءاة الأولى : بكسر التاء، وهو جمع ثبة، وهي قراءة الجماعة .
القراءة الثانية : بفتح التاء ، ذكره الرضي أنه شاذ ولم أجد من قرأه .
وهذه القراءة مبني على توهم أن تاء الجمع عوضا عن اللام .
و هي من الشواذ كما ذكر ذلك الرضي ، و ضعفه الرضي من خلال كلامه .
ومن جهة اللغة فلا يصلح ، فقال الفراء : وربما عربوا التاء منها بالنصب والخفض، وهي تاء جماع، ينبغي أن تكون خفضًا في النصب والخفض، فيتوهمون أنها هاء.

النسخ :
النسخ في الآية :
القول الأول :أنها منسوخة بقوله تعالى : ( وماكان المؤمنون لينفروا كافة ..) ، وهو قول ابن عباس .
وقول ابن عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره و الطبراني في مسند الشاميين والبيهقي في سننه و ابن الجوزي في نواسخ القرآن عن عطاء عن ابن عباس.
وضعف ابن الجوزي هذا القول فقال :
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِيهَا مَغْمَزٌ ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ لا يُعْمَلُ عَلَيْهِ. وَأَحْوَالُ الْمُجَاهِدِينَ تَخْتَلِفُ، وَالأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا يراه الإمام

القول الثاني : أنها محكمة ، وهو قول منسوب إلى عطاء ذكره عطية الأجهوري ، ولم أجده ،وذكره مكي والقرطبي .

الراجح :

أنها محكمة ، كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب وغيرهم ، لـأن رواية النسخ ضعيفة فالأصل أنها محكمة ويعمل بها ، ولأن الجهاد له أحوال يكون فرض عين وأحوال فرض كفاية


المسائل التفسيرية :

مناسبة الآية :
الانتقال من طاعة الله ورسوله إلى ذكر التكاليف الأشد ، ذكره ابن عاشور .
[للتوضيح: الانتقال من الحث على عموم طاعة الله ورسوله إلى ...
ويفضل الإشارة إلى الآيات السابقة التي فيها الأمر بطاعة الله ورسوله]

مقصد الاية :
-التحريض على الجهاد ، ذكره ابن عاشور .
-التأهب والاستعداد للعدو ، ذكر ذلك ابن كثير .
-الأخذ بالأسباب المعينة في مواجهة العدو ، وهذا خلاصة ماذكره السعدي .
[والمعاني متفقة فيمكنك صياغتها بأسلوبك في عبارة واحدة]
المخاطب في الآية :
المؤمنين ، وهو قول ابن كثير وابن عطية والزجاج .

معنى الحذر :
الحَذَر مصدرُ قولِكَ: حَذِرْتُ أحْذَرُ حَذَراً فأنا حاذِرٌ وحَذِر، وهو التحرز والاستعداد ، وهذا حاصل ما ذكره الخليل أحمد و الزجاج وغيرهم .


المراد بالحذر :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : أخذ السلاح ،ذكره ابن عطية .
وتوجيه هذا القول لغة أيضا ، فالسلاح يسمى الحذر ، وقد ذكر ذلك الراغب الأصفهاني و الرزاي وغيرهم ..
وقد ذكر الماوردي سبب آخر لتسمية السلاح بالحذر وهو لأنه به يكون الاتقاء .

القول الثاني : أخذ الحذر من العدو ، ذكره ابن كثير .
وهذا القول مبني على لازم الحذر . [أخذ السلاح هو الذي يصلح توجيهه بأنه بلازم الحذر، أما هذا القول فدل عليه منطوق الآية]

الراجح : أن القولان صحيحان ، وأن أخذ الحذر من العدو يستلزم الاستعداد للعدو وأخذ السلاح ونحوه ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .
ولكن ضعف ابن عاشور القول بأن الحذر هو مجاز عن السلاح لأن الله تعالى يقول في موضع آخر ، ( وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) .

المراد بقوله ( خذوا حذركم ) :
الحزم والاستعداد وأخذ السلاح واعداد العدة ، وهذا حاصل ما قاله مقاتل بن حيان وذكره ابن كثير وابن عطية والزجاج .
وتوجيه هذا القول :هذا القول مبني على لازم الحذر وهو أخذ السلاح وإعداد العدة .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم عن عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان .
وبكير بن معروف قال عنه البخاري لا بأس به .

دلالة الفاء في قوله ( فانفروا ) :
لها معنيان :
الأول : للتفريع ، بمعنى : أَيْ فُرِّعَ فَلْيُقاتِلْ عَلَى خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا، ذكره ابن عاشور
الثاني : فصيحة ،بمعنى : أَفْصَحَتْ عَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ:
خُذُوا حِذْرَكُمْ وَقَوْلِهِ: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ ،ذكره ابن عاشور .

معنى : ( فانفروا ) :
بمعنى اخرجوا ، ذكر ذلك ابن عطية .
وهذا القول توجيهه من معناه اللغوي ، فقال الجوهري في الصحاح : نَفَرَتِ الدابَّةُ تَنْفِرُ وتَنْفُرُ نِفاراً ونُفوراً، يقال: في الدابَّة نفار.

معنى ( ثبات ) :
معناه باللغة : جمع ثبة ، وهي العصبة ، والجماعات المتفرقة ، كنا ذكر ذلك الخليل أحمد والزجاج وغيرهم .
قال الجوهري : والثُبَةُ: الجماعةُ: وأصلها ثُبَيٌ، والجمع ثُباتٍ وثُبونَ وثِبونَ وأثابيُّ .
واختلفوا في أصل ثبة إلى أقوال :
القول الأول : أن أصلها ثبوة ، وزنها فعلة بفتح العين، وذكروا أنه فوق العشرة من الرجال ،وهو قول نافع الأزرق ، وذكره ابن فارس أيضا .
وقول نافع الأزرق عزاه السيوطي إلى الطستي عن ابن عباس عنه . [هو في الأصل مروي عن ابن عباس، ونافع الأزرق من سأله، هذا إن صحت الرواية. وليس له علاقة بمسألة الاشتقاق وإنما تحديد العدد الذي ينطبق عليه معنى (انفروا ثبات)]

القول الثاني :أن أصلها ثبية، حذفت لامها بعد أن تحركت وانقلبت ألفا حذفا غير مقبس، ولذلك جمعت ثبون.
وهذا القول على أن الساقط لام الفعل ،فَهُوَ مِنْ ثَبَّيْتُ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا أَثْنَيْتَ عَلَيْهِ فِي حياتِه، وتأَوِيلُه جَمْعُ مَحاسِنِهِ.

القول الثالث: أصلها ثوبة وتصغيرها ثوبية، وهي من ثاب يثوب،ويقال ثبة الحوض وهي وسطه الذي يثوب الماء إليه، فالمحذوف منها العين ، ذكر ذلك الخليل أحمد و الزجاج وغيرهم .

القول الرابع :أنه اسم فرد وليس جمع ،وأصل ثبة ثبوة ،تحركت بالواو وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا ، وهذا قول ذكره ابن عطية .
الراجح : أنه لا يقال إلا للجمع ولا يقال للمفرد ، كما ذكر ذلك ابن منظور.

معنى (أو) في قوله ( أو انفروا ) :
حرف عطف للتخيير ،ذلك ذلك أبو حيان و الواحدي وغيرهم .

المراد بقوله : ( جميعا) :
أي كلهم ، وهو الجيش الكثيف مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو حاصل ما قاله ابن عباس و السدي والضحاك .
وقول ابن عباس أخرجه الطبري في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ.
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره من طرق عن أحمد بن المفضل عن أسباط عن السدي .
وأحمد بن المفضل قال عنه ابن حجر أنه صدوق شيعي لكنه في حفظه شيء .
وقول الضحاك أخرجه ابن المنذر في تفسيره عَنْ علي بْن الحكم، عَنْ الضحاك .
والضحاك قال عنه القطان أنه ضعيف ، وقال عنه أبو زرعةأنه ليس بالقوي .
[يفرق بين حال الراوي من حيث أدائه للحديث، وبين أقواله كمفسر]
دلالة التخيير في قوله ( انفروا ثبات أو انفروا جميعا ) :
يدل على أن الجهاد ليس فرض على الأعيان، ذكر ذلك الواحدي .

مسألة عقدية :

معنى الإيمان :
معناه لغة : الإيمان لغة: مصدر آمن يؤمن إيماناً فهو مؤمن ، ذكره الأزهري .
والإيمان في اللغة التصديق وهو ضد التكذيب ، ذكره ابن منظور .
معناه اصطلاحا :
الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان. يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية ،ذكره ابن تيمية وغيره .

مسألة فقهية :

حكم الجهاد :
قولان :
الأول : فرض كفاية ، وهوقول الشافعية والحنفية وغيرهم .
الثاني : فرض عين ، وهو قول ابن المسيب ، ذكره الشوكاني في نيل الأوطار .

الراجح : أنه فرض كفاية ولكن يكون فرض عين في ثلاثة مواضع : عند هجوم العدو ، والتقاء الصفين ، وعند استنفار العدو ، ذكره الشيخ ابن باز رحمه الله
ودليله قوله تعالى (إذا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.)
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير الأنفال/16


==========

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72)}

علوم الآية:

الوقف :
الوقف في قوله ( ليبطئن ) :
وقف تام ، ذكره الأشموني .

الوقف في قوله ( شهيدا ) :
وقف كاف ، ذكره الأشموني .

القراءات :

القرءاة في قوله ( ليبطئن ) :
القرءاة الأولى :بتشديد الطاء ،وفتح الباء ، وهي قراءة الجمهور .
ومعنى (لَيُبَطِّئَنَّ) ليتثاقلن وليتخلفن عن الجهاد وبطأ. بمعنى: أبطأ

القراءة الثانية :بتخفيف الطاء ، وهي قراءة مجاهد والنخعي والكلبي ويزيد والشموني.
يقال: بطأ على فلان وأبطأ علىّ وبطؤ
نحو: ثقل، ويقال: ما بطأ بك، فيعدى بالباء، ويجوز أن يكون منقولا من بطؤ، نحو؟ ثقل من ثقل، فيراد ليبطئن غيره وليثبطنه عن الغزو، وذكر ذلك الزمخشري . [ليس في قول الزمخشري ما يفيد أن القراءة بالتخفيف معنى يبطئ غيره، وإنما عرض اللغات في الكلمة، ثم ذكر المعنى في الآية، وابن عطية ذكر أن المعنى بالتشديد، يبطئ غيره و يثقله عن الجهاد]

القراءة الثالثة :بضم الهمزة ، ذكره أبو حيان .
قال عبد اللطيف خطيب أنها قراءة شاذة .

القرءاة الرابعة : بإبدال الهمزة ياء مفتوحة في الوقف والوصل، وهي قراءة أبو جعفر . [في أي كلمة؟]

القرءاة الخامسة : بإبدال الهمزة ياء مفتوحة في الوقف، وهي قراءة حمزة . [ في أي كلمة؟]

القرءاة السادسة : باسكان الباء ، وهي قراءة مجاهد .

المسائل التفسيرية :

المخاطب في الآية :
جماعة المؤمنين ، ذكره ابن عطية .

معنى الواو في قوله ( وإن منكم ) :
الواو حرف عطف والاستئناف ، ذكره إبراهيم خليل.

معنى من في قوله ( منكم ) :
من للتبعيض أو للبيان ، ذكر ذلك إبراهيم خليل .

مرجع الضمير الكاف في قوله ( منكم ) :
المؤمنين ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية .

المراد بقوله (وإن منكم لمن ليبطئن ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : المنافقين ،وهو قول مجاهد وابن جريج .
وهذا القول يكون إِضافتهم إِلى المؤمنين بقوله «منكم» لموضع نطقهم بالإِسلام.
وذكر ابن عادل أنه جعل المُنافقين من المُؤمنين من حَيْثُ الجِنْسِ والنَّسَبِ والاخْتِلاَطِ، أو من حيث الظَّاهِر؛ لتشبههم بالمُؤمنين، أو من حَيث زعمهم ودَعْواهُم.
وقول مجاهد أخرجه الطبري في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره وابن المنذر في تفسيره من طرق عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ.
وقول ابن جريج أخرجه الطبري في تفسيره عن الحجاج عن ابن جريج .
وابن جريج قال عنه الذهبي ثقة لكنه يدلس .
القول الثاني : ضعفة المؤمنين ، وهذا قول ذكره ابن الجوزي ،ونسب القول إلى الماوردي ولم أجده .
وهذا القول باعتبار الإضافة حقيقية .

الراجح :
القولان محتملان ، وتشملها الآية ، فالقول الأول لأن المنافقين عرفوا بالتثبيط والتأخر وخوفهم الشديد ، فهنا إن كان الفعل متعديا ولازما ، كما قال تعالى عنهم ( يحسبهم كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم ) ( لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) ، وهم يعتبرون في الظاهر من عداد المسلمين ، وأما القول الثاني فلأن ضعيف الإيمان أيضا قد يتخلف عن الجهاد ضعفا منه ، فقد قال تعالى في موضع آخر : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ ۖ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ ۙ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ )
وبهذا يكون الفعل لازما هنا .

السبب في التعبير ب ( منكم ) :
لأن المنافقين في عداد المؤمنين ، ذكره ابن عطية .

معنى اللام في قوله ( لمن ) :
لام الابتداء ، وتفيد التأكيد ، وهذا حاصل ماذكره ابن عطية والنيسابوري .

معنى من في قوله ( لمن ) :
بمعنى الذي أو بمعنى نكرة موصوفة ذكر ذلك العبكري والسمين الحلبي .

معنى يبطئن :
لغة : البُطْءُ: نقيض السرعة. تقول منه: بطُؤَ مجيئك، وأبطأت فأنت بطئ ، ذكر ذلك الجوهري وقال ابن منظور : وأَبْطأَ عَلَيْهِ الأَمْرُ: تَأَخَّرَ. وبَطَّأَ عَلَيْهِ بالأَمْرِ وأَبْطَأَ بِهِ، كِلاهما: أَخَّرَهُ


معنى اللام في قوله ( ليبطئن) :
اختلفوا في نوع اللام على قولين :
الأول : لام توكيد ، وذكر ذلك الأخفش
وهذا القول ضعفه السمين الحلبي .

الثاني : لام قسم ، وذكر ذلك الأخفش والزجاج
والمعنى : وإنّ منكم أيّها القوم لمن واللّه ليبطّئنّ .

المراد بالإبطاء في قوله ( ليبطئن ) :
التخلف عن الجهاد والغزو ، وهذا حاصل ما ذكره قتادة ومقاتل بن حيان .
وقول قتادة أخرجه الطبري في تفسيره عن سعيدٌ، عن قتادة.
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان .
توجيه هذا القول :
على معناه اللغوي من التباطؤ وهو التأخر ، وذكر ذلك الجوهري وابن منظور وغيرهم .

ويختلف معناه الذي يراد به إن كان لازما أومتعديا :
الأول : إن كان لازما ، فيكون أبطأ بطأ بمعنى بطؤ .
فعلى هذا المعنى يكون يتثاقل ويثبط عن الخروج للجهاد .
الثاني :إن كان متعديا ،فيكون متعديا بالهمزة أو التضعيف بمعنى بطؤ .
ويكون بمعنى أنه يثبط غيره .

معنى الفاء في قوله ( فإن) :
الفاء استئنافية ، ذكره النحاس .

معنى ( إن ) في قوله ( فإن أصابتكم ) :
إن شرطية ، ذكره النحاس .

معنى أصابتكم :
أصاب أي أخذ ، ذكر ذلك الجوهري .

مرجع الضمير الكاف في قوله ( أصابتكم ) :
المؤمنين في الحرب ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

معنى المصيبة :
اسم لما أصاب الإنسان من شر ، ذكره ابن عاشور .

المراد بالمصيبة :
القتل والشهادة وغلبة العدو ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .
توجيه هذا القول : هو اعتقاد المنافقين أن القتل في الجهاد مصيبة .

متعلق قوله ( أنعم الله عليه ) :
السلامة ، ذكره ابن عاشور .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( معهم ) :
مع المؤمنين في القتال ، وهو حاصل ما ذكره ابن كثير .

معنى شهيدا :
اختلفوا في معناه على قولين :
القول الأول : المشاهدة والحضور ، ذكره ابن عطية وابن كثير .
وهذا القول من معناه اللغوي الشهيد من المشاهدة

القول الثاني : الشهيد الذي قتل في سبيل الله ، ذكره ابن عطية وابن كثير
وهذا القول من المعنى الشرعي للشهيد .

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : عنْ أبي هُرَيْرةَ، ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه متفقٌ عليهِ.
الراجح :أن القولان صحيحان وتحتمله اللغة والسياق ، فالمنافق يتمنى أن لا يكون حاضرا في المعارك ويتمنى أن لا يكون شهيدا في سبيل الله .

فقد قال الله تعالى عن المنافقين : {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وان قوتلتم لننصرنكم والله يشهد انهم لكاذبون* لئن اخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون }.

غاية المنافق في تخلفه عن القتال مع المسلمين :
التشكيك ، وتربص الدوائر بالمؤمنين ،ذكره ابن عطية .


مسألة لغوية :
نوع إذ في قوله ( إذ لم أكن معهم ) :
ظرف لأنعم ، ذكره العبكري .


تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}

علوم الآية :

الوقف :
الوقف في قوله ( معهم) :
معهم (كاف) لمن رفع ما بعد الفاء على الاستئناف أي فأنا أفوز، ذكره الأشموني .


الوقف في قوله : عظيما :
(تام) للأمر بعده ، ذكره الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله : ( ليقولن )

القراءة الأولى : بفتح اللام ، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة على جعل الفعل للمفرد، وهو المبطئ.
القرءاة الثانية : بضم اللام ، وهي قراءة الحسن ، وهي شاذة
بضم اللام إعادة للضمير إلى معنى (من)، لأن قوله (لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) في معنى الجماعة.
وهذه القراءة لا تؤثر في المعنى .

القراءة في قوله : ( تكن)
القراءة الأولى : بالتاء ،على التأنيث ،وهذه قراءة ابْن كثير وَحَفْص والمفضل عَن عَاصِم وغيرهم ، وهي قراءة ذكره البغدادي وابن مهران والجرجاني ومكي وأبو عمرو الداني .
وهذه القراءة مبني على أن التأنيث لأن مودة مؤنثة .

القراءة الثانية : بالياء ،على التذكير ، وهي قراءة نافِع وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر وَعَاصِم فِي رِوَايَة أبي بكر وَحَمْزَة والكسائي وغيرهم وذكره البغدادي ومكي .
وهذه القراءة مبنية على أن الياء للتذكير ( المجازي )؛ لأنه فصل بين الفعل والفاعل ،وقيل لأن المودة بمعنى الود ، وقد حسنه ابن عطية .

القراءة في قوله ( فأفوز) :
القرءاة الأولى : بفتح الزاي ، وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة كان فيه النصب على الجواب ؛ والمعنى إن أكن معهم أفز . والنصب فيه بإضمار " أن " لأنه محمول على تأويل المصدر ؛ التقدير يا ليتني كان لي حضور ففوز ، ذكره الفراء والقرطبي .

القراءة الثانية : بضم الزاي ،وهي قراءة الحسن ويزيد النحوي .
برفع الزاي عطفًا على (كنت)، أو على الاستئناف، أي: فأنا أفوز .
وهذه القراءة " فأفوز " بالرفع على أنه تمنى الفوز ، فكأنه قال : يا ليتني أفوز فوزا عظيما، ذكر ذلك القرطبي .

المسائل التفسيرية :

فيمن نزلت الآية:
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : نزلت في عبد الله بن أبي رأس [رأس المنافقين] ، وهذا قول مقاتل بن حيان
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان.

القول الثاني:نزلت في المنافقين ، وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه الطبري في تفسيره وابن المنذر في تفسيره وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد .

الراجح :
أنها تشملهما لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فلا يخص عبد الله بن أبي رأس فقط ولكن أيضا المنافقين .

المراد بالفضل :
النصر والظفر والغنيمة ، ذكره ابن عطية وابن كثير .

متعلق الجار والمجرور في قوله ( فضل من الله ) :
متعلق بقوله بأصابكم أو بمحذوف وقع صفة لفضل أي كائنٍ من الله تعالى، ذكر أبو السعود .

دلالة نسبة الفضل إلى الله دون المصيبة :
نسبة إصابةِ الفضلِ إلى جناب الله تعالى دون إصابةِ المصيبةِ من العادات الشريفةِ التنزيليةِ ، ذكر ذلك أبو السعود .

معنى اللام في قوله ( ليقولن ) :
لام موطئة للقسم لغرض التنبيه والانكار ، ذكر ذلك ابن عاشور .

نوع جملة كأن ( كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ) :
اختلفوا فيه على قولين :

القول الأول :اعتراضية ،ذكره الراغب الأصفهاني وغيره
وهذا القول ضعفه الراغب لأنه مستقبح في العربية .
[اعتراض الراغب على أن تكون الجملة معترضة بين الجملة الشرطية في الآية السابقة وجملة القسم
فيقال:
فإنْ أصابَتْكم مصيبةٌ قال: قد أَنْعَمَ اللَّهُ عليَّ إذ لم أَكُنْ معهم شهيداً، كأَنْ لم تكن بينكم وبينه مودةٌ، ولَئِنْ أصابكم فضلٌ
وهنا تقدير وتأخير كما ترين.
لكن للسمين الحلبي قول آخر في بيان المعترض بينهما وهي أن تكون معترضة بين القول ومفعوله
المعنى: ليقولن ياليتني كنت معهم كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ]

القول الثاني : حالية ،ذكره الراغب الأصفهاني ، وهو اختيار أبو البقاء .

دلالة زيادة هذه الجملة في قوله ( كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ) :

دليل على زيادة في قبح فعلهم ،ذكره أبو حيان والسمين الحبي وغيرهم .


معنى ( كأن ) :
متضمنة معنى التشبيه ، ذكره ابن عطية .
وذكر السمين الحلبي أنه لغرض التعجب .

معنى لم في قوله ( لم تكن ) :
حرف نفي وجزم، ذكره عبد الرحيم صافي .

مرجع الضمير الكاف في قوله ( بينكم ) :
المؤمنين ، وذلك حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

مرجع الضمير الهاء في قوله : ( بينه ) :
النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وذكر ذلك الراغب و السمين الحلبي وغيرهم.
[الأظهر أن الضمير راجع إلى المنافق]

معنى المودة :
المودة في اللغة : وهي المحبة كما ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب وغيره .

المراد بالمودة :
اختلفوا في المراد منه على أقوال :
الأول : المعاقدة على الدين والإيمان ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

فيكون المعنى : ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن يا ليتني كنت معهم فان أصابتكم مصيبة.
توجيه هذا القول : على التكاليف التي صارت عليهم بالدخول في الإسلام ، وعاقدوا المسلمين عليها .
وأيضا باعتبار أن الجملة اعتراضية . [لا اعتبار هنا فهي اعتراضية حتى على الأقوال الأخرى]

الثاني : المعاقدة على الجهاد ، ذكره ابن عطية وغيره.
ويكون المعنى : يكون المعنى: ليقولن يا ليتني كنت معهم، كأن لم يكن بينكم وبينه مودّة.
وهذا القول توجيهه على اعتبار الهاء في قوله ( معهم ) يعود على الغزو مع المؤمنين .

الثالث : المعرفة ، ذكره الخازن .
وهذا القول توجيهه على المعرفة الحقيقة والصحبة ، ومن لازم المعنى اللغوي أيضا فلازم المودة المعرفة والصحبة .

الراجح : أنه يشمل تلك الأقوال ، لأنه يمكننا الجمع بين تلك الأقوال ولا تعارض بينهم ، و فالمنافق عندما دخل الإسلام بأداء أركانها وواجباتها كمسلم ، ولكنهم يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر .


الغرض من وصف المنافقين في قوله ( مودة ) :
لغرض التهكم، ذكر ذلك الزمخشري .


الغرض من الياء في قوله ( ياليتني ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :الياء للتنبيه ،ذكره ابن عاشور .
القول الثاني : للنداء . ذكره أبو حيان .
وعلى هذا القول يكون المنادى محذوف ، و تَقْدِيرُهُ: يَا قَوْمُ لَيْتَنِي
وهذا القول لم يذكر أبو حيان قائله ولم أجد قائله .

الراجح :
والراجح هو القول الأول لأنه ليس في الكلام منادى محذوف ، وذكر ذلك أبو حيان .

معنى ( ليت ) :
للتمني لغرض اظهار الحسد والندم ، وهو حاصل ما ذكره الراغب الأصفهاني وابن عطية وغيرهم .

القائل في قوله ( ياليتني ) :
المنافق الحاسد ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير وغيرهم .


مرجع الضمير الهاء في قوله (معهم ) :
مع المؤمنين ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

دلالة أسلوب الغيبة في قوله ( ياليتني كنت معهم ) :
دلالة على إخفاء ضعف عقيدتهم ، والندم على مافت ، ذكره رجاء المبلغ .

معنى الفاء في قوله ( فأفوز ) :
الفاء هنا عاطفة ولكنها سببية ، وهذا حاصل ما ذكره الدعاس وأبو الفتح .

معنى الفوز في قوله ( فأفوز) :
الفوز في اللغة : النَّجاءُ والظَّفَرُ بالأُمْنِيَّة والخيرِ، فازَ به فَوْزاً ومَفازاً ومَفازَةَ ، ذكر ذلك ابن منظور .

المراد بالفوز في قوله ( فأفوز ) :
الحصول على السهم ، ذكره ابن كثير .

معنى عظيما :
وافرا ، قاله ابن حيان .
وقول ابن حيان أخرجه ابن المنذر في تفسيره عن إسحاق عن ابن حيان .

غاية المنافق في قتاله مع المؤمنين :
أن يضربوا له بسهم ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية و ابن كثير .



التقويم: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الأول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir