792- وعن سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ ـ قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: ((مَنْ أَحَاطَ حَائِطاً عَلَى أَرْضٍ فَهِيَ لَهُ)). رواهُ أبو دَاوُدَ، وصَحَّحَهُ ابنُ الجَارُودِ.
_______________________________________________________
دَرَجَةُ الحديثِ:
الحديثُ صَحِيحٌ.
قالَ في (التَّلْخِيصِ): حَدِيثُ سَمُرَةَ رَواهُ أَحْمَدُ، وأبو دَاوُدَ عنه، والطَّبَرانِيُّ والبَيْهَقِيُّ مِن حديثِ الحَسَنِ عنه، وفي صِحَّةِ سَماعِهِ منه خِلافٌ.
ورواهُ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ من طريقِ سُلَيْمَانَ اليَشْكُرِيِّ عن جابِرٍ، وسَكَتَ عنه الحَافِظُ في (التَّلْخِيصِ)، وصَحَّحَهُ السيوطيُّ في (الجامعِ الصَّغِيرِ).
ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1- الحديثُ يَدُلُّ على أحَدِ أنواعِ الإحياءِ، وهو إحاطةُ الأرضِ المَوَاتِ بحائِطٍ يَمْنَعُ الحيواناتِ مِن القَفْزِ مِن أعلاهُ، فمَن أَحَاطَ أَرْضاً بجِدَارٍ مَنِيعٍ؛ فَقَدْ أَحْيَا تِلْكَ الأرضَ.
2- وإذا أَحْيَا الأَرْضَ فَقَدْ مُلِّكَها مِلْكاً شَرْعِيًّا؛ لقولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: ((فَهِيَ لَهُ)).
3- قالَ الفُقَهاءُ: مَن أَحَاطَ مَوَاتاً بأنْ أَدَارَ حَوْلَه حَائِطاً مَنِيعاً بما جَرَتْ به عادَةُ أهلِ البَلَدِ بالبناءِ مِن لَبِنٍ أو طُوبٍ أو حَجَرٍ أو قَصَبٍ أو خَشَبٍ ونحوِه؛ فقدْ أحياهُ, سَواءٌ أَرادَها للبناءِ أو غَيْرِه.
والمِقْدَارُ المُعْتَبَرُ ما يُسَمَّى حَائِطاً في اللُّغَةِ.
قالَ الطِّيبِيُّ في (شَرْحِ المِشْكَاةِ): قولُه: ((أَحَاطَ)) يَدُلُّ على أنَّه بَنَى حَائِطاً مَانِعاً مُحِيطاً بما يَتَوسَّطُه من الأشياءِ.
والعَمَلُ في المَحاكِمِ في المملكةِ أنَّه إذا كانَ ارتفاعُ الجِدارِ مِتْراً ونِصْفَ المِتْرِ فهو إحياءٌ؛ لأنه مَنِيعٌ، وما كانَ دونَ ذلك فهو تَحَجُّرٌ، وليسَ إحياءً.
4- وإِحَاطَةُ الأرضِ المَوَاتِ بالجِدارِ المَنيعِ يُعْتَبَرُ إحياءً، ولو لم يُرِدْها للبناءِ، فمُجَرَّدُ الإحاطةِ كَافٍ في الإحياءِ والمِلْكِ.