دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 02:02 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي سورة الملك (الآيات: 23-30)

قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 02:55 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي

(23 -26) {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ * قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ *}.
يقولُ تعالى مُبَيِّناً أنَّه المعبودُ وَحْدَه، وداعياً عِبادَه إلى شُكْرِه وإفرادِه بالعبادةِ: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ}؛ أي: أَوْجَدَكُم مِن العَدَمِ، ومِن غيرِ مُعاوِنٍ له ولا مُظاهِرٍ، ولَمَّا أَنْشَأَكُمْ كَمُلَ لكُمُ الوُجودُ بالسَّمْعِ والأبصارِ والأفئدةِ التي هي أنْفَعُ أعضاءِ البَدَنِ، وأَكْمَلُ القُوَى الْجُسمانيَّةِ، ولكنَّه معَ هذا الإنعامِ {قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} اللَّهَ؛ قليلٌ منكم الشاكرُ، وقليلٌ منكم الشكْرُ.
{قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ}؛ أي: بَثَّكُمْ في أَقطارِها، وأَسْكَنَكُم في أَرجائِها، وأَمَرَكم ونَهَاكُم وأَسْدَى عليكم مِن النِّعَمِ، ما به تَنْتَفِعُونَ.
ثم بعدَ ذلك يَحْشُرُكم ليومِ القِيامةِ، ولكنَّ هذا الوعْدَ بالجزاءِ يُنْكِرُه هؤلاءِ الْمُعَانِدُونَ، {وَيَقُولُونَ} تَكذيباً: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}؟ جَعَلُوا علامَةَ صِدْقِهم أنْ يُخْبِرُوا بوقتِ مَجيئِه، وهذا ظلْمٌ وعِنادٌ، فإِنَّما العلْمُ عندَ اللَّهِ, لا عندَ أحَدٍ مِن الخلْقِ، ولا مُلازَمَةَ بينَ صِدْقِ هذا الخبَرِ وبينَ الإخبارِ بوقتِه؛ فإنَّ الصدْقَ يُعْرَفُ بأَدِلَّتِه.
وقدْ أقامَ اللَّهُ مِن الأَدِلَّةِ والبَراهينِ على صِحَّتِه ما لا يَبْقَى معَه أَدْنَى شَكٍّ لِمَن أَلْقَى السمْعَ وهو شَهيدٌ.
(27 -30) {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ}.
يَعنِي أنَّ مَحَلَّ تكذيبِ الكُفَّارِ وغُرورِهم به حينَ كانوا في الدنيا، فإذا كانَ يومُ الجزاءِ ورَأَوُا العذابَ منهم {زُلْفَةً}؛ أي: قريباً، ساءَهُم ذلك وأَفْظَعَهم، وقَلْقَلَ أفْئِدَتَهم.
فتَغَيَّرَتْ لذلك وُجوهُهم، ووُبِّخُوا على تَكذيبِهم، وقيلَ لهم: هذا الذي كُنْتُم به تُكَذِّبونَ، فاليومَ رَأَيْتُمُوهُ عِياناً، وانْجَلَى لكم الأمْرُ، وتَقطَّعَتْ بكم الأسبابُ، ولم يَبْقَ إلاَّ مُباشَرَةُ العذابِ.
ولَمَّا كانَ الْمُكَذِّبُونَ للرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ الذينَ يَرُدُّونَ دَعوتَه، يَنْتَظِرونَ هَلاكَه، ويَتَرَبَّصونَ به رَيْبَ الْمَنونِ ـ أمَرَه اللَّهُ أنْ يَقولَ لهم: أنتم وإنْ حَصَلَتْ لكم أَمَانِيُّكُم وأَهْلَكَنِيَ اللَّهُ ومَن مَعِيَ، فليسَ ذلك بنَافِعٍ لكم شَيئاً؛ لأنَّكم كَفَرْتُمْ بآياتِ اللَّهِ، واستَحْقَّيْتُمُ العذابَ، فمَن يُجِيرُكم مِن عذابٍ أليمٍ قد تَحَتَّمَ وُقُوعُه بكم؟
فإذنْ تَعَبُكم وحِرْصُكم على هَلاكِي غيرُ مُفيدٍ، ولا مُجْدٍ عنكم شَيئاً.
ومِن قولِهم: إِنَّهم على هُدًى، والرسولَ على ضَلالٍ، أعَادُوا في ذلك وأَبْدَوْا، وجادَلُوا عليه وقَاتَلُوا، فأمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أنْ يُخْبِرَ عن حالِه وحالِ أَتباعِه، ما به يَتَبَيَّنُ لكلِّ أحَدٍ هُدَاهم وتَقْوَاهُم، وهو أنْ يَقولوا: {آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا}.
والإيمانُ يَشمَلُ التصديقَ الباطِنَ، والأعمالَ الباطنةَ والظاهِرَةَ، ولَمَّا كانَتِ الأعمالُ - وُجُودُها وكَمَالُها - مُتَوَقِّفَةً على التوكُّلِ، خَصَّ اللَّهُ التوَكُّلَ مِن بينِ سائرِ الأعمالِ، وإلاَّ فهو داخلٌ في الإيمانِ، ومِن جُملةِ لَوازمِه كما قالَ تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
فإذا كانَتْ هذه حالَ الرسولِ وحالَ مَنِ اتَّبَعَه، وهي الحالُ التي تَتَعَيَّنُ للفلاحِ، وتَتوقَّفُ عليها السعادةُ، وحالةُ أعدائِه بضِدِّها، فلا إيمانَ لهم ولا تَوَكُّلَ ـ عُلِمَ بذلك مَن هو على هُدًى، ومَن هو في ضَلالٍ مُبينٍ.
ثم أَخْبَرَ عن انفرادِه بالنِّعَمِ، خُصوصاً بالماءِ الذي جَعَلَ اللَّهُ منه كلَّ شيءٍ حَيٍّ، فقالَ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً}؛ أي: غائِراً، {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ}. تَشْرَبُونَ منه، وَتَسْقُونَ أنعامَكم وأشجارَكم وزُروعَكم.
وهذا استفهامٌ بمعنَى النفْيِ؛ أي: لا يَقْدِرُ أحَدٌ على ذلك غيرُ اللَّهِ تعالى.
تَمَّتْ وللهِ الحمْدُ.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 10:05 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر

23-{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ} أمَرَ سُبحانَه رَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُخْبِرَهم بأنَّ اللهَ هو الذي أَنْشَأَهم النشأةَ الأُولَى، وَجَعَلَ لهم {السَّمْعَ} ليَسمَعُوا به،
{وَالْأَبْصَارَ} ليُبْصِروا بها.
{وَالْأَفْئِدَةَ} وهي القلوبُ التي يَتفكَّرُونَ بها في مَخلوقاتِ اللهِ.
{قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} يعني أنكم لا تَشكرونَ ربَّ هذه النِّعَمِ بتَوحيدِه إلاَّ شُكراً قَليلاً.
24- {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} خَلَقَهم في الأرْضِ ونَشَرَهم فيها وفَرَّقَهم على ظَهْرِها.
25- {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} الذي تَذْكُرُونَه لنا مِن الْحَشْرِ والقيامةِ والنارِ والعذابِ، {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} في ذلكَ فَأَخْبِرُونا به، أو فبَيِّنُوهُ لنا، أو فَأْتُونَا به.
26-{قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللهِ} أيْ: إنَّ وقتَ قيامِ الساعةِ علْمُه عندَ اللهِ لا يَعلمُه غيرُه، {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ} أُنْذِرُكم وأُخَوِّفُكم عاقبةَ كُفْرِكم، وأُبَيِّنُ لكم ما أَمَرَنِي اللهُ ببَيانِه، ولم يَأْمُرْنِي أنْ أُخْبِرَكم بوقْتِ قيامِ الساعةِ.
27-{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} رَأَوُا العذابَ قَريباً.
{سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: اسْوَدَّتْ، وعَلَتْها الكآبةُ، وغَشِيَتْها الذِّلَّةُ.
{وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} أيْ: الذي كُنتمْ في الدنيا تَطْلُبُونَه وتَستعجلونَ به استهزاءً.
28-{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ} بِمَوتٍ أو قَتْلٍ، كما تَتَمَنُّونَ لِي ذلك وتَتَرَبَّصونَ بِيَ الْمَصائبَ والهلاكَ.
{وَمَن مَّعِيَ} مِن المؤمنينَ.
{أَوْ رَحِمَنَا} بتَأخيرِ ذلك إلى أَجَلٍ، فلو فُرِضَ أنه وَقَعَ بنا ذلك.
{فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِن عَذَابٍ أَلِيمٍ} أيْ: لا يُنْجِيهِم مِن ذلك أحَدٌ، سواءٌ أَهْلَكَ اللهُ رَسولَه والمؤمنينَ معه كما كان الكفارُ يَتَمَنَّوْنَه أو أَمْهَلَهم.
29-{قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ} وحْدَه لا نُشرِكُ به شيئاً.
{وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} لا على غيرِه، والتوكُّل تَفويضُ الأمورِ إليه عَزَّ وجلَّ.
{فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} مِنا ومِنكم.
30-{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ} أي: أَخْبِرُونِي إنْ صارَ مَاؤُكم الذي مَنَّ اللهُ عليكم به في العُيونِ والآبارِ والأنهارِ غَائراً في الأرضِ، بحيث لا يَبقى له وُجودٌ فيها أَصْلاً، أو صارَ ذاهباً في الأرضِ إلى مكانٍ بَعيدٍ بحيث لا تَنالُه الدِّلاءُ.

{فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ} أيْ: بماءٍ كثيرٍ جارٍ لا يَنقَطِعُ؟
أيْ: لا يَأتيكم به أحَدٌ إلاَّ اللهُ تعالى، بالأمطارِ والأنهارِ حتى أنتم بها تَنْعَمُونَ.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 10:07 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

قولُه تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} أيْ: قَلَّ شُكْرُكم لهذه النِّعَمِ.
قولُه تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ} أيْ: خلَقَكم في الأرْضِ {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أيْ: في الآخِرَةِ.
قولُه تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أي: القيامةُ.
قولُه تعالى: {قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ} أيْ: علْمُ الساعةِ عندَ اللهِ.
وقولُه: {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} أيْ: منذِرٌ بَيِّنُ النَّذَارَةِ.
قولُه: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} قالَ الْمُبَرِّدُ وثَعلَبٌ: أيْ رَأَوا العذابَ حاضِراً، وقيلَ: قَريباً.
وقولُه: {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أيْ: تَبَيَّنَ السوءُ والكآبةُ في وُجوهِهم. ويُقالُ: اسْوَدَّتْ وُجوهُهم.
قولُه تعالى: {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} وقُرِئَ في الشاذِّ: (تَدْعُونَ) بغيرِ تشديدٍ، وعن بعضِهم: أنَّ تَدَّعونَ وتَدْعُونَ بمعنًى واحدٍ، فقولُه: {تَدَّعُونَ} أيْ: تَدْعُونَ اللهَ به، وقولُه: (تَدْعُونَ) أيْ: تَتَدَاعَونَ به، وهو مِثلُ قولِه: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ}، وقالَ تعالى في آيةٍ أُخرى: {قَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} أيْ: نَصيبَنَا مِن العذابِ. قالَ ابنُ قُتيبةَ: تَدَّعُونَ افتعالٌ مِن الدعاءِ. وعن بعضِهم: تَدَّعُونَ أيْ: تَكذِبونَ، ويُقالُ: تَستعجِلُونَ وتَمْتَرونَ وتَختلِفونَ.
وقيلَ: تَدَّعُونَ تَمَنَّوْنَ، تقولُ العربُ لغيرِه: ادْعُ ما شئتَ. أيْ: تَمَنَّ، وهذا القولُ يَقْرُبُ مِن القوْلِ الأوَّلِ.
قولُه تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا} قالَ أهْلُ التفسيرِ: كانَ الكُفَّارُ يَقولونَ: إنَّ محمَّداً وأصحابَه أكَلَةُ رَأْسٍ، يَهْلِكونَ عن قَريبٍ، وكلٌّ يَرْجُونَ الأباطيلَ في حقِّ الرسولِ وأصحابِه، فقالَ اللهُ تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا} يَعنِي: إنْ نَجَوْنَا أو هَلَكْنَا، {فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} أيْ: فمَن يُجِيرُكم مِن عذابِ اللهِ تعالى وقد كَفرتُمْ به.
قولُه تعالى: {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} أيْ: خَطأٍ بَيِّنٍ، وتَبَاعُدٍ مِن الحقِّ وضلالٍ عنه.
قولُه تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً} أيْ: غَائِراً، ومعناه: ذاهباً، قالَ قَتادةُ: ويُقالُ: لا تَنالُه الدِّلاَءُ، قالَه سعيدُ بنُ جُبيرٍ، وقيلَ: إنَّ الآيةَ نَزلتْ في بئرِ زَمزمَ وبئرِ مَيمونٍ، وهما بمكةَ.
وقولُه: {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} قالَ ثعْلَبٌ: أيْ ظاهِرٍ. وهو مَنقولٌ عن الحسَنِ وقَتادةَ ومُجاهِدٍ وغيرِهم، ويُقالُ: بماءٍ عذْبٍ ويُقالُ: بماءٍ جارٍ، يَعنِي أنَّ اللهَ هو القادِرُ أنْ يَأْتِيَ به، ولا تَصِلُونَ إليه بأَنْفُسِكُم.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 08:12 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قل هو الّذي أنشأكم} أي: ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئًا مذكورًا، {وجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة} أي: العقول والإدراك، {قليلا ما تشكرون} أي: ما أقلّ تستعملون هذه القوى الّتي أنعم اللّه بها عليكم، في طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره.
{قل هو الّذي ذرأكم في الأرض} أي: بثّكم ونشركم في أقطار الأرض وأرجائها، مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم وألوانكم، وحلاكم وأشكالكم وصوركم، {وإليه تحشرون} أي: تجمعون بعد هذا التّفرّق والشّتات، يجمعكم كما فرّقكم ويعيدكم كما بدأكم.
ثمّ قال مخبرًا عن الكفّار المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} أي: متى [يقع] هذا الّذي تخبرنا بكونه من الاجتماع بعد هذا التّفرّق؟ {قل إنّما العلم عند اللّه} أي: لا يعلم وقت ذلك على التّعيين إلّا اللّه، عزّ وجلّ، لكنّه أمرني أن أخبركم أنّ هذا كائنٌ وواقعٌ لا محالة فاحذروه، {وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ} وإنّما عليّ البلاغ، وقد أدّيته إليكم.
قال اللّه تعالى: {فلمّا رأوه زلفةً سيئت وجوه الّذين كفروا} أي: لمّا قامت القيامة وشاهدها الكفّار، ورأوا أنّ الأمر كان قريبًا؛ لأنّ كلّ ما هو آتٍ آتٍ وإن طال زمنه، فلمّا وقع ما كذّبوا به ساءهم ذلك، لما يعلمون ما لهم هناك من الشّرّ، أي: فأحاط بهم ذلك، وجاءهم من أمر اللّه ما لم يكن لهم في بالٍ ولا حسابٍ، {وبدا لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيّئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} [الزّمر: 47، 48]؛ ولهذا يقال لهم على وجه التّقريع والتّوبيخ: {هذا الّذي كنتم به تدّعون} أي: تستعجلون.
يقول تعالى: {قل} يا محمّد لهؤلاء المشركين باللّه الجاحدين لنعمه: {أرأيتم إن أهلكني اللّه ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذابٍ أليمٍ} أي: خلّصوا أنفسكم، فإنّه لا منقذ لكم من اللّه إلّا التّوبة والإنابة، والرّجوع إلى دينه، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنّون لنا من العذاب والنّكال، فسواءٌ عذّبنا اللّه أو رحمنا، فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم.
ثمّ قال: {قل هو الرّحمن آمنّا به وعليه توكّلنا} أي: آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم، وعليه توكّلنا في جميع أمورنا، كما قال: {فاعبده وتوكّل عليه} [هودٍ: 123]. ولهذا قال: {فستعلمون من هو في ضلالٍ مبينٍ}؟ أي: منّا ومنكم، ولمن تكون العاقبة في الدّنيا والآخرة؟.
ثمّ قال: {قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورًا} أي: ذاهبًا في الأرض إلى أسفل، فلا ينال بالفئوس الحداد، ولا السّواعد الشّداد، والغائر: عكس النّابع؛ ولهذا قال: {فمن يأتيكم بماءٍ معينٍ} أي: نابعٍ سائحٍ جارٍ على وجه الأرض، لا يقدر على ذلك إلّا اللّه، عزّ وجلّ، فمن فضله وكرمه [أن] أنبع لكم المياه وأجراها في سائر أقطار الأرض، بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلّة والكثرة، فللّه الحمد والمنّة.
[آخر تفسير سورة "تبارك" ولله الحمد] ). [تفسير القرآن العظيم: 8/182-183]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الملك, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir