رسالة تفسيرية في قوله تعالى:( عبس وتولى. أن جاءه الأعمى . ومايدريك لعله يزكى. أويذكر فتنفعه الذكرى).
بالأسلوب المقاصدي.
يبين تعالى في الآيات موقف النبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم مكتوم حين جاء يسأله عن دينه؛ فعبس النبي صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه حيث كان مشغولا بدعوة كفار قريش للاسلام وتطلعه لاستجابتهم فعاتبه الله عز وجل مطلع هذه السورة،
والمقصد من الآيات: هو تذكير الداعية بأنه ينبغي له الاهتمام بمن أقبل عليه يسأله وانه مقدم على غيره لاسيما إن كان ذو حاجة أو مرض كالأعمى وغيره.
وفي التعبير بلفظ (عبس) بالفعل الماضي دلالة على أن العبوس كان شيء عارض له ولم يكن من صفاته المستمرة صلى الله عليه وسلم ؛ودلالةعلى بشريته.
وفي كلمة الأعمى دليل على أنه يجب الاهتمام بمن كان ذاحاجة ومرض فهو أولى من غيره؛ قال تعالى:( فأما اليتيم فلاتقهر وأماالسائل فلاتنهر).
وفي الآية دليل على صفات الداعية ومنها:الصبر ؛ض التواضع؛ البيان والارشاد ؛ قال تعالى:( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).
وفيها بيان فضل العلم وسؤال العلماء قال تعالى:( فسئلوا أهل الذكر ان كنتم لاتعلمون).
وأنه ينبغي على الانسان أن يحاسب نفسه ويرشدها إلى مايصلحها ؛ فالله بين لنا أن العلم طريق لتزكية النفس ؛
حيث سأل الأعمى عن دينه ليزكي بذلك نفسه ؛ قال تعالى:( قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها).
وفيها أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب ؛ وأن الأولى بذلك الأسرة والأبناء ؛ لأن الله تعالى قال:( أو يذكر فتنفعه الذكرى) فقد يكون الانسان على دين وهدى ولكن يحتاج إلى التذكير ليرتفع إيمانه.
وفيها دلالة على أن الاولى الاشتغال بالفاضل على المفضول؛ فالأعمى رجل ذا دين أتى ليسأل فينتفع؛ودعوة كفار قريش تحتاج لجهد واقناع بالحجج ؛ فتقديم الراغب أولى من المعرض. والله أعلم .