وقولُه تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ}.أيْ: حُمِّلُوا القِيامَ بها واستعمالَها. وهو مِن الْحَمَالَةِ وليسَ مِن الْحَمْلِ؛ أيْ: ضَمِنُوا القِيامَ بها والعمَلَ بما فيها.
وقولُه: {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا}. أيْ: ضَيَّعُوها ولم يَعْمَلُوا بما فيها, {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} قَرأَ ابنُ مَسعودٍ: (كَمَثَلِ حِمَارٍ يَحْمِلُ أَسْفَاراً).
والأسفارُ جَمْعُ سِفْرٍ، والسِّفْرُ هو الكتابُ، فَجَعَلَ الكُفَّارَ لَمَّا ضَيَّعُوا كتابَ اللَّهِ ولم يَعْمَلُوا بما فيه مِثْلَ الْحُمُرِ تَحمِلُ الكتابَ ولا تَدرِي ما فيها.
وقولُه: {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ}. أي: بِئْسَ الْمَثَلُ مَثَلُ القومِ الذينَ كَذَّبُوا بآياتِ اللَّهِ.
وقولُه: {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. أي: الكافرِينَ.
قولُه تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا}. وفي بعضِ التفاسيرِ: أنَّ يَهودَ الْمَدينةِ بَعَثُوا إلى يَهودِ خَيْبَرَ يَسْأَلُونَهم عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فكَتَبَ يَهودُ خَيبرَ إلى يَهودِ المدينةِ وقالوا: إنَّا لا نَعرِفُ نَبِيًّا يَخرُجُ مِن العرَبِ، وإنَّ هذا الرجُلَ يُريدُ أنْ يَضَعَكم ويُصَغِّرَ شَأْنَكم, وأنتم أولياءُ اللَّهِ وأَحِبَّاؤُه فلا تَتَّبِعُوهُ. فأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى هذه الآيةَ.
وقولُه: {إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ} هو ما قُلْنَا.
وقولُه: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. أيْ: صَادِقِينَ أنَّكم أوْلياءُ اللَّهِ؛ فإنَّكُم إذا مِتُّمْ وصَلْتُمْ إلى كَرامةِ اللَّهِ وجَنَّتِه على زَعْمِكم، فتَمَنَّوْا لِتَصِلُوا.
وفي أكثرِ التفاسيرِ: أنَّ الآيةَ مُعجِزَةٌ للرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؛ فإنَّ اللَّهَ كانَ قدْ قَضَى أنَّهم لو تَمَنَّوْا مَاتُوا في وَقْتِهم ذلك، فلم يَتَمَنَّ أحَدٌ منهم، ففي صَرْفِهم عن التَّمَنِّي معَ حِرْصِهم على إظهارِ كَذِبِ الرسولِ، وفي عِلْمِهم أنَّهم لو تَمَنَّوْا مَاتُوا؛ دليلٌ بَيِّنٌ على صِدْقِ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ.
قولُه تعالى: {وَلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}. أخْبَرَ أنَّهم لا يَتَمَنَّوْنَ، ولم يَتَمَنَّ أحَدٌ منهم.
وقولُه: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}. أيْ: بظُلْمِهم على أنْفُسِهم بكِتْمَانِهم وصْفَ الرسولِ عليه الصلاةُ والسلامُ في كُتُبِهم.
قولُه تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ}. في الآيةِ دليلٌ على أنَّهم لو تَمَنَّوْا مَاتُوا، وأنَّهم لم يَتَمَنَّوْا؛ فِراراً مِن الموتِ.
وقولُه: {فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ}. أي: الموتُ مُلاَقِيكُم.
وقولُه: {ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}. أيْ: عالِمٌ بما ظَهَرَ وخَفِيَ.
وقولُه: {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. أيْ: بما عَمِلْتُمْ.