دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 04:50 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تفسير سورة الجمعة (الآيات: 5-8)

{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)}.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 12:19 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي

{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ *}.
لَمَّا ذَكَرَ تعالَى مِنَّتَه على هذه الأُمَّةِ الذينَ بَعَثَ فيهم النَّبِيَّ الأُمِّيَّ وما خَصَّهم اللَّهُ به مِن الْمَزَايا والْمَناقِبِ التي لا يَلْحَقُهم فيها أحَدٌ، وهم الأُمَّةُ الأُمِّيَّةُ، الذينَ فاقُوا الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ، حتى أهْلَ الكتابِ الذينَ يَزْعُمونَ أنَّهم العُلماءُ الرَّبَّانيُّونَ والأحبارُ الْمُتقَدِّمونَ ـ ذَكَرَ أنَّ الذينَ حَمَّلَهم اللَّهُ التوراةَ مِن اليَهودِ، وكذا النَّصارَى، وأَمَرَهم أنْ يَتعَلَّموها ويَعْمَلُوا بها، فلم يَحْمِلُوها، ولم يَقُوموا بما حُمِّلُوا به، أنَّهم لا فَضيلةَ لهم، وأنَّ مَثَلَهم كمَثلِ الحِمارِ الذي يَحْمِلُ فَوْقَ ظَهْرِه أَسفاراً مِن كُتُبِ العِلْمِ، فهل يَسْتَفِيدُ ذلكَ الْحِمارُ مِن تِلكَ الكُتُبِ التي فَوْقَ ظهْرِه؟!
وهل تَلْحَقُه فَضيلةٌ بسببِ ذلك؟! أمْ حَظُّه مِنها حَمْلُها فقَطْ؟
فهذا مِثلُ عُلماءِ أهْلِ الكتابِ، الذينَ لم يَعْمَلُوا بما في التوراةِ الذي مِن أجَلِّه وأَعْظَمِه الأمرُ باتِّباعِ محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، والبِشارةُ به، والإيمانُ بما جاءَ به مِن القرآنِ.
فهل استفادَ مَن هذا وصْفُه مِن التوراةِ إلاَّ الْخَيْبَةَ والْخُسرانَ وإقامةَ الْحُجَّةِ عليه؟!
فهذا الْمَثَلُ مُطابِقٌ لأَحوالِهم، {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا} بآياتِنا الدالَّةِ على صِدْقِ رَسولِنا وصِحَّةِ ما جاءَ به، {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}؛ أيْ: لا يُرْشِدُهم إلى مَصالِحِهم ما دَامَ الظُّلْمُ لهم وَصْفاً والعنادُ لهم نَعْتاً.

(6) ومِن ظُلْمِ اليَهودِ وعِنادِهم أنَّهم يَعْلَمُونَ أنَّهم على باطِلٍ ويَزعُمُونَ أنَّهم على حَقٍّ، وأنَّهم أَولياءُ لِلَّهِ مِن دُونِ الناسِ!
ولهذا أمَرَ اللَّهُ رَسولَه أنْ يَقولَ لهم: إنْ كُنْتُمْ صادقِينَ في زَعْمِكم أنَّكم على الحقِّ وأولياءُ اللَّهِ {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ}، وهذا أمْرٌ خَفيفٌ؛ فإنَّهم لو عَلِمُوا أنَّهم على حَقٍّ لَمَا تَوَقَّفُوا عن هذا التَّحَدِّي الذي جَعَلَه اللَّهُ دَليلاً على صِدْقِهم إنْ تَمَنَّوْهُ، وكَذِبِهم إنْ لم يَتَمَنَّوْهُ.

(7) ولَمَّا لم يَقَعْ مِنهم معَ الإعلانِ لهم بذلك، عُلِمَ أنَّهم عالِمونَ ببُطلانِ ما هم عليهِ وفَسادِه.
ولهذا قالَ: {وَلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}؛ أيْ: مِن الذُّنوبِ والمعاصِي التي يَستوحِشُونَ مِن الموتِ مِن أَجْلِها، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}, فلا يُمْكِنُ أنْ يَخْفَى عليهِ مِن ظُلْمِهم شيءٌ.

(8) هذا وإنْ كانوا لا يَتَمَنَّوْنَ المَوْتَ بما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِم، بل يَفِرُّونَ منه غايةَ الفِرارِ؛ فإنَّ ذلك لا يُنْجِيهِم، بلْ لا بُدَّ أنْ يُلاقِيَهم الموتُ الذي قدْ حَتَمَهُ اللَّهُ على العِبادِ وكَتَبَه عليهم، ثم بعدَ الموتِ واستكمالِ الآجالِ يُرَدُّ الخَلْقُ كلُّهم يومَ القِيامةِ إلى عالِمِ الغَيبِ والشَّهادةِ فيُنَبِّئُهم بما كانوا يَعْمَلُونَ مِن خيرٍ وشَرٍّ قليلٍ وكثيرٍ.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 02:22 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر

5-{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ} هذا الْمَثَلُ ضَرَبَه سبحانَه لليهودِ الذين تَرَكوا العمَلَ بالتوراةِ، أيْ: كُلِّفُوا القِيامَ بها والعمَلَ بما فيها {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} أيْ: لم يَعمَلُوا بِمُوجَبِها، ولا أَطاعوا ما أُمِرُوا به فيها.
{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} الأسفارُ: جَمْعُ سِفْرٍ، وهو الكتابُ الكبِيرُ، فالْحِمارُ لا يَدْرِي أسِفْرٌ على ظَهْرِه أمْ زبلٌ؟
{بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} أيْ: هذا الْمُشَبَّهُ به وهو الحمارُ، الذي يُشبِهُه اليهودُ بحقٍّ، هو أَقْبَحُ ما يُمَثَّلُ به للمُكَذِّبِينَ، أيْ: فلا تَكونوا أيُّها المسلِمونَ مثْلَهم، قَدَّمَ هذا تَحذيرًا للذينَ تَرَكُوا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الْمِنْبَرِ قائماً يَخطُبُ وذَهَبوا إلى التجارةِ.
وشَبيهٌ به كلُّ مَن أعْرَضَ عن الْخُطبةِ وهو يَسْمَعُها كما في الحديثِ: ((مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً، وَالَّذِي يَقُولُ لَهُ: أَنْصِتْ. لَيْسَ لَهُ جُمُعَةٌ)).

6-{قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ} المرادُ بالذين هادُوا الذينَ تَهَوَّدُوا، وذلك أنَّ اليهودَ ادَّعَوُا الفَضيلةَ على الناسِ، وأنهم أولياءُ اللهِ مِن دُونِ الناسِ، وأَبناءُ اللهِ وأَحِبَّاؤُه،فأمَرَ اللهُ سبحانَه رسولَه أنْ يَقولَ لهم لَمَّا ادَّعَوْا هذه الدَّعْوى الباطلةَ.
{فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} لتَصِيرُوا إلى الكَرامةِ في زَعْمِكم.
{إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} في هذا الزعْمِ، فإنَّ مَن عَلِمَ أنه مِن أهْلِ الجنَّةِ أحَبَّ الْخُلوصَ مِن هذه الدارِ.

7-{وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} بسببِ ما عَمِلُوا مِن الكفْرِ والمعاصِي، والتحريفِ والتبديلِ, {وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.

8-{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} أيْ: هو آتٍ إليكم مِن الْجِهَةِ التي أنتم فارُّونَ إليها، وسيُقَابِلُكم وَجْهاً لوجهٍ.
{ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} وذلك يومَ القِيامةِ.
{فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} مِن الأعمالِ القَبيحةِ، ويُجازِيكُم عليها.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 08:47 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

وقولُه تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ}.أيْ: حُمِّلُوا القِيامَ بها واستعمالَها. وهو مِن الْحَمَالَةِ وليسَ مِن الْحَمْلِ؛ أيْ: ضَمِنُوا القِيامَ بها والعمَلَ بما فيها.
وقولُه: {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا}. أيْ: ضَيَّعُوها ولم يَعْمَلُوا بما فيها, {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} قَرأَ ابنُ مَسعودٍ: (كَمَثَلِ حِمَارٍ يَحْمِلُ أَسْفَاراً).
والأسفارُ جَمْعُ سِفْرٍ، والسِّفْرُ هو الكتابُ، فَجَعَلَ الكُفَّارَ لَمَّا ضَيَّعُوا كتابَ اللَّهِ ولم يَعْمَلُوا بما فيه مِثْلَ الْحُمُرِ تَحمِلُ الكتابَ ولا تَدرِي ما فيها.
وقولُه: {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ}. أي: بِئْسَ الْمَثَلُ مَثَلُ القومِ الذينَ كَذَّبُوا بآياتِ اللَّهِ.
وقولُه: {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. أي: الكافرِينَ.
قولُه تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا}. وفي بعضِ التفاسيرِ: أنَّ يَهودَ الْمَدينةِ بَعَثُوا إلى يَهودِ خَيْبَرَ يَسْأَلُونَهم عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فكَتَبَ يَهودُ خَيبرَ إلى يَهودِ المدينةِ وقالوا: إنَّا لا نَعرِفُ نَبِيًّا يَخرُجُ مِن العرَبِ، وإنَّ هذا الرجُلَ يُريدُ أنْ يَضَعَكم ويُصَغِّرَ شَأْنَكم, وأنتم أولياءُ اللَّهِ وأَحِبَّاؤُه فلا تَتَّبِعُوهُ. فأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى هذه الآيةَ.
وقولُه: {إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ} هو ما قُلْنَا.
وقولُه: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. أيْ: صَادِقِينَ أنَّكم أوْلياءُ اللَّهِ؛ فإنَّكُم إذا مِتُّمْ وصَلْتُمْ إلى كَرامةِ اللَّهِ وجَنَّتِه على زَعْمِكم، فتَمَنَّوْا لِتَصِلُوا.
وفي أكثرِ التفاسيرِ: أنَّ الآيةَ مُعجِزَةٌ للرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؛ فإنَّ اللَّهَ كانَ قدْ قَضَى أنَّهم لو تَمَنَّوْا مَاتُوا في وَقْتِهم ذلك، فلم يَتَمَنَّ أحَدٌ منهم، ففي صَرْفِهم عن التَّمَنِّي معَ حِرْصِهم على إظهارِ كَذِبِ الرسولِ، وفي عِلْمِهم أنَّهم لو تَمَنَّوْا مَاتُوا؛ دليلٌ بَيِّنٌ على صِدْقِ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ.
قولُه تعالى: {وَلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}. أخْبَرَ أنَّهم لا يَتَمَنَّوْنَ، ولم يَتَمَنَّ أحَدٌ منهم.
وقولُه: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}. أيْ: بظُلْمِهم على أنْفُسِهم بكِتْمَانِهم وصْفَ الرسولِ عليه الصلاةُ والسلامُ في كُتُبِهم.
قولُه تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ}. في الآيةِ دليلٌ على أنَّهم لو تَمَنَّوْا مَاتُوا، وأنَّهم لم يَتَمَنَّوْا؛ فِراراً مِن الموتِ.
وقولُه: {فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ}. أي: الموتُ مُلاَقِيكُم.
وقولُه: {ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}. أيْ: عالِمٌ بما ظَهَرَ وخَفِيَ.
وقولُه: {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. أيْ: بما عَمِلْتُمْ.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 03:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({مثل الّذين حمّلوا التّوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا بئس مثل القوم الّذين كذّبوا بآيات اللّه واللّه لا يهدي القوم الظّالمين (5) قل يا أيّها الّذين هادوا إن زعمتم أنّكم أولياء للّه من دون النّاس فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين (6) ولا يتمنّونه أبدًا بما قدّمت أيديهم واللّه عليمٌ بالظّالمين (7) قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم ثمّ تردّون إلى عالم الغيب والشّهادة فينبّئكم بما كنتم تعملون (8) }
يقول تعالى ذامًّا لليهود الّذين أعطوا التّوراة وحملوها للعمل بها، فلم يعملوا بها، مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارًا، أي: كمثل الحمار إذا حمّل كتبًا لا يدري ما فيها، فهو يحملها حملًا حسّيًّا ولا يدري ما عليه. وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الّذي أوتوه، حفظوه لفظًا ولم يفهموه ولا عملوا بمقتضاه، بل أوّلوه وحرّفوه وبدّلوه، فهم أسوأ حالًا من الحمير؛ لأنّ الحمار لا فهم له، وهؤلاء لهم فهومٌ لم يستعملوها؛ ولهذا قال في الآية الأخرى: {أولئك كالأنعام بل هم أضلّ أولئك هم الغافلون} [الأعراف: 179] وقال هاهنا: {بئس مثل القوم الّذين كذّبوا بآيات اللّه واللّه لا يهدي القوم الظّالمين}
وقال الإمام أحمد رحمه اللّه: حدّثنا ابن نمير، عن مجالدٍ، عن الشّعبيّ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من تكلّم يوم الجمعة والإمام يخطب، فهو كمثل الحمار يحمل أسفارًا، والّذي يقول له "أنصت"، ليس له جمعة".
ثمّ قال تعالى: {قل يا أيّها الّذين هادوا إن زعمتم أنّكم أولياء للّه من دون النّاس فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين} أي: إن كنتم تزعمون أنّكم على هدًى، وأنّ محمّدًا وأصحابه على ضلالةٍ، فادعوا بالموت على الضّالّ من الفئتين {إن كنتم صادقين} فيما تزعمونه.
قال اللّه تعالى: {ولا يتمنّونه أبدًا بما قدّمت أيديهم} أي: بما يعلمون لهم من الكفر والظّلم والفجور، {واللّه عليمٌ بالظّالمين} وقد قدّمنا في سورة "البقرة" الكلام على هذه المباهلة لليهود، حيث قال تعالى: {قل إن كانت لكم الدّار الآخرة عند اللّه خالصةً من دون النّاس فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنّوه أبدًا بما قدّمت أيديهم واللّه عليمٌ بالظّالمين ولتجدنّهم أحرص النّاس على حياةٍ ومن الّذين أشركوا يودّ أحدهم لو يعمّر ألف سنةٍ وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر واللّه بصيرٌ بما يعملون} [البقرة: 94 -96] وقد أسلفنا الكلام هناك وبيّنّا أنّ المراد أن يدعوا على الضّالّ من أنفسهم أو خصومهم، كما تقدّمت مباهلة النّصارى في آل عمران: {فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين} [آل عمران: 61] ومباهلة المشركين في سورة مريم: {قل من كان في الضّلالة فليمدد له الرّحمن مدًّا} [مريم: 75]
وقد قال الإمام أحمد: حدّثنا إسماعيل بن يزيد الرّقّيّ أبو يزيد، حدّثنا فراتٌ، عن عبد الكريم بن مالكٍ الجزريّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: قال أبو جهلٍ لعنه اللّه: إن رأيت محمّدًا عند الكعبة لآتينّه حتّى أطأ على عنقه. قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو فعل لأخذته الملائكة عيانًا، ولو أنّ اليهود تمنّوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النّار. ولو خرج الّذين يباهلون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لرجعوا لا يجدون مالًا ولا أهلًا.
رواه البخاريّ والتّرمذيّ، والنّسائيّ، من حديث عبد الرّزّاق عن معمرٍ، عن عبد الكريم، [به] قال البخاريّ: "وتبعه عمرو بن خالدٍ، عن عبيد اللّه بن عمرٍو، عن عبد الكريم". ورواه النّسائيّ، أيضًا عن عبد الرّحمن بن عبد اللّه الحلبي، عن عبيد اللّه بن عمرٍو الرّقّيّ، به أتمّ
وقوله تعالى: {قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم ثمّ تردّون إلى عالم الغيب والشّهادة فينبّئكم بما كنتم تعملون} كقوله تعالى في سورة النّساء: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيّدةٍ} [النّساء: 78]
وفي معجم الطّبرانيّ من حديث معاذ محمّد بن محمّدٍ الهذليّ، عن يونس، عن الحسن، عن سمرة مرفوعًا: "مثل الّذي يفرّ من الموت كمثل الثّعلب تطلبه الأرض بدينٍ، فجاء يسعى حتّى إذا أعيا وانبهر دخل جحره، فقالت له الأرض: يا ثعلب ديني. فخرج له حصاص، فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه، فمات"). [تفسير القرآن العظيم: 8/117-119]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir