قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ}. أيْ: لا تَشْغَلْكُمْ، ومعناهُ: لا تَشْتَغِلُوا بالقِيامِ على أموالِكم وأولادِكم فيَشْغَلَكُم ذلكَ عن ذِكْرِ اللَّهِ كما شَغَلَ المُنافقِينَ. وذِكْرُ اللَّهِ هو الإيمانُ به ههنا.
وقولُه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}. أي: الْمَغْبُونُونَ بِحُظُوظِهم.
ويُقالُ: هم الذينَ غَبَنُوا أنْفُسَهم وخَسِرُوها في الآخِرَةِ.
وعن عَطَاءٍ: أنَّ ذِكْرَ اللَّهِ ههنا هو الصلواتُ الخَمْسُ. وقالَ الضَّحَّاكُ: هو جميعُ ما فَرَضَه اللَّهُ تعالى.
قولُه تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ}, الأصَحُّ أنَّه الزَّكاةُ, وقيلَ: هو صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ، وكلُّ ما نَدَبَ اللَّهُ تعالى إليهِ مِن النفَقَةِ في الخَيراتِ.
وقولُه: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي}. أيْ: هَلاَّ أَخَّرْتَنِي.
قولُه: {إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}. أيْ: إلى مُدَّةٍ قَريبةٍ.
قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: كُلُّ مَن كانَ له مالٌ ولم يُؤَدِّ زَكاتَه يَسْأَلُ اللَّهَ الرَّجْعَةَ إذا حَضَرَه الموتُ، فقالوا له: يا ابنَ عبَّاسٍ، اتَّقِ اللَّهَ، فإِنَّما الرَّجْعَةُ للكافرِ. فقالَ: اتْلُوا هذه الآيةَ: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} الآيةَ.
وفي رِوايةٍ: أنَّ هذا في الْحَجِّ بَدَلَ الزكاةِ.
وقولُه: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}, وقُرِئَ: (وَأَكُونَ), ومَن قَرَأَ: (وَأَكُونَ) فهو مَعطوفٌ على قولِه: {فَأَصَّدَّقَ}.
وقيلَ لابنِ عُمرَ: وكيفَ خالَفْتَ المصْحَفَ في قولِه: (وَأَكُونَ مِنَ الصَّالِحِينَ) فقالَ: هو مِثْلُ قولِهم في هِجاءٍ: أَبْجَدْ كَلَمُنْ، وهو كَلَمُونُ.
وأمَّا تقريرُ الآيةِ على القِراءَةِ بِدونِ الواوِ (وَإِنْ أخَّرْتَنِي أصَّدَّقْ وأكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) وقيلَ: (أصَّدَّقَ) أي: أُزَكِّيَ, (وأَكُنْ مِن الصَّالِحِينَ) أيْ: أحُجَّ.
قولُه تعالى: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا}. أي: لا يَتَقَدَّمُ ولا يَتأخَّرُ إذا جاءَ الأجَلُ.
وقولُه: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. ظاهِرُ المعنَى.