دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 04:39 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تفسير سورة الممتحنة (الآيات: 4-6)

{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)}.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 11:47 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي


(4) {قَدْ} كانَ {لَكُمْ} يا مَعشَرَ المُؤْمنِينَ، {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}؛ أيْ: قُدْوةٌ صالحةٌ وائتمامٌ يَنفَعُكُم {فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} مِن المُؤْمنِينَ؛ لأنَّكم قَدْ أُمِرْتُمْ أنْ تَتَّبِعُوا مِلَّةَ إبراهيمَ حَنيفاً.
{إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}؛ أيْ: إذ تَبَرَّأَ إبراهيمُ عليهِ السلامُ ومَن معَه مِن المُؤْمنِينَ مِن قَوْمِهم الْمُشرِكِينَ ومِمَّا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ، ثُمَّ صَرَّحُوا بعَداوَتِهم غايةَ التصريحِ، فقالوا: {كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا}؛ أيْ: ظَهَرَ وبانَ {بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ}؛ أي: البُغْضُ بالقُلُوبِ وزَوالُ مَوَدَّتِها والعداوةُ بالأَبدانِ.
وليسَ لتلكَ العَدواةِ والبَغْضاءِ وقتٌ ولا حَدٌّ، بل ذلكَ {أَبَداً} ما دُمْتُمْ مُسْتَمِرِّينَ على كُفْرِكم.
{حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}؛ أيْ: فإذا آمَنْتُمْ باللَّهِ وَحْدَه زالتِ العَداوةُ والبَغْضاءُ، وانقَلَبَتْ مَوَدَّةً ووَلايةً؛ فلكم أيُّها المُؤْمنِونَ أُسوةٌ حَسَنةٌ في إبراهيمَ ومَن معَه في القيامِ بالإيمانِ والتوحيدِ، ولَوازمِ ذلكَ ومُقتَضَيَاتِه وفي كلِّ شيءٍ تَعَبَّدُوا به للَّهِ وحْدَه {إِلاَّ} في خَصلةٍ واحدةٍ، وهي: {قُوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ} آزَرَ المُشرِكِ الكافرِ المُعانِدِ حينَ دَعاهُ إلى الإيمانِ والتوحيدِ فامتَنَعَ، فقالَ إبراهيمُ له: {لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَ}: الحالُ أَنِّي لا {أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ}، ولكنِّي أَدْعُو رَبِّي عَسَى أنْ لا أَكُونَ بدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا.
فليسَ لكم أنْ تَقْتَدُوا بإبراهيمَ في هذهِ الحالةِ التي دَعَا بها للمُشرِكِ، فليسَ لكم أنْ تَدْعُوا للمُشرِكينَ وتَقولوا: إنَّا في ذلكَ مُتَّبِعونَ لِمِلَّةِ إبراهيمَ؛ فإِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ عُذْرَ إبراهيمَ في ذلك بقولِه: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} الآيةَ.
ولكم أُسْوةٌ حَسَنةٌ في إِبْراهيمَ ومَن معَه حينَ دَعَوُا اللَّهَ وتَوَكَّلوا عليهِ، وأَنَابُوا إليه، واعتَرَفوا بالعَجْزِ والتَّقْصيرِ، فقَالُوا: {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا}؛ أي: اعْتَمَدْنَا عليكَ في جَلْبِ ما يَنْفَعُنا ودَفْعِ ما يَضُرُّنا ووَثِقْنا بكَ يا رَبَّنَا في ذلكَ.
{وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا}؛ أيْ: رَجَعْنَا إلى طاعتِكَ ومَرضاتِكَ وجَميعِ ما يُقَرِّبُ إليكَ، فنَحْنُ في ذلكَ ساعونَ، وبفِعْلِ الخَيراتِ مُجتهدونَ، ونَعلَمُ أنَّا إليكَ نَصِيرُ، فسَنَسْتَعِدُّ للقُدومِ عليكَ، ونَعمَلُ ما يُزَلِّفُنا إليك.
(5) {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أيْ: لا تُسَلِّطْهم علينا بذُنوبِنا، فيَفْتِنُونا، ويَمْنَعونا مِمَّا يَقْدِرونَ عليهِ مِن أُمورِ الإيمانِ ويَفْتَتِنُونَ أيضاً بأنْفُسِهم؛ فإِنَّهم إذا رَأَوْا لهم الغَلَبَةَ ظَنُّوا أنَّهم على الحقِّ وأنَّا على الباطِلِ فازْدَادُوا كُفْراً وطُغياناً.
{وَاغْفِرْ لَنَا} مَا اقْتَرَفْنَا مِن الذُّنوبِ والسيِّئاتِ، وما قَصَّرْنا به مِن المَأْموراتِ.
{رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ} القاهِرُ لكلِّ شيءٍ، {الْحَكِيمُ} الذي يَضَعُ الأشياءَ مَواضِعَها، فبِعِزَّتِكَ وحِكمتِكَ انصُرْنا على أَعدائِنَا، واغْفِرْ لنا ذُنوبَنا وأَصْلِحْ عُيوبَنَا.
(6) ثم كَرَّرَ الحثَّ لهم على الاقتداءِ بهم وقالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، وليسَ كلُّ أحَدٍ تَسْهُلُ عليهِ هذهِ الأُسوةُ، وإنَّما تَسْهُلُ على مَن {كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}؛ فإنَّ الإيمانَ واحتسابَ الأجْرِ والثوابِ يُسَهِّلُ على العبدِ كلَّ عَسيرٍ، ويُقَلِّلُ لَدَيْهِ كلَّ كَثيرٍ، ويُوجِبُ الإكثارَ مِن الاقتداءِ بعِبادِ اللَّهِ الصالِحِينَ والأنبياءِ والمُرسَلِينَ.
فإِنَّه يَرَى نَفْسَه مُفتَقِراً ومُضْطَرًّا إلى ذلكَ غايةَ الاضْطِرارِ.
{وَمَنْ يَتَوَلَّ} عن طاعةِ اللَّهِ والتَّأسِّي برُسُلِ اللَّهِ، فلَنْ يَضُرَّ إلاَّ نفْسَه، ولا يَضُرَّ اللَّهَ شيئاً.
{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} الذي له الغِنَى التامُّ المُطْلَقُ مِن جميعِ الوُجوهِ، فلا يَحتاجُ إلى أحَدٍ مِن خَلْقِه بوَجهٍ.
{الْحَمِيدُ} في ذاتِه وأسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه، فإِنَّه محمودٌ على ذلك كُلِّه.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 01:49 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر


4- {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أيْ: خَصلةٌ حَميدةٌ تَقتدونَ بها.
{فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} يقولُ: أفلا تَأَسَّيْتَ يا حاطِبُ بإبراهيمَ، فتَتَبَرَّأَ مِن أهْلِكَ كما تَبَرَّأَ إبراهيمُ مِن أبيهِ وقومِه {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ} أيْ: بَريئونَ مِنكم، لسْنَا مِنكم ولستُمْ مِنَّا؛ لكُفْرِكم باللهِ.
{وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ} وهي الأصنامُ, {كَفَرْنَا بِكُمْ} أي: بدِينِكم، أو بأفعالِكم.
{وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا} أيْ: هذا دَأَبُنا معكم ما دُمْتُم على كفْرِكم.
{حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} وتَتركوا ما أنتم عليه مِن الشرْكِ، فإذا فَعلتُم ذلك صارَتْ تلك العَداوةُ مُوالاةً، والبَغضاءُ مَحَبَّةً.
{إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} أيْ: قد كانتْ لكم أُسوةٌ حَسنةٌ في كلِّ مَقالاتِ إبراهيمَ إلا قولَه لأبيه، فلا تَأْتَسُوا به فتَستغفروا للمُشركينَ؛ فإنه كانَ عن مَوْعِدَةٍ وعَدَها إيَّاه, (فلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أنَّه عدوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنه) {وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ } أيْ: وما أَدْفَعُ عنك مِن عذابِ اللهِ شيئًا.
5- {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا} قالَ مُجاهِدٌ: لا تُعَذِّبْنا بأَيْدِيهِم، ولا بعذابٍ مِن عنْدِك فيقولوا: لو كان هؤلاءِ على حَقٍّ ما أصابَهم هذا.
6- {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أيْ: لقد كانَ لكم في إبراهيمَ والذين معه قُدوةٌ حَسنةٌ.
{لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} المعنى: أنَّ هذه الأُسوةَ إنما تكونُ لِمَن يَطمعُ في الخيْرِ مِن اللهِ في الدنيا وفي الآخِرةِ.
{وَمَن يَتَوَلَّ} أيْ: يُعرِضَ عن ذلك.
{فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ} عن خلْقِه.
{الْحَمِيدُ} إلى أوليائِه.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 06:33 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

قولُه تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. أيْ: قُدْوةٌ حَسَنةٌ.
وقولُه: {فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً}. المعنَى في الكُلِّ: أنَّه أمَرَهم بأنْ تَأَسَّوْا بإِبْراهيمَ في التَّبَرُّؤِ مِن الْمُشركِينَ وتَرْكِ الْمُوالاةِ مَعَهم.
وقولُه: {إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ}. قالَ قَتَادَةُ: مَعناه: اقْتَدُوا بإبراهيمَ إلاَّ في هذا الْمَوْضِعِ, وهو استغفارُه لأبيهِ المشرِكِ. وقد بَيَّنَّا سببَ استغفارِ إبراهيمَ لأبيهِ مِن قَبلُ.
وقولُه: {وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ}. أيْ: لا أَدْفَعُ عنكَ مِن اللَّهِ مِن شيءٍ، وهو قولُ إبراهيمَ لأَبِيهِ.
وقولُه: {رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}. إخبارٌ عن إبراهيمَ وقومِه مِن المُؤْمنِينَ, يَعنِي: إنَّهم ذلكَ.
قولُه تعالى: {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}. قالَ مُجَاهِدٌ وغيرُه: أي: لا تُعَذِّبْنَا بأَيْدِي الكُفَّارِ ولا بعَذابٍ مِن عِنْدِكَ، فيَظُنَّ الكُفَّارُ أنَّا على غيرِ الحقِّ حيثُ عُذِّبْنَا، فيَصِيرَ فِتنةً لهم في دِينِهم، ويَظُنُّونَ أنَّا كُنَّا على الباطِلِ؛ لأنَّهم يَقولونَ: لو كانَ هؤلاءِ على الْحَقِّ لم يُعَذَّبُوا ولم يُظْفَرْ بهم.
وقولُه: {وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. ظاهِرُ المعنَى.
قولُه تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. كَرَّرَ المعنَى الأوَّلَ على طريقِ التأكيدِ.
وقولُه: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}. أيْ: يَخافُ اللَّهَ ويَخافُ يومَ القِيامةِ.
وقولُه: {وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}. أي: المُستغنِي عنهم, الحميدُ في فِعالِه.
والمعنَى: أنَّهم إذا خَالَفُوا أمْرَه، وتَوَلَّوُا الكُفَّارَ, لم يَعُدْ إلى اللَّهِ مِن ذلك شَيءٌ.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 02:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برآء منكم وممّا تعبدون من دون اللّه كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتّى تؤمنوا باللّه وحده إلّا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك وما أملك لك من اللّه من شيءٍ ربّنا عليك توكّلنا وإليك أنبنا وإليك المصير (4) ربّنا لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا واغفر لنا ربّنا إنّك أنت العزيز الحكيم (5) لقد كان لكم فيهم أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو اللّه واليوم الآخر ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد (6) }
يقول تعالى لعباده المؤمنين الّذين أمرهم بمصارمة الكافرين وعداوتهم ومجانبتهم والتّبرّي منهم: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والّذين معه} أي: وأتباعه الّذين آمنوا معه {إذ قالوا لقومهم إنّا برآء منكم} أي: تبرّأنا منكم {وممّا تعبدون من دون اللّه كفرنا بكم} أي: بدينكم وطريقكم، {وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا} يعني: وقد شرعت العداوة والبغضاء من الآن بيننا وبينكم، ما دمتم على كفركم فنحن أبدًا نتبرّأ منكم ونبغضكم {حتّى تؤمنوا باللّه وحده} أي: إلى أن توحدوا اللّه فتعبدوه وحده لا شريك له، وتخلعوا ما تعبدون معه من الأنداد والأوثان.
وقوله: {إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك} أي: لكم في إبراهيم وقومه أسوةٌ حسنةٌ تتأسّون بها، إلّا في استغفار إبراهيم لأبيه، فإنّه إنّما كان عن موعدة وعدها إيّاه، فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه. وذلك أنّ بعض المؤمنين كانوا يدعون لآبائهم الّذين ماتوا على الشّرك ويستغفرون لهم، ويقولون: إنّ إبراهيم كان يستغفر لأبيه، فأنزل اللّه، عزّ وجلّ: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبيّن لهم أنّهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاهٌ حليمٌ} [التّوبة: 113، 114]. وقال تعالى في هذه الآية الكريمة: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والّذين معه} إلى قوله: {إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك وما أملك لك من اللّه من شيءٍ} أي: ليس لكم في ذلك أسوةٌ، أي: في الاستغفار للمشركين، هكذا قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة، ومقاتلٌ، والضّحّاك وغير واحدٍ.
ثمّ قال تعالى مخبرًا عن قول إبراهيم والّذين معه، حين فارقوا قومهم وتبرّءوا منهم، فلجئوا إلى اللّه وتضرّعوا إليه فقالوا: {ربّنا عليك توكّلنا وإليك أنبنا وإليك المصير} أي: توكّلنا عليك في جميع الأمور، وسلّمنا أمورنا إليك، وفوّضناها إليك {وإليك المصير} أي: المعاد في الدّار الآخرة.
{ربّنا لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا} قال مجاهدٌ: معناه: لا تعذّبنا بأيديهم، ولا بعذابٍ من عندك، فيقولوا: لو كان هؤلاء على حقٍّ ما أصابهم هذا. وكذا قال الضّحّاك.
وقال قتادة لا تظهرهم علينا فيفتتنوا بذلك، يرون أنّهم إنّما ظهروا علينا لحقٍّ هم عليه. واختاره ابن جريرٍ.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: لا تسلّطهم علينا فيفتنونا.
وقوله: {واغفر لنا ربّنا إنّك أنت العزيز الحكيم} أي: واستر ذنوبنا عن غيرك، واعف عنها فيما بيننا وبينك، {إنّك أنت العزيز الحكيم} أي: الّذي لا يضام من لاذ بجناحك {الحكيم} في أقوالك وأفعالك وشرعك وقدرك.
ثمّ قال تعالى: {لقد كان لكم فيهم أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو اللّه واليوم الآخر} وهذا تأكيدٌ لما تقدّم ومستثنًى منه ما تقدّم أيضًا لأنّ هذه الأسوة المثبتة هاهنا هي الأولى بعينها.
وقوله: {لمن كان يرجو اللّه واليوم الآخر} تهييجٌ إلى ذلك كلّ مقرٍّ باللّه والمعاد.
وقوله: {ومن يتولّ} أي: عمّا أمر اللّه به، {فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} كقوله {إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإنّ اللّه لغنيٌّ حميدٌ} [إبراهيم: 8].
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: {الغنيّ} الّذي [قد] كمل في غناه، وهو اللّه، هذه صفته لا تنبغي إلّا له، ليس له كفءٌ، وليس كمثله شيءٌ، سبحان اللّه الواحد القهّار. {الحميد} المستحمد إلى خلقه، أي: هو المحمود في جميع أفعاله وأقواله، لا إله غيره، ولا ربّ سواه). [تفسير القرآن العظيم: 8/87-88]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir