دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 04:56 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تفسير سورة المنافقون (الآيتان: 7-8)

{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 12:29 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي

(7) وهذا مِن شِدَّةِ عَداوتِهم للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ والمُسلمِينَ، لَمَّا رَأَوْا اجتماعَ أصحابِه وائْتِلافَهم ومُسارَعَتَهم في مَرضاةِ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ قالوا بزَعْمِهم الفاسدِ: {لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}؛ فإنَّهم على زَعْمِهم لَوْلاَ أموالُ المنافقِينَ ونَفَقَاتُهم عليهم، لَمَا اجْتَمَعُوا في نُصْرةِ دِينِ اللَّهِ.
وهذا مِن أعْجَبِ العَجَبِ أنْ يَدَّعِيَ هؤلاءِ المنافقونَ ـ الذينَ هم أحْرَصُ الناسِ على خِذلانِ الدِّينِ وأذِيَّةِ المُسلمِينَ ـ مِثلَ هذه الدَّعْوَى التي لا تَرُوجُ إلاَّ على مَن لا عِلْمَ له بالحقائقِ.
ولهذا قالَ تعالى رَدًّا لقولِهم: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}. فيُؤْتِي الرزْقَ مَن يَشاءُ، ويَمنَعُه مَن يَشاءُ، ويُيَسِّرُ الأسبابَ لِمَن يَشاءُ، ويُعَسِّرُها على مَن يَشاءُ, {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ}.
فلذلكَ قالوا تلكَ الْمَقالةَ التي مَضْمُونُها أنَّ خَزائِنَ الرِّزْقِ في أَيْدِيهِم وتحتَ مَشيئتِهم.

(8) {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ}. وذلك في غَزوةِ الْمُرَيْسِيعِ، حينَ صارَ بينَ بعضِ الْمُهاجرِينَ والأنصارِ بعضُ كلامٍ كَدَّرَ الخواطرَ، ظَهَرَ حينَئذٍ نِفاقُ المُنافقِينَ وتَبَيَّنَ ما في قُلوبِهم, وقالَ كبيرُهم عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ: ما مَثَلُنا ومَثَلُ هؤلاءِ - يعني المُهاجرِينَ - إلاَّ كما قالَ القائلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ.
وقالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إلى المدينةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعزُّ مِنها الأذَلَّ. بزَعْمِه أنَّه هو وإخوانَهُ المُنافقِينَ الأَعَزُّونَ، وأنَّ رسولَ اللَّهِ ومَنِ اتَّبَعَه هم الأَذَلُّونَ.
والأمْرُ بعَكْسِ ما قالَ هذا المُنافِقُ؛ فلهذا قالَ تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}, فهم الأَعِزَّاءُ، والمنافقونَ وإخوانُهم مِن الكُفَّارِ هم الأَذِلاَّءُ.
{وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} ذلك؛ فلذلكَ زَعَمُوا أنَّهم الأعزَّاءُ؛ اغْتِرَاراً بما هم عليه مِن الباطلِ.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 02:41 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر


7-{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا} أيْ: حتى يَتَفَرَّقُوا عنه، يَعنونَ بذلك فُقراءَ المهاجرينَ, {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أيْ: إنه هو الرزَّاقُ لهؤلاءِ المهاجرينَ.
{وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} أنَّ خَزائنَ الأرزاقِ بِيَدِ اللهِ, فظَنُّوا أنَّ اللهَ لا يُوَسِّعُ على المؤمنينَ.

8-{يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} القائلُ هو عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ رأسُ المنافقينَ، وعَنَى بالأعَزِّ نفْسَه ومَن معه، وبالأذَلِّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَن معه، ومُرادُه بالرجوعِ رُجوعُهم مِن تلك الغَزوةِ.
أخْرَجَ الإمامُ أحمدُ عن زَيدِ بنِ أرْقَمَ قالَ: كنتُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزوةٍ، فقالَ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ: لئنْ رَجَعْنَا إلى المدينةِ ليُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنها الأذَلَّ. قالَ: فأَتيتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَخْبَرْتُه. قالَ: فحَلَفَ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ: إنَّه لم يَكنْ شيءٌ مِن ذلك. قالَ زيدٌ: فلاَمَنِي قَوْمِي، وقالوا: ما أَرَدْتَ إلى هذا؟! قالَ: فانْطَلَقْتُ فنِمْتُ كَئيباً حَزيناً. قالَ: فأرسَلَ إليَّ نبيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: ((إِنَّ اللهَ أَنزَلَ عُذْرَكَ وَصَدَّقَكَ)). قالَ: وأَنْزَلَ هذه الآيةَ.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 09:12 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

قولُه تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}.
وقُرِئَ في الشاذِّ: (حَتَّى يَنْفُضُوا) مِن النَّفْضِ؛ أيْ: حَتَّى يَنْفُضُوا أوْعِيَتَهم فيَفْتَقِروا ويَتَفَرَّقُوا.
وقولُه: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ}. يُقالُ: الواوُ محذوفةٌ. ومعناه: وهُمُ الذينَ يَقولونَ.
وكذلك في قولِه: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ}. أيْ: ويَقولونَ, قالَ الشاعِرُ:

لأَمْرٍ مَا تَصرَّفَتِ اللَّيالِي = لأمْرٍ مَا تَحرَّكَتِ النُّجُومُ

أيْ: ولأَمْرٍ.
وقولُه: {لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ}. نَزلَتِ الآيةُ على سبَبٍ, وهو ما روَاهُ الزُّهْرِيُّ، عن عُرْوَةَ، عن أُسَامَةَ بنِ زَيدٍ, أنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنه كانَ اسْتَأْجَرَ رَجُلاً مِن غِفَارٍ يُقالُ له: جَهْجَاهُ. لِيَعْمَلَ له في بعضِ الغَزَوَاتِ، وهي غَزوةُ الْمُرَيْسِيعِ, فجَرَتْ بينَه وبينَ رجُلٍ مِن الأنصارِ مُنازَعَةٌ على رأسِ بئرٍ للإسقاءِ, فقالَ الأَنْصَارِيُّ: يا لَلأنصارِ. وقالَ جَهْجَاهُ: يا لَلمُهاجرِينَ.
فسَمِعَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذلكَ فقالَ: ((مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ)).
وبَلَغَ ذلك عبدَ اللَّهِ بنَ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ, فغَضِبَ وقالَ: هذا مِثْلُ ما قالَ الأُوَلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ. وقالَ: أمَا إنَّكم لو أَطَعْتُمُونِي لم تُنْفِقُوا على مَنِ اجْتَمَعَ عندَ هذا الرجُلِ - وكان الأنصارُ يُنْفِقُونَ على المُهاجرِينَ، وكانوا يَنْفَضُّونَ عنه - وقالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إلى المدينةِ ليُخْرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ. وعَنَى بالأعَزِّ نفْسَه وبالأذَلِّ محمداً صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ.
فبَلَغَ ذلكَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وقالَ عُمَرُ: دَعْنِي أضْرِبْ عُنُقَ هذا المُنافِقِ. فقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ((لاَ يَبْلُغُ النَّاسَ أَنَّ مُحَمَّداً يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ))؛ أي: لا أَقتُلُه لهذا.
قالَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: أخْبَرَنا بذلك أبو علِيٍّ الشافعيُّ بمَكَّةَ، أخْبَرَنا أبو الحسَنِ بنُ فِرَاسٍ، أَخْبَرَنا أبو جَعْفرٍ محمَّدُ بنُ إبراهيمَ الدَّيْبُلِيُّ، أخْبَرَنا أبو عبدِ اللَّهِ سعيدُ بنُ عبدِ الرحمنِ الْمَخْزُومِيُّ، أخْبَرَنا سُفيانُ, عن الزُّهْرِيِّ... الحديثَ.
وقدْ ذَكَرَ البُخَارِيُّ هذا الخبَرَ في كِتابِه بِروايةِ زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ, قالَ: كُنْتُ معَ عُمَرَ في غَزاةٍ فسَمِعْتُ عبدَ اللَّهِ بنَ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ يقولُ لأصحابِه: لا تُنْفِقُوا على مَن عندَ رسولِ اللَّهِ حتى يَنْفَضُّوا. وقالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إلى المَدِينةِ ليُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنها الأذَلَّ.
قالَ: فجِئْتُ إلى عُمَرَ وذَكَرْتُ له ذلكَ، وذكَرَ عمرُ ذلك لرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ, فجاءَ ابنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وحَلَفَ أنَّه ما قالَه, فصَدَّقَه وكَذَّبَنِي، فأصابَنِي مِن الْهَمِّ ما لَمْ يُصِبْنِي مثلُه قَطُّ, حتى جَلَسْتُ في بَيْتِي؛فأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى هذه الآيةَ والتي قبْلَها، فدَعَانِي رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وقالَ: ((إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ صَدَّقَكَ)).
وفي روايةِ سُفيانَ, عن عَمْرِو بنِ دِينارٍ, عن جابرٍ: أنَّ رَجُلاً مِن المُهاجرِينَ كَسَعَ رجُلاً مِن الأنصارِ، فقالَ الأنصاريُّ: يا لَلأنصارِ. وقالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يا لَلمهاجرِينَ.
وكانَ الأنصارُ أكثَرَ مِن المُهاجِرِينَ حينَ قَدِمَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ المدينةَ، ثم كَثُرَ المُهاجرِينَ مِن بعدُ.
فلَمَّا سَمِعَ عبدُ اللَّهِ بنُ أبَيِّ بنِ سَلُولٍ ذلكَ قالَ ما ذَكَرْنَاهُ, وساقَ الحديثَ قَريباً مِن الذي ذَكَرْناهُ أوَّلاً.
قالَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: أخْبَرَنا بذلكَ أبو عليٍّ الشافعيُّ بمَكَّةَ بالإسنادِ الذي ذَكَرْنا, عن سُفْيانَ.
وقولُه: {حَتَّى يَنْفَضُّوا}. أيْ: يَتَفَرَّقُوا.
وقولُه تعالى: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}. معناه: أنَّهم لو لم تُنْفِقُوا فلِلَّهِ خَزائنُ السماواتِ والأرضِ, فهو يَرْزُقُكُم.
ويُقالُ: خَزائِنُ السماواتِ بالْمَطَرِ، وخَزائنُ الأرضِ بالنَّباتِ.
وعن بعضِهم: خَزائنُ السماواتِ ما قَضاهُ، وخَزائنُ الأرْضِ ما أَعطاهُ.
وقالَ بعضُ أربابِ الخواطِرِ: خزائنُ السماواتِ: الغُيوبُ، وخَزائنُ الأرضِ: القُلوبُ. والصحيحُ الأوَّلُ.
قولُه: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ}. قدْ بَيَّنَّا.
قولُه تعالَى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ}. قدْ ذَكَرْنا.
والأعَزُّ هو الأقْدَرُ على مَنْعِ الغَيْرِ، والأذَلُّ هو الأَعْجَزُ عن نَفْعِ الغيرِ.
وقِيلَ: مَعناهُ: لَيُخْرِجَنَّ العزيزُ منها الذليلَ.
وفي "أفْعَلَ" بمعنَى "فَعِيلٍ" قالَ الفَرَزْدَقُ:

إنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنَا = بَيْتاً دَعائِمُهُ أعَزُّ وأطْوَلُ

أيْ: عزيزٌ طويلٌ.
وقولُه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}. أي: الغَلَبَةُ والْمَنَعَةُ والقُوَّةُ، والعِزَّةُ لِلَّهِ لعِزَّةٍ في ذاتِه، والعِزَّةُ لرسولِه وللمُؤْمنِينَ بما أَعطاهُم اللَّهُ تعالى مِن الغَلَبَةِ والْمَنَعَةِ والقُوَّةِ.
وقولُه: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}. أيْ: لا يَعْلَمُونَ أنَّ العِزَّةَ والغلَبَةَ لِلَّهِ ولرَسُولِه وللمُؤْمنِينَ.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 03:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقد قال ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه: حدّثنا محمّد بن عزيزٍ الأيليّ، حدّثنا سلامة، حدّثني عقيلٌ، أخبرني محمّد بن مسلمٍ، أنّ عروة بن الزّبير وعمرو بن ثابتٍ الأنصاريّ أخبراه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غزا غزوة المريسيع، وهي الّتي هدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيها مناة الطّاغية الّتي كانت بين قفا المشلّل وبين البحر، فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خالد بن الوليد فكسر مناة، فاقتتل رجلان في غزوة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تلك، أحدهما من المهاجرين، والآخر من بهز، وهم حلفاء الأنصار، فاستعلى الرّجل الّذي من المهاجرين على البهزيّ، فقال البهزيّ: يا معشر الأنصار، فنصره رجالٌ من الأنصار، وقال المهاجريّ: يا معشر المهاجرين. فنصره رجالٌ من المهاجرين، حتّى كان بين أولئك الرّجال من المهاجرين والرّجال من الأنصار شيءٌ من القتال، ثمّ حجز بينهم فانكفأ كلّ منافقٍ -أو: رجلٍ في قلبه مرضٌ-إلى عبد اللّه بن أبيّ بن سلولٍ، فقال: قد كنت ترجى وتدفع فأصبحت لا تضرّ ولا تنفع، قد تناصرت علينا الجلابيب -وكانوا يدعون كلّ حديث هجرةٍ الجلابيب-فقال عبد اللّه بن أبيٍّ عدوّ اللّه: [واللّه] لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ. قال مالك بن الدخشم -وكان من المنافقين-: أولم أقل لكم لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا. فسمع بذلك عمر بن الخطّاب، فأقبل يمشي حتّى جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، ائذن لي في هذا الرّجل الّذي قد أفتن النّاس، أضرب عنقه -يريد عمر عبد اللّه بن أبيٍّ-فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعمر: "أو قاتله أنت إن أمرتك بقتله؟ ". قال: عمر [نعم] واللّه لئن أمرتني بقتله لأضربنّ عنقه. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اجلس". فأقبل أسيد بن الحضير -وهو أحد الأنصار، ثمّ أحد بني عبد الأشهل-حتّى آتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، ائذن لي في هذا الرّجل الّذي قد أفتن النّاس [حتّى] أضرب عنقه. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أوقاتله أنت إن أمرتك بقتله؟ ". قال: نعم، واللّه لئن أمرتني بقتله لأضربنّ بالسّيف تحت قرط أذنيه. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اجلس". ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "آذنوا بالرحيل". فهجّر بالناس، فسار يومه وليلته والغد حتّى متع النّهار، ثمّ نزل. ثمّ هجّر بالنّاس مثلها، فصبح بالمدينة في ثلاثٍ سارها من قفا المشلّل فلمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة أرسل إلى عمر فدعاه، فقال له رسول اللّه: "أي عمر، أكنت قاتله لو أمرتك بقتله؟ " قال عمر: نعم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "واللّه لو قتلته يومئذٍ لأرغمت أنوف رجالٍ لو أمرتهم اليوم بقتله امتثلوه فيتحدّث الناس أنّي قد وقعت على أصحابي فأقتلهم صبرًا". وأنزل اللّه عزّ وجلّ: {هم الّذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا} إلى قوله: {لئن رجعنا إلى المدينة [ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل]} الآية.
وهذا سياقٌ غريبٌ، وفيه أشياء نفيسةٌ لا توجد إلّا فيه.
وقال محمّد بن إسحاق بن يسارٍ: حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة: أنّ عبد اللّه بن أبيٍّ -يعني لمّا بلغه ما كان من أمر أبيه-أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، إنّه بلغني أنّك تريد قتل عبد اللّه بن أبيّ فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلًا فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فواللّه لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجلٍ أبرّ بوالده منّي، إنّي أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد اللّه بن أبيٍّ يمشي في النّاس، فأقتله، فأقتل مؤمنًا بكافرٍ، فأدخل النّار. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "بل نترفّق به ونحسن صحبته، ما بقي معنا"
وذكر عكرمة وابن زيدٍ وغيرهما: أنّ النّاس لمّا قفلوا راجعين إلى المدينة، وقف عبد اللّه بن عبد اللّه هذا على باب المدينة، واستلّ سيفه، فجعل النّاس يمرّون عليه، فلمّا جاء أبوه عبد اللّه بن أبيٍّ قال له ابنه: وراءك. فقال: ما لك؟ ويلك. فقال: والله لا تجوز من هاهنا حتّى يأذن لك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّه العزيز وأنت الذّليل. فلمّا جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -وكان إنّما يسير ساقةً فشكا إليه عبد اللّه بن أبيٍّ ابنه، فقال ابنه عبد اللّه: واللّه يا رسول اللّه لا يدخلها حتّى تأذن له. فأذن له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: أما إذ أذن لك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فجز الآن.
وقال أبو بكرٍ عبد اللّه بن الزّبير في مسنده: حدّثنا سفيان بن عيينة، حدّثنا أبو هارون المدنيّ قال: قال عبد الله بن عبد الله ابن أبيّ بن سلولٍ لأبيه: واللّه لا تدخل المدينة أبدًا حتّى تقول: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الأعزّ وأنا الأذلّ. قال وجاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، إنّه بلغني أنّك تريد أن تقتل أبي، فوالّذي بعثك بالحقّ ما تأمّلت وجهه قطّ هيبةً له، لئن شئت أن آتيك برأسه لآتينّك، فإنّي أكره أن أرى قاتل أبي). [تفسير القرآن العظيم: 8/131-132]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir