دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 6 جمادى الآخرة 1443هـ/9-01-2022م, 05:49 PM
منى حامد منى حامد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 704
افتراضي

الإجابة
المجموعة الأولى:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1.
أحكام المعاملات المالية في القرآن الكريم [البيوع ، وكتابة الديون، والإجارة]
أولا البيوع:
الأصل في البيوع والمعاملات والتجارات كلها الحل والإطلاق، الله عز وجل حلل البيع قال تعالى:" وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا " و " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ "
والبيوع شرطها التراضي بين المتعاوضين، الرضا الصادر عن فهم لأركان البيع، وأما السفيه والمجنون ومن لا يعتبر كلامه فوليه يقوم مقامه في معاملاته.
ويحرم في لبيع الربا والغرر والغش
فالربا الذي حرمه الله ورسوله يدخل فيه :
· ربا الفضل، وهو بيع المكيل بالمكيل من جنسه متفاضلا، وبيع الموزون بالموزون من جنسه متفاضلا، ويشترط في هذا النوع في حله ما شرط الشارع، وهو التماثل بين المبيعين ، والقبض للعوضين قبل التفرق،
· وربا النسيئة: وهو بيع المكيل بالمكيل إلى أجل، أو غير مقبوض - ولو من غير جنسه - وبيع الموزون بالموزون إلى أجل أو بلا قبض، ويستثنى من هذا السلم.وأشد أنواع هذا النوع قلب الديون في الذمم، وهو الذي ذكره بقوله: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] ، وسواء كان قلب الدين المذكور صريحا أو بحيلة ليست مقصودة، وإنما يراد بها التوصل إلى مضاعفة ما في ذمة الغريم، فهذا الذي قد توعده الله بهذا الوعيد الشديد، قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276]
· ومن أنواع الربا: القرض الذي يجر نفعا، فهو من الربا؛ لأنه في الحقيقة دراهم بدراهم مؤخرة، والربح ذلك النفع المشروط.
والغرر، فإن الله حرم في كتابه الميسر، فالبيوع التي فيها غرر ومخاطرات وجهالات داخلة في الميسر، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كلمة جامعة «نهى عن بيع الغرر» ، امثلة:
§ بيع الحمل في البطن،
§ بيع الشيء الذي لم ير ولم يوصف
§ بيع الملامسة والمنابذة،
§ وبيع ما فيه جهالة بينة؛
الظلم والغش والتدليس وبخس المكاييل والموازين وبخس الحقوق حرمها الله في البيوع، قال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] كما يدخل فيه الغضب والسرقة ونحوهما).
ثانيا كتابة الديون:
قال تعالى:" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ "
اركان الدين وكتابته:
· الكتابة عن طريق كاتب عدل
· الإشهاد برجلين عدول أو رجل وأمرأتان
وهذا الأمر للندب والاستحباب عند جمهور العلماء، إلا إذا وجب حفظ المال، وكان على دين مؤجل أو غير مقبوض، فإنه لا يتم حفظه إلا بذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ومن أحكام كتابة الدين:
o الكاتب لا يكتب إلا ما أملاه من عليه الحق إن كان رشيدا،
o ووليه إن كان عاجزا ضعيفا كالمجنون والصغير والسفيه،
o وأن على صاحب الحق أن يقر بالحق كله من غير بخس،
o وفيها الإرشاد إلى حفظ الحقوق بالإشهاد والكتابة والرهن إذا احتيج إليه في سفر أو غيره،
o وفيها أن شهادة الفساق والمجهولين غير مقبولة،
o وفيها دلالة أن من نسي شهادة فتذكرها، أو ذكرها فذكرها أن شهادته صحيحة.
o وفيها أنه لا يحل أن يشهد إلا بما علمه وتيقنه، فإن شك فيه لم يحل له أن يشهد.
o وفيها بيان الحكمة العظيمة في هذه الإرشادات من الرب في حفظ المعاملات،
o الكاتب والشهيد يجب عليه أن يعدل في كتابته وشهادته،
o لا يحل أن يضارا الكاتب والشهيد بأن يكلفاه ما لا يطيقه، أو يتضرر به، لأن الشاهد والكاتب محسنان، حقهما أن يشكرا على ذلك، فمضارتهما تنافي ذلك.
o وجوب أداء الشهادة وتعينها على من تحملها، وأن كتمان الشهادة من كبائر الذنوب، وكما أن شهادة الزور بأن يشهد بثبوت ما ليس بثابت، أو بالبراءة من الحق الثابت وهو كاذب من أكبر الكبائر، فكذلك السكوت عن أداء الشهادة، وكلا الأمرين ظلم لصاحب الحق بتفويت حقه، وظلم أيضا للنفس بوقوع الإثم، وظلم للظالم لإعانته على الإثم والعدوان.
o وفيها مشروعية الوثائق بالحقوق، وهي أربعة: الشهادة والرهن - كما هو مذكور في هذا الموضع - والضمان والكفالة، يؤخذ من الاعتبار على هذا المعنى، ومن قوله: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72]
ثالثا الإجارة :
قال الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26] وقال يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]
يؤخذ من هاتين الآيتين أنه ينبغي أن يتخير في الإجارات والجعالات والأمانات والولايات كلها - كبيرة كانت أو صغيرة - من جمع الوصفين:
1. القوة على ذلك العمل، والكفاءة والحفظ وتوابع ذلك من جميع ما تقوم به الأعمال،
2. الأمانة، فبالأمانة تتم به الثقة، ويعلم نصحه وبذله الواجب،
وبالكفاءة والقوة يحصل العمل ويتم ويتقن.
2. جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع
إن جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع هو أن يكون الحكم بما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]، فيكون الحكم بما أمر الله عز وجل وأن يكون بالعدل والقسط، قال الله تعالى :{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]، و {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42].
وكل ما يكون بين المسلمين من منازعات أو بين المسلمين وغير المسلمين فيكون الفصل بينهم بما أمر الله وأنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59].
وأن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام على الإطلاق، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]
وأن كلمات الله تمت وكملت من كل وجه صدقا في إخبارها، عدلا في أحكامها وأوامرها ونواهيها، قال تعالى : {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115]
زمن الأحكام المجملة:
- أن البينة على المدعي لإثبات حق، أو المدعي براءة الذمة من الحقوق الثابتة، وأن اليمين على من أنكر، وهاتان القاعدتان عليهما مدار جمهور القضايا،
- والبيعة شرعا اسم جامع لكل ما بين الحق، والبيان مراتب، بعضها يصل إلى درجة اليقين، وبعضها كالقرائن، وشواهد الأحوال توصل إلى غلبة الظن، والترجيحات كثيرة جدا.
- منع الضرر والإضرار بغير حق في كل معاملة وخلطة وجوار واتصال.
- الوفاء بالعقود والشروط ، إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا، ومن أحكامه الكلية أن تلف الشيء بيد الظالم كالغاصب ونحوه فيه الضمان، فرط أو لم يفرط، فإن ثبوت يده على وجه الظلم والعدوان، وأن تلف الشيء تحت يد الأمين لا ضمان فيه إن لم يفرط أو يتعد.
- أن الشيء المشكوك فيه يرجع فيه إلى اليقين في العبادات والمعاملات، فمن ادعى الأصل فقوله مقبول، ومن ادعى خلاف الأصل لم يقبل إلا ببينة.
- أن جميع الأحكام من أصول وفروع لا تتم وتكمل ويحصل مقتضاها إلا باجتماع شروطها وأركانها ومقوماتها، وانتفاء موانعها ومفسداتها.
- وجوب العدل بين الأولاد والزوجات.
- الرجوع إلى العرف إذا تعذر التعيين شرعا ولفظا، كالرجوع للعرف في نفقة الزوجات والأقارب والأجراء، وكالشروط العرفية في المعاملات إذا اطردت بين الناس، وكالقبض والحرز ونحوها مما لا يعد ولا يحصى.
- الأصل في العبادات الحظر؛ فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله،
- والأصل في المعاملات والاستعمالات كلها الإباحة؛ فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله
- اعتبار العدالة في الشهود، وأن يكونوا ممن يرضى من الشهداءوأما عدد الشهود ونصابها فذلك يختلف باختلاف المشهود به كما فصله أهل العلم.
- أن الواجب يسقط بالعجز عنه بالكلية، وأنه إذا قدر على بعض الواجب وجب عليه ما يقدر عليه منه، وسقط عنه ما يعجز عنه، وهذا مطرد في العبادات والحقوق الواجبة وغيرها، كما أن الضرورة تبيح المحظور وتقدر بقدرها.
- إذا تزاحمت المصالح قدم الأعلى منها، وإن تزاحمت المفاسد وكان لا بد من فعل إحداها ارتكب الأخف منها لدفع الأشد مفسدة،.
- والاحكام الكلية كثيرة والفرعية أكثر ولن نستطيع ذكرها كلها، ولكن كل هذه الأحكام شرعها الله لتيسير حياة عباده وقيامها ، فالحمد لله رب العالمين.
3. قصة إبراهيم عليه السلام
إبراهيم عليه السلام هو خليل الرحمن وأبو الأنبياء، أمرنا الله وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون لنا أسوة حسنة في إبراهيم ومن آمن معه، وأمرنا أن تبع ملة إبراهيم حنيفا.
وفي قصة إبراهيم الكثير من الوقفات ، فكيف وهو شاب صغير يقف أمام أبيه وقومه ليرشدهم إلى عبادة الله الواحد الأحد وكطيف أنه بين لهم سفاهة أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله.
وأيضا أخبرنا الله تعالى أنه اصطفاه فأراه ملكوت السماوات والأرض ليكون منه الموقنين ، وكيف حاور قومه حول عبادة النجوم وكيف أنه ناظرهم في قصته معهم عندما وضح لهم أن النجوم والشمس والقمر كلها خلق الله يأفل ولا يملك إلا أن يطيع ربه وخالقه، فكيف يعبدونهم من دون الله قال تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 76]
وهنا قال إبراهيم الشيء الذي لا يعتقده ليبني عليه حجته، وليقيم الحجة على قومه، حتى قال لهم في قوله تعالى:{يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ - إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الأنعام: 78 - 79].
وأيضا ما ذكر في تكسيره الأصنام لما قالوا له في قوله تعالى: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يا إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 62]، فأشار إلى الصنم الذي لم يكسره فقال: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]، حتى يلزمهم بالحجة وقد فعل، ولكن عقولهم طبع عليها بكفرهم فألقوه في النار انتقاما منه لآلهتهم ، فأنقذه الله منها وجعلها بردا وسلاما عليه، قال تعالى: {يا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69].
ثم عليه السلام ترك أهله مع زوجته وابن أخيه لوط إلى الشام، وكان يسأل الله الذرية من زوجته سارة ، فظل يدعو ربه محسنا الظن به ، وعندما أهدى ملك مصر هاجر جارية قبطية من مصر وهبتها لزوجها لعل الله يرزقه منها ولدا، فأتت هاجر بإسماعيل على كبر إبراهيم ففرح به فرحا شديدا، فذهب بها وبابنها إسماعيل إلى مكة، وهي في ذلك الوقت ليس فيها سكن ولا مسكن ولا ماء ولا زرع ولا غيره، وزودهما بسقاء فيه ماء وجراب فيه تمر، ووضعهما عند دوحة قريبة من محل بئر زمزم ثم قفى عنهما، فلما كان في الثنية بحيث يشرف عليهما دعا الله تعالى فقال:
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37] إلى آخر الدعاء.
وكانت زمزم وشب إسماعيل في مكة وكان سكن بجاورهم قبائل من العرب وكان إبراهيم يأتي لزيارتهم وعندما بلغ إسماعيل السعي أمر الله إبراهيم بذبح إسماعيل فكانت فتنة شديدة واستسلم الأب والابن للأمر ففدى الله إسماعيل بذبح عظيم.
وشب إسماعيل شابا حسنا، وأعجب القبيلة بأخلاقه وعلو همته وكماله، فلما بلغ تزوج منهم، وزاره والده مرتين ولم يجده، ثم عاد إبراهيم المرة الثالثة فوجد إسماعيل يبري نبلا عند زمزم، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد الشفيق والولد الشفيق، فقال: يا إسماعيل إن الله أمرني أن أبني هنا بيتا يكون معبدا للخلق إلى يوم القيامة، قال: سأعينك على ذلك، فجعلا يرفعان القواعد من البيت، إبراهيم يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان:
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ - رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 127 - 129]
فلما تَمَّ بنيانه، وتَمَّ للخليل هذا الأثر الجليل أمره الله أن يدعو الناس ويؤذن فيهم بحج هذا البيت، فجعل يدعو الناس وهم يفدون إلى هذا البيت من كل فَجٍّ عميق؛ ليشهدوا منافع دنياهم وأخراهم،.
وجاءت البشارة لإبراهيم وسارة بالابن الجليل وهو إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب،
ومن فضائل إبراهيم أنه كان حنيفا مسلما، وكان يكرم الضيف أشد الكرم، كما جاء في قصة الملائكة الذين أرسلوا لإهلاك قوم لوط وبشروه بإسحاق عليه السلام.
4. قصة يونس عليه السلام
أرسل يونس إلى أهل نينوى في الموصل وهم من بني إسرائيل، فلم يستجيبوا له فوعدهم بعذاب الله وخرج غاضبا من القرية قاصدا البحر وركب سفينة قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87] ، وقال تعالى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: 140]
فركب في سفينة موقرة من الركاب والأحمال، فلما توسطوا البحر شارفت على الغرق، فقرروا بأن يلقوا بعضا منهم فاقترعوا فأصابت القرعة أناسا منهم، ومنهم يونس صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141]
فابتلعه الحوت فلما صار في جوف الحوت في تلك الظلمات نادى: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]
فأمر الله الحوت أن تلقيه بالعراء، فخرج من بطنها كالفرخ الممعوط من البيضة في غاية الضعف والوهن، فلطف الله به، وأنبت عليه شجرة من يقطين، فأظلته بظلها الظليل حتى قوي واشتد، وأمره الله أن يرجع إلى قومه فيعلمهم ويدعوهم، فاستجاب له أهل بلده مائة ألف أو يزيدون، فآمنوا فمتعناهم إلى حين.
وفي هذه القصة عتاب الله ليونس صلى الله عليه وسلم اللطيف، وحبسه في بطن الحوت؛ ليكون كفارة وآية عظيمة وكرامة ليونس عليه السلام .
5. قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام
قصة يوسف ويعقوب أخبرنا الله تعالى أنها أحسن القصص، ذكرت قصة يوسف في سورة كاملة وهي سورة يوسف، جاء في السورة ذكر يوسف وهو غلام والرؤيا التي رءاها في المنام وأنه قصها على أبوه يعقوب فعلم أن يوسف سيوف يكون له شأن عظيم فقال له ألا يقصها على إخوته، فيحسدوه عليها، ثم ذكر الله تعالى غيرة إخوة يوسف من يوسف قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7].
وجاء ذكر إلقاء يوسف في البئر والكذب على يعقوب وقولهم أكله الذئب، وأن السيارة أخذته من بلاد الشام إلى مصر فباعوه في مصر لعزيز مصر فأحسن مثواه وتعلم يوسف في هذه الفترة ومن الله عليه بتأويل الأحاديث قال تعالى:{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [يوسف: 6].
ثم راودته امرأة العزيز فأبى ودعا الله أن ينجيه فدخل السجن وكان معه فتيان، ورأى كل منهما رؤيا فسألوه فعبرها لهم ، وسأل من ظن أنه ناج منهما أن يذكره عند الملك، فنسى الفتى ومكث في السجن سنين أخرى، ثم رأى الملك رؤيا لم يفسرها أحد فتذكر الفتى يوسف ودلهم عليه وعبر يوسف رؤيا الملك بالبقرات والسنبلات: بأنها السنين المخصبة والمجدبة، ووجه المناسبة أن الملك به ترتبط أمور الرعية ومصالحها، وبصلاحه تصلح، وبفساده تفسد، فهذه نسبته إذ رأى هو الرؤيا، فقربه الملك وجعله على خزائن الملك ولكن بعد أن برأته امرأة العزيز بما اتهم به، وحل الجدب بلاد الشام فجاءوا مصر وكانت النهاية باجتماع يوسف مع أبيه وإخوته في مصر.
وبينت قصة يوسف كيف انتقل من حال إلى حال، ومن محنة إلى محنة، ومن محنة إلى منحة ومنّة، ومن ذل إلى عز، ومن أمن إلى خوف وبالعكس، ومن ملك إلى رق وبالعكس، ومن فرقة وشتات إلى انضمام وائتلاف وبالعكس، ومن سرور إلى حزن وبالعكس، ومن رخاء إلى جدب وبالعكس، ومن ضيق إلى سعة وبالعكس، ومن وصول إلى عواقب حميدة، فتبارك من قصها وجعلها عبرة لأولي الألباب.
وبينت القصة المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام، إذ قضى بالتفريق بينه وبين ابنه يوسف الذي لا يقدر على فراقه ساعة واحدة، ويحزنه أشد الحزن، فتم لهذه الفرقة مدة طويلة ويعقوب لم يفارق الحزن قلبه، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم، ثم ازداد به الأمر حين اتصل فراق الابن الثاني بالأول، وهو في ذلك صابر لأمر الله، محتسب الأجر من الله، وقد وعد من نفسه الصبر الجميل، ولا ريب أنه وفّى بما وعد به، ولا ينافي ذلك قوله: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]
فإن الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر، وإنما الذي ينافيه الشكوى إلى المخلوقين، ولا ريب أن الله رفعه بهذه المحنة درجات عالية ومقامات سامية، لا تنال إلا بمثل هذه الأمور.
وجاء الفرج مع اشتداد الكرب، فإنه لما تراكمت الشدائد المتنوعة، وضاق العبد ذرعا بحملها، فرجها فارج الهم، كاشف الغم، مجيب دعوة المضطرين، وهذه عوائده الجميلة، خصوصا لأوليائه وأصفيائه، ليكون لذلك الوقع الأكبر، والمحل الأعظم، وليجعل من المعرفة بالله والمحبة له ما يوازن ويرجح بما جرى على العبد بلا نسبة.

6.
قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب خير خلق الله، خاتم النبيين وخاتم المرسلين، صلى الله عليه وسلم، بعث وهو في الأربعين من عمره، نزل عليه جبريل وهو يتعبد في غار حراء وقال له، قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]، فجاء بها إلى خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرها بما رآه وما جرى عليه، فقالت خديجة رضي الله عنها: أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق، أي: ومن كانت هذه صفته فإنها تستدعي نعما من الله أكبر منها وأعظم، وكان هذا من توفيق الله لها ولنبيه، ومن تهوين القلق الذي أصابه.
وبهذه السورة ابتدأت نبوته، ثم فتر عنه الوحي مدة ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده، وكان قد رأى الملك على صورته فانزعج، فجاء إلى خديجة أيضا ترعد فرائصه فقال: «دثروني دثروني» فأنزل الله عليه: (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)، وجاءته سورة الضحى في فترة الوحي لما قال المكذبون: إن رب محمد قلاه. قال تعالى:
{وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ،وهذا اعتناء عظيم من الله برسوله، ونفي لكل نقص، وبشارة بأن كل حالة له أحسن مما قبلها وخير منها، وأن الله سيعطيه من النصر والْأَتباع والعز العظيم وانتشار الدين ما يرضيه.
واستمر صلى الله عليه في الدعوة وحاربه قومه فلم يزل يدعو إلى التوحيد وعقائد الدين وأصوله، ويقرر ذلك بالبراهين والآيات المتنوعة، ويحذر من الشرك والشرور كلها منذ بعث إلى أن استكمل بعد بعثته نحو عشر سنين، وهو يدعو إلى الله على بصيرة.
ولم يؤمن به إلا قليل من قومه، وكان كثير منهم من الضعفاء، وعذبوا وأوذوا حتى أذن الله لرسوله بالهجرة للمدينة والمسلمين، واستقر المسلمون في المدينة وجاءت قريش لمحاربتهم في المدينة فكان النصر للمسلمين في غزوة بدر وتوالت الغزوات حتى جاء نصر الله بفتح مكة ، قال تعالى {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1].
ومن صفاته صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين الرأفة العظيمة، والرحمة لهم، والمحبة التامة، والقيام معهم في كل أمورهم، وأنه لهم أرحم وأرأف من آبائهم وأمهاتهم، وأحنى عليهم من كل أحد، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]، {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159].
وفي سنة تسع من الهجرة أو سنة عشر فرض الله الحج على المسلمين، وكان أبو بكر حج بالناس سنة تسع، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر واستوعب المسلمين معه، وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]).

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, العاشر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir