دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > باب الوصايا

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 02:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الوصايا (2/5) [استحباب الوصية وأن تكون بالثلث من المال فأقل]


وعنْ سعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ: يا رسولَ اللَّهِ،أنا ذُو مالٍ ولا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ لي وَاحدةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بثُلُثَيْ مَالِي؟ قالَ: ((لَا))، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قالَ: ((لَا))، قُلْتُ: أفَأَتَصَدَّقُ بثُلُثِهِ؟ قالَ: ((الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ؛ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.

  #2  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 08:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


2/907- وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذُو مَالٍ، وَلا يَرِثُنِي إلاَّ ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: ((لا))، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قَالَ: ((لا))، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ؟ قَالَ: ((الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذُو مَالٍ)، وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ: كَثِيرٍ.
(وَلا يَرِثُنِي إلاَّ ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِ مَالِي؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ إنْ): يُرْوَى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، فَالْفَتْحُ عَلَى تَقْدِيرِ لامِ التَّعْلِيلِ، وَالْكَسْرُ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ، وَجَوَابُهُ: خَيْرٌ، عَلَى تَقْدِيرِ: فَهُوَ خَيْرٌ، (تَذَرْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً): جَمْعُ عَائِلٍ، هُوَ الْفَقِيرُ، (يَتَكَفَّفُونَ): يَسْأَلُونَ، (النَّاسَ) بِأَكُفِّهِمْ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
اخْتُلِفَ مَتَى وَقَعَ هَذَا الْحُكْمُ؛ فَقِيلَ: فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمَكَّةَ؛ فَإِنَّهُ مَرِضَ سَعْدٌ، فَعَادَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ. وَقِيلَ: فِي فَتْحِ مَكَّةَ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَن ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَاتَّفَقَ الْحُفَّاظُ أَنَّهُ وَهْمٌ، وَأَنَّ الأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ. وَقِيلَ: وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْمَرَّتَيْنِ مَعاً.
وَأُخِذَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: " كَثِيرٍ" أَنَّهُ لا يُوصَى مِنْ مَالٍ قَلِيلٍ، رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ.
وَقَوْلُهُ: " لا يَرِثُنِي إلاَّ ابْنَةٌ لِي "؛ أيْ: لا يَرِثُنِي مِن الأَوْلادِ، وَإِلاَّ فَإِنَّ سَعْداً كَانَ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَهُمْ عَصَبَتُهُ، وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ الذُّكُورُ، وَإِلاَّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ وُلِدَ لِسَعْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ بَنِينَ، وَقِيلَ: أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ، وَمِن الْبَنَاتِ اثْنَتَا عَشْرَةَ بِنْتاً. وَقَوْلُهُ: (أَفَأَتَصَدَّقُ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي تَنْجِيزِ ذَلِكَ فِي الْحَالِ، أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بَعْدَ الْمَوْتِ، إلاَّ أَنَّهُ فِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: أُوصِي، وَهِيَ نَصٌّ فِي الثَّانِي، فَيُحْمَلُ الأَوَّلُ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: (بِشَطْرِ مَالِي) أَرَادَ بِهِ النِّصْفَ، وَقَوْلُهُ: ((وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ)) يُرْوَى بِالْمُثَلَّثَةِ، وَبِالْمُوَحَّدَةِ عَلَى أَنَّهُ شَكٌّ مِن الرَّاوِي، وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَمِثْلُهُ وَقَعَ فِي النَّسَائِيِّ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ بِالْمُثَلَّثَةِ، وَوَصْفُ الثُّلُثِ بِالْكَثْرَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا دُونَهُ، وَفِي فَائِدَةِ وَصْفِهِ بِذَلِكَ احْتِمَالانِ:
الأَوَّلُ: بيانُ الجوازِ بالثُّلُثِ، وأنَّ الأَوْلَى أنْ يَنْقُصَ عنهُ ولا يَزِيدَ عليهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، وَفَهِمَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِن الثُّلُثِ إلَى الرُّبْعِ فِي الْوَصِيَّةِ.
وَالثَّانِي: بَيَانُ أَنَّ التَّصَدُّقَ بِالثُّلُثِ هُوَ الأَكْمَلُ؛ أيْ: كَثِيرٌ أَجْرُهُ، وَيَكُونُ مِن الْوَصْفِ بِحَالِ الْمُتَعَلِّقِ.
وَفِي الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِن الثُّلُثِ لِمَنْ لَهُ وَارِثٌ، وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ الإِجْمَاعُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا: هَلْ يُسْتَحَبُّ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ؟ فَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ مَا دُونَ الثُّلُثِ؛ لِقَوْلِهِ: ((وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ)).
قَالَ قَتَادَةُ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ بِالْخُمُسِ، وَأَوْصَى عُمَرُ بِالرُّبْعِ، وَالْخُمْسُ أَحَبُّ إلَيَّ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ الثُّلُثُ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لَكُمْ فِي الْوَصِيَّةِ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ))، وَسَيَأْتِي قَرِيباً أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِيمَنْ لَهُ وَارِثٌ، فَأَمَّا مَنْ لا وَارِثَ لَهُ فَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّهُ مِثْلُ مَنْ لَهُ وَارِثٌ، لا تُسْتَحَبُّ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ، وَأَجَازَت الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ لَهُ الْوَصِيَّةَ بِالْمَالِ كُلِّهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَلَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّةَ صَحَّتْ بِأَكْثَرَ مِن الثُّلُثِ نُفِّذَتْ لإِسْقَاطِهِمْ حَقَّهُمْ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ.
وَخَالَفَت الظَّاهِرِيَّةُ وَالْمُزَنِيُّ، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: ((إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ))، وَأَنَّهُ حَسَنٌ يُعْمَلُ بِهِ.
نَعَمْ، فَلَوْ رَجَعَ الْوَرَثَةُ عَن الإِجَازَةِ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى أَنَّهُ لا رُجُوعَ لَهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، وَلا بَعْدَ وَفَاتِهِ. وَقِيلَ: إنْ رَجَعُوا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلا يَصِحُّ؛ لأَنَّ الْحَقَّ قَد انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ، بِخِلافِ حَالِ الْحَيَاةِ؛ فَإِنَّهُ يَتَجَدَّدُ لَهُم الْحَقُّ.
وَسَبَبُ الْخِلافِ الاخْتِلافُ فِي الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّكَ إِنْ تَذَرْ...)) إلَى آخِرِهِ، هَلْ يُفْهَمُ مِنْهُ عِلَّةُ الْمَنْعِ مِن الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِن الثُّلُثِ، وَأَنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ رِعَايَةُ حَقِّ الْوَارِثِ، وَأَنَّهُ إذَا انْتَفَى ذَلِكَ الْحُكْمُ بِالْمَنْعِ، أَوْ أَنَّ الْعِلَّةَ لا تُعَدِّي الْحُكْمَ، أَوْ يُجْعَلُ الْمُسْلِمُونَ بِمَنْزِلَةِ الْوارثِ، كَمَا هُوَ قولُ المُؤَيَّدِ وأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.
وَالأَظْهَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ مُتَعَدِّيَةٌ، وَأَنَّهُ يَنْتَفِي الْحُكْمُ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ.

  #3  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 08:15 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


831- وعن سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ ـ قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: ((لاَ)). قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بشَطْرِهِ؟ قالَ: ((لاَ)). قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ؟ قَالَ: ((الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* مُفْرداتُ الحَديثِ:
- الشَّطْرُ: بفتحِ الشِّينِ، وسُكونِ الطاءِ المُهْمَلَةِ، آخِرَه رَاءٌ، الشَّطْرُ لَهُ عِدَّةُ مَعَانٍ، والمُرادُ بهِ النِّصْفُ.
- الثُّلُثُ والثُّلُثُ: الأَوَّلُ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ علَى أَنَّه مُبْتَدَأٌ، والتقديرُ: الثُّلُثُ يَكْفِيكَ، أو على أنَّه فَاعِلُ يَكْفِيكَ، ويَجُوزُ فِيهِ النَّصْبُ علَى الإِغْرَاءِ، أو على تَقْدِيرِ: أَعْطِ الثُّلُثَ، وأمَّا الثُّلُثُ الثاني فهو مُبْتَدَأٌ، وخَبَرُه كَثِيرٌ.
- كَثِيرٌ: أَكْثَرُ الرواياتِ بالثاءِ المُثَلَّثَةِ، وهو المَحفوظُ، وفي روايةٍ للبخاريِّ: كَثِيرٌ أو كَبِيرٌ، قالَ: إنَّه شَكٌّ مِن الراوِي.
- إِنَّكَ: "إِنَّ" مُشَدَّدَةً من نَواصِبِ الاسْمِ، والكَافُ اسْمُها.
- أنْ تَذَرَ: بفَتْحِ الهَمْزَةِ و"أَنْ" وَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مَحَلُّه الرَّفْعُ, مُبْتَدَأٌ، أي: تَرْكُكَ أَوْلادَكَ أَغْنياءَ، وخَبَرُه خَيْرٌ، والجُمْلَةُ بأسْرِها خَبَرُ "إِنَّ"، ورُوِيَ بكَسْرِ الهَمْزةِ على أنها شَرْطِيَّةٌ جَوَابُها مَحذوفٌ، وتقديرُه: إنْ تَرَكْتَ وَرَثَتَكَ أَغْنِياءَ فَهُوَ خَيْرٌ.
- قالَ النَّووِيُّ: الروايتانِ صَحِيحَتانِ، وأَيَّدَ هذا الإعرابَ الإِمَامُ النَّحْوِيُّ ابنُ مَالِكٍ، وهو شَيْخُ الإمامِ النَّوَوِيِّ.
- تَذَرَ: قَالَ في (المِصْباحِ) وغَيْرِه: هذا فِعْلٌ أَمَاتَتِ العَرَبُ مَاضِيَهُ ومَصْدَرَهُ، فإِذَا أُرِيدَ المَاضِي قِيلَ: تَرَكَ، فيَكُونُ تَأْوِيلُ مَصْدَرِه هُنَا معَ"أَنْ": تَرْكُكَ ورَثَتَكَ.
- عَالَةً: بفَتْحِ العَيْنِ، جَمْعُ عَائِلٍ: فُقَرَاءَ, مِن عَالَ يَعِيلُ إِذَا افْتَقَرَ، والعَيْلَةُ الفَقْرُ، قالَ تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 28].
- يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ: مَأْخُوذٌ مِن الكَفِّ، وهي اليَدُ، أي: يَسْأَلُونَ النَّاسَ بأَكُفِّهِم، أو يَسْأَلُونَ مَا فِي أَكُفِّ النَّاسِ.
* ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1- مَرِضَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ بمَكَّةَ عَامَ حِجَّةِ الوَداعِ، فعَادَه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ، فذَكَرَ له سَعْدٌ بأنه صَاحِبُ مَالٍ كَثِيرٍ، وليسَ له مِن الوَرَثَةِ إلاَّ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ، فهَلْ يَتَصَدَّقُ بمالِه كُلِّه؟ كما في روايةِ أحْمَدَ والنَّسائِيِّ، فقالَ له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: ((لا)). فقالَ: بالثُّلُثَيْنِ؟ فقالَ: ((لا)). فقالَ: بالنِّصْفِ؟ فقالَ: ((لا)). قالَ: بالثُّلُثِ؟ فقالَ: ((الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثِيرٌ)).
ثُمَّ بَيَّنَ له أنَّ تَرْكَه وَرَثَتَه أغنياءَ, لهم ما يَكْفِيهِم ويُغْنِيهِم عن الناسِ، خَيْرٌ مِن أنْ يَدَعَهم فُقَرَاءَ، يَسْأَلُونَ النَّاسَ، ويَعِيشُونَ علَى إِحْسانِهِم إليهم.
2- سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ مِن السابقِينَ إلى الإسلامِ، ومن المُهاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، شَهِدَ المَشاهِدَ كُلَّها معَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ، ومنها بَدْرٌ، وكانَ لَهُ بَلاءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ أُحُدٍ، حتى قالَ له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: ((فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي)). وهو مِن العَشَرَةِ المُبَشَّرِينَ بالجَنَّةِ، ومِن السِّتَّةِ أصحابِ الشُّورَى، وهو قَائِدُ جُيوشِ المُسلمِينَ التي هَزَمَتِ الفُرْسَ، وفَتَحَتِ القَادِسِيَّةَ والمَدَائِنَ وغَيْرَها، وهو مِمَّن اعْتَزَلَ فِتْنَةَ الصحابَةِ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ ـ وعاشَ إلى عَامِ 54 من الهِجْرَةِ، ولمْ يَمُتْ حَتَّى صَارَ له مِن الأبناءِ خَمْسَةٌ، والسَّادِسَةُ بِنْتٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ ورَضِيَ عنه.
3- اسْتِحْبَابُ عِيادَةِ المريضِ، وتَتَأَكَّدُ فيمَن له حَقٌّ مِن قَرِيبٍ، وصَدِيقٍ، وجَارٍ، ونحوِهم.
4- جَوازُ إخبارِ المَريضِ بمَرضِه، وبيانِ شِدَّتِه، إذا لم يَقْصِدِ التَّشَكِّيَ والتَّسَخُّطَ، ويَنْبَغِي ذِكْرُه للفَائِدَةِ؛ كطَبِيبٍ يُعِينُه على تَشْخِيصِ مَرَضِه، أو مُسْعِفٍ يَتَسَبَّبُ له في العِلاجِ.
5- اسْتِشَارَةُ العُلماءِ، واسْتِفْتَاؤُهُمْ في أُمُورِه.
6- إباحةُ جَمْعِ المَالِ إذا كانَ مِن طُرُقِه المُباحَةِ.
7- اسْتِحْبَابُ الوَصِيَّةِ، وأنْ تَكُونَ بالثُّلُثِ مِن المالِ فأقَلَّ، ولو مِمَّن هو صَاحِبُ مَالٍ كَثِيرٍ.
8- الأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بأقَلَّ مِن الثُّلثِ، وذلك لحقِّ الوَرَثَةِ.
9- أنَّ إبقاءَ المَالِ للوَرَثَةِ معَ حَاجَتِهم إليه، أَفْضَلُ مِن التصَدُّقِ به على البَعِيدِينَ؛ لكونِ الوَارِثِ أَوْلَى ببِرِّهِ مِن غَيْرِه.
10- أنَّ النَّفَقَةَ على الأولادِ والزَّوْجَةِ عِبَادَةٌ جَلِيلَةٌ معَ النِّيَّةِ الحَسَنَةِ.
وذَكَرَ ابنُ دَقِيقِ العيدِ: أنَّ الثَّوابَ في الإنفاقِ مَشْرُوطٌ في حُصولِ النِّيَّةِ بابتغاءِ وَجْهِ اللَّهِ، وهذا دَقِيقٌ عَسِرٌ؛ لأنه بمُقْتَضَى الطَّبْعِ والشَّهْوَةِ، فلا بُدَّ مِن أَنْ يُمازِجَه ذلك عندَ مُعْظَمِ الناسِ، ثُمَّ بَيَّنَ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ أنَّ الوَاجِبَاتِ المَالِيَّةَ إذا أُدِّيَتْ عَلَى وَجْهِ أَدَاءِ الوَاجِبِ وابتغاءَ وَجْهِ اللَّهِ؛ أُثِيبَ فَاعِلُها، وإنْ أُشْرِبَتْ نِيَّتُه ـ معَ إِرَادَةِ وَجْهِ اللَّهِ ـ الرَّغْبَةَ في أَدَاءِ الوَاجِبِ، فإنَّ أَدَاءَ الوَاجِبِ امْتِثالٌ، وبَرَاءَةٌ، وعِبَادَةٌ.
11- وفيهِ مَذَمَّةُ مَسْأَلَةِ الناسِ أموالَهم، وإظهارِ الحَاجَةِ إليهم، وأنَّه على الإنسانِ أَنْ يَسْعَى بأيِّ عَمَلٍ يُغْنِيهِ عنهم، وعمَّا في أَيْدِيهم.
12- وفيهِ حُسْنُ جَمْعِ المالِ مِن حِلِّه، للاستغناءِ به عن الحَاجَةِ إلى الناسِ، ومِن حُسْنِ تَوْفِيرِ المَالِ الاقْتِصَادُ في النَّفَقاتِ.
13- وفيهِ أَنَّ حَقَّ الوَرَثَةِ مُتَعَلِّقٌ بمَالِ قَرِيبِهم، الذي يَرِثُونَه حتى في حالِ حَياتِه، فلا يَحِلُّ له أنْيَحْتالَ على إِنْفَاقِه أو التصَرُّفُ فيه تَصَرُّفاتٍ يَقْصِدُ بها حِرمانَهم من المِيراثِ.
14- في الحديثِ حَثٌّ علَى صِلَةِ الرَّحِمِ، والإحسانِ إلى الأَقَارِبِ، والشَّفَقَةِ على الوَرَثَةِ، فإنَّ صِلَةَ القَرِيبِ الأَقْرَبِ والإحسانَ إليهِ، أَفْضَلُ مِن الأَبْعَدِ.
15- وفيهِ فَضْلُ الإنفاقِ في وُجوهِ الخَيْرِ، وإنما يُثابُ على عَمَلِه بنِيَّتِه، وأَنَّ الإنفاقَ على العِيالِ يُثابُ عليهِ إذا قُصِدَ بهِ وَجْهُ اللَّهِ تعالى، وأنَّ المُباحَ إذا قُصِدَ بهِ وَجْهُ اللَّهِ تعالى صَارَ طَاعَةً.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الوصايا, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:51 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir