دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 ربيع الثاني 1441هـ/28-11-2019م, 01:00 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس السادس: مجلس مذاكرة القسم الثالث من دورة سير أعلام المفسرين

مجلس القسم الثالث من دورة "سير أعلام المفسرين"
لفضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل -حفظه الله.


اختر مفسّراً من المفسرين الذين درست سيرهم واكتب عنه رسالة تعريفية مختصرة ( في حدود صفحة إلى ثلاث صفحات ) تبيّن فيها أهم ما ورد في سيرته
والفوائد التي استفدتها من دراستك لسيرته.


- لايسمح بتكرار اختيار المفسر إلا بعد تغطية جميع المفسرين.

تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 ربيع الثاني 1441هـ/28-11-2019م, 05:35 AM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

اختار سيرة ( سعيد بن جبير ) بإذن الله

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 ربيع الثاني 1441هـ/28-11-2019م, 07:13 AM
رشا عطية الله اللبدي رشا عطية الله اللبدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 340
افتراضي

اختار سيرة (سعيد بن المسيب) وبالله التوفيق

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 ربيع الثاني 1441هـ/29-11-2019م, 01:21 PM
رشا عطية الله اللبدي رشا عطية الله اللبدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 340
افتراضي

أيها القارئ الكريم : لقد تصدر تاريخ الإسلام شخصيات أبى الزمان أن ينجب مثلهم ، أسماءً يخال للمرء أن المجد والعز لم يعرف لولا سيرهم ، كيف لا ؟ وهم قد كانوا من أهل خير القرون بشهادة نبي الأمة عليه الصلاة والسلام : " خير الزمان قرني ثم الذين يلونهم "
شخصيتنا اليوم هي من قال عنها ابن عمر رضي الله عنه : " لو رأى هذا رسول الله لسره "
فقيه الفقهاء وعالم العلماء وأئمة التابعين إنه سعيد بن المسيب رحمه الله
اسمه ونسبه :
أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي القرشي ، ولد في الدينة في خلافة عمر وسمع عنه شيئا يسيرا لصغر سنه
وجده هو حزن جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ما اسمك؟ قال: حزن، قال: بل أنت سهل.

طلبه للعلم وتصدره :
تتلمذ على يد الصحابة وجمع منهم علما غزيرا لنجابته وقوة حفظه وشدة رغبته في تحصيل العلم ، فنقل عن ابن عباس وابن عمر وجالس سعد بن أبي وقاص وعامة علمه أخذه من زيد بن ثابت رضي الله عنه وأبي هريرة ونقل عنه علما عظيما وكان زوج ابنته ، واسمه لازم اسمه في أسانيد كثير من الروايات ، ودخل على بعض زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وسألهم ،ولعل تصدره فالفقه وولعه به جعله يحرص على جمع كثير من المسائل التي قضى وحكم بها عمر رضي الله عنه حتى قيل عنه : " سعيد بن المسيب راوي عمر " وغالب ما يروي في التفسير من مسائل الأحكام .

كان محبوبا عند الصحابة مقدما عندهم على غيره، وقد تصدر للفتوى بوفرة منهم ، وربما سأله ابن عمر عن بعض شأن أبيه لما كان عليه من علمه بشأنه وأمره ،
َقَال علي بْن المديني: لا أعلم فِي التابعين أحدا أوسع علما من سَعِيد بْن المُسَيَّب، نظرت فيما روى الزُّهْرِيّ وقتادة ويحيى بْن سَعِيد وعبد الرحمن بْن حرملة، فإذا كل واحد منهم لا يكاد يروي ما يرويه الأخر ولا يشبهه، فعلمت أن ذلك لسعة علمه، وكثرة روايته، وإذا قال سَعِيد: مضت السنة، فحسبك بِهِ. قال علي: وهو عندي أجل التابعين.
كان لا يسمع شيئا إلا وعاه قلبه ، قوي الذاكرة ، قال : سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ: سَأَلَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ أَبُوْكَ إِلَيَّ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ، وَسَأَلَنِي.
كان معظما للعلم موقرا للحديث دخل عليه رجل في مرضه فسأله عَنْ حَدِيثٍ، فَقَالَ: «أَقْعِدُوني» فَأَقْعَدُوهُ قَالَ: «إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُحَدِّثَ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُضْطَجِعٌ»


دينه وعبادته :
كان صواما يسرد الصوم ، قواما ، كثير الصلاة بالليل ، قال عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ العَبَّاسِ الأَسَدِيُّ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ يُذَكِّرُ, وَيُخَوِّفُ, وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي اللَّيْلِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيُكْثِرُ .
حريصاً معظما للصلاة يقول عن نفسه : : "ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت إلى قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة، لمحافظته على الصف الأول، وقيل إنه صلى الصبح بوضوء العشاء خمسين سنة "
شديد الورع والتقوى والخوف على ما هو عليه من كثرة العبادة كان يكثر أن يقول في مجلسه : " اللهم سلم سلم "
كان على صلابة في الحق لا تأخذه في الله لومة لائم ، عزيز النفس لا يقبل العطايا من بيت مال المسلمين لأنه يرى أن عنده ما يكفيه وكانت نفسه أهون ما تكون عليه في الله .
فتنته :
لما تولى الخلافة عبد الملك بن مروان أمر الناس أن يبايعوه ولابنيه من بعده سليمان وهشام فرفض أن يبايع لاثنين وقال نهانا رسول الله عن ذلك ‘ فقال له الرسول إذا غير مقامك الذي تصلي فيه فإنه إن طلبك الوالي ولم يجدك تركك ، فقال : لم أكن لأغير مقاما أقمت فيه أربعين سنة ، فقال له إذا اذهب في عمرة ، قال لم اكن لأبذل مالي في شيء ليس لي به نية ، فطلبه الوالي وضربه بالسوط ومنع الناس من مجالسته
فكان إذا أتاه من يريد مجالسته أخبره بذلك ليحذره مخافة ان يضرب بسببه .
قصة تزويجه ابنته :
كان يجلس إليه فتى قرشي يقال له ابن أبي وداعه ، فغاب عنه أيام ثم عاد ، فلما سأله عن شأنه وفيم كان غيابه : قال : ماتت زوجتي فانشغلت بذلك ، فقال له : هل استحدثت امرأة ؟ فقال له ابن أبي وداعة : " ومن سيزوجني ولست أملك إلا درهمين ؟ فقال سعيد : أنا أفعل ، فزوجه ابنته وذهب بها بنفسه لبيته على درهمين ، وكانت من أحسن النساء علما وجمالا ولقد خطبها عبد الملك بن مروان لابنه فرفض حتى ضربه بالسوط مائة جلدة .

تجارته :
كان يتاجر بالزيت ، ووكل عنه من ينوب بها وهو انشغل بالتعليم وتعليم الناس ، ولم يكن يطلب بتجارته الدنيا، إنما يريد أن يغتني بالحلال عن الحرام وطلب الناس ويصل به رحمه ويعز بها نفسه ، قال : سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُحِبُّ هَذَا الْمَالَ يَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ وَيُؤَدِّي بِهِ أَمَانَتَهُ وَيَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ خَلْقِ رَبِّهِ»

أقواله في الوعظ والتفسير :
«أَصْلِحْ قَلْبَكَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ» ومن أقواله أيضا : ": «مَنِ اسْتَغْنَى بِاللهِ افْتَقَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ»
وقال : "«يَدُ اللهِ فَوْقَ عِبَادِهِ فَمَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ وَضَعَهُ اللهُ وَمَنْ وَضَعَهَا رَفَعَهُ اللهُ، النَّاسُ تَحْتَ كَنَفِهِ يَعْمَلُونَ أَعْمَالَهُمْ فَإِذَا أَرَادَ اللهُ فَضِيحَةَ عَبْدٍ أَخْرَجَهُ مِنْ تَحْتِ كَنَفِهِ فَبَدَتْ لِلنَّاسِ عَوْرَتُهُ»
ومن مروياته في التفسير : : يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب في هذه الآية:"وما كان الله ليضيع إيمانكم" قال، صلاتكم نحو بيت المقدس. رواه ابن جرير.


وفاته :
وتوفي بالمدينة سنة أربع وتسعين
وكان يقال في السنة التي توفي فيها سنة الفقهاء من كثرة من مات فيها من الفقهاء

المراجع :
حلية الأولياء
تهذيب الكمال
الجرح والتعديل لاب أبي حاتم
الثقات لابن حبان
معرفة الصحابة لابن منده

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 ربيع الثاني 1441هـ/29-11-2019م, 05:05 PM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

ساكتب سيره تعريفية عن التابعي شقيق بن سلمه الاسدي الكوفي رحمه الله

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 ربيع الثاني 1441هـ/30-11-2019م, 09:04 AM
رشا عطية الله اللبدي رشا عطية الله اللبدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 340
افتراضي

تابع الحل ............
1) عند الإكثار من قراءة حال السلف ومطالعة أحوالهم يحدث التأثر بهم والتعلم من مواقفهم ، هذا سعيد بن المسيب اهتم بأخبار عمر رضي الله عنه وجمع ما بلغه من أحواله فكان له أثرا عظيما على شخصيته ، فكان صلبا قويا في الحق لا تأخذه في الله لومة لائم مثل عمر رضي الله عنه
2) إن السلف حين لم يعطوا للدنيا وزنا ونظروا للأمور بمعايير إيمانية ، رفعهم الله وأعلى ذكرهم
3) تغليب جانب الرجاء في زماننا ، سبب الكثير من الكسل والقعود عن السعي في طلب الآخرة ، السلف كانوا من أكثر الناس عبادة وبذلا ، ومع ذلك كانوا من أشد الناس خوفا وتقوى
4) زوج سعيد بن المسيب ابنته على درهمين ، وكان قد خطبها الخليفة عبد الملك لابنه وسعى له بكل شئ فأبى أن يزوجه ، فاختار لابنته من كان يظن أن تصلح معه آخرتها ولا يفسد لها دينها
5) الإقبال على العلم وطلب الآخرة لا يمنع المرء من أن يشتغل بتحصيل المال ، وينوي به نوايا طيبة من صلة الرحم والإغتناء بما عند الله عن طلب الناس والافتقار إليهم

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 ربيع الثاني 1441هـ/30-11-2019م, 10:12 AM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

سيرة محب العلم الإمام (سعيد بن جبير)

بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن حياة العلماء لا تنتهي بموتهم؛ وإن الله تعالى ليحيى ذكر العلماء بين الخلق بالإقبال على علمهم،

فلنقترب من حياة واحد من أولئك الأعلام الذين تركوا في الأمة أثرا ..

مقدمة..

أوشكت الشمس على المغيب، معلنةً انقضاء يوم عصيب، خيم فيه الحزن على قلوب المسلمين، وبانقضاء ذلك اليوم انقضت حياة عالم جليل، حصَّل علما غزيرا، واستفرغ وسعه في نشره وبذله،
أبى الضيم فخرج على الظالم وقُتل مظلوما، ورحل وما خلف بعده مثله..

وقبل أن نسترسل في تفاصيل النهاية لنتعرف كيف كانت البداية..
بداية جهبذ العلماء، مفتي أهل الكوفة، وواحد من أعلم الناس بالقرآن بعد الصحابة رضي الله عنهم، الإمام الفقيه المفسر: ( أبو محمد سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي) الذي ولد سنة (46 هــ)
في قبيلة بني أسد العربية، ولم يكن سيدا فيها بل كان من مَواليها..

شغف التعلم ونشر العلم..

نشأ سعيد بن جبير وقد تملك حب العلم من قلبه، فلازم أهله، ومَنْ غير الصحابة والتابعين يُبتغى علمهم، ويُؤخذ عنهم، فأخذ سعيد جلّ علمه عن ابن عباس وابن عمر وعن غيرهما من الصحابة وكبار التابعين..
وتميز بكونه حافظا فهما، ناقدا بصيرا، حرص على ضبط العلم تقييدا وحفظا، ومَيَّز صحيحه من ضعيفه، فكان يسائل ابن عباس، ويدون في صحف له ما وعاه، وكان يسمع سؤالات أصحاب ابن عباس له فيتفهّمها
ويحفظها، وذلك مسلك من أراد أن يحصل علما غزيرا.
وما يشهد لحبه للعلم، وتقديره للعلماء، ما روي عنه أنه قال: (كنت أسمع الحديث من ابن عباس فلو يأذن لي لقبلت رأسه).

وقد تفطن المعلم ابن عباس لنجابة تلميذه، فأولاه عناية خاصة، وأكثر من تحديثه، ولما رأى ثمرة بذله آن قطافها، قال له: (لقد حفظت عني علماً كثيراً)، وأمره بالفتوى والتحديث وهو لم يزل شابا،
فاستعجب ابن جبير كيف يأمره معلمه بالتحديث في وجوده، أوليس المعلم أعلم من التلميذ، وأولى منه بالتحديث، فكيف تُقدم التلال على الجبال ؟!
فأزال المعلم عجب تلميذه وقال له: (أوليس من نعمة الله عليك أن تحدث وأنا شاهد؛ فإن أصبت فذاك، وإن أخطأت علَّمتك؟!!).

وكان ابن عباس بعدما عَمِي إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه قال: (تسألوني وفيكم بن أم دهماء ؟! )، يعني سعيد بن جبير.
مات ابن عباس، وترك جماعة من التابعين يحدثون بما علمهم، وكان سعيد بن جبير من أعلَمِهم بتفسير القرآن، وكان عمره آنذاك اثنين وعشرين عاماً.

وقد أثنى عليه ابن عمر أيضا، فذات يوم أتاه رجل يسأله عن فريضة، فقال له ابن عمر: (ائت سعيد بن جبير، فإنه أعلم بالحساب مني، وهو يفرض فيها ما أفرض).
ولم يكتف سعيد بن جبير بما تعلمه، بل كان إذا اختلف في مسألة مع أهل الكوفة كتبها حتى يلقى ابن عمر فيسأله عنها، وهذا هو دأب العالم الحق، إن عرضت له مسألة يستشكلها رجع لمن هو أعلم منه،
كلما زاد عمره وزادت نهمته للعلم تعلما وتعليما.

وقد روى سعيد عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما من الصحابة كأبي هريرة وأبي موسى الأشعري، وعمران بن الحصين، وكذلك روى عن عدد من التابعين كأبي عبد الرحمن السلمي وعكرمة،
وقد أكثر من رواية التفسير عن التابعين، وله أقوال تفسيرية.

وكان يراجع غيره من كبار التابعين في المسائل مستنبطا الأحكام بما يدل على حسن فهم، ومثال ذلك ما قاله ابن جبير في قول الله تعالى:
{الذي بيده عقدة النكاح}، فقال: هو الزوج.
وقال مجاهد وطاوس: هو الولي، ففراجعهما قائلا: لو أن الولي عفا وأبت المرأة أكان يجوز ذلك ؟!
فرجعا عن قولهما وتابعا سعيدا في قوله.

وقد عُرف ابن جبير بحرصه على نشر العلم، فنشر علما كثيرا، وكان اعتاد أن يقص كل يوم مرتين بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر.
وكان جّل همه أن يأخذ الناس ما عنده من علم، وهكذا هو صاحب الهمة، تبليغ العلم هماً يؤرقه، وديناً لا ينقضي أجله، وقد مات وما على ظهر الأرض أحدٌ إلا وهو محتاجٌ إلى علمه.

وكان يردد على مسامع من يلومه من أصحابه: (إن نشر العلم أحب إلي من أن أذهب به إلى قبري)،وروي أنه خرج في جنازة فكان يحدث أصحابه في الطريق حتى بلغوا، وجلسوا وقاموا ورجعوا،
ولم يزل يحدثهم، فما من سبيل سلكه ولا من مجلس قعد فيه إلا وبث من غزير علمه.

أما عن عبادته فكان سعيد بن جبير كثير الذكر لله، إن صلى يُرى كالوتد من حسن استقامته، وكان يختم في كل ليلتين من بعد مقتل الحسين إلا أن يكون مريضاً أو مسافراً، وكان يُرجع صوته بالقرآن حين يؤم صحبه.
وكان يقول في الذكر:
(والذكر طاعة الله، فمن أطاع الله ، فقد ذكره، ومن لم يطعه فليس بذاكر، وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن).
وكانت تعجبه العبادة ويحث الناس على الاجتهاد في مواسم الطاعات، فكان يقول في ليالي العشر: (لا تُطفئوا سرجكم. أيقظوا خدمكم يتسحرون لصوم يوم عرفة).

وكان ابن جبير مستجاب الدعوة، وهى من أمارات العلماء الربانيين، وأولياء الله الصالحين، وكدأب العابدين الذاكرين كان له من قيام الليل نصيب،فكان يستيقظ على صوت ديك له،
فيصلى ما شاء الله له أن يصلي، وذات ليلة لم يسمع للديك صوتا، فما قام لصلاته، فشق عليه ضياع عبادة ليلة تزيده من الله قربا..
فقال: ما له؟ قطع الله صوته!
فلم يُسمع للديك صوت بعدها.
فقالت له أمه : يا بني لا تدع على شيء بعدها.
وكان بارا بأمه، يكره أن يرد لها طلبا، وفي يوم لدغته عقرب، فأقسمت عليه أمه أن يسترقي، فأعطى الراقي يده التي لم تلدغ كارها أن يُحنثها.
ولا عجب إن كره طلب الرقية، وهو القائل: التوكل على الله جماع الإيمان، وكان يدعو: (اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك، وحسن الظن بك).

بداية النهاية..
خرج ابن الأشعث على الحجاج بن يوسف الثقفي، وذلك لظلم الحجاج واستباحته للدماء، وبطشه بالأبرياء، وحَوَّل ابن الأشعث سهام المسلمين إليهم بدلا من أن يوجهها إلى أعداء الأمة، وقامت فتنة عظيمة،
فاعتزلها بعض العلماء ممن تبصر بها، كالحسن البصري، وكان يرى أن الخروج على الحجاج أعظم شرا من مهادنته والبقاء تحت إمرته، ومن العلماء والفقهاء من انضم لابن الأشعث وذلك لما رأوا من طغيان الحجاج،
وفتكه بالمستضعفين، وكان من هؤلاء المنضمين لجانب ابن الأشعث سعيد بن جبير، وكان القتال بين الفريقين سجال حتى انهزم ابن الأشعث في موقعة الجماجم الشهيرة سنة 83 هـ، ففر سعيد بن جبير بعدما طلبه الحجاج،
إلى أصبهان، وأخذ ينتقل من بلد إلى بلد حتى استقر بمكة، وبقي متخفيا بها ثنتي عشرة سنة، وخلال هذه الفترة كان يحج ويفتي ويحدث، إلى أن وشى به رجل إلى أمير مكة خالد بن عبد الله القسري،
فقُيد سعيد بن جبير وأُرسل إلى الحجاج بالعراق، وكان لسان حاله يقول: إنك يا ابن جبير لمقتول !

فلما أُتي به ودخل على الحجاج تذكر أن الخشية هى خشية الله التي تحول بين العبد وبين معصيته، فثبت ولم يتبع التقية لينجو، بل صدح بالحق في وجه الحجاج،
وكان من آخر كلامه للحجاج حين أمر السياف بقتله : (اللهم لا تسلطه على أحد بعدي) ..
قُتل سعيد بن جبير سنة 95 هـ، وقيل أن له تسع وأربعون سنة، وقيل سبعة وخمسون.
ولم يعش الحجاج كثيرا بعدها، وأصابه مرض مات بسببه وكان كثيرا ما يردد: (مالي ولسعيد بن جبير!).

وانتهت حياة العالم الذي أحب العلم، وبقيت سيرته تستنهضُ الهمم، وتَعِظُ من كان له قلب، وتُبَصِرُ كل عاقل..
فهل من متأسٍ أو مُعْتَبِرٍ ..


فوائد مستخلصة من سيرة ابن جبير:
1. سبيل تحصيل العلم الحفظ والتقييد، وملازمة العلماء والتخلق بخلقهم قبل علمهم.
2. انظر عن من تأخذ دينك، فإن كان عن علماء الأمة المخلصين، فقد سلمت من الشبهات والأهواء.
3. من أطاع الله عاش في معيته، وحُفظ بحفظه، وجعل الناس تحتاج إليه ولا يحتاج إليهم.
4. تفطن المعلم إلى قدرات التلاميذ ومهاراتهم من أهم عوامل نجاحهم.
5. في اعتزال الفتن السلامة، فتُحفظ النفس ويُصان الدين.

الحمد لله رب العالمين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 ربيع الثاني 1441هـ/30-11-2019م, 10:43 AM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

التابعي الجليل شقيق بن سلمة الكوفي هو الإمام الكبير شيخ الكوفة،شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي ،كنيته أبو وائل مخضرم ، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ،
ارتدت قبيلته بنو أسد بن خزيمة وكان شقيق من بين الفارين أمام خيل خالد بن الوليد "يوم بزاخة" و عمره إحدى عشر سنة "2" ،أدرك سبع سنين من سني الجاهلية،‏اعتنى تابعينا الجليل بطلب العلم من نعومة أظفاره ، فأخذ الحديث عن عمر وعثمان وعلي وعمار وغيرهم من الصحابة ،كما روى عن أقرانه كمسروق وعلقمة، حتى أضحى من أئمة الدين الذين يشار لهم بالبنان، "3" ، كما أنه أفنى عمره في التعليم و التحديث لطلبة العلم من حوله:- فحدث عن جمع غفير من التابعين:- كعمرو بن مرة ، وحبيب بن أبي ثابت و غيرهما، "4"
أكبَّ على تعلم القرآن الكريم ،فتعلمه في شهرين، ‏وثقة ابن معين ، وقال :- لا يسأل عن مثله "5" ، شارك في وقعة صفين بعد مقتل عثمان ، كما أن من جهاده أن ورد المدائن مع علي بن أبي طالب حين قاتل الخوارج في النهراون"6"، كان أعلم أهل الكوفة بحديث ابن مسعود ، بلغ من الورع والتقى مبلغا عظيماً جعل إبراهيم يقول عنه: ما من قرية إلا وفيها من يدفع عن أهلها به، وإني لأرجو أن يكون أبو وائل منهم "7"، ولا يصل لهذه المرحلة إلا من كان ذا صلة عظيمة بربه عبادة و إخلاصاً وورعاً ، ‏تميز رحمه الله وغفر له بموافقة الاحتسابية العظيمة تجاه ما يراه من منكرات ومعاصي ، وفيه دلالة على مدى خوفه وخشيته من الله جل وعلا ، وتعظيم شعائر ه ، ومن تلك المواقف إنكاره على ابن زياد حين استعمله على بيت المال ، فأراد ذلك أن يصرف منها في غير محله ، فامتنع أبو وائل مما جعل ابن زياد يبعده عن رئاسة بيت المال "8"، ‏كما اشتهر رحمه الله بورعه ،فعن عاصم قال : لما وُلي وائل"ابنه" القضاء ،قال أبو وائل : يا بركة "جاريته" إن ‏جاء وائل بشيء فلا تطعميني منه شيئاً يجئ به "9" ،
كان حريصا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ومن ذلك ما رواه عن عبد الله مرفوعاً:- الدنيا ملعونة ملعون ما فيها ، إلا أمراً بالمعروف أو نهيا عن المنكر أو ذكرالله" 10" كما أنه كان شديد التمسك بالأثر محذرا من أهل الرأي ، قال: لا تجالسوا أهل الرأي ، فليس لكم أن تتعلقوا بما رويتم.."11، ‏كما أنه كان ذا اطلاع ومعرفة بأحوال الناس وعقائدهم ،فعن زبيد قال : سألت أبا وائل عن المرجئة فقال :- حدثني عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :سباب المسلم فسوق ،وقتاله كفر "12.
كان ذا عبادة وصدق وإخلاص واستشعار لعظمة الله، فعن عاصم قال : كان أبو وائل إذا صلى في بيته ينشج نشيجاً ، ولو رجعت له الدنيا على أن يفعله واحد يراه ما فعله ، قال محمد بن عثمان بن أبي شيبة : مات في زمن الحجاج بعد الجماجم ، و قال خليفة مات بعد الجماجم سنة اثنين و ثمانين."13"
الفوائد و الفرائد :
1- حرص التابعي الجليل على طلب العلم من الصحابة ، و رواية الحديث عنهم.
2- اهتمامه بتعلم القرآن الكريم ،و استغلاله الوقت في ذلك بحيث تعلمه في شهرين .
3- عناية بتعليم العلم لطلابه ، و تفرغه لذلك مما يدل على إحساسه بالمسؤولية ، و التعليم للآخرين.
4- تتبعه لأوجه كسب الأجر من أي طريق و مسلك ، و خاصة بذل العلم تعلماً و تعليماً.
5- عظم أمانته ،حيث تولى مسؤولية بيت مال المسلمين من الولاة ذلك العصر .
6- اشتهاره بالاحتساب :فيه دلالة على عظم تعظيمه لشعائر الله و خطورة انتهاك محارمه.
7- عظم درجته في العلم و خاصة الحديث و الفقه ، مما جعله على دراية بالحلال و الحرام.
8- قوة شخصيته من خلال الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و الصدع بكلمة الحق .
9- ارتباطه بحياة الناس من حوله و معرفته لواقع الناس ،و فقهه بأحوالهم و أوضاعهم و تصرفاتهم ،و معالجة مايكون من خلل فيها.
10- اهتمامه بإخلاص العمل لله ، وذلك في صلاته بمنزله ، و نشيجه أثناء الصلاة ، و كراهيته أن يطلع عليه أحد.
المصادر و المراجع :
1- انظر في ذلك : سير أعلام النبلاء (4/162) .
2- انظر في ذلك : تهذيب الكمال (586) .
3- انظر في ذلك: طبقات ابن سعد (96/6).
4- انظر في ذلك : سير أعلام النبلاء (162/4) .
5- انظر في ذلك : تاريخ دمشق (169/23) .
7- انظر في ذلك: حلية الأولياء (4/105).
8- انظر في ذلك: تاريخ دمشق (23/180 ) .
9- انظر في ذلك : أخبار الشيوخ و أخلاقهم (172/119) .
10- انظر في ذلك : صحيح البخاري ، كتاب بدء الخلق ،باب صفة النار (121/4).
11- انظر في ذلك : التبصرة في أصول الفقة (429) .
12- انظر في ذلك : صحيح البخاري ، كتاب الإيمان ،باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله (19/1).
13- انظر في ذلك : سير أعلام النبلاء (165/4).

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 ربيع الثاني 1441هـ/11-12-2019م, 03:30 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الثالث من سير أعلام المفسرين

بارك الله فيكم ونفع بكم.
أؤكد على الوصايا العامة التي ذُكرت في المجلس السابق، وبإذن الله أعلق بشكل خاص على رسالة كل منكم.


رشا عطية: ب+
بارك الله فيكِ أختي ونفع بكِ.
أثني على توسعتكِ لمصادركِ وعدم الاكتفاء بما ذُكر في الدرس.
مقدمتكِ كانت قوية جدًا، وكنت أتمنى الحفاظ على هذه القوة في بقية الرسالة من خلال بيان الترابط بين فقراتها
فالهدف هنا ليس مجرد سرد لسيرة التابعي بقدر ما يُطلب منا إبراز أهم جوانب شخصيته التي نريد أن نتحلى بها، وفي الفوائد التي استخرجتيها في نهاية الرسالة بعضًا منها، ويمكنكِ الانطلاق منها.
مثلا يمكنكِ الانطلاق من سعة علمه وفقهه، ويمكنكِ الانطلاق من خشيته وحرصه على ألا يقول في القرآن بدون علم، وأثر خشيته على هذه على قوته في الحق فلا يخشى في الله لومة لائم، وفي بيانك لدينه وعبادته بيان لهذه الخشية وأن العالم الرباني لابد أن يصلح عمله بينه وبين ربه.
الملحوظة الأخرى والمهمة على رسالتك هي غياب توثيق الأحاديث والآثار، ولا يغني كتابة المراجع في نهاية الرسالة عن توثيقها كما يفعل الشيخ عبد العزيز الداخل - حفظه الله - مع كل أثر ببيان من أخرجه من الأئمة.

إنشاد راجح: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
أثني على حسن أسلوبك وترابط فقرات رسالتك وتركيزك على جوانب الهدايات من سيرة المفسر، ولا زالت الملحوظة الرئيسة على إغفالكِ لتوثيق الروايات.

عبد الكريم الشملان: أ
بارك الله فيك ونفع بك.
أثني على توثيقك للروايات وترابط سردك لسيرة التابعي، لكن حبذا التوقف بعض الشيء أمام بعض الأحداث في شخصية من تكتب عنه
مثلا التوقف أمام جمعه ما بين الجهاد بالنفس والجهاد بالكلمة مع علمه وورعه.
مثلا رجوعه للحق وقد كان بين قومه الذين ارتدوا
والمقصود إبراز مواطن القوة في شخصية المفسر ليكون قدوة للقارئ بإذن الله.


وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 15 جمادى الأولى 1441هـ/10-01-2020م, 08:56 PM
صالحة الفلاسي صالحة الفلاسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 242
افتراضي

سيرة التابعي الجليل مسروق بن الأجدع الهمداني (ت62ه)

مسروق ابن الأجدع، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَلَمُ، أَبُو عَائِشَةَ الوَادِعِيُّ الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ. وَعِدَادُهُ فِي كِبَارِ التَّابِعِيْنَ، وَفِي المُخَضْرَمِيْنَ الَّذِيْنَ أَسْلَمُوا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو السَّفَرِ: مَا وَلدَتْ هَمْدَانِيَّةٌ مِثْلَ مَسْرُوْقٍ. فمن هو مسروق ولماذا سمي بهذا الاسم وما الذي زكّاه وعطر سيرته؟
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: يُقَالُ إِنَّهُ سُرِقَ وَهُوَ صَغِيْرٌ ثُمَّ وُجِدَ, فَسُمِّيَ مَسْرُوْقاً. وَأَسْلَمَ أَبُوْهُ الأَجْدَعُ.
ويروي الشعبي عن مسروق قصته تغيير عمر رضي الله عنه لاسم أبيه:قال مُجَالِدٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, عَنْ مَسْرُوْقٍ قَالَ: لَقِيْتُ عُمَرَ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ فَقُلْتُ: مَسْرُوْقُ بنُ الأَجْدَعِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "الأَجْدَعُ شَيْطَانٌ"، أَنْتَ مَسْرُوْقُ بنُ عبد الرحمن.
كان مسروقا رجلا مأموما ، يعني ضربة في رأسه ، وذلك عندما شهد القادسية هو وثلاثة إخوه له فقتلوا جميعا وجرح مسروق فشلت يده وأصابته آمة. يقول مسروق عن آمته:ما يسرّني أنـّه ليس بي لعلّها لو لم تكن بي كنتُ في بعض هذه، وقال أبو شهاب: أظنّه يعني الجيوش.

زكّاه رحمه الله الكثير من السلف ، كان حريصا على طلب العلم ، علما في الفتوى ، كان مخلصا في عبادته وفي عمله كثير العبادة زاهدا ورعا.

يقول الشعبي:مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً كَانَ أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ مِنْ مَسْرُوْقٍ. ولما قدم عبدالله بن زياد الكوفة، قال: من أفضل الناس؟ قالوا له : مسروق.
وقال ابن المديني: أَنَا مَا أُقَدِّمُ عَلَى مَسْرُوْقٍ أَحَداً صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَلَقِيَ عُمَراً وَعَلِيّاً, وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عُثْمَانَ شَيْئاً.
ويقول عنه العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ, كَانَ أَحَدَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ الَّذِيْنَ يُقْرِئُوْنَ وَيُفْتُوْنَ. وَكَانَ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ.
كان مسروق رحمه الله أعلم بالفتوى من شريح ، وكان شريح أعلم بالقضاء من مسروق ، وكان شريح يستشير مسروقا ، وكان مسروق لا يستشير شريحا: وقد روى ذلك عبدالملك بن أجر عن الشعبي.
كان رحمه الله شديد الحرص على تحقيق العدل في الفتوى ، والإخلاص في العمل، يروي مجالد عن الشعبي قول مسروق: لأَنْ أُفْتِيَ يَوْماً بِعَدْلٍ وَحَقٍّ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْزُوَ سَنَةً. وهو مع ذلك كان لا يأخذ على الفتوى رزقا ، قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ, عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ مَسْرُوْقاً كَانَ لاَ يَأْخُذُ عَلَى القَضَاءِ أَجْراً, وَيَتَأَوَّلُ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم} الآية التوبة (111).
حَجَّ مَسْرُوْقٌ, فَلَمْ يَنَمْ إلَّا سَاجِداً عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى رَجَعَ. وَرَوَى أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ, عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوْقٍ, قَالَتْ: كَانَ مَسْرُوْقٌ يُصَلِّي حَتَّى تَوَرَّمَ قَدَمَاهُ, فُرُبَّمَا جَلَسْتُ أَبْكِي مِمَّا أَرَاهُ يَصْنَعُ بِنَفْسِهِ.
قال عنه أنس بن سيرين: بلغنا بالكوفة أنّ مسروقًا كان يفرّ من الطاعون فأنكر ذلك محمّد، وقال: انطلقْ بنا إلى امرأته فلنسألها، فدخلنا عليها فسألناها عن ذلك فقالت: كلا والله ما كان يفرّ، ولكنه يقول: أيّام تشاغُل فأحبّ أن أخلو للعبادة، فكان يتنحّى فيخلو للعبادة، قالت فربّما جلستُ خلفه أبكي ممّا أراه يصنع بنفسه، قالت وكان يصلّي حتى تورّم قدماه، قالت وسمعته يقول: الطاعون، والبطن، والنّفساء، والغرق، مَن مات فيهنّ مسلمًا فهي له شهادة.وكان رحمه الله رغم كثرة عبادته كان شديد الحرص على اخلاصه ، وقد اشتهرت مقولته :كَفَى بِالْمَرْءِ عِلْمًا أَنْ يَخْشَى اللهَ، وَكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ يَعْجَبَ بِعَمَلِه.

كان رحمه زاهدا فيما أيدي الناس طامعا في رضا ربه ، قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ: أَهْدَى خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أُسَيْدٍ عَامِلُ البَصْرَةِ إِلَى عَمِّي مَسْرُوْقٍ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً, وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُحْتَاجٌ, فَلَمْ يَقْبَلْهَا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: زَوَّجَ مَسْرُوْقٌ بِنْتَهُ بِالسَّائِبِ بنِ الأَقْرَعِ عَلَى عَشْرَةِ آلاَفٍ لِنَفْسِهِ, يَجْعَلُهَا فِي المُجَاهِدِيْنَ وَالمَسَاكِيْنِ.
وكان رحمه الله يرى هذه الدنيا على حقيقتها بما كانت له من البصيرة ، يقول حمزة بن عبد الله بن عُتْبة بن مسعود: بلغني أنّ مسروق بن الأجدع أخذ بيد ابن أخٍ له فارتقى به على كُناسة بالكوفة فقال: ألا أريكم الدنيا؟ هذه الدنيا أكلوها فأفنوها، لبسوها فأبلوها، ركبوها فأنضوها، سفكوا فيها دماءهم واستحلّوا فيها مَحارِمَهم وقطعوا فيها أرحامهم.
قال الشَّعْبِيِّ: غُشِيَ عَلَى مَسْرُوْقٍ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ, وَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدْ تَبَنَّتْهُ, فَسَمَّى بِنْتَهُ عائشة, وكان لاَ يَعْصِي ابْنَتَهُ شَيْئاً. قَالَ: فَنَزَلتْ إِلَيْهِ, فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ, أَفْطِرْ وَاشْرَبْ. قَالَ: مَا أَرَدْتِ بِي يَا بُنَيَّةُ؟ قَالَتِ: الرِّفْقَ. قَالَ: يَا بُنَيَّةُ, إِنَّمَا طَلَبْتُ الرِّفْقَ لِنَفْسِي فِي يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
وكان يقول: مَا مِنْ شَيْءِ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ لَحْدٍ قَدِ اسْتَرَاحَ مِنْ هُمُومِ الدُّنْيَا وَأَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللهِ.
وورد عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَقِيَنِي مَسْرُوقٌ فَقَالَ: «يَا سَعِيدُ مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُرْغَبُ فِيهِ إِلَّا أَنْ نُعَفِّرَ وُجُوهَنَا فِي التُّرَابِ».
وكان رحمه الله أحسن ما يكون ظنا بربه عندما يضاق عليه في الرزق ، فقد روى أبو إسحاق، عن أبيه: أصبح مسروق يومًا وليس لعياله رزق فجاءته امرأته قَمِير فقالت له: يا أبا عائشة إنّه ما أصبح لعيالك اليوم رزق، قال فتبسّم وقال: والله ليأتينّهم الله برزق.
وروى الثوري عن الأعمش قول مسروق:إِنِّي أَحْسَنُ مَا أَكُونُ ظَنًّا حِينَ يَقُولُ لِي الْخَادِمُ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ.
فسبحان من رزق مسروق حسن الظن وصدق التوكل على ربه ، ولعل هذا من أعظم الأرزاق التي يرزقها الله سبحانه وتعالى لعبده إذا أحبه ورضي عنه.
مات رحمه الله سنة اثنتين وستين، وقيل: سنة ثلاث وستين، وهو قول الجمهور. مات رحمه الله ولم يترك ثمن كفنه . وروى أبو وائل أنّ مسروقًا حين حضره الموت قال: اللهمّ لا أموت على أمرٍ لم يسنه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر، والله ما تركتُ صفراء، ولا بيضاء عند أحدٍ من الناس غير ما في سيفي هذا فكفّنوني به. رحمه الله عليه رحمه واسعة.

الفوائد المستفادة من سيرة التابعي مسروق بن الأجدع:
1. إذا أردت معرفة كيف يكون العلم النافع وبركته ، فانظر في سيرة هذا التابعي ، فقد رزق علما عزيرا أورثه إخلاصا صادقا نفع بعلمه الخلق الكثير مع كثرة عبادة وزهد في الدنيا.
2. رأس الحكمة هو خشية الله ، ومن أشهر أقوال مسروق رحمه الله: كفى بالمرء علما أن يخشى الله. فلا شك أنه قد رزق حكمة واسعة.
3. من أعظم الرزق هو اليقين وحسن الظن بالله ، وهذا كان واضحا في سيرة مسروق رحمه الله.
4. ومن حكمة هذا الرجل أنه كان حريصا أن يكون على السنة قبل وفاته ، فبهذا يكون به نجاته ونجاة كل مسلم.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 16 جمادى الأولى 1441هـ/11-01-2020م, 10:42 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صالحة الفلاسي مشاهدة المشاركة
سيرة التابعي الجليل مسروق بن الأجدع الهمداني (ت62ه)

مسروق ابن الأجدع، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَلَمُ، أَبُو عَائِشَةَ الوَادِعِيُّ الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ. وَعِدَادُهُ فِي كِبَارِ التَّابِعِيْنَ، وَفِي المُخَضْرَمِيْنَ الَّذِيْنَ أَسْلَمُوا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو السَّفَرِ: مَا وَلدَتْ هَمْدَانِيَّةٌ مِثْلَ مَسْرُوْقٍ. فمن هو مسروق ولماذا سمي بهذا الاسم وما الذي زكّاه وعطر سيرته؟
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: يُقَالُ إِنَّهُ سُرِقَ وَهُوَ صَغِيْرٌ ثُمَّ وُجِدَ, فَسُمِّيَ مَسْرُوْقاً. وَأَسْلَمَ أَبُوْهُ الأَجْدَعُ.
ويروي الشعبي عن مسروق قصته تغيير عمر رضي الله عنه لاسم أبيه:قال مُجَالِدٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, عَنْ مَسْرُوْقٍ قَالَ: لَقِيْتُ عُمَرَ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ فَقُلْتُ: مَسْرُوْقُ بنُ الأَجْدَعِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "الأَجْدَعُ شَيْطَانٌ"، أَنْتَ مَسْرُوْقُ بنُ عبد الرحمن.
كان مسروقا رجلا مأموما ، يعني ضربة في رأسه ، وذلك عندما شهد القادسية هو وثلاثة إخوه له فقتلوا جميعا وجرح مسروق فشلت يده وأصابته آمة. يقول مسروق عن آمته:ما يسرّني أنـّه ليس بي لعلّها لو لم تكن بي كنتُ في بعض هذه، وقال أبو شهاب: أظنّه يعني الجيوش.

زكّاه رحمه الله الكثير من السلف ، كان حريصا على طلب العلم ، علما في الفتوى ، كان مخلصا في عبادته وفي عمله كثير العبادة زاهدا ورعا.

يقول الشعبي:مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً كَانَ أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ مِنْ مَسْرُوْقٍ. ولما قدم عبدالله بن زياد الكوفة، قال: من أفضل الناس؟ قالوا له : مسروق.
وقال ابن المديني: أَنَا مَا أُقَدِّمُ عَلَى مَسْرُوْقٍ أَحَداً صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَلَقِيَ عُمَراً وَعَلِيّاً, وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عُثْمَانَ شَيْئاً.
ويقول عنه العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ, كَانَ أَحَدَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ الَّذِيْنَ يُقْرِئُوْنَ وَيُفْتُوْنَ. وَكَانَ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ.
كان مسروق رحمه الله أعلم بالفتوى من شريح ، وكان شريح أعلم بالقضاء من مسروق ، وكان شريح يستشير مسروقا ، وكان مسروق لا يستشير شريحا: وقد روى ذلك عبدالملك بن أجر عن الشعبي.
كان رحمه الله شديد الحرص على تحقيق العدل في الفتوى ، والإخلاص في العمل، يروي مجالد عن الشعبي قول مسروق: لأَنْ أُفْتِيَ يَوْماً بِعَدْلٍ وَحَقٍّ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْزُوَ سَنَةً. وهو مع ذلك كان لا يأخذ على الفتوى رزقا ، قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ, عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ مَسْرُوْقاً كَانَ لاَ يَأْخُذُ عَلَى القَضَاءِ أَجْراً, وَيَتَأَوَّلُ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم} الآية التوبة (111).
حَجَّ مَسْرُوْقٌ, فَلَمْ يَنَمْ إلَّا سَاجِداً عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى رَجَعَ. وَرَوَى أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ, عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوْقٍ, قَالَتْ: كَانَ مَسْرُوْقٌ يُصَلِّي حَتَّى تَوَرَّمَ قَدَمَاهُ, فُرُبَّمَا جَلَسْتُ أَبْكِي مِمَّا أَرَاهُ يَصْنَعُ بِنَفْسِهِ.
قال عنه أنس بن سيرين: بلغنا بالكوفة أنّ مسروقًا كان يفرّ من الطاعون فأنكر ذلك محمّد، وقال: انطلقْ بنا إلى امرأته فلنسألها، فدخلنا عليها فسألناها عن ذلك فقالت: كلا والله ما كان يفرّ، ولكنه يقول: أيّام تشاغُل فأحبّ أن أخلو للعبادة، فكان يتنحّى فيخلو للعبادة، قالت فربّما جلستُ خلفه أبكي ممّا أراه يصنع بنفسه، قالت وكان يصلّي حتى تورّم قدماه، قالت وسمعته يقول: الطاعون، والبطن، والنّفساء، والغرق، مَن مات فيهنّ مسلمًا فهي له شهادة.وكان رحمه الله رغم كثرة عبادته كان شديد الحرص على اخلاصه ، وقد اشتهرت مقولته :كَفَى بِالْمَرْءِ عِلْمًا أَنْ يَخْشَى اللهَ، وَكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ يَعْجَبَ بِعَمَلِه.

كان رحمه زاهدا فيما أيدي الناس طامعا في رضا ربه ، قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ: أَهْدَى خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أُسَيْدٍ عَامِلُ البَصْرَةِ إِلَى عَمِّي مَسْرُوْقٍ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً, وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُحْتَاجٌ, فَلَمْ يَقْبَلْهَا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: زَوَّجَ مَسْرُوْقٌ بِنْتَهُ بِالسَّائِبِ بنِ الأَقْرَعِ عَلَى عَشْرَةِ آلاَفٍ لِنَفْسِهِ, يَجْعَلُهَا فِي المُجَاهِدِيْنَ وَالمَسَاكِيْنِ.
وكان رحمه الله يرى هذه الدنيا على حقيقتها بما كانت له من البصيرة ، يقول حمزة بن عبد الله بن عُتْبة بن مسعود: بلغني أنّ مسروق بن الأجدع أخذ بيد ابن أخٍ له فارتقى به على كُناسة بالكوفة فقال: ألا أريكم الدنيا؟ هذه الدنيا أكلوها فأفنوها، لبسوها فأبلوها، ركبوها فأنضوها، سفكوا فيها دماءهم واستحلّوا فيها مَحارِمَهم وقطعوا فيها أرحامهم.
قال الشَّعْبِيِّ: غُشِيَ عَلَى مَسْرُوْقٍ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ, وَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدْ تَبَنَّتْهُ, فَسَمَّى بِنْتَهُ عائشة, وكان لاَ يَعْصِي ابْنَتَهُ شَيْئاً. قَالَ: فَنَزَلتْ إِلَيْهِ, فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ, أَفْطِرْ وَاشْرَبْ. قَالَ: مَا أَرَدْتِ بِي يَا بُنَيَّةُ؟ قَالَتِ: الرِّفْقَ. قَالَ: يَا بُنَيَّةُ, إِنَّمَا طَلَبْتُ الرِّفْقَ لِنَفْسِي فِي يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
وكان يقول: مَا مِنْ شَيْءِ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ لَحْدٍ قَدِ اسْتَرَاحَ مِنْ هُمُومِ الدُّنْيَا وَأَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللهِ.
وورد عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَقِيَنِي مَسْرُوقٌ فَقَالَ: «يَا سَعِيدُ مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُرْغَبُ فِيهِ إِلَّا أَنْ نُعَفِّرَ وُجُوهَنَا فِي التُّرَابِ».
وكان رحمه الله أحسن ما يكون ظنا بربه عندما يضاق عليه في الرزق ، فقد روى أبو إسحاق، عن أبيه: أصبح مسروق يومًا وليس لعياله رزق فجاءته امرأته قَمِير فقالت له: يا أبا عائشة إنّه ما أصبح لعيالك اليوم رزق، قال فتبسّم وقال: والله ليأتينّهم الله برزق.
وروى الثوري عن الأعمش قول مسروق:إِنِّي أَحْسَنُ مَا أَكُونُ ظَنًّا حِينَ يَقُولُ لِي الْخَادِمُ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ.
فسبحان من رزق مسروق حسن الظن وصدق التوكل على ربه ، ولعل هذا من أعظم الأرزاق التي يرزقها الله سبحانه وتعالى لعبده إذا أحبه ورضي عنه.
مات رحمه الله سنة اثنتين وستين، وقيل: سنة ثلاث وستين، وهو قول الجمهور. مات رحمه الله ولم يترك ثمن كفنه . وروى أبو وائل أنّ مسروقًا حين حضره الموت قال: اللهمّ لا أموت على أمرٍ لم يسنه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر، والله ما تركتُ صفراء، ولا بيضاء عند أحدٍ من الناس غير ما في سيفي هذا فكفّنوني به. رحمه الله عليه رحمه واسعة.

الفوائد المستفادة من سيرة التابعي مسروق بن الأجدع:
1. إذا أردت معرفة كيف يكون العلم النافع وبركته ، فانظر في سيرة هذا التابعي ، فقد رزق علما عزيرا أورثه إخلاصا صادقا نفع بعلمه الخلق الكثير مع كثرة عبادة وزهد في الدنيا.
2. رأس الحكمة هو خشية الله ، ومن أشهر أقوال مسروق رحمه الله: كفى بالمرء علما أن يخشى الله. فلا شك أنه قد رزق حكمة واسعة.
3. من أعظم الرزق هو اليقين وحسن الظن بالله ، وهذا كان واضحا في سيرة مسروق رحمه الله.
4. ومن حكمة هذا الرجل أنه كان حريصا أن يكون على السنة قبل وفاته ، فبهذا يكون به نجاته ونجاة كل مسلم.

التقويم: ج+
بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
أختي الفاضلة، لابد أن يكون لكِ أسلوبكِ الخاص في صياغة الرسالة، ويمكنكِ الانطلاق من الفوائد التي استفدتيها من سيرة المفسر، لتكون محورًا تركزين عليه، ولا تعتمدي على النسخ من كتب السير.
- المعلومات التي نسوقها في الرسالة حتى وإن كانت بأسلوبنا الخاص - فكيف وهي بالنسخ واللصق-، والأقوال التي ننقلها يجب أن تكون معزوة لمصادرها.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 9 جمادى الآخرة 1441هـ/3-02-2020م, 12:46 AM
حليمة السلمي حليمة السلمي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 321
افتراضي

الورع الزاهد المخبت
أبو يزيد الربيع بن خثيم الثوري ( ت: 61هـ)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله و أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
إن من العباد من يكون مطالعة القلب لسيرته سببا في صلاحه وطمأنينته وانشراحه، وإذكاء الورع وتزكية النفس وتطهيرها من رجس المعاصي والذنوب، وتزهيدها في الدنيا، وإيقاظها من سبات الغفلة وهجمة الشهوات.
سيرتنا هذه ندونها عن عبد طالع الآخرة بقلبه فعمل لها وزهد في الآجلة ، حتى عاش يقظًا ورعًا متذكرًا الآخرة في كل تفاصيل حياته، إنه العبد الزاهد الورع المخبت الفقيه القدوة العالم، الربيع بن خثيم ـ رحمه الله تعالى ـ
روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن بكر بن ماعز، أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان إذا رأى الربيع بن خثيم مقبلا قال: (بشر المخبتين)، أما والله لو رآك رسول الله ﷺ لأحبك".
الله أكبر، ما أعظمها من شهادة مؤكدة بالقسم من صاحب رسول الله ﷺ الذي كان هديه وسمته وخلقه وأدبه وعبادته على ما كان عليه صاحبه الحبيب المصطفى ﷺ.
لله درك يا ربيع بن خثيم، ما الذي كنت عليه من علم وعبادة وزهد وإخبات حتى يقول عنك ابن أم عبد رضي الله عنه لو رآك رسول الله ﷺ لأحبك؟!
وما هي الملامح والصفات التي تظهر عليك حتى يتأول فيك من يقرأ القرآن غضًا كما أنزل قوله تعالى ( وبشر المخبتين) ؟
تعالوا أيها الكرام لنقف مع سيرته العطرة ونطالع حياة رجل من أعلام الصلاح والسعادة والفلاح.
الربيع بن خثيم مخضرم علم من أعلام التابعين، ولد في حياة رسول الله ﷺ وأدرك الجاهلية والإسلام لكنه لم يحظى بشرف الصحبة ولقاء رسول الله ﷺ.
نشأ وترعرع في الكوفة على التقوى والخشية والورع والصلاح؛ فنشأ عابدا منذ صباه، وتتلمذ على يد الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وروى عنه.
كان رحمه الله حريصًا على الإخلاص معتنيًا بتحقيقه متخفيًا في عمله حتى لا يُذكر عنه ، قالت سرّيته: " كان يدخل عليه الداخل وفي حجره المصحف يقرأ فيه فيغطي" رواه ابن سعد.
عُرف بشدة الخشية من الله وتذكر الآخرة؛ حتى أنه إذا نظر إلى كير الحداد سقط مغشيًا عليه، لذلك كان رحمه الله عظيم الزهد في الدنيا، واعظًا مؤثرا، وحكيمًا مشهورا، وناصحًا صادقًا.
وكان كافًا لبصره حتى أن من يراه يمشي في الطريق يظنه أعمى، عفيفا في لسانه لا يذم أحدًا ولا يعيبه، عرف حقيقة الدنيا والآخرة بقلبه؛ فحفظ لسانه وبصره وسمعه وأكرم جوارحه وصانها، روى ابن سعد في الطبقات وابن أبي شيبة في مصنفه عن إبراهيم التيمي أنه قال:" أخبرني من صحب ابن خثيم عشرين عاما ما سمع منه كلمة تعاب"
الله أكبر، ما أعظمها من منقبة! اللهم إنا نسألك من فضلك.
وقد عُرف رحمه الله بمواعظه البليغة وأقواله المؤثرة، ووصاياه الجليلة، فاعتنى السلف بتدوينها وروايتها، فروى عنه الشعبي وأبو سفيان الثوري وبكر بن ماعز وابن رزين ونسير بن ذعلوق وغيرهم.
روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن رزين عن الربيع بن خثيم في قوله تعالى: { وأحاطت به خطيئته }، قال: هو الذي يموت علة خطيئته قبل أن يتوب.
وعنه أيضًا عن الربيع بن خثيم: "{ فليضحكوا قليلا} قال: في الدنيا، { وليبكوا كثير} قال في الآخرة" رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
رحم الله الربيع بن خثيم ورضي عنه الذي عاش زاهدا عابدًا مخبتًا حتى لقي ربه وهو على ذلك؛ فجعل الله له في العالمين ذكًرا وثناء حسنا.
اللهم عاملنا برحمتك وعفوك، وعافنا واعف عنا، واجعلنا من المتقين، وألحقنا بالصالحين.
ومن الدروس المستفادة من سيرة الربيع بن خثيم رحمه الله:
1ـ الزهد في الدنيا والانشغال بالآخرة، والاجتهاد في العبادة.
2.الحرص الشديد على حفظ اللسان والبصر وسائر الجوارح وتعاهدها بالإصلاح والتربية والتهذيب.
3ـ مجاهدة النفس في تحقيق الإخلاص وتفقد القلب في جميع أحواله التعبدية.
4ـ الحرص على طلب العلم والعمل به ؛ لتحقيق الخشية والإخبات لله.
5. من التزم أمر الله وكان وقافًا عند حدوده ؛ أحبه الله وجعل له المحبة والقبول بين العباد.
6. بذل النصيحة للمسلمين، ووعظهم وتذكيرهم ، ودعوتهم إلى الخير، ما استطاع المرء إلى ذلك سبيلا، وأجره على الله.
والله أعلم.

تم الجواب وبالله التوفيق.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 11 جمادى الآخرة 1441هـ/5-02-2020م, 12:37 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حليمة السلمي مشاهدة المشاركة
الورع الزاهد المخبت
أبو يزيد الربيع بن خثيم الثوري ( ت: 61هـ)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله و أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
إن من العباد من يكون مطالعة القلب لسيرته سببا في صلاحه وطمأنينته وانشراحه، وإذكاء الورع وتزكية النفس وتطهيرها من رجس المعاصي والذنوب، وتزهيدها في الدنيا، وإيقاظها من سبات الغفلة وهجمة الشهوات.
سيرتنا هذه ندونها عن عبد طالع الآخرة بقلبه فعمل لها وزهد في الآجلة ، حتى عاش يقظًا ورعًا متذكرًا الآخرة في كل تفاصيل حياته، إنه العبد الزاهد الورع المخبت الفقيه القدوة العالم، الربيع بن خثيم ـ رحمه الله تعالى ـ
روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن بكر بن ماعز، أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان إذا رأى الربيع بن خثيم مقبلا قال: (بشر المخبتين)، أما والله لو رآك رسول الله ﷺ لأحبك".
الله أكبر، ما أعظمها من شهادة مؤكدة بالقسم من صاحب رسول الله ﷺ الذي كان هديه وسمته وخلقه وأدبه وعبادته على ما كان عليه صاحبه الحبيب المصطفى ﷺ.
لله درك يا ربيع بن خثيم، ما الذي كنت عليه من علم وعبادة وزهد وإخبات حتى يقول عنك ابن أم عبد رضي الله عنه لو رآك رسول الله ﷺ لأحبك؟!
وما هي الملامح والصفات التي تظهر عليك حتى يتأول فيك من يقرأ القرآن غضًا كما أنزل قوله تعالى ( وبشر المخبتين) ؟
تعالوا أيها الكرام لنقف مع سيرته العطرة ونطالع حياة رجل من أعلام الصلاح والسعادة والفلاح.
الربيع بن خثيم مخضرم علم من أعلام التابعين، ولد في حياة رسول الله ﷺ وأدرك الجاهلية والإسلام لكنه لم يحظى [يحظَ] بشرف الصحبة ولقاء رسول الله ﷺ.
نشأ وترعرع في الكوفة على التقوى والخشية والورع والصلاح؛ فنشأ عابدا منذ صباه، وتتلمذ على يد الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وروى عنه.
كان رحمه الله حريصًا على الإخلاص معتنيًا بتحقيقه متخفيًا في عمله حتى لا يُذكر عنه ، قالت سرّيته: " كان يدخل عليه الداخل وفي حجره المصحف يقرأ فيه فيغطي" رواه ابن سعد.
عُرف بشدة الخشية من الله وتذكر الآخرة؛ حتى أنه إذا نظر إلى كير الحداد سقط مغشيًا عليه، لذلك كان رحمه الله عظيم الزهد في الدنيا، واعظًا مؤثرا، وحكيمًا مشهورا، وناصحًا صادقًا.
وكان كافًا لبصره حتى أن من يراه يمشي في الطريق يظنه أعمى، عفيفا في لسانه لا يذم أحدًا ولا يعيبه، عرف حقيقة الدنيا والآخرة بقلبه؛ فحفظ لسانه وبصره وسمعه وأكرم جوارحه وصانها، روى ابن سعد في الطبقات وابن أبي شيبة في مصنفه عن إبراهيم التيمي أنه قال:" أخبرني من صحب ابن خثيم عشرين عاما ما سمع منه كلمة تعاب"
الله أكبر، ما أعظمها من منقبة! اللهم إنا نسألك من فضلك.
وقد عُرف رحمه الله بمواعظه البليغة وأقواله المؤثرة، ووصاياه الجليلة، فاعتنى السلف بتدوينها وروايتها، فروى عنه الشعبي وأبو سفيان الثوري وبكر بن ماعز وابن رزين ونسير بن ذعلوق وغيرهم.
روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن رزين عن الربيع بن خثيم في قوله تعالى: { وأحاطت به خطيئته }، قال: هو الذي يموت علة خطيئته قبل أن يتوب.
وعنه أيضًا عن الربيع بن خثيم: "{ فليضحكوا قليلا} قال: في الدنيا، { وليبكوا كثير} قال في الآخرة" رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
رحم الله الربيع بن خثيم ورضي عنه الذي عاش زاهدا عابدًا مخبتًا حتى لقي ربه وهو على ذلك؛ فجعل الله له في العالمين ذكًرا وثناء حسنا.
اللهم عاملنا برحمتك وعفوك، وعافنا واعف عنا، واجعلنا من المتقين، وألحقنا بالصالحين.
ومن الدروس المستفادة من سيرة الربيع بن خثيم رحمه الله:
1ـ الزهد في الدنيا والانشغال بالآخرة، والاجتهاد في العبادة.
2.الحرص الشديد على حفظ اللسان والبصر وسائر الجوارح وتعاهدها بالإصلاح والتربية والتهذيب.
3ـ مجاهدة النفس في تحقيق الإخلاص وتفقد القلب في جميع أحواله التعبدية.
4ـ الحرص على طلب العلم والعمل به ؛ لتحقيق الخشية والإخبات لله.
5. من التزم أمر الله وكان وقافًا عند حدوده ؛ أحبه الله وجعل له المحبة والقبول بين العباد.
6. بذل النصيحة للمسلمين، ووعظهم وتذكيرهم ، ودعوتهم إلى الخير، ما استطاع المرء إلى ذلك سبيلا، وأجره على الله.
والله أعلم.

تم الجواب وبالله التوفيق.

التقويم: أ
الخصم للتأخير، فقد أحسنتِ، أسلوبكِ رائع، واصلي الكتابة واستغلي قلمكِ في توظيف ما درستِ في الدعوة إلى الله، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السادس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir