دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #8  
قديم 19 جمادى الآخرة 1441هـ/13-02-2020م, 06:34 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

تلخيص تفسير قوله تعالى:
{
وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15) وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (16)}

من تفسير الزجاج وابن عطية وابن كثير


🟢 وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15)

🔹وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُم
🔺القراءات :
▪قرأ ابن مسعود : يأتين بالفاحشة ، ذكره ابن عطية
وهي لغة ؛ فالعرب تقول أتيت أمرا عظيما وأتيت بأمر عظيم ( وهي قراءة شاذة لا يعمل بها ) *
- وهي قراءة شاذة

🔺مسائل التفسير :
واللاتي : جمع التي وهي اسم موصول للمؤنث
وتجمع على اللاتي واللواتي واللائي ( بإثبات الياء وحذفها في اللاء ) كما ذكر الزجاج وابن عطية *
قال الشاعر : ومن اللواتي والتي واللاتي*
وقال آخر : من اللاء لم يحججن يبغين حسبة
أورد ذلك الزجاج

يأتين الفاحشة أي يفعلنها
- الفاحشة : تطلق على كل معصية . ذكره ابن عطية

- المراد بالفاحشة هنا :*
الزنا خاصة … حاصل ما قاله المفسرون
- بين ابن عطية أن لام التعريف في ( الفاحشة ) للعهد ،*

- ويؤيد ذلك قوله تعالى ( فاستشهدوا عليهن أربعة مِنكُمْ ) والشهود الأربعة إنما هم في جريمة الزنا
*
من نسائكم : أي نسائكم المسلمات … قاله ابن عطية *
وزاد فقال : إذ يصح أن تكون الكافرة من نساء المسلمين بنسب لكنها لا يلحقها هذا الحكم

المراد ب( اللاتي يأتين الفاحشة )
والآية هنا في المسلمات اللاتي يأتين الفاحشة وهي الزنا ، وهو ما يدل عليه لفظ اللواتي ، ولفظ من نسائكم ، وقوله ( لهن سبيلا )

🔺 ومع ذلك اختلف في المراد باللواتي على أقوال ، وسأكتفي هنا بذكر الأقوال على أن أوضحها في الآية الثانية ليكون المعنى أتم :
1-اللفظ خاص للنساء اللواتي يأتين الفاحشة ، ويدخل فيه صنفي النساء الأبكار والثيبات
2- اللفظ للنساء والمراد فيه الثيبات منهن ويدخل معهن الرجال المحصنين ، فالمقصود هنا الرجل والمرأة المحصنين
3- اللفظ عام لكل أصناف الزناة رجالهم ونسائهم ، فحكم الحبس كان عاما لكل من زنا

🔹فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُم*
أمر الله المسلمين بالإشهاد على الزنا بأربعة شهود رأوا الواقعة ، فإن لم يوجد الأربعة ولا الإقرار لم تثبت العقوبة … حاصل ما ذكره المفسرون *

منكم : أي من المسلمين … ذكره الزجاج
فالشهود على الزناة ينبغي أن يكونوا مسلمين
*
🔺و في جعل الشهود على جريمة الزنا أربعة نفر حكم بالغة منها :*
1- ستر على المسلم إن ارتكب الفاحشة ، ذكره ابن عطية
فإن كان قد استتر بفعلته كان من الصعوبة بمكان إثباتها عليه بأربعة شهود ، إذ لا يكاد يجتمع أربعة يشهدون واقعة كهذه إلا ان يكون الواقع فيها مجاهرًا بها*

2- وفي ذلك تغليظ على المدعي ، ذكره ابن عطية
فلا تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، ولا يستسهل أحد قذف عفيف بالزنا ، إذ يعلم أن عليه جلب ثلاثة شهود معه*
ولذلك قال رسول الله لهلال بن أمية عندما جاءه يدعي على امرأته قبل نزول اللعان : البينة أو حد في ظهرك، أي إما شهودك أو تحد حد القذف

3- وذكر ابن عطية تعليلا آخر ضعفه هو في جعل الشهود أربعة على الزنا وهو ليكون لكل من الفاعلين شاهدين اثنين وهو كما قال ضعيف*

🔹فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ
فإن شهدوا : أي شهد الشهود الأربعة على رؤيتهم لواقعة الزنا فثبتت الواقعة*

فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت
- الإمساك أي الحبس … حاصل ما ذكره المفسرون
- وقال الزجاج أن حكم الزناة كان قبل أن ينزل الجلد ويؤمر بالرجم هو أن يحبس الزانيان أبدا … وذكر مثله ابن عطية
- قال ابن كثير : كان الحكم في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا زنت فثبت زناها بالبينة العادلة ( إما باربعة شهود أو بإقرارها ) ، أن تحبس في بيت فلا تمكن من الخروج منه إلى أن تموت

🔺والفرق بين ما بينه الزجاج وابن عطية وما بينه ابن كثير ، أن ابن كثير بين أن الحبس كان حكما للنساء خاصة ، بينما ذكر الزجاج وابن عطية أن الحبس كان حكم الزناة ابتداء

🔹أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً*
سبيلًا : أي مخرجا من الحبس بأوامر الشرع … ذكره ابن عطية
وهذا المخرج كما بين المفسرون الثلاثة هو الحد الذي نسخ الحبس *

⁃ قال البخاري في صحيحه في تفسير سورة النساء : قال ابن عباس ( لهن سبيلًا ) : يعني الرجم للثيب والجلد للبكر*
📌وحديث ابن عباس هذا وصله عنه عبد بن حميد بإسناد صحيح كما ذكر ذلك ابن حجر في تغليق التعليق

فقد اتفقوا على نسخ الحبس كما بين ابن عطية وذكر مثله ابن كثير
- ونسب ابن كثير قول النسخ لكل من عكرمة وسعيد بن جبير والحسن وعطاء وابي الحسن وقتادة وزيد بن اسلم والضحاك
*
📌تخريج ذلك :
- أما قتادة فروى عنه قوله بالنسخ عبد الرزاق ، وابن جرير ؛ وابن الجوزي في نواسخه وذكر السيوطي أن عبد بن حميد أخرج له كذلك

- كما روى عنه العبدي عنه وعن همام بن يحيى البصري في الآية : قال كان هذا بدء عقوبة الزنا كانت المرأة تحبس ، فيؤذيان جميعا فيعيران بالقول جميعا في الشتيمة بعد ذلك ثم أن الله عز وجل نسخ ذلك بعد في سورة النور فجعل لهن سبيلا فقال : {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} وصارت السنة فيمن أحصن جلد مائة ثم الرجم بالحجارة وفيمن لم يحصن جلد مائة ونفي سنة هذا سبيل الزانية والزاني

- وأما الضحاك فروى عنه الطبري قوله : نسخ الحد هذه الآية

- وقد أخرج الطبري القول بالنسخ للسدي من طريق أسباط ؛ ولابن زيد من طريق ابن وهب
- كما روي القول بالنسخ عن مجاهد فأخرج له الطبري قوله ( كل ذلك نسخته الحدود ) و البيهقي ( كان يؤمر بالحبس فنسختها ( فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة )

- وذكر ابن أبي حاتم انه قد روي عن الحسن وعكرمة وابي صالح وقتادة وعطاء وزيد بن أسلم والضحاك أنها منسوخة ولم يسند لهم

- ولم أجد فيما وقفت عليه للباقين تصريحهم بكلمة النسخ بسند ، لكن تفسيرهم للسبيل الذي جعل بعد الحبس دل على قولهم بالنسخ ؛ وأن الحبس استمر حتى نزل حد سورة النور فكان الزاني يجلد ويرسل ولا يحبس

🔺واختلف في الناسخ على أقوال :*
1⃣ القول الأول وهو أعدل الأقوال وأقربها للصواب أن الناسخ للحبس هو* الحد بالجلد الذي بينته أية سورة النور ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ) وبالرجم للثيب كما بينته السنة*
وهو حاصل ما ذكره المفسرون الثلاثة *
وذكروه عن ابن عباس و مجاهد وقتادة والضحاك والسدي وغيرهم ممن قال بأن الحد هو الناسخ للحبس كما مر .

⁃ وكما في قول رسول الله في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه و أحمد في مسنده وأبو داود في سننه وابن ماجه والدرامي والترمذي بطرقهم عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ؛ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، جَلْدُ مِائَةٍ، وَالرَّجْمُ ". واللفظ لمسلم
قال الترمذي حديث حسن صحيح … ذكر الحديث ابن عطية وابن كثير *

⁃ كما رواه أحمد بطريقه عن قبيصة بن حريث عن سلمة بين المحبة عن رسول الله ، وفي إسناده ضعف … ذكره ابن كثير *

- قال ابن عباس : كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور بنسخها بالجلد أو الرجم ) ذكره ابن كثير

📌 وأخرج له قوله :
- ابن أبي حاتم والطبري في تفسيرهما والبيهقي في سننه والهيثمي في مجمع الزوائد*

- كما أخرج له النحاس عن مجاهد عنه قال : فكانت المرأة إذا زنت حبست ماتت أو عاشت حتّى نزلت في سورة النّور {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} ونزلت سورة الحدود فكان من عمل سوءًا جلد وأرسل» وروى مثله ابن الجوزي عن علي بن أبي طلحة عنه …

2⃣ الثاني : أن الناسخ ابتداء هو الآية التالية أي الأذى ثم نسخت إلى الحد *
وذكر هذا القول ابن عطية وقال أنه قول عن عبادة والحسن ومجاهد : حتى نسخ بالأذى بعده ثم نسخ بآية النور وبالرجم في الثيب
- والقائل بذلك يجعل الآية الأولى عامة في الزناة رجالا ونساء محصنين وغير محصنين ، وكذلك الثانية ؛ ويجعل الحكم الأول حبسا حتى الموت لهما جميعا ثم النسخ إلى الأذى لهما جميعا ثم النسخ إلى الحد

🔺قال أبو جعفر النحاس في هذا القول : وهذا القول مذهب عكرمة وهو مرويٌّ عن الحسن عن حطّان بن عبد اللّه الرّقاشيّ عن عبادة بن الصّامت
وعلق أن حديث عبادة يبين أن الآية لم تنسخ قبل ذلك ،
وكما مر أن مجاهدا قال أن الناسخ للحبس هو الحد لا الأذى ... والله أعلم

3⃣ الثالث : وذكر ابن عطية قولا ذكر أن ابن فورك ذكره عن فرقة : أن الأذى كان هو أول عقوبة ، ثم نسخ إلى الحبس ، وأن في الآيات تقديم وتأخير …*
وهو قول فيه تكلف وتعسف ولا داعي له

🔺ملحوظة :
- ذكر ابن كثير عن الطبراني بسنده عن ابن لهيعة قول ابن عباس : لمّا نزلت سورة النّساء قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا حبس بعد سورة النّساء».
وذكره السيوطي عن الطبراني والبيهقي بلفظ ( لما نزلت الفرائض في سورة النساء … )*

📌وقد وجدت هذا الاثر لابن عباس في السنن الكبرى للبيهقي رواه بسنده عن ابن لهيعة عمن سمع عن عكرمة عن ابن عباس في كتاب الوقف باب من قال لا حبس عن فرائض الله*
- والأثر ليس في حبس النساء وإنما في حبس أصل المال أي في الوقف ؛ حيث أورد في الباب نفسه ما رواه عن عطاء بن السائب قال : أتيت شريحا في زمن بشر بن مروان ، وهو يومئذ قاض ، فقلت : يا أبا أمية أفتني ، فقال : يا ابن أخي ، إنما أنا قاض ولست بمفت ، قال فقلت : إني والله ما جئت أريد خصومة ، إن رجلا من الحي جعل داره حبسا ، قال عطاء : فدخل من الباب الذي في المسجد في المقصورة ، فسمعته حين دخل وتبعته وهو يقول لحبيب الذي يقدم الخصوم إليه : أخبر الرجل أنه لا حبس عن فرائض الله عز وجل
- وكذلك أورده ابن حزم في المحلى في باب الوقف
-*هذا عدا ما فيه من ضعف لأنه لم يرو لابن عباس إلا عن ابن لهيعة وهو ضعيف*
- قال البيهقي قال علي ( هو الدارقطني ) لم يسنده غير ابن لهيعة عن أخيه وهما ضعيفان ، قال الشيخ وهذا اللفظ انما يعرف من قول شريح القاضي

🟢 وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (16)}

🔹 وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا*
🔺القراءات :*
- قرأ ابن كثير المكي بتشديد النون في اللذانّ عوضا عن النون المحذوفة هذان وفذانك وهاتين شددها جميعا ؛ وشدد ابو عمرو فذانك وحدها ؛ وخفف الباقون … ذكره ابن عطية

🔺مسائل التفسير :
واللذان : مثنى الذي ؛ وهي مرفوعة على الابتداء … ذكره ابن عطية *
والقياس فيها على ( اللذيان ) ،
- وحذفها كما نقل ابن عطية عن أبي علي قال : حذفت الياء تخفيفا إذ قد أمن من اللبس في اللذان، لأن النون لا تنحذف ونون التثنية في الأسماء المتمكنة قد تنحذف مع الإضافة في رحياك ومصطفيا القوم، فلو حذفت الياء لاشتبه المفرد بالاثنين …

يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ
- يأتيانها : أي الفاحشة ، وهي الزنا*
- منكم أي من المسلمين خاصة*

🔺واختلف في المراد ب( اللذان يأتيانها ) وعلى من تقع العقوبة بالأذى :*
1- الأول : وهو ما يذهب إليه لفظ الآية أن اللذان هو حكم الزناة من الرجال ؛ ولفظ التثنية ( اللذان ) يدل على الصنفين محصنين وغير محصنين ومن قال بذلك قال أن الآية الاولى في من زنت من النساء محصنات وغير محصنات ، فقال كن يحبسن حتى الموت ،… فعقوبة الرجال الأذى ، وعقوبة النساء الحبس … وهو قول مجاهد كما ذكر ذلك ابن عطية

📌تخريج قول مجاهد :
- رواه الطبري وابن أبي حاتم عن مجاهد قال في ( واللذان يأتيانها ) : الرجلان الزانيان
*
🔸وحجة هذا القول :
- ما ذكره ابن عطية من أنه قول يقتضيه اللفظ ؛ فمن جهة اللفظ قوله في الأولى من نسائكم ؛ وقوله في الثانية منكم …
أنه قول يستوفي أصناف الزناة عليه ، فقد بين حكم الزانيات من النساء بصنفيهما ، وحكم الزناة من الرجال بصنفيهما

-:ويؤيده كذلك ما رواه أبو جعفر النحاس بسنده عن علي بن أبي طلحة ابن عباس أنه قال: " وقوله جلّ وعزّ {واللّاتي يأتين الفاحشة من نسائكم ) وكانت المرأة إذا زنت تحبس في البيت حتّى تموت ثمّ أنزل اللّه جلّ وعزّ بعد ذلك {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} فإن كانا محصنين رجما فهذا السّبيل الّذي جعله اللّه جلّ وعزّ لهما "
قال وقوله: {واللّذان يأتيانها منكم فآذوهما} كان الرّجل إذا زنى أوذي بالتّعيير وضرب النّعال فأنزل اللّه عزّ وجلّ بعد هذا {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} فإن كانا محصنين رجما في سنّة رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم


2- الثاني : أن اللذان هنا في الرجل والمرأة البكرين إن زنيا ؛ ومن قال ذلك جعل الآية الأولى وإن كان لفظها في النساء لكن أدخل فيها الرجل ؛ فهي فيمن أحصن من النساء والرجال جميعا ، ذكره ابن عطية من قول قتادة والسدي ، وذكر معناه الزجاج دون ان يحدد نسبته فقال : قيل الحبس للثيبين والأذى للبكرين …
وذكره ابن كثير من قول السدي : ( واللذان يأتيانها منكم ) : نزلت في الفتيان قبل أن يتزوجوا

قال ابن عطية : ومعنى هذا القول تام لكن لفظ الاية يقلق عنه

📌تخريج الأقوال :
- أما السدي فروى عنه الطبري وابن أبي حاتم ( ذكر الجواري والفتيان الذين لم ينكحوا فقال ( واللذان يأتيانها منكم )

- وكذلك أخرج عنه الطبري قوله ( كانت الجارية والفتى إذا زنيا يعنفان ويعيران حتى يتركا ذلك )

- وروى هذا القول كذلك ابن وهب والطبري عن زيد بن أسلم أنها في البكرين اللذين لم يتزوجا
كما رواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنه في البكرين اللذين لم يحصنا …

🔸وحجة هذا القول :
ذكر ابن عطية أن الطبري رجحه ؛ ووجه ترجيح الطبري له :
- ما ذكره من أنه لو كان المقصود بيان حكم الرجال الزناة كما بين في الآية السابقة حكم النساء الزواني لقيل : والذين يأتونها منكم ؛ أو والذي يأتيها منكم ، فقوله ( اللذان ) دل على أنهما صنفان مختلفان إذ إن العرب لو أرادت بيان الوعيد على فعل أتت بالجمع أو المفرد الدال على جنس المتوعد ، أما التثنية لا تكون إلا إن كان الفعل لا يكون إلا من اثنين مختلفين كالزنا لا يقع إلا بزان وزانية ، فإن كان كذلك ثني وعني به الفاعل والمفعول به …

- كما بين الطبري أنه لما تبين أن ( اللذان ) هنا هي في الرجل والمرأة لا في الرجلين ؛ فلا بد أن يكون المحكوم عليه مختلفا عن الآية السابقة ، ولما كانت العقوبة في الآية السابقة ( واللاتي يأتين الفاحشة ) عقوبة غليظة وهي الحبس حتى الموت فهذا لا بد يتناسب مع غلظ الجريمة ومع ما نسخت إليه

فالحبس حتى الموت نسخ بالرجم وهذا للثيب
والأذى نسخ بالجلد والنفي وهذا للأبكار

وعليه فالآية الأولى للثيب من الرجال والنساء ، والثانية للأبكار منهما جميعا …
والله أعلم . *

ورد النحاس على قول الطبري في كتابه الناسخ والمنسوخ فبين أن :
- أن جعل ( اللذان ) دالة على الرجل والمرأة يجوز في العربية على المجاز ، ولا يحمل الشيء على المجاز ومعناه صحيح في الحقيقة

- أن قوله أن العرب لا توعد اثنين إلا أن يكونا شخصين مختلفين فهذا إن صح فهما شخصان مختلفان لأنه إن كانت للرجلين البكر والثيب فهما مختلفان
ولا يلزم قوله ( الذين ) لو أراد أصناف الرجال لأن العرب تحمل على اللفظ وعلى المعنى كقوله تعالى ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) ومثل هذا كثير

وهو قول له وجاهته وقوته لقول أكثر من واحد به من المفسرين به ؛ ولاستيفائه أصناف الزناة جميعا ولمناسبة غلظة العقوبة وشدتها … والله أعلم …

3- الثالث : أن اللذان هما الرجل والمرأة إذا زنيا دون التفريق بين محصن وغير محصن … ذكر ذلك ابن كثير من قول عكرمة وعطاء والحسن وعبدالله ابن كثير :

📌 تخريج الأقوال :
- أما عطاء فروى عنه الطبري قال اللذان : الرجل والمرأة *
- وروى له ولعبد الله بن كثير الطبري كذلك كليهما بنفس الإسناد قولهما : هذه للرجل والمرأة جميعا .
- وأما عكرمة والحسن فروى عنهما الطبري قولهما : فذكرالرجل بعد المرأة ثم جمعهما جميعا فقال ( واللذان يأتيانها منكم )

4- الرابع : ما ورد عن مجاهد أنها في الرجلين إذا فعلا فعل قوم لوط عليه السلام … ذكره ابن كثير*
وعقب بعده بحديث ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به )
*
📌تخريج قول مجاهد :*
روى عنه الطبري قوله هذا ( الرجلان الفاعلان لا يكني) ولكنه أورد هذا القول تحت القول الثاني وهو أنهما الرجلان الزانيان ؛ وروى له قولا آخر بذلك

فآذوهما :*
- واختلف في الأذى المأمور به ، فقيل :*
1- هو التعيير والتوبيخ أي هو أذى بالقول ؛ ذكره ابن عطية من قول عبادة والسدي ومثله ذكر الزجاج فقال : يوبخان فيقال لهما زنيتما وفجرتما وانتهكتما حرمات الله*

📌تخريج الأقوال :
لم أجد قولا لعبادة ، ولكني وجدته لقتادة والسدي
-أما قتادة فرواه عنه الطبري قال يؤذيان بالقول جميعا
- وأما السدي فرواه عنه الطبري كذلك ( يعنفان ويعيران )
- وكذلك رواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن الأذى باللسان بالتعيير والكلام القبيح لهما بما عملا *

2- وقيل هو النيل باللسان واليد والضرب بالنعال وما أشبههذكره ابن عطية من قول ابن عباس ؛ وابن كثير ونسبه إلى ابن جبير مع ابن عباس
📌 وقد روى الطبري وابن ابي حاتم عن ابن عباس بذلك

3- هو السب والجفاء دون تعييرذكره ابن عطية عن فرقة لم يسمها
- وقد رواه الطبري والهمذاني وابن الجوزي عن مجاهد أن الأذى سب باللسان قال : فآذوهما يعني سبا

🔸والأقوال متقاربة ويقع الأذى بها جميعا سواء بالقول بالسب والشتم أو التعيير أو بأحدهما أو بالتعنيف والتوبيخ أو باليد، فكله داخل في الأذى وكله يصلح عليه لفظ الأذى المأمور به

🔺مسألة : هل نسخ الأذى كما الحبس ؟*
اتفق الفقهاء كما مر على نسخ الحبس للزانية بما أنزله الله من بيان حد الزنا للمحصنة وغير المحصنة*
- ولكن اختلفوا في نسخ الأذى ، فقال بعضهم أن الأذى نسخ كما الحبس ، وقال البعض الأذى باق إذ لا تعارض من بقائه مع الحد

من قال أن الأذى نسخ :*
- وهو حاصل ما ذكره المفسرون الثلاثة ، أن الحكم بالأذى قد نسخ بالحد كما الحبس*
- بل قال ابن عطية أن الإجماع على ذلك ، وذكر عن الحسن ومجاهد وغيرهما قولهم أن*هاتين الآيتين منسوختان بآية الجلد في سورة النور*
- وقد ذكر مكي القول بالنسخ عن قتادة كذلك
*
📌تخريج الأقوال :
- أما قتادة فقد روى عنه عبد الرزاق والطبري قوله أن هذه الآية نسختها الحدود
- وأما مجاهد فقد روى الطبري وابن الجوزي عنه من طريق ابن أبي نجيح ومن طريق ابن جريج وكذلك الهمذاني في قوله ( واللذان يأتيانها منكم ) قال كل ذلك نسخته الآية التي في النور بالحد المفروض
- وأما الحسن وعكرمة فقد روى عنهما الطبري كذلك قولهما في ( واللذان يأتيانها منكم ) نسخ ذلك بآية الجلد *
- وكذلك روى الطبري عن ابن زيد بنسخها

من قال أن الأذى باق لم ينسخ :*
- ذكر الزجاج دون أن يسمي القائل :*الأذى لا ينبغي أن يكون منسوخا عنهما إلا أن يتوبا،*وإن قوله عزّ وجلّ:*{وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}*هو من التوبيخ لهما بأن يفضحا على رؤوس الملأ*».*

- وذكر ابن عطية عمن خالف الإجماع بالنسخ : إلا من*قال:«إن الأذى والتعيير باق مع الجلد لأنهما لا يتعارضان بل يتحملان على شخص واحد، وأما الحبس فمنسوخ بإجماع ... ) ولم يذكر القائل

🔺وقد ذكر الزجاج أن حكم الزانيين في هذه الآيات استغني عنه ، وبقيت فائدة الإشهاد على الزنا بأربعة شهداء

🔹 فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا*
فإن تابا وأصلحا :*
التوبة هي الرجوع عن الذنب والندم على فعله*
- وتابا : أي تركا ما كانا عليه من فعل الفاحشة ورجعا إلى الله وأصلحا أعمالهما وحسنت توبتهما*
وذكر ابن عطية ان هذه العقوبة من الحبس والأذى كانت رجاء توبة الزاني*

فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا*
أي دعوا أذاهما واتركوا تعنيفهما بكلام قبيح … ذكره ابن عطية وابن كثير
فأمر المسلمون بكف الأذى عن الزانيين إن تابا وأصلحا ؛
قال ابن كثير : لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له*…

🔺ذكر ابن عطية أن في اختيار لفظ ( أعرضوا ) في الأمر بكف الأذى عن الزناة بعد توبتهم غض من الزناة وإن تابوا ، لأن تركهم إنما هو إعراض ، فهي متاركة معرض وفي ذلك احتقار لهم بحسب معصيتهم ، و بحسب جهالتهم كم في قوله تعالى ( وأعرض عن الجاهلين )*

- وهذا التعليل مردود- والله أعلم- لأن التوبة تجب الخطايا ،
فقد قال تعالى ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ) وقال ( إن الحسنات يذهبن السيئات )
وكما قال ابن كثير التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وأيد ابن كثير ذلك بما ورد في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا) أي لا يعيرها بما صنعت بعد الحد فهو كفارة لفعلها

- ويؤيد هذا حديث رسول الله في ماعز والغامدية*
فقد ورد في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه في قصة رجم ماعز قوله ( فَقَالَ : " اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ ". قَالَ : فَقَالُوا : غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ ".

- وكذلك ما رواه مسلم من حديث رجم الغامدية ( ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النَّاسَ، فَرَجَمُوهَا فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ، فَرَمَى رَأْسَهَا فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ، فَسَبَّهَا، فَسَمِعَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ : " مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ ". ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ. )*


- فلم يكن من شأن رسول الله تحقيرهما او التقليل منهما بعد توبتهما وطلبهما التطهير ورجمهما بل أمر الأمة ان تكف عنهما وذكر أن توبتهما كانت توبة نصوحا وهذا ما يستقيم مع قوله سبحانه ( إن الله كان توابا رحيما )، وهذا فيمن زنا وهو محصن فتاب ؛ فكيف بمن كان ذنبه وعقوبته أقل غلظة وشدة وهما البكران إن زنيا …
*
🔹 إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا*
أي يتوب عمن أذنب فتاب ورجع عن ذنبه ومعصيته ويرحمه
*
🔶 مسائل استطرادية :
🔹هل تنسخ السنة القرآن ؟!*
لا خلاف في أن القرآن ينسخ القرآن ،
وإنما اختلف علماء الأمة فيما إن كانت السنة تنسخ القرآن أم لا*
1- قال*ابن عطية : الذي عليه الأئمة أن السنة المتواترة تنسخ القرآن إذ هما جميعا وحي من الله ويوجبان جميعا العلم والعمل وإنما اختلفا في أن السنة نقص منها الإعجاز

2- وذكر ابن عطية عن طائفة قالت أن السنة المتواترة لا تنسخ القرآن وإنما يكون القرآن موقفا ثم تأتي السنة مستأنفة من غير أن تتناول نسخا
ثم عقب بقوله : أن هذا لا يستقيم لأنا نجد السنة ترفع بحكمها ما استقر من حكم القرآن على حد النسخ ولا يرد ذلك نظر ولا ينخرم منه أصل

🔺ومعرفتنا للخلاف في هذه المسألة يفيد في المسألة التالية وهي هل يثبت الجلد للثيب مع الرجم أم يكتفى برجمه دون الجلد

فقد اختلف الفقهاء في :
🔹هل يجمع للثيب الجلد مع الرجم
🔺ومما سبب الاختلاف :
1 - أن آية حد الزاني في سورة النور عممت الحد ولم تفرق بين الثيب والبكر فقد أطلقت اللفظ في الزاني والزانية وهذا يحتمل أن يشمل البكر والثيب معا فقال تعالى ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة )*
ذكر ابن عطية عن البعض أن آية الجلد عامة في المحصن وغير المحصن*

2- والثاني : حديث عبادة بن الصامت الذي ورد في صحيح مسلم والسنن في بيان السبيل الذي جعله الله للزاني ( قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ؛ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، جَلْدُ مِائَةٍ، وَالرَّجْمُ )*
فجمع هذا الحديث الرجم مع الجلد للثيب
- ومثله الحديث الذي ذكره ابن كثير عن ابن مردويه بإسناده عن الشّعبيّ، عن مسروقٍ، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «البكران يجلدان وينفيان، والثّيّبان يجلدان ويرجمان، والشّيخان يرجمان». وقال : هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه.

3- الثالث : حديث ماعز و الغامدية الذي ورد في الصحيحين حيث رجمهما رسول الله ولم يأمر بجلدهما قبل الرجم ،
كما ورد في حديث الذي في الصحيحين في الأعرابي الذي اختصم لرسول الله في ابنه*؛ فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ - فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا ". فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا.

🔺وعليه اختلف الفقهاء :*
1- فذهب الإمام أحمد إلى القول بمقتضى حديث عبادة وهو الجمع بين الجلد والرّجم في حقّ الثّيّب الزّاني… ذكره ابن كثير
- وبين ابن عطية أن من أخذ بجمع الجلد إلى الرجم للثيب اعتبر السنة وإن تواترت لا تنسخ القرآن وإنما تستأنف عليه دون نسخ
- وقال : هاتان الآيتان أعني الجلد والرجم لو لم يقع بيان من الرسول لم يجب أن تنسخ إحداهما الأخرى، إذ يسوغ اجتماعهما على شخص واحد، وحديث عبادة المتقدم يقوي جميعهما، وقد أخذ به علي رضي الله عنه في شراحة جلدها ثم رجمها*وقال : أجلدها بكتاب الله وأرجمها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبذلك قال الحسن وإسحق بن راهويه… ذكر ذلك ابن عطية

2- وذهب الجمهور إلى أنّ الثّيّب الزّاني إنّما يرجم فقط من غير جلدٍ، قالوا: لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رجم ماعزًا والغامديّة ، ولم يجلدهم قبل ذلك، فدلّ على أنّ الجلد ليس بحتمٍ، بل هو منسوخٌ على قولهم، واللّه أعلم … ذكر ذلك ابن كثير*

🔺وذكر ابن عطية أن حديث عبادة الوارد في صحيح مسلم والسنن أنه وإن كان صحيحا إلا أنه حديث آحاد ، وقد ثبت بالتواتر أن رسول الله رجم ماعزا والغامدية ولم يجلدهما قبل رجمهما*
والسنة المتواترة تنسخ القرآن وهذا ما عليه أهل السنة ، وعليه ففعل رسول الله بالرجم للثيب دون الجلد دل على نسخ الجلد للثيب وأن حكمه بمثابة قوله ارجموا الثيب ولا تجلدوه


🔹وعلى القول بأن عقوبة الجلد للثيب الزاني قد نسخت إلى الرجم ،
- فهل الناسخ في هذه النازلة هو القرآن أم السنة المتواترة ؟
ذكر ابن عطية أن الذي نسخ الجلد للزاني الثيب هو ما ثبت أنه نزل من القرآن ثم نسخ لفظه وبقي حكمه وهو قوله ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ) فهو نص في الرجم
ففي رواية مسلم عن عمر بن الخطاب أنه قال : إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ*الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ،

▪*قال ابن عطية : ويصح أن نعترض من ينسخ بالسنة في هذه النازلة فنقول: الناسخ من شروطه أن يستقل في البيان بنفسه، وإذا لم يستقل فليس بناسخ، وآية الرجم بعد أن يسلم ثبوتها لا تستقل في النسخ بنفسها، بل تنبني مع الجلد وتجتمع، كما تضمن حديث عبادة بن الصامت، لكن إسقاط الرسول الجلد هو الناسخ، لأن فعله في ذلك هو بمنزلة قوله: لا تجلدوا الثيب، وأما البكر فلا خلاف أنه يجلد

- فقال أنه بجمع ذلك يكون الناسخ لجلد الثيب هو القرآن الذي نزل فيه الرجم و اتفقت الأمة على رفع لفظه ، والمبين لذلك السنة*

🔹وثمة مسالة ثانية اختلف فيها الفقهاء وهي :
هل يلزم نفي البكر بعد جلده*؟
لا خلاف في ان البكر يجلد وذلك في الحد الذي نزل في سورة النور
واختلفوا في نفيه،
1- فقال الخلفاء الأربعة وابن عمر ومالك والشافعي وجماعة: لا نفي اليوم،
2- وقالت جماعة: ينفى وقيل: نفيه سجنه،
ولا تنفى المرأة ولا العبد، هذا مذهب مالك وجماعة من العلماء،
ذكر ذلك ابن عطية

هذا والله أعلم

* أعتذر عن الإطالة ؛ أعلم أن المطلوب تلخيص المسائل لا بحثها ، لكن عند تخريج الأقوال وجدت في التخريج توضيحات ما استطعت أن أوردها دون أي تعقيب ، ووجدت مسائل الآيتين متشابكة ومتداخلة ولكونها تتعلق بحكم فقهي عليه خلاف ، وقد حاولت أن لا أطيل وأن أكتفي بذكر المسائل الخلافية باختصار ، مع ما أورده المفسرون من تعقيب عليها ، أما ما تعلق بتفسير الآية من خلاف حول المراد والمقصود بحكمها فوجدتني مضطرة إلى شيء من التوضيح للأقوال …

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثاني

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir