وقولُه تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا}. حُكِيَ عن مُجاهِدٍ أنَّه كانَ يَكْرَهُ لَفْظَةَ "زَعَمُوا", وكذلكَ حُكِيَ عن ابنِ مَسعودٍ.
وفي بعضِ التفاسيرِ عن ابنِ عمرَ قالَ: كُنْيَةُ الكَذِبِ. ونحوُ ذلك عن شُريحٍ، فزَعَمُوا ههنا بمعنى "قالوا" و"أَخْبَرُوا"، قالَ الشاعِرُ:
ألاَ زَعَمَتْ بَسْبَاسَةُ اليومَ أَنَّنِي = كَبِرتُ، وأَنْ لا يُحْسِنَ السِّرَّ أَمْثَالِي
وقولُه: {أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}. يَعنِي: بعدَ الموتِ.
وقولُه: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}. قولُه: {بَلَى} في هذا الْمَوْضِعِ لتَكذيبِ القوْمِ فيما زَعَمُوا، وهو مِثلُ قولِ القائلِ لغيرِه: وقدْ أَمَرْتُكَ بكذا وكذا. فيَقولُ الرجُلُ: ما سَمِعْتُ وما أَمَرْتَنِي به. فيقولُ: بلى. أيْ: وكَذَبْتَ قدْ سَمِعْتَ وقد أمَرْتُكَ.
وقولُه: {ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}. أيْ: هَيِّنٌ.
وقولُه تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا}. أي: القرآنِ الذي أَنْزَلْنَاهُ على مُحَمَّدٍ, {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}. أيْ: عَلِيمٌ.
قولُه تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ}. أيْ: يومِ القِيامةِ، وسُمِّيَ يومَ الجمْعِ؛ لأنَّه يَجتمِعُ فيه الأوَّلُونَ والآخِرُونَ، ويَجْتَمِعُ أهْلُ السماواتِ وأهْلُ الأرضِ.
وقولُه: {وَذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}. عن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: هو اسمٌ ليومِ القِيامةِ، وفي التَّغَابُنِ مَعنيانِ:
أحَدُهما: أنَّ أهْلَ الحقِّ يَغْبِنُونَ أهْلَ الباطِلِ، وأهْلَ الإيمانِ يَغْبِنونَ أهلَ الكفْرِ.
والقولُ الثاني: أنَّ اللَّهَ تعالى سَمَّى لكُلِّ أحَدٍ مِن خَلْقِه مَنْزِلاً في النارِ ومَنْزِلاً في الْجَنَّةِ، فمَن كانَ مُؤْمِناً يَرِثُ مَنْزِلَ الكافِرِ في الجنَّةِ، ومَن كانَ كافراً يَرِثُ منْزِلَ المُؤْمِنِ في النارِ، وهو معنَى التغابُنِ يومَ القِيامةِ.
وعن بعضِهم: أنَّ الغَبْنَ هو أخْذُ الشيءِ بدونِ قِيمتِه، فبِالتفاوُتِ الذي يَقَعُ بينَ القِيمةِ وما دُونَها يَحْصُلُ التغابُنُ، فالمؤمنونَ لَمَّا عَمِلُوا للجنَّةَ وللنعيمِ الباقِي فقَدْ غَبَنُوا أهْلَ النارِ، والكُفَّارُ لَمَّا اخْتَارُوا النعيمَ الْمُنْقَطِعَ على النعيمِ الباقِي، والدارَ التي تَفْنَى على الدَّارِ التي لا تَفْنَى، فقدْ غُبِنوا.
قالَ زيدُ بنُ عَلِيٍّ: غَبَنُوا أنْفُسَهم, والغَبْنُ ههنا يَعنِي الْخُسرانَ في () هذا الْمَوْضِعِ.
وقولُه تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. ظاهِرُ المعنى.
قولُه تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. أي: المرجِعُ والْمُنْقَلَبُ.
قولُه تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} أيْ: بعِلْمِه وقضائِه وتَقديرِه.
وقولُه: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}. قالَ عَلْقَمَةُ: ومَن يُؤمِنْ باللَّهِ في الْمُصيبةِ - أيْ: يَعلَمْ أنَّها مِن اللَّهِ - يَهْدِ قَلْبَه للاسترجاعِ والتسليمِ لأمْرِ اللَّهِ تعالى. ومِثلُه عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ.
وعن بعضِهم: {يَهْدِ قَلْبَهُ}؛ أيْ: للصَّبْرِ إذا ابْتُلِيَ, وللشُّكْرِ إذا أُنْعِمَ عليه، وللعفْوِ إذا ظُلِمَ.
وقالَ عِكْرِمَةُ: يَهْدِ قَلْبَه لليَقينِ، فيَعلَمُ أنَّ ما أَخطأَهُ لَمْ يَكُنْ ليُصِيبَه، وأنَّ ما أصابَه لم يَكُنْ لِيُخْطِئَه. وذَكَرَ الأَزْهَرِيُّ في كتابِه أنَّ معنَى قولِه: {يَهْدِ قَلْبَهُ}؛ أيْ: يَجْعَلْه مُهْتَدِياً.
وقدْ أَيَّدَ هذا القولَ ما حُكِيَ عن ابنِ جُرَيْجٍ أنَّه قالَ: مَن عَرَفَ اللَّهَ فهو مُهتدِي القلْبِ.
وقولُه: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
قولُه تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}. أي: الْبَيِّنُ.
قولُه تعالى: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}. قدْ بَيَّنَّا.
لعلها زائدة.