دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 10:55 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الأولى بالإمامة

( فصلٌ ) الأَوْلَى بالإمامَةِ الأقرأُ العالِمُ فقهَ صلاتِه، ثم الأَفْقَهُ، ثم الأَسَنُّ، ثم الأشرفُ، ثم الأقدمُ هجرةً، ثم الأَتْقَى ثم مَن قَرَعَ، وساكنُ البيتِ وإمامُ المسجِدِ أحقُّ إلا من ذي سُلطانٍ، وحُرٌّ وحاضرٌ ومقيمٌ وبَصيرٌ ومختونٌ ومَن له ثيابٌ أَوْلَى من ضِدِّهِم.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 07:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 07:29 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


فَصْلٌ
في أَحْكَامِ الإمَامَةِ
(الأَوْلَى بالإمَامَةِ الأَقْرَأُ) جَوْدَةً, (العَالِمُ فِقْهَ صَلاتِه)؛ لقَوْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُم لِكِتَابِ اللَّهِ, فَإِنْ كَانُوا فِي القِرَاءَةِ سَوَاءً, فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً, فأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الهِجْرَةِ سَوَاءً, فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا)) رواهُ مُسْلِمٌ.
(ثُمَّ) إن استَوَوْا في القِرَاءَةِ (الأَفْقَهُ)؛ لِمَا تَقَدَّمَ، فإن اجتمَعَ فَقِيهَانِ قَارِئَانِ, وأَحَدُهُمَا أَفْقَهُ أو أَقْرَأُ, قُدِّمَ، فإن كانَا قَارِئَيْنِ, قُدِّمَ أَجْوَدُهُمَا قِرَاءةً, ثُمَّ أَكْثَرُهُما قُرْآناً, ويُقَدَّمُ قَارِئٌ لا يَعْرِفُ أَحْكَامَ صَلاتِه على فَقِيهٍ أُمِّيٍّ، وإن اجتمعَ فَقِيهَانِ, أَحَدُهُمَا أَعْلَمُ بأَحْكَامِ الصَّلاةِ, قُدِّمَ؛ لأنَّ عِلْمَهُ يُؤَثِّرُ في تَكْمِيلِ الصَّلاةِ، (ثُمَّ) إن استَوَوْا في القِرَاءَةِ والفِقْهِ (الأَسَنُّ)؛ لقَوْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((وَلْيَؤُمُّكُمْ أَكْبَرُكُمْ)). مُتَّفَقٌ عليه.
(ثُمَّ) معَ الاستِوَاءِ في السِّنِّ (الأَشْرَفُ), وهو القُرَشِيُّ, وتُقَدَّمُ بَنُو هَاشِمٍ على سَائِرِ قُرَيْشٍ إِلْحَاقاً للإمامَةِ الصُّغْرَى بالكُبْرَى؛ ولقَوْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((قَدِّمُوا قُرَيْشاً ولا تَقَدَّمُوهَا)).
(ثُمَّ الأَقْدَمُ هِجْرَةً) أو إِسْلاماً, (ثُمَّ) معَ الاستِوَاءِ فيما تَقَدَّمَ (الأَتْقَى)؛ لقَوْلِه تعالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. (ثُمَّ) إنِ استَوَوْا فِي الكُلِّ, يُقَدَّمُ (مَن قُرِعَ) إن تَشَاحُّوا؛ لأنَّهم تَسَاوَوْا في الاستِحْقَاقِ وتَعَذَّرَ الجَمْعُ, فأُقْرِعَ بَيْنَهُم كسَائِرِ الحُقُوقِ.
(وسَاكِنُ البَيْتِ وإِمَامُ المَسْجِدِ أَحَقُّ) إذا كانَا أَهْلاً للإمامَةِ ممَّنْ حَضَرَهُم, ولو كانَ في الحَاضِرِينَ مَن هو أَقْرَأُ أو أَفْقَهُ؛ لقَوْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((لاَ يُؤَمَّنَّ الرَّجُلُ في بَيْتِه ولا في سُلْطَانِه)). رواه أَبُو دَاوُدَ عن ابنِ مَسْعُودٍ. (إلاَّ مِن ذِي سُلْطَانٍ), فيُقَدَّمُ علَيْهِما؛ لعُمُومِ وَلايَتِه، ولِمَا تَقَدَّمَ مِن الحَدِيثِ، والسَّيِّدُ أَوْلَى بالإمَامَةِ في بَيْتِ عَبْدِه؛ لأنَّه صَاحِبُ البَيْتِ.
(وحُرٌّ) بالرَّفْعِ على الابتِدَاءِ, (وحَاضِرٌ)؛ أي: حَضَرِيٌّ, وهو النَّاشِئُ فِي المُدُنِ والقُرَى, (ومُقِيمٌ وبَصِيرٌ ومَخْتُونٌ)؛ أي: مَقْطُوعُ القُلْفَةِ, (ومَن له ثِيَابٌ)؛ أي: ثَوْبَانِ وما يَسْتُرُ به رَأْسَهُ- (أَوْلَى مِن ضِّدِّهِم)؛ خَبَرٌ عَن (حُرٌّ) وما عُطِفَ عليهِ؛ فالحُرُّ أَوْلَى مِنَ العَبْدِ, والمُبَعَّضُ والحَضَرِيُّ أَوْلَى مِن البَدَوِيِّ النَّاشِئِ بالبَادِيَةِ, والمُقِيمُ أَوْلَى مِن المُسَافِرِ؛ لأنَّه رُبَّمَا يَقْصُرُ فيَفُوتُ المَأْمُومِينَ بَعْضُ الصَّلاةِ في جَمَاعَةٍ.
وبَصِيرٌ أَوْلَى مِن أَعْمَى، ومَخْتُونٌ أَوْلَى مِن أَقْلَفَ، ومَن له مِن الثِّيَابِ ما ذُكِرَ أَوْلَى مِن مَسْتُورِ العَوْرَةِ معَ أَحَدِ العَاتِقَيْنِ فَقَطْ، وكذا المُبَعَّضُ أَوْلَى مِن العَبْدِ، والمُتَوَضِّئُ أَوْلَى مِن المُتَيَمِّمِ، والمُسْتَأْجِرُ فِي البَيْتِ المُؤَجَّرِ أَوْلَى مِن المُؤَجِّرِ، والمُعِيرُ أَوْلَى مِن المُسْتَعِيرِ، وتُكْرَهُ إِمَامَةُ غَيْرِ الأَوْلَى بلا إِذْنِه؛ لحديثِ: ((إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ القَوْمَ وفِيهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ, لَمْ يَزَالُوا فِي سَفَالٍ)). ذَكَرَهُ أَحْمَدُ في رِسَالَتِه. إِلاَّ إِمَامَ المَسْجِدِ وصَاحِبَ البَيْتِ فتَحْرُمُ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 07:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل في أحكام الإمامة([1])


(الأولى بالإمامة الأقرأ) جودة([2]) (العالم فقه صلاته)([3]).لقوله عليه الصلاة والسلام: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنًا» رواه مسلم([4]) (ثم) إن استووا في القراءة (الأفقه) لما تقدم([5]).فإن اجتمع فقيهان قارئان، وأحدهما أفقه أو أقرأ قدم([6]) فإن كانا قارئين قدم أجودهما قراءة([7]) ثم أكثرهما قرآنا([8]) ويقدم قارئ لا يعرف أحكام صلاته على فقيه أمي([9]) وإن اجتمع فقيهان أحدهما أعلم بأحكام الصلاة قدم، لأن علمه يؤثر في تكميل الصلاة([10]).(ثم) إن استووا في القراءة والفقه (الأسن)([11]) لقوله عليه الصلاة والسلام «وليؤمكم أكبركم» متفق عليه([12]).(ثم) مع الاستواء في السن (الأشرف) وهو القرشي([13]) وتقدم بنو هاشم على سائر قريش([14]) إلحاقًا للإمامة الصغرى بالكبرى([15]) ولقوله عليه الصلاة والسلام: «قدموا قريشًا ولا تقدموها»([16]).(ثم الأقدم هجرة)([17]) أو إسلامًا([18]) (ثم) مع الاستواء فيما تقدم (الأتقى)([19]).
لقوله تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}([20]).(ثم) إن استووا في الكل يقدم (من قرع) إن تشاحوا([21]) لأنهم تساووا في الاستحقاق وتعذر الجمع فأقرع بينهم، كسائر الحقوق([22]) (وساكن البيت، وإمام المسجد أحق) إذا كان أهلًا للإمامة ممن حضرهم([23]) ولو كان في الحاضرين من هو أقرأ أو أفقه([24]) لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن الرجل الرجل في بيته، ولا في سلطانه» رواه أبو داود عن ابن مسعود([25]).(إلا من ذي سلطان) فيقدم عليهما لعموم ولايته، ولما تقدم من الحديث([26]).والسيد أولى بالإمامة في بيت عبده، لأنه صاحب البيت([27]) (وحر) بالرفع على الابتداء([28]) (وحاضر) أي حضري، وهو الناشئ في المدن والقرى([29]) (ومقيم وبصير ومختون) أي مقطوع القلفة([30]) و(ومن له ثياب) أي ثوبان وما يستر به رأسه([31]) (أولى من ضدهم) خبر عن حر وما عطف عليه([32]).فالحر أولى من العبد والمبعض([33]) والحضري أولى من البدوي الناشئ بالبادية([34]) والمقيم أولى من المسافر لأنه ربما يقصر، فيفوت المأمومين بعض الصلاة في جماعة([35]).
وبصير أولى من أعمى([36]) ومختون أولى من أقلف([37])، ومن له من الثياب ما ذكر، أولى من مستور العورة مع أحد العاتقين فقط([38]) وكذا المبعض أولى من العبد([39]) والمتوضئ أولى من المتيمم([40]).والمستأجر في البيت أولى من المؤجر([41]) والمعير أولى من المستعير([42]) وتكره إمامة غير الأولى بلا إذنه([43]) لحديث «إذا أم الرجل القوم وفيهم من هو خير منه لم يزلوا في سفال»، ذكره أحمد في رسالته([44]) إلا إمام المسجد، وصاحب البيت، فتحرم([45])




([1]) الإمامة مصدر: أم الناس صار لهم إمامًا يتبعونه في صلاته، وفضلها مشهور، تولاها النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه، ولا يختارون إلا الأفضل فالأفضل فعلها، وله أجر بذلك لما في الحديث «ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة رجل أم قومًا وهم به راضون»، الحديث، وحديث «له من الأجر مثل أجر من صلى خلفه»، ويجوز طلبها، لقوله: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال: «أنت إمامهم واقتد بأضعفهم»، وليس من طلب الرياسة المكروهة، فإن ذلك مما يتعلق برياسة الدنيا التي لا يعان من طلبها، ولا يستحق أن يعطاها، ويشهد له عموم قوله {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}

([2]) مصدر جاد بمعنى جيد، أي يقدم على غيره، تقديم استحباب، وإن لم يكن فقيها، قيل لأنه أعظم أجرًا، والمراد بالأقرأ جودة الذي يجيد قراءته أكثر من غيره، بأن يعرف مخارج الحروف، ولا يلحن فيها، على ما اقتضته طبيعة القارئ، من غير تكلف، لا الوسوسة والتكلف في خروج الحروف، وترقيقها وتفخيمها وإمالتها، والتمطيط المخرج له من حدوده، ونص ابن القيم وغيره على أن الأئمة كرهوا التنطع والغلو في النطق بالحروف، وأنها لم تكن متكلفة كما يتكلفها أهل الأمصار اليوم، وذكر غير واحد أنها قراءة محدثة.

([3]) كشروطها وأركانها وواجباتها، ومبطلاتها ونحو ذلك، قال الحافظ: لا يخفى أن محل تقديم الأقرأ إنما هو حيث يكون عارفا بما يتعين معرفته، من أحوال الصلاة، أما إذا كان جاهلا فلا يقدم اتفاقًا.

([4]) من حديث أبي مسعود البدري، وله من حديث أبي سعيد مرفوعًا، قال: «إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم» وفي الصحيح عن عمرو بن سلمة «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا» ولأبي داود من حديث ابن عباس «ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم أقرؤكم»، وفي الصحيح عن ابن عمر: لما قدم المهاجرون الأولون كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وفيهم عمر، ولأبي داود وغيره، وأبو سلمة ففيه وما قبله دلالة قوية على تقديم الأقرأ قال شيخ الإسلام، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالفضيلة بالعلم بالكتاب والسنة، فإن استووا في العلم قدم بالسبق إلى العمل الصالح، وقدم بالسابق باختياره - وهو المهاجر - على من سبق بخلق الله وهو الكبير السن، وقدم في الإقناع والمنتهى الأقرأ الأفقه، لجمعه بين المرتبتين في القراءة والفقه، وإنما قدم النبي صلى الله عليه وسلم الأقرأ لأنه في زمانه كان أفقه، وقدم أبا بكر على من هو أقرأ منه كزيد وأبي زيد وأبي ومعاذ.

([5]) أي يقدم الأفقه لما تقدم من قوله :صلى الله عليه وسلم «فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة»، أي أفقههم في دين الله، قال الزركشي: لا نزاع بين العلماء أنه يقدم بعد الأقرأ الأفقه، ولو قدم الأفقه على الإقرأ جاز، قال أبو محمد: لا أعلم فيه خلافًا، إذ الأمر فيه أمر إرشاد.

([6]) أي الأقرأ من الفقيهين القارئين أو الأفقه منهما، لقوله: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» ومن شرط الأقرأ أن يكون عالما فقه صلاته، حافظا للفاتحة، ولو كان أحد الفقيهين أفقه، أو أعلم بأحكام الصلاة قدم، أما لو تعارض فضل القراءة وفضل الفقه قدم الأفقه، لأن احتياج المصلي إلى الفقه أكثر من احتياجه إلى القراءة، لأن ما يجب في الصلاة من القراءة محصور، وما يقع فيها من الحوادث غير محصور، ولما تقدم من تقديم الصديق.

([7]) أي الأحسن تجويدا للقرآن، لأنه أعظم أجرا، لحديث: «من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات، ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة» صححه الترمذي، وقال أبو بكر وعمر، إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه، وإن لم يكن فقيها، إن كان يعرف فقه صلاته.

([8]) يعني مع الاستواء في الجودة يقدم الأكثر قرآنًا الفقيه، لفضله بكثرة أخذ القرآن، ثم يليه قارئ أفقه، ثم قارئ فقيه، ثم قارئ عالم فقه صلاته من شروطها وأركانها وواجباتها ومبطلاتها ونحو ذلك كما تقدم.

([9]) أي لا يحسن الفاتحة، أو يدغم فيها كما يأتي، لأنها ركن في الصلاة، بخلاف معرفة أحكامها، ولو لم يأت بها إلا عادة.

([10]) قال شيخ الإسلام: إذا كان رجلان من أهل الديانة، فأيهما كان أعلم بالكتاب والسنة وجب تقديمه على الآخر، وكان ائتمامه به متعينا.

([11]) أي قدم الأسن، وهو الأكبر سنا، لأن كبر السن في الإسلام فضيلة يرجع إليها.

([12]) من حديث مالك بن الحويرث، ولأنه أقرب إلى الخشوع، وإجابة الدعاء ولمسلم «وكان متقاربين في القراءة» ولأبي داود «في العلم».

([13]) أي يقدم الأشرف نسبا، وهو القرشي من ولد النضر، سموا قريشًا لتجمعهم في الحرم، وقيل: غير ذلك والشرف العلو والمجد، أو لا يكون إلا بالآباء، يقال: رجل شريف، وماجد له آباء متقدمون في الشرف، وشرف يشرف شرفًا، علا في دين أو دنيا، وقال أبو محمد وغيره: أشرفهم أعلاهم نسبًا، وأفضلهم في نفسه، وأعلاهم قدرًا، وأشرف الناس قريش، وفي الحديث: «إن الله اصطفى قريشًا» وفيه «فأنا خيار من خيار»، وفي مجمع البحرين: الشرف الأقرب فالأقرب منه صلى الله عليه وسلم فيقدم العرب على غيرهم، ثم قريش ثم بنو هاشم، وكذلك أبدًا.

([14]) لقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم على من سواهم، كبني عبد شمس ونوفل ويأتي.

([15]) وهي الخلافة.

([16]) رواه أحمد وغيره عـن ابن شهاب، وابـن عدي عـن أبي هـريرة والبزار عن علي وقال الحافظ بإسناد صحيح لكنه مرسل، وله شواهد وفي الصحيحين وغيرهما «لا يزال هذا الأمر في قريش» «الناس تبع لقريش»، ولأحمد وغيره «الأئمة من قريش»، وعليه فيقدمون في الإمامة، وقال شيخ الإسلام، ولا يقدم في الإمامة بالنسب وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد لقوله:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} ويجب تقديم من قدمه الله ورسوله، ولو كان بخلاف شرط الواقف فلا يلتفت لشرط يخالف شرط الله ورسوله، وفي المقنع وغيره: ثم أقدمهم هجرة، ثم أشرفهم، واختاره الشيخ، وجمع، وقيل: يقدم الأتقى على الأشرف، واختاره الشيخ وصوبه في الإنصاف.

([17]) يعني بنفسه لا بآبائه وهو سبقه إلى دار الإسلام مسلمًا، والهجرة الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، والمهاجرة من أرض إلى أرض ترك الأولى للثانية، وقوله: «لا هجرة بعد الفتح»، يعني من مكة إذ ذاك بعد أن صارت دار إسلام، وإلا فـ «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها»، وظاهر كلام أحمد تقديم الأقدم هجرة على الأسن، واختاره الموفق وغيره، وقدمه في الكافي، وصححه الشارح، وجزم به جمع للأخبار.

([18]) أي يقدم من تقدم إسلامه على من تأخر، لما في صحيح مسلم وغيره «فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلمًا» أي إسلاما.

([19]) والأورع فيقدم على الأعمر للمسجد، لأن مقصوده الصلاة هو الخضوع، ورجاء إجابة الدعاء والأتقى والأورع أقرب إلى ذلك والتقوى كلمة جامعة لخصال الخير، وقال بعضهم، التقوى ترك ما لا بأس به حذرًا مما به بأس، وهو أعلى مراتبها، وأدناها توقي الشرك، وأوسطها اتباع الأوامر، واجتناب النواهيوالورع اجتناب الشبهات والشهوات خوفًا من الله وفي الأصل: الكف، وقال ابن القيم: الفرق بين الزهد والورع أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما يخشى ضرره في الأخرة، قال في الإقناع، ثم من يختاره الجيران المصلون، وكان أعمر للمسجد، وذكره الشارح وغيره، والمذهب ما ذكره تبعا للمقنع وغيره.

([20]) أي إنما تفاضلون بالتقوى، لا بالأحساب.

([21]) أي عليه، حذر فواته، فمن خرجت له القرعة قدم فهو الأحق.

([22]) أي المتشاح فيها، فإنها عند التشاح وعدم المرجح يقرع بينهم، والقرعة جاء بها الشرع، حتى أقرع النبي صلى الله عليه وسلم بين نسائه.

([23]) بشرط أن تصح إمامته بهم، وأحق أي مستحق لها.

([24]) أي من ساكن البيت، وإمام المسجد، قال في الشرح والمبدع: بغير خلاف نعلمه.

([25]) صوابه عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، رواه أبو داود وغيره من طريقين وهو في صحيح مسلم من حديث أبي مسعود بلفظ: «ولا يؤمن الرجـلالرجل في بيته ولا في سلطانه إلا بإذنه» وسلطان محل ولايته، ومظهر سلطانه أو فيما يملكه، ولأبي د داود «من زار قوما فلا يؤمنهم»، وعن ابن مسعود «من السنة أن يتقدم صاحب البيت»، قال الحافظ: إسناده ثقات، قال الخطابي: معناه أن صاحب المنزل أولى بالإمامة في بيته، إذا كان من القراءة أو العلم بمحل يمكنه أن يقيم الصلاة، وأتى ابن عمر أرضًا له فيها مولى له، فصلى معهم، وقال: صاحب المسجد أحق، رواه البيهقي بسند جيد، وإن كان إمام المسجد عن ولاية سلطان أو عامله فهو داخل في حكم السلطان، وإن كان باتفاق من أهل المسجد فهو أحق، لأنها ولاية خاصة، ولأن التقدم عليه يسيء الظنه به، وينفر عنه، قال في الإقناع، فيحرم تقديم غيرهما عليهما بدون إذن، ولهما تقديم غيرهما، ولا يكره، بل يستحب إن كان أفضل منهما، وفي الغاية: لا يؤم في الجوامع الكبار إلا من ولاه السلطان أو نائبه، ويستنيب إن غاب، وما بناه أهل الشوارع والقبائل من المساجد الحق لمن رضوا به، فإن تعذر فليس لرئيس القرية وليس لهم بعد الرضا عزله، ما لم تتغير حاله، لكن لا يستنيب إن غاب، وقال الحارثي، الأشهر أن للإمام النصب أيضا، لكن لا ينصب إلا برضى الجيران.

([26]) وهو قوله: «ولا يؤمن الرجل الرجل في بيته، ولا في سلطانه والسلطان المراد به الإمام الأعظم»، ثم نوابه، كالقاضي، وكل ذي سلكان أولى من جميع نوابه، لأنه صلى الله عليه وسلم أم عتبان بن مالك وأنسًا في بيوتهما، ولأن، له ولاية عامة فإذاحضر قدم على جميع الحاضرين، سواء كان غيره أقرأ أو أفقه أو لا، فإن لم يتقدم الوالي قدم من شاء ممن يصلح للإمامة، وإن كان غيره أصلح منه، لأن الحق فيها له فاختص بالتقدم والتقديم.

([27]) فهو أولى من عبده لولايته عليه.

([28]) سوغ الابتداء به لكونه في مقام التفضيل، وللعلم به، يعني الحر أولى من العبد والمبعض كما يأتي وأم ذكوان مولى عائشة وهو غلام لم يعتق ولم تنكر، وأمهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآنا فلا تكره.

([29]) ضد البادي، وحضر كنصر حضارة أقام في الحضر أي الحاضر أولى من البادي، ولا تكره، وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي لقوله: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» الحديث إذا لم يكن مانع شرعي عام.

([30]) بضم القاف وفتحها، جمعها قلف، مثل غرفة وغرف، وقصبة وقصب، وقصبات وهي الجلدة التي تقطع في الختان، أي هؤلاء أولى من ضدهم، وكذا حسن الخلق بضم الخاء، وفاقا لأبي حنيفة ومالك، وسوّى الشافعية
وغيرهم بين الأعمى والبصير، وهو رواية عن أحمد، ولا كراهة لاستخلافه ابن أم مكتوم.


([31]) إشارة إلى أن الجمع غير مقصود، وكذا نظافة الثوب والبدن، وحسن الصوت وطيب الصفة، ونحوها من الفضائل، لإفضائه إلى استمالة القلوب، وكثرة الجمع، والائتلاف ولأن الإمامة أرفع مراتب الإسلام، فلا يؤم إلا أهل
الكمال، وقال بعض الأصحاب، لا يرجح بحسن الوجه، ولا نظافة الثوب، ونحو ذلك.


([32]) وهو قوله ومقيم: إلى آخره، وأولى من ضدهم الآتي بـيانه ما لم يــكن العبد أفضل من الحر، والأعرابي أفضل من الحضري، والأعمى أفضل من البصير، وهكذا فيكون الحكم بالضد، لقوله: «يؤم القوم أقرؤهم» الحديث قال الحافظ: فكل من اتصف بذلك جازت إمامته من عبد وصبي وغيرهما.

([33]) عند جمهور العلماء، مع التساوي لأنه أكمل في أحكامه وأشرف ولا يصلح إماما في الجمعة والعيد، ولئلا يؤدي إلى التنفير، وعنه: العيد أولى إذا كان أفضل وأدين، وهو قول جمهور العلماء، لعموم «يؤم القوم أقرؤهم» الحديث وصلى ابن مسعود وأبو ذر وغيرهما وراء مولى أبي أسيد وهو عبد فعليه لا يكون أولى، قال الشافعي وغيره، لا يترجح الحر عليه إذا تساويا في القراءة والعلم والورع، ولما انتهى أبو ذر إلى الربذة فإذا عبد يؤمهم، فتأخر فقال أبو ذر: أوصاني خليلي، الحديث، قال الشارح وغيره: وإمامة العبد صحيحة لما تقدم، يعني من الآثار عن الصحابة في ذلك، قال: ولم يعرف لهم مخالف، فكان إجماعا، وقال الحافظ وغيره: مذهب جمهور العلماء صحة إمامة العبد أي فلا تكره والمبعض أولى.

([34]) للاختلاف في إمامته، ولأن الغالب على أهل البادية الجفاء، وقلة المعرفة بحدود الله، وأحكام الصلاة، لبعدهم عمن يتعلمون منه، قال تعالى في حق الأعراب:{واجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله}، ولا بأس بإمامته إذا كان يصلح وفاقًا لأبي حنيفة.

([35]) وقال القاضي: إن كان إماما فهو أحق، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي عام الفتح، ويقول: «اتموا فإنا قوم سفر» فلا تكره إمامة مـسافر بـمقيمين إذا كان أولى بالإمامة، إلا أنه مسافر فإن قصر لم تكره إجماعا، قال في مجمع البحرين: ويقضي المقيم كمسبوق فإن أتم كرهت إمامته بالمقيم، خروجًا من خلاف من منعها نظرا إلى أن ما زاد على الركعتين نفل، وإن تابعه المقيم صحت ويأتي قال المجد، ولا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان لقوله: «إلا بإذنه» وعموم قوله: «ورجل أم قومًا وهم به راضون».

([36]) لأنه أقدر على توقي النجاسة باجتهاده، وهي جائزة إجماعًا، حكاه الشارح وغيره، وتصح، ولو كان أصم، على الصحيح من المذهب، قاله في الإنصاف.

([37]) أي مقطوع الغرلة أولى بالتقديم في الإمامة ممن لم يختن قال الشيخ: وتصح خلف خصي، كما تصح خلف الفحل، باتفاق أئمة المسلمين، وهو أحق بالإمامة ممن هو دونه.

([38]) لا معهما، وكلما كان أكمل كان أولى، لأنه منظور إليه.

([39]) لأن فيه بعض أكملية وأشرفية.

([40]) لأن الوضوء رافع للحدث، بخلاف التيمم فإنه مبيح لا رافع، وتقدم وتيمم عمر بن العاص، وهو جنب في غزوة ذات السلاسل، في ليلة باردة وصلى بأصحابه، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وأقره، رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، وتصح خلفه، بلا كراهة عند الأئمة وجمهور الأمة، وحكى غير واحد جوازها إجماعًا، وأجمعوا على جواز إمامة الماسح على الخفين، بالغاسل القدمين لا من عدم الماء والتراب بمن تطهر بأحدهما.

([41]) بكسر الجيم، على صيغة اسم الفاعل، من الرباعي المزيد والذي قبله بصيغة اسم المفعول، لأن المستأجر مالك المنفعة، وقادر على منع المؤجر من دخوله.

([42]) لأن المعير مالك للعين والمنفعة، وقادر على منع المستعير، وإنما يملك الانتفاع مؤقتًا.

([43]) للإفتتات عليه، وإن فعل صحت مع الكراهة، وإذا قدم المستحق غيره جاز، ولا كراهة لأن الحق في التقدم له، وقد أسقطه، ولا بأس أن يؤم الرجل أباه بلا كراهة، إذا كان بإذنه أو فيه مزية يقدم بها عليه، كما قدم الصديق على أبيه.

([44]) بعد قوله: ومن الحق الواجب على المسلمين أن يقدموا خيارهم، وأهل الدين والأفضل منهم أهل العلم بالله، الذين يخافون الله ويراقبونه ورسالته هي المشهورة المعروفة بالرسالة السنية، في الصلاة وما يلزم فيها.

([45]) أي إمامة غيرهما إلا بإذنهما استثناء من قوله: وتكره إمامة غير الأولى إلخ.


  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 11:59 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

الأَوْلَى بِالإِمَامَةِ الأَقْرَأُ الَعالِمُ فِقْهَ صَلاَتِهِ،.........
فصل في الأولى بالإمامة: لما بيّن رحمه الله حُكمَ صلاةِ الجماعةِ وما يتفرَّعُ عليها مما سبق ذكرُه، ذَكَرَ أحكامَ الإِمامةِ، مَنْ الذي يصلحُ إماماً؟ ومَنْ أحقُّ بالإِمامةِ؟ فهذا المرادُ بهذا الفصلِ فبدأ بالأحقِّ.
قوله: «الأولى بالإِمامة الأقرأ العالم فقه صلاته» هل المرادُ بالأقرأ الأجودُ قِراءةً، وهو الذي تكون قراءتُه تامَّةً، يُخرِجُ الحروفَ مِن مخارِجِها، ويأتي بها على أكملِ وجهٍ، أو المرادُ بالأقرأ الأكثرُ قراءةً؟
الجواب المراد : الأجودُ قِراءةً، أي: الذي يقرؤه قراءةً مجوَّدةً، وليس المراد التجويد الذي يُعرف الآن بما فيه مِن الغنَّةِ والمدَّاتِ ونحوها، فليس بشرطٍ أن يتغنَّى بالقرآن، وأن يحسِّنَ به صوتَه، وإن كان الأحسنُ صوتاً أَولى، لكنه ليس بشرط.
وقوله: «العالم فقه صلاته» أي: الذي يعلم فِقْهَ الصَّلاةِ، بحيث لو طرأَ عليه عارضٌ في صلاتِهِ مِن سهوٍ أو غيرِه تمكَّنَ مِن تطبيقِهِ على الأحكامِ الشرعيَّةِ. فلو وُجِدَ أقرأ؛ ولكن لا يَعلمُ فِقْهَ الصَّلاةِ، فلا يَعرفُ مِن أحكامِ الصَّلاةِ إلا ما يعرِفُهُ عامَّةُ الناسِ مِن القراءةِ والرُّكوعِ والسُّجودِ، فهو أَولَى مِن العالمِ فِقْه صلاتِهِ.
ودليلُ ذلك: قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «يَؤُمُّ القومَ أقرؤُهُم لكتابِ اللهِ».
وذهبَ بعضُ العلماءِ إلى خِلافِ ما يفيده كلامُ المؤلِّفِ، وهو أَنَّه إذا اجتمعَ أقرأُ وقارىءٌ فَقِيهٌ، قُدِّمَ القارىءُ الفقيهُ، على الأقرأ غير الأفقه.
وأجابوا عن الحديث: بأنَّ الأقرأَ في عهد الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم والصحابةِ هو الأفقهُ؛ لأنَّ الصحابةَ كانوا لا يقرؤون عشرَ آياتٍ حتى يتعلَّمُوها؛ وما فيها مِن العِلْمِ والعمل.
ومِن المعلومِ أَنَّه إذا اجتمعَ شخصان، أحدِهما أجودُ قِراءةً والثاني قارىءٌ دونه في الإجادة، وأعلمُ منه بفقهِ أحكامِ الصَّلاةِ، فلا شَكَّ أنَّ الثاني أقوى في الصَّلاةِ مِن الأولِ، أقوى في أداء العملِ؛ لأنَّ ذلك الأقرأَ رُبَّما يُسرعُ في الرُّكوعِ أو في القيام بعدَ الرُّكوعِ، ورُبَّما يطرأُ عليه سهوٌ ولا يدري كيف يتصرَّف، والعالمُ فِقْهَ صلاتِهِ يُدركُ هذا كلَّه، غاية ما فيه أنه أدنى منه جَودة، في القِراءةِ، وهذا القول هو الرَّاجحُ.
وهذا في ابتداء الإمامة، أي: لو حَضَرَ جماعةٌ، وأرادوا أن يقدِّموا أحدَهم، أما إذا كان للمسجدِ إمامٌ راتبٌ فهو أَولى بكلِّ حالٍ ما دام لا يوجدُ فيه مانعٌ يمنعُ إمامتَه.

ثُمَّ الأَفْقَهُ، ثُمَّ الأَسَنُّ، ثُمَّ الأَشْرَفُ،.............
قوله: «ثم الأفقه» أي: إذا اجتمعَ قارئان متساويان في القِراءةِ، لكن أحدُهما أَفْقَهُ، فإنَّه يقدِّمُ الأفقهَ، وهذا لا إشكالَ فيه.
والدَّليلُ على أنَّ الأفقه يلي الأقرأ: قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يؤم القوم أقرأهم لكتابِ الله، فإنْ كانوا في القِراءةِ سواءً فأعلَمُهُم بالسُّنَّةِ...».
قوله: «ثم الأسنّ» أي: الأكبرُ سناً، فابنُ عشرين سَنَةً يُقدَّمُ على ابن خمس عشرة إذا تساوَيا فيما سَبَقَ؛ لقول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في حديث مالك بن الحُويرث: «... ثم لِيَؤُمَّكُمْ أكبرُكُم» وهذا إذا استويا في القِراءةِ والسُّنَّةِ. ولقوله صلّى الله عليه وسلّم: «فإنْ كانوا في السُّنَّةِ سَواءً فأقدَمُهُم هِجْرَةً، فإنْ كانوا في الهجرةِ سواءً فأقدَمُهُم سِلْماً أو قال سِنًّا» ولم يذكرِ المؤلِّفُ تَقدُّمَ الهجرةِ، ولا تقدُّمَ الإسلامِ، ولكن ينبغي أن نذكرَه فنقول: إذا كانوا في السُّنَّةِ ـ سواءً فأقدَمُهم هِجرةً. أي: لو كانا مسلمين، ولكنَّهما في بلادِ كُفرٍ، فَسَبَقَ أحدُهما في الهِجرةِ إلى بلادِ الإسلام، فالمُقدَّمُ الأسبقُ هِجرةً؛ لأنَّه أسبقُ في الخَيرِ، وأقربُ إلى معرفةِ الشَّرعِ ممَّنْ تأخَّرَ وبقيَ في بلادِ الكفرِ، فإن كانوا في الهجرةِ سواءً فأقدَمُهم إسلاماً؛ لأن الأقدمَ إسلاماً أقربُ إلى معرفة شريعةِ الله، ولأنَّه أفضلُ.
قوله: «ثم الأشرف» ترتيبُ المؤلِّفُ: الأقرأُ، ثم الأفقهُ، ثم الأسَنُّ، ثم الأشرفُ في المرتبة الرابعة، أي: الأشرفُ نَسَباً، فالقرشيُّ مقدَّمٌ على غيرِه مِن قبائلِ العربِ، والهاشميُّ مقدَّمٌ على القُرشيِّ الذي ليس مِن بني هاشمٍ، فالأشرفُ مقدَّمٌ على غيرِه، لكن بعد المراتبِ الثلاثِ السابقةِ، أي: لو استووا في القِراءةِ وفي الفِقهِ على كلامِ المؤلِّفِ، وفي السِّنِّ قُدِّمَ الأشرفُ.
والدليلُ : ما يُذكرُ عن رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم أنَّه قال: «قَدِّمُوا قريشاً، ولا تَقَدَّموها» ولكن يُجاب عن هذا الحديث بجوابين:
الأول : الضعف، فإنَّ الحديثَ ضعيفٌ، والضعيفُ لا تقومُ به حُجَّةٌ، ويقوِّي ضعفَه قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] والصَّلاةُ عِبادة وطاعة؛ لا يُقدَّمُ فيها إلا مَن كان أَولى بها عند اللهِ سبحانه وتعالى.
الثاني : إنْ صَحَّ الحديثُ فالمرادُ تقديمُ قُريشٍ بالإِمامةِ العُظمى. أي: بالخِلافةِ، ولهذا ذهبَ كثيرٌ مِن العلماءِ إلى أنَّ مِن شرطِ الإِمامِ الأعظمِ أن يكونَ قُرشيًّا، أما إمامةُ الصلاةِ فهي إمامةٌ صُغرى في شيءٍ معيَّنٍ مِن شرائعِ الدِّين، فلا تدخلُ في هذا الحديثِ.
والصَّحيحُ إسقاطُ هذه المرتبةِ، أعني: الأشرفيَّةَ، وأنَّه لا تأثير لها في باب إمامةِ الصَّلاةِ.

ثُمَّ الأَقْدَمُ هِجْرَةً، ثُمَّ الأَتْقَى،...........
قوله: «ثم الأقدم هجرة» . الأقدمُ هجرةً بعدَ الأشرفِ، فيكون في المرتبةِ الخامسةِ، وهذا الترتيبُ ضعيفٌ لمخالفتِه قولَ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «يَؤمُّ القومَ أقرَؤُهم لكتابِ اللهِ، فإن كانوا في القِراءةِ سواءً فأعلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ، فإنْ كانوا في السُّنَّةِ سواءً فأقدَمُهم هِجرةً، فإن كانوا في الهِجرةِ سواءً فأقدَمُهم سِلماً»أي: إسلاماً، فجعلَ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم الأقدمَ هجرةً في المرتبةِ الثالثةِ.
قوله: «ثم الأتقى» أي: الأشدُّ تقوى لله عزّ وجل.
والدَّليلُ: قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وظاهرُ هذا الدَّليلِ أنَّ الأتقى مُقدَّمٌ على كُلِّ واحدٍ ممَّنْ سَبَقَ، لأنَّه عامٌّ. ولكن؛ الاستدلالُ بهذا الدَّليلِ على أنَّ الأتقى في هذه المرتبة فيه نَظَرٌ، بل نقولُ: إنَّ الأتقى مُقدَّمٌ على مَن دونَه في التقوى، لأنه أقربُ إلى إتقانِ الصَّلاةِ مِن غير الأتقى، ومعلومٌ أنَّ إتقانَ الصَّلاةِ أَولى بالمُراعاةِ، وغير الأتقى رُبَّما يتهاون في الوُضُوءِ أو في اجتنابِ النَّجاسةِ، أو غير ذلك، فلذلك كان الأتقى أَولى مِن غيرِه لهذا المعنى.
والأتقى اسمُ تفضيلٍ، مأخوذٌ مِن التقوى، والتقوى: اتقاءُ ما يَضرُّ، فهي في الشَّرعِ اتقاءُ عذابِ اللهِ بفِعْلِ أوامرِه واجتنابِ نواهيه. على علمٍ وبصيرةٍ وقيل: إن التقوى أنْ تَدَعَ الذُّنوبَ كُلَّها، كما قال الناظم:


خَلِّ الذُّنَوبَ صغيرَهَا
=
وكبيرَهَا ذاك التُّقى
=
واعْمَلْ كماشٍ فوقَ أر
=
ضِ الشَّوكِ يَحْذَرُ ما يَرَى
=
لا تَحْقِرَنَّ صغيرةً
=
إنَّ الجبالَ مِنَ الحَصَى
لكن؛ المعنى الذي ذكرنا أعمُّ: وهو أنَّه اتقاءُ عذابِ اللهِ بفِعْلِ الأوامرِ واجتنابِ النَّواهي على علمٍ وبصيرةٍ.
فالمراتبُ الآن ـ على ما ذهبَ إليه المؤلِّفُ رحمه الله ـ سِتٌّ:
الأقرأُ، ثم الأَفْقَهُ، ثم الأَسَنُّ، ثم الأشرفُ، ثم الأقدمُ هِجرةً، ثم الأتقى.
والصَّحيحُ: ما دَلَّ عليه الحديثُ الصحيحُ وهي خمسٌ: الأقرأُ، فالأعلمُ بالسُّنَّةِ، فالأقدم هِجرةً، فالأقدمُ إسلاماً، فالأكبرُ سِنًّا.
أما التقوى: فهي صِفةٌ يجبُ أن تُراعى ـ بلا شَكٍّ ـ في كُلِّ هؤلاء، ولا اعتبارَ لأشرفيَّة.

ثُمَّ مَنْ قَرَعَ. وَسَاكِنُ البَيْتِ،............
قوله: «ثم من قرع» أي: إذا استوى في هذه المراتبِ كلِّها رَجُلان؛ فإنَّنا في هذه الحال نستعملُ القُرْعَةَ، فمَن غَلَبَ في القُرعةِ فهو أحقُّ، فإذا اجتمعَ جماعةٌ يريدون الصَّلاةَ، فقال أحدُهم: أنا أتقدَّمُ، وقال الثاني: أنا أتقدَّمُ، ونظرنا فإذا هما متساويان في كلِّ الأوصافِ فهنا نُقرِعُ بينهما ما لم يتنازل أحدِهما عن طَلَبِهِ، فَمَنْ قَرَعَ فهو الإِمامُ. والقُرْعَةُ ليس لها صورةٌ معينةٌ، بل هي بحسب ما يتَّفِقُ الناسُ عليه، فممكن أن نكتب بورقة (إمام) والأخرى (بيضاء)، ونخلُطَ بعضَهما ببعضٍ، ونعطيهما واحداً، ونقولُ: أعطِ كُلَّ واحدٍ مِن هذين الرَّجُلين ورقةً، فإذا وقعت بيد أحدِهما، (إمام) فهو الإِمام، أو ما أشبه ذلك، فكيفما اقترعوا جَازَ.
فإن قال قائلٌ : ما الدَّليلُ على استعمال القُرعةِ في العباداتِ؟
قلنا: قَولُ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «لو يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّداءِ والصَّفِّ الأولِ، ثم لم يجدوا إلا أنْ يَسْتَهِموا عليه لاسْتَهَمُوا» فهذا نصٌّ واضحٌ في أنَّ القُرعةَ تدخُلُ في الأذانِ والصَّفِ الأولِ إذا تَشَاحُّوا فيهما.
وهل وردت القُرعَةُ في القرآن؟
الجواب : نعم، في موضعين مِن القرآن:
الأول : في سورة آل عمران: في قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ *} [آل عمران] .
الثاني : في سورة الصافات: في قوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ *} [الصافات] .

وَإِمَامُ المَسْجِدِ أَحَقُّ إِلاَّ مِنْ ذِي سُلْطَانٍ.
قوله: «وساكن البيت وإمام المسجد أحق» . أي: ساكنُ البيتِ أحقُّ مِن الضَّيفِ؛ لقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يَؤمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في أهلِهِ ولا في سُلطانِهِ» أخرجه مسلم. «أو في بيتِهِ» كما هي رواية أبي داود، والنَّهيُ عنه على سبيلِ التَّنزيه، وقيل: على سبيلِ التَّحريمِ.
مسألة : إذا اجتمعَ مالكُ البيتِ ومستأجرُ البيتِ، فالمستأجرُ أَولى: لأنَّ المستأجرَ مالكُ المنفعةِ، فهو أحقُّ بانتفاعِهِ في هذا البيتِ.
وقوله: «وإمام المسجد أحق» أي: أنَّ إمامَ المسجدِ أحقُّ مِن غيرِه، حتى وإنْ وُجِدَ مَن هو أقرأُ، فلو أنَّ إمامَ المسجدِ كان قارئاً يقرأ القرآن على وَجْهٍ تحصُلُ به براءةُ الذِّمَّةِ، وحضرَ رَجُلٌ عالمٌ قارىءٌ فقيه، فالأَولى إمامُ المسجدِ؛ لقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يُؤمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلطانه»، وإمامُ المسجدِ في مسجدِه سُلطانٌ فيه، ولهذا لا تُقامُ الصَّلاةُ إلا بحضورِه وإذنِهِ، حتى إنَّ بعضَ العلماءِ قال: لو أنَّ شخصاً أمَّ في مسجدٍ بدون إذنِ إمامِهِ فالصلاةُ باطلةٌ.
ولأننا لو قلنا: إنَّ الأقرأَ أَولى؛ حتى ولو كان للمسجدِ إمامٌ راتبٌ؛ لحصَلَ بذلك فوضى، وكان لهذا المسجدِ في كلِّ صلاةٍ إمامٌ.
قوله: «إلا من ذي سلطان» أي: أنَّ ذا السُّلطانِ، مقدَّمٌ على إمامِ المسجدِ، والسُّلطانُ هو الإِمامُ الأعظمُ، فلو أنَّ الإِمامَ الأعظمَ حَضَرَ إلى المسجدِ، فهو أَولى مِن إمامِ المسجدِ بالإِمامةِ.
واستدلُّوا بعمومِ قولِهِ صلّى الله عليه وسلّم: «ولا يَؤمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلطانِهِ».
ولكن قد يقول قائلٌ: الإِمامُ في مسجدِه سُلطانٌ، وهذه سُلْطَةٌ أخصُّ مِن سُلْطَةِ الإِمامِ الأعظمِ؟
والجواب : بأنَّ سُلطتَه دون سُلطةِ السُّلطان الأعظمِ، فَسُلطةُ السلطانِ الأعظمِ أقوى، بدليل أنَّه يمكن للسُّلطانِ الأعظمِ أن يُزيلَ هذا عن منصِبِه.
مسألة : لو حَضَرَ الإِمامُ الأعظمُ إلى صلاةِ الجُمعةِ في بلدٍ غير وَطَنِهِ، فمَن الذي يُقدَّمُ، الإِمامُ الأعظم، أو إمامُ المسجدِ الجامعِ؟
فالجواب : نُقدِّمُ إمامَ الجامعِ؛ لأنَّ مِن شرطِ الإِمامةِ في الجُمعةِ أن يكون الإِمامُ مستوطناً، والإِمامُ الأعظمُ في غير وطنِهِ غير مستوطن. وأجاز ذلك بعضُ العلماء لوجهين:
الأول : أنه ليس هناك دليلٌ على أنَّ الجُمعةَ لا يصحُّ أنْ يكون الإِنسانُ إماماً فيها إلا إذا كان مستوطناً؟
الثاني: رُبَّما يُقال: إنَّ الإِمامَ الأعظمَ مستوطنٌ في جميعِ بلادِ مملكتِه، ولهذا كان مِن اعتذارِ بعضِ العلماءِ لعثمانَ بنِ عفَّان رضي الله عنه حين أَتمَّ الصلاةَ في مِنَى في الحَجِّ أن قالوا: الإِمامُ الأعظمُ أو الخليفةُ، كلُّ ما تحت يدِهِ فهو بلدٌ له، فيكون مهما ذَهَبَ فهو مستوطنٌ. ولا شَكَّ أنَّ هذا التعليلَ عليلٌ، بل ميتٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أشدُّ ملكاً وتثبيتاً مِن غيرِه، ومع ذلك كان إذا سافرَ مِن المدينةِ يقصُرُ الصَّلاةَ، وقَصَرَ في حجة الوداع حتى رَجَعَ إلى المدينة، وقَصَرَ عثمان في أول خِلافتِهِ. والقولُ بأن الإِمامَ الأعظمَ لا يصحُّ أن يكون إماماً في الجمعة في غير بلدِه قولٌ ضعيفٌ، وتعليلٌ عليلٌ، بل الصَّحيحُ أنَّ غيرَ الإِمامِ الأعظمِ أيضاً يصحُّ أن يكون إماماً للجُمعةِ في غيرِ بلدِهِ، فلو أنَّ عالماً مِن الناسِ قَدِمَ إلى بلدٍ فقال له أهلُ البلد: صَلِّ بنا، فَخَطَبَ وصَلَّى بهم، فلا بأسَ بذلك.

وَحُرٌّ، وَحَاضِرٌ، وَمُقِيمٌ،............
قوله: «وحُرٌّ، وحاضر، ومقيم» إلخ.
الحُرُّ أَولى مِن ضِدِّه، وضِدُّ العبدُ الرَّقيقُ الذي يُباع ويُشترى، وإنَّما كان الحُرُّ أَولى مِن العبدِ؛ لأنَّ الحُرَّ غالباً أعْلمُ بالأحكامِ مِن العبدِ، ولأنَّ العبدَ مملوكٌ، فلا يُؤمنُ أن يطلبَه سيدُه في أيِّ ساعةٍ مِن ليلٍ أو نهارٍ بخلاف الحُرِّ، ولأنه إنْ كان العبدُ عبده فمرتبتُه أعلى مِن مرتبةِ العبدِ وهو سيدُه، فلا ينبغي أن يكون مأموماً له وهو أرفعُ منه.
وقوله: «وحاضر» المراد به الذي يسكن الحاضرةَ. وضِدُّه البدوي؛ لأنَّ البدوَ غالباً يكونون جُفاةً جُهَّالاً، كما قال الله تعالى: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: 97] .
وقوله: «ومقيم» يعني أن المقيم أَولى مِن المسافر، مثلاً: إنسانٌ في هذا البلدِ مقيمٌ لحاجةٍ فمرَّ مسافرٌ عابراً فتقول: المقيمُ أَولى مِن هذا العابرِ لأنَّ المقيمَ على المشهورِ مِن المذهبِ إذا نوى الإقامة أكثر مِن أربعة أيام لزمه أن يُتمَّ فكان بذلك أولى مِن المسافر الذي لا يتم وبناء على قوله: فالمقيم هنا ضد المسافر والمستوطن، فالناس ثلاثة أقسام: مستوطن ومسافر ومقيم، فالمستوطن أولى ثم المقيم.

وَبَصِيرٌ، وَمَخْتُونٌ، وَمَنْ لَهُ ثِيَابٌ أَوْلَى مِنْ ضِدّهِمْ.
قوله: «وبصير» يعني: أنَّ البصير أَولى مِن الأعمى؛ لأنَّ البصيرَ يتحرَّزُ مِن النجاساتِ وغيرِها، ويُدرك استقبالَ القِبلة أكثر مِن الأعمى.
وأيضاً: البصيرُ لو أَنَّ بعضَ أعضائِهِ في الوُضُوء لم يصبه الماءُ لعَلِمَ به بخلافِ الأعمى، فالبصير أَولى مِن الأعمى، وذلك بعد اتِّفاقِهما فيما سَبَقَ.
قوله: «ومختون» أي: أن المختون أَولى مِن الأقلفِ؛ لأنه أبعد مِن التنزُّه مِن النجاسةِ.
والمختون: هو مقطوعُ القُلْفَة، والأقْلَفُ ضِدُّه؛ لأنَّ الإِنسانَ يُولدُ وعلى رأس ذَكَرِهِ قُلْفَةٌ، أي: جِلدةٌ تُغطِّي الحَشَفَةَ، وهذه الجِلدةُ يجب إزالتُها؛ لأنها لو بقيت لاحتقنَ فيها البولُ، وصارت سبباً للنجاسةِ، وربما يتولَّدُ فيها جراثيمٌ بين جِلدةِ القُلْفَةِ والحَشَفَةِ فيتأثَّرُ بأمراضٍ صعبةٍ.
قوله: «ومَن له ثياب» أي: مَن عليه ثيابٌ سترُها أكملُ، أَولى ممَّن عليه ثيابٌ يسترُ بها قَدْرَ الواجبِ.
مثاله: شخصٌ عليه إزارٌ فقط، وآخرُ عليه إزارٌ ورداءٌ فكلٌّ منهما صلاتُه صحيحةٌ، لكن الثاني أكمل ستراً مِن الأول، فيكون هو الأَولى بالإِمامةِ.
وفُهِمَ مِن قولِ المؤلِّفِ: «أَولى مِن ضِدِّهم» أنَّ هؤلاء المذكورين السِّتَّة تصحُّ إمامتُهم؛ لأنَّ «الأَولى» تدلُّ على الاختيارِ، وعلى هذا؛ فيصحُّ أن يؤمَّ العبدُ حُرًّا، ولو كان سيده لكن الأَولى الحُرُّ، وكذلك أيضاً المقيمُ وضِدُّه المسافرُ، فلو صَلَّى المسافرُ بالمقيمِ فإنَّ صلاتَه تصحُّ، وأيضاً: لو صَلَّى بدويٌّ بحاضرٍ لصحّت صلاتُهُ، لكن على خِلافِ الأَولى، ولو صَلَّى الأعمى بالبصيرِ صحَّتْ صلاتُهُ، لكن الأَولى العكسُ، وكذلك لو صَلَّى أقلفٌ بمختونٍ فصلاتُه صحيحةٌ، لكن الأَولى العكسُ، ولو صَلَّى مَن له ثيابٌ قليلةٌ بمَن له ثيابٌ كثيرة لصحّت الصلاةُ، ولكن الأَولى العكسُ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأولى, بالإمامة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir