القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
الفصلُ السادسُ : التَحَلِّي بالعَمَلِ
44- من عَلاماتِ العِلْمِ النافِعِ :
تَسَاءَلْ مع نفْسِك عن حَظِّكَ من عَلاماتِ العِلْمِ النافعِ ، وهي :
العَمَلُ به .
كراهيةُ التزكيةِ والمدْحِ والتكبُّرِ على الْخَلْقِ .
تكاثُرُ تَواضُعِكَ كُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا .
الهرَبُ من حُبِّ الترَؤُّسِ والشُّهرةِ والدنيا .
هَجْرُ دَعْوَى العِلْمِ .
إساءةُ الظنِّ بالنفْسِ ، وإحسانُه بالناسِ ؛ تَنَزُّهًا عن الوُقوعِ بهم .
وقد كان عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ إذا ذَكَرَ أَخلاقَ مَن سَلَفَ يُنشِدُ :
لا تَـعْـرِضَـنَّ بـذِكْـرِنــا مــــع ذِكْــرِهــمْ ليس الصحيحُ إذا مَشَى كالْمُقْعَدِ
45- زكاةُ العِلْمِ :
أَدِّ ( زَكاةَ العِلْمِ ) : صادعًا بالحَقِّ ، أمَّارًا بالمعروفِ ، نَهَّاءًا عن الْمُنْكَرِ ، مُوازِنًا بينَ الْمَصالِحِ والْمَضَارِّ ، ناشرًا للعِلْمِ ، وحبِّ النفْعِ وبَذْلِ الجاهِ ، والشفاعةِ الحسَنَةِ للمسلمينَ في نوائِبِ الحقِّ والمعروفِ .
وعن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ :((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، أَوْعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ)) رواه مسلِمٌ وغيرُه .
قالَ بعضُ أهلِ العلْمِ : هذه الثلاثُ لا تَجتمِعُ إلا للعالِمِ الباذِلِ لعِلْمِه فبَذْلُه صَدَقَةٌ ، يُنْتَفَعُ بها ، والْمُتَلَقِّي لها ابنٌ للعالِمِ في تَعَلُّمِه عليه ، فاحْرِصْ على هذه الْحِلْيَةِ ؛ فهي رأسُ ثَمرةِ عِلْمِكَ .
ولشَرَفِ العِلْمِ ؛ فإنه يَزيدُ بكثرةِ الإنفاقِ ، ويَنْقُصُ مع الإشفاقِ ، وآفَتُه الكِتْمَانُ .
ولا تَحْمِلْكَ دَعْوَى فَسادِ الزمانِ ، وغَلَبَةِ الفُسَّاقِ ، وضَعْفِ إفادةِ النصيحةِ عن واجبِ الأداءِ والبَلاغِ ، فإن فَعَلْتَ ، فهي فِعْلَةٌ يَسوقُ عليها الفُسَّاقُ الذهَبَ الأحْمَرَ لِيَتِمَّ لهم الخروجُ على الفضيلةِ ورَفْعُ لواءِالرَّذيلةِ .
الشيخ :
الأدب الرابع والأربعون من آداب طالب العلم : العمل بالعلم ، ويترتب على هذا أن تكون عارفا لمقدار نفسك ، فإنه كلما ازداد الإنسان من العلم كلما احتقر نفسه وتواضع لغيره ، وكلما نقص علم الإنسان ظنّ أنه قد حصّل العلم ، فتكبّر فيه ، ولذلك يحرص طالب العلم على العمل بما علمه.
الأدب الخامس والأربعون : الحرص على الدعوة ونشر العلم وبثّه في الأمّة ، سواءًا إذا وجدت شخصا تاركا لما تعلمه من الخير والصدق أو بواسطة مجالس العلم ، أو بالتأليف أو نحو ذلك.
وهكذا أيضا الحرص على نفع الآخرين بالشفاعة الحسنة لهم ، والعلم يزيد بالنفقة منه ، كلما دعوت إليه وعلّمت الناس بقي العلم في نفسك ، وأعطاك الله علما لم تكن عالما به ، وبارك الله بعلمك ، وكلما تكاسل الإنسان في نشر العلم فإنه سينساه عن قرب ، ولن يُبارك له في علمه ، بعض الناس يقول : الناس قد فسدوا ، وتجاهلوا العلم.
فنقول : هذه تجعلك تحرص على كثرة التعليم ، وتبذل الأسباب ، فإذا فسد الناس وكثر الجهل فيهم ، فلابد أن يقوم العلماء وطلبة العلم بالتعليم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما بال أقوام لا يعلّمون جيرانهم ، وما بال أقوام لا يتعلّمون من جيرانهم"
والفسّاق يريدون من العلماء أن يسكتوا ولا ينشروا علما ولا يوجّهوا الناس وينصحوهم ليتمكّنوا من مرادهم في فسقهم ، لكن ينبغي ألا نحقق مطلوبهم ، وأن نحتسب للأجر في بث العلم ، نعم.