14- {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً} أيْ: وَالَوْهُمْ؛ هم المنافقونَ تَوَلَّوُا اليهودَ.
{غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ} المغضوبُ عليهم هم اليهودُ.
{مَا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ} كما قالَ اللهُ فيهم: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَلاَ إِلَى هَؤُلاَءِ} ويُحتمَلُ أنهم اليهودُ، أيْ يقولُ للمؤمنينَ: ليس اليهودُ مِنكم ولا مِن المنافقينَ، فلِماذا لا يَتَوَلاَّهم المنافقونَ؟
{وَيَحْلِفُونَ عَلَى الكَذِبِ} أيْ: يَحْلِفون أنهم مُسلِمون، أو يَحلِفون إنهم ما نَقَلُوا الأخبارَ إلى اليهودِ.
{وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أيْ: يَعلمونَ بُطلانَ ما حَلَفُوا عليه، وأنه كذِبٌ لا حقيقةَ له.
15- {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} بسببِ هذا التَّوَلِّي والْحَلِفِ على الباطلِ.
{إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} مِن الأعمالِ القَبيحةِ.
16- {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} وهي ما كانوا يَحْلِفون عليه مِن الكذِبِ بأنهم مِن المسلمينَ؛ تَوَقِّيًا مِن القتْلِ بالكفْرِ، فجَعَلُوا هذه الأَيمانَ وِقايةً وسُتْرَةً دُونَ دِمائِهم، فآمَنَتْ ألْسِنَتُهم مِن خَوْفِ القتْلِ ولم تؤمِنْ قُلُوبُهم.
{فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ} أيْ: مَنَعوا الناسَ عن الإسلامِ؛ بسَببِ ما يَصْدُرُ عنهم مِن التَّثبيطِ، وتَهوينِ أمْرِ المسلمينَ وتضعيفِ شَوْكَتِهم.
{فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} أيْ: يُهينُهم ويُخزِيهم.
18- {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} أيْ: يَحْلِفونَ للهِ يومَ القِيامةِ على الكَذِبِ كما يَحلِفونَ لكم في الدنيا، فيَقولون: واللهِ رَبِّنا ما فعَلْنا ذلك. وهذا مِن شِدَّةِ شَقَاوَتِهم، فإنَّ الحقائقَ يومَ القِيامةِ قد انْكَشَفَتْ، وصارَتِ الأمورُ مَعلومةً بضَرورةِ المشاهَدَةِ.
{وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ} أيْ: يَحسَبُونَ في الآخِرَةِ أنهم بتلك الأيمانِ الكاذبةِ على شيءٍ مما يَجلِبُ نَفْعاً أو يَدفَعُ ضَرراً, كما كانوا يَحْسَبونَ ذلك في الدنيا.
19- {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} أيْ: غَلَبَ عليهم واستَعْلَى واستولَى وأحاطَ بهم.
{فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ} أيْ: فتَرَكُوا أوامِرَه والعمَلَ بطاعاتِه.
{أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ} أيْ: جُنودُه وأَتباعُه ورَهْطُه.
{أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} لأنهم باعُوا الجنةَ بالنارِ والهُدَى بالضلالةِ، وكَذَبُوا على اللهِ وعلى نَبِيِّهِ، وحَلَفُوا الأيمانَ الفاجرةَ, فسَوفَ يَخْسَرونَ في الدنيا والآخِرَةِ.