دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 جمادى الآخرة 1441هـ/9-02-2020م, 04:34 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي موضوع نشر تطبيق ( فهرسة مسائل الإيمان بالقرآن )

موضوع نشر تطبيق ( فهرسة مسائل الإيمان بالقرآن )

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 جمادى الآخرة 1441هـ/16-02-2020م, 12:28 AM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

فهرسة مسائل الإيمان بالقرآن القسم الثاني :

مصادر التلقي للعلم بصفات الله سبحانه:
- ما دلّت عليه الآيات من كتاب اللّه تعالى وما روي عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم.

الكلام صفة من صفات الله:
- نثبت صِفَةِ الكلامِ لله حَقِيقَةً عَلَى ما يَلِيقُ بِجَلالِهِ تَعَالَى .
- صفة الكلام لله قديمة النوع حادثة الآحاد .
- صفة الكلام من الصفات الذاتية الفعلية لله تعالى , فهو يتكلم إذا شاء متى شاء.
- وقد تكلم-سبحانه- بالقرآن وباقي الكتب المنزلة على الأنبياء.

الأدلة على أن الكلام صفة من صفات الله:
- قال تعالى: ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيْلاً ).
- وقال:( وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيْسى بنَ مَرْيَمَ ).
- وقال: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
- وقولُهُ: ( وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً ).

كلام الله سبحانه بحرف وصوت :
- قال تعالى:( وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيّاً )،
- وقَوْلُهُ: ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوْسَى أَنِ ائْتِ القَوْمَ الظَّالِمِينَ).
- وقال:(وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُما الشَّجَرَةِ ).
- وقال : ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقولُ مَاذا أَجَبْتُمُ المُرْسَلينَ ).

عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن:

أولا: القرآن كلام الله تعالى حقيقة لا كلام غيره :
الأدلة على أن القرآن كلام الله :
- قال تعالى: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} .
قال قتادة والسّدّيّ: القرآن.
- وقال تعالى: {يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه}.

ثانيا: القرآن نزل من عند الله :
- التَّنزيلُ والإنزالُ هو مجيءُ الشَّيءِ من أعلى إلى أسفلَ.
- قَالَ تَعَالَى :{ وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ }
- وقال: {وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ مصدّق الّذي بين يديه}.
- وقال: {المر تلك آيات الكتاب والّذي أنزل إليك من ربّك} الآية.
- وقال: {قل من أنزل الكتاب الّذي جاء به موسى}.

أقسام الإضافة إلى الله:
- جاء في الحديثِ: ((زَيِّنُوا الْقُرَآنَ بَأَصْوَاتِكُمْ)).القسم الأول : إضافةِ أَعْيَانٍ
وهي من بابِ إضافةِ المخلوقِ إلى خالقِه، كبيتِ اللهِ وناقةِ اللهِ ونحوِ ذلك.
- جاء في الحديثِ: ((زَيِّنُوا الْقُرَآنَ بَأَصْوَاتِكُمْ)).القسم الثاني : إضافةِ معانٍ،
وهي من بابِ إضافةِ الصِّفةِ إلى الموصوفِ، كسمعِ اللهِ وبصرِه وعلمِه وقُدرتِه، فإضافةُ القرآنِ إليه -سُبْحَانَهُ- من بابِ إضافةِ الصِّفةِ إلى الموصوفِ، لا من بابِ إضافةِ المخلوقِ إلى خالقِه.

بدء نزول القرآن:
نزول القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا :
نزل القرآن بداية إلى السماء الدنيا في رمضان في ليلة القدر , ثم نزل مفرقا بحسب الحوادث على النبي عليه الصلاة والسلام.
- قال ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ونزل بعد في عشرين سنة ونزلت: {ولا يأتونك بمثلٍ إلاجئناك بالحقّ} الآية، {وقرآنًا فرقناه لتقرأه} الآية.
رواه ابن منده بسنده عن عكرمة، عن ابن عباس.
- وقال أيضا: أنزل القرآن جملة من السماء العلياء إلى السماء الدنيا في رمضان وكان الله عز وجل إذا أراد أن يحدث شيئا أحدثه، يعني بالوحي.
رواه ابن مندة بسنده عن عكرمة، عن ابن عباس.

ثالثا: جبريلَ عليه السلام سمع القرآن من الله تعالى:
- قال تعالى: { نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ }
- وقال : {وإنّه لتنزيل ربّ العالمين نزل به الرّوح الأمين على قلبك} الآية.
- وقوله: (الأَمِينُ) دليلٌ على أنَّه مُؤْتمنٌ على ما أُرْسلَ به، فلا يَزيدُ عليه ولا يُنقِصُ،
- وقال: {وما نتنزّل إلا بأمر ربّك} الآية.

رابعا: النبيَّ صلّى الله عليه وسلم سمعه من جبريل والصَّحابةُ سمعُوه منه:
- قال الله عز وجل: {طه ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى} إلى قوله {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى}.
- وقال تعالى: {وإنّه لتنزيل ربّ العالمين نزل به الرّوح الأمين على قلبك} الآية.
دلت الآية على أنَّ الرَّسولَ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- سَمِعَهُ من جبريلَ ، والصَّحابةُ سمعُوه من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
- قال ابن عبّاسٍ، قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم أجود النّاس، فما هو إلاّ أن يدخل رمضان فيدارسه جبريل عليه السّلام القرآن، فلهو أجود من الرّيح المرسلة.
رواه ابن مندة بسنده عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس.
- قال ابن عبّاسٍ: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: ما لك لا تزورنا أكثر ممّا تزورنا، فأنزل الله عزّ وجلّ: {وما نتنزّل إلا بأمر ربّك} الآية.
رواه بن منده بسنده عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس.
- قال تعالى: { لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ }.
- قال ابن عباس: كان يعرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلّ عامٍ، فلمّا كان العام الّذي قبض فيه، عرض عليه مرّتين، فشهده عبد الله، ما نسخ منه وما بدّل.
- كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بالمَوْقِفِ ويَقُولُ: ((أَلا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلِى قَوْمِه لاِبَلِّغَ كَلامَ رَبِّي ، فإِنَّ قُرَيْشاً قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلاَمَ رَبِّي)). رواه أَبُو دَاوُدَ وغيرُهُ.

خامسا: القرآن بدأ من الله وإليه يعود:
- قال عمر بن دينار: (أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَقُولُونَ: اللَّهُ الخَالقُ وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ إِلا القُـرْآنَ فَإِنَّهُ كَلامُ اللَّهِ غَـيْرُ مَخْلُـوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُـودُ).
معنى :(منه بدأ):
- أي هو الذي تكلم به وهو الذي أنزله.
- قال النبي صلى الله عليه وسلمَ: " مَا تَقَرَّبَ العِبَادُ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ ".
- قال خباب بن الأرت: يَا هَذَا تَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَعْتَ فَلَنْ يُتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ.
- الكلامَ إِنَّما يُضَافُ حقيقةً إِلى مَنْ قالَهُ مُبْتَدِئاً، لا إِلى مَن قالَهُ مُبَلِّغاً مُؤدِّياً.

معنى :(إليه يعود):
- أي يسري في آخر الزمان من المصاحف والصدور فلا يبقى منه كلمة ولا حرف.
- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسرى على كتاب الله في ليلةٍ فلا يبقى في الأرض منه آيةٌ، ويبقى طوائف من النّاس الشّيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلاّ الله، فنحن نقولها.
رواه ابن مندة بسنده عن عن أبي حازمٍ، عن ابي هريرة.

سادسا: القرآنَ حروفه ومعانيه من الله تعالى:
- القرآن اسم للنظم العربي الذي بلغه النبي عليه الصلاة والسلام عن جبريل عن رب العالمين.
- قال شيخ الإسلام: والصواب الذى عليه السلف والأئمة أن الكلام حقيقة في اللفظ والمعنى، كما أن الإنسان حقيقة في البدن والروح فالنزاع فى الناطق كالنزاع فى منطقه .

الأدلة على أن القرآن حروفه ومعانيه من الله تعالى:
- قال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) فيقرأ القرآن نفسه بحروفه لا معانيه.
- قال تعالى:{حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ} دلت الآية على أن القرآن الي هو سور وآيات وحروف وكلمات هو عين كلام الله .
- وقال :{ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآن مُّبِينٍ }فسَمَّى نَفْسَ مجموعِ اللَّفظِ والمَعْنى قُرآناً وكِتاباً وكَلاَماً .

سابعا: كل حرف من القرآن قد تكلّم الله به حقيقة:
- قال ابنِ مسعودٍ أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: ((مَنْ قَرَأَ الْقُرَآنَ فَأَعْرَبَهُ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ))
- وقال النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((اقْرَؤوا القرآنَ قَبلَ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُقِيمُونَ حُرُوفَهُ إِقَامَةَ السَّهْمِ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَتَعَجَّلُونَ آخِرَهُ وَلاَ يَتَأَجَّلُونَهُ)) رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، والبيهقيُّ .
- وقال أبو بكرٍ وعمرُ -رضي اللَّهُ عنهما-: إعرابُ القرآنِ أحبُّ إلينا مِن حِفظِ بعضِ حُروفِه.
- وقال عليٌّ -رضي اللَّهُ عنه-: مَن كفَرَ بحرفٍ منه فقد كفَرَ بِهِ كُلِّهِ.

ثامنا: نزل القرآن بلسان عربي مبين:
- قال تعالى:{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } .
- وقال تعالى: {قرآنًا عربيًّا غير ذي عوجٍ}
- وقال: {إنّا أنزلناه قرءانًا عربيًّا}.

تاسعا: القرآن هو الذي في المصحف بين الدفتين ، محفوظ في السطور وفي الصدور:
القرآن هو المحفوظ في الصدور:
- قال تعالى: {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ}الآية، وقال عز وجل: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم}الآية،
- وقال: {نزل به الرّوح الأمين على قلبك}. وقال: {من كان عدوًّا لجبريل فإنّه نزّله على قلبك}.
- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسرى على كتاب الله في ليلةٍ فلا يبقى في الأرض منه آيةٌ، ويبقى طوائف من النّاس الشّيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلاّ الله، فنحن نقولها.
رواه ابن مندة بسنده عن عن أبي حازمٍ، عن ابي هريرة.

المكتوب بين الدَّفتين هو القرآن :
- قال اللّه عز وجل: {الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب} .
وقال عز وجل: {نزّل عليك الكتاب بالحقّ مصدّقًا لما بين يديه} .
- وقال تعالى:{لْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجيد * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}
- وقال: {وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ}.
- قال أبو شريحٍ الخزاعيّ: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إنّ هذا القرآن سببٌ، طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسّكوا به، فإنّكم لن تضّلّوا ما إن تمسّكتم به)).
- عن ابن عمر، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدوّ فإنّي أخاف أن يناله العدوّ)).
رواه ابن منده بسنده عن نافع عن ابن عمر.

المسموع من القرآن كلام الله عز وجل:
- قال الله لنبيّه صلى الله عليه وسلم: {بلّغ ما أنزل إليك من ربّك} .
- وقال: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام الله}.

عاشرا: القرآن كلام الله غير مخلوق:
حكم من قال بخلق القرآن:
- قال أحمد : من قال: القرآن مخلوق فهو عندنا كافر؛ لأن القرآن من علم الله عز وجل وفيه أسماء الله عز وجل.
- قال الآجري: باب ذكر الإيمان بأن القرآن كلام الله تعالى، وأن كلامه ليس بمخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر .
- قال اللالكائي: وهو قرآنٌ واحدٌ غير مخلوقٍ وغير مجعولٍ ومربوبٍ، بل هو صفةٌ من صفات ذاته، لم يزل به متكلّمًا، ومن قال غير هذا فهو كافرٌ ضالٌّ مضلٌّ مبتدعٌ مخالفٌ لمذاهب السّنّة والجماعة.

الرد على من قال بخلق القرآن:
أولا: القرآن كلام الله؛ وكلامه تعالى صفة من صفاته، وصفات الله غير مخلوقة:
- قال تعالى: {ولكن حقّ القول منّي} ولا يكون من اللّه شيءٌ مخلوقٌ .
- قال: عليه الصلاة ولسلام ((مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْحَلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ)) فكلامَ اللَّهِ غيرُ مخلوقٍ لأنَّ الاستعاذةَ بالمخلوقِ شِركٌ.

ثانيا: كلام الله صفة من صفاته لا ينفد ولا يبيد فلا يكون مخلوقاً:
- قال تعالى: {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مددًا} فسرها بقوله:
{ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ}
- قال قتادة في الآية السابقة:
قال المشركون: إنّما هذا كلامٌ يوشك أن ينفد، فأنزل اللّه تعالى ما تسمعون، يقول: لو كان شجر الأرض أقلامًا، ومع البحر سبعة أبحرٍ مدادًا، لتكسّرت الأقلام ونفدت البحور قبل أن تنفد عجائب ربّي وحكمته وكلماته وعلمه.
- حين يفنى خلق الله يقول: {لمن الملك اليوم} فيجيب تعالى نفسه: {للّه الواحد القهّار} .
فالمخلوقات كلّها تنفد وتفنى، وكلمات اللّه لا تفنى.

ثالثا: القرآن من علم الله، وعلم الله لا يكون مخلوقا:
- قال تعالى: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم}،
- وقال : {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير}،
- وقال : {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين}.
علم الله هو القرآن.
- قال الإمام أحمد : إذا قال الرجل العلم مخلوق فهو كافر؛ لأنه يزعم أنه لم يكن له علم حتى خلقه.
- وقال: من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كافر؛ لأن القرآن من علم الله عز وجل.
- قال ابن بطة: فقد دلّنا كتاب اللّه أنّ القرآن كلام اللّه، وأنّه علمٌ من علم اللّه، فكلام اللّه من اللّه. قال اللّه تعالى: {ولكن حقّ القول منّي} فمن زعم أنّ من اللّه شيئًا مخلوقًا، فقد كفر. ومن زعم أنّ علم اللّه مخلوقٌ، فقد زعم أنّ اللّه كان ولا علم له.

رابعا : فرَّق الله تعالى بين الخلق والأمر، وكلام الله من أمره؛ فهو غير مخلوق:
- قال تعالى: {ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه ربّ العالمين}
- قال ابن عيينة : " ما يقول هذا الدّويبة؟ -يعني بشرًا المريسيّ-، قالوا: يا أبا محمّدٍ: يزعم أنّ القرآن مخلوقٌ. قال: فقد كذب، قال اللّه عزّ وجلّ: {ألا له الخلق والأمر} فالخلق خلق اللّه، والأمر القرآن .
- قال ابن خزيمة : الفرق بين الخلق والأمر: فأعلمنا جلّ وعلا أنّه يكوّن كلّ مكوّنٍ من خلقه بقوله: {كن فيكون} وقوله: {كن} : هو كلامه الّذي به يكون الخلق وكلامه عزّ وجلّ الّذي به يكون الخلق غير الخلق الّذي يكون مكوّنًا بكلامه.
- قال البيهقي: وقال: {ألا له الخلق والأمر}، ففرق بين خلقه وأمره بالواو الذي هو حرف الفصل بين الشيئين المتغايرين، فدل على أن قوله غير خلقه، وقال: {لله الأمر من قبل ومن بعد}، يعني من قبل أن يخلق الخلق ومن بعد ذلك. وهذا يوجب أن الأمر غير مخلوق.

خامسا: أول ما خلق الله من شيء القلم، والكلام قبل القلم:
- قال النبي عليه الصلاة والسلام : (أأوّل ما خلق اللّه القلم، فقال له: اكتب، فقال: يا ربّ، وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، فجرى بما هو كائنٌ من ذلك اليوم إلى قيام السّاعة ).
- قال السلف: إنّما خلق القلم ب {كن} فخلق القلم بكلامه , وكان كلامه قبل خلقه.

تصريح أهل السنة بأن القرآن غير مخلوق:
- لمَّا ظَهَرَ مَن قال: إنَّه مخلوقٌ، قالوا رداًّ لكلامِه: إنَّه غيرُ مخلوقٍ.

أقوال الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة في القرآن:
الجهمية:
أول من قال: القرآن مخلوق الجعدُ بنُ دِرْهمٍ، وأخذها عنه الجهمُ بنُ صفوانَ.
قالوا: إنَّ اللَّهَ لا يتكلَّمُ، بل خَلقَ كلاماً في غيرِه وجَعلَ غيرَه يُعبِّرُ عنه، وما جاء مِن الأدلَّة أنَّ اللَّهَ تكلَّم أو يُكلِّمُ أو نادى أو نحوَ ذَلِكَ، قالوا هَذَا مجازٌ.

المعتزلة:
زعموا أنّ كلام الله تعالى مخلوق منفصل عنه، فالله يخلق الكلام في مخلوق كالهواء أو في غيره , فقالوا بأنّ القرآن مخلوق .

الكلابية والماتريدية والأشاعرة:
- أول من قال : القرآن قديم عبد الله بن سعيد بن كُلاب البصري .
- الكلابية قالوا بأن القرآن حكاية عن كلام الله.
- الأشاعرة قالوا بأنه عبارة عن كلام الله , وبأن القرآن هو الذي في السماء , وفرقوا بين القرآن المتلو وغير المتلو.
- زعموا أن كلام الله تعالى هو المعنى النفسي القائم بالله ، وبأنه قديم بقدمه تعالى، وأنه ليس بحرف ولا صوت.
- قالوا بأن كلامه هو المعنى لا الحروف.
- قالوا بأن جبريل-عليه السلام- أخذه من اللوح المحوظولم يسمعه من الله , أو ألهمه الله إياه.

الواقفة:
قالوا بأن القرآن هو مجرد الحروف فقط دون المعنى.

الفلاسفة:
قالوا بأن القرآن فَاضَ عَلَى نفسِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام مِن العقلِ الفَعَّالِ أو غيرِه.

فتنة اللفظية:
- هم من ابتدعوا مقولة: لفظي بالقرآن مخلوق .
- جاء في الحديثِ: ((زَيِّنُوا الْقُرَآنَ بَأَصْوَاتِكُمْ)).
- قال الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ مِن أَئِمَّةِ السُّنَّةِ : مَن قَالَ اللَّفْظُ بِالقُرْآنِ أَوْ لفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ.
فمنعو من إِطْلاقِ النَّفْيِ وَالإِثْبَاتِ لكونه يَقْتَضِي جَعْلَ صِفَاتِ اللَّهِ مَخْلُوقَةً أَوْ جَعْلَ صِفَاتِ العِبَادِ ومِدادَهُمْ غَيْرَ مَخْلُوقٍ.
- القرآن كلام البارئ، والصوت صوت القارئ.
- يراد بِاللَّفْظِ القَوْلُ الذي يَلْفِظُ بِهِ اللافِظُ وَذَلكَ كَلامُ اللَّهِ لا كَلامُ القَارِئِ , أما لصَّوْتَ المَسْمُوعَ فهو صَوْتُ العَبْدِ.
- قال أحمد : القُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ حَيْثُ تَصَرَّفَ
- قال البخاري: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق، قال الله عز وجل (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم).
- قاعدة :الكلام ينسب لمن تكلم به ابتداء

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 رمضان 1441هـ/11-05-2020م, 07:24 PM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

المماراة في القرآن

معنى المراء في القرآن وبيان أنواعه:
المراد بالمراء: (يطلق على وجهين)
الوجه الأول: الاختلاف في القراءة بين الأحرف أو تفضيل بينها أو التكذيب ببعضها.
نزول القرآن على سبعة أحرف وهي سبع لغات.
أوجه الاختلاف: قول ابن مسعود (فإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال)
إجماع المسلمين على مصحف عثمان: كفاهم شر المراء الذي نهى عنه النبي، وهو المراد بالوجه الأول.

الوجه الثاني: بين أصحاب الأهواء وأهل المذاهب، والبدع، وهم الّذين يخوضون في آيات اللّه، ويتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله، وهذا الوجه باقي إلى الآن.

حكم المراء في القرآن:
أن المراء فيه كفر، كما في حديث عمرو بن العاص وحديث أبي جهيم الأنصاري وحديث أبي هريرة.
بيان معنى اختلاف الفقهاء، وأنه لا يدخل في المراء في القرآن.
من أسباب المراء في القرآن: الخلاف المذهبي، كما ذكر النووي.

نهي النبي عن المراء في القرآن:
كما في الحديث: لا تماروا في القرآن، وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا: (دعوا المراء في القرآن)
وفي حديث جماعة من الصحابة: (أبهذا أمرتم، أوليس عن هذا نهيتم)
قصة عبد الله بن مسعود مع اثنين من الصحابة واختلافهم في سورة الأحقاف
قصة عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم، وتعقيب النبي: (هكذا أنزل إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)
قصة أبيّ بن كعب مع النبي عند إنكاره لقراءة أحد الصحابة.

وصايا السلف في النهي عن المراء:
وصية عمر بتعلم العلم للسكينة والحلم والتواضع.
وصية ميمون بن مهران: فإنك إذا ماريت الجاهل خشن بصدرك، ولم يطعك، وإذا ماريت العالم خزن عنك علمه، ولم يبال ما صنعت
إن أغر الضلالة الرجل يقرأ القرآن لا يفقه فيه، فيعلمه الصبي والمرأة والعبد، فيجادلون به أهل العلم
وصية الآجري في الشريعة: (ليقرأ كل إنسان كما علم، ولا يعب بعضكم قراءة غيره، واتقوا الله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، واعتبروا بأمثاله، وأحلوا حلاله، وحرموا حرامه).
قال عمر: "اقرؤوا القرآن ما اتفقتم عليه، فإذا اختلفتم فقوموا"

عواقب المراء وسوء نتائجه: (كما في حديث جماعة من الصحابة وغيره)
- أنه من أسباب لعن الأمم من قبلنا، كما في حديث عبد اللّه بن عمرو، وأثر ابن عباس.
- وقلة خيره
- ونفعه قليل
- ويهيج العداوة بين الإخوان
- وأن المراء لا تؤمن فتنته
- وأن المراء يورث الشك ويحبط العمل
- وأن المماري قد تمت حسراته
- وكفى بالمرء إثما لا يزال مماريا.
- وأن المماري لا يشفع له النبي يوم القيامة.
- وأول ما نهى الله تعالى عنه نبيه بعد عبادة الأوثان، وشرب الخمر.
- وأنه يحبط العمل.
- وأنه يمحق الدين، كما في أثر علي رضي الله عنه
- وإنه ساعة جهل العالم، كما في أثر مسلم بن يسار.
- وبه يبتغي الشيطان زلته، كما في أثر مسلم بن يسار.
- وإنك إذا ماريت الجاهل خشن بصدرك، ولم يطعك، وإذا ماريت العالم خزن عنك علمه، ولم يبال ما صنعت.
- وإذا كثر مراء القارئ، فقد أحكم الخسارة، كما في أثر يزيد بن أبي حبيب.
- وأنه من أسباب افتراق أهل الكتاب.

فضل من ترك المراء:
من صفات الفرقة الناجية: من لم يمار في دين الله تعالى، ولا يمارون في دين اللّه عزّ وجل.

امتثال أهل العلم من التابعين لهذا الأمر:
قال الآجري في الشريعة: (لما سمع هذا أهل العلم من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يماروا في الدين، ولم يجادلوا، وحذروا المسلمين المراء والجدال)


التحذير من القول في القرآن بغير علم

تحذير النبي من القول في القرآن بغير علم، وسوء عاقبته:
في حديث ابن عباس: (فليتبوّأ مقعده من النار)
الحديث : (ألجم يوم القيامة بلجامٍ من نار)
الحديث : (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)
أنه من أسباب اختلاف الأمة: كما في حديث عوف بن مالك: (تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ...)
وهو سبب ضلال بني إسرائيل: كما في حديث واثلة بن الأسقع مرفوعا: (لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيما ... فقاسوا ما لم يكن بما كان فضلّوا وأضلّوا)

التحذير من الاختلاف في القرآن
نهي النبي عن الاختلاف في القرآن:
الأحاديث في أمر النبي بقراءة القرآن ما اتفقت عليه القلوب، والقيام عند الاختلاف فيه.
قصة طلب النبي كتاب ليكتبه في مرضه (قوموا عني ولا ينبغي عند نبي تنازع)
غضب النبي لاختلاف الصحابة في القرآن (فعرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكراهية)
فإنّه يوقع الشّكّ في قلوبكم {ما ضربوه لك إلّا جدلًا بل هم قومٌ خصمون}

كيفية تعامل المسلم مع القرآن:
إن القرآن يصدق بعضه بعضا، فلا تكذبوا بعضه ببعض؛ ما علمتم منه فاقبلوه، وما لم تعلموا منه فكلوه إلى عالمه.
انظروا الذي أمرتم به فأعملوا به وانظروا الذي نهيتم عنه فانتهوا عنه
أمر النبي لأصحابه بالقراءة كما تعلموا، وحديث: (كلاكما محسن)
وفي حديث أبي أمامة مرفوعا: (لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض، فإنه لم تضل أمة إلا أوتوا الجدل)
الآثار في نهي ابن عباس عن القول بالرأي في القرآن.
الالتزام في التفسير بما جاء عن النبي والصحابة والتابعين والسلف الصالح

من آداب تعلم وتعليم القرآن:
كراهة ابن عباس للمسارعة في القرآن لئلا يكون سببا للخلاف وموافقة عمر له
ينبغي لمن لقّنه الأستاذ ألا يجاوز ما لقّنه، إذا كان ممّن قد أحبّ أن يتلقّن عليه. وإذا جلس بين يدي غيره لم يتلقّن منه إلا ما لقّنه الأستاذ؛ أعني بحرفٍ غير الحرف الّذي تلقّنه من الأستاذ، فإنّه أعود عليه وأصحّ لقراءته.
كان أبو العالية الرياحي إذا قرأ عنده رجل لم يقل: ليس كما تقرأ، ويقول: أما أنا فأقرأ كذا وكذا. قال شعيب: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: "أرى صاحبك قد سمع أنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله"
النهي عن التكذيب بآيات الله: كما في قول عبد الله بن مسعود: (أتكذب بكتاب الله)، (فإنه من يجحد بآية منه يجحد به كله)

فضل ابن مسعود وحرصه على طلب العلم:
والله لو أعلم أن رجلا أعلم بما أنزل على محمد مني لطلبته حتى أزداد علما إلى علمي، إنه سيكون قوم يميتون الصلاة، فصلوا لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يعارض بالقرآن في رمضان، وإني قد عرضته عليه في العام الذي قبض فيه مرتين، فأنبأني أني محسن، وقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة.

الحذر من الذين يتّبعون ما تشابه من القرآن
تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أمته من قومٍ يجادلون بمتشابه القرآن:
فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه، أو به، فهم الذين عنى الله تعالى، فاحذروهم

كراهية العلماء للسؤال عن عضل المسائل والأغلوطات:

قصة صبيغ مع عمر بن الخطاب:
نهيه لأهل البصرة عن مجالسته
عقوبة الإمام لمن يجادل في متشابه القرآن
أن هذه العقوبة لا تنطبق على من يسأل عن التفسير ومعاني كلمات كتاب الله
وصية عمر في التعامل مع المجادلين في متشابه القرآن ومحاجتهم بالسنن

قصة علي بن أبي طالب مع ابن الكواء ونهيه له عن السؤال فيما لا ينفع

تفسير قوله تعالى {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب، وأخر متشابهات}:
المراد بالمحكمات والمتشابهات
المراد بالفتنة في قوله تعالى: {فأمّا الّذين في قلوبهم زيغٌ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة} أنها الضّلالة
تفسير أبي أمامة وقتادة للذين يتّبعون ما تشابه من القرآن بالخوارج وأهل البدع
المراد بالحروريّة والسّبائيّة
كفر الجهميّة الّذين أزاغ اللّه قلوبهم بما تأوّلوه من متشابه القرآن

من أسباب هلاك الأمة في القرآن:
تعلمه وتأويله على غير ما أنزل الله

ما ينبغي على المسلم فعله تجاه الآيات المتشابهة:
ردها إلى أولي العلم
علمه أن القرآن تبيان لكل شيء، لكن علمنا يقصر عنه.
مجادلة أهل الأهواء بالسنن

ذم الجدال بالقرآن

نهي النّبيّ عن مناظرة أهل البدع وجدالهم والمكالمة معهم والاستماع إلى أقوالهم المحدثة وآرائهم الخبيثة:
في الحديث: (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل)، ثم قرأ: {ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون}
وفي حديث معاذ بن جبلٍ: "إيّاكم وثلاثةً: زلّة عالمٍ، وجدال المنافق بالقرآن، ودنيا تقطّع أعناقكم، فأمّا زلّة العالم فلا تقلّدوه دينكم، وإن زلّ فلا تقطعوا عنه أناتكم، وأمّا جدال المنافق بالقرآن فإنّ للقرآن منارًا كمنار الطّريق، فما عرفتم فخذوه، وما أنكرتم فردّوه إلى عالمه، وأمّا دنيا تقطّع أعناقكم فمن جعل اللّه في قلبه الغنى فهو الغنيّ".
وفي الحديث: «لا تجادلوا في الدّين أحدًا، ولا تضربوا كتاب اللّه بعضه ببعضٍ، فواللّه إنّ المؤمن ليجادل به ليغلب، وإنّ المنافق ليجادل به فيغلبه»

أقوال السلف في عواقب الجدال بالقرآن:
قول ابن عون: قال محمّدٌ "إنّ أسرع النّاس ردّةً أهل الأهواء، وكان يرى أنّ هذه الآية نزلت فيهم: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم}"
وقول عمر: "يهدم الإسلام زلة عالم وجدال منافق بالقرآن وحكم الأئمة المضلين"
وقول عمر بن الخطّاب: " إنّ أخوف ما أخاف عليكم ثلاثةٌ: جدال المنافق بالقرآن لا يخطئ واوًا ولا ألفًا يجادل النّاس أنّه أجدل منهم ليضلّهم عن الهدى، وزلّة عالمٍ، وأئمّة المضلّين، ثلاثٌ بهنّ يهدم الزّمن
وقول عليّ بن أبي طالب: إنّك إن بقيت، فسيقرأ القرآن على ثلاثة أصنافٍ: صنفٍ لله تعالى، وصنفٍ للدّنيا، وصنفٍ للجدل، فمن طلب به أدرك.
وقول أبي العالية: " آيتان في كتاب اللّه ما أشدّهما على الّذين يجادلون في القرآن: {ما يجادل في آيات اللّه إلّا الّذين كفروا}، {وإنّ الّذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاقٍ بعيد}.
وقول الحارث العكليّ: «إذا جلس الرّجلان يختصمان في الدّين فليعلما أنّهما في أمر بدعةٍ حتّى يفترقا».
وعن مجاهد: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا} قال: يكذّبون بآياتنا".
وقال معاذ: "إنّما أخشى عليك ثلاثةً من بعدي: زلّة عالمٍ، وجدال منافقٍ في القرآن، والقرآن حقٌّ، وعلى القرآن منارٌ كمنار الطّريق، فما عرفتم منه فخذوه، ومن لم يكن غنيًّا من الدّنيا فلا دين له ". قال عبد المؤمن فسألت أبي: «ما يعني بهذا؟» فقال: " سألناه، فقال: " من لم يكن له من الدّنيا عملٌ صالحٌ فلا دين له"

المراء في القرآن والخصومة فيه والتّعاطي لتأويله بالآراء والأهواء لإقامة دولة البدع، وابتغاء الفتنة بغير علمٍ كفرٌ وضلال:
قال الزّبير: إنّ «القرآن قد قرأه كلّ قومٍ فتأوّلوه على أهوائهم، وأخطئوا مواضعه، فإن رجعوا إليك، فخاصمهم بسنن أبي بكرٍ وعمر رحمهما اللّه، فإنّهم لا يجحدون أنّهما أعلم بالقرآن منهم، فلمّا رجعوا، فخاصمتهم بسنن أبي بكرٍ وعمر فواللّه ما قاموا معي، ولا قعدوا»
وعن قتادة في قوله {ومن النّاس من يجادل في اللّه بغير علمٍ} قال: «صاحب بدعةٍ يدعو إلى بدعته»

النّهي عن مجالسة أهل البدع ومن يماري بالقرآن

وصية الله لنبيه بالحذر من أهل الأهواء وألا يقعد معهم إلّا أن ينسى، فإذا ذكر فليقم:
في قوله تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره وإمّا ينسينّك الشّيطان فلا تقعد بعد الذّكرى مع القوم الظّالمين}
وقال تعالى: {وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذًا مثلهم إنّ اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعًا}
وقال قتادة: في قوله تعالى {فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}: نهاه اللّه أن يجلس مع الّذين يخوضون في آيات اللّه، يكذّبون بها، وإن نسي، فلا يقعد بعد الذّكرى مع القوم الظّالمين.
وقال مجاهد في قوله تعالى: {يخوضون في آياتنا}: «يكذّبون بآياتنا»، وقال أيضا: يستهزئون، نهى محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقعد معهم إلّا أن ينسى، فإذا ذكر فليقم، وذلك قوله: {فلا تقعد بعد الذّكرى مع القوم الظّالمين}

وصايا السلف بعدم مجالسة أهل البدع:
قال ابن عون: كان محمّدٌ يرى أنّ هذه الآية نزلت فيهم: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} يعني أهل الأهواء
وقال محمّد بن عليٍّ ابن الحنفيّة: «لا تجالسوا أصحاب الخصومات، فإنّهم الّذين يخوضون في آيات اللّه»
وقال أحمد بن حنبل حين سئل عن القرآن: "كلام الله عز وجل ليس بمخلوق ولا تخاصموا ولا تجالسوا من يخاصم"
وقال الفضيل بن عياض: "لا تجادلوا أهل الخصومات فإنّهم يخوضون في آيات اللّه"

هدي السلف في ترك المراء:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن لا يماري ولا أشفع للمماري يوم القيامة فدعوا المراء لقلة خيره))
وقال عليّ عبد العزيز بن الماجشون: "احذروا الجدل، فإنّه يقرّبكم إلى كلّ موبقةٍ، ولا يسلّمكم إلى ثقةٍ، ليس له أجلٌ ينتهي إليه، وهو يدخل في كلّ شيءٍ، فاتّخذوا الكفّ عنه طريقًا"
وقال الحسن البصري: الحكيم لا يماري ولا يداري في حكمته أن ينشرها إن قبلت حمد الله وإن ردت حمد الله.
وسأل رجل عمر بن الخطاب فقال: ما {الناشطات نشطا}؟ فقال: لو كنت محلوقا لضربت عنقك
وقال مهدي بن ميمون: سمعت محمدا يعني ابن سيرين: وماراه رجل في شيء. فقال محمد: إني أعلم ما تريد، وأنا أعلم بالمراء منك، ولكني لا أماريك
وقال عون بن عبد اللّه: «لا تفاتح أصحاب الأهواء في شيءٍ، فإنّهم يضربون القرآن بعضه ببعضٍ»
وقال مالك: كان سليمان بن يسارٍ «إذا سمع في مجلسٍ مراءً قام وتركهم»

التفريق بين من سأل مسترشدا، ومن جاء مناظرا مجادلا مخاصما، والأخير هو من جاء فيه النهي عن المراء.

بيان تواتر القرآن
الإجماع على تواتر القرآن:
نقل الزركشي إجماع الأمة على تواتر القرآن في أصله وأجزائه.
من الحفظ المذكور في قوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، تواتره، وهذا من العلم اليقيني.
أن البلاغ العام المذكور في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} هو بالتواتر
أن ما نقل آحادا من القرآن ولم يتواتر: نقطع بأنه ليس من القرآن.

اختلاف الأصوليين في ثبوت تواتر ترتيب السور:
ذكر الزركشي في ذلك قولين:
الأول: تواتر القرآن في محله ووضعه وترتيبه، وهو إجماع المحققين من أهل السنة.
الثاني: أن التواتر ليس بشرط في محله ووضعه وترتيبه بل يكثر فيها نقل الآحاد، وهو قول كثير من الأصوليين، واستدلوا عليه بصنيع الشافعي في إثبات البسملة من كل سورة.

ترجيح الزركشي للقول الأول، ورد القول الثاني لسببين:
الأول: لأنه لو لم يشترط التواتر في الجميع لجاز سقوط كثير من القرآن المكرر مثل: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} و{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}.
الثاني: لأن إذا لم يتواتر بعض القرآن بحسب المحل جاز ثبوت كثير مما ليس بقرآن بنقل الآحاد.

نسب القاضي أبو بكر في الانتصار لقوم من الفقهاء والمتكلمين إثبات القرآن حكما لا علما بخبر الواحد، ثم ذكر الزركشي رد أهل الحق وامتناعهم من ذلك القول.

عدم جواز القراءة بالشاذ:
نقل الزركشي زعم بعض المتكلمين بجواز القراءة بما يحتمله الإعراب ولو لم يثبت رواية، ثم عقبه بأنه خطأ وأنكره أهل الحق.

شبهات الطاعنين في القرآن لا تقدح في ثبوت تواتره
حفظ الله لكتابه من الزيادة أو النقص ورد طعن الطاعنين واختلاف الضالين في القرآن: مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وقوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}
إجماع الأمة على أن المراد بحفظه تعالى: حفظه على المكلفين للعمل به، وحراسته من وجوه الغلط والتخليط.
أن المعتبر في العلم بصحة النقل والقطع على فنونه: مجيئه عن قوم ثبت بهم التواتر وقامت بهم الحجة، وليس عدم وجود المخالف.
أن هذا التواتر وثبوته يسقط اعتراض الملحدين ونقض مطاعن الرافضة، ويوجب القطع على صحة نقل مصحف الجماعة وسلامته وحفظه وصيانته من التغيير.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 ذو القعدة 1441هـ/23-06-2020م, 12:34 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فداء حسين مشاهدة المشاركة
فهرسة مسائل الإيمان بالقرآن القسم الثاني :

مصادر التلقي للعلم بصفات الله سبحانه:
- ما دلّت عليه الآيات من كتاب اللّه تعالى وما روي عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم.

الكلام صفة من صفات الله:
- نثبت صِفَةِ الكلامِ لله حَقِيقَةً عَلَى ما يَلِيقُ بِجَلالِهِ تَعَالَى .
- صفة الكلام لله قديمة النوع حادثة الآحاد .
- صفة الكلام من الصفات الذاتية الفعلية لله تعالى , فهو يتكلم إذا شاء متى شاء.
- وقد تكلم-سبحانه- بالقرآن وباقي الكتب المنزلة على الأنبياء.

الأدلة على أن الكلام صفة من صفات الله:
- قال تعالى: ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيْلاً ).
- وقال:( وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيْسى بنَ مَرْيَمَ ).
- وقال: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
- وقولُهُ: ( وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً ).

كلام الله سبحانه بحرف وصوت :
- قال تعالى:( وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيّاً )،
- وقَوْلُهُ: ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوْسَى أَنِ ائْتِ القَوْمَ الظَّالِمِينَ).
- وقال:(وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُما الشَّجَرَةِ ).
- وقال : ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقولُ مَاذا أَجَبْتُمُ المُرْسَلينَ ).

عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن:

أولا: القرآن كلام الله تعالى حقيقة لا كلام غيره :
الأدلة على أن القرآن كلام الله :
- قال تعالى: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} .
قال قتادة والسّدّيّ: القرآن.
- وقال تعالى: {يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه}.

ثانيا: القرآن نزل من عند الله :
- التَّنزيلُ والإنزالُ هو مجيءُ الشَّيءِ من أعلى إلى أسفلَ.
- قَالَ تَعَالَى :{ وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ }
- وقال: {وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ مصدّق الّذي بين يديه}.
- وقال: {المر تلك آيات الكتاب والّذي أنزل إليك من ربّك} الآية.
- وقال: {قل من أنزل الكتاب الّذي جاء به موسى}.

أقسام الإضافة إلى الله:
- جاء في الحديثِ: ((زَيِّنُوا الْقُرَآنَ بَأَصْوَاتِكُمْ)).القسم الأول : إضافةِ أَعْيَانٍ
وهي من بابِ إضافةِ المخلوقِ إلى خالقِه، كبيتِ اللهِ وناقةِ اللهِ ونحوِ ذلك.
- جاء في الحديثِ: ((زَيِّنُوا الْقُرَآنَ بَأَصْوَاتِكُمْ)).القسم الثاني : إضافةِ معانٍ،
وهي من بابِ إضافةِ الصِّفةِ إلى الموصوفِ، كسمعِ اللهِ وبصرِه وعلمِه وقُدرتِه، فإضافةُ القرآنِ إليه -سُبْحَانَهُ- من بابِ إضافةِ الصِّفةِ إلى الموصوفِ، لا من بابِ إضافةِ المخلوقِ إلى خالقِه.

بدء نزول القرآن:
نزول القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا :
نزل القرآن بداية إلى السماء الدنيا في رمضان في ليلة القدر , ثم نزل مفرقا بحسب الحوادث على النبي عليه الصلاة والسلام.
- قال ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ونزل بعد في عشرين سنة ونزلت: {ولا يأتونك بمثلٍ إلاجئناك بالحقّ} الآية، {وقرآنًا فرقناه لتقرأه} الآية.
رواه ابن منده بسنده عن عكرمة، عن ابن عباس.
- وقال أيضا: أنزل القرآن جملة من السماء العلياء إلى السماء الدنيا في رمضان وكان الله عز وجل إذا أراد أن يحدث شيئا أحدثه، يعني بالوحي.
رواه ابن مندة بسنده عن عكرمة، عن ابن عباس.

ثالثا: جبريلَ عليه السلام سمع القرآن من الله تعالى:
- قال تعالى: { نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ }
- وقال : {وإنّه لتنزيل ربّ العالمين نزل به الرّوح الأمين على قلبك} الآية.
- وقوله: (الأَمِينُ) دليلٌ على أنَّه مُؤْتمنٌ على ما أُرْسلَ به، فلا يَزيدُ عليه ولا يُنقِصُ،
- وقال: {وما نتنزّل إلا بأمر ربّك} الآية.

رابعا: النبيَّ صلّى الله عليه وسلم سمعه من جبريل والصَّحابةُ سمعُوه منه:
- قال الله عز وجل: {طه ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى} إلى قوله {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى}.
- وقال تعالى: {وإنّه لتنزيل ربّ العالمين نزل به الرّوح الأمين على قلبك} الآية.
دلت الآية على أنَّ الرَّسولَ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- سَمِعَهُ من جبريلَ ، والصَّحابةُ سمعُوه من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
- قال ابن عبّاسٍ، قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم أجود النّاس، فما هو إلاّ أن يدخل رمضان فيدارسه جبريل عليه السّلام القرآن، فلهو أجود من الرّيح المرسلة.
رواه ابن مندة بسنده عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس.
- قال ابن عبّاسٍ: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: ما لك لا تزورنا أكثر ممّا تزورنا، فأنزل الله عزّ وجلّ: {وما نتنزّل إلا بأمر ربّك} الآية.
رواه بن منده بسنده عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس.
- قال تعالى: { لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ }.
- قال ابن عباس: كان يعرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلّ عامٍ، فلمّا كان العام الّذي قبض فيه، عرض عليه مرّتين، فشهده عبد الله، ما نسخ منه وما بدّل.
- كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بالمَوْقِفِ ويَقُولُ: ((أَلا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلِى قَوْمِه لاِبَلِّغَ كَلامَ رَبِّي ، فإِنَّ قُرَيْشاً قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلاَمَ رَبِّي)). رواه أَبُو دَاوُدَ وغيرُهُ.

خامسا: القرآن بدأ من الله وإليه يعود:
- قال عمر بن دينار: (أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَقُولُونَ: اللَّهُ الخَالقُ وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ إِلا القُـرْآنَ فَإِنَّهُ كَلامُ اللَّهِ غَـيْرُ مَخْلُـوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُـودُ).
معنى :(منه بدأ):
- أي هو الذي تكلم به وهو الذي أنزله.
- قال النبي صلى الله عليه وسلمَ: " مَا تَقَرَّبَ العِبَادُ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ ".
- قال خباب بن الأرت: يَا هَذَا تَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَعْتَ فَلَنْ يُتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ.
- الكلامَ إِنَّما يُضَافُ حقيقةً إِلى مَنْ قالَهُ مُبْتَدِئاً، لا إِلى مَن قالَهُ مُبَلِّغاً مُؤدِّياً.

معنى :(إليه يعود):
- أي يسري في آخر الزمان من المصاحف والصدور فلا يبقى منه كلمة ولا حرف.
- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسرى على كتاب الله في ليلةٍ فلا يبقى في الأرض منه آيةٌ، ويبقى طوائف من النّاس الشّيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلاّ الله، فنحن نقولها.
رواه ابن مندة بسنده عن عن أبي حازمٍ، عن ابي هريرة.

سادسا: القرآنَ حروفه ومعانيه من الله تعالى:
- القرآن اسم للنظم العربي الذي بلغه النبي عليه الصلاة والسلام عن جبريل عن رب العالمين.
- قال شيخ الإسلام: والصواب الذى عليه السلف والأئمة أن الكلام حقيقة في اللفظ والمعنى، كما أن الإنسان حقيقة في البدن والروح فالنزاع فى الناطق كالنزاع فى منطقه .

الأدلة على أن القرآن حروفه ومعانيه من الله تعالى:
- قال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) فيقرأ القرآن نفسه بحروفه لا معانيه.
- قال تعالى:{حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ} دلت الآية على أن القرآن الي هو سور وآيات وحروف وكلمات هو عين كلام الله .
- وقال :{ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآن مُّبِينٍ }فسَمَّى نَفْسَ مجموعِ اللَّفظِ والمَعْنى قُرآناً وكِتاباً وكَلاَماً .

سابعا: كل حرف من القرآن قد تكلّم الله به حقيقة:
- قال ابنِ مسعودٍ أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: ((مَنْ قَرَأَ الْقُرَآنَ فَأَعْرَبَهُ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ))
- وقال النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((اقْرَؤوا القرآنَ قَبلَ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُقِيمُونَ حُرُوفَهُ إِقَامَةَ السَّهْمِ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَتَعَجَّلُونَ آخِرَهُ وَلاَ يَتَأَجَّلُونَهُ)) رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، والبيهقيُّ .
- وقال أبو بكرٍ وعمرُ -رضي اللَّهُ عنهما-: إعرابُ القرآنِ أحبُّ إلينا مِن حِفظِ بعضِ حُروفِه.
- وقال عليٌّ -رضي اللَّهُ عنه-: مَن كفَرَ بحرفٍ منه فقد كفَرَ بِهِ كُلِّهِ.

ثامنا: نزل القرآن بلسان عربي مبين:
- قال تعالى:{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } .
- وقال تعالى: {قرآنًا عربيًّا غير ذي عوجٍ}
- وقال: {إنّا أنزلناه قرءانًا عربيًّا}.

تاسعا: القرآن هو الذي في المصحف بين الدفتين ، محفوظ في السطور وفي الصدور:
القرآن هو المحفوظ في الصدور:
- قال تعالى: {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ}الآية، وقال عز وجل: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم}الآية،
- وقال: {نزل به الرّوح الأمين على قلبك}. وقال: {من كان عدوًّا لجبريل فإنّه نزّله على قلبك}.
- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسرى على كتاب الله في ليلةٍ فلا يبقى في الأرض منه آيةٌ، ويبقى طوائف من النّاس الشّيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلاّ الله، فنحن نقولها.
رواه ابن مندة بسنده عن عن أبي حازمٍ، عن ابي هريرة.

المكتوب بين الدَّفتين هو القرآن :
- قال اللّه عز وجل: {الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب} .
وقال عز وجل: {نزّل عليك الكتاب بالحقّ مصدّقًا لما بين يديه} .
- وقال تعالى:{لْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجيد * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}
- وقال: {وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ}.
- قال أبو شريحٍ الخزاعيّ: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إنّ هذا القرآن سببٌ، طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسّكوا به، فإنّكم لن تضّلّوا ما إن تمسّكتم به)).
- عن ابن عمر، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدوّ فإنّي أخاف أن يناله العدوّ)).
رواه ابن منده بسنده عن نافع عن ابن عمر.

المسموع من القرآن كلام الله عز وجل:
- قال الله لنبيّه صلى الله عليه وسلم: {بلّغ ما أنزل إليك من ربّك} .
- وقال: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام الله}.

عاشرا: القرآن كلام الله غير مخلوق:
حكم من قال بخلق القرآن:
- قال أحمد : من قال: القرآن مخلوق فهو عندنا كافر؛ لأن القرآن من علم الله عز وجل وفيه أسماء الله عز وجل.
- قال الآجري: باب ذكر الإيمان بأن القرآن كلام الله تعالى، وأن كلامه ليس بمخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر .
- قال اللالكائي: وهو قرآنٌ واحدٌ غير مخلوقٍ وغير مجعولٍ ومربوبٍ، بل هو صفةٌ من صفات ذاته، لم يزل به متكلّمًا، ومن قال غير هذا فهو كافرٌ ضالٌّ مضلٌّ مبتدعٌ مخالفٌ لمذاهب السّنّة والجماعة.

الرد على من قال بخلق القرآن:
أولا: القرآن كلام الله؛ وكلامه تعالى صفة من صفاته، وصفات الله غير مخلوقة:
- قال تعالى: {ولكن حقّ القول منّي} ولا يكون من اللّه شيءٌ مخلوقٌ .
- قال: عليه الصلاة ولسلام ((مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْحَلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ)) فكلامَ اللَّهِ غيرُ مخلوقٍ لأنَّ الاستعاذةَ بالمخلوقِ شِركٌ.

ثانيا: كلام الله صفة من صفاته لا ينفد ولا يبيد فلا يكون مخلوقاً:
- قال تعالى: {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مددًا} فسرها بقوله:
{ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ}
- قال قتادة في الآية السابقة:
قال المشركون: إنّما هذا كلامٌ يوشك أن ينفد، فأنزل اللّه تعالى ما تسمعون، يقول: لو كان شجر الأرض أقلامًا، ومع البحر سبعة أبحرٍ مدادًا، لتكسّرت الأقلام ونفدت البحور قبل أن تنفد عجائب ربّي وحكمته وكلماته وعلمه.
- حين يفنى خلق الله يقول: {لمن الملك اليوم} فيجيب تعالى نفسه: {للّه الواحد القهّار} .
فالمخلوقات كلّها تنفد وتفنى، وكلمات اللّه لا تفنى.

ثالثا: القرآن من علم الله، وعلم الله لا يكون مخلوقا:
- قال تعالى: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم}،
- وقال : {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير}،
- وقال : {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين}.
علم الله هو القرآن.
- قال الإمام أحمد : إذا قال الرجل العلم مخلوق فهو كافر؛ لأنه يزعم أنه لم يكن له علم حتى خلقه.
- وقال: من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كافر؛ لأن القرآن من علم الله عز وجل.
- قال ابن بطة: فقد دلّنا كتاب اللّه أنّ القرآن كلام اللّه، وأنّه علمٌ من علم اللّه، فكلام اللّه من اللّه. قال اللّه تعالى: {ولكن حقّ القول منّي} فمن زعم أنّ من اللّه شيئًا مخلوقًا، فقد كفر. ومن زعم أنّ علم اللّه مخلوقٌ، فقد زعم أنّ اللّه كان ولا علم له.

رابعا : فرَّق الله تعالى بين الخلق والأمر، وكلام الله من أمره؛ فهو غير مخلوق:
- قال تعالى: {ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه ربّ العالمين}
- قال ابن عيينة : " ما يقول هذا الدّويبة؟ -يعني بشرًا المريسيّ-، قالوا: يا أبا محمّدٍ: يزعم أنّ القرآن مخلوقٌ. قال: فقد كذب، قال اللّه عزّ وجلّ: {ألا له الخلق والأمر} فالخلق خلق اللّه، والأمر القرآن .
- قال ابن خزيمة : الفرق بين الخلق والأمر: فأعلمنا جلّ وعلا أنّه يكوّن كلّ مكوّنٍ من خلقه بقوله: {كن فيكون} وقوله: {كن} : هو كلامه الّذي به يكون الخلق وكلامه عزّ وجلّ الّذي به يكون الخلق غير الخلق الّذي يكون مكوّنًا بكلامه.
- قال البيهقي: وقال: {ألا له الخلق والأمر}، ففرق بين خلقه وأمره بالواو الذي هو حرف الفصل بين الشيئين المتغايرين، فدل على أن قوله غير خلقه، وقال: {لله الأمر من قبل ومن بعد}، يعني من قبل أن يخلق الخلق ومن بعد ذلك. وهذا يوجب أن الأمر غير مخلوق.

خامسا: أول ما خلق الله من شيء القلم، والكلام قبل القلم:
- قال النبي عليه الصلاة والسلام : (أأوّل ما خلق اللّه القلم، فقال له: اكتب، فقال: يا ربّ، وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، فجرى بما هو كائنٌ من ذلك اليوم إلى قيام السّاعة ).
- قال السلف: إنّما خلق القلم ب {كن} فخلق القلم بكلامه , وكان كلامه قبل خلقه.

تصريح أهل السنة بأن القرآن غير مخلوق:
- لمَّا ظَهَرَ مَن قال: إنَّه مخلوقٌ، قالوا رداًّ لكلامِه: إنَّه غيرُ مخلوقٍ.

أقوال الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة في القرآن:
الجهمية:
أول من قال: القرآن مخلوق الجعدُ بنُ دِرْهمٍ، وأخذها عنه الجهمُ بنُ صفوانَ.
قالوا: إنَّ اللَّهَ لا يتكلَّمُ، بل خَلقَ كلاماً في غيرِه وجَعلَ غيرَه يُعبِّرُ عنه، وما جاء مِن الأدلَّة أنَّ اللَّهَ تكلَّم أو يُكلِّمُ أو نادى أو نحوَ ذَلِكَ، قالوا هَذَا مجازٌ.

المعتزلة:
زعموا أنّ كلام الله تعالى مخلوق منفصل عنه، فالله يخلق الكلام في مخلوق كالهواء أو في غيره , فقالوا بأنّ القرآن مخلوق .

الكلابية والماتريدية والأشاعرة:
- أول من قال : القرآن قديم عبد الله بن سعيد بن كُلاب البصري .
- الكلابية قالوا بأن القرآن حكاية عن كلام الله.
- الأشاعرة قالوا بأنه عبارة عن كلام الله , وبأن القرآن هو الذي في السماء , وفرقوا بين القرآن المتلو وغير المتلو.
- زعموا أن كلام الله تعالى هو المعنى النفسي القائم بالله ، وبأنه قديم بقدمه تعالى، وأنه ليس بحرف ولا صوت.
- قالوا بأن كلامه هو المعنى لا الحروف.
- قالوا بأن جبريل-عليه السلام- أخذه من اللوح المحوظولم يسمعه من الله , أو ألهمه الله إياه. [المحفوظ]

الواقفة:
قالوا بأن القرآن هو مجرد الحروف فقط دون المعنى.

الفلاسفة:
قالوا بأن القرآن فَاضَ عَلَى نفسِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام مِن العقلِ الفَعَّالِ أو غيرِه.

فتنة اللفظية:
- هم من ابتدعوا مقولة: لفظي بالقرآن مخلوق .
- جاء في الحديثِ: ((زَيِّنُوا الْقُرَآنَ بَأَصْوَاتِكُمْ)).
- قال الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ مِن أَئِمَّةِ السُّنَّةِ : مَن قَالَ اللَّفْظُ بِالقُرْآنِ أَوْ لفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ.
فمنعو من إِطْلاقِ النَّفْيِ وَالإِثْبَاتِ لكونه يَقْتَضِي جَعْلَ صِفَاتِ اللَّهِ مَخْلُوقَةً أَوْ جَعْلَ صِفَاتِ العِبَادِ ومِدادَهُمْ غَيْرَ مَخْلُوقٍ.
- القرآن كلام البارئ، والصوت صوت القارئ.
- يراد بِاللَّفْظِ القَوْلُ الذي يَلْفِظُ بِهِ اللافِظُ وَذَلكَ كَلامُ اللَّهِ لا كَلامُ القَارِئِ , أما لصَّوْتَ المَسْمُوعَ فهو صَوْتُ العَبْدِ.
- قال أحمد : القُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ حَيْثُ تَصَرَّفَ
- قال البخاري: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق، قال الله عز وجل (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم).
- قاعدة :الكلام ينسب لمن تكلم به ابتداء


أحسنتِ، وتميزتِ
تنظيم طيب لعناصر الموضوع ومسائله
وأؤكد على العناية بتخريج الاحاديث والآثار.
التقويم: أ+
زادكِ الله علمًا وهدى ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 ذو القعدة 1441هـ/23-06-2020م, 02:14 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم محمد مشاهدة المشاركة
المماراة في القرآن

معنى المراء في القرآن وبيان أنواعه:
المراد بالمراء: (يطلق على وجهين)
الوجه الأول: الاختلاف في القراءة بين الأحرف أو تفضيل بينها أو التكذيب ببعضها.
نزول القرآن على سبعة أحرف وهي سبع لغات.
أوجه الاختلاف: قول ابن مسعود (فإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال) [لو وضحت الترابط بين هذه المسائل، بارك الله فيك]
إجماع المسلمين على مصحف عثمان: كفاهم شر المراء الذي نهى عنه النبي، وهو المراد بالوجه الأول.

الوجه الثاني: بين أصحاب الأهواء وأهل المذاهب، والبدع، وهم الّذين يخوضون في آيات اللّه، ويتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله، وهذا الوجه باقي إلى الآن.

حكم المراء في القرآن:
أن المراء فيه كفر، كما في حديث عمرو بن العاص وحديث أبي جهيم الأنصاري وحديث أبي هريرة.
بيان معنى اختلاف الفقهاء، وأنه لا يدخل في المراء في القرآن.
من أسباب المراء في القرآن: الخلاف المذهبي، كما ذكر النووي.

نهي النبي عن المراء في القرآن:
كما في الحديث: لا تماروا في القرآن، وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا: (دعوا المراء في القرآن)
وفي حديث جماعة من الصحابة: (أبهذا أمرتم، أوليس عن هذا نهيتم)
قصة عبد الله بن مسعود مع اثنين من الصحابة واختلافهم في سورة الأحقاف
قصة عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم، وتعقيب النبي: (هكذا أنزل إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)
قصة أبيّ بن كعب مع النبي عند إنكاره لقراءة أحد الصحابة.

وصايا السلف في النهي عن المراء:
وصية عمر بتعلم العلم للسكينة والحلم والتواضع.
وصية ميمون بن مهران: فإنك إذا ماريت الجاهل خشن بصدرك، ولم يطعك، وإذا ماريت العالم خزن عنك علمه، ولم يبال ما صنعت
إن أغر الضلالة الرجل يقرأ القرآن لا يفقه فيه، فيعلمه الصبي والمرأة والعبد، فيجادلون به أهل العلم
وصية الآجري في الشريعة: (ليقرأ كل إنسان كما علم، ولا يعب بعضكم قراءة غيره، واتقوا الله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، واعتبروا بأمثاله، وأحلوا حلاله، وحرموا حرامه).
قال عمر: "اقرؤوا القرآن ما اتفقتم عليه، فإذا اختلفتم فقوموا"

عواقب المراء وسوء نتائجه: (كما في حديث جماعة من الصحابة وغيره)
- أنه من أسباب لعن الأمم من قبلنا، كما في حديث عبد اللّه بن عمرو، وأثر ابن عباس.
- وقلة خيره
- ونفعه قليل
- ويهيج العداوة بين الإخوان
- وأن المراء لا تؤمن فتنته
- وأن المراء يورث الشك ويحبط العمل
- وأن المماري قد تمت حسراته
- وكفى بالمرء إثما لا يزال مماريا.
- وأن المماري لا يشفع له النبي يوم القيامة.
- وأول ما نهى الله تعالى عنه نبيه بعد عبادة الأوثان، وشرب الخمر.
- وأنه يحبط العمل.
- وأنه يمحق الدين، كما في أثر علي رضي الله عنه
- وإنه ساعة جهل العالم، كما في أثر مسلم بن يسار.
- وبه يبتغي الشيطان زلته، كما في أثر مسلم بن يسار.
- وإنك إذا ماريت الجاهل خشن بصدرك، ولم يطعك، وإذا ماريت العالم خزن عنك علمه، ولم يبال ما صنعت.
- وإذا كثر مراء القارئ، فقد أحكم الخسارة، كما في أثر يزيد بن أبي حبيب.
- وأنه من أسباب افتراق أهل الكتاب.

فضل من ترك المراء:
من صفات الفرقة الناجية: من لم يمار في دين الله تعالى، ولا يمارون في دين اللّه عزّ وجل.

امتثال أهل العلم من التابعين لهذا الأمر:
قال الآجري في الشريعة: (لما سمع هذا أهل العلم من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يماروا في الدين، ولم يجادلوا، وحذروا المسلمين المراء والجدال)


التحذير من القول في القرآن بغير علم

تحذير النبي من القول في القرآن بغير علم، وسوء عاقبته:
في حديث ابن عباس: (فليتبوّأ مقعده من النار)
الحديث : (ألجم يوم القيامة بلجامٍ من نار)
الحديث : (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)
أنه من أسباب اختلاف الأمة: كما في حديث عوف بن مالك: (تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ...)
وهو سبب ضلال بني إسرائيل: كما في حديث واثلة بن الأسقع مرفوعا: (لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيما ... فقاسوا ما لم يكن بما كان فضلّوا وأضلّوا)

التحذير من الاختلاف في القرآن
نهي النبي عن الاختلاف في القرآن:
الأحاديث في أمر النبي بقراءة القرآن ما اتفقت عليه القلوب، والقيام عند الاختلاف فيه.
قصة طلب النبي كتاب ليكتبه في مرضه (قوموا عني ولا ينبغي عند نبي تنازع)
غضب النبي لاختلاف الصحابة في القرآن (فعرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكراهية)
فإنّه يوقع الشّكّ في قلوبكم {ما ضربوه لك إلّا جدلًا بل هم قومٌ خصمون}

كيفية تعامل المسلم مع القرآن:
إن القرآن يصدق بعضه بعضا، فلا تكذبوا بعضه ببعض؛ ما علمتم منه فاقبلوه، وما لم تعلموا منه فكلوه إلى عالمه.
انظروا الذي أمرتم به فأعملوا به وانظروا الذي نهيتم عنه فانتهوا عنه
أمر النبي لأصحابه بالقراءة كما تعلموا، وحديث: (كلاكما محسن)
وفي حديث أبي أمامة مرفوعا: (لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض، فإنه لم تضل أمة إلا أوتوا الجدل)
الآثار في نهي ابن عباس عن القول بالرأي في القرآن. [نذكرها]
الالتزام في التفسير بما جاء عن النبي والصحابة والتابعين والسلف الصالح

من آداب تعلم وتعليم القرآن:
كراهة ابن عباس للمسارعة في القرآن لئلا يكون سببا للخلاف وموافقة عمر له
ينبغي لمن لقّنه الأستاذ ألا يجاوز ما لقّنه، إذا كان ممّن قد أحبّ أن يتلقّن عليه. وإذا جلس بين يدي غيره لم يتلقّن منه إلا ما لقّنه الأستاذ؛ أعني بحرفٍ غير الحرف الّذي تلقّنه من الأستاذ، فإنّه أعود عليه وأصحّ لقراءته.
كان أبو العالية الرياحي إذا قرأ عنده رجل لم يقل: ليس كما تقرأ، ويقول: أما أنا فأقرأ كذا وكذا. قال شعيب: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: "أرى صاحبك قد سمع أنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله"
النهي عن التكذيب بآيات الله: كما في قول عبد الله بن مسعود: (أتكذب بكتاب الله)، (فإنه من يجحد بآية منه يجحد به كله)

فضل ابن مسعود وحرصه على طلب العلم:
والله لو أعلم أن رجلا أعلم بما أنزل على محمد مني لطلبته حتى أزداد علما إلى علمي، إنه سيكون قوم يميتون الصلاة، فصلوا لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يعارض بالقرآن في رمضان، وإني قد عرضته عليه في العام الذي قبض فيه مرتين، فأنبأني أني محسن، وقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة.

الحذر من الذين يتّبعون ما تشابه من القرآن
تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أمته من قومٍ يجادلون بمتشابه القرآن:
فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه، أو به، فهم الذين عنى الله تعالى، فاحذروهم

كراهية العلماء للسؤال عن عضل المسائل والأغلوطات:

قصة صبيغ مع عمر بن الخطاب:
نهيه لأهل البصرة عن مجالسته
عقوبة الإمام لمن يجادل في متشابه القرآن
أن هذه العقوبة لا تنطبق على من يسأل عن التفسير ومعاني كلمات كتاب الله
وصية عمر في التعامل مع المجادلين في متشابه القرآن ومحاجتهم بالسنن

قصة علي بن أبي طالب مع ابن الكواء ونهيه له عن السؤال فيما لا ينفع

تفسير قوله تعالى {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب، وأخر متشابهات}:
المراد بالمحكمات والمتشابهات
المراد بالفتنة في قوله تعالى: {فأمّا الّذين في قلوبهم زيغٌ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة} أنها الضّلالة
تفسير أبي أمامة وقتادة للذين يتّبعون ما تشابه من القرآن بالخوارج وأهل البدع
المراد بالحروريّة والسّبائيّة
كفر الجهميّة الّذين أزاغ اللّه قلوبهم بما تأوّلوه من متشابه القرآن

من أسباب هلاك الأمة في القرآن:
تعلمه وتأويله على غير ما أنزل الله

ما ينبغي على المسلم فعله تجاه الآيات المتشابهة:
ردها إلى أولي العلم
علمه أن القرآن تبيان لكل شيء، لكن علمنا يقصر عنه.
مجادلة أهل الأهواء بالسنن

ذم الجدال بالقرآن

نهي النّبيّ عن مناظرة أهل البدع وجدالهم والمكالمة معهم والاستماع إلى أقوالهم المحدثة وآرائهم الخبيثة:
في الحديث: (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل)، ثم قرأ: {ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون}
وفي حديث معاذ بن جبلٍ: "إيّاكم وثلاثةً: زلّة عالمٍ، وجدال المنافق بالقرآن، ودنيا تقطّع أعناقكم، فأمّا زلّة العالم فلا تقلّدوه دينكم، وإن زلّ فلا تقطعوا عنه أناتكم، وأمّا جدال المنافق بالقرآن فإنّ للقرآن منارًا كمنار الطّريق، فما عرفتم فخذوه، وما أنكرتم فردّوه إلى عالمه، وأمّا دنيا تقطّع أعناقكم فمن جعل اللّه في قلبه الغنى فهو الغنيّ".
وفي الحديث: «لا تجادلوا في الدّين أحدًا، ولا تضربوا كتاب اللّه بعضه ببعضٍ، فواللّه إنّ المؤمن ليجادل به ليغلب، وإنّ المنافق ليجادل به فيغلبه»

أقوال السلف في عواقب الجدال بالقرآن:
قول ابن عون: قال محمّدٌ "إنّ أسرع النّاس ردّةً أهل الأهواء، وكان يرى أنّ هذه الآية نزلت فيهم: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم}"
وقول عمر: "يهدم الإسلام زلة عالم وجدال منافق بالقرآن وحكم الأئمة المضلين"
وقول عمر بن الخطّاب: " إنّ أخوف ما أخاف عليكم ثلاثةٌ: جدال المنافق بالقرآن لا يخطئ واوًا ولا ألفًا يجادل النّاس أنّه أجدل منهم ليضلّهم عن الهدى، وزلّة عالمٍ، وأئمّة المضلّين، ثلاثٌ بهنّ يهدم الزّمن
وقول عليّ بن أبي طالب: إنّك إن بقيت، فسيقرأ القرآن على ثلاثة أصنافٍ: صنفٍ لله تعالى، وصنفٍ للدّنيا، وصنفٍ للجدل، فمن طلب به أدرك.
وقول أبي العالية: " آيتان في كتاب اللّه ما أشدّهما على الّذين يجادلون في القرآن: {ما يجادل في آيات اللّه إلّا الّذين كفروا}، {وإنّ الّذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاقٍ بعيد}.
وقول الحارث العكليّ: «إذا جلس الرّجلان يختصمان في الدّين فليعلما أنّهما في أمر بدعةٍ حتّى يفترقا».
وعن مجاهد: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا} قال: يكذّبون بآياتنا".
وقال معاذ: "إنّما أخشى عليك ثلاثةً من بعدي: زلّة عالمٍ، وجدال منافقٍ في القرآن، والقرآن حقٌّ، وعلى القرآن منارٌ كمنار الطّريق، فما عرفتم منه فخذوه، ومن لم يكن غنيًّا من الدّنيا فلا دين له ". قال عبد المؤمن فسألت أبي: «ما يعني بهذا؟» فقال: " سألناه، فقال: " من لم يكن له من الدّنيا عملٌ صالحٌ فلا دين له"

المراء في القرآن والخصومة فيه والتّعاطي لتأويله بالآراء والأهواء لإقامة دولة البدع، وابتغاء الفتنة بغير علمٍ كفرٌ وضلال:
قال الزّبير: إنّ «القرآن قد قرأه كلّ قومٍ فتأوّلوه على أهوائهم، وأخطئوا مواضعه، فإن رجعوا إليك، فخاصمهم بسنن أبي بكرٍ وعمر رحمهما اللّه، فإنّهم لا يجحدون أنّهما أعلم بالقرآن منهم، فلمّا رجعوا، فخاصمتهم بسنن أبي بكرٍ وعمر فواللّه ما قاموا معي، ولا قعدوا»
وعن قتادة في قوله {ومن النّاس من يجادل في اللّه بغير علمٍ} قال: «صاحب بدعةٍ يدعو إلى بدعته»

النّهي عن مجالسة أهل البدع ومن يماري بالقرآن

وصية الله لنبيه بالحذر من أهل الأهواء وألا يقعد معهم إلّا أن ينسى، فإذا ذكر فليقم:
في قوله تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره وإمّا ينسينّك الشّيطان فلا تقعد بعد الذّكرى مع القوم الظّالمين}
وقال تعالى: {وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذًا مثلهم إنّ اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعًا}
وقال قتادة: في قوله تعالى {فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}: نهاه اللّه أن يجلس مع الّذين يخوضون في آيات اللّه، يكذّبون بها، وإن نسي، فلا يقعد بعد الذّكرى مع القوم الظّالمين.
وقال مجاهد في قوله تعالى: {يخوضون في آياتنا}: «يكذّبون بآياتنا»، وقال أيضا: يستهزئون، نهى محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقعد معهم إلّا أن ينسى، فإذا ذكر فليقم، وذلك قوله: {فلا تقعد بعد الذّكرى مع القوم الظّالمين}

وصايا السلف بعدم مجالسة أهل البدع:
قال ابن عون: كان محمّدٌ يرى أنّ هذه الآية نزلت فيهم: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} يعني أهل الأهواء
وقال محمّد بن عليٍّ ابن الحنفيّة: «لا تجالسوا أصحاب الخصومات، فإنّهم الّذين يخوضون في آيات اللّه»
وقال أحمد بن حنبل حين سئل عن القرآن: "كلام الله عز وجل ليس بمخلوق ولا تخاصموا ولا تجالسوا من يخاصم"
وقال الفضيل بن عياض: "لا تجادلوا أهل الخصومات فإنّهم يخوضون في آيات اللّه"

هدي السلف في ترك المراء:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن لا يماري ولا أشفع للمماري يوم القيامة فدعوا المراء لقلة خيره))
وقال عليّ عبد العزيز بن الماجشون: "احذروا الجدل، فإنّه يقرّبكم إلى كلّ موبقةٍ، ولا يسلّمكم إلى ثقةٍ، ليس له أجلٌ ينتهي إليه، وهو يدخل في كلّ شيءٍ، فاتّخذوا الكفّ عنه طريقًا"
وقال الحسن البصري: الحكيم لا يماري ولا يداري في حكمته أن ينشرها إن قبلت حمد الله وإن ردت حمد الله.
وسأل رجل عمر بن الخطاب فقال: ما {الناشطات نشطا}؟ فقال: لو كنت محلوقا لضربت عنقك
وقال مهدي بن ميمون: سمعت محمدا يعني ابن سيرين: وماراه رجل في شيء. فقال محمد: إني أعلم ما تريد، وأنا أعلم بالمراء منك، ولكني لا أماريك
وقال عون بن عبد اللّه: «لا تفاتح أصحاب الأهواء في شيءٍ، فإنّهم يضربون القرآن بعضه ببعضٍ»
وقال مالك: كان سليمان بن يسارٍ «إذا سمع في مجلسٍ مراءً قام وتركهم»

التفريق بين من سأل مسترشدا، ومن جاء مناظرا مجادلا مخاصما، والأخير هو من جاء فيه النهي عن المراء.

بيان تواتر القرآن
الإجماع على تواتر القرآن:
نقل الزركشي إجماع الأمة على تواتر القرآن في أصله وأجزائه.
من الحفظ المذكور في قوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، تواتره، وهذا من العلم اليقيني.
أن البلاغ العام المذكور في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} هو بالتواتر
أن ما نقل آحادا من القرآن ولم يتواتر: نقطع بأنه ليس من القرآن.

اختلاف الأصوليين في ثبوت تواتر ترتيب السور:
ذكر الزركشي في ذلك قولين:
الأول: تواتر القرآن في محله ووضعه وترتيبه، وهو إجماع المحققين من أهل السنة.
الثاني: أن التواتر ليس بشرط في محله ووضعه وترتيبه بل يكثر فيها نقل الآحاد، وهو قول كثير من الأصوليين، واستدلوا عليه بصنيع الشافعي في إثبات البسملة من كل سورة.

ترجيح الزركشي للقول الأول، ورد القول الثاني لسببين:
الأول: لأنه لو لم يشترط التواتر في الجميع لجاز سقوط كثير من القرآن المكرر مثل: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} و{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}.
الثاني: لأن إذا لم يتواتر بعض القرآن بحسب المحل جاز ثبوت كثير مما ليس بقرآن بنقل الآحاد.

نسب القاضي أبو بكر في الانتصار لقوم من الفقهاء والمتكلمين إثبات القرآن حكما لا علما بخبر الواحد، ثم ذكر الزركشي رد أهل الحق وامتناعهم من ذلك القول.

عدم جواز القراءة بالشاذ:
نقل الزركشي زعم بعض المتكلمين بجواز القراءة بما يحتمله الإعراب ولو لم يثبت رواية، ثم عقبه بأنه خطأ وأنكره أهل الحق.

شبهات الطاعنين في القرآن لا تقدح في ثبوت تواتره
حفظ الله لكتابه من الزيادة أو النقص ورد طعن الطاعنين واختلاف الضالين في القرآن: مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وقوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}
إجماع الأمة على أن المراد بحفظه تعالى: حفظه على المكلفين للعمل به، وحراسته من وجوه الغلط والتخليط.
أن المعتبر في العلم بصحة النقل والقطع على فنونه: مجيئه عن قوم ثبت بهم التواتر وقامت بهم الحجة، وليس عدم وجود المخالف.
أن هذا التواتر وثبوته يسقط اعتراض الملحدين ونقض مطاعن الرافضة، ويوجب القطع على صحة نقل مصحف الجماعة وسلامته وحفظه وصيانته من التغيير.
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.
مواطن القوة: استنباط العناصر، وحسن تصنيف المسائل تحتها وترتيبها.
مواطن الضعف: التقصير في تخريج الأحاديث والآثار، والاختصار الشديد في بيان بعض المسائل
وأؤكد على فكرة أن هذا العمل تدريب لكم على دراسة موضوع من موضوعات علوم القرآن، من كتب علوم القرآن، بما يؤهلكم بعد ذلك لاستكمال الأصل العلمي الخاص بكم والذي من المفترض أن يمتلكه كل طالب علم أراد التخصص في التفسير وعلوم القرآن.
فهذا الموضوع مثلا هو مادة " خام " لكم إذا ما أردتم إلقاء درس، أو إعداد مادة علمية في التحذير من المماراة في القرآن، أو بيان تواتر القرآن، ونحو ذلك.
التقويم: ب+
وفقكم الله وسددكم.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
موضوع, نشر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir