دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العام للمفسر > منتدى المسار الثاني

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #9  
قديم 24 ربيع الثاني 1445هـ/7-11-2023م, 07:10 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رولا بدوي مشاهدة المشاركة
حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {ليسوا سواء}.
المصادر و مراتبها:
المرتبة الأولى: المصادر الأصلية في استخراج أقوال السلف في التفسير :
-تفسير عبد الرزاق الصنعانى
- قطعة من تفسيرعبد بن حميد
-تفسير ابن جرير الطبري
- تفسير ابن أبي حاتم
- تفسير ابن المنذر
-الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب
التفسير من كتب السنة:
كتاب تفسير القرآن من صحيح البخاري،
مسند الإمام أحمد
السنن الكبرى للنسائي
وكتاب التفسير من جامع الترمذي
ومستدرك الحاكم
المعجم الكبيرللطبراني في معجمه الكبير
دلائل النبوة للبيهقي
تاريخ دمشق لابن عساكر
أبو نعيم الأصفهاني في معرفة الصحابة
ابن أبي شيبة في المصنف
أبو داود في السنن
الهيثمي في كتابه موارد الظمآن في زوائد بن حبان
مسند أبو يعلى
ابن وهب في الجامع في علوم القرآن
-المصادر البديلة:
1- مصادر ناقلة بإسناد:
- تفسير ابن كثير
- الدر المنثور للسيوطي
- الشوكاني( في كتابه في فتح القدير
2- المصادر الناقلة للأقوال دون إسناد:
- تفسير المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» ابن عطية
- زاد المسير لابن الجوزي
- مفاتيح الغيب في التفسير الكبير لفخر الدين الرازي
- التحرير و التنوير للطاهر ابن عاشور
كتب التفسير اللغوى:
- معاني القرآن للفراء.
- ومجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى.
- ومعاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج .
- ومعاني القرآن لأبي جعفر النحاس.
-- إعراب القرآن للنحاس
كتب في أسباب النزول:
- العجاب في بيان الأسباب لابن حجر
- لباب النقول في بيان أسباب النزول لجلال الدين السيوطي
الصحيح المسند في أسباب النزول مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ
المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة دراسة الأسباب رواية ودراية لخالد بن سليمان المزيني
كتب الوقف والابتداء:
إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري
المكتفي لأبي عمرو الداني
أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ ف ( منار الهدى في بيان الوقف و الابتداء )
البحث في المسألة:
تحرير القول في معنى( ليسوا سواء) له ارتباط بمسائل عدة، تتعلق بالآية ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)؛ من وقف و ابتداء و أسباب نزول، و سياق، وما يتعلق باللغة و الإعراب.
نذكر الأقوال بداية، و ما قيل فيها من حيث الصنعة الحديثية، ثم نعرض لبيان ما يتعلق بها من مسائل و وجه تأثيرها في المعنى، ثم نخلص لبيان ما يترجح من الأقوال.
الأقوال في المعنى المراد من(ليسوا سواء)
أ‌. لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ و الحسن، أبو الأشهب.
ب‌. لَيْسَت أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، هَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، والسُّدِّيِّ.
تخريج الأقوال ، و ما قيل فيها:
1- القول الأول: لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ و الحسن.
- قول ابن عباس
رواه محمّد بن إسحاق في معرفة الصحابة، قال: حدّثني محمّد بن محمّدٍ، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا أسلم عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيدٍ، ومن أسلم من يهود معهم، فآمنوا وصدّقوا ورغبوا في الإسلام وتنحوا فيه، قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمّدٍ ولا تبعه إلاّ أشرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم، وذهبوا إلى غيره، فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك من قولهم: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه} إلى قوله: {وأولئك من الصّالحين}، رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم و الطبراني في معجمه الكبيرو البيهقي في دلائل النبوة،ابن عساكر في تاريخ دمشق ، ابن المنذر في تفسيره (إلى محمد ابن اسحق) .
ما ذكر في الحديث:
- قال المحقق أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد :رجاله ثقات.
- قال الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول مبينًا الضعف في الحديث: كلهم رووه من طريق محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس فذكره، ومحمد بن أبي محمد هذا مجهول وكذا قلت في تحقيقي لتفسير ابن كثير قال: في سنده محمد بن أبي محمد وهو مجهول. وفي سند الطبري: محمد بن حميد وقد كُذّب.
قول قتادة:
رواه ابن جرير فقال :حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} الآية، يقول: ليس كلّ القوم هلك، قد كان للّه فيهم بقيّةٌ.
قول الحسن:
و روى ابن المنذر في تفسيره عن الحسن: حدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا شيبان، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الأشهب، قَالَ: وتلا الحسن هَذِهِ الآيَة: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} " هؤلاء أَهْل الهدى، لَيْسَ كُلّ الْقَوْم هلك، فقرأ حَتَّى بلغ: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} قَالَ: فزعوا إِلَى أنفسهم حين تفرقت أمتهم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}
2- القول الثاني: لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، هَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، والسُّدِّيِّ.
- قول ابن مسعود:
- رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق ابن أبي نجيحٍ عن الحسن بن يزيد العجليّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، أنّه كان يقول في قوله: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} قال: لا يستوي أهل الكتاب، وأمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- قول السدي
- رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} الآية، يقول: ليس هؤلاء اليهود كمثل هذه الأمّة الّتي هي قائمةٌ
و في لفظ ابن أبي حاتم قانتة لله بدل قائمة.
ذكره القرطبي و اختاره
مناقشة الأقوال:
القول الأول: لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ و الحسن.
- نسبه فخر الدين الرازي إلى جمهور المفسرين.
1- مما يؤيد هذا القول أن مقالة ابن عباس ذكرت كسبب لنزول الآية، و التي قال فيها ابن كثير : والمشهور عن كثيرٍ من المفسّرين -كما ذكره محمّد بن إسحاق وغيره، ورواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ-أنّ هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب، كعبد اللّه بن سلام وأسد بن عبيد وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وغيرهم.
2- و يؤيده أيضًا، ما روي عن ابن عباس و قتادة و ابن جريج و الحسن و أبو الأشهب، في المراد بالأمة القائمة، و الذي يظهر منه استثناء فريق من أهل الكتاب، ممن آمن بمحمد صلى الله عليه و سلم.
- قول ابن عباس:
رواه ابن جرير في تفسيره : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنَّى أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: ١١٣] يَقُولُ: «أُمَّةٌ مُهْتَدِيَةٌ قَائِمَةٌ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لَمْ تَنْزِعْ عَنْهُ وَتَتْرُكْهُ كَمَا تَرَكَهُ الْآخَرُونَ وَضَيَّعُوهُ» وَقَالَ آخَرُونَ. بَلْ مَعْنَى قَائِمَةٍ: مُطِيعَةٌ
- قول ابن جريج:
رواه ابن جرير فقال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌّ، قال: قال ابن جريجٍ: {أمّةٌ قائمةٌ} عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سلامٍ أخوه، وسعية، ومبشّرٌ، وأسيدٌ وأسدٌ ابنا كعبٍ
- قول الحسن:
و روى عبد بن حميد مثله عن الحسن قال ثنا روح ثنا بن الأشهب عن الحسن
- قول أبو الأشهب
رواه ابن أبي حاتم عن أبو الأشهب، قال :حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان النّشيطيّ، ثنا أبو الأشهب قال: ليس كلّ القوم هلك.
- و قال ابن جرير أن قول ابن عباس و قول قتادة أصح الأقوال عنده في معنى قائمة، و وَإِنْ كَانَ سَائِرُ الْأَقْوَالِ الْأُخَرِ مُتَقَارِبَةَ الْمَعْنَى مِنْ مَعْنَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {قَائِمَةٌ} [آل عمران: ١١٣] مُسْتَقِيمَةٌ عَلَى الْهُدَى، وَكِتَابِ اللَّهِ وَفَرَائِضِهِ، وَشَرَائِعِ دِينِهِ، بِالْعَدْلِ وَالطَّاعَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ مِنْ صِفَةِ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم بنى ابن جرير عليه َتَأْوِيلُ الْكَلَامِ فقال: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ جَمَاعَةٌ مُعْتَصِمَةٌ بِكِتَابِ اللَّهِ، مُتَمَسِّكَةٌ بِهِ، ثَابِتَةٌ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا فِيهِ، وَمَا سَنَّ لَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3- و مما يؤيده ما قيل في مرجع الضمير في ليسوا:
يعود على من سبق ذكرهم في الآية ( مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون )، و هذا مفهوم كلام مكي في كتاب الهداية الى بلوغ النهاية،عبر عنه فقال: هذا مردود على [قوله] {مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون، و هو قول ابن جرير في تفسيره، و فخر الدين الرازين و الطاهر ابن عاشور.
4- مقصد الآية:
ذكر في مقصد الآية أقوال مختلفة كلها تعود إلى الإخبار عن أهل الإيمان من أهل الكتاب و تفضيلهم:
قال ابن جرير أنها لبيان حال الفريقين عند الله ؛المؤمنة منهما والكافرة، فقال: {ليسوا سواءً} أي ليس هؤلاء سواءً، المؤمنون منهم والكافرون.
قال فخر الدين الرازي أنها تقرير لما تقدم مِنْ قَوْلِهِ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ، من آمن ليس كمن لم يؤمن.
و قيل: أن هذه الآية جاءت بتخصيص و بيان ان هناك من أهل الكتاب من هو على استقامة و ليسوا كذلك، فمنهم من مات قبل أن يدرك الشرائع فذلك من الصالحين، ومنهم من أدرك الإسلام فدخل فيه و ذلك بعد ذكر ووصف أهل الكتاب بصفات مذمومة، من كفر و عصيان و أفعال من قتل و اعتداء،
و هذا الكلام حاصل كلام فخر الدين الرازي و ابن عطية (بتصرف )الذي لم ينسباه، و عقب عليه ابن عطية بقوله:ويعترض هذا النظر أن جميع اليهود على عوج من وقت عيسى، وتجيء الآية إشارة إلى من أسلم فقط، أو يكون اليهود في معنى الأمة القائمة إلى وقت عيسى، ثم ينتقل الحكم في النصارى، ولفظ أهل الكتاب يعم الجميع، والضمير في ليسوا لمن تقدم ذكره في قوله منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون [آل عمران: 110]
و قال الشوكاني في فتح القدير 1250 : أن الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ، سِيقَتْ لِبَيَانِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَقَوْلُهُ: أُمَّةٌ قائِمَةٌ هُوَ اسْتِئْنَافٌ أَيْضًا، يَتَضَمَّنُ بَيَانَ الْجِهَةِ الَّتِي تَفَاوَتُوا فِيهَا، مِنْ كَوْنِ بَعْضِهِمْ أُمَّةً قَائِمَةً إِلَى قَوْلِهِ: مِنَ الصَّالِحِينَ
و قال الطاهر بن عاشور عن هذا القول أن المقصد هوِ إنْصافُ طائِفَةٍ مِن أهْلِ الكِتابِ، بَعْدَ الحُكْمِ عَلى مُعْظَمِهِمْ بِصِيغَةٍ تَعُمُّهم، تَأْكِيدًا لِما أفادَهُ قَوْلُهُ ﴿مِنهُمُ المُؤْمِنُونَ وأكْثَرُهُمُ الفاسِقُونَ﴾ [آل عمران: ١١٠] فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ لَيْسُوا لِأهْلِ الكِتابِ المُتَحَدَّثِ عَنْهم آنِفًا، وهُمُ اليَهُودُ.
5- يبينه ما ذكر من الوقف و الابتداء و توجيه القول فيه:
1- الوقف على ليسوا سواء: وقف تام، و ما بعدها جملة مستأنفة، قاله الزجاج، النحاس،و مكي في كتاب الهداية الى بلوغ ،ابن الأنباري في إيضاح الوقف و الابتداء،و أبوعمرو الداني في المكتفي،فخر الدين الرازي في تفسيره،و قال السمين الحلبي أنه الظاهر من الآية، و ذكره أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ ف ( منار الهدى في بيان الوقف و الابتداء )و قال أنه الأصح عنده، و نسبه إلى نافع و يعقوب و الأخفش و أبي حاتم.
و يكون رفع أمة بالابتداء، كما قال الفراء و النحاس و الداني في المكتفي، و بين ابن الأنباري سبب الرفع أنه بـ(من( [على أنها مبتدأ، و(من أهل الكتاب) جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف]
توجيه المعنى :
على هذا القول يرجع الضمير في ليسوا على من سبق ذكرهم في الآيات من أهل الكتاب في قوله تعالى(منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون)، أنهم غير متساويين، قاله الزجاج وابن جرير، مكي و ابن عطية، و ابن كثير و ابن عاشور، السمين الحلبيو غيرهم، من أهل اللغة و التفسير.
قال ابن عطية رحمه الله: وهو أصح التأويلات.
قال السمين الحلبي والمعنى: أنهم منقسمون إلى مؤمن وكافر لقولِهِ: {مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون} [آل عمران: 110] فانتفى استواؤُهم. و «سواء» في الأصلِ مصدرٌ فلذلك وُحِّد.
و قال ابن عاشور : هَذِهِ الجُمْلَةُ تَتَنَزَّلُ مِنَ الَّتِي بَعْدَها مَنزِلَةَ التَّمْهِيدِ، وجُمْلَةُ ﴿مِن أهْلِ الكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ﴾ إلَخْ، مُبَيِّنَةٌ لِإبْهامِ ﴿لَيْسُوا سَواءً﴾ .
2- أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسُوا سَواءً كلام غير تام ولا يجوز الوقف عِنْدَهُ، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ، قاله أبو عبيدة معمر المثني ىفي مجاز القرآن، و قاله الفراء.
قال المثني [معمر بن المثنى] : وقد يجوز أن يجعله كلامين، فكأنك قلت: «لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ» ، ثم قلت:أمّة قائمة»،
- قول معمر المثني [معمر بن المثنى] على لغة من قال: أكلوني البراغيث، و الواو عنده في» ليسوا «علامةٌ جمعٍ وليست ضميراً، و أمة اسم ليس و سواء خبرها، و يقدر محذوفًا، هو ذكر الكفار من أهل الكتاب؛ ذكر ذلك عنه مكي في تفسيره و النحاس في كتابه إعراب القرآن، و قد ردوه؛ قال مكي عنه أنه بعيد، و ذكر كلًا من مكي و النحاس سبب الرد و هو؛أن ذكر أهل الكتاب قد تقدم، فليس [هو] مثل أكلوني البراغيت لأنه لم يتقدم [له] ذكر
- نقل فخر الدين الرازي إنكار أكثر النحويين لهذا القول، و ذلك بسبب اتفاق أكثرهم على ركاكة لغة ( أكلوني البراغيث) وَاللَّهُ أَعْلَمُ
- ذكره ابن الأَنباريِّ في إيضاح الوقف و الابتداء و قال: أن عندها الرفع لأمة سيكون بمعنى سواء، و تمام الكلام عندها سيكون على( يسجدون)، ولا يتم الكلام على سواء من هذا الوجه لأن الأمة مرتفعة بمعنى (سواء) والوقف على الرافع دون المرفوع قبيح.
- نقل السمين الحلبي في الدر عن قوم أنها لغةٌ ضعيفةٌ و ذكر أن السهيلي نازع النحويين في كونها ضعيفةً، و قال: نَسبَها بعضُهم لأزدِ شنوءة، وكثيراً ما جاء عليها الحديث، وفي القرآنِ مثلُها.
- و قد خطأ ابن عطية مقالة أبو عبيدةَ و قال : خطأٌ مردودٌ، ذكر ذلك عنه السمين الحلبي و عقب عليه فقال: ولم يُبَيِّن وجهَ الخطأ، وكأنه تَوَهَّم أنَّ اسم «ليس» هو «أمة قائمة» فقط، وأنه لا محذوف ثمَّ، إذ ليس الغرضُ تفاوتَ الأمةِ القائمة التالية، فإذا قُدِّر ثَمَّ محذوفٌ لم يكن قول أبي عبيدة خطأ مردوداً، إلا أن بعضهم رَدَّ قوله بأنها لغة ضعيفة، وقد تقدم ما فيها والتقدير الذي يَصِحُّ به المعنى، أي: ليس سواءً من أهل الكتاب أمةٌ قائمةٌ موصوفةٌ بما ذُكِر وأمةٌ كافرة، فهذا تقديرٌ يَصِحُّ به المعنى الذي نحا إليه أبو عبيدة.
- بين الاشموني في منار الهدى خطأ اختيارأبو عبيدة معمر بن المثنى بعدم جواز الوقف عليه أنه جمع الفعل على اللغة المرجوحة، و أن الواو ضمير على من تقدم ذكرهم و ليست علامة جمع.
- و ما قاله الفراء( ﴿لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ﴾ ذَكَر أمّه ولم يذكر بعدها أخرى، والكلام مبنىّ على أخرى يراد؛ لأن سواء لا بدّ لها من اثنين فما زاد.
و ذكر وجهين لرفع أمة، أحدهما أنك تَكُرُّه على سواء، و قال أن المعنى عندها: كأنك قلت: لا تستوى أمة صالحة وأخرى كافرة منها أمّة كذا وأمّة كذا، وقد تستجيز العرب إضمار أحد الشيئين إذا كان فى الكلام دليل عليه.
و نقل السمين الحلبي عن الفراء: «إنَّ الوقف لا يَتِمُّ على» سواء «، فجعل الواوَ اسمَ» ليس «و» سواءً «خبرها، كما قال الجمهور، و» أمة «مرتفعة ب» سواء «ارتفاعَ الفاعل، أي: ليس أهلُ الكتاب مستوياً منهم أمةٌ قائمةٌ موصوفةٌ بما ذُكِر وأمةٌ كافرة، فَحُذِفَتِ الجملةُ المعادِلة لدلالةِ القسمِ الأولِ عليها و ذكر امثلة لذلك و قال وهو كثيرٌ، و قال الفراء:» لأنَّ المساواة تقتضي شيئين كقولِهِ {سَوَآءً العاكف فِيهِ والباد} [الحج: 25] ، وقوله {سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} [الجاثية:.
و قد رد الطبري هذا القول و بين خطأه فقال: وهذا القول خطأ من جهات: إحداها أنه يرفع أمة بسواء فلا يعود على اسم ليس شيء يرفع بما ليس جاريا على الفعل، ويضمر ما لا يحتاج إليه لأنه قد تقدم ذكر الكافرين فليس لاضمار هذا وجه.
و وصف ابن جرير بالوهم من يقولون ( جماعة من نحوي الكوفة و البصرة و المقدمين منهم) أنّ ما بعد سواءٍ في هذا الموضع من قوله: {أمّةٌ قائمةٌ} ترجمةٌ عن سواءٍ، وتفسيرٌ عنه بمعنى: لا يستوي من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه آناء اللّيل، وأخرى كافرةٌ، وزعموا أنّ ذكر الفرقة الأخرى ترك اكتفاءً بذكر إحدى الفرقتين، وهي الأمّة القائمة، و ذكر الطبري حجتهم، ثم ذكر أن القاعدة عندهم منع الإجازة ( تقدير ) في سواءٍ من أجل نقصانه، وأنّه غير مكتفٍ بواحدٍ، ثم أجازوا في هذه الآية، وأخطئوا تأويل الآية، فسواءٌ في هذا الموضع بمعنى التّمام والاكتفاء، لا بالمعنى الّذي تأوّله من حكينا قوله.
نسب الزجاج إلى بعض أهل اللغة: المعنى منهم أمة قائمة وامة على غير ذلك، و ذكر استشهادهم بقول الشاعر:
عصائي إليها القلب أني لأمره... سميع فيما أدري أرشد طلابها
ولم يقل أم هو في غي لأن في الكلام دليلا عليه، قال: والعرب تضمر هذا إذا عرفت مثل هذا - عرفت المعنى.
ثم بين وجه الخطًا في هذا القول: و وصفه بأنه خطأ فاحش، و ذلك لأن ذكر أهل الكتاب قد جرى في هذه القصة بأنهم كانوا يكفرون بآيات اللّه، ويقتلون الأنبياء بغير حق، فأعلم اللّه جلّ وعزّ أن منهم المؤمنين الذين هم أمّة قائمة، فما الحاجة إلى أن يقال غير قائمة وإنما المبدوء به ههنا ما كان من فعل أكثرهم من الكفر والمشاقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر من كان مباينا هؤلاء.
قال السمين الحلبي: وقد ضُعِّف قولُ الفراء من حيث الحذفُ ومن حيث وَضْعُ الظاهرِ موضِعَ المضمر، إذ الأصل: منهم أمةٌ قائمة، فَوُضِعَ «أهلِ الكتابِ» موضعَ الضمير.
و وصف الشوكاني (في كتابه في فتح القدير) ما قاله الفراء: أنه قَوِيٌّ قَوِيمٌ، و بين ما قاله؛ وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَسْتَوِي أُمَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ شَأْنُهَا كَذَا وَأُمَّةٌ أُخْرَى شَأْنُهَا كَذَا، وَلَيْسَ تَقْدِيرُ هَذَا الْمَحْذُوفِ مِنْ بَابِ تَقْدِيرِ مَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ كَمَا قَالَ النَّحَّاسُ، فَإِنَّ تَقَدُّمَ ذِكْرِ الْكَافِرَةِ لَا يُفِيدُ مَفَادَ تَقْدِيرِ ذِكْرِهَا هُنَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَى اسْمِ لَيْسَ شَيْءٌ، فَيَرُدُّهُ: أَنَّ تَقْدِيرَ الْعَائِدِ شَائِعٌ مُشْتَهِرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْفَنِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ بِمَا لَيْسَ جَارِيًا عَلَى الْفِعْلِ، فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ.
و يظهر مما سبق و الله أعلم أن الوقف على سواء تام و المعنى ليسوا من ذكروا فيما سبق من الآيات من المؤمنين و الفاسقين، من أهل الكتاب سواء.
القول الثاني: لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، هَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، والسُّدِّيِّ.
يؤيده ما روي من سبب النزول عن ابن مسعود:
1- أخرج أحمد في مسنده وأبو بكر البزار في مسنده، و النسائي في السنن الكبرى، و أبو يعلى في مسنده،وصححه ابن خزيمة ، و أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، الواحدي في أسباب النزول، و ابن المنذر في تفسيره من طريق عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال أخر النبي ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم قال ونزلت هذه الآيات من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله إلى قوله بالمتقين.
ما قيل فيه:
- قال البزار هَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عَاصِمٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا شَيْبَانُ
- قال الهيثمي في كتابه موارد الظمآن في زوائد بن حبان: إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود فإن حديثه لا ينهض إلى مرتبة الصحيح. وصفوان بن صالح، وشيخه الوليد بن مسلم مدلسان لكنهما صرحا بالتحديث، وشيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي.
- قال المحقق شعيب الأرناؤطي في رواية أحمد: صحيح لغيره، وهذا إسناده حسن لأجل عاصم -وهو ابن أبي النجود-، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وحسن بن موسى: هو الأشيب، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن أبو معاوية النحْوي، وزِر: هو ابن حبيش الأسدي.
- قال حسين سليم أسد محقق مسند أبو يعلى: إسناده حسن.
- قال السيوطي في الدر المنثوربعد ذكر رواية من ذكرنا للحديث: بسند حسن عن ابن مسعود
- بين البقاعي في الصحيح المسند من أسباب النزول، سبب قول السيوطي أنه حسن الإسناد: لأن عاصما في حفظه شيء .
- وكما استند إلى ما قاله الهيثمي في مجمع الزوائد : رجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود وهو مختلف في الاحتجاج به.
* رواه عن ابن مسعود بلفظ آخركلًا من؛ ابن وهب في الجامع في علوم القرآن، رواه ابن جرير، و الواحدي و الطبراني في المعجم الكبير، من طريق يحيى بن أيّوب عن عبيد اللّه بن زحرٍ عن سليمان عن زرّ بن حبيشٍ عن عبد [اللّه بن مسعودٍ] قال: احتبس علينا رسول اللّه ذات ليلةٍ عند بعض أهله أو نسائه [فلم يأتنا لصلاة العشاء] حتّى ذهب ليلٌ، فجاء، ومنّا المصلّي ومنّا المضطجع، فبشّرنا وقال: إنّه لا [يصلّي هذه الصّلاة أحدٌ من أهل الكتاب]، فأنزلت: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمةٌ قائمةٌ [يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون).
- وأخرجه الفريابي عن قيس بن الربيع عن عاصم وقال فيه لا أعلم أحدا من أهل الأديان إلى آخره.
- قال ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب: في سياق آخر أخرج الطبري من طريق منصور بن المعتمر بلغني أنها نزلت في قوم يصلون فيما بين المغرب والعشاء رجاله ثقات وهو مقطوع أو موقوف. [المقطوع ما كان من كلام التابعي، والموقوف ما كان من كلام الصحابي، ومنصور بن المعتمر من التابعين، لكنه هنا يرفعه لزمن النبوة فيقول: "بلغني أنها نزلت في ..."؛ فهو مرسل، لأنه لم يبين عمن بلغه]
- و مما قد يؤيد أن الآية في تفضيل أمة محمد صلى الله عليه و سلم ما رواه ابن المنذر في تفسيره عن ابن مسعود بإسنادين مختلفين من طريق ابن نجيح عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْعِجْلِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} قَالَ: لا يَسْتَوِي أَهْلُ الْكِتَابِ وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ {يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ} قَالَ: " صَلاةُ الْعَتَمَةِ، هُمْ يُصَلُّونَهَا، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لا يُصَلُّونَهَا "
- رواه البخاري دون ( و من سواهم من أهل الكتاب لا يصلونها)
- و ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف( و صححه الألباني)، و رواه أبو داود في السنن و البيهقي في السنن الكبرى عن معاذ ابن جبل من طريق حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قوله عندما تأخر بالخروج عليهم و أخر صلاة العتمة ( أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فَقَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ يُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ»
و رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن الربيع ، قال حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّبِيعِ وْلَهُ: يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ:
صَلاةُ الْعَتَمَةِ تُصَلِّيهَا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا يُصَلِّيهَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
3- سياق الآيات ، ذكر ابن عطية وجهًا لسياق الكلام بما يؤيد هذا القول فقال: فمن حيث تقدم ذكر هذه الأمة في قوله كنتم خير أمّةٍ [آل عمران: 110] وذكر أيضا اليهود قال الله لنبيه ليسوا سواءً والكتاب على هذا جنس كتب الله وليس بالمعهود من التوراة والإنجيل فقط، والمعنى: من أهل الكتاب وهم أهل القرآن أمة قائمة.
و ما ذكرنا في القول الأول من الأقوال في مقصد الآية و الوقف و الابتداء، يجوز فيه هذا المعنى على هذا السياق الذي ذكره ابن عطية.
و قد قال [خالد] المزيني في كتابه المحرر تعقيبًا على حديث ابن مسعود: أن الحديث الذي سيقت في ثناياه الآية ليس هو سبب نزولها لضعف سنده، ومخالفته لسياق القرآن وأقوال المفسرين، فلعل لها سبباً آخر لم يخرجه أصحاب الكتب التسعة.
و قد بينا فيما سبق ما أجد انه يرد على ما قرره المزيني.
و قال الوادعي في كتابه( [الصحيح المسند في أسباب النزول) : وأقول لا مانع من نزول الآية في الجميع أو أنه تعدد سبب نزولها والله أعلم
و نقل فخر الدين الرازي ما قاله الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ :في تفسيره للآية و الذي يظهر منه أنه يستند لسبب النزول الذي يجمع بين ما روي عن ابن مسعود و ابن عباس، و إلى أن الوقف على سواء لا يجوز، وأنقل مقالته:
قال : وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: أُولَئِكَ الْحَاضِرُونَ كَانُوا نَفَرًا مِنْ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقِيلَ لَيْسَ يَسْتَوِي مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَامُوا صَلَاةَ الْعَتْمَةِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي يَنَامُ فِيهَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا، وَلَمْ يَبْعُدْ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ حَالُهُمْ وَصِفَتُهُمْ تِلْكَ الْخِصَالُ الذَّمِيمَةُ وَالْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ حَالُهُمْ وَصِفَتُهُمْ هَكَذَا، يَسْتَوِيَانِ؟
فَيَكُونُ الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ تَقْرِيرَ فَضِيلَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ تَأْكِيدًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قوله كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ [آل عمران: ١١٠] وَهُوَ كَقَوْلِهِ أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ [السَّجْدَةِ: ١٨]
و مما سبق يظهر أن معنى ( ليسوا سواء) يحتمل القولين؛ لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ و لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، و الله أعلم.
و مبنى ذلك:
1- أسباب النزول و قول الوادعي أنه لا مانع من نزول الآية في الجميع أو أنه تعدد سبب نزولها والله أعلم .
2- أن سياق الآية و مناسبتها لما قبلها يحتمل المعنيين.
3- أن أهل الكتاب من المؤمنين، هم من آمنوا بمحمد صلى الله عليه و سلم، فيدخلوا في أمة محمد، فيجوز أن يكون المعنى لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ.
4- أن مقصد الآية في فضيلة أهل الإيمان من أهل الكتاب خاصة و المؤمنين عامة.
هذا و الله أعلم.

أحسنتِ، بارك الله فيكِ وزادكِ إحسانًا وتوفيقًا وسدادًا.
- يتضح من تطبيقكِ أنكِ بذلتِ مجهودًا كبيرًا في إعداده، أسأل الله أن يتقبله منكِ وينفعكِ به، ويحتاج القليل من العمل لمزيد إحسان فيه:
1. التنسيق يبرز مجهودك وييسر القراءة.
2. تلخيص أقوال العلماء بأسلوبك ولا يشترط الإكثار من نقل نص كلامهم، إلا ما يحتاج إليه للاستشهاد به، ونسبة كل قول لقائله.
3. ترتيب القائلين حسب تاريخ وفاتهم.
4. الاعتناء بالإعراب خاصة في الأسماء الخمسة فقد تكرر عندك رفع المجرور.
- الهداية لمكي بن أبي طالب من المصادر الناقلة، ويفضل اعتماد التصنيف الذي ذكره الشيخ في المهارات المتقدمة عند ذكر المصادر.
المصادر الأصلية كل ما كان فيه رواية القول بإسناده من المصنف إلى قائل القول وقد تكون بذلك تفاسير أو كتب السنة أو كتب أخرى مصنفة في علوم القرآن أو السيرة أو التاريخ أو غير ذلك.
- قولكِ أن معنى الآية يحتمل القولين ينبغي بيانه بتخصيص اليهود -على القول الثاني- بالكفار منهم؛ فلا يدخل فيهم اليهود الذين آمنوا زمن موسى عليه السلام.
- بعض الملحوظات اليسيرة تجدينها خلال الاقتباس أعلاه.

التقويم: أ+
زادكِ الله توفيقًأ وسدادًا.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir