دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > التأريخ > متون التاريخ > قصص الأنبياء

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الأولى 1431هـ/14-04-2010م, 05:13 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قصة ذي القرنين


قصة ذي القرنين:
وكان ذو القرنين ملكا صالحا ، وقد أعطاه الله من القوة وأسباب الملك والفتوح ما لم يكن لغيره ، فذكر الله من حسن سيرته ورحمته وقوة ملكه وتوسعه في المشارق والمغارب ما يحصل به المقصود التام من سيرته ومعرفة أحواله ، ولهذا قال :{ ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا } [الكهف : 83] .
أي : من بعض أخباره ، ومن المعلوم أن ما قصه الله في كتابه هو أحسن وأنفع ما يقص على العباد ، فأخبر أنه أعطاه من كل شيء سببا يحصل به قوة الملك وعلم السياسة وحسن التدبير والسلاح المخضع للأمم وكثرة الجنود وتسهيل المواصلات وجميع ما يحتاجه ، ومع ذلك فقد عمل بالأسباب التي أعطيها ، فما كل أحد يعطى الأسباب النافعة ، ولا كل من أعطيها يتبعها ويعمل بها .
أما ذو القرنين فإنه تم له الأمران : أعطي سببا فأتبع سببا ، فغزا بجيوشه الجرارة أدنى أفريقية وأقصاها حتى بلغ البحر المحيط الغربي ، فوصل إلى محل إذا غربت الشمس : { وجدها تغرب في عين حمئة } [الكهف : 86] .
أي : رآها في رؤية العين كأنها تغرب في البحر ، والبحر لونه أسود كالحمئة ، والقصد أنه وصل إلى حيث منتهى الخف والحافر من بلاد أفريقية ، ووجد في ذلك المحل وتلك الأقطار قوما ، منهم المسلم والكافر ، والبر والفاجر ، بدليل قوله :{ قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا } [الكهف : 86] .
إما أن القائل له نبي من أنبياء الله أو أحد العلماء ، أو أن المعنى أنه بسبب قدرته كان مخيرا قدرا ، وإلا فمن المعلوم أن الشرع لا يسوي بين الأمرين المتفاوتين في الإحسان والإساءة .
فقال : { أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا }{ وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا } [الكهف : 87 - 88] .
وهذا يدل على عدله ، وأنه ملك صالح ، وعلى حسن تدبيره .
{ ثم أتبع سببا } [الكهف : 89] .
أي : ثم عمل بالأسباب التي أوتيها بعدما أخضع أهل المغارب رجع يفتح الأرض قطرا قطرا حتى وصل إلى مطلع الشمس من بلاد الصين وشواطئ البحر المحيط الهادي ، وهذا منتهى ما وصل إليه الفاتحون .
{ وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا } [الكهف : 90] .
أي : لا ستر لهم عن الشمس ، لا ثياب ينسجونها ويلبسونها ، ولا بيوت يبنونها ويأوون إليها ، أي : وجد هؤلاء القوم الذين في أقصى المشرق بهذه الصفة والوحشية بمنزلة الوحوش التي تأوي إلى الغياض والغيران والأسراب منقطعين عن الناس ، وكانوا في ذلك الوقت على هذه الحالة التي وصف الله ، والمقصود من هذا أنه وصل إلى ما لم يصل إليه أحد .
ثم كر راجعا وأتبع سببا ; يمكنه من مناهج البلاد وتخضيع العباد قاصدا نحو الشمال :
{ حتى إذا بلغ بين السدين } [الكهف : 93] .
أي : بلغ محلا متوسطا بين السدين الموجودين منذ خلق الله الأرض ، وهما سلاسل جبال عظيمة شاهقة متواصلة من تلك الفجوة ، وهي الريع إلى البحار الشرقية والغربية وهي في بلاد الترك ، على هذا اتفق المفسرون والمؤرخون ، وإنما اختلفوا : هل هي سلاسل جبال القفقاس أم دون ذلك في أذربيجان ، أم سلاسل جبال ألتاي ، أم الجبال المتصلة بالسور الصيني في بلاد منغوليا ؟ وهو الظاهر ، وعلى الأقوال كلها فوجد عند تلك الفجوة التي بين سلاسل هذه الجبال قوما لا يكادون يفقهون قولا ؛ من بعد لغتهم ، وثقل فهمهم للغات الأمم :{ قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض } [الكهف : 94] .
وهم أمم عظيمة من نسل يا فث بن نوح من العناصر التركية وغيرهم ، كما هو مذكور مفصل من أحوالهم ومشروح من صفاتهم :{ فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا }{ قال ما مكني فيه ربي خير } [الكهف : 94 و 95] .
من القوة والأسباب والاقتدار خير فأعينوني بقوة ، أي : إن هذا بناء عظيم يحتاج في الإعانة عليه إلى مساعدة قوية في الأبدان .
{ أجعل بينكم وبينهم ردما } [الكهف : 95] .
ولم يقل : سدا ؛ لأن الذي بني فقط هو تلك الثنية والريع الواقع بين السدين الطبيعيين ، أي : بين سلاسل تلك الجبال ، فدبرهم على كيفية آلاته وبنيانه فقال :{ آتوني زبر الحديد } [الكهف : 96] .
أي : اجمعوا لي جميع قطع الحديد الموجودة من صغار وكبار ، ولا تدعوا من الموجود شيئا ، واركموه بين السدين ، ففعلوا ذلك حتى كان الحديد تلولا عظيمة موازنة للجبال ، ولهذا قال :{ حتى إذا ساوى بين الصدفين } [الكهف : 96] .
أي : الجبلين المكتنفين لذلك الردم قال : { انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا } [الكهف : 96] .
أي : أمر بالنحاس ، فأذيب بالنيران ، وجعل يسيل بين قطع الحديد ، فالتحم بعضها ببعض ، وصارت جبلا هائلا متصلا بالسدين ; فحصل بذلك المقصود من عيث يأجوج ومأجوج ، ولهذا قال :{ فما اسطاعوا أن يظهروه } أي : [يصعدوا ذلك الردم] { وما استطاعوا له نقبا }{ قال هذا رحمة من ربي } [الكهف : 97 و 98] .
أي : ربي الذي وفقني لهذا العمل الجليل ، والأثر الجميل ، فرحمكم إذ منعكم من ضرر يأجوج ومأجوج بهذا السبب الذي لا قدرة لكم عليه .
{ فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء } [الكهف : 98] .
أي : هذا العمل والحيلولة بينكم وبين يأجوج ومأجوج مؤقت إلى أجل ، فإذا جاء ذلك الأجل قدر الله للخلق من أسباب القوة والقدرة والصناعات والاختراعات الهائلة ما يمكن يأجوج ومأجوج من وطء بلادكم أيها المجاورون ، بل ومن وطء مشارق الأرض ومغاربها وأقطارها ، كما قال تعالى : { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون }[الأنبياء : 96] .
أي : من كل مكان مرتفع ، سواء مثل هذه السدود والبحار وجو السماء { ينسلون } أي : يسرعون فيها غير مكترثين ، ولا حاجز يحجزهم ، فلفظة " من كل حدب " تشمل جميع المواضع والأقطار : سهلها وصعبها ، منخفضها ومرتفعها ، وإنما نص الله على المرتفعات لأن السهول والأماكن المنخفضة من باب أولى وأحرى .
وقد ورد في صفاتهم أحاديث في الصحيحين تؤيد ما في هذه الآيات من صفاتهم ، وأورد أصحاب السير والتواريخ الأول من صفاتهم وهيئاتهم آثارا لا خطام لها ولا زمام ، شوشت أفكار أكثر الناس ، ومنعتهم من الاستدلال بالآيات القرآنية ، والأحاديث الصحيحة النبوية ، وتطبيقها على الواقع ، فعليك بلزوم ما دل عليه الكتاب والسنة ، ودع ما سوى ذلك ؛ فإن فيه الهدى والرشد والنور .


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ذي, قصة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir