دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 رجب 1436هـ/3-05-2015م, 01:28 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي فهرسة موضوع: معرفة أسباب النزول

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


في هذا الموضوع توضع تطبيقات الطلاب الذين اختاروا فهرسة موضوع:

- معرفة أسباب النزول



تعليمات:
- لا يطلع الطالب على مشاركات زملائه إلا بعد اعتماد موضوعه
- بعد اعتماد الطالب لموضوعه، يمكنه الاطّلاع على نموذج الإجابة الخاص به، وكذلك بقية نماذج الإجابة الخاصة ببقية الموضوعات (هنا)
- يضع الطالب نسخة من مشاركته في صفحته لدراسة أصول التفسير وعلوم القرآن
- يصحح للطالب موضوعه في صفحته الخاصّة.


وفقكم الله

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 رجب 1436هـ/4-05-2015م, 07:46 PM
هبة الديب هبة الديب غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,274
افتراضي

● معرفة أسباب النزول ●

عناصر الموضوع
● تعريف سبب النزول.
- معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..).
-صيغة سبب النزول.
● أنواع أسباب نزول القرآن.
● فوائد معرفة أسباب النزول.
- الدلالة على حكمة التشريع.
- تعين على فهم المعنى.
- تعين على بيان ما يستشكل.
- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص.
- دفع توهّم الحصر.
-معرفتها على الوجه الصحيح صيانتها عن الدخلاء فيها.
-دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال.

-إزالة الإشكال، في تخصيص السبب وبيان عمومه.


● أحكام المرويات في أسباب النزول:
-القول في أسباب النزول موقوف على السماع.
-أحوال الاختلاف في سبب النزول.
* مثال على أهمية جمع طرق وفحص المرويّات.
- أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف.
- الحكم على ما روي عن الصحابي.
- الحكم على ما روي عن التابعي.
- أقسام ما صحّ من أسباب النزول.

* أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول.

●قواعد في أسباب النزول:
-العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
-تقدم نزول الآية على الحكم.
-نزول آيات متفرقة لسبب واحد.
-قد تعدد الأسباب والنازل واحد.


● تعامل المفسر مع أسباب النزول:
-بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
-ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول.


● المؤلفات في أسباب النزول.
-عناية العلماء بأسباب النزول.
-أشهر المؤلفات فيه.
-مزايا كتاب لباب النقول على كتاب الواحدي.




● تعريف سبب النزول.
هو أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} ، أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم .[ذكره الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول]
-معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..).
*القول الأول:
أي أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها، فهي من جنس الاستدلال على الحكم لا من جنس النقل.[ذكره الزركشي في البرهان]
*القول الثاني:
أي يراد به تارة سبب النزول ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب.[ذكره ابن تيمية]

-صيغة سبب النزول.
1-إما أن تكون صريحة في السببية :
*بذكر الراوي لفظ: "نزول هذه الآية كذا ".
*الإتيان بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول.
2-وإما أن تكون محتملة للسببية وما تضمنته الآية من الأحكام.
*مثال:
إذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا :
فهذه صيغة محتملة لا تقطع في السبب.[ذكره الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول]

● أنواع أسباب نزول القرآن.
1- قسم نزل ابتداء.
2- قسم نزل عقب واقعة أو سؤال.[قاله الجعبري ،ذكره السيوطي في الإتقان.]

● فوائد معرفة أسباب النزول.
- الدلالة على حكمة التشريع.
- تعين على فهم المعنى.
- تعين على بيان ما يستشكل.
- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص.
- دفع توهّم الحصر.
-معرفة اسم النازل وتعيين المبهم.
-معرفتها على الوجه الصحيح صيانتها عن الدخلاء فيها.
-دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال.(ذكره ابن عاشور في التحرير والتنوير)
-إزالة الإشكال، في تخصيص السبب وبيان عمومه.


● أحكام المرويات في أسباب النزول:
-القول في أسباب النزول موقوف على السماع.
الرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها،شرط في قبول القول في أسباب النزول.[ذكره السيوطي في الإتقان]
-أحوال الاختلاف في أسباب النزول.
1-أن يقع بينهما اختلاف وعدم إمكانية الجمع بينهما، ولا سيما إذا كان بغير سند، فهذا يطرح ولا يؤخذ به.
2- أن يقع تعارض بينهما مع إمكانية الجمع:
مثل آية اللعان ثبت أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني.
وأيضا ،أنها نزلت في هلال بن أمية.[ذكره البلقيني في مواقع النجوم]
3-أن تكون الرواية من صاحب الواقعة التي نزلت فيها الآية دون سند صحيح.
4-أن يذكر في إحدى القصتين قوله (فتلا) ،فيتوهم الراوي.[ذكره السيوطي في التحبير]
5- إذا قيل "نزلت في كذا " وذكر لكل منهما أمر مختلف ،فهنا يراد به من باب التفسير.
6-إذا قيل "نزلت في كذا " وكان السبب الثاني خلاف الأول، فهو المعتمد، وذاك استنباط.
مثال قوله تعالى"{نساؤكم حرث لكم..}الآية في إتيان النساء في أدبارهن.
7- إذا ذكر سببين مختلفين ومع أحدهما صحة في السند فهو المعتمد.
مثاله ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب: في نزول قوله تعالى {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}.
8-أن يستوي الإسنادان في الصحة، فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك .
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود في سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح ،فنزل قوله تعالى{قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}
9- أن يمكن نزولها عقيب السببين والأسباب المذكورة بألا تكون معلومة التباعد.
مثاله: ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس: في قذف هلال بن أمية لزوجته ...فأنزل عليه:{والذين يرمون أزواجهم}حتى بلغ:{إن كان من الصادقين}[ذكره السيوطي في الإتقان]

* أهمية جمع طرق وفحص المرويّات.
معرفة وصل الحديث وإرساله وصحته وإعلاله، (فالباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه) [قاله ابن الصلاح في علوم الحديث وروى عن علي بن المديني/ذكره الوادعي]

*مثال:
ما ذكره الحاكم في المستدرك:عن أبي عبدالله بن الزبير عن عائشة في فدى العباس لنفسه وبني أخوبه وعمه فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى ..}[ذكره الوادعي في الصحيح المسند].

- أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف.
1)المشهور،وهو قسمان:
*صحيح،كقصة الإفك.
*ضعيف،كآية {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}.
2)الغريب،وهو قسمان:
*صحيح.
*وضعيف.[ذكره السيوطي في التحبير]

- الحكم على ما روي عن الصحابي.
قول الصحابي يجري مجرى المسند ،وهو في حكم المرفوع ،إذا كان بإسناد صحيح.[ذكره البلقيني في مواقع النجوم]
- الحكم على ما روي عن التابعي.
هو في حكم المرسل، وشرط قبولهما:
1-صحة السند،فإن كان من غير سند فلا يقبل.[ذكره البلقيني في مواقع النجوم]
2-أن يكون راويه معروفاً بأن لا يروي إلا عن الصحابة، أو ورد له شاهد مرسل أو متصل ولو ضعيفاً . [ذكره السيوطي في التحبير في علم التفسير]

- أقسام ما صحّ من أسباب النزول.
1-قسم لابد للمفسر من البحث عنه،لأن فهمه متوقف على علمه.
* مثل قوله تعالى:{قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}.
2-قسم بوجود أمثال للآيات النازلة تساويها في مدلولاتها .
*مثل:حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان.
*فائدته:1.زيادة فهم في معنى الآية
2.وتمثيلا لحكمها.
3-قسم في تكرار حوادث مختصة بشخص لإعلان وبيان أحكام وزجر مرتكبيها.
*مثل الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة المفتتحة بقوله تعالى: {ومنهم- ومنهم}.
*قد يوهم قصر الآية لعدم ظهور العموم.
4-قسم وقوع حوادث تناسب آيات قد نزلت يوهم من كلام السلف أنها نزلت فيها.
5-قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات .
*مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}.[ذكره ابن عاشور في التحرير والتنوير]

* أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول.
*ما رواه البخاري في الصحيح في قوله – تعالى-: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}
*ما رواه البخاري في "الصحيح" عن ابن عباس في قوله تعالى:{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}.[ذكره البلقيني في مواقع العلوم]

●قواعد في أسباب النزول:
-العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
*الأقوال في هذه القاعدة:
1-القول الأول :اعتبار هذه القاعدة ،وتعديتها إلى غير سبب نزولها.
مثال:
كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية.
نزول قوله تعالى:{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا}، فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد.
التعليل:
_تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى:{ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} بعد فهم الصحابة لعموم المعنى .
_يجوز تخصيص السبب وتعميم الوعيد،ليتناول كل من يعمل على شاكلته.[ذكره الزمخشري]
_احتجاج الصحابة وغيرهم في تعميم وقائع لها اسباب نزول خاصة.[ذكره السيوطي]
2-القول الثاني:لم يعتبر بعموم اللفظ،وقال بقصور الآيات على أسبابها اتفاقا لدليل قام على ذلك.
*تنبيه:
يقصر الحكم على الآية إذا نزلت في معين ولا عموم لها.
مثل :قوله تعالى {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى}،فإنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه بالإجماع.
والدليل:
1-الام ليست موصولة بأفعل التفضيل وقطع المشاركة .
2- اللفظ مفرد
3- ال العهد موجودة.
فبطل القول بالعموم واقتصر على أبي بكر رضي الله عنه.[ذكره السيوطي في الاتقان]

-قد يتقدم نزول الآية على الحكم.
مثال:زكاة الفطر.
كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} فإنه يستدل بها على زكاة الفطر.
روى البيهقي بسنده إلى ابن عمر: (أنها نزلت في زكاة رمضان) ثم أسند مرفوعا نحوه.[ذكره الزركشي في البرهان]
-قد تنزل آيات متفرقة لسبب واحد.
من أمثلته:
1-نزول قوله تعالى،بعد سؤال أم سلمة:
{فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع} أخرجه الترمذي والحاكم[ذكره السيوطي في الإتقان في علوم القرآن]
2-ما نزل في شأن وفاة أبي طالب:
قوله تعالى:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} .[ذكره الوادعي في الصحيح المسند]
- قد تعدد الأسباب والنازل واحد.
مثل آية اللعان وغيرها.[ذكره الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول]

● تعامل المفسر مع أسباب النزول:
- المفسرون في أسباب النزول دائر بين القصد والإسراف.
من المفسرين من أولع به وأكثر حتى أوهم أن لكل آية سبب ، بينما طرف آخر أسرف في الإهمال دون التمحيص والتدقيق.[ذكره ابن عاشور]
-ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول.
*احتراز السلف عن القول في نزول الآية مقارنة بما يذكر اليوم إفكا وكذبا:
ذكر ابن عون عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن، فقال: (اتق الله وقلْ سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن). [ذكره الواحدي في أسباب النزول]
-بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
ينبغي أن يكون ذكر سبب النزول متوقفا حسب المناسبة،لأنه من باب تقديم الوسائل على المقاصد، كما في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}،وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة.[ذكره الزركشي في البرهان في علوم القرآن]

● المؤلفات في أسباب النزول.
-عناية العلماء بأسباب النزول.
1-اعتنى المفسرون بأسباب النزول ،وكتب التفسير مليئة به.
يُذكر فيها عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبي العالية والسدي ومقاتل وغيرهم
2- وأفردوا فيه التصانيف والمؤلفات .
ومن هؤلاء علي بن المديني شيخ البخاري ،وشيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل بن حجر،وغيرهم.
-أشهر المؤلفات فيه.
1-كتاب أسباب النزول للواحدي.[ذكره السيوطي في التحبير والإتقان]
2-لباب النقول في أسباب النزول،للسيوطي
-مزايا كتاب لباب النقول على كتاب الواحدي.
1- الاختصار.
2- الجمع الكثير ،والزيادات على ما ذكر الواحدي .
3-تخريج كل حديث فيه كالكتب الستة، والمستدرك، وصحيح ابن حبان،وغيرهم، مقارنة مع الواحدي فتارة يورد الحديث بإسناده وفيه مع التطويل عدم العلم بمخرج الحديث.
4-تمييز الصحيح من غيره والمقبول من المردود.
5- الجمع بين الروايات المتعددة.
6- تنحية ما ليس من أسباب النزول.[ذكره السيوطي في لباب النقول]

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 رجب 1436هـ/5-05-2015م, 01:12 AM
كريمة داوود كريمة داوود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 192
افتراضي

معرفة أسباب النزول
عناصر الموضوع
المؤلفات في أسباب النزول .
فوائد معرفة أسباب النزول .
- معرفة الحكمة من تشريع الحكم .
- تخصيص الحكم عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب .
- الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال .
- دفع توهم الحصر .
- تعيين المبهم في الآية .
- قطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين .
أمثلة لما صح من أسباب النزول .
أقسام ما صح من أسباب النزول .
- مقصد الآية .
- حادثة تسببت في تشريع حكم .
- إعلان وبيان أحكام لحالة خاصة .
- حوادث تتضمن حكماً في آية .
- يبين مجملات ويدفع متشابهات .
بأيهما يبدأ المفسر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها .
أنواع مسائل نزول القرآن .
أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف .
ذم الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول .
القول في أسباب النزول موقوف على السماع .
هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع .
حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول .
معنى قول بعض السلف : ( نزلت الآية في كذا .... ) .
أحوال الاختلاف في سبب النزول .
هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب .
تقدم نزول الآية على الحكم .
نزول آيات متفرقة لسبب واحد .
تعدد الأسباب والنازل واحد .
خلاصة أقوال أهل العلم في معرفة أسباب النزول
المؤلفات في أسباب النزول .
قالَ جلالُ الدينِ السيوطيُّ في الإتقان : ( معرفة سبب النزول أفرده بالتصنيف جماعة أقدمهم علي بن المديني شيخ البخاري ومن أشهرها كتاب الواحدي وقد اختصره الجعبري فحذف أسانيده ولم يزد عليه شيئاوألف فيه شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر كتابا مات عنه مسودة فلم نقف عليه كاملا ،وقد ألفت فيه كتابا حافلا موجزا محررا لم يؤلف مثله في هذا النوع سميته: لباب النقول في أسباب النزول).
فوائد معرفة أسباب النزول .
ذكر السيوطي في الإتقان جملة من الفوائد منها :
- معرفة الحكمة من تشريع الحكم .
- تخصيص الحكم عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب .
- الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال :
مثال ذلك قوله تعالى { إن الصفا والمروة من شعائر الله ...} ظاهر لفظها لا يقتضي أن السعي فرض وقد ذهب بعضهم إلى عدم فرضيته تمسكا بذلك ، وقد ردت عائشة على عروة في فهمه ذلك بسبب نزولها ( وهو أن الصحابة تأثموا من السعي بينهما ، لأنه من عمل الجاهلية فنزلت ) .
- دفع توهم الحصر :
مثال ذلك قوله تعالى { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما ... } الغرض من الآية المضادة على النفي والإثبات على الحقيقة ، فكأنه تعالى يقول : لا حرام إلا ما أحللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ، ولم يقصد حل ما وراءه . إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل .
- تعيين المبهم في الآية .
- قطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين . رواه ابن عاشور في التحرير والتنوير .
أمثلة لما صح من أسباب النزول .
روى البلقيني في مواقع العلوم أمثلة لما صح من أسباب النزول منها :
- عن أنس قال: (قال عمر رضي الله عنه: (وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث؛ قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}الآية [البقرة: 125]، وقلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت آية الحجاب.
وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه، فدخلت عليهن فقلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله صلى الله عليه وسلم خيرا منكن؟ فأنزل الله:
{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن}الآية [التحريم: 5])).
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أنه سئل عن الصفا والمروة، فقال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله – تعالى -:{إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية [البقرة:158 ]
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت:
{ ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} الآية [198]، في مواسم الحج
أقسام ما صح من أسباب النزول .
1- هو المقصود من الآية ، حيث أن فهم المراد من الآية يتوقف على العلم بسبب نزولها ، ومن هذا تفسير مبهمات القرآن مثل قوله تعالى{ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } وبعض الآيات التي فيها { ومن الناس }
2- حادثة تسببت في تشريع حكم ، ومدلولها لا يُخالف بتخصيص أو تعميم أو تقييد ، ويُعتبر ما جاء في هذا القسم أصلاً لتشريع حكم ، وقد اتفق العلماء أن أصل التشريع لا يكون خاصاً . مثال ذلك حديث كمب بن جعرة الذي نزلت عنه آية { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام } الآية ، فقد قال كعب : هي لي خاصة ولكم عامة .
3- إعلان وبيان أحكام وزجر نزلت في حالة خاصة ، ولها ما يماثلها الكثير من الأحوال ، مثال ذلك أن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ) فأنزل الله تصديق ذلك { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } الآية ، فدخل الأشعث بن قيس فقال : ما حدثكم أبو عبدالرحمن ؟ فقالوا : كذا وكذا ، قال : في أُنزلت ، لي بئر في أرض بن عم لي ..الخ
4- حوادث تتضمن حكماً في آية ولم تكن سبباً مباشراً في نزولها ، قال في هذا النوع ابن تيمية : قد تنازع العلماء في قول الصحابي : نزلت هذه الآية في كذا ، هل يجري مجرى المسند ، أو يجري مجرى التفسير ؟
مثال ذلك أن ابن عباس قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} بألف بعد لام السلام وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام} الآية. فالقصة لا بد أن تكون قد وقعت لأن ابن عباس رواها لكن الآية ليست نازلة فيها بخصوصها ولكن نزلت في أحكام الجهاد بدليل ما قبلها وما بعدها فإن قبلها: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} وبعدها {فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل }
5- قسم يبين مجملات ويدفع متشابهات ، مثال ذلك حديث عبد الله بن مسعود قال لما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم ظنوا أن الظلم هو المعصية. فقال رسول الله: ((إنه ليس بذلك? ألا تسمع لقول لقمان لابنه {إن الشرك لظلم عظيم } ))
ويندرج تحت هذا النوع ما يبين وجه تناسب الآي بعضها مع بعض .
بأيهما يبدأ المفسر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها .
قال الزركشي في [البرهان في علوم القرآن ] : ... ينبغي فيه تقديم ذكر السبب؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة
أنواع مسائل نزول القرآن .
- أنواع أسباب النزول
قال مقبل بن هادي الوادعي في [ الصحيح المسند في أسباب النزول ] : ( .. سبب النزول قاصراً على أمرين :
أحدهما : أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها ، كما في سبب نزول سورة المسد .
الثاني : أن يُسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم ، كما في سبب نزول آية اللعان .
أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف .
قال السيوطي في [ التحبير في علم التفسير ] : ( ثم منها المشهور وهو قسمان : صحيح كقصة الإفك وآية السعي والتيمم والعرنيين وموافقات عمر . وضعيف كآية { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } [ النساء 58 ] وقد اشتهر أنها نزلت في مفتاح الكعبة ، وأسانيد ذلك بعضها ضعيف وبعضها منقطع . ومنها الغريب وهو أيضا قسمان : صحيح وضعيف ، والله أعلم .
ذم الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول .
قال الواحدي في [ أسباب النزول ] :
- السلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازاً عن القول في نزول الآية .
- وقال عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة عن آية من القرآن ، فقال : ( اتق الله وقل سداداً ، ذهب الذين يعلمون فيما أُنزل القرآن )
- وقال أما اليوم فكل أحد يخترع للآية سبباً ، ويختلق إفكاً وكذباً ملقياً زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد .
- وقال لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل .
القول في أسباب النزول موقوف على السماع .
قال الواحدي في [ أسباب النزول ]:
- لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب .
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار )
قال السيوطي في [ لباب النقول ] : قيل أن معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا وربما لم يجزم بعضهم فقال أحسب هذه الآية نزلت في كذا .
هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع .
قال أبو الفضل العراقي في [ شرح ألفية العراقي ]: (وعُدَّ تفسير الصحابة مرفوعاً محمولٌ على تفسيرٍ فيه أسباب النزول )
: ولم يعين ابن الصلاح القائل بأن مطلق تفسير الصحابي مرفوعٌ، وهو الحاكم، وعزاه للشيخين فقال في المستدرك: (ليعلم طالب العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديثٌ مسندٌ )
قال ابن الصلاح: إنما ذلك في تفسيرٍ يتعلق بسبب نزول آيةٍ يخبر به الصحابي أو نحو ذلك كقول جابرٍ: (كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله تعالى: {نساؤكم حرثٌ لكم..} الآية )
قال: فأما تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيءٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمعدودةٌ في الموقوفات )
حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول .
قال السيوطي في [ لباب النقول ] :
ما جعلناه من قبيل المسند من الصحابي إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل فقد يقبل إذا صح السند إليه وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير أو اعتضد بمرسل آخر ونحو ذلك .
معنى قول بعض السلف : ( نزلت الآية في كذا .... ) .
قال ابن تيمية : قولهم نزلت هذه الآية في كذا، يراد به تارة سبب النزول ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب، كما تقول: عني بهذه الآية كذا ذكره السيوطي في الإتقان
قال الزركشي :قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها، فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية، لا من جنس النقل لما وقع. ذكره السيوطي في الإتقان
قال مقبل الوادعي في [ الصحيح المسند في أسباب النزول ]: صيغة سبب النزول إما أن تكون صريحة في السببية وإما أن تكون محتملة. فتكون نصا صريحا إذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال حدث كذا أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية فهاتان صيغتان صريحتان في السببية .
وتكون الآية محتملة للسببية ولما تضمنته الآية من الأحكام إذا قال الراوي نزلت هذه الآية في كذا فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة أنه داخل في معنى الآية .
وكذا إذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب فهاتان صيغتان تحتملان السببية .
أحوال الاختلاف في سبب النزول .
ذكر السيوطي في [ لباب النقول ]: طريق الإعتماد في ذلك أن ينظر إلى العبارة الواقعة :
1- فإن عبر أحدهم بقوله: (نزلت في كذا)، والآخر: (نزلت في كذا) وذكر أمرا آخر، فقد تقدم أن هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول، فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما .
2- وإن عبر واحد بقوله: (نزلت في كذا)، وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد، وذاك استنباط .
3- وإن ذكر واحد سببا وآخر سببا غيره فإن كان إسناد أحدهما صحيحا دون الآخر فالصحيح المعتمد .
مثال ذلك ما أخرجه ابن مردويه من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس، قال: (خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد تعال فتمسح بآلهتنا وندخل معك في دينك وكان يحب إسلام قومه فرق لهم فأنزل الله:{وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} الآيات [الإسراء: 73]).
وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس: (أن ثقيفا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجلنا سنة حتى يهدى لآلهتنا فإذا قبضنا الذي يهدى لها أحرزناه ثم أسلمنا فهم أن يؤجلهم فنزلت ) .
هذا يقتضي نزولها بالمدينة وإسناده ضعيف، والأول يقتضي نزولها بمكة وإسناده حسن، وله شاهد عند أبي الشيخ عن سعيد بن جبير يرتقي إلى درجة الصحيح فهو المعتمد .
4- أن يستوي الإسنادان في الصحة، فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات .
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود: (قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال{قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الآية [الإسراء85]
وأخرج الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: (قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا: سألوه عن الروح قال: فسألوه، فأنزل الله:{ويسألونك عن الروح }
فهذا يقتضي أنها نزلت بمكة والأول خلافه، وقد رجح بأن ما رواه البخاري أصح من غيره، وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة .
5- أن يمكن نزولها عقيب السببين والأسباب المذكورة بألا تكون معلومة التباعد فيحمل على ذلك .
ومثاله: ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس: (أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((البينة أو حد في ظهرك))، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فأنزل عليه:{والذين يرمون أزواجهم}حتى بلغ:{إن كان من الصادقين} الآية [النور: 6-9 ]
وأخرج الشيخان عن سهل بن سعد قال: (جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال: اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاب المسائل فأخبر عاصم عويمرا فقال: والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتاه فقال:((إنه قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآنا . . .)) الحديث .
جمع بينهما بأن أول ما وقع له ذلك هلال، وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا .
وأخرج البزار عن حذيفة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:(لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به؟) قال: شرا، قال:(فأنت يا عمر؟) قال:(كنت أقول لعن الله الأعجز وإنه لخبيث) فنزلت ) .
قال ابن حجر: لا مانع من تعدد الأسباب .
6- ألا يمكن ذلك فيحمل على تعدد النزول وتكرره .
مثال ذلك ما أخرجه البيهقي والبزار عن أبي هريرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به فقال: ((لأمثلن بسبعين منهم مكانك))، فنزل جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بخواتيم سورة النحل:{وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} إلى آخر السورة [النحل126- 128 ]
وأخرج الترمذي عن أبي بن كعب قال: (لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون، ومن المهاجرين ستة منهم حمزة فمثلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله:{وإن عاقبتم} الآية .
فظاهره تأخير نزولها إلى الفتح وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد .
قال ابن الحصار: ويجمع بأنها نزلت أولا بمكة قبل الهجرة مع السورة؛ لأنها مكية، ثم ثانيا بأحد، ثم ثالثا يوم الفتح تذكيرا من الله لعباده .
أهمية جمع الطرق وفحص المرويات :
قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ في [ الصحيح المسند ] : (تنبيه: وقد حاولت بقدر الاستطاعة أن أجمع طرق الحديث لما فيه من الفوائد من معرفة وصل الحديث وإرساله وصحته وإعلاله فرب حديث ظاهر سنده الصحة في كتاب ويكون في كتاب آخر معلولا وقد قال ابن الصلاح في [علوم الحديث :82]: وروى عن علي بن المديني قال: (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه)ا.هـ
هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب .
قال السيوطي في [الإتقان في علوم القرآن ] : اختلف أهلُ الأصول: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
والأصح عندنا الأول، وقد نزلت آيات في أسباب واتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية وحد القذف في رماة عائشة ثم تعدى إلى غيرهم .
ومن الأدلة على اعتبار عموم اللفظ احتجاج الصحابة وغيرهم في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة شائعا ذائعا بينهم .
روى ابن جرير عن سعيد قال : إن في بعض كتب الله إن لله عبادا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر لبسوا لباس مسوك الضأن من اللين يجترون الدنيا بالدين، فقال محمد بن كعب هذا في كتاب الله : {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} الآية [البقرة: 204]، فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد .
وقد ورد عن ابن عباس ما يدل على اعتبار العموم، فإنه قال به في آية السرقة مع أنها نزلت في امرأة سرقت، روى ابن أبي حاتم عن نجدة الحنفي قال: سألت ابن عباس عن قوله:{والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} الآية [المائدة: 38]، أخاص أم عام؟ قال: (بل عام ) .
وقال ابن تيمية :والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه؟ فلم يقل أحد: إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ والآية التي لها سبب معين: إن كانت أمرا ونهيا فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته .
قال مقبل الوادعي في [ الصحيح المسند ] : (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والدليل على ذلك أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية، قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟
ومعنى هذا هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها؟
فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال:(بل لأمتي كلهم )
أما صورة السبب فجمهور أهل الأصول أنها قطعية الدخول في العام فلا يجوز إخراجها منه بمخصص وهو التحقيق وروي عن مالك أنها ظنية الدخول كغيرها من أفراد العام .
تقدم نزول الآية على الحكم .
قال البغوي في تفسيره: أنه يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم كما قال: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} الآية [البلد: 1-2] فالسورة مكية، وظهور أثر الحل يوم فتح مكة حتى: قال عليه السلام: (أحلت لي ساعة من نهار )
وكذلك نزل بمكة {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} الآية [القمر: 45]، قال عمر بن الخطاب: (كنت لا أدري: أي الجمع يهزم فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }
نزول آيات متفرقة لسبب واحد .
قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ [ الصحيح المسند في أسباب النزول ]: (وكذا قد تتعدد الآيات النازلة والسبب واحد كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنه)) فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}. ونزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ }.
تعدد الأسباب والنازل واحد .
قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ في [ الصحيح المسند في أسباب النزول ]: (قد تتعدد الأسباب والنازل واحد كما في آية اللعان وغيرها من الآيات .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 رجب 1436هـ/5-05-2015م, 07:08 AM
هلال الجعدار هلال الجعدار غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 608
افتراضي فهرسة معرفة أسباب النزول

فهرسة معرفة أسباب النزول
عناصر الموضوع
● المؤلفات في أسباب النزول
● فوائد معرفة أسباب النزول
- الدلالة على حكمة التشريع.
- تعين على فهم المعنى
- تعين على بيان ما يستشكل
- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص
- دفع توهّم الحصر
● أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول
● أقسام ما صحّ من أسباب النزول
● بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
● أنواع مسائل نزول القرآن
...- أنواع أسباب النزول
● أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف
● ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول
● القول في أسباب النزول موقوف على السماع
● هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع؟
● ما حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول؟
● معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..)
● أحوال الاختلاف في سبب النزول
- مثال على أهمية جمع طرق وفحص المرويّات
● هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
● تقدم نزول الآية على الحكم
● نزول آيات متفرقة لسبب واحد
● تعدد الأسباب والنازل واحد
********************************************************************************************************************************************************************************
خُلاصة أقوال العلماء
المؤلفات في أسباب النزول
- أنواع المؤلفات
أشهر من ألّف في معرفة أسباب النزول
أعتني به المفسرون في كتبهم ومن أشهر من صنف فيه : -
ذُكرفيه أشياء عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبي العالية والسدي ومقاتل .ذكره البُلقِينيُّ في مواقع العلوم
وعلي بن المديني شيخ البخارى ، والواحدي . ذكره الزَّرْكَشِيُّ في البرهان ، والبلقيني في مواقع العلوم ، والسيوطي في الإتقان
والحافظ بن حجر ، والسيوطي .ذكره السيوطي في الإتقان
المقارنة بين المصنفات في أسباب النزول
ذكر السيوطي في [ الإتقان ، ولباب النقول ] أن أشهر كتاب في ذلك هو كتاب الواحدي ، ثم جاء الجعبري واختصره ، ولم يزد عليه شيء.
ثم أورد في [ لباب النقول ] ما يميز كتابه الباب عن كتاب الواحدي [ أسباب النزول ] منها:-
1- الإختصار
2- الجمع الكثير ، والزيادة على كتاب الواحدي
3- عزوه كل حديث إلى من خرجه من أصحاب الكتب المعتبرة، وتمييز الصحيح من المردود.
4- الجمع بين الروايات المتعددة. .
5- تنحية ما ليس من أسباب النزول. [ لباب النقول ]
فوائد معرفة أسباب النزول
المدة بين أول مانزل من القرآن وآخر ما نزل.
أثر الحسن
رواية الأصفهاني عن الحسن في قوله تعالى {وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكث}ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين.
أثر الشعبي
رواى أحمد بسنده ا لشعبي قال: فرق الله تنزيله فكان بين أوله وآخره عشرون أو نحو من عشرين سنة. الواحدي في أسباب النزول
فوائد معرفةأسباب النزول
- وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
- تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
- الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال. .
- أنه قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص .
الرد على من يقول بجواز إخراج محل السبب بالتخصيص.
بأمرين:
أحدهما: أنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يجوز.
والثاني: أن فيه عدولا عن محل السؤال، وذلك لا يجوز في حق الشارع لئلا يلتبس على السائل.
- دفع توهم الحصر. الزركشي في البرهان
- معرفة اسم النازل فيه الآية وتعيين المبهم فيها . السيوطي في الإتقان
- ارتباطه بفنين عظيمين وهما تفسير كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اللذان هما أساس ديننا..
- أن أسباب النزول قد دخلها الدخيل كغيرها من سائر الفنون..
- الرغبة في التعرف على أسرار هذا التشريع العظيم وما في أسباب النزول من العبر وحل المشاكل التي قد ضاق بها أصحابها ذرعا فيأتي الفرج الإلهي.
- رجاء الاستفادة من مراحل التشريع. مقبل بن هادي الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول
- أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وهي إحدى طريقتين لبلغاء العرب في أقوالهم، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين. ابن عاشور في التحرير والتنوير

أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول
المواضع التي في سورة البقرة

أقسام ما صحّ من أسباب النزول
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بنُ محمَّدٍ ابْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وقد تصفحت أسباب النزول التي صحت أسانيدها فوجدتها خمسة أقسام:
الأول: هو المقصود من الآية يتوقف فهم المراد منها على علمه فلابد من البحث عنه للمفسر، وهذا منه تفسير مبهمات القرآن مثل قوله تعالى {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} ومثل بعض الآيات التي فيها{ومن الناس}.
والثاني: هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام وصور تلك الحوادث لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها، مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان.
والثالث: هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها ، وذلك مثل ما في كتاب الأيمان من صحيح البخاري في باب قول الله تعالى {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)) فأنزل الله تصديق ذلك{إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا}الآية.
الرابع: هو حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات ، مثل ما في "صحيح البخاري" في سورة النساء أن ابن عباس قرأ قوله تعالى:{ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا}بألف بعد لام السلام وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام} الآية.
والخامس: قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات مثل قوله تعالى:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}.
- لا يجوز حمل كلماته على خصوصيات جزئية لأن ذلك يبطل مراد الله، كذلك لا يجوز تعميم ما قصد منه الخصوص ولا إطلاق ما قصد منه التقييد؛ لأن ذلك قد يفضي إلى التخليط في المراد أو إلى إبطاله من أصله.

بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
جرت عادت المفسرين على أن يبداءوا بذكر سبب النزول ، أنه ينبغي تقديم ذكر السبب لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة. خُلاصة ما ذكره السيوطي في البرهان
أنواع مسائل نزول القرآن
أقسام نزول القرآن
1- قسم نزل ابتداءاً
2- قسم نزل لسبب. وهذاقسمين :-
القسم الأول : أن تحدث حادثة فينزل القرآن في شأنها مثل {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}.
القسم الثاني : أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه كما في سبب نزول آية اللعان. هذا خُلاصة ما ذكره السيوطي في الإتقان ، ومقبل الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول

أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف.
وهو قسمان :-
الأول : مشهور ، وهوقسمان :-
أ / صحيح ، مثل قصة الإفك وآية السعي والتيمم والعرنيين وموافقات عمر.
ب / مثل آية:{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} الآية.
الثاني : غريب ، وهو قسمان أيضاً :-
أ / صحيح
ب / ضعيف . ذكره السيوطي في التحبير
ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول
خُلاصة المسألة أن السلف كانوا من أبعد ما يكون إحترازاً عن القول في أسباب النزول ، فقد ذكر الواحدي بسنده عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن
فقال:(اتق الله وقلْ سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن)، ثم ذم من يفعل ذلك وذكر أن سبب تأليفه في أسباب النزول كثرة ذكر الأخبار الواهية ، وكذلك ابن عاشور والسيوطي ومقبل الوادعي وغيرهم من العلماء.
- أنواع أسباب النزول
1- إن من أسباب النزول ما ليس المفسر بغنى عن علمه لأن فيها بيان مجمل أو إيضاح خفي وموجز.
2- ومنها ما يكون وحده تفسيرا.
3- ومنها ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي بها تأويل الآية أو نحو ذلك.
4- ومنها ما ينبه المفسر إلى إدراك خصوصيات بلاغية تتبع مقتضى المقامات فإن من أسباب النزول ما يعين على تصوير مقام الكلام .ذكره ابن عاشور في التحرير والتنوير


القول في أسباب النزول موقوف على السماع.
وهذا الأمر فيه مسألتين:
الأولى : أنه لايحل القول في أسباب النزول إلا بالرواية والسماع ، وأن من يقول فيه بغير دليل فهو متوعد من الشرع . وهذا خُلاصة ما ذكره الواحدي والسيوطي والوادعي
ودليل ذلك ما رواه الواحدي بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسل (( اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فإنه من كذب علي متعمدًا فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار))، وما رواه أيضاً عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال:(اتق الله وقلْ سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن). اسباب النزول للواحدي
الثانية : أن معرفة أسباب النزول تحصل للصحابة بقرائن تحتف بقضايا ، وأن بعضهم يذكرها على سبيل عدم الجزم بها ، وقال الحاكم: إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا فإنه حديث مسند.السيوطي في لباب النقول والإتقان

هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع؟
نعم يُحمل قول الصحابي في سبب النزول علي الرفع ، وذلك لأن قول الصحابي لا مدخل فيه للإجتهاد ، وأن الصحابي قد شهد الوحي ، وأن معرفة أسباب النزول تحصل للصحابي بقرائن ، وذلك كقول جابرٍ رضي اللّه عنه: (كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول؛ فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{نساؤكم حرثٌ لكم..}الآية. هذا خُلاصة ما ذكره النيسابوري والشهرزوري والزركشي وابن الصلاح والبلقيني والسيوطي والوادعي

حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول
على قسمين :-
الأول : ما صح سنده وتعددت طرقه ، وكان راويه من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير، فحكمه أنه مرفوع مرسل ، مقبول
الثاني : ما لم يصح سنده ، أو كان بغير سند ، فحكمه أنه مردود لايقبل. خُلاصة ما ذكره السيوطي ، والبلقيني ، والوادعي

معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..)
على قولين :-
الأول : إما أن يكون القول من جنس النقل لما وقع ، ومثاله ما أخرجه مسلم، عن جابر قال: (كانت اليهود تقول من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله:{نساؤكم حرث لكم} الآية ، وهذا يرجحه جماعة من المحدثين
الثاني : أو يكون من جنس الاستدلال على الحكم بالآية، ومثاله قوله:{واتخذ الله إبراهيم خليلا} سبب اتخاذه خليلا ليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى . وهذا يرجحه ابن تيميه والإمام أحمد والزركشي وغيرهم
- قال ابن تيمية: قولهم نزلت الآية في كذا يراد به تارة أنها سبب النزول ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب كما نقول عني بهذه الآية كذا. ذكره السيوطي في لباب النقول
- أقسام صيغة سبب النزول:-
1- إما أن تكون صريحة في السببية ، وذلك إذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال حدث كذا أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية.
2- وإما أن تكون محتملة ، وذلك إذا قال الراوي نزلت هذه الآية في كذا فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة أنه داخل في معنى الآية،وكذا إذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا . مقبل الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول

أحوال الاختلاف في سبب النزول
تعريف ما وقع فيه الاختلاف
كل ما وقع فيه الاختلاف في سبب النزول فهو اضطراب يقتضي طرح ما ذكر إن لم يمكن الجمع، ولا سيما إذا كان بغير سند.البلقيني في مواقع العلوم
الحال الأولى : ما يمكن الجمع بينهما كآية اللعان فقد ثبت في الصحيح من طريق سهل بن سعد الساعدي أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني.وثبت – أيضا – في الصحيح أنها نزلت في هلال بن أمية.ويمكن الجمع بينهما بأنها نزلت في حقهما.
قال السيوطي : يمكن أنها نزلت في حقهما أي بعد سؤال كل منهما فيجمع بهذا،
الحال الثانية : إن لم يمكن الجمع قدم ما كان سنده صحيحاً أو له مرجح ككون راويه صاحب الواقعة التي نزلت فيها الآية ونحو ذلك.
الحال الثالثة : إن استويا فهل يحمل على النزول مرتين أو يكون مضطرباً يقتضي طرح كل منهما ، وأمثلة هذا النوع تستقرأ من الكتب المصنفة فيه.
البلقيني في مواقع العلوم والسيوطي في التحبير


قال السيوطي : فإن عبر أحدهم بقوله: (نزلت في كذا)، والآخر: (نزلت في كذا) وذكر أمرا آخر، فقد تقدم أن هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول، فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما , وإن عبر واحد بقوله: (نزلت في كذا)، وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد، وذاك استنباط.
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال:(أنزلت{نساؤكم حرث لكم..}الآية في إتيان النساء في أدبارهن).
الحال الرابعة : أن يستوي الإسنادان في الصحة، فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات، مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود: (قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال :{قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}.
الحال الخامسة: أن يمكن نزولها عقيب السببين والأسباب المذكورة بألا تكون معلومة التباعد كما في الآيات السابقة فيحمل على ذلك.
ومثاله: ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس: (أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((البينة أو حد في ظهرك))، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فأنزل عليه:{والذين يرمون أزواجهم}حتى بلغ:{إن كان من الصادقين}الآية .
الحال السادسة: ألا يمكن ذلك فيحمل على تعدد النزول وتكرره.
مثاله: ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: (لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: ((أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله)) فقال أبو جهل: وعبد الله يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال هو على ملة عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك))، فنزلت:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية
أهمية جمع الطرق وفحص المرويّات
قال ابن الصلاح في علوم الحديث وروى عن علي بن المديني قال : (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه(. ذكره مقبل الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول
هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
الأمر فيه خلاف بين اهل العلم على قولين :-
الأول : أن العبرة بعموم اللفظ ، ودليلهم أنه قد نزلت آيات في أسباب واتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية وحد القذف في رماة عائشة ثم تعدى إلى غيرهم، ومن الأدلة على اعتبار عموم اللفظ احتجاج الصحابة وغيرهم في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة شائعا ذائعا بينهم. وهذا الراجح ، وهو ما رجحه الزركشي والسيوطي والوادعي
الثاني : عدم اعتبار عموم اللفظ ، وهؤلاء قالوا خرجت هذه الآيات ونحوها لدليل آخر كما قصرت آيات على أسبابها اتفاقا لدليل قام على ذلك.
قال الوادعي : أما صورة السبب فجمهور أهل الأصول أنها قطعية الدخول في العام فلا يجوز إخراجها منه بمخصص وهو التحقيق وروي عن مالك أنها ظنية الدخول كغيرها من أفراد العام. ا.هـ. من مذكرة أصول الفقه للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله باختصار. الصحيح المسند في أسباب النزول
تقدم نزول الآية على الحكم
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (تقدم نزول الآية على الحكم
واعلم أنه قد يكون النزول سابقا على الحكم وهذا كقوله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} الأعلى: 14 فإنه يستدل بها على زكاة الفطر.
روى البيهقي بسنده إلى ابن عمر: (أنها نزلت في زكاة رمضان) ثم أسند مرفوعا نحوه.
نزول آيات متفرقة لسبب واحد
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (تنبيه: عكس ما تقدم أن يذكر سبب واحد في نزول آيات متفرقة، ولا إشكال في ذلك فقد ينزل في الواقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى.
مثاله: ما أخرجه الترمذي والحاكم عن أم سلمة أنها قالت: (يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله:{فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع} إلى آخر الآية .
وأخرج الحاكم عنها أيضا، قالت:( قلت يا رسول الله تذكر الرجال ولا تذكر النساء، فأنزلت:{إن المسلمين والمسلمات}والآية أنزلت:{أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى}الآية.
قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ (ت:1423هـ): (وكذا قد تتعدد الآيات النازلة والسبب واحد كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((لأستغفرن لك ما لم أنه عنه)) فأنزل الله{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}. ونزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.
تعدد الأسباب والنازل واحد

قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ (ت:1423هـ): (قد تتعدد الأسباب والنازل واحد كما في آية اللعان وغيرها من الآيات ).
ملحوظة !!!
بالنسبة للتلوين والتنسيق فحاولت ولم يخرج معي كما ينبغي ، فتركته كما هو .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 رجب 1436هـ/5-05-2015م, 10:55 AM
نبيلة الصفدي نبيلة الصفدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 508
افتراضي

عناصر الموضوع
المؤلفات في أسباب النزول
فوائد معرفة أسباب النزول
... - الدلالة على حكمة التشريع.
...- تعين على فهم المعنى
... - تعين على بيان ما يستشكل
...- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص
...- دفع توهّم الحصر
- دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال
أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول
أقسام ما صحّ من أسباب النزول
بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
أنواع مسائل نزول القرآن
...- أنواع أسباب النزول
أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف
ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول
القول في أسباب النزول موقوف على السماع
هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع؟
ما حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول؟
معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..)
أحوال الاختلاف في سبب النزول
...- مثال على أهمية جمع طرق وفحص المرويّات
هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
تقدم نزول الآية على الحكم
نزول آيات متفرقة لسبب واحد
تعدد الأسباب والنازل واحد


المؤلفات في أسباب النزول:
- من أقدم الكتب تفسير علي بن المديني شيخ البخاري ،- الزَّرْكَشِيُّ في كتابه البرهان في علوم القرآن-
- ومن أشهر الكتب " "أسباب النزول" "للوحدي - الزَّرْكَشِيُّ في كتابه البرهان في علوم القرآن ،البُلقِينيُّ في مواقع العلوم ، السيوطيُّ في التحبير في علم التفسير وفي الإتقان -
- وألف شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر كتابا مات عنه مسودة - السيوطيُّفي التحبير في علم التفسير وفي الإتقان
- كتاب السيوطي " لباب النقول في أسباب النزول" - السيوطيُّ في الإتقان -
** وتميز كتاب السيوطي عن الوحدي بأمور ذكرها السيوطي في كتابه :
منها الاختصار ،ووجود زيادات كثيرة على ماذكر الوحدي، وتخريج الأحاديث من أصحاب الكتب المعتبرة، وتمييز الصحيح من غيره والمقبول من المردود ،و الجمع بين الروايات المتعددة،تنحية ما ليس من أسباب النزول. -السيوطي " لباب النقول في أسباب النزول

فوائد معرفة أسباب النزول
... - الدلالة على حكمة التشريع:
n فقد أخطأ من زعم أنه لا طائل تحت هذا الفن لجريانه مجرى التاريخ -السيوطي في لباب النقول والزركشي في البرهان-
- ففي أسباب النزول بيان مراحل الدعوة والتوجيهات الإلهية كآية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن لهم اقتدارا على القتال
- في أسباب النزول من العبر وحل المشاكل التي قد ضاق بها أصحابها ذرعا فيأتي الفرج الإلهي، وذلك كقصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا، وكقصة الإفك ، وآية اللعان – الواعدي الصحيح المسند في أسباب النزول-
- الفرق بين المكي والمدني
- في حوادث مختلفة الأسباب أنزله مفرقًا نجومًا وأودعه أحكامًا وعلومًا؛ قال عز من قائل: {وَقُرآَنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً} و أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين. الوحدي – أسباب النزول-
..- تعين على فهم المعنى
- قال الواحدي: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.
- وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن.
- وقال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّب
أمثلة عن ذلك :
- ما قاله مروان في عبد الرحمن بن أبي بكر: (إنه الذي أنزل فيه {والذي قال لوالديه أف لكما}الآية [الأحقاف: 17])، حتى ردت عليه عائشة وبينت له سبب نزولها). [الإتقان في علوم القرآن

- تعين على بيان ما يستشكل
- وقد أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا}الآية، وقال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون حتى بين له ابن عباسأن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه. - أخرجه الشيخان-
- وحكي عن عثمان بن مظعون وعمرو بن معد يكرب أنهما كانا يقولان: (الخمر مباحة ويحتجان بقوله تعالى:{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا}الآية [المائدة: 93])، ولو علما سبب نزولها لم يقولا ذلك، وهو أن ناسا قالوا: (لما حرمت الخمر كيف بمن قتلوا في سبيل الله وماتوا وكانوا يشربون الخمر وهي رجس فنزلت). أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما.
- ومن ذلك قوله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر}الآية [الطلاق: 4]، فقد أشكل معنى هذا الشرط على بعض الأئمة، حتى قال الظاهرية: بأن الآيسة لا عدة عليها إذا لم ترتب. وقد بين ذلك سبب النزول، وهو أنه لما نزلت الآية التي في سورة البقرة في عدد النساء قالوا: (قد بقي عدد من عدد النساء لم يذكرن الصغار والكبار فنزلت). أخرجه الحاكم عن أبي. فعلم بذلك أن الآية خطاب لمن لم يعلم ما حكمهن في العدة وارتاب هل عليهن عدة أو لا وهل عدتهن كاللاتي في سورة البقرة أو لا فمعنى: {إن ارتبتم}إن أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتدون فهذا حكمهن.
- ومن ذلك قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله}الآية [البقرة: 115]، فإنا لو تركنا ومدلول اللفظ لاقتضى أن المصلي لا يجب عليه استقبال القبلة سفرا ولا حضرا وهو خلاف الإجماع فلما عرف سبب نزولها علم أنها في نافلة السفر أو فيمن صلى بالاجتهاد وبان له الخطأ على اختلاف الروايات في ذلك.
- ومن ذلك قوله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}الآية [البقرة: 158]، فإن ظاهر لفظها لا يقتضي أن السعي فرض وقد ذهب بعضهم إلى عدم فرضيته تمسكا بذلك وقد ردت عائشة على عروة في فهمه ذلك بسبب نزولها: (وهو أن الصحابة تأثموا من السعي بينهما؛ لأنه من عمل الجاهلية فنزلت).
- وهذه الأمثلة ذكرها السيوطي في كتابه الإتقان وذكر بعضهاالواعدي الصحيح المسند في أسباب النزول-

...- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص
n تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
n أنه قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع كما حكاه القاضي أبو بكر في "مختصر التقريب"؛ لأن دخول السبب قطعي.
ü ونقل بعضهم الاتفاق على أن لتقدم السبب على ورود العموم أثرا.
ü ولا التفات إلى ما نقل عن بعضهم من تجويز إخراج محل السبببالتخصيص لأمرين:
أحدهما: أنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يجوز.
والثاني: أن فيه عدولا عن محل السؤال، وذلك لا يجوز في حق الشارع لئلا يلتبس على السائل.
واتفقوا على أنه تعتبر النصوصية في السبب من جهة استحالة تأخير البيان عن وقت الحاجة وتؤثر أيضا فيما وراء محل السبب وهو إبطال الدلالة على قول والضعف على قول.الزركشي في البرهان ، والسيوطي في الإتقان .

- دفع توهّم الحصر
n قال الشافعي ما معناه في معنى قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً}الآية: إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله، وكانوا على المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال: لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه نازلا منزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة، فتقول: لا آكل اليوم إلا الحلاوة، والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه قال: لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ولم يقصد حل ما وراءه إذا القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل.
ü قال إمام الحرمين: وهذا في غاية الحسن ولولا سبق الشافعي إلى ذلك لما كنا نستجيز مخالفة مالك في حصر المحرمات فيما ذكرته.الزركشي في البرهان ، والسيوطي في الإتقان .
n وثمة فائدة أخرى عظيمة لأسباب النزول وهي أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وهي إحدى طريقتين لبلغاء العرب في أقوالهم، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين - ابن عاشور في التحرير والتنوير

أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول:

n {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}الآية [البقرة: 125]، عن أنس قال: (قال عمر رضي الله عنه: (وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث؛ قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}الآية [البقرة: 125]، وقلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت آية الحجاب.
وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه، فدخلت عليهن فقلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله صلى الله عليه وسلم خيرا منكن؟ فأنزل الله:{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن}الآية [التحريم: 5])).رواه البخاري في "الصحيح
n {إن الصفا والمروة من شعائر الله}الآية [البقرة: 158]، عن عائشة رضي الله عنها: (أنها إنما نزلت في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا. بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله– تعالى -:{إن الصفا والمروة من شعائر الله}الآية [البقرة: 158رواه البخاري في "الصحيح وكذلك رواه عن أنس
n البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله – سبحانه-:{علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم}الآية [البقرة: 187 رواه البخاري في "الصحيح
n عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت:{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}الآية [198]، في مواسم الحج).رواه البخاري في "الصحيح
n ومن ذلك الوقائع المشهورة مثل قصة الإفك، وقصة التيمم، وقصة المتخلفين عن غزوة تبوك ونحو ذلك - البُلقِينيُّ مواقع العلوم -

أقسام ما صحّ من أسباب النزول
قسم ابن عاشور أسباب النزول إلى خمسة أقسام:
الأول: تفسير مبهمات القرآن يتوقف فهم المراد من الآية على علمه مثل قوله تعالى{قد سمع الله قول التي تجادلكفي زوجها}ونحو{يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا}ومثل بعض الآيات التي فيها{ومن الناس}.
والثاني : زيادة تفهم في معنى الآية وتمثيلا لحكمها: مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان، ومثل حديث كعب بن عجرة الذي نزلت عنه آية{فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام}الآية فقد قال كعب بن عجرة: هي لي خاصة ولكم عامة، ومثل قول أم سلمة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: يغزو الرجال ولا نغزو، فنزل قوله تعالى {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}الآية. ولا يخشى توهم تخصيص الحكم بتلك الحادثة، إذ قد اتفق العلماء أو كادوا على أن سبب النزول في مثل هذا لا يخصص، واتفقوا على أن أصل التشريع أن لا يكون خاصا.
والثالث: هي لحالة خاصة يريد بها التمثيل : هي لحوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها، وهذا القسم يوهم القاصرين على قصر الآية على تلك الحادثة لعدم ظهور العموم من ألفاظ تلك الآيات.
مثال :
n قول الله تعالى{إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان))فأنزل الله تصديق ذلك {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا}الآية فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن? فقالوا كذا وكذا، قال في أنزلت، لي بئر في أرض ابن عم لي الخ، فابن مسعود جعل الآية عامة لأنه جعلها تصديقا لحديث عام? والأشعث بن قيس ظنها خاصة به إذ قال: في أنزلت بصيغة الحصر
n ومثل الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة المفتتحة بقوله تعالى: {ومنهم
n ومثل قوله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم}فلا حاجة لبيان أنها نزلت لما أظهر بعض اليهودمودة المؤمنين.
والرابع: بعض أسباب النزول يدخل في معنى الآية فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات،و قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها
n اختلاف العلماء في قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند أو يجري مجرى التفسير:
ü البخاري يدخله في المسند،
ü وأكثر أهل المسانيد لا يدخلونه فيه
ü أما إذا ذكر سببا نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلونه في المسند. قال السيوطي في "الإتقان" عن الزركشي
n أن ابن عباس قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا}بألف بعد لام السلام وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك{ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام}الآية. فالقصة لا بد أن تكون قد وقعت لأن ابن عباس رواها لكن الآية ليست نازلة فيها بخصوصها ولكن نزلت في أحكام الجهاد بدليل ما قبلها وما بعدها فإن قبلها: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا}وبعدها {فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل}.
والخامس : نوعان
1-:قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات
n مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}فإذا ظن أحد أن من للشرط أشكل عليه كيف يكون الجور في الحكم كفرا، ثم إذا علم أن سبب النزول هم النصارى علم أن من موصولة وعلم أن الذينتركوا الحكم بالإنجيل لا يتعجب منهم أن يكفروا بمحمد.
n عن عبد الله بن مسعود قال لما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم ظنوا أن الظلم هو المعصية. فقال رسول الله: ((إنه ليس بذلك? ألا تسمع لقول لقمان لابنه {إن الشرك لظلم عظيم}))
2- قسم ما لا يبين مجملا ولا يؤول متشابها ولكنه يبين وجه تناسب الآي بعضها مع بعض:
n في قوله تعالى، في سورة النساء: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء}الآية، فقد تخفى الملازمة بين الشرط وجزائه فيبينها ما في الصحيح، عن عائشة أن عروة بن الزبير سألها عنها فقالت: هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.

بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
جرت عادة المفسرين أن يبدءوا:
- ذكر سبب النزول وذلك من باب تقدم السبب على المسبب
- بالمناسبة؛ لأنها المصححة لنظم الكلام وهي سابقة على النزول
- والتحقيق التفصيل بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول
- مثال ذلك :
- {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}الآية [النساء: 58]، فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر السبب؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة الزَّرْكَشِيُّالبرهان في علوم القرآن


أنواع مسائل نزول القرآن
:
n نزول القرآن على قسمين:
ü قسم نزل ابتداء، بعقائد الإيمان وواجبات الإسلام وغير ذلك من التشريع
ü وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال- السيوطيُّ في الإتقان –الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول


· أنواع أسباب النزول:
ü أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها
ü أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه الوادعي -الصحيح المسند في أسباب النزول
-
أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف

- المشهور وهو قسمان: صحيح كقصة الإفك وآية السعي والتيمم والعرنيين وموافقات عمر.


- وضعيف: كآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}الآية [النساء: 58].
وقد اشتهر أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة، وأسانيد ذلك بعضها ضعيف، وبعضها منقطع،
- ومنها الغريب وهو أيضاً قسمان: صحيح وضعيف.السيوطيُّ في التحبير في علم التفسير

ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول:
n السلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازًا عن القول في نزول الآية.
عن بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: (اتق الله وقلْ سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن).
n أما اليوم فكلّ أحد يخترع للآية سببا، ويختلق إفكا وكذبا، ملقيا زمامه إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد
n قد وقع التساهل في نقل ما لم يثبت في كتب التفسير، مثال لذلك قصة ثعلبة بن حاطب التي فيها "قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه" وهذه القصة يذكرها المفسرون عنه تفسير قول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ}ويمكن أنه لا يوجد تفسير إلا وهي مذكورة فيه وقلَّ من نبه على عدم صحتها سندا ،وهي لا تصح معنى إذ فيها مخالفة لأصل من أصول الشريعة وهو أن التائب لو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم تاب، تاب الله عليه- الواعديالصحيح المسند في أسباب النزول

القول في أسباب النزول موقوف على السماع:
- لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فإنه من كذب علي متعمدًا فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار)).
- معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا، وربما لم يجزم بعضهم
عن عبد الله بن الزبير قال: (خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شراج الحرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك))فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجهه . . ) الحديث).
قال الزبير: (فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم..} الآية- السيوطي-الإتقان في علوم القرآن- الوحدي في أسباب النزول
-

هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع؟

- تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديثٌ مسندٌ-النكت على ابن الصلاح للزركشي
- وما كان من أسباب النزول مرويا عن صحابي بإسنادٍ صحيحٍ: مرفوعٌ؛ إذ قول الصحابي فيما لا مجال للاجتهاد فيه في حكم المرفوع، كقول جابرٍ: (كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله تعالى: {نساؤكم حرثٌ لكم..} الآية).
وما كان عن صحابي بغير إسناد فهو منقطع أي تفاسير الصّحابة الّتي لا تشتمل على إضافة شيءٍ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فمعدودةٌ في الموقوفات النيسابوري في معرفة علوم الحديث، الشهرزوري في معرفة علوم الحديث، العراقي في شرح ألفية العراقي،البُلقِينيُّ مواقع العلوم، السيوطيُّ في التحبير ،الوادِعيُّ في الصحيح المسند
-
ما حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول؟

- المنقول عن التابعي بسنده فهو مرسل، وشرط قبوله: صحة السند، أن يكون راويه معروفاً بأن لا يروي إلا عن الصحابة، أو ورد له شاهد مرسل أو متصل ولو ضعيفاً
- وما كان بغير سند فلا يقبل - السيوطيُّ في لباب وفي الاتقان وفي التحبير

معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..)

n صيغة سبب النزول:
- إما أن تكون صريحة في السببية وهي لفظان : إذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال حدث كذا أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية.
- وإما أن تكون محتملة. :
- إذا قال الراوي نزلت هذه الآية في كذا فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة أنه داخل في معنى الآية.وكذا إذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب فهاتان صيغتان تحتملان السببية - الواعدي الصحيح المسند في أسباب النزول

- قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع.
- وقد تنازع العلماء في قول الصحابي نزلت هذه الآية في كذا هل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند. فالبخاري يدخله في المسند وغيره لا يدخله فيه. السيوطي في لباب النقول

أحوال الاختلاف في سبب النزول:
- هناك عدة أحوال :
- فإن عبر أحدهم بقوله: نزلت في كذا والآخر نزلت في كذا وذكر أمرا آخر ،هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما
- وإن عبر واحد بقوله: نزلت في كذا وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد كما قال ابن عمر في قوله: {نساؤكم حرث لكم} أنها نزلت رخصة في وطء النساء في أدبارهن وصرح جابر بذكر سبب خلافه فاعتمد حديث جابر.
- وإن ذكر واحد سببا وآخر سببا غيره فإن كان إسناد أحدهما صحيحا دون الآخر فالصحيح المعتمد مثاله ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب: (اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله: {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}[الضحى: 1-3]).
وأخرج الطبراني وابن أبي شيبة عن حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها وكانت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن جروا دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخل تحت السرير فمات فمكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال:((يا خولة ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل لا يأتيني؟))فقلت: في نفسي لو هيأت البيت، وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته الرعدة فأنزل الله:{والضحى}إلى قوله:{فترضى}[الضحى: 1-3]).
وقال ابن حجر في "شرح البخاري": قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، وفي إسناده من لا يعرف، فالمعتمد ما في الصحيح.
- أن يستوي الإسنادان في الصحة، فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات، مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود: (قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال:(({قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}الآية [الإسراء: 85]))).
- وإن ذكر واحد سببا وآخر سببا غيره فقد تكون نزلت عقيب تلك الأسباب كما في آية اللعان وقد تكون نزلت مرتين ، في آية الروح وفي خواتيم النحل وفي قوله: {ما كان للنبي والذين آمنوا}الآية مما يعتمد في الترجيح النظر إلى الإسناد وكون راوي أحد السببين حاضرا القصة أو من علماء التفسير كابن عباس وابن مسعود.
- يحمل على تعدد النزول وتكرره.:
مثاله: ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: (لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: ((أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله))فقال أبو جهل: وعبد الله يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال هو على ملة عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك))، فنزلت: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}الآية [التوبة: 113]).
وأخرج الترمذي وحسنه عن علي قال: (سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت).
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فقال: ((إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فأنزل علي:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}الآية [التوبة: 113]))).
فنجمع بين هذه الأحاديث بتعدد النزول السيوطي في الاتقان ولباب النقول

· ...- مثال على أهمية جمع طرق وفحص المرويّات :
· عن علي بن المديني قال: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه
مثال :
عن عائشة قالت: لما جاء أهل مكة في فداء أساراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رقَّ لها رِقَّة شديدة وقال: ((إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا))قالوا: نعم يا رسول الله، وردّوا عليها الذي لها.
قال: وقال العباس: يا رسول الله إني كنت مسلما؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول؛ فالله يجزيك فافدِ نفسَك وبني أخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن عمرو بن جحدم أخا بني الحارث بن فهر)). فقال: ما ذاك عندي يا رسول الله.قال: (( فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلتَ لها إن أصبتُ فهذا المال لبني الفضل وعبد الله وقثم )).فقال: والله يا رسول الله إني أشهد أنك رسول الله إن هذا الشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أفعل)).
ففدى العباس نفسه وبني أخويه وحليفه وأنزل الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}فأعطاني مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل).
هذا الحديث :
- صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي– الوادِعيُّ فيالصحيح المسند في أسباب النزول-
- رواه الطبراني فيالكبير والأوسط ورجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع - الهيثمي في مجمع الزوائد-
- قصة العباس لها سند آخر، وأنها مرسلة - سنن البيهقي-
- هذه القصة ليست مسندة بل معضلة وصنيع إسحاق ابن راهوية - الحافظ في الفتح – وكذلك في المطالب العالية -
هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
- اختلف أهل الأصول :
1- منهم من اعتبر أن العبرة بعموم اللفظ
دليلهم:
- كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية ونزول حد القذف في رماة عائشة رضي الله عنها ثم تعدى إلى غيرهم، وإن كان قد قال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}الآية [النور: 4] فجمعها مع غيرها إما تعظيما لها إذ أنها أم المؤمنين ومن رمى أم قوم فقد رماهم وإما للإشارة إلى التعميم ولكن الرماة لها كانوا معلومين، فتعدى الحكم إلى من سواهم،
- ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا}الآية [البقرة: 204]، فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد.
- أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}الآية، قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟ومعنى هذا هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها؟فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال: ((بل لأمتي كلهم)).
2- ومنهم من اعتبر أن العبرة بخصوص السبب
دليلهم :
عن مروان بن الحكم أنه بعث إلى ابن عباس يسأله: (لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون فقال ابن عباس: (هذه الآية نزلت في أهل الكتاب ثم تلا: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} إلى قوله:{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} الآية).
قال ابن عباس: (سألهم النبي صلى الله وسلم عن شيء فكتموه وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، فاستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم ما سألهم عنه
فابن عباس لم يعتبر عموم{لا تحسبن الذين يفرحون}الآية [آل عمران: 188]، بل قصرها على ما أنزلت فيه من قصة أهل الكتاب.
ورد على هذا الدليل :
وما أجاب به ابن عباس عن سؤال مروان لا يكفي؛ لأن اللفظ أعم من السبب لكنه بين أن المراد باللفظ خاص
ويشهد له قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور))وإنما الجواب: أن الوعيد مرتب على أثر الأمرين المذكورين وهما: الفرح وحب الحمد لا عليهما أنفسهما إذ هما من الأمور الطبيعية التي لا يتعلق بها التكليف أمرا ولا نهيا.
3- واختار بعضهم أنه رتبة متوسطة دون السبب وفوق العموم المجرد
دليلهم: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}الآية [النساء: 58] فإن مناسبتها للآية التي قبلها وهى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً}الآية [النساء: 51]، أن ذلك إشارة إلى كعب بن الأشرف كان قدم إلى مكة وشاهد قتلى بدر وحرض الكفار على الأخذ بثأرهم وغزو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألوه: من أهدى سبيلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو هم؟ فقال: أنتم -كذبا منه وضلالة- لعنه الله، فتلك الآية في حقه وحق من شاركه في تلك المقالة، وهم أهل كتاب يجدون عندهم في كتابهم بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصفته، وقد أخذت عليهم المواثيق ألا يكتموا ذلك وأن ينصروه، وكان ذلك أمانة لازمة لهم، فلم يؤدوها ، وخانوا فيها،
- والأصح أن العبرة بعموم اللفظ حتى لو كان السبب خاصاً والصيغة عامة :
مثال ذلك في سورة الهمزة: يجوز أن يكون السبب خاصا والوعيد عاما ليتناول كل من باشر ذلك القبيح، وليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه، فإن ذلك أزجر له وأنكى فيه
- ولكن إذا نزلت الآية في معين ولا عموم للفظها فإنها تقصر عليه قطعا كقوله تعالى: {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى}[الليل: 17] فإنها نزلت في أبي بكر الصديق بالإجماع.

تقدم نزول الآية على الحكم:
- قد يكون النزول سابقا على الحكم:
- قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى: 14] فإنه يستدل بها على زكاة الفطر.وسورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة.
- : {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ}الآية [البلد: 1-2] فالسورة مكية، وظهور أثر الحل يوم فتح مكة حتى: قال عليه السلام: ((أحلت لي ساعة من نهار))
- سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}الآية [القمر: 45]، قال عمر بن الخطاب: (كنت لا أدري: أي الجمع يهزم فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:(({سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ – الزَّرْكَشِيُّ في البرهان في علوم القرآن -

نزول آيات متفرقة لسبب واحد
:
قد تتعدد الآيات النازلة والسبب واحد:
- كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنه))فأنزل الله{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.ونزل في أبي طالب{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ--- الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول---
- عن أم سلمة أنها قالت: (يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله:{فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع}إلى آخر الآية [آل عمران: 195وعنها أيضا، قالت: (قلت يا رسول الله تذكر الرجال ولا تذكر النساء، فأنزلت:{إن المسلمين والمسلمات}والآية [الأحزاب: 35 -- السيوطيُّ في الإتقان في علوم القرآن-

تعدد الأسباب والنازل واحد :
- قد تتعدد الأسباب والنازل واحد كما في آية اللعان--- الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول---

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 رجب 1436هـ/5-05-2015م, 07:52 PM
عبدالله الصبحي عبدالله الصبحي غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 239
افتراضي

فهرسة مسائل أسباب النزول :
1- أبرز المصنفين في أسباب النزول ومصنفاتهم .
2- مميزات مصنف السيوطي
3-نزول القران منجماً
4- أهمية هذا الموضوع
5- فوائد معرفة أسباب النزول
7- أنواع نزول القران .
8- أقسام ما صح من أسباب النزول .
8- أنواع أسباب النزول من حيث السند.
9- القول في أسباب النزول موقوف على السماع .
10- التحذير من رواية أسباب النزول إلا ما كان منها مسنداً .
11- أمثلة لما صح من أسباب النزول.
12- متى يحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع
13- متى يحمل قول التابعي في سبب النزول على الرفع .
14- معنى قولهم ( نزلت الاية في كذا ) .
15- التعارض في أسباب النزول
16- أحوال الإختلاف في أسباب النزول
17- أهمية جمع الطرق والمرويات .
18- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
19- تقدم النزول على الحكم
20- السبب الواحد فد يكون لايات متفرقة وتعدد الأسباب لنازل واحد

________________________________________
فهرسة مسائل أسباب النزول :
1- أبرز المصنفين في أسباب النزول ومصنفاتهم .
- اعتنى العلماء بأسباب النزول وألفوا فيه مؤلفاتهم كابن المديني وغيره ومن أحسن ما كتب فيه كتاب أسباب النزول للواحدي وكتاب ابن حجر وكتاب لباب النقول في معرفة أسباب النزول للسيوطي رحمهم الله . ( السيوطي في التحبير)

2- مميزات مصنف السيوطي
قال السيوطي رحمه الله : أشهر كتاب في هذا الفن الآن كتاب الواحدي "أسباب النزول" وكتابي هذا يتميز عليه بأمور:
أحدها: الاختصار.
ثانيها: الجمع الكثير فقد حوى زيادات كثيرة على ما ذكر الواحدي وقد ميزتها بصورة (ك) رمزا عليها.
ثالثها: عزوه كل حديث إلى من خرجه من أصحاب الكتب المعتبرة ، أما الواحدي فتارة يورد الحديث بإسناده وفيه مع التطويل عدم العلم بمخرج الحديث؛ فلا شك أن عزوه إلى أحد الكتب المذكورة أولى من عزوه إلى تخريج الواحدي لشهرتها واعتمادها وركون الأنفس إليها. وتارة يورده مقطوعا فلا يدرى هل له إسناد أو لا؟.
رابعها: تمييز الصحيح من غيره والمقبول من المردود.
خامسها: الجمع بين الروايات المتعددة.
سادسها: تنحية ما ليس من أسباب النزول). [لباب النقول:10]

3-نزول القران منجماً
نزل القران منجماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى ( وقراناً فرقناه لتقرأه على على مكث ) وقال تعالى ( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القران جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك )
- أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني: أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان: أخبرنا أبو يحيى الرازي حدثنا سهل بن عثمان العسكري حدثنا يزيد بن زريع حدثنا أبو رجاء قال: سمعت الحسن يقول في قوله تعالى: {وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكث} ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين. ( الواحدي في أسباب النزول )


4- أهمية هذا الموضوع
1/ ارتباطه بأساس الدين القران والسنة .
2/ معرفة سبب النزول تعين على فهم الاية . وقد أشكل على عروة قوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} حتى أخبرته عائشة رضي الله عنها بسبب نزولها .
3/ ما دخل في هذا الفن من الدواخل . قال الواحدي رحمه الله في مقدمة كتاب أسباب النزول بعد ذكره كلام عبيدة السلماني لما سئل عن آية من القرآن فقال: اتق الله فقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن:
"أما اليوم فكل أحد يخترع شيئا ويختلق إفكا وكذبا ملقيا زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية، وذلك الذي حدا بي إلى إملاء هذا الكتاب الجامع للأسباب لينتهي إليه طالبو هذا الشأن والمتكلمون في نزول القرآن فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب ويجدوا في تحفظه بعد السماع والطلب" إلى آخر كلامه رحمه الله ص5.
( الوداعي في الإتقان )
4/ قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ : ومن الدوافع لي على اختيار هذا الموضوع الرغبة في التعرف على أسرار هذا التشريع العظيم وما في أسباب النزول من العبر وحل المشاكل التي قد ضاق بها أصحابها ذرعا فيأتي الفرج الإلهي، وذلك كقصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا، وكقصة الإفك .
5/ ومنها رجاء الاستفادة من مراحل التشريع فإننا في أمس الحاجة إلى أن نعتبر أنفسنا مجددين وأن نبدأ الدعوة من جديد وفي أسباب النزول الكثير الطيب من بيان مراحل الدعوة والتوجيهات الإلهية كآية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن لهم اقتدارا على القتال إلى غير ذلك من الفرق بين المكي والمدني كما هو معروف). [الصحيح المسند في أسباب النزول


5- فوائد معرفة أسباب النزول
1/ وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
2/ تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
3/ الوقوف على المعنى قال الشيخ أبو الفتح القشيري: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الكتاب العزيز وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا.قال الواحدي: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن
4/ ومنها: أنه قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع كما حكاه القاضي أبو بكر في "مختصر التقريب"؛ لأن دخول السبب قطعي.
5/ دفع توهم الحصر، قال الشافعي ما معناه في معنى قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} الآية: إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله، وكانوا على المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال: لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه نازلا منزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة، فتقول: لا آكل اليوم إلا الحلاوة، والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه قال: لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ولم يقصد حل ما وراءه إذا القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل.
6/ومنها: أنه قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع كما حكاه القاضي أبو بكر في "مختصر التقريب"؛ لأن دخول السبب قطعي.
ونقل بعضهم الاتفاق على أن لتقدم السبب على ورود العموم أثرا.
ولا التفات إلى ما نقل عن بعضهم من تجويز إخراج محل السبب بالتخصيص لأمرين:
أحدهما: أنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يجوز.
والثاني: أن فيه عدولا عن محل السؤال، وذلك لا يجوز في حق الشارع لئلا يلتبس على السائل.
واتفقوا على أنه تعتبر النصوصية في السبب من جهة استحالة تأخير البيان عن وقت الحاجة وتؤثر أيضا فيما وراء محل السبب وهو إبطال الدلالة على قول والضعف على قول.
( السيوطي في الإتقان والزركشي في البرهان )
7/ معرفة اسم النازل فيه الآية وتعيين المبهم فيها ولقد قال مروان في عبد الرحمن بن أبي بكر: (إنه الذي أنزل فيه {والذي قال لوالديه أف لكما} الآية [الأحقاف: 17])، حتى ردت عليه عائشة وبينت له سبب نزولها). [الإتقان في علوم القرآن: 1/190-193]


6- أنواع نزول القران .
قال الجعبري: نزول القرآن على قسمين: قسم نزل ابتداء، وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال). [الإتقان في علوم القرآن: 1/190]


7- أقسام ما صح من أسباب النزول .
الأول: هو المقصود من الآية يتوقف فهم المراد منها على علمه فلابد من البحث عنه للمفسر، وهذا منه تفسير مبهمات القرآن مثل قوله تعالى {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}ونحو {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} ومثل بعض الآيات التي فيها {ومن الناس}.
والثاني: هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام وصور تلك الحوادث لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها، مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان
والثالث: هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها، فكثيرا ما تجد المفسرين وغيرهم يقولون نزلت في كذا وكذا، وهم يريدون أن من الأحوال التي تشير إليها تلك الآية تلك الحالة الخاصة فكأنهم يريدون التمثيل. ففي كتاب الأيمان من صحيح البخاري في باب قول الله تعالى {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)) فأنزل الله تصديق ذلك {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} الآية فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن? فقالوا كذا وكذا، قال في أنزلت، لي بئر في أرض ابن عم لي الخ، فابن مسعود جعل الآية عامة لأنه جعلها تصديقا لحديث عام? والأشعث بن قيس ظنها خاصة به إذ قال: في أنزلت بصيغة الحصر.
والرابع: هو حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية
وفي "صحيح البخاري" في سورة النساء أن ابن عباس قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} بألف بعد لام السلام وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام} الآية. فالقصة لا بد أن تكون قد وقعت لأن ابن عباس رواها لكن الآية ليست نازلة فيها بخصوصها ولكن نزلت في أحكام الجهاد بدليل ما قبلها وما بعدها فإن قبلها: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} وبعدها {فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل}.
والخامس: قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات كحديث عبد الله بن مسعود قال لما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم ظنوا أن الظلم هو المعصية. فقال رسول الله: ((إنه ليس بذلك? ألا تسمع لقول لقمان لابنه {إن الشرك لظلم عظيم})
( ابن عاشور في التحرير والتنوير)


8- أنواع أسباب النزول من حيث السند .
أسانيد التفسير منها ما هو مشهور وهو قسمان :
1/ صحيح كقصة العرنيين .
2/ ضعيف كما ورد في سبب نزول قوله ( ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها )
ومنها ما هو غريب وهو نوعان كذلك صحيح وضعيف .
( السيوطي في التحبير )

9- القول في أسباب النزول موقوف على السماع .
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار.
أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد العطار حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا ليث بن حماد حدثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فإنه من كذب علي متعمدًا فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار)).

10- التحذير من رواية أسباب النزول إلا ما كان منها مسنداً .
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (والسلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازًا عن القول في نزول الآية.أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المخلدي أخبرنا أبو عمرو بن نجيد أخبرنا أبو مسلم حدثنا عبد الرحمن بن حماد حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن
فقال: (اتق الله وقلْ سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن).
وأما اليوم فكل أحد يخترع شيئًا ويختلق إفكًا وكذبًا ملقيًا زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب نزول الآية وذلك الذي حدا بي إلى إملاء هذا الكتاب الجامع للأسباب لينتهي إليه طالبو هذا الشأن والمتكلمون في نزول هذا القرآن فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب ويجدوا في تحفظه بعد السماع والطلب). [أسباب النزول: 5-6] (م)


11- أمثلة لما صح من أسباب النزول
ومنها ما رواه البخاري في الصحيح في قوله – تعالى-: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية [البقرة: 158]، عن عائشة رضي الله عنها: (أنها إنما نزلت في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا. بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله– تعالى -:{إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية [البقرة: 158]).
ومنها ما رواه البخاري في "الصحيح" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت:
{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} الآية [198]، في مواسم الحج).
( البلقاني في مواقع العلوم )


12- متى يحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع .
يحمل قول الصحابي الذي شهد الوحي والتنكيل على الرفع اذا أخبر عن سبب وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما
ورد عن جابر قال: (كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله عز وجلَّ: {نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم} أو إذا أخبر عن نزول آية فيه كقوله ( نزلت هذه الاية في كذا )
قال الحاكم في المستدرك: (تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند البخاري ومسلم حديث مسند) ). [النكت على ابن الصلاح للزركشي] ومثله يكون في حكم المرفوع مما لا مدخل للاجتهاد فيه . ( البلقيني في مواقع العلوم )
فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمعدود في الموقوفات. والله أعلم)ا.هـ. ص46). [الصحيح المسند في أسباب النزول:15]



13- متى يحمل قول التابعي في سبب النزول على الرفع .
إذا صح السند عن التابعي فهو مرسل ، وشروط قبوله صحة السند وأن يكون راويه ممن عرف بروايته عن الصحابة أو كان له شاهد يتقوى به وماكن بغير سند فلا يقبل . ( التحبير ومواقع العلوم )


14- معنى قولهم ( نزلت الاية في كذا ) .
معنى قول الصحابي ( نزلت الاية في كذا ) يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة يراد به أن ذلك داخل في معنى الاية .
وقد اختلف العلماء في هذا القول هل يجري مجرى المسند الذي هو كالسبب أم لا يكون مسنداً فيجري مجرى التفاسير ؟
البخاري رحمه الله يدخله في المسند وغيره لا يدخله وأكثرهم على هذا .( لباب النقول )


15- التعارض في أسباب النزول .
إذا تعارض سببا نزول صير إلى الجمع بينهما كآية اللعان ثبت في الصحيح من طريق سهل بن سعد الساعدي أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني.وثبت – أيضا – في الصحيح أنها نزلت في هلال بن أمية.ويمكن الجمع بينهما بأنها نزلت في حقهما). [مواقع العلوم:53]
وإن تعذر الجمع صبر إلى الترجيح فينظر أيها أصح سنداً . فإن استويا فهل يحمل على النزول مرتين أو يكون مضطرباً يقتضي طرح كل منهما عندي فيه احتمالان وفي الحديث ما يشبهه. ( السيوطي في التحبير ) .


16- أحوال الإختلاف في أسباب النزول .
ذكر السيوطي رحمه الله في الإتقان ستة أحوال لتعدد أسباب النزول ، وطريق الاعتماد في ذلك ان ينظر إلى العبارة الواقعة
فالحال الأولى :
فإن عبر أحدهم بقوله: (نزلت في كذا)، والآخر: (نزلت في كذا) وذكر أمرا آخر، فقد تقدم أن هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول، فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما .
الحال الثانية :
ان يصرح بسبب الاية ويعبر بالآخر بقوله ( نزلت في كذا ) فيكون الاول وهو السبب المعتمد .
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال: (أنزلت {نساؤكم حرث لكم..} الآية في إتيان النساء في أدبارهن).
وتقدم عن جابر التصريح بذكر سبب خلافه، فالمعتمد حديث جابر؛ لأنه نقل، وقول ابن عمر استنباط منه وقد وهمه فيه ابن عباس، وذكر مثل حديث جابر، كما أخرجه أبو داود والحاكم.
الحال الثالثة :
أن يذكر أحدهم سبباً ويذكر الآخر سبباً مختلفاً فيقدم الأصح سنداً .
مثاله ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب: (اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله: {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}[الضحى: 1-3]).
وأخرج الطبراني وابن أبي شيبة عن حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها وكانت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن جروا دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخل تحت السرير فمات فمكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال:((يا خولة ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل لا يأتيني؟))فقلت: في نفسي لو هيأت البيت، وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته الرعدة فأنزل الله:{والضحى}إلى قوله:{فترضى}[الضحى: 1-3]).
وقال ابن حجر في "شرح البخاري": قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، وفي إسناده من لا يعرف، فالمعتمد ما في الصحيح.
الحال الرابعة :
أن يستوي الإسنادان في الصحة، فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات، مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود: (قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال:(({قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الآية [الإسراء: 85]))).
وأخرج الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: (قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا: سألوه عن الروح قال: فسألوه، فأنزل الله:{ويسألونك عن الروح} الآية [الإسراء: 85])، فهذا يقتضي أنها نزلت بمكة والأول خلافه، وقد رجح بأن ما رواه البخاري أصح من غيره، وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة.
الحال الخامسة :
أن يمكن نزولها عقيب السببين والأسباب المذكورة بألا تكون معلومة التباعد كما في الآيات السابقة فيحمل على ذلك.
ومثاله: ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس: (أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((البينة أو حد في ظهرك))، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فأنزل عليه:{والذين يرمون أزواجهم}حتى بلغ:{إن كان من الصادقين} الآية [النور: 6-9]).
وأخرج الشيخان عن سهل بن سعد قال: (جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال: اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاب المسائل فأخبر عاصم عويمرا فقال: والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتاه فقال:((إنه قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآنا . . .)) الحديث.
قال ابن حجر: لا مانع من تعدد الأسباب.
الحال السادس:
ألا يمكن ذلك فيحمل على تعدد النزول وتكرره.
مثاله: ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: (لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: ((أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله)) فقال أبو جهل: وعبد الله يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال هو على ملة عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك))، فنزلت: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية [التوبة: 113]).
وأخرج الترمذي وحسنه عن علي قال: (سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت).
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فقال: ((إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فأنزل علي:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية [التوبة: 113]))).
فيجمع بينها بتعدد النزول .


17- أهمية جمع الطرق والمرويات .
قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ : (تنبيه: وقد حاولت بقدر الاستطاعة أن أجمع طرق الحديث لما فيه من الفوائد من معرفة وصل الحديث وإرساله وصحته وإعلاله فرب حديث ظاهر سنده الصحة في كتاب ويكون في كتاب آخر معلولا وقد قال ابن الصلاح في [علوم الحديث :82]: وروى عن علي بن المديني قال: (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه)ا.هـ ( الصحيح المسند في أسباب النزول ) .


18- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وقد جاءت آيات في مواضع اتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية ونزول حد القذف في رماة عائشة رضي الله عنها ثم تعدى إلى غيرهم، وإن كان قد قال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآية [النور: 4] فجمعها مع غيرها إما تعظيما لها إذ أنها أم المؤمنين ومن رمى أم قوم فقد رماهم وإما للإشارة إلى التعميم ولكن الرماة لها كانوا معلومين، فتعدى الحكم إلى من سواهم، فمن يقول بمراعاة حكم اللفظ كان الاتفاق هاهنا هو مقتضى الأصل ومن قال بالقصر على الأصل خرج عن الأصل في هذه الآية بدليلا
- وقد يخالف هذا الأصل فيقتصر على سببهارالخاصزاذا كان العموم مخالف بما هو أقرى منه فيقتصر على السبب فبكون من فوائد هذا العلم إزالة الإشكال ففي "الصحيح" عن مروان بن الحكم أنه بعث إلى ابن عباس يسأله: (لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون فقال ابن عباس: (هذه الآية نزلت في أهل الكتاب ثم تلا: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} إلى قوله: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} الآية).
قال ابن عباس: (سألهم النبي صلى الله وسلم عن شيء فكتموه وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، فاستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم ما سألهم عنه). انتهى.
ومن ذلك قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآية [المائدة: 93]، فحكي عن عثمان بن مظعون وعمرو بن معد يكرب أنهما كانا يقولان: الخمر مباحة، ويحتجان بهذه الآية، وخفي عليهما سبب نزولها فإنه يمنع من ذلك وهو ما قاله الحسن وغيره لما نزل تحريم الخمر قالوا: كيف بإخواننا الذين ماتوا وهي في بطونهم وقد أخبر الله أنها رجس فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا}.( البرهان )



19- تقدم النزول على الحكم .
قد يتقدم النزول على الحكم وهذا كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى: 14] فإنه يستدل بها على زكاة الفطر روى البيهقي بسنده إلى ابن عمر: (أنها نزلت في زكاة رمضان) ثم أسند مرفوعا نحوه.
وقال بعضهم: لا أدري ما وجه هذا التأويل؛ لأن هذه السورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة.
وكذلك نزل بمكة {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} الآية [القمر: 45]، قال عمر بن الخطاب: (كنت لا أدري: أي الجمع يهزم فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:(({سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}))). [البرهان في علوم القرآن].


20- السبب الواحد فد يكون لايات متفرقة وتعدد الأسباب لنازل واحد .
قد يذكر سبب واحد في نزول آيات متفرقة، ولا إشكال في ذلك فقد ينزل في الواقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى.
مثاله: ما أخرجه الترمذي والحاكم عن أم سلمة أنها قالت: (يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله:{فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع} إلى آخر الآية [آل عمران: 195]).
وأخرج الحاكم عنها أيضا، قالت: (قلت يا رسول الله تذكر الرجال ولا تذكر النساء، فأنزلت:{إن المسلمين والمسلمات}والآية [الأحزاب: 35]، أنزلت:{أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} الآية [آل عمران: 195]).
وأخرج أيضا عنها، أنها قالت: (يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله:{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}الآية [النساء: 32]، وأنزل:{إن المسلمين والمسلمات}( السيوطي في الإتقان) .
- قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ (ت:1423هـ): (قد تتعدد الأسباب والنازل واحد كما في آية اللعان وغيرها من الآيات كما ستجده إن شاء الله في مواضعه). [الصحيح المسند في أسباب النزول:15]

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 رجب 1436هـ/5-05-2015م, 09:57 PM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

فهرسة مسائل معرفة أسباب النزول



أهمية معرفة أسباب النزول:
الأولى: الوقوف على المعني
الثانية: إزالة الإشكال
الثالثة: منها ما ينبه المفسر إلى إدراك خصوصيات بلاغية تتبع مقتضى المقامات
الرابعة: معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم
الخامسة:تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب
السادسة: أنه قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع
السابعة: دفع توهم الحصر.
الثامنة: التعرف على أسرار هذا التشريع العظيم وما في أسباب النزول من العبر
التاسعة: معرفة اسم النازل فيه الآية وتعيين المبهم فيها.
العاشرة: رجاء الاستفادة من مراحل التشريع
الحادية عشر: أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال
المصنفات في أسباب النزول:
مصنف الواحدي: (أسباب النزول)
أسباب كتابة الواحدي لكتابه:
طريقة الواحدي في كتابه:
عيب مصنف الواحدي:
مصنف السيوطي ( الإتقان في علوم القرآن ):
أسباب كتابته:
مميزات كتاب السيوطي:
كتابات ابن عاشور :
أسباب كتابة ابن عاشور في أسباب النزول:
مصنف الوادعي: ( الصحيح المسند من أسباب النزول )
أسباب كتابة الوادعي:
طريقة الوادعي في كتابه:
نزول القرآن
أقسام نزول القرآن:
حال نزول القرآن:
بين أول نزول وآخر نزوله:
أنواع أسباب النزول
أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول:
أقسام ما صحّ من أسباب النزول
ملاحظات:
الأولى: أنه قد تنزل آيات متفرقة لسبب واحد
الثانية: وقد تتعدد الأسباب والنازل واحد
الثالثة: السياق الذي جاء فيه السبب هل يكون كالسبب أو كالعام؟
الرابعة:قد يكون النزول سابقا على الحكم
الخامسة: عدم إدخال الأخبار في أسباب النزول
صيغ أسباب النزول واحتمالاتها
صيغ اسباب النزول الصريحة
صيغ أسباب النزول المحتملة
أحوال الاختلاف في أسباب النزول
الحالة الأولى: أن يكون هناك سببين أو اكثر، ويمكن الجمع بينهما بأن ويكون نزولها عقيب السببين والأسباب المذكورة بألا تكون معلومة التباعد فيحمل على ذلك.
الحالة الثانية:ألا يمكن أن تنزل عقب السببين لتباعدهما؛ فيحمل على تعدد النزول وتكرره.
الحالة الثالثة: إذا تعارض سببان ولم يمكن الجمع بينهما وكان أحدهما أرجح راوية من الآخر
الحالة الرابعة: أن يستوي الإسنادان في الصحة، فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات.
الحالة الخامسة: إن تعارض سببان وصيغة كل منهما محتملة
الحالة السادسة: إن تعارض سببان وصيغة أحدهما صريحة والآخر محتملة
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
الأدلة على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
فائدة عموم اللفظ مع خصوص السبب
أمثلة على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
صورة السبب قطعية الدخول في العام ومثاله
من صور العام الذي يراد به الخصوص
طريقة معرفة أسباب النزول
القول في أسباب النزول موقوف على السماع
تحرز السلف عن القول في أسباب النزول
أهمية جمع الطرق وفحص المرويّات
الصحيح معتمد بخلاف ما دونه
الحذر من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول
قول الصحابة في أسباب النزول
قول الصحابي نزلت في كذا هل يدخل في المسند؟
شرط إدخال أقوال الصحابة في المسند
مثال لقول الصحابة في أسباب النزول
قول التابعين في أسباب النزول
شروط قبول تفسير التابعي المرسل
قول السلف نزلت في كذا
معنى قول السلف نزلت في كذا
حكم دخول معنى قول السلف نزلت في كذا في المسند


تلخيص معرفة أسباب النزول



أهمية معرفة أسباب النزول:
الأولى: الوقوف على المعني؛فأسباب النزول أولى ما تصرف العناية إليها لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها. ومنها ما ليس المفسر بغنى عن علمه لأن فيها بيان مجمل أو إيضاح خفي وموجز، ومنها ما يكون وحده تفسيرا.
قال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن.
قال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّ.
قال الشيخ أبو الفتح القشيري: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الكتاب العزيز وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا.
وهذا حاصل ما ذكره الواحدي في أسباب النزول، والسيوطي في الإتقان، والزركشي في البرهان، ابن عاشور في التحرير والتنوير.
الثانية: إزالة الإشكال، فمنها ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي بها تأويل الآية .
ذكره السيوطي في الإتقان ولباب النقول، ابن عاشور في التحرير والتنوير.
أمثلة:
المثال الأول:عندما أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا}الآية ، وقال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون حتى بين له ابن عباس أن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه. أخرجه الشيخان.ذكره السيوطي في الإتقان.
المثال الثاني:حكي عن عثمان بن مظعون وعمرو بن معد يكرب أنهما كانا يقولان: (الخمر مباحة ويحتجان بقوله تعالى:{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا}الآية [المائدة: 93])، ولو علما سبب نزولها لم يقولا ذلك، وهو أن ناسا قالوا: (لما حرمت الخمر كيف بمن قتلوا في سبيل الله وماتوا وكانوا يشربون الخمر وهي رجس فنزلت). أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما. ذكره السيوطي في الإتقان.
المثال الثالث:من ذلك قوله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر}الآية [الطلاق: 4]، فقد أشكل معنى هذا الشرط على بعض الأئمة، حتى قال الظاهرية: بأن الآيسة لا عدة عليها إذا لم ترتب.
وقد بين ذلك سبب النزول، وهو أنه لما نزلت الآية التي في سورة البقرة في عدد النساء قالوا: (قد بقي عدد من عدد النساء لم يذكرن الصغار والكبار فنزلت). أخرجه الحاكم عن أبي.فعلم بذلك أن الآية خطاب لمن لم يعلم ما حكمهن في العدة وارتاب هل عليهن عدة أو لا وهل عدتهن كاللاتي في سورة البقرة أو لا فمعنى: {إن ارتبتم}إن أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتدون فهذا حكمهن. ذكره السيوطي في الإتقان.
المثال الرابع: من ذلك قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله}الآية [البقرة: 115]، فإنا لو تركنا ومدلول اللفظ لاقتضى أن المصلي لا يجب عليه استقبال القبلة سفرا ولا حضرا وهو خلاف الإجماع فلما عرف سبب نزولها علم أنها في نافلة السفر أو فيمن صلى بالاجتهاد وبان له الخطأ على اختلاف الروايات في ذلك. ذكره السيوطي في الإتقان.
المثال الخامس: ما روي في الموطأ عن هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه أنه قال:قلت لعائشة أم المؤمنين وأنا يومئذ حديث السن: أرأيت قول الله تعالى:{إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما}فما على الرجل شيء ألا يطوف بهما، قالت عائشة: كلا، لو كان كما تقول لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما نزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله عن ذلك فأنزل الله تعالى{إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما}. ذكره ابن عاشور في التحرير والتنوير، والسيوطي في الإتقان.
المثال السادس:أشكلت بعض الآيات على بعض الصحابة فمن بعدهم حتى عرفوا سبب نزولها فمما أشكل عليهم {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}حتى أخبرهم أبو أيوب
الأنصاري رضي الله عنه بسبب نزولها فظهر لهم معناها. ومما أشكل عليهم قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}. ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
الثالثة: منها ما ينبه المفسر إلى إدراك خصوصيات بلاغية تتبع مقتضى المقامات؛ فإن من أسباب النزول ما يعين على تصوير مقام الكلام، ذكره ابن عاشور في التحرير والتنوير. الرابعة: معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم،ذكره الزركشي في البرهان.
الخامسة:تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب، ذكره الزركشي في البرهان.
السادسة: أنه قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع، كما حكاه القاضي أبو بكر في "مختصر التقريب"؛ لأن دخول السبب قطعي، ونقل بعضهم الاتفاق على أن لتقدم السبب على ورود العموم أثرا.ولا التفات إلى ما نقل عن بعضهم من تجويز إخراج محل السبب بالتخصيص لأمرين:
أحدهما:أنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يجوز.
والثاني:أن فيه عدولا عن محل السؤال، وذلك لا يجوز في حق الشارع لئلا يلتبس على السائل.
واتفقوا على أنه تعتبر النصوصية في السبب من جهة استحالة تأخير البيان عن وقت الحاجة وتؤثر أيضا فيما وراء محل السبب وهو إبطال الدلالة على قول والضعف على قول. ذكره الزركشي في البرهان.
السابعة: دفع توهم الحصر.
مثاله: ما قاله الشافعي في معنى قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً}الآية حيث قال ما معناه: إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله، وكانوا على المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال: لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه نازلا منزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة، فتقول: لا آكل اليوم إلا الحلاوة، والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه قال: لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ولم يقصد حل ما وراءه إذا القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل. ذكره الزركشي في البرهان.
الثامنة: التعرف على أسرار هذا التشريع العظيم وما في أسباب النزول من العبر وحل المشاكل التي قد ضاق بها أصحابها ذرعا فيأتي الفرج الإلهي.
مثال ذلك:قصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا، وكقصة الإفك وما حصل لنبي الهدى من الأذى بسببه وكذا لأم المؤمنين إذ بكت حتى ظن أبواها أن البكاء فالق كبدها. فيأتي الفرج بعد الشدة. وكقصة هلال بن أمية إذ رمى زوجته بالزنى فقال له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((البينة أو حد في ظهرك))فقال: والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فأراد الرسول أن يأمر بضربه فأنزل الله آية اللعان وأبر قسمه وأتى بالعلاج بعد تفاقم الداء فخاب وخسر من ظن أنه يستطيع أن يستغني عن هذا التشريع الحكيم. ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
التاسعة: معرفة اسم النازل فيه الآية وتعيين المبهم فيها.
مثاله:عندما قال مروان في عبد الرحمن بن أبي بكر: (إنه الذي أنزل فيه {والذي قال لوالديه أف لكما}الآية [الأحقاف: 17])، حتى ردت عليه عائشة وبينت له سبب نزولها.
ذكره السيوطي في الإتقان.
العاشرة: رجاء الاستفادة من مراحل التشريع فإننا في أمس الحاجة إلى أن نعتبر أنفسنا مجددين وأن نبدأ الدعوة من جديد وفي أسباب النزول الكثير الطيب من بيان مراحل الدعوة والتوجيهات الإلهية كآية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن لهم اقتدارا على القتال إلى غير ذلك من الفرق بين المكي والمدني كما هو معروف. ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
الحادية عشر: أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وهي إحدى طريقتين لبلغاء العرب في أقوالهم، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين، ذكره ابن عاشور في التحرير والتنوير.

المصنفات في أسباب النزول:
أفرده بالتصنيف جماعة أقدمهم علي بن المديني شيخ البخاري، ومن أحسنها وأشهرها كتاب الواحدي، ثم شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل بن حجر. وكثير من أسباب النزول روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبي العالية والسدي ومقاتل وغيرهم. وهذا حاصل ما ذكره البلقيني في مواقع العلوم، والسيوطي في الإتقان والتحبير.
مصنف الواحدي: (أسباب النزول)
أسباب كتابة الواحدي لكتابه:
قال الواحدي عن ذلك في أسباب النزول: "أما اليوم فكل أحد يخترع شيئًا ويختلق إفكًا وكذبًا ملقيًا زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب نزول الآية وذلك الذي حدا بي إلى إملاء هذا الكتاب الجامع للأسباب لينتهي إليه طالبو هذا الشأن والمتكلمون في نزول هذا القرآن فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب ويجدوا في تحفظه بعد السماع والطلب".
طريقة الواحدي في كتابه:
قال عن ذلك في أسباب النزول:" لا بد من القول أولاً في مبادئ الوحي وكيفية نزول القرآن ابتداء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعهد جبريل إياه بالتنزيل والكشف عن تلك الأحوال، والقول فيها على طريق الإجمال، ثم نفرغ للقول مفصلاً في سبب نزول كل آية روي لها سببٌ مَقُول مروي منقول".
عيب مصنف الواحدي:
فتارة يورد الحديث بإسناده وفيه مع التطويل عدم العلم بمخرج الحديث؛ فلا شك أن عزوه إلى أحد الكتب المذكورة أولى من عزوه إلى تخريج الواحدي لشهرتها واعتمادها وركون الأنفس إليها.وتارة يورده مقطوعا فلا يدرى هل له إسناد أو لا؟. ذكره السيوطي في الإتقان.
مصنف السيوطي ( الإتقان في علوم القرآن ):
أسباب كتابته:
ما دفعه إلى ذلك أنه قد ألف في التفسير خلائق فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال تترى فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل ثم صار كل من يسنح له قول يورده ومن يخطر بباله شيء يعتمده ثم ينقل ذلك عنه من يجيء بعده ظانا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن يرجع إليهم في التفسير حتى رأيت من حكى في تفسير قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}نحو عشرة أقوال،وتفسيرها باليهود والنصارى هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجميع التابعين وأتباعهم حتى قال ابن أبي حاتم لا أعلم في ذلك اختلافا بين المفسرين.ذكرها الوادعي في الصحيح المسند نقلا عن السيوطي في الإتقان.
مميزات كتاب السيوطي:
أحدها:الاختصار.
ثانيها:الجمع الكثير فقد حوى زيادات كثيرة على ما ذكر الواحدي وقد ميزتها بصورة (ك) رمزا عليها.
ثالثها: عزوه كل حديث إلى من خرجه من أصحاب الكتب المعتبرة؛ كالكتب الستة، والمستدرك، وصحيح ابن حبان، وسنن البيهقي، والدارقطني، ومسانيد أحمد والبزار وأبي يعلي، ومعاجم الطبراني، وتفاسير ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي الشيخ وابن حبان والفريابي وعبد الرزاق وابن المنذر وغيرهم.
رابعها:تمييز الصحيح من غيره والمقبول من المردود.
خامسها: الجمع بين الروايات المتعددة.
سادسها: تنحية ما ليس من أسباب النزول.
ذكرها السيوطي في لباب النقول.
كتابات ابن عاشور :
لم يفرد ابن عاشور مصنفا في أسباب النزول لكنه تحدث عنها في مقدمة التفسير في كتابه التحرير والتنوير. ( حسب ما فهمت )
أسباب كتابة ابن عاشور في أسباب النزول:
ذكر ابن عاشور أن من دوافع كتابته في ذلك الموضوع: أنه قد أُولِعَ كثير من المفسرين بتطلّب أسباب نزول آي القرآن، وهي حوادث يروى أن آيات من القرآن نزلت لأجلها لبيان حكمها أو لحكايتها أو إنكارها أو نحو ذلك، وأغربوا في ذلك وأكثروا حتى كاد بعضهم أن يوهم الناس أن كل آية من القرآن نزلت على سبب، وحتى رفعوا الثقة بما ذكروا.
بيد أنا نجد في بعض آي القرآن إشارة إلى الأسباب التي دعت إلى نزولها، ونجد لبعض الآي أسبابا ثبتت بالنقل دون احتمال أن يكون ذلك رأي الناقل، فكان أمر أسباب نزول القرآن دائرا بين القصد والإسراف، وكان في غض النظر عنه وإرسال حبله على غاربه خطر عظيم في فهم القرآن. ذكره ابن عاشور في التحرير والتنوير.
مصنف الوادعي: ( الصحيح المسند من أسباب النزول )
أسباب كتابة الوادعي:
منها:الرغبة في التعرف على أسرار هذا التشريع العظيم وما في أسباب النزول من العبر وحل المشاكل التي قد ضاق بها أصحابها ذرعا فيأتي الفرج الإلهي، وذلك كقصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا، وكقصة الإفك وما حصل لنبي الهدى من الأذى بسببه وكذا لأم المؤمنين إذ بكت حتى ظن أبواها أن البكاء فالق كبدها. فيأتي الفرج بعد الشدة. وكقصة هلال بن أمية إذ رمى زوجته بالزنى فقال له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((البينة أو حد في ظهرك))فقال: والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فأراد الرسول أن يأمر بضربه فأنزل الله آية اللعان وأبر قسمه وأتى بالعلاج بعد تفاقم الداء فخاب وخسر من ظن أنه يستطيع أن يستغني عن هذا التشريع الحكيم. ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
ومنها: رجاء الاستفادة من مراحل التشريع فإننا في أمس الحاجة إلى أن نعتبر أنفسنا مجددين وأن نبدأ الدعوة من جديد وفي أسباب النزول الكثير الطيب من بيان مراحل الدعوة والتوجيهات الإلهية كآية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن لهم اقتدارا على القتال إلى غير ذلك من الفرق بين المكي والمدني كما هو معروف. ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
طريقة الوادعي في كتابه:
كان لديه اهتمام شديد بذكر أسانيد روايات أسباب النزول، وبيان الصحيح منها والضعيف. وقال عن نفسه في ذلك:" لم آل جهدا في الحرص على العزو إلى أئمة الحديث وكتبهم وقد يضيق علي الوقت فأكتفي بالعزو إلى بعضهم وربما اكتفيت بعزو بعض المؤلفين إليهم وهذا قليل وربما صعب علي الوقوف على سند الحديث إذا كان في الكتب المفقودة أو العزيزة الوجود فإن صححه إمام تطمئن النفس إلى تصحيحه كتبته بدون سند وإلا توقفت فيه حتى يسهل الله بالعثور على سنده".
مثال ذلك: قصة ثعلبة بن حاطب التي فيها "قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه" وهذه القصة يذكرها المفسرون عنه تفسير قول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ.}
ذكر الوادعي أنه يكاد لا يوجد تفسير إلا وهذه القصة مذكورة فيه وقلَّ من نبه على عدم صحتها.
ثم أورد الوادعي أقوال جهابذة علماء الحديث فقال:
- قال الإمام أبو محمد بن حزم رحمه الله بعد ذكره لها من طريق مسكين بن بكير نا معان بن رفاعة السلمي عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة قال: جاء ثعلبة بن حاطب بصدقته إلى عمر فلم يقبلها وقال: لم يقبلها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا أبو بكر ولا أقبلها.
قال أبو محمد: وهذا باطل بلا شك لأن الله تعالى أمر بقبض زكاة أموال المسلمين وأمر عليه السلام عند موته ألا يبقى في جزيرة العرب دينان؛ فلا يخلو ثعلبة من أن يكون مسلما ففرض على أبي بكر وعمر قبض زكاته ولا بد، ولا فسحة في ذلك، وإن كان كافرا ففرض ألا يقرّ في جزيرة العرب؛ فسقط هذا الأثر بلا شك، وفي رواته معان بن رفاعة والقاسم بن عبد الرحمن وعلي بن يزيد وهو أبو عبد الملك الألهاني وكلهم ضعفاء ومسكين بن بكير ليس بالقوي ا.هـ. [ج11من المحلى ص 208]
- وقال السيوطي في لباب النقول إن سندها ضعيف.
- وقال الحافظ في تخريج الكشاف إن في سندها علي بن يزيد الألهاني وهو واهٍ، وقال في [الفتح: 3/8 ]بعد ذكر بعض القصة لكنه حديث ضعيف لا يحتج به ا.هـ.
- وقال الهيثمي في [مجمع الزوائد:7/32] رواه الطبراني وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو متروك.
- وقال فيه الذهبي في تجريد أسماء الصحابة إنه حديث منكر بمرَّة.
- وقال المناوي في [فيض القدير :4/527]: (قال البيهقي: "في إسناد هذا الحديث نظر وهو مشهور بين أهل التفسير" ، وأشار في الإصابة إلى عدم صحة هذا الحديث فإنه ساق هذا الحديث في ترجمة ثعلبة هذا ثم قال: "وفي كونه صاحب هذه القصة إن صح الخبر –ولا أظنه يصح- هو البدري نظر" ).ا.هـ كلام المناوي.
- وقال الحافظ العراقي في [تخريج الإحياء: 3/338]: سندها ضعيف.
وإنما مثلت بهذه القصة لشهرتها في كتب التفاسير ولأن كثيرا من إخواننا المشتغلين بالوعظ والإرشاد وفقني الله وإياهم يستحسنونها ويلقونها على العامة غير منتبهين مع عدم صحتها سندا فهي لا تصح معنى إذ فيها مخالفة لأصل من أصول الشريعة وهو أن التائب لو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم تاب، تاب الله عليه.
ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
مثال آخر: ما روي عن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت: لما جاء أهل مكة في فداء أساراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رقَّ لها رِقَّة شديدة وقال: ((إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا))
قالوا: نعم يا رسول الله، وردّوا عليها الذي لها.
قال: وقال العباس: يا رسول الله إني كنت مسلما؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول؛ فالله يجزيك فافدِ نفسَك وبني أخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن عمرو بن جحدم أخا بني الحارث بن فهر)).
فقال: ما ذاك عندي يا رسول الله.
قال: (( فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلتَ لها إن أصبتُ فهذا المال لبني الفضل وعبد الله وقثم )).
فقال: والله يا رسول الله إني أشهد أنك رسول الله إن هذا الشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أفعل)).
ففدى العباس نفسه وبني أخويه وحليفه وأنزل الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}فأعطاني مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل).
قال الوادعي بعدما ذكر هذا الحديث أن ما يلي:
أن هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي ا.هـ.
وقال الهيثمي في [مجمع الزوائد: 7 /28]: (رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع)ا.هـ.
ثم بعد الاطلاع على [سنن البيهقي: 6/322]ظهر أن قصة العباس مدرجة على هذا السند.
قال البيهقي رحمه الله: كذا فيما حدثنا به شيخنا أبو عبد الله في كتاب المستدرك، ثم ذكره الحافظ البيهقي على الصواب مبينا أن قصة العباس لها سند آخر، وأنها مرسلة.
وقال الحافظ في[الفتح :9/382]بعد ذكره هذه القصة: (وفي طريق عطاء محمد بن إسحاق، وليست هذه القصة عنده مسندة بل معضلة وصنيع إسحاق يعني ابن راهوية وتبعه الطبراني وابن مردويه يقتضي أنها موصولة والعلم عند الله)ا.هـ.
وقال في [المطالب العالية:3/337]: (وأظن ذلك مدرجا في الخبر من كلام ابن إسحاق وحديث عباس على هذا معضل وأما على ظاهر السياق أولا فهو مسند وعلى ذلك عمل إسحاق)ا.هـ.ذكره الوادعي في الصحيح المسند.

نزول القرآن
أقسام نزول القرآن:
القسم الأول: قسم نزل ابتداء بعقائد الإيمان وواجبات الإسلام وغير ذلك.
القسم الثاني:قسم نزل عقب واقعة أو سؤال.
ذكره السيوطي في الإتقان والوادعي في الصحيح المسند
حال نزول القرآن:
أنزله الله مفرقًا، قال تعالى {وَقُرآَنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً}، ذكره الواحدي في أسباب النزول.
بين أول نزول وآخر نزوله:
ذكر أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين، ذكره الواحدي في أسباب النزول.
أنواع أسباب النزول
النوع الأول:أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}، ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
النوع الثاني: أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه كما في سبب نزول آية اللعان. ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
وهذه الأنواع على قسمين:
القسم الأول:المشهور، ومنه صحيح كقصة الإفك وآية السعي والتيمم والعرنيين وموافقات عمر. ومنه ضعيف كآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}الآية [النساء: 58].وقد اشتهر أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة، وأسانيد ذلك بعضها ضعيف، وبعضها منقطع. ذكره السيوطي في التحبير.
القسم الثاني:الغريب، وهو أيضاً منه صحيح ومنه ضعيف. ذكره السيوطي في التحبير.
أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول:
منها في سورة البقرة فيها ما رواه البخاري في "الصحيح" في باب:
{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}الآية [البقرة: 125]، قال: حدثنا مسدد، عن يحيى بن سعيد، عن حميد، عن أنس قال: (قال عمر رضي الله عنه: (وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث؛ قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}الآية [البقرة: 125]، وقلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت آية الحجاب.
وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه، فدخلت عليهن فقلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله صلى الله عليه وسلم خيرا منكن؟ فأنزل الله:
{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن}الآية [التحريم: 5])).
ومنها ما رواه البخاري في الصحيح في قوله – تعالى-:
{إن الصفا والمروة من شعائر الله}الآية [البقرة: 158]، عن عائشة رضي الله عنها: (أنها إنما نزلت في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا. بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله– تعالى -:{إن الصفا والمروة من شعائر الله}الآية [البقرة: 158]).
وعضده ما رواه البخاري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أنه سئل عن الصفا والمروة، فقال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله – تعالى -:{إن الصفا والمروة من شعائر الله}الآية [البقرة: 158]).
ومنها ما رواه البخاري، في "الصحيح" من طريق البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله – سبحانه-:
{علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم}الآية [البقرة: 187]).
ومنها ما رواه البخاري في "الصحيح" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت:
{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}الآية [198]، في مواسم الحج).
ولنقتصر على هذه الأمثلة ففيها مقنع.
ومن ذلك الوقائع المشهورة مثل قصة الإفك، وقصة التيمم، وقصة المتخلفين عن غزوة تبوك ونحو ذلك.
ذكره البلقيني في مواقع العلوم.
أقسام ما صحّ من أسباب النزول
على خمسة أقسام:
الأول:هو المقصود من الآية يتوقف فهم المراد منها على علمه فلابد من البحث عنه للمفسر، وهذا منه تفسير مبهمات القرآن مثل قوله تعالى {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}ونحو {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا}ومثل بعض الآيات التي فيها {ومن الناس}.
والثاني:هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام وصور تلك الحوادث لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها، مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان، ومثل حديث كعب بن عجرة الذي نزلت عنه آية {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام}الآية فقد قال كعب بن عجرة: هي لي خاصة ولكم عامة، ومثل قول أم سلمة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: يغزو الرجال ولا نغزو، فنزل قوله تعالى{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}الآية. وهذا القسم لا يفيد البحث فيه إلا زيادة تفهم في معنى الآية وتمثيلا لحكمها، ولا يخشى توهم تخصيص الحكم بتلك الحادثة، إذ قد اتفق العلماء أو كادوا على أن سبب النزول في مثل هذا لا يخصص، واتفقوا على أن أصل التشريع أن لا يكون خاصا.
والثالث:هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها، فكثيرا ما تجد المفسرين وغيرهم يقولون نزلت في كذا وكذا، وهم يريدون أن من الأحوال التي تشير إليها تلك الآية تلك الحالة الخاصة فكأنهم يريدون التمثيل. ففي كتاب الأيمان من صحيح البخاري في باب قول الله تعالى {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان))فأنزل الله تصديق ذلك{إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا}الآية فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن? فقالوا كذا وكذا، قال في أنزلت، لي بئر في أرض ابن عم لي الخ، فابن مسعود جعل الآية عامة لأنه جعلها تصديقا لحديث عام? والأشعث بن قيس ظنها خاصة به إذ قال: في أنزلت بصيغة الحصر.
ومثل الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة المفتتحة بقوله تعالى: {ومنهم- ومنهم}ولذلك قال ابن عباس: كنا نسمي سورة التوبة سورة الفاضحة. ومثل قوله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم}فلا حاجة لبيان أنها نزلت لما أظهر بعض اليهود مودة المؤمنين. وهذا القسم قد أكثر من ذكره أهل القصص وبعض المفسرين ولا فائدة في ذكره، على أن ذكره قد يوهم القاصرين قصر الآية على تلك الحادثة لعدم ظهور العموم من ألفاظ تلك الآيات.
والرابع:هو حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية ويدل لهذا النوع وجود اختلاف كثير بين الصحابة في كثير من أسباب النزول كما هو مبسوط في المسألة الخامسة من بحث أسباب النزول من الإتقان فارجعوا إليه ففيه أمثلة كثيرة.
وفي "صحيح البخاري" في سورة النساء أن ابن عباس قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا}بألف بعد لام السلام وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام}الآية. فالقصة لا بد أن تكون قد وقعت لأن ابن عباس رواها لكن الآية ليست نازلة فيها بخصوصها ولكن نزلت في أحكام الجهاد بدليل ما قبلها وما بعدها فإن قبلها: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا}وبعدها{فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل}.
وفي تفسير تلك السورة من صحيح البخاري بعد أن ذكر نزاع الزبير والأنصاري في ماء شراج الحرة قال الزبير: فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}الآية قال السيوطي في "الإتقان" عن الزركشي قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها. وفيه عن ابن تيمية قد تنازع العلماء في قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند أو يجري مجرى التفسير? فالبخاري يدخله في المسند، وأكثر أهل المسانيد لا يدخلونه فيه، بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلونه في المسند.
والخامس:قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}فإذا ظن أحد أن من للشرط أشكل عليه كيف يكون الجور في الحكم كفرا، ثم إذا علم أن سبب النزول هم النصارى علم أن من موصولة وعلم أن الذين تركوا الحكم بالإنجيل لا يتعجب منهم أن يكفروا بمحمد. وكذلك حديث عبد الله بن مسعود قال لما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم ظنوا أن الظلم هو المعصية. فقال رسول الله: ((إنه ليس بذلك? ألا تسمع لقول لقمان لابنه {إن الشرك لظلم عظيم})).ومن هذا القسم ما لا يبين مجملا ولا يؤول متشابها ولكنه يبين وجه تناسب الآي بعضها مع بعض كما في قوله تعالى، في سورة النساء: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء}الآية، فقد تخفى الملازمة بين الشرط وجزائه فيبينها ما في الصحيح، عن عائشة أن عروة بن الزبير سألها عنها فقالت: هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.
- هذا وإن القرآن كتاب جاء لهدي أمة والتشريع لها، وهذا الهدي قد يكون واردا قبل الحاجة، وقد يكون مخاطبا به قوم على وجه الزجر أو الثناء أو غيرهما، وقد يكون مخاطبا به جميع من يصلح لخطابه، وهو في جميع ذلك قد جاء بكليات تشريعية وتهذيبية، والحكمة في ذلك أن يكون وعي الأمة لدينها سهلا عليها، وليمكن تواتر الدين، وليكون لعلماء الأمة مزية الاستنباط، وإلا فإن الله قادر أن يجعل القرآن أضعاف هذا المنزل وأن يطيل عمر النبي صلى الله عليه وسلم للتشريع أكثر مما أطال عمر إبراهيم وموسى، ولذلك قال تعالى: {وأتممت عليكم نعمتي}، فكما لا يجوز حمل كلماته على خصوصيات جزئية لأن ذلك يبطل مراد الله، كذلك لا يجوز تعميم ما قصد منه الخصوص ولا إطلاق ما قصد منه التقييد؛ لأن ذلك قد يفضي إلى التخليط في المراد أو إلى إبطاله من أصله، وقد اغتر بعض الفرق بذلك. قال ابن سيرين في الخوارج: إنهم عمدوا إلى آيات الوعيد النازلة في المشركين فوضعوها على المسلمين فجاءوا ببدعة القول بالتكفير بالذنب، وقد قال الحرورية لعلي رضي الله عنه يوم التحكيم: {إن الحكم إلا لله}فقال علي كلمة حق أريد بها باطل وفسرها في خطبة له في "نهج البلاغة".
- وثمة فائدة أخرى عظيمة لأسباب النزول وهي أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وهي إحدى طريقتين لبلغاء العرب في أقوالهم، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين.
ذكرها ابن عاشور في التحرير والتنوير.
ملاحظات:
الأولى: أنه قد تنزل آيات متفرقة لسبب واحد، ولا إشكال في ذلك فقد ينزل في الواقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى.
مثاله:ما أخرجه الترمذي والحاكم عن أم سلمة أنها قالت: (يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله:{فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع}إلى آخر الآية [آل عمران: 195]).
وأخرج الحاكم عنها أيضا، قالت: (قلت يا رسول الله تذكر الرجال ولا تذكر النساء، فأنزلت:{إن المسلمين والمسلمات}والآية [الأحزاب: 35]، أنزلت:{أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} الآية [آل عمران: 195]).
وأخرج أيضا عنها، أنها قالت: (يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله:{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}الآية [النساء: 32]، وأنزل:{إن المسلمين والمسلمات}الآية [الأحزاب: 35]).
ومن أمثلته أيضا: ما أخرجه البخاري من حديث زيد بن ثابت: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه لا يستوي القاعدون من المؤمنين . . . والمجاهدون في سبيل الله فجاء ابن أم مكتوم، وقال: يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت وكان أعمى، فأنزل الله:{غير أولي الضرر}الآية [النساء: 95]).
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت أيضا، قال: (كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لواضع القلم على أذني إذ أمر بالقتال فجعل رسول الله ينظر ما ينزل عليه إذ جاء أعمى، فقال: كيف لي يا رسول الله وأنا أعمى، فنزلت:{ليس على الضعفاء}الآية [التوبة: 91]).
ومن أمثلته ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل حجرة، فقال:((إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان))فطلع رجل أزرق فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:((علام تشتمني أنت وأصحابك؟))فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا: حتى تجاوز عنهم فأنزل الله:{يحلفون بالله ما قالوا}الآية [التوبة: 74]).
وأخرجه الحاكم وأحمد بهذا اللفظ وآخره: (فأنزل الله:{يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم}الآية. ذكره السيوطي في الإتقان.
مثال آخر: في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنه))فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.ونزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
الثانية: وقد تتعدد الأسباب والنازل واحد، كما في آية اللعان وغيرها. ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
الثالثة: تنزل الآيات على الأسباب خاصة وتوضع كل واحدة منها مع ما يناسبها من الآي رعاية لنظم القرآن وحسن السياق، فذلك الذي وضعت معه الآية نازلة على سبب خاص للمناسبة إذ كان مسوقا لما نزل في معنى يدخل تحت ذلك اللفظ العام أو كان من جملة الأفراد الداخلة وضعا تحت اللفظ العام فدلالة اللفظ عليه هل هي كالسبب فلا يخرج ويكون مرادا من الآيات قطعا؟ أو لا ينتهي في القوة إلى ذلك؟ لأنه قد يراد غيره وتكون المناسبة مشبهة به؟ فيه احتمال.
واختار بعضهم أنه رتبة متوسطة دون السبب وفوق العموم المجرد ومثاله قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}الآية [النساء: 58]فإن مناسبتها للآية التي قبلها وهى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً}الآية [النساء: 51]، أن ذلك إشارة إلى كعب بن الأشرف كان قدم إلى مكة وشاهد قتلى بدر وحرض الكفار على الأخذ بثأرهم وغزو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألوه: من أهدى سبيلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو هم؟ فقال: أنتم -كذبا منه وضلالة- لعنه الله، فتلك الآية في حقه وحق من شاركه في تلك المقالة، وهم أهل كتاب يجدون عندهم في كتابهم بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصفته، وقد أخذت عليهم المواثيق ألا يكتموا ذلك وأن ينصروه، وكان ذلك أمانة لازمة لهم، فلم يؤدوها ، وخانوا فيها، وذلك مناسب لقوله:
{إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}الآية [النساء: 58]، قال ابن العربي: في تفسيره وجه النظم أنه أخبر عن كتمان أهل الكتاب صفة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقولهم: إن المشركين أهدى سبيلا، فكان ذلك خيانة منهم، فانجر الكلام إلى ذكر جميع الأمانات. انتهى.
ولا يرد على هذا أن قصة كعب بن الأشرف كانت عقب بدر، ونزول {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ}الآية [النساء: 58]في الفتح أو قريبا منها وبينهما ست سنين؛ لأن الزمان إنما يشترط في سبب النزول ولا يشترط في المناسبة؛ لأن المقصود منها: وضع آية في موضع يناسبها، والآيات كانت تنزل على أسبابها ويأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوضعها في المواضع التي علم من الله تعالى أنها مواضعها. ذكره الزركشي في البرهان.
الرابعة:قد يكون النزول سابقا على الحكم
مثاله:قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى: 14]فإنه يستدل بها على زكاة الفطر.
روى البيهقي بسنده إلى ابن عمر: (أنها نزلت في زكاة رمضان)ثم أسند مرفوعا نحوه.
وقال بعضهم: لا أدري ما وجه هذا التأويل؛ لأن هذه السورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة. وأجاب البغوي في تفسيره: أنه يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم كما قال: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ}الآية [البلد: 1-2]فالسورة مكية، وظهور أثر الحل يوم فتح مكة حتى: قال عليه السلام: ((أحلت لي ساعة من نهار)).
وكذلك نزل بمكة {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}الآية [القمر: 45]، قال عمر بن الخطاب: (كنت لا أدري: أي الجمع يهزم فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:(({سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}
ذكره الزركشي في البرهان.
الخامسة: عدم إدخال الأخبار في أسباب النزول
الذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه ليخرج ما ذكره الواحدي في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية كذكر قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك.
وكذلك ذكره في قوله: {واتخذ الله إبراهيم خليلا}سبب اتخاذه خليلا فليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى. ذكره السيوطي في لباب النقول.

صيغ أسباب النزول واحتمالاتها
صيغ اسباب النزول الصريحة
الأولى:إذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا.
الثانية:إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال حدث كذا أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية.
ذكرهما الوادعي في الصحيح المسند.
صيغ أسباب النزول المحتملة
الأولى: إذا قال الراوي نزلت هذه الآية في كذا فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة أنه داخل في معنى الآية.
الثانية:إذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب فهاتان صيغتان تحتملان السببية.
ذكرهما الوادعي في الصحيح المسند.
أحوال الاختلاف في أسباب النزول
الحالة الأولى: أن يكون هناك سببين أو اكثر، ويمكن الجمع بينهما بأن ويكون نزولها عقيب السببين والأسباب المذكورة بألا تكون معلومة التباعد فيحمل على ذلك.
ومثاله:ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس: (أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((البينة أو حد في ظهرك))، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فأنزل عليه:{والذين يرمون أزواجهم}حتى بلغ:{إن كان من الصادقين}الآية[النور: 6-9]).
وأخرج الشيخان عن سهل بن سعد قال: (جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال: اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاب المسائل فأخبر عاصم عويمرا فقال: والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتاه فقال:((إنه قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآنا . . .)) الحديث.
جمع بينهما بأن أول ما وقع له ذلك هلال، وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا، وإلى هذا جنح النووي وسبقه الخطيب فقال: لعلهما اتفق لهما ذلك في وقت واحد.
وأخرج البزار عن حذيفة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:((لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به؟))قال: شرا، قال:((فأنت يا عمر؟))قال:((كنت أقول لعن الله الأعجز وإنه لخبيث))فنزلت).
قال ابن حجر: لا مانع من تعدد الأسباب.
وهذا حاصل ما ذكره السيوطي في الإتقان والتحبير، والبلقيني في مواقع العلوم.
الحالة الثانية:ألا يمكن أن تنزل عقب السببين لتباعدهما؛ فيحمل على تعدد النزول وتكرره.
مثاله:ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: (لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: ((أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله))فقال أبو جهل: وعبد الله يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال هو على ملة عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك))، فنزلت: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}الآية [التوبة: 113]).
وأخرج الترمذي وحسنه عن علي قال: (سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت).
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فقال: ((إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فأنزل علي:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}الآية [التوبة: 113]))).
فنجمع بين هذه الأحاديث بتعدد النزول.
ومن أمثلته أيضا ما أخرجه البيهقي والبزار عن أبي هريرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به فقال: ((لأمثلن بسبعين منهم مكانك))، فنزل جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بخواتيم سورة النحل:{وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}إلى آخر السورة [النحل: 126-128]).
وأخرج الترمذي والحاكم عن أبي بن كعب قال: (لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون، ومن المهاجرين ستة منهم حمزة فمثلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله:{وإن عاقبتم}الآية [النحل: 126]).
فظاهره تأخير نزولها إلى الفتح وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد.
قال ابن الحصار: ويجمع بأنها نزلت أولا بمكة قبل الهجرة مع السورة؛ لأنها مكية، ثم ثانيا بأحد، ثم ثالثا يوم الفتح تذكيرا من الله لعباده، وجعل ابن كثير من هذا القسم آية الروح.
ذكره السيوطي في الإتقان.
الحالة الثالثة: إذا تعارض سببان ولم يمكن الجمع بينهما وكان أحدهما أرجح راوية من الآخر
إن لم يمكن الجمع قدم ما كان سنده صحيحاً أو له مرجح ككون راويه صاحب الواقعة التي نزلت فيها الآية ونحو ذلك. ذكره السيوطي في التحبير والإتقان.
ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب: (اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله: {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}[الضحى: 1-3]).
وأخرج الطبراني وابن أبي شيبة عن حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها وكانت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن جروا دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخل تحت السرير فمات فمكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال:((يا خولة ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل لا يأتيني؟))فقلت: في نفسي لو هيأت البيت، وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته الرعدة فأنزل الله:{والضحى}إلى قوله:{فترضى}[الضحى: 1-3]).
وقال ابن حجر في "شرح البخاري": قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، وفي إسناده من لا يعرف، فالمعتمد ما في الصحيح.
ومن أمثلته أيضا: ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبله بضعة عشر شهرا وكان يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله:{فولوا وجوهكم شطره}الآية [البقرة: 144]فارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب}الآية [البقرة: 142]وقال:{فأينما تولوا فثم وجه الله}الآية [البقرة: 115]).
وأخرج الحاكم وغيره، عن ابن عمر، قال: (نزلت:{فأينما تولوا فثم وجه الله}الآية [البقرة: 115]أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوع).
وأخرج الترمذي وضعفه من حديث عامر بن ربيعة، قال: (كنا في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت).
وأخرج الدارقطني نحوه من حديث جابر بسند ضعيف أيضا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد، قال لما نزلت: {ادعوني أستجب لكم}الآية [غافر: 60]، قالوا: (إلى أين فنزلت) مرسل.
وأخرج عن قتادة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخا لكم قد مات فصلوا عليه))فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة فنزلت). معضل غريب جدا.
فهذه خمسة أسباب مختلفة، وأضعفها الأخير؛ لإعضاله ثم ما قبله؛ لإرساله ثم ما قبله؛ لضعف رواته، والثاني صحيح، لكنه قال: قد أنزلت في كذا ولم يصرح بالسبب، والأول صحيح الإسناد/ وصرح فيه بذكر السبب فهو المعتمد.
ذكره السيوطي في الإتقان.
الحالة الرابعة: أن يستوي الإسنادان في الصحة، فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات.
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود: (قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال:(({قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}الآية [الإسراء: 85]))).
وأخرج الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: (قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا: سألوه عن الروح قال: فسألوه، فأنزل الله:{ويسألونك عن الروح}الآية [الإسراء: 85])، فهذا يقتضي أنها نزلت بمكة والأول خلافه، وقد رجح بأن ما رواه البخاري أصح من غيره، وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة.
ذكره السيوطي في الإتقان
الحالة الخامسة: إن تعارض سببان وصيغة كل منهما محتملة
إن عبر أحد المفسرين بقوله: (نزلت في كذا)، والآخر: (نزلت في كذا) وذكر أمرا آخر، فهذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول، فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما. ذكره السيوطي في الإتقان.
الحالة السادسة: إن تعارض سببان وصيغة أحدهما صريحة والآخر محتملة
إن عبر أحد المفسرين بقوله: (نزلت في كذا)، وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد، وذاك استنباط.
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال: (أنزلت {نساؤكم حرث لكم..}الآية في إتيان النساء في أدبارهن).
وجابر جاء عنه التصريح بذكر سبب خلافه، فالمعتمد حديث جابر؛ لأنه نقل، وقول ابن عمر استنباط منه وقد وهمه فيه ابن عباس، وذكر مثل حديث جابر، كما أخرجه أبو داود والحاكم. ذكره السيوطي في الإتقان.
تنبيه
قد يكون في إحدى القصتين ( فتلا ) فيهم الراوي فيقول فنزل.
مثاله:ما أخرجه الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: (مر يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السموات على ذه والأرضين على ذه والماء على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه فأنزل الله:{وما قدروا الله حق قدره}الآية [الأنعام: 91])، والحديث في الصحيح بلفظ: (فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصواب فإن الآية مكية).
ومن أمثلته:أيضا ما أخرجه البخاري عن أنس قال: (سمع عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال:((أخبرني بهن جبريل آنفا)) قال: جبريل؟ قال:((نعم))قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية{من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك}الآية [البقرة: 97]).
قال ابن حجر في "شرح البخاري": ظاهر السياق أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ الآية ردا على قول اليهود، ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ، قال: وهذا هو المعتمد فقد صح في سبب نزول الآية قصة غير قصة ابن سلام.
ذكره السيوطي في الإتقان.

العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
اختلف أهلُ الأصول: هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟
والصحيح الأول
الأدلة على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
الأول:أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}الآية، قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟
ومعنى هذا هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها؟
فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال: ((بل لأمتي كلهم)).
ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
الثاني:اعتبار عموم اللفظ احتجاج الصحابة وغيرهم في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة شائعا ذائعا بينهم.
قال ابن جرير: حدثني محمد بن أبي معشر أخبرنا أبي أبو معشر نجيح سمعت سعيد المقبري يذاكر محمد بن كعب القرظي، فقال سعيد: إن في بعض كتب الله إن لله عبادا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر لبسوا لباس مسوك الضأن من اللين يجترون الدنيا بالدين، فقال محمد بن كعب هذا في كتاب الله:
{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا}الآية [البقرة: 204]، فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد.
فإن قلت: فهذا ابن عباس لم يعتبر عموم {لا تحسبن الذين يفرحون}الآية [آل عمران: 188]، بل قصرها على ما أنزلت فيه من قصة أهل الكتاب.
وأجاب السيوطي عن ذلك في الإتقان: أجيب عن ذلك بأنه لا يخفى عليه أن اللفظ أعم من السبب لكنه بين أن المراد باللفظ خاص.
ونظيره تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الظلم في قوله تعالى: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} [الأنعام: 82] بالشرك، من قوله: {إن الشرك لظلم عظيم}الآية [لقمان: 13]، مع فهم الصحابة العموم في كل ظلم.
وقد ورد عن ابن عباس ما يدل على اعتبار العموم، فإنه قال به في آية السرقة مع أنها نزلت في امرأة سرقت، قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين حدثنا محمد بن أبي حماد حدثنا أبو تميلة بن عبد المؤمن عن نجدة الحنفي قال: سألت ابن عباس عن قوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}الآية [المائدة: 38]، أخاص أم عام؟ قال: (بل عام).
ذكره السيوطي في الإتقان.
الثالث:قال ابن تيمية: قد يجيء كثيرا من هذا الباب قولهم هذه الآية: نزلت في كذا، لاسيما إن كان المذكور شخصا كقولهم إن آية الظهار نزلت في امرأة ثابت بن قيس، وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله وإن قوله: {وأن احكم بينهم} الآية [المائدة: 49]نزلت في بني قريظة والنضير، ونظائر ذلك مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة أو في قوم من اليهود والنصارى أو في قوم من المؤمنين فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه؟ فلم يقل أحد: إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ والآية التي لها سبب معين: إن كانت أمرا ونهيا فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته". ذكرها السيوطي في الإتقان
فائدة عموم اللفظ مع خصوص السبب
-التنبيه على أن العبرة بعموم اللفظ، ذكره الزركشي البرهان ثم نقل قول الزمخشري في تفسير سورة الهمزة حيث قال ويجوز أن يكون السبب خاصا والوعيد عاما ليتناول كل من باشر ذلك القبيح، وليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه، فإن ذلك أزجر له وأنكى فيه.
أمثلة على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
مثاله: قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت}الآية [النساء: 51]إلى آخره، فإنها إشارة إلى كعب بن الأشرف ونحوه من علماء اليهود، لما قدموا مكة وشاهدوا قتلى بدر حرضوا المشركين على الأخذ بثأرهم ومحاربة النبي صلى الله عليه وسلم فسألوهم: من أهدى سبيلا محمد وأصحابه أم نحن؟ فقالوا: أنتم، مع علمهم بما في كتابهم من نعت النبي صلى الله عليه وسلم المنطبق عليه وأخذ المواثيق عليهم ألا يكتموه فكان ذلك أمانة لازمة لهم ولم يؤدوها حيث قالوا للكفار: أنتم أهدى سبيلا حسدا للنبي صلى الله عليه وسلم.
فقد تضمنت هذه الآية مع هذا القول التوعد عليه المفيد للأمر بمقابله المشتمل على أداء الأمانة التي هي بيان صفة النبي صلى الله عليه وسلم بإفادة أنه الموصوف في كتابهم، وذلك مناسب لقوله: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}الآية [النساء: 58].
فهذا عام في كل أمانة، وذلك خاص بأمانة، هي صفة النبي صلى الله عليه وسلم بالطريق، السابق والعام تال للخاص في الرسم، متراخ عنه في النزول، والمناسبة تقتضي دخول ما دل عليه الخاص في العام، ولذا قال ابن العربي في تفسيره: وجه النظم أنه أخبر عن كتمان أهل الكتاب صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وقولهم: إن المشركين أهدى سبيلا فكان ذلك خيانة منهم فانجر الكلام إلى ذكر جميع الأمانات. انتهى.
قال بعضهم: ولا يرد تأخر نزول آية الأمانات عن التي قبلها بنحو ست سنين؛ لأن الزمان إنما يشترط في سبب النزول لا في المناسبة؛ لأن المقصود منها وضع آية في موضع يناسبها والآيات كانت تنزل على أسبابها، ويأمر النبي صلى الله عليه وسلم بوضعها في المواضع التي علم من الله أنها مواضعها.
ذكره السيوطي في الإتقان.
صورة السبب قطعية الدخول في العام ومثاله
صورة السبب فجمهور أهل الأصول أنها قطعية الدخول في العام فلا يجوز إخراجها منه بمخصص وهو التحقيق وروي عن مالك أنها ظنية الدخول كغيرها من أفراد العام.
ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
من صور العام الذي يراد به الخصوص
بعض ألفاظ الآيات له عموم لكنها نزلت في معين ولا عموم للفظها وهي تقصر عليه فقط، كقوله تعالى: {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى}[الليل: 17]فإنها نزلت في أبي بكر الصديق بالإجماع.
وقد استدل بها الإمام فخر الدين الرازي مع قوله: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}الآية [الحجرات: 13]، على أنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووهم من ظن أن الآية عامة في كل من عمل عمله، إجراء له على القاعدة، وهذا غلط فإن هذه الآية ليس فيها صيغة عموم إذ الألف واللام إنما تفيد العموم إذا كانت موصولة أو معرفة في جمع زاد قوم: أو مفرد بشرط ألا يكون هناك عهد.
واللام في {الأتقى}الآية [الليل: 17]، ليست موصولة؛ لأنها لا توصل بأفعل التفضيل إجماعا، و{الأتقى}الآية [الليل: 17]، ليس جمعا بل هو مفرد، والعهد موجود، خصوصا مع ما يفيده صيغة أفعل من التمييز وقطع المشاركة، فبطل القول بالعموم وتعين القطع بالخصوص والقصر على من نزلت فيه رضي الله عنه. ذكره السيوطي في الإتقان.
طريقة معرفة أسباب النزول
القول في أسباب النزول موقوف على السماع
لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها.ذكره الواحدي في أسباب النزول.
وقال غيره: معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا، وربما لم يجزم بعضهم فقال: (أحسب هذه الآية نزلت في كذا)، كما أخرج الأئمة الستة عن عبد الله بن الزبير قال: (خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شراج الحرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك))فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجهه . . ) الحديث).
قال الزبير: (فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم..} الآية. ذكره السيوطي في الإتقان ولباب النقول نقلا عن الواحدي.
الدليل: ما رواه سعدي بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فإنه من كذب علي متعمدًا فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار)).
ذكره الواحدي في أسباب النزول
تحرز السلف عن القول في أسباب النزول
السلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازًا عن القول في نزول الآية.
ومثال ذلك ما رواه محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: اتق الله وقل سدادًا ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن. ذكره الواحدي في أسباب النزول
أهمية جمع الطرق وفحص المرويّات
جمع طرق الحديث فيه فوائد كمعرفة وصل الحديث وإرساله وصحته وإعلاله فرب حديث ظاهر سنده الصحة في كتاب ويكون في كتاب آخر معلولا وقد قال ابن الصلاح في [علوم الحديث :82]: وروى عن علي بن المديني قال: (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه)ا.هـ. ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
وذكر الوادعيمثال ذلك:
قال [الحاكم رحمه الله:3/324]حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق ثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت: لما جاء أهل مكة في فداء أساراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رقَّ لها رِقَّة شديدة وقال: ((إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا))
قالوا: نعم يا رسول الله، وردّوا عليها الذي لها.
قال: وقال العباس: يا رسول الله إني كنت مسلما؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول؛ فالله يجزيك فافدِ نفسَك وبني أخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن عمرو بن جحدم أخا بني الحارث بن فهر)).
فقال: ما ذاك عندي يا رسول الله.
قال: (( فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلتَ لها إن أصبتُ فهذا المال لبني الفضل وعبد الله وقثم )).
فقال: والله يا رسول الله إني أشهد أنك رسول الله إن هذا الشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أفعل)).
ففدى العباس نفسه وبني أخويه وحليفه وأنزل الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}فأعطاني مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل). هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي ا.هـ.
وقال الهيثمي في [مجمع الزوائد: 7 /28]: (رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع)ا.هـ.
ثم بعد الاطلاع على [سنن البيهقي: 6/322]ظهر أن قصة العباس مدرجة على هذا السند.
قال البيهقي رحمه الله: كذا فيما حدثنا به شيخنا أبو عبد الله في كتاب المستدرك، ثم ذكره الحافظ البيهقي على الصواب مبينا أن قصة العباس لها سند آخر، وأنها مرسلة.
وقال الحافظ في[الفتح :9/382]بعد ذكره هذه القصة: (وفي طريق عطاء محمد بن إسحاق، وليست هذه القصة عنده مسندة بل معضلة وصنيع إسحاق يعني ابن راهوية وتبعه الطبراني وابن مردويه يقتضي أنها موصولة والعلم عند الله)ا.هـ.
وقال في [المطالب العالية:3/337]: (وأظن ذلك مدرجا في الخبر من كلام ابن إسحاق وحديث عباس على هذا معضل وأما على ظاهر السياق أولا فهو مسند وعلى ذلك عمل إسحاق)ا.هـ.
ذكره الوادعي في الصحيح المسند.
الصحيح معتمد بخلاف ما دونه
الحذر من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول
فقد وقع التساهل في نقل ما لم يثبت في كتب التفسير
ومثال ذلك: قصة ثعلبة بن حاطب التي فيها "قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه" وهذه القصة يذكرها المفسرون عنه تفسير قول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ}ويمكن أنه لا يوجد تفسير إلا وهي مذكورة فيه وقلَّ من نبه على عدم صحتها.
أما جهابذة علماء الحديث ونقاده فإليك ما قالوه فيها:
- قال الإمام أبو محمد بن حزم رحمه الله بعد ذكره لها من طريق مسكين بن بكير نا معان بن رفاعة السلمي عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة قال: جاء ثعلبة بن حاطب بصدقته إلى عمر فلم يقبلها وقال: لم يقبلها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا أبو بكر ولا أقبلها.
قال أبو محمد: وهذا باطل بلا شك لأن الله تعالى أمر بقبض زكاة أموال المسلمين وأمر عليه السلام عند موته ألا يبقى في جزيرة العرب دينان؛ فلا يخلو ثعلبة من أن يكون مسلما ففرض على أبي بكر وعمر قبض زكاته ولا بد، ولا فسحة في ذلك، وإن كان كافرا ففرض ألا يقرّ في جزيرة العرب؛ فسقط هذا الأثر بلا شك، وفي رواته معان بن رفاعة والقاسم بن عبد الرحمن وعلي بن يزيد وهو أبو عبد الملك الألهاني وكلهم ضعفاء ومسكين بن بكير ليس بالقوي ا.هـ. [ج11من المحلى ص 208]
- وقال السيوطي في لباب النقول إن سندها ضعيف.
- وقال الحافظ في تخريج الكشاف إن في سندها علي بن يزيد الألهاني وهو واهٍ، وقال في [الفتح: 3/8 ]بعد ذكر بعض القصة لكنه حديث ضعيف لا يحتج به ا.هـ.
- وقال الهيثمي في [مجمع الزوائد:7/32] رواه الطبراني وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو متروك.
- وقال فيه الذهبي في تجريد أسماء الصحابة إنه حديث منكر بمرَّة.
- وقال المناوي في [فيض القدير :4/527]: (قال البيهقي: "في إسناد هذا الحديث نظر وهو مشهور بين أهل التفسير" ، وأشار في الإصابة إلى عدم صحة هذا الحديث فإنه ساق هذا الحديث في ترجمة ثعلبة هذا ثم قال: "وفي كونه صاحب هذه القصة إن صح الخبر –ولا أظنه يصح- هو البدري نظر" ).ا.هـ كلام المناوي.
- وقال الحافظ العراقي في [تخريج الإحياء: 3/338]: سندها ضعيف.
وإنما مثلت بهذه القصة لشهرتها في كتب التفاسير ولأن كثيرا من إخواننا المشتغلين بالوعظ والإرشاد وفقني الله وإياهم يستحسنونها ويلقونها على العامة غير منتبهين مع عدم صحتها سندا فهي لا تصح معنى إذ فيها مخالفة لأصل من أصول الشريعة وهو أن التائب لو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم تاب، تاب الله عليه.ذكره الوادعي في الصحيح المسند
قول الصحابة في أسباب النزول
قول الصحابي نزلت في كذا هل يدخل في المسند؟
ما كان عن صحابي: فهو مسند مرفوع، إذ قول الصحابي فيما لا مدخل فيه للاجتهاد مرفوع. أما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمعدود في الموقوفات.
شرط إدخال أقوال الصحابة في المسند
أن يصح اتصال سنده للصحابي
مثال لقول الصحابة في أسباب النزول
قول جابر رضي الله عنه: كانت اليهود تقول من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية

قول التابعين في أسباب النزول
شروط قبول تفسير التابعي المرسل
1-أن يكون سند متصل إلي التابعي
2-أن يكون راويه معروفا أنه لا يروي إلا عن صحابي
3- أن تعدد طرقه فيكون له شاهد من حديث آخر متصل ( ولو ضعيفا ) أو مرسل.
وهذا حاصل قول السيوطي والبلقيني والوادعي

قول السلف نزلت في كذا
معنى قول السلف نزلت في كذا
يعني أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها. ذكره الزركشي البرهان.
حكم دخول معنى قول السلف نزلت في كذا في المسند
وجماعة من المحدثين يجعلون هذا من المرفوع المسند كما في قول ابن عمر في قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}الآية [البقرة: 223].
وأما الإمام أحمد فلم يدخله في المسند وكذلك مسلم وغيره وجعلوا هذا مما يقال بالاستدلال وبالتأويل فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع. ذكره الزركشي البرهان.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17 رجب 1436هـ/5-05-2015م, 10:12 PM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي

الواجب الأول :فهرسة وتلخيص مسائل نزول القرآن /معرفة أسباب النزول

عناصر الموضوع
أنواع مسائل نزول القرآن:
&نزول القرآن مفرقاً
&نزول القرآن على قسمين
& بيان كيفية صيغة سبب النزول
&الجمع بين الاختلاف في سبب النزول
& بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
& الداعي الى التأليف في أسباب النزول
&المؤلفات في أسباب النزول
& حكم القول في أسباب النزول بغير علم
&حكم قول الصحابي والتابعي في أسباب النزول
&أهمية العلم بسبب النزول

&استطرادات

-أنواع مسائل نزول القرآن:
&نزول القرآن مفرقاً:
أنزل الله القرآن مفرقًا نجومًا وأودعه أحكامًا وعلومًا؛ قال عز من قائل: {وَقُرآَنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً} . كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنةأنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين. ذكره الواحدي في

&نزول القرآن على قسمين:
1-قسم نزل ابتداء،بعقائد الإيمان وواجبات الإسلام وغير ذلك من التشريع،
2-وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال من القرآن أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}.أو أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن
وذلك ماتضمنه قول الجعبري وذكره السيوطي في الإتقان وما قاله الوادعي في الصحيح المسند لأسباب النزول

& بيان كيفية صيغة سبب النزول :
ذكر الوادعي في كتابه الصحيح المسند أن صيغة سبب النزول :
1-إما أن تكون صريحة في السببيةإذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال
2- وإما أن تكون محتملة. إذا قال الراوي نزلت هذه الآية في كذا فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة أنه داخل في معنى الآية.وكذا إذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا فهاتان صيغتان تحتملان السببية وغيرها

&الجمع بين الاختلاف في سبب النزول :
ذكر السيوطي في كتابه لباب النقول طريقة الجمع بين ما يذكره المفسرون من أسباب متعددة لنزول الآية كالتالي:
1-فإن عبر أحدهم بقوله: نزلت في كذا والآخر نزلت في كذا وذكر أمرا آخر فقد تقدم أن هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهمافحينئذ فحق مثل هذا أن لا يورد في تصانيف أسباب النزول وإنما يذكر في تصانيف أحكام القرآن.
2-وإن عبر واحد بقوله: نزلت في كذا وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد كما قال ابن عمر في قوله: {نساؤكم حرث لكم} أنها نزلت رخصة في وطء النساء في أدبارهن وصرح جابر بذكر سبب خلافه فاعتمد حديث جابر.
3-وإن ذكر واحد سببا وآخر سببا غيره فقد تكون نزلت عقيب تلك الأسباب كما في آية اللعان وقد تكون نزلت مرتين كما في آية الروح وفي خواتيم النحل وفي قوله: {ما كان للنبي والذين آمنوا} الآية مما يعتمد في الترجيح النظر إلى الإسناد وكون راوي أحد السببين حاضرا القصة أو من علماء التفسير كابن عباس وابن مسعود.

& بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
بين الزَّرْكَشِيُّ في البرهان أنه جرت عادة المفسرين أن يبدءوا بذكر سبب النزول و عقب أنه اذا كان وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول يبدأ به لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة


& الداعي الى التأليف في أسباب النزول:
1-ماذكره الواحدي في أسباب النزول : (وأما اليوم فكل أحد يخترع شيئًا ويختلق إفكًا وكذبًا ملقيًا زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب نزول الآية وذلك الذي حدا بي إلى إملاء هذا الكتاب الجامع للأسباب لينتهي إليه طالبو هذا الشأن والمتكلمون في نزول هذا القرآن فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب ويجدوا في تحفظه بعد السماع والطلب).
2-ما ذكره السيوطي في الاتقان :(ألف في التفسير خلائق فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال تترى فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل ثم صار كل من يسنح له قول يورده ومن يخطر بباله شيء يعتمده ثم ينقل ذلك عنه من يجيء بعده ظانا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن يرجع إليهم في التفسير حتى رأيت من حكى في تفسير قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} نحو عشرة أقوال، وتفسيرها باليهود والنصارى هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجميع التابعين وأتباعهم حتى قال ابن أبي حاتم لا أعلم في ذلك اختلافا بين المفسرين )

3-ما قالَه ابن عَاشُورٍ : (أُولِعَ كثير من المفسرين بتطلّب أسباب نزول آي القرآن، وهي حوادث يروى أن آيات من القرآن نزلت لأجلها لبيان حكمها أو لحكايتها أو إنكارها أو نحو ذلك، وأغربوا في ذلك وأكثروا حتى كاد بعضهم أن يوهم الناس أن كل آية من القرآن نزلت على سبب، وحتى رفعوا الثقة بما ذكروا. بيد أنا نجد في بعض آي القرآن إشارة إلى الأسباب التي دعت إلى نزولها ونجد لبعض الآي أسبابا ثبتت بالنقل دون احتمال أن يكون ذلك رأي الناقل، فكان أمر أسباب نزول القرآن دائرا بين القصد والإسراف، وكان في غض النظر عنه وإرسال حبله على غاربه خطر عظيم في فهم القرآن. فذلك الذي دعاني إلى خوض هذا الغرض في مقدمات التفسير لظهور شدة الحاجة إلى تمحيصه في أثناء التفسير، وللاستغناء عن إعادة الكلام عليه عند عروض تلك المسائل، غير مدخر ما أراه في ذلك رأيا يجمع شتاتها.)

&المؤلفات في أسباب النزول:
لأهمية هذا العلم عده الزركشي النوع الأول في كتابه البرهان
وعده البلقيني النوع العاشر في كتابه مواقع العلوم.
وعده السيوطي النوع الحادي عشر في كتابه التحبير.
.وقد ألف فيه عدة مصنفات من أهمها:
كتاب الواحدي "أسباب النزول"
-وألف السيوطي فيه كتاب لباب النقول في أسباب النزول وما تميز به على كتاب الواحدي من الاختصار والجمع الكثير وعزوه كل حديث الى من خرجه وتمييز الصحيح من غيره والجمع بين الروايات .ذكره السيوطي في لباب النقول
وذكر السيوطي أنه ألف فيه شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر كتابا مات عنه مسودة لم يقف عليه كاملا.

& حكم القول في أسباب النزول بغير علم :
قال الواحدي في أول كتابه أسباب النزول ونقله عنه ابن عاشور (لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل)ا.هـ.

&حكم قول الصحابي والتابعي في أسباب النزول:
قالَ السيوطيُّ في التحبير :( وما كان عن صحابي: فهو مسند مرفوع، إذ قول الصحابي فيما لا مدخل فيه للاجتهاد مرفوع، أو تابعي: فمرسل، وشرط قبولهما: صحة السند، ويزيد الثاني: أن يكون راويه معروفاً بأن لا يروي إلا عن الصحابة، أو ورد له شاهد مرسل أو متصل ولو ضعيفاً).


&أهمية العلم بسبب النزول :
1-- فهم كلام الله تعالى على الوجه الصحيح، والوقوف على المعنى وإزالة الإشكال.وذكر الواحدي أنه"لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها".وذكر القشيري في قوله: "بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الكتاب العزيز"؛ وقول ابن تيمية في مقدمة التفسير -: "ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب"؛ .
-مثاله: قوله تعالى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ} الآية [الطلاق: 4]، قد أشكل معنى هذا الشرط على بعض الأئمة وقد بينه سبب النزول، روي أن ناسا قالوا: (يا رسول الله قد عرفنا عدة ذوات الأقراء، فما عدة اللائي لم يحضن من الصغار والكبار؟) فنزلت فهذا يبين معنى {إِنِ ارْتَبْتُمْ} أي: إن أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتددن فهذا حكمهن.
-ومن ذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} الآية [البقرة: 115] فإنا لو تركنا مدلول اللفظ لاقتضى أن المصلي لا يجب عليه استقبال القبلة سفرا ولا حضرا، وهو خلاف الإجماع، فلا يفهم مراد الآية حتى يعلم سببها وذلك أنها نزلت لما صلى النبي صلى عليه وسلم على راحلته وهو مستقبل من مكة إلى المدينة حيث توجهت به فعلم أن هذا هو المراد.
ذكره الزركشي في البرهان
2-معرفة المجملات ودفع المتشابهات.
-مثل قوله تعالى:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} فإذا ظن أحد أن من للشرط أشكل عليه كيف يكون الجور في الحكم كفرا، ثم إذا علم أن سبب النزول هم النصارى علم أن من موصولة وعلم أن الذين تركوا الحكم بالإنجيل لا يتعجب منهم أن يكفروا بمحمدأيضاً معرفة أسباب النزول يبين وجه تناسب الآي بعضها مع بعض كما في قوله تعالى، في سورة النساء: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} الآية، فقد تخفى الملازمة بين الشرط وجزائه فيبينها ما في الصحيح، عن عائشة أن عروة بن الزبير سألها عنها فقالت: هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.ذكره ابن عاشور في كتابه التحرير
3- وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
4-معرفة أن سبب النزول لا يخرج عن حكم الآية إذا ورد مخصِّص له قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع ؛ لأن دخول السبب قطعي. ماتضمن من أقوال الواحدي والقشيري والسيوطي والزركشي
5-معرفة أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
وقد يكون السبب خاصا والصيغة عامة لينبه على أن العبرة بعموم اللفظ. قاله الزركشي في البرهان
الحكمة من أن يكون السبب خاصا والوعيد عاما ليتناول كل من باشر ذلك القبيح، وليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه، فإن ذلك أزجر له وأنكى فيه.ذكره الزمخشري ونقله عنه الزركشي في البرهان
مثاله:حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان، ومثل حديث كعب بن عجرة الذي نزلت عنه آية {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام} الآية فقد قال كعب بن عجرة: هي لي خاصة ولكم عامة، ذكره ابن عاشور في التنوير .
ومن أمثلة ذلك آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية وحد القذف في رماة عائشة ثم تعدى إلى غيرهم قاله الزركشي في البرهان
-الرد على من قال أن ابن عباس لم يعتبر العموم:
فإن قلت: فهذا ابن عباس لم يعتبر عموم {لا تحسبن الذين يفرحون}الآية [آل عمران: 188]، بل قصرها على ما أنزلت فيه من قصة أهل الكتاب.
الرد : لا يخفى على ابن عباس رضي الاه عنهما أن اللفظ أعم من السبب لكنه بين أن المراد باللفظ خاص.
ونظيره تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الظلم في قوله تعالى:{ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} [الأنعام: 82] بالشرك، من قوله: {إن الشرك لظلم عظيم} الآية [لقمان: 13]، مع فهم الصحابة العموم في كل ظلم.
أيضاً ورد عن ابن عباس ما يدل على اعتبار العموم، فإنه قال به في آية السرقة مع أنها نزلت في امرأة سرقت، قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين حدثنا .قاله السيوطي في الاتقان
-متى يبطل القول بالعموم:
يبطل القول بالعموم إذا نزلت آية في معين ولا عموم للفظها فإنها تقصر عليه قطعا :كقوله تعالى:{وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى}[الليل: 17] فإنها نزلت في أبي بكر الصديق بالإجماع. فإن هذه الآية ليس فيها صيغة عموم إذ الألف واللام إنما تفيد العموم إذا كانت موصولة أو معرفة في جمع زاد قوم: أو مفرد بشرط ألا يكون هناك عهد.واللام في {الأتقى} الآية [الليل: 17]، ليست موصولة؛ لأنها لا توصل بأفعل التفضيل إجماعا، و{الأتقى} الآية [الليل: 17]، ليس جمعا بل هو مفرد، والعهد موجود، خصوصا مع ما يفيده صيغة أفعل من التمييز وقطع المشاركة، فبطل القول بالعموم وتعين القطع بالخصوص والقصر على من نزلت فيه رضي الله عنه.ذكره السيوطي في الاتقا
6- دفع توهم الحصر :
قد ترد آية تفيد بظاهرها الحصر، لكن سبب النزول يدفع هذا التوهم
مثاله :ما قال الشافعي ما معناه في قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} الآية [الأنعام: 145]، إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله وكانوا على المضادة والمحاداة فجاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال: لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه، نازلا نزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة، فتقول: لا آكل اليوم إلا الحلاوة، والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه تعالى قال: لا حرام إلا ما أحللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ولم يقصد حل ما وراءه، إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل. ذكره السيوطي في الاتقان
7-معرفة اسم النازل في الآية وتعيين المبهم فيها ولقد قال مروان في عبد الرحمن بن أبي بكر: (إنه الذي أنزل فيه {والذي قال لوالديه أف لكما} الآية [الأحقاف: 17])، حتى ردت عليه عائشة وبينت له سبب نزولها).
8- وثمة فائدة أخرى عظيمة لأسباب النزول وهي أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وهي إحدى طريقتين لبلغاء العرب في أقوالهم، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين. ذكره ابن عاشور في التنوير
9-معرفة ما في أسباب النزول من العبر وحل المشاكل التي قد ضاق بها أصحابها ذرعا فيأتي الفرج الإلهي،
مثاله:كقصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا، وكقصة الإفك وما حصل لنبي الهدى من الأذى بسببه وكذا لأم المؤمنين إذ بكت حتى ظن أبواها أن البكاء فالق كبدها. فيأتي الفرج بعد الشدة. وكقصة هلال بن أمية إذ رمى زوجته بالزنى فقال له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((البينة أو حد في ظهرك)) فقال: والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فأراد الرسول أن يأمر بضربه فأنزل الله آية اللعان وأبر قسمه وأتى بالعلاج بعد تفاقم الداء فخاب وخسر من ظن أنه يستطيع أن يستغني عن هذا التشريع الحكيم.ذكره الوادعي في كتابه المسند الصحيح
10- معرفة ما في أسباب النزول من مراحل الدعوة والتوجيهات الإلهية كآية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن لهم اقتدارا على القتال إلى غير ذلك من الفرق بين المكي والمدني كما هو معروف). قاله الوادعي في الصحيح المسند


&استطرادات:
-مدح الواحدي للقرآن وللرسول صلى الله عليه وسلم :
-أنزله قرآنًا عظيمًا وذكرًا حكيمًا وحبلاً ممدودًا وعهدًا معهودًا وظلاً عميمًا وصراطًا مستقيمًا
-فيه معجزات باهرة وآيات ظاهرة وحجج صادقة ودلالات ناطقة أدحض به حجج المبطلين ورد به كيد الكائدين وقوى به الإسلام والدين فلحب منهاجه وثقب سراجه وشملت بركته وبلغت حكمته على خاتم الرسالة والصادع بالدلالة الهادي للأمة الكاشف للغمة الناطق بالحكمة المبعوث بالرحمة فرفع أعلام الحق وأحيا معالم الصدق ودمغ الكذب ومحا آثاره وقمع الشرك وهدم مناره ولم يزل يعارض ببيناته أباطيل المشركين حتى مهد الدين
وأبطل شبه الملحدين صلى الله عليه صلاة لا ينتهي أمدها ولا ينقطع مددها وعلى آله وأصحابه الذين هداهم وطهرهم وبصحبته خصهم وآثرهم وسلم كثيرًا.
وبعد هذا فإن علوم القرآن غزيرة وضروبها جمة كثيرة يقصر عنها القول وإن كان بالغًا ويتقلص عنها ذيله وإن كان سابغًا وقد سبقت لي ولله الحمد مجموعات تشتمل على أكثرها وتنطوي على غررها وفيها لمن رام الوقوف عليها مقنع وبلاغ وعما عداها من جميع المصنفات غنية وفراغ لاشتمالها على عظمها متحققًا وتأديته إلى متأمله متسقًا
-أهمية جمع طرق الحديث:
-معرفة وصل الحديث وإرساله وصحته وإعلاله فرب حديث ظاهر سنده الصحة في كتاب ويكون في كتاب آخر معلولا
وروى عن علي بن المديني قال: (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه)ا.هـ. ذكره الوادعي في كتابه المسند الصحيح

--معرفة أنه قد يكون النزول سابقا على الحكم :
مثاله:نزل بمكة {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} الآية [القمر: 45]، قال عمر بن الخطاب: (كنت لا أدري: أي الجمع يهزم فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:(({سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}))). ذكره الزركشي في البرهان

&أمثله على ما وقع من التساهل في نقل ما لم يثبت في كتب التفسير:
1- وهذا المثال هو قصة ثعلبة بن حاطب التي فيها "قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه" وهذه القصة يذكرها المفسرون عنه تفسير قول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} ويمكن أنه لا يوجد تفسير إلا وهي مذكورة فيه وقلَّ من نبه على عدم صحتها.
2--ماذكر السيوطي في التحبير مما حرره ً كآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} الآية[النساء: 58].وقد اشتهر أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة، وأسانيد ذلك بعضها ضعيف، وبعضها منقطع،



‏من جهاز الـ iPhone الخاص بي














‏‫من جهاز الـ iPhone الخاص بي‬

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 17 رجب 1436هـ/5-05-2015م, 10:14 PM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

لم أجد أنموذج الإجابة بالرابط، الرابط به روابط الدروس نفسها ؟!

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18 رجب 1436هـ/6-05-2015م, 02:33 PM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هبه الديب مشاهدة المشاركة
● معرفة أسباب النزول ●

عناصر الموضوع
● تعريف سبب النزول.
- معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..).
-صيغة سبب النزول.
● أنواع أسباب نزول القرآن.
● فوائد معرفة أسباب النزول.
- الدلالة على حكمة التشريع.
- تعين على فهم المعنى.
- تعين على بيان ما يستشكل.
- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص.
- دفع توهّم الحصر.
-معرفتها على الوجه الصحيح صيانتها عن الدخلاء فيها.
-دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال.

-إزالة الإشكال، في تخصيص السبب وبيان عمومه.


● أحكام المرويات في أسباب النزول:
-القول في أسباب النزول موقوف على السماع.
-أحوال الاختلاف في سبب النزول.
* مثال على أهمية جمع طرق وفحص المرويّات.
- أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف.
- الحكم على ما روي عن الصحابي.
- الحكم على ما روي عن التابعي.
- أقسام ما صحّ من أسباب النزول.

* أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول.

●قواعد في أسباب النزول:
-العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
-تقدم نزول الآية على الحكم.
-نزول آيات متفرقة لسبب واحد.
-قد تعدد الأسباب والنازل واحد.


● تعامل المفسر مع أسباب النزول:
-بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
-ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول.


● المؤلفات في أسباب النزول.
-عناية العلماء بأسباب النزول.
-أشهر المؤلفات فيه.
-مزايا كتاب لباب النقول على كتاب الواحدي.


ما شاء الله أحسنت ربط العناصر بالموضوع

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 22 رجب 1436هـ/10-05-2015م, 12:14 AM
روان ابن الأمير روان ابن الأمير غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 213
افتراضي

(المسائل)

* المؤلفات في أسباب النزول:
* فوائد معرفة أسباب النزول:
- بيان الحكمة من تشريع الحكم.
- طريق مهم لفهم المعاني وإزالة الإشكال الوارد فيها:
- معرفة اسم النازل فيه الآية وتعيين المبهم فيها :
- دفع توهم الحصر:
- تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص:
- بيان مراحل الدعوة، والاستفادة من التوجيهات الإلهية:
- نزول القرآن عند حدوث حوادث دليل على إعجازه:
* أقسام ما صح من أسباب النزول:
- الأول: هو ما يتوقف فهم المراد من الآية على علمه:
- الثاني: حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام:
- الثالث: حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد نزلت الآية لبيان حكمها وزجر مرتكبها:
- الرابع: حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة:
- الخامس: قسم يبين مجملات ويدفع متشابهات:
* أمثلة لبعض ما صح من أسباب النزول:
- في سورة البقرة:
* بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها :
* أنواع أسباب النزول:
- قسم نزل ابتداء:
- قسم نزل عقب حادثة أو سؤال:
* أقسام أسباب النزول من حيث الصحة وعدمها:
- المشهور صحيحه وضعيفه:
- الغريب صحيحة وضعيفه.
* حكم الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول:
* القول في أسباب النزول موقوف على السماع:
* حكم قول الصحابي في أسباب النزول:
* حكم ما روي عن التابعي في أسباب النزول:
* معنى قول بعض السلف (نزلت الآية في كذا):
* أحوال الاختلاف في سبب النزول:
1- البحث في إمكانية الجمع بينهما:
# أهمية جمع الطرق وفحص المرويات:
2- وإن لم يكن الجمع قُدّم ما كان سنده صحيح:
3- أن يستوي الاسنادان في الصحة فيرجح السبب بأي وجه من وجوه الترجيحات:
4- أن لا يمكن ذلك فيحمل على تعدد النزول وتكرره:
* هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب:
# خصوص السبب وعموم الصيغة:
* تقدم نزول الآية على الحكم:
* نزول آيات متفرقة لسبب واحد:
* تعدد الأسباب والنازل واحد:



(تلخيص المسائل)

* المؤلفات في أسباب النزول:
- اعتنى المفسرون في كتبهم بأسباب النزول وأفردوا فيه تصانيف منهم: علي بن المديني شيخ البخاري ومن أشهرها تصنيف الواحدي في ذلك. البرهان في علوم القرآن
- من أحسن المصنفات في أسباب النزول كتاب الواحدي، ثم شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل بن حجر. التحبير في علم التفسير
- ألف السيوطي فيه كتابا حافلا موجزا محررا لم يؤلف مثله في هذا النوع سماه: لباب النقول في أسباب النزول.الإتقان في علوم القرآن
- يقول السيوطي: أشهر كتاب في هذا الفن الآن كتاب الواحدي "أسباب النزول" وكتابي هذا يتميز عليه بأمور. لباب النقول
* فوائد معرفة أسباب النزول:

- بيان الحكمة من تشريع الحكم.
- طريق مهم لفهم المعاني وإزالة الإشكال الوارد فيها:
ومن ذلك قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله}الآية [البقرة: 115]، فإنا لو تركنا ومدلول اللفظ لاقتضى أن المصلي لا يجب عليه استقبال القبلة سفرا ولا حضرا وهو خلاف الإجماع فلما عرف سبب نزولها علم أنها في نافلة السفر أو فيمن صلى بالاجتهاد وبان له الخطأ على اختلاف الروايات في ذلك.الإتقان في علوم القرآن
- قال الشيخ أبو الفتح القشيري: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الكتاب العزيز وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا. البرهان في علوم القرآن
- قال الواحدي: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها. الإتقان في علوم القرآن
- وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن. الإتقان في علوم القرآن
- وقال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّب.
الإتقان في علوم القرآن
- معرفة اسم النازل فيه الآية وتعيين المبهم فيها :
قال مروان في عبد الرحمن بن أبي بكر: (إنه الذي أنزل فيه {والذي قال لوالديه أف لكما} الآية [الأحقاف: 17])، حتى ردت عليه عائشة وبينت له سبب نزولها).الإتقان في علوم القرآن
- دفع توهم الحصر:
قال الشافعي ما معناه في قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} الآية [الأنعام: 145]، إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله وكانوا على المضادة والمحادة فجاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه تعالى قال: لا حرام إلا ما أحللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ولم يقصد حل ما وراءه، إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل.
قال إمام الحرمين: وهذا في غاية الحسن ولولا سبق الشافعي إلى ذلك لما كنا نستجيز مخالفة مالك في حصر المحرمات فيما ذكرته الآية.
الإتقان في علوم القرآن
- تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص:
قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع كما حكاه القاضي أبو بكر في "مختصر التقريب"؛ لأن دخول السبب قطعي. البرهان في علوم القرآن
- بيان مراحل الدعوة، والاستفادة من التوجيهات الإلهية:
في أسباب النزول الكثير من بيان مراحل الدعوة والتوجيهات الإلهية كآية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن لهم اقتدارا على القتال إلى غير ذلك من الفرق بين المكي والمدني كما هو معروف. الصحيح المسند في أسباب النزول
- نزول القرآن عند حدوث حوادث دليل على إعجازه:
وفي هذا دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين.التحرير والتنوير
* أقسام ما صح من أسباب النزول:
- الأول: هو ما يتوقف فهم المراد من الآية على علمه:
وهذا منه تفسير مبهمات القرآن مثل قوله تعالى {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}ونحو {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} ومثل بعض الآيات التي فيها {ومن الناس}.
- الثاني: حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام:
وصور تلك الحوادث لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها، مثل قول أم سلمة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: يغزو الرجال ولا نغزو، فنزل قوله تعالى {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}
ولا يخشى توهم تخصيص الحكم بتلك الحادثة، فقد اتفق العلماء على أن أصل التشريع أن لا يكون خاصا.
- الثالث: حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد نزلت الآية لبيان حكمها وزجر مرتكبها:
مثل الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة المفتتحة بقوله تعالى: {ومنهم- ومنهم} ولذلك قال ابن عباس: كنا نسمي سورة التوبة سورة الفاضحة.
- الرابع: حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة:
يقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية ويدل لهذا النوع وجود اختلاف كثير بين الصحابة في كثير من أسباب النزول.
- الخامس: قسم يبين مجملات ويدفع متشابهات:
ومن ذلك حديث عبد الله بن مسعود قال لما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم ظنوا أن الظلم هو المعصية. فقال رسول الله: ((إنه ليس بذلك? ألا تسمع لقول لقمان لابنه {إن الشرك لظلم عظيم})).
التحرير والتنوير
* أمثلة لبعض ما صح من أسباب النزول:
- في سورة البقرة:
- موافقات عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مقام اتخاذ مقام إبراهيم مصلى التي نزلت آيتها في سورة البقرة، وفي الحجاب وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
- ما رواه البخاري، في "الصحيح" من طريق البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله – سبحانه-:
{علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم}الآية [البقرة: 187] ).
- ما رواه البخاري في "الصحيح" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت:
{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}الآية [198]، في مواسم الحج).
مواقع العلوم
* بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها :
إذا كان وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول كآية {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} الآية [النساء: 58]، فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر السبب؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة). البرهان في علوم القرآن
* أنواع أسباب النزول:
- قسم نزل ابتداء:
كما في عقائد الإيمان وواجبات الإسلام وغير ذلك من التشريع، فليس ضروري أن يكون لكل آية سبب.الصحيح المسند في أسباب النزول
- قسم نزل عقب حادثة أو سؤال:
أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}
أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه كما في سبب نزول آية اللعان.
الصحيح المسند في أسباب النزول
* أقسام أسباب النزول من حيث الصحة وعدمها:
- المشهور صحيحه وضعيفه:
صحيح كقصة الإفك وآية السعي والتيمم والعرنيين وموافقات عمر.
وضعيف: كآية:
{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} الآية[النساء: 58]. التحبير في علم التفسير
- الغريب صحيحة وضعيفه.
* حكم الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول:
حكمه مذموم ومما يؤكد ذمه:
- قول محمد بن سيرين حينما سأل عبيدة عن آية من القرآن فقال: (اتق الله وقلْ سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن). أسباب النزول
- وقد قال الواحدي في أول كتابه في أسباب النزول: (أما اليوم فكلّ أحد يخترع للآية سببا، ويختلق إفكا وكذبا، ملقيا زمامه إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد)
وقال: (لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل)ا.هـ.
* القول في أسباب النزول موقوف على السماع:
-لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب.
- قال محمد بن سيرين سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: اتق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن.
أسباب النزول
* حكم قول الصحابي في أسباب النزول:
- قال أبو الفضل العراقي (وعُدَّ تفسير الصحابة مرفوعاً محمولٌ على تفسيرٍ فيه أسباب النزول). شرح ألفية العراقي
- قال البُلقِينيُّ(وما كان من أسباب النزول مرويا عن صحابي بإسنادٍ صحيحٍ: مرفوعٌ؛ إذ قول الصحابي فيما لا مجال للاجتهاد فيه في حكم المرفوع، وما كان عن صحابي بغير إسناد فهو منقطع).مواقع العلوم
فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمعدود في الموقوفات. الصحيح المسند في أسباب النزول
* حكم ما روي عن التابعي في أسباب النزول:
- قال البُلقِينيُّ (فأما المنقول عن التابعي بسنده فهو مرسل، وما كان بغير سند فلا يقبل). مواقع العلوم
وأضاف السيوطي عبى رواية التابعي شرط أن يكون راويه معروفاً بأن لا يروي إلا عن الصحابة، أو ورد له شاهد مرسل أو متصل ولو ضعيفاً. التحبير في علم التفسير
* معنى قول بعض السلف (نزلت الآية في كذا):
- قال الزركشي في البرهان: قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع. البرهان في علوم القرآن
- أما ابن تيمية قال: قولهم نزلت هذه الآية في كذا، يراد به تارة سبب النزول ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب. لباب النقول
ووافقه في ذلك مناع القطان في مباحث في علوم القرآن.
* أحوال الاختلاف في سبب النزول:
1- البحث في إمكانية الجمع بينهما:
كآية اللعان ثبت في الصحيح من طريق سهل بن سعد الساعدي أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني.
وثبت – أيضا – في الصحيح أنها نزلت في هلال بن أمية.
ويمكن الجمع بينهما بأنها نزلت في حقهما
مواقع العلوم
# أهمية جمع الطرق وفحص المرويات:
ما فيها من معرفة وصل الحديث وإرساله وصحته وإعلاله فرب حديث ظاهر سنده الصحة في كتاب ويكون في كتاب آخر معلولا وقد قال ابن الصلاح في [علوم الحديث :82]: وروى عن علي بن المديني قال: (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه)الصحيح المسند في أسباب النزول
2- وإن لم يكن الجمع قُدّم ما كان سنده صحيح:
ومن أمثلته: ما أخرجه ابن مردويه وابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس، قال: (خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد تعال فتمسح بآلهتنا وندخل معك في دينك وكان يحب إسلام قومه فرق لهم فأنزل الله:{وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} الآيات [الإسراء: 73]).
وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس: (أن ثقيفا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجلنا سنة حتى يهدى لآلهتنا فإذا قبضنا الذي يهدى لها أحرزناه ثم أسلمنا فهم أن يؤجلهم فنزلت).
هذا يقتضي نزولها بالمدينة وإسناده ضعيف، والأول يقتضي نزولها بمكة وإسناده حسن، وله شاهد عند أبي الشيخ عن سعيد بن جبير يرتقي إلى درجة الصحيح فهو المعتمد. الإتقان في علوم القرآن
3- أن يستوي الاسنادان في الصحة فيرجح السبب بأي وجه من وجوه الترجيحات:
كأن يكون راويه صاحب الواقعة التي نزلت فيها الآية. التحبير في علم التفسير
4- أن لا يمكن ذلك فيحمل على تعدد النزول وتكرره:
{وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} نزلت والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بخواتيم سورة النحل، ونزلت لما كان يوم فتح مكة . الإتقان في علوم القرآن
* هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب:
- الأصح عندنا الأول، وقد نزلت آيات في أسباب واتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية وحد القذف في رماة عائشة ثم تعدى إلى غيرهم.
ومن لم يعتبر عموم اللفظ قال: خرجت هذه الآيات ونحوها لدليل آخر كما قصرت آيات على أسبابها اتفاقا لدليل قام على ذلك.
الإتقان في علوم القرآن
- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والدليل على ذلك أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية، قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟
ومعنى هذا هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها؟
فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال:
((بل لأمتي كلهم)). الصحيح المسند في أسباب النزول
# خصوص السبب وعموم الصيغة:
قال الزمخشري في تفسير سورة الهمزة: (يجوز أن يكون السبب خاصا والوعيد عاما ليتناول كل من باشر ذلك القبيح، وليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه، فإن ذلك أزجر له وأنكى فيه).البرهان في علوم القرآن
* تقدم نزول الآية على الحكم:
يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم كما قال: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} الآية [البلد: 1-2] فالسورة مكية، وظهور أثر الحل يوم فتح مكة. البغوي في تفسيره
* نزول آيات متفرقة لسبب واحد:
لا إشكال في ذلك فقد ينزل في الواقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى. الإتقان في علوم القرآن
كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنه)) فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}. ونزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} والأمثلة على ذلك كثيرة ستمر بك إن شاء الله). الصحيح المسند في أسباب النزول
* تعدد الأسباب والنازل واحد:
قد تتعدد الأسباب والنازل واحد كما في آية اللعان وغيرها من الآيات كما ستجده إن شاء الله في مواضعه. الصحيح المسند في أسباب النزول

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 22 رجب 1436هـ/10-05-2015م, 12:42 PM
حنان عبدالله حنان عبدالله غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 319
افتراضي

فهرسة مسائل موضوع معرفة أسباب النزول
عناصر الموضوع
● المؤلفات في أسباب النزول
● فوائد معرفة أسباب النزول
... - الدلالة على حكمة التشريع.
...- تعين على فهم المعنى
... - تعين على بيان ما يستشكل
...- تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص
...- دفع توهّم الحصر
● أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول
● أقسام ما صحّ من أسباب النزول
● بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
● أنواع مسائل نزول القرآن
...- أنواع أسباب النزول
● أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف
● ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول
● القول في أسباب النزول موقوف على السماع
● هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع؟
● ما حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول؟
● معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..)
● أحوال الاختلاف في سبب النزول
...- مثال على أهمية جمع طرق وفحص المرويّات
● هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
● تقدم نزول الآية على الحكم
● نزول آيات متفرقة لسبب واحد
● تعدد الأسباب والنازل واحد

خلاصة أقوال العلماء في مسائل معرفة أسباب النزول
●تعريف أسباب النزول
هي حوادث يروى أن آيات من القرآن نزلت لأجلها لبيان حكمها أو لحكايتها أو إنكارها أو نحو ذلك. (ابن عاشور في كتاب التحرير والتنوير)
● المؤلفات في أسباب النزول
اعتنى المفسرون في كتبهم بأسباب النزول وأفردوا فيها التصانيف ،فأقدم الكتب المصنفة هو كتاب الشيخ علي المديني شيخ البخاري
ومن أشهر الكتب المصنفة كتاب الواحدي على مافيه من اعواز ،وقد اختصره الجعبري فحذف أسانيده ولم يزد عليه شيئا.
وألف شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر كتابا مات عنه مسودة فلم نقف عليه كاملا .
وذكر السيوطي بأنه ألف كتابا حافلا موجزا محررا لم يؤلف مثله سماه (لباب النقول في أسباب النزول)
(خلاصة ماذكره السيوطي في كتابيه الإتقان في علوم القرآن والتحبير في علوم القرآن والزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن )

●مميزات كتاب السيوطي عن كتاب الواحدي
ذكر السيوطي في كتابه لباب النقول في أسباب النزول أن أشهر كتاب في أسباب النزول كتاب الواحدي "أسباب النزول"
وكتابي هذا يتميز عليه بأمور :
1-الاختصار.
2-الجمع الكثير فقد حوى زيادات كثيرة على ما ذكر الواحدي وقد ميزتها بصورة (ك) رمزا عليها.
عزوه كل حديث إلى من خرجه من أصحاب الكتب المعتبرةكالكتب الستة والمستدرك، وصحيح ابن حبانوسنن البيهقي والدارقطني،ومسانيد أحمد والبزار وأبي يعلي،ومعاجم الطبراني،وتفاسير ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي الشيخ وابن حبان والفريابي وعبد الرزاق وابن المنذر وغيرهم.
أما الواحدي فتارة يورد الحديث بإسناده وفيه مع التطويل عدم العلم بمخرج الحديث؛ فلا شك أن عزوه إلى أحد الكتب المذكورة أولى من عزوه إلى تخريج الواحدي لشهرتها واعتمادها وركون الأنفس إليها.
وتارة يورده مقطوعا فلا يدرى هل له إسناد أو لا؟.
3-تمييز الصحيح من غيره والمقبول من المردود
4-الجمع بين الروايات المتعددة.
5- تنحية ما ليس من أسباب النزول
● فوائد معرفة أسباب النزول
1-دلالة على حكمة التشريع
-التعرف على أسرار التشريع العظيم وما في أسباب النزول من العبر وحل المشاكل التي قد ضاق بها أصحابها ذرعا فيأتي الفرج الإلهي.
مثال على ذلك
قصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا، وقصة الإفك وما حصل لنبي الهدى من الأذى بسببه وكذا لأم المؤمنين إذ بكت حتى ظن أبواها أن البكاء فالق كبدها. فيأتي الفرج بعد الشدة.
وقصة هلال بن أمية إذ رمى زوجته بالزنى فقال له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((البينة أو حد في ظهرك)) فقال: والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فأراد الرسول أن يأمر بضربه فأنزل الله آية اللعان وأبر قسمه وأتى بالعلاج بعد تفاقم الداء فخاب وخسر من ظن أنه يستطيع أن يستغني عن هذا التشريع الحكيم.
-الاستفادة من مراحل التشريع فإننا في أمس الحاجة إلى أن نعتبر أنفسنا مجددين وأن نبدأ الدعوة من جديد وفي أسباب النزول الكثير الطيب من بيان مراحل الدعوة والتوجيهات الإلهية .
مثال على ذلك .
آية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن لهم اقتدارا على القتال .
الفرق بين المكي والمدني .
2-تعين على فهم المعنى
معرفة سبب نزول الآية يعين على فهم معنى الآية .
قال الشيخ أبو الفتح القشيري: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الكتاب العزيز وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا. ( ذكره الزركشي في كتاب البرهان في علوم القرآن )
قال الواحدي: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.
وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن.
وقال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّب. ( ذكره السيوطي في كتاب لباب النقول )
3- تعين على بيان مااستشكل
معرفة سبب نزول الآية يعين على فهم معنى الآية وإزالة الإشكال ، فقد أشكلت بعض الآيات على بعض الصحابة فلما عرفوا سبب النزول زال اﻹشكال .
أمثلة على ذلك
-أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} الآية ، وقال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون حتى بين له ابن عباس أن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه. أخرجه الشيخان
-وحكي عن عثمان بن مظعون وعمرو بن معد يكرب أنهما كانا يقولان: (الخمر مباحة ويحتجان بقوله تعالى:{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا}، ولو علما سبب نزولها لم يقولا ذلك، وهو أن ناسا قالوا: (لما حرمت الخمر كيف بمن قتلوا في سبيل الله وماتوا وكانوا يشربون الخمر وهي رجس فنزلت). أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما.
-من ذلك قوله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر} الآية فقد أشكل معنى هذا الشرط على بعض الأئمة، حتى قال الظاهرية: بأن الآيسة لا عدة عليها إذا لم ترتب.
وقد بين ذلك سبب النزول، وهو أنه لما نزلت الآية التي في سورة البقرة في عدد النساء قالوا: (قد بقي عدد من عدد النساء لم يذكرن الصغار والكبار فنزلت). أخرجه الحاكم عن أبي.
فعلم بذلك أن الآية خطاب لمن لم يعلم ما حكمهن في العدة وارتاب هل عليهن عدة أو لا وهل عدتهن كاللاتي في سورة البقرة أو لا فمعنى: {إن ارتبتم} إن أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتدون فهذا حكمهن.
-قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله} فإنا لو تركنا ومدلول اللفظ لاقتضى أن المصلي لا يجب عليه استقبال القبلة سفرا ولا حضرا وهو خلاف الإجماع فلما عرف سبب نزولها علم أنها في نافلة السفر أو فيمن صلى بالاجتهاد وبان له الخطأ على اختلاف الروايات في ذلك.
- قوله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية فإن ظاهر لفظها لا يقتضي أن السعي فرض وقد ذهب بعضهم إلى عدم فرضيته تمسكا بذلك وقد ردت عائشة على عروة في فهمه ذلك بسبب نزولها: (وهو أن الصحابة تأثموا من السعي بينهما؛ لأنه من عمل الجاهلية فنزلت). (ذكره السيوطي في لباب النقول )
4-تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص
قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع كما حكاه القاضي أبو بكر في "مختصر التقريب"؛ لأن دخول السبب قطعي.
ونقل بعضهم الاتفاق على أن لتقدم السبب على ورود العموم أثرا.
ولا التفات إلى ما نقل عن بعضهم من تجويز إخراج محل السبب بالتخصيص لأمرين:
أحدهما: أنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يجوز.
والثاني: أن فيه عدولا عن محل السؤال، وذلك لا يجوز في حق الشارع لئلا يلتبس على السائل.
واتفقوا على أنه تعتبر النصوصية في السبب من جهة استحالة تأخير البيان عن وقت الحاجة وتؤثر أيضا فيما وراء محل السبب وهو إبطال الدلالة على قول والضعف على قول. ( ذكره السيوطي والزركشي في كتابي البرهان والإتقان )

5-دفع توهم الحصر
قال الشافعي في قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما}
المعنى /إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله وكانوا على المضادة والمحاداة فجاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال: لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه، نازلا نزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة، فتقول: لا آكل اليوم إلا الحلاوة، والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه تعالى قال: لا حرام إلا ما أحللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ولم يقصد حل ما وراءه، إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل.
قال إمام الحرمين: وهذا في غاية الحسن ولولا سبق الشافعي إلى ذلك لما كنا نستجيز مخالفة مالك في حصر المحرمات فيما ذكرته الآية.
وهذا قد يكون من الشافعي أجراه مجرى التأويل، ومن قال بمراعاة اللفظ دون سببه لا يمنع من التأويل). (ذكره السيوطي والزركشي في كتابي البرهان والإتقان )

●أمثلة لبعض ماصح من أسباب النزول
- قوله تعالى {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} عن أنس قال: (قال عمر رضي الله عنه: (وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث؛ قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} وقلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت آية الحجاب.
وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه، فدخلت عليهن فقلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله صلى الله عليه وسلم خيرا منكن؟ فأنزل الله:
{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن} .
-{إن الصفا والمروة من شعائر الله} عن عائشة رضي الله عنها: (أنها إنما نزلت في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا. بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله– تعالى -:{إن الصفا والمروة من شعائر الله} .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أنه سئل عن الصفا والمروة، فقال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله – تعالى -:{إن الصفا والمروة من شعائر الله}.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله – سبحانه-:
{علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم} .
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت:{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} في مواسم الحج .
(ذكره عبدالرحمن البلقيني من كتاب مواقع العلوم )
●أقسام ما صحّ من أسباب النزول
أسباب النزول التي صحت أسانيدها خمسة أقسام:
اﻷول : هو المقصود من الآية يتوقف فهم المراد من اﻵية على علمه بالسبب (مبهمات القرآن )
كقوله تعالى { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}ونحو {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} ومثل بعض الآيات التي فيها {ومن الناس}.
هذا القسم لابد من بحث المفسر فيه حتى يتبن له معنى اﻵية
الثاني :هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام وصور تلك الحوادث لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها.
مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان، ومثل حديث كعب بن عجرة الذي نزلت عنه آية {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام} فقد قال كعب بن عجرة: هي لي خاصة ولكم عامة، ومثل قول أم سلمة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: يغزو الرجال ولا نغزو، فنزل قوله تعالى {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} .
هذا القسم البحث عنه يزيد في فهم اﻵية ولا يخشى منه توهم تخصيص اﻵية ﻷن العلماء اتفقوا على أن أصل التشريع لايكون خاصا.
الثالث: هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها،فيذكرها المفسرون على وجه التمثيل .
كقول الله تعالى {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)) فأنزل الله تصديق ذلك {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} الآية فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن؟ فقالوا كذا وكذا، قال في أنزلت، لي بئر في أرض ابن عم لي الخ، فابن مسعود جعل الآية عامة لأنه جعلها تصديقا لحديث عام? والأشعث بن قيس ظنها خاصة به إذ قال: في أنزلت بصيغة الحصر.
ومثل الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة المفتتحة بقوله تعالى: {ومنهم- ومنهم} ولذلك قال ابن عباس: كنا نسمي سورة التوبة سورة الفاضحة. ومثل قوله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم} فلا حاجة لبيان أنها نزلت لما أظهر بعض اليهود مودة المؤمنين.
هذا القسم أكثر منه أهل القصص وبعض المفسرين على أنه فائدة في ذكره، ﻷن ذكره قد يوهم القاصرين قصر الآية على تلك الحادثة لعدم ظهور العموم من ألفاظ تلك اﻵيات .
الخامس :هو حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية ويدل لهذا النوع وجود اختلاف كثير بين الصحابة في كثير من أسباب النزول.
كما جاء في سورة النساء أن ابن عباس قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} بألف بعد لام السلام وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام} فالقصة لا بد أن تكون قد وقعت لأن ابن عباس رواها لكن الآية ليست نازلة فيها بخصوصها ولكن نزلت في أحكام الجهاد بدليل ما قبلها وما بعدها فإن قبلها: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} وبعدها {فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل}.
وفي تفسير تلك السورة من صحيح البخاري بعد أن ذكر نزاع الزبير والأنصاري في ماء شراج الحرة قال الزبير: فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}
- قال السيوطي في "الإتقان" عن الزركشي قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها.
-عن ابن تيمية قد تنازع العلماء في قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند أو يجري مجرى التفسير فالبخاري يدخله في المسند، وأكثر أهل المسانيد لا يدخلونه فيه، بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلونه في المسند.
الخامس :قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات .
-مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} فإذا ظن أحد أن من للشرط أشكل عليه كيف يكون الجور في الحكم كفرا، ثم إذا علم أن سبب النزول هم النصارى علم أن من موصولة وعلم أن الذين تركوا الحكم بالإنجيل لا يتعجب منهم أن يكفروا بمحمد.
وكذلك حديث عبد الله بن مسعود قال لما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم ظنوا أن الظلم هو المعصية. فقال رسول الله: ((إنه ليس بذلك؟ ألا تسمع لقول لقمان لابنه {إن الشرك لظلم عظيم})). ومن هذا القسم يبين وجه تناسب الآي بعضها مع بعض كما في قوله تعالى، في سورة النساء: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} فقد تخفى الملازمة بين الشرط وجزائه فيبينها ما في الصحيح، عن عائشة أن عروة بن الزبير سألها عنها فقالت: هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.
الحكمة من أسباب النزول
1_ أن يكون وعي الأمة لدينها سهلا عليها.
2-تواتر الدين
3-يكون لعلماء الأمة مزية الاستنباط، وإلا فإن الله قادر أن يجعل القرآن أضعاف هذا المنزل وأن يطيل عمر النبي صلى الله عليه وسلم للتشريع أكثر مما أطال عمر إبراهيم وموسى، ولذلك قال تعالى: {وأتممت عليكم نعمتي}.
حكم حمل كلمات القرآن على وجه لا دليل عليه .
لا يجوز حمل كلماته على خصوصيات جزئية لأن ذلك يبطل مراد الله، كذلك لا يجوز تعميم ما قصد منه الخصوص ولا إطلاق ما قصد منه التقييد؛ لأن ذلك قد يفضي إلى التخليط في المراد أو إلى إبطاله من أصله، وقد اغتر بعض الفرق بذلك.
قال ابن سيرين في الخوارج: إنهم عمدوا إلى آيات الوعيد النازلة في المشركين فوضعوها على المسلمين فجاءوا ببدعة القول بالتكفير بالذنب،وقد قال الحرورية لعلي رضي الله عنه يوم التحكيم: {إن الحكم إلا لله} فقال علي كلمة حق أريد بها باطل وفسرها في خطبة له في "نهج البلاغة".
(ابن عاشور من كتاب التحرير والتنوير)
●بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
-جرت العادة أن يذكر سبب النزول أولا .
الصحيح أن يتقدم وجه المناسبة لأنها المصححة لنظم الكلام وهي سابقة على النزول والتحقيق التفصيل بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول كالآية السابقة في {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر السبب؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد. (ذكره الزركشي في كتاب البرهان في علوم القرآن )
**عندي سؤال هل وجه المناسبة المقصودة هي بيان المعنى أم علم المناسبات .
●أنواع مسائل نزول القرآن
أقسام نزول القرآن
اﻷول: قسم نزل ابتداء كعقائد الإيمان وواجبات الإسلام وغير ذلك من التشريع.
الثاني :قسم نزل عقب واقعة أو سؤال.
فليس صحيح أن لكل آية سبب نزول .
(ذكره مقبل الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول والسيوطي في كتاب اﻹتقان في علوم القرآن )
أنواع أسباب النزول
سبب النزول يكون قاصرا على أمرين:
أحدهما: أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} .
الثاني: أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه كما في سبب نزول آية اللعان (ذكره مقبل الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول)
●أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف
أنواع أسباب النزول من حيث اﻷسانيد

القسم اﻷول : مشهور وهو قسمان
صحيح كقصة الإفك وآية السعي والتيمم والعرنيين وموافقات عمر.
ضعيف كآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}
قد اشتهر أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة، وأسانيد ذلك بعضها ضعيف، وبعضها منقطع
القسم الثاني غريب وهو قسمان
صحيح وضعيف
(ذكرها السيوطي في كتاب التحبير في علم التفسير)

● ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول
-السلف كانوا يحتزون أشد الحرز عن القول في نزول اﻵية عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن
فقال: (اتق الله وقلْ سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن).
بخلاف اليوم تذكر اﻷسباب الضعيفة والواهية والمكذوبة وتذكر بلا أسانيد فيأتي من بعدهم فيظنها صحيحة .
●القول في أسباب النزول موقوف على السماع
-لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ،ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها.
وقد قال محمد بن سيرين سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: اتق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن.
وقال غيره معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا وربما لم يجزم بعضهم فقال أحسب هذه الآية نزلت في كذا كما قال الزبير في قوله تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك}
وقال الحاكم: إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا فإنه حديث مسند.
ومشى على هذا ابن الصلاح وغيره ومثلوه بما أخرجه مسلم عن جابر قال: كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله {نساؤكم حرث لكم}
(ذكرها الواحدي في كتاب أسباب النزول ونقلها عنه السيوطي )
●هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع؟
ما كان عن صحابي: فهو مسند مرفوع، إذ قول الصحابي فيما لا مدخل فيه للاجتهاد بشرط صحة اﻹسناد .
أما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشمل على إضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو موقوف.
وماكان عن الصحابي بغير اسناد فهو منقطع
قال الحاكم في المستدرك: (تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند البخاري ومسلم حديث مسند)
وذكر الوادعي الصحيح المسند في أسباب النزول (العلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو عن الصحابي فإن إخبار الصحابي له حكم الرفع).
(خلاصة ماذكره النيسابوري والسيوطي والوادعي وابن الصلاح الشهرزوري والزركشي والبلقيني)
●حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول
المنقول عن التابعي بسنده فهو مرسل، وما كان بغير سند فلا يقبل.
ونبه السيوطي أنه ما تقدم أنه من قبيل المسند من الصحابي: إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل، فقد يقبل إذا صح السند إليه، وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير، أو اعتضد بمرسل آخر ونحو ذلك).
(ذكره البلقيني وذكر نفس المعنى السيوطي والوادعي)
●معنى قول السلف (نزلت اﻵية في كذا )
-إن صيغة سبب النزول إما أن تكون صريحة في السببية وإما أن تكون محتملة.
إذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال حدث كذا أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية.
فهاتان صيغتان صريحتان في السببية
وتكون الآية محتملة للسببية ولما تضمنته الآية من الأحكام إذا قال الراوي نزلت هذه الآية في كذا فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة أنه داخل في معنى الآية.
وكذا إذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب فهاتان صيغتان تحتملان السببية (ذكره الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول)
ذكر السيوطي قول ابن تيميه
فقال قولهم نزلت الآية في كذا يراد به تارة أنها سبب النزول ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب كما نقول عني بهذه الآية كذا.
وذكر الزركشي أن معنى قول الصحابة والتابعين نزلت اﻵية في كذا أن هذه اﻵية تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها .
●أحوال الاختلاف في سبب النزول
1- إذا ذكر سببان أو أكثر في اﻵية الواحدة ويمكن الجمع بينهم يجمع بينها
كأية اللعان ففي "الصحيح" عن سهل بن سعد الساعدي: (أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني) وفيه أيضاً: (أنها نزلت في قصة هلال بن أمية).
فيمكن أنها نزلت في حقهما أي بعد سؤال كل منهما فيجمع بهذا.
2-إذا ذكر سببان أحدهما عن طريق النقل واﻵخر مستنبط ولايمكن الجمع بينهم يقدم
النقل .
كما قال ابن عمر في قوله: {نساؤكم حرث لكم} أنها نزلت رخصة في وطء النساء في أدبارهن وصرح جابر بذكر سبب خلافه فاعتمد حديث جابر؛ لأنه نقل، وقول ابن عمر استنباط منه وقد وهمه فيه ابن عباس، وذكر مثل حديث جابر.
3-إذا ذكر سببان أحدهما إسناده صحيح واﻵخر من دونه يقدم ماكان سنده صحيحا
عن جندب: (اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله: {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}
وابن أبي شيبة عن حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها وكانت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن جروا دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخل تحت السرير فمات فمكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال:((يا خولة ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل لا يأتيني؟))فقلت: في نفسي لو هيأت البيت، وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته الرعدة فأنزل الله:{والضحى}إلى قوله:{فترضى}
قال ابن حجر في "شرح البخاري": قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، وفي إسناده من لا يعرف، فالمعتمد ما في الصحيح.
4-أن تذكر اﻷسباب ويكون اﻹسندان متساويان في الصحة فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات، مثاله :ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود: (قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال:(({قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}
وأخرج الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: (قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا: سألوه عن الروح قال: فسألوه، فأنزل الله:{ويسألونك عن الروح} فهذا يقتضي أنها نزلت بمكة والأول خلافه، وقد رجح بأن ما رواه البخاري أصح من غيره، وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة
5- تذكر أسباب نزول ولايمكن ترجيح بينهم
فيحمل على تعدد النزول وتكرره.
مثاله: ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: (لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: ((أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله)) فقال أبو جهل: وعبد الله يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال هو على ملة عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك))، فنزلت: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} .
وأخرج الترمذي وحسنه عن علي قال: (سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت).
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فقال: ((إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فأنزل علي:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}
فنجمع بين هذه الأحاديث بتعدد النزول. (خلاصة ماذكره البلقيني والسيوطي)
أهمية جمع الطرق وفحص المرويات
معرفة وصل الحديث وإرساله وصحته وإعلاله فرب حديث ظاهر سنده الصحة في كتاب ويكون في كتاب آخر معلولا وقد قال ابن الصلاح في علوم الحديث وروى عن علي بن المديني قال: (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه)
مثال على ذلك
قال الحاكم رحمه الله عن عائشة قالت: لما جاء أهل مكة في فداء أساراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رقَّ لها رِقَّة شديدة وقال: ((إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا))
قالوا: نعم يا رسول الله، وردّوا عليها الذي لها.
قال: وقال العباس: يا رسول الله إني كنت مسلما؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول؛ فالله يجزيك فافدِ نفسَك وبني أخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن عمرو بن جحدم أخا بني الحارث بن فهر)).
فقال: ما ذاك عندي يا رسول الله.
قال: (( فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلتَ لها إن أصبتُ فهذا المال لبني الفضل وعبد الله وقثم )).
فقال: والله يا رسول الله إني أشهد أنك رسول الله إن هذا الشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أفعل)).
ففدى العباس نفسه وبني أخويه وحليفه وأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فأعطاني مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل). هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع.
ثم بعد الاطلاع على سنن البيهقي ظهر أن قصة العباس مدرجة على هذا السند.
قال البيهقي رحمه الله: كذا فيما حدثنا به شيخنا أبو عبد الله في كتاب المستدرك، ثم ذكره الحافظ البيهقي على الصواب مبينا أن قصة العباس لها سند آخر، وأنها مرسلة.
وقال الحافظ في الفتح بعد ذكره هذه القصة: (وفي طريق عطاء محمد بن إسحاق، وليست هذه القصة عنده مسندة بل معضلة وصنيع إسحاق يعني ابن راهوية وتبعه الطبراني وابن مردويه يقتضي أنها موصولة والعلم عند الله.
وقال في المطالب العالية (وأظن ذلك مدرجا في الخبر من كلام ابن إسحاق وحديث عباس على هذا معضل وأما على ظاهر السياق أولا فهو مسند وعلى ذلك عمل إسحاق)
ذكره الوادعي
● هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟
اختلف علماء الأصول منهم من يرى :
1-العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب
فقد جاءت آيات في مواضع اتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية ونزول حد القذف في رماة عائشة رضي الله عنها ثم تعدى إلى غيرهم وهو اﻷصح
الدليل على ذلك
-أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟
ومعنى هذا هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها؟
فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال: ((بل لأمتي كلهم)).
-ومن الأدلة على اعتبار عموم اللفظ احتجاج الصحابة وغيرهم في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة شائعا ذائعا بينهم.
قال ابن جرير: قال سعيد: إن في بعض كتب الله إن لله عبادا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر لبسوا لباس مسوك الضأن من اللين يجترون الدنيا بالدين، فقال محمد بن كعب هذا في كتاب الله:
{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد.
ورد عن ابن عباس ما يدل على اعتبار العموم، فإنه قال به في آية السرقة مع أنها نزلت في امرأة سرقت، قال ابن أبي حاتم: عن نجدة الحنفي قال: سألت ابن عباس عن قوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} أخاص أم عام؟ قال: (بل عام).
و صورة السبب فجمهور أهل الأصول أنها قطعية الدخول في العام فلا يجوز إخراجها منه بمخصص وهو التحقيق وروي عن مالك أنها ظنية الدخول كغيرها من أفراد العام .
2 -منهم من يرى خصوص السبب ولم يعتبر عموم اللفظ قال: خرجت هذه الآيات ونحوها لدليل آخر كما قصرت آيات على أسبابها اتفاقا لدليل قام على ذلك.
قال الزمخشري في سورة الهمزة: يجوز أن يكون السبب خاصا والوعيد عاما، ليتناول كل من باشر ذلك القبيح، وليكون ذلك جاريا مجرى التعريض.
(خلاصة ماذكره السيوطي والزركشي والوادعي)
●تقدم نزول الآية على الحكم
-قد يكون النزول سابقا على الحكم
كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} فإنه يستدل بها على زكاة الفطر.
قال ابن عمر: (أنها نزلت في زكاة رمضان) ثم أسند مرفوعا نحوه.
وقال بعضهم: لا أدري ما وجه هذا التأويل؛ لأن هذه السورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة.
وأجاب البغوي في تفسيره: أنه يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم كما قال: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} الآية [البلد: 1-2] فالسورة مكية، وظهور أثر الحل يوم فتح مكة حتى: قال عليه السلام: ((أحلت لي ساعة من نهار)).
وكذلك نزل بمكة {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} قال عمر بن الخطاب: (كنت لا أدري: أي الجمع يهزم فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:({سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (ذكره الزركشي في البرهان في علوم القرآن)
نزول آيات متفرقة لسبب واحد
قد ينزل في الواقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى.
مثاله: ما أخرجه الترمذي والحاكم عن أم سلمة أنها قالت: (يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله:{فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع} إلى آخر الآية
وأخرج الحاكم عنها أيضا، قالت: (قلت يا رسول الله تذكر الرجال ولا تذكر النساء، فأنزلت:{إن المسلمين والمسلمات}أنزلت:{أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى}
وأخرج أيضا عنها، أنها قالت: (يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله:{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}وأنزل:{إن المسلمين والمسلمات} (ذكره السيوطي )
كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنه)) فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}. ونزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (ذكره الوادعي)
●تعدد الأسباب والنازل واحد
قد تتعدد الأسباب والنازل واحد كما في آية اللعان . ( ذكره الوادعي الصحيح المسند في أسباب النزول)

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
موضوع, فهرسة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir